في الواجهةوجهات النظر

الشرط الجزائي في العقود التجارية

images (9)
 
 
  تقوم حياة الأعمال أساسا على العمليات التجاريـــة التي من شانها أن تؤدي إلى إنشاء الالتزامات التبادلية أو إلى انتقالها أو إنقضائها بين التجار لذلك فالعقـــــود روح هذه الحياة وقلبها النابض
 ورغم ان العقد ملزم بحد ذاته دون حاجة لأي عــامل خارجي يعطيه بعده الالزامي فان هناك من المتعاقديــن من يريد الإطمئنان أكتر على العقود التي يبرمها فيشترط تضمينها بعض الجزاءات الاتفاقية التي من شانها حـث المدين على الوفاء بالتزاماته المتفرعة عن العقد؛ ومـن هذه الجزاءات الشروط الجزائية والتي تأخد خصائـــص البيئة التجارية عندما تدرج في عقودها(1) .
ويعــــرف الشــرط الجزائي تعريفات متعددة تتفق في النهاية على انه بـــند عقدي يدرجه المتعاقدان في عقدهما أوفــي اتفاق لاحـق لضمان احترام العقد وكفالة تنفيده بحـيث إذا أــل المتعاقد بالتزامه ادى مبلغا معيـنا للمتعاقد الاخر, فهو في الحقيقة تقدير اتفاقي للتعويض قد يتمتل في مبلغ نقدي او في عمل او امتناع عن عـمل وقديكون تقصيرا لميعاد أو تغيير لمكان تنفيد الالتزام(2)
    ويعرف أحد الفقهـاء المغاربة الشرط الجزائي  بأنه إتفاق بمقتضاه يحدد طرفا العقد مسبقا مقدار التعويض المستحق للدئن في حـالة اخلال المدين جزئيا أو كليا بالتزاماته التعاقدية أو تأخره في تنفيدها ؛ فهو إذن تقدير إتفاقي للتعويض الواجـب اداؤه للدئن في حالة تقاعس المدين عن الوفاء (3)
والشرط الجزائي نظام قديم عرفه الرومان وإن غلـب عليه عندهم طابع الجزاءعلى طابع التعويض،وضبطت احكامه مبادئ الفقه الاسلامي والتي قننهاالقانون المدني الكويتي (4)
       وشرعية هذا الشرط ليست محل جدل فهو معترف به بنص صريح في جل التشريعات ؛وتعبر عنه بعـض التقنينات كالقانون المصري والسوري والليبي والعراقي بالتعويض الاتفاقي،بخلاف القانون الفرنسي الدي يطلق عليه الشرط الجزائي،ولم يرد لهذا المصطلح ذكر فـي   ق ل ع  المغربي ومع ذلك يعرف اللجوء لهذا الـشرط انشارا واسعا في المجال التعاقدي إد يرد في جل أنـــواع العقود من بيع وتمويل بالكراء  وعقود إلكترونية وعـقود التجارة الدولية وذلك بسبب الفائدة الكبيرة التي يراها المتعاملون في هذا الشرط ؛ دلك أن الممارسةالممارسة أبــانت أن تضمين العقود لهذا الشرط يشكل عاملا مهما لضــمان السلامة العقدية؛  فتعقد الحياة وتطورها بسبب النـمو الإقتصادي والإجتماعي وإتساع مظاهر الإستهلاك وما نتج عن كل ذلك من تشعب المعاملات وتداخلها فــي السوق وكترة النزاعات الناتجة عن الإخلال بالإلتزامات التعاقدية بما يترتب عنه من فقدان التقة وتزعـزع الإطمئنان تجاه مايبرم من عقود، دفع المتــعاملين إلى اللجوء إلى الشرط الجزائي كوسيلةأبانت عن فــاعلية كبيرة في حمل  المتعاقدين على الوفاء بالتزاماتــهم ،فالعقد كما قلنا هو الأداة الأساسية التي تعتمد عليــها المعاملات والمبادلات التجارية؛وهذه الأخيرة لا يمـــكن أن تتم إلا في ظل الإطمئنان والإستقرار والتقة في السوق وفي الفعاليات التي تتحكم فيه،فإطمئنان المتعاملين الاقتصاديين الى المستقبل عامل لابد منه لتحفيزهم على العمل وعلى التجارة والتبادل والبيع  والإستثمار ،وهذا الإطمئنان لايمكن أن يتحقق إلا بتوافر الثقة في أن العقود المبرمة سيتم الوفاء بها،فعالم الأعمال والتجارة أصبح الآن معقدا ومتشابكا لأنه يقوم على علاقات مركبة ومتداخلة يستند بعضها على البعض الآخر بحيث ان إختلال أحد تلك العلاقات فد يؤدًي  إلى إحدات خلل وإضطراب كبيرين تترتب عنهما عواقب وخيمة للمتعاملين الإقتصاديين ، من هنا كان هؤلاء في حاجة إلى توفير كافة الضمانات لتحقيق السلامة العقدية لمعاملاتهم (5)
     هكذا عندما ينشأ الإلتزلم التعاقدي صحيحا فإن الاثر الطبيعي له هو تنقيده عينا،أي قيام المدين باداء مضمون الالتزام سواء في شكل القيام بعمل او الامتناع عن عمل،إلاان هذا التنفيذ العيني قد لايتم ،إما لانه اصبح مستحيلا، واما لان فيه إرهاق للمدين لكونه لم يعد يتناسب مع الفائدة التي يجنيها منه,وإما لإن المدين يرفض بكل بساطة القيام بذلك التنفيد,ففي هذه الحالة يحل التنفيذ بالمقابل أو التنفيذ عن طريق التعوبض محل التنفيذ العيني ,إذن التنفيذ عن طريق التعويض هو أثرلعدم تنفيد المدين لإلتزامه عينا,والهدف منه هو جبرالضرر اللاحق بالدائن نتيجة عدم التنفيد ويدخل فيه كل من التعويض عن عدم تنفيذ الالتزام كليا او جزئيا,والتعويض عن  التاخر في التنفيذ كدلك
  والاصل ان يكون تقدير ذلك التعويض عن طريق القضاء,ويسمى بالتعويض القضائي ,وقد يكون قانوني أي مقرر بنص قانون,الا انه قد يتفق كل من المدين والدائن على مقداره مسبقا ويسمى في هذه الحالة بالتعويض الاتفاقي او الشرط الجزائي .
    ولا يتطلب وجود الشرط الجزائي شكلا خاصا,او صيغة محددة,فالمتعاقدان لهما مطلق الحرية في تحديد صيغته والتي يمكن  ان ترد في اتفاق مستقل معاصر للاتفاق الاول او لاحقا له, واذا ورد الشرط الجزائي في العقد المولد للالتزام الاصلي فانه يكون بداهة خاضعا لنفس القواعد التي يخضغ لها العقد ذاته,فإن كان العقد رضائيا لا يجوز لاحد ان يشترط رسمية البند الجزائي الدي يشكل جزءا منه, وان كان العقد رسميا كان البند بالتبعية رسميا لان صفة التبعية التي تهيمن على هذا البند تستلزم صياغته بنفس طريقة صياغة العقد الاصلي, فالقاعدة إذن انه اذا كان الشرط الجزائي لا يتطلب شكلا معينا ,فان الاستثناء يكون في الحالة التي يتطلب فيها الالتزام الاصلي شكلا خاصا,اد يتعين ان ياخد الشرط الجزائي نفس الشكل إعمالا لمبدأ تبعية الشرط الجزائي للالتزام الاصلي(6).
 كما لاتفرض اغلب التشريعات بما فيه التشريع المغربي استعمال عبارة الشرط الجزائي لاعمال أحكامه ,فكل اتفاق مسبق على تعويضات تنشأ عن عدم تنفيد الالتزام الاصلي كليا أو جزئيا أو عن التاخير في تنفيده يعتبر شرطا جزائيا,ويتميز هذا الاخيربكونه ينشىء التزام تبعي لايقصد لذاته وإنما يوجد بمناسبة الاتفاق على التزام آخر, لذلك لايتصور نشوء شرط جزائي مستقل بذاته بل هو دائما مرتبط ارتباطا تبعيا بالالتزام الاصلي الناتج عن العقد،كما يعد إلتزام شرطي يتوقف إعماله على عدم تنفيد المدين لالتزامه او لتاخره في الوفاء به لدلك فهو يدور مع الالتزام الاصلي وجودا وعدما فتكون العبرة دائما بهذا الاخير وليس بالشرط الجزائي ومن تم يؤدي بطلان أو إبطال أو فسخ الإلتزام الأصلي إلى إلحاق نفس النتيجة بالشرط الجزائي
·  ولايعتبر هذا الشرط شرطا تخيريا يعطي الحق للمدين والدائن في الخيار بين تنفيد الالتزام الاصلي عينا وبين تنفيده عن طريق الشرط الجزائي
·  كما يختلف هذا الشرط عن الغرامة التهديدية التي تهدف فقط الحصول على تنفيد الالتزام عينا وليس الى تعويض الدائن,لذلك يمكن ان تضم للتعويض ولايمكن الحكم بها إذا اصبح تنفيد الالتزام مستحيلا لأي سبب كان,على خلاف الشرط الجزائي (7)
·  كما يختلف هذا الشـرط عن العربون  الذي هو مقابل لرجوع أحد الطرفين في العقد والذي لايجوز تخفيضه,(8)
·   كما يختلف هذا الشرط أخيراً عن الصلح الدي يتم بعد ان يخل المدين بالتزامه الاصلي,علىخلاف الشرط الجزائي الدي يكون سابقا عن واقعة الاخلال(9)
    ويحصر الفقهاء عادة نطاق الشرط الجزائي في موضوع المسؤولية العقدية غير أن بعض الفقهاء الفرنسيين يسلمون بامكانية اشتراط الشرط الجزائي للتعويض عن ضرر ناجم على خطأ تقصيري مع استثناء بعض الحالات الخاصة ,ولا يتور ذلك في القانون المغربي في ظل الفصل 78 من ق ل ع لأن المسؤولية التقصيرية من النظام العام وكل شرط يخفف من هذه المسؤولية أو يعفي منها يكون عديم الأثر ,ولأن التعويض في هذا المجال يشمل الضرر المتوقع وغير المتوقع لذلك يصعب تصور شمول اتفاق الاطراف المعنية على تعويض الضررين معا ورغم عدم تنظيم المشرع المغربي لهذا الشرط في البداية ؛استقر القضاء والفقه على صحته واعتبروا سكوت المشرع دليلا على جوازه؛ وقد لعب القضاء المغربي دورا فعالا في هذا الصدد بشكل جعل المشرع يتدخل لتعديل الفصل 264 من ق ل ع بقانون رقم 95ـ27 في 13 يوليوز 1995(10) ليكرس مبدأ الشرط الجزائي.
 وتتميز صياغة التنظيم الذي خص به المشرع المغربي  التعويض الاتفاقي بالإقتصاد في الاسلوب وفي الأحكام بخلاف النهج الدي سلكه سانتيانا في مدونته, وهكذا بقيت عدة مسائل غير منظمة بالمقارنة مع ماتضمنته هذة المدونة وكدا القوانين المقارنة,إذ اقتصر اهتمام المشرع المغربي على تجاوز التصور السائد في الممارسة القانونية عن الشرط الجزائي  بعد أن وقع انحراف في استعمال هذه الآلية القانونية العقدية وطرح على القضاء المغربي مسألة مراجعة هذه الشروط قصد تخفيضها إلى الحد المعقول في حالة مبالغتها أو الرفع من قيمتها إذا كانت زهيدة, ونضرا لافتقاره للنص القانوني الذي يمكن الاستناد اليه للحسم في امر المراجعة او عدمها,وفي حالة المراجعة لتحديد شروط ومعايير ذلك,فإن القضاء عرف كثيرا من الاضطراب والتضارب في تعامله مع هذا الشرط ؛مما ادى الى نشوء ازمة حقيقية للشرط الجزائي تميزة اهم معالمها في انتشار الشروط الجزائية المجحفة وفي انقسام القضاء بشان مسألة مراجعتها وفي اضطرابه بصفة عامة بخصوص القواعد التي تحكم هذا الشرط وهو ماأدى إلى أوضاع غير عادلة وغير منصفة ألقت بظلالها على قطاع الاعمال والتجارة بصفة عامة.
 
–       ماهي الغاية من ادراج الشروط الجزائية في العقود التجارية؟
–  كيف تعاملت الفعاليات التجارية وبالتالي القضاء مع هذه الشروط وماهي انعكاسات هذا التعامل على الحياة التجارية؟
–       ماهو الجديد الدي جاء به قانون 95-27؟
–       هل يمكن الجمع بين التعويض والشرط الجزائي؟
–       هل يلزم القاضي بمراجعة هذا الشرط   وهل يمكنه القيام بذلك من تلقاء نفسه؟
هذه الاسئلة وغيرها سنحاول الاجابة عليها من خلال هذا الموضوع الدي قسمناه على الشكل التالي:
 
الفصل الأول:الشرط الجزائي في التعاملات التجارية
 
الفصل الثاني:تدخل القضاء لتعديل الشرط الجزائي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الأول   :    الشرط الجزائي في المعاملات التجارية
 
 
     في الميدان التجاري الهاجس الاكبر والاهتمام الاول هو الربح,فاي نشاط تجاري يقوم به التجار يحاولون ما أمكن على ان توفر له سبل النجاح والاستقرار لذلك لايترددون في استعمال جل التقنيات القانونية التي تمكنهم من تحقيق هدفهم المنشود, ومن هذه التقنيات الشرط الجزائي , فحتى قبل ان يتضمن ق ل ع المغربي أي مقتضيات تتعلق به ,تواجدة هذه التقنية بقوة في الممارسة العقدية,خاصة في العقود المهمة ذات الصبغة الاقتصادية,لكن الممارسة العقدية ابانت عن انحراف خطير في استعماله خرج به عن دائرة الحرية التعاقدية وأصفى عليه طابع الإستغلال والتعسف مما أفرز أزمة حقيقية للشرط الجزائي.
       هكذا سنتطرق في هذا الفصل إلى الهدف الذي يتوخاه المتعاملون بالشرط الجزائي عبر إدراجه في عقودهم, تم للانحراف الدي اخرج هذا الشرط من التوازن إلا اللاتوازن العقدي وذلك في مبحثين    :
 
       المبحث الأول:       الغاية من استعمال الشرط الجزائي.
 
المبحث  الثاني:      انحراف مفهوم الشرط الجزائي   .
 
 
 
 
 
المبحث الاول:  الغاية من استعمال الشرط الجزائي
 
   نظرا لوعي التجار بالدور الفعال الدي يلعبه الشرط الجزائي,ساد استعمال هذا الاخير في العديد من العقود التجارية وخاصة الاستهلاكية منها بل اصبح لهذا الشرط حضور بارز في ميدان التجارة الدولية (11) ووظف كذلك في التجارة الحديثة في ابرز صورها ألا وهي التجارة الالكترونية
من هذا المنطلق نتسائل عن السر في اقبال الفاعلين الاقتصاديين على تضمين هذه الشروط في عقودهم ,او بمعنى آخر ما الهدف من استعمال  الشرط الجزائي ؟ هل مجرد تحديد التعويص عن الضرر الناجم عن اخلال احد اطراف العلاقة العقدية بشكل مسبق وبالتالي تفادي اللجوء للقضاء وتوفير الوقت والمال بذلك,ام ان الشرط الجزائي يشكل بالاضافة لما سبق وسيلة لضمان تنفيد الملتزم لالتزامه كما ورد الاتفاق عليه في العقد، هذا ماسنحاول التطرق اليه في هذا المبحث من خلال فقرتين:
 
 
  الفقرة الأولى: الشرط الجزائي تحديد مسبق لمقدار التعويض
 
     يعتبر الشرط الجزائي حسب اتجاه كبير من الفقه امكانية أو وسيلة منحها المشرع للمتعاقدان يمكن من خلالها تجنب تحكم القضاء في تقدير التعويض المستحق للدائن متى اخل المدين بالتزاماته(12) فالغاية من هذا الشرط هي التخلص من ارادة القاضي  والبطء والتكاليف التي يسببها دائما تدخل المحاكم في تحديد التعويضات التي يمكن ان يؤدى اليها عدم تنفيد الالتزام او التاخر في تنفيده (13) وبذلك تتحقق السرعة التي تتطلبها الحيات التجارية التي يعتبر الوقت فيها  مال تمين، غير ان هذا لايعني ان التعويض الاتفاقي ليس له الا وظيفة تعويضية محضة, ذلك انه وحسب ما استقر عليه بعض الفقه والقضاء المقارن وما درجت  عليه المارسة العقدية,فقد يكون للشرط الجزائي  طبيعة  تعويضية اوتهديدية أو وضيفة ثنائية تجمع بين التعويض والتهديد, وهذا هو اتجاه كل من القانون الفرنسي والالماني واتفاقية البنلونس المبرمة في 26نونبر 1973 (14) . وحسب بعض الفقه(15) فان الاصل في الشرط الجزائي انه تقدير مقدم للتعويض ولكن قد يستعمله المتعاقدان لاغراض اخرى,كأن يتفقا على مبلغ كبير يزيد كثيرا عن الضرر الذي يتوقعانه فيكون الشرط الجزائي بمتابة تهديد مالي ,وقد يتفقا على مبلغ صغير يقل كثيرا عن الضرر المتوقع فيكون الشرط بمتابة  اعفاء او تخفبف من المسؤلية إذا وقع اختلاف في هدف الشرط الجزائي  لكن عندما تدخل المشرع المغربي لتعديل الفصل 264 من .ق ل ع . اعتبر الشرط الجزائي تعويضا اتفاقيا عن الضرر الدي لحق الدئن نتيحة اخلال المدين بالتزامه, حيت الحقه باحكام المسؤولية التعاقدية وتمم به الفصل264 المتعلق بالضرر وبتقدير التعويض عنه¸ولم ينضمه ضمن وسائل ضمان تنفيد الالتزامات كما فعل سانتيانا في مدونته ,وهو نفس المو قف في جل القوانين المدنية العربية حيت نضمت هذا الشرط في الباب المتعلق بالتنفيد عن طريق التعويض , كما ان المشرع المغربي لم يستعمل أي مصطلح يمت بصلة الى فكرة الغرامة او التهديد وانما استعمل مصطلح التعويض الاتفاقي فب اكثر من صيغة , فقد جاء في الفقرة 2 من الفصل264 " للمتعاقدين ان يتفقا على التعويض", وفي الفقرة 3 استعمل "التعويض المتفق عليه" مرتين, ورغم ان المدين قد يقبل شرطا جزائيا مبالغا فيه سواء برضاه او رغما عنه, حيت يستفاد من ذلك ان الدائن يهدد به مدينه  ليضمن الوفاء بما تم الاتفاق عليه مما قد يوحي بان الشرط الجزائي وسيلة للتهديد, فان هذا الشرط يسترجع وضيفته التعويضية ادا تدخل القاضي لمراجعته بالنقصان (16), فالاتجاه الدي يصف الشرط الجزائي بالطابع التهديدي متأتر بما اشتهر به هذا الشرط في القانون الفرنسي حيث يقوم على فكرتي الجزاء والتهديد,أما في القانون المغربي وفي إطار الفصل264 المدكور لايمكن مجارات ما اشتهر به هدا الشرط في القانون الفرنسي وان كان هدا الاخير هو العين التي شرب ويشرب منها قانوننا, فالمشرع يتحدت عن التعويض لا عن الاجبار او التهديد, ولايمكن القول ان الاصل في طبيعة الشرط الجزائي انها تعويضية وان الاستثناء فيها انها تهديدية.
 إذن يهدف الشرط الجزائي الى تقدير التعويض المستحق لاحد طرفي العقد عن الاضرار التي تنتج عن مخالفة الطرف الآخر لالتزامه الدي اقترن به هدا الشرط,وتتحقق هده الوضيفة التعويضية للشرط الجزائي بصفة واضحة في الحالة التي يتناسب فيهاالمقدار الدي حدد به مع حقيقة الاضرار التي تترتب عن الاخلال بالالتزام الاصلي(17),والمبلغ المتفق عليه بين اطراف العلاقة التعاقدية يعتبر في تقديرهم مساويا للضرر ,فيلزم المدين تبعا لدلك بدفعه للدائن سواء كان الضرر الحاصل فعلا يتجاوز او يقل عنها
 وقدكرس القضاء في بعض أحكامه هذا التصور بعدم اشتراط حصول الضرر لإستحقاق المبلغ المتفق عليه لأن هذا المبلغ جعل كجزاء لإخلال المدين بالتزامه تسليما من المتعاقدين بأن هذا الإخلال يحدت ضررا لامحالة ولدلك لاحاجة لأن يتبت الدائن ذلك إذ يكفيه إخال المدين بالتزامه(18),هكذا جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية بتاريخ 11/1/1983 "وأن عدم تنفيد المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر بداته خطأ يرتب مسؤولية وان النص في العقد علىالشرط الجزائي يجعل الضرر واقعا في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن باتباته بل يقع على المدين إتبات عدم تحققه كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط مالم يتبث المدين خلاف ذلك"(19).
    تجدر الإشارة إلى أن الشرط الجزائي ليس هو الذي ينشئ الالتزام بالتعويض ,بل الذي ينشئ هذا الأخير هو الإخلال بالالتزام الأصلي،أماالشرط الجزائي فيقتصر دوره في تحديد التعويض في مبلغ جزافي يستحق عند وقوع ذلك الاخلال(20)وبمعنى آخر لايتولد عن هذا الشرط التزام أصلي بالتعويض ولكن يتولد عنه التزام تبعي بتقدير التعويض بمبلغ معين؛ ومادام الشرط الجزائي تقدير جزافي للتعويض عن الضرر المتوقع ,فإنه قلما يتناسب مع الضرر الواقع فعلا,فقد يتجاوزه أو يقل عنه لذلك يلجأ الأطراف إلى الرفع من قيمته قليلا حتى يغطي أكبر نسبة متوقعة من الضرر.
                                                                     
 
الفقرة التانية: الشرط الجزائي وسيلة لإجبار المدين على تنفيد التزامه.
      لايبرم المتعاقدان العقد من حيث الأصل ,إلا لكي يلتزما بنصوصه ويقوما بتنفيذه,ولكن مرور الوقت قد يغير المواقف،لذا جاءالشرط الجزائي ليقيد الحرية المطلقة للمدين في التنفيذ أوعدم التنفيذ ومن ثم الضغط على المدين ولو بصورة غير مباشرة,ذلك أنه إذا كان الإكراه الشخصي المباشر على التنفيذ أمرا ممنوعا فإن الوسيلة الوحيدة لضمان التنفيذ هي الضغط على المدين بصورة غير مباشرة من خلال الشرط الجزائي لكي يفي بالتزاماته,ولذا يقال عادة ان وسيلة الإكراه غير المباشر الأكثر استعمالا من قبل المتعاقدين هي تضمين العقد شرطا جزائيا (21)؛  وقد اتخد الشرط الجزائي في العديد من التشريعات القديمة الصفة التهديدية لإلزام المدين على تنفيذ التزاماته,ففي انجلترا ومنذ القرون الوسطى كانت الإتفاقات الهامة تصاغ بشكل يتعهد فيه الطرفان بدفع مبلغ من المال مالم يقم أي منهما بتنفيذ التزامه في الصفقة,ففي حالة بيع عقار مثلا على البائع توقيع تعهد يلزم فيه نفسه بدفع مبلغ جزائي مالم يقم بنقل العقار محل الاتفاق ,وبالمتل يلزم المشتري نفسه بدفع مبلغ جزائي مالم يقم بدفع الثمن , وبذلك يضمن كل طرف تنفيذ الطرف الاخر للالتزام, ومتل هذه التعهدات الجزائية التي تتضمن أداءات شرطية كان بالإمكان تكييفها لملائمة أي تصرف , لكن في أواخر القرن 17م شرعت دوائر المحكمة العليا في معاقبة كل من يستخدم هذه الشروط ,وأصبح المبدأ منذ القرن 18م  هو أن العدالة تقتضي ألا يتحصل على فائدة من الشرط الجزائي حيث أصبح من الممكن استرداد التعويض, مما أدى إلى تضاؤل إستعمال هذا الشرط (22) وقد اعتبرت عدة تشريعات معاصرة هذا الشرط وسيلة إكراه كالقانون المدني الشيلي م1535 ونظيره الكولومبي م 1562,كما أن القانون الفرنسي اشتهر بإضفائه الصفة التهديدية على هذا الشرط,وتبنى سانتيانا نفس الإتجاه(23) حيث نراه يستخدم مصطلح
" الجزاء" La peine و لا يستخدم مصطلح التعويض الاتفاقي، كما هو واضح أيضا من اعتبار وسيلة من وسائل ضمان تنفيذ الالتزامات التي نظمها المشرع و هي فضلا عن الشرط الجزائي ، العربون و الدعوى غير المباشرة و حق حسب المال(23).
و رغم أن المشرع المغربي جاء بأحكام واضحة في الفصل 264 من قانون الالتزامات و العقود بخصوص الشرط الجزائي يتضح منها أن لهذا الشرط طبيعة تعويضية، دافع العديد من الفقهاء المغاربة على الطبيعة التهديدة للشرط الجزائي و في هذا الصدد يقول أحدهم (24): " رغم أن المشرع يضمن للدائن وسائل الإكراه التي يمكن اللجوء إليها للحصول على حقه كالتنفيذ العيني متلا فإنها (أي هذه الوسائل) خارجة عن العلاقة التعاقدية كما أن الإكراه الشخصي المباشر محرم في القانون المغربي ، فلا يمكن للشخص أن يقيم العدل بنفسه و لنفسه ؛لذلك تصبح الوسيلة الوحيدة لحمل المدين على التنفيذ هي وسيلة الإكراه غير المباشر و ذلك عن طرق تضمين العقد شرطا جزائيا ، و يصبح هذا الأخير بمتابة صمام أمان يشد عرى الالتزام الأصلي ؛و هو إن إتخذ صبغة تهديدية أو إكراهية فذلك لغاية واحدة تتمثل في الحث على تنفيذ القانون مادام أن المشرع بنفسه شبه الالتزامات التعاقدية المنشئة على وجه صحيح بأنها شريعة المتعاقدين" فالشرط الجزائي يشكل أداة إكراه شخصي على جانب كبير من الشدة؛ فإذا ما وجد أحد المتعاقدين نفسه حيال نحو أحد الأمرين إما التنفيذ أو تحمل دين أشد تقلا فإنه يضطر للتنفيذ شاء أو أبى (25).
إذن الشرط الجزائي وسيلة فعالة لتعزيز الآثار القانونية للإلتزام و بالتالي ضمان تنفيذه بطريقة أكثر فعالية من مجرد التهديد بطلب التعويض الإنفاقي و هو النظام الذي اخترعه الإنسان (و كرسته القوانين) خوفا من أن يرى رغباته القانونية بدون أثر وبه يكون المدين عالما بالتهديد المعلق فوق رأسه في حالة عدم التنفيذ و يعلم بالتأكيد و بالضبط ثمن تقصيره (26).
و الواقع أن الممارسة العقدية في المغرب استقرت على اللجوء إلى هذا الشرط كوسيلة لضمان تنفيذ الالتزامات خاصة التجارية منها الناشئة عن البيوع الائتمانية أو عن عقود المقاولة أو عن عقود التمويل بالكراء؛ فكثيرا ما تصفح هذه العقود عن فكرتين "الجزاء " أو الغرامة من جهة و التهديد من جهة أخرى، و يتحقق هذه الوظيفة التأمينية بصفة خاصة عندما يكون التعويض أعلى من قيمة الضرر الذي وقع فيمثل الفرق بينهما نوعا من الجزاء يتحمله المدين المخل.
و دليل ذلك العقود الليزنغ التي رغم تنظيم مدونة التجارة لأحكامها (م 431 إلى م 442) فإنها لم تشر إلى نوع الشروط التي يجب إدراجها في عقد الانتماء الايجاري (الليزنغ ) و إنما اكتفت بالإشارة إلى أن عدم ذكر الشروط التي يمكن فيها فسخ هذا العقد أو تجديده بطلب من المتعاقد المكتري يؤدي إلى البطلان (المادة 433)؛ و عدم ذكر شروط الانعقاد و شروط الفسخ  يفهم منه أن المشرع المغربي ترك الحرية للأطراف في صياغة الشروط التي يرونها ضرورية لضمان التزاماتهم، في إطار القانون و دون مخالفة النظام العام(27).
لذلك تدرج شركات الليزنغ في عقودها بنودا جزائية ربما تغير نصها و لكنها تلخص تقريبا فيما يلي، في حالة عدم دفع قسط شهري عند حلول الأجل و بعد توجيه إنذار تستحق للمؤجر كافة الأقساط الشهرية التي لم تدفع بعد، أو قسم منها بقوة القانون بصفة تعويض . و يشكل هذا الشرط (بغض النظر عن طابعه التعسفي) عاملا أساسيا لحت المتعامل مع هذه المؤسسات على تنفيذ التزاماته خوفا من الجزاء القاصي المترتب عن إخلاله بهذه الالتزامات مما يكرس بالفعل الطابع التهديدي الذي يلعبه الشرط الجزائي في الواقع العملي ، فهل أفلح الشرط الجزائي في لعب دوره في الحياة العقدية أم أن استعماله قد انحرف عن المسار الذي رسمه المشرع له هذا ما سنراه في المبحث الثاني.
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثاني : إنحراف  استعمال الشرط الجزائي.
 
رئينا في ما تقدم أن المشرع المغربي تبنى الصفة التعويضية للشرط الجزائي و أن استعمال هذا الشرط في المجال العلمي قد اطفى عليه الصفة التهديدية و هذه الأخيرة في حد ذاتها ليست محرمة قانونا و دليل ذلك القولة الشهيرة " ينزع بالسلطان مالا ينزع بالفرقان" لكن المرفوض هو أن تؤدي هذه الصفة المعتمد عليها عند وضع الشرط الجزائي في العقد إلى اختلال واضح في التوازن العقدي يستفيد منه أحد أطراف العقد على حساب الآخر ، لذلك سنحاول في هذا المبحث التطرق للتحول الذي عرفه الشرط الجزائي بانتقاله من مبدأ سلطان الإرادة إلى حقل الشروط التعسفية.
 
الفقرة الأولى : الابتعاد عن مبدأ سلطان الإرادة.
 
لا جدال أن الفصل 230من ق.ل.ع يشكل نواة هذا الأخير و أساس مختلف العقود سواء المدنية أو التجارية ، فقد كرس هذا الفصل القاعدة السائدة في الفكر القانوني الحديث و التي مفادها أن الاتفاقات المبرمة عن تراض تشكل القانون الذي يمتثل إليه المتعاقدان و لا يمكن إلغاؤها إلا بالرضا المشترك للطرفين  تحقيقا لاستقرار المعاملات بين الأفراد ؛فمبدأ سلطان الإرادة يعني أن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد، فهو غير ملزم بأي تصرف إلا إذا أراد ذلك، فالحرية هي الأصل ، لذلك كانت للإرادة قوة و سلطان غير مقيد و من تم تستطيع هذه الإرادة أن تضع من الالتزامات ما شاءت
و ما دامت الإرادة هي أساس كل التزام بصفة عامة ، وكل عقد على وجه الخصوص ، فإن العقد هو إرادة الفرد و هو شريعة المتعاقدين و قانونهم ولا يجوز إلغاؤه إلا برضى الأطراف جميعها كما قلنا و لا يمكن نقضه أو تعديله إلا باتفاقها ، أو للأسباب التي يسمح بها القانون ؛هذا ما أكده المجلس الأعلى في قراره رقم 148 بتاريخ 1961/4/11 بقوله " أن العقود المبرمة بكيفية صحيحة تعتبر بمثابة قوانين تربط من أقامها ؛و أن فسخها لا يصح إلا برضا كل من التزم بها أو في الحالات التي نص عليها القانون(28).
  و انطلاقا من طبيعة الشرط الجزائي باعتباره اتفاقا عقديا ، فإنه يستمد قوته من هذا المبدأ و يخضع من ثم لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، و من هنا فإن المشرع لم يجد بدا من التأكيد في الفقرة الثانية من الفصل 264 من ق ل ع على أنه : " يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي " و هي صيغة تفيد من ناحية جواز الاتفاق على الشرط الجزائي و من ناحية ثانية، إلزاميته في العلاقة فيما بين طرفيه، ومن ثم فهو يستحق مبدئيا بمجرد توافر شروط ذلك الاستحقاق؛ لذلك فعلى المدين أن يفي به طوعا و إلا كرها عن طريق القضاء ، فالمتعاقدان قد اتفقا على مقدار التعويض عن الضرر الذي من شأن عدم الوفاء بالالتزام الأصلي أن يسفر عنه، و هما أقدر من يستطيع تقدير ذلك التعويض لذلك فإن اتفاقهما يلزمهما أعمالا لإرادتهما و انسجاما مع الطابع الجزافي لذلك التقدير الذي يفرض إعماله فيما بينهم و لو لم يتناسب مع مقدار الضرر الحاصل فعلا بل حتى و لم يقع أي ضرر (29).
و تجدر الاشارة ان  مبدأ سلطان الإرادة قد مارس تأثيرا كبيرا على العقود التجارية الدولية(30) كذلك ؛حتى سمي بقانون العقد ، هذا الأخير يسمح للأطراف باختيار قانون بلد معين ليطبق على عقدهم و بالتالي فالشرط الجزائي المدرج في هذا العقد الدولي يصبح محل تساؤل إذا كان القانون المحال عليه بمنعه أو ينظمه بشكل يجعل العقد مهددا في محتواه و في تنفيذه نتيجة تنازع القوانين .
إذن ظل الشرط الجزائي لسنوات عديدة لا يثير مشاكل تذكر فكان المتعاملون يجدون فيه أداة لتحديد التعويض ، بشكل مسبق عما يتوقعونه من ضرر ناتج عن عدم تنفيذهم لالتزاماتهم التعاقدية ، ووسيلة تساهم في بلورة خصائص الحياة التجارية المتسمة بالسرعة و الائتمان .
لكن هذه المؤسسة القانونية الفعالة عرفت بعض الانحراف في مسارها أدى إلى تقويض الأسس التي كانت تقوم عليها، و هذا ما سنتناوله في الفقرة الموالية.
 
الفقرة الثانية : اختلال التوازن العقدي نتيجة الشروط الجزائية .
 
إذا كانت هناك قواعد قانونية في التشريع المغربي و المقارن تنظم العلاقة القانونية بين المتعاقدين سواء أثناء إبرام الاتفاقات أو تنفيذها ؛ فإن التطوير الصناعي و التجاري الذي عرفه المجتمع في الوقت الراهن أظهر بالملموس عجز هذه القواعد التقليدية عن مواكبة هذا التطور الذي كان ثمرة القفزة المعرفية التي اختص بها الإنسان اليوم؛ خاصة بعد انتشار المبادئ و الأفكار المشبعة بفلسفة حقوق الإنسان و اندحار المبادئ اللبرالية المقدسة لسلطان الإرادة(31).
ما قلناه ينطبق على الشرط الجزائي الذي ما فتئ أن تغيرت معطياته بفعل النمو الذي عرفه الاقتصاد المغربي و الذي أدى إلى تنشيط المبادلات و المعاملات في كافة المجالات ، فكان من نتائج ذلك أن عرفت العقود و هي الأداة القانونية التي تتم بها هذه الأنشطة اغتناء سواء من حيث التقنيات التي تستعملها و التي كان من ضمنها كثرة تضمينها للشروط الجزائية، أو من حيث الأنواع الجديدة من العقود التي اقتبسها المغرب عن الغرب مثل عقود التمويل بالإيجار أو عقود إيجار المنقول مع التزام المؤجر بالصيانة و التي تشكل الشروط الجزائية أحد مكوناتها الأساسية ، إذ من ناحية، كثر استعمال الشروط الجزائية في العقود ، و من ناحية ثانية ، و نتيجة لكثرة النزاعات الناتجة عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية و ما أسفر عنه ذلك من زعزعة الثقة في العقود ، انساق المتعاقدون وراء رغبتهم في توفير أكبر الضمانات لتنفيذ تلك الالتزامات ، فأصبحوا يشترطون شروطا جزائية مرتفعة تفوق بكثير ما يمكن توقعه من ضرر، فشوهت وظيفة الشرط الجزائي و خرج به في إطاره الأصلي، و أهملت مزاياه المتعددة الأخرى ، و بولغ في وظيفته التهديدية ، إذ أصبح كثيرا ما يستغل الطرف القوي وضعه المتميز في العقد لفرض شروط جزائية مجحفة تنطوي على أواخم العواقب(32).
إذن النظرية التقليدية لمبدأ الحرية التعقادية المطبقة في مجال الشرط الجزائي  أفرزت مشكل اختلال توازن العقد ، فالتمسك الشديد لمبدأ سلطان الإرادة إذا كان له ما يبره في الماضي حيث كانت القدرة على التفاوض و معرفة شروط العقد لا تتفاوت من شخص لآخر إلا بشكل نسبي؛ فإن تطور الحياة الاقتصادية كرس واقعا جديدا يتمثل في التفاوت الاقتصادي الهائل بين المتعاقدين ، مما مكن الطرف القوي اقتصاديا من فرض شروطه على الطرف الآخر ؛و بالتالي لا يمكن القول أن الحرية التعاقدية تحقق العدل حتما فالمساواة الناتجة عن هذه الحرية في مساواة من حيث الشروط القانونية و ليست مساواة من حيث القيمة المادية للالتزامات ، و خير دليل على ذلك ما شهده نظام التعويض الانفاقي من تجاوزات اقترفت تحت غطاء مبدأ حرية التعاقد ، حيث شكل وسيلة لاستغلال صغار المتعاقدين من مستهلكين عاديين و صغار التجار ؛و هو ما يعارض ابسط المبادئ الأخلاقية القائمة على أساس نبد الاستغلال و التحكم(33) .
و في هذا السياق تبدو عقود الإذعان مؤهلة أكثر من غيرها لتشمل شروط جزائية بحكم طبيعتها و خصائصها و لاسيما من حيث انفراد المهني بفرض شروط العقد ,ذلك لا يتردد هذا الأخير في إقحام شروط جزائية مجحفة لضمان تنفيذ التزامات الطرف المدعن(34) حتى أصبح الحديث في هذا المجال عن ما سمي بظلم الجماعات(35).
فوفق ظروف التعاقد الحديثة أصبح توقيع العقود أمر معتادا أو متكررا لدرجة أن التوقيع اصبح يتم تلقائيا و بدون أي تمحيص لشروط العقد أو استفسار عن الآثار القانونية المترتبة عليه مما يؤدي بالأفراد للوقوع في قبضة من يتحين الفرصة للاستفادة من هذا الواقع الذي يحكم التعامل(36).
و دليل ذلك الشروط الجزائية المضمنة في بعض العقود السارية في الحياة الواقعية بالمغرب كما هو الشأن بالنسبة للعقود التي تبرمها شركة التجهيز المنزلي EQDOM : إيكدوم. و كذلك عقود القرض العقاري و السياحي ,و عقود القرض التي توقعها الأبناك مع الأشخاص, هكذا نجد الفصل 9 من العقد النموذجي لقرض البنك الشعبي ينص على أنه " كل استحقاق حل و لم يؤد ينتج فورا و بحكم القانون فوائد بالنسبة المطبقة على هذا القرض مضاف إليها نسبة 1%(37)؛و تنص الفقرة الثانية من العقد النموذجي الخاص بفتح حساب لدى البنك الشعبي على أنه" و في حالة التحصيل بطريقة قضائية أو التصفية القضائية أو الإفلاس فإن البنك الشعبي سيزيد على رصيد حسابي مبلغا يساوي 10% (38) من هذا الرصيد" ,كما جاء في الفصل 6 من النموذج الذي أعدته شركة القرض التجهيزي المنزلي crèdit EQDOM أنه :"في حالة عدم التنفيذ و بعد خمسة أيام من توصله بالإنذار فإن باقي المبالغ تصبح حالة الأداء بقوة القانون و يلتزم المشتري بأداء جميع الصوائر و الأتعاب و التعويضات المترتبة عن أداء قسط الدين أو متبقاه في أجله المحدود و يمكن للشركة أن تطلب من المشتري الممتنع عن الأداء أن يؤدي تعويضات لا تتجاوز نسبة 10% من أصل المبالغ التي بقي مدينا بها و ذلك كعقوبة جزائية غير قابلة للتخفيض، إضافة إلى الصوائر القضائية"
و جدير بالذكر أن العقود النموذجية المتعلقة بالائتمان الإيجاري تتضمن مجموعة من الشروط تهدف في أغلبها إلى حماية مصالح مؤسسة الائتمان التي تكون شديدة الحرص في اختيارها لزبنائها وفي توخي كافة الوسائل الكفيلة بضمان استرجاعها لحقوقها زيادة على حصولها على الربح  الذي يكون هدفها الأساسي و لو كان ذلك عن طريق إدراج شروط قد تكون مجحفة في حق الطرف المتعاقد معها ، و منها إلزام المكتري بأداء أقساط الكراء في الوقت المتفق عليه وجعل توقفه عن أداء قسط واحد سببا في فسخ العقد بعد تقديم شركة التمويل طلبا لرئيس المحكمة المختصة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة.
فمثل هذه الشروط تؤدي عمليا إلى استرداد المكري للمعدات مع بقاء المكتري ملزما بأداء مجموع الأقساط بشكل فوري نتيجة حيلة كتابية بسيطة تقضي بدفع تعويض يوازي بدلات الإيجار برمتها، و قد يقال أن هذا التعويض مشروع لأنه تعويض عن الفسخ و ليس عن عدم التنفيذ و هو أمر يجيزه الفصل 259 من ق ل ع، فنقول بأن التعويض المقصود في هذا الفصل لا يجب أن يتحايل في استخدامه كما تفعل ذلك  مؤسسات الائتمان بشكل يجعله يتنافى و روح القانون ففي هذه الحالة يبقى المدين ملزما بتنفيذ التزامه بل و يحرم من أجل التسديد المقرر له بمقتضى العقد و بالمقابل يتحلل الدائن من التزامه بسبب الفسخ و هذا يتنافى مع روح القانون الذي لايسمح في حالة الفسخ إلا بإرجاع الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد مع تعويض الدائن عما لحقه من خسارة حقيقية و ما فاته من كسب متى كانتا ناتجين عن عدم الوفاء بالالتزام.
  كل هذا يعني أن استعمال الشرط الجزائي أصبح يعرف تجاوزت كثيرة في الواقع العملي حيث أصبح أداة للاستغلال و التعسف تستعمل لفرض شروط تعسفية على الطرف الضعيف فتحولت من أداة لضمان السلام (39) في إطار التوازن العقدي إلى عامل اضطراب و اختلال للتوازن ، فكيف كان رد فعل القضاء و المشرع على هذه الوضعية الشادة، هذا ما سنراه الآن.
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الثاني : تدخل القضاء لضمان التوازن العقدي
 
أدى ازدياد الشروط الجزائية التعسفية المدرجة في العقود إلى كثرة الالتجاء إلى القضاء اما للمطالبة بأنصاف المدين من هذه الشروط و اما لمطالبة العدالة بإلزام المدينين بتنفيذ ما التزموا به من شروط حتى و لو كانت خيالية ,و أمام الفراغ التشريعي الذي كان يعاني منه القانون المغربي في هذا المجال وجد القضاء نفسه موزعا بين مؤيد للحل التقليدي الذي تبنى مقتضيات الفصل 230 من ق ل ع و بالتالي قرر ثبات الشرط الجزائي في كل الأحوال ، و بين مؤيد لمراجعة ذلك الشرط و لو في غياب نص قانوني, مما جعل الشرط الجزائي غير مستقر على حال ، و كرد فعل على ذلك تدخل المشرع المغربي على غرار تدخل نظيره الفرنسي سنة 1975 و عدل مقتضيات المادة 264 من ق ل ع سامحا بذلك للقضاء بمراقبة هذه الشروط بتعديلها أن اقتضى الحال ذلك.
لذلك سنحاول في هذا الفصل الوقوف على الكيفية التي كان يتعامل بها القضاء مع العقود المتضمنة لشروط جزائية غير معقولة قبل صدور قانون 27-95 ثم سنتطرق للجديد الذي جاء به هذا القانون و كيف خول للقضاء سلطة محاربة انتشار الشروط الجزائية التعسفية و تطهير العقود من متيلاتها دون أن نغفل التطرق إلى الأدوات القانونية التي منحها له المشرع كوسيلة تسعفه في القيام بالمهمة الملقاة على عاتقه أحسن قيام. و ذلك عبر مبحثين على الشكل التالي.
المبحث الأول : اصطدام مبدأ سلطان الإرادة بفكرة العدالة .
المبحث الثاني : انتصار فكرة العدالة عبر تقرير جواز تعديل الشرط الجزائي.
 
 
 
المبحث الأول : اصطدام مبدأ سلطان الإرادة بفكرة العدالة .
 
قلنا فيما سبق أن الشرط الجزائي يرتكز على مبدأ سلطان الإرادة و حرية التعاقد المكرس مند القدم، و يفترض هذا المبدأ أن كل الالتزامات تتم عبر تراضي بين الأطراف عن وعي و إدراك و قبول مما يجعل المساواة هي الغالبة على العقد ، لكن هذه الاخيرة هي مجرد مساواة مدنية من حيث الشروط القانونية و ليس من حيث التساوي في القوة، و إذا لم يكن المتعاقدان كذلك فمن السهل جدا على الفريق الأقوى أن يحرز انتصارا في العقد ,و لما كانت المصلحة هي أقوى دافع للنشاطات البشرية فإن المرء يضحي بمصلحة الآخرين إرضاء لمصلحته الشخصية(40).
إذن عندما تنعدم المساواة بين أطراف العقد يغدو الإدعاء بأن حرية التعاقد قد يمكنها تحقيق العدل ضربا من الخيال، هكذا عندما يُضمن الطرف القوي العقد شرطا جزائيا مجحفا يضطر الطرف الآخر لقبوله نظرا لحاجته للشيء أو الخدمة محل التعاقد, و عندما ينتبه للحيف و الجور الذي مورس عليه يلتجأ للقضاء مستغيتا به عساه يخفف عليه من شر عمله، لكن هذا القضاء لم يكن مستقرا على بر بخصوص القوة الملزمة للشرط الجزائي المتعسف في تقديره، قبل تعديل المشرع المغربي للفصل 264 ق ل ع مما جعلنا أمام اتجاهين مختلفين حول جواز تعديل قيمة الشرط الجزائي أو عدم جواز ذلك.
 
 
 
الفقرة الأولى : الاتجاه القضائي الرافض للتعديل.
 
من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها نظرية العقد أن هذا الأخير ، باعتباره تجسيدا لإرادة المتعاقدين ينشأ و يحيي و يموت طبقا لحكمها –أي حكم الارادة-، و لا يحق بالتالي للغير حتى و لو كان مشرعا أو قاضيا أن يتدخل في سريانه و صيرورته(41).
من هذا المنطلق رفض هذا الاتجاه القضائي تعديل العقد المتضمن لشرط جزائي يخل بتوازن العقد ، وضل متعلقا و منحصرا في تطبيق الفصل 230 من ق ل ع الذي يقابل المادة 1134 من القانون المدني الفرنسي (42) مهما كانت الأحوال حتى و لو على حساب العدالة, و رغم قناعتهم التامة بكون الشرط الجزائي فيه مبالغة أو فيه زهدا بالمقارنة مع الضرر اللاحق بالدائن فإنهم طبقوا القاعدة المذكورة أعلاه بحذافيرها معتمدين في ذلك على:
        ·القوة الملزمة للعقد: هذه القاعدة كما قلنا سابقا متفرعة عن مبدأ سلطان الإرادة، التي تمنع القاضي من تغيير أو تعديل شروط العقد لأن مهمته الوحيدة في ظل هذه القاعدة ، هي إلزام المتعاقدين على احترام التزاماتهما المبرمة وفق القانون .
   ·مبدأ استقرار المعاملات: أو كما يسميه البعض " سلامة التجارة القانونية" و في نطاق هذا المبدأ يبقى القاضي حبيس احترام ما ضمنه المتعاقدان في العقد من شروط ، و يقتصر دوره فقط على مراقبة مدى صحة هذه الأخيرة و مطابقتها للقانون محترما بذلك مبدأ تبنات الشرط الجزائي.
إذن بالنسبة لهذا الاتجاه القضائي في غياب نص قانوني يسمح بمراجعة الشرط الجزائي عندما ينحرف عن مصاره، فإن الأساس القانوني الوحيد الذي يمكن الرجوع إليه لأعمال هذا الشرط هو الفصل230من ق ل ع, و من أوائل القرارات في هذا الاتجاه قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 20 أكتوبر 1926 الدي جاء فيه " حيث أنه تطبيقا للمبدأ المقرر في الفصل 230 ق ل ع و الذي بمقتضاه الالتزامات العقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئها ، فإن الأطراف قد اتفقوا على شرط جزائي حددوا بواسطته و بشكل مسبق قدر التعويض المستحق للدائن نتيجة عدم تنفيذ العقد من قبل المدين" (43).
و في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 144 بتاريخ 1988-1-19 جاء ما يلي: "الشرط الجزائي شرط اتفاقي و ليس بوقتي و لا تهديدي و إنما هو اتفاق نهائي قابل للتنفيذ على حاله و الأصل فيه عدم التخفيض، و هو ما سار عليه اجتهاد هذه المحكمة التي تؤكد أنه إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقصر في تنفيذه يدفع مبلغا معينا من النقود على سبيل التعويض فلا يجوز أن يعطى لتعويض الطرف الآخر مبلغ أكثر أو أقل".
كما جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 1054 بتاريخ 87/5/6 " و ما دام العقد قد وضع برضى الطرفين على تحديد الغرامة التماطلية فإنه لم يبق للمحكمة سبيل للتصرف في تحديد الغرامة مذكورة".
و هذا الاتجاه قد تبناه القضاء الفرنسي قبل التعديل الذي طال قانونه المدني سنة 1975، فالمادة 1152 يستفاد منها أن مقدار الشرط الجزائي محدد بدون أي تغيير و أن المحاكم لا سلطة لها في منح الفريق الآخر مبلغا أكثر أو أقل مما هو متفق عليه، هذه القاعدة طبقت بشدة من خلال عدة اجتهادات قضائية فرنسية خاصة قرار محكمة النقض الصادر في 1946-5-23 الذي اعتبر أنه مع وجود الشرط الجزائي تذهب سدى كل محاولة للمدين لإثبات أن الضرر الناجم عن تنفيذ الالتزام يقل بكثير عن مقدار الشرط الجزائي(44).
كما جاء في حكم لمحكمة روان الفرنسية الصادرة في 3 يوليوز 1980 " إن غاية البند الجزائي لا تكمن في تمكين الدائن من الإثراء بلا سبب و إنما تتمثل في حمل المدين على احترام التزاماته، و لما كانت شركات الليزنغ تتكبد مصاريف باهظة و تتعرض لأخطار جسيمة إذا لم يتم تنفيذ العقود المبرمة معها بصورة تامة، فإنها لا تملك من وسيلة لجعل المتعاقدين معها يحترمون تعهداتهم سوى توقيع شروط جزائية معهم ، تنطوي على قدر من الشدة على نحو يكفي لردعهم أو تنهيهم عن فسخ العقد قبل أجله العادي المحدد، و لذا فإن إفساح المجال للمستأجر لكي ينال قدرا من التخفيض المحدد في الشرط الجزائي، يعني إفراغ هذا الشرط من مضمونه و يساعد الأشخاص سيئي النية على التمادي في غيهم، و يحول دون الانتعاش الاقتصادي(45).
لكن هذا الاتجاه المتبني من القضاء سواء المغربي أو الفرنسي قد لقي معارضة شديدة من الفقه الذي اعتبر ذلك تكريسا لهيمنة الطرف القوي اقتصاديا و قد أيدت هذا الاتجاه الفقهي أحكام قضائية عديدة سمحت بتعديل الشرط الجزائي اعتمادا على فكرتي العدل و الإنصاف للتلطيف من إطلاق القوة الملزمة للعقد.
 
 
الفقرة الثانية : الاتجاه القضائي المؤيد لتعديل الشرط الجزائي.
 
رغم تشبت القرارات السابقة بالمذهب التقليدي اتجهت قرارات أخرى إلى أن الشرط الجزائي يقبل المراجعة، و خاصة بالتخفيف إذا كان المبلغ المقدر فيه مرتفع جدا (46) ,هكذا جاءني قرار لمحكمة الاستئناف بأسفي بتاريخ 1985-4-21 " ان الدعوى انحصرت في تصفية الشرط الجزائيو هو يعتبر حسب الاجتهاد القضائي تعويضا عن الخسارة التي لحقت طالبها نتيجة عدم تنفيذ العقد في الاجل المحدد..و أن للمحكمة التصرف في التعويض المذكور و إن كان على شكل شرط جزائي شأنه في ذلك شأن الغرامة التهديدية".
كما قضت محكمة الاستئناف بالرباط في 53/12/8 بأن الشرط الجزائي الذي يمنح بمقتضاه للمقرض تعويض يومي عن كل يوم تأخير حاله عدم تسديد أصل الدين في الأجل المتفق عليه يتعارض مع تحديد سعر الفوائد المنصوص عليه قانونا يجب التصريح بطلانه و بطلان أثره(47).
لكن أهم قرار صدر في هذا السياق هو اجتهاد المجلس الأعلى في 10 أبريل 1991 (48) و الذي أحذت تحولا خطيرا بخصوص أحكام الشرط الجزائي و خالف الاتجاه الذي كان مستقرا عليه القضاء المغربي بشكل جعل المشرع يتدخل لتبني هذا الاجتهاد و الاصطفاء به لمرتبة القاعدة القانونية.
و في هذا القرار يتعلق الأمر بعقد بناء عقاري ذي طابقين بمـبلغ 176.000 درهم في ظرف 24 شهرا تبتدئ 76/9/12 و تنتهي بتاريخ 78/9/12 و ذلك بمقتضى عقد كتابي, غير أن البناء لم يتم حسب الأجل المتفق عليه و لم يسلم المدين المفاتيح للدائن ، مما حدا بهذا الأخير إلى رفع دعوى انتهت بصدور حكم بإلزام المدين بإتمام البناء و تسليم المحل لصاحبه مع حفظ حق الدائن بالمطالبة بالتعويض عن المطل، و  بالتعويض الاتفاقي، و تم تأييده استئنافيا فامتنع المدين عن تنفيذ هذا الحكم ,موضوع محضر الامتناع المحرر بتاريخ 1983/9/9 لذلك رفع دعوى يلتمس فيها الحكم بإلزام المدين بأداء مبلغ 630.000 درهم تصفية التعويض عن الشرط الجزائي خلال الفترة المتراوحة بين تاريخ إنجاز الأشغال و تاريخ المحضر بالامتناع و مبلغ 108.000 درهم  تعويضا عن المطل, فأصدرت المحكمة الابتدائية بتاريخ 84/6/20 حكما يقضي بإلزام المدعى عليه بأداء مبلغ 232.1666.64 درهم كتعويض عن الشرط الجزائي و مبلغ 10.000 درهم تعويضا عن المطل و بعد استئنافه أصليا و فرعيا أصدرت محكمة الاستئناف قرار بإلغاء الحكم الابتدائي و بعد التصدي حكمت المحكمة عن المدين بأداء مبلغ 19.500 درهم كتعويض عن الشرط الجزائي و برفض باقي الطلبات فطعن فيه الدائن بالنقض ناعيا على القرار المطعون فيه خرق الفصل 230 من ق ل ع و فساد التعليل الموازي لانعدامه ,بدعوى أنه عندما تقدم بطلب تصفية الشرط الجزائي استند في ذلك إلى شروط العقد التي تنص على أن الأجل المضروب لإنجاز الأشغال محدد في 24 شهر تبتدأ من تاريخ تحرير العقد الذي هو 1979-9-12 و أن كل تأخير في الميعاد المحدد يؤدي بصاحبه إلى أداء دعيرة شهرية تبلغ 10% من القيمة الإجمالية و أن القرار المطعون فيه عندما خفض الشرط الجزائي إلى مبلغ 19.500 درهم لم يحترم إرادة المتعاقدين ,و ليس من حقه مخالفتها إلا برضائهما ,و أنه عندما علل حكمه بأن المحكمة لها حق التصرف في التعويض و إن كان على شكل شرط جزائي شأنه في ذلك شأن الغرامة التهديدية يكون فاسد التعليل، فأجاب المجلس الأعلى على هذه الوسيلة المعتمدة في النقض بقوله : " لكن لئن كانت محكمة الاستئناف لا تملك حق تعديل العقد إلا طبق مقتضيات الفصل 230 من ق ل ع فإنه ليست تم ما يمنعها من تعديل تقدير التعويض موضع الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه جدا ,و أن محكمة الاستئناف التي أسست قرارها المطعون فيه على هذا النحو بقولها" و حيث أن المبالغ التي قضى بها الحكم الابتدائي الذي أخذ بالشرط الجزائي كما ورد في العقد بدون تصرف, مبالغ فيها وذلك يؤدي إلى إثراء المدعي على حساب المدعى عليه لم تخرق مقتضيات الفصل 230 المشار إليه أعلاه  , وان عبارة " ان للمحكمة التصرف في التعويض و إن كان على شكل شرط جزائي شأنه في ذلك شأن الغرامة التهديدية " علة زائدة يستقيم القرار بدونها مما تبقى الوسيلتان غير مرتكزتان على أساس .
و هكذا انتهى القرار إلى رفض الطعن و تبنى إمكانية مراجعة و تعديل مبلغ الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه و اعتبر تشبيه الشرط الجزائي بالغرامة التهددية علة زائدة لا محل لها.
و نستخلص من هذا القرار أن المجلس الأعلى وصل إلى أن :
–       الفصل 230 من ق ل ع لا يشكل عائقا يمنع من تعديل مبلغ الشرط الجزائي.
–        أن الشرط الجزائي يمكن تعديله إذا كان مبالغا فيه.
–  أن الإبقاء على مبلغ الشرط الجزائي رغم اتصافه بالمبالغة يؤدي إلى إثراء الدائن.
 
و الغريب في الأمر أن الاتجاهين معا سواء الرافض للتعديل أو الموافق عليه بُنيت أحكامها على الفصل 230 ق ل ع، ففي الوقت الذي يرى فيه الاتجاه الاول في الفصل المذكور سندا قانونيا لعدم تدخل القاضي في تعديل العقد بصفة عامة, فان الاتجاه التاني  لا يرى ما يمنع القاضي من تعديل التعويض الاتفاقي بالزيادة أو النقصان اعتمادا على نفس الفصل, فكيف تم دلك؟
 إن تأويل الفصل 230 من ق ل ع يبين أن مبدأ القوة الملزمة للعقد يسري على المتعاقدين كما يسري على القاضي الذي لا يجوز له تعديله، لكن هذه القاعدة ليست مطلقة و ترد عليها بعض الاستثناءات أجاز فيها المشرع للقاضي التدخل لتعديل العقد اعتمادا على فكرتي العدل و الإنصاف ,و مثال ذلك تدخل القاضي في عقود الكراء التجاري للمحلات لمراجعة السومة الكرائية اعتمادا على ظهير 55/5/24 ، و ظهير 80/12/25 فيما يتعلق بكراء المساكن ، و الفصل 306 من القانون البحري بخصوص اتفاقية الإنقاذ البحري، و الفصل 54 من ق ل ع الذي تبنت بعض محاكم المملكة الاتجاه القائل بسلطة القاضي التقديرية في الحكم بالإبطال بسبب المرض أو الحالات المشابهة له أو تصحيح الأوضاع التي خلفها التعاقد في مثل هذه الحالات و ذلك في الوقت الذي لم يأخذ فيه المشرع بنظرية الظروف الطارئة(49).
من كل هذا نخلص إلى أن القضاء المغربي كان يعرف اضطرابا كبيرا في أعماله للشرط الجزائي إذ بالإضافة إلى تضارب و تناقص أحكامه، فإن نظرته لذلك الشرط كانت غير منسجمة، و متخلفة عن المفاهيم الحديثة التي شقت طريقها إلى أغلب القوانين المعاصرة مما استدعى تدخل المشرع المغربي لإرساء مفهوم جديد لذلك الشرط في إطار القانون المغربي يستجيب للمفاهيم الحديثة التي أصبحت تحكم نظرية العقد و على رأسها ضرورة إخضاعه للمراجعة القضائية و ذلك لاعتبارات اقتصادية و قانونية و فكرية تجعل مبدأ المراجعة ذلك أكثر انسجاما مع اقتصاديات المجتمع المعاصر ومع مبادئ العدالة و الإنصاف التي حتمت تغيير النظرة إلى العديد من المبادئ القانونية التي أسست عليها النظرية التقليدية للعقد.
 
المبحث الثاني : انتصار فطرة العدالة عبر تقرير إمكانية تعديل الشرط الجزائي.
منذ القدم أوصت أحكام الفقه الإسلامي بمبادئ الإنصاف و منحت القاضي حق تعديل بعض العقود الجائرة بغية تحقيق العدالة ,فقررت أنه لا ضر و ضرار ، و أن الضرورات تقدر بقدرها، و النعمة بقدر النقمة,وبدلك أقامت توازنا بين التزامات الطرفين.
لذلك قررت عدة تشريعات حق القاضي في التدخل في الميدان التعاقدي بخصوص الشرط الجزائي لإرجاع الأمور إلى نصابها بهدف تحقيق العدالة ,وهكذا عدل المشرع الفرنسي المادة 1152 من قانونه المدني لسنة 1804 التي كانت تنص على أنه " عندما يتضمن العقد نصا بأن من ينكث في تنفيذه يتوجب عليه دفع مبلغ ما كبدل بصفة عطل و ضرر ,فلا يمكن منح الفريق الثاني مبلغا أكثر أو أقل من ذلك المتفق عليه إذا ظهر زهيدا أو مبالغا فيه، و كل اتفاق مخالف يعـــتبر غير موجود "(50).
و نفس الأمر عرفه المشرع المغربي بتعديله للفصل264 سنة 1995 (51) و قد أدى ذلك إلى إصابة مبدأ القوة الملزمة للعقد بنوع من الانتكسار بسبب فــكرة العدالة التي مكنت من تهذيب الشرط الجزائي و منحت القضاء سلطة واسعة في تحقيقها (52).
فالقانون تدخل لإعادة الأمور إلى نصابها عندما تحول الشرط الجزائي من مجرد صمام أمان بالنسبة للدائن الذي يعول عليه لضمان تنفيذ الالتزام ,إلى حالة من حالات الإثراء
لذلك سنحاول في هذا المبحث التطرق للسلطة التي منحها المشرع للقاضي بتدخله لتعديل مقدار الشرط الجزائي المتعسف في تقديره سواء بتخفيف هذا الشرط أو بالزيادة فيه.
 
 
 
 
 
ــالفقرة الأولى : تخفيض القضاء لمقدار الشرط الجزائي.
 
بالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 264 ق ل ع فإن سلطة القاضي في تخفيض التعويض الاتفاقي، مقرونة بوجود مبالغة في قيمته أو وجود تنفيذ جزئي للالتزام الأصلي.
 
1 حالة التعويض الإتفاقي المبالغ فيه.
نقصد هنا الحالة التي تخرج فيها المبالغة في تقدير الشرط الجزائي عن معناه الأصلي كتعويض مقدر بالاتفاق و تجعل منه شرطا تهديدا ليس إلا، و لا شك أن سبب التخفيض في هذه الحالة هو سبب داخلي يجد أساسه في العقد ذاته، و يختلف بالتالي ، عن سبب التخفيض في حالة التنفيذ الجزئي الذي هو سبب خارجي . و الفرض في هذه الحالة، أن المدين لم ينفذ التزامه على الإطلاق ، أو عرضه في وقت متأخر عن الوقت المتفق عليه، على نحو يستحق معه الدائن ، التعويض الذي حدداه بالاتفاق، و لكنه لو حصل على التعويض كاملا ، رغم المبالغة فيه، لكان في ذلك نوع من الظلم بالنسبة للمدين، و من ثم يغدو التخفيض أمرا متسقا و أصول العدالة ، فكان تدخل القاضي في هذه الحالة ضروريا لتحقيق شيء من التوازن المعقول بين الأداءات المشترطة كجزاء ، و بين ما ينبغي أن يشترط عند حدوث هذا الإخلال وفقا لمعيار لا يصل التجريد فيه إلى مداه ، بل يراعي فيه موقف المتعاقدين و ظروفهما(54).
 
لكن المشرع المغربي لم يحدد درجة هذه المبالغة للقول بضرورة التعديل ,نفس الأمر بالنسبة للمشرع الفرنسي و نظيره المصري، و هكذا جاءت الفقرة الثانية من المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي على الشكل التالي:
 
-“Nèanmoine, le juge peut ,"Même d'office”, modére ou ougmenter la peine aui avait été convenu, si elle est manifestement excessive ou dérisoire".
 
و تنص الفقرة الثانية من المادة 224 من القانون المدني المصري على أنه :
" و يجوز للقاضي أن يخفض التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة".
 
فماهي المعايير التي يمكن الاعتماد عليها في تقدير وجود أو عدم وجود المبالغة في المبلغ المتفق عليه؟.
 
إن تحديد ذلك ينطلق من طبيعة الشرط الجزائي باعتباره تقديرا اتفاقيا و جزافيا للتعويض الناتج عن الإخلال بالالتزام التعاقدي و الذي قد يستعمله المتعاقدان كأداة تهديد و إكراه لدعم اتفاقهما.
 
فكونه تقديرا جزافيا و مسبقا للتعويض يعني بداهة أن الاحتمال قوي في أن يكون مبلغه أقل أو أكثر من قيمة الضرر الناتج عن الإخلال بالالتزام التعاقدي و من تم فالمبالغة لا تتحقق بمجرد حصول التفاوت بين مبلغه و قيمة الضرر. فذلك التفاوت أمر عادي في تقدير يتم بشكل مسبق و في وقت قد لا تتوافر فيه لدى المتعاقدان المعطيات الكافية لتحيد التعويض بشكل دقيق مادام أن الضرر أمر مستقبلي لم يتحقق بعد , و إذا اتضح بعد ذلك أن الضرر الذي وقع لم يكن بالمقدار الذي ظنه الطرفان قبل وقوعه و أن تقديرهما  لهذا الضر كان مبالغا فيه ,فإن الأمر لا يخلوا عندئذ من غلط في التقدير أو ضغط وقع على المدين فقبل شرطا يعلم أنه مجحف به ,فيكون الواجب هو تخفيض التعويض(55).
 
إذن إذا كان الشرط الجزائي مجرد تقدير اتفاقي مسبق للتعويض فإن المبالغة تتحقق بحصول تفاوت كبير بينه وبين الضرر الحاصل ،والمقصود هنا زيادة مبلغ الشرط الجزائي عن الضرر بقيمة الثلث فأكثر قياسا على ماهو معمول به في الغبن بالنسبة للدول التي تأخذ به ،أما إذا كان المبلغ المتفق عليه يسعى إلى تهديد المدين وإكراهه على التنفيذ فما هي حدود التفاوت التي إذا تجاوزها الشرط الجزائي اعتبر مبالغا فيه؟
يعتبر الفقه المقارن أن المبالغة لا يمكن أن تقاس إلا بالأرقام أي عن طريق مقارنة مبلغ الجزاء المتفق عليه بمقدار الضرر الحاصل فتكون المبالغة متحققة إذا كان هناك اختلاف كبير بين الجزاء والضرر أو إذا كان الجزاء من الضخامة بحيث يظهر للقاضي أنه لا يحتاج لإجراء أي بحث.
وقد حاول البعض وضع مقاييس حسابية للمبالغة فذهب "بوكاري" إلى أنها تتحدد في ضعف مقدار الضرر ونصف بحيث لو افترضنا أن مقدار الضرر الحاصل هو ألف أورو فإن اشتراط شرط جزائي بقيمة 2500 أورو مقبول وما يفوق ذلك يبرر المراجعة ، وذهب "فانسون "إلى أنه في ميدان التمويل يالكراء يكون الجزاء مبالغا فيه إذا تعدى مبلغه ب 50 % قيمة الضرر(56)  .
   وبخصوص معيار التخفيض فقد انقسم الفقه المقارن بين مؤيد لمعيار شخصي ومؤيد لمعيار موضوعي ,غير أن الأخذ بأحد المعيارين دون الآخر سوف لن يضع حلا ثابتا  لهذه المسألة، ذلك أن تقدير درجة المبالغة وفقا للمعيار الموضوعي يترتب عليه عمليا إسقاط جميع الظروف والجوانب الشخصية في العلاقة التعاقدية، وفي هذا ظلم جد بين، كما أن تقدير المبالغة بالاعتماد على المعيار الشخصي وحده يؤدي عمليا إلى تعدد الحلول لاختلاف الاعتبارات الشخصية من شخص إلى آخر، لذلك يتعين على القضاء المغربي أن يؤسس أحكامه بخصوص تعديل التعويض الاتفاقي، ليس فقط على أساس المبالغة في هذا التقدير، بل أيضا بالنظر إلى ظروف التعاقد، والوضعية الشخصية للمتعاقدين وموقفهما من التنفيذ في أجله وإلى حسن أو سوء نية المدين، أي الجمع بين المعيارين الشخصي والموضوعي، لما في هذا الجمع من إدراك للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتكريسا للقيم الأخلاقية وتأثيرها على العلاقات التعاقدية، فالعقود يجب تنفيذها بحسن نية والمدين ملزم بتعويض الضرر الذي أصاب الدائن.وهذه القواعد القانونية تجد تبريراتها في قواعد الأخلاق وبالتالي لا مجال للتخفيض، إذا كان المدين سيئ النية(57)، لأن المراجعة استثناء فقط من القوة الملزمة للاتفاقات التعاقدية الذي لا زال يحكم الشرط الجزائي والمشرع عندما سمح للقاضي بتعديل المبالغة في هذا الشرط كان يهدف لتمكينه من إقرار حكم اقرب للعدالة ولذلك إذا كان المدين سيئ النية فلا يجب أن يستفيد من هذا الاستثـناء .
 
ويقع على عاتق المدين، عبء إثبات، أن تقدير التعويض كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة، فوجود البند الجزائي يفترض أمرين متكاملين .أولهما: أن ضررا قد حل بالدائن فعلا. وثانيهما: أن التعويض الذي تم الاتفاق عليه وتقديره متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن ,والإثبات لا ينصرف في الحقيقة إلى إظهار أن ضررا قد حل بالدائن، فهذا أمر مفترض من مجرد عدم قيام المدين بالتنفيذ أو تأخره فيه، وليس هذا مثار بحث، وإنما هو حالة المدين الذي يرغب في تخفيض التعويض المقدر اتفاقا بمقولة أنه منطو على مبالغة كبيرة، فهنا يقع على عاتق المدين عبئ إثبات هذه المبالغة.
 
وحاصل ذلك أنه لا" يكفي أن يثبت المدين أن في التقدير زيادة بل يتعين أن يثبت أنه قد انطوى على مبالغة كبيرة، فالمشرع إنما يعنيه أن يكون التعويض المشروط متناسبا مع الضرر لا مساويا له، و يتم إثبات هذه المبالغة في التقدير بكافة طرق الإثبات ، و يتفرع على عبء إثبات المدين لواقعة انطواء التقدير الاتفاقي للتعويض على مبالغة كبيرة، أنه إذا أثبت المدين هذه المبالغة الكبيرة، فإن القاضي يكون صاحب سلطة تقديرية في تخفيض التعويض إلى الحد المعقول (58)  و على القاضي إذا قرر تخفيض الشرط الجزائي ألا ينزل بمبلغه إلى ما دون التعويض الكامل و إن يقتصر فقط على إزالة طالع المبالغة ، فسلطته تنحصر بين الحد الذي يمثل أقصى ما يمكن اشتراطه دون الوصول إلى حد المبالغة الظاهرة، و بين مقدار الضرر الحاصل فعلا، فبين هذين الحدين يتمتع القاضي بحرية كاملة ,و هو  يمارس هذه الأخيرة على ضوء المعطيات المتعلقة بكل قضية على حدة, مع ضرورة تبرير قراره بتيبان العناصر المادية التي اعتمد عليها ليتمكن المجلس الأعلى من ممارسة رقابته على الحكم الصادر.
 
و هنا نطرح السؤال التالي: هل يمكن للمحكمة أن تمارس سلطة المراجعة من تلقاء نفسها أو أنها يجب أن تستند إلى مطالبة المدين بالشرط الجزائي ؟
يجيبنا على ذلك الأستاذ فؤاد معلال بقوله" انطلاقا من طابع النظام العام للنص الجديد يمكن لقضاة الموضوع أن يعطوا لأنفسهم الحق في إجراء المراجعة حتى في غياب أية مطالبة بهذا الشأن ، و هذا التفسير من شأنه أن يأخذ بيد المدينين العاديين الجاهلين بالقانون. و الذين قد لا يكون لهم علم بإمكانية الحصول على مراجعة الشروط الجزائية المجحفة المفروضة عليهم(59),وفعلا قد اخد القضاء المغربي بهدا الطرح مؤخرا
 
2 – حالة التنفيذ الجزئي للالتزام :
 
أعطى المشرع المغربي للقضاء بمقتضى النص الجديد سلطة تخفيض الشرط الجزائي في حـالة تنفيـذ الالتزام جزئيا وذلـك في حـدود النفـع الذي عـاد على الدائن من ذلك التنفيذ (60) .
وسبب هذا التخفيض أنه عندما ينفذ المدين التزامه جزئيا فإن ذلك يعني أن الضرر اللاحق بالدائن قد بات دون المقدار المتفق عليه بمقتضى الشرط الجزائي فكان من الطبيعي أن تؤخذ واقعة التنفيذ الجزئي وما عاد على الدائن من نفع نتيجة ذلك بعين الاعتبار عند إعمال الشرط الجزائي المتفق عليه بين الطرفين .
والتخفيض في هذه الحالة ، يستلزم أن لا يكون المتعاقدان قد قررا تعويضا اتفاقيا لعدم التنفيذ الجزئي (61) ، كما يشترط أن يكون الالتزام الأصلي قابلا للانقسام . أما إذا كان غير قابل لذلك إما بحسب طبيعته أو بمقتضى الاتفاق ، فإن مقتضى الفقرة الثالثة من الفصل 264 من ق.ا.ع لا تطبق على هذه الحالة .
ومن جهة أخرى ، يجب أن يقبل الدائن هذا التنفيذ الجزئي ، ذلك أن اقتضاء هذا القدر من الالتزام يظل حقا خالصا له ، ولا يجبر عليه ،أي أن قبوله رخصة له إن شاء استعملها، وإن شاء عزف عنها ،وإذا أراد التمسك بحقه في تنفيذ الالتزام في حدود ما بقي ممكنا ، لم يكن للمدين أن يمتنع عن هذا الوفاء ، بل يجبر عليه ،
وإذا كان الالتزام مقرونا بشرط جزائي عن الإخلال الكلي ، تحققت سلطة القاضي في تخفيض مبلغه . أما إذا رفض الدائن الوفاء الجزئي فيحق له المطالبة بكامل التعويض طالما أنه لا ينطوي على مبالغه . وإذا كانت الفقرة الثالثة من الفصل 264 من ق.ل.ع تنص على أن التخفيض يكون في حدود النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي ، فهذا يعني أنه لا يكون هناك أي مبرر للتخفيض في الحالة التي يقع فيها تنفيذ الالتزام جزئيا ولكن لا يعود على الدائن بأي نفع .
ويذهب بعض الفقه إلى أن القاضي يلجأ إلى إجراء مقارنة بين ما كان سيعود على الدائن من نفع عند التنفيذ الكامل وما عاد عليه فعلا من التنفيذ الجزئي ، فإذا قدر أن التنفيذ الجزئي عاد على الدائن بالنفع في حدود ثلث الالتزام  كان عليه أن يخفض مبلغ التعويض المتفق عليه بمقدار الثلث . وتقدير هذه المنفعة يعود لقاضي الموضوع وذلك بالنظر لظروف كل قضية على حدة وأهمية التنفيذ الكلي بالنسبة للدائن ومقدار الضرر منظور إليه من وجهة الدائن ، بحيث إن المنفعة يجب أن تقرر على ضوء الاضطـراب الـمادي والنفسي الـذي من شـأن عـدم التنفيذ الكلي أن يخلفه لدى الدائن (62) .
ووفقا للقواعد العامة ، فإن المدين ، هو الذي يثبت التنفيذ الجزئي ، الذي يدعيه ، فالبينة على من يدعي ، سواء كان هذا المدعى مدينا أو دائنا .
وإذا أثبت المدين التنفيذ الجزئي ، فإن القاضي ، رغم ذلك ، ليس ملزم بالحكم بتخفيض مقدار التعويض المتفق عليه ، ذلك أن القانون جعل التخفيض أمرا جوازيا للقاضي ، يقدره في ضوء الظروف المحيطة .
وإن وجد أن ما تم تنفيذه من التزام كان تافها ، أو لم يحصل منه الدائن على فائدة تذكر ، فإنه لا يحكم بالتخفيض ، ذلك أن القاضي له سلطة تقديرية ليس فقط في استظهار أن التنفيذ ، حسبما كشف عنه الواقع ، هو مجرد تنفيذ جزئي ، بل أيضا استظهار مدى فائدة وجدوى هذا التنفيذ الجزئي بالنسبة للدائن .
و في هذا الصدد تقول المذكرة الإيضاحية للقانون المدني المصري: إن القانون أباح للقاضي سلطة تخفيض الشرط الجزائي المبالغ فيه حتى يمنع التعسف الذي يقع في هذه الأحوال ، فقد يحدث أن يكون البائع قد استوفى أكثر الأقساط ، ثم يفسخ البيع لعدم استيفاء ما تبقى منها ، و يحتفظ بكل الأقساط التي استوفاها ، و في هذا عنت على المشترى ، فيستطيع القاضي أن يرفعه إذا خفض الشرط الجزائي و قضى برد البائع لبعض هذه الأقساط ، و غني عن البيان أن البائع يستطيع، بدلا من المطالبة بفسخ  البيع، أن يطالب بتنفيذ العقد، فيقضى من المشتري ما بقي في ذمته من الأقساط.و علة تخفيض الشرط الجزائي عندما يرى القاضي ضرورة لذلك ، هي مواجهة حالة المغالاة في الشروط، بإجراء يقمع التعسف الذي يبدو من جهة البائع الدي تقاضي أكثر الأقساط، و لكنه عمد الى فسخ البيع لعدم الوفاء بقسط أو أقساط محدودة، ابتغاء الاحتفاظ بكافة الأقساط التي استوفاها، و في ذلك ما لا يخفى من عنت بالمشتري، في وقت يستطيع فيه البائع أن يطالب بتنفيذ العقد، دون فسخه، فينال باقي الأقساط دون أن يلحق الضرر بالمشتري ,و هذا يقودنا إلى أمر آخر هو التساؤل عن مدى إمكان إلزام البائع، في حالة فسخ العقد، برد كل الأقساط التي تقاضاها,
 
لاشك أن الفسخ يستلزم ، عند تمامه، إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، مادام الأمر ممكنا و لا استحالة معه، و لكن في خصوصية البيع بالتقسيط فإن القاضي يستطيع أن يبقى للبائع جزءا من الأقساط و يلزمه برد الجزء الآخر، أي أنه يخفض الشرط الجزائي المتفق عليه، فبدلا من أن يستبقى البائع كل الأقساط يستبقى بعضها فقط في الحالة المشار إليها منعا لظلم المشتري.
بل إن القاضي يستطيع أن يلزم البائع برد كل الأقساط إذا لم يلحقه أي ضرر من جراء ذلك ، و هذا متصور في فروض و غير متصور في فروض أخرى، فهو متصور في حالة ما إذا قامت شركة استيراد و تصدير ببيع مائة سيارة بالتقسيط لمعرض، و عرضت السيارات و لم تبع فعلا، بل ارتفع سعرها و قل الإقبال عليها في الوقت الذي يكون من المؤكد فيه أنه ستباع لاحقا بأسعار بالغة الارتفاع بسبب حظر الاستيراد، و هذا يحدث كثيرا، فرد البائع كل الأقساط و استلامه كل سياراته أمر ممكن و لا ضرر معه، و لكن انعدام الضرر غير متصور في فروض أخرى، منها حالة ما إذا كان المبيع شيئا يستعمل و تقل قيمته بالاستعمال، كحفار أو جرار أو سيارة، ففي هذه الفروض يكون هناك ضرر يلحق البائع من جراء استرجاع المبيع فيما لو أدى كل الأقساط فيكون للقاضي إبقاء جانب منها له.
و من الأمثلة التي ذكرناها، لو تعلق الأمر بسيارة نقل بضائع، و كانت قد استمرت في العمل لدى المشتري لعدة اشهر في فترة نقل المحصولات, فدرت مبالغ لا يستهان بها على المشتري ، الذي لم يف بالتزاماته رغم ذلك، و لم يسدد باقي الأقساط، فلا شك أنه يحق للقاضي في هذه الحالة أن يكتفي بما هو ثابت لديه، للقضاء بتعويض لمصلحة البائع وهو اسقاط قسط او بعض الاقساط كتعويض له عن ضرر ثابت دون حاجة إلى إثبات الضرر(63).
 
الفقرة الثانية : زيادة القضاء في مقدار التعويض الإتفاقي .
 
يمكن للقاضي أن يرفع من قيمة الشرط الجزائي المتفق عليه إذا كان زهيدا (الفقرة الثالثة من الفصل 264 ق ل ع) كما يمكنه رفع هذه القيمة إذا ارتكب المدين خطأ جسيم أو تدليس.
 
I حالة القيمة الزهيدة(64)
 
على خلاف .الشرط الجزائي المبالغ فيه فإن الشرط الجزائي الزهيد يكون دائما لصالح المدين حيث يضع على عاتقه مقدار للتعويض أقل من قيمة الضرر المتوقع نتيجة إخلاله بالتزامه التعاقدي على نحو ينتج عنه غنم له، فيقترب بذلك كثيرا من شرط تحديد المسؤولية لكونه يشكل عمليا وسيلة لخفظ التعويض المترتب عن المدين، لذلك فنحن نقصد هنا سلطة القاضي في الرفع من قيمة الشروط الجزائية الزهيدة في الحالات التي يجوز فيها الاتفاق على متل هذه الشروط أما في الحالات التي يمنع فيها القانون شروط تحديد أو الإعفاء من المسؤولية فلا مجال للحديث فيها عن الشروط الجزائية المنخفضة و مثال ذلك اشتراط مقاول البناء شرطا جزائيا منخفضا عن مسؤوليته عن انهيار البناء كليا أو جزئيا خلال عشر سنوات من إتمامه فهذا الشرط باطل لمخالفته لنص أمر (الفصل 772 من ق ل ع)
إن أهم ما يجب التساؤل عنه في موضوع زيادة التعويض الاتفاقي هو السبب الذي حدا بالتشريعات المدنية العربية إلى قبول التخفيض لمصلحة المدين إذا كانت قيمة التعويض مبالغا فيها، و لم تقبل زيادة التعويض إذا كانت قيمته زهيدة لا تتناسب مع مقدار الضرر، إلا في حالتين فقط، هما ارتكاب المدين لغش أو لخطإ جسيم (65)  مع أن قواعد العدالة المجردة تقتضي بالمساواة بين المتعاقدين في هذا الأمر.
يبرر بعض الفقهاء هذا الموقف، بأن رفض هذه الزيادة يتسق مع ما تقتضي به النصوص التي تجيز الاتفاق على إعفاء المدين أو تحديد مسؤوليته المترتبة على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ، حيث ينظر إلى تحديد تعويض اتفاقي تافه أو يقل على مقدار الضرر ، على أنه إعفاء كلي أو جزئي من المسؤولية، و هو أمر جائز طالما أن المسؤولية التعاقدية لا تتعلق بالنظام العام.
غير أن هذا القول ، إذا كان يبرر هذا الموقف فإنه لا يفسره، ذلك أنه يصعب الأخذ به في الحالات التي يمنع فيها المشرع الاتفاق على التخفيف أو الإعفاء من المسؤولية.
و قد أحسن المشرع المغربي صنعا بإقراره ضرورة زيادة التعويض الاتفاقي في حالة ما إذا كان زهيدا، ذلك أن المنطق السليم يقضي بالمساواة بين الطرفين في هذا الصدد، فلا يمكن منح المدين إمكانية المطالبة بتخفيض التعويض الاتفاقي إذا كان مبالغا فيه، و حرمان الدائن من هذه الإمكانية و ذلك بالزيادة في التعويض الإتفاقي إذا كان زهيدا. لأن هذا الحرمان يعتبر وضعية شادة تأباها المتطلبات العليا للعدالة و يرفضها الضمير الأخلاقي. فاستغلال ضعف و حاجة الطرف الآخر لا يكون من جانب الدائن فقط، بل قد يكون من جانب المدين كدلك. و القول بغير ذلك من شأنه أن يخلق ظاهرة جديدة هي ظاهرة التعويضات الإتفاقية التافهة(66).
 
II حالة التدليس أو الخطأ الجسيم.
 
جاء في الفصل 232 ق ل ع " لا يجوز أن يشترط مقدما عدم مسؤولية الشخص عن خطئه الجسيم و تدليسه"
وعليه فإن اخلال المدين بالتزامه العقدي الراجع إلى خطئه الجسيم أو تدليسه يبرر دفع تعويض إضافي يضاف إلى التعويض المتفق عليه، و ذلك على أساس أن الأطراف عند اتفاقهم على هذا التعويض لم يدخلوا في حسبانهم الإخلال الراجع إلى الخطأ الجسيم أو التدليس ,و حتى لو افترضنا وجود مثل هذا الاتفاق فإن هذا الأخير يكون باطلا طبقا لمقتضيات الفصل أعلاه، لذلك  يكون من باب المنطق و العدل زيادة مبلغ التعويض الاتفاقي مما يتناسب مع مقدار الضرر الراجع إلى تدليس المدين أو خطئه الجسيم ، و في هذا الإطار أعطت محكمة النقض الفرنسية مفهوما واسعا لهذا الخطأ, فقررت أنه ليس هو الذي يسعى من خلاله مرتكبة إلى إلحاق الضرر بالمتعاقد معه بحيث يرتكبه بنية إحداث الضرر، بل هو الذي يتمثل في امتناع المدين بإرادته عن تنفيذ التزامه دون سبب مشروع و حتى من دون نية إحداث الضرر(67).
و يستند هذا التصور إلى القاعدة القانونية التي تقضي بأن العقود يجب أن تنفذ بحسن النية، فالعقود بصفة عامة يجب أن تبرم و تنفذ و تفسح بدون غش أو إضرار بالغير, و من تم إذا شابها غش أصبحت وسيلة للظلم و التعسف يجب التدخل لتعديل مقتضياتها .
تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يكتف بإقرار هذه السلطة للقضاء بل أحاطها بمجموعة من الأحكام نراها تتفرع عن تصوره للتعويض الاتفاقي فهو لم يقتصر في هذا التنظيم على تجاوز التصور السائد في الممارسة القانونية بل سعى إلى محاربة الشرط المتفرع عنه و القاضي بعدم قابلية الجزاء أو الغرامة المتفق عليها في العقد للتخفيض و الذي حفلت به الشروط العامة لعقود التمويل بالإيجار و البيوع الائتمانية و عقود المقاولة و ذلك بأن نص في الفقرة الأخيرة من الفصل من 264 من ق ل ع على أنه " يقع باطلا كل شرط يخالف ذلك".
 
و هكذا أضفى المشرع الصفة الآمرة على سلطة القاضي في تعديل التعويض الإتفاقي إما بالزيادة أو النقصان أي اعتبرها من النظام العام(68),و من تم لا يجوز للطرفين أن يضيفا للشرط الجزائي أنه واجب الدفع على كل حال  حتى لو تبين أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة ، فالقانون هنا يحمي المدين و يعتبر أن رضاه بمثل هذا الإتفاق أقرب إلى الإذعان منه إلى القبول(69)
 
بناء على ما سبق,يمكن القول انه بصدور قانون 27-95 أصبح القاضي المغربي يتوفر على أداة قانونية مهمة لمواجهة الشروط الجزائية المجحفة ,إلا أن هذه الأداة المتمثلة في إعطائه سلطة مراجعة تلك الشروط تشكل سلاحا ذو حدين يجب الاحتياط في استعماله، فاستعمال تلك السلطة بشكل اعتباطي و دون أن يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الشرط الجزائي ووظيفته ضمن النظام العقدي سيؤدي إلى القضاء على هذه المؤسسة القانونية و إفراغها من كل محتوى,لذلك يعمل المشرع المغربي على توفير المزيد من التأطير القانوني لمتل هذه الآليات العقدية ,و لعل الأحكام التي تضمنها مقترح قانون أخبار و حماية المستهلك خير دليل على ذلك فقد جاء في المذكرة التقديمية لهذا المقترح أن من أهدافه تنظيم التعاقد بين البائع و المستهلك من أجل حماية هذا الأخير من كل الشروط التعسفية في العقود المبرمة و منها طبعا الشرط الجزائي التعسفي ,فجاء في الفقرة 13 من المادة 60 المحددة لأهم الشروط التعسفية :" تحديد مبلغ التعويض الذي يلزم به المستهلك في حالة عدم تنفيذه لالتزامه دون تحميل البائع أي تعويض مماثل في حالة عدم تنفيذه لالتزامه المقابل" كما اعتبرت المادة الموالية أن الشرط يبطل أي  لا يخفف أو يرفع ( و هذا هو الجديد في هذا الباب) مع بقاء العقد نافذا ما لم يستحل تنفيذه دون الشرط الملغى.
 
و من هنا نرى أن فكرة العدالة تغلبت شيئا فشيئا على النزعة الفردية التي تسود في بنود العقود، و أصبحت بذلك فكرة العدالة من وراء كل تطور في هذا الصدد و في مجال تنظيم المسؤولية بوجه عام.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الهوامش
 
    (1) فؤاد معلال:مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 95-27 .مجلة القضاءوالقانون.ع:14.سنة:1997.ص:58
     (2) محمد شتا أبو سعد:التعويض القضائي والشرط الجزائي والفؤائد القانونية.دار الجامعة الجديدة للنشر.طبعة 2001.ص64
     (3): أحمد ادريوش:الإجتهاد القضائي المغربي في ميدان الإلتزامات والعقود.سلسلة المعارف القانونبة.ع:4  .سنة: 1997 .143
      (4): محمد شتا: م س .ص: 64
 (5)فؤاد معلال  :   م س .  ص :61
  (6) محمد شتا   :  م س  . ص  :65
    
(7)  أحميدو أكري :الشرط الجزائي من خلال الإجتهاد القضائي المغربي والمقارن.مجلة إشعاع. ع :10 .السنة الخامسة.   1994. ص :10
(8)  عبد الرزاق أحمد السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني الجديد. ج:2 .دار النهضة العربية  1968.ص:864
(9)  عبد الرزاق أيوب : القراءة الأخلاقية لتعديل الفصل 264 ق ل ع .مجلة المناهج. ع    .             ص :65
(10) ج .ر عدد 4323 بتاريخ 06/09/1995  .ص2443
(11) فاتفاقية لاهاي لسنة 1964 المتعلقة ببيع المنقولات المادية تجيز هذا الشرط
 (12) ادريس فتاحي  : الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية في الفانون المغربي والمقارن. رسالة لنيل د.د.ع.م. جامعة محمد الخامس الرباط. 1997.  ص: 50
(13) طلال المهتار : البند الجزائي في الفانون المدني.أطروحة دكتوراه من جامعة باريس 1974. ص: 91
(14) فؤاد معلال  : م س . ص : 104
(15) السنهوري: م س .ص: 852
(16) سعيد الناوي : حقيقة الشرط الجزائي في القانون المغربي.مجلة المناهج. ع           ص:195
(17) محمد شتا : م س. ص: 63
(18) أحمد ادريوش : م س .ص:122
(19) ابراهيم سيد أحمد: الشرط الجزائي في العقود المدنية بين القانونين المصري والفرنسي.المكتب الجامعي الحديث.الطبعة الأولى 2003. ص:66 .الفقرة 43
(20) فؤاد معلال: م س . ص: 66
21-محمد شتا:م س .ص:71
(22) هنري رياض: أحكام العقد في القانون الإنجليزي .دار الجيل بيروت . بدون سنة نشر.ص:39
(23)أحمد ادريوش: م س .ص: 221
(24) – عبد الرزاق أيوب :  م س ص 67.
(25) – طلال المهتار : م س ص 25.
(26) محمد شنا : م س ص 165 هامش 3.
(27) محمد برادة أغزيول سلسلة الندوات و الأيام الدراسية ، الدورة المتخصصة في المادة التجارية.
(28) – سعيد الناوي : م س ص 193.
(29) فؤاد معلال م س ص 83.
(30) استقرت منذ وقت بعيد في القانون الدولي الخاص للعقود قاعدة أساسية مفادها أن العقد الدولي يخضع للقانون الذي يحدده الأطراف بإرادتهم فهي بذلك القاعدة الأساسية التي أفرزتها النظرية العامة لتتنازع القوانين في مجال العقود الدولية .
(31) العربي مياد : إشكالية التراضي في عقود الإذعان ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص جامعة أكدال الرباط السنة الجامعية 200-2001 ص 475.
(32) – فؤاد معلال : م س 71
(33) عبد الرزاق أيوب : م س ص 64
(34) العربي مياد : م س ص 539.
(35) طلال مهتار : م س ص 31.
(36) إدريس فتاحي م س ص 6 وورد في نفس السياق الصفحة 145" أنه بالإضافة إلى ذلك فإن العقود المعرضة على الأشخاص عالبا ما تكون محررة بصيغة و عبارات غامضة يقصد منها التحايل و ذلك بإدراج شروط جزائية خفية"
(37) أنظر نموذج  العقد المذكور ضمن ملحقات البحث.
 (38) أحميدو أكري : م س ص 3.
(39) نقصد بالسلام الحسن تنفيذ الالتزام باعتبار أنه حتى في حالة عدم تنفيذه فإن التعويض يكون محددا سلفا و لا يدخل الطرفان مبدئيا في مواجهات قضائية لإثبات قيام عناصر المسؤولية العقدية.
(40) طلال المهتار : م س ص 27.
41  )     سعيد الناوي : م س ص 200 .
(42)     قبل صدور تعديل 1975 بفرنسا كان القضاء لا يجيز تخفيض الشرط
الجزائي أي كان مبلغ تقدير التعويض اعتمادا على أن الفائدة المستوحاة
من الشرط الجزائي هي قطع السبيل على المدين في المحاجة و الجدل في
مقدار التعويض المستحق
(43) أورد هذا القرار العربي مياد م س ص 542.
(44) أحميدو أكري : م س ص 7.
(45) محمد شنا : lم س ص 73 .
(46) كان ذلك حسب السنهوري م س ص 874 ينطوي في الواقع  على
 عقوبة فرضها الدائن على المدين فيكون ذلك باطلا و يعمل القاضي على
 تقدير التعويض وفقا للقواعد العامة.
(47) العربي مياد م س  ص 543.
(48) قرار عدد 977 الملف المدني عدد 85/3374 ، غير منـــــــــــــشور.
(49) أحمد ادريوش :  م س ص 129.
 
(50) ق 597-75 وفق هذا التعديل كان القاضي الفرنسي يتدخل بعد أن يطلب منه
الأفراد ذلك لكن بصدور قانون 11 أكتوبر من نفس السنة اصبح بوسع القاضي التدخل لمراجعة الشرط الجزائي من تلقاء نفسه متى كان المبلغ الاتفاقي فاحشا جدا، كما تدخل المشرع الفرنسي بموجب قانون حماية المستهلك 78-1-18 حيث أجاز في م 35 للقاضي التدخل من تلقاء نفسه لإبطال الشروط الجزائية التعسفية في عقود
الاستهلاك  
(51) تنص الفقرة الثالثة من الفصل 264 من ق ل ع على أنه:
" يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته
إذا كان زهيدا ، و لها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد
 على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي".
(52) أحميدو أكري م س ص 70.
(53) سعيد الناوي م س ص 193.
(54) محمد شتا : م س ص 234.
(55) السنهوري م س ص 852.
 (56) فؤاد معلال م س ص 92.
(57) عبد الرزاق أيوب م س ص .73
(58) محمد شتا : م س ص 239.
(59) م س ص 80.
(60) – ويؤسس الفقه ذلك على فكرة احترام إرادة المتعاقدين ، فيقول  إن البند الجزئي يوضع عادة لمجابهة حالة عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه "فإذا كان المدين قد قام بتنفيذ جزء من التزامه ، فإن القاضي يكون قد احترم إرادة المتعاقدين ،  إذا خفض الشرط الجزائي بنسبة ما نفذ المدين من التزامه " .
 
(61) – : جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية ما يلي
– “ le juge ne peut appliquer l`art.1231 lorsaue les parties ont elles – même prèvu une dimimution de la peine convenue à proportion de l`intèrêt que l'exèction partielle de l´engagement aura procrè au
crèancier”.
– Com. 21 juill 1980. D .1981. 335 . note Chabas.J.C. P 1982. II. 19778. Note Boccara.GP.1981.I. 207.
Notre E . m Bey.
(62) عبد الرزاق أيوب م س ص 73.
 
(63) محمد شتا : م س ص 108.
(64) تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد أي اجتهاد قضائي بخصوص الجزاء الزهيد
 لأن هذا الأخير لن يوجد إلا في تصور المشرع و مع ذلك افترض وقوعه (احميدو
 أكري : المرجع السابق –8)
(65) المادة 226 في فقرتها الثانية من قانون الموجبات و العقود اللبناني،
المادة 224 من القانون المصري، المادة 226 من القانون المدني السوري،
المادة 184 من القانون المدني الجزائري.
(66) عبد الرزاق أيوب م س ص 74.
 
(67) فؤاد معلال م س ص 97.
(68) أحمد ادريوش م س ص .127.
(69) السنهوري م س ص 876.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
لائحة المراجع
*الكتب :
– أحمد ادريوش : الاجتهاد القضائي في ميدان الالتزامات و العقود سلسلة المعارف القانونية الكتاب الرابع الطبعة الأولى 1996.
 
– إبراهيم السيد أحمد : الشرط الجزائي في العقود المدنية بين القانونين المصري و الفرنسي المكتب الجامعي الحديث الطبعة الأولى 2003.
– عبد الرزاق أحمد السهنوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الجزء الثاني درا النهضة العربية 1968.
– هنري رياض : أحكام العقد في القانون الإنجليزي دار الجيل بيروت (بدون سنة النشر)
– محمد شتا أبو سعد : التعويض القضائي و الشرط الجزائي و الفوائد القانونية  – دار الجامعة الجديدة للنشر 2001.
* الرسائل و الأطروحات :
– إدريس فتاحي : الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية في القانون المغربي و المقارن . رسالة لنيل د.د .ع م جامعة محمد الخامس الرباط السنة الجامعية 1998-1997 .
– العربي مياد : إشكالية التراضي في عقود الإذعان أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص جامعة الرباط أكدال الرباط السنة الجامعية : 2001-2000.
 
– طلال المهتار : البند الجزائي في القانون المدني أطروحة دكتوراه من جامعة باريس  1974.
* المقالات:
– أحميدو أكري : الشرط الجزائي من خلال الإجتهاد القضائي المغربي و المقارن مجلة إشعاع عدد 10 السنة الخامسة 1994.
– سعيد الناوي : حقيقة الشرط الجزائي في القانون المغربي مجلة المناهج العدد الخامس ( بدون ذكر السنة).
– عبد الرزاق أيوب : القراءة الأخلاقية لتعديل الفصل 264 من ق ل ع مجلة المناهج عدد مزدوج 3 و 4 سنة 2003.
– فؤاد معلال : مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27-97 مجلة القضاء و القانون العدد 14 سنة 97.
 
 
 
 
 
تصميم الموضوع
 
المقدمة.
 
الفصل الأول : استعمال الشرط الجزائي في المعاملات التجارية.
    المبحث الأول : الغاية من استعمال الشرط الجــــزائي.
الفقرة الأولى : إجبار المدين على التنفيذ.
الفقرة الثانية: تجنب اللجوء إلى القضاء.
    المبحث الثاني : انحراف مفهوم الشـــــــرط الجزائي.
الفقرة الأولى : الابتعاد عن مبدأ الحرية التعاقدية.
الفقرة الثانية : اختلال التوازن العقدي.
 
الفصل الثاني : تدخل القضاء لضمان التــــوازن العقدي.
    المبحث الأول : اصطدام مبدأ حرية التعاقد مع فكرة العدالة.
الفقرة الأولى : الاتجاه القضائي الرافض لتعديل الشرط الجزائي.
الفقرة الثانية الاتجاه القضائي القابل لتعديل الشرط الجزائي.
    المبحث الثاني: انتصار فكرة العدالة عبر تقرير جواز تعديل الشرط الجزائي.
الفقرة الأولى : تخفيض القضاء لمقدار الشرط الجزائي.
الفقرة الثانية : زيادة القضاء في مقدار الشرط الجزائي.
 
الخـــاتمة.
 
 
 
 
 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى