أطروحات و رسائلحماية المستهلك

عقد القرض الاستهلاكي دراسة في ضوء مشروع قانون 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين : رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص الفصل 2

kt

الفصل الثاني: سريان عقد القرض الاستهلاكي

لقد لاحظنا في أغلب الكتابات القانونية في موضوع القرض الاستهلاكي تناول الموضوع جزئيا مما يجعل الدراسة مقتصرة على تكوين العقد أو تنفيذه، بل يظل التشبث بآليات إدارية للحماية هو مخرج من أراد استكمال دراسة عقدية، ونعتبر أن دراسة سريان القرض الاستهلاكي عقديا تفتح المجال لنقاشات فقهية وقضائية لربما لن يسمح لنا الحيز المخصص تناول مجموعها ،لذلك سنقتصر على بعض مظاهر حماية المستهلك أثناء تنفيذ عقد القرض الاستهلاكي في الفرع الثاني، لكن وقبل ذلك نرى تناول الالتزامات المترتبة خلال مرحلة تنفيذ عقد القرض الاستهلاكي في الفرع الأول.

الفرع الأول: الالتزامات المترتبة خلال مرحلة تنفيذ عقد  

                                       القرض الاستهلاكي

إن طبيعة عقد القرض الاستهلاكي كموضوع مركب تمتد خصوصيتها حتى أثناء مرحلة التنفيذ حيث أن حماية المستهلك تكون أساسية أمام علم المهني بكون المستهلك ملزم عقديا، لكن المهني بدوره ينتظر من المستهلك الوفاء بالالتزامات المفروضة عليه والتي اختار تنفيذها، ولأجله نقترح تناول التزامات المقرض في المبحث الأول. و التزامات المقترض في المبحث الثاني ، لنتناول التزامات  خاصة مؤثرة في تنفيذ العقد في المبحث الثالث.

 

 

المبحث الأول: التزامات المقرض                                                          

 من أجل تحقيق الأمان التعاقدي وتطوير الاقتصاد وخلقنة الممارسة التجارية  يجب أن تقوم هاته الأخيرة على المستهلك كأساس لكل سياسة يأتيها المهنيون، ولن يكون ذلك إلا بعلم المهني المقرض  بتوجد التزامات تجعله محل مساءلة إن هو أخل بها، وتجاوز الوضعية الحالية التي لا تكرس إلا منطق الأضرار الغير المعوضة ،لذلك نقترح تناول هاته الالتزامات من خلال ملامسة مدى التقيد ببنود العقد في المطلب الثاني، وسنعود للإعلام لكن هاته المرة أثناء التنفيذ في المطلب الأول.

المطلب الأول: الإعلام أثناء التنفيذ

هناك من يعتقد أن الإعلام الذي يفترض أن يتلقاه المستهلك أثناء تكوين العقد كافي من أجل حماية المستهلك، لكن وللأسف فالمهني المقرض وأمام طول مدة تنفيذ المستهلك لالتزاماته يمكن أن يستغل وضعيته هاته لدفعه للتنفيذ في ظروف غامضة وبإعلام مظلم، لذلك آثرنا تناول إثبات حسن النية في الفقرة الثانية، وبسط أحكام الكشوفات الحسابية في الفقرة الأولى.

الفقرة الأولى: الكشوفات الحسابية

لقد سبق وأن أشرنا إلى أن الأعراف التجارية أصبحت بحكم مدونة التجارة تسمو على القانون المدني وإن كان للفقهاء التجاريين ما يبرر موقفهم من خصوصية تتميز بها المعاملات التجارية فإن فقهاء القانون المدني يقبلون وعلى مضض هذا التكريس، فالارتقاء بالأعراف التجارية إلى مرتبة القانون يتأتى كلما تكرست وبرزت ملامحها بشكل جلي في الممارسة التجارية وعدم ترك الباب أمام تطور العرف خارج إطار القانون مناشدة لاستقرار المعاملات.

 وما هاته الإشارة إلا تقديم بسيط لموضوع الكشوفات الحسابية التي تعتبر من حيث الأصل نتاجا خالصا للممارسة البنكية في ظل الرغبة في إصلاح النظام البنكي وتوفير الحماية للزبون ما أمكن، واستبعاد وضع المستهلك المقترض أمام التنفيذ غير المقيد لعقد القرض الاستهلاكي، حيث ذهب الاجتهاد القضائي المغربي [343]،في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء إلى عدم الالتفات لدفع المدين لوجود منشور للوزير الأول يمكن المؤسسات المقرضة من اقتطاع أقساطها من قبل الصندوق الوطني للمعاشات فقررت اعتبار المقترض في حالة مطل عن الأداء وإلزامه بأداء الدين كاملا إضافة إلى الفوائد التأخيرية.

ولكي نصل إلى التعيين النافي للجهالة وحتى نكون أمام دراسة غير مبتورة نعود إلى المادة 404 من ق.ل.ع التي تحدد وسائل الإثبات التي يقرها القانون من إقرار الخصم والحجة الكتابية وشهادة الشهود إضافة إلى القرينة واليمين والنكول عنها.

فإذا ما اعتبرنا الكشوفات الحسابية الصادرة عن المؤسسة المقرضة حجة كتابية فهي تتعارض مع المبدأ القائل بعدم جواز صنع الشخص دليلا لنفسه، لكن وبحكم الممارسة التجارية التي ارتقت إلى أعراف والتي لا تلتفت إلى المقتضيات القانونية تم تكريس العمل بالكشوفات الحسابية إلى أن جاء القانون البنكي لسنة 1993 ليعطي الحجية للكشوفات الحسابية كوسيلة إثبات، لكن بوجه حمائي حيث أن إلزامية كشف الحساب كانت مخصصة للزبناء من التجار دون غيرهم لكن بشروط معينة حسب جانب من الفقه[344] وهي:

– أن يكون كشف الحساب معدا من قبل مؤسسات الائتمان.

– أن يكون الكشف معدا وفق الشكليات المنصوص عليها في دورية والي بنك   المغرب.

– أن يكون النزاع ناشئا بين مؤسسة ائتمان وعملائها من التجار.

– أن لا يثبت عكس ما ورد بكشف الحساب. [345]

وبالرجوع إلى دورية والي بنك المغرب عدد 04/98 الصادرة بتاريخ 5 مارس 1998 بعد موافقة لجنة مؤسسات الائتمان التي حددت المعلومات الأساسية الواجبة تضمينها وأبرزها: هوية المؤسسة البنكية و التسمية والعنوان و المقر الاجتماعي و الوكالة و عناصر تعريف صاحب الحساب و رقم الحساب ومبلغ القرض ونوعه وخانة الدائنية والمديونية وتاريخ التنفيذ، إضافة إلى نسبة الفائدة المطبقة، وكيفية احتساب الفوائد وباقي المصاريف….. .

وقد جاءت مدونة التجارة لسنة 1996 لتضيف بعض الشروط بحكم المادة 491 بضرورة توصل الزبون المنازع بكشف الحساب حسب الفقرة الثانية التي تنص: "توجه نسخة من الكشف للزبون كل ثلاثة أشهر على الأقل". وإنتباه المادة أعلاه إلى ضرورة كون كشف الحساب خاليا من الشطب، وتعتبر المادة 492 من مدونة التجارة هي مصدر المشروعية إذ نصت على أنه "يكون كشف الحساب وسيلة إثبات وفق شروط المادة 106….. المعتبر بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها".

 فقد ذهبت الأستاذة عائشة الشرقاوي المالقي[346] إلى أن المادة 106 ألزمت البنوك بإعداد كشوف الحسابات التي تعتمد قضائيا كوسيلة إثبات في النزاعات بين البنوك والمتعاملين معها من  التجار طبقا لما يحدده بنك المغرب، ففعلا الكشوف الحسابية تعتبر إعلاما مستمرا خاصة ونحن أمام خطر القرض على المستهلك غير المحذر[347] وهو ما أكده الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بمكناس[348] والذي جاء فيه "حيث انه لا مبرر للاستجابة لطلب الفوائد البنكية لعدم قيام أي اتفاق بين الطرفين على الاستمرار في احتسابها بعد حصر الحساب ولا لطلب التعويض عن التماطل لعدم الإدلاء بما يفيد إشعار المدعى عليها بالأداء ومنحها أجلا معقولا دون أن تستجيب مما يبرر رد الطلبين".

وقد كرس التطور التعارض بين الشروط التجارية الجديدة والقواعد التي تتجه إلى  حماية المستهلك[349] ،فأتى القانون البنكي لـ 14 فبراير 2006 في المادة 118 التي حلت محل المادة 106 من قانون 1993 لتنص "تعتمد كشوف الحسابات التي تعدها مؤسسات الائتمان وفق الكيفيات المحددة بمنشور يصدره والي بنك المغرب، بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان، في المجال القضائي باعتبارها وسائل إثبات بينها وبين عملائها في المنازعات القائمة بينهما إلى أن يثبت ما يخالف ذلك" .

ولم يكن المهنيون من مقرضين ينتظرون أكثر من هذا التراجع وأصبح في ظله كشف الحساب حجة على جميع العملاء حتى غير التجار منهم يلزمهم بتقنيات وعمليات حسابية ليسوا قادرين على فك رموزها فالعملية الحسابية المفصلة تظل رغم ذلك معقدة، وهو ما يتماشى مع المبدأ العام الذي تقوم عليه الممارسة التجارية بحكم المادة 334 من مدونة التجارة المتعلق بحرية الإثبات.

 ولا يبقى أمام هذا العجز لكل من المستهلك والقاضي التجاري إلا ما جادت به قواعد المسطرة المدنية من إمكانية إجراء خبرة محاسبية لكشف الطريقة الحسابية التي يقوم عليها كشف الحساب، رغم أن جانبا من الفقه[350] يرى على انه "لا يعتبر تصرفا قانونيا أعمال الغير أو تقرير الخبير  …لان هذه الأعمال لا تنتج أثرا قانونيا و إنما ترمي إلى تقديم وقائع يستند القاضي عليها في حكمه . وهدا ما أكده المجلس الأعلى[351] حين قرر " يكون تقرير الخبرة عنصرا من عناصر الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع ،دون رقابة عليهم من المجلس الأعلى ما لم يمنع عليهم أي تحريف لها" .

وفي ظل هذا الجدل أتى مشروع 08-31 في المادة 74 منه لينص على أنه "يجب على المقرض فيما يتعلق بعملية القرض المشار إليها في المادة 73 أعلاه، أن يوجه إلى المقترض شهريا وداخل أجل معقول قبل تاريخ الأداء بيانا محينا عن تنفيذ عقد القرض يحيل بوضوح إلى البيان السابق ويتضمن ما يلي:

– تاريخ كشف الحساب وتاريخ الأداء.

– الجزء المتوفر من رأس المال.

– مبلغ القسط المستحق الذي تطابق حصته الفوائد.

– السعر الحالي والسعر الفعلي الإجمالي.

– تكلفة التأمين عند الاقتضاء.

– مجموع المبالغ المستحقة.

– مجموع المبالغ المسددة منذ التجديد الأخير للعقد، مع الإشارة إلى الحصة المطابقة المدفوعة عن رأس المال المقترض والحصة المدفوعة عن الفوائد والمصاريف المختلفة المرتبطة بعملية القرض.

– الإمكانية المخولة للمقترض في كل وقت وحين بطلب تخفيض احتياطه من الاعتماد أو تعليق حقه في استعماله أو فسخه.

– الإمكانية المخولة للمقترض بأداء مجموع أو بعض المبلغ المتبقي المستحق نقدا في كل وقت وحين دون الاقتصار على أداء مبلغ القسط الأخير المستحق".

الفقرة الثانية: إثبات حسن النية

إن اختيارنا لحسن النية وإمكانية إثباتها في ظل الممارسات التي استعرضناها أثناء التكوين والتي لا تدل على شيء آخر غير سوء النية من حد للمسؤولية وغيرها من الصور، كان أساسه الارتباك في التعاطي مع الموضوع، لذلك يجب إحياء مبادئ كونية ثابتة لن تزول أمام تضخم قوة الممارسة التجارية ،وهو ما يذهب إليه الأستاذ أحمد أبران[352] الذي أشار إلى مبدأ حسن النية كأساس للالتزام العام بالإعلام وربطه القانون بالأخلاق مؤسسا العلاقة في ظل المادة 148 من القانون المدني المصري الذي يشير إلى التعاقد بطريقة تتفق وما يوجبه حسن النية، ويسايره المشرع المغربي في المادة 231 من ق.ل.ع والفرنسي في المادة 1134، وهو نفس التوجه الذي أخذه المشرع السويسري حسب جانب آخر من الفقه[353] بتكريسه للأخلاق الحميدة والنظام العام وخرق القانون.

 وباعتبار حسن النية كمخرج للالتزام بالإعلام لا أثناء التكوين فقط بل بالأساس في ظل التنفيذ مادام جانب من الفقه المصري[354] اعتبر المادة 1135 من القانون المدني الفرنسي والتي تقابلها المادة 148 مصري تتوجه بالأساس إلى النص على حسن النية أثناء التنفيذ، لكن الأمر يبقى عاما وفضفاضا سنحاول معالجته في صورة مركبة وسنستهل النقاش مع الأستاذ معوض عبد التواب[355] الذي يرى أن عقود الخدمات المجانية غير العوضية لا تدخل ضمن خصائص العقد التجاري ومن ضمنها القرض بالمجان بإعمال الخصائص التجارية لأنها لن تكون حمائية فقد تكرس العمل بهذا النوع من العقود في ظل توفرها على نية كسب العملاء والربح الإجمالي.

 ويظل الإعلام بالقرض المجاني غير واضح وصريح حتى بالنسبة للمستهلكين الفرنسيين من المقترضين[356] ، لما يعرفه تطور القطاعات الإنتاجية وخاصة منها الاستهلاكية التي تحاول في إطار المنافسة التي تبقى مشروعيتها من عدمه محل نقاش، تسعى إلى استخدام القرض المجاني كوسيلة للرفع من الاستهلاك.

 لكن الأمر لا يخلو من إشكاليات عقدية تظهر عند التنفيذ، فالقرض المجاني يظهر انه غير مشروع، وتذهب بعض القوانين عبر نصوصها إلى عدم تشجيع المهني على عرضه، فالقانون يطبق على القرض سواء بفائدة أم بغير فائدة – مجانية – فكلما تعلق الأمر بقرض فإن القانون يطبق مهما اختلفت الأشكال المستعملة والمتجددة للتهرب من الأحكام الحمائية وهو ما يقر حماية للمستهلك المقترض.

 وفي هذا الإطار ذهب الأستاذ أحمد  محمد الرفاعي[357] إلى الربط بين الإعلام أثناء التنفيذ وحسن النية مادامت القواعد العامة لم تولي اهتماما خاصا لهذا النوع من العقود بخلاف المشرع الفرنسي وفي ظل توفره على قانون استهلاكي، فإنه ذهب إلى منع  إشهار القرض المجاني خارج محلات البيع ويبقى التاجر الذي أعلن عن القرض المجاني ممنوعا أثناء تنفيذ العقد من الزيادة في الثمن عن أقل ثمن كان يمارسه طيلة 30 يوما السابقة عن التعاقد.

 لكن الأهم بالنسبة لنا هو إعلام المستهلك بعدم الاعتقاد أن هناك قرض مجاني بل زيادة في قيمة المنتوج والدفع إلى شراء منتوجات لم تكن نية المستهلك متجهة أصلا إليها ،مع العلم أن القرض المجاني ليس ممنوعا بل الفقه يقتصر على المطالبة بتنظيمه[358]، فالمستهلك عندما يبدأ في تنفيذ العقد يجد نفسه أمام مبلغ إجمالي يتجاوز ما هو متفق عليه باعتبار القرض مجاني، ويكتشف أن الأمر لا يعدوا أن يكون تقنية اجتذاب بالتخلي عن الفوائد في العملية الحسابية والرفع من ثمن المنتوج والرجوع على البائع مورد السلع بقيمة الفائدة، لكن الغالب يكون بإجبارية مصاريف الملف، وبإعطاء مثال بسيط نجد أن الأمر لا يعدو أن يكون حوالة تكلفة بتقنيات عقدية فعالة في نفسية المتعاقد فإذا اتجه متعاقد إلى شراء منتوج بقيمة 10.000 درهم وكان عن طريق قرض مجاني الذي تحتسب مصاريف الملف على أساس 1.000DH فإنه يكون بمثابة نسبة فائدة تصل إلى 10٪ فيظهر أثناء التنفيذ أنه لا مجال للمجانية أمام مؤسسات مقرضة.

وتجاوزا فالمقرض في ظل القرض المجاني وكباقي القروض الأخرى يبقى على عاتقه الإعلام الدوري بحكم مدونة التجارة والقانون البنكي بكشوفات حسابية توضح مبالغ الأقساط لكن للأسف تخفي مصاريف الملف والتي هي بمثابة فوائد تقتطع مبالغها بأول الأقساط كما مر معنا في ما يتعلق بمبلغ الفوائد.

 ورغم هاته الممارسات يظل الإعلام أثناء التنفيذ أحد مظاهر الالتزام بالتعاون أمام صعوبة إبطال العقد عند التنفيذ بناء على القواعد العامة[359] مادامت الشروط العقدية قد قبلت أثناء التكوين، ليعتبر جانب من الفقه[360] أن مبدأ حسن النية لا يشكل تقنية قانونية فعالة لتحقيق التوازن العقدي وإعلام المستهلك أثناء التنفيذ يبقى متصلا بالإنذار[361] عند أي إخلال من قبل المستهلك عن أداء الأقساط  المترتبة في ذمته كالتزام أقرته قواعد المسطرة المدنية وهو أبعد أن يشكل حماية للمستهلك، حيث أن المؤسسات المقرضة  تعتبر إنذاراتها الموجهة إلى المقترض بمثابة محاولات ودية رغم أنها لا تتضمن إلا تهديدا للمقترض لكن الاجتهاد القضائي[362] يذهب إلى الأخذ بها  .

 وفي ظل المشروع 08-31 نجد المنع الصريح بالمادة 18 من استغلال شرط عقدي يسمح بالإذن للمورد في فسخ العقد بصفة اعتباطية إذا لم تمنح نفس الإمكانية للمستهلك، فظهرت بوادر خلقنة القانون والحث على تنفيذ العقد بحسن نية والتي ستحمل التزامات أخرى للمقرض من خلال المادة 98 حيث تمنع بعض الممارسات أثناء التنفيذ بنصها "عندما تغطي عملية تمويل مجموع مصاريف القرض أو بعضها، فإنه لا يجوز للبائع أو مقدم الخدمة أن يطلب من المشتري بواسطة قرض أو المكتري مبلغا نقديا يزيد على السعر المتوسط المعمول به فعلا عند شراء سلعة أو خدمة مماثلة نقدا…….".

 ورغم هاته المواد التي أتانا بها المشروع والتي سيصعب لا محالة على القضاء الحسم فيها مادامت لم تدعم التزامات المقرض أثناء التنفيذ بضرورة جعل الكشوفات الحسابية أكثر تفصيلا ووضوحا ونقترح أن يمنع الشرط الجزائي بصفة نهائية كي يتمكن المستهلك من إبطال العقد كلما اكتشف عدم مجانية القرض عند تنفيذه أو تواطؤ المقرض والمهني باكتشافه الغش أو التدليس[363] الذي مورس عليه في ظل عدم التقيد ببنود العقد الذي يبقى محل نقاش.

 

 

المطلب الثاني: مدى التقيد ببنود العقد

إن مشروعية العملية التعاقدية تدور وجودا وعدما بالتقيد ببنود العقد والالتزامات القانونية التي توجهه ولا شك أن تنفيذ العقد يمكن أن يعتريه خلل سواء بطريقة مباشرة إذا كانت النية متجهة إلى الاستهتار بالقواعد القانونية والعقدية أو بصفة غير مباشرة وهي حالة الصعوبات المفاجئة أثناء التنفيذ، ولمحاولة الإحاطة بالموضوع ورصدا لأهم التزامات المقرض سنتطرق في الفقرة الثانية لتجديد العقد، وذلك بعد أن نخصص (الفقرة الأولى) للتسليم.

الفقرة الأولى: الالتزام بالتسليم

"كونهم من المدعويين لا يعني أنهم ليسوا على لائحة الوجبات" هكذا بدت وضعية المستهلك للأستاذ François Brune والتي يعتبر التسليم أبرز مظاهرها فأمام السعي المشروع واللامشروع للمهني المقرض للتعاقد مع المستهلك المقترض يعتقد البعض أنه لا مجال للحديث عن التسليم، إذ أن المهني يبقى له الحق بمقتضى القانون لإبرام العقد من عدمه ويبقى له الحق في تقدير كفاءة المقترض والنوعية التي تصلح كزبون لخدماته وبالتالي فهو عندما يتعاقد فإرادته اتجهت بشكل لا يقبل النقاش إلى تنفيذ العقد.

لكن الأمر ليس بالبساطة المتوقعة فمحل الالتزام يبقى موضع تساؤل كما درج الفقه المدني[364] على طرح التساؤل لماذا التزم؟  والذي نعتبره أبعد من المحل وأقرب إلى السبب، فإضافة إلى أن عدم قيام المقرض بتنفيذ العقد عبر عدم منح المقترض مبلغ القرض الذي يرتب البطلان[365] مادام قد تخلف ركن المحل، والحقيقة أن الأمر يتعلق بالفسخ وليس بالبطلان مادام الركن موجودا بالعقد وليس معدوما وإنما الأمر اقتصر على عدم التنفيذ، مستندين على قرار للمجلس الأعلى[366] الذي جاء فيه" يحق للدائن إجبار المدين على تنفيذ التزامه إذا كان في حالة مطل وليس له في هذه الحالة فسخ العقد إلا إذا كان التنفيذ غير ممكن والفسخ لا يقع بقوة القانون وإنما يجب أن تحكم به المحكمة ".

 لكن قبل الخوض في تحليل معمق نشير إلى أن جانبا من الفقه[367] يتحدث عن مستهلكي القروض كفئة مهمشة ويدعوا إلى الوصول لهدف أسمى هو الحرية التعاقدية، بينما نرى ومن باب الإنصاف والعدالة أن سلوك الطرف الضعيف في بعض الأحيان يبرر عدم حصوله على الحماية وفي ظل البحث عن التوازن بين أطراف العلاقة يبقى العقد الحقيقي أو الواقعي هو الذي لا يقوم إلا بالتنفيذ أو الأداء وهو ما يعد ركنا بالنسبة للعقود العينية .

وبالرجوع إلى النماذج العقدية يتبين تهرب المؤسسات المقرضة من تضمين أي التزام يتعلق بموعد التسليم يلزمها القيام داخل أجل محدد بتسليم مبلغ القرض مما يدفعنا إلى الرجوع للأحكام القانونية، حيث ذهب الأستاذ عمرو قريوح[368] إلى اعتماد الفصل 856 الذي ينص على أن "عارية الاستهلاك أو القرض عقد بمقتضاه يسلم أحد الطرفين للآخر أشياء مما يستهلك بالاستعمال أو أشياء منقولة أخرى لاستعمالها بشرط أن يرد المستعير عند انقضاء الأجل المتفق عليه أشياء أخرى مثلها في المقدار والنوع والصفة".

نستخلص من النص على علة توظيفه أن التسليم بشكل عام ركن أساسي لكنه لا يتضمن أي تحديد لزمن التسليم وهو الأهم مادمنا نعلم أن المستهلك لا يقترض إلا وهو في حاجة ملحة.

وفي محاولة لتوفير إجابة عن التساؤل المطروح سنستعمل مفهوم المخالفة أي الانتقال من التسليم إلى المطل للوقوف على وقت نشوءه ،فالفصل 254 من ق.ل.ع ينص على أنه "يكون المدين في حالة مطل، إذا تأخر عن تنفيذ التزامه، كليا أو جزئيا من غير سبب مقبول"، إضافة إلى المادة 255 التي تحيل على الأجل المقرر في السند فإن لم يكن معينا وهو حال العقود النموذجية فإن المطل لا يقوم إلا بتوجيه إنذار إلى المقرض ومنحه أجلا معقولا للتنفيذ، وبذلك يتضح لنا على أن الأحكام المدنية لا تسعف حتى أمام الشكل البسيط أو التسليم المباشر[369].

 أما الحالة الثانية فهي الالتزام بالتمويل حيث يكون التمويل موجها إلى المنتوج في ظل القروض المخصصة ومثاله بيع السيارة وتضمين العقد ثمن يوم التسليم وهو ما درجت عليه الممارسة التجارية فهو أمر غير مشروع حسب جانب فقهي[370] باتجاهه إلى أنه يمكن أن لا يتم تحديد الثمن لكن عدم التحديد لا يعني ترك تحديده لإرادة أحد المتعاقدين بل التحديد يرجع للشروط العقدية التي سبق الاتفاق عليها، وهو ما أكده المجلس الأعلى[371] في قرار له والذي جاء فيه" الأتمية …تؤخذ من تراضي الطرفين والاتفاق على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى".

 وبموجب الفصل الأول من نموذج عقد تمويل اقتناء سيارة الصادر عن مؤسسة تمويل وفاسلف يبقى منح القرض رهينا بتسليم البائع المبيع للمستهلك ووقوع الحيازة للناقلة ويعتبر الأمر أي الحيازة بمثابة تنازل قانوني عن التراجع عن التعاقد.

 يتضح من خلاله أن الأمر في كلتا الحالتين يبقى رهينا بإرادة المهني المقرض الذي يستعمل ما أمكن من التقنيات للتحلل من التزام واضح وهو التسليم. ونتساءل في ظل بعض الممارسات الإشهارية عن مدى إلزاميتها والتي تحدد مهلة منح القرض في 24 ساعة من طلبه والتي تبقى في ظل القواعد العامة غير ملزمة وهو ما يؤكده التعريف الذي جاء به الأستاذ منير قزمان [372] بقوله "إذا لم يحدد ميعاد للتسليم وجب أن يتم التسليم بمجرد إبرام العقد ما لم تستلزم طبيعة المبيع أو يقضي العرف بتحديد ميعاد آخر " .

ومع مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين سنعمل على تسليط الضوء حول مدى إدراج قواعد حمائية به تشدد التزامات المقرض، فالمادة 82 رغم شقها التنظيمي الذي يمنع الأداء من المقرض إلى المقترض أو العكس إلا أن تتم صورة العقد بصفة نهائية وربط صحة الأداء بصحة العقد لكنها لم تعمل على تحديد أجلا معين للتسليم، والمادة 92 بدورها ذات شق تنظيمي للالتزامات الغائبة في ظل القواعد العامة والتي تربط تسليم المنتوج أو تقديم الخدمة بواقعة الأداء من طرف المقرض حيث نصت "إذا وقع الفسخ القضائي للعقد الأصلي للبيع أو تقديم الخدمة أو إبطاله بسبب فعل البائع أو مقدم الخدمة….." فبدورها لم تعمل على  تحديد أجل واضح للتسليم .

فأصبحنا مجبرين لا مخيرين على الرجوع إلى الإطار العام المتعلق بآجال التسليم من خلال المادتين 12 و13 فالأولى تفرض التزاما في كل عقد لبيع منتوج أو تقديم خدمة يتجاوز مبلغه 1000 درهم أن يحدد كتابة في العقد أو أي وثيقة أخرى أجلا للتسليم، أما المادة 13 فأقرت باستثناء حالة فريدة وهي القوة القاهرة حق المستهلك في فسخ العقد الذي يربطه بمقدم الخدمة بتجاوز7 أيام عن أجل التسليم المحدد، ويمارس المستهلك حقه داخل أجل 5 أيام بعد انتهاء المهلة برسالة مضمونة، على أن لا يقع التسليم قبل تسلم المقرض الرسالة المضمونة إذ والحالة هاته يبقى العقد صحيحا مع إمكانية المستهلك طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه.

 وتجدر الإشارة إلى الارتباك الذي حصل فيه واضعو المشروع عند نصهم على أن الالتزام مفسوخ بقوة القانون بموجب المادة 12 وإلزام المستهلك رغم ذلك بمسطرة إعلام المقرض ليعود ويقر صحة العقد بعد ذلك، و نعتبر أن محاولة إعمال العقد قد أوقعت واضعي المشروع في ركاكة التعبير التي يجب الالتفات إليها.

 فحماية المستهلك لا يمكن تحقيقها على حساب مقتضيات التفسير الواضح لنصوص التشريع[373]، ليصبح التساؤل مشروعا حول تجديد العقد في ظل الفقرة الموالية؟.

 

 

الفقرة الثانية: تجديد العقد

في ظل التقيد ببنود العقد يعتبر تجديد العقد مظهرا من مظاهر التزام المقرض والتي لها أهمية قصوى نظرا لأن المستهلك يبرم علاقاته المالية الأخرى وهو مطمئن لاستقرار العقد الرئيسي والأساسي الذي يوفر له آلية أمان وضمان لتسديد المبالغ التي يمكن أن تتحملها ذمته المالية.

ومن خلال ما مر معنا في المراحل السابقة تبين وبشكل ملموس أن صور عقد القرض الاستهلاكي متعددة وبالتالي يعتبر التساؤل حول مدى التزام المقرض بتجديدها من عدمه إن بالارتكاز على مقتضيات القانون أو المقتضيات العقدية؟ فكان لزاما علينا الرجوع إلى الأحكام المنظمة لعقد القرض بالقواعد المدنية والتي لم تشر إلى إمكانية تجديد العقد وخاصة منها المادة 856 التي ترجأ انتهاء العقد إلى الأجل المتفق عليه.

 ويعتبر أن مرد هذا القصور هو طبيعة العلاقة التعاقدية التي كانت تنظم عقد القرض الاستهلاكي والتي أتسمت بالبساطة في حينه ولم تكن تعرف الصور الجديدة من تسهيلات بنكية وبطاقات بنكية[374] وقروض مخصصة يصبح في ظلها التساؤل مشروعا حول إلزامية تجديد عقد القرض مادام المستهلك قد دخل التزامات معينة أو بالعكس من ذلك يريد إنهاء العلاقة التعاقدية لكن يجد نفسه مجبرا على الاستمرار بحكم القوة الملزمة للعقد.

ولكي نكون أمام صورة واضحة للتجديد في ظل دراسة مقارنة نشير إلى ما ذهب إليه جانب من الفقه الفرنسي[375] باعتباره القرض المجدد أو تجديد القرض هو عقد يجدد بأداء المبلغ السابق وتختلف طرق الأداء حسب العقد إما شهريا أو في آجال بعيدة أو عند انتهاء المدة ويكون المستهلك كلما أدى المبلغ كاملا بمقدوره أن يأخذ نفس قدر القرض.

 ويعتبر هذا النوع من العقود ثلاثيا حسبه بأطرافه المستهلك والتاجر الذي يكون مؤسسة في أغلب الأحيان وشركة تمويل في الغالب نظرا لأنها تعتمد في الأصل على منح الائتمان في شكل قروض دون الودائع المالية علما أن القانون البنكي لـ 14 فبراير 2006 قد مكنها من القيام بهذا الشق الذي كان اختصاصا حصريا للبنوك.

 وبالعودة إلى العقد المجدد الذي يمكن أن يكون عن طريق بطاقة ائتمان لكن هذه الصورة ليست الوحيدة ولا الإجبارية، وفي ظل التقييم الذي يرتبط بتنفيذ العقد، فقد ذهب جانب من الفقه[376] في تصوره إلى أن العقد يبقى جيدا إذا كان الأمر يتعلق بمستهلك حذر يراجع أداءاته ومشترياته بشكل جيد، وخطير بالنسبة للمستهلك غير الحذر الذي لم يِأخذ إعلاما واضحا ويدخل في التزامات غير محسوبة العواقب بفوائد لم يفكر فيها بشكل مضبوط.

ولكي تكون دراستنا محايدة سيكون لزاما علينا العودة إلى النماذج العقدية وخاصة نموذج عقد قرض للخواص الصادر عن البنك الشعبي بنصه في المادة الثانية  "تجدر الإشارة إلى أنه إذا اختار المقترض نسبة الفائدة المتغيرة فستتم مراجعة هاته النسبة مرة واحدة كل سنة في تاريخ هذا العقد" .

ولم يكن مضمون هذه المادة إلا البوادر الأولى لتغيير شروط العقد التي تعتبر بمثابة تجديد بطريقة آلية تلقائية دون ضرورة مراجعة المستهلك المقترض بل تكفي إرادة واحدة للقول بالتجديد لعقد القرض الاستهلاكي.

 لكن الأمر يصبح أكثر تعقيدا عندما ينص الفصل 6 من نفس النموذج على أنه "ويرخص المقترض من الآن للبنك أن يقوم مقامه، إذا رغب هذا الأخير في ذلك، قصد العمل على تجديد هذا التأمين للمدة والشروط التي يشاؤها البنك" ،وبالتالي فإن البنك له حق تعديل شروط التأمين على القرض دون إلزامية قبول المقترض لهذه الشروط التي يتعاقد عليها البنك والتي من الممكن أن تكون مرهقة له، ولم تتجه إرادته وقت التعاقد إليها إضافة إلى أن التجديد من عدمه هو رهين برغبة البنك دون أن يكون التزاما من قبله.

وبذلك تكون هاته الشروط مخالفة للوضع الطبيعي الذي يفترض في ظله[377] أن يكون المقرر وهو المستهلك في هاته الحالة مفترضا فيه أن تكون إرادته حرة وكاملة ومطلقة، فبحكم نفس الفصل 6 يكون أيضا من حق البنك المقرض "أن يؤدي لفائدة المقترض عن طريق مدينية حسابه أقساط التأمين المستحقة وإضافة مبلغها للدين لتسدد معه، دون المساس بحق البنك في المطالبة بالتسديد الفوري لدينه".

 إن هاته الشروط تعبر عن مدى الأزمة العقدية واستغلال الفراغ القانوني الذي يعاني منه التشريع فيما يخص إلزامية المقرض بالتجديد في بعض صور القروض الاستهلاكية ومن بينها التسهيلات والبطاقات البنكية التي يؤمن المقترض من خلالها احتياطيا ماليا يمكنه من تسديد مشترياته فورا عن طريق الاعتماد الذي يوفره البنك بموجب العقد والذي يبقى بيده تجديد الاعتماد من عدمه بعد أن يكون المتعاقد قد اعتاد على الشراء بالسلف وتجاوز قدرته المالية الحقيقية.

وللإشارة فان هاته العقود تكون لمدة سنة وتجدد بعد انتهاء أجلها في الغالب لكن هذا المقتضى أي التجديد ليس منظما لا في الشق الملزم ولا في شقه الذي يمنع التجديد إلا برضا الطرفين المتعاقدين بعقد متكامل، أو تغيير شروط ومقتضيات بالعقد الأصلي والتي تؤثر على التزامات المقترض وترتب آثار عقدية تسبب له إرهاقا بإضافة  أنواع جديدة من المسؤولية أو فقد ضمانات تغيرت بحكم العقد أثناء التنفيذ.

وهو ما حاولت تجاوزه المادة 525 من مدونة التجارة فيما يخص فتح الاعتماد خاصة ما يتعلق بالإعلام قبل إنهاء العلاقة التعاقدية وتحميل المؤسسة البنكية المسؤولية المالية عند عدم احترام مقتضيات المادة السابقة ونعتقد أن الأمر يبقى بعيدا عن تحقيق حماية حقيقية والتي نأملها من خلال المشروع وفي ظل قواعده العامة في المادة السادسة المخصصة لعقود الاشتراك محدد المدة تظهر بوادر الإلزام بنصها على وجوبية التذكير كتابة "في حالة عدم التجديد الضمني للعقد، بانتهاء العقد شهرا على الأقل قبل الأجل المحدد لإنقضاءه".

 فهذا الالتزام يبقى عاما لجميع المهنيين مما يدفعنا للانتقال إلى مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين في المادة 73 بالباب المتعلق بالقروض الاستهلاكية ونصه "…..وأن على المقرض أن يحدد شروط تجديد العقد قبل انتهاء مدته بثلاثة أشهر ويحدد كذلك، عندما يطلب المدين عدم الاستمرار في الاستفادة من فتح الاعتماد، كيفيات تسديد المبالغ المتبقية المستحقة التي يجب جدولتها، مالم يعترض المدين على ذلك.

يجب أن يتمكن المقترض من الاعتراض على التعديلات المقترحة عند تجديد العقد، داخل أجل عشرين يوما على الأقل قبل التاريخ الذي تصبح فيه هذه التعديلات سارية المفعول باستعمال ورقة جواب ملحقة بالمعلومات الكتابية المبلغة من لدن المقرض".

ويعتبر وبحكم نفس المادة أعلاه عدم رد المقترض لورقة الجواب داخل المدة المحددة سببا لإلغاء العقد بقوة القانون ويبقى تسديد مبلغ الاحتياطي المالي الذي سبق استعماله في حالة رفض الشروط الجديدة للأداء أو المتعلقة بالسعر، وفق الشروط السابقة للعقد الأصلي.

وبذلك يكون المشروع المغربي قد ارتقى بالمستهلك إلى مرتبة أفضل بفرض التزامات إيجابية وسلبية على المقرض تحد من استغلاله للمستهلك أثناء تنفيذ العقد باعتباره حسب جانب من الفقه[378] مهني متخصص يتعامل في إطار أنشطته الاقتصادية ومستهلك طرف ضعيف تجدر حمايته.

المبحث الثاني: التزامات المقترض

لا شك أن المهني المقرض مستثمر ينتظر المردودية والربح ولن يتأتى له الحفاظ على التوازنات والحسابات المالية إلا إذا احترم المقترض الشروط التي يفرضها العقد (المطلب الأول) وقد تعتري المقترض ظروف قد تجعله يستعجل في الأداء وأمام رفض المؤسسات المقرضة لهذا النوع من الممارسات ووضعها شروط صارمة له، آثرنا تناوله في المطلب الثاني.

 

 

المطلب الأول: تنفيذ شروط العقد

في إطار تواجد التزامات أخرى للمستهلك أثناء التنفيذ اخترنا الأداء وكأنه يجُبُّ ويستغرق باقي الالتزامات الأخرى وسنتطرق له في الفقرة الأولى لنرى الالتزامات الخاصة بعقد الليزينغ مادام قد وصل التطور التشريعي إلى مرحلة اعتباره صورة لعقد القرض الاستهلاكي وذلك في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: الالتزام بأداء الأقساط

لقد ذهبت الأستاذة نيكول شردان[379] على أن المستهلك يحقق جميع رغباته لكن الإشكال في الاقتطاعات، أو ما يصطلح عليه بالأقساط وكلها مرادفات للأداء المؤجل الثمن حيث أن أداء المقترض للمقرض مجموع مبلغ القرض في أجل معين لا يتصور حدوثه في التنفيذ العملي الواقعي رغم أنه ممكن نظريا مادمنا نعني بالقرض الاستهلاكي إمكانية اقتراض المستهلك لأموال أساسية أو منتوجات ضرورية لم تستطع ذمته المالية على اقتنائها.

 وبالتالي يبقى الأداء الدوري و غالبا الأداء الشهري هو الأعم رغم أن آلية الشرط حسب الأستاذ أحمد محمد محمد الرفاعي[380] لا تخلو من مهارة وخداع فأصبح يناشد أن يمتد فن الحماية إلى مرحلة ما بعد إبرام العقد وهي محط دراستنا.

 فالمستهلك المقترض يجب عليه وبحكم العقد الذي ارتقى إلى مرتبة القانون بحكم المادة 230 من ق.ل.ع المغربي الالتزام بأداء الأقساط وزكته المادة 856 من نفس القانون، وأن الرد يكون في الأجل المتفق عليه باحترام الأداء في الأوقات المحددة بمقتضى العقد حتى آخر قسط متبقي لاستكمال الدين المترتب في ذمة المستهلك المقترض.

 فوضعية دائن ومدين لا تحمل في حد ذاتها معنى عدم التوازن ويبقى تدخل القانون هو الحاسم، باعتبار الأقساط محل الالتزام الأساسي للمقترض وتتشدد النماذج العقدية بمقتضى نظام الشرط في اعتبار عدم أداء قسطين متواليين يصبح من خلاله المدين المقترض في حالة مطل يستدعي توجيه إنذار له بحكم القانون يحثه على الأداء ،وفي حالة عدم الاستجابة يعتبر مبررا للانتقال إلى المرحلة القضائية .وفي هذا الإطار نشير إلى حكم صادر عن المحكمة التجارية بمكناس[381] والتي اعتبرت أن" المقترض في حالة مطل رغم انه تخلف عن أداء قسط واحد فقط مؤسسة حكمها على الشرط الوارد بنموذج عقد القرض".

 لكن تجب الإشارة إلى أن الأمر ليس بالبساطة التي نتوقعها، وأن المستهلك لا يلتزم إلا بأداء الأقساط المحددة بموجب العقد ولا يسوغ للمقرض الرفع منها أو إنقاصها إلا بعد موافقة المستهلك المقترض[382]، حتى لا تتأثر ذمته المالية التي يبقى هو لأدرى بها أمام خصوصية الالتزامات المفروضة عليه، وأن يكون الأداء في الوقت المحدد وفي المكان المحدد.

 فقد جرت العادة أن يكون الاقتطاع من المنبع كما ذهب إلى ذلك الأستاذ عمرو قريوح[383] مادام المقترض قد قام أثناء مرحلة إبرام العقد بالإذن للمؤسسة المقرضة باقتطاع الأقساط مباشرة من راتبه إن كان ثابتا .

ونعتقد أن هاته الصورة للأداء إضافة إلى الشيك والحوالة البنكية التي طرحها الأستاذ عمرو قريوح تخص وضعية المستهلك المقترض غير الموظف ولا الأجير بل من يقوم بأعمال حرة، وهو ما دفع الأستاذ المذكور للأسف إلى الخلط بين الوسيلة والمحل فارتقى بالأداء بواسطة الشيك أو الحوالة البنكية وغيرها من الصور المشروعة من آليات ووسائل إلى محل للالتزام وهو أداء الأقساط.

وتجدر الإشارة إلى خطورة الالتزام بأداء الأقساط حيث أن عدم الأداء حسب جانب من الفقه المغربي[384] هو في حد ذاته عدم تنفيذ يكون بموجبه الشرط الفاسخ قد تحقق وبالتالي يصبح المقرض محقا في المطالبة بالفسخ إضافة إلى المطالبة بالتعويضات سواء القانونية عن الضرر الذي أصابه أو الاتفاقية منها والمنصوص عليها بالعقد بل إن عدم الأداء يؤدي إلى حلول الدين بكامله ويصبح واجب الأداء.

ونضيف أن طلب مهلة للأداء بناءا على المادة 243 من ق.ل.ع كما ذهب إلى ذلك الأستاذ عمرو قريوح[385] من الجانب النظري هو أمر مقبول، لكنه محل نظر باعتبار أن العقد وبحكم القانون التجاري المغربي عقد تجاري يجعل الاختصاص القضائي للمحاكم التجارية من جهة ومن جهة أخرى أن الدين ثابت بمقتضى العقد أو السند لأمر الذي سبق لنا الإشارة له أثناء دراسة إبرام عقد القرض والذي يضم مجموع مبلغ القرض وبالتالي يستغل المقرض اختصاص رئيس المحكمة المتميز بالسرعة لا اختصاص قضاء الموضوع[386].

 بل إن المقرض يمكن له أن يرجع على الكفيل ليس بأداء الأقساط فقط بل بمجموع الدين لتخلف أدائها وهو ما يجعل التزامه هذا مجحفا أمام وضعيته في ظل القواعد العامة التي لم تكن تلزم بإعلامه حتى أصبح التزاما بموجب مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين.

 وبحكم هذا الأخير في مادته 29 أصبح أي أداء بأي شكل من الأشكال لا يتم إلا بعد إرسال المنتوج أو السلعة أو قبول المستهلك لعرض الخدمة، وأتت المادة 87 لتنص صراحة على أنه "لا ينفذ المقترض التزاماته إلا ابتداء من تاريخ تسليم المنتوج أو السلعة أو تقديم الخدمة…."، وهو ما جعل الالتزام بين أداء الأقساط والتسليم موقع ربط أمام غياب هذا المقتضى في ظل القواعد العامة.

 وقد كان توجه المشروع صائبا حينما نص في المادة 91 على أنه "إذا نشأ نزاع في شأن تنفيذ العقد الأصلي للبيع أو تقديم الخدمة جاز للمحكمة المختصة إلى أن يتم حل النزاع وقف تنفيذ عقد القرض ويفسخ عقد القرض أو يبطل بقوة القانون عندما يكون العقد الأصلي قد تم فسخه أو إبطاله بحكم اكتسب حجية الشيء المقضي به…" وهو نفس توجه المشرع الفرنسي[387].

فإن كنا قد وقفنا عند أبرز التزام للمقترض في ظل المفهوم العام ،فإن صور القرض الاستهلاكي تخلق التزامات خاصة عند التنفيذ في ظل خصوصياتها العقدية وهو ما سنتناوله في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: الالتزامات الخاصة بعقد الليزينغ

لقد أصبح عقد الائتمان الإيجاري بحكم مشروع 08-31 من صور القروض الاستهلاكية بعد نقاش طويل في الفقه الفرنسي ولم يخفت هذا النقاش لحد الآن في ظل استقرار التشريع المصري وعدم تغير النصوص المنظمة للموضوع ،حيث ذهبت محكمة النقض المصرية في قرار صادر بتاريخ 12 مارس 1974 "إلى اعتبار عقد شراء سيارة ليس عقد إذعان[388]؛ على أساس أن السيارة ليست من الضروريات" .

 ويحق لنا أن نتساءل عن المعيار الذي اتخذته محكمة النقض هل هو موضوعي أم شخصي أم هو من أمور الواقع المرتبط بفترة صدور القانون المدني المصري؟ باعتبار أن السيارة اليوم قد أصبحت من الأساسيات بالنسبة للمستهلك.

 وقبل الانتقال لملامسة رأي الفقه الفرنسي نشير إلى أن جانبا من الفقه المغربي[389] قد ذهب إلى أن المشرع حدد مفهوم عمليات الائتمان الإيجاري والإيجار من خلال تعدد تلك الأنواع التي يمكن أن تأخذها تلك العمليات.

 وما يهمنا هو النوع الوارد على المنقولات بمقتضى المادة الرابعة من القانون البنكي المغربي لـ 14 فبراير 2006، حيث نص على أن"عمليات إيجار المنقولات التي تمكن المستأجر كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يتملك في تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض المنقولات المستأجرة مقابل ثمن متفق عليه يراعى في تحديده على الأقل الجزء من المبالغ المدفوعة على سبيل الإيجار" .

وأشار جانب من الفقه[390] إلى التنظيم الوارد بالمادة 431 من مدونة التجارة التي جاء فيها على أن "الائتمان الإيجاري يكون بكل عملية إكراء السلع التجهيزية أو المعدات أو الآليات التي تمكن المكتري كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يتملك في تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض السلع المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعى فيه جزء على الأقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء وهو ما يعرف حسبه بالائتمان الإيجاري للمنقول".[391]

 وما يهمنا هو توضيح الالتزامات الملقاة على عاتق المستهلك المقترض مع رفع اللبس حول كل ما يمكن أن يعتري ذهن الباحثين في الشق المفاهيمي.

 فالنقاش لازال محتدما حتى في فرنسا، فالمهني حسب جانب فقهي[392] في حالة شراء سيارة عن طريق القرض لا يخضع للقواعد الاستهلاكية في تنفيذه لأن الاستفادة رهينة بكون السيارة ليست معدة للاستعمال المهني بل للاستعمال الشخصي والعائلي وبالتالي فإن المهني عموما لن يتصور سقوطه في فخ القرض لأنه يعلم كيف يدافع عن نفسه .

 فالالتزام الرئيسي الذي يتضح من خلال كل ما سبق هو أداء الثمن المتفق عليه المتمثل في الأقساط والثمن النهائي في الآجال المحددة والمتفق عليها.

 فالكراء الذي يأخذ وصف قرض يبقى المقرض خلاله مالكا للشيء المكترى وبالتالي تعتبر ضمانة قويـة لـه، لكـن العقد يخفي شرط الاحتفاظ بالملكية. هاته التقنيات وصلت بنا إلى الائتمان التجاري Crédit bail المقنن بمقتضى قانون 2 يوليوز 1966 ذي الأصل الأمريكي leasing  ، ولن يكون المكتري في ظله إلا مالكا محتملا[393] .

فالعقد في الأصل لا يهم المستهلك لأنه أنشئ للأعمال المهنية لكنه انحرف إلى استخدامات شخصية وعائلية وهو ما نشبهه بحال مؤسسات القروض الصغرى والمتوسطة التي تمول المشاريع الصغيرة من حيث الأصل فأصبحت تقوم بدور توزيع القروض الاستهلاكية[394].

ويتضح لنا مما سبق الالتزام الثاني وهو عدم التصرف في الشيء المكترى مادامت الملكية لم تنتقل بعد أو ما يعرف بالبيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية في القواعد العامة[395]. فهو شرط احترازي مثاله بيع السيارات بالسلف وتقرره المادة 453 من قانون المسطرة المدنية بنصها على أن" كل تصرف في الشيء المحجوز مع وجود الحجز يقع باطلا".

 وفي ظل إيجاد إمكانية التحلل من الالتزامات نشير مع جانب من الفقه[396] إلى انتقال الحق الشرطي ومثاله بيع سيارة مرهونة بالسلف حيث أن البيع لا يقوم إلا بشرط تحمل الأقساط من طرف المشتري. ونعتبر أن الموقف القانوني الأسلم هو اعتبار هاته الحالة حوالة للدين حسب الفصل 169 من ق.ل.ع.

وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية[397] بتاريخ 10 يناير 1997 "إلى أن المكري يجب أن يكون مشتريا للتجهيزات التي يؤجرها فإذا لجأ المنتج إلى تأجير منتجاته فإن ذلك لا يؤدي إلى تطبيق قانون 2 يونيو 1966"، لتفصل محكمة النقض بشكل سليم بين الكراء والكراء التجاري رغم أن القواعد المنظمة للالتزامات يبقى شق منها هاما في ظل القواعد المشتركة للنوعين معا.

 فإضافة إلى الالتزام السابق الذكر المتمثل في دفع الأقساط والذي يعادل دفع الكراء فقد جاء الفصل 663 من ق.ل.ع بالتزام آخر أساسي يتحمله المكتري وهو أن يحافظ على الشيء المكترى وأن يستعمله بدون إفراط أو إساءة وفقا لإعداده الطبيعي أو لما خصص له بمقتضى العقد، هذا الأخير الذي جرت العادة على تضمين مؤسسات الائتمان به فوائد التأخير في حالة إخلال المكتري بالتزاماته الخاصة بأداء أقساط الكراء.

 ونظرا لما يمثله استيفاء الأقساط في مواعيدها من أهمية بالنسبة لمؤسسات الائتمان فهي تستند على المادة 453 من مدونة التجارة التي تنص على أنه "في حالة عدم تنفيذ المكتري لالتزاماته التعاقدية المتعلقة بأداء الاستحقاقات الناجمة عن الائتمان الإيجاري الواجبة الأداء فإن رئيس المحكمة مختص بصفته قاضيا للمستعجلات……" وذلك بعد استنفاذ الوسائل الودية حسب المادة 433.

 وقد ذهب الأستاذ أحمد محمد محمد الرفاعي[398] إلى إعتبار الأمر مجالا للظلم والتعسف في حالة بقاء أقساط قليلة وعدم التنفيذ الذي لا تراعى أسبابه، بل يكفي قيامه ليصبح لزاما رد الشيء المكترى والتعويض الذي يتخذ شكل حلول الدين كاملا، أما مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين فقد كان تنظيمه المباشر في المادة 102 وهي مادة مسطرية حاولت إحداث توازن بإقرار الفرق بين الأقساط والمبلغ الإجمالي المتفق عليه كأساس لاحتساب التعويض بعد الفسخ وإمكانية عرض المكتري لمكتري جديد داخل أجل 30 يوما كوجه حمائي

المطلب الثاني: التنظيم القانوني للأداء المبكر

 أمام قلة الكتابات الفقهية في هذا الموضوع نتساءل عن مدى نجاح المشروع في تنظيم الأداء المبكر والارتقاء به كحق للمقترض محمي بموجب القانون، ولأجله سنتطرق لآثار الأداء المبكر في الفقرة الثانية لكننا وقبل ذلك سنستعرض لشروطه في الفقرة الأولى.

الفقرة الأولى: شروط الأداء المبكر

لقد مر معنا في مراحل سابقة عن التعاقد أن المستهلك يسعى تحت ضغط الحاجة إلى إبرام عقد القرض الاستهلاكي وأن المهني المقرض يستعمل جميع الوسائل والآليات التي يمكن أن تجعل بها المستهلك ذا رغبة في الاستهلاك عن طريق القرض، لذلك ذهب جانب من الفقه[399] إلى أن المستهلك ليس قاصرا على التعاقد بل إن المشرع منحه تقنيات تساعده على تعاقد سليم .

وكنا نعتقد أثناء مرحلة التكوين أن المستهلك يهمه تقسيط المبالغ التي هو دائن بها للمؤسسة البنكية لكنه ولظروف متعددة يمكنه أن يبادر بالتوجه إلى المؤسسة المقرضة  ليطلب منها أداء المبلغ الإجمالي أو الأداء الجزئي لمبلغ القرض، ويمكننا أن نتصور بعض الدوافع التي يؤسس عليها المقترض طلبه مادامت المؤسسات المقترضة لا تستحسن أداء مبلغ القرض بشكل إجمالي حتى مع أداء الفوائد عن كل قسط.

 لكن للمؤسسات المقرضة مبرراتها فهي عندما تمنح قرضا يكون بمراجعة احتياطاتها وبقواعد حسابية معينة تجعل الأقساط المجدولة بطريقة حسابية لا تختل بمقتضاها موازنتها، وهو أمر مشروع سرعان ما يتبدد مادامت هاته المؤسسات قادرة على تجميد تلك المبالغ بحسابات ذات فوائد مرتفعة لمجموع المدة التي كان المقترض سيقسط الأداء خلالها.

 ونعتبر أن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة جديدة لاستغلال المستهلك لكن هاته المرة أثناء سريان العقد وطيلة مدة تنفيذه مادام منح القرض مرتبط بفتح حساب بنكي ومادام الحساب البنكي يستحق البنك على فتحه عمولات دورية لا يستطيع إهدارها أمام رغبة المستهلك المقترض في تسوية وضعيته، إما لالتزامات تجعله مضطرا للإدلاء بكشف حساب لا يتضمن ديونا أو حالة الرغبة في تغيير العمل أو الحصول على قرض عقاري يغطي تكلفة المنزل، فيكون مضطرا حينه إلى الأداء المبكر ،ومهما كان الأمر فإن رغبة المقترض تصطدم بامتناع وتعنت المؤسسات المقرضة.

 ولملامسة الشروط الواجبة للأداء المبكر في ق.ل.ع المغربي نشير إلى أن المادة 866 منه نصت على أنه "لا يسوغ إجبار المقترض على رد ما هو ملتزم به قبل الأجل المحدد بمقتضى العقد أو العرف، ويسوغ له رده قبل حلول الأجل، ما لم يتناف ذلك مع مصلحة المقرض".

وبذلك يصبح الأداء قبل الأجل مشروعا بمقتضى القانون ولم يحمل المقترض أي التزامات مرهقة من ضرورة احترام صيغ أو آجال معينة مادام يعلم أن عملية الأداء المبكر هي في صالح المقرض الذي يرى خلاف ذلك كما أوضحنا سابقا ويستغل الشرط الوارد في المادة أعلاه الذي يستوجب عدم التنافي والتعارض مع مصالح المقرض، وللإشارة فهو مقتضى عام يمكن للمهني تكييفه حسب حاجياته مادام من أمور الواقع المرتبطة بالممارسة التجارية.

 وتجنبا للإرتباك في موازنته يحتمي بنظام الشرط العقدي ليبقي الخطر رهينا بالمقترض وحده، وقد ذهب جانب من الفقه[400] إلى أن الاختيار يكون مع وجود الخطر أو عدم وجوده لكن المستهلك المقترض يختار وليس هناك وجود لخطر واحد بل مجموعة من المخاطر.

 وبالعودة إلى الشروط العقدية فقد جاء في الفصل 8 من نموذج عقد قرض للخواص لمؤسسة البنك الشعبي المعنون بالتسديد المسبق "يكون البنك مستعدا لدراسة أي طلب يقدمه المقترض مسبقا دون أن يعتبر ذلك التزاما من طرفه ويمكن للمقترض بعد موافقة صريحة من البنك، أن يسدد مسبقا المبالغ الواجبة في أي إطار كان….".

 أما عقد تمويل اقتناء سيارة لمؤسسة "وفاسلف" وفي مادته الثامنة المعنونة كذلك بالتسديد المسبق نص على أنه "يتوفر المقترض على خيار التسديد المسبق لكل المبالغ المقترضة، ويلزم أن يكون هذا التسديد موضوع طلب مكتوب يوجه عن طريق البريد المضمون للوكالة التي أصدرت القرض وذلك داخل الأجل المحدد من قبل "وفاسلف" وسيكون موضوع رديدة فوائد وفق الأنماط المحددة بالتشريعات السارية".

من خلال العقدين السالفي الذكر يتبين استغلال المؤسسات المقرضة لعمومية النص الوارد بـ ق.ل.ع بإضافة التزامات أثناء التنفيذ بنصوص هي أبرز مظاهر الشروط المظلمة والتي صعب علينا تفسيرها وتكييفها ووضع حدود مضبوطة لشروطها فما بالكم بالمستهلك العادي الذي لازال ينتظر مشروع قانون يرتقي بالأداء المبكر إلى مصاف الحقوق غير المقيدة.

 وفعلا جاءت المادة 99 من مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين ونصت على أنه "يجوز للمقترض بمبادرة منه أن يقوم في أي وقت….. بالتسديد المبكر لمبلغ القرض الممنوح له كله أو بعضا منه… لا تطبق أحكام الفقرة الأولى على عقود الإيجار ماعدا إذا كانت هذه العقود تنص على أن سند الملكية سينتقل في النهاية إلى المستأجر".

وللتأكد من صحة ما ذهب إليه العميد كاربونييه[401] الذي يرى بأن الطرف الضعيف يحظى بامتيازات أثناء التنفيذ سننتقل إلى الفقرة الموالية لنرى آثار الأداء المبكر.

الفقرة الثانية: آثار الأداء المبكر

يكتسي الأداء المبكر صبغة خاصة أثناء التنفيذ مادمنا قد بينا أوجه الأهمية التي يحظى بها، وسنعمل على تناول آثار القيام بالأداء المبكر فنشير إلى أن قانون الالتزامات والعقود لم يتناول موضوع الآثار المترتبة عن القيام بالأداء المسبق لأوانه بل ترك الأمر للحرية التعاقدية فليضمن المتعاقدون ما شاءوا من التزامات، وبالفعل هذا ما عمل المهنيون من مقرضين على تكريسه كما ذهب إلى ذلك جانب من الفقه[402] للقول بأن نظام الشرط هو المتحكم .

فبالرجوع إلى النماذج العقدية نجد مؤسسة التمويل "وفاسلف" في المادة الثامنة تحيل على الأنماط المحددة بالتشريعات والتنظيمات السارية ولا ندري ما المقصود بهذه الآثار مادمنا قد وقفنا عند الفصل 866 من ق ل ع المغربي، ووجدنا أنه خال من أي إشارة إلى التعويضات المحتملة أو أي أداءات كيفما كانت بل كرست الحق لا أقل ولا أكثر.

 ونظن أن الأمر يتعلق بترك سلطة تقديرية واسعة للمقرض لدراسة الحالة مادام من الواجب إرسال الطلب من المقترض إلى المقرض عن طريق البريد المضمون، ليقيم حجم التعويضات التي يمكن أن يطالب بها إن قبل أصلا إنهاء العلاقة التعاقدية المستمرة التنفيذ مادام قد كيف شرط عدم الإضرار بمصالحه الوارد بالمادة 866 من ق ل ع على أنه حق لإنهاء العقد من عدمه فكرسه بالتزامات عقدية مكملة.

أما البنك الشعبي في نموذج عقد القرض الموجه للخواص وفي المادة الثامنة منه فقد نص على ما يلي:  "……علما أنه يترتب عن كل تسديد مسبق كلي أو جزئي أداء من طرف المقترض لمبلغ قدره شهر من الفوائد على ما تبقى من أصل الدين، يحسب بالنسبة الواردة بالفصل 21 من هذا العقد."

إن استعراض ما سبق ليس من باب العبث العلمي بل توضيح للصعوبة  التي تعتري الباحث أثناء محاولة فهم الطرق الحسابية التي تجعل المقترض أمام هذا النوع من الصياغة ملزما أثناء التنفيذ بالتكييف الذي ستكشف عليه المؤسسة المقرضة ،والذي سنحاول تبسيطه  بعد أن وجدنا أنفسنا أمام التزام وانضباط غير مسبوق للأطر البنكية مفاده الامتناع البات والنهائي عن إعطاء أي تفسير حتى باتخاذنا لوضعية مستهلكين.

إن المؤسسة المقرضة عندما تبدأ في اقتطاع الأقساط فإنها تقتطع النسبة الأعلى والتي تصل إلى 90% من قيمة الفوائد وليس من أصل الدين، وبالتالي فهي تكون عند مطالبة المستهلك بأن يؤدي ما تبقى من قيمة القرض عن طريق الأداء المبكر، قد استوفت نسبة هامة من الفوائد ولم يتبقى إلا قسط صغير إضافة إلى أصل الدين .

وحتى نجلي الغموض سنقترح التوضيح عن طريق عملية حسابية تقريبية فلنفترض أن المبلغ المقترض هو 10.000 درهم بنسبة فوائد احتمالية تصل إلى 10% فيصبح المبلغ الإجمالي 11.000 درهم مادمت قيمة الفائدة 1000 درهم فالمؤسسة المقرضة عند أول اقتطاع للقسط إن افترضنا قيمته 1.000 درهم فستكون باستنزال 900 درهم على أساس نسبة 90% فتكون 1000-900=100 والاقتطاع بالنسبة لأصل الدين هو 10% أي 100DH فتكون       100=9.90010.000- درهم.

فعندما يريد المستهلك الأداء وحتى بعد أداء قسط واحد فقط لا تفقد المؤسسة المقرضة إلا 100 درهم من أصل  1000 درهم التي تشكل قيمة الفوائد لكن هذا المعطى بدوره سيتغير وسنجد أن الشرط الوارد في المادة 8 من نموذج عقد القرض التي تنص على وجوب أداء المقترض لمبلغ قدره شهر من الفوائد على ما تبقى من أصل الدين فيصبح المقترض ملزما بأداء المبلغ التالي:

990=   تشكل نسبة شهر  من الفائدة. 9.900×0.1 درهم كأصل دين.

  

فما يجب أن يؤديه المستهلك المقترض يساوي9900+99010.890 درهم فإن أضفنا لها القسط الأول المتمثل في 1000درهم تصبح النتيجة هي 11.890درهم أي أن المستهلك عندما إعتزم الأداء المبكر فإنه أدى أكثر مما كان من المفروض تأديته طيلة مدة تأدية الأقساط بزيادة 890 درهم، هذا إن قبلت المؤسسة المقرضة أصلا الأداء المبكر.

 ويتضح لنا بشكل جلي استغلال المستهلك أثناء التنفيذ أمام غموض الشروط العقدية والطرق الحسابية المستعصية على التشفير وذهبت الأستاذة نيكول شاردان[403] إلى اعتبار أن المستهلك أثناء التنفيذ أمام إرهاب تعاقدي.

 أما مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين لنرى أثر تغيير التقنيات والسياسات التشريعية، فالمادة 99 منه تمنع أي تعويض واعتبرت إدراجه باطلا وبالتالي استبعدت الشروط الجزائية ومثل هاته الممارسات التجارية التي تستنزف ذمة المقترض، أما المادة 104 من المشروع فإننا نستبعدها دون الدخول في جدل فقهي والتي تحدد التعويضات الممكن تحملها من طرف المقترض إلا في تلك المنصوص عليها في المواد من 99 إلى 103 مادامت تقتصر على العجز عن الأداء في ظل صراحة المادة 99.

ومن خلال ما سبق تجدر دعوة فقهاء القانون التجاري لإعادة النظر في المبادئ والابتعاد عن التعصب أمام ضغط التغيرات الاجتماعية.

 

 

 

المبحث الثالث: التزامات خاصة مؤثرة في تنفيذ العقد.

  عقد القرض الاستهلاكي له مميزات وخصوصيات تظهر خاصة خلال التنفيذ، ونظرا لترابط الالتزامات وصعوبة تحديد نطاقها وحدودها، أثرنا الخوض فيها خاصة ما اعتبرناه التزامات خاصة تتجاوز الأطراف الرئيسية من مهني مقرض ومستهلك مقترض، وهو ما سيكون موضع تحليل في المطلب الأول على أن نتناول التزامات أساسية خاصة بالأطراف الأصلية في المطلب الثاني.

المطلب الأول: الوضعية القانونية للضامنين

أمام خطورة الالتزامات التي يمكن أن يتحملها بعض الضامنين، آثرنا تسليط الضوء على مجال المسؤولية التي يمكن أن يتحملها الضامنون، ولأجله سنتطرق إلى قيام مسؤولية الضامنين في الفقرة الأولى على أن نحدد مدى هذه الالتزامات من خلال حدود المسؤولية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: قيام المسؤولية

سنحاول معالجة الإشكاليات الأساسية التي تحيط العملية التعاقدية خاصة ما يهم تنفيذها، وما الحديث عن الوضعية القانونية للضامنين إلا خير مثال، فالمقرض يتحرى ما أمكن في العملية التعاقدية السلامة التعاقدية ويضع نصب عينيه صورة الاختلال في التنفيذ مما يجعله يحيط العقد بمجموعة من الضمانات تبقى أبرزها الكفالة والتي ذهب البعض[404] إلى تعريفها بأنها عقد تبادلي يلتزم بموجبه الكفيل اتجاه الدائن بتنفيذ الالتزام في حالة عدم تنفيذه من قبل المدين.

 ولكي نتعرف على أحكام الشريعة العامة فقد نص قانون الالتزامات والعقود المغربي في الفصل 1117 على أن "الكفالة عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين، إذا لم يؤده هذا الأخير نفسه". ويتضح من الفصل السابق والتعريف الفقهي على أن الكفالة لا تقوم إلا في حالة تخلف المدين الأصلي، والحالة هاته تتجلى في صورة المقرض وتكون بالتزام واضح وصريح يعبر فيه عن قبوله تحمل مسؤولية الأداء للديون التي تترتب في ذمة المدين الأصلية منها وتوابعها، إلى حين تخلفه عن الأداء بما فيها التعويضات التي يمكن أن تترتب بموجب أحكام العقد إن تضمن شرطا جزائيا أو فوائد تأخيرية، وهو ما أكده القرار الصادر عن المجلس الأعلى[405] عندما نص على انه "يجوز الحكم من جديد على أداء المستأنفين الأصليين للمستأنف الفرعي الفوائد البنكية بسعر 12.85% ابتداء من تاريخ توقيف الحساب".

فبموجب التعريف السابق يكون حلول الكفيل محل الدائن بطريقة آلية أساسها الالتزام البات والصريح .

ولوضع الجانب النظري محل التطبيق نشير إلى نموذج عقد تمويل اقتناء سيارة لوفاسلف في الفصل الرابع تحت عنوان" وحدة القروض والتضامن"حيث ينص هذا الأخير  "…..وتم الاشتراط من جهة أخرى على تضامنية وعدم قابلية قسمة الدين المستحق الذي سيمكن أن تطالب به ورثة وذوي حقوق المقترض أو الكفيل طبقا للفصلين 181 و182 من ظهير قانون الالتزامات والعقود تقع التبليغات الواجب القيام بها على عاتق الورثة أو ذوي الحقوق المعنيين ويصرح الورثة أو الكفيل على هذا السبيل صراحة بتنازلهم عن الاستفادة من القسمة. إعمال أموال المدين طبقا للفصل 1137 من ظهير قانون الالتزامات والعقود والشروط الواردة في هذا العقد والقابلة للتطبيق على المقترض تمتد إلى الورثة أو الكفيل الذين يصرحون بقبولهم دون مناقشة ولا تحفظ ويؤكدون إطلاعهم التام والكامل عليها".

ومن خلال الشرط العقدي أعلاه يتبين تأكيد المهني المقرض على تحميل الكفيل جميع الالتزامات التي كان المستهلك المقترض سيتحملها وفي جميع الحالات دون استثناء، وأن التزامهم يشمل الدين كاملا بل إن التبليغات وحتى مصاريفها تقع على عاتقهم ،مما يجعل أي كفيل تمكن من قراءة هاته الشروط نظرا لحجم كتابتها وصعوبة صياغتها يمتنع عن الالتزام.

 و نؤكد مع جانب من الفقه[406] على أنه لا تقوم مطالبة الكفيل إلا بعد أن يطالب المدين الأصلي في توجه حمائي أمام عدم التحديد الدقيق ل .ق.ل.ع حدود المطالبة هل هي حالة الامتناع الاختياري أم عدم القدرة من جانب المقترض على الوفاء بالتزاماته؟ وهل يتعلق الأمر بالتخلف عن الأقساط ؟أم ضرورة وجود حكم قضائي يؤكد ثبوت الدين؟ أم أن الأمر يجب أن يصل إلى منتهاه حيث التصريح بعدم وجود ما يحجز؟ أي التنفيذ على أموال المدين المنقولة والعقارية.

 وتبقى جميع الاحتمالات تدور في فلك العقد أمام الفراغ التشريعي ونتجه إلى أن الأمر يجب أن يصل مرحلة التنفيذ مادام أن المطالبة بالأداء من قبل المؤسسة المقرضة وتخلف المدين عن التنفيذ لا تثبت إلا بالامتناع وليس عدم القدرة على السداد، وهو ما تؤكده الآليات القانونية التي تعطي للكفيل إمكانية تجميد قيام المسؤولية والمتمثلة في مبدأ التجريد[407] حيث يكون بمطالبة الكفيل تجريد المدين الأصلي من أمواله المنقولة والعقارية حسب الفصل 1136 من ق.ل.ع يقابله الفصل 2021 من القانون المدني الفرنسي، لكن وللأسف فإن شروط العقد تجعل الكفالة تضامنية وتصبح في حكم التنازل عن التجريد[408] .

وننتقل إلى مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين لنقف على مستجداته حيث أكدت تطبيق أحكام القروض الاستهلاكية على الكفالة المحتملة، لتحدد المادة 139 قيام الكفالة بوجوبية الكتابة وفي صيغة محددة إن كان العقد عرفيا، والالتزام بتسديد المبالغ المستحقة إذا لم يقم المدين الأصلي بذلك شخصيا والأخذ بالكفالة على وجه التضامن حسب المادة 140 والتي لا تشكل الحماية المنتظرة.

 لتبقى القواعد المدنية محل نسخ من قبل المشروع في ظل انتظار قيام الاجتهاد القضائي بالتكييف السليم للنصوص التي تحد من المسؤولية.

 

 

 

الفقرة الثانية: حدود المسؤولية                                                                                

لن نجد في مستهل هاته الفقرة أحسن مما ذهبت إليه الأستاذة نيكول شردان[409] بقولها إن المعاملات الاقتصادية تركت للعقد والآن يجب إرجاعها لقوة القانون.

لذلك سنحاول الكشف عن حدود مسؤولية بعض أصناف الضامنين  والذين اتخذناهم كنموذج نظرا لجسامة الالتزامات التي من الممكن أن يتحملوها خلال تنفيذ العقد، لكننا سنقتصر على أهمها وهو ما يدعونا إلى العودة لنصوص قانون الالتزامات والعقود وخاصة الفصل العام 1140 والذي ينص على أنه "للكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بكل د فوع المدين الأصلي، سواء كانت شخصية له أو متعلقة بالدين المضمون، ومن بينها الدفوع التي تؤسس على نقص أهلية المدين الأصلي. وله أن يتمسك بهذه الدفوع، ولو برغم اعتراض المدين أو تنازله عنها. كما أنه يمكن أن يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص المدين الأصلي كالإبراء من الدين الحاصل له شخصيا".

من خلال هذا الفصل نستنتج أن المشرع منح الكفيل الضامن للمدين الأصلي إمكانية التحلل من الالتزامات التي ترتبت عليه باتخاذه للدفوع الموضوعية أو الشخصية التي يمكن أن تكون مانعا من قيام المسؤولية الموجبة للأداء وتعزيزا للحماية، تذهب المادة 1150 من ق.ل.ع إلى اعتبار كل الأسباب التي يترتب عليها بطلان الالتزام الأصلي أو انقضاءه يترتب عليها انتهاء الكفالة، فمادام الكفيل يتحمل التزامات المقترض، فالأولى والأجدر أن نمكنه من نفس الامتيازات القانونية التي تدفع عنه المسؤولية.

 ومع ذلك يبقى اعتبار هاته المقتضيات في مجملها حمائية أمر محل نظر، لكون المقتضيات المدنية في حد ذاتها لا تسعف أمام صعوبة إثباتها إلا ما هو واضح بشكل لا لبس فيه، لكن ق ل ع المغربي لم يقتصر على هاته الصور الحمائية بل انتقل إلى مرحلة ثانية حيث اعتبر في الفصل 1155 "التجديد الحاصل مع المدين الأصلي يبرئ ذمة الكفلاء، ما لم يرتضوا ضمان الالتزام الجديد ثم امتنعوا فإن الالتزام القديم لا ينقض" .

 فتجديد العقد كما مر معنا في ما سبق من هاته الدراسة المتواضعة، يتطلب رضا جديدا ويمكن أن يتخلله رفع اعتماد أو زيادة في مبلغ القرض أو انتقاص من الضمانات، حيث لا يقبل المنطق القانوني السليم ولا قواعد العدالة إدخال الكفيل في التزامات لم تتجه إرادته إلى التعاقد بشأنها، ليظل الفصل أعلاه في مضمونه آلية للحد من المسؤولية التعاقدية.

 ونسير مع الاتجاه الفقهي[410] الذي اعتبر أن العقد إذا كان يبرم بين طرفين فإن التنفيذ تتدخل فيه أطراف أخرى وهو ما تجسده الكفالة، ويبقى لنا أن نشير إلى الفصل 1122 الذي ينص على أنه "لا يجوز كفالة الالتزام الذي لا يستطيع الكفيل أن يحل محل المدين الأصلي في أدائه كالعقوبة البدنية ".

 فالفصل يحتاج إلى تحليل مفهومه قبل اعتباره يضع حدودا للمسؤولية العقدية ويعفي الكفيل من الحلول محل المدين الأصلي في التزاماته، فإن أخذنا بقراءة سطحية سنعتبر أن المشرع وضع التزاما بالاستعلام على عاتق المهني المقرض يلزمه بالتثبت من قدرة الكفيل على تحمل الالتزامات التي كفلها وبالتالي يعتبر متخلفا عن القيام بواجب الاستعلام كلما تبين أنه يعلم عدم قدرة الكفيل أو من المفترض أن يعلم من خلال استعلامه حول وضعيته استحالة تحمله لتلك الالتزامات.

وما إدراج أداء العقوبة البدنية إلا صورة من صور الالتزامات الغير مشروعة والتي تبقى على سبيل المثال لا الحصر، لكن سعينا إلى توفير الحماية لن يجعلنا نتعسف في تأويل النصوص القانونية وباتخاذنا المنطق القانوني كمعيار للتحليل يتبين على أن الكفيل يلتزم بنفس ما التزم به المدين الأصلي الذي تخلف عن الأداء، وبالتالي يعتبر مدينا يجوز للمقرض أن يستعمل جميع الوسائل القانونية التي ستمكنه من استيفاء دينه ومن بينها الحجز على أمواله المنقولة أو العقارية وفي حالة عدم كفايتها أو انعدامها الكلي يكون بإمكانه إتباع مسطرة الإكراه البدني وهي تختلف عن العقوبة البدنية، فالأولى تعتبر إرغاما وإجبارا للمدين على الوفاء بالتزاماته ولا تنقضي المديونية بتطبيقها بل يبقى التنفيذ جائزا كلما تبين ملاءة ذمة الكفيل المدين.

 ويبقى النص مكرسا للالتزامات الممنوعة بحكم القانون والتي يكون فيها الالتزام بتحمل المسؤولية الجنائية في الشق الذي يترتب عليه عقوبة بدنية أمرا محرما، في ظل التساؤل حول قيمة هاته المقتضيات أمام إمكانية الاتفاق على مخالفتها.

 وننتقل مع مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين إلى المظاهر المستحدثة للحد من المسؤولية والمتصلة بالطابع الحمائي والتي ترتقي بالإعلام إلى التزام أثناء التنفيذ ،حيث أن المادة 141 تنص على أنه "يجب على المقرض أن يخبر كل شخص طبيعي كفيل في إحدى العمليات التي تدخل في نطاق……. بعجز المدين الأصلي عن الأداء منذ حدوث أول عارض. وفي حالة عدم تقيد المقرض بهذا الالتزام فإن الكفيل لا يلزم بأداء الغرامات أو الفوائد عن التأخير المستحقة بين تاريخ العارض الأول والتاريخ الذي تم فيه إخباره بذلك".

فإن كانت المادة السابقة قد شكلت مقتضى حمائي جزئي يتعلق بنوع معين من الإعفاءات وفي المدة المعينة المبينة أعلاه، فإن المشروع كرس ما ثار بشأنه الجدل في ظل القواعد المدنية من واجب الاستعلام حول الكفيل، بنصه في المادة 142 على أنه "لا يمكن للمقرض أن يعتد بعقد كفالة يتعلق بعملية من العلميات التي تدخل في نطاق….. أبرمه شخص طبيعي يكون التزامه، عند إبرامه، غير متناسب بشكل واضح مع أمواله ومداخيله، ما عدا إذا كانت للكفيل، ذمة مالية تساعده على الوفاء بالتزامه عند دعوته إلى ذلك" .

وأمام صراحة النص يبقى الكفيل متمتعا بالحماية في ظل تنفيذ العقد وترتقي قواعد المشروع إلى وضع توازن بين مصالح المهني وحماية الكفيل، حدها الفاصل احترام أحكام الكفالة المعتبرة من النظام العام حسب المادة 146 من المشروع التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.

المطلب الثاني: أداء الفوائد

 أمام صراحة النصوص في كل من قانون الالتزامات والعقود ومدونة التجارة والقانون البنكي ومعه القوانين الاستهلاكية يصبح التعامل بالفائدة امرا مشروعا بقوة القانون ، الذي يبيح للتاجر أو الشخص المعنوي – حتى الذي لا يدين بأي دين- الحصول على فوائد أثناء تنفيذ القرض ، والتي لم تؤطر جميع الإشكالات المثارة بخصوص الموضوع، مما يدفعنا لتناول الفوائد الاتفاقية في الفقرة الثانية على أننا سنتطرق قبل ذلك للفوائد القانونية في الفقرة الأولى.

الفقرة الأولى: الفوائد القانونية

 من المفترض كما ذهب جانب من الفقه[411] أنه لا يجب أن يتجاوز سعر الفائدة المتفق عليها حدا معينا، وهو ما يبرر تدخل المشرع بإرادته التي لا يكتمل العقد إلا باحترامها وعلى هذا الأساس يمكن أن يتم تنفيذ اتفاق المقرض و المقترض على الأداء وفي حالة خلافه يتوقع وجود صعوبات في التنفيذ.

 فقد كانت الفوائد فيما مضى محمية من قبل الكنيسة في العصور الوسطى وأتى المشرع في القانون المدني الفرنسي[412] ليؤكد مشروعيتها لكن الإباحة ليست على إطلاقها، بل يجب احترام الموانع وهي الفوائد المرتفعة التي يمكن أن ترتقي بالمقرض إلى جنحة النصب[413]، وينتقل بالتالي من بطلان الفوائد المرتفعة إلى تحمل المسؤولية الجنائية حسب ما أكدته المادة 25-311L من قانون الاستهلاك الفرنسي[414] .

وهو ما سبق لقانون 31 دجنبر 1989 أن نص عليه "باعتباره كل تجاوز لمقدار الثلث من الفائدة المتوسطة المطبقة في الفقرة السابقة على نفس الخطر من قبل مؤسسات القرض تكون عقوبته إما الحبس لمدة أقصاها سنتين أو غرامة تصل إلى 300.000  فرنك أو إحدى هاتين العقوبتين".

 فالمستهلك من خلال ما سبق محمي أثناء تنفيذ العقد من تجاوز قدر معين من الفوائد التي ترهق المقترض وتزيد من أرباح المهني المقرض الذي دائما يتعامل بالأجل مما يستدعي سرعة التنفيذ.

 أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد ذهب الأستاذ محمد لفروجي[415] إلى أن القرض البنكي يكون عمليا منتجا للفوائد لصالح البنك المقرض وفق المقتضيات العامة المنصوص عليها في المادة 871 من ق.ل.ع وما يليها والمقتضيات الخاصة وكذا المقررات التنظيمية الصادرة بهذا الخصوص من قبل وزير المالية والاقتصاد ووالي بنك المغرب، لكنه لم يخفي عدم الوضوح في كيفية احتساب الفائدة بالسعرين الثابت والمتغير وهو ما استدعى في ظل محاولة التنظيم إلى إصدار قرار لوزير المالية في 27 دجنبر 1990 ودورية لوالي بنك المغرب في 23 يناير 1992 تحت عدد 2-92CR.

 وبالرجوع إلى المادة 875 من ق.ل.ع نجدها أساس منح الاختصاص في تحديد سعر الفوائد بإحالتها على ظهير، والذي صدر فعلا في 9 أكتوبر 1913 وحدد سعر الفوائد القانونية في 6%.

لكن الأستاذ عمرو قريوح[416] أشار إلى أن تنظيم الفوائد القانونية لم يتوقف عند المحطات السابقة وذلك بمتابعته للتطور في الاختصاص الممنوح لتنظيم الفائدة، والذي بتعاقب القوانين البنكية وآخرها لـ 14 فبراير 2006 رسى على منح الاختصاص لوالي بنك المغرب وبالرجوع إلى الدوريات التي حاولت تنظيم سعر الفائدة كي يصبح مقننا بشكل لا يمكن تجاوزه وإلا اعتبرت نسبه باطلة والتي آخرها المعمول بها  الدورية عدد 2-G97 والتي تلزم البنوك بسعر الفائدة المحدد تحت طائلة العقوبات المقررة في القانون البنكي .

ونختلف مع جانب من الفقه[417] الذي يرى أن مناهج وكيفيات احتساب الفوائد هي في إطار علم الرياضيات وليس في إطار علم القانون، فالمنطق القانوني متتاليات رياضية قادر على تحليل المعطيات الواضحة والمشفرة، فإن عجز القاضي التجاري عن تحديد قانونية الفوائد من عدمها، فالأولى أن ندعو إلى حماية المستهلك المقترض الذي ينفذ التزامات غير واضحة تتخذ شرعيتها من كشوفات حسابية.

 وهناك طريقتان لاحتساب الفوائد من حيث الأصل، يمكن أن تكون إحداهما محلا للتنفيذ في ظل موانع قانونية، وتنقسم إلى الاستخماد الثابت والذي يكون بتواتر في سداد رأس المال والفوائد، والأصل أن تكون الفوائد ثابتة ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك ،على أن الإشارة واجبة إلى المنع الذي  يطال تنفيذ عقد يمتد إلى مدة أقل من سنة عن طريق آخر غير الفوائد الثابتة .

وتبقى الصورة الثانية في احتساب الفوائد بطريقة تناقصية وتكون باحتساب فوائد أكبر ورأس مال أقل عند التنفيذ، وقد ينفذ القرض بطريقة السعر المتغير للفوائد والذي يبقى رهينا بتقلبات السوق، على أن التنظيم طال مجال التنفيذ بمنع مراجعة السعر المتغير أكثر من مرة واحدة في السنة.

 لكن المهني له من الحلول ما يجعله قادرا على التهرب من الوضوح أثناء التنفيذ باستعماله تقنيات جد معقدة في احتساب الفائدة تستعصي حتى على المتخصصين، بل وتتنافى مع قواعد القانون البنكي، وهو ما يحاول الاجتهاد القضائي مواجهته بإنصاف الزبون عن طريق الحكم بخبرة حسابية حسب ما ذهبت إليه استئنافية مراكش[418] .

 وننتقل إلى أحكام مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين في ظل أخذها بالمفهوم الجديد للعلاقات التعاقدية خاصة ما يتعلق منها بالمسؤولية والتنفيذ حيث نصت في المادة 31 بالقسم العام المتعلق بالممارسات التجارية أنه "عند ممارسة حق التراجع، يجب على المورد أن يرد للمستهلك وعلى الفور وعلى أبعد تقدير داخل أجل 15 يوما الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور، وبعد انصرام الأجل المذكور، تترتب فوائد بقوة القانون على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به".

 إن المادة أعلاه تشكل تطورا في الفلسفة التشريعية بإقرارها حق المستهلك في الفائدة القانونية لأول مرة، بعد الفائدة المقررة للحساب لأجل في مدونة التجارة مما يشكل وجها حمائيا وتشديدا على المهني من أجل الاحتكام لقوة القانون.

وفي ظل أحكام القرض الاستهلاكي وخاصة المادة 84 من المشروع التي يفقد بمقتضاها المقرض الحق في الفوائد القانونية إذا لم يسلم عرضا مسبقا للمقترض أثناء التكوين وبالتالي نلاحظ ربط المشروع لمرحلة التكوين بالتنفيذ، وربط فقدان الفوائد القانونية بمفهوم الزجر والردع اتجاه المقرض وحتى اتجاه البائع أو مقدم الخدمة في ظل القرض المخصص، وخصوصا المادة 93 التي نصت "……في كلتا الحالتين يجب على البائع أو مقدم الخدمة أن يقوم بطلب من المشتري برد كل مبلغ يكون هذا الأخير قد دفعه مقدما من السعر أو التعريفة. وتستحق على المبلغ المذكور بقوة القانون فوائد بالسعر القانوني ابتداء من اليوم السادس عشر الموالي لتاريخ تقديم طلب الاسترداد".

فإن كان المستهلك ملزما بتحمل الفوائد فالأولى والأحرى في ظل مناشدة التوازن مع المشروع أن يتحمل المهني، التاجر، المقرض مليء الذمة المالية الفوائد القانونية عند تخلفه عن القيام بإلتزامه كأصل لتظل الفوائد الاتفاقية موضوعا للنقاش في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: الفوائد الاتفاقية

إن الفوائد القانونية وبحكم قواعد مدونة التجارة أصبحت تنتج فوائد للبنك بإقرار المدونة لقواعد الرسملة أو إنتاج الحساب كل ثلاثة أشهر لفوائد على الفوائد الموجودة أصلا.

 ونظم المشرع في قانون الالتزامات والعقود الفوائد الاتفاقية في الفصل 876 بنصه: "إذا تجاوزت الفوائد الاتفاقية الحد الأقصى المحدد على نحو ما هو مبين في الفصل السابق، كان للمقترض الحق في أن يدفع أصل الدين بعد عام من تاريخ العقد، وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر، غير أنه يجب على المقترض إخطار الدائن كتابة بعزمه على الدفع قبل إجرائه بثلاثة أشهر على الأقل. ويتضمن هذا الإخطار بقوة القانون تنازلا من المقترض عما يكون قد منح له من أجل أطول".

وفي تعليق لجانب من الفقه[419] على الفصل أعلاه شكك في قدرته على تحقيق حماية فعالة، فهو لا يتضمن جزاءا رادعا مادامت قواعده ليست من النظام العام وغير مرتبطة بأنواع الجزاء الفعالة لحسن التطبيق، خاصة أثناء مرحلة التنفيذ إلا في حالة عدم التصريح بحكم الاتفاق بالتخلي عن قواعد الفصل أعلاه .

ونشير إلى أن الفصل 876 من ق.ل.ع اعتبر الفائدة الاتفاقية المتجاوزة للحد المقرر عديمة الأثر، وهو ما أكده الاجتهاد القضائي المغربي[420] وهنا يحق لنا التساؤل مع الأستاذ جيرار لانيو[421] حول العلاقة الجدلية باللاشرعية للسرقة وفعالية التجارة التي لا تقوم إلا بممارسات مشبوهة ؟

 للإشارة فالفوائد الاتفاقية في القانون المدني المصري منصوص عليها بمقتضى المادة 227 بحد أقصى يصل إلى ٪ 7، ويشير جانب من الفقه[422] إلى إمكانية إعمال المادة 1172 من القانون المصري التي تجعل الشروط المخالفة للآداب العامة والقانون وكذلك تلك المستحيلة باطلة بقوة القانون .

 أما بالنسبة للتشريع المغربي وأمام صراحة المادتين 115 و116 من القانون البنكي لـ 14 فبراير 2006، أصبح النقاش عقيما حول أحقية التنظيم ق.ل.ع أو قرارات وزير المالية، فالمادة 115 تنص على استبعاد أحكام ق.ل.ع من التطبيق، أما المادة 116 فتعطي لوالي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان الحق في تحديد الشروط المتعلقة بسعر الفوائد المدينة والدائنة[423].

أما بالنسبة للمشرع الفرنسي، فالفائدة الاتفاقية تخضع لأحكام المادة 1907 من القانون المدني، بحيث أن تجاوز الحد الأعلى المقرر يصبغ على الفعل صفة جريمة المراباة، لكن ومع قانون الاستهلاك لسنة،1993 أصبح استعمال معدل الفائدة الفعلي الإجمالي أساس احتساب الفائدة، ويمكن التحقق منه بمقارنة بينه كمعدل فعلي إجمالي للقرض وبين المعدل المعتمد في السوق ويكون ربويا بتجاوز ثلث المعدل الفعلي الوسطي خلال فترة الثلاثة أشهر السابقة في عمليات مماثلة .

 ويبرز تدخل المشرع حتى فيما يخص الفائدة الاتفاقية، في ظل نقاش واسع حول قيمة سلطان الإرادة كحق يتمتع به الفرد في تحديد وبكل حرية القواعد التي سيخضع لها وتدخل المشرع في القوانين الحديثة الذي أصبح بحكمه فوق معد للإرادة.

وبالرجوع إلى النماذج العقدية خاصة  عقد القرض للخواص الصادر عن مؤسسة البنك الشعبي نجدها تحدد في المادة 21 نسبة الفائدة في٪7 ولقد أثار انتباهنا الفصل 9 من نموذج العقد والذي ينص على أن كل استحقاق حل ولم يؤد ينتج فورا وبحكم القانون فوائد بنسبة ٪1 شهريا حسب مدة التأخير دون المساس بإلغاء…..".

وستتضح الصورة بشكل بارز مع الفصل 12 الذي ينص على أنه "يقبل المقترض من الآن بأداء غرامة قدرها 10٪  تحتسب على المبلغ الكلي للدين من أصل وفوائد وعمولات ومصاريف وتوابع وزيادة على جميع المصاريف القضائية ابتداء من يوم تقديم الطلب إذا ما اضطر البنك القيام بإجراءات قضائية قصد استيفاء ديونه الحالية".

 وهي في حكم فوائد اتفاقية عن التأخير والتي نظمها المشرع المصري[424] في المادة 226 من القانون المدني الذي حددها في نسبة ٪5 في المسائل التجارية، لتحدد المادة 64 من قانون التجارة المصري نطاقه الزمني بنصها على أنه"يستحق العائد عن التأخير في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك".

 وفي ظل ما سبق يبقى نص الفصل 878 من ق.ل.ع  احد مظاهر الحماية على تجريم استغلال الحاجة أو ضعف الإدراك أو عدم التجربة، لحث مستهلك مقترض على التعاقد بفوائد تتجاوز إلى حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤذاة، بل إن المادة تحيل على المسؤولية الجنائية والمتمثلة في جريمة النصب حسب قواعد القانون الجنائي مع إمكانية إبطال كل ما زاد على الحد المقرر بمقتضى القانون كسقف أعلى للفوائد الاتفاقية.

 يتضح أن الفوائد التأخيرية يمكن أن تجد حلا في ظل المظاهر الحمائية الخاصة بتنفيذ العقد لأجل الحد من تعسفيتها، إضافة إلى الجانب التقريري لوالي بنك المغرب.

 ولا يسعنا إلا التشبث بالإعلام كآلية للحماية في العقد، حيث لا يكون الإنهاء دون إخطار سابق إلا عند وجود مبرر مقبول شرط الالتزام بإعلام المقترض أثناء التنفيذ، إذ أن أي تعديل لسعر الفائدة يجب أن يسبقه إعلام للمقترض الذي سيعد قبوله آنذاك بمثابة تجديد للعقد.

وسننتقل الآن في ظل الفرع الموالي إلى الإحاطة ببعض المظاهر الخاصة بحماية المستهلك المقترض أثناء التنفيذ .

 

الفرع الثاني: بعض مظاهر حماية المستهلك أثناء تنفيذ عقد القرض الاستهلاكي

 إن الدراسة لن تكون ذات جدية ومصداقية إن لم تحط بالمظاهر الحمائية البارزة للمستهلك أثناء التنفيذ، فكما قبل فقهاء القانون المدني التطور التشريعي الذي هم قواعد تنظم الممارسة التجارية بحكم الخصائص المتميزة للعمل التجاري والتي مست مبادئ ثابتة كونية للقواعد العامة، فأصبح على فقهاء القانون التجاري تقبل التطور التشريعي ومسايرته إلى نهايته الطبيعية والتي لن تكون إلا بإقرار قانون لحماية المستهلك يعيد العقد إلى قوة القانون ويحاول إحداث التوازن المفقود بحكم الواقع والقانون.

ولأجل الوقوف على أهم هاته المظاهر نقترح التطرق إلى تنظيم الاستدانة المفرطة في المبحث الثاني، ثم الدعاوى المتاحة في المبحث الثالث وقبل ذلك سنحلل حماية المستهلك من الشروط التعسفية (المبحث الأول).

المبحث الأول: حماية المستهلك من الشروط التعسفية

كثر الحديث ومنذ زمن طويل عن تكريس مفهوم الحماية من الشروط التعسفية رغم الإشكالات التي تحيطه والتي تستدعي تحليلا متأنيا يتميز بالبساطة كي يسهل استيعاب المستهلك لفحوى الحماية التي يتمتع بها.

 ولأجله سنخوض في مفهوم الشروط التعسفية في المطلب الأول، على أننا سنعمل على تحديد وسائل الحد من الشروط التعسفية في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول: مفهوم الشروط التعسفية

من منطلق الأحكام المتسرعة قد يتضح أن الأمر لا يحتاج إلى مناقشة مفهوم الشروط التعسفية، لكن الإشكاليات المثارة تأبى إلا أن تفند هذا الطرح ومن اجل التحديد السليم لمفهوم الشروط التعسفية، سنعالج خصائص الشروط التعسفية  في الفقرة الثانية، لكن وقبل ذلك سنعمل على توضيح طبيعة الشروط التعسفية  في الفقرة الأولى.

الفقرة الأولى: طبيعة الشروط التعسفية

ينطبق على عقد القرض الاستهلاكي ما ذهب إليه جانب من الفقه[425] حيث اعتبر هته  العقود تدور في دوامة التعسف المفترض أو الممكن، وقد علق بعض الفقه الـفرنسي[426] علـى الشـروط التعسفيـة بأنــها غير متوازنة des clause avantageus" "، ويصح الاصطلاح على تنظيمها بقانون الطرف الضعيف، فقبل الانتقال إلى عمق القوانين الاستهلاكية، تجدر الإشارة إلى المقتضيات العامة والآراء الفقهية المصاحبة لنصوصه، في ظل حملة غير مسبوقة لجمعيات حماية المستهلك ضد الشروط التعسفية[427].

فالشرط التعسفي هو عدم التوازن بين التزامات وحقوق الأطراف المتعاقدة حسب قانون 1 فبراير 1995 الفرنسي والذي يتوافق مع التوجيهية الأوروبية لـ 5 أبريل 1993، وقد كان المشرع المصري من بين التشريعات العربية المتميزة التي حاولت تنظيم الشرط التعسفي في المادة 149 من القانون المدني المصري.

على أننا نثير الانتباه مع جانب من الفقه[428]، في ظل تحليل طبيعة الشرط التعسفي واختلافها عما يشابهها من مؤسسات قانونية، مثاله الفرق  بين الشرط التعسفي و الشرط غير المشروع حيث يمكن أن يكون الأول صورة من صور الثاني لكن ليس بطريقة آلية.

 و في ظل البحث عن طبيعة الشرط التعسفي، ذهب جانب من الفقه[429] إلى طرح النقاش حول المواد 1131 و1133 من القانون المدني البلجيكي، التي تنص على بطلان الشروط المخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة، لكنه يعلق على أن الشروط التعسفية تبقى قواعدها آمرة وليست من النظام العام.

 ونظرا لأن كل توجه سيبقى متسرعا إن لم نحط بجميع جوانب الموضوع، فإننا نشير إلى ما ذهب إليه جانب من الفقه[430] من إمكانية لتأسيس الحماية بناء على نظرية التعسف في استعمال الحق حسب الفصل 94 من ق.ل.ع، الذي يقابله الفصل 5 من القانون المدني المصري، بينما ذهب جانب آخر[431] إلى أن الشروط التعسفية يمكن أن تجد تكييفها في نظرية السبب إضافة إلى التعسف في استعمال الحق، وفي ظل المعادلة التي تحاول الجمع بين الإثراء بلا سبب والشروط التعسفية واتخاذ العقد كسبب.

وتبقى هاته التوجهات محل نظر مادام العقد في ظل القواعد العامة يظل صحيحا منتجا لآثاره وواجب التنفيذ بحكم عجز القواعد العامة على توفير حماية واضحة وصريحة، خاصة أمام صعوبة إثبات سوء نية المقرض المسبقة في ظل نظرية التعسف في استعمال الحق .

 وترى الأستاذة نزهة خلدي[432]  وجه الاختلاف بين نظرية التعسف في استعمال الحق والشروط التعسفية، من حيث أن هذه الأخيرة لا تحتاج إلى إثباتها، بينما ذهب جانب من الفقه الفرنسي[433] إلى ضرورة إثبات الشروط التعسفية –اللائحية-، ونختلف مع الاتجاهين السالفي الذكر، فالجانب الذي ينفي ضرورة الإثبات قد تناسى أن الشروط التعسفية يمكن أن تكون خارج اللائحة التي درجت التشريعات على وضعها، بينما الجانب المؤكد لضرورة الإثبات كان توجهه غير سليم، لأنه أمام صراحة اللائحة لا يكفي إلا الإشارة إلى مطابقة الشرط الموجود في النموذج العقدي للشرط الموجود باللائحة.

هذا الخلل الذي أربك الفقه على اختلافه هو ما يدفعنا إلى البحث عن طبيعة الشروط التعسفية ،لكن هاته المرة في ظل القوانين الاستهلاكية ،فإبطال الشروط في ظل عقود الاستهلاك ليس إلا استثناء من مبدأ سلطان الإرادة وهو ما أكده جانب من الفقه[434] بقوله إن القانون الفرنسي ومعه القوانين الأوروبية  تمنح حماية استثنائية للمستهلك من الشروط التعسفية وهو ما ذهب إليه القانون الفرنسي رقم 95-96[435] المتعلق بالشروط التعسفية ل 1 فبراير 1995.

وفي ظل هاجس إيجاد الطبيعة المميزة للشرط التعسفي، ذهب جانب من الفقه[436] إلى أن أساليب ووسائل إبطال الشروط التعسفية متعددة منها منح القاضي سلطة إبطال شروط العقد، إضافة إلى أسلوب آخر وهو إدراج الشروط المعتبرة تعسفية في لائحة أو قائمة بتعداد حصري يبرز معه إغفال بعض الشروط التي تتوافر فيها الخصائص التعسفية ولم تذكر باللائحة.

 وقد أخذت بعض التشريعات المقارنة بأسلوب المزج بين النظامين السابقين أعلاه، كالمشرع الألماني في قانون 9 دجنبر 1976 والقانون الإنجليزي لسنة 1977 أما الشروط التعسفية في القانون الفرنسي فحسب جانب من الفقه[437] تبقى غير حصرية ،استنادا إلى المادة 132L التي عرفت الشرط التعسفي و 132/2 التي أشارت إلى صدور مرسوم لشروط تعتبر تعسفية، إذ صدر فعلا مرسوم في 24 مارس 1978 بناءا على قانون 1978 ونص في المادة الثانية على أنها هي "الشروط التي يكون موضوعها أو الهدف منها الإعفاء أو الإنقاص من التعويضات المستحقة للمستهلكين في حالة تخلف المحترف عن الوفاء بالتزاماته".

 فمن خلال الشكلين السابقين للتنظيم فإما أن يكون الشرط واردا بالمرسوم الصادر عن مجلس الدولة بعد استشارة لجنة الشروط التعسفية وبالتالي فتعسفيته ثابتة، وإما أن يكون غير وارد به وبالتالي يستند القاضي إلى التعريف وملحق الشروط التعسفية للتأكد من تعسفيته[438]، غير أن جانب آخر من الفقه[439] ذهب أبعد من ذلك في إطار المقارنة، فالنظام الألماني حسبه يتضمن نصا عاما إضافة إلى لائحة للشروط التعسفية وبالتالي يمكن بطريقة قبلية معرفة بأن الشرط باطل، على خلاف المشرع الفرنسي الذي نص على الشروط التي يُقضى بأنها تعسفية وكنتيجة يبقى تدخل القاضي أساسيا ولو أنه ليس مباشرا.

 في إطار هذا الغموض نلاحظ ارتباك الفقه الفرنسي هو الآخر حيث ذهب جانب منه[440] إلى أن الملحق لا هو بلائحة سوداء ولا هو بلائحة رمادية ،فالمشرع لم يوضح بالتحديد الدقيق مع أنه نص على أن المدعي لا يتحمل واجب إثبات كون هاته الشروط الواردة باللائحة تعسفية.

 ويبقى التساؤل مشروعا عن قيمة الدور الذي تلعبه لجنة الشروط التعسفية بالمقارنة مع دور مجلس الدولة؟ حيث نذهب إلى إلزامية المراسيم الصادرة عن مجلس الدولة وتبقى توصيات لجنة الشروط التعسفية مؤثرة دون إلزامية قانونية أو ما اصطلح عليه بعض الفقه[441] بالمؤثرة واقعيا.

 إن النقاش الذي سبق أن خضنا فيه يبرر موقفنا من وضع الشروط التعسفية في مرحلة التنفيذ التي يظهر خلالها الجدل والبحث عن الفعالية في ظل طبيعة مركبة يختلط فيها القانوني بالإداري وتعزيز الحماية بالسلطة التقديرية للقضاة مما يجعل النظام متميزا ومختلطا.

 أما مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين فقد ذهب منذ المادة الأولى إلى أنه من بين أهدافه الأساسية ضمان حماية المستهلك من الشروط التعسفية، مع تركيزه على تلك الواردة بالقروض الاستهلاكية، إضافة إلى المادة 15 والتي نصت على أنه "يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة ما بين الموردين والمستهلكين كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه على حساب المستهلك، عدم توازن مهم بين حقوق وواجبات طرفي العقد"، وقد ذهبت المادة 18 إلى تكريس النظام المختلط بنصها "مع مراعاة تطبيق النصوص التشريعية الخاصة أو تقدير المحاكم أو هما معا وعلى سبيل المثال لا الحصر". وبالتالي فإن الازدواجية الحمائية بارزة بين النص وتقدير المحاكم بناء على المادة 15 والحالات المشابهة للشروط الغير حصرية بالمادة 18 دون اللجوء إلى تقنية مجلس الدولة في التنظيم.

 لكن الصورة لن تكتمل نظريا إلا بالانتقال إلى الخصائص المميزة لهاته الشروط ومردنا ما ذهب إليه جانب من الفقه[442] لكي يكون الشرط تعسفيا يجب أن يفرض؟! ولن نجد جوابا شافيا إلا في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: خصائص الشروط التعسفية

سنبدأ هاته الدراسة لخصائص الشروط التعسفية أو بالأحرى خصائص الحد من الشروط التعسفية والتي ستظهر أكثر حدة ونقاشا أثناء تنفيذ العقد ،مع أننا لا نلغي الروابط بين التكوين والتنفيذ، فقد انتهينا في الفقرة الماضية إلى الفكرة القائلة بعنصر الفرض للشرط التعسفي وأمام تشبع الجانب الفقهي القائل بها بقواعد القانون المدني خصوصا المادة 109 من ق.ل.ع وكذلك نهجه للمقتضيات التي جاءت بها فعلا بعض القوانين المتجاوزة.

 ومن خلاله يبقى لزاما علينا مناقشة هاته الخصائص بطريقة منهجية تتمتع بالحياد مخافة إهدار حقوق هذا الطرف أو ذاك أمام مرحلة نهائية تسمى التنفيذ، وأمام وضعية المستهلك المقترض نذهب مع جانب من الفقه[443] إلى كون المستهلكين في ظل الوضعية التعاقدية الحالية لا يملكون إلا الخضوع للشروط المقررة، وأمام قوتها القانونية يصبح لزاما على المستهلكين تحمل الالتزامات المتولدة عنها.

 على أننا نشير إلى أن ما ذهب إليه جانب من الفقه[444] من أن مصدر الشرط هو الإرادة ومصدر الالتزام هو القانون يبقى محل نظر، مشيرين إلى أن الشروط تكون قانونية أو اتفاقية وهو مظهر من مظاهر التمييز الحديثة إن أخذنا معيار تدخل المشرع في العقد بطريقة آمرة .

ونلاحظ تشبث بعض الفقه[445] بالحماية القانونية في ظل قواعد القانون المدني بإشارته إلى الشروط التي تلغي الآجال الاسترحامية حسب المادة 1244 من القانون المدني البلجيكي والتي تعتبر قواعدها من النظام العام حيث يمنع التحلل عقديا من المسؤولية عن الأفعال الجرمية مثل الغش، حيث تبقى مثل هاته الشروط باطلة.

 أما التوجيهة الأوروبية فقد اعتبرت الشروط الجزائية تعسفية إن كانت مرتفعة، ونص القانون المدني الفرنسي في المادة 1152 على بطلانها[446]، لكننا ننتظر الحماية الخاصة للقوانين الاستهلاكية والتي لن تقوم إلا بتحديد سليم لهاته الخصائص المميزة للشرط التعسفي.

 وفي البداية نذكر على أن التوجيهية الأوروبية لـ 5 أبريل 1993 المتعلقة بالشروط التعسفية في مادتها الثامنة، تؤكد على الحماية الواجبة للمستهلكين من الشروط التعسفية مع إعطاء مرونة للدولة في كيفية تنظيمها داخليا ومنحها مدة للدول كي تدخل هاته القواعد الحمائية في قوانينها قبل حلول 31 دجنبر 1994[447] ، ورغم أن استجابة المشرع الفرنسي قد تأخرت إلا أنها ظهرت مع قانون 1 فبراير 1995 الخاص بالشروط التعسفية [448].

 ونعتقد أن من بين أبرز المظاهر التي دعت إلى التغيير القانوني هي الجدل الذي ثار حول الخصائص، ففي ظل قانون 1978 كان الشرط التعسفي يقوم على خاصيتين أساسيتين وهما: تعسف النفوذ الاقتصادي والميزة الفاحشة[449] وذلك في ظل اللائحة المحددة في المادة 35 من القانون أعلاه وبدأ النقاش ببوادر الربط بين الخاصيتين فذهب جانب من الفقه[450] إلى أن الشرط التعسفي يقوم بوجود تعسف في استعمال القوة الاقتصادية و ميزة مفرطة أو متجاوزة التي يحصل عليها المهني بمناسبة التعاقد وبالتالي وجود هاته الميزة المفرطة يَفترضُ وجود القدرة أو القوة الاقتصادية، فهاته الأخيرة تقدر بناء على المركز الشخصي للمستهلك.

 وهو تفسير حمائي في ظل قانون 1978 إضافة إلى اعتبار الميزة المفرطة عدم توازن في الالتزامات المترتبة على العقد عن طريق المبالغة أي تعدد التزامات المستهلك أو تخفيف التزامات المهني.

وقبل تقييم أوجه الخلل رغم هاته التوجهات الحمائية نشير إلى تكييف بعض نصوص القانون المدني المصري على أنها آليات حمائية من الشروط التعسفية محاولين الوقوف على الخصائص المستخلصة، ففي ظله الإذعان هو التسليم بشروط مقررة يضعها الطرف الآخر ولا يسمح بمناقشتها، ويلزم كخصائص إضافية لها وجود احتكار قانوني أو فعلي وأن تكون المناقشة محدودة النطاق بشأنها، وأن يكون الإيجاب صادرا إلى الجمهور بشروط مماثلة مطبوعة لا نقاش فيها تبرز الطابع التنظيمي بطريقة منفردة تمنح الموجب قوة اقتصادية تجعله ينفرد بتحرير العقد.

 فحتى لو اعتبرنا هذا التنظيم في القانون المدني المصري يرتقي إلى مظاهر تنظيم الشروط التعسفية فإن ملاحظتنا على قانون 1978 الفرنسي ستشملهما معا، فخاصية التعسف في استعمال القوة الاقتصادية أو إكراه المتصل بعوامل اقتصادية ليس عيبا في الرضا في ظل القانون المغربي والقانون المصري في مقتضياتهما العامة، أما وأن الأمر متعلق بقانون 1978 فإنه إرهاق للمستهلك الذي اتضحت مقتضيات التعسف من خلال اختلال التوازن أثناء التنفيذ ولكي يتمتع المستهلك بالحماية يجب عليه إثبات وجود خاصية تعسف النفوذ الاقتصادي حيث يصبح المستهلك أمام السهل الممتنع.

 وأمام التعريف[451] الذي استثنى التعسف الاقتصادي والذي جاء فيه "إن الشرط التعسفي هو ذلك الشرط الذي ترتب عليه الإضرار بالمستهلك بسبب عدم التوازن الواضح "الممقوت" بين حقوق والتزامات كل من المهني والمستهلك والمترتبة على عقد الاستهلاك"، أصبح لزاما علينا الانتقال إلى المادة 1/132 Lمن قانون الاستهلاك الفرنسي والتي ذهبت إلى تعريف الشروط التعسفية بكونها "هي التي يكون هدفها أو يترتب عليها إنشاء عدم توازن واضح "صارخ" دون وجود مبرر للتفرقة بين ما إذا كان عدم التوازن قد تجسد أو حصل أم لا عند تنفيذ العقد".

 وبالتالي انتهت الحماية الجزئية من الشروط التعسفية والتي كانت مؤسسة على عنصر الخطر أو الشروط الخطيرة، لننتقل إلى قانون 1995 الفرنسي والحماية التي أصبحت أكثر اتساعا في ظله ،مع التخفيف على المستهلك من عبء خاصية كانت حاجزا بينه وبين الحماية ألا وهي التفوق الاقتصادي والتعسف فيه.

 ويأتي مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين من خلال المادة 15 ليأخد منحى حمائيا حيث انه لا يتطلب إلا خاصية عدم التوازن وبالتالي تجاوز النقاش الذي خلفه قانون 1978 الفرنسي إضافة إلى شمول الحماية للشروط سواء كان متفاوضا في شأنها بحرية أو غير متفاوض في شأنها، أو حتى عند الإحالة إلى الشروط العامة.

ويبقى التساؤل عن مظاهر عدم التوازن والميزة الفاحشة كالشرط الذي يلغي أو يخفض التعويضات للمستهلك في حالة عدم التزام المهني والتي تعفيه من المسؤولية.

 ولأجل رفع الضرر الذي تصاب به العدالة العقدية من عدم التوازن يصبح لزاما علينا الانتقال إلى وسائل الحد من الشروط التعسفية.

 

 

المطلب الثاني: وسائل الحد من الشروط التعسفية

 يتبين من خلال المفهوم أن الشرط التعسفي لا يمكن ملامسته إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار المراكز القانونية للأطراف المتعاقدة، وسنحلل الوسائل القضائية للحد من الشروط التعسفية (الفقرة الثانية) على أن نستعرض قبل ذلك الوسائل القانونية للحد من الشروط التعسفية في الفقرة الأولى.

الفقرة الأولى: الوسائل القانونية للحد من الشروط التعسفية

قبل السير قُدما في التحليل نشير إلى أن جانب من الفقه[452] شبه لجنة الشروط التعسفية ذات الصفة الاستشارية في القانون الفرنسي على أنها أشبه بالشرطة التعاقدية، نظرا للتأثير الفعلي والضرر الذي يمكن أن تسببه هاته الآراء على المهنيين خاصة المقرضين من هدم صورة المؤسسات الاجتماعية التي تناشد التطور والمنفعة لجميع المستهلكين مقابل عوائد عادية رمزية والتي تتخلى عنها في مناسبات دورية.

 و قد ذهبت أغلب الدول الأوروبية إلى تنظيم الشرط التعسفي، وكمثال على ذلك ما جاء به المشرع البلجيكي في المادة 31 من قانونه الاستهلاكي، فالتوجه العام للقوانين الأوروبية يرمي في مقام أول إلى وضع مقتضيات حمائية وفي مقام ثان إقرار الردع من خلال اللائحة السوداء التي لا تهم ولا تحمي إلا المستهلك[453] .

 فالعقود محل رحب للشروط التعسفية ولا يعني كون العقد رضائيا أنه لا يتضمن شروطا تعسفية ومن أمثلة الشروط التعسفية ما ذهب إلى ذكره جانب من الفقه[454] من دفع بعدم المسؤولية قبل تسليم السلعة وتضمين العقد لتعويضات مفرطة عن التأخير ويبقى النموذج البارز للتحلل من الالتزامات العقدية بمقتضى سلطان الإرادة والقوة الملزمة للعقد هو شرط عدم المسؤولية والذي بتضمينه يبقى المقرض بعيدا عن دائرة التشويش .

وقبل الحديث عن المشرع المغربي سننتقل إلى المشرع المصري، حيت تتم مواجهة الشروط التعسفية من خلال نصوص القواعد العامة من 148 إلى 151 إضافة إلى المواد 217 و223 و224[455] ويبقى النص المحوري هو المادة 100 التي تؤطر الموضوع والتي جاء فيها "القبول في عقود الإذعان يقتصر على التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها"، على أننا لا نزكي المعادلة التي تقول أن كل عقد إذعان يتضمن شروط تعسفية بقدر ما نذهب إلى أن نسبة الخطر تبقى مرتفعة جدا.

أما المشرع المغربي فقد أخذ صورة لتنظيم الشرط التعسفي ومنها ما نصت عليه المادة 264 من ق.ل.ع ،التي تفتح المجال أمام إعادة العدالة التعاقدية إلى نصابها وذلك بإمكانية تعديل مبلغ التعويض المقرر عقديا إن كان لا يلاءم مقدار الضرر الحاصل، لكن جانبا من الفقه[456] انتبه إلى أن التعويض العادل ليس بشرط تعسفي، وفي حقيقة الأمر يبقى هذا الرأي من قبيل تحصيل حاصل مادامت المقتضيات القانونية لم تأتي لأجل خرق قانون العقد وإهداره بقدر ما تحاول إعادة العقد لقوة القانون وتصحيح مقتضياته.

 ونأخذ مثال القانون الألماني الذي يذهب إلى التنصيص على جزاءين، بطلان مطلق يتعلق بالشروط الواردة في اللائحة السوداء ،وإبطال يتعلق بالشروط الواردة باللائحة الرمادية ويضيف جانب من الفقه[457] قواعد حسن النية الواردة في المادة 242 من القانون المدني الألماني كآلية قانونية حمائية.

 وفي ظل التفسير العام يعتبر القانون الأسترالي حمائيا بمنعه على الشركات التصرفات غير المعقولة[458] والتي لن تتجلى إلا في نظام الشرط الذي يعتبر المجال الخصب للشروط التعسفية، وهو ما يسعى القانون البريطاني لسنة  1977 بدوره لمحاولة إيجاد توازن في قوة الطرفين التعاقدية .

أما المشرع الفرنسي فقد اعتبر في المادة  132L  الغير حصرية الشروط التعسفية وكأن لم تكن مكتوبة في ظل قانون 1993[459] والذي صار على نهج التوجيهية الأوروبية التي لم تستعمل مصطلح باطلة ولكن غير موجودة[460]، وهو ما يتقاطع مع القانون المدني الفرنسي الذي يعطي الإمكانية في استمرار العقد حسب المادة 1135 من القانون المدني الفرنسي دون الالتفات إلى الشرط الباطل، وتوازيه المادة 20 في فقرتها الثانية من القانون المدني السويسري[461] .

ونشير في ظل منع المشرع الفرنسي حسب كلود لوبري وميتشل ريتان[462] لثلاث مظاهر أساسية للشروط التعسفية وهي الشروط التي تلغي أو تحد من المسؤولية والشروط التي تمكن من تغيير موضوع التعاقد أو الشيء المتعاقد حوله وشرط الضمانات القانونية الذي أصبح تجنبها بموجب العقد أمرا شبه مستحيل.

 وللتذكير فالفكرة الأساسية والتي تم تنظيمها بالقانون البلجيكي للاستهلاك في مادته 32 ذو اللائحة غير الحصرية والذي يؤكد على نظرية ارتباط الشروط التي انتبه إليها أيضا واضعو مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين في المادة 16 والتي بالإضافة لنصها على الأخذ بالمادة 264 من ق.ل.ع تذهب إلى أنه "يقدر الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت إبرام العقد إلى جميع الظروف المحيطة بإبرامه وإلى جميع الشروط الأخرى الواردة في العقد" وتشمل الحماية حتى الملحقات والعقود الأخرى التي يجمعها ارتباط في التنفيذ.

 وتبقى المادة 18 من مشروع قانون المستهلك 08-31 مظهرا لتنوع صور الشروط التعسفية التي تكرس الخلل في التوازن العقدي بالتزامات يختفي مفعولها بحكم العقد الذي أصبح مقيدا باللائحة غير الحصرية ،حيث أضحت الشروط الواردة بها باطلة وكأن لم تكن حسب المادة 19، مع حرص المشروع على قاعدة إعمال العقد خير من إهماله أو نظرية انتقاص العقد[463] التي تحاول ما أمكن الإبقاء على العقد ساريا مادامت الإمكانية متاحة.

ونبدي تحفظنا على المادة 17 من المشروع إذ جاء فيها "لا يشمل تقدير الطابع التعسفي لشرط من الشروط حسب مدلول المادة 16 أعلاه تحديد المحل الأساسي من العقد ولا ملائمة السعر للسلعة المبيعة أو الأجرة للخدمة المقدمة مادامت الشروط المحررة واضحة ومفهومة" ويعتبر هذا التوجه موقفا وسطا لكنه غير مبرر بين استغلال الضعف والجهل الذي أتى به المشروع والغبن في ظل القواعد العامة .

الفقرة الثانية: الوسائل القضائية للحد من الشروط التعسفية

إن مظاهر وآليات التدخل القضائي لمحاربة الشروط التعسفية تبقى متعددة ومتنوعة، لكن الحرص على احترام القانون يبقى هو الفاصل والذي يحمي من الانحراف وراء الرغبة في حماية طرف دون الآخر والتي تضفي حماية مقَنعة غير مشروعة، فالهاجس حسب جانب من الفقه[464] هو تحقيق معادلة قانونية صعبة بين الأمن التعاقدي والتدخل القضائي للوصول إلى نظام اجتماعي متكامل وليس ذلك بالأمر الهين ونحن نعاني جمود النص على مستوى القواعد العامة في التشريع المغربي.

 ولكن جانبا من الفقه[465] يذهب بدوره إلى أن الأمر يتعلق بتقزيم دور التدخل القضائي في المجال العقدي بإعمال مساطر وجب احترامها.

 وفي إطار هذا النقاش فإننا نؤكد على أن الحماية القضائية تظهر من خلال الحد من الضمانات التي يراكمها المهني المقرض كشرط" شكاية réclamation" التي تفرض التزامات إضافية على المستهلك المقترض والتي تعامل معها القضاء بحزم باعتبارها تعسفية، ويبرز الشرط الجزائي أو التعويض الاتفاقي كمحل للنقاش على مستوى الفقه وحتى على مستوى القضاء، وسنستطرد بتعريف بسيط له رفعا للبس حيث ذهب جانب من الفقه[466] إلى اعتباره الاتفاق بين الدائن والمدين في عقد من العقود على عدم ترك التعويض إلى القاضي كما هو الأصل، بل يعمدان إلى الاتفاق مقدما على تقدير هذا التعويض فيتفقان على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه.

 وللإشارة فإن القانون الفرنسي يعطي للقاضي الحق في تعديل الشرط الجزائي وهو ما أكده بعض الفقه[467]  من أن للقضاء الحق في مباشرة فحص الشرط حسب تعديل 1985 الذي طال المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي.

 أما القانون المدني المصري فأكد في الفقرة الثانية من مادته 224 على أحقية القاضي في تعديل الشرط الجزائي المعتبر شرطا تعسفيا وقد ذهب الأستاذ عبد الباسط الجميعي[468] إلى اعتبار أن المشرع قد غالى في السلطة الممنوحة للقاضي وهو ما يعد إهدارا للقوة الملزمة للعقد.

و قد ذهب المشرع المغربي في نفس الاتجاه في ظل المادة 264 من ق.ل.ع ونعتبر أن الأمر لا يعدوا أن يكون محاولة محتشمة لتدخل في إعادة التوازن المفقود، بإعطاء القاضي سلطة تقديرية من خلال جميع الظروف المحيطة بالعقد لتقدير تعويض عادل بناء على عنصر الضرر دون فكرة الضغط والإكراه ومحاولة الاغتناء على حساب مستهلكين عديمي الخبرة.

 لكن هذا التدخل التشريعي بقي استثنائيا ،فبعض الفقه [469] يذهب إلى أن هناك تضييقا لمجال تدخل القاضي في تفسير وتأويل العقود خصوصا الألفاظ الغامضة وعدم القدرة على استيعاب الشروط أمام فشل القاضي  في إعمال الفصل 473 من ق.ل.ع ويظهر تشبث ق.ل.ع بمبدأ سلطان الإرادة خاصة الفصل 461 الذي يمنع على القاضي تعديل الألفاظ الواضحة أمام توجه الفقه إلى أن وضوح العبارة لا يعني وضوح الإرادة.

وبالانتقال إلى بعض المظاهر في ظل القوانين الاستهلاكية يتبين لنا رقابة القضاء الإداري على المراسيم التطبيقية للشروط التعسفية والتي نص عليها المشرع الفرنسي عبر مجلس الدولة وتكون هاته الرقابة داخل أجل شهرين من تاريخ النشر.

وأمام الشرط التعسفي دائما فقد ذهب القضاء إلى اتجاهين متناقضين إما التفسير الضيق للشرط التعسفي وإما التفسير الواسع، ففي ظل هذا الأخير اعتبرت محكمة النقض الفرنسية[470] أن "المهني لا يستفيد من الحماية المقررة للشروط التعسفية فلو كان مستهلكا لكان الشرط باطلا"، بينما يختلف الأمر حسب الاتجاه الضيق الذي ربطه القضاء الفرنسي في حكم بتاريخ 20 مارس 1980 بصدور مرسوم، وبالتالي قام بتكريس واقع الحال أو بتعبير أسلم واقع الممارسة التجارية بقضاءه أن الشرط مألوف ومنتشر ورغم غرابته فقد تلته أحكام حديثة تتخذ نفس التوجه القضائي[471] وتحدد مقومات التدخل القضائي من خلال مايلي :

 – القاضي يتدخل عندما يحدث الشرط عدم التوازن.

– القاضي يبحث جميع الظروف المحيطة بتكوين العقد.

– القاضي يمكنه طلب رأي لجنة الشروط التعسفية ويبقى،رأيها غير ملزم   

   له.

ونعطي مثالا في التشريع المغربي من خلال الخبرات حيث أن رأي الخبير يظل استئناسا للقاضي الذي يُكون قناعته دون إلزامية الخبرة.

وبالرجوع إلى أحكام الضمان ودور القاضي فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية وتحديدا الغرفة المدنية في قرار بتاريخ 15 يوليوز 1975 إلى منح الضمان رغم وجود شرط الإعفاء بناء على وضع التزامات إضافية على عاتق المشتري، وقد ذهبت قرارات أخرى في نفس المنحى بتقريرها إبطال شروط إنقاص الضمان باتخاذها معايير احتراف البائع وافتراض علمه بالعيوب والذي تقوم به سوء نيته لتكون في مجموعها قرينة العلم[472].

وفي قرار آخر لمحكمة النقض الفرنسية[473] بتاريخ 14 ماي 1991 ذهبت من خلاله إلى التصريح بتعسفية شرط عدم المسؤولية .

ومن خلال ما سبق يتضح الدور الذي يلعبه القضاء من خلال إقرار حماية للمستهلك حتى قبل ظهور القوانين الاستهلاكية  بناء على نصوص عامة، وهاته الإمكانية متاحة أيضا في القانون المدني المصري بناء على المادة 149 التي تنص على أنه "إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروط تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هاته الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها، وذلك وفقا لما تقضي به  قواعد العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك"[474].

 لكن وقبل الانتقال إلى المشروع نود مناقشة بعض النقاط الخلافية مع بعض الفقه المغربي ومنها ما اتجه إليه الأستاذ أحمد أبران[475] الذي حاول إيجاد الحل في ظل قوة الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود، بل الدعوة إلى حسن استغلال الفصل 473 من نفس القانون[476] والذي يذهب إلى تفسير الشك لفائدة المدين، فلربما أغفل الفقه أنه أثناء التنفيذ بل حتى في ظل التكوين يمكن أن يتخذ المهني وضعية المدين وبالتالي سنوفر حماية للمهني الذي حرر العقد انفراديا ووضع الشروط لصالحه وامتنع عن تنفيذ مقتضياته وأصبح بحكم ذلك مدينا بناءا على سوء توظيف الفقه للفصل 473.

على أننا نختلف  مع الأستاذ أحمد الكويسي[477]  الذي ذهب في ظل سعيه  لإيجاد حماية متجاوزا قوة القانون وهدر قيمة النصوص القانونية على علاتها ،بدعوته إلى التوازن العقدي في الأداءات ومنح السلطة للقاضي لإلغاء كل الاشتراطات العقدية التي تنافي انتظارات الأطراف عند التنفيذ.ونتساءل في ظل هدا التوجه حول  الطرف الذي حقق انتظاراته أو من الممكن أن يحقق انتظاراته في ظل القواعد العامة ،أهو المستهلك المنضم إلى العقد أم المهني المقرض اللذي يهدف إلى تحقيق أعلى ربح ممكن؟

ونختلف معه أيضا حينما اعتبر أن القضاء يمكنه أن  يستند على نظام عام افتراضي في محاربته للشروط التعسفية في ظل القواعد العامة كنظيره الفرنسي قبل صدور قانون 10 يناير1978[478].

فهذا الاتجاه تكريس للحماية بآثارها القانونية دون وجود أسس واضحة و صريحة إذ أن المثال الذي تبناه في طرحه والمتمثل في أن كل مساس بحق المستهلك في التقاضي يمكن إثبات عكسه في ظل القواعد العامة وذلك من خلال مسطرة الصلح المنصوص عليها في الفصل 1098 من ق ل ع المغربي .

ومن خلاله نؤكد أن القوانين الاستهلاكية لها مقتضيات متميزة تعنى بتنظيم علاقات خاصة لا تقاس بمقتضيات القواعد العامة.

أما مشروع 08-31 المغربي فقد أعطى القاضي سلطة تقديرية في ظل المادة 18 حيت يمكن للقاضي  اعتبار الشروط تعسفية بناء على اللائحة غير الحصرية أو مفهوم الشرط التعسفي المنصوص عليه في المادة 15، خاصة أمام اعتبار المادة 20 للقواعد المنظمة للشروط تعسفية من النظام العام، مما يجعل القاضي يتمتع بصلاحيات واسعة قد ترتقي مع المشروع إلى آلية حمائية إن كان الاتجاه في استعمالها سليما لا يغالي في تطلب الإثبات مادام كاهلها على المدعي بناءا على المادة 18.

ونشير إلى أن المشروع لم يحسم في طبيعة الحالات الواردة بها أهي لائحة سوداء أم هي حالات رغم ورودها بالنص تبقى رهينة بتدخل القاضي ويبقى الاتجاه الثاني أقرب إلى التفسير السليم للمادة، وندعو لإعادة النظر بمحتواها خاصة ونحن أمام حالات متزايدة من العجز عن الأداء و الناتج عن الاستدانة الفاحشة و التي ستكون موضع تحليل في المبحث الموالي.

المبحث الثاني:حماية المستهلك من الاستدانة المفرطة

إن تخلف الحماية أو نقصانها بل و حتى في ظل وجودها يمكن أن يصل بالمستهلك المقترض إلى أصعب مرحلة في المسار التعاقدي و هي عدم القدرة على سداد الديون والتي ستجعله في حالة مطل تمس وضعية الدائن وتنشئ تبعات تتولد عن هاته الوضعية، ولأجله ذهبت القوانين الحديثة إلى سن مفهوم جديد للعجز عن الأداء سنحاول مناقشته من خلال تنظيم الاستدانة في المطلب الثاني على أن نتناول الوقاية من الاستدانة المفرطة في  المطلب الأول .

المطلب الأول: الوقاية من الاستدانة المفرطة

يتضح بما لاشك فيه أن الحلول الوقائية تكون أكثر فعالية من الحلول الردعية الزجرية و ذلك حفاظا على الروابط الاجتماعية و عدم زعزعة الاستقرار الاقتصادي، و نحن نضع هاته المعطيات كهاجس حاولنا مناقشة هذا المطلب من خلال الالتزامات كآلية للحماية  (الفقرة الثانية) و سنحاول الكشف عما إذا كان الإعلام في ظل الاستدانة المفرطة يرتقي إلى آلية للحماية (الفقرة الأولى).

الفقرة الأولى : الإعلام كآلية لحماية المستهلك من الاستدانة المفرطة

يحظى الإعلام بدور بارز أثناء التكوين، لكننا سنحاول تبرير موقفنا المؤيد للأهمية التي يحظى بها في ظل هذا النظام الخاص.

 فقواعد الإفلاس المدني أو الاستدانة الفاحشة أو الاستدانة المفرطة بل وصلنا إلى مرحلة تشابه نظام صعوبات المقاولة في القانون التجاري، وهي نظام معالجة صعوبات المستهلك وكلها مرادفات تحاول إيجاد أجوبة قانونية للاستحالة الظاهرة لمواجهة المدين لديونه غير المهنية المستحقة أو التي ستستحق[479].

 فالاستدانة الفاحشة أصبحت حسب جانب من الفقه[480] ظاهرة اجتماعية تعاني منها جميع الدول ففي دراسة لبنك فرنسا بتاريخ 31 يوليوز 1995 تبين أن 350.000 منزل يتحملون قروضا بتكاليف تصل إلى ٪60 من مداخيلهم، وقد سبقت هاته الدراسة إشارات قوية حتى بعد دخول قانون 1978 حيز التنفيذ، فحسب جانب آخر من الفقه[481]  فإن سنة 1988 شهدت ارتفاع حالات عدم الأداء بشكل مهول.

إن توجهنا لا يعني توجيه اتهامات مجانية عن الأزمة العقدية التي تمظهرت في شكل العجز عن الأداء، بقدر ما يحاول النظر إلى وضعيات خاصة و نحن نتحدث عن أنواع من الأفراد الغير قادرة أصلا على الالتزام،[482] فنتشبث بالإعلام أثناء التنفيذ كآلية للحماية يمكنها الحد من الأضرار غير المعوضة للمستهلك مادام قد تعاقد بمحض إرادته حسب مفهوم القواعد العامة ولكي نتجاوز الدعوات المشروعة لجانب من الفقه[483]، في عدم الإصرار على تهديد الزبون بسداد الدين أو اللجوء إلى القضاء، نذهب مع الأستاذة نيكول شردان[484] في الطرح القائل بأن الحل يكمن في خلق آليات تساعد المستهلك على إعادة التوازن أو الحد من التفوق الاقتصادي.

 فصور النزاع البنكي يبقى أبرزها قائما على عدم الالتزام بأداء الأقساط، فالالتزام المقابل لمنح القرض هو الأداء في تاريخ الاستحقاق[485] والذي يجب التفكير في إيجاد حلول ملائمة لتسويته قبل اللجوء إلى القضاء و لم نجد أفضل من الإعلام نموذجا، فالإعلام ليس التزاما يلقى على أحد الأطراف دون الآخر، فخصوصية التنفيذ تفترض إعلاما متبادلا أو كما اصطلح عليه الالتزام بالتعاون لأن المشرع يحدد المخاطر في حالة عدم التنفيذ و يحذر منها بالإعلام الذي يثبت حسن النية في ظل عدم تمييز المشرع بين المقترض سيئ النية والمقترض حسن النية، فيصبح هذا الأخير ملزما بأداء تعويضات عن عدم أداء قسط واحد وهو ما يشكل تعسفا حسب الأستاذة حسنة الرحموني[486]، خلافا للأستاذ خالد وردي[487] الذي يرى أن عدم الوفاء يفترض فيه التكرار أي لا يمكن إثبات عدم القدرة أو الامتناع عن الأداء من تخلف قسط واحد.

 إن الفصل 477 من ق.ل.ع يعطي قاعدة قانونية عامة تصلح لاعتمادها كآلية لتكريس مبدأ الإعلام بنصه "حسن النية يفترض دائما مادام العكس لم يثبت" ولن يثبت ذلك من إلا بالتخلف عن أداء قسطين كما ذهب إلى ذلك مشروع 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين المغربي في مادته 100، مع ضرورة توجيه إنذار إلى المقترض يحثه فيه على الأداء ويعلمه بالعواقب القانونية التي يمكن أن تترتب عن تخلفه وهي آلية تمكن المستهلك المقترض من تبرير موقفه داخل الأجل المحدد الذي يصل أقصاه إلى 15 يوما بإمكانية تسوية وضعيته مع البنك.

 ويقع على عاتق المستهلك المقترض بدوره التزام بالإعلام في ظل التزام عام بالتعاون فلا يجوز والحالة هاته أن يخفي المستهلك وضعية مالية معينة كدخوله في إلتزامات ترهق ذمته المالية أو القيام بالاستدانة من مؤسسة مالية أخرى دون الرجوع إلى المؤسسة المقرضة لإعلامها بذلك، إذ يجب تفهم أن البنك المقرض يعتبر المس بذمة المقترض يساوي مساسا بالضمانات المقدمة له ترفع من نسبة الخطر في حصول عجز للمستهلك وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي[488] في نفس التوجه بتأكيده على أن المدينين حسني النية وحدهم الذين يتمتعون بالحماية وخلافه المقترض سيء النية الذي يرهق ذمته المالية بديون جديدة دون موافقة المقرض أو القاضي.

 فحسن النية مفترض في المستهلك مادام العجز قد نتج عن عدم تحقق المقرض أثناء التكوين من قدرة المستهلك على الأداء وعدم استعلامه حول قدرته عن الوفاء أو إعطاءه قرضا مع علمه بتواجد قروض أخرى تثقل ذمته في ظل افتراض حسن نية المقترض الذي لا يتحمل مسؤولية الإعلام إلا بحلول قوة قاهرة أو القيام بعمل سلبي ويبقى على المقرض أن يأتي بما يثبت سوء نية المقترض.

على أننا سنحاول إثارة مسؤولية الإعلام من زاوية البنوك، فكما هو معلوم أن المؤسسات البنكية ومؤسسات التمويل قد خلقت شبكة إعلامية فيما بينها تهدف وتسعى إلى معرفة وضعية المستهلك المقترض أثناء سريان العقد بناءا على الأعراف المهنية التي توجب الإعلام المتبادل بين المؤسسات المقرضة[489].

 فبمجرد توجه المستهلك إلى مؤسسة أخرى للاقتراض إلا ويكون لتلك المؤسسة بواسطة شبكة معلوماتية القدرة على معرفة قيمة القرض الذي يثقل ذمته المالية ومبلغ الأقساط المتبقية والمؤسسة المقرضة، وبالتالي عندما تعطي المؤسسة البنكية القرض للمستهلك المقترض إلا وتكون عالمة بوضعيته المالية فأصبح المستهلك في ظله غير ملتزم بإثبات مسؤوليته.

بل إننا انتقلنا من واجب الإعلام إلى إمكانية الاستعلام و نقول في ظله إن مسؤولية البنك يمكن أن تقوم بناء على تخلفه في الاستعلام مادام أن تعذر المستهلك عن الأداء ناتج عن خطأ البنك أو تعمده في إرهاق المستهلك وعدم مراعاة وضعيته المالية.

لكننا نود طرح تساؤل عريض ينتج عن هاته الوضعية وهو ألا يشكل تبادل المعلومات دون موافقة الزبون المقترض خرقا لقواعد السر المهني التي يمكن أن ترتب مسؤولية جنائية؟[490] وهل يمكن تبرير محاولة المقرض استبعاد عنصر الخطر ليقوم بخرق القانون وقوته الملزمة بل تجاوز حتى القواعد الزجرية منها؟

 ونتساءل من القاضي الذي يجرؤ الحكم على البنك لكشفه أسرار العميل لمؤسسة مقرضة أخرى؟!!

الفقرة الثانية: الالتزامات كآلية لحماية المستهلك من الاستدانة المفرطة

قبل الخوض فيما هو عقدي صرف، تجدر بنا الإشارة  أنه ليس هنالك نص قانوني يلزم المؤسسات المقرضة باحترام سقف معين من القروض والذي في حالة تجاوزه تكون بموجبه هاته الأخيرة قد خرقت التزاما قانونيا كان سببا في وصول المستهلك إلى وضعية مالية حرجة أدت إلى عجزه عن الأداء، فقد ذهبت الشركات الأعضاء في الجمعية المهنية لشركات التمويل في اجتماعهم بتاريخ 5 ماي1998 [491] إلى الرفع من مبلغ الحد الأدنى الذي يجب تركه للمقترض المغربي والذي وصل إلى 700 درهم كحد أدنى.

ومن خلال زياراتنا الميدانية لمجموعة من البنوك المغربية وجدنا أنها رفعت من الحد الأدنى الذي يمكن على أساسه الاقتراض والذي لا يتجاوز نصف الراتب الشهري بالنسبة للموظفين وهو أمر محمود نشجعه في ظل صرامة دوريات بنك المغرب المعززة بمقتضيات قانونية يمكنه من خلالها إلزام المؤسسات المقرضة على الالتزام بتعليماته تحت طائلة المسؤولية التأديبية.

ونشير إلى دورية والي بنك المغرب بتاريخ 6 دجنبر 1995[492] التي وضعت أصناف متعددة للديون من بينها الديون المشكوك في استرجاعها والديون المتنازع عليها وخاصة ديون القروض الاستهلاكية.

 ونحن نتساءل حول مدى التزام البنك في عدم إقراض المستهلك في حالة تبين أن الديون السابقة مشكوك فيها، وهل للدورية تلك الحجية التي يمكن على أساسها المنازعة وإثبات خرق التزام أدى إلى قيام الاستدانة المفرطة؟.

 نعيد التأكيد على أنه وبمقتضى القانون البنكي لسنة 2006 أصبحت دوريات بنك المغرب ملزمة تستمد مشروعيتها من الاختصاصات الموكولة لوالي بنك المغرب وبالتالي يمكن التشبث بها.

 ونشير إلى ما ذهب إليه بعض الفقه[493] من ضرورة التشدد مع المؤسسات المقرضة المحترفة المؤسس على عدم مشاركة المستهلك في تحرير العقد ويرجع إلى الثقة المفترضة في البنك، بل المهم هو أن هناك من يعتبر البنك مؤسسة من مرافق الدولة، على أن التزامات المؤسسات المقرضة تمتد في ظل مرحلة التنفيذ إلى مرحلة التكوين بقيام البنك إعطاء قرض دون دراسة إمكانية ومدى تقبل نشاطه لنوعية القرض[494].

إن التزامات المؤسسات المقرضة لا تتوقف في المراحل السابقة المذكورة بل تمتد إلى التزامات دورية يمكن أن يتمخض عن عدم القيام بها نتائج مباشرة وهي عجز المقترض عن الأداء ويبقى أبرزها الالتزام بمراقبة أداء الأقساط، فالمؤسسات المقرضة وكما مر معنى تختلف في اعتبار المستهلك في حالة مطل بين عدم أداء قسط واحد أو اثنين أو أكثر إلى حد أن بعض المؤسسات المقرضة ومثالها" البنك المغربي للتجارة الخارجية BMCI"  لا تثير أداء الأقساط إلا إذا تخلف المقترض عن أداء 12 قسطا أي سنة كاملة من الأقساط.

 ويتبين لنا من خلال ما سبق أن البنك بعدم مراقبته الدورية قد يجعل المدين يراكم ديونا متعددة ناجمة عن الأقساط ، ويقوم بالمطالبة بها دفعة واحدة ليصبح الدين بأكمله حال الأداء أمام عجز المقترض عن أداء كل المبلغ، فالآلية الفعالة للحماية من الاستدانة المفرطة هي كما ذهب جانب من الفقه[495] التزام البنك بمراقبة أداء الزبون للأقساط، ومادمنا نتحدث عن الأقساط فلا بأس من الإشارة إلى التزام البنك بان يكون كشف الحساب مطابقا للبيانات المحددة من طرف والي بنك المغرب كالتزام يشكل شفافية نسبية دعمت مع مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين الذي نص على بيانات أكثر تحديدا والتزام بإعلام دوري كل شهر خلافا لما جاءت به مدونة التجارة التي حددته في 3 أشهر.

 وما إشارتنا لكشف الحساب إلا للحجية التي أصبح يكتسبها وصعوبة إثبات الأخطاء البنكية مادامت العمليات الحسابية في الوقت الراهن مظلمة يصعب تفسيرها والتي يمكن أن تضخم من الالتزامات المفروضة على المستهلك وتجعله غير قادر على الأداء، لكن هذا الأخير يجب عليه بدوره أن يتحمل التزامات معينة ومن بينها احترام شرط تخصيص الدين.

 فنعلم أن القروض الاستهلاكية يمكن أن تكون مخصصة لمنتوج أو سلعة معينة وعدم احترامه لهذا الالتزام يمكن أن يعتبر خطأ عقديا مبررا لفسخ العقد وبالتالي تصبح الديون حالة بل يمكن أن تكيف من قبل البنك على أنها إضعاف المدين للضمانات حسب الفصل 137 من ق.ل.ع، وهو ما نص عليه نموذج عقد قرض للخواص صادر عن مؤسسة البنك الشعبي في المادة العاشرة حيث يترتب فسخ العقد وحلول جميع الاستحقاقات غير المؤذاة وفوائد التأخير في حالة ما أرصد المقترض المبالغ المقترضة كليا أو جزئيا لاستعمال غير الذي ينص عليه هذا العقد وأيضا إذا ظهر أنه عاجز عن تمويله الذاتي.

 كما أن مرحلة التنفيذ ترتب التزامات على المستهلك بحكم إذعانية العقد كإمكانية تجديد بعض العقود واقتطاع مصاريفها مباشرة من راتبه والتي يمكنها أن تؤدي به إلى العجز عن أداء ديونه إن تضخمت التزاماته بحكم القوة الملزمة للعقد، وتبقى الالتزامات في الدول الأوروبية أكثر حمائية حسب الأستاذة حسنة الرحموني[496] إذ لا يمكن أن تقتطع المؤسسات البنكية  أكثر من ٪ 30 من مدخول المقترضين.

وتجب الإشارة إلى أن مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين لم يولي حسب وجهة نظرنا أهمية بالغة إلى الأسس التي تدفع المستهلك إلى مرحلة الاستدانة المفرطة بعدم تحديد الحد الأقصى الذي لا يجب أن تتجاوزه المؤسسات المقرضة كاقتطاع من نسبة الدخل، وربما يكون ذلك إضفاء للمرونة وتركه للسلطة التنظيمية ممثلة في والي بنك المغرب مراجعة هاته النسب حسب تقلبات الاقتصاد الوطني.

لكن هذا لا يعفي واضعي المشروع من وضع التزامات واضحة وصريحة على عاتق الأطراف في ظل أحكام مندمجة للاستدانة المفرطة وليس ترك الأمر كما هو عليه الحال إلى المقتضيات العامة المنظمة للإعلام والمساطر الإجرائية المتبعة أو تكييف بعض المواد ومن بينها المادة 79 التي تمنع المورد حمل المستهلك على توقيع مجموعة من العروض يكون مجموع مبالغها متجاوزا من حيث رأس المال لقيمة كل منتوج مؤدى بواسطة القرض كالتزام قبلي يقطع المسار على بعض الالتزامات التي يمكن أن يتحملها المستهلك وهو غير واع بقدرته على تحملها.

المطلب الثاني: تنظيم الاستدانة المفرطة

أصبح تنظيم الاستدانة أمرا إلزاميا في القوانين الاستهلاكية وذلك مراعاة لوضعية المقترض الذي تجاوز قدرته على الأداء، لكن هاجس حماية الائتمان والثقة في عملية القرض يظل مطلبا تشريعيا يؤرق واضعي المشروع، وبين حماية هذا الطرف أو ذاك يبقى إحداث التوازن أمرا عسيرا ولأجله سنحلل الأداء في ظل فسخ العقد (الفقرة الأولى) والأداء في ظل سريان العقد (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الأداء في ظل فسخ العقد

مما لا شك فيه أن القواعد المدنية تميل إلى الالتزام بمحتوى العقد وبمجرد التماطل عن تنفيذ الالتزام تقوم المؤسسات المقرضة بطلب فسخ العقد لعدم الأداء وتصبح بموجبه الديون حالة، ومثاله حسب بعض الفقه[497] ما أوردته بعض الأنظمة الخاصة مثل قانون بيع السيارات بالسلف، فالتخلف عن القيام بالتزام أداء الأقساط يولد بكيفية آلية استرجاع السيارة من قبل مؤسسة التمويل، لتحقق الشرط الفاسخ إضافة إلى المطالبة بمبلغ الدين لتحقق واقعة المطل وهو ما يعتبر جزاءا قاسيا على المستهلك المقترض الذي لا تسعفه ظروف فجائية في الوفاء بالتزاماته مما دعى القوانين الاستهلاكية إلى تنظيم الأداء.

 وقبل ذلك سنبحث بطريقة موجزة عن آليات حمائية مدنية ولن نجد أبرز من المهلة الاسترحامية أو الاستعطافية أو القضائية، فالفصل 243 من ق.ل.ع المغربي[498] يعطي للمحكمة اختصاص النظر في منح المهلة ويمكن أن تمنح هاته المهلة حتى أثناء مرحلة التنفيذ، لكن في هاته الحالة بالاستناد إلى الفصل 165 من قانون المسطرة المدنية[499] وذلك بمراعاة مركز المدين المعسر وظهور بوادر مقدرته على الأداء والتي يعود اختصاص منحها في الحالة الثانية لرئيس المحكمة[500].

 على أن القانون المقارن وخاصة المصري تشدد وخلافا للقانون المغربي في منح الإمهال القضائي حسب الفصل 346 من القانون المدني وجعله أمرا استثنائيا واعتبره الأستاذ معوض عبد التواب[501] من باب حماية الائتمان حيث "لا يجوز للمحكمة منح المدين بالتزام مهلة للوفاء به أو تقسيطه إلا عند الضرورة بشرط عدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن"، مع ملاحظة تشدد القانون الفرنسي بدوره بناء على المادة 1244 من القانون المدني حيث ذهب الأستاذ مارسيل فونتين[502] إلى أن المستهلك في حالة إخفاءه لمعطيات تتعلق بصعوباته لا يتمتع بمهلة الميسرة بناء على الفصل1244، والمحمي في هذه الحالة هو المدين حسن النية معتبرا أن قانون التأمين أخذ نفس التوجه في حرمان المستهلك من الحماية في حالة الغش.

وبالانتقال إلى الخصوصيات الاستهلاكية نجد المشرع الفرنسي يمنح المهلة الاسترحامية والتي يجب أن لا تتجاوز سنتين بناءا على المادة 12-313L من قانون الاستهلاك الفرنسي لسنة 1993 بناء على الحالات التي تبرر ذلك،[503] ومن بين تلك الحالات ما توقعته الأستاذة نيكول شردان[504]  بإمكانية أن يقع المستهلك في حالة فقدان العمل.

وقبل استكمال الحالات المبررة لمنح مهلة إسترحامية  يجدر بنا التذكير على أن تنظيم الاستدانة المفرطة بدأ مع قانون 31 دجنبر 1989 الفرنسي[505] المتعلق بحماية الأفراد والأسر من المشاكل المترتبة عن عدم الوعي بخطورة القروض، بنصه على مرحلتين: تتجسد الأولى في تسوية ودية تقوم بها لجنة إقليمية[506]، ومرحلة ثانية متعلقة بالتصحيح القضائي عند فشل خطة التسوية.

 أما بخصوص القانون الفرنسي لـ 5 فبراير  1995فنظم شكلا وحيدا للمسطرة أمام لجنة الاستدانة المفرطة [507] مع توسيع سلطة القضاء في حالة عدم إمكانية المقترض تحمل الدين بجدولته بناءا على مقترحات المقترض إن تم قبولها، والإمكانية الثانية هي طلب القاضي تسهيلات لأداء الديون في حالة تدهور الحالة المادية للمستهلك، وتكون إما بالإنقاص من قيمة الدين أو إعادة هيكلة وضعية المقترض في إطار الحل الودي تحت وصاية إدارية تقوم بها لجنة لفحص حالات الاستدانة المفرطة[508] في ظل إقرار هذا الحق للمدينين حسني النية لإمكانية مواجهة ديونهم المدنية استنادا إلى قانون 1995 الفرنسي .

ويبقى للتقدير القضائي دور هام فلا يمكن عدم مراعاة وضعيات خاصة كالمرض أو تعرض المقترض لحادثة أو إضراب أو بطالة إضافة إلى إمكانية إغلاق المؤسسة المشغلة بل يمكن أن يتعلق الأمر بعجز ناتج عن طلاق الزوجة والذي يثقل كاهل المقترض بالتزامات لم يكن يتوقعها ويمكن توقع موت الزوجة التي كانت تتقاسم مسؤولية النفقات العائلية مع زوجها، هاته حالات ضمن أخرى تنبه لها ولحسن الحظ مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين في المادة 144 حينما استعمل عبارة " لاسيما في حالة الفصل عن العمل أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة. ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة المهلة القضائية ".

 وهو أحد المظاهر الحمائية حيث أن الحالة على سبيل المثال وليس الحصر مع إعفاء قانوني من أداء الفوائد طيلة مدة المهلة وقد حدد المشروع اختصاص رئيس المحكمة في إمكانية تحديده كيفيات الأداء عند انتهاء أجل وقف التنفيذ الذي لا يجب أن يتجاوز حدا أقصى يزيد عن سنتين من آخر دفعة مقررة في العقد الأصلي، لكن هاته المقتضيات تبقى رهينة بإيجابية قرار رئيس المحكمة[509] والذي بعدم قبوله لطلب المقترض يبقى بحكم المادة 100 من المشروع تحت رحمة المقرض الذي يمكنه أن يطلب التسديد الفوري بالفوائد الحال أجلها وفوائد التأخير بناء على سعر القرض والتعويضات المقررة بحكم الشرط الجزائي إن كان مضمنا بالعقد، يكفيه فقط توجيه إنذار وعدم استجابة المقترض للأداء.

 

الفقرة الثانية: الأداء في ظل سريان العقد

إن التراجع الذي لاحظناه مع المادة 100 من المشروع المغربي، لا يعاني منه فقط واضعوه بل الحالة نفسها يعاني منها المشرع الفرنسي ،إذ ذهب جانب من الفقه[510] في تعليقه على هذا التراجع "إن إشكالية الاستدانة المفرطة مرتبطة بإشكالية توسيع مفهوم المستهلك رغم أن هناك من يساند هذا التوجه المهني – المستهلك- وأن المشرع تأثر عندما لم ينص على آجال أطول لجدولة الديون وبالتالي يبقى السؤال مطروحا ألم نغالي في الحماية.

نظن أن الإجابة لن تتأخر مع مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين حيث نصت المادة 101 على أنه "يجوز للمقرض عندما لا يفرض التسديد الفوري لرأس المال المتبقي المستحق أن يطالب المقترض العاجز عن الأداء بتعويض لا يمكن أن يزيد على٪ 8  من الأقساط الحال أجلها وغير المؤداة، غير أنه إذا قبل المقرض إرجاء الأقساط المستحقة مستقبلا، فإن مبلغ التعويض لا يمكن أن يزيد على 4 ٪من الأقساط المؤجلة".

يتضح من خلال نص المادة أعلاه أن مبلغ التعويضات قد حدد في سقوف عليا محددة في 8 ٪ و4 ٪ وبالتالي تجاوز الوضعية الحالية التي يكون فيها العجز عن الأداء مقابلا لأداءات متعددة منها رأس المال والفوائد التأخيرية والتعويضات المستحقة بموجب الاتفاق والمسماة تعويضات جزائية، وهو نفس ما اتجه إليه المشرع الفرنسي الذي قام بتحديد جزافي للتعويضات المستحقة بموجب المواد من 30 -311L إلى 32-311L[511] وبنفس النسب المتراوحة بين ٪ 8 و٪4 والمرهونة بقبول المقرض الجدولة.

 وفي إطار حسم المشروع المغربي لإشكالية التعويضات التعسفية التي ترهق المقترض وهو يوجد أصلا في حالة عجز، فقد ذهبت المادة 104 من المشروع إلى أنه "لا يمكن أن يتحمل المقترض أي تعويض أو تكلفة غير تلك الواردة في المواد من 99 إلى 103 مع فتح الباب للمقرض لطلب المصاريف الخاضعة للضريبة التي يكون قد دفعها بسبب العجز عن الأداء على أن يستثنى من ذلك كل تسديد جزافي لمصاريف التحصيل.

 نلاحظ محاولة المشروع الجادة إلى إحداث التوازن ومراعاة وضعية طرفي العلاقة التعاقدية فرغم الإمكانية المخولة بدون أي قيد أو شرط للمهني المقرض في إعمال العقد وتمديد سريانه والتي تجعل هذا المقتضى خارج أي ضمانات قانونية، بل يمكن له أن يذهب إلى حد ترك العقد يستمر أمام تراكم الفوائد ليفاجئ المستهلك بطلب فسخ العقد الذي يبقى حقا حصريا للمهني غير محدد باستعماله في زمن معين تحت طائلة السقوط.

  لكن المشروع المغربي ومن جديد تنبه إلى هاته الحالة ونص في المادة 105 على أنه "يجب أن تقام دعاوى المطالبة بالأداء أمام المحكمة المختصة خلال السنتين المتواليتين للحدث الذي أدى إلى إقامتها تحت طائلة سقوط الحق.

إذا كانت كيفيات تسديد الأقساط غير المؤذاة محل تعديل أو إعادة جدولة، فإن أجل سقوط الحق يبتدئ منذ أول عارض لم يتم تسويته بعد أول تعديل أو إعادة جدولة اتفق عليها المعنيين بالأمر".

وتجدر الإشارة إلى خصوصية عقد الإيجار المقرون بوعد بالبيع أو عقد الإيجار المفضي إلى البيع، حيث أن المقرض وحتى في هاته الحالة يعطيه المشروع الحق حسب المادة 102 في اختيار تمديد العمل بالعقد رغم وقوع عوارض الأداء أو يمكنه اختيار الفسخ مع ضرورة احترام المساطر القانونية التي تحدد التعويض في استرداد السلعة ودفع الأكرية المستحقة غير المؤذاة، إضافة إلى إقرار شرعية  التعويض الجزائي أمام تحديد التعويضات عن الأقساط المتبقية بطريقة حساب الفوائد المركبة.

 على أن الأهم  هو الاسترسال في العقد أو حوالة الدين والحقوق المترتبة على العقد في حالة العرض الذي يمكن أن يقدمه المكتري إلى المكري داخل أجل 30 يوما من فسخ العقد وهو عبارة عن مشتري جديد عن طريق عقد شراء مكتوب للسلع المكتراة، حيث أن بيع المنتوجات بعد ذلك من الطرف المكري بأقل من الثمن المعروض يعطي للمكتري المفسوخ عقده ضمان خصم قيمة العرض المقدم وليس قيمة  بيع السلعة.

هاته المقتضيات تبقى ذات ارتباط وثيق بالمادة 141 من المشروع المنظمة للكفالة حيث تلزم بإعلام الكفيل بكل عارض من عوارض الأداء منذ حدوث أول عارض يشكل الخطوة الأولى لعجز المدين المكفول، حيث يظل طيلة هاته المدة التي لم يتم إعلامه فيها بمنأى عن كل التعويضات المرتبطة بأداء الغرامات وفوائد التأخير.

 إن إدراجنا لبعض المقتضيات المنظمة للأحكام والمساطر المتعلقة بفسخ العقد أو الكفالة لم يكن من باب الانحراف عن المقتضيات المنظمة للسريان بقدر ما يدعمه،  فهي تدفع المقرض ما أمكن إلى التشبث بالعقد بل ومساعدة المستهلك المقترض على تجاوز العوارض[512] التي أدت إلى العجز عن الأداء وفتح الباب أمام وسائل التسوية الودية والجدولة الاتفاقية، إنها محاولة من المشروع لخلقنة الممارسة التجارية بحسمها في موضوع الفوائد حيث أن أداء الفوائد كاملة على جميع الأقساط لم يعد له محل في القانون الفرنسي الذي اتخذ المشروع نفس نهجه الحمائي على علاته.

المبحث الثالث: بعض الدعاوى المتاحة                                                                        

تتعدد الدعاوى التي يمكن للمستهلك إقامتها وإتباع مساطرها إذ تعتبر أوجه الحماية التي توفرها حلا للإشكاليات المثارة وزادت قيمتها مع المشروع المغربي لحماية المستهلك، على أننا لن نخوض إلا في النقاط الأساسية والخطوط العريضة التي تضع المستهلك في المسار الصحيح للمطالبة القضائية وسيكون ذلك من خلال الدعاوى المدنية في المطلب الأول والدعاوى الجنائية في المطلب الثاني.

المطلب الأول: الدعاوى المدنية

لكي تكون الدراسة مركبة تشمل الوضعية الحالية والوضعية المستقبلية في ظل المشروع المغربي، سنعمل على تناول هذا المطلب من خلال تفريعين، الأول يهم أنواع الدعاوى (فقرة أولى) أما الثاني فينصب على آثار الدعاوى (فقرة ثانية).

 

 

الفقرة الأولى: أنواع الدعاوى المدنية

من المعلوم  أن قانون الموضوع يبقى في حالة جمود وسكون ولا يتفاعل إلا بتحريك المساطر القانونية التي تكفل الحق، فالحق مطلوب لا محمول ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن القول بأن قانون الموضوع لا يتضمن قواعد مسطرية أصبح أمرا غير مقبول مادامت طبيعة التنظيم تفرض المزج بين القواعد ويبقى معيار التحديد هو نظرية الاستغراق .

وتجاوزا لهذا النقاش فإثارة النزاع حسب القواعد العامة مدنيا يمكن أن يكون عن طريق إثارة المسؤولية العقدية أو عن طريق إثارة المسؤولية التقصيرية والتي يجب أن تتوفر بها أركانها الأساسية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، لكننا ندعوكم إلى تقسيم أشمل تراعى فيه الخصوصيات الاستهلاكية، وهو الذي نظّر له جانب من الفقه الفرنسي[513] بقوله "وجود المستهلك ضمن مجموعة ومصلحة خاصة ضمن مصلحة عامة استوجب إيجاد آليات جماعية" وهو ما يصطلح عليه بممارسة الحقوق الجماعية للمستهلكين.

وكتطبيق له فجمعيات حماية المستهلك تتدخل إذا كان للفعل شق جنائي لتتمكن من ممارسة الدعاوى المدنية خاصة أمام خطورة بعض الممارسات الإشهارية وتضليلها، حيث يحق لها العمل على إيقاف هذا الضرر مادامت تمس مصلحة جماعية من خلال دعوى طلب إيقاف الأعمال غير المشروعة[514]، وهو ما أكده الاجتهاد القضائي الفرنسي في قضية نويل التي كان فيها المطالب فديرالية الأسر الفرنسية حيث أقرت المحكمة الكبرى لباريس في قرار لها بتاريخ 7 دجنبر1994  وقف الممارسات غير المشروعة[515].

فالدعاوى يمكن أن تكون فردية وهو الأصل، حيث أن كل مطالب بحق مقرر قانونا يجب عليه التوجه إلى القضاء لأنه لا تقبل الدعوى حسب المادة الأولى من قانون المسطرة المدنية المغربي إلا لمن كانت له الأهلية والصفة والمصلحة وهي الحاجز الذي نتوقع رفعه مع مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين كي تقوم جمعيات حماية المستهلك بالدفاع عن حقوق المستهلكين المقترضين خاصة وأن المستهلك المنفرد لا يبادر إلى إثارة النزاع.

 لنصل إلى وضعية القانون الفرنسي الذي يقر دعوى جمعيات حماية المستهلك إن كان لها محل، ومن بين الدعاوى الممكنة دعوى إلغاء الشروط التعسفية المضمنة بنماذج العقود حسب المادة 6-421L من القانون الفرنسي[516]،حيث ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي من خلال المحكمة الابتدائية الكبرى لباريس في 16 أبريل 1991 في قضية نموذج لعقد أثارت جمعية لحماية المستهلك إلغاءه يتعلق بإعطاء مهلة 3 أيام للاعتراض على عدم مطابقة المنتوج والذي أعلنته المحكمة شرطا تعسفيا[517].

وهنا يبرز ما دعا إليه الأستاذ أحمد محمد محمد الرفاعي[518] من التأكيد على دور القاضي في استنطاق العقد، ونضيف دعوى ذات أهمية خاصة وهي دعوى ضمان العيوب الخفية، خاصة في ظل ارتباط العقود حيث ذهب الأستاذ محمد السيد عمران[519] إلى أن الاجتهاد القضائي حاول التشدد مع المهني في ظل هذا النوع من الدعاوى وذلك بتكريس عدم استفادته من شرط عدم الضمان.

 لكن التوجهات الحمائية لا يستفيد منها المستهلك إذا لم يبادر إلى رفع الدعوى ضمن الإجراءات التي يحددها القانون وكل تهاون أو تقاعس في رفع الدعوى يفقد بمقتضاه الحق في الحماية[520].

 وفي ظل مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين فقد تكرس الحق في الدعاوى الجماعية، من خلال إعطاء الصفة لجمعيات حماية المستهلك والجامعة الوطنية للدفاع عن المستهلكين المحترمة للمقتضيات المنصوص عليها من المادة 147 إلى 152 وخاصة توفرها على صفة المنفعة العامة، ويبقى لهاته الجمعيات الحق في المطالبة بالحماية من خلال نفس الدعاوى المخولة للطرف المدني ومن بين هاته الحقوق الطلبات الرامية إلى إيقاف التصرفات غير المشروعة أو حذف شرط غير مشروع في العقد أو نموذج العقد المقترح على المستهلكين حسب المادة 154 والذي يرتقي إلى مستوى الحماية القبلية دون انتظار وقوع ضرر مادام يكفي لرفعها العرض على جمهور المقترضين.

 إضافة إلى التنصيص على نوع جديد من الدعاوى وهي دعاوى حذف الشروط التعسفية وغير المشروعة حسب المادة 158 وهو ما يؤكد توجهاتنا السابقة على أنه ليس كل شرط غير مشروع هو تعسفي، وهذا ما برر إعطاء المشروع لكل  شكل منها دعوى خاصة بها.

الفقرة الثانية: آثار الدعاوى المدنية

إن مبرر النقاش حول آثار الدعاوى المدنية هو الانتهاك المتكرر للعدالة[521] وهو معيار الضرر الحقيقي الذي يصيب خاصة المستهلك المقترض ونحن نعلم أن البطلان الذي تقضي به القواعد العامة ليس بجزاء فعال[522]، فطريقة الكتابة بحروف صغيرة أصبح في ظل القوانين الاستهلاكية لا يؤدي كما هو عليه الحال في ظل القواعد العامة إلى الإعفاء من المسؤولية رغم أن جانب من الفقه[523] يؤكد توجه بعض الاجتهادات القضائية إلى تكريس الحماية حتى في ظل القواعد العامة.

فالجزاء على الشرط التعسفي كمثال لا يمكن في ظل مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين أن يزول حتى بالإجازة وهو ما أكدته القواعد العامة في ظل القانون المدني المصري، لننتقل من العقد الباطل كعقد ميت إلى الشرط الباطل كشرط ميت لا يولد أثرا، حيث أن الجزاء الفعال هو اعتبار الشرط التعسفي غير مكتوب كتكريس للنظام العام الحمائي وإعطاء الفرصة للاستمرار في العقد وترتيب آثاره.

 ومن آثار رفع الدعاوى حرية الإثبات كحق يتمتع به الأطراف في ظل اعتبار هاته العقود تجارية، حيث أن الإثبات في المادة التجارية جائز بكل الطرق[524] وهو ما يدعو المهنيين إلى الكتابة لسهولتها ولما تمنحه من ثقة.

لقد سبق لنا التأكيد على القواعد المنظمة لبعض المقتضيات منها ضمان العيوب الخفية حيث دعت التوجيهية الأوروبية لـ 25 يوليوز 1985 لتمديد أجل تقادم دعوى ضمان العيوب الخفية إلى 3 سنوات من تاريخ العلم بالعيب أو من تاريخ حدوث الضرر، خلافا للقواعد العامة والتي ذهب المشروع المغربي إلى تبنيها حتى في إجراءات التقادم المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود وتبقى المطالبة بالأداء في ظل نظام العجز مقترنة بتقادم أمد سنتين بينما كان المشرع الفرنسي صريحا في الأخذ بمدة سنتين كأجل عام للتقادم[525].

وتبرز نوعية التعويضات عن الدعاوى خاصة المتعلقة بتخلف الإعلام من تعويضات عن الضرر المباشر وأخرى تتعلق بالأضرار التبعية وانتقال المشروع إلى مرحلة جديدة من الضمان القانوني وهو ذلك المنصوص عليه في المادة 92 التي تقضي بأنه "إذا وقع الفسخ القضائي للعقد الأصلي للبيع أو تقديم الخدمة أو إبطاله بسبب فعل البائع أو مقدم الخدمة، جاز الحكم على هذا الأخير بطلب من المقرض بضمان تسديد المقترض للقرض بصرف النظر عن التعويضات المستحقة لكل من المقرض والمقترض".

ومن المقتضيات الأساسية جزاءات عدم التنفيذ، فهي تؤدي إلى وقف تنفيذ الالتزامات إلى حين حل النزاع ويكون المعيار أو الأساس القانوني وهو إعلام المقرض حسب المادة 21. 311L من قانون الاستهلاك الفرنسي فهو وقف قضائي وليس تلقائي، وهو ما ذهب إليه المشروع المغربي في المادة 91 حيث نصت "إذا نشأ نزاع في شأن تنفيذ العقد الأصلي للبيع أو تقديم الخدمة جاز للمحكمة المختصة إلى أن يتم حل النزاع، وقف تنفيذ القرض، ويفسخ عرض القرض أو يبطل بقوة القانون عندما يكون العقد الأصلي قد تم فسخه أو إبطاله بحكم اكتسب حجية الشيء المقضي به" .

إن ما آثار انتباهنا من خلال هاته المادة مصطلح "المحكمة المختصة" والذي ينقلنا إلى موضوع الاختصاص القضائي الغير محدد في ظل المشروع، فبعض القوانين المقارنة ومنها اللكسمبورغ ذهب في المادة 4 من قانون 25 غشت 1983 إلى جعل كل شرط يحدد فيه الاختصاص القضائي خارج ما هو محدد في القانون شرطا تعسفيا[526].

 وهو ما نجده في المادة 18 من المشروع المغربي لكنه ليس معيارا كافيا للحسم والتحديد الدقيق في ظل تنصيص النماذج العقدية على اختصاص محكمة الدار البيضاء[527] وهو ما يشكل إرهاقا للمقترض وزيادة في أعباءه ويمكن أن ترتب آثارا في ظل المشروع من بينها عدم قبول الدعوى لعدم الاختصاص خلافا للمشرع الفرنسي الذي كان صريحا في المادة   37- 311L وحدد الاختصاص في حالة النزاع بين المهنيين والمستهلكين للمحكمة الابتدائية[528] والذي يشكل عاملا يساعد المستهلك على الالتجاء إلى القضاء بدلا من التراجع الذي يعانيه الآن بفعل قلة المحاكم التجارية وبُعدها عن محل الإقامة إضافة إلى مصاريف المنازعة التي تبقى حاجزا أمام رفع الدعاوى، لتبقى أزمة المحاكم الابتدائية بارزة دون العمل على توضيحها، ومنها الاكتظاظ

وبالحديث عن المشروع المغربي نشير إلى حالة تعدد الدعاوى ووجود مدعى عليه مهني واحد متسبب في الأضرار للمستهلكين، حيث بموجب المادة 162من مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين وخلافا للفقرة الثالثة من الفصل 33 من قانون المسطرة المدنية المغربي أصبح حق اختيار أي محكمة لرفع الدعوى باسم المستهلكين المذكورين أمرا مشروعا، ومن المقتضيات الحمائية كذلك الجزاءات التكميلية التي ذهبت الأستاذة سوزان كرفال[529] إلى الدعوة لاستغلاها لتشكيلها وسائل ردعية فعالة لم يتم استغلالها بعد.

ويمكن أن يكون مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين الحل من أجل إلزام المهنيين باحترام القواعد القانونية حتى خارج إطار القوانين الاستهلاكية مادام الجزاء هو نشر الحكم الذي يسبب أضرارا أكبر من الحكم بالتعويضات بل هي إضرار بسمعة المهني وهو ما أكده القانون المقارن في الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون مقاومة التدليس والغش المصري[530] ونص عليه المشروع المغربي في المادة 161 والذي ندعو إلى حسن استغلاله والتشدد في تطبيقه.

المطلب الثاني: الدعاوى الجنائية

لقد برزت قواعد تجريم بعض الممارسات التجارية مع ما يصطلح عليه بالقانون الجنائي للأعمال في حين ظلت الحماية الجنائية بالنسبة للمستهلك مقتصرة على نصوص ذات طابع عام في القانون الجنائي ليست مفعلة بالشكل المطلوب، لينتقل المفهوم من زجر المخالفات المرتبطة بتنظيم السوق إلى زجر المخالفات التي يكون ضحيتها المستهلك، مما يدفعنا إلى إلقاء نظرة حول مظاهر هاته الدعاوى في الفقرة الأولى، والوقوف على العقوبات الجنائية في الفقرة الثانية.

 

الفقرة الأولى: أنواع الدعاوى الجنائية

من الصعب القول بسهولة تقبل المهنيين للقواعد المنظمة للمسؤولية الجنائية في حقهم بل إن العجز تحت تأثير ضغط اللوبيات المهنية يظل واضحا، ومثاله عدم القدرة على تحريك المتابعة الجنائية في حق التاجر الذي يحتفظ بشيك ضمان. لكن المشرع أمام الضرر الذي تسببه بعض الممارسات للمجتمع حاول فرض بعض النصوص الزجرية التي ترتب مسؤولية جنائية نظرا لمسها بالنظام العام وصعوبة تجاوز تفشي تلك الممارسات اللامشروعة.

 ومن بين هاته النصوص ما هو مقرر بالقانون الجنائي المغربي وخصوصا المادة 540 التي نصت على أنه "يعد مرتكبا لجريمة النصب …….. من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره، ويدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر"، وحسب جانب من الفقه الفرنسي[531] يعتبر النصب تغيير الحقيقة باستعمال وسائل احتيالية أو الغش.

فقد يكون هذا الشخص الآخر المشار إليه في الفصل 540 من القانون الجنائي المغربي هو الكفيل في حالة القرض الاستهلاكي ويكون الضحية الأصلي هو المقترض الذي تعاقد تحت تأثير  الوسائل التي استعملها المقرض باحتياله اللامحدود وتأكيداته الخادعة، فهذه كلها ممارسات موجودة على هامش العلاقات التعاقدية بين الطرفين، فمن المقرض الذي لا يستعمل تأكيدات خادعة في ظل القرض المجاني وهو يعلم أن المجانية ليست موجودة لأن البنك لا يعمل في مجال البر والإحسان[532]، ومن بين الحالات تلك التي تنطبق على إخفاء الوقائع الصحيحة أو الاستغلال الماكر لأخطاء وقع فيها المستهلك المقترض بعدم علمه أثناء توزيع التاجر للمنتوج أو الخدمة أن فسخ عقد البيع لا يرتب فسخ عقد القرض، ويبقى أمامه خيار الاحتفاظ بالمنتوج بعيوبه أو تحمل كل الفوائد والشروط الجزائية وفوائد التأخير ومصاريف وعمولات على مبلغ القرض، ويذهب الأستاذ احمد ابران[533] في إطار تحليله للنص أعلاه أنه يجب توفر الركن المادي وهي مجموع الوسائل للحصول على مال الغير ويتساءل -ونحن معه -على موقع الكذب العادي الذي أصبح بحكم العرف التجاري مباحا، وأثره على التأكيد الخادع وإخفاء وقائع صحيحة والاستغلال الماكر لخطأ وقع فيه الغير، ثم الركن المعنوي الذي يجب أن يتجلى في إثبات العمد أو القصد الجنائي.

إن محاولة المشرع نظريا في حماية المستهلك بالربط بين التدليس حسب الفصل 52 من ق.ل.ع والمادة 540 من القانون الجنائي يمكن أن ترتقي أمام صورها إلى حماية جنائية من الإشهار الكاذب، أما القانون الفرنسي فقد حاول ومنذ قانون 1905 لمحاربة الغش ومن خلال مادته الثانية الحد من وسائل النصب على المستهلك وخاصة الإشهار مدعّما بالتوجيهات الأوروبية التي أخذت نفس السياق[534]، ومع ذلك بقيت نتائج منع أي إشهار بسوء نية متوسطة وحسب جانب من الفقه[535] فإن المشرع الفرنسي حاول معالجة حالتين جرميتين:

فالأولى تتمظهر في وقوع الفعل الجرمي وتكون هنالك عقوبة محتملة، أما الحالة الثانية متعلقة بعدم وقوع الفعل الجرمي وتبقى الجزاءات محددة في تقليص الحق بالنسبة للمهني وإعلام الجمهور بالحكم عن طريق الأمر بنشر الإدانة.

لكن سرعان ما يصطدم هذا التوجه مع المبادئ الأساسية للدراسات الجنائية فالغرامة تبقى درجة من درجات العقوبات الجنائية والتي تكيف على أساس جنحي في حالات متعددة والتي يمكن أن تكون مقررة حتى خارج وقوع الفعل الجرمي.

ويبقى رأي جانب من الفقه[536] جديرا بالتأييد والذي يؤكد ضرورة الاعتماد على الشق الجنائي خاصة حالتي النصب والغش وتبقى الجزاءات على مخالفة الأحكام غرامة جنائية في القانون الفرنسي للاستهلاك متمثلة في كل من حالات عدم احترام قواعد الإشهار والعرض المسبق وكل من يعمل على إمضاء المستهلك أوراقا تجارية، كل هاته المقتضيات لها ارتباط وثيق بتوسيع المسؤولية الجنائية[537] ومنها تلك التي طالت صاحب المحل مع تجريم بعض المخالفات المرتبطة بالسعي لإبرام العقود الذي يبقى مجالا خصبا للنصب على ربات البيوت والعجزة من كبار السن، ففي ظل القانون الفرنسي يمكن للمستهلك إذا ظهر له أن التاجر قام باقتراف مخالفة للقانون أن يثير مسؤوليته الجنائية مع اتخاذه موقع الطرف المدني، ومثاله إثارة النزاع أمام المحكمة الجنحية إذا ظهر له أنه وقع ضحية إشهار كاذب أو مضلل الذي يكيف على أنه جنحة[538].

أما مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين، فقد جاء بمقتضيات جد مهمة تجرم أفعالا مرتبطة بالالتزام بالإعلام والإشهار الكاذب وحتى المقارن واستغلال الضعف، كلها حالات تركنا  التوسع فيها مع العقوبات في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: العقوبات الجنائية

 لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص هذا هو المبدأ الأساسي لقواعد التجريم والعقاب ولكي لا نغالي في حماية طرف على حساب طرف آخر لربما هو المقرض ويبقى الفاصل هو إرادة المشرع الجنائي الذي يرتقي بفعل لمبررات قد تكون في بعض الأحيان غير مؤسسة إلى مصاف الأفعال الموجبة للعقاب، ورغم صعوبة إثبات جريمة النصب في العمليات التعاقدية خاصة منها البنكية التي تهم القرض الاستهلاكي فإنه لا مانع من الإشارة إلى العقوبة المنصوص عليها في الفصل 540 من القانون الجنائي والتي تتراوح بين سنة وخمس سنوات كعقوبة حبسية لكل من ثبت قيامه بأحد الأفعال المنصوص عليها .

على أننا سنستبعد في ظل العقوبات ما هو منصوص عليه بالمادة 10 من قانون زجر الغش لاستبعاد المشروع 08-31 أحكامه من دائرة التطبيق عند دخوله حيز النفاذ، وتبقى العقوبات التي أتى بها المشروع جد مهمة ونعتقد أنها ستشكل رادعا لتخليق مجموعة من الممارسات التجارية وسنقوم بعرضها حسب تقسيم يراعي درجة الردع.

 فالعقوبات من الدرجة الأولى هي تلك التي تنص على عقوبة حبسية وتتمظهر من خلال المادة 173 من المشروع التي تعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 100.000 إلى 250.000 درهما على مخالفة أحكام المادتين  21و22، وبالرجوع إليهما نجد العقوبة تطبق على من قام وخلافا للقانون بالقيام بإشهار كاذب أو مقارن وهو ما سيشكل تقييدا  للممارسات التي تحاول إغراء المستهلك بتأكيدات خادعة أو كاذبة ومقارنات عارية من الصحة للتعاقد، فيجد المستهلك المقترض نفسه أمام التزامات لم يكن يتوقعها وغير موجودة أثناء دعوته للتعاقد.

أما الحالة الثانية وهي المنصوص على عقوبتها بالمادة 180 من المشروع حيث يعاقب حسبها على مخالفة أحكام المواد من 41 إلى 46 أعلاه بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 1200 إلى 25.000 درهما أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وبالرجوع إلى المواد المطبق عليها النص نجدها متعلقة بتنظيم البيع خارج المحلات والتي بانتقالها إلى المستهلك تشكل خطرا متزايدا خاصة على المقترض أمام تسرعه من جهة وممارسات المهني التي تتلاعب بالعامل النفسي خاصة فئات معينة من الأشخاص كالأميين، وبإقرار هاته المادة سيكون الساعي مجبرا على احترام أحكام القانون ليس فقط تحت طائلة الجزاء المدني بل وحتى الجنائي منه .

وتشير المادة أعلاه إلى تشديد العقوبة المتمثلة في الغرامة إذا ثبت أن الأفعال التي تشكل أركان الفعل الجرمي قد قام بها شخص معنوي حيث تتراوح العقوبة ما بين 100.000 و1.000.000 درهم ويبقى المبلغ المحدد كغرامة صورة من صور الوسائل البديلة للردع والتي يمكن أن تؤدي إلى إغلاق مؤسسات تجارية خاصة إذا كانت تتخذ شكل شركات ذات المسؤولية المحدودة والتي تطالها العقوبة بحكم عمومية المادة التي تخاطب جميع الأشخاص المعنوية.

أما الحالة الأخيرة فهي تلك المنصوص على عقوبتها في المادة 184 من مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين والتي تعاقب بالحبس من شهر إلى خمس سنوات وبغرامة من 1200 إلى 50.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط على مخالفة مادة محورية وهي المادة 54 المتعلقة باستغلال ضعف وجهل المستهلك وذلك مع مراعاة أحكام المادة 552 من القانون الجنائي التي تحيط بالحماية القاصر الذي استُغل من أجل التوقيع على التزامات تمس ذمته المالية.

 فالمادة أعلاه تبقى ذات أهمية خاصة واستثنائية لزجر هذا النوع من المخالفات الذي صعب تكييفه فيما سبق على أساس المسؤولية العقدية في الجانب المتعلق بالغبن أو التدليس وحتى على مستوى المسؤولية الجنائية في الشق المتعلق بالنصب، وتضيف المادة ظروف التشديد إذا كان الشخص معنويا وهو ما سيشكل رادعا للبنوك وشركات التمويل من أجل احترام القانون والانضباط لمقتضياته.

 وأمام تملص المساهمين الذي يكونون غالبا هم المسيرون للمؤسسات المقرضة أو تملص المسير غير المساهم لكنه المسؤول عن وضع النماذج العقدية وعدم احترام الضوابط القانونية، فإن المشروع المغربي قد تنبه إلى ذلك في مظهر آخر للعقوبات والمتعلق بالغرامات عندما نص في المادة 187 منه على عقاب المقرض الذي يغفل التقيد بإجراءات المواد من 72 إلى 78 المتعلقة بالإشهار في ظل أحكام القرض وعن إدراج الاستمارة القابلة للاقتطاع في عرض القرض تطبيقا للمادة 80 بغرامة من 6.000 إلى 20.000 درهم.

 وقامت المادة بتحميل المسؤولية للمسيرين إن كان المخالف شخصا معنويا وهو ما يمس الذمة المالية الشخصية للمسيرين ويجعلهم صارمين في مراقبة كل العمليات غير القانونية، أما بالنسبة للمستخدم البنكي في القانون الفرنسي[539] لا تقوم الجنحة أي النصب إلا عندما يكتم فعلا لو علمه الضحية لتراجع عن الشيء المتعاقد عليه مع ضرورة توفر الركن المعنوي في الفعل حيث تصل العقوبة إلى 5 سنوات وغرامة إلى 2500000 فرنك.

 إضافة إلى عقوبات أخرى تهم رفض رد المبالغ للمستهلك وأداء مبالغ قبل إبرام العقد و جرائم متوقعة بحكم تقنيات الاتصال عن بُعد وتخلف بياناتها وإرسال دعوة عبارة عن رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى المستهلك دون موافقته والإدلاء بأحكام القسم الثاني المتعلق بالالتزام بالإعلام والمعاقب على كل هاته الحالات بغرامات على التوالي حسب المواد 177 و176 و172.

وهكذا يلتقي هاجسنا مع هاجس الفقه هو إيجاد آلية قانونية للحد من هاته الممارسات التي تجسدت في العقوبات الزجرية.

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتـــمة

من خلال هاته الدراسة المتواضعة تتبين لنا الحاجة الماسة للمستهلك في الحصول على القروض الاستهلاكية بمختلف صورها وباختلاف مميزاتها ،ويظهر قصور القواعد العامة عن مواكبة التطور المتسارع للممارسات التجارية التي توضع في قالب عقدي ،بل ان القواعد العامة لم تسعف المستهلك المقترض حتى في العمليات المنظمة بطريقة مباشرة خاصة في قانون الالتزامات والعقود .

ومع مشروع قانون 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين يتضح لنا بمقارنة بسيطة مع القوانين العربية الخاصة بحماية المستهلك لكل من الجزائر وتونس ومصر وقطر انه كان تقدميا بالنسبة لها وكان المشروع المغربي اقرب في تنظيمه للقروض الاستهلاكية إلى القانون الفرنسي .

أمام هذا التوجه الحمائي للمشروع كمحاولة جادة منه لإحداث توازن نسبي منشود،لا يغني عن وجود مقتضيات عجز في ظلها  تنظيم العلاقة التعاقدية بشكل سليم ،سنعمل على وضع أهم الاستنتاجات (أولا) وإعطاء بعض المقترحات (ثانيا).

أولا: الاستنتاجات

       من خلال موضوع متشعب كعقد القرض الاستهلاكي يتضح أنه مجال خصب للنقاش القانوني، فهو يمتد بتفريعاته إلى مؤسسات قانونية متعددة يختلط فيها بل وتتداخل أحيانا التنظيمات القانونية بين القواعد العامة وقواعد القانون التجاري، إضافة إلى التجديدات التي أتانا بها القانون البنكي، ويبقى النقاش عميقا في ظل قانونين يحاولان تخليق الممارسة لكن ببعدين مختلفين وهما قانون المنافسة ومشروع قانون 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين.

إن توسع مفهوم عقد القرض الاستهلاكي جعل المشروع المغربي يحيط بما كان يعد ممارسات خارج إطار قوة القانون وجعل من تخليق العلاقة التعاقدية هدفه الأساس وهو ما نضعه في خانة ما يسمى بتثبيت المبادئ الأساسية للعدالة التعاقدية، أمام عدم مسايرة القوانين الحالية لسرعة وتطور التقنيات الاقتصادية والتجارية، لكن تنظيم المشروع لا يخلو من نقاط ضعف يبقى أبرزها الضمان القانوني من خلال الإحالة على القواعد العامة والتي لا تسعف أمام قصر الآجال وإثقال المستهلك المقترض في ظلها بعبء الإثبات.

خلصنا من خلال هاته الدراسة  والتي تُضم لسابقتها إلى أن مفاهيم القوانين الاستهلاكية تتميز بخصوصياتها في جميع المراحل العقدية وأن تأجيل إقرار قانون لحماية المستهلك بالمغرب أصبح أمرا غير مقبول ما دامت العلاقات التعاقدية أضحت في أزمة بفعل فقد الثقة المتبادلة بين أطراف العلاقات التعاقدية، ليمتد إلى مؤسسة عقد القرض في حد ذاتها، مع الإشارة إلى الآثار السلبية التي أصبحت بارزة في ظل الممارسات التجارية اليومية لا في المرحلة ما قبل العقدية بين وسائل إشهارية  وإعلام مبتور من المكونات الأساسية النافية للجهالة أو بالنظر إلى خطورة الممارسات أثناء هاته المرحلة المرتبطة بمكان التعاقد كحالة السعي لإبرام العقود والممارسات المرتبطة بشخص المتعاقد ومثالها استغلال الضعف هاته الحالات عالجها المشروع المغربي خلافا لغالبية الدول العربية ونظن أنه كان موفقا نسبيا في إقرار الحماية في المراحل الأولى لتعاقد ومن بينها التكوين خاصة أمام تشديد الالتزامات على الأطراف التعاقدية أخذا بعين الاعتبار امتداد التنظيم إلى عقود مرتبطة بعقد القرض الاستهلاكي ، إضافة إلى الانتباه إلى الامتداد من حيث الأشخاص وفرض التزامات واضحة اتجاههم.

أما مرحلة سريان عقد القرض الاستهلاكي، فتبين من خلالها أن  الاقتصار على الحماية في مرحلة التكوين بإقرار قواعد حمائية وتنظيم هاته المرحلة بإلزام التدرج في الالتزام بالعقد عبر تقنيات العرض المسبق ومهلة التفكير وحق الرجوع ، أمر غير كافي.

فمرحلة سريان العقد تدعوا إلى الالتزام بما جاء في أحكام مرحلة التكوين، وأن الإنهاء أو الفسخ بل وعدم الالتزام أصبح مرتبا للمسؤولية، هاته الأخيرة امتدت لأطراف غير المتعاقدين الرئيسيين في ظل ربط المشروع للعقود ذات الصلة بعقد القرض الاستهلاكي .

نلاحظ أن المشروع المغربي أقر تشطير الالتزامات بين الأطراف خاصة في عقد القرض المخصص، حيث ستصير الالتزامات اتجاه المهنيين أقوى والحماية اتجاه المستهلكين أوضح، ويصبح مفهوم الفسخ التعسفي للعقود بمقتضى أحكام القواعد العامة أمرا لم يبقى له محل في ظل الفلسفة القانونية الحديثة التي أتى بها المشروع المغربي من خلال محطات حمائية بارزة كان المستهلك خاصة المقترض منه في أمس الحاجة إليها عندما تبين قصور القواعد العامة عن تحقيق الحماية المرجوة.

ونشير إلى أن المشروع المغربي ركز على مقتضيات حمائية تشكل أبرز مظاهر استغلال المقترض في القواعد العامة، ومنها حمايته من الشروط التعسفية التي حدد لها المشروع حيزا واسعا والحماية من الاستدانة المفرطة حيث أقر المشروع التحديد الجزافي للتعويضات الذي يبقى على علاته مقتضى حمائي.

ونلاحظ على أن المشروع المغربي قد انتبه إلى تنظيم الدعاوى ومنح المقترض أنواع جديدة من الدعاوى تتماشى والمقتضيات الحمائية التقدمية ونظم الدعاوى الجماعية التي يمكن لجمعيات حماية المستهلك القيام بها.

ونشير إلى أن تنظيم الفوائد القانونية والاتفاقية لم يرتقي به المشروع إلى الحد الأدنى المطلوب من الضمانات وأبقى على الارتباك المكرس،وندعو إلى تنظيم منسجم يتناسب وخطورة الآثار التي يرتبها عند التنفيذ ويراعي تضخمها عند الخلل في تنفيذ العقد.

إن الحد من المسؤولية أو التعسف في طلب الضمانات كلها ممارسات أصبحت في ظل التكوين كما هو الأمر في مرحلة التنفيذ مقتضيات منظمة مع المشروع المغربي 08-31 بتشديد الالتزامات  على كل من المستهلك والمقترض امتدت إلى مرحلة التنفيذ ومحاولة تصور مسار تعاقدي  جديد بآليات جديدة  لا تقل أهمية عن حق التفكير والتروي  وحق الرجوع المكرس من خلال تقنية العرض المسبق التي ميزت مرحلة التكوين.

 وكان المشروع المغربي في مستوى ما انتظرته جمعيات حماية المستهلك التي كانت ولا تزال تدعو إلى الحماية من الشروط التعسفية التي تبقى مرتكزا أساسيا لتطلع إلى حماية قانونية لا تنتظر التطبيقات القضائية  بل أعطى المشروع دعاوى خاصة بها وسلطة  قضائية واسعة بعدما مهد للقضاء هاته المرة بوضعه أمام حالات يمكنه أن يستند إليها لتفادي الوضعية الحالية التي تزيد من الوضعية الصعبة التي يمكن أن تصل بالمقترض إلى الاستدانة المفرطة التي نظمها المشروع المغربي ووضع ضوابطها وحدد نسبها، لكنه لم يرتقي إلى الحد من إشكالات المستهلك إذ ترك المشروعية للشرط الجزائي والأداءات المؤسسة على الفوائد التأخيرية.

ونشير إلى أن المشروع المغربي تطلب توفر صفة المنفعة العامة في الجمعيات أو الجامعة الوطنية لحماية المستهلك كتكتل لها حيث صار على نهج القانون الفرنسي، ويبقى تطلب شرط المنفعة العامة محمودا أمام هاجس انحراف الجمعيات عن القيام بدورها الأساسي ألا وهو حماية المستهلك.

يتبين أن التراجع الملاحظ في المقتضيات أعلاه  كان مرده هاجس عدم الإفراط في الحماية ومراعاة وضعية المهني الذي سيعمل على التكييف الواسع لبعض المقتضيات بموجب العقد.

ونشير إلى أن المشروع المغربي 08-31 نص على إحداث مجلس أعلى للاستهلاك على غرار القانون الفرنسي وبعض القوانين العربية المقارنة، وربط المشروع في المادة 203 منه تحديد تأليفة المجلس ووظائفه بنص تنظيمي.

 

 

ثانيا:المقترحـات

ندعو من خلال كل ما سبق واضعي المشروع إلى إعادة النظر في النصوص المبتورة أو التي تعاني من ركاكة في الأسلوب درءا للالتباس الذي يمكن أن يعتريها عند التطبيق إضافة إلى ضرورة  تدارك إغفال  النص على اللجان الأساسية بالمجلس الأعلى للمستهلك التي درج القانون المقارن على إلزامية إحداثها بمقتضى القانون كلجنة الشروط التعسفية ولجنة الاستدانة المفرطة.

فالمجلس يواكب تطور العقود ويعطي آراءه حول السياسة المتبعة في مجال تنظيم العلاقة بين المهنيين المستهلكين بل هي من خلال ما درج عليه القانون المقارن بما له من تركيبة مختلطة لأعضائه إدارة ومستهلكين ومهنيين يعد مؤسسة تنتقل من مرحلة الاصطدام إلى مرحلة الحوار والتفاهم.

كما ندعو واضعي المشروع إلى التحديد الواضح للاختصاص القضائي في ظل نصه على المحكمة المختصة والتي  لا ندري أهي المحكمة التجارية أم الابتدائية التي إن أسند لها الاختصاص ستجد إشكاليات  ضغط الملفات المدنية وصعوبة التكييف مع المفاهيم الجديدة لحماية المستهلك التي استعصت حتى على الفقه الفرنسي.

ومراعاة للدور الذي يمكن أن تلعبه جمعيات حماية المستهلك ندعو إلى إقرار المرونة في مسطرة منح المنفعة العامة التي تعاني من الجمود وتعطي للإدارة صلاحيات واسعة في اعتماد الجمعيات من عدمه.

ودعوتنا تمتد إلى الفقه المغربي أيضا لإعطاء القواعد الاستهلاكية حيزا أكبر في ظل دراساته نظرا لشساعة التنظيم وصعوبة الخوض فيه كي نرتقي إلى التخصص مع دعوته إلى تجنب إقحام قواعد حماية المستهلك  خلال القيام بأبحاث علمية قانونية بعيدة  عن المفاهيم الاستهلاكية فينتج عن المزج التعسفي تشويه للمبادئ التي تقوم عليها حماية المستهلك.

 إن الحماية متطلبة ونحن في المراحل الأخيرة لإقرار مشروع قانون رقم 08-31 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين، كنص قانوني يجمع فروعا متعددة ننتظر التطبيق السليم لمقتضياته وعدم استغلال النصوص الحمائية بأساليب غير مشروعة من قبل مستهليكن سيئي النية.

فالهدف أكبر من حماية المستهلكين فهو يرتقي إلى حماية مؤسسة العقد التي لا نتوقع اقتصادا قويا إلا من خلالها باعتبارها رافعة للعقود الاستهلاكية، فحمايتها تعني التعاقد السليم تؤدي إلى الثقة في التعاقد الذي يولد التوجه إلى الاستهلاك الذي يصل إلى النتيجة المرجوة  ألا وهي سلسلة اقتصادية داخلية محكمة الحلقات مستعدة لمواجهة الأزمات الاقتصادية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

مقـــدمة……………………………………………………………………………1

الفصل الأول : تكوين عقد القرض الاستهلاكي…………………………………16

الفرع الأول: المراحل السابقة عن التعاقد………………………………………16

المبحث الأول: الالتزام العام بالإعلام……………………………………………16

المطلب الأول: الإعلام كالتزام قانوني…………………………………………..17

الفقرة الأولى: مفهوم الإعلام كالتزام قانوني…………………………………..17

الفقرة الثانية: شروط الالتزام العام بالإعلام……………………………………21

المطلب الثاني: الالتزامات المتعلقة بالإشهار…………………………………..26

 الفقرة الأولى: الإشهار الكاذب والمضلل……………………………………….26

الفقرة الثانية: الإشهار المقارن…………………………………………………31

 المبحث الثاني: الإعلام كصيغة للإيجاب في بعض الممارسات التجارية……..35

المطلب الأول: الاستدراج للتعاقد………………………………………………..35

الفقرة الأولى: صور الاستدراج في التعاقد عن بعد…………………………35…

الفقرة الثانية: الإيجاب في المساحات الكبرى…………………………………..39

المطلب الثاني: السعي لإبرام العقد………………………………………………43

الفقرة الأولى: شروط صحة السعي لإبرام العقد………………………………..44

الفقرة الثانية: الالتزامات الخاصة بالسعي لإبرام العقد………………………..47

المبحث الثالث: استغلال ضعف وجهل المستهلك………………………………51

المطلب الأول: آليات الحماية…………………………………………………….51

الفقرة الأولى: آليات الحماية من خلال القواعد العامة…………………………51

الفقرة الثانية: خصوصيات القوانين الاستهلاكية………………………………55

المطلب الثاني: تقنيات الحماية قبل التعاقد النهائي…………………………….59

الفقرة الأولى: العرض المسبق………………………………………………….59

الفقرة الثانية: الحق في الرجوع………………………………………………..63

الفرع الثاني: مرحلة إبرام عقد القرض الاستهلاكي……………………………67

المبحث الأول: القرض الحر……………………………………………………..67

 المطلب الأول: الشروط العامة………………………………………………….68

الفقرة الأولى: الشروط القانونية………………………………………………..68

الفقرة الثانية: الشروط الاتفاقية…………………………………………………72

المطلب الثاني: الحالات المشابهة للقرض الاستهلاكي…………………………77

الفقرة الأولى: التسهيلات البنكية………………………………………………..77

الفقرة الثانية: البطاقات البنكية………………………………………………….81

المبحث الثاني: خصوصيات القرض المخصص………………………………..85

المطلب الأول: العلاقة بين عقد البيع وعقد القرض……………………………85

الفقرة الأولى: طبيعة العلاقة بين العقدين………………………………………86

الفقرة الثانية: عنصر الرضا في ظل تعدد العقود………………………………89

المطلب الثاني: ضمانات حمائية خاصة…………………………………………93

الفقرة الأولى: تشطير الالتزامات في ضوء ارتباط العقود……………………..93

الفقرة الثانية: ضمان العيوب الخفية……………………………………………97

المبحث الثالث: مظاهر الإذعانية أثناء تكوين العقد…………………………..102

المطلب الأول: الشروط التي تحد من المسؤولية……………………………..102

الفقرة الأولى: مظاهر الشروط التي تحد من المسؤولية……………………..103

الفقرة الثانية: مدى مشروعية الشروط التي تحد من المسؤولية……………106

المطلب الثاني: التعسف في استعمال الضمانات………………………………111

الفقرة الأولى: الضمانات العينية………………………………………………111

الفقرة الثانية : الضمانات الشخصية ………………………………………….115

الفصل الثاني: سريان عقد القرض الاستهلاكي………………………………120

الفرع الأول:الالتزامات المترتبة خلال مرحلة تنفيذ عقد القرض الاستهلاكي.120

المبحث الأول: التزامات المقرض……………………………………………..121

المطلب الأول: الإعلام أثناء التنفيذ……………………………………………121

الفقرة الأولى: الكشوفات الحسابية …………………………………………..121

الفقرة الثانية: إثبات حسن النية……………………………………………….126

المطلب الثاني: مدى التقيد ببنود العقد………………………………………..131

الفقرة الأولى: الالتزام بالتسليم………………………………………………..131

الفقرة الثانية: تجديد العقد……………………………………………………..136

المبحث الثاني: التزامات المقترض……………………………………………140

المطلب الأول: تنفيذ شروط العقد………………………………………………141

الفقرة الأولى: الالتزام بأداء الأقساط………………………………………….141

الفقرة الثانية: الالتزامات الخاصة بعقد الليزينغ………………………………145

المطلب الثاني: التنظيم القانوني للأداء المبكر………………………………..149

الفقرة الأولى: شروط الأداء المبكر……………………………………………149

الفقرة الثانية: آثار الأداء المبكر………………………………………………152

المبحث الثالث: التزامات خاصة مؤثرة في تنفيذ العقد……………………….156

المطلب الأول: الوضعية القانونية للضامنين………………………………….156

الفقرة الأولى: قيام المسؤولية…………………………………………………156

الفقرة الثانية: حدود المسؤولية……………………………………………….160                                                     

المطلب الثاني: أداء الفوائد……………………………………………………163

الفقرة الأولى: الفوائد القانونية………………………………………………..164

الفقرة الثانية: الفوائد الاتفاقية………………………………………………..168

الفرع الثاني:بعض مظاهر حماية المستهلك أثناء تنفيذ عقد القرض الاستهلاكي…………………………………………………….172

المبحث الأول: حماية المستهلك من الشروط التعسفية………………………172

المطلب الأول: مفهوم الشروط التعسفية……………………………………..173

الفقرة الأولى: طبيعة الشروط التعسفية………………………………………173

الفقرة الثانية: خصائص الشروط التعسفية……………………………………178

المطلب الثاني: وسائل الحد من الشروط التعسفية……………………………183

الفقرة الأولى: الوسائل القانونية للحد من الشروط التعسفية………………..183

الفقرة الثانية: الوسائل القضائية للحد من الشروط التعسفية………………..187

المبحث الثاني:حماية المستهلك من الاستدانة المفرطة ……………………..192

المطلب الأول : الوقاية من الاستدانة المفرطة………………………………..193

الفقرة الأولى :الإعلام كآلية لحماية المستهلك من الاستدانة المفرطة………193

الفقرة الثانية: الالتزامات كآلية لحماية المستهلك من الاستدانة المفرطة…..197

المطلب الثاني: تنظيم الاستدانة المفرطة……………………………………..201

الفقرة الأولى: الأداء في ظل فسخ العقد……………………………………….201

الفقرة الثانية: الأداء في ظل سريان العقد…………………………………….205

المبحث الثالث: بعض الدعاوى المتاحة……………………………………….208

المطلب الأول: الدعاوى المدنية……………………………………………….208

الفقرة الأولى: أنواع الدعاوى المدنية…………………………………………209

الفقرة الثانية: آثار الدعاوى المدنية…………………………………………..212

المطلب الثاني: الدعاوى الجنائية……………………………………………..215

الفقرة الأولى: أنواع الدعاوى الجنائية……………………………………….216

الفقرة الثانية: العقوبات الجنائية………………………………………………219

خاتمة:…………………………………………………………………………..223

ملاحق:………………………………………………………………………….230

لائحة المراجع:…………………………………………………………………231

الفهرس:………………………………………………………………………..242

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى