في الواجهةمقالات قانونية

تقنيات التدقيق المالي ومتطلبات الفعالية

تقنيات التدقيق المالي ومتطلبات  الفعالية

 

 

                       مقدمة :

 

ان الاهتمام المتزايد مع بداية الألفية الثالثة بأهمية المالية العامة واشكالات الرقابة عليها، راجع  الى قدسية المال العام ومدى تأثيره على تقدم الدولة من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والى التطور الذي طرأ على السياسة المالية بالمغرب والتي اصبحت تستهدف تعبئة كل أدوات العمل الحكومي لأجل تدبير فعال للمال العام، سواء من حيث ترشيده وحسن استعماله وإضفاء الشفافية عليه، او من حيث الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى، وإعطاء أهمية متزايدة للقطاعات الاجتماعية[1].

وقد اتجهت معظم الدو ل في العصر الحالي إلى تجاوز الآليات الرقابية الكلاسيكية وتبني آليات رقابية حديثة تتسم بالديناميكية، وذات توجه شمولي، وبرهنت عن فعاليتها ونجاعتها في القطاع العام والخاص، ومن أبرز هذه الآليات نجد ألية التدقيق، هذا الاختيار فرضته متطلبات تدبير الإدارات والمؤسسات على حد سواء والإكراهات التي تواجهها.

وفي السنوات الاخيرة  شهدت آلية التدقيق تطورا ملحوظا ، بحيث امتدت تطبيقاتها لتشمل مجالات متعددة، نظرا لكون التدقيق  أصبح فن أو علما للتدبير الإداري والمؤسسي والمالي وأداة لعقلنة وتقويم الوظائف واتخاذ القرار المناسب .

كما أن التدقيق يشكل مجالا لتقويم حصيلة مناهج وسياسات متعددة تتجلى في الفحص النقدي الذي يفيد رقابة جميع المعطيات المالية والمحاسباتية، وجميع العمليات المتبعة لتدبير نشاط الإدارة أو المؤسسة .

ويرى البعض أن مفهوم التدقيق يعود إلى أصول جد قديمة )مصر الفرعونية، الحضارة اللاتينية( وقد عرف تطورات هامة خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر ببريطانيا، وابتداء  من القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية حيث سيشهد تطورا في جوانبه النظرية والتطبيقية [2]، أما البعض الأخر فيرى أن التدقيق كما يصطلح عليه باللاتينية “أوديت” وتعني الإنصات والاستماع، وترجع مهنة الأوديت إلى “الميس دومينيكي” في عهد “شارلومان” الفرنسي والملك “إدوارد الأول” الذي نصب مجموعة من “الأوديتورز”   [3]

وفي المغرب شكلت الرسالة الملكية الموجهة للوزير الأول بتاريخ 19 يوليوز 1993 دعوة لاعتماد  تقنية  التدقيق في القطاعات العمومية حيث أبانت هذه التجربة على تجاوز الأساليب التقليدية في المراقبة وتطبيق المناهج الرقابية الحديثة والتي على إثرها خضعت المؤسسات العمومية والجماعات الترابية لتطبيق نظام التدقيق [4]وفيما يتعلق بالتدقيق كمفهوم فإن المختصين المغاربة لم يتفقوا على مصطلح موحد ، اذ نجد بعضهم يستعمل كلمة افتحاص او تدقيق او مراجعة او رقابة مالية، والملاحظة التي تفرض نفسها هو انه حتى على مستوى الدول العربية بالرغم من الانتماء المشترك للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة على المال العام (ARABOSAI   (ليس هناك قاموس محدد  حول استعمال تقنيات ومفاهيم الرقابة المالية او حول التدقيق، لكن يظهر ان المشرع المغربي فصل في هذه النقطة حيث ان قانون شركات المساهمة، ترجم audit  بكلمة تدقيق رغم ان عددا من الخبراء لا يزالون يستعملون مصطلح رقابة مالية او افتحاص[5].

وترتكز آلية التدقيق على تحليل المعطيات وتداول البيانات المالية وعلى الاعلام والاخبار المتبادل[6].

وتتجلى أهمية هذا الموضوع انطلاقا من الاهتمام بنظام التدقيق وإدراك أهميته  باعتبار هذا الاخير أساس نجاح كل مؤسسة أو إدارة سواء كانت عامة أو خاصة، كما يكتسي موضوع التدقيق  أهمية كبرى في العصر الحديث أكثر مما كان عليه في العصور الماضية .

ويرجع ذلك إلى تضافر مجموعة من العوامل تأتي في مقدمتها طبيعة الإشكالية التي يطرحها نظام المراقبة الداخلية  والخارجية على جميع المستويات.

وبالتالي فالموضوع له مجموعة من المتغيرات المستقلة التي تلف وتحيط بمتغير تابع مفاده تحقيق الفعالية في  التدبير استنادا الى تقنيات التدقيق المالي، هذا المتغير التابع نتج عن متغيرات مستقلة عدة تتمحور أساسا حول المبادئ  والأسس التي يقوم عليها نظام التدقيق المالي والخصائص المميزة له، الى جانب اكراهات متعددة لها دور كبير في الحيلولة دون تحقيق هذا المتغير التابع.

 

وهو ما يدفعنا إلى طرح الإشكالية التالية : الى  أي حد ساهمت تقنيات التدقيق المالي في  تحقيق الفعالية؟

 

هذه الإشكالية تتفرع عنها مجموعة من الأسئلة الفرعية :

  • ما هو الإطار النظري لنظام التدقيق المالي؟
  •  وما هي معاييره وأهدافه ؟
  •  وما هي آليات التدقيق  ودورها في تحقيق التنمية  ؟
  • وما هي الإكراهات التي تواجهها آليات التدقيق المالي؟
  • وما هي سبل وآفاق تطوير تقنيات التدقيق المالي ؟

إن معالجة الإشكالية الرئيسية والأسئلة المتفرعة عنها فرضت الاستعانة ببنية منهجية، تمثلت في المنهج الوظيفي نظرا لكون نظام التدقيق يجرى أساسا بالبحث في نظام المراقبة الداخلية وبناء على ما سبق وفي محاولة للإلمام بالموضوع تم العمل على تقسيمه وفق مبحثين أساسيين :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الاول: الاطار النظري لنظام التدقيق المالي.

المبحث الثاني:  تقنيات التدقيق المالي  ومطلب الفعالية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الاول: الاطار النظري لنظام التدقيق المالي.

يعتبر نظام التدقيق من اهم التقنيات و الوسائل الفعالة و الناجعة في ضبط اجراءات تقدير الخطر وانشطة المراقبة وتحسين عمل الادارة، ومن خلال هذا المبحث سنتناول مضامين و مبادئ التدقيق في (المطلب الاول)، لنتطرق الى اليات التدقيق في (المطلب الثاني).

المطلب الاول: مضامين و مبادئ التدقيق المالي:

يقصد بمضمون التدقيق حصر مبادئه واهدافه ( الفقرة الاولى)، ثم خصائصه ومعاييره (الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى: مبادئ و أهداف التدقيق المالي:

اولا: مبادئ التدقيق:

مبدأ الاقتصاد: يقوم على فحص استعمال الموارد و ملاءمة قدرها مع الانفاق، وتفيد هذه القاعدة التأكد من استعمال الحد الادنى من الامكانيات المادية و البشرية قصد تحقيق الاهداف المسطرة، اي اعتماد قاعدة التدبير باقل كلفة ممكنة.

مبدأ النجاعة: يقوم على تحليل قيمة الموارد المستعملة بالمقارنة مع النتائج المحصل عليها، وذلك في اطار البحث عن السبل الكفيلة بتحقيق اكبر قدر ممكن من النتائج و افضل جودة ممكنة من خلال استعمال الموارد المتاحة او حتى استعمال موارد اقل.

مبدأ الفعالية: ويتأسس هذا المبدأ، و بخلاف سابقيه، على قياس مدى و درجة تحقيق الاهداف المتوخاة عير الاستعمال الأمثل للموارد  المتاحة[7].

ثانيا: أهداف التدقيق:

أهداف التدقيق يقسمها المختصون الى مجموعتين هما:

 الاهداف التقليدية: تنقسم بدورها الى قسمين:

  • أهداف رئيسية:
  • التحقق من صحة ودقة و صدق البيانات المحاسبية المثبتة في الدفتر للاعتماد عليها.
  • ابداء رأي فني محايد يستند على أدلة قوية عن مدى مطابقة المالية للمركز المالي[8].
  • أهداف فرعية:
  • اكتشاف ما قد يوجد بالدفاتر و المجلات من أخطاء و غش.
  • تقليل فرص ارتكاب الاخطاء و الغش، بوضع ضوابط و اجراءات دون ذلك.
  • اعتماد الادارة على التدقيق في تقرير ورسم السياسات الادارية و القرارات حاضرا ومستقبلا.
  • تقديم التقارير المختلفة وملء الاستمارات للهيئات الحكومية المدققة[9]

الأهداف الحديثة:

أدت موجة التحديث و التطور المتسارع الذي شهدته بيئة الأعمال و نظام العولمة كحتمية دولية عمت جميع مناحي الحياة و على رأسها القطاع الاقتصادي ، إلى توسيع و تطوير الخدمات الموكولة للمدقق لتحقيق أهداف تتجاوز المنطق الضيق السائد من قبل والمتمثل في اكتشاف الأخطاء والغش والارتقاء الى منطق يسوده تحقيق الأهداف والنتائج.

ويمكن تسطير الأهداف الحديثة للتدقيق فيما يلي:

  • وضع تصور واضح وتشخيص دقيق لوضعية المنظمة أو الهيئة المعنية بالتدقيق.
  • تحقيق الأهداف التقييمية والعلاجية للمنظمة محل التدقيق، عبر وضع خلاصات واستنتاجات وتوصيات بناء على عملية التدقيق التي تم اجراؤها[10].
  • تغيير أهداف التدقيق، من حماية الاصول من التلاعب و الاختلاس الى مراقبة الخطط و متابعة تنفيذها و مدى تحقيق الاهداف، وتحديد الانحرافات وطرق معالجتها.
  • تقييم نتائج الاعمال وفقا للأهداف المرسومة.
  • تغير طريقة اجراء التدقيق من تدقيق كامل وتفصيلي الى تدقيق كامل واختياري.
  • تزايد اهمية تقييم نظام الرقابة الداخلية كمؤشر لتوجيه الفحص وتحديد نقاطه.
  • تزايد اهمية الافصاح عن البيانات و المعلومات الاضافية التي لها تأثير مباشر عن القوائم المالية والمركز المالي كملحقات و ملاحظات ضمن التقرير المرفق[11].
  • تطوير اجراءات التدقيق الحديثة باستخدام نظم المعالجة الالكترونية للبيانات.

الفقرة الثانية: خصائص و معايير نظام التدقيق المالي:

اولا: خصائص التدقيق:

نجد من بين  خصائص التدقيق ما يلي:

  • الاستقلالية: تعتبر من أهم الخصائص التي تميز التدقيق و الافتحاص، ويقصد بها بالأساس استقلالية الجهاز المختص بالتدقيق عن الجهاز الخاضع للافتحاص وعن السلطات التي ترأسها أو تمارس عليها تدخلا مباشرا. فمن جهة يكون الفاحصون مستقلين و لا يخضعون بمناسبة ممارستهم للمهام الرقابية لأية سلطة رئاسية، فالوضعية التنظيمية للمدقق لا يمكن بأية حال من الاحوال أن تكون خاضعة للهياكل التسلسلية.
  • التخصص: تتميز الوظيفة الرقابية في مجال التدقيق بوجود نوع من الاحتراف المهني و التقني، فالعمليات المتعلقة بالتدقيق تكون في أغلب الحالات ذات طبيعة تقنية ومحاسبية وتتطلب استعمال آليات عملية وتقنية ومعلوماتية، وتنصب في العادة العمليات الرقابية على المعطيات و البيانات المتعلقة بالنشاط المالي.
  • اتساع مجال التدقيق: يتميز التدقيق بشمولية مجالاته لمختلف جوانب التسيير والتدبير المالي، بل إن العملية الرقابية لا تقتصر في واقع الأمر على النشاط المالي وإنما مجالات أخرى، فالتدقيق يهم في الواقع جميع الجوانب التدبيرية من تنفيذ العمليات المالية و التسيير الاداري وتدبير الموارد البشرية .
  • تنظيم العمل: رغم اختلاف الآليات المعتمدة في مجال التدقيق و مجالاته، فإن أهم ما يميز هذه الآلية الرقابية هو الصيرورة التنظيمية و الانتظام الموضوعي و المنطقي الذي يميز سير العمل وتنفيذ عمليات الفحص و المراقبة، وبالتالي يعتبر تحديد موضوع التدقيق أولى العمليات التي يتم ضبطها قبل الانتقال إلى وضع خطة العمل الأساسية لسير العملية الرقابية وحدود مجالات التدخل الرقابي[12].

ثانيا: معايير نظام التدقيق:

يقصد بالمعايير درجة الجودة والفعالية المقبولة و المطلوبة من المدقق عند تنفيذه الاجراءات التي يطبقها و الأهداف التي يخطط للوصول اليها[13].

  • المعايير العامة:

تنقسم الى ثلاث اقسام:

  • معيار الاستقلالية: ويعني القيام بالعمل بكل امانة واستقامة وموضوعية دون تحيز لجهة معينة، و الاستقلال يعني الاستقلال الفعلي و المادي و الذهني، ويعتبر من العناصر المهمة لعملية التدقيق حيث يوفر للمدقق الثقة و الاعتماد بدرجة عالية من الجمهور.
  • معيار الكفاءة: لابد للمدقق ان يتوفر على قدر كبير من المؤهلات العلمية و الخبرة العلمية في مجال التدقيق، من تقديم الخدمات المطلوبة بكفاءة عالية وفي هذا الاطار يجب توفر مجموعة من الشروط في شخص المترشح لهذه المهنة نجد منها على سبيل المثال لا الحصر:
  • التمتع بالجنسية المطلوبة.
  • شهادة جامعية تتعلق بالتدقيق.
  • شهادة مهنية .
  • الحصول على فترة التدريب الكافية لمزاولة المهنة.
  • اجتياز الامتحانات الموضوعة لمزاولة المهنة[14].
  • معيار الدقة في إعداد التقرير: يتعلق هذا المعيار بتوخي المدقق الدقة و الحذر عند اعداد تقريره، وذلك من خلال بدل العناية المهنية المعقولة في كل مراحل التدقيق، سواء خلال مرحلة التخطيط للتدقيق او مرحلة الاختبارات من خلال الحصول على الادلة الملائمة وتقييمها، لنصل في الاخير مرحلة اعداد التقرير وذلك بتقييم الادلة و تحديد النتيجة النهائية.

 

  • معايير العمل الميداني:

تعتبر معايير العمل الميداني بمثابة الارشادات اللازمة للقيام بإجراءات عملية الفحص مثل جمع الادلة و القرائن وغيرها، وتتمثل معايير العمل الميداني في ثلاثة:

  • التخطيط و الاشراف: يعتبر التخطيط العمود الفقري لأية عملية، كونه يحدد الاهداف المتوخاة منها، ويأخذ في الحسبان الامكانيات المتاحة و الوقت المستغرق لتحقيق ذلك، اذ يقوم المدقق في هذه الحالة بتوزيع الوقت المتاح لعملية التدقيق على الاختيارات المطلوبة، اما الاشراف فانه يتضمن توجيه المساعدين القائمين على تنفيذ و تحقيق أهداف التدقيق، وتحديد ما اذا كانت هذه الاهداف تحققت في النهاية ام لا[15].
  • تقييم نظام المراقبة الداخلية: يمر تقييم المراقبة الداخلية بثلاث خطوات، ترتبط الاولى بالإلمام بموضوع المراقبة، اما الخطوة الثانية تتجلى في مدى الدقة،  في حين تكمن الخطوة الثالثة في تحديد الكيفية التي  يعمل بها النظام، حيت انه من الممكن ان يكون النظام سليما من الناحية النظرية لكنه غير مطبق بسبب عدم الالمام من قبل العاملين به.
  • كفاية الأدلة: ينص هذا المعيار على ضرورة حصول المدقق على أدلة و قرائن اثبات كافية من خلال قيامه بالفحص و الملاحظة و المقابلة حيث ان الدليل او القرينة يعتبر أساسيا في عملية التدقيق ويدعم معايير العمل الميداني.
  • معايير اعداد التقارير:

يجب على المقرر عند صياغة التقرير ان يراعي بعض القواعد التي تتعلق بالشكل و الجوهر.

  • قواعد الشكل: يستحسن ان يقسم الى اربعة اجزاء، يكون الجزء الاول عبارة عن مذكرة تقديمية تتضمن على الخصوص التذكير بالمهمة المنجزة، الاشارة الى ظروف تنفيذ المهمة المستعملة، ملخص لمحاور التقرير مع الاحالة على اجزاء التقرير التي تتضمن التفاصيل ثم تاريخ التقرير وتوقيعه، أما الجزء الثاني من التقرير فيخصص للفهرس، في حين يخصص الجزء الثالث للتقرير المفصل، و الجزء الرابع للملحقات.
  • قواعد الجوهر: تتمثل قواعد الجوهر في كتابة التقرير بلغة سليمة وواضحة و توقيعه بعد انتهاء جميع أنشطة التدقيق[16].

المطلب الثاني: آليات نظام  التدقيق المالي:

أصبح التدقيق بمفهومه الحديث يطال مختلف الانشطة و لا يقتصر على مجال دون غيره من المجالات، بل يشمل الجوانب المالية و الادارية و التدبيرية، فالتدقيق له انواع متعددة وسنقتصر على الانواع الثلاثة الأساسية، حيث سنتناول التدقيق الداخلي (الفقرة الاولى)، و التدقيق الخارجي (الفقرة الثانية)، ثم التدقيق المحاسبي(الفقرة الثالثة).

الفقرة الاولى: التدقيق الداخلي:

يقدم التدقيق الداخلي خدمات وقائية و انشائية، تتجلى الاولى في كونه يحمي أموال وأصول الادارة و الخطط الادارية من الانحراف، في حين تتمثل الخدمات الانشائية في ضمانه  لجملة البيانات التي تستخدمها الادارة في توجيه السياسة العامة للإدارة عن طريق التوصيات التي يقدمها و التحسينات التي يدخلها على الطرق الرقابية المستعملة لتواكب التطورات الحديثة، و يجب على المدقق الداخلي اثناء الممارسة الميدانية ان يحلل ويعالج المخاطر المرتبطة بالتسيير و هي على النحو التالي:

  • التحقق من وجود الأصول ووسائل حمايتها.
  • التحقق من طرق التسيير، وكذا من استعمال الموارد بأسلوب فعال.
  • التحقق من تطابق النتائج المحققة و الأهداف المسطرة لتحديد الاختلالات بينهما.
  • تدقيق صدق المعلومات المالية و العمليات و الوسائل المستعملة لقياس المعلومات و تصنيفها[17].

كما يعتمد التدقيق الداخلي على تقييم درجة المخاطر والعوامل المؤثرة سلبا على مسار المنظمة او المؤسسة محل التدقيق ،الى جانب اعتماده على تقنية التواصل والاعلام التي تمكن من الدراسة والتحليل المعلوماتي والاعلامي لمختلف العناصر المكونات المعنية بهذه العملية الرقابية .

الفقرة الثانية: التدقيق الخارجي:

ان التدقيق الخارجي لا يعاكس مثيله الداخلي الا من الناحية الشكلية في الهيأة المختصة بممارسة الفعل الرقابي، أما القواعد و الأسس و الوظائف الرقابية فتتماثل نسبيا و بشكل كبير بين هاتين الصيغتين من التدقيق.

واذا كان التدقيق الداخلي محدد بصفة وممارس من قبل المنظمة ذاتها وفق معايير و قواعد وشروط محددة، فان الاختلاف الأساسي بين هاتين الآليتين يتمثل في ممارسة الاختصاص في هذا الصدد، وبالتالي نجد بأن التدقيق الخارجي يقترب اكثر من الناحية العضوية من الآليات الرقابية الأخرى وخاصة الكلاسيكية.

فالتدقيق الخارجي، ومن هذا المنطق تمارسه هيئات خارجة عن هياكل المنظمة، وتختلف الهيئات الممارسة له بحسب ما اذا تعلق الأمر بالتدقيق القانوني أو التدقيق التعاقدي أو الإتفاقي[18].

  • التدقيق القانوني: يتعلق بوجود مقتضيات قانونية تنص على خضوع منظمة او جماعة ترابية للتدقيق من قبل سلطة محددة قانونا .
  • التدقيق التعاقدي أو الاتفاقي: يتعلق الامر بوجود علاقة تعاقدية تتفق بموجبها المنظمة مع هيأة مختصة في التدقيق ، قصد تنفيذ هذا العمل الرقابي وفق شروط ومعايير ومقتضيات تعاقدية محددة وتطبيقا لمبادئ وقواعد التدقيق، (كأن تتعاقد وزارة الداخلية بصفتها السلطة الوصية على الجماعات الترابية والتي تتعاقد مع هيئة للتدقيق مختصة قصد إجراء افتحاص على عدد محدد من الجماعات الترابية وتحليل وضعيتها ودراسة المعطيات المتعلقة بها وتقدم التقرير النهائي الى وزارة الداخلية وليس الى الجماعة الترابية موضوع التدقيق).

 

الفقرة الثالثة: التدقيق المحاسبي:

يعتبر من أهم انواع التدقيق ،هو تعبير عن رأي حول مشروعية وصدق الحسابات السنوية، و الصورة الأمنية التي تعكسها هذه الحسابات السنوية في مقابل نتائج عمليات السنوات الماضية، وكذا الوضعية المالية و الذمة المالية للإدارة مع نهاية السنة المالية،  ويتعلق الامر بالأساس بالتأكد اولا من مطابقة التصرفات المالية للمدبرين مع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمالية المؤسسة موضوع التدقيق، فهو يهتم اذن ب “مدى كون الوثائق المالية للمؤسسة تعكس بصدق ووفاء وضعيتها المالية، وذلك في اطار احترام المبادئ المحاسباتية و المالية المتعارف عليها”.

والمدقق المالي يقوم في تقريره بقبول او برفض الكشوفات الحسابية المعروضة على مراقبته، ويعطي رايه الصريح حول مصداقيتها وشفافيتها، ويعد من اقدم نماذج التدقيق، على اعتبار ان مجال تدخله انحصر منذ بدايته في الفحص المالي و المحاسبي[19].

و عليه فالتدقيق المحاسباتي يهتم بدراسة الوضعية المالية و التأكد من جودة وفعالية تسيير مالية الادارة، لذلك فهو وسيلة للتصديق الاثباتي للحسابات بواسطة تحليل جودة التسيير المحاسبي و الوثائق المرسلة و المعلومات المالية و فحص سلامة مساطر المصاريف و الانفاق[20].

 

 

المبحث الثاني: تقنيات التدقيق المالي  ومطلب الفعالية:

من خلال هذا المبحث سنقوم بتسليط الضوء على وضعية التدقيق المالي بمختلف المرافق العمومية    )المطلب الأول(، تم سيتم الانتقال للحديث عن آفاق التطوير  لهذه الآلية  )المطلب الثاني (.وذلك من أجل الوقوف على مدى تحقيق الفعالية في التدبير المالي.

المطلب الاول: وضعية التدقيق المالي بالمرافق العمومية:

الفقرة الاولى: نطاق تطبيق آلية التدقيق :

  • بالنسبة للتدقيق الذي يقوم به المجلس الاعلى للحسابات فهو يطبق بصريح المادة 76 من مدونة المحاكم المالية على:
  • مرافق الدولة،
  • المؤسسات العمومية،
  • المقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام أو المعهود اليها بتسييره،
  • المقاولات والشركات التي تملك فيها الدولة أو مؤسسات عمومية، على انفراد أو بصفة مشتركة، بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار،
  • الشركات والمقاولات التي تملك فيها الدولة أو مؤسسات عمومية بصفة مشتركة مع الجماعات المحلية أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار،
  • أجهزة الضمان الاجتماعي كيفما كان شكلها، التي تتلقى من أحد الأجهزة الخاضعة للمجلس مساعدات مالية في شكل مساهمات من أرباب العمل أو في شكل إعانات.

 

  • بالنسبة للتدقيق الذي تقوم به المجالس الجهوية للحسابات فهو يطبق بصريح المادة 148من مدونة المحاكم المالية على:
  • الجماعات المحلية وهيئاتها،
  • المقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام محلي أو المعهود إليها بتسييره،
  • المقاولات والشركات التي تملخ فيها جماعات محلية أو هيئاتها ومؤسسات عمومية جهوية وجماعية، على انفراد أو بصفة مشتركة، بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار.

الفقرة الثانية: وضعية التدقيق بمختلف الهيئات العمومية:

تطلب ترسيخ التقنيات والمناهج العصرية للتدقيق في الدول المتقدمة حقب تاريخية وتطورات اقتصادية واجتماعية، أدت إلى نتائج مهمة دفعت بالأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية بالإلحاح في تطبيقه بالقطاعات العمومية [21] ، لكن الإشكالية التي تطرح على مستوى الدول النامية تتمثل في صعوبة تكييف وتطبيق هذه التقنيات في محيط سوسيو- اقتصادي مخالف للمحيط الذي نشأت فيه ونفس الإشكالية تطرح بالنسبة للمغرب [22] ، الى جانب جسامة المهام المنوطة بالأجهزة المكلفة بالمراقبة المالية خاصة تلك التي يقوم بها مراقب الدولة [23] ، بصفته جهاز مهم في لجنة التدقيق غير أن اختصاصات المراقب وإن كانت واسعة فهي عمليا تبقى محدودة [24] .

إن ما جاء به القانون رقم 69.00من أنواع المراقبة [25] ، هي مجرد إجراءات تدخل في باب النصوص التنظيمية أو التطبيقية وليست بالمقتضيات المبدئية أو العامة التي يجب على أساسها تمييز أنواع الرقابة، كما أنها نابعة من إكراهات إدارية وليست من نوعية المؤسسات فمكاتب التدقيق ومصالح المراقبة في المؤسسات الخاصة التي يريد المشرع أن يستلهم فلسفتها لا تفرز هذه الأنواع من الرقابة، ويرجع ضعف تطور المؤسسات العمومية إلى القانون 69.00 الذي أغفل التنصيص على  مسؤولية الهيئات التداولية في تحسين حكامة الأجهزة المعنية وكذا إلى عدم وضع حدود واضحة ومتميزة بين مختلف أنواع المراقبة بهدف تثمين مساعي تحسين أدائها .[26] ومن ضمن الإكراهات تكليف المدقق الداخلي بإنجاز بعض المهام التي تجعله ينحرف عن مهامه الأساسية كإنجاز مهام التفتيش، أو المشاركة في وضع منظومة الإعلام أو تقييم نشاط الأشخاص ومراقبتهم، كل هاته مهام تشكل انحرافات عن مهام التدقيق الداخلي، ومساسا باستقلاليته، وكذا بالفعالية المتوخاة منه، ومن جهة أخرى يبقى المدقق مقيدا بقواعد التدقيق ، والواقع أن استقلالية المدقق لا ينبغي أن تتجسد فقط في إحداث مصلحة مستقلة لهذه الوظيفة، بل الاستقلالية تتجلى على أرض الواقع من خلال تحلي المدقق بالموضوعية[27]، وثقافة المؤسسة، كل هذه المعيقات تحول دون تحقيق مستوى لائق من الفعالية على مستوى مالية المؤسسات العمومية باعتبارها هيئات متمتعة بالشخصية المعنوية التي تخولها ذمة مالية مستقلة .

ونظرا لأهمية تنفيذ السياسات العمومية قام المجلس الاعلى للحسابات سنة 2012 بتقييم لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية شهد 44 مقاولة ، وأقر المجلس بأن هذه المؤسسات تعاني من مديونية مرتفعة بلغت 245.8 مليار درهم سنة 2015، وخلص الى توصية بتسوية الوضعية المالية للمؤسسات والمقاولات العمومية[28].

ووعيا من المشرع المغربي بأهمية التدقيق، فقد عمل في ظل القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على تأكيد وتوسيع  مجال التدقيق المالي والذي تتولى مهمة القيام به الهيئات المؤهلة قانونا لذلك ، وحث على ارسال تقارير هذا التدقيق الى كل من والي الجهة بالنسبة للجهات والعامل بالنسبة للعمالات والاقاليم والجماعات ، وكذا اعضاء المجلس المعني ورئيسه ، على ان يعرض رئيس المجلس للجماعي تقارير التدقيق على المجلس بمناسبة انعقاد الدورة الموالية لتاريخ التوصل بتقرير التدقيق.

لكن  رغم اهمية هذا المقتضى ، إلا ان ما يؤخذ عليه هو ان المشرع لم يجعل عملية التدقيق تتم بشكل تلقائي من طرف رئيس المجلس الجماعي للجماعة الترابية، بل تتم عبر مقرر يصدره ممثل السلطة المركزية على المستوى الترابي ، والذي يملك وحده صلاحية اخضاع الجماعة الترابية لعملية التدقيق، كما له الصلاحية  كذلك في احالة التقرير  الى المحكمة المختصة في حالة وجود اختلالات في التقرير، وهو ما من شأنه ان يفرع عملية التدقيق من محتواها، ويجعلها مجرد اجراء شكلي لا غير[29].

وفي نفس السياق نلاحظ ان المشرع المغربي لم يعمم إعمال التدقيق على كل الصفقات العمومية بل جعله إجباريا بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 5.000.000 درهم ، كما اكد من جهة اخرى على ضرورة جعل هذه الصفقات موضوع تدقيق في مجال الصفقات المحلية ، ولم يجعل هذه الآلية تمارس بتلقائية على جميع صفقات الجماعات الترابية مهما كان مبلغها ، خاصة وان مبلغ5.000.000 درهم يعد رقما ذي اهمية مقارنة بالميزانية الترابية التي تتسم بالضعف[30].

ومن جانب اخر اذا كانت هذه الآلية الرقابية حديثة العهد في مجال تدبير الشأن المجالي والترابي، وبالرغم من  الاهمية العلمية التي يكتسيها هذا الامر، فإننا نلاحظ ان التطبيق العملي  لهذه الرقابة يبقى جد محدود ، ويظل اللجوء الى التدقيق بمختلف اصنافه خجولا ولا يتعدى حالات معدودة ان لم نقل نادرة، بل ان الحالات التي تم فيها اللجوء الى هذه الالية الرقابية كان بمبادرة من سلطات الوصاية وليس من الجماعات الترابية أو المسيرين الجهويين والمحليين.

 

المطلب الثاني: آفاق  تطوير منظومة التدقيق المالي:

كما سبق الذكر فان التدقيق يواجه مجموعة من الاكراهات لذلك وجب البحث عن سبل تطويره على مختلف المستويات سواء تعلق الامر بالمؤسسات العمومية  أو الجماعات الترابية وكذا مرافق الدولة.

الفقرة الاولى: على مستوى المؤسسات العمومية:

يجب القيام بمجموعة من التدابير لتحقيق فعالية نظام التدقيق بالمؤسسات العمومية وتعزيز الرقابة المالية عليها ومن بينها :

  • تكريس مسؤولية وتقييم الأجهزة التداولية من خلال إرساء آليات التقييم ووضع قواعد التسيير الجيد للأجهزة التداولية والحكامة الداخلية للمؤسسات والمقاولات العمومية. وهذا ما سبق أن أوصى به المجلس الأعلى للحسابات في تقريره حول قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب[31]
  • وجوب إضفاء طابع المهنية والفعالية على الاجهزة التداولية من خلال اشتراط الكفاءة والخبرة كمعيارين أساسين لتعيين أعضاء هذه الأجهزة .
  • الارتقاء بالمراقبة الداخلية وتطويرها.
  • يجب تجاوز الهفوات ما بين الإطار القانوني وواقع الممارسة.
  • كما ان الإصلاحات القانونية بالرغم من ضرورتها و أهميتها ليست غاية في حد ذاتها و ليست كافية في بلوغ الأهداف المتوخاة و النتائج المرجوة منها ، فإلى جانب حسن تطبيق النصوص القانونية لابد من العمل على تحسين الممارسات وتطوير العقليات و توطيد العزائم للاطلاع بالمسؤولية على أحسن وجه.
  • ضمان فعالية تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالرقابة على المؤسسات العمومية من خلال وضع آليات خاصة لتتبع التفعيل و تعزيز القدرات و الكفاءات و نشر دلائل توضيحية للقوانين والمساطر المعتمدة.
  • دعم وتوثيق دور الدولة كموجه استراتيجي من خلال تنزيل التوجيهات الاستراتيجية على مستوى المقاولات والمؤسسات العمومية على شكل برامج ذات أهداف واضحة وقابلة للقياس.

الفقرة الثانية: على مستوى الجماعات الترابية:

ان اللجوء الى آلية التدقيق على مستوى التسيير والتدبير المالي الترابي على سبيل الخصوص،  اصبح يشكل ضرورة استراتيجية في سياق تطوير تدبير الشؤون المالية بالجماعات الترابية  وتطبيق قواعد الحكامة ، واضحى يعبر عن ثقافة رقابية تؤسس لقاعدة المساءلة والتقويم والتقييم وتعكس الرغبة في تجاوز المشاكل والصعوبات الاكراهات التي تنعكس سلبا على التسيير المالي للجماعات الترابية   [32] وبالتالي تبدو افاق التدقيق المالي الوظيفية والعملية  متعددة وتطال جوانب مختلفة يمكن اجمالها فيما يلي:

  • عقلنة استعمال الموارد المالية والبشرية وملاءمة استخدامها وتكلفتها مع الاهداف والنتائج.
  • التقليص من الآجال وتبسيط المساطر والتقليص من هوامش الخطأ.
  • ترشيد استعمال الموارد والامكانات وحسن استغلالها.
  • اعتماد دراسة تحليلية للمخاطر المالية والمحاسبية والمخاطر الاقتصادية لتحقيق الفعالية.
  • كشف ثغرات التخطيط واحترام القواعد المالية.
  • ادراج الية التدقيق كرقابة ادارية لاحقة على المالية الترابية، من اجل توجيه النشاط المالي وتقييم فعالية المشاريع التنموية ودراسة جدواها وملاءمتها للحاجيات وتحليل كلفتها ومدى تحقيقها للأهداف التنموية التي وجدت من اجلها.
  • عصرنة التدبير الاداري والمالي للجماعات الترابية عبر تحديث الرقابة لتحقيق تدبير جيد وفعال للمالية الترابية كهدف استراتيجي عام.

 

ولتحقيق الفعالية والنجاعة في التدبير المالي والمحاسبي للجماعات الترابية  يجب ان تعهد بوظيفتها الإشرافية الى هيئة مراقبة مالية داخلية تتألف من مجموعة من الموظفين الذين يجب ان يكونوا مستقلين عن وظائف  إدارة العمليات في المشروع ويمنحون اختصاصا قانونيا دائما وغير محدود في القيام بعمليات التدقيق الداخلي.[33]

الفقرة الثالثة: على مستوى الادارات العمومية للدولة :

للعمل على تطوير منظومة التدقيق بالإدارات العمومية ، يجب الى جانب الرقابة التي يمارسها المجلس الاعلى للحسابات، ان تقوم الادارات العمومية بتفعيل الانشطة والمهام الرقابية ذات الصبغة الاستراتيجية وعلى سبيل المثال اعتماد البرمجة المتعددة السنوات، والتي من خلالها ستصبح هذه الاخيرة تتوفر على رؤية استراتيجية تعمل على استشراف المستقبل، وحسب ما جاء في تقرير المجلس الاعلى للحسابات ل 4 ماي 2016 فإن عجز الميزانية شهد تقليص من 7,2 سنة 2012 الى 5,1 سنة 2013 وكذلك شهد تراجع سنة 2014 الى نسبة 4,9 ليشهد سنة 2015 تراجع نسبي واصبحت نسبة العجز في حدود 4,3 وهو انجاز مهم تم تحقيقه بتظافر جهود مختلف الفاعلين في تدبير الشأن المالي.

كما دعا المجلس الى دعم النهوض باستراتيجيات المغرب القطاعية المتمثلة في مخطط المغرب الاخضر ، مخطط التسريع الصناعي، مخطط رؤية للسياحة 2020.

بالإضافة الى ان المجلس اكد على غياب استراتيجية لتدبير منازعات الدولة على مستوياتها الاساسية في اطار المهمة الرقابية ، كما ان العديد من القطاعات الوزارية غير قادرة على وضع اسس الحوار الاستراتيجي مع  المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

وفي الأخير فنظام التدقيق آلية لا غنى عنها في عصر المساءلة والمراقبة ، نظرا لكونه يعتمد على مقاربة نقدية شمولية تتجاوز الطابع الكلاسيكي للمراقبة .

فإذا كانت هذه الأخيرة ذات طابع زجري فإن نظام التدقيق ذو طابع تقييمي محض يتجاوز المطابقة بين النص القانوني والتسيير الفعلي، لذلك لابد من العمل للنهوض بنظام التدقيق كتقنية للرقابة الداخلية على أعمال الادارة او المؤسسة العمومية  سعيا وراء إرساء رؤية واضحة حول الادارات العمومية خاصة في مجال الرقابة المالية الحديثة. وعليه لابد من تدعيم وتطوير نظام التدقيق داخل هذه الادارات حتى يكون جزء من النظام الديمقراطي المرتكز على مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ هذه المبادئ رهين بتبني استراتيجية إشعاعية تعتمد على نشر ثقافة المساءلة والدفاع عن المال العام باعتباره ملك للجميع .

فإن لم يتم العمل على ترسيخ هذه الجوانب تحديدا فإن الدور الذي تقوم به أجهزة التدقيق المالي سيبقى محدودا دون تحقيق أية فعالية وأية مردودية ، مقارنة مع الوضع الحالي الذي تسوده مجموعة من الاختلالات تحول دون تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة.

وكذا على مستوى المؤسسات العمومية يجب تفعيل مشروع  قانون المتعلق بالحكامة و المراقبة المالية للدولة على المؤسسات و المقاولات العمومية و هيأت أخرى و إخراجه إلى حيز الوجود ليواكب المستجدات و التغيرات التي عرفتها المؤسسات العمومية ولتعميم المراقبة و تكريس مسؤولية الأجهزة المسيرة من خلال تطوير العلاقات التعاقدية بين الدولة و المؤسسات العمومية .

ويبقى التأكيد على مستقبل مراقبة المالية العمومية ككل والميزانية العامة بالخصوص، يكمن في انتهاج اسلوب تدقيق فعال، غير ان مصداقية وفعالية هذا الاخير لا يمكن ان تتأتى الا اذا كان عملا ديمقراطيا وعلميا ومستقلا، يشمل كل القطاعات العمومية، كما ان الاقتراحات والتوصيات والتقارير التي تخلص لها عملية التدقيق يجب ان تكون موضوع متابعة وتنفيذ.

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

الكتب:

بالعربية:

  • نجيب جيري، الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية، دار نشر المعرفة، الطبعة الاولى 2012.
  • غسان فلاح المطارنة، تدقيق المعاصر، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة، عمان، الاردن، الطبعة الاولى، سنة 2006.
  • امين السعيد، الصفقات العمومية بالمغرب “مساطر الابرام والتنفيذ والرقابة” ، الطبعة الثانية سنة 2015.
  • ادريس خدري، الاسلام وافتحاص المال العام، دار النشر المغربية الدار البيضاء، 2002.

بالفرنسية:

  • HARAKAT .M « L’Audit du secteur public au Maroc, Edition Babel,1994,p,18.

الرسائل و الاطروحات:

  • سعيد جفري ، الرقابة على المالية المحلية بالمغرب، محاولة نقدية في الأسس القانونية السياسية الإدارية والمالية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1998 – 1997.
  • هدى بنيفو، تقنية التدقيق بالتدبير العمومي الحديث في المغرببنك المغرب كنموذج، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2014 – 2015
  • امينة عياد، المراقبة في النظام الاداري الترابي المغربي، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق –سلا-، جامعة محمد الخامس بالرباط، 2015-2016
  • سعاد تويوين، رقابة المجلس الجهوية للحسابات على تدبير صفقات الجماعات الترابية، اطروحة الدكتوراه، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق سلا، السنة الجامعية 2015-2016
  • فاطمة عطراوي ، الرقابة المالية بالمغرب بين التقنين والتفعيل، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،عين الشق، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2004 – 2005 .
  • ادريس الطاهري ، التدبير المالي للجماعات المغربية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية، 2013 – 2014.

المجلات:

  • إدريس خدري، الفحص والتدقيق والتقويم الجهوي، المجلة المغربية للقانون والاقتصاد و التنمية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية  والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، عين الشق ، العدد 45 .
  • عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية،، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، الطبعة الثانية، 2016.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] – نجيب جيري، الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية، دار نشر المعرفة، الطبعة الاولى 2012، ص:4.

[2] – سعيد جفري ، الرقابة على المالية المحلية بالمغرب، محاولة نقدية في الأسس القانونية السياسية الإدارية والمالية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1998 – 1997 ، ص. 44 .

 

 [3] – إدريس خدري، الفحص والتدقيق والتقويم الجهوي، المجلة المغربية للقانون والاقتصاد و التنمية، كلية العلوم القانونية  والاقتصادية  والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، عين الشق ، العدد 45 ، السنة 2001 ، ص. 94 .ذكر في : نجيب جيري، الرقابة المالية بالمغرب، بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية، منشورات مجلة الحقوق المغربية، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، دار النشر المعرفة ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2012 ص. 213 – 214 .

 

[4] -هدى بنيفو، تقنية التدقيق بالتدبير العمومي الحديث في المغرب ” بنك المغرب كنموذج”، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الدار البيضاء، السنة الجامعية – 2014 – 2015 ، ص. 7 .

[5]– نجيب جيري ، الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية، مرجع سابق، ص: 214.

[6] – عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية،، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، الطبعة الثانية، 2016، ص:113.

 

[7]  – عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية، الطبعة الثانية، 2016، ص: 119.

[8]  – هدى بنيفو، ، تقنية التدقيق بالتدبير العمومي الحديث في المغرب ” بنك المغرب كنموذج، م س،  ص: 60.

[9]  غسان فلاح المطارنة، تدقيق المعاصر، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة، عمان، الاردن، الطبعة الاولى، سنة 2006، ص:18.

[10] – عبد اللطيف بنروحو، مرجع سابق، ص:119.

[11]  المرجع نفسه، ص: 25.

[12]  عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية، م س، ص: 117.

[13]  امينة عياد، المراقبة في النظام الاداري الترابي المغربي، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق –سلا-، جامعة محمد الخامس بالرباط، 2015-2016ص:266.

[14]  هدى بنيفو، ، تقنية التدقيق بالتدبير العمومي الحديث في المغرب ” بنك المغرب كنموذج، م س، ص: 56.

[15]  امينة عياد، المراقبة في النظام الاداري الترابي، م س، ص: 267،

[16]  نفس المرجع، ص: 268.

[17]  ادريس خدري، الاسلام وافتحاص المال العام، دار النشر المغربية الدار البيضاء، 2002، ص: 91.

[18]  عبد اللطيف بروحو، مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة و متطلبات التنمية، م س، ص: 125.

– [19] سعاد تويوين، رقابة المجلس الجهوية للحسابات على تدبير صفقات الجماعات الترابية، اطروحة الدكتوراه، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق سلا، السنة الجامعية 2015-2016   ص: 329-330.

[20] – امين السعيد، الصفقات العمومية بالمغرب “مساطر الابرام والتنفيذ والرقابة”، ص: 285.

[21]– HARAKAT .M « L’Audit du secteur public au Maroc, Edition Babel,1994,p,18.

[22] – نص الحوار مع الدكتور ادريس خدري  منشور بجريدة الصحراء المغربية، عدد  3062 ، بتاريخ 8 يونيو1997.

 

[23]  -مراقب الدولة يعين من بين المفتشين العامين للمالية او من بين متصرفي وزارة المالية او من بين الأطر العليا مما يؤكد أهمية دور وظيفة مراقب الدولة لذا يجب أن تتوفر فيه شروط التكوين العالي.

[24]  -فاطمة عطراوي ، الرقابة المالية بالمغرب بين التقنين والتفعيل، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،عين الشق، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2004 – 2005 ، ص. 41 .

 

[25]  المادة  2  من القانون رقم 69.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم  1.03.195 الصادر في رمضان1424 الموافق ل (11نونبر 2003) المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، الجريدة الرسمية عدد 5170 بتاريخ 25 شوال 1424(18ديسمبر2003 ).

[26]  -تقرير المجلس الأعلى للحسابات، يونيو – 2016 ، ص. 35 .

 

[27] -ادريس الطاهري ، التدبير المالي للجماعات المغربية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية، 2013 – 2014 ، ص:219.

[28] – تقرير المجلس الاعلى للحسابات 4 ماي 2016.

[29]  سعاد تويوين، م س،  ص: 338.

[30]  نجيب جيري ، م س، ص: 283.

[31] – تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية ، مرجع سابق، ص: 37.

[32]  – عبد اللطيف بروحو ، مرجع سابق، ص: 133.

[33]  نجيب جيري ،م س، ص:223.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى