بحوث قانونية

الاسهم في شركة المساهمة

bank-creditdsfdsfsdf

 مقدمة عامة :

تعتبر شركات المساهمة أهم أعمدة التقدم التجاري و الصناعي، الذي أحرز عليه الإنسان، وأقوى أداة لتحقيق المشروعات الضخمة، و أنجع وسيلة للاستثمار وجمع الأرباح الهائلة، وهي اعتبارات و عوامل دفعت أصحاب الرأس المال إلى إنشاء هذا النوع من الشركات، الذي يشكل أقوى سلاح للاحتكار و النفوذ والتأثير في الاقتصاد و السياسة. حيث ارتبط  ظهور شركة المساهمة بالمحيط القانوني والاقتصادي والسياسي والديني الأوروبي فقد تميز القرن الثاني عشر بهيمنة الكنيسة  وتحريمها للتعامل بالفائدة وسيادة نظام زراعي مغلق. كما سجلت هذه المرحلة إنعاش البورجوازية التجارية. وأمام هذا الوضع، عمل المقترضون على التحايل على هذا التحريم من خلال الاهتداء إلى القرض البحري الذي كان يعرف ب ” الكومندا “، و مع ظهور حركة الإصلاح الديني و تطور التجارة البحرية، تمت إجازة القروض الإنتاجية، وبقيت محرمة القروض الاستهلاكية، وهو ما شجع ظهور شركات الأشخاص،وبالأخص منها شركة التوصية وشركة المحاصة، وساهمت الاكتشافات الجغرافية الكبرى في ظهور شركات الأموال ذات المخاطر المحدودة، حيث كانت تقوم بالمشاريع التي يعجز عنها الأفراد أو شركات الأشخاص.

إن الأرباح الخيالية التي كانت تحققها هذه الشركات، دفعت إلى خلق مثل هذه الشركات في كل من فرنسا و إنجلترا و هولندا، حيث تميز القرن السابع عشر بنموها.

وأدى هذا الوضع المغري إلى وقوع الكثير من المضاربات و ظهور شركات وهمية، مما أفقد هذه الشركات ثقة الناس، الشيء الذي أدى إلى تعليق إنشاء هذه الشركات في إنجلترا على موافقة البرلمان و بمرسوم ملكي.[1]

 

ومن هذا التقديم المختصر، تبدو بجلاء المكانة الهامة التي تحضى بها شركات المساهمة داخل النظام الإقتصادي للدولة باعتبارها نموذجا لشركات الأموال والوسيلة الفعالة لتحقيق تنمية إقتصادية شاملة.

فشركات المساهمة باعتبارها أداة فعالة للهيمنة الرأسمالية، لتطوير الاقتصاد الوطني، تتطلب في سبيل تحقيق هذين الهدفين، تنظيما قانونيا محكما يأخذ بعين الاعتبار التطورات الهائلة التي يعرفها المحيط الدولي، الذي يسير في اتجاه عولمة اقتصادية خطيرة، تهدد بلدان العالم الثالث إذا لم تتعامل بذكاء و حذر مع هذه التطورات.[2]

ولم يعرف المغرب نظام شركة المساهمة إلا بعدما فرضت عليه الحماية، حيث كان السائد هو نضام الشركة طبقا لمفهوم الفقه الإسلامي، الذي لا يميز بين الذمة المالية للشريك والذمة المالية للشركة، وبالتالي لم يكن ثمة مجال لتطبيق شركة المساهمة، ومع دخول فرنسا المغرب صدر ظهير 1922 المتعلق بشركة المساهمة، وهو نفسه القانون الفرنسي لسنة 1867. و ظل الأمر على ما هو عليه إلى أن قام المغرب بإعداد مشروع قانون ليصدر قانون شركة المساهمة رقم 17.95 أكتوبر1996.[3]

وتعتمد شركات المساهمة في وجودها على توفير راسمال من خلال إصدار القيم المنقولة وتعتبرالأسهم من بين أهم القيم المنقولة الصادرة عن هذه الشركات.

وتكتسي الأسهم أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية و المالية والاجتماعية.

فتعود أهمية الأسهم في المجال الاقتصادي إلى رأس مال الشركة أي مجموع الأسهم يعتبر الوسيلة المادية التي تمكن من القيام بالمشاريع التي تكونت من أجلها، إذ أنه بدون الوفاء بقيمة الأسهم المكتتب بها لا يكون في مقدور الشركة أن تحقق أغراضها و الصعود لفترة طويلة هذا ما يؤدي إلى ضياع راسمالها ويعرضها لصعوبات في حالة عجزها و توقفها عن تسديد التزاماتها إزاء الغير.

كما تتجلى أهمية الأسهم في الميدان المالي في كونها تشكل موردا أساسيا من موارد الخزينة العامة للدولة وذلك عن طريق تحصيل قيمة الرسوم التي تفرض على عقود التنازل عن الأسهم، وكذلك عن طرق فرض الضرائب على ناتج الأسهم أو مدخولها.

أما أهمية الأسهم في المجال الاجتماعي فتظهر في إقبال المواطنين على استثمار مدخراتهم في شراء أسهم الشركات و الاحتفاظ بها و الانتفاع بعائداتها، لأن هذا الأسلوب يمتاز بمنافع اجتماعية جديدة تساعد على استقرار النمو التدريجي للراسمال الوطني.

كما أنه يجب ألا يفوتنا الحديث عن دور بورصة القيم في تداول هذه الأسهم حتى أن هناك أسهم تكون مفوتة و ممتلكة بكل سهولة نظرا لدور بورصة القيم في تداولها وفعاليتها.

وما يمكن ملاحظته هو أن شركة المساهمة تصدر قيما أخرى إلى جانب الأسهم تتمثل في سندات القرض و شهادات الاستثمار.

وخلاصة القول فشركة المساهمة تتصف بإيجابيات وسلبيات، فمن جهة تشكل أداة فعالة على المستوى الاقتصادي لتجميع رؤوس الأموال لتحقيق المشاريع الضخمة، أما من جهة أخرى فهي أساس المضاربة المالية في البورصة حيث إن قيمة أسهمها لا تعكس القيمة الحقيقية دائما.

  • تعريف الأسهم :

يقسم رأس مال شركة المساهمة إلى أقسام تدعى أسهم و التي تعتبر أهم الأوراق المالية أو القيم المنقولة التي تصدرها هذه الشركة و تعتمد عليها في وجودها و نشاطها، و تجيز بعض القوانين، كالقانون المغربي و القانون الفرنسي أن يقسم السهم الواحد إلى عدة أجزاء على ألا تقل قيمة الجزء عن الحد الأدنى المقرر قانونيا.

وقد تم تعريف السهم على أساس أنه صك يمثل حصة في راسمال شركة المساهمة و كلمة السهم تعني حق المساهم في الشركة، كما تعني الصك المثبت لهذا الحق.[4]

 و تعتبر الأسهم أقوى سند يجمع بين شركة المساهمة و بين المساهمين، هذا السند الذي دعا بعض الفقه إلى أن ينعت كلمة الشركاء « Associés »   بالقصور وعدم صلاحية لأن تحل محل كلمة المساهمين،« Actionnaires »  لأن الذي يربط أساسا بين الشركة و هؤلاء المساهمين هو هذا السند القابل للتداول و ليس عقد الشركة.

وقد تبنى بعض الفقه التحديد التقليدي للسهم فوصفه بأنه سند يمثل النصيب الذي لا يمكن أن يكون سوى نصيب الشريك في الشركة و الذي يكون إما نقديا أو عينيا، و بمعنى آخر لا يمكن أن يكون عملا لأن العمل لا يدخل في تكوين راسمال شركات المساهمة، ولما كان هذا الأخير يتكون من سائر الحصص فإن السهم يمثل نسبة كسرية من الراسمال على أن تكون قيمته الاسمية – مبلغه – مساوية لهذه النسبة من رأس المال.

وهناك معنى ثاني يجسم فاعلية السهم ذاته و قوته، إذ ستند في هذا التعريف على معنيين أو فكرتين أساسيتين هما : فكرتي الحق و السند.

فهو من جهة يعني النصيب الذي يشترك به المساهم في راسمال شركة المساهمة عند إنشائها أو عند الزيادة في راسمالها. ويعني أيضا، وهذه المرة من الناحية المادية المجسدة، ذلك الصك أو السند المكتوب، والذي يتمثل فيه حق المساهم، وتخول له ممارسة الحقوق الناجمة عن هذا الحق.[5]

فالسهم تأسيسا على هذا المعنى هو ذلك السند الذي تصدره شركة المساهمة لإثبات حق المساهم فيه و قد اهتمت مختلف التقنينات التشريعية المغربية و بعض الظهائر أو القوانين الخاصة ببعض مشاكل و قضايا السندات المالية أو القيم المنقولة عامة، والأسهم خاصة.

وخلاصة القول فالأسهم عبارة عن مجموعة الحقوق الشخصية  التي تمنح للمساهمين في شركة المساهمة و تعنى أيضا الصكوك والأسناد التي تثبت هذه الحقوق و تمثلها نظرا لوجود رابطة بين المعنيين.

  • الخصائص المميزة للأسهم :

تتميز الأسهم بخصائص مهمة تميزها عن سائر القيم المنقولة التي تصدرها شركة المساهمة، وهكذا فهي تتميز بما يلي :

  • تساوي قيمة الأسهم

من خلال القيمة الاسمية التي تصدربها هذه الأسهم فهي متساوية، وإذا كان المشرع قد حدد القيمة الاسمية في حدها الأدنى وهو 100 درهم، فإنه يمنع على الشركة أن تصدر أسهمها بدون قيمة محددة.

وتقتضي القيمة الاسمية المتساوية للأسهم، أن تمنح أصحابها حقوقا من طائفة واحدة، وإن كان ذلك لا يمنع أن تمنح الشركة مساهمين أسهما ممتازة، تعطي حقوقا و مزايا أكبر من تلك التي تعطيها الأسهم العادية.

و يجدر بنا أن نشير إلى أن قيمة السهم الاسمية هي قيم الإصدار، وتختلف عن القيمة السوقية للسهم و عن القيمة الحقيقية له.

فإذا كانت القيمة الاسمية للسهم، هي قيمة الإصدار، والتي على أساسها تم احتساب راسمال الشركة، فإن القيمة السوقية، هي قيمة السهم على ضوء سعره في سوق الأوراق المالية، ويمكن أن تكون في بعض الأحيان القيمة السوقية للسهم لا تعكس الوضعية الاقتصادية الحقيقية للشركة، إذ يتحكم فيها هنا: العرض و الطلب في سوق الأوراق المالية. أما عن القيمة الحقيقية أو الفعلية للسهم، فنعني بها، القيمة المالية للسهم في صافي أصول وموجودات الشركة، حيث تتحدد هذه القيمة على ضوء النتائج التي تحصلها الشركة.[6]

وقيمة السهم في البورصة أو قيمته التجارية Valeur marchande يجب أن تكون مماثلة لقيمته الحقيقية في المبدأ، بمعنى أن السهم يجب أن يباع بثمن عادل مساو للمبلغ الذي يحصل عليه السهم فيما لو انحلت الشركة مباشرة بعد الشراء.

بيد أن هناك ظروفا تؤثر على قيمة السهم في البورصة أهمها قيمة الأرباح التي تمنحها الشركة، وقيمة أصولها، واحتمالات المستقبل بالنسبة إليها، وقانون العرض والطلب، والظروف السياسة و المالية والاقتصادية للدولة، والمضاربات على الصعود أو النزول.[7]

  • عدم قابلية السهم للتجزئة

حينما يتعدد مالكو السهم، فإن هذا التعدد لا يجوز اتجاه الشركة، إذ تعتبر اللأسهم حسب المادة 252 من ق.ش.م غير قابلة للقسمة اتجاه الشركة.

ويستطيع هؤلاء المشتركون في السهم، أن يعينوا من يمثلهم أمام الشركة، ويمارس حقوق المساهم، ويعتبر بمثابة الحائز الوحيد للسهم المشترك فيه.

وتبدو أهمية هذه الخاصية، في تسهيل مباشرة الحقوق التي يخولها السهم، لاسيما منها ما يتعلق بالتصويت في الجمعيات العامة.

وعند عدم تعيين ممثل مشترك اتجاه الشركة، فإن التصريحات و الإبلاغات التي تقوم بها الشركة لأحدهم يكون لها أثرها عليهم جميعا، وتكون ملزمة لهم.

وإذا ما آلت ملكية السهم بسبب الوفاة إلى بضعة ورثة، فإن السهم لا يتجزأ عليهم و لا يكون لكل منهم صوت في الجمعية العامة للمساهمين، وإنما يجب أن يختاروا من بينهم من يباشر الحقوق المتصلة بالصك تجاه الشركة، لأن الشركة تعرف السهم أكثر مما تعرف المساهم.

قد يرد حق الانتفاع على السهم كأن توهب ملكية السهم مع الاحتفاظ بالانتفاع أو يوهب الانتفاع مع الاحتفاظ بملكية السهم. وحينئذ تكون الأرباح من حق المنتفع، أما رد قيمة السهم فيكون للمالك. و المنتفع عادة هو ذو الصفة في التصويت في الجمعيات العامة العادية.

ويعتبر المشتركون في ملكية سهم مسؤولين متضامنين عن الالتزامات المرتبطة بصفة مساهم.[8]

  • قابلية السهم للتداول

يعتبر السهم قابلا للتداول Négociable، بمعنى أنه يجوز التنازل عنه بطريقة القيد في دفاتر الشركة التحويلية عن طريق نقل القيد باسم المتنازل له إذا كان السهم اسميا. وتؤشر الشركة بما يفيد موافقتها على هذا التنازل. أما إن كان لحامله، فإنه يتم نقله عن طريق المناولة المادية فقط.

والقابلية للتداول هي الخاصية التي تميز السهم عن حصة الشريك في شركات الأشخاص التي لا يجوز التنازل عنها إلا بموافقة باقي الشركاء.

و حرية تداول السهم تتفق و طبيعة شركات المساهمة التي لا تقوم على الاعتبار الشخصي بعكس الحال في شركات الأشخاص. وبذلك يتمكن المساهم من الحصول على قيمة سهمه دون أن يترتب على ذلك ضرر للشركة أو لدائنها.

فالشركة لا ترد إلى المساهم المتنازل القدر الذي ساهم به في راسمالها، ولكنها تستقبل مساهما جديدا بدلا من المساهم المتنازل، وتبعا يظل راسمال الشركة ثابتا لا يتغير، فلا يضار الدائنون و لا ينقص مالهم من ضمان عام على رأس المال.

وإذا كانت الأسهم قابلة للتداول التجاري، فإن ذلك يبقى رهينا بعدم وجود مانع أو قيد على هذا التداول. فقد نجد قيودا قانونية تمنع تداول الأسهم العينية وأسهم ضمان الإدارة، فبالنسبة للأولى فنجد أنه يمنع تداولها خلال ولمدة سنتين متواليتين لتقييد الشركة بالسجل التجاري أو تحقيق الزيادة في راسمالها.[9]

ويعتبر هذا المنع المؤقت أحد الضمانات التي أوجبها المشرع لحماية الإدخار العام، لما قد يشوب هذه الحصص من تلاعبات.

أما بالنسبة للثانية، وهي تتعلق بأسهم المتصرفين، والمراقبين -أسهم الضمان- يمنع القانون تداولها أثناء قيام هؤلاء بمهامهم، وتعتبر كضمان على التصرفات التي يقوم بها هؤلاء سواء ما يتعلق منها بتسيير أمور الشركة، أو تصرفاتهم الشخصية.[10]

وتكون هذه الأسهم اسمية و غير قابلة للتفويت، ويتم التنصيص على ذلك في سجل التحويلات لدى الشركة.

كما نجد ثمة حالات يتم الاتفاق فيها على منع تداول الأسهم للغير، ويتم التنصيص على ذلك في النظام الأساسي للشركة. ولا يمكن أن ينصب هذا الاتفاق على الأسهم لحاملها. إذ تطبق فقط على الأسهم الاسمية.[11]

  • تحديد المسؤلية بقيمة السهم

لا يسأل المساهم عن ديون الشركة إلا بقدر ما يملكه من أسهم. و ليست المسؤولية المحدودة هي الخاصية المميزة للسهم عن سائر حصص الشركاء، إذ أن الشريك الموصي لا يسأل إلا في حدود حصته.

وتحديد مسؤولية المساهم متعلق بالنظام العام. ومن ثم لا يجوز للجمعية العامة أن تتخذ قرارا بتشديد مسؤولية المساهم، لأن المبدأ العام في شركات المساهمة ألا يسأل المساهمون إلا في حدود مساهمتهم أي أن مسؤوليتهم محدودة.[12]

  • أنواع الأسهم :

    • الأسهم النقدية و الأسهم العينية

نفرق بين السهم النقدي والعيني من حيث الحصة التي قدمها المساهم. فإن هو قدم حصة نقدية، فإنه يعطى سهما نقديا، وإن هو أعطى حصة عينية أعطيت له سهما عينيا.[13]

و الأسهم النقدية Actions numérairesهي الأسهم التي تمثل حصصا نقدية في راسمال شركة المساهمة. و يجب الوفاء بربع قيمتها الاسمية على الأقل عند تأسيس الشركة. ويجوز تداولها منذ تأسيس الشركة أي منذ تقييدها بالسجل التجاري. ويجب أن تظل اسمية إلى أن يتم الوفاء بقيمتها كاملة.

أما الأسهم العينية Actions d’apport فهي الأسهم التي تمثل حصصا عينية في راسمال الشركة.

وتخضع هذه الأسهم لنفس القواعد التي تسري على الأسهم النقدية فيما عدا الأمور الآتية:

  • أنه يجب تقدير الحصة العينية تقديرا صحيحا قبل منح الأسهم العينية.

  • يجب الوفاء بقيمتها كاملة عند تأسيس الشركة وتحريرها فورا وكاملة.

  • لايجوز تداولها إلا بمرور سنتين متتاليتين من تقييد الشركة في السجل التجاري أو تحقيق الزيادة في راسمالها.

  • يجب أن تظل اسمية طوال هذه المدة.[14]

هذا و ما تجدر ملاحظته أنه لا يجوز إصدار أسهم مختلطة يوفى جزء من قيمتها بحصص عينية و يوفى الجزء الباقي بالنقود.

  • أسهم رأس المال وأسهم التمتع

نجد ثمة الأسهم التي تمثل راسمال الشركة، وتعطي أصحابها الحق في الأرباح وكذلك الحق على موجودات الشركة. ونجد أيضا أسهم التمتع، وتعطي هذه الأسهم لأصحابها الحق في الأرباح دون أن يكون لهم حقا على موجودات الشركة بعدما يتم استهلاك القيمة الاسمية للأسهم.[15]

ويقصد باستهلاك قيمة الأسهم Amortissement des actions هو رد قيمة السهم للمساهم خلال حياة الشركة وقبل انقضائها. والأصل أن هذا الرد لا يجوز، لأن من حق المساهم البقاء في الشركة. ومع ذلك فإن استهلاك الأسهم يبدو ضروريا في بعض الحالات، كما إذا كانت ممتلكات الشركة مما يلحقه التلف على توالي الزمن كشركات المناجم والمقالع، أو إذا كان المشروع سيتحول إلى نشاط عام تستحوذ عليه الدولة، أو كانت الشركة حاصلة على امتياز من الدولة أو غيرها من الهيئات العامة يمنح لها مدة معينة تصبح بعدها موجودات الشركة ملكا للهيئة المانحة للامتياز بلا مقابل. ومن تم تقوم هذه الشركات بإستهلاك الأسهم أثناء حياتها حتى لا يستحيل على المساهمين الحصول على قيمة أسهمهم عند حلها.

واستهلاك الأسهم ليس إجباريا، لأن الشركة ليست مدينة حقا تجاه المساهمين بقيمة الأسهم إلا عند حل الشركة، وقيام الشركة بإستهلاك الأسهم أثناء حياتها وقبل حلها أمر جائز لها. وذلك على عكس استهلاك السندات، إذ تلزم الشركة كأي مدين برد قيمتها والوفاء بالمبالغ التي اقترضتها في المواعيد المتفق عليها.[16]

ولا يكون استهلاك الأسهم صحيحا إلا إذا توفر شرطان:

الأول أن يكون الاستهلاك من أرباح الشركة، وذلك بتخصيص جزء من الأرباح لتكوين احتياطي خاص للاستهلاك.

وهذا الشرط نتيجة لمبدأ ثبات رأس المال، إذ يجب أن يظل رأس المال ثابتا سيما ضمانا لحقوق الدائنين، فلا يجوز إنقاصه بإرادة الشركة بتوزيعه على المساهمين إضرارا بحقوق دائني الشركة.

فإذا لم تحقق الشركة أرباحا في إحدى السنوات وجب أن توقف عملية الاستهلاك وإذا حصل الاستهلاك من رأس المال، جاز للدائنين مطالبة من استهلكت أسهمه برد قيمتها.

والشرط الثاني لصحة الاستهلاك هو أن يكون منصوصا عليه في نظام الشركة، حتى يكون المساهمون على بينة منه منذ بداية الأمر. ومع ذلك يجوز للجمعية العامة غير العادية تعديل النظام وتقرير تخصيص جزء من الأرباح لاستهلاك الأسهم إذا لم يكن منصوصا عنه في نظام الشركة الأصلي.

ويحصل الاستهلاك وفقا للطرق المنصوص عليها في نظام الشركة الأساسي أو الطرق التي تقررها الجمعية العامة. وقد تقرر الشركة استهلاك بعض الأسهم كالربع أو الثلث كل عام، وتعين الأسهم التي تستهلك بطريقة القرعة، وتنظم عملية الاستهلاك بحيث يتم الوفاء بكل قيمة الأسهم عند انقضاء الشركة.

وقد تلجأ الشركة إلى طريقة استهلاك الأسهم جميعها استهلاكا تدريجيا، وذلك بأن ترد كل سنة إلى المساهمين جزءا من قيمة أسهمهم حتى تستهلك جميعها معا في نهاية أجل الشركة. وهذه الطريقة أكثر إتفاقا مع العدالة من الأولى، لأن استهلاك بعض الأسهم بطريقة القرعة قد يتضمن أضرارا بأصحاب الأسهم التي لم تستهلك، فلو فرض أن الشركة أصيبت بخسائر لم تمكنها من الاستمرار في عملية الاستهلاك فإن أصحاب الأسهم التي لم تستهلك يفقدون حصصهم في حين أن أصحاب الأسهم المستهلكة قد حصلوا مقدما على قيمة أسهمهم.

ويحصل المساهم الذي استهلكت أسهمه على قيمتها الاسمية فحسب دون زيادة. ولما كانت الشركة لا تملك طرد مساهم منها يوفي دائما بإلتزاماته كاملة برد قيمة سهمه ولما كان استهلاك الأسهم غير جائز إلا من الأرباح دون أن ينقص رأس المال بهذا الاستهلاك ومن الغبن أن يحرم المساهم من مساهمته في الشركة الناجحة.[17]

فضلا عن أنه لو استهلكت معظم أسهم الشركة لتركز راسمال الشركة في يد بقية ضئيلة دون حق. ولو فرض واستهلكت جميع الأسهم فإنه تتار مشكلة قانونية هي معرفة من هو صاحب الحق في أرباح الشركة وفي أموالها عند التصفية. لذلك يمنح المساهم الذي استهلك سهمه سهم تمتع بدلا من سهم رأس المال المستهلك، وبذلك لا تنقطع صلته بالشركة ويظل شريكا بها كما كان قبل تغيير سهمه.

  • الأسهم العادية والأسهم الممتازة

المبدأ أن الأسهم تخول المساهمين حقوق متساوية. ويبرر هذا المبدأ أن الأسهم متساوية القيمة، مما يستتبع المساواة في الحقوق التي تخولها. على أن مبدأ المساواة بين المساهمين لا يتعلق بالنظام العام، ومن ثم يجوز النص في نظام الشركة على إنشاء أسهم ممتازة تختص بمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية.

 ويجب أن يتضمن نظام الشركة منذ تأسيسها شروط وقواعد الأسهم الممتازة، فإذا لم يتضمن نظام الشركة نصا – في هذا الشأن – فلا يجوز للشركة مطلقا أن تصدر أسهما ممتازة. وأي قرار صادر في هذا الصدد ولو كان من الجمعية العامة غير العادية يعتبر باطلا.

وتكون الأسهم ممتازة إذا كانت تعطي أولوية في الحصول على الأرباح أو في نسبة ناتج التصفية، وتسمى هنا بأسهم الأولوية أو الأفضلية. ويكون السهم أيضا ممتازا إذا كان يقرر لصاحبه أكثر من صوت في الجمعيات العامة للشركة ويسمى هنا بالسهم ذي الصوت المتعدد.

وغالبا ما يكون إصدار الأسهم الممتازة أثناء حياة الشركة، وذلك عندما تحتاج الشركة لزيادة راسمالها، ويكون ناتج أعمالها غيرمرضي، فتضطر الشركة إلى تقرير بعض الامتيازات للأسهم الجديدة ترغيبا للناس في الإقبال على أسهمها وتشجيعا لهم على الاكتتاب فيها، وقد يحدث عكس الحالة السابقة، حيث تتقرر الامتيازات لحملة الأسهم القدامى لا الجدد، فتكون هذه الامتيازات بمثابة مكافأة عن الإخلاص الشخصي لصالح فئة من المساهمين.[18]

وبالإضافة إلى أسهم الأفضلية، فمن جهة أخرى الأسهم ذات الصوت المتعدد وكما سبق وأن أشرنا تعطي حامليها أكثر من صوت واحد، وامتياز التصويت هذا قد يكون مفيدا للشركة في بعض الظروف، كأن يقرر للوطنيين في الشركات التي بها مساهمون من الأجانب حتى تكون لهم الأغلبية في الجمعيات العمومية ولو لم تكن لهم أغلبية رأس المال، أو أن يقرر لمؤسسي الشركة حتى يتيسر لهم معارضة الإجراءات الخطيرة التي قد يطلبها المساهمون العاديون كعزل المديرين من غير مسوغ مشروع وتحقيق إدارة ثابتة رغم تغير الأغلبية في الجمعيات العمومية. ولذلك فإن بعض التشريعات تجيز إنشاء أسهم ذات صوت متعدد.[19]

بيد أن الأسهم ذات الصوت المتعدد لا تخلو من ضرر. ذلك بأنها تسمح بالاحتفاظ على رأس الشركة بمجلس إدارة لم تنتخبه إلا أقلية من المساهمين، وتؤدي عملا إلى الانتقاص أو القضاء على حق رقابة المساهمين على إدارة الشركة، وهذا ما جعل بعض التشريعات أبرزها التشريع اللبناني يحرم إصدار أسهم ذات صوت متعدد، ونص على أن يكون لكل مساهم عند التصويت عدد من الأصوات يساوي عدد أسهمه، وحكم هذا النص متعلق بالنظام العام.[20]

على أن المادة 117 تجاري من نفس التشريع تستثني من هذا الحكم وتنص على إعطاء صوتين للسهم الواحد عندما يكون المساهم قد احتفظ بصورة مستمرة بسهم اسمي مدة سنتين على الأقل قبل دعوة كل جمعية وبشرط أن يكون السهم قد تحرر تماما أي دفعت قيمته بالكامل.

وهذا ما جعل المشرع التجاري المغربي يعمل على التلطيف من هذه الأسهم وهيمنة أصحابها على حياة ومآل الشركة، دونما إضرار بمصالح الأسهم العادية، بأن قرر أنه لا يمكن أن تمثل الأسهم ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت أكثر من ربع راسمال الشركة[21].

  • الأسهم الاسمية والأسهم لحاملها

تنقسم الأسهم من حيث شكلها إلى أسهم اسمية وأسهم لحاملها.

فالسهم الاسمي هو الذي يوضع عليه اسم مالكه. وتنتقل إليه ملكيته بنقل قيده في سجل التحويلات.

أما الأسهم لحاملها فهي التي تصدر دون ذكر اسم مالكها، ولا يتميز السهم عن غيره إلا بالرقم، وتتميز هذه الأسهم بسهولة نقل ملكيتها حيث يتم بالمناولة يدا بيد، ويندمج السند بالحق، وهنا يختلف عن السهم الاسمي.

وبهذا يمكننا أن نتساءل من جهة عن كيفية الوفاء بالأسهم ؟ والآثار المترتبة عن ذلك؟ ومن جهة أخرى عن كيفية تداول هذه الأسهم وأحكام تداولها؟.

ولمعالجة هذه الإشكاليات سنعتمد التقسيم التالي :

الفصل الأول : الوفاء بالأسهم والآثار المترتبة عنه:

الفصل الثاني: تداول الأسهم .


الفصل الأول : الوفاء بقيمة الأسهم والآثار المترتبة عنها

يلتزم المساهم بالوفاء بقيمة السهم الذي اكتتب فيه، ولا يشترط الوفاء بكل قيمة السهم عند الاكتتاب، بل يكفي الوفاء بربع قيمته فقط[22]، ويحظى المساهمون بحقوق كثيرة مترتبة عن هذا الوفاء حيث يهدف الشريك من وراء مساهمته في الشركة إلى تحقيق الربح وكذلك إلى ممارسة حقه على موجودات الشركة عند الزيادة في رأس المال أو عند حل الشركة، وإلى جانب هذه الحقوق هناك التزامات تقع على عاتق الشركاء المساهمين مما يحتم عليهم احترام القواعد القانونية أو مقتضيات النظام الأساسي للشركة .

وتقتضي دراسة هذا الفصل تقسيمه إلى مبحثين نتطرق في الأول إلى الوفاء بقيمة السهم لنخصص الثاني لدراسة الآثار المترتبة عن هذا الوفاء من حقوق والتزامات .

المبحث الأول: الوفاء بقيمة السهم

يجب أن تحرر الأسهم في شركات المساهمة بالكامل عند التأسيس أو الزيادة في رأس المال، إلا أن أثر عدم تحرير (الأداء) الأسهم عند التأسيس يختلف باختلاف ما إذا كانت هذه الأسهم نقدية أو عينية، فإن كانت الأسهم نقدية وجب الاكتتاب فيها بالكامل وتحرير كل سهم نقدي بربع قيمته الاسمية على الأقل وإلا لها تأسست الشركة (المادتان 17 فقرة الثانية و 21 من القانون رقم 95-17 )ويتم تحريرالقيمة الباقية في دفعة واحدة أو عدة دفعات حيث يلتزم المساهم بالوفاء بالجزء غير المدفوع من قيمة السهم بناء على قرار يتخذه مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية داخل أجل لا يتجاوز ثلاث سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري، على أن تودع الأموال المستخلصة نقدا باسم الشركة التي في طور التأسيس في حساب بنكي مجمد( Bloqué) مع قائمة المكتتبين تبين المبالغ التي دفعها كل واحد منهم، ويجب أن يقوم المؤسسون بإيداع المبالغ المحصلة داخل أجل ثمانية أيام من تلقيهم لها ( المادة 22 الفقرة الأولى من قانون 95-17).

ويتعين تحرير مبلغ رأس المال بالكامل ( الأسهم النقدية ) قبل كل إصدار لأسهم جديدة تحرر نقدا، وذلك تحت طائلة بطلان عملية الإصدار [23]ولا يسوغ في كل الأحوال أن تقل القيمة الاسمية للسهم عن مائة درهم (100درهم)[24]، وعلاوة على ذلك فإن السهم النقدي يظل اسميا إلى أن يتحرر بالكامل[25].

ولا تتأسس شركة المساهمة إلا إذا تم الاكتتاب الكامل في سائر الأسهم العينية وتحريرها بالكامل عند الإصدار كذلك، بمعنى تحويل الحصص العينية بعد تقييمها لفائدة الشركة التي هي في طور التأسيس[26]، مما يحتم على المساهم الوفاء بما يتوجب من أسهم عينية ، وسواء كانت الأسهم نقدية أو عينية فإن للشركة أن تطالب المساهم بالوفاء في الموعد الذي يحدده نظام الشركة الأساسي أو قرار مجلس الإدارة، ولمصفي الشركة حق اقتضائه بعد انقضاء الشركة، كما أن لدائن الشركة الحق في رفع دعوى مباشرة على المساهم لمطالبته بما لم يدفع من قيمة السهم لأنه جزء من رأس المال الذي اعتمد عليه الدائن، ويمتنع على المساهم أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع التي قد تكون له تجاه الشركة كالدفع بالمقاصة[27].

المطلب الأول : المدين بقيمة السهم

المدين الأصلي بقيمة السهم هو المكتتب وليس ثمة صعوبة إذا كان السهم لا يزال على ملك المكتتب الأصلي بيد أن السهم قد يباع ويتداول بضعة مرات قبل استيفاء الشركة لباقي قيمته. ولذلك أوجب القانون أن تظل الأسهم اسمية إلى أن يتم الوفاء بقيمتها كاملة فإذا اكتتب شخص في سهم ولم يدفع كل قيمته فإن السهم يجب أن يظل اسميا لا يجوز التنازل عنه إلا بتقييده في سجل التحويلات لدى الشركة إلى أن يتم الوفاء بكل قيمته وبذلك يتسنى للشركة معرفة حامل السهم الذي تستطيع الرجوع عليه بالمبالغ الباقية .

على أن التنازل عن السهم لا يبرئ ذمة المكتتب الأصلي من الالتزام بالوفاء بل يظل المكتتب الأصلي والمتنازلون المتعاقبون مسؤولين بوجه التضامن عن الوفاء بالمبلغ الباقي مدة عامين فقط من تاريخ التنازل، بحيث يجوز للشركة إذا لم يتيسر لها استيفاء قيمة السهم من المتنازل إلى الأخير أن ترجع على المكتتب الأصلي والمتنازلين السابقين[28]وإذا أجبر المساهم السابق على دفع باقي ثمن السهم الذي تنازل عنه، فإنه يحل محل الشركة في الحقوق وفي الادعاء على جميع الذين أحرزوا السهم بعده [29].

هذا وإذا لم يتم التنازل عن السهم بالقيد في سجل التحويلات لدى الشركة فإنه لا ينفذ في مواجهتها ولا ينشئ أية علاقة قانونية بينهما أي بين الشركة والمتنازل إليه، ويكون المتنازل  وحده مسؤولا قبل الشركة عن الوفاء بالباقي من قيمة السهم، على أن يكون له أن يرجع على المتنازل إليه بما دفعه إذا كان التنازل قد تم في حدود المبلغ الذي كان المتنازل قد وفَّاه للشركة قبل تنازله عن سهمه .

ولهذا كان واجبا ومفروضا على المدين بالسهم والذي يكون المكتتب في مرحلة التأسيس أن يلتزم بقيمة الأسهم التي اكتتب فيها، أي يقوم بتحديد الأسهم يعني الالتزام بأداء القسط المكتتب فيه والمتعهد بدفعه .

فالأصل أن يؤدي المكتتب قيمة السهم التي اكتتب فيه كاملة إلا أنه يمكن للنظام الأساسي للشركة أن يقتضي الاكتتاب بدفع جزء من قيمة الأسهم المكتتب بها وقد حددها القانون في الربع على الأقل من قيمة السهم[30].

إن الوفاء بقسط الاكتتاب يتم عند إجراء عملية الاكتتاب لذا فدفع هذا القسط يشكل إجراء من الإجراءات التي تستلزم عملية الاكتتاب .

وينبغي دفع قيمة الأسهم نقدا حيث تشمل وتمثل كل شيء ماعدا المساهمات العينية التي لا تشكل قيمة النقد، كما يتم الوفاء بالأوراق التجارية كالكمبيالة والشيك والسند لأمر لأنها هي كذلك تقوم بدور النقود في الوفاء .

المطلب الثاني : الالتزام بتسديد الأقساط الباقية من قيمة السهم

يلتزم كل مساهم بمجرد دخوله في الشركة بجميع ما يفرضه عقدها أو نظامها الأساسي من الالتزامات على المساهمين إذ أن أهم هذه الالتزامات الملقاة على عاتق هؤلاء المساهمين في مرحلة ما بعد التأسيس للشركة هو الالتزام بتسديد الأقساط غير المدفوعة من قيمة الأسهم .

حيث يعود حق المطالبة بتسديد الأقساط غير المدفوعة من قيمة الأسهم للشركة ذاتها بعد تكوينها ويحدد نظام الشركة الأساسي الجهة التي لها الحق في المطالبة بدفع الأقساط غير المسددة من قيمة الأسهم.

وفي حالة عدم تحديد نظام الشركة الجهة التي يكون لها الحق في المطالبة بالوفاء فإنه يعود للجمعية العادية أن توجه الدعوة إلى الدفع وتحديد المبالغ الواجب  أداؤها وفقا لمتطلبات الشركة، إلا أنه جرت العادة على ان يكون مجلس إدارة الشركة هو الذي تناط به مهمة المطالبة بالوفاء، وذلك بناء على تفويض من الجمعية العامة.

ويعود للمصفي في حالة بطلان الشركة وانحلالها قبل أداء قيمة الأسهم كاملة أن يوجه الدعوة إلى دفع الأقساط غير المدفوعة نيابة عن الشركة على أن يراعي في ذلك مبدأ المساواة بين المساهمين بحيث يؤدي هؤلاء ذات المبلغ عن كل أسهمهم .

هذا ونشير بأن الأجل الذي يتم فيه تحرير الباقي من قيمة الأسهم هو ثلاثة سنوات [31].

ويمكن رفع الدعوى غير المباشرة المقررة في القانون المدني أو دعوى مباشرة أوجبها الفقه والقضاء على اعتبار أن الأقساط غير المدفوعة تعتبر جزءا من رأس المال الذي اعتمد عليه دائنوا الشركة .

إن الأصل أن المكتتب الأول هو الذي يلتزم بدفع الأقساط المتبقية من قيمة الأسهم التي اكتتب فيها وليس ثمة صعوبة إذا كان السهم لا يزال في ملك المكتتب الأصلي بيد أن السهم قد يباع ويتداول بضعة مرات قبل استيفاء الشركة لباقي قيمته وهذا ما سبق أن أشرنا إليه في المطلب الأول[32] .

ويجوز للشركة التي لم يتيسر لها استيفاء قيمة أسهم المتنازل إليه أن ترجع على المكتتب الأصلي ويمكن للشركة في سبيل استيفاء الأقساط غير المسددة أن تسلك عدة طرق حيث يمكنها مقاضاة المساهم بالطريق العادي لتحصل على حكم الأقساط المتبقية والمستحقة بفوائد وتعويض ما نشأ من ضرر ويمكن اللجوء إلى الحجز التنفيذي الذي يتيح للشركة حجز أموال المساهم ثم بيعها بالمزاد العلني على يد القضاء واستيفاء قيمة الأسهم غير المدفوعة ويمنع المساهمون الذين لم يقوموا بتسديد الأقساط المستحقة من أي حق في التصويت داخل الجمعيات العامة وكذلك يوقف الحق في الأرباح والحق في الأفضلية في الاكتتاب بالزيادة في راسمال اللاحقة بالأسهم غير الموفى بأقساطها المستحقة وهذا ما يمكننا أن نستشفه من نص المادة 278 في فقرتها الثانية حيث أنه بانتهاء أجل ثلاثين يوما يعلق الحق في الأرباح والحق في أفضلية الاكتتاب وفي زيادة رأس المال الناشئة عن هذه الأسهم.

أما إذا لم يتم تأسيس الشركة لأي سبب من الأسباب فالمؤسسون لا يكون لهم الحق في الرجوع على المكتتبين بشأن الالتزامات المبرمة أو المصاريف المدفوعة باستثناء إذا ما وقع هناك تدليس أو عدم احترام ما التزم به المكتتبون.

 

المطلب الثالث: التنفيذ في البورصة

 قد يحدث أن تطالب الشركة المساهم بالوفاء بالباقي من قيمة السهم فيختلف عن ذلك، وإذاك يجوز لها أن تلجأ إلى القضاء وتحصل على حكم بالدين وتعمد إلى التنفيذ على أمواله. بيد أن هذا الطريق معقد وبطيء يتطلب نفقات لا تتناسب مع الفائدة التي تحصل عليها الشركة من كل سهم منفرد، ولذلك أجاز القانون للشركة أن تلجأ إلى طريقة أخرى أكثر بساطة وسرعة هي طريقة التنفيذ في البورصة exécution en bourse[33].

وبمقتضى هذه الطريقة، وحيث إنه إذا تخلف المساهم عن أداء المبالغ المتبقية من قيمة الأسهم التي اكتتبها والتي دعا مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية الى استكمال تحريرها في مواعيد معينة وجهت له الشركة إنذار” en demeure une mise ” برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، وإذا ظل هذا الإنذار دون جدوى بعد مرور ثلاثين يوما على الأقل من تاريخ تبليغه حق للشركة دون حاجة إلى ترخيص من المحكمة مواصلة بيع الأسهم غير المحررة[34].وقد اختلف في الطبيعة القانونية للتنفيذ في البورصة، والرأي الراجح أن التنفيذ في البورصة بمثابة فسخ أو إنهاء résiliation لعقد الاكتتاب دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه. وهذا الفسخ ليس له أثر رجعي ولا يستتبع زوال الاكتتاب استثناءا من القاعدة العامة في الفسخ، لأن عقد الشركة من العقود المستمرة[35].

ويتم التنفيذ في البورصة وفق إجراءات مدققة واردة في نصوص قانون شركات المساهمة المغربي[36] حيث تقوم الشركة بعد مرور ثلاثين يوما على الأقل على إنذار المساهم، بإعلان البيع في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية ويجب أن يتضمن الإعلان إشارة لأرقام الأسهم المعروضة للبيع، وتقوم بعد ذلك الشركة بإخبار المدين والمشتركين أو الملتزمين معه في الدين ” des codébiteurs” إن وجدوا بعرض البيع مع تحديد تاريخ وعدد الصحف التي تم فيها نشر الإعلان بالبيع وذلك برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، ولا يمكن أن يتم البيع قبل مرور عشرين يوما من تاريخ توجيه الرسالة المضمونة .

ويترتب على خرق الشهر وباقي الإجراءات الأخرى بطلان البيع وإن لم يصرح النص بذلك [37]، وإلا كانت هذه الإجراءات عبثا ولغوا .

وإذا تعذر إتمام البيع لانعدام المشترين أمكن لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية أن يقرر سقوط حقوق المساهم المرتبطة بالأسهم التي لم يقع تحريرها والمعروضة للبيع كالحق في حضور الجمعيات العامة والتصويت، ولا تحسب هذه الأسهم في تحديد النصاب والأغلبية، ويتوقف الحق في الأرباح وحق الأفضلية في الاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال- مع العلم أن زيادة رأس المال لا تقع إلا بعد تحرير الأسهم القديمة بالكامل، إلا أن هذه الحقوق قد تسترجع بالكامل بعد أداء قيمة الأسهم والفوائد والمصاريف[38].

ويترتب عن إتمام البيع عدة أثار تبتدئ بتخصيص صافي منتوج البيع للشركة في حدود ما تستحقه على المساهم المقصر من أصل وفوائد ومصاريف تحملتها الشركة لاتمام البيع، ويظل المساهم المقصر مدنيا أو مستفيدا من الفرق، ويتم بعد ذلك تقييد المشتري في سجل التحويلات إن كانت الأسهم الاسمية غير مسعرة في البورصة، أما إذا كانت مسعرة في البورصة فيتم تقييد المشتري في الحساب الذي تمسكه الشركة المصدرة إن كانت الأسهم اسمية، أو لدى الوسيط المؤهل إذا كانت الأسهم للحامل .

وتقوم إلى جانب الالتزام بتحرير الأسهم النقدية الإلتزام بإرجاع الأرباح الصورية الموزعة، والالتزام بتحمل الخسائر التي تصيب الشركة في حدود الحصص المقدمة وغيرها من الالتزامات[39].

المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن الوفاء بقيمة الأسهم

من المعروف قانونا أن على المساهم واجب دفع قيمة المساهمة التي تعهد بها عند تكوين راسمال الشركة سواء أكانت مساهمة نقدية أو عينية وأن مسؤوليته تكون في حدود ما ساهم به في الشركة الشيء الذي يرتب عليه التزامات عدة إلا أن حقوقه متعددة ومرتبطة بصفته كمساهم ولا يمكن للقانون الأساسي للشركة أن يحد بأي وجه من الوجوه من تلك الحقوق [40]، لذا سنقوم من جانبنا بالتطرق لهذه الأثار حيث سندرس في ( مطلب أول) )حقوق المساهم المترتبة عن أداء قيمة السهم لندرس في ( مطلب ثاني) التزاماته المترتبة عن أداء قيمة السهم .

المطلب الأول : حقوق المساهم المترتبة عن أداء قيمة السهم

تروم الشركة استثمار واستغلال مقاولة راسمالية، ويهدف المساهمون من تأسيس الشركة تحقيق الربح والثروة، وكما قال كوزيان ليست الشركة مؤسسة خيرية ” philanthropique” فالمساهمون ينخرطون في الشركة ويوظفون أموالهم قصد تحقيق الأرباح وتقسيمها، فتقسيم الأرباح هو الذي يضفي على هذا التجمع من الأشخاص صفة الشركة فإن تخلف ركن تقسيم الأرباح كان هذا التجمع جمعية وليست شركة[41]، معطيات خولت لصاحب السهم حق البقاء في الشركة، والحق في نصيب من أرباح، إضافة إلى الحق في حضور الجمعيات العامة والتصويت فيها وحق الأفضلية في الاكتتاب بالزيادة في رأس المال، كما تخوله حق إقامة دعوى البطلان، والحق في الاطلاع على وثائق الشركة، والحق في طلب حل الشركة قبل انتهاء مدتها، كما يمكن للأسهم في بعض الأحيان أن تضيع أو تسرق وقد وجب حق للمساهم في حالة الضياع أو السرقة وسنقوم بدراسة هذه الحقوق تباعا في الفقرات التالية :

الفقرة الأولى : حق المساهمة في نصيب من الأرباح

يعد الحق في الأرباح من حقوق المساهم الجوهرية التي لا يمكن أن يقع الحد أو الانتقاص منها بمقتضى القانون أو النظام الأساسي أو الاتفاق، فالقانون يلزم الشركات بتكوين الاحتياطي القانوني إلى جانب الاحتياطي النظامي والاحتياطي الاختياري لمواجهة الأزمات والصعوبات.[42] وينفرد القانون رقم 95-17 المتعلق بشركات المساهمة وحده بالتنظيم الدقيق لموازنة شركة المساهمة.

والنصيب في الأرباح هو عبارة عن الحصة العائدة لكل سهم من الأرباح الخاصة خلال سنة مالية معينة وخاضعة للتوزيع بموجب قرار من الجمعية العامة للمساهمين. ويشترط لتوزيع الأرباح أن تكون السنة قد أنتجت فعلا أرباحا صافية ، فإن حققت الشركة أرباحا فلا تستأثر ذمتها لتكون كرأس المال ضمانا عاما للدائنين بل يحصل توزيعها سنويا على المساهمين. لكن هذه القاعدة يرد عليها استثناءان حيث إن مبدأ ثبات رأس المال يقتضي ألا يسترد المساهمون شيئا منه أثناء حياة الشركة، كما تستوجب أن تمتنع الشركة في حالة الخسارة عن توزيع أرباح على المساهمين في السنوات التالية إلا بعد جبر رأس المال، لكن لا يمكن للشركة أن تسترجع الأرباح التي وزعتها في سنوات ازدهارها لجبر الخسارة اللاحقة لأن هذه الأرباح أصبحت حق مكتسبا للمساهمين كما أن القانون استوجب أن يجنب جزء من أرباح الشركة سنويا لتكوين أموال احتياطية حتى يصل الخصم إلى نسبة معينة من رأس المال، كذلك ينص نظام الشركة على تكوين أموال احتياطية أو يسمح للجمعية العامة باتخاذ قرارات في هذا الشأن ويقتضي ذلك أن حق المساهم في اقتسام الأرباح سنويا يتأثر بمدى الاستقطاعات التي تجريها الشركة على الأرباح. ولكن ما مدى حق المساهم على الربح أو على الأموال الاحتياطية؟ وهل يكون له المطالبة بتوزيع هذه الأموال في السنوات التي تحقق فيها الشركة ربحا أم لا يكون له ذلك؟

فالقانون ونظام الشركة كلاهما قرر أحيانا استقطاع جانب من الأرباح سنويا بقصد تكوين أموال احتياطية، وهذه الأموال تأخذ حكم رأس المال فلا تستطيع الشركة أن توزعها ولا يجوز للمساهم المطالبة بها أثناء قيامها .

والمال الاحتياطي هو ذلك الربح غير الموزع كله على المساهمين حيث يقتطع منه نسبة معينة كل سنة لتكوين مال احتياطي يخصص لتحمل الخسارة التي قد تصيب الشركة في إحدى السنوات أو لنقضاء حاجات تبدو في المستقبل ضرورية لتقوية ائتمان الشركة.

وهذا الاحتياطي يمكن أن يكون قانونيا يفرضه القانون وإما نظاميا يشترطه النظام وإما أن يكون اختياريا تقرره الجمعية العامة .

ويعتبر الاحتياطي القانوني ضمانا إضافيا لدائني الشركة يأخذ حكم رأس المال لأنه يخصص أساسا لتكملة رأس المال وجبره إذا أصيب بسبب الخسائر، فلا يجوز للشركة التصرف فيه أو توزيعه على المساهمين في السنوات التي لا تسفر عن أرباح ويقدر الاحتياطي القانوني بعشر رأس المال[43]، ويمثل الاقتطاع المخصص لهذا الاحتياطي نسبة 5 %. على الأقل من الأرباح، ويمكن إدماجه في رأس مال الشركة حيث أن رسملته تزيد من ضمانات دائني الشركة وتدعم حظر التصرف في هذا الاحتياطي.

أما الاحتياطي النظامي فقد يقرر نظام الشركة اقتطاع جزء آخر من الأرباح لتكوين احتياطي نظامي بجانب الاحتياطي القانوني، يخصص لمواجهة بعض المخاطر أو بعض الحاجات كإستهلاك رأس المال أو تحديد المعدات أو تمويل عمليات الشركة ولا يجوز استخدامه في غير الأغراض المخصصة له أو توزيعه على المساهمين أو استعماله في شراء أو دفع أسهم الشركة[44] ولا تتمتع الاحتياطات النظامية بخصائص محددة، حيث إنه يمكن للأنظمة الأساسية أن تلغيها بقرار من المساهمين وهذا الإلغاء يمكن معارضته من قبل الأغيار.

وتجدر الإشارة إلى أن الأرباح يمكن أن توزع نقدا والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا المجال هو، هل يمكن أن توزع الأرباح في شكل أسهم جديدة ؟ لقد أجاب المشرع الفرنسي عن هذا السؤال بالإيجاب في صلب قانون 3 يناير 1983 المتعلق بتطوير الاستثمار وحماية الادخار إذ أصبح بموجب هذا القانون  من الممكن أن تكون الأرباح موزعة في قالب أسهم ومنح القانون المذكور الخيار للمساهم في أن يتحصل على الأرباح نقدا أو في قالب أسهم ولكن علينا أن نوضح أن حق المساهم في الحصول على نسبة من الأرباح لا يعني أن تلك النسبة توزع عليه كل سنة بل إن الحق في الحصول على تلك النسبة يعني انه  لا يمكن إدراج شرط بعقد الشركة ينص على حرمان المساهم من ذلك الحق إذ أن ذلك الشرط يعتبر لاغيا ولا يعمل به إلا أنه يمكن للشركة أن تحتفظ بنسبة من الأرباح للإدخار الحر les réserves libres وقد يحدث هذا القرار خلافا بين وكلاء الشركة والمساهمين الذين يمثلون الأقلية كما أن الأرباح الموزعة في قالب أسهم تساوي مبدئيا القيمة الاسمية للسهم أما إذا كانت توجد أسهم تمتع فهي تحصل على نسب أقل من تلك التي يتحصل عليها صاحب أسهم رأس المال كما أن أسهم الأفضلية تتحصل على نسب الأرباح قبل بقية الأسهم أو أعلى مقدار منها [45].

وقد حدد القانون لدفع الأرباح نقدا أجل أقصى تسعة أشهر تبتدئ من تاريخ اختتام السنة المالية ويمكن تحديده بأمر استعجالي من رئيس المحكمة بناء على طلب مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية .

ويجري العمل على توزيع حصة أولى من الأرباح على المساهمين في صورة نسبة مائوية من قيمتها الاسمية، ويوزع الباقي من الأرباح بعد ذلك على المساهمين كحصة إضافية في فائض الربح وهذا الفائض هو الذي يضاف إلى الربح الأول الذي يعود إلى المبلغ الموزع على المساهمين من طرف الجمعية العامة أو على خلاف الربح فإن فائض الربح يتم توزيعه على كل الأسهم، سواء كانت قد حررت بالكامل أو جزء منها، أو كانت قد استهلكت جزئيا أو كليات لكن حاملي هذا النوع من الأسهم لهم الحق في فائض الربح وليس لهم الحق في الربح الأول .

وهناك أنصبة ذات أرباح صورية وهي الموزعة على المساهمين دون أن تكون الشركة قد أنتجت أرباحا حقيقية قابلة للتوزيع أي هي تلك الأرباح التي توزعها الشركة على أساس ميزانية غير صحيحة. وتكون الأرباح صورية غير مشروعة إذا اقتطعت من الاحتياطي الإلزامي المعادل لرأس المال، أو إذا كانت الأرباح الموزعة لا يوجد لها من الناحية المحاسبية بفضل ميزانية غير صحيحة وذلك بهدف إبراز أرباح أقل من الأرباح الحقيقية .

ويؤدي توزيع الأرباح الصورية إلى إلحاق الضرر بمصالح الشركة، ومصالح دائنيها وذلك على اعتبار أن هذه الأرباح تؤخذ من رأس المال الذي يعد ضمانا عاما لدائني الشركة . أما المساهمون الذين يقبضون أنصبة الأرباح الصورية فلا يلزمون بإرجاعها إلا إذا ثبت سوء نيتهم أو ارتكابهم خطأ فادحا وجاءت المادة 331 بما يفيد أن كل ربح موزع خرقا لأحكام المادة 330 السابقة يعد ربحا صوريا.

وبقي أن نشير أن تقادم هذه الأرباح قد حدد لها القانون أجل خمسة سنوات تبتدئ من تاريخ إصدارها وهذا ما نصت عليه المادة 335 ق ش م ” تتقادم لفائدة الشركة الحقوق الناشئة عن 331-334 بمرور خمسة سنوات تبتدئ من تاريخ أداء الربح”

وحق المساهمين في أرباح الشركة يجرنا للحديث عن النزاع الذي يحدث ما بين أغلبية المساهمين وأقليتهم حيث إن الفئة الأولى تبحث بصفة عامة عن تطور الشركة وتفضل أن تضع في الاحتياطي تقريبا مجموع الأرباح قبل أن تؤمن عن طريق التمويل الذاتي لكل الاستثمارات الضرورية لتطوير هذه الأخيرة .

أما الفئة الثانية – أي الأقلية – فهم مجرد مدخرين عاديين لا يضيفون أية قوة على سنداتهم ولقد تحدث قانون شركات المساهمة عن قانون الأغلبية مثلا المادة (110 فقرة 3) [46]فيما يتعلق بالجمعيات العامة غير العادية، لكن التساؤل الذي يمكن طرحه كيف تعامل هذه الأقلية داخل الشركة؟ فهذه الأقلية من المساهمين ما عليها إلا الخضوع والامتثال لقانون الأغلبية، لكن هذا الحل لم يلق إقبالا من قبل المشرع المغربي الذي يفضل حماية الأقلية من المساهمين، وتجد هذه الحماية أساسها في مبررات نظرية حيث إن هذه الحماية المخولة هي بالضرورة حماية الضعيف ضد القوي، فهذه الأقلية يجب أن تتلقى ضمانات بدونها يمكنها أن تندثر ويقضى عليها أمام القوة والسلطة التي تمتلكها الأغلبية

وهكذا أصبحت أقلية المساهمين تعرف سلطة حقيقية للتدخل خلال حياة الشركة في الميادين التي عادة تكون من اختصاص سلطات أغلبية المساهمين كما أصبح بإمكان هذه الأقلية اللجوء إلى القضاء كلما استغلت فئة الأغلبية سلطتها بطرق غير مشروعة.

وإجمالا لا يعتبر حق الحصول على الأرباح التي تجنبها الشركة من الأهمية بما كان ولا يسوغ حرمان المساهم من هذا الحق وكل شرط من هذا القبيل يعتبر باطلا حتى ولو كان مدرجا في النظام الأساسي للشركة ويجب أن تدور المناقشة حول المسائل المدرجة في جدول الأعمال فقط، وذلك حتى يتمكن المساهمون من الإطلاع على محتويات جدول الأعمال وليكونوا على علم بنصيب الأرباح وقدره وطرق دفعه. وخارج جدول الأعمال لا تعتبر أية مداولة مقبولة ما عدا إذا تعلق الأمر بعزل أعضاء مجلس الرقابة.

كما يأذن القانون للأقلية من المساهمين أن يطلبوا إدراج مشروع أو عدة مشاريع في جدول الأعمال ولعل أبرزها الحق في الأرباح وكل ما يتعلق به، وهذا الحق مخول للمساهم أو لعدة مساهمين يمثلون على الأقل 5 % من رأس مال الشركة[47].

فقرة ثانية: حق المساهم في حضور الجمعيات العامة والتصويت فيها

لقد عمل المشرع المغربي من خلال مواد قانون شركات المساهمة الجديد على إعطاء المساهمين والأقلية خاصة، الحق في الحصول على المعلومات الضرورية والكافية لإضفاء الشفافية بين المساهمين وهيأت الإدارة وتمكينهم من المعلومات التي تجعل مساهمتهم في تكوين الإدارة الجماعية للشركة فعالة وإيجابية، وتؤدي إلى التعبير عنها بصورة جيدة ويكون تصويتهم في الجمعيات العامة تصويتا ذا مصداقية نابعا من معرفة بالأشياء [48].

تتمثل مسألة الحصول على المعلومات باعتبارها مدخلا للحق في التصويت من حيث تحديد جدول الأعمال ووضع الوثائق رهن إشارة المساهمين

قبل انعقاد الجمعية العامة يجب أن يوجه استدعاء للمساهمين يتم إشعارهم فيه بجدول الأعمال الذي يتضمنه الاجتماع، وموجه الدعوة للانعقاد هو الذي يكون عليه أن يحصر ذلك الجدول ، إلا أنه يحق لكل مساهم أو مجموعة مساهمين يمثلون ما لا يقل عن نسبة 5 % من راسمال الشركة أو نسبة 2 % إذا كان راسمالها ذاك يتجاوز خمسين مليون درهم أن يطلبوا إدراج مشروع أو عدة مشاريع قرارات في جدول الأعمال [49].

وإذا كانت حسب المادة 120 ق ش م الشركة لا تدعو الجمهور للإكتتاب فإنه يمكن لكل مساهم فيها أراد إدراج مشروع أو عدة مشاريع قرارات في جدول الأعمال، أن يطلب إعلامه بواسطة رسالة مضمونة بتاريخ انعقاد الجمعيات أو بعضها وذلك قبل ثلاثين يوما على الأقل من ذلك التاريخ، وتكون الشركة ملزمة عندئذ بإرسال ذلك الإعلام مرفقا بجدول الأعمال وبمشاريع القرارات على أن يرسل لها المساهم مصاريف الإرسال ويجب أن يوجه المساهم أو المساهمون طلب إدراج مشاريع القرارات في جدول الأعمال إلى المقر الاجتماعي برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل قبل ثلاثين يوما على الأقل من تاريخ انعقاد الجمعية العامة.

ويجب أن تحرر المواضيع المسجلة في جدول الأعمال بصورة تجعل مضمونها ومغزاها وأضحين دون اللجوء إلى وثائق أخرى [50].

ولا يمكن للجمعية أن تتداول خارج جدول الأعمال إلا انه يحق لها أن تعزل عضوا أو عدة أعضاء من مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة في كل وقت وتعمل على تعويضهم بآخرين .

ويمكن القول إن المشرع من خلال هذا المقتضى وضع الضمانات الأساسية لحماية أقلية المساهمين باعتبار حصر جدول الأعمال سيجعل مداولات الجمعية العامة تمس فقط ما هو معلوم بالنسبة إليهم، وبالتالي عدم مفاجأتهم بأمور لم تكن محددة من قبل .

تتخذ الجمعية العامة العادية قراراتها بالأغلبية للأصوات الحاضرة في الاجتماع وفي حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس [51]

وبالنسبة لحق التصويت داخل الجمعيات العامة فهو من الحقوق الملازمة للمساهم لذا يجب أن يكون حرا غير مقيد بأي شرط من شأنه أن يقيد هذا الحق، أي بعبارة أخرى لا يمكن للنظام الأساسي للشركة أن يتضمن أي تصرف من شأنه أن يلغي نظام التصويت ويعتبر  باطلا كل اتفاق مسبق يتنازل بموجب المساهم عن التصويت .

ونظرا للدور المهم الذي تضطلع به الجمعيات العامة في شركات المساهمة باعتبارها مصدر سلطات التقرير والتسيير فيها، فقد كان من الضروري الاعتراف لجميع المساهمين فيها بحق المشاركة في مداولتها والتصويت فيها .

وتجدر الإشارة أن لكل شريك عددا من الأصوات يساوي عدد أسهمه في الشركة ومؤدى ذلك أنه يمكن لكل عضو الحق في عدد من الأصوات يخالف العدد الذي يمنحه للآخرين وذلك يخل بنظرنا بمبدأ المساواة وبقاعدة لكل عضو صوت واحد والشائع في العديد من التجمعات البعيدة عن روح المضاربة كالجمعيات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي ما عدا إذا اشترط العقد خلاف ذلك .

هذا ويمكن لكل شركة مساهمة أن تنشئ أسهما ذات امتياز تتمتع ببعض المنافع عن الأسهم الأخرى لعل أبرزها الربح والتصويت، وذلك إما بمقتضى النظام الأساسي أو بناء على قرار للجمعية العامة غير العادية[52].

وإذا كان التشريع المغربي قد ذهب أبعد من ذلك بأن أقر إمكانية إصدار أسهم بدون أي حق في التصويت بل وحتى الأسهم ذات التصويت المضاعف وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 257 من قانون 95-17 فإنه قد يمنع صراحة إصدار رأسهم متعددة الأصوات بالنظر لجوانبه السلبية التي تتجلى في إمكانية سيطرة أقلية من المساهمين على الأغلبية الساحقة [53].

كما أنه في حالة رهن الأسهم رهنا حيازيا فإن لمالكها مع ذلك أن يمارس حق التصويت، ويجب على الدائن المرتهن في هذه الحالة إيداع الأسهم المرهونة إذا طلب منه المدين ذلك، وتحمل المصاريف [54].

ولكن هنا يطرح تساؤل جوهري يتعلق بما هو الجزاء المطبق نتيجة التصويت الاحتيالي ؟ وكذا التصويت مقابل الحصول على منافع أو ضمانات أو وعود؟

بالنسبة للتصويت الاحتيالي فهذه الحالة تتعلق بإدعاء شخص من غير حق أنه مالك للأسهم ويتصرف بالطريقة التي توحي أنه مالك أسهم . وإذا كانت صفة مالك اسهم اسمية سهلة الإثبات إلا في حالة انتقال هذه الأسهم بطريقة وهمية من أجل التصويت أو التواطؤ فإنه بالنسبة للأسهم للحامل، الحائز يستفيد من قرينة الملكية[55] بشرط أن يتعلق الأمر بحامل حسن النية وهو المفترض وعلى من يدعي العكس إثبات ذلك، وقد اعتبر القضاء الفرنسي أنه يمكن إثبات سوء النية بإثبات التواطؤ بين الحامل العابر والمالك الحقيقي.

أما بخصوص الحصول على ضمانات أو منافع أو وعود مقابل التصويت فتتضمن هذه الجريمة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 387 [56] من قانون شركات المساهمة المغربي على شريكين أحدهما يحصل على منافع أو يوعد بها، والآخر يمنع هذه المنافع أو يضمنها أو يعد بها .

والمنافع المقصودة هنا يمكن أن تكون ذات طبيعة مالية أو غير مالية كإسناد وظائف أو امتيازات شرفية، وتكون هذه المنافع محددة بوضوح .

ويلزم أن يكون الغرض أو الهدف من هذه المنافع التصويت في اتجاه معين أو عدم المشاركة في التصويت، بغض النظر عما إذا صوت المعني في الاتجاه المطلوب أو لم يصوت أصلا، وتثبت الجريمة ولو لم تمنح المنفعة الموعود بها فمجرد الوعد يشكل ركنا ماديا في هذه الجريمة .

وتجدر الإشارة أن هذه الجريمة عمدية وإن لم يتضمن النص أي تعبير عن سوء النية أو القصد بصفة مباشرة، ويمكن أن نستخلص ذلك من روح النص فتجد المشرع يتطلب لتصير الجريمة تامة أن يثبت سوء النية بثبوت نية التأثير على اتجاه تصويت المساهم .

الفقرة الثالثة : حق المساهمين في الإعلام والإطلاع على وثائق الشركة

لقد أخذ المشرع المغربي في قانون 95-17 نهج الصرامة في حماية حقوق المساهمين الإعلامية عن التشريع الفرنسي لسنتي 1996 و 1967 ، اللذين تأثرا بدورهما بالقوانين الجارية في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، وتهدف هذه الترسانة القانونية الجديدة سواء في المغرب أو في التشريع المقارن إلى تحصين الادخار وتزويد المستثمرين من المساهمين خاصة الأقلية – الذين لا يتولون تسيير الشركة بإعلام نزيه وسريع يتيح لهم المشاركة الفعالة والناجعة في حياة الشركة ويوفر لهم المشاركة الواعية في التصويت واتخاذ القرارات ويجعلهم أكثر التصاقا وتعاطفا مع الشركة والمنخرطين فيها، وأكثر حرصا على بقائها وتحقيق أهدافها المالية والاقتصادية والاجتماعية [57].

وتعد شركة المساهمة قاطرة الاقتصاد الحديث وعجلة الاستثمار والادخار والرسملة، أسباب جعلت المشرع يخصص القسم الخامس من القانون رقم 95-17 لإعلام المساهمين de l information des actionnaires والذي قسم إلى بابين خصص الأول للإعلام في شركات المساهمة التي لا تدعو الجمهور للاكتتاب والثاني للإعلام في شركات المساهمة التي تدعو الجمهور للاكتتاب وهو نفس التقسيم الذي سنتبعه في تحليل هذه الفقرة .

  • الإعلام في شركات المساهمة التي لا تدعو الجمهور للاكتتاب

يأتي الإعلام في أشكال ثلاثة تتجلى في إرسال الوثائق، والإطلاع على المعلومات في مقر الشركة وأخذ النسخ ” copies “.

ويلاحظ أن الوثائق اللازم إرسالها إلى المساهمين أو لوكلائهم هي التي يكون لهؤلاء المساهمين أو وكلائهم حق الاطلاع عليها كذلك ( المادتان140 و 141 من القانون رقم 95-17) وهي التالية:

-جدول الأعمال للجمعية؛

-نص وبيان أسباب مشاريع القرارات التي تقدم بها مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية وإن اقتضى الحال تلك التي يقدمها المساهمون؛

-قائمة المتصرفين في مجلس الإدارة وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية، ومجلس الرقابة وإن اقتضى الحال معلومات تخص المترشحين للعضوية في هذه المجالس؛

-الجرد والقوائم التركيبية للسنة المالية المنصرمة ، كما حصرها مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية، وملاحظات مجلس الرقابة إن اقتضى الحال،

-تقرير التسيير لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية المعروض على أنظارها الجمعية وإن اقتضى الحال ملاحظات مجلس الرقابة؛

-تقرير مراقب أو مراقبي  الحسابات المعروض على أنظار الجمعية ؛

-مشروع تخصيص النتائج.

واطلاع المساهمين على هذه الوثائق يحتل مكانة هامة في حقوق المساهمين وفي نظام تسيير الشركة ،إذ ما الجدوى من حضور المساهم في الجمعية العامة بقصد إبداء رأيه وهو لا يتوفر على أية وثيقة تتعلق بالشركة أو حتى سبق له الاطلاع عليها ؟

ويمكن علاوة على ذلك، أن ينص في النظام الأساسي على أن ترسل تلقائيا على حساب الشركة الوثائق المشار إليها أعلاه، أو إرسالها قبل انعقاد الجمعية مرفقة بقائمة المساهمين وعدد وفئات الأسهم التي يملكها كل مساهم باستثناء الجرد إلى المساهمين اسميا للعنوان الذي يقدمونه في نفس الوقت مع إرسال الدعوة؛ ونفس الأمر ينطبق على المساهمين أصحاب الأسهم لحاملها الذين يطلبون ذلك مقابل إثباتهم لصفتهم [58].

ويحق أيضا ابتداء من تاريخ الدعوة لكل جمعية أخرى عادية أو غير عادية، عامة أو خاصة، لكل مساهم خلال أجل الخمسة عشر يوما على الأقل السابقة لتاريخ الاجتماع الاطلاع في عين المكان على نص مشاريع القرارات وتقرير مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية، وعند الاقتضاء على تقرير مراقب أو مراقبي الحسابات .

كما يمكن للمساهمين الاطلاع على وثائق الشركة الخاصة بالسنوات المالية الثلاث الأخيرة ومحاضر وأوراق حضور الجمعيات العامة المنعقدة أيضا خلال تلك السنوات. ويهدف التشريع من هذا جعل المساهمين يسايرون التطور الذي يطال نشاط الشركة والمقارنة بين ماضيها وحاضرها والعمل على البحث على أنجع الوسائل لتفادي الصعوبات التي اعترضت الشركة في السنوات الثلاث السابقة لرسم مستقبل وآفاق الشركة على أسس جديدة، كما يفيد هذا الاطلاع الواسع على وثائق الشركة المساهمين الجدد عند الاقتضاء في معرفة أحوال الشركة ووضعيتها السابقة.

ويترتب على حق الاطلاع في كل الأحوال حق الحصول على نسخ من كل الوثائق ماعدا فيما يخص الجرد[59]، حتى يتمكن المساهمون من تحليلها بعمق، بمساعدة مستشار أو خبير أو بدونهما، وفي هدوء في مكاتبهم أو بيوتهم قبل اتخاذ لإجراءات التي يرونها ضرورية وقبل المشاركة في أي نقاش أو تصويت أو غيرهما.

ب-الإعلام في شركات المساهمة التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب

تكون حماية أقلية المساهمين والادخار أكثر إلحاحا وفعالية في شركات المساهمة التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب. وتجلى حرص المشرع على تقوية هذه الحماية ونجاعتها بإخضاع هذا النوع من الشركات، علاوة على آليات الإعلام التي تجري على شركات المساهمة التي لا تدعو الجمهور إلى الاكتتاب،[60] إلى قواعد خاصة توسع مجال الإعلام وتضمن شفافية المعلومات ومصداقية الشركة وثقة المساهمين في شركتهم .

ويجب على هذه الشركات التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب سواء كانت أسهمها مسعرة أم غير مسعرة في بورصة القيم، طبقا للمادة 16 من قانون 21 شتنبر 1993 المتعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور للاكتتاب في أسهمها وسنداتها، أن تضع بمقارها رهن تصرف المساهمين فيها أو وكلائهم الوثائق التالية لأجل الاطلاع عليها ابتداء من تاريخ الدعوة لانعقاد الجمعية العادية وقبل انعقادها بما لا يقل عن 15 يوما، وهي:

-جدول الأعمال المنصوص عليه ونصوص مشاريع القرارات التي قدمها مجلس الإدارة ؛

-جرد عناصر الأصول والخصوم المنصوص عليها في الفصل 11 من الظهير الشريف الصادر في 12 غشت 1913 في شأن القانون التجاري والذي نسخ بمقتضى المادة 733 من مدونة التجارة لسنة 1996 فحلت المادة 19 محل المادة 11[61].

-البيانات الموجزة عن السنة المالية المنصرمة المحددة من قبل مجلس الإدارة والمشتملة على الموازنة وحساب الحاصلات والتكاليف وبيان أرصدة التسيير وجدول التمويل وبيان المعلومات التكميلية ؛

-تقرير مراقب أو مراقبي الحسابات عن البيانات المذكورة ؛

-تقرير مجلس الإدارة عن السنة المالية المنصرمة

ويجوز للمساهمين كذلك أو وكلائهم الحصول بمقر الشركة على نسخة من الوثائق المشار إليها أعلاه وعلى قائمة المساهمين والقسط الذي يملكه كل واحد منهم في رأس المال.

ويجب على هذه الشركات كذلك أن تنشر في إحدى جرائد الإعلانات القانونية داخل العشرين يوما التالية لتاريخ انعقاد الجمعية العامة العادية الموازنة وحساب الحاصلات والتكاليف وبيان أرصدة التسيير وجدول التمويل والعناصر المتألف منها بيان المعلومات التكميلية المحددة من لدن مجلس القيم المنقولة وملخصا لتقرير مراقب أوامر مراقبي الحسابات عن السنة المالية المنصرمة ويجب أيضا أن يتولى مراقب أو مراقبو الحسابات بأنفسهم تحرير الملخص المذكور.

أما فيما يخص شركات المساهمة التي تدعو الجمهور للاكتتاب ذات الأسهم المسعرة أو المقيدة في بورصة القيم فيجب عليها أن تنشر بإحدى جرائد الإعلانات القانونية الوثائق المتعلقة ببيان رقم المعاملات مقارنا بالمبلغ المسجل في نصف السنة السابق، والمبلغ المسجل في نصف السنة المتعلقة بالسنة المالية المنصرمة وبيان مؤقت للموازنة محصورا في نهاية نصف السنة المنصرم وتنشر هذه الوثائق خلال الثلاثة أشهر التالية لكل نصف سنة مالية. ويجب أن تكون الوثائق المذكورة مشفوعة بشهادة من مراقب أو مراقبي الحسابات تثبت صحتها.

وقد تعامل المشرع المغربي بصرامة شديدة في حالة خرق مقتضيات إعلام واطلاع المساهم على وثائق الشركة حيث يمكن لكل مساهم، إذا رفضت الشركة إطلاعه كليا أو جزئيا على الوثائق السابقة[62] أن يطلب من رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات إصدار أمر للشركة بإطلاعه على تلك الوثائق تحت الغرامة التهديدية.

ويشكل تدخل القضاء الاستعجالي تحت الغرامة التهديدية ضمانة كبرى لحماية حقوق الإعلام، ويخضع مقدار هذه الغرامة للسلطة التقديرية للرئيس.

إضافة إلى ذلك فقد رتب المشرع على خرق قواعد الإرسال والاطلاع على الوثائق السابق ذكرها، إبطال الجمعية ومداولاتها وقراراتها سواء كانت شركة المساهمة لا تدعو الجمهور إلى الاكتتاب أو كانت تدعو الجمهور إلى الاكتتاب [63]

ولا يعد هذا البطلان من النظام العام، بل يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة التجارية وفقا للعبارة المستخدمة في المادة 152 ” يمكن إبطال الجمعية” وهذه لمرونة واضحة تخول إنقاذ مداولة الجمعية وقرارتها عند الاقتضاء ، إذا رأت المحكمة في أن هذا الإنقاذ في صالح الشركة والمساهم أو المساهمين المتضررين؛ ولأسباب واعتبارات مشروعة تقدرها وتقوم بتعليلها وإلا تعرض حكمها للطعن [64].

الفقرة الرابعة : حق الأفضلية في الاكتتاب بالزيادة في رأس المال

يحصل في بعض الأحيان أن تتخذ الجمعية العامة غير العادية في شركات المساهمة قرارا بزيادة رأس مال الشركة، وفي هذه الحالة ينبغي أن يتم الاكتتاب بالأسهم الجديدة الموازية لهذه الزيادة .

وقد ينشأ عن الزيادة في رأس المال ظهور مساهمين جدد يزاحمون المساهمين القدامى وتزيد على هذا الأساس قيمة الأسهم الجديدة على حساب الأسهم القديمة بدون سبب مشروع ومن أجل تفادي مثل هذا الإخلال، وبهدف المحافظة على التوازن المالي والإداري في الشركة، وإبقاء المساهمين القدامى بنفس وضعهم السابق في الشركة فقد أعطى المشرع المغربي للمساهمين القدامى حق الأولوية في الاكتتاب بالأسهم الجديدة عند الزيادة في راسمال الشركة ولا يستعمل هذا الحق في الأفضلية إلا بالنسبة للأسهم النقدية أي أن حق الأسبقية لا يكون إلا بالنسبة للاكتتاب في الأسهم النقدية الصادرة بواسطة الشركة فهو لا يسري على حالات زيادة رأس المال التي تتحقق عن طريق تقديم حصص عينية كما أن المساهمين الحاملين لأسهم ذات الأولوية في الأرباح يستفيدون من حق الأفضلية في الاكتتاب على غرار المساهمين العاديين غير أن الجمعيات العامة غير العادية يحق لها أن تقرر بعد إبداء رأي الجمعية الخاصة بأن حق الأفضلية لا يمكن أن يمارس إلا على الأسهم الجديدة ذات الأولوية في حق الأرباح دون حق التصويت[65]. وإما بإدماج الاحتياطي حيث يمنح لحاملي الأسهم ذات الأولوية في الأرباح أسهم جديدة مجانا وكذلك الأرباح أو العلاوات ، لكن الجمعية العامة غير العادية يمكن أن تقرر بعد إبداء رأي الجمعية العامة لهؤلاء المساهمين أن تمنح لهم محل الأسهم الجديدة ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت (المادة السابقة في فقرتها الثانية) ويحق للجمعية التي تقرر الزيادة في رأس المال أو تأذن لها أن تلغي حق الأفضلية في الاكتتاب بالنسبة لمجموع الزيادة في رأس المال أو بالنسبة للجزء أو عدة أجزاء من هذه الزيادة، وتبث الجمعية تحت طائلة البطلان بناء على تقرير مجلس الإدارة ومجلس الإدارة الجماعية وتقرير مراقب أو مراقبي الحسابات، وهذا التقرير يجب أن يبين أسباب اقتراح الإلغاء المذكور[66] كما أن للجمعية العامة التي تقرر الزيادة في رأس المال إلغاء حق الأفضلية للاكتتاب لفائدة شخص أو عدة أشخاص.

ولقد حدد القانون أنواع الأسهم التي يكون للمساهمين حق أفضلية الاكتتاب فيها وهي الأسهم النقدية الجديدة وذلك بصورة متناسبة مع عدد الأسهم التي يملكونها ويعد كل شرط مخالف لهذه المقتضيات كأن لم يكن ولا أثر له .

ويكون هذا الحق خلال مدة الاكتتاب قابلا للتداول أو التفويت وفق نفس الشروط المطبقة على السهم نفسه .

وتجدر الإشارة أنه يمكن للمساهمين التنازل بصفة فردية عن حقهم في الأفضلية[67].

الفقرة الخامسة : حق المساهم في إقامة دعوى البطلان

يعود الحق في رفع دعوى البطلان أو الدفع به لكل ذي مصلحة لذلك يجب أن تكون هذه المصلحة مالية وقانونية مشروعة فانطلاقا من حق المساهم بالاشتراك في إدارة الشركة يحق له أن يرفع الدعوى لصيانة والحفاظ على حقوقه ومصالحه الشخصية، كما يحق له أن يعمم الدعوى لصيانة حقوق المشاركة عندما يتأخر ممثلوها عن ذلك.

وتقبل دعوى البطلان من المساهم حتى ولو كان لا يتوفر إلا على سهم واحد أو كان مالكا للأسهم عن طريق الشراء لا عن طريق الاكتتاب وهذه إحدى مظاهر الحماية القانونية للأقلية من المساهمين .

ولا يشترط لرفع دعوى البطلان أن يكون المساهم قد سدد قيمة أسهمه كاملة، بل يكفي أن يكون قد أدى الأقساط المستحقة عليه التي طلبتها الشركة كما يحق إقامة دعوى البطلان بصورة انفرادية من قبل مساهم واحد، كما يسوغ إقامتها بصفة جماعية من طرف عدد من المساهمين يعبرون عن اشتراكهم في طلب إبطال الشركة، وما تجدر الإشارة إليه أن هذه الدعوى تسقط عندما يزول سببها ولغاية يوم البث نهائيا في الموضوع[68].

كما أنه يمكن للمحكمة المعروضة عليها دعوى البطلان أن تحدد ولو تلقائيا أجلا للتمكين من تدارك أسبابه. ولا يمكنها أن تصدر حكما بالبطلان إلا بعد مرور شهرين على الأقل على تاريخ تقديم المقال الافتتاحي للدعوى.

كما يحق للمساهمين إقامة دعوى بطلان قرارات الجمعية العامة أو مجلس الإدارة في حالة إصدارهما لقرارات مخالفة للقانون ولنظام الشركة الأساسي إذ يعتبر كل من مؤسسي الشركة وكذا المتصرفين الأولين وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية الأولين وأعضاء مجلس الرقابة الأولين مسؤولين متضامنين عن الضرر المتسبب فيه لعدم تضمين النظام الأساسي للشركة بيانا إلزاميا ما أو إغفال إجراء ينص عليه هذا القانون ( قانون شركات المساهمة) في إطار تأسيس الشركة أو القيام به بشكل غير صحيح وتسري أحكام الفقرة السابقة في حالة إدخال تعديل على النظام الأساسي للشركة، على المتصرفين وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية وأعضاء مجلس الرقابة المزاولين مهامهم أثناء إجراء التعديل المذكور .

وتتقادم الدعوى بمرور خمس سنوات حسب الحالة ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري أو من تاريخ تقييد التعديل[69].

الفقرة السادسة: حق المساهم في طلب حل الشركة قبل انتهاء مدتها

في بعض الأحيان قد تطرأ من الأحداث ما يؤدي إلى المساس بمستقبل الشركة كإصابتها بخسائر مالية مما يؤدي بالمساهمين إلى طلب حلها قبل الأوان وانتهاء مدتها، وهذا ما تولى المشرع المغربي تنظيمه بخصوص شركات المساهمة إذا أصبحت الوضعية الصافية للشركة تقل عن ربع راسمالها من جراء خسائر، حيث يتعين على مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية داخل ثلاثة أشهر الموالية للمصادقة على الحسابات التي أفرزت هذه الخسائر أو توجه دعوة إلى الجمعية غير العادية للانعقاد من اجل تقرير حل للوضع يستدعي حل الشركة قبل الأوان وهذا ما جاءت به مقتضيات قانون شركات المساهمة كإجراء قانوني واجب .

وإذا لم يتم اتخاذ قرار حل الشركة، تكون هذه الأخيرة ملزمة في أجل أقصاه السنة المالية في نهايتها الموالية لتلك التي أفرزت الخسائر مع مراعاة أحكام المادة 360، بتخفيض راسمالها بمبلغ يساوي على الأقل حجم الخسائر التي لم يمكن اقتطاعها من الاحتياطي وذلك إذا لم تتم خلال الأجل المحدد إعادة تكوين رأس المال الذاتي لما لا يقل عن ربع راسمال الشركة [70].

ويقع في جميع الأحوال إعلان القرار المتخذ من قبل الجمعية العامة في صحيفة مخول لها بنشر الإعلانات القانونية وفي الجريدة الرسمية وإذا لم يتيسر اجتماع الجمعية بكيفية قانونية جاز لكل ذي مصلحة المطالبة من القضاء حل الشركة .

وقد تم وصف إجراء حق المساهمين في طلب الحل بأنه حق احتياطي أي إذا قررت الجمعية العامة العادية استمرار الشركة، فإنه لا يسوغ للمساهمين المخالفين رفع الأمر إلى القضاء .

فقرة سابعة: حق المساهم في حالة ضياع أو سرقة الأسهم

يعتبر حق المساهم في حالة ضياع أو سرقة الأسهم من الضمانات الأساسية والمهمة داخل شركة المساهمة ويجب أن نميز هنا بين حالة ضياع أو سرقة الأسهم لحاملها وبين من جهة ثانية حالة ضياع أو سرقة الأسهم الاسمية .

أ-ضياع الأسهم لحاملها أو سرقتها

تقدم أن السهم لحامله يتداول بطريق التسليم بيد أن هذا الشكل ينطوي على خطر كبير ذلك أن الحق يندمج في الصك بحيث يعتبر بمثابة منقول مادي تنطبق عليه قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، وإذا فقد الصك أو سرق وحصل تداوله فإن من يحوز الصك بسبب صحيح وحسن نية يعتبر مالكا له ومن تم يجوز للشركة دفع الأرباح لحائز الصك دون أن تلزم بالتحري عن حقيقة ملكيته. ومع ذلك يجوز للمالك الحقيقي أن يسترد الصك من حائزه حسن النية خلال ثلاث سنوات من الضياع أو السرقة، وإذا كان حائز الصك قد اشتراه بحسن نية في سوق عام أو اشتراه ممن يتجر في مثله، فلا يجبر على إعادته لمستحقه إلا مقابل الثمن الذي دفعه.

هذه هي الحماية التي تقررها القواعد العامة للمالك الحقيقي للصك عند سرقته  أو ضياعه بيد أن هذه الحماية قاصرة إذ أن من يسرق الصك أو يجده لا يحتفظ به في العادة وإنما يبادر إلى بيعه إلى حائز حسن النية ، وهذا الحائز يحصل على الصك في الغالب عن طريق الشراء في البورصة أو بواسطة سمسار للأوراق المالية، بحيث لا يستطيع المالك الاسترداد إلا إذا عجل للحائز الثمن الذي دفعه وهو يعادل عادة قيمة الصك الحقيقية مما تنتفي معه كل فائدة من الاسترداد[71].

ويجوز للمالك الحقيقي تقديم اعتراض إلى الشركة يحدد فيه الصك المسروق أو الضائع ويطلب منها الامتناع عن دفع أرباح الصك أو قيمته في حالة استهلاكه لمن يتقدم إليها، وإذا تلقت الشركة هذا الاعتراض فعليها أن تمتنع عن الوفاء لمن يتقدم إليها بالصك وأن تحتفظ بالمبالغ المستحقة.

وإذا ظهر حائز الصك بعد ذلك جاز للمالك أن يرفع عليه دعوى استرداد ليسترد الصك منه ، وتلزم الشركة بالوفاء لمن يصدر الحكم لصالحه . أما إذا لم يظهر الحائز جاز للمالك أن يستصدر من المحكمة ترخيصا له بقبض الأرباح وسائر التوزيعات مقابل تقديم كفيل يضمن الوفاء للحائز متى ظهر بعد ذلك وقضي له بصحة ادعائه،  ولا يجوز لمن تجرد من حيازة الصك بسرقة أو ضياع ان يطالب الشركة بنسخة أخرى منه، لاحتمال أن يظهر حائز الصك قبل انقضاء المدة المسقطة للحقوق[72].

ب-ضياع الأسهم الاسمية أو سرقتها

إذا تجرد صاحب السهم الاسمي من حيازته بضياع أو سرقة فإنه لا يتعرض لنفس المخاطر التي يتعرض لها صاحب السهم لحامله إذ ما عليه إلا إبلاغ الشركة بالضياع أو السرقة حتى إذا ما تقدم الحائز للصك لتحصيل الربح أو لاستيفاء قيمة الصك، طولب بإثبات حيازته ، فإن عجز عن الإثبات استرد منه الصك وأعيد لمالكه الحقيقي الثابت اسمه في سجل التحويلات لدى الشركة، فكما سبق معنا فالسهم الاسمي هو الذي يحمل اسم المساهم وتثبت ملكيته بقيد اسم المساهم في سجلات التحويل لدى الشركة .

وبالتالي يجوز لصاحب الصك أن يحصل من الشركة على نسخة أخرى منه.

المطلب الثاني: التزامات المساهم المترتبة عن أداء قيمة السهم

رغم الحقوق التي يتمتع بها المساهم كآثار للوفاء بقيمة السهم فهناك التزامات هامة تترتب إلى جانب ذلك ويبقى على المساهم احترامها ، وهي تختلف حسب ما إذا تعلق الأمر بتقديم الحصة أو تعلق الأمر بالتسيير والعناية بشؤون الشركة، كما تترتب أيضا التزامات أخرى نحو الغير، وسنقوم بدراسة ذلك في الفقرات التالية:

الفقرة الأولى : الالتزام بتقديم الحصة

يعتبر الالتزام بتقديم الحصة L apport من بين الالتزامات التي تقع على عاتق المساهمين، وبدون هذا التقديم يتخلف ركن من أركان تأسيس الشركة تحت طائلة البطلان إن لم تقع التسوية أو التصحيح[73].

وبالتالي فكل مساهم مدين للمساهمين الآخرين وللشركة بكل ما وعد والتزم بتقديمه حصة في الشركة، ويمكن أن تكون الحصص متساوية أو متفاوتة، إلا أنه إذا أغفل المساهمون تحديد نوعية الأسهم ومقدار الحصص أو حدث شك في شأنها افترض أنها كانت متساوية . ويلزم أن يسلم المساهم حصته في الوقت أو الأجل المتفق عليه،  فإن لم يحدد أجل وجب أن يكون فور إبرام العقد ما لم تقتض طبيعة الشيء والمسافات خلاف ذلك، وإذا ا ماطل المساهم في تقديم حصته ساغ لباقي المساهمين أن يطالبوا إما الحكم بإخراجه من الشركة أو يلزموه بتنفيذ التزامه مع الحق في مطالبته بالتعويض، وقد يلزمه علاوة على ذلك أداء الفوائد من يوم الاستحقاق دون مطالبة قضائية، أي أن الفوائد تسري من تاريخ الاستحقاق لا من يوم رفع الدعوى . وخلافا للشريك المتضامن في شركات الأشخاص الذي قد يلتزم بتقديم حصة عمل أو حصة صناعية، فإنه لا يمكن أن نتصور الحصة الصناعية في شركات المساهمة [74]، إذ تكون إما حصة نقدية أو حصة عينية.

ويجب أن تحرر الأسهم كما سبق الذكر بالكامل عند التأسيس أو الزيادة في رأس المال[75] إلا أن أثر عدم تحرير الأسهم يختلف بحسب ما إذا كانت هذه الأسهم نقدية أو عينية، فالأسهم النقدية وجب الاكتتاب فيها بالكامل وتحرير كل سهم نقدي بربع قيمته الاسمية على الأقل وإلا لما تأسست الشركة[76] ويتم تحرير القيمة الباقية في دفعة واحدة أو عدة دفعات بناء على قرار يتخذه مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية داخل أجل لا يتجاوز ثلاث سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري أما الأسهم العينية فيجب الاكتتاب فيها بالكامل وتحريرها بالكامل عند الإصدار كذلك.

الفقرة الثانية: التزام المساهم والمسير بالعناية بشؤون الشركة

لقد انطفأ بريق الإدارة الجماعية أي تسيير شؤون الشركة من طرف كل المساهمين فيها ، فالعصر الحديث والقرن الجديد قرن وعهد العولمة والمنافسة والمسؤولية المدنية والتجارية والجنائية، حيث تشتت مصالح المساهمين وصعوبة اتفاقهم على مبدأ أو فكرة، ولم تعد تتصور هذه الإمكانية في الإدارة الجماعية والعناية بشؤون الشركة سوى في شركات المحاصة .

إن تبني مبدأ الإدارة في التسيير أي عن طريق مجلس إداري وتفويض المساهمين بعضهم بعضا في التسيير جعل مهمة التسيير في أيدي فئة قليلة من الأشخاص، وينبغي بناء على ضوء التطور الجديد التفرقة بين تنفيذ التزامات المساهم تجاه الشركة وبين الالتزامات التي تقع على عاتقه إن كان مسيرا للشركة، ويتوجب عليه في الحالتين تنفيذ هذه الالتزامات بحسن نية وأن يبذل في تدبير شؤون الشركة العناية نفسها التي يبذلها في قضاء وتدبير مصالحه الخاصة وكل تفريط في هذه العناية يعتبر خطأ يحمله المسؤولية تجاه الآخرين، ويسأل أيضا عن عدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد الشركة وعن إساءة استعمال الصلاحيات الممنوحة له إلا أنه لا يضمن الحادث الفجائي أو القوة القاهرة ما لم يكونا  ناتجين عن خطئه أو فعله[77] .

ويلزم في إطار القواعد العامة بأن ينجز شخصيا تعهداته تجاه الشركة والتي لا يحب أن يقوم بها غيره لدرجة أهميتها إذ ليس من حقه أن ينيب عنه غيره في القيام بهذه الالتزامات، وفي جميع الأحوال يبقى مسؤولا عن فعل أو خطأ الأشخاص الذين ينيبهم عنه أو يستعين بهم [78].

إلا أن قانون شركات المساهمة لم يغفل تنظيم تدبير شؤون الشركة بشكل عقلاني وصارم يتجاوز ليبرالية القوانين السابقة ويضمن مصلحة المساهمين والأغيار من خلال تنظيم أجهزة الإدارة وتحديد مسؤولية المسيرين المدنية والتجارية والجنائية.

الفقرة الثالثة: التزام المساهم بعدم منافسة الشركة

يلتزم المساهم بصفة عامة بعدم منافسة الشركة أي لا يسوغ له، دون رضى باقي المساهمين أن يجري عمليات لحسابه أو لحساب أحد من الغير، أو أن يتدخل في عمليات مماثلة للعمليات التي تقوم بها الشركة متى كانت هذه المنافسة تضر بمصالحها ، وإذا تجاوز المساهم هذا الحد أو خالف هذا الالتزام كان لباقي المساهمين الخيار بين مطالبته بالتعويض وبين جني ثمار تلك العمليات واستيفاء الأرباح التي حققها مع بقاء حقهم في طلب إخراج هذا المساهم .

إلا أن هذا الالتزام يرد عليه استثناء يفيد إعفاء المساهم من هذا الالتزام إذا كانت له قبل دخوله في الشركة مصلحة في مشروعات مماثلة أو كان يقوم بعلم باقي المساهمين، بعمليات من نفس نوع العمليات التي تقوم بها الشركة، ولم يشترط وجوب توقفه عنها ولا يمكن للمساهم أن ينال من المحكمة إلزام باقي المساهمين بإعطاء موافقتهم .

وتطبيقا للقاعدة العامة فإن المساهم يلتزم أيضا بعدم منافسة الشركة بعد خروجه منها، تأسيسا على الالتزام بضمان الاستحقاق، ومن جهة أخرى حفاظا على مصالح الشركة في أسرارها ومنهجيتها الخاصة في المعاملات التجارية

الفقرة الرابعة: التزام المساهم نحو الغير

يلاحظ أنه قد تقوم إلى جانب التزامات المساهمين نحو الشركة التزامات من نوع آخر لفائدة الغير .

فالمساهم يلتزم تجاه الدائن والمتعاملين مع الشركة بنسبة حصته في رأس المال ما لم يتشرط العقد التضامن في بعض العمليات.

ويسأل المساهم شخصيا ووحده إزاء الغير أو الدائنين عن جميع الالتزامات التي يبرمها باسمه الخاص أو يعقدها متجاوزا لصلاحياته أو الغرض الذي قامت من أجله الشركة،[79] إلا أن الشركة قد تسأل بدورها في حدود النفع الذي يعود عليها من هذا العمل لأنها أثرت بلا سبب.

ويسأل المساهم أيضا تجاه الغير حسني النية عن جميع أعمال الغش والاحتيال المرتكبة من طرفه، وهو ملزم بتعويض الضرر الناشئ عنها لذلك الغير كما يمكن أن تسأل في ذلك الشركة إذا كان أحد المسيرين هو من قام بتلك الأفعال، مع بقاء حق الشركة في الرجوع على المسير مرتكب الفعل الضار.

 الفصل الثاني : تداول الأسهم  .

تمهيد :

لما تحدثنا في الفصل الأول عن تعريف الأسهم، خصائصها، الحقوق الملازمة لها، كان لزاما علينا أن نتحدث  عن طرق التصرف فيها في الفصل الثاني:

تقدم القول إن السهم يمثل حصة الشريك في الشركة وهذه الحصة يمكن التصرف فيها بالبيع أو الرهن أو عن طريق التداول.

والتصرف بحصة الشريك في شركات المساهمة عن طريق تداول الأسهم هو أهم ما تمتاز به شركات المساهمة، لذلك فإني سأقتصر في الفصل الثاني على التحدث عن التداول، صوره ، وأشكاله، إضافة إلى القيود الواردة على هذا التداول.

قبل ذلك أجد نفسي ملزما بإعطاء التكييف والوصف القانوني لتداول الأسهم.

فقد كيفه البعض على أنه أي التنازل عن الأسهم يعتبر تجديدا للدين بتغيير الدائن أو تفويض من الدائن الأصلي، وهو المساهم المتنازل إلى مدينه وهي الشركة بدفع الدين إلى دائن جديد وهو المتنازل إليه. وبهذا الشكل يسقط الدين القديم وينشأ دين جديد.وذهب رأي ثان إلى أنه- أي تداول الأسهم- حوالة حق للمساهم على الشركة المصدرة للأسهم  ويتم ذلك بإجراء شكلي وهو القيد في سجل الشركة بالنسبة للأسهم الاسمية والعرض منه إعلان الكافة بهذه الحوالة[80].

أما في وصف التداول فلم يقع إجماع حوله سواء في المغرب أو في مصر فقد اختلف الفقه في وصفه فمنهم من قال أنه عمل مدني ومنهم من قال أنه عمل تجاري.

وأحتج أصحاب الطرح الأول بالقول بأن الاكتتاب في الأسهم أو التنازل عنها يعتبر عملا مدنيا، سواء تم بطريقة التداول التجاري أو عن طريق الحوالة المدنية، وبالتالي يخضع للقانون المدني، وذلك لأن المساهم عند شرائه للأسهم فإنه لا يقوم بعمل تجاري ولا ينوي مباشرة عمل تجاري وإنما يقوم بتوظيف ثروته الخاصة وفقا لاعتبارات ينفرد بتقديرها.

أما الرأي الثاني، فقد ذهب إلى القول بأن تداول الأسهم يعد عملا تجاريا فقد احتج بأن شراء المكتتب للأسهم يكسبه صفة شريك في الشركة ومن تم يتعرض لجميع مخاطر الاستغلال التجاري الذي تطلع به الشركة [81].

واحتجوا أيضا بما قضت به محكمة مصر التجارية في بعض أحكامها [82] حيث قضت بأن ” عملية شراء أسهم من شركة معينة سواء بالنقد أو التقسيط هي عمل من الأعمال التجارية لأن السهم سلعة حقيقية مملوكة للمساهم لها في البورصة وتخضع للتداول الأبدي ” والحقيقة أن التداول يمكن أن يكون عمل مدنيا كما يمكن أن يكون عملا تجاريا أو حتى عملا  مختلطا تجاريا من جانب ومدنيا من الجانب الآخر.

المبحث الأول: الأحكام العامة في التداول

إن ميزة التداول هي المعيار الجوهري للتمييز بين الأسهم التي تصدرها شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والأنصبة التي تصدرها باقي  الشركات وحوالة الحقوق “La cession des droits sociaux” المنصوص علهيا في المادة 195 من قلع.

ويعتبر تداول الأسهم بكل حرية الأداة القانونية الأساسية لتحديد طبيعة الشركة، فإن فقدت الأسهم طابع التداول فقدت الشركة صفة المساهمة[83] وقد دفع هذا الارتباط القوي بين الأسهم وشركات المساهمة محكمة النقض الفرنسية أن تقرر بتاريخ 10 غشت 1987 بأن ” التنصيص في عقد إحدى شركات الأشخاص على قابلية الأنصبة للتداول يجعلها شركة مساهمة متخلفة التأسيس”[84].

وحق المساهم في التصرف بأسهمه عن طريق التداول من الحقوق التي تتعلق بالنظام العام والتي لا يجوز حرمانه منها إذ يعتبر باطلا كل شرط يرد في عقد أو نظام الشركة يمنع المساهم من استعمال هذا الحق .

ومع ذلك فقد خرج المشرع المغربي عن هذه القاعدة استثناءا وذلك عندما نص في المادة 429 ق.ش.م. على عدم قابلية أسهم الشركة المبسطة للتفويت لمدة لا تتجاوز عشر سنوات وهي مدة طويلة وتحكمية[85].

وكما ينتقل السهم بالتداول فهو ينتقل أيضا عن طريق الحوالة المدنية التي تأخذ شكلا واحدا بخلاف التداول الذي يختلف باختلاف شكل تحرير الأسهم .

المطلب الأول: التداول والحوالة [86]

إن السهم بوصفه صكا يجوز انتقاله بطرق حوالة الحق المدنية بيد أن هذه الحوالة لا تنفد قبل الشركة أو قبل الأغيار إلا بقبول الشركة للحوالة أو إعلانها لها، لنفاد هذه الحوالة قبل الغير بقبول الشركة يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ .

يتم تداول السهم عن طريق القيد في السجلات الخاصة بالشركة إذا كان اسميا أو بطريق التسليم اليدوي إن كان لحامله وهاتان الوسيلتان أكثر سرعة وسهولة من طريق حوالة الحق المدنية لضرورات الحياة التجارية.

وهناك فارق جوهري آخر بينهما فالشركة تملك حق التمسك بكافة الدفوع التي تملكها قبل المحيل في مواجهة المحال له في حين أن التداول بشكلية يمنح المستفيد أو المساهم الجديد حقا خالصا خاصا ومباشرا قبل الشركة التي لا يسوغ لها التمسك قبله بالدفوع التي كان من حقها التمسك بها إزاء المساهم القديم.

وهذا ما جسده العمل القضائي بالمغرب عندما قضى بعدم قبول احتجاج متصرفي إدارة الشركة إذا كان هذا الاحتجاج موجها ضد انتقال الأسهم المقيدة في دفاتر الشركة بصورة منتظمة وصحيحة، وما لا يغرب عن الدهن إقدام بعض التشريعات على تنظيم التداول وإحاطته ببعض الضمانات منعا لتلاعب المروجين وحماية للادخار والاستثمار حيث أن التشريع المصري قد اوجب على جميع شركات المساهمة تقديم سنداتها الصادرة بطريق الاكتتاب خلال سنة على الأكثر من تاريخ إصدارها إلى جميع بورصات الأوراق المالية في مصر لتقييد في جداول أسعارها طبقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في لوائح تلك البورصات.

المطلب الثاني: تداول الأسهم حسب شكلها

سبق وقلنا إن تداول الحقوق التي تمثلها الأسهم يتوقف على شكل تحريرها والسهم يأخذ في العمل أحد ثلاثة أشكال فهو إما أن يصدر اسميا أو إذنيا أو لحامله . وأمام غياب الشكل الثاني في التشريع المغربي فسنقتصر في التحليل على السهم الاسمي ( فقرة أولى) والسهم لحامله ( فقرة ثانية ).

 

الفقرة الأولى: الأسهم الاسيمة

أولا تعريف الأسهم الاسمية

لم يضع المشرع تعريفا للأسهم الاسمية مما فتح الباب واسعا أمام اجتهاد الفقه في وضع تعريف للسهم وقد ظهرت على إثر ذلك عدة تعريفات .

حيث عرفه الدكتور تروث عبد الرحيم بأنه هو ما ذكر فيه اسم صاحبه المقيد في دفاتر الشركة ولا يجوز التنازل عنه أيضا إلا بالقيد في الدفاتر المذكورة[87].

وذهب رأي ثان إلى القول بأنه السهم الذي يحمل اسم صاحبه وتثبت مليكته له بقيد اسمه في سجل يتعين على الشركة إمساكه تخصص فيه صفحة لكل مساهم تحمل رقمه المسلسل .

ثانيا : كيفية تداول الأسهم الاسمية

يتم تداول الأسهم الاسمية عن طريق القيد في سجل التحويلات الذي تعده الشركة لهذا الغرض وبمعنى آخر لا يمكن للاغيار أن يحتجوا على الشركة بهذا التحويل إذا لم يقع التأشير عليه في سجل التحويلات( المادة 245 ق.ش.م).

ويجب تبعا لذلك على كل شركة أن تمسك بمقرها الاجتماعي سجلا يسمى سجل التحويلات وهو عبارة عن دفتر مكون من أوراق كل منها مقسم إلى قسمين أحدهما متصلة بالأخرى ومختومة بخاتم الشركة وموقعة من طرف رئيس المحكمة وعليها رقم متسلسل وتحتوي البيانات التي تفيد في معرفة المساهم والشركة ثم تفصل إحدى هاتين القسيمتين عن الأخرى بحيث تبقى إحداهما متصلة بالدفتر وتعطى الأخرى للمساهم وهي ما يسمى بالسهم [88]

ومتى تم هذا التداول صحيحا فإنه يرتب أثره في مواجهة كل من الشركة والغير .

ففي مواجهة الشركة، ينشأ هذا التنازل رابطة قانونية جديدة مباشرة بين الشركة والمتنازل إليه الذي يصبح متمتعا بكافة حقوق المتنازل ولا يستمد المتنازل إليه حقه من المتنازل، وإنما يعتبر صاحب حق خاص به قائم بذاته يستمد من الصك الذي أصدرته الشركة ويكون لهذا الشريك الحق في مطالبة الشركة بالأرباح التي تخص السهم من وقت أن آل إليه. كما له ممارسة كافة حقوقه في الشركة و لا تستطيع الشركة أن تدفع في مواجعة المتنازل إليه إلا بالدفوع الشخصية الخاصة به والمتعلقة بالسند نفسه لعيب في شكله أو لعدم الوفاء بكامل قيمته ولا يحتج عليه بأي دفع خاص بالحملة السابقين[89].

أما في مواجهة الغير فالقاعدة في هذا الصدد أن تداول الأسهم يرتب آثاره فيما بين المتنازل والمتنازل إليه بمجرد الاتفاق بينهما ، ولكن لا يرتب هذا التنازل آثاره في مواجهة الأغيار إلا بالقيد في سجل الشركة .

وإذا حدث أن تداول السهم لشخصين على التعاقب فإن الشخص الذي قيد التنازل قبل غيره في دفاتر الشركة هو الذي تثبت ملكيته للسهم بصرف النظر عن أسبقية وقوع التنازل[90].

كما أنه بالقيد يكون السهم بمنأى عن التنفيذ عليه من قبل دائني المتنازل لأنه قد خرج من الذمة المالية لمدينهم إلى الذمة المالية للمتنازل إليه.

وبالعكس من ذلك لا يكون للمتنازل إليه الذي لم يقيد التنازل في دفاتر الشركة أن يحتج بالتنازل عن السهم على دائي المتنازل [91].

الفقرة الثانية : تداول الأسهم لحاملها

اولا : تعريف الأسهم لحاملها

يعرف السهم لحامله بأنه صك لا يذكر فيه اسم المساهم وإنما يصدر للحامل ويحمل رقما تسلسيا.

كما تعرف بأنها الأسهم التي تصدر دون أن تحمل اسم صاحبها وتحمل كلمة “الحامل”

ثانيا: كيفية تداول الأسهم لحاملها

يتميز السهم لحامله بيسر تداوله فهو لا يتطلب سوى التسلم من يد ليد par simple tradition ” وبمعنى آخر فملكية هذا السهم تنتقل بانتقال الحيازة من المتصرف إلى المتصرف إليه هاته الملكية التي تنتقل بمجرد تراضيهما .

ويترتب على تداول السهم لحامله عدة نتائج وهي :

1-حائز السهم بحسن نية يعتبر مالكا له عملا بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.

2-لا تلتزم الشركة بالاعتراف إلا بمالك واحد فقط للسهم وهو الحائز ولو حصل عليه هذا الأخير بطريقة غير قانونية.

3-إذا دفعت الشركة أرباحا بحسن نية إلى حامل السهم كان وفاؤها مبرئا لذمتها.

المطلب الثالث : شراء الشركة للأسهم

توجد طريقتان  في العمل لشراء الشركة للأسهم فهي إما أن يشتري أسهمها وإما أن تشتري أو تمتلك أسهم شركة أخرى .

الفقرة الأولى : شراء الشركة لأسهمها

 يمنع على الشركة بنص القانون أن تكتتب أو أن تشتري الأسهم التي تصدرها أي أسهمها الخاصة لأن ذلك يجعل الشركة ذاتها مساهما بين المساهمين، وبالتالي يجعلها مدينة ودائنة في نفس الوقت علاوة على أن هذا النوع من التوظيف يسهل ويقود إلى التلاعب الخفي والعلني بالأسهم .

إلا أن هذا المنع تعرض لاستثناء يخول للشركة استثناءا حرية كاملة لتملك نسبة لا تزيد عن 10% من مجموع أسهمها أو من فئة معينة من الأسهم التي تصدرها ( المادة 279 ق 17.95 ). وسواء كان هذا التملك بصورة مباشرة أو بواسطة شخص يتصرف لحسابه الخاص فلا يجب أن يزيد عن حدود 10 % إلا إذا كان الهدف من شراء هذه الأسهم هو إلغاؤها من أجل تخفيض راسمال الشركة ، حيث في هذه الحالة تطبق أحكام المادة 280.

ويتخذ قرار شراء الأسهم وإلغائها من اجل تخفيض راسمال الشركة في الجمعية العامة العادية بالنصاب والأغلبية المنصوص عليها في المادة 110 إلا أنه يمكن لهذه الجمعية تفويض كل السلط لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية قصد إنجاز هدا التخفيض (المادة 209).

يتعين على مؤسسي الشركة في حالة تخفيض راسمالها أن يقوموا بتحرير الأسهم التي اكتسبتها أو اشترتها الشركة طبقا للمادة 280.

أما إذا تم شراء هذه الأسهم بواسطة شخص يتصرف لحساب الشركة باسمه الخاص وجب على ذلك الشخص أن يقوم بتحرير هذه الأسهم بالتضامن مع المؤسسين أو حسب الأحوال مع أعضاء مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية[92].

ويعتبر هذا الشخص حسب الفقرة الثالثة من المادة 280 من ق 17.15 كما لو اكتسب تلك الأسهم لحسابه الخاص إلا انه لا يمارس حقوق المساهمين من حضور الجلسات والتصويت والحق في الأرباح لكون الأسهم المشتراة هي لحساب الشركة وحسب الفقرة الرابعة من المادة 280 فإنه يتعين على هذا الشخص أن يقوم بتفويت الأسهم داخل أجل سنة ابتداءا من تاريخ اكتتابها أو شرائها وإلا ألغيت بعد انصرام هذا الأجل، اللهم إلا إذا أثبت هذا الشخص أنه تصرف لحسابه الخاص حيث في هذه الحالة يعتبر مساهما يتمتع بكافة الحقوق المخولة لباقي المساهمين ويتحمل كذلك كل التزاماتهم ولا يترتب عن هذا الشراء الآثار السابق ذكرها .

أما إذا فات الأجل دون أن يقع التفويت وجب إلغاؤها وتخفيض رأس المال . أما إذا وقع التفويت خارج الأجل كان تفويتا باطلا ليس بقوة القانون لأن المشرع فرض إلغاء الأسهم بعد فوات الأوان وتخفيض رأس المال بعد قرار تتخذه الجمعية العامة عبر العادية.

أما إذا وقع شراء أو حيازة أسهم أو إرتهانها باسم الشركة خارج إطار المادتان 279 و 280 فيعاقب المسؤول عن هذا الاكتتاب بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم المادتان 401 و 402.

وفيما يخص الشركات المقيدة في البورصة فقد منحت المادة 281 لهذه الشركة كامل الحرية لشراء أسهمها التي تصدرها وذلك قصد تنظيم السوق دون مراعاة أو تحديد لأية قيود معينة .

وتعتبر حرية الشراء هاته استثناءا من المنع المنصوص عليه في المادتين 279- 280 وأرى أن هذا الاستثناء يشكل حافزا لدفع شركات المساهمة إلى قيد أسهمها في جدول الأسعار بالبورصة التي تنشط الاستثمار ويقوي الشركة اقتصاديا.

ويجب لتحقيق هذا الغرض أن تأذن الجمعية العامة العادية المنصوص عليها في المادة 110 صراحة للشركة بالتعامل في البرصة  باسمها الذاتية أو الخاصة وتحدد كيفية إجراء العملية ولا سيما أسعار الشراء[93].

وحسب المادة 281 لا يحق إعطاء هذا الترخيص لمدة تفوق 18 شهرا . وعن شكل وشروط الاقتناء فتكلف الإدارة الحكومية بتحديده بعد استشارة مجلس القيم المنقولة .

وفيما يخص الجزاء المدني المترتب عن خرق مقتضيات المادة 281 فالملاحظ أن المشرع المغربي تناسى أو بالأحرى تقاعس عن تبيان هذا الجزاء الشيء الذي دفع الفقه والاجتهاد القضائي إلى تطبيق الجزاء الناشئ عن خرق مقتضيات المواد 279 و 280 قياسا .

وعلى عكس الجزاء المدني فقد جاء الجزاء الجنائي صريحا في المادة 402 التي تعاقب أعضاء أجهزة الإدارة والتدبير أو التسيير عن كل خرق لأحكام المادة 281 بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم .

أما فيما يخص تحديد الأشكال والشروط التي يمكن أن تقوم وفقها شركات المساهمة بإعادة شراء أسهمها في البورصة قصد تنظيم السوق فقد حددها المرسوم رقم 02556 –2 الصار في 22 ذي الحجة 1423 موافق 24 فبراير 2003 وهي التالية :

  • يجب على الشركة المقيد سنداتها بالبورصة والتي ترغب في إعادة شراء أسهمها أن تعد بيانا إخباريا

  • نشر البيان الإخباري بعد التأشير عليه بصفة صحيحة من لدن مجلس القيم المنقولة بمبادرة من الشركة المعنية على الأقل في إحدى صحف الإعلانات

  • يجب وضع البيان الإخباري رهن إشارة المساهمين في مقر شركة المساهمة 15 يوما على الأقل قبل تاريخ انعقاد الجمعية العامة العادية.

  • يجب على هذه الشركة أن تخبر شهريا مجلس القيم المنقولة بآجال وشكل الأسهم المعاد اقتناؤها وسعر تلك الاقتناءات .

  • يجب على الشركة إخبار مجلس القيم المنقولة بالأسهم التي ثم تفويتها أو إلغاؤها بعد تنفيذ عمليات إعادة الشراء وبطلع مجلس القيم المنقولة على ذلك.

الفقرة الثانية : تملك الشركة لأسهم شركة أخرى

إن تملك الشركة لأسهم شركة أخرى يتم بعدة طرق فقد يتم عن طريق الشراء المباشر ( أولا) أو عن طريق مشاركة الشركة في تأسيس المشروع ( ثانيا) أو حتى عن طريق تبادل الأسهم المملوكة

أولا :تملك الأسهم عن طريق الشراء المباشر

إن تملك الشركة لأسهم شركة أخرى قد يتم عن طريق شراء هذه الأسهم بالطريق المباشر من مالكيها أو عن طريق بورصة الأوراق المالية أو عن طريق  شركات الاستثمار sociétés d investissement  وشراء هذه الأسهم قد يكون لمجرد الاستثمار المالي دون النظر إلى السيطرة على المشروع [94] حيث في هذه  الحالة لا تتردد الشركة عن التخلي عن ملكية هذه الأسهم إذا أصبحت  حيازتها لا تمثل عائدا مجديا .

كما قد يكون شراء الأسهم بغرض الحصول على أغلبية الأصوات في الجمعية العامة للشركة بغرض السيطرة على إدارتها وامام صعوبة تجميع العدد الكافي من الأسهم التي تمكن من السيطرة على الشركة، وذلك لصعوبة الالتقاء بالمساهمين إضافة إلى أن الأسهم المعروضة في البورصة لا تمكن من الحصول على أغلبية أسهم شركة  أخرى وبالتالي جعلها تابعة لها .

ثانيا: المشاركة في تأسيس المشروع

عندما ترغب شركتان في تأسيس مشروع مشترك بينهما فإنهما تبادران إلى الدعوة إلى تأسيسه وتحديد أغراضه وتحديد الشركاء الرئيسين فيه واختيار الشكل القانوني للمشروع .

ويعتبر مؤسسا للشركة طبقا لأحكام القانون التجاري كل من يشترك اشتراكا أشراكا فعليا في تأسيسها بنية تحمل المسؤولية الناشئة عن ذلك وكذلك يعتبر مؤسسا كل من وقع العقد الابتدائي، أو طلب الترخيص في تأسيس هذه الشركة أو قدم حصة عينية أو نقدية عند تأسيسها [95].

ويجوز أن يكون مشاركا في التأسيس الأشخاص الاعتبارية بشرط أن تدخل أغراضه ضمن غرض المشروع وأن لا تقل عدد الشركات عن ثلاثة بالنسبة لشركات المساهمة واثنين بالنسبة للشركات التوصية بالأسهم والمسؤولية المحدودة .

وتكون مشاركة الأشخاص الاعتبارية في تأسيس مشروع ما يعرض تملك أسهمه إما بتقديم حصة عينية عند المشاركة أو بحصة نقدية عند طرح الأسهم للاكتتاب العام.

ثالثا: تبادل الأسهم المملوكة للشركات

هي وسيلة من وسائل التركز بين المشروعات وتكوين مجموعة من الشركات المرتبطة الأغراض والمصالح وتهدف هذه العمليات إلى أغراض متعددة كالحصول على أغلبية في الشركة أو تدعيم المساهمة في شركة تابعة أو الأعداد للاندماج بين الشركات [96] . وتتم هذه العملية بأن تعرض شركة جانبا من أسهم الزيادة في راسمالها على شركة أخرى أو على فريق من المساهمين في مقابل حصولها على حصتهم في أسهم شركة أخرى [97].

وكما في التشريع المصري فوسيلة تبادل الأسهم غير منظمة في التشريع المغربي وتتم وفقا لقواعد تداول الأسهم بالبورصة بالبيع والشراء، أما في انجلترا فتعد من الوسائل الهامة للتركيز بين الشركات وتعرف باسم Take over bids” وتتميز بكونها تمكن شركة من السيطرة على أسهم شركة أخرى بنسبة 100 % أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيعرف هذا النظام باسم Tende وهو شبه بالنظام المعروف في أنجلترا.

المبحث الثاني : القيود الواردة على حرية التداول

تضمن قانون الشركات وقانون الأوراق المالية نصوصا تحد من تداول الأسهم من شخص لآخر وهي ما يسمى القيود القانونية ( مطلب أول) والتي تتصف بكونها مؤقتة ومحددة بفترة زمنية  محددة تختلف باختلاف العرض الذي ورد بشأنه النص إلى جانب هذه القيود المنصوص عليها قانونا نجد قيودا أخرى تفرض على تداول الأسهم وهي تلك القيود المنصوص عليها في النظام الأساسي للشركة أو ما يسمى بالقيود الاتفاقية ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: القيود القانونية

وهي كما سبق القول تلك القيود التي تحد من حرية تداول الأسهم والمنصوص عليها في القانون 17.95 وفي قانون الأوراق المالية ويمكن إجمال هذه القيود في :

-القيد الخاص بمنع تداول الأسهم التي تمثل حصصا عينية قبل نشر الميزانية والأرباح والخسائر وسائر الوسائل الملحقة بها عن سنتين ماليتين كاملتين لا تقل كل منهما عن اثني عشر شهرا من تاريخ قيد الشركة في السجل التجاري .[98]

والحكمة من هذا القيد إبقاء صلة المؤسسين قائمة بالشركة مدة كافية لاستقرار أحوال الشركة وتثبيت أسعار أسهمها باعتبارهم أصحاب فكرة تأسيس الشركة إضافة إلى أن هذا القيد يحول دون تأسيس شركات وهمية .

القيد الخاص بعدم جواز تداول أسهم الضمان وهي الأسهم التي تكون في ملكية أعضاء مجلس الإدارة او مجلس الإدارة الجماعية إلى أن تنتهي مدة وكالة هؤلاء الأعضاء وتصديق الجمعية العامة للشركة على ميزانية اخر سنة مالية قام فيها هؤلاء الأعضاء بأعمالهم وذلك ضمانا للمتعاملين مع الشركة الذين قد يتضررون من مخالفة المسير لقواعد التسيير .

أما الأسهم النقدية فيجوز من حيث المبدأ تداولها في الفترة اللاحقة لقيد الشركة في السجل التجاري ولكن يشترط أن يتم التداول في حدود القيمة الاسمية للسهم مضافا إليه عند الضرورة مصاريف الإصدار وذلك خلال الفترة من تاريخ قيد الشركة في السجل التجاري إلى أن يتم نشر حساب الأرباح والخسائر عن سنة مالية كاملة [99].

وتبدو الحكمة من هذا القيد تجنب تداول شهادات الاكتتاب بأزيد من قيمتها الاسمية حتى تتضح حقيقة المركز المالي للشركة من خلال نشر حساب الأرباح والخسائر عن سنة مالية كاملة ليكون هذا النشر الدليل الدامغ على حقيقة مركز الشركة المالي [100].

أما فيما يخص الجزاءات القانونية المترتبة على مخالفة هذه القيود فقد قرر المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات ( المصري، المغربي الألماني) قرر بطلان التداول بطلانا مطلقا وهو بطلان متعلق بالنظام العام للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولكل ذي مصلحة التمسك به وفي حالة تعدد من يعزى إليهم سبب البطلان تكون مسؤوليتهم تضامنية يعاقب بها كل من أعضاء مجلس الإدارة ومجلس الإدارة الجماعية.

ولو حدث أن امتنع الشخص المسؤول عن إزالة المخالفة التي صدر في شأنها حكم نهائي  بالإدانة فان الغرامة تضاعف في حديها الأقصى والأدنى .

إضافة إلى هذه القيود، هناك قيود فرضها قانون الأوراق المالية ويمكن إجمالها باختصار في إخطار الشركة من طرف المساهم إضافة إلى وجوب أن يكون التداول داخل البورصة .

المطلب الثاني : القيود الاتفاقية الواردة على مبدأ تداول الأسهم

القيود الاتفاقية هي التي يتضمنها نظام الشركة والتي تهدف إلى الحد من حق التصرف بالأسهم من طرف المساهمين إلى غيرهم لاعتبارت مختلفة فقد يحرص المؤسسون على منع الأجانب أو الذين لا يحظون بثقتهم من تملك أسهم الشركة عندما يراد الاحتفاظ بالطابع الوطني للشركة أو تبيع الأسهم لأشخاص ينافسون الشركة .

على أن هذه القيود الاتفاقية على حق المساهم في التصرف في أسهمه يجب ألا يؤدي إلى حرمانه من حق التصرف بأسهمه في أي وقت وإلا كانت بأصله لأن مثل هذه القيود تمس حقوق المساهم الأساسية التي لا يجب حرمانه منها. وكل قيد قد يرد في نظام الشركة يحرم المساهم من حق التصرف بأسهمه بصورة مطلقة يعتبر باطلا وكأن لم يكن وإلا فإننا نكون أمام شركة أشخاص وليس أمام شركة مساهمة[101]

والقيود الاتفاقية التي ترد على التداول متعددة وتأخذ في العمل عدة صور كحق الأفضلية ( فقرة أولى) وموافقة مجلس الإدارة ( فقرة ثانية) وتحريم التنازل عن الأسهم الأشخاص معينة ( فقرة ثالثة)

الفقرة الأولى : حق الأفضلية

قد يتضمن نظام الشركة نصا على أفضلية المساهمين في شراء الأسهم التي يرغب مالكها في بيعها، فإذا وجد هذا النص تعين على المساهم قبل التصرف فيها إخطار الشركة بشروط البيع التي تبلغ إلى المساهمين عن طريق الشركة فإذا تم إبلاغ المساهمين بذلك كان لكل مساهم إخطار الشركة برغبته في الشراء خلال المدة التي ينص عليها نظام الشركة وبالثمن المعروض على المالك إلا إذا تبين وجود تواطؤ بين المساهم والمشتري يتحدد الثمن في هذه الحالة بحسب قيمته  في بورصة الأوراق المالية وإلا قام مجلس الإدارة بتحديد الثمن المعادل عن طريق خبير ينتدب لها الغرض، وإذا رغب أكثر من مساهم خلال المدة المحددة في شراء الأسهم تعين قسمتها بينهم بنسبة ما يملكه كل منهم من أسهم الشركة [102].

وإذا انتهت المدة المحددة دون ان يقدم أي من المساهمين بطلب شراء الأسهم كان من حق المساهم التصرف فيها ، ويكون التصرف نافدا في حق الشركة والمساهمين متى اتحدت الإجراءات الخاصة بنقل ملكية الأسهم للمشتري.

الفقرة الثانية: موافقة مجلس الإدارة

قد يتضمن نظام الشركة نصا يتطلب موافقة مجلس الإدارة على مشتري الأسهم ويهدف هذا القيد إلى منع دخول بعض الأشخاص إلى الشركة أو بقصد السيطرة على توازن توزيع أسهم الشركة فيما بين المساهمين فإذا وجد مثل النص يتعين على المساهم إخطار مجلس الإدارة باسم المشتري، لذا يتعين على المجلس إخطار المساهم بالموافقة أو عدم الموافقة خلال المدة المحددة في نظام الشركة .

والسائد في الفقه أن شرط الموافقة يعد باطلا إذا جاء مطلقا أي: إذا كان من شأنه إعطاء الشركة حق رفض أي مشتر دون مبرر مقبول لهذا الرفض لأن من شأنه أن يجعل مالك السهم أسيرا لسهمه كما تقدم، إذ يجرد مثل هذا القيد السهم من أهم خصائصه فالسهم الذي لا يمكن تداوله لا يعد سهما وإنما حصة في شركة أشخاص كما تقدم، أما الشرط الذي يحظر بيع الأسهم على طائفة من الأشخاص كالأجانب مثلا أو الذين يزاولون أعمالا تجارية تعد منافسة للشركة فمثل هذا القيد يعد صحيحا .

والغالب أن يقترن شرط موافقة مجلس الإدارة على المشتري بقيام المجلس بشراء الأسهم لحساب الشركة أو تقديم مشتر أخر بدله في حالة عدم موافقة المجلس وإلا كان للمساهم أن يتصرف في أسهمه للغير [103].

فإذا قام مجلس الإدارة بشراء الأسهم لحساب الشركة تعين أن يكون الشراء بحسب قيمة الأسهم في بورصة الأوراق المالية وإلا يتم تحديد الثمن المعادل عن طريق خبير ينتدب لهذا الغرض ويشترط ألا يمول الشراء من رأس مال الشركة وعلى أن يكون ضمن النسبة التي يجيزها القانون أو نظام الشركة .

 

 

تحريم التنازل عن الأسهم الأشخاص معنيين

قد يتضمن نظام الشركة نصا تحرم التنازل عن الأسهم لأشخاص معنيين كالأجانب مثلا عندما يراد الاحتفاظ بالطابع الوطني للشركة أو لأشخاص أو شركات تزاول أعمالا تجارية تعد منافسة للشركة إذ يكون الهدف من هذا القيد حماية الشركة المساهمين .

تلك إذا هي القيود الاتفاقية التي قد ترد على حق المساهم في التصرف بأسهمه وهذه القيود لا تكون فعالة إلا إذا كانت الأسهم اسمية كما هو الحال في أغلب القوانين العربية والغربية كقاعدة عامة أما إذا كانت الأسهم لحاملها  فإن الرقابة على تداول الأسهم لحاملها تكاد تكون في حكم المستحيل

خاتمة :

لما كانت شركات الأموال تقوم على الاعتبار المالي وحده فقد اكتسبت أهمية تفوق ما تتمتع به شركات الأشخاص حتى أصبحت تضطلع وحدها بالمشروعات الكبرى نظرا لضخامة رؤوس أموالها، ولعل هذا ما يبرز في شركات المساهمة، إذ هناك سهولة جمع الأموال بسبب حرية تداول الأسهم وتحديد مسؤولية المساهم في حدود هذه الأخيرة، كما ان الاستقلال التام لشخصية الشركة عن شخصية الشركاء يكفل لها الاستمرار والاستقرار .[104]

ولما كان تقسيم راسمال شركة المساهمة إلى أسهم متساوية القيمة يرجى منه تسهيل تقدير الأغلبية في  الجمعيات العامة للشركات، وتسهيل عملية توزيع الأرباح على المساهمين، وتنظيم سعر الأسهم في البورصة.

فإن ذلك جعل مرحلة الوفاء بالأسهم تكتسي أهمية كبرى لأنها تشكل ضمانة للشركة منذ إنشائها للحصول على الأموال اللازمة لمباشرة نشاطها، هذا إلا أن الشركة لا تحتاج عادة إلى كل رأس المال في بداية تكوينها إذ قد يتأخر جزء كبير منه عن الاستغلال.

ولعل الآثار التي تترتب عن الوفاء بالأسهم من حيث الحقوق والواجبات التي تمنحها لجميع الشركاء سواء أكانوا من المؤسسين أم من المساهمين الذين اكتتبوا بأسهمها عندما طرحت في الاكتتاب، تجعل الأسهم تضطلع بدور كبير أكثر من باقي الأوراق المالية التي تصدرها شركات المساهمة، حيث إن حاملي سندات القرض يعتبرون دائنين للشركة بينما المساهم يعتبر مالكا للحق في الشركة، كما أن حامل سند القرض لا يعتبر شريكا يهدده خطر الإفلاس بل فقط دائن يهدف إلى الحصول على فوائد لاسترجاع المبلغ المقترض في المدة المتفق عليها. أما سندات الاستثمار فقد كان يسعى المشرع من خلالها إلى إعطاء المساهمين أصحاب الأغلبية فرصا أخرى لتوسيع القدرة المالية للشركة.

ولا يمكننا بالمرة إغفال الأهمية التي يكتسيها تداول الأسهم والأحكام العامة التي تحكمه وذلك بحسب ما إذا كان السهم اسميا أو لحامله التي تتداول بمجرد التسليم، مما يشكل خطورة في حالة السرقة أو الضياع، الشيء الذي حتم على المشرع استحداث بعض القيود القانونية التي تحد من طرق التداول، وترك للأطراف الحرية في تضمين بعض القيود الاتفاقية والتي تختلف من شركة مساهمة إلى أخرى .

وفي المغرب تم تنظيم قانون شركات المساهمة في قانون 95-17 منفردا عن بقية الشركات التجارية الأخرى المنظمة بقانون رقم 96 -5 ، وقد استحدث المشرع المغربي  المجموعات ذات النفع الاقتصادي بمقتضى القانون رقم 97-13 لكي تنضاف إلى بقية الأشخاص المعنوية الأخرى المؤطرة للمقاولة العصرية ولكن بهدف وفلسفة جديدتين مؤداهما تمكين المقاولات من أداة جديدة للشراكة تعتمد التضامن من أجل مواجهة تحديات المنافسة الوطنية والدولية.

وتعتبر المجموعة ذات النفع الاقتصادي أحد أشكال التركيز والاندماج والتي تميز الهيكل القانوني للمقاولة في الاقتصاد المعاصر إلى جانب الاندماج “Fusion” ومجموعة الشركات ” Les groupes des sociétés” وشركات المساهمة المبسطة ” Les sociétés anonymes simplifiées” .

فيبقى التساؤل مطروحا عن الدور الذي ستلعبه الأسهم في هذا المجال، وبالأخص في شركات المساهمة المبسطة؟

ذ.عبد الرحيم شميعة: ” محاضرات في القانون التجاري، الشركة التجارية “سنة 2006 / طبع وتوزيع مكتبة سجلماسة. ص 97.  : 1

1 :  ذ عبد الرحيم المودن : مجلة الإشعاع هيئة المحامين بالقنيطرة العدد 18. السنة 11 – يناير 1999. مطبعة المعارف الجديدة – الرباط.ص׃ 1

2: القانون رقم 95.17 المنظم لشركات المساهمة، المصادق عليها في الدورة البرلمانية الربيعية لسنة 1996 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 17 أكتوبر 1996. / ظهير شريف رقم 124 -96 1.

1 –   مصطفى كمال طه : ” القانون التجاري : مقدمة – الأعمال التجارية والتجار –  الشركات التجارية. الملكية الصناعية والتجارية. المكتبة القانونية 1986- الدار الجامعية ص.406.

2 –ذ.عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق. ص 127.  – 2

 1 –  ذ.عبد الرحيم شميعة : مرجع سابق. ص 128.

2 –   مصطفى كمال طه، مرجع سابق. ص 408.

 1 – المادة 252 من قانون 95. 17 المنظم لشركات المساهمة.

1 – المادة 248 من قانون 95. 17. ق.ش.م.

2 – ذ.عبد الرحيم شميعة : مرجع سابق. ص 129.

3 – المادة 253 من ق.ش.م. تنص : ” … لايمكن التنصيص على مثل هذا المقتضى إلا إذا كانت الأسهم إسمية حصريا، بموجب القانون أو النظام

      الأساسي.”.

1 – الدكتور مصطفى كمال طه : مرجع سابق. ص 408.

2 – ذ.عبد الرحيم شميعة : مرجع سابق. ص 131.

3 – د.مصطفى كمال طه : مرجع سابق. ص 410.

1 – ذ.عبد الرحيم شميعة : مرجع سابق. ص 131.

2 – د.مصطفى كمال طه : مرجع سابق. ص 411.

1 – د.مصطفى كمال طه : مرجع سابق. ص 412-413.

1 – ذ.حسين الماحي : ” الشركات التجارية ” الطبعة الثانية 1992. دار أم القرى المنصورة. ص 181-182.

2 – د.مصطفى  كمال طه : مرجع سابق. ص 416.

3 – المادة 116 من التشريع اللبناني المتعلق بشركات المساهمة.

1 – المادة 263 من قانون شركات المساهمة المغربي : 95-17. الفقرة الثانية.

[22] -د.مصطفى كمال طه، مرجع سابق ، ص 423.

[23] – المادة 186 الفقرة 1 من القانون رقم 95-17 المنظم لشركات المساهمة

[24] – المادة 246 الفقرة 3 من قانون 95-17.

[25] – المادة 273 من القانون رقم 95-17.

[26] – أحمد شكري السباعي :” الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي” الجزء الأول، الطبعة الأولى 2003 مطبعة المعارف الجديدة الرباط ص 426.

[27] -د.مصطفى كمال طه مرجع سابق ص 423.

[28] -المادة 119 فقرة ثانية من قانون الشركات المصري

[29] – المادة 97 مدونة التجارة التونسي المادة 120 ق ش المصري .

[30] -المادة 247 الفقرة الأولى تنص ” بتعين لزاما عند الاكتتاب تحرير الأسهم المعروضة للاكتتاب نقدا بربع قيمتها الإسمية على الأقل” .

[31] – المادة 21 فقرة ثانية من قانون شركات المساهمة المغربي .

[32] – المادة 277 تنص في فقرتها الأولى ” يسأل على وجه التضامن كل من المساهم المقصر والمفوت إليه بالتوالي والمكتتبون عن مبلغ السهم غير المحرر ويمكن للشركة أن ترجع عليهم إما قبل البيع أو خلاله أو بعده لاستخلاص المبلغ المستحق واسترجاع المصاريف التي تحملتها …”

[33] – د.مصطفى كمال طه ، مرجع سابق ص 424- 425.

[34] – ذأحمد شكري السباعي :” الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي” الجزء 3 الطبعة I سنة 2004 مطبعة المعاريف الجديدة الرباط ص 342.

[35] -د.مصطفى كمال طه ، مرجع سابق ، ص 425.

[36] – المادة 274/ فقرة 4 من ق ش م .

[37] – المادة 274 / من فقرة 4 إلى 7 من ق ش م .

[38] – المادة 276/فقرة 1 م ق ش م

[39] -ذ.أحمد شكري السباعي ، مرجع سابق ، الجزء 3 ، ص 344.

[40] – ذ.نبيل بن عبدالله:” أسهم الشركات “مجلة القضاء والتشريع / ع 10 السنة السابعة 3 دجنبر 1995 صادرة مركز الدراسات القانونية والقضائية بالجمهورية التونسية ص 24.

[41] – أحمد شكري السباعي، مرجع سابق، ص 447 الجزء الأول.

[42] – المادة 329 من قانون 95-17 ق ش م / المادة 1038 ق ل ع م بالنسبة للشركات المدنية وباقي الشركات

[43] – المادة 329 / الفقرة الثانية من قانون 95-17 ق ش م .

[44] – المادة 330 تنص :” تتكون الأرباح القابلة للتوزيع من الأرباح الصافية للسنة المالية على أن تنقص منها خسارات السنوات المنصرمة والمبالغ المخصصة للاحتياطي تطبيقا للمادة 329 وأن تضاف إليها الأرباح المنقولة عن السنوات المالية السابقة ما عدا في حالة تخفيض رأس المال، ولا يمكن القيام بأي توزيع الأرباح على المساهمين حينما تكون الوضعية الصافية للشركة أو قد تصير نتيجة للتوزيع أقل من مبلغ رأس المال المرفوع بالاحتياطي  الذي لا يسمح القانون أو النظام الأساسي بتوزيعه …”

[45] – ذ.نبيل بن عبدالله، مرجع سابق.

[46] – المادة 11 / فقرة ثالثة تنص :” تبت الجمعية بأغلبية أصوات المساهمين الحاضرين أو الممثلين “

[47] – المادة 117 فقرة 2 تنص : ” غير أنه يمكن لمساهم أو عدة مساهمين يمثلون ما لا يقل عن نسبة 5 % من رأسمال الشركة ان يطلبوا إدراج مشروع أو عدة مشاريع توصيات في جدول الأعمال “

[48] – بحث أنجز تحت إشراف الأستاذ: عبد الرحيم اشميعة ، من إنجاز الطالبة نعيمة احراحرو ” حماية الأقلية في شركة المساهمة ” السنة الجامعية 2003-2004 ص 22.

[49] – المادة 117 من قانون 95-17 المتعلق بشركات المساهمة

[50] – المادة 118 الفقرة 1 من قانون 95-17.

[51] – المادة 111 الفقرة 3 من قانون 95 – 17 ق ش م .

[52] -د.عز الدين بنستي” الشركات في التشريع المغربي المقارن : دراسة على ضوء المستجدات التشريعية الراهنة بالمغرب ” ج1 في النظرية العامة للشركات طبعة 1999.

[53] – د.عز الدين بنستي مرجع سابق ،

[54] – المادة 129 من قانون 95-17 ق ش م

[55] – المادة 456 من قانون الالتزام والعقود المغربي

[56] -الفقرة 3 من المادة 387 :” يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهر وبغرامة من 8000.00 إلى 40.000.00 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط :

  • من منع عن قصد مساهما من المشاركة في إحدى جمعيات المساهمين

  • من انتحل شخصية مالك أسهم وشارك نتيجة عمله ذلك في تصويت إحدى جمعيات المساهمين سواء قام بذلك شخصيا أو بواسطة شخص وسيط

  • من حصل على منافع أو على ضمان أو وعد بها مقابل التصويت في اتجاه معين أو بعدم المشاركة في التصويت وكذا منح أو ضمن أو وعد بتلك المنافع .”

[57] – أحمد شكري السباعي ، مرجع سابق، ص 461 – 465 الجزء الأول

[58] – المادة 151 من القانون رقم 95-17 ق ش م .

[59] – المادة 147 من قانون 95-17 ق ش م

[60] – جاء في المادة 155 ما يلي :” تطبق أحكام المواد 140 إلى 152 على شركات المساهمة  التي تدعو الجمهور للاكتتاب “

[61] – أحمد شكري السباعي ، مرجع سابق، ص 470 الجزء الأول

[62] – أنظر المواد 141-145-146-147-150 من قانون 95-17 ق ش م

[63] – المادتان  152 و 155 من قانون رقم 95- 17 ق ش م .

[64] – أحمد شكري السباعي ، مرجع سابق، ص 474 الجزء الأول

[65] – المادة 267 فقرة 1 تنص :” في حالة الزيادة في رأس المال بواسطة حصص نقدية ، يستفيد أصحاب الأسهم ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت على غرار المساهمين العاديين في حق أفضلية الاكتتاب غير أن للجمعية العامة غير العادية أن تقرر بعد إبداء رأي الجمعية الخاصة المنصوص عليها في المادة 266 تخويل أصحاب الأسهم ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت حق استلام أسهم ذات أولوية في الأرباح دون حق التصويت يتم إصدارها بنفس النسبة وذلك بدل الأسهم العادية …”

[66] – المادة192 / الفقرة الثانية من ق ش م

[67] – المادة 189 الفقرة الأخيرة ، م ق ش م

[68] – المادة 339من ق ش م

[69] – المادة 349 من ق ش م .

[70] – الفقرة الثانية من المادة 357  من ق ش م

[71] – د.مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص 427.

[72] – استئناف مصري مختلط 8/04/1924 ب 36 – 300 ( موجود ب د : مصطفى كمال طه ، مرجع سابق ، ص 428/.

[73] – راجع المادة 982 من ق ل ع المغربي

[74] – المادة 1 الفقرة الثانية من القانون رقم 95-17 ق ش م

[75] – المادة 198 من القانون رقم 95-17.

[76] – المادة17 الفقرة2 و 21 من قانون 95- 17 ق ش م

[77] – المادة1006 من ق ل ع .

[78] – المادة 1003 من ق ل ع

[79] – أحمد شكري السباعي ، مرجع سابق، الجزء الأول ص 431.

[80] – ذ.عبد الأول عابدين بسيوني:” مبدأ حرية تداول الأسهم في شركات المساهمة ، دراسة فقهية مقارنة”.

[81] -د.عبدالأول عابدين بسيوني،م س ، ص 122.

[82] – قرار 30 أكتوبر 1945 منشور في مجلة المحامي لسنة 1966 ص 277.

[83] – أحمد شكري السباعي:” الشركات التجارية” ص 30.

[84] -روبير ريلو …. أنظر أحمد شكري السباعي ، م س ، ص 30.

[85] – أحمد شكري السباعي:” الشركات التجارية” ص 30.

[86] – بحث للطالبة، حنان حلمي ، تحت عنوان :” أسهم شركات المساهمة “، وتحت إشراف الأستاذ عبد الرحيم شميعة سنة 98 – 99

[87] – ثروت عبد الرحيم “القانون التجاري المصري” ص 396.

[88] -عبد الأول عابدين محمد بسيوني م س ، ص 138.

[89] – عبد الأول عابدين محمد بسيوني ، م س ، ص 127.

[90] – عبد الأول عابدين محمد بسيوني ، م س ، ص 140

[91] – عبد الأول عابدين محمد بسيوني ، م س ، ص 140

[92] – محمد شكري السباعي: ، م س ، ص 332.

[93] – أحمد شكري السباعي، م س ، ص 336.

[94] – محمد شوقي شاهين ” الشركات المشتركة طبيعتها وأحكامها في القانون المصري والمقارن ” ص 194.

[95] -محمد شوقي شاهين، م س ، ص 198.

[96] -عزيز العكيلي،:”  شرح  القانون التجاري : ج/4 : في الشركات التجارية” ط 1 ، الإصدار الثاني، 2002 عمان ، الأردن، ص : 198.

[97] – م د عزيز العكيلي ، م س ، ص 199.

[98] – د . عزيز العكيلي م س ص 24.

[99] – عبد الأول عابدين بسيوني، م س ، ص 244

[100] – عبد الأول عابدين بسيوني، م س ، ص 244

[101] – د.عزيز عكيلي م س ، ص 256.

[102] -الدكتور عزيز العكيلي م س ، ص 258.

[103] – د.عزيز العكيلي م س ، ص 2593.

[104] – مصطفى كمال طه :” الشركات التجارية : الأحكام العامة في الشركات – شركات الأشخاص- شركات الأموال –أنواع خاصة من الشركات ” ط 2000 دار المطبوعات الجامعية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى