التحكيمفي الواجهةمقالات قانونية

محمد الشافعي : التحكيم الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام بيع العقار في طور الإنجاز -دراسة في ضوء القانون رقم 12/107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز-

 

التحكيم الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام بيع العقار في طور الإنجاز

-دراسة في ضوء القانون رقم 12/107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز-

 

محمد الشافعي

طالب باحث بسلك الدكتوراه

فريق قانون الأعمال

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

جامعة بن زهر.

مقدمة

اللجوء إلى التحكيم[1] من أجل تسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز يعتبر من بين أهم المستجدات التي جاء بها المشرع في القانون 12/107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز[2]، وبذلك يكون المشرع قد فتح الباب أمام المتعاقدين لاختيار الوسيلة المناسبة لحل النزاعات فيما بينهم قضائيا أو وديا عن طريق إدراج شرط التحكيم[3] في صلب العقد الابتدائي لحل النزاع الذي قد ينشأ فيما بينهم مستقبلا، أو عن طريق ابرام عقد التحكيم[4]  لحل نزاع نشأ فيما بينهم[5].

وإمكانية اللجوء إلى التحكيم تعد من المستجدات التي حسن بها المشرع مضمون الفصل 19/618 من القانون الجديد المشار إليه أعلاه التي استهدف من خلالها تحسين فعالية وسائل اللجوء إلى القضاء[6]، والواقع أن هذه الفكرة تندرج في أصلها ضمن قائمة الاقتراحات والتوصيات التي قدمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي[7] للهيئة البرلمانية بتاريخ (26 يونيو 2014)[8].

ويشكل هذا التدخل التشريعي انعكاس واضحا لأهمية التحكيم في حل المنازعات عموما، ويرجع ذلك لاعتبارات عملية كطرح النزاع على شخص يكون محل ثقة الخصوم، وتجنب علانية الجلسات[9]، وكذلك لمزاياه التي يوجد على رأسها عامل السرعة في إجراءات الفصل في النزاع، وإمكانية اختيار الهيئة التحكيمية[10] المناسبة، وإمكانية اختيار القواعد الموضوعية الواجبة التطبيق وكذا القواعد الإجرائية الواجبة الاتباع من طرف الهيئة التحكيمية.

غير أننا سوف لا نعمل في هذا المقال على دراسة، فرضية للجوء إلى التحكيم عن طريق إدراج شرط التحكيم في العقد الابتدائي لأن ذلك يحتاج، بالخصوص، إلى دراسات أخرى مفصلة ودقيقة لا تتسع لها هذه الدراسة، لذلك سنقوم بدراسة فرضية اتفاق طرفي عقد

بيع العقار في طور الإنجاز على اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع بموجب عقد التحكيم[11]، مستبعدين بشكل تام من هذه الدراسة شرط التحكيم.

تأسيسا على ما سبق، سنتولى في هذا المقال الإجابة عن تساؤلين كثيرا ما يتم طرحهم في مجال التحكيم الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، مفادها: ماهي شروط اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع ؟، وماهي آثار الحكم التحكيمي الصادر في النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع؟

ومن أجل معالجة الأسئلة المطروحة أعلاه، يتعين علينا أن نحدد شروط اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع في (المطلب الأول)، ثم بيان أهم الأثار المترتبة عن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: شروط اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع

بالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية وقانون الالتزامات والعقود، يتضح أنه لقيام التحكيم لا بد من توفر مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية، تتمثل الأولى في الشروط العامة التي يستلزمها القانون لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة[12]، وتكمن الثانية حسب الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية في تحديد موضوع النزاع والهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعينها في عقد التحكيم، لذلك سنعالج الشروط الموضوعية في الفقرة الأولى على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن الشروط الشكلية.

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية لإبرام عقد التحكيم

تتمثل الشروط الموضوعية لإبرام عقد التحكيم في النزاع الناشئ عدم إتمام بيع العقار قيد الإنجاز في ضرورة توافر الأهلية في الشخص الذي يرغب ابرامه (أولا) على أن يكون صاحب التصرف في الحق موضوع النزاع (ثانيا).

أولا: الأهلية

نص المشرع في الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية على أنه: ” يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم”.

يستفاد من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، أن المشرع يستلزم بالضرورة توافر الأهلية في الشخص الذي يرغب ابرام عقد التحكيم.

وعليه، يكون التحكيم الذي يبرمه أو يوافق عليه القاصر دون موافقة نائبه الشرعي سواء كان فاقد الأهلية كالصغير غير المميز والمجنون[13]، أو ناقصها شأن الصغير المميز والسفيه [14] باطلا بقوة القانون، مالم يكن مرشدا[15]، أو باشر ذلك بواسطة نائبه القانوني سيما في الحالة التي يكون فيها القاصر ناقص الأهلية، لأنه كما هو معلوم تكون تصرفات فاقد الأهلية باطلة ولو وافق عليها النائب الشرعي.  والأصل في الإنسان كمال الأهلة[16]، بحيث لا يعتبر أحد فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بمقتضى نص قانوني[17].

ولما كان كمال الأهلية لدى المتعاقد هو الوضع الثابت أصلا، فإن على من يدعي عدم الأهلية[18] لإبرام عقد التحكيم أن يثبت ما يدعيه. فإذا قامت البينة على فقدان الأهلية كان العقد باطلا، ولا يسمع من الطرف الآخر احتجاجه بأنه كان يعتقد أن من يبرم معه عقد تحكيم كامل الأهلية[19].

ومدام أن المشرع نص على ضرورة أن يتم بيع العقار في طور الإنجاز سواء من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص طبقا لأحكام قانون بيع العقار في طور الإنجاز تحت طائلة البطلان[20]، فيتعين علينا أن نحدد أهلية الشخص المعنوي كطرف في عقد التحكيم المبرم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع، فبخصوص أهلية الأشخاص المعنوية يجب التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والأشخاص المعنوية الخاصة:

فبالنسبة للأشخاص المعنوية العامة يتعين التمييز كذلك بين تدخلها في التحكيم بشأن الأملاك العامة، وبين تدخلها بخصوص أملاكها الخاصة، إذ في الحالة الأولى لا يسوغ لها مباشرة التحكيم[21]، أما في الحالة الثانية فمستساغ لأنها شخص عادي يخضع للقواعد العامة شأنها في ذلك شأن الأفراد[22].

أما بالنسبة لأهلية الأشخاص المعنوية الخاصة كالشركات والمقاولات التجارية، فلا وجود لأي مانع قانوني على مباشرتها للتحكيم، كل ما هنالك عليها أن توافق عليه بواسطة ممثلها القانوني[23].

ثانيا: ملكية التصرف في الحق موضوع النزاع

ينص الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية على أنه: ” يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها”.

استنادا إلا هذا النص، يتضح أن ابرام عقد التحكيم يقتصر على من يملكون التصرف في الحق موضوع النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز.

ومن ثم، يستثنى حارس هذا العقار موضوع النزاع سواء كان قضائيا أو اتفاقيا[24] طبقا لمقتضيات الفصل 821 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن للحارس حفظ الشيء وإدارته -أي دون التصرف فيه -…”.

وحسب الفصل 822 الذي يليه ” ليس له كذلك – أي الحارس- أن يقوم بأي عمل من أعمال التفويت إلا ما هو ضروري لمصلحة العقار المعهود إليه بحراسته”[25].

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية لإبرام عقد التحكيم

بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية يستشف بأن المشرع نص على مجموعة من الشروط الشكلية الواجب توافرها في عقد التحكيم، ويتعلق الأمر ب: ضرورة إبرام عقد التحكيم (أولا)، وتحديد موضوع النزاع (ثانيا)، ثم تعيين هيئة التحكيم (ثالثا).

أولا: ضرورة إبرام عقد التحكيم في محرر مكتوب

جاء في الفقرة الأولى من الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية أنه:” يجب أن يبرم اتفاق تحكيم كتابة، إما بعقد مكتوب أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المختارة”.

ومفاد ما تقدم، أن المشرع اشترط على أطراف بيع العقار في طور الإنجاز ضرورة ابرام عقد التحكيم كتابة إما في محرر عرفي أم رسمي أو في محضر يحرر أما هيئة التحكيم، ويعتبر اتفاق تحكيم مبرم كتابة حسب تعبير المشرع إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال والتي تعد بمثابة الاتفاق تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الآخر في ذلك[26].

والملا حظ أن الكتابة التي تطلبها المشرع في هذا الصدد مشروطة للإثبات فحسب، وليس للانعقاد[27]، وعليه فإن عقد التحكيم لا يعد عقدا شكليا بل يبقى رضائيا وإن كانت تشترط في إثباته الكتابة[28]، ويترتب على ذلك أن الكتابة إذا ما انتفت، فلا يرتب انتفائها انعدام عقد التحكيم أو بطلانه، بل تعذر إثباته بشهادة الشهود والقرائن[29]، ويضل من الممكن إقامة الدليل عليه بالإقرار أو بتوجيه اليمين الحاسمة [30].

وتجد الإشارة، إلى أنه يعتبر في حكم عقد التحكيم المبرم كتابة كل إحالة وردت في عقد مكتوب تحيل على عقد نموذجي، شريطة أن تكون هذه الإحالة واضحة [31].

ثانيا: ضرورة تحديد موضوع النزاع في عقد التحكيم

لقد اشترط المشرع على طرفي عقد بيع العقار في طور الإنجاز في حالة اختيارهم اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع ضرورة تحديد طبيعة النزاع تحت طائلة البطلان[32].

وموضوع النزاع الناشئ عن بيع العقار في طور الإنجاز- الذي يبرر إمكانية اللجوء إلى التحكيم – يتمثل في رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار، طبقا لمقتضيات الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود[33].

والملاحظ من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، أن المشرع خول للطرف المتضرر -جراء رفض الطرف الأخر إتمام البيع – إمكانية اللجوء إلى التحكيم دون أن يحدد الطرف المتضرر، وعليه يمكن القول بأن الطرف المتضرر، قد يكون البائع في حالة رفض المشتري إتمام البيع، كما قد يكون المشتري ذاته متضررا إن ظهر امتناع واضح من البائع بإتمام البيع.

غير أن عبارة ” ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار” الواردة في الفصل 19/618 المشار إليه أعلاه، تثير نوع من الغموض وعدم الدقة، نظرا لأن الطرف الذي يقع على عاتقه الالتزام بالإشعار هو البائع فقط دون المشتري استنادا إلى مقتضيات الفصل 18/618 من قانون الالتزامات والعقود[34]، لذلك نعتقد أن المقصود بعبارة” إذا رفض أحد الطرفين” المنصوص عليها في الفصل 19/618 أعلاه، تعني بالذات المشتري، وبمفهوم المخالفة، فإن إمكانية اقتراح اللجوء إلى التحكيم مخولة للبائع دون المشتري، طالما أن المشرع علق للجوء إلى هذه الإمكانية على شرط رفض إتمام البيع داخل آجال 60 يوما تحتسب  من تاريخ توصل المشتري بالإشعار.

وتجدر الإشارة، إلى أن صياغة هذا النص – 18/618 – كانت محل انتقاد حتى في ظل القانون القديم رقم 00/44، أي قبل تعديله وتتميمه بموجب القانون الجديد رقم: 12/107[35].

 ثالثا: ضرورة تعيين هيئة التحكيم في عقد التحكيم

من الشروط التي تطلب المشرع توفرها في عقد التحكيم أيضا تعيين المحكم أو الهيئة التحكيمية أو على الأقل التنصيص على طريقة تعيينها وذلك تحت طائلة البطلان[36].

والواقع أن المشرع حدد القواعد التي يتعين على طرفي النزاع البائع والمشتري الالتزام بها في تشكيل الهيئة التحكيمية، بحيث نص في الفصل 2/327 من قانون المسطرة المدنية على أن تشكيل الهيئة التحكيم يكون باتفاق الطرفين، وقد يتم الاتفاق على تعيين محكم واحد أو أكثر، ولهما الحرية الكاملة في تحديد إجراءات تعيينهم، وفي حالة لم يتم الاتفاق على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة، وإذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا تحت طائلة بطلان التحكيم.

وإذا كان الأصل أن اختيار المحكمين يتم بموجب اتفاق من الأطراف أنفسهم بشرط أن تتوفر فيهم الشروط القانونية لممارسة مهام التحكيم[37]، فإن القضاء يتدخل استثناء في تشكيل الهيئة التحكيمية، على أن تدخله هذا محدد على سبيل الحصر أي في حالات معينة فقط.  يتعلق الأمر بحالتين:

– الحالة الأولى: هي الحالة المنصوص عليها في الفصل 4/327 من قانون المسطرة المدنية ويتعلق الأمر بفرضية تعيين الأطراف لعدد مزدوج من المحكمين، إذ يتعين والحالة هذه تكميل تشكيل هيئة التحكيم بمحكم يتم اختياره، إما طبقا لما اتفق عليه طرفي عقد بيع العقار في طور الإنجاز، وإما من لدن المحكمين المعينين في حالة عدم حصول هذا الاتفاق، وإما من لدن رئيس المحكمة بناء على أمر غير قابل للطعن في حالة عدم حصول اتفاق بين المحكمين المذكورين.

– الحالة الثانية: وهي الحالة المنصوص عليها في الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية، ويتعلق الأمر بفرضية عدم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا أو كيفية وتاريخ اختيار المحكمين، أو لم يتفق الأطراف على ذلك، فهنا تتبع الإجراءات التالية:

إذا كانت الهيئة التحكيمية تتكون من محكم واحد، يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين إما بائع العقار في طور الإنجاز أو مشتريه[38].

إذا كانت الهيئة التحكيمية متكونة من ثلاثة محكمين، فكل طرف يعين محكما، على أن يتم تعين المحكم الثالث من طرف المحكمان، وإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه أو لم يعين المحكمان المحكم الثالث، يتولى رئيس المحكمة تعيينه بناء على طلب أي من الطرفين، على أن يتولى المحكم الثالث رئاسة الهيئة. وكذلك الحال في حالة ما إذا كانت الهيئة التحكيمية متكونة من أكثر من ثلاثة محكمين[39].

وتجدر الإشارة إلى أن المحكم الذي يتم اختياره من طرف رئيس المحكمة يجب أن تتوفر فيه الشروط القانونية، وما اتفق عليه الأطراف، ولا يصدر قراره إلا بعد استدعاء الأطراف للحضور، ولا يكون قراره قابلا لأي طعن[40]، كما تطبق أيضا هذه المقتضيات كلما اعترض تشكيل الهيئة التحكيمية عائق ما[41].

وفي ختام هذه الفقرة لابد من التنبيه إلى أن المحكم الذي تم تعينه يجب أن يعبر عن قبوله بالهمة المسندة إليه تحت طائلة إلغاء عقد التحكيم[42].

المطلب الثاني: آثار الحكم التحكيمي الصادر في النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع

يترتب على صدور الحكم التحكيمي من طرف هيئة التحكيم في النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز مجموعة من الآثار التي تختلف باختلاف العقار المبيع، فإذا كان العقار المبيع محفظ يترتب على صدور الحكم التحكيمي التقييد في الرسم العقاري، بحيث يقوم مقام عقد البيع النهائي، أما إذا كان العقار المبيع ما زال في طور التحفيظ يتم إيداع الحكم التحكيمي الصادر بمطلب التحفيظ، وفي حالة انصب البيع على عقار غير محفظ، فإن الحكم التحكيمي ينقل ملكية هذا العقار من البائع إلى المشتري من تاريخ صدوره. غير أن الحكم التحكيمي لا يرتب هذه الآثار -أحيانا- إلا بعد إخضاعه لإجراء التذييل بالصيغة التنفيذية، طالما أن التذييل بالصيغة التنفيذية هو الذي يعطيه قوة تماثل قوة الحكم القضائي.

لذلك سنعالج في الفقرة الأولى حالات تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، على أن نخصص الفقرة الثانية لبيان مختلف الآثار المترتبة عن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بعد تذييله بالصيغة التنفيذية.

الفقرة الأولى: حالات تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية

استنادا إلى ما هو منصوص عليه في قانون المسطرة المدنية، فإن الحكم التحكيمي يحتاج إلى تذييله بالصيغة التنفيذية عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد طرفيه شخص معنوي خاضع للقانون العام، أما إذا كان طرفيه خاضعين إلى القانون الخص، فإنه يتمتع بالقوة التنفيذية بمجرد صدوره، ومدام أن المشرع استوجب أن يتم  بيع العقار في طور الإنجاز سواء كان من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص طبقا لأحكام قانون بيع العقار في طور الإنجاز تحت طائلة البطلان[43]، يتعين علينا في إطار هذه الفقرة أن نميز بين الحكم التحكيمي المتمتع بالقوة التنفيذية بقوة القانون(أولا)، وبين الحكم التحكيمي الذي يحتاج إلى التذييل بالصيغة التنفيذية (ثانيا).

أولا: الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بين طرفين خاضعين للقانون الخاص

ينص الفصل 327/25 من قانون المسطرة المدنية على أنه:

” يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه”.

وينص الفصل 327/34 من نفس القانون على أنه:” لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 327/35 و327/36 بعده.

يتبين من خلال هذين الفصلين أن الأحكام التحكيمية الصادرة بإتمام البيع تتمتع بالقوة التنفيذية كقاعدة عامة ولا تحتاج إلى أن تذييل بالصيغة التنفيذية، وهذا ما قصده المشرع أولا بجعلها غير قابلة لأي طعن إلا ما وضع له من شروط خاصة به، وثانيا اعترافه باكتسابها حجية الشيء المقضي به بمجرد صدورها، وإن كانت الصياغة المستعملة من طرف المشرع غير سليمة[44]. على اعتبار أن الحجية تثبت لجميع الأحكام بمجرد صدورها، ولا تعكس قابليتها للتنفيذ من عدمها، ومن ثم كان على المشرع أن يقول تكتسب الأحكام التحكيمية بمجرد صدورها قوة الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه.

وما يؤكد صحة هذا التوجه[45]، أن الفقرة الأخيرة من الفصل 327/26 التي تتحدث عن حجية الشيء المقضي به، أكدت أن القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل تطبق على الحكم التحكيمي، وهذا معناه، أن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بمجرد صدوره عن الهيئة التحكيمية أو المحكم يتمتع لا بالحجية فحسب، وإنما بقوة التنفيذ إذ يمكن للمحكوم له أن يباشر التنفيذ سواء بطريقة اختيارية أو بشكل جبري.

غير أن هناك توضيح لا بد من القيام به مفاده: أن الحكم التحكيمي لا يكون قابلا للتنفيذ الجبري إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية بمقتضى أمر صادر عن رئيس المحكمة الصادر الحكم بدائرتها[46]. ولعل ذلك راجع إلى أن التذييل بالصيغة التنفيذية هو الذي يعطي للحكم التحكيمي قوة تنفيذية تماثل قوة الحكم القضائي[47].

ويرجع ذلك إلى المبدأ الذي اعتنقه المشرع المغربي وهو عدم الاعتراف للإرادة الخاصة وحدها بإمكانية إنشاء السندات التنفيذية. فالمشرع عندما أجاز لطرفي بيع العقار في طور الإنجاز ممارسة القضاء الخاص في صورة نظام التحكيم يكون بذلك خول لهم هذه الممارسة في مرحلة التقاضي دون مرحلة التنفيذ[48].

ثانيا: الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بين طرفين أحدهم خاضع للقانون العام

تنص الفقرة الثانية من الفصل 327/26 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

” غير أن الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه، إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ…”.

يتضح من خلال مقتضيات هذه الفقرة أن الصيغة التنفيذية لازمة متى كان أحد طرفي النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز شخص معنويا خاضعا للقانون العام.

وللحصول على الصيغة التنفيذية التي يمنحها رئيس المحكمة الإدارية الصادر الحكم التحكيمي بدائرتها والحالة هذه[49]، يتعين إيداع أصل الحكم التحكيمي مصحوب بنسخة من عقد التحكيم مع ترجمتها – أي النسخة – إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة، إما من قبل المحكم، أو الطرف الأكثر استعجالا خلال سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره[50].

ومتى تم وضع الصيغة التنفيذية على أصل الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع. أصبح قابلا للتنفيذ، ويعد الأمر القاضي بتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية غير قابل لأي طعن، مالم يتعلق الأمر بالطعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف إذا تعلق الأمر بحالة من حالات بطلان الأحكام التحكيمية المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من الفصل 327/36 من قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية: آثار الحكم التحكيمي في النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع

سبق القول بأن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع تترتب عليه مجموعة من الآثار بعد تذييله بالصيغة متى كان أحد طرفيه خاضع للقانون العام أو في حالة التنفيذ الجبري، من بينها: التقييد في الرسم العقاري إذا كان العقار المبيع محفظ (أولا)، ثم نقل ملكية العقار غير المحفظ أو في طور التحفيظ من البائع إلى المشتري (ثانيا).

أولا: تقييد الحكم التحكيمي في السجل العقاري

من المعلوم أن أي حق عقاري لم يتم تقييده في الرسم العقاري، لا يرتب أي أثر لو بين الأطراف[51]، وتبعا لذلك، فإن المشرع المغربي أخذ بمبدأ الأثر المنشئ للتقييد في الرسم العقاري بما في ذلك الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بعد تذييله بالصيغة التنفيذية في الحالات التي سبقت الإشارة إليها، مدام أن المشرع خول لطرفي عقد بيع العقار المحفظ في طور الإنجاز إمكانية للجوء إلى التحكيم من أجل إتمام البيع[52].

وعليه، يمكن القول بأن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام بيع عقار محفظ شأنه شأن باقي التصرفات والوقائع التي أوجب المشرع أن تشهر[53] بواسطة التقييد في الرسم العقاري[54].

إن تقييد الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع في الرسم العقاري هو الذي يصبغ على الحق الوارد في الحكم التحكيمي صبغة الحق العيني، إذ يظل صاحب أي حق عقاري متعلق بعقار محفظ في طور الإنجاز مالكا لحق شخصي فقط، ولا يصبح حقا عينيا إلا من تاريخ تقييده في الرسم العقاري[55].

هكذا إذن، يبدو واضحا أن تقييد الحكم التحكيمي في الرسم العقاري يعتبر قرينة قانونية وحجة قوية يحتج بها في مواجهة الكافة، وعليه فالمشتري الذي صدر الحكم التحكيمي في صالحه لا ينازعه أحد في الحق الذي نص عليه، نظرا لأن التقييد في الرسم العقاري يضمن له التباث والاستقرار[56].

ثانيا: نقل ملكية العقار المبيع

يعتبر نقل ملكية العقار المبيع الهدف الأسمى ليس فقط في بيع العقار في طور الإنجاز، وإنما في البيع عموما، فكل عقد لا يترتب عليه نشوء التزام بنقل ملكية شيء أو أي حق مالي متعاقد عليه لا يعتبر بيعا بل عقدا من نوع آخر[57]، لذلك كان من الطبيعي أن يترتب على الحكم التحكيمي نقل ملكية العقار غير المحفظ أو في طور التحفيظ مدام أنه أصبح سند البيع بعد تذييله بالصيغة التنفيذية في الحالات التي سبقت الإشارة إليها، شأنه شأن الحكم النهائي الصادر في دعوى إتمام البيع استنادا إلى ما هو منصوص عليه في الفصل 20/618 من قانون الالتزامات والعقود[58].

وتجد الإشارة، إلى أن حماية مشتري العقار في طور الإنجاز تقتضي أن تنتقل ملكية هذا العقار إليه بأثر رجعي[59] وليس بأثر فوري، أي من تاريخ إبرام البيع الابتدائي وليس من تاريخ الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع، تفاديا لكل التصرفات الضارة التي قد تصدر من البائع خلال مدة الإنجاز، كأن يبادر مثلا إلى رهن المبيع أو بيعه إلى مشتري جديد، وغير ذلك[60].

وفي نفس السياق لا حظ أحد الباحثين[61] بأن المشرع المغربي وقع في خلط بخصوص انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري، حينما نص على أن انتقال الملكية من البائع إلى المشتري يتم من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى، مؤكدا على أنه إذا كان ذلك صحيحا بالنسبة للعقار غير المحفظ، فإن العقار في طور التحفيظ لن يتأتى له ذلك إلا بعد تقييد الحكم النهائي في مطلب التحفيظ شأنه شأن العقار المحفظ، على اعتبار أن العقار في طور التحفيظ يخضع من حيث التقييدات الواردة عليه لنفس القواعد المنظمة للتقييدات الواردة على العقار المحفظ، وقد خلص الباحث إلى أن بيع العقار في طور الإنجاز لا ينبغي أن ينصب على عقار غير محفظ بل يجب أن ينصب على عقار محفظ أو في طور التحفيظ.

غير أن هذا الرأي في نظرنا يبدو غير واضح أو على الأقل قابل للنقاش، على اعتبار أنه بالرجوع إلى القانون المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز نجد بأن المشرع نص في الفصل 618/19 من قانون الالتزامات والعقود على أن الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع يقوم مقام عقد البيع النهائي قابل للتقييد في السجل العقاري إذا كان العقار محفظا، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ.

هكذا إذن، يستشف من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، بأن المشرع لم يميز بين العقار المحفظ والعقار الذي مزال في طور التحفيظ من حيث التقييدات عكس ما ذهب إليه الباحث في دعم رأيه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

لقد حاولنا في هذا الموضوع دراسة التحكيم التجاري الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، من خلال الإجابة على بعض التساؤلات التي كثيرا ما تطرح في هذا الصدد، باستجلاء الآراء الفقهية المتعلقة بها، وما نص عليه التشريع المغربي في هذا الشأن. غايتنا من ذلك كله، من ناحية أولى، توضيح وإبراز أهمية التحكيم في تسوية نزاعات بيع العقار في طور الإنجاز كوسيلة بديلة لحل المنازعات، ومن ناحية ثانية، للخروج بملاحظات عميقة واقتراحات بناءة نعرضها على الشكل التالي:

أولا: الملاحظات

لعل أول ملاحظة يمكن ابداؤها في هذا الخصوص، أن المشرع نص على إمكانية للجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع دون أن ينص على قواعد خاصة تنظم التحكيم في النزاعات الناشئة عن بيع العقار في طور الإنجاز تماشيا مع خصوصية هذا النوع من البيوع.

مدام أن المشرع أحال الطرفين على القواعد العامة المنظمة للتحكيم، يمكن القول بأن إمكانية للجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع محددة في مجال عقود بيع الأبنية- في طور الإنجاز- المخصصة لأغراض مهنية أو تجارية أو صناعية والتي يكون فيها المشتري مهنيا، وعليه تم إقصاء مقتني السكن الاجتماعي في طور الإنجاز من اللجوء إلى التحكيم.

بل أكثر من ذلك، أن إمكانية اقتراح اللجوء إلى التحكيم في النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع مخولة للبائع دون المشتري، طالما أن المشرع علق للجوء إلى هذه الإمكانية – التحكيم – على شرط رفض إتمام البيع داخل آجال 60 يوما تحتسب من تاريخ توصل المشتري بالإشعار دوما.

من الملاحظ أيضا، أن الأحكام التحكيمية الصادرة بإتمام البيع تتمتع بالقوة التنفيذية كقاعدة عامة ولا تحتاج إلى أن تذييل بالصيغة التنفيذية، مالم يتعلق الأمر بالتنفيذ الجبري للحكم التحكيمي أو كان أحد الطرفين شخص معنوي خاضع للقانون العام.

ثانيا: الاقتراحات

يستحسن لو أن المشرع نص على قواعد خاصة تنظم التحكيم في النزاعات المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز، نظرا لأن جل التعاملات المرتبطة بهذا القطاع عادة ما تندرج ضمن نوعية عقود البيع التي يكون السكن الاجتماعي هدفا لها، أي أن المشتري يكون في هذه العقود مكتسب صفة مستهلك كما هو محدد في القانون 08/31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، لذلك حبذا لو تم تنظيم التحكيم في نزاعات الاستهلاك.

حبذا لو أن المشرع أعادة صياغة الفصل 18/618 من قانون الالتزامات والعقود، بالصيغة التي تمكن طرفي النزاع – أي البائع والمشتري- معا من اللجوء إلى التحكيم.

من الأفضل كذلك أن يعيد المشرع صياغة الفصل 327/26 من قانون المسطرة المدنية على اعتبار أن الحجية تثبت لجميع الأحكام بمجرد صدورها، ولا تعكس قابليتها للتنفيذ من عدمها، ومن ثم نقترح الصياغة التالية: “تكتسب الأحكام التحكيمية بمجرد صدورها قوة الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه”.

 

 

تم بعون من الله وتوفيقه.

 

 

[1] – عرف المشرع التحكيم بموجب الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية بأنه: “حل النزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم”.

– ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، كما تم تتميمه بموجب القانون رقم 05/08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.169 بتاريخ 30/11/2007.

[2] – الظهير الشريف رقم 05-16-1 صادر في 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016) بتنفيذ القانون رقم 12-107 بتغيير وتتميم القانون رقم 00-44 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، المنشور في الجريدة الرسمية عدد: 6439، بتاريخ 15/02/2016.

[3] – عرف المشرع شرط تحكيم بموجب الفصل 316 من قانون المسطرة المدنية بأنه:” الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور”.

[4] – كما عرف أيضا عقد التحكيم بأنه:” الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة التحكيم”.

[5] – على اعتبار أن الفقرة الثانية من الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية نصت على أن “اتفاق التحكيم قد يكتسي شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم”.

[6] – عبد القادر العرعاري، تأملات في مقاصد الصياغة التشريعية الجديدة للقانون رقم 12/107 الرامي لإصلاح القانون رقم 00/44 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، مداخلة في الندوة الوطنية المنظمة يومي 25و26 نونبر 2016، بعنوان العقار والتعمير والاستثمار، الجزء الأول، الصفحة: 182.

[7] – تم إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، موجب الفصل 151 من دستور 2011، وقد خول المشرع الدستوري لكل من الحكومة ولمجلس المستشارين ولمجلس النواب أن يستشيروا هذا المجلس في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي، طبقا لمقتضيات الفصل 152 من الدستور.

[8] – رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن مشروع القانون رقم 12/107 بتغيير وتتميم القانون رقم 00-44 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الإحالة رقم: 07/2014، الصفحة: 19، منشور في الموقع الإلكتروني التالي: www.ces.ma تم الاطلاع عليه بتاريخ 22/08/2018.

[9] – أنظر بخصوص هذه الاعتبارات العملية وغيرها:

– بوعبيد عباسي، مظاهر دعم القضاء للتحكيم التجاري الداخلي في القانون المغربي، مقال منشور في مجلة محاكمة، العدد: 13، ماي/شتنبر 2017، الصفحة: 62 على الهامش.

[10] – يراد بالهيئة التحكيمية حسب ما جاء في الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية المحكم المنفرد أو مجموعة محكمين.

[11] – تماشيا مع ما جاء به المشرع في الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود، بحيث نص على إمكانية اللجوء إلى التحكيم لتسوية نزاع نشأ بين الأطراف (الذي يتم بموجب عقد تحكيم) وليس للجوء إلى التحكيم لحل نزاع قد ينشأ بينهم في المستقبل (الذي يتم بموجب شرط تحكيم).

[12] – ينص الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود على أن: “الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة هي:

– الأهلية للالتزام؛

– تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام؛

– شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام؛

– سبب مشروع للالتزام”.

[13] – نصت المادة 217 من مدونة الأسرة على أنه: “يعتبر عديم أهلية الأداء:

أولا: الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز.

ثانيا: المجنون وفاقد الأهلية”.

[14] – تنص كذلك المادة 213 من نفس المدونة على أنه:” يعتبر ناقص أهلية الأداء:

– الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد؛

– السفيه؛

– المعتوه”.

[15] – المادة 218 من مدونة الأسرة.

[16] – إن أحكام الأهلية تتعلق بالنظام العام ويجب مراعاتها وفق ما قرره المشرع، وعليه لا يجوز عن طريق الاتفاق منح شخص أهلية لا يتمتع بها بحكم القانون أو حرمانه من أهلية يخولها له القانون. وللمزيد من التعمق في هذا الإطار، يراجع:

– مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الأول مصادر الالتزام، الطبعة الثانية، بدون ذكر المطبعة، الصفحة: 137 وما بعدها.

[17] – نص المشرع على هذه القاعدة القانونية بموجب الفقرة الثانية من الفصل 3 من قانون الالتزامات والعقود التي جاء فيها:” كل شخص أهل للإلزام والالتزام مالم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك”.

[18] – يعتبر عديم أهلية التصرف حسب المادة 217 من مدونة الأسرة الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز، المجنون وفاقد العقل.

[19] – أنظر قريب من هذا المعنى:

– مأمون الكزبري، مرجع سابق، الصفحة: 137.

[20] – الفصل 2/618 من قانون الالتزامات والعقود.

[21] – بحيث نص الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية على أنه: “لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية”.

[22] – وهو ما يستشف من خلال ما نص عليه المشرع في الفصل 311 من قانون المسطرة المنية الذي جاء فيه: ” يجوز للمقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات تحكيم …”.

[23] – عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015، الطبعة الثامنة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2017، الصفحة: 303.

[24] – علما أن الفصل 314 من قانون المسطرة المدنية أجاز لطرفي النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، إمكانية إبرام عقد التحكيم ولو خلال دعوى جارية أمام المحكمة، وفي حالة اتفق الأطراف فيما بينهم على إيداع العقار موضوع النزاع بين يدي الحارس أو أمرت المحكمة بذلك. فإن هذا الأخير لا يجوز له ابرام عقد التحكيم مدام ليس له حق التصرف في العقار موضوع النزاع طبقا لمقتضيات الفصول 821 و822 من قانون الالتزامات والعقود.

[25] – للمزيد من التعمق في الاستثناءات الواردة على الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية، يراجع:

– عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، الصفحة: 304.

[26] – الفقرة الثانية من الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية.

[27] – نص المشرع في الفصل 417 من قانون الالتزامات والعقود على أن” الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية.

ويمكن أن ينتج كذلك من المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة، كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها”.

[28] – بخلاف الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية الملغى الذي كان يستلزم الكتابة كشرط لانعقاد التحكيم.

[29] – مالم توجد بداية حجة بالكتابة حيث تسمع البينة بالشهادة والقرائن لإثبات الاتفاقات التي يتطلب القانون لإثباتها دليلا خطيا طبقا لمقتضيات الفصل 447 من قانون الالتزامات والعقود.

[30] – أنظر في هذا المعنى:

– مأمون الكزبري، مرجع سابق، الصفحة: 42.

[31] – الفقرة الأخيرة من الفصل 313 من قانون الالتزامات والعقود.

[32]– نص المشرع المغربي على هذا الشرط بموجب البند الأول من الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية.

[33] – نص المشرع في الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: ” إذا رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار، يحق للطرف المتضرر إما:

– ……….

– اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 12-618.

[34] – ينص الفصل 18/618 من قانون الالتزامات والعقود على أنه : ” يتعين على البائع بمجرد حصوله على رخصة السكن أو شهادة المطابقة المشار إليهما في الفصل 6-618 أعلاه ، وعلى أبعد تقدير داخل أجل ستين (60) يوما الموالية لتاريخهما أن يخبر المشتري بذلك في محل مخابرته المصرح به في عقد البيع الابتدائي أو عند الاقتضاء في عقد التخصيص بإحدى طرق التبليغ المعتمدة قانونا…”.

[35] – من بين الفقهاء الذين وجهوا الانتقاد للمشرع المغربي بخصوص هذه النقطة في ظل القانون رقم 00/44 نذكر:

– محمد بونبات، بيع العقار في طور الإنجاز، دراسة في ضوء القانون رقم:00/44، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2003، الصفحة: 85.

– وفي ظل القانون رقم 12/107 نذكر:

– عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، الصفحة: 182.

[36] – بحيث نص المشرع في الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي: ” يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطلان:

– ………..

– تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها”.

[37] – لقد نص المشرع على ضرورة توفر المحكم أو المحكمين المعينين على الشروط القانونية لممارسة مهمة التحكيم، وذلك بموجب الفصل 3/327 من قانون المسطرة المدنية.

[38] – حسب ما هو وارد في البند الأول من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية.

[39] – استنادا إلى ما هو منصوص عليه في البند الثاني من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية.

[40] – طبقا لما هو منصوص عليه بموجب الفقرة ما قبل الأخيرة من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية.

[41] – وهو ما نص عليه المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية

[42] – أنظر الفقرة الأخيرة من الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية.

[43] – الفصل 2/618 من قانون الالتزامات والعقود.

[44] – عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، الصفحة: 321.

[45]  وللمزيد من التعمق بخصوص هذا التوجه، راجع:

– عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، الصفحة: 321 وما بعدها.

[46] – الفقرة الأولى من الفصل 31/327 من قانون المسطرة المدنية.

[47]– بوعبيد عباسي، مرجع سابق، الصفحة: 71.

[48] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، الصفحة: 72.

[49]– الفقرة الأخيرة من الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية.

[50] – الفقرة الثانية من الفصل 327/31 من قانون المسطرة المدنية.

[51] – الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم: 14.07.

[52] – أنظر الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود.

[53] – يعد الإشهار العقاري من أفضل ما أفرزته الصياغة التشريعية كنظام يكفل للعقار حماية قانونية في مواجهة الأطراف المتعاملين بشأنه، وكذا في مواجهة الأغيار محققا بذلك الاطمئنان في البيانات الواردة بالرسوم العقارية.

– محمد بنزهة، التقييد الاحتياطي وفق مستجدات قانون 07/14، مقال منشور في مجلة قضاء محكمة النقض، عدد 79- سنة 2015. الصفحة: 493.

[54] – بحيث نص المشرع في الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم: 14.07 على ما يلي: ” يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به……”.

[55] – للمزيد من التعمق بخصوص الأثر المنشئ للتقييد في الرسم العقاري، يراجع:

– عبد العالي دقوقي، الإلغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال الرباط، السنة الجامعية: 2001/2002، الصفحة: 177.

[56] – للمزيد من التعمق بخصوص التقييد في الرسم العقاري، يراجع:

– عبد المجيد أسويق، التقييدات على الرسوم العقارية وفق مستجدات القانون رقم: 07/14، طبعة 2015، مطبعة المعارف الجديد- الرباط.

[57] – علي الرام، بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء أحكام القانون المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية: 2004، الصفحة: 170.

[58] – لقد نص المشرع في الفصل 20/618 من قانون الالتزامات والعقود على أن “ملكية العقار المبيع تنتقل إلى المشتري من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى إذا كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ أما إذا كان العقار محفظا، فإن الملكية تنتقل من تاريخ تقييد العقد أو الحكم المذكورين في الرسم العقاري”.

[59] -إن فكرة الرجعية هي مجرد حيلة قانونية أو افتراض يخالف الواقع، ولذلك يتعين حصر مجال إعمالها والحد من آثارها كلما تيسر ذلك، وعدم تطبيقها خارج مجال الغاية التي تقررت من أجلها.

– عبد الحق الصافي، بيع العقار في طور الإنجاز، شرح وتحليل لنصوص القانون رقم 00/44، الطبعة الأولى، سنة 2011 بذون ذكر المطبعة، الصفحة:352.

[60]– من مؤيدي فكرة انتقال ملكية العقار في طور الإنجاز بأثر رجعي:

– عبد الحق الصافي، مرجع سابق، الصفحة:352.

التحكيم الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام بيع العقار في طور الإنجاز

-دراسة في ضوء القانون رقم 12/107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز-

 

محمد الشافعي

طالب باحث بسلك الدكتوراه

فريق قانون الأعمال

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

جامعة بن زهر.

مقدمة

اللجوء إلى التحكيم[1] من أجل تسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز يعتبر من بين أهم المستجدات التي جاء بها المشرع في القانون 12/107 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز[2]، وبذلك يكون المشرع قد فتح الباب أمام المتعاقدين لاختيار الوسيلة المناسبة لحل النزاعات فيما بينهم قضائيا أو وديا عن طريق إدراج شرط التحكيم[3] في صلب العقد الابتدائي لحل النزاع الذي قد ينشأ فيما بينهم مستقبلا، أو عن طريق ابرام عقد التحكيم[4]  لحل نزاع نشأ فيما بينهم[5].

وإمكانية اللجوء إلى التحكيم تعد من المستجدات التي حسن بها المشرع مضمون الفصل 19/618 من القانون الجديد المشار إليه أعلاه التي استهدف من خلالها تحسين فعالية وسائل اللجوء إلى القضاء[6]، والواقع أن هذه الفكرة تندرج في أصلها ضمن قائمة الاقتراحات والتوصيات التي قدمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي[7] للهيئة البرلمانية بتاريخ (26 يونيو 2014)[8].

ويشكل هذا التدخل التشريعي انعكاس واضحا لأهمية التحكيم في حل المنازعات عموما، ويرجع ذلك لاعتبارات عملية كطرح النزاع على شخص يكون محل ثقة الخصوم، وتجنب علانية الجلسات[9]، وكذلك لمزاياه التي يوجد على رأسها عامل السرعة في إجراءات الفصل في النزاع، وإمكانية اختيار الهيئة التحكيمية[10] المناسبة، وإمكانية اختيار القواعد الموضوعية الواجبة التطبيق وكذا القواعد الإجرائية الواجبة الاتباع من طرف الهيئة التحكيمية.

غير أننا سوف لا نعمل في هذا المقال على دراسة، فرضية للجوء إلى التحكيم عن طريق إدراج شرط التحكيم في العقد الابتدائي لأن ذلك يحتاج، بالخصوص، إلى دراسات أخرى مفصلة ودقيقة لا تتسع لها هذه الدراسة، لذلك سنقوم بدراسة فرضية اتفاق طرفي عقد

بيع العقار في طور الإنجاز على اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع بموجب عقد التحكيم[11]، مستبعدين بشكل تام من هذه الدراسة شرط التحكيم.

تأسيسا على ما سبق، سنتولى في هذا المقال الإجابة عن تساؤلين كثيرا ما يتم طرحهم في مجال التحكيم الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، مفادها: ماهي شروط اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع ؟، وماهي آثار الحكم التحكيمي الصادر في النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع؟

ومن أجل معالجة الأسئلة المطروحة أعلاه، يتعين علينا أن نحدد شروط اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع في (المطلب الأول)، ثم بيان أهم الأثار المترتبة عن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: شروط اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع

بالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية وقانون الالتزامات والعقود، يتضح أنه لقيام التحكيم لا بد من توفر مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية، تتمثل الأولى في الشروط العامة التي يستلزمها القانون لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة[12]، وتكمن الثانية حسب الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية في تحديد موضوع النزاع والهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعينها في عقد التحكيم، لذلك سنعالج الشروط الموضوعية في الفقرة الأولى على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن الشروط الشكلية.

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية لإبرام عقد التحكيم

تتمثل الشروط الموضوعية لإبرام عقد التحكيم في النزاع الناشئ عدم إتمام بيع العقار قيد الإنجاز في ضرورة توافر الأهلية في الشخص الذي يرغب ابرامه (أولا) على أن يكون صاحب التصرف في الحق موضوع النزاع (ثانيا).

أولا: الأهلية

نص المشرع في الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية على أنه: ” يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم”.

يستفاد من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، أن المشرع يستلزم بالضرورة توافر الأهلية في الشخص الذي يرغب ابرام عقد التحكيم.

وعليه، يكون التحكيم الذي يبرمه أو يوافق عليه القاصر دون موافقة نائبه الشرعي سواء كان فاقد الأهلية كالصغير غير المميز والمجنون[13]، أو ناقصها شأن الصغير المميز والسفيه [14] باطلا بقوة القانون، مالم يكن مرشدا[15]، أو باشر ذلك بواسطة نائبه القانوني سيما في الحالة التي يكون فيها القاصر ناقص الأهلية، لأنه كما هو معلوم تكون تصرفات فاقد الأهلية باطلة ولو وافق عليها النائب الشرعي.  والأصل في الإنسان كمال الأهلة[16]، بحيث لا يعتبر أحد فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بمقتضى نص قانوني[17].

ولما كان كمال الأهلية لدى المتعاقد هو الوضع الثابت أصلا، فإن على من يدعي عدم الأهلية[18] لإبرام عقد التحكيم أن يثبت ما يدعيه. فإذا قامت البينة على فقدان الأهلية كان العقد باطلا، ولا يسمع من الطرف الآخر احتجاجه بأنه كان يعتقد أن من يبرم معه عقد تحكيم كامل الأهلية[19].

ومدام أن المشرع نص على ضرورة أن يتم بيع العقار في طور الإنجاز سواء من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص طبقا لأحكام قانون بيع العقار في طور الإنجاز تحت طائلة البطلان[20]، فيتعين علينا أن نحدد أهلية الشخص المعنوي كطرف في عقد التحكيم المبرم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع، فبخصوص أهلية الأشخاص المعنوية يجب التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والأشخاص المعنوية الخاصة:

فبالنسبة للأشخاص المعنوية العامة يتعين التمييز كذلك بين تدخلها في التحكيم بشأن الأملاك العامة، وبين تدخلها بخصوص أملاكها الخاصة، إذ في الحالة الأولى لا يسوغ لها مباشرة التحكيم[21]، أما في الحالة الثانية فمستساغ لأنها شخص عادي يخضع للقواعد العامة شأنها في ذلك شأن الأفراد[22].

أما بالنسبة لأهلية الأشخاص المعنوية الخاصة كالشركات والمقاولات التجارية، فلا وجود لأي مانع قانوني على مباشرتها للتحكيم، كل ما هنالك عليها أن توافق عليه بواسطة ممثلها القانوني[23].

ثانيا: ملكية التصرف في الحق موضوع النزاع

ينص الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية على أنه: ” يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها”.

استنادا إلا هذا النص، يتضح أن ابرام عقد التحكيم يقتصر على من يملكون التصرف في الحق موضوع النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز.

ومن ثم، يستثنى حارس هذا العقار موضوع النزاع سواء كان قضائيا أو اتفاقيا[24] طبقا لمقتضيات الفصل 821 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن للحارس حفظ الشيء وإدارته -أي دون التصرف فيه -…”.

وحسب الفصل 822 الذي يليه ” ليس له كذلك – أي الحارس- أن يقوم بأي عمل من أعمال التفويت إلا ما هو ضروري لمصلحة العقار المعهود إليه بحراسته”[25].

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية لإبرام عقد التحكيم

بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية يستشف بأن المشرع نص على مجموعة من الشروط الشكلية الواجب توافرها في عقد التحكيم، ويتعلق الأمر ب: ضرورة إبرام عقد التحكيم (أولا)، وتحديد موضوع النزاع (ثانيا)، ثم تعيين هيئة التحكيم (ثالثا).

أولا: ضرورة إبرام عقد التحكيم في محرر مكتوب

جاء في الفقرة الأولى من الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية أنه:” يجب أن يبرم اتفاق تحكيم كتابة، إما بعقد مكتوب أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المختارة”.

ومفاد ما تقدم، أن المشرع اشترط على أطراف بيع العقار في طور الإنجاز ضرورة ابرام عقد التحكيم كتابة إما في محرر عرفي أم رسمي أو في محضر يحرر أما هيئة التحكيم، ويعتبر اتفاق تحكيم مبرم كتابة حسب تعبير المشرع إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال والتي تعد بمثابة الاتفاق تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الآخر في ذلك[26].

والملا حظ أن الكتابة التي تطلبها المشرع في هذا الصدد مشروطة للإثبات فحسب، وليس للانعقاد[27]، وعليه فإن عقد التحكيم لا يعد عقدا شكليا بل يبقى رضائيا وإن كانت تشترط في إثباته الكتابة[28]، ويترتب على ذلك أن الكتابة إذا ما انتفت، فلا يرتب انتفائها انعدام عقد التحكيم أو بطلانه، بل تعذر إثباته بشهادة الشهود والقرائن[29]، ويضل من الممكن إقامة الدليل عليه بالإقرار أو بتوجيه اليمين الحاسمة [30].

وتجد الإشارة، إلى أنه يعتبر في حكم عقد التحكيم المبرم كتابة كل إحالة وردت في عقد مكتوب تحيل على عقد نموذجي، شريطة أن تكون هذه الإحالة واضحة [31].

ثانيا: ضرورة تحديد موضوع النزاع في عقد التحكيم

لقد اشترط المشرع على طرفي عقد بيع العقار في طور الإنجاز في حالة اختيارهم اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع ضرورة تحديد طبيعة النزاع تحت طائلة البطلان[32].

وموضوع النزاع الناشئ عن بيع العقار في طور الإنجاز- الذي يبرر إمكانية اللجوء إلى التحكيم – يتمثل في رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار، طبقا لمقتضيات الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود[33].

والملاحظ من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، أن المشرع خول للطرف المتضرر -جراء رفض الطرف الأخر إتمام البيع – إمكانية اللجوء إلى التحكيم دون أن يحدد الطرف المتضرر، وعليه يمكن القول بأن الطرف المتضرر، قد يكون البائع في حالة رفض المشتري إتمام البيع، كما قد يكون المشتري ذاته متضررا إن ظهر امتناع واضح من البائع بإتمام البيع.

غير أن عبارة ” ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار” الواردة في الفصل 19/618 المشار إليه أعلاه، تثير نوع من الغموض وعدم الدقة، نظرا لأن الطرف الذي يقع على عاتقه الالتزام بالإشعار هو البائع فقط دون المشتري استنادا إلى مقتضيات الفصل 18/618 من قانون الالتزامات والعقود[34]، لذلك نعتقد أن المقصود بعبارة” إذا رفض أحد الطرفين” المنصوص عليها في الفصل 19/618 أعلاه، تعني بالذات المشتري، وبمفهوم المخالفة، فإن إمكانية اقتراح اللجوء إلى التحكيم مخولة للبائع دون المشتري، طالما أن المشرع علق للجوء إلى هذه الإمكانية على شرط رفض إتمام البيع داخل آجال 60 يوما تحتسب  من تاريخ توصل المشتري بالإشعار.

وتجدر الإشارة، إلى أن صياغة هذا النص – 18/618 – كانت محل انتقاد حتى في ظل القانون القديم رقم 00/44، أي قبل تعديله وتتميمه بموجب القانون الجديد رقم: 12/107[35].

 ثالثا: ضرورة تعيين هيئة التحكيم في عقد التحكيم

من الشروط التي تطلب المشرع توفرها في عقد التحكيم أيضا تعيين المحكم أو الهيئة التحكيمية أو على الأقل التنصيص على طريقة تعيينها وذلك تحت طائلة البطلان[36].

والواقع أن المشرع حدد القواعد التي يتعين على طرفي النزاع البائع والمشتري الالتزام بها في تشكيل الهيئة التحكيمية، بحيث نص في الفصل 2/327 من قانون المسطرة المدنية على أن تشكيل الهيئة التحكيم يكون باتفاق الطرفين، وقد يتم الاتفاق على تعيين محكم واحد أو أكثر، ولهما الحرية الكاملة في تحديد إجراءات تعيينهم، وفي حالة لم يتم الاتفاق على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة، وإذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا تحت طائلة بطلان التحكيم.

وإذا كان الأصل أن اختيار المحكمين يتم بموجب اتفاق من الأطراف أنفسهم بشرط أن تتوفر فيهم الشروط القانونية لممارسة مهام التحكيم[37]، فإن القضاء يتدخل استثناء في تشكيل الهيئة التحكيمية، على أن تدخله هذا محدد على سبيل الحصر أي في حالات معينة فقط.  يتعلق الأمر بحالتين:

– الحالة الأولى: هي الحالة المنصوص عليها في الفصل 4/327 من قانون المسطرة المدنية ويتعلق الأمر بفرضية تعيين الأطراف لعدد مزدوج من المحكمين، إذ يتعين والحالة هذه تكميل تشكيل هيئة التحكيم بمحكم يتم اختياره، إما طبقا لما اتفق عليه طرفي عقد بيع العقار في طور الإنجاز، وإما من لدن المحكمين المعينين في حالة عدم حصول هذا الاتفاق، وإما من لدن رئيس المحكمة بناء على أمر غير قابل للطعن في حالة عدم حصول اتفاق بين المحكمين المذكورين.

– الحالة الثانية: وهي الحالة المنصوص عليها في الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية، ويتعلق الأمر بفرضية عدم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا أو كيفية وتاريخ اختيار المحكمين، أو لم يتفق الأطراف على ذلك، فهنا تتبع الإجراءات التالية:

إذا كانت الهيئة التحكيمية تتكون من محكم واحد، يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين إما بائع العقار في طور الإنجاز أو مشتريه[38].

إذا كانت الهيئة التحكيمية متكونة من ثلاثة محكمين، فكل طرف يعين محكما، على أن يتم تعين المحكم الثالث من طرف المحكمان، وإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه أو لم يعين المحكمان المحكم الثالث، يتولى رئيس المحكمة تعيينه بناء على طلب أي من الطرفين، على أن يتولى المحكم الثالث رئاسة الهيئة. وكذلك الحال في حالة ما إذا كانت الهيئة التحكيمية متكونة من أكثر من ثلاثة محكمين[39].

وتجدر الإشارة إلى أن المحكم الذي يتم اختياره من طرف رئيس المحكمة يجب أن تتوفر فيه الشروط القانونية، وما اتفق عليه الأطراف، ولا يصدر قراره إلا بعد استدعاء الأطراف للحضور، ولا يكون قراره قابلا لأي طعن[40]، كما تطبق أيضا هذه المقتضيات كلما اعترض تشكيل الهيئة التحكيمية عائق ما[41].

وفي ختام هذه الفقرة لابد من التنبيه إلى أن المحكم الذي تم تعينه يجب أن يعبر عن قبوله بالهمة المسندة إليه تحت طائلة إلغاء عقد التحكيم[42].

المطلب الثاني: آثار الحكم التحكيمي الصادر في النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع

يترتب على صدور الحكم التحكيمي من طرف هيئة التحكيم في النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز مجموعة من الآثار التي تختلف باختلاف العقار المبيع، فإذا كان العقار المبيع محفظ يترتب على صدور الحكم التحكيمي التقييد في الرسم العقاري، بحيث يقوم مقام عقد البيع النهائي، أما إذا كان العقار المبيع ما زال في طور التحفيظ يتم إيداع الحكم التحكيمي الصادر بمطلب التحفيظ، وفي حالة انصب البيع على عقار غير محفظ، فإن الحكم التحكيمي ينقل ملكية هذا العقار من البائع إلى المشتري من تاريخ صدوره. غير أن الحكم التحكيمي لا يرتب هذه الآثار -أحيانا- إلا بعد إخضاعه لإجراء التذييل بالصيغة التنفيذية، طالما أن التذييل بالصيغة التنفيذية هو الذي يعطيه قوة تماثل قوة الحكم القضائي.

لذلك سنعالج في الفقرة الأولى حالات تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، على أن نخصص الفقرة الثانية لبيان مختلف الآثار المترتبة عن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بعد تذييله بالصيغة التنفيذية.

الفقرة الأولى: حالات تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية

استنادا إلى ما هو منصوص عليه في قانون المسطرة المدنية، فإن الحكم التحكيمي يحتاج إلى تذييله بالصيغة التنفيذية عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد طرفيه شخص معنوي خاضع للقانون العام، أما إذا كان طرفيه خاضعين إلى القانون الخص، فإنه يتمتع بالقوة التنفيذية بمجرد صدوره، ومدام أن المشرع استوجب أن يتم  بيع العقار في طور الإنجاز سواء كان من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص طبقا لأحكام قانون بيع العقار في طور الإنجاز تحت طائلة البطلان[43]، يتعين علينا في إطار هذه الفقرة أن نميز بين الحكم التحكيمي المتمتع بالقوة التنفيذية بقوة القانون(أولا)، وبين الحكم التحكيمي الذي يحتاج إلى التذييل بالصيغة التنفيذية (ثانيا).

أولا: الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بين طرفين خاضعين للقانون الخاص

ينص الفصل 327/25 من قانون المسطرة المدنية على أنه:

” يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه”.

وينص الفصل 327/34 من نفس القانون على أنه:” لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 327/35 و327/36 بعده.

يتبين من خلال هذين الفصلين أن الأحكام التحكيمية الصادرة بإتمام البيع تتمتع بالقوة التنفيذية كقاعدة عامة ولا تحتاج إلى أن تذييل بالصيغة التنفيذية، وهذا ما قصده المشرع أولا بجعلها غير قابلة لأي طعن إلا ما وضع له من شروط خاصة به، وثانيا اعترافه باكتسابها حجية الشيء المقضي به بمجرد صدورها، وإن كانت الصياغة المستعملة من طرف المشرع غير سليمة[44]. على اعتبار أن الحجية تثبت لجميع الأحكام بمجرد صدورها، ولا تعكس قابليتها للتنفيذ من عدمها، ومن ثم كان على المشرع أن يقول تكتسب الأحكام التحكيمية بمجرد صدورها قوة الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه.

وما يؤكد صحة هذا التوجه[45]، أن الفقرة الأخيرة من الفصل 327/26 التي تتحدث عن حجية الشيء المقضي به، أكدت أن القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل تطبق على الحكم التحكيمي، وهذا معناه، أن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بمجرد صدوره عن الهيئة التحكيمية أو المحكم يتمتع لا بالحجية فحسب، وإنما بقوة التنفيذ إذ يمكن للمحكوم له أن يباشر التنفيذ سواء بطريقة اختيارية أو بشكل جبري.

غير أن هناك توضيح لا بد من القيام به مفاده: أن الحكم التحكيمي لا يكون قابلا للتنفيذ الجبري إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية بمقتضى أمر صادر عن رئيس المحكمة الصادر الحكم بدائرتها[46]. ولعل ذلك راجع إلى أن التذييل بالصيغة التنفيذية هو الذي يعطي للحكم التحكيمي قوة تنفيذية تماثل قوة الحكم القضائي[47].

ويرجع ذلك إلى المبدأ الذي اعتنقه المشرع المغربي وهو عدم الاعتراف للإرادة الخاصة وحدها بإمكانية إنشاء السندات التنفيذية. فالمشرع عندما أجاز لطرفي بيع العقار في طور الإنجاز ممارسة القضاء الخاص في صورة نظام التحكيم يكون بذلك خول لهم هذه الممارسة في مرحلة التقاضي دون مرحلة التنفيذ[48].

ثانيا: الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بين طرفين أحدهم خاضع للقانون العام

تنص الفقرة الثانية من الفصل 327/26 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

” غير أن الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه، إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ…”.

يتضح من خلال مقتضيات هذه الفقرة أن الصيغة التنفيذية لازمة متى كان أحد طرفي النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز شخص معنويا خاضعا للقانون العام.

وللحصول على الصيغة التنفيذية التي يمنحها رئيس المحكمة الإدارية الصادر الحكم التحكيمي بدائرتها والحالة هذه[49]، يتعين إيداع أصل الحكم التحكيمي مصحوب بنسخة من عقد التحكيم مع ترجمتها – أي النسخة – إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة، إما من قبل المحكم، أو الطرف الأكثر استعجالا خلال سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره[50].

ومتى تم وضع الصيغة التنفيذية على أصل الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع. أصبح قابلا للتنفيذ، ويعد الأمر القاضي بتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية غير قابل لأي طعن، مالم يتعلق الأمر بالطعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف إذا تعلق الأمر بحالة من حالات بطلان الأحكام التحكيمية المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من الفصل 327/36 من قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية: آثار الحكم التحكيمي في النزاع الناشئ عن رفض إتمام البيع

سبق القول بأن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع تترتب عليه مجموعة من الآثار بعد تذييله بالصيغة متى كان أحد طرفيه خاضع للقانون العام أو في حالة التنفيذ الجبري، من بينها: التقييد في الرسم العقاري إذا كان العقار المبيع محفظ (أولا)، ثم نقل ملكية العقار غير المحفظ أو في طور التحفيظ من البائع إلى المشتري (ثانيا).

أولا: تقييد الحكم التحكيمي في السجل العقاري

من المعلوم أن أي حق عقاري لم يتم تقييده في الرسم العقاري، لا يرتب أي أثر لو بين الأطراف[51]، وتبعا لذلك، فإن المشرع المغربي أخذ بمبدأ الأثر المنشئ للتقييد في الرسم العقاري بما في ذلك الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع بعد تذييله بالصيغة التنفيذية في الحالات التي سبقت الإشارة إليها، مدام أن المشرع خول لطرفي عقد بيع العقار المحفظ في طور الإنجاز إمكانية للجوء إلى التحكيم من أجل إتمام البيع[52].

وعليه، يمكن القول بأن الحكم التحكيمي الصادر بإتمام بيع عقار محفظ شأنه شأن باقي التصرفات والوقائع التي أوجب المشرع أن تشهر[53] بواسطة التقييد في الرسم العقاري[54].

إن تقييد الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع في الرسم العقاري هو الذي يصبغ على الحق الوارد في الحكم التحكيمي صبغة الحق العيني، إذ يظل صاحب أي حق عقاري متعلق بعقار محفظ في طور الإنجاز مالكا لحق شخصي فقط، ولا يصبح حقا عينيا إلا من تاريخ تقييده في الرسم العقاري[55].

هكذا إذن، يبدو واضحا أن تقييد الحكم التحكيمي في الرسم العقاري يعتبر قرينة قانونية وحجة قوية يحتج بها في مواجهة الكافة، وعليه فالمشتري الذي صدر الحكم التحكيمي في صالحه لا ينازعه أحد في الحق الذي نص عليه، نظرا لأن التقييد في الرسم العقاري يضمن له التباث والاستقرار[56].

ثانيا: نقل ملكية العقار المبيع

يعتبر نقل ملكية العقار المبيع الهدف الأسمى ليس فقط في بيع العقار في طور الإنجاز، وإنما في البيع عموما، فكل عقد لا يترتب عليه نشوء التزام بنقل ملكية شيء أو أي حق مالي متعاقد عليه لا يعتبر بيعا بل عقدا من نوع آخر[57]، لذلك كان من الطبيعي أن يترتب على الحكم التحكيمي نقل ملكية العقار غير المحفظ أو في طور التحفيظ مدام أنه أصبح سند البيع بعد تذييله بالصيغة التنفيذية في الحالات التي سبقت الإشارة إليها، شأنه شأن الحكم النهائي الصادر في دعوى إتمام البيع استنادا إلى ما هو منصوص عليه في الفصل 20/618 من قانون الالتزامات والعقود[58].

وتجد الإشارة، إلى أن حماية مشتري العقار في طور الإنجاز تقتضي أن تنتقل ملكية هذا العقار إليه بأثر رجعي[59] وليس بأثر فوري، أي من تاريخ إبرام البيع الابتدائي وليس من تاريخ الحكم التحكيمي الصادر بإتمام البيع، تفاديا لكل التصرفات الضارة التي قد تصدر من البائع خلال مدة الإنجاز، كأن يبادر مثلا إلى رهن المبيع أو بيعه إلى مشتري جديد، وغير ذلك[60].

وفي نفس السياق لا حظ أحد الباحثين[61] بأن المشرع المغربي وقع في خلط بخصوص انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري، حينما نص على أن انتقال الملكية من البائع إلى المشتري يتم من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى، مؤكدا على أنه إذا كان ذلك صحيحا بالنسبة للعقار غير المحفظ، فإن العقار في طور التحفيظ لن يتأتى له ذلك إلا بعد تقييد الحكم النهائي في مطلب التحفيظ شأنه شأن العقار المحفظ، على اعتبار أن العقار في طور التحفيظ يخضع من حيث التقييدات الواردة عليه لنفس القواعد المنظمة للتقييدات الواردة على العقار المحفظ، وقد خلص الباحث إلى أن بيع العقار في طور الإنجاز لا ينبغي أن ينصب على عقار غير محفظ بل يجب أن ينصب على عقار محفظ أو في طور التحفيظ.

غير أن هذا الرأي في نظرنا يبدو غير واضح أو على الأقل قابل للنقاش، على اعتبار أنه بالرجوع إلى القانون المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز نجد بأن المشرع نص في الفصل 618/19 من قانون الالتزامات والعقود على أن الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع يقوم مقام عقد البيع النهائي قابل للتقييد في السجل العقاري إذا كان العقار محفظا، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ.

هكذا إذن، يستشف من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، بأن المشرع لم يميز بين العقار المحفظ والعقار الذي مزال في طور التحفيظ من حيث التقييدات عكس ما ذهب إليه الباحث في دعم رأيه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

لقد حاولنا في هذا الموضوع دراسة التحكيم التجاري الداخلي كوسيلة بديلة لحل النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، من خلال الإجابة على بعض التساؤلات التي كثيرا ما تطرح في هذا الصدد، باستجلاء الآراء الفقهية المتعلقة بها، وما نص عليه التشريع المغربي في هذا الشأن. غايتنا من ذلك كله، من ناحية أولى، توضيح وإبراز أهمية التحكيم في تسوية نزاعات بيع العقار في طور الإنجاز كوسيلة بديلة لحل المنازعات، ومن ناحية ثانية، للخروج بملاحظات عميقة واقتراحات بناءة نعرضها على الشكل التالي:

أولا: الملاحظات

لعل أول ملاحظة يمكن ابداؤها في هذا الخصوص، أن المشرع نص على إمكانية للجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع دون أن ينص على قواعد خاصة تنظم التحكيم في النزاعات الناشئة عن بيع العقار في طور الإنجاز تماشيا مع خصوصية هذا النوع من البيوع.

مدام أن المشرع أحال الطرفين على القواعد العامة المنظمة للتحكيم، يمكن القول بأن إمكانية للجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع محددة في مجال عقود بيع الأبنية- في طور الإنجاز- المخصصة لأغراض مهنية أو تجارية أو صناعية والتي يكون فيها المشتري مهنيا، وعليه تم إقصاء مقتني السكن الاجتماعي في طور الإنجاز من اللجوء إلى التحكيم.

بل أكثر من ذلك، أن إمكانية اقتراح اللجوء إلى التحكيم في النزاع الناشئ عن عدم إتمام البيع مخولة للبائع دون المشتري، طالما أن المشرع علق للجوء إلى هذه الإمكانية – التحكيم – على شرط رفض إتمام البيع داخل آجال 60 يوما تحتسب من تاريخ توصل المشتري بالإشعار دوما.

من الملاحظ أيضا، أن الأحكام التحكيمية الصادرة بإتمام البيع تتمتع بالقوة التنفيذية كقاعدة عامة ولا تحتاج إلى أن تذييل بالصيغة التنفيذية، مالم يتعلق الأمر بالتنفيذ الجبري للحكم التحكيمي أو كان أحد الطرفين شخص معنوي خاضع للقانون العام.

ثانيا: الاقتراحات

يستحسن لو أن المشرع نص على قواعد خاصة تنظم التحكيم في النزاعات المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز، نظرا لأن جل التعاملات المرتبطة بهذا القطاع عادة ما تندرج ضمن نوعية عقود البيع التي يكون السكن الاجتماعي هدفا لها، أي أن المشتري يكون في هذه العقود مكتسب صفة مستهلك كما هو محدد في القانون 08/31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، لذلك حبذا لو تم تنظيم التحكيم في نزاعات الاستهلاك.

حبذا لو أن المشرع أعادة صياغة الفصل 18/618 من قانون الالتزامات والعقود، بالصيغة التي تمكن طرفي النزاع – أي البائع والمشتري- معا من اللجوء إلى التحكيم.

من الأفضل كذلك أن يعيد المشرع صياغة الفصل 327/26 من قانون المسطرة المدنية على اعتبار أن الحجية تثبت لجميع الأحكام بمجرد صدورها، ولا تعكس قابليتها للتنفيذ من عدمها، ومن ثم نقترح الصياغة التالية: “تكتسب الأحكام التحكيمية بمجرد صدورها قوة الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه”.

 

 

تم بعون من الله وتوفيقه.

 

 

[1] – عرف المشرع التحكيم بموجب الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية بأنه: “حل النزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم”.

– ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، كما تم تتميمه بموجب القانون رقم 05/08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.169 بتاريخ 30/11/2007.

[2] – الظهير الشريف رقم 05-16-1 صادر في 23 من ربيع الآخر 1437 (3 فبراير 2016) بتنفيذ القانون رقم 12-107 بتغيير وتتميم القانون رقم 00-44 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، المنشور في الجريدة الرسمية عدد: 6439، بتاريخ 15/02/2016.

[3] – عرف المشرع شرط تحكيم بموجب الفصل 316 من قانون المسطرة المدنية بأنه:” الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور”.

[4] – كما عرف أيضا عقد التحكيم بأنه:” الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة التحكيم”.

[5] – على اعتبار أن الفقرة الثانية من الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية نصت على أن “اتفاق التحكيم قد يكتسي شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم”.

[6] – عبد القادر العرعاري، تأملات في مقاصد الصياغة التشريعية الجديدة للقانون رقم 12/107 الرامي لإصلاح القانون رقم 00/44 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، مداخلة في الندوة الوطنية المنظمة يومي 25و26 نونبر 2016، بعنوان العقار والتعمير والاستثمار، الجزء الأول، الصفحة: 182.

[7] – تم إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، موجب الفصل 151 من دستور 2011، وقد خول المشرع الدستوري لكل من الحكومة ولمجلس المستشارين ولمجلس النواب أن يستشيروا هذا المجلس في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي، طبقا لمقتضيات الفصل 152 من الدستور.

[8] – رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن مشروع القانون رقم 12/107 بتغيير وتتميم القانون رقم 00-44 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الإحالة رقم: 07/2014، الصفحة: 19، منشور في الموقع الإلكتروني التالي: www.ces.ma تم الاطلاع عليه بتاريخ 22/08/2018.

[9] – أنظر بخصوص هذه الاعتبارات العملية وغيرها:

– بوعبيد عباسي، مظاهر دعم القضاء للتحكيم التجاري الداخلي في القانون المغربي، مقال منشور في مجلة محاكمة، العدد: 13، ماي/شتنبر 2017، الصفحة: 62 على الهامش.

[10] – يراد بالهيئة التحكيمية حسب ما جاء في الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية المحكم المنفرد أو مجموعة محكمين.

[11] – تماشيا مع ما جاء به المشرع في الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود، بحيث نص على إمكانية اللجوء إلى التحكيم لتسوية نزاع نشأ بين الأطراف (الذي يتم بموجب عقد تحكيم) وليس للجوء إلى التحكيم لحل نزاع قد ينشأ بينهم في المستقبل (الذي يتم بموجب شرط تحكيم).

[12] – ينص الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود على أن: “الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة هي:

– الأهلية للالتزام؛

– تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام؛

– شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام؛

– سبب مشروع للالتزام”.

[13] – نصت المادة 217 من مدونة الأسرة على أنه: “يعتبر عديم أهلية الأداء:

أولا: الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز.

ثانيا: المجنون وفاقد الأهلية”.

[14] – تنص كذلك المادة 213 من نفس المدونة على أنه:” يعتبر ناقص أهلية الأداء:

– الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد؛

– السفيه؛

– المعتوه”.

[15] – المادة 218 من مدونة الأسرة.

[16] – إن أحكام الأهلية تتعلق بالنظام العام ويجب مراعاتها وفق ما قرره المشرع، وعليه لا يجوز عن طريق الاتفاق منح شخص أهلية لا يتمتع بها بحكم القانون أو حرمانه من أهلية يخولها له القانون. وللمزيد من التعمق في هذا الإطار، يراجع:

– مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الأول مصادر الالتزام، الطبعة الثانية، بدون ذكر المطبعة، الصفحة: 137 وما بعدها.

[17] – نص المشرع على هذه القاعدة القانونية بموجب الفقرة الثانية من الفصل 3 من قانون الالتزامات والعقود التي جاء فيها:” كل شخص أهل للإلزام والالتزام مالم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك”.

[18] – يعتبر عديم أهلية التصرف حسب المادة 217 من مدونة الأسرة الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز، المجنون وفاقد العقل.

[19] – أنظر قريب من هذا المعنى:

– مأمون الكزبري، مرجع سابق، الصفحة: 137.

[20] – الفصل 2/618 من قانون الالتزامات والعقود.

[21] – بحيث نص الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية على أنه: “لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية”.

[22] – وهو ما يستشف من خلال ما نص عليه المشرع في الفصل 311 من قانون المسطرة المنية الذي جاء فيه: ” يجوز للمقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات تحكيم …”.

[23] – عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015، الطبعة الثامنة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2017، الصفحة: 303.

[24] – علما أن الفصل 314 من قانون المسطرة المدنية أجاز لطرفي النزاع الناشئ عن عدم إتمام بيع العقار في طور الإنجاز، إمكانية إبرام عقد التحكيم ولو خلال دعوى جارية أمام المحكمة، وفي حالة اتفق الأطراف فيما بينهم على إيداع العقار موضوع النزاع بين يدي الحارس أو أمرت المحكمة بذلك. فإن هذا الأخير لا يجوز له ابرام عقد التحكيم مدام ليس له حق التصرف في العقار موضوع النزاع طبقا لمقتضيات الفصول 821 و822 من قانون الالتزامات والعقود.

[25] – للمزيد من التعمق في الاستثناءات الواردة على الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية، يراجع:

– عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، الصفحة: 304.

[26] – الفقرة الثانية من الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية.

[27] – نص المشرع في الفصل 417 من قانون الالتزامات والعقود على أن” الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية.

ويمكن أن ينتج كذلك من المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة، كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها”.

[28] – بخلاف الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية الملغى الذي كان يستلزم الكتابة كشرط لانعقاد التحكيم.

[29] – مالم توجد بداية حجة بالكتابة حيث تسمع البينة بالشهادة والقرائن لإثبات الاتفاقات التي يتطلب القانون لإثباتها دليلا خطيا طبقا لمقتضيات الفصل 447 من قانون الالتزامات والعقود.

[30] – أنظر في هذا المعنى:

– مأمون الكزبري، مرجع سابق، الصفحة: 42.

[31] – الفقرة الأخيرة من الفصل 313 من قانون الالتزامات والعقود.

[32]– نص المشرع المغربي على هذا الشرط بموجب البند الأول من الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية.

[33] – نص المشرع في الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: ” إذا رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار، يحق للطرف المتضرر إما:

– ……….

– اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 12-618.

[34] – ينص الفصل 18/618 من قانون الالتزامات والعقود على أنه : ” يتعين على البائع بمجرد حصوله على رخصة السكن أو شهادة المطابقة المشار إليهما في الفصل 6-618 أعلاه ، وعلى أبعد تقدير داخل أجل ستين (60) يوما الموالية لتاريخهما أن يخبر المشتري بذلك في محل مخابرته المصرح به في عقد البيع الابتدائي أو عند الاقتضاء في عقد التخصيص بإحدى طرق التبليغ المعتمدة قانونا…”.

[35] – من بين الفقهاء الذين وجهوا الانتقاد للمشرع المغربي بخصوص هذه النقطة في ظل القانون رقم 00/44 نذكر:

– محمد بونبات، بيع العقار في طور الإنجاز، دراسة في ضوء القانون رقم:00/44، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2003، الصفحة: 85.

– وفي ظل القانون رقم 12/107 نذكر:

– عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، الصفحة: 182.

[36] – بحيث نص المشرع في الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي: ” يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطلان:

– ………..

– تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها”.

[37] – لقد نص المشرع على ضرورة توفر المحكم أو المحكمين المعينين على الشروط القانونية لممارسة مهمة التحكيم، وذلك بموجب الفصل 3/327 من قانون المسطرة المدنية.

[38] – حسب ما هو وارد في البند الأول من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية.

[39] – استنادا إلى ما هو منصوص عليه في البند الثاني من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية.

[40] – طبقا لما هو منصوص عليه بموجب الفقرة ما قبل الأخيرة من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية.

[41] – وهو ما نص عليه المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 5/327 من قانون المسطرة المدنية

[42] – أنظر الفقرة الأخيرة من الفصل 315 من قانون المسطرة المدنية.

[43] – الفصل 2/618 من قانون الالتزامات والعقود.

[44] – عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، الصفحة: 321.

[45]  وللمزيد من التعمق بخصوص هذا التوجه، راجع:

– عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، الصفحة: 321 وما بعدها.

[46] – الفقرة الأولى من الفصل 31/327 من قانون المسطرة المدنية.

[47]– بوعبيد عباسي، مرجع سابق، الصفحة: 71.

[48] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، الصفحة: 72.

[49]– الفقرة الأخيرة من الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية.

[50] – الفقرة الثانية من الفصل 327/31 من قانون المسطرة المدنية.

[51] – الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم: 14.07.

[52] – أنظر الفصل 19/618 من قانون الالتزامات والعقود.

[53] – يعد الإشهار العقاري من أفضل ما أفرزته الصياغة التشريعية كنظام يكفل للعقار حماية قانونية في مواجهة الأطراف المتعاملين بشأنه، وكذا في مواجهة الأغيار محققا بذلك الاطمئنان في البيانات الواردة بالرسوم العقارية.

– محمد بنزهة، التقييد الاحتياطي وفق مستجدات قانون 07/14، مقال منشور في مجلة قضاء محكمة النقض، عدد 79- سنة 2015. الصفحة: 493.

[54] – بحيث نص المشرع في الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم: 14.07 على ما يلي: ” يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به……”.

[55] – للمزيد من التعمق بخصوص الأثر المنشئ للتقييد في الرسم العقاري، يراجع:

– عبد العالي دقوقي، الإلغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال الرباط، السنة الجامعية: 2001/2002، الصفحة: 177.

[56] – للمزيد من التعمق بخصوص التقييد في الرسم العقاري، يراجع:

– عبد المجيد أسويق، التقييدات على الرسوم العقارية وفق مستجدات القانون رقم: 07/14، طبعة 2015، مطبعة المعارف الجديد- الرباط.

[57] – علي الرام، بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء أحكام القانون المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية: 2004، الصفحة: 170.

[58] – لقد نص المشرع في الفصل 20/618 من قانون الالتزامات والعقود على أن “ملكية العقار المبيع تنتقل إلى المشتري من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى إذا كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ أما إذا كان العقار محفظا، فإن الملكية تنتقل من تاريخ تقييد العقد أو الحكم المذكورين في الرسم العقاري”.

[59] -إن فكرة الرجعية هي مجرد حيلة قانونية أو افتراض يخالف الواقع، ولذلك يتعين حصر مجال إعمالها والحد من آثارها كلما تيسر ذلك، وعدم تطبيقها خارج مجال الغاية التي تقررت من أجلها.

– عبد الحق الصافي، بيع العقار في طور الإنجاز، شرح وتحليل لنصوص القانون رقم 00/44، الطبعة الأولى، سنة 2011 بذون ذكر المطبعة، الصفحة:352.

[60]– من مؤيدي فكرة انتقال ملكية العقار في طور الإنجاز بأثر رجعي:

– عبد الحق الصافي، مرجع سابق، الصفحة:352.

[61] – علي الدقوقي، بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء قواعد التحفيظ العقاري، مجلة القانون المغربي، مرجع سابق، الصفحة: 67.

[61] – علي الدقوقي، بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء قواعد التحفيظ العقاري، مجلة القانون المغربي، مرجع سابق، الصفحة: 67.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى