بحوث قانونية

تـحريـر الأسعـار

 

مقدمة :

إذا كانت التجارة في الدول الليبرالية تعتمد بالأساس على مبدأ الحرية التجارية اقتناعا منها بفعالية الاقتصاد الحر في تحقيق النمو الاقتصادي، فإن المشرع المغربي عمل على تحقيق نفس المبتغى من خلال سن العديد من القوانين في مجال الأعمال بصفة عامة، وقانون المنافسة من القطاعات التي استفادت من الترسانة القانونية الجديدة[1].

ومن بين الموضوعات التي تضمنها قانون 99-06 نجد تحرير الأسعار الذي يكتسي أهمية بالغـة، لِمَـا يمنحه للفاعلين الإقتصاديين من حرية ومجال واسع لخلق منافسة حيوية تأثر بشكل إيجابي على النسيج الإقتصادي المغربي.

لكـن بالمقابل يبقى الهدف الرئيسي من خلال تقرير هذا المبدأ هو توفير هامش واسع للإختيار لفائدة المستهلك على أساس العلاقة المثلى بين الجودة والسعر.

إلا أن الإشكالية المطروحة هي : هل يمكن فعلا للإقتصاد سواء الوطني أو الدولي تنظيم نفسه بنفسه والتخلي نهائيا عن الدور التأطيري والتنظيمي للدولة ؟

وسنحاول الإحاطة بهذه الإشكالية انطلاقا من الإجابة على مجموعة من الأسئلة الجزئية نبدأها بالتساؤل التالي :

ما نظرة الفقــه الإسلامي لمبدأ تحرير الأسعار ؟ وما نظرة المشرع من خلال قانون 99-06 لتحرير الأسعار ؟ وما هي الإستثناءات التي تتدخل فيها الدولة لتحديد الأسـعار ؟

للإجابة عن كل هذه التساؤلات المطروحة، ارتأيـنا تقسيم موضوعنا هذا إلى مبحثـين :

المبحث الأول يتعلق بمبدأ تحرير الأسعار من منظور الشريعة الإسلامية و قانون حرية الأسعار والمنافسة.

والمبحث الثاني سوف نتـطرق فيه إلى الإستثناءات الواردة على قاعدة مبدأ تحرير الأسعار

التصميم  المعتمد :

مقدمة

المبحث الأول : مبدأ تحرير الأسعار من منظور الشريعة الإسلامية و قانون حرية الأسعار والمنافسة

     المطلب الأول : مبدأ تحرير الأسعار من منظور الشريعة الإسلامية

     المطلب الثاني : مبدأ تحرير الأسعار في قانون حرية الأسعار والمنافسة

المبحث الثاني : الإستثناءات الواردة على قاعدة مبدأ تحرير الأسعار

     المطلب الأول : الاستثناءات البنيوية

     المطلب الثاني : الاستثناءات الظرفية

خاتمة

 

المبحث الأول : مبدأ تحرير الأسعار من منظور الشريعة الإسلامية و قانون حرية                الأسعار والمنافسـة:

 

 المطلب الأول : مبدأ تحرير الأسعار من منظور الشريعة الإسلامية :

إن تنظيم الشريعة الاسلامية لمسألة التسعير باعتبارها عامل من عوامل تنظيم السوق تبين أن هذه الشريعة أحاطت بالموضوع إحاطة شاملة ودقيقة وأولته العناية اللازمة، حيث تم وضعها في إطار قواعد محكمة بني عليها النظام الاقتصادي الاسلامي، والمعروف أن حكم التسعير عند انتهاء الشريعة الاسلامية هو منعه والنهي عنه ( الفقرة الأولى) غير أنه يمكن الترخيص به عند الحاجة إليه ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الأصل في التسعير النهي :

إن التسعير كما يعرفه ابن القيم حيث قال " إنه التزام بالعدل عن الظلم وهو يشمل تسعير السلع والأعمال" ويتفق في هذا مع شيخه ابن تيمية رحمه الله[2]، وكما عرفه القاضي البيضاوي بأنه   " القيمة التي يشيع البيع عليها في الأسواق والتسعير تقدير هذه القيمة "[3] فالأصل في التسعير النهي كما قال مالك " لو أن رجلا أراد فساد السوق فحط عن سعر الناس لرأيت أن يقال له : إما لحقت بسعر الناس وإما رفعت وأما أن يقال للناس كلهم- يعني لا تبيعوا إلا بسعر كذا فليس ذلك بالصواب[4] ودليلنا من القرآن عن النهي حيث قال الله تعالى ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم﴾[5] فالتسعير سبب الغلاء لأن الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يقدموا بسلعهم بلدا يكرهون على بيعها فيه بغير ما يريدون، ومن عنده البضاعة يمتنع عن بيعها ويكتمها، ويطلبها أهل الحاجة إليها فلا يجدونها إلا قليلا فيرفعون في ثمنها ليصلوا إليها فتغلوا الأسعار ويحمل الأضرار بالجانبين جانب الملاك في منعهم من بيع أملاكهم وجانب المشتري في منعه من الوصول إلى غرضه فيكون حراما.

الفقرة الثانية : جواز التسعير استثناءاً :

إذا كان الأصل في التسعير هو النهي والمنع إلا أن من العلماء من يرى جواز التسعير عندما تقتضيه الحاجة وتدعو إليه الضرورة كما لو تدخلت في الأسواق عوامل غير طبيعية كاحتكار بعض التجار وتلاعبهم بالأسعار وظلمهم وتعديهم تعديا فاحشا يضر بالسوق فحينذاك يكون من واجب الحاكم التدخل لتحديد الأسعار لصيانة حقوق الناس[6].

وذهب بعض العلماء كسعيد بن المسيب إلى جواز التسعير مطلقا وذهب أيضا كثير من العلماء كمتأخري الحنفية وبعض الحنابلة كابن تيمية وابن القيم إلى جواز التسعير في أحوال خاصة بل وإلى وجوبها أحيانا أخرى[7].

 

المطلب الثاني : مبدأ تحرير الأسعار في قانون حرية الأسعار والمنافسة :

كانت الدولة تهيمن على مختلف الجوانب المتعلقة بسير الاقتصاد الوطني، وتعمل بواسطة مختلف أجهزتها على التحكم في كل ما يتعلق بالأسواق الوطنية، هادفة إلى حماية القدرة الشرائية للمستهلك عن طريق دعم المواد الأساسية.
لكن المستجدات والظروف الدولية دفعت المغرب نحو التخلي عن سياسة الرقابة والتوجيه الاقتصادي الذي ينهجه، والتوجه نحو الليبرالية الاقتصادية.

والأكيد أن هذا الاختيار لم يكن بمحض إرادة وقناعة المشرع المغربي، إنما " أصبح ضرورة ملحة، وصورة من صور الإكراهات التي يتعرض لها المغرب بطريقة غير مباشرة"[8] وذلك في إطار العولمة، حيث أصبح العالم قرية صغيرة تنكسر داخلها كل الحدود الجغرافية، لتتداخل المصالح وتتشابك الاقتصادات، وبالتالي تبرز الحاجة إلى إيجاد تشريعات ونصوص قانونية فعالة تواكب هذه التطورات وتفتح أبواب الاقتصاد الوطني في وجه المؤسسات والشركات الأجنبية.

كل هذا دفع المشرع المغربي إلى إصدار قانون 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة[9] والذي حدد من خلال ديباجته أهدافه المتمثلة في تحديد أحكام المنافسة الحرة وضمان النزاهة والشفافية في العلاقات التجارية بين المتعاملين الإقتصاديين أفرادا كانوا أم شركات " اقتداء بالتجربة الأوروبية التي تجعل من المنافسة أداة من أدوات التنمية وآلية من آليات تنظيم السوق، وليس غاية في حد ذاتها"[10].

إلا أن الملاحظة الأساسية هي أن قانون حرية الأسعار والمنافسة لا يعدم الصلة بينه وبين الأحكام السابقة في المجالات التي يعنى بها، وخاصة في مجال تنظيم الأسعار، حيث نهج المشرع أسلوب التدرج في تطبيق أحكامه[11]، فلم يتم إلغاء قانون سنة 1971 المتعلق بالأثمان وإمساك المنتوجات والبضائع وبيعها بشكل نهائي، إنما تم الإبقاء على لوائح المنتوجات المراقبة أسعارها، سارية المفعول لمدة 5 سنوات ابتداء من دخول قانون 99-06 حيز التطبيق. وهكذا جاء في المادة 83 " لا تطبق أحكام المادة الثانية من هذا القانون على المنتجات والخدمات التي ستحدد قائمتها بنص تنظيمي والمحددة أسعارها تطبيقـا للقانون       71-008 المتعلق بتنظيم الأسعار ومراقبتها وشروط حيازة المنتوجات والبضائع وبيعها…"[12] أي أن قانون حرية الأسعار والمنافسة إذا كان قد نسخ من حيث المبدأ أحكام قانون 1971، فإنه رغم ذلك أبقى على مجموعة مهمة من النصوص التنظيمية والقرارات التي كانت قد صدرت بتنفيذه[13]، وبالتـالي ستبقى سارية المفعول إلى أن يـتقرر نسـخها بواسـطة نصوص مماثـلة.

إضافـة إلى خاصية التـدرج في التـطبيـق المذكـورة، نجد أن القاعدة في القانون رقم 71-008 كانت هي التـنظيم وتـدخل الدولـة في الإقـتصاد، والاستثنـاء كان هو تحرير السـوق والأسعار.

أما بالنسـبة للقانون الجديـد 99-06 فإن المـعادلة تغيـرت، حيث أصبح المبدأ أو القاعـدة العامة هي حرية الأسعــار، أما الإسـتثنـاء فأصبح هو تـدخل الدولة في بـعض الـحالات وهذا يتجلى بوضـوح من خلال المادة 2 من قانون حرية الأسعار والمـنافسة التي جاء فيها " تحدد أسـعار السلع والمنـتوجات والخدمات عن طريق المنافسـة الحرة مع مراعاة المـواد 3 و4 و5 و83 بعده "

لكن تبني المشرع المغربي لمبدأ حرية الأسعار، رافقه بعض التخوف مما قد يؤدي إليه من إضعاف وحتى انهيار المقاولات الصغرى والمتـوسطة بسبب عجزها عن مواجهة تجليـاته المتمثـلة خصوصا في تخفيـض الأسعار عندما يفـوق العرض الطلب وكذلك الجودة العالية لمنتـوجاتها حتى تستطيع الصمود والمنافسة[14]

إلى جانب هذا التخوف، يلاحظ من خلال تصفـح مقتضيات قانـون 99-06 أن هذا الأخير جاء ببعض المقتـضيات الحمـائية لفائدة المستهلك[15]، لكنها ليست كافية كما يرى بـعض الفقه[16]،

وبالتالي تبقى الحـاجة إلى خروج قانون حمـاية المستهلك إلى حيز الوجود بعد طول انتـظار.
 بعد التطرق، ولو بشكل موجز لمبدأ تحرير الأسعار في إطار قانون 99-06، لابد – لكي تتضح الرؤيا بشكـل أفضـل- من الإحاطة بالإستثناءات الواردة على هـذا المبدأ، كما حددتها المواد 3 و4 و5 و83.

 

المبحث الثانـي : الإسـتثناءات الواردة عـلى مبدأ تحـرير الأسـعار :

إذا كان المبـدأ العام المعمول به هو حريـة الأسـعارفإن المشـرع سمح للدولـة بالتدخل لتحديد الأسـعار كاستثـناءٍ. ويتـأسس تدخل الدولة لتحديد الأسعـار كاستـثناء على أسبـاب ارتأينا إلى تقـسيمها إلى: أسباب بـنيويـة وأخرى ظرفـية وهذا ما سـنحاول تبـيانه من خلال التـطرق إلى كل اسـتثناء على حدة.

المطلب الأول : الإستـثناءات البنيوية :

" يمكن، فيما يتعلق بالقطاعات أو المناطق الجغـرافية التي تكون فيها المنـافسة بالأسعار محدودة إما بسبب حالات احتكار قانونـي أو فعلي وإما بفعل صعوبات دائمة في التموين؛ وإما نتيجة أحكام تشريعـية أو تنظيمـية؛ أن تحدد الإدارة الأسعار بعد استشارة مجلس المنافسة"[17]

فمن خلال قراءة المادة الثالثة من قانون حرية الأسعار والمـنافسـة يتبين أن الإدارة لها الحق في التدخل لتحديد الأسعار وذلك بعد استشارة مجلس المنـافسة، وهذا التدخـل يتجسد في حالتين:

 

 

·       أولا : وضعيات الإحتكار القانوني أو الفعلي، أو صعوبات دائمة في التموين :

فالإحتكار قد يعود إلى أسباب منها تولـي مشروع ما تقديم خدمة حصـل على امتياز تقديمها وفقا للقانون : ( الماء الصالح للشـرب، الكهرباء، السكك الحديديـة..)، كما قد يمكن للإدارة اتخاذ تدابير استثنائـية في حالة وجود صعوبات مزمنة في التموين داخل قطاع معين أو في منطقة جغـرافية معينة.

·       ثانيا : نتيجة أحكام تشريعية أو تنظيمية :

ويدخل أيضا ضمن قائمة الإستثنـاءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون حرية الأسعار والمنافسـة : المواد والخدمات التي تستدعي نصـوص قانونية أو تنظيـمية تقديمها أو بيعها لفئة محدودة من المسـتهلكين وذلك اعتـباراً لطبيـعة هذه المواد أو الخدمة، ويدخل ضمنها كل المواد والخدمات التي تدعمها الدولة، والمواد الصيدلية، وقطاعات النقل العمومي بالإضافة إلى بعض القطــاعات الأخرى[18].

غير أن هذا لا يكفي وحده لجعل الإدارة تتدخل من أجل تحديد الأسعار وإنما استوجب المشرع على هذه الأخيـرة بضرورة استشارة مجلس المنافسة[19]، كما أنه لا يجب أن تزيد مدة تطبيق

التدابير المتخذة من طرف الإدارة لتحديد الأسعار على ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة وذلك طبقاً لما نصت عليه المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة.

المطلب الثاني : الإستثناءات الظرفـيـة :

إن الإدارة لها حق التدخل في حالة الظرفية المفرطة ويتبين هذا التدخل أساسا في الحالات التالية:

·       أولا : في حالة حدوث كارثة عامة أو وضعية متأزمـة :

فطبقا لما نصت عليه المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنـافسة فإنه في حالة حدوث ظروف استثنائية ترتب عنها ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسـعار فإن هذا يخول للإدارة الحق في اتخاذ تدابير أو اجراءات مؤقتة بقصد تجاوز هذه الظرفية الإستثنائية، وقد تحدث هذه الأخيرة بفعل أسباب خارجية ومنها على سبيل المثال لا الحصر أزمة التموين الحاصلة في مادة البتـرول أو قد تكون بفعل أسباب وطـنية داخلية غير متوقعة كاشـتداد حدة الجفاف بسبب ندرة المياه أو حدوث فيضانات غير منتظــرة

كما قد يحدث الظـرف الاستثنائي بسبب حدوث اضطراب في التـموين، ومن قبيـل هذا الأزمات التي تـعرف السـوق دوريـا بسبب ندرة مادة السـكر أو الدقيـق أو الخميرة أو ما إليها[20].

 

·       ثانيـا : حدوث انخفـاض أو ارتفـاع فاحش في الأسـعار :

يتوجب على الإدارة في ظـل حدوث انخفاض أو ارتفاع فاحش في الأسعار أن تتدخل بسبب عدم توازن قواعد المنافسـة، إذ يستوجب على الإدارة اتخاذ تدابيـر استعجالية، ويبقى تدخل الإدارة قصد تصحيح الوضعية محاطاً بمجموعة من القيود حيث اشترط المشرع لكي تتدخل الإدارة قصد تصحـيح الوضعية أن يكون هناك ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار، وهنـا نجد غياب أي سند أو معيار مرجعي يمكن الاستناد إليه في هذا التـحديد.

كمـا اشترط المشرع من أجل تدخل الإدارة في تـحديد الأسعار أن تتوفر أسباب محددة قد يتبين لنا ظاهريا أنها واردة على سبيل الحصر في النص ولكنها حقيقة الأمر فهي عكس ذلك فهي تترك للإدارة مجالا واسـعاً للتدخل، بحيث أنـه إذا لم يكن من أجل مواجهة الكوارث العامة فإنه يكـون في ظـل الظروف الاستثنــائية[21].

كما اشترط المشرع أيضا في تدخـل الإدارة من أجـل تحديد الأسعار بضرورة استشارة مجلس المنافـسة من قبل الإدارة وذلك طبقـا لما نصت عليه المادة الرابعة من قانون حرية الأسعار والمنافسة.

وكما تجدر الإشارة أيضاً أن تدخل الإدارة في الظـروف الإستثنائية وبقصد اتخاذ التدابيـر اللازمة يكون تدخلا مؤقـتا بحيث لا يجب أن تتجاوز مدة تطبيق التـدابير المتخذة من قبل الإدارة سـتة أشـهر قابلة للتجديد مرة واحــدة .

·       ثالثـا : تحديد الأسـعار بناءا عـلى توافق الإدارة مع ممثلي المنظمات المهنية المعنية:

فإذا كانـت الإدارة لها الحق في التدخل في تحديد الأسعـار وذلك بناءاً على ما هو منصوص عليه في المادتين الثـالثة والرابـعة من قانون حريـة الأسعار والمنافسة السالفتين الذكر، فإن المادة الخامسة تعطي للإدارة نفس الحـق، غير أن هذه الأخيرة لا يمكن لها أن تقوم بالتدخل بدون أن يكون هـناك حل توافقـي للإدارة مع ممثلي المنظمـات المهنية المعنية في حالة تقديم هذه الأخيـرة لطلب أو مسعى للإدارة وذلك طبقا لما جاء في المادة الخامسة من قانون حرية الأسعار والمنافسة[22]، حيث يجتمع ممـثلو المنظمات المهنـية المعنية، لكن يمكن في بعض الأحيـان أن تنفرد الإدارة بالحق في التدخل إذا اتضح لها أن ممثلي مهنيي القطاع قد قاموا بتـجاوز وخرق الإتـفاق محل المصـادقة، وبالتالي فإن الإدارة يمـكن أن تنفرد بالحق في تحديد الأسـعار المعنـية.

إلا أن التسـاؤل المطروح هنا : ما هي الإجراءات التي تتبعـها الإدارة للتدخل في مجال تحديد الأسـعار ؟

فالإدارة ملزمة باسـتشارة مجلس المنـافسة وهذا الأخير يجب أن يدلي برأيه داخل أجل أقصاه شهرين، غير أن هذا الأجل يمكن أن يخفض إلـى شهر واحــد كما قد يمكن أيضا أن ينخفض في حالات استثنائية التي تستوجـب اتخاذ إجراءات استعجالية

ويتم تحديد أسـعار السلع والمنتـوجات والخدمات بقرار من الوزيـر الأول أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه وذلك بعد استـشارة مجلس المنافسة واستـطلاع رأي لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات، ويجـوز للوزير الأول أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض القيام بتكـليف موظـفِـين من قطاعات وزاريـة مختلفة من بينـهم أعوان هيئة مراقبي الأسعـار بالقيام بكل الدراسـات والأبحاث التي تمكن من حصر العناصـر التي يرتكـز عليها تحديـد الأسعـار.

وتجدر الإشارة إلى أنـه يمكـن أن تحـدد الأسـعار إما بالقـيمة المطـلقة وإما بتطبيق هامـش ربح مطبق على المنتوج أو خدمــة في مرحلـة التسـويق المقصودة أو بأي طريقة وذلك طبقـا لما جاء في المادة 56 من قانون حرية الأسـعار والمنافسـة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة :

أخيرا يمكـن القـول بأن قانون حريـة الأسـعار والمنافسـة يعتبر مثـالاً راسـخاً على ضرورة مسايرة التشريع الوطني لمخـتلف التحولات التي يعيشـها العالم، وبالتالي كان التأثـير الخارجي المـحرك الأساسي الذي دفع المشـرع المغربـي لإصدار هذا القـانون وجعل الاقـتصاد المغربي اقتـصاداً منفتـحاً

لكن الأكيد أن الأزمـة الإقتصادية التي شهدها العالــم والتي ما زالت تداعيـاتها بادية على جـل الاقتصاديـات العالمية بما فيهـا المغرب، والتي أدت إلـى نهـج سياسات التقشف وما أدت إليه هذه الأخيـرة من إضرابات اجتـماعية في مختلف أنـحاء العالم، كل هذا جعـل العديد من خبراء الاقـتصاد والمال يدعـون إلى عدم المبـالغة في تحرير الأسـواق ومطالبيـن في الوقت ذاتـه بإنشاء هيـئات دوليـة ووطنية تراقـب سير الإقـتـصاد

وهنا يظهـر لنا بشكـل واضح أهميـة تدخل الدولـة ولو بشـكل محدود من أجل تـوجيه الاقتصاد وحمايــة مصالح الأفـراد الاقتصاديـة .

 

 

لائحة المواد والخدمات المعنية بالفصل 83

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة:

الكـتـب :

 الهداية للمرغــاني مع فتح القـــدير والعـــناية، الجــزء الثامن

 عبد الســـلام العبادي، الملكية في الشــريعة، الطبـعة الأولـى

 مفيد الفــارسي، حريــة الأسـعار والمنــافسة في التشريع المغـربي، رسالة لنيـل دبـلوم

   الدراسات العليـــا المعمقة في القانـون الخاص شعبة قانون الأعمال، كلية الحقوق وجدة

   السنــة الجامعــية : 1999-2000

 فــؤاد معــلال، شرح القانـون التـجاري المغربـي الجديـد، الجزء الأول، مطبعة الأمنـية،

  الربـاط، 2009، الطبـعة الثــالثة

 عبد العزيــز الصقلي، قانون المنــافسة المغـربي، مطبعـة سجـلماسة، مـكناس 2005

المجــلات والجــرائد :

 عبد اللطيف هدايـة الله، حرية الأسـعار والمنافسـة من منظــور الشريعة الإسلامية، المجلة المغربية لقانون واقــتصاد التنمـية، العدد 49، 2004

 الحسـين بلحســاني، قانون المنـافسة وحرية الأسـعار بين المؤثـرات الخارجيـة والاكراهات الداخلية، المجلة المغـربية للاقتصـاد والقانون، وجدة 2001

 


[1] – عبد العزيز الصقلي: قانون المنافـسة المغربي، طبعة سجلماسة مكناس، 2005، ص 65

[2] – الطرق الحكمية لابن قـيم –  طبعة محي الدين عبد الحميد – ص 387

[3] – الملكية في الشريعة د. عبد السلام العبادي ج2 الصفحة 301  طبعة  I

[4] – المرجع السابق لابن قيم – ص 298

[5] – سورة النساء الآية 29

[6] – عبد اللطيف هداية الله ، مقال بعنوان " حرية الأسعار والمنافسة من منظور الشريعة الاسلامية " المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 49 سنة 2004،  ص 15

[7] – انظر : الهداية للمرغناني مع فتح القدير والعناية ، ج8 ، ص 127

[8] – مفيد الفارسي : حرية الأسعار والمنافسة في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخـاص، كلية الحقوق وجدة، السنة الجامعية 1999-2000، ص 25

[9] – أنظر الجريدة الرسمية – عدد 4810 ، بتاريخ 3 ربيع الأول 1421 ( 6 يوليو 2000) ص 1941

[10] – عرض السيد الوزير المكلف بالشؤون العامة للحكومة حول مشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة أمام مجلس النواب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص ووثائق، العدد 39 ، 2000 ، ص 15 – مأخوذ عن فؤاد معلال : شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الجزء الأول، مطبعة الأمنية ، الرباط، الطبعة الثالثة، ص 264

[11] – الحسين بلحسـاني : قانون المنافسة وحرية الأسعار بين المؤثرات الخارجية والإكراهات الداخلية، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، وجدة 2001 ص 19

[12] – المادة 83 من قانون 99-06 المتعلق بحرية الأسـعار والمنـافسـة

[13] – أي النصـوص التنظيمية والقرارات التي صدرت لتنفيـذ قانون 71-008 سنة 1971

[14] – مفيد الفارسي، مرجع سابق، ص 25

[15] – أنظر المواد من 47 إلى 50 من قـانون 99-06

[16] – الحسين بلحسـاني، مرجع سابق، ص 19

[17] – المادة 3 من قانون حرية الأسعار والمنافسة

[18]– الحسـين بلحساني، مرجع سـابق، ص 15، عن تقرير لجنة المـالية والتنمية الاقـتصادية حول مشروع قـانون رقم 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسـة، البرلمــان، مجلس النواب، الأمـانة العامة، مصلحة اللـجان، الولايـة التشريـعية 1997-2002 طبع مصـلحة الطباعة والتوزيع بمجلـس النواب، ص 4

[19] – تنص المادة 16 من قانون حرية الأسعار والمنافسة على مايلي : " يستشار مجلس المنافسة وجوبا من طرف الحكومة في كل مشروع قانون أو نص تنظيمي يتعلق بإحداث نظام جديد أو بتغيير نظام قائم يهدف إلى :

1- فرض قيود كمية على ممارسة مهنة أو الدخول إلى سوق؛

2- إقامة احتكارات أو حقوق استئـثـارية أو خاصة أخرى في التراب المغربي أو في جزء مهم منه؛

3- فرض ممارسات موحدة فيما يتعلق بأسعار أو شروط البيع؛

4- منح إعانات من الدولة أو الجماعات المحلية.

[20] – الحسـين بلحساني، مرجع سـابق، ص 16، عن تقريـر لجنة المالية والتـنمية الاقتـصادية.

[21] – الحسين بلحسـاني، مرجع سابق، ص   17

[22] – المادة 5 من قانون 99-06 : " يمكن بطلب من المنظمات المهنية الممثلة لأحد قطاعات الأنشطة المختلفة أو بمسـعى من الإدارة أن تكون أسعار المنتوجات والخدمات الممكن تنظيم أسعارها طبقا للمادتين 3 و4 محل تصديق من قبل الإدارة بعد التـشاور مع المنظمات المذكورة…"

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى