بحوث قانونية

الممارسات المنافية للمنافسات

 

إن صدور قانون خاص بحرية الأسعار والمنافسة يدل على دلالة قوية على اختيار المشرع لنظام حرية الأسعار بدل النظام مراقبة الأسعار الذي كان يعمل العمل جاريا به سابقا وبذلك يكون المغرب قد برهن على أنه دور اقتصاد حر، ولكن يجب ألا ننسى أن هذا القانون ترك للإدارة أحيانا إمكانية التدخل في تحديد الأسعار.[1]

فحرية المنافسة تعني حق الدخول على السوق أو ممارسة حرية العرض دونما قيود، بها حاصله حظر تكوين عوائق لدخول اتجار منافسين إلى السوق أو إقصاء منافسين من السوق. [2]

حيث جاء القانون رقم 06-99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من أجل تعزيز حماية المنافسة عن طريق منع الممارسات المنافية للمنافسة، ففي القطاع التجاري والصناعي هناك من المقاولات من تبحث عن تعزيز وضعيتها في السوق بواسطة علاقتها مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين مستفيدين من وضعهم الاقتصادي لكن في المقابل فهي تشكل خطرا حقيقيا يحدق بالاقتصاد الوطني والمنافسة بصفة عامة ومنافسيها بصفة خاصة فجاء القانون ر من أجل تكييف هذه التصرفات على أنها ممارسات منافية للمنافسة وأقرنها بجزاءات جنائية ومدنية. [3]

 

غير أنه لا يمكن أن نتطرق للممارسات المنافية للمنافسة دون المنافسة غير المشروعة. فقانون رقم 06-99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة تطرق لمختلف الممارسة الغير المشروعة في إطار المنافسة في المواد 6، 7، 49، 50، 54، 55 وقام بتسميتهم بممارسات منافية للمنافسة[4] فالإشكال المطروح هو إلى أي حد استطاع المشرع تحقيق الغاية من وراء سن قانون حرية الأسعار والمنافسة، علما أنه قرر استثناءات من شأنها إعفاء مرتكبي الممارسات المنافية للمنافسة من الجزاءات المقررة؟

وبالتالي فمن خلال الإشكال المطروح ارتأينا تناول الموضوع بالتحليل والمناقشة من خلال اقتراح التصميم التالي:

المبحث الأول: أنواع الممارسات المنافية للمنافسات

المطلب الأول: الاتفاقات المنافية للمنافسة

المطلب الثاني: الاستغلال التعسفي المنافي للقواعد المنافسة

المبحث الثاني: الضمانات من الممارسات المنافية للمنافسة

المطلب الأول: الاستثناءات الواردة على مبدأ منع الممارسات المنافية للمنافسة

المطلب الثاني: الجزاءات.

 

 

 

 

المبحث الأول

أنواع الممارسات المنافية للمنافسة

القاعدة العامة في نظرية العقود والالتزامات أن الأطراف لهم مطلق الحرية في إبرام العقود والاتفاقات والقيام بالتصرفات بشرط أن لا تكون مخالفته للنظام العام والأخلاق الحميدة، وبذلك فكل عقد أبرم بين الأطراف وفقا لهذه النظرية ووفقا لمبدأ سلطان الإرادة، فإنه يكون له أثر القوة الملزمة تجاه الأطراف، ويكون بمثابة القانون بالنسبة لهم حسب الفصل 230[5] من قانون الالتزامات والعقود، لكن بالرجوع إلى قانون 06-99[6] المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة نجد أن المشرع الوطني صار نحو ترتيب جزاء البطلان على عقود واتفاقات معينة، وإصباغ بعد التصرفات القانونية بصبغة الهيمنة والتعسف، حتى فإن كانت مشروعة من جهة الشروط التعاقدية، وبذلك نظرا لعدم مشروعية القصد منها، إذا ما خضعت لمعيار المنافسة الشريفة ومبادئ اقتصاد السوق، ومن خلال ما سيق فإننا سنقوم بدراسة هذا المبحث من خلال مطلبين اثنين نخصص الأول للاتفاقات المنافية للمنافسة والثاني للاستغلال التعسفي المنافي لقواعد المنافسة.

 

 

 

المطلب الأول:

الاتفاقات المنافية للمنافسة

بالرجوع إلى قانون 06-99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة نجده نظم الاتفاقات المنافية للمنافسة في المادة 6 من الباب الثالث.

 

الفقرة الأولى: ماهية الاتفاقات المنافية للمنافسة

من أجل الحديث عن ماهية الاتفاقات المنافية للمنافسة يتوجب علينا توضيح المقصود بالتحالفات أو الاتفاقات المنافية لقواعد المنافسة (أولا) وتحديد شروط الاتفاق أو التحالف لكي يكون منافيا للمنافسة (ثانيا).

 

أولا: المقصود بالاتفاقات المنافية للمنافسين:

بالرجوع إلى المادة 6 من قانون 69-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة نجدها تنص على أنه " تحضم الأعمال المدبرة أو الاتفاقات أو الاتفاقيات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وآيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما…." وبالتالي فإنه يظهر من خلال هذه المادة أن المشرع لم يقم بإعطاء تعريف الاتفاقات، وهو بذلك لم يخالف باقي التشريعات الأخرى التي اعتبرتها تصرف اقتصاديا ينافي لعبته المنافسة، وذلك بغض النظر عن الاسم أو الشكل الذي قد تتخذه.

 

وعدم تعريف المشرع لهذه الاتفاقات ليس ناشئ عن إهمال أو عدم تبصر لكنه قام بذلك شأن الكثير من المواضيع القانونية التي لم يعرفها لأنه لا يريد أن يتطاول على اختصاص الفقه الذي يبقى له الصلاحية في إعطاء التعاريف هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يرد أن يحصر نفسه بإعطاء تعريف لظاهرة اقتصادية تعرف تطورا وتحولا يوماً بعد يوم.

وبالتالي فإن هناك من الفقهاء[7] من حاول تعريف هذه الاتفاقات بأنها "تواطؤ بين الإرادات قصد عرقلة المنافسة".

ويقصد بالتواطؤ "كل أشكال التعاقدات والاتفاقات التي تهدف أو ينتج عنها إفساد لعبة المنافسة، إما عبر التوافق حول الأثمان أو الأسواق أو الزبناء".[8]

ثانيا: شروط الاتفاق المنافي للمنافسة:

1-  ظروف وجود الاتفاق

بتفحص المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة يظهر أنه لكي تكون ممارسة منافية للمنافسة أو اتفاق محضور يجب أن يكون هناك اتفاق. وبالتالي يشرط على الأقل توافر طرفين أو شخصين سواء كانوا أشخاص معنويين أو أشخاص طبيعيين غير أنه في حالة الأشخاص المعنوية يشترط ضرورة الاستقلال القانوني والاقتصادي، من أجل تمييز بين الشوالتجمعات التي تشكل تحالفات منافية للمنافسة وعلاقة الشركات الأم بفروعها التي تكون اتفاقاتها بعيدة عن الممارسات المنافية للمنافسة. [9]

 وهذا ما كرس مجلس المنافسة الفرنسي في إحدى قراراته " لا يمكن تطبيق المقتضيات التي تمنع الممارسات المنافية للمنافسة على اتفاقات بين شركة أم وفروعها ما دام يظهر أن الأولى تراقب بشكل صارم الاستراتيجية التجارية لهؤلاء ".[10]

لكن بالرجوع إلى المادة 6 نجد أنها لم تحدد شكل الاتفاقات التي تكون منافية للمنافسة ولم تشترط شكل محدد لكي يمكن إثبات أن هناك اتفاقات منافية للمنافسة المشروعة، حيث أنها وظفت مصطلحات فضفاضة هذا عن كان من جهة أنه يهدف على تغطية أكثر الحالات الممكنة لكنه من جهة أخرى يفتح الباب أمام صعوبة الإثبات والسلطة التقديرية للقضاء، مما يخلق للهيئات المكلفة بمتابعة مثل هذه الممارسات وضبطها صعوبة في المهمة الموكولة إليها رغم ذلك فإنه بالنسبة للجنة المنافسة الفرنسية أقرت أنه في حالة غياب دليل صريح يمكن أن تبث أن هناك اتفاقات وتواطئات بواسطة مؤشرات خطيرة تكون دقيقة ومتطابقة. [11]

وقد اعتمدت على ذلك كقرائن ومؤشرات لإصدار بعض قراراتها وكذلك مجلس المنافسة سار على نفس النهج. [12]

 

 

وبالتالي فإن عبء الإثبات للاتفاق المنافي للمنافسة يقع على عاتق الطرف الذي يدعي بأنه ضحية اتفاق غير قانوني، كذلك حتى السلطات الإدارية التي تقوم بالأبحاث في هذا المجال ففي قرار صادر عن الغرفة التجارية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 12 أكتوبر 1993[13] أشارت " على أن إثبات الممارسات المنافية للمنافسة يقع على عاتق الطرف الذي يدعي بأنه ضحية هذه الممارسات أو على عاتق الهيئات الإدارية في إطار الأبحاث التي تجربها ".[14]

2-  المساس بسير المنافسة:

يعتبر المساس بقواعد المنافسة عنصرا أساسيا لنشوء الاتفاق الغير المشروع، وفي هذا الإطار تنص المادة 6 من ق. ح. أ. م على أن الاتفاقات تقع تحث طائلة الحظر "…. عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما….".

من خلال هذه الصياغة يلاحظ أن تكتل هذه العناصر ليس ضروريا لإضفاء الطابع الغير الشرعي عليها وإن لم يتحقق الغرض ونفس الشيء يقال عندما يترتب عن الاتفاق أثراً منافيا لقواعد المنافسة أي الخضوع للمنع ولو لم تتجه إرادة الأطراف إلى إحداث الضرر، وبناءاً عليه يمنع المساس بالمنافسة سواء تجسد أثرها أو ظل محتملة. [15]

 

 

وبالتالي يظهر أن الاتفاق يمكن أن يكون آلة غرض منافي لمنافسة وبالتالي فهو يعتبر عمل منافي لقواعد قانون المنافسة أو يكون له أثر منافي للمنافسة دون أن يكون له غرض مسبق بذلك.

E بالنسبة للصورة الأولى:

تظهر من خلال منطوق المادة 6: " حيثما يكون الغرض منها…" وبذلك فهذه المادة يظهر أنها منعت الأعمال أو الاتفاقات التي تكون بنية عرقلة المنافسة، فهذه النية إذا ثبتت تكون بمثابة حدوث الاتفاق، حتى ولو لم يتم بلوغ الهدف، فهي من الجرائم التي لا يشرط المشرع تحقق النتيجة لأجل للإدانة من أجلها[16]، وبالتالي غياب الأثر لا يشكل عرقلة أمام الإدانة و يهدف المشرع من وراء ذلك إلى تكريس الطابع الوقائي لقواعد قانون حريات المنافسة والاستهلاك وكذلك يسمح للهيئات المكلفة بالتدخل قبل حصول الضرر، دون الاحتجاج في مواجهتهم بان الاتفاق لم يرتب أي أثر على المنافسة، لكن مسألة الضرر الفعلى تبقى لها أهميتها في تخفيف العقوبة أو تشديدها.

وهذا الطابع الوقائي يتماشى مع أهداف قانون حرية الأسعار والمنافسة الذي يطمح إلى تنظيم المنافسة ليس كغاية في حد ذاتها وإنما للرفع من الجودة في الخدمات والسلع وحماية المستهلك.

 

 

 

E أما الصورة الثانية:

فإنها هي التي يتحقق فيها الأثر المنافي للمنافسة رغم عدم وجود نية أو قصد يهدف إحداث ذلك الأثر، حيث ستفاد من المادة 6 من قانون حرية الأسعار

والمنافسة: "…أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها…." مما يعني أن المشرع جعل الجرائم العادية التي تتطلب لقيام ركنها المادي صدور نشاط إجرامي من الفاعل وتحقق نتيجة إجرامية عن هذا النشاط، دون الاعتداد بالنية فإذا غابت النتيجة لم تتحقق الجريمة. [17]

         لكن يكون للاتفاق الذي يشكل تهديداً ضعيفاً وبالتالي حتى  لو وقع فعلاً لا يشكل عرقلة للمنافسة وإذا كان التهديد قويا فإن مجرد وجوده يحقق التهديد، وهذا ما أثار تساؤل الفقه [18] حول أهمية المساس الذي أحدثه أو من الممكن أن يحدثه الاتفاق فعلاً. بصيغة أخرى هل يجب أن يصل هذا الأثر الفعلي أو المحتمل المنافي لقواعد المنافسة إلى درجة معينة. (محسوسة)

         وفي غياب معايير قانونية محددة من أجل تحديد الدرجة التي تعتبر فيه المس بالمنافسة محسوسا، تنتج اختلاف في القضاء الفرنسي تختلف درجاته إلى أن انتهى إلى أن إمكانيالعرقلة المحسوسة يسير المنافسة معيار[19] تطبيق متداول من طرف كل الهيئات والهيئات القضائية.

 

 

وفي معرض جواب أستاذنا على التساؤل الذي قام بطرحه ونحن نؤيده، أن ما خلص إليه هذا الاختلاف بين هذه الجهات والهيئات القضائية هو أمر طبيعي ما دام أن حرية المنافسة ومشتقاتها المتمثلة في الحرية التعاقدية وحرية التجارة والصناعة تبقى هي الأصل، في حين يشكل حظر أو منع الممارسة التنافسية استثناء من الأصل لذلك يكون من اللازم عدم التوسع في هذا الاستثناء من خلال حظر الممارسات المنافية للمنافسة كفيما كان حجمها وذلك وفقا للقاعدة التي تقضي بأن "الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في شرحه".

 

الفقرة الثانية: أشكال الاتفاقات المنافية للمنافسة:

بالرجوع إلى المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة نجدها عددت الأشكال التي يمكن للاتفاقات المنافية للمنافسة أن تتخذها. "………..

1-  الحد من دخول السوق أو ممارسة الحرة للمنافسة من أن منشآت أخر؛

2-  عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها؛

3-  حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني؛

4-  تقسيم الأسواق أو مصادر التموين"

ومن خلال منطوق هذه المادة واستعمالها لعبارة: "…ولاسيما عندما تهدف إلى …" يظهر أن هذه الحالات التي عددها المشرع في هذه المادة على سبيل المثال وليست محصورة وإنما هذه الحالات المحددة هي المعنية أكثر من غيرها وتقسيمها لا يعني أنها لا يمكن أن تلتقي بنوعيها في ممارسة واحدة.

 

 

أولا: الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة من لدن منشآت أخرى:

في هذا الإطار عمل المشرع على تجريم التواطؤ الذي يمنع منافسين جدد من الدخول لممارسة الأنشطة سواء في المجال الصناعي أو التجاري وكذا الحد من إمكانيات تتعية القدرات التجارية أو الحرية التجارية لبعض المتنافسين كاستعمال الشرط المانع، كما أن التنظيم الخاص للدخول لمهنة حسب المدلول القانوني والاقتصادي يمكن أن يتعارض مع قواعد المنافسة، نفس الشيء بالنسبة للتخفيضات الموحدة ومقاطعة أو استعمال حقوق الملكية الصناعية للسيطرة على الأسواق.

ثانيا: عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها:

يتعلق الأمر في هذه النقطة بالتواطؤ المتوازي لتوحيد الأثمان، وهناك كذلك يعض الشروط التي لم يشر إليها النص كالتخفيضات ووضع أجل للأداء، كما يمكن أن تكون العرقلة بخلق شروط للثمن المفروض وشروط تنافسية يلتزم بها المنتجون فرادى أو بشكل جماعي وذلك بالانحياز للأثمان الأكثر انخفاضاً والتي يعمل بها منافس معين في وقت محدد، حيث يتم وضع شروط ملائمة للزبناء والتي يتعهد بها المنتجون لتقويم الأثمان ملاءمة لزبون أخر فإنه في الوقت الذي يمارس فيه على السوق الذي يوجد به عدد قيلي من العارضين مقابل عدد كبير من الطالبين، فإنه يحدث أثاراً سلبية على إثر انخفاض الأثمان.[20]

 

 

 

بالتقاء قوى العرض وقوى الطلب، فالذين يعرضون سلعة ما يسعون بواسطة عرض سلعهم في السوق من أجل الحصول على ثمن سلعتهم ومن جانب آخر يسعى الذين يطلبون هذه السلعة للحصول عليها بأدنى ثمن ممكن، وهذا يعني أن جانب العرض يعمل على شد الثمن إلى أعلى، وجانب الطلب يعمل من جهته على جذب الثمن إلى أسفل، وبهاتين القوتين المتعارضتين يتم تحديد ثمن تلك السلعة وعندما يتم تحديد ثمن السلعة في السوق بفعل هذه القوى، فإن العارض الفردي وكذا الطالب الفردي لا يستطيع أن يؤثر في هذا الثمن فالثمن في هذه الحالة بالنسبة للعارض الفردي والطالب الفردي هو ثمن مفروض (معطى) ولا يستطيع أي منهم أن يؤثر فيه. [21]

ثالثا: حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمار أو التقديم التقني:

وهذا مثال مستمد من القانون الفرنسي للمنافسة لسنة 1986 والذي استقاه بدوره من الفقرة 1 من المادة 85 من اتفاقية روما والتي تهدف إلى منع استغلال الاختراع ووضع حصته محدودة للإنتاج أو البيع وتشجع هذه الاتفاقية وضع الإصلاحات للقواعد والنوع وكذا الاتفاقيات المتعلقة بالبحث والتفقي.

ومثال ذلك اتفاقيات تمنع استغلال الاختراع، اتفاقيات توزيع حصص إنتاج أو بيع. [22]

 

 

رابعا: تقسيم الأسواق أو مصادر التموين:

منعت المادة 6 من ق. ح. أ. م. في فقرتها الأخيرة تقسيم الأسواق ومصادر التموين أو ما يسعى بالاتفاق المتوازي لتقسيم الأسواق التجارية وشيكات أو مجال التوزيع، والتنازل عن الامتيازات في منطقة خاصة لفائدة أعضاء فريق في شبكة التوزيع ووضع بعض الشروط المنافية للمنافسة كشرط عدم المنافسة.[23]

هذا وإذا كان المشرع قد حسم في مسألة الشكل الذي يتم تحت عطائه التواطؤ فقد تم السكوت عن إشكالية إثباته.

فمن خلال التجربة الفرنسية في هذا الصدد يتضح أن سلطات المنافسة لم تستطع خلال مدة طويلة أن تدين سوى الاتفاقيات أو المخالفات التي تترك أثراً ماديا ومن الناحية القانونية كان من الصعب إدانة حالات الاتفاقيات في غياب أدلة واضحة من قبيل اتفاق مكتوب يبين توزيع السوق مثلا، لأن المقاولات التي تكون على علم بالخصائص غير الشرعية للاتفاقات تأخذ حذرها ولا تترك أي أثر مادي.

وقد أتاحت الممارسة العملية للقضاء الفرنسي إيجاد حل لإشكالية إثبات التواطؤ، حيت أكدت المحكمة العليا أنه يمكن إثبات الاتفاق الضمني من خلال الأخذ بعين الاعتبار الطريقة التي تتم بها بعض المعاملات، فعند ما تسمح الأفعال للمحكمة من لإقرار أن المتواطئين لهم وحدة الهدف ودراية جماعية بالأفعال ومشاركة فكرية لتنفيذ اتفاق غير مشروع، يمكننا آنداك الحكم وبكل إنصاف بوجود التواطؤ. [24]

 

وفي نفس السياق ذهب القضاء الفرنسي إلى أبعد من ذلك حيت تم قبول افتراض الدليل إذا كان مصاحبا لمؤشرات خطيرة محددة ومنسجمة.

 

المطلب الثاني

الاستغلال التعسفي المنافي لقواعد المنافسة:

عن فكرة التعسف في استعمال الحق، تقوم على أساس استعمال الحق استعمالا من شأنه أن يعطل استعمال حقوق تتعارض معه تعطيلا يصور دون استعمالها على الوجه المألوف[25]. وإن فكرة التعسف في استعمال الحق تنبني على معايير ثلاثة:

1-   استعمال الحق قصد الإضرار بالغير.

2-  رجحان الضرر على المصلحة التي يستهدفها صاحب الرخصة أو صاحب الحق.

3-  عدم مشروعية المصالح التي يرمي صاحب الحق إلى تحقيها من وراء استعماله لحقه.

وقد عمل المشرع المغربي على تقنين نظرية التعسف في استعمال الحق من خلال المقتضيات المنظمة في الفصل 94 من ق. ل. ع. [26]

 

 

أما في إطار قانون المنافسة، فإن مصطلح الاستغلال التعسفي ورد في المادة 7 من ق. ح. أ. م حيث جاء في الفقرة الأولى منه أنه يحظر قيام منشأة أو مجموعة منشآت بالاستغلال التعسفي:

1.    لوضع مهيمن في السوق الداخلية أو جزء مهم من هذه السوق.

2.    لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه حل مواز، وذلك عندما يكون الغرض منه أو يمكن أن تترتب عليه عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها.

 

الفقرة الأولى: أنواع الاستغلال التعسفي

وبالرجوع إلى المقتضيات المضمنة في المادة 7 من ق ح أ م نجد أنها ترتكز على نوعين ممن الاستغلال التعسفي، ويتعلق الأمر بالاستغلال التعسفي لوضع مهيمن والاستغلال التعسفي لمادة التبعية الاقتصادية.

أولا: الاستغلال التعسفي للوضع المهيمن:

قبل التطرق للاستغلال التعسفي للوضع المهيمن وجب تحديد مفهوم هذا الأخير، فالملاحظ أن المشرع المغربي لم يقم يوضع تعريف للوضع المهيمن، إلا أنه يمكن القول بأن الوضع المهيمن هو استغلال مقاولة أو عدة مقاولات التواجد في موقع قوة اقتصادية في قطاع أو سوق بأكمله.

ويتميز الوضع المهيمن عموما بتوافر عناصر ثلاثة وهي:

–        تمكين المقاولة المهيمنة من القيام بعملية تقييم وتحليل اقتصادي للسوق.

 

–        احتكار المقاولة المهيمنة للسوق، ما دامت تستحوذ على السوق بأكمله أو على جزء مهم منه.

–        تركيز القوة الاقتصادية بعد المقاولة المهيمنة أو مجموعة المقاولات المهيمنة.

إن التواجد في وضع مهيمن ليس في حد ذاته إخلالا بالمنافسة بل أن استغلال ذلك الوضع بشكل تعسفي هو الذي يقع تحت طائلة المنع كما يظهر من خلال المادة 7 من قانون 06-99.[27]

ويتمثل الاستغلال التعسفي للرفع في رفض البيع أو رفض التعامل أو فرض شروط للبيع أو تحديد أثمان غير طبيعية.

ثانيا: الاستغلال التعسفي لتبعية اقتصادية:

ينص البند2 من الفقرة الأولى من المادة 7 من قانون ح أ م على أن الاستغلال التعسفي من طرف منشأة أو مجموعة من منشآت لحالة التبعية الاقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس له حل مواز، يعنبر محظورا عندما يكون الغرض منه أو يمكن أن تترتب عنه عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما.

من خلال هذا النص يتضح أن تطبيق المادة 7 من قانون ح أ م يفترض وجود ثلاثة شروط وهي:

وجود تبعية اقتصادية، غياب حل مواز للزبون أو الممون الموجود في حالة التبعية الاقتصادية، والقيام بممارسات ذات طابع تعسفي ومناف لقواعد المنافسة ولذلك سنحاول التطرق لكل عنصر على حدة.

أ‌-     معيار التبعية:

يتمحور مفهوم التبعية الاقتصادية حول نسبة رقم المعاملات التي يحققها الزبون تبعا لمعاملاته مع الموزع أو تبعا للرقم المعاملات الذي يحققه الموزع مع الممون.

وبالتالي فإن النشاط الاقتصادي للموزع يكون رهينا بالحالة الاقتصادية التي يتواجد بها الممون، فإذا ما تضرر هذا الأخير جراء منافسته عن طريق ممون آخر أو أن هناك نقص في المنتوجات القابلة للبيع أو لم يتمكن من تسويق سلعه لظرف من الظروف فإن كل من له علاقة تجارية به سيتضرر بمن فيهم الموزعين أو التجار الموجودين في حالة تبعية اقتصادية به.

غير أن التساؤل المطروح هو هل بوجود علاقة تجارية بين الموزع والممون أو الزبون هي عبارة عن تبعية اقتصادي؟

لا يكفي وجود هذه العلاقة التجارية لإضفاء صبغة التبعية بل أكثر من ذلك هو كون أن الزبون أو الممون لا يمكنه الاستغناء في نشاطه عن خدمات الموزع إما لعدم توفر الممون على موزع آخر لنفس المنتوج أو السلعة المسوقة أو لكون هذا الممون له حق حصري في توزيع وتسويق المنتوج الذي في حوزته سواء أكان هذا المنتوج ذو جودة عالية أو متوسطة، فالزبون أو الموزع من حقه الحصول على هذا المنتوج بغض النظر عن جودته أو ثمنه أو ماركته.

غير أن سلوك حالة التبعية الاقتصادية ليس كافيا وحده لتطبيق الجزاءات القانونية[28] بل يلزم أيضا غياب حلول موازية.

ب‌.    غياب الحلول الموازية:

 من خلال البند الثاني من الفقرة الأولى من المادة 7 من ق. أ.م التي تنص على أنه " يحظر قيام منشأة أو مجموعة منشآت بالاستغلال التعسفي:

1-……………………

2- لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه حل مواز"

فمفهوم الحل الموازي الذي أورده المشرع يقتضي بأن الموزع أو الزبون التابع اقتصاديا يتعذر عليه اللجوء إلى طريقة أخرى أو مصدر أخر من مصادر التموين خاصة وأن التجارة تتميز بطابع السرعة والائتمان، فالوقت الذي سيتمكن من خلاله الزبون أو الموزع التعاقد أو الاتفاق مع ممون جديد من شأنه أن يعقد الموزع حصته في السوق بأكملها أو جزء منها حسب نسبة رقم معاملات مع هذا الممون. غير أن هذا رهين بأن يكون المنتوج محل المعاملة يمثل المنتوج الأساسي والرئيسي في نشاط الزبون أو الموزع كما هو الحال بالنسبة لعلاقة الموزع بشركات المحروقات، فيصبح أن الموزع يقوم بتوزيع زيوت المحركات إلا أن النشاط الأساسي الذي يمتهنه هو توزيع المحروقات (البنزين والديزال).

غير أنه قد يذهب البعض إلى القول أن ما على الموزع فعله هو البحث عن مصدر آخر من مصادر التموين، إلا أن اتفاق التوزيع يتم غالبا في صورة عقد يبرم بين المنشأة المنتجة أو الممونة والمنشأة الموزعة متضمنا مجموعة من الشروط الجزائية أو التنظيمية، فنظرا لخطورة هذه الشروط وجب التدقيق فيها والمفاوضة حول قبولها من عدمه، فهذا كله يقتضي فترة من الزمن ستؤدي لا محالة إلى الإضرار بمصالح الموزع الموجود في حالة التبعية.

وفيما ذهب إليه الأستاذ عبد العزيز الصقلي في كون "أن الحل الموازي يعتبر موجودا، إذا أثبت أن الممارسات المرفوضة لم تؤدي على تخفيض مهم للمبيعات الشركة التي تدعي تضررها، إذ ينبغي في المجمل التحقق بشكل ملموس من أن الشركة التابعة كانت بالفعل في وضع يتعذر معه إيجاد أسواق أخرى، أو أنها أهملت تأمين حلول بديلة"[29] يبقى محل نقاش في كون أن الضرر الذي يحصل للمنشأة في حالة غياب حلول موازية هو مفترض بالرغم من عدم الوقوف عليه واقعيا أو حسابيا حيث يمكن أن يتجلى ذلك في توفر الموزع على احتياطي من البضاعة الموزعة أو أن هذا الضرر المفترض يكمن في فوات الفرصة على الموزع كما لو حصل على سوق جيدة لترويج سلعه إلا أنه لم يتمكن من ذلك.

 

الفقرة الثانية: تجليات التعسف:

بعد أن أتى المشرع على ذكر أنواع الاستغلال التعسفي في المادة 7 من قانون ح. أ. م. أورد في الفقرتين الثانية والثالثة من نفس المادة، تجليات الممارسات التعسفية المذلة بقواعد المنافسة وهي كالتالي:

ü رفض البيع أو البيوع المقيدة أو شروط البيع التمييزية أو قطع علاقات تجارية ثابتة بمجرد أن الشريك يرفض الخضوع لشروط تجارية غير مبررة.

ü فرض بصفة مباشرة او غيرها مباشرة حدا أدنى لسعر إعادة بيع منتوج أو سلعة أو لسعر قديم خدمة أو لهامش تجاري.

ü عروض أسعار أو ممارسة أسعار بيع للمستهلكين تكون منخفضة بصورة تعسفية بالنسبة لتكاليف الإنتاج و التحويل والتسويق، وذلك بمجرد ما يكون الغرض من العروض أو الممارسات المذكورة أو يمكن أن يترتب عليها إلغاء سوق أو الحيلولة دون دخول منشأة أو منتوجاتها إلى أحد الأسواق.

وقد رتب المشرع المغربي البطلان المطلق عن كل عقد يتضمن من هذه الممارسات بتنصيصه الصريح في المادة 9 من ق. أ. م التي اكدت على أنه يعد باطلا بقوة القانون كل التزام أو اتفاقية تتعلق بممارسة محظورة تطبيقا للمادتين 6 و7 من نفس القانون.

 

المبحث الثاني:

الضمانات من الممارسات المنافية للمنافسة

لقد عمل المشرع على إعطاء مختلف الضمانات لكل من مرتكب الممارسات المنافية للمنافسة من خلال منحه لاستثناءات (المطلب الأول) والمتضرر من الممارسات المنافية للمنافسة من خلال أعمال مختلف الجزاءات المدنية والجنائية (المطلب الثاني).

 

 

 

 

 

 

المطلب الأول:

الممارسات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي

إذا كان الأصل أن المشرع قد منع مختلف الاتفاقات ومختلف أنواع التعسف التي من شأنها أن تعرقل سيرا المنافسة أو تحد منها أو تمنع الولوج إلى السوق فقد أقر المشرع نوعين من الاستثناءات على هذا الأصل تتمثل في الاستثناء الناتج عن تطبيق نص قانوني أو تنظيمي 'الفقرة الأولى) والاستثناء الوارد على الاتفاقات التي من شأنها المساهمة في التقدم الاقتصادي (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى: الممارسات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي

أشار القانون المغربي لحرية الأسعار والمنافسة على استثناء الاتفاقات المخالفة لقواعد المنافسة من دائرة المنع، حيث نص صراحة ضمن الفقرة الأولى من المادة 8 قانون حرية المنافسة[30] ما يلي: "لا تخضع لأحكام المادتين 6 و7 أعلاه:

–        الممارسات التي تنتج عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي"

أما بالنسبة للقانون الفرنسي لسنة 1986 فقد أشار في الفصل 10 منه استثناء الممارسات المنافية لقواعد من دائرة المنع في حالة وجود نص تشريعي يقضي بذلك.

 

 

ومن بين الإشكالات التي يطرحها هذا الاستثناء هي:

ما الحكمة من وراء هذا الاستثناء؟ ومن هي المنشآت التي يمكن أن ينصب في صالحها هذا الاستثناء؟ وهل هي منشآت تابعة للدولة أم للقطاع الخاص؟

 

الفقرة الثانية: الاستثناءات التي من شأنها المساهمة في التقدم الاقتصادي:

لقد أجاز المشرع المغربي في الفقرة الثانية من المادة  من قانون م أ م الاتفاقات المخالفة لقواعد المنافسة كلما كان من شأنها أن تساهم في التقدم الاقتصادي حيث يشير البند 2 من الفقرة الأولى من المادة 8 على أنه " لا تخضع لأحكام المادتين 6 و7 أعلاه الممارسات:

1-……..

2- التي يمكن للقائمين بها أن يثبتوا أنها تساهم في التقدم الاقتصادي وأن مساهمتها كافية لتعويض قيود المنافسة فإنها تخصص للمستعملين جزءا عادلا من الربح الناتج عنها دون تمكين المنشآت المعنية بالأمر من بإلغاء المنافسة فيما يخص جزءاً مهما من المنتوجات والخدمات المعنية، ويجب ألا تفرض الممارسات المذكورة قيودا على المنافسة إلا بقدر ما تكون ضرورته لبلوغ هدف التقدم المشار إليه أعلاه…."

 

 

 

 

فالملاحظ أنه كلما استطاع القائمين بالممارسات المشار إليها في كل من المادتين 6 و7 من قانون ح. أ. م إثبات أنها تساهم في التقدم الاقتصادي إلا وتم تقرير صحته هذه الممارسات وإعفاءها من مختلف الجزاءات فالإشكال المطروح في هذا الصدد يتمثل في مفهوم التقدم الاقتصادي:

فمن منطلق أن التقدم الاقتصادي ولا يمكن فصله عن الميزان التجاري للدولة حيث كلما تدعم وتقول هذا الأخير غلا وكنا بصدد حدث تقدم اقتصادي، وتقوية الميزان التجاري يتم بكيفية رئيسية عن طريق الضرائب سواء تعلقت بالضريبة مباشرة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة…. والتي تتدخل الشركات والمنشآت الاقتصادية أو المنشآت التجارية ربحا إلا وأدت الضرائب. وبالتالي فإذا قامت هذه الأخيرة لممارسة منافية للمنافسة وثم عنها ربح أدت عن هذا الأخير المنشأة ضريبة أدت إلى تقوية الميزان التجاري مما سينعكس إيجابا على التقدم الاقتصادي كما يمكن تحليل معنى التقدم الاقتصادي من منظور أن المشرع قصد به تطوير قطاع معين جراء تلك الممارسات كالنهوض بقطاع النشيج أو ابتكار اختراع من شأنه أن ينعكس إيجابا على القطاع الاقتصادي. [31]

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: الجزاءات

يظهر من خلال النصوص القانونية المنظمة لحرية الأسعار والمنافسة أن الجزاءات يمكن أن تلحق الاتفاقات كما يمكن أن تلحق …..الاتفاق في ذمتهم العالية وحريتهم الشخصية أي أنه قد يكون الجزاء مدنيا أو جنائيا وهو ما سنتناوله في هذا المطلب.

 

الفقرة الأولى: الدعاوى المدنية:

تطبيقا للقواعد العامة، فإن فعلاً إذا ما لحق ضرراً بالغير، يمكن أن يكون محلاً للمسؤولية المدنية، وما دام أن الأفعال والممارسات المنافية لقواعد قانون المنافسة من شأنها لا محالة إلحاق الضرر بالغير، فإن إمكانية مساءلته الفاعل وفقا لقواعد المسؤولية المدنية تبقى واردة.

وإذا كانت مقتضيات قانون المنافسة قد أحدثت مساهم خاصة لمتابعة هذه الأفعال، فإن بعض نصوص هذا القانون ذاته خولت صراحة إمكانية عرض بعض الحالات على المحاكم المختصة باعتبارها محلاً لدعاوى مدنية[32] متى توافرت عناصر المسؤولية المدنية من خطأ، وضرر وعلاقة سببية بينهما ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة والممارسات التي من شأنها خرق مبدأ الشفافية في العلاقات بين المهنيين.

 

 

 

 

وبالرجوع إلى المادتين 6 و7 من قانون حرية الأسعار والمنافسة يستنتج أن المشرع جعل لكل التزام واتفاقية تتعلق بإحدى الممارسات الممنوعة والمنافية لقواعد المنافسة. تكون باطلة بقوة القانون، وبناءاً عليه يحق لكل من له مصلحة في ذلك إثارة هذا البطلان لدى المحكمة كما يحق لكل متضرر من هذه الممارسات أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك.

أولا: دعوى إلغاء الالتزامات المتعلقة بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة:

تنص الفقرة الأولى من المادة 9 من قانون حرية الأسعار والمنافسة على أنه: " يعد باطلا بقوة القانون كل التزام أو اتفاقية تتعلق بممارسة محظورة تطبيقا للمادتين 6 و7 أعلاه…."

وعليه يبقى مجال تطبيق أثر البطلان شاملا لكل الممارسات المنافية لقواعد المنافسة سواء تعلق الأمر بالاتفاقات أو بالاستغلال التعسفي ما لم يكن مبرراً بإحدى الاستثناءات المنصوص عليها ضمن المادة 8 كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

ونظراً لارتباط محتوى المادتين 6 و7 من قانون حرية الأسعار والمنافسة بالنظام العام الاقتصادي وما يستلزمه ذلك من ضمان الحرية التنافسية رتب المشرع عن كل خرق لهذه المواد أثر البطلان المطلق كما أعطى الصلاحية للمطالبة بذلك من قبل كل من له مصلحة في ذلك سواء أكان من أطراف هذه الالتزامات أو الاتفاقات أو غريها.

 

 

 

 

 

وتجدر الإشارة إلى أن جزاء البطلان قد يلحق الاتفاق بأكمله أو جزءاً منه فقط كإلغاء إحدى البنود دون الأخرى، ففي هذه الحالة الأخيرة يعبر بين ما إذا كانت هذه البنود غير المشروعة يتوقف عليها صحته الاتفاق أو الالتزام وهنا يلحق البطلان الاتفاق لكل حيث تعود الأطراف أو الحالة التي كانت عليها قبل التعاقد.

أو المطالبة بالتعويض إن كان له محل أما إذا لم يكن من شأن هذا الجزء أن يؤثر على صحة الاتفاق ككل واستقراره فيبطل الفرد ويبقى الاتفاق قائما.[33]

ثانيا: دعوى التعويض عن الضرر الناتج عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة:

دعوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة قد تقام بصفة تبعية أو مستقلة عن دعوى البطلان أما بالنسبة لطالب التعويض فقد يكون أحد أطراف الاتفاق المنافي لقواعد المنافسة أو أية مقاولة كانت ضحية الاتفاقات أو الاستغلال التعسفي، بل قد تقام الدعوى حتى من قبل الهيئات المهنية أو من طرف جمعيات المستهلكين المعلن أنها ذات منفعة عامة.

وتجدر الإشارة على أن الدعوى في هذه الحالة تقام على أساس المسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي، مما يستلزم من طالب التعويض لإثبات لكل من الخطأ والضرر ثم العلاقة السببية بينهما وهو ما قد يكون سببا في عدم نجاعة الطريق القضائي في للحصول على التعويض لصعوبة إثبات العناصر السابقة من جهة ولصعوبة إيجاد المعايير الضحية التي يمكن على أساسها أن يقوم القاضي  بتحديد مبلغ التعويض.

 

 

وحتى يتسنى للمحكمة الإطلاع أكثر حول قضايا المعالجة عليها في إطار هذه الممارسات خول لها المشرع أن تستشير مجلس المنافس.[34]

 

الفقرة الثانية: الجزاءات الجنائية:

معظم الممارسات المحظورة في ظل القانون حرية الأسعار والمنافسة رتب المشرع على ارتكابها جزءا جنائيا في الحبس أو الغرامة أو هما معاً.

وهكذا، وتطبيقا للمادة 67 من قانون حرية الأسعار والمنافسة يعاقب بجزاء جنائي كل شخص طبيعي شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية في تخطيط الممارسات المنصوص عليها في المادتين 6 و7 أو تنظيمها أو تنفيذها أو مراقبتها وقد حدد هذا الجزاء في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 10.000 على 500.000 درهم أو بإحداها فقط.

ويمكن طبقا للمادة 69 أن يعاقب مرتكبي المخالفة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 من القانون الجنائي بصرف النظر عن تطبيق الفصل 87 من نفس القانون.

ويمكن في حالته مخالفة أحكام المادتين 6 و7 من قانون ح. أ. م. أن يعتبر الأشخاص المعنيون مسؤولون جنائيا كلما توافرت سوء نية هؤلاء وترتب عنها آثار خطيرة وإذا لم يكن المخالف منشأة يتراوح مبلغ الغرامة ما بين 200.000 و2.000.000 درهم[35] لذلك في حالة العود داخل أجل 5 سنوات يرفع مبلغ الغرامة الأقصى العطلية إلى الضعف.

وختما ومن خلال ما سبق فإننا حاولنا ما وسعنا الجهد الإلمام والإحاطة بموضوع الممارسات المنافية للمنافسة قدر الإمكان، من خلال تناوله في شطرين شطر خاص بأنواع الممارسات التي تتشكل تصرف منافي للمنافسة. وشطر للضمانات التي خولها المشرع لكل شخص قد يجد نفسه طرفاً إما كمتضرر أو كمسؤول عن فعل ما مدنيا أو جنائيا.

لكن يظهر من خلال الإطلاع على نصوص قانون حرية الأسعار والمنافسة ومقارنتها بما يجري به العمل على المستوى الاقتصادي، نجدها لم تفلح في الحد من الممارسات المنافية للمنافسة بشكل كبير. صحيح أن المشرع حاول توظيف جهات وأجهزة مختصة في ضبط هذه الممارسات ومحاولة الحد منها والعمل على الحفاظ على النظام العام الاقتصادي، لكن هذه الأجهزة تبقى مشاركتها في تلبية وتحقيق أهداف المشرع وقانون 06-69 محتشمة ويظهر كذلك أن دور القضاء في هذا المجال لم يعد ذلك الدور التقليدي الذي هو الفصل في النزاعات بل أصبح له دور في المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني والعمل على ضمان حرية ولوج السوق الذي تصنفه أسمى القوانين الشيء الذي يتطلب أن يكون الجهاز القضائي على إلمام وإطلاع بمجال الاقتصاد ونظام السوق.

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة:

& الكتب:

û– عبد العزيز الصقلي: قانون المنافسة المغربي، مطبعة سجلماسة مكناس 2005.

û لطيفة الداودي: الوجيز في القانون الجنائي المغربي القسم العام. المطبعة والوراقة الوطنية مراكش. 2007.

û– عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان

 

4 الرسائل والمقالات:

E المقالات باللغة الفرنسية:

            ûMohamed Motik- la protection de l’entreprise commerciale revenu Marocaine de droit et d’économie du développement, N° 49 2004.

            ûAzzedine Kettani : les attentes à l’entreprise concurrente, revue Marocaine de droit d’économie du développement, N°49, 2004.

 

         E المقالات باللغة العربية

û– أبو عبيد عباسي: حماية المستهلك على ضوء قانون حرية الأسعار والمنافسة- المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، عدد 19 2004. ص79.

û

 

û– عبد الطيف هداية الله: "حرية الأسعار والمنافسة من منظور الشريعة الإسلامية" المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 49، 2004. ص21.

û– محمد آيت هماد: قراءة أولية حول قانون 69-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من خلال العمل القضائي داخل الدائرة القضائية باستئنافية أكادير، – مادتي البنزين والدقيق نموذجا- مجلة القضاء والقانون العدد 147 ص180.

û– أبو بكر مهم: الاتفاقات المنافية للمنافسة قراءة في المادة 6 من قانون رقم 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. مجلة القضاء والقانون العدد 156- 2008 ص50.

 

 

* الرسائـــــل:

û– حنان أزناي: تأثير قانون حرية الأسعار والمنافسة على قانون العقود. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني المعمق جامعة محمد الخامس أكدال السنة الجامعية 2003-2004.

û– أحمد حماني: نظام قانون الأسعار والمنافسة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، قانون الأعمال، الرباط 2002/2003.

û– محمد البوكيلي- عبد الله صديق: "قراءة لقانون الأسعار والمنافسة" بحث لنيل الإجازة في الحقوق، شعبة القانون الخاص جامعة القاضي عياض مراكش، 2000-2001

 

 

 

                                                                                                 

 


[1] – أبو عبيد عباسي: حماية المستهلك على ضوء قانون حرية الأسعار والمنافسة- المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، عدد 19 2004، ص79.

[2] – عبد الطيف هداية الله: "حرية الأسعار والمنافسة من منظور الشريعة الإسلامية" المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 49، 2004، ص 21.

[3] Mohamed Motik- la protection de l’entreprise commerciale revenu Marocaine de droit et d’économie du développement, N° 492004. p153.

[4] Azzedine Kettani. M. o. p28.

[5] – ينص الفصل 230 من ق. ل. ع "الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح يقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيها…."

[6] – ظهير شريف رقم 225-00-1 صادر في 5 يونيو 2000 يفسر قانون رقم 06-69 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.

[7] – حنان أزناي: تأثير قانون حرية الأسعار والمنافسة على قانون العقود. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني المعمق جامعة محمد الخامس أكدال السنة الجامعية 2003-2004 ص64.

[8] – محمد آيت هماد: قراءة أولية حول قانون 69-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من خلال العمل القضائي داخل الدائرة القضائية باستئنافية أكادير، – مادتي البنزين والدقيق نموذجا- مجلة القضاء والقانون العدد 147 ص180.

[9] – أبو بكر مهم: الاتفاقات المنافية للمنافسة قراءة في المادة 6 من قانون رقم 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. مجلة القضاء والقانون العدد 156- 2008 ص50.

[10] Décision 78 D 25 du 7 juillet 1987.

[11] Décision 78 D 25 du 14 juillet 1988, B.O.O.C.C.R.F du 14 Juillet 1988.

[12] – أبو بكر مهم: م، س، ص54-55.

[13] – لجنة المنافسة هو الجهاز الذي كان يسهر على تطبيق قانون المنافسة في فرنسا وقد حل محله اليوم مجلس المنافسة.

[14] – (هامش 30) ص 56 أبو بكر مهم.

[15] – أحمد حماني: نظام قانون الأسعار والمنافسة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، قانون الأعمال، الرباط 2002/2003، ص22.

[16] – أبو بكر مهم: م، س، ص 58-59.

[17] – عبد العزيز الصقلي: قانون المنافسة المغربي، مطبعة سجلماسة، مكناس 2005 ص86.

[18] – لطيفة الداودي: الوجيز في القانون الجنائي المغربي القسم العام. المطبعة والوراقة الوطنية مراكش. 2007.

[19] – أبو بكر مهم: م، س، ص 61.

[20] – محمد البوكيلي- عبد الله صديق: "قراءة لقانون الأسعار والمنافسة" بحث لنيل الإجازة في الحقوق، شعبة القانون الخاص جامعة القاضي عياض مراكش، 2000-2001، ص 31-32.

[21] – = على عكس حالة الاحتكار التي يؤثر فيها العارض الفردي على الثمن والمقصود بالاحتكار هو قيام منتج واحد فرد أو مشروع بإنتاج (عرض) سلعته أو خدمة ليس لها بديل قريب وأن هذا المنتج يعمل في مجال لا يدخله منتج منافس له إما لأسباب طبيعية، قانونية، اقتصادية.

[22] – أبو بكر مهم: م، س، ص 71.

[23] – محمد البوكيلي: عبد الله صديق، م، س، ص32.

[24] – أحمد حماني: م، س، ص 22.

[25] – عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، ص848.

[26] – ينص الفصل 94 من قانون الالتزامات والعقود "لا محل للمسؤولية المدنية، إذا فعل الشخص بغير قصد الضرر ما كان له الحق في فعله.

غير أنه إذا كان من شأنه مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق الضرر فادح بالغير وكان من الممكن تجنب هذا الضرر وإزالته، من غير أدى جسيم لصاحب الحق، فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه.

[27] – عبد العزيز الصقلي: م، س، ص 97.

[28] – حنان ازناي: م، س، ص 74.

 

إن صدور قانون خاص بحرية الأسعار والمنافسة يدل على دلالة قوية على اختيار المشرع لنظام حرية الأسعار بدل النظام مراقبة الأسعار الذي كان يعمل العمل جاريا به سابقا وبذلك يكون المغرب قد برهن على أنه دور اقتصاد حر، ولكن يجب ألا ننسى أن هذا القانون ترك للإدارة أحيانا إمكانية التدخل في تحديد الأسعار.[1]

فحرية المنافسة تعني حق الدخول على السوق أو ممارسة حرية العرض دونما قيود، بها حاصله حظر تكوين عوائق لدخول اتجار منافسين إلى السوق أو إقصاء منافسين من السوق. [2]

حيث جاء القانون رقم 06-99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من أجل تعزيز حماية المنافسة عن طريق منع الممارسات المنافية للمنافسة، ففي القطاع التجاري والصناعي هناك من المقاولات من تبحث عن تعزيز وضعيتها في السوق بواسطة علاقتها مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين مستفيدين من وضعهم الاقتصادي لكن في المقابل فهي تشكل خطرا حقيقيا يحدق بالاقتصاد الوطني والمنافسة بصفة عامة ومنافسيها بصفة خاصة فجاء القانون ر من أجل تكييف هذه التصرفات على أنها ممارسات منافية للمنافسة وأقرنها بجزاءات جنائية ومدنية. [3]

 

غير أنه لا يمكن أن نتطرق للممارسات المنافية للمنافسة دون المنافسة غير المشروعة. فقانون رقم 06-99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة تطرق لمختلف الممارسة الغير المشروعة في إطار المنافسة في المواد 6، 7، 49، 50، 54، 55 وقام بتسميتهم بممارسات منافية للمنافسة[4] فالإشكال المطروح هو إلى أي حد استطاع المشرع تحقيق الغاية من وراء سن قانون حرية الأسعار والمنافسة، علما أنه قرر استثناءات من شأنها إعفاء مرتكبي الممارسات المنافية للمنافسة من الجزاءات المقررة؟

وبالتالي فمن خلال الإشكال المطروح ارتأينا تناول الموضوع بالتحليل والمناقشة من خلال اقتراح التصميم التالي:

المبحث الأول: أنواع الممارسات المنافية للمنافسات

المطلب الأول: الاتفاقات المنافية للمنافسة

المطلب الثاني: الاستغلال التعسفي المنافي للقواعد المنافسة

المبحث الثاني: الضمانات من الممارسات المنافية للمنافسة

المطلب الأول: الاستثناءات الواردة على مبدأ منع الممارسات المنافية للمنافسة

المطلب الثاني: الجزاءات.

 

 

 

 

المبحث الأول

أنواع الممارسات المنافية للمنافسة

القاعدة العامة في نظرية العقود والالتزامات أن الأطراف لهم مطلق الحرية في إبرام العقود والاتفاقات والقيام بالتصرفات بشرط أن لا تكون مخالفته للنظام العام والأخلاق الحميدة، وبذلك فكل عقد أبرم بين الأطراف وفقا لهذه النظرية ووفقا لمبدأ سلطان الإرادة، فإنه يكون له أثر القوة الملزمة تجاه الأطراف، ويكون بمثابة القانون بالنسبة لهم حسب الفصل 230[5] من قانون الالتزامات والعقود، لكن بالرجوع إلى قانون 06-99[6] المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة نجد أن المشرع الوطني صار نحو ترتيب جزاء البطلان على عقود واتفاقات معينة، وإصباغ بعد التصرفات القانونية بصبغة الهيمنة والتعسف، حتى فإن كانت مشروعة من جهة الشروط التعاقدية، وبذلك نظرا لعدم مشروعية القصد منها، إذا ما خضعت لمعيار المنافسة الشريفة ومبادئ اقتصاد السوق، ومن خلال ما سيق فإننا سنقوم بدراسة هذا المبحث من خلال مطلبين اثنين نخصص الأول للاتفاقات المنافية للمنافسة والثاني للاستغلال التعسفي المنافي لقواعد المنافسة.

 

 

 

المطلب الأول:

الاتفاقات المنافية للمنافسة

بالرجوع إلى قانون 06-99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة نجده نظم الاتفاقات المنافية للمنافسة في المادة 6 من الباب الثالث.

 

الفقرة الأولى: ماهية الاتفاقات المنافية للمنافسة

من أجل الحديث عن ماهية الاتفاقات المنافية للمنافسة يتوجب علينا توضيح المقصود بالتحالفات أو الاتفاقات المنافية لقواعد المنافسة (أولا) وتحديد شروط الاتفاق أو التحالف لكي يكون منافيا للمنافسة (ثانيا).

 

أولا: المقصود بالاتفاقات المنافية للمنافسين:

بالرجوع إلى المادة 6 من قانون 69-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة نجدها تنص على أنه " تحضم الأعمال المدبرة أو الاتفاقات أو الاتفاقيات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وآيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما…." وبالتالي فإنه يظهر من خلال هذه المادة أن المشرع لم يقم بإعطاء تعريف الاتفاقات، وهو بذلك لم يخالف باقي التشريعات الأخرى التي اعتبرتها تصرف اقتصاديا ينافي لعبته المنافسة، وذلك بغض النظر عن الاسم أو الشكل الذي قد تتخذه.

 

وعدم تعريف المشرع لهذه الاتفاقات ليس ناشئ عن إهمال أو عدم تبصر لكنه قام بذلك شأن الكثير من المواضيع القانونية التي لم يعرفها لأنه لا يريد أن يتطاول على اختصاص الفقه الذي يبقى له الصلاحية في إعطاء التعاريف هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يرد أن يحصر نفسه بإعطاء تعريف لظاهرة اقتصادية تعرف تطورا وتحولا يوماً بعد يوم.

وبالتالي فإن هناك من الفقهاء[7] من حاول تعريف هذه الاتفاقات بأنها "تواطؤ بين الإرادات قصد عرقلة المنافسة".

ويقصد بالتواطؤ "كل أشكال التعاقدات والاتفاقات التي تهدف أو ينتج عنها إفساد لعبة المنافسة، إما عبر التوافق حول الأثمان أو الأسواق أو الزبناء".[8]

ثانيا: شروط الاتفاق المنافي للمنافسة:

1-  ظروف وجود الاتفاق

بتفحص المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة يظهر أنه لكي تكون ممارسة منافية للمنافسة أو اتفاق محضور يجب أن يكون هناك اتفاق. وبالتالي يشرط على الأقل توافر طرفين أو شخصين سواء كانوا أشخاص معنويين أو أشخاص طبيعيين غير أنه في حالة الأشخاص المعنوية يشترط ضرورة الاستقلال القانوني والاقتصادي، من أجل تمييز بين الشوالتجمعات التي تشكل تحالفات منافية للمنافسة وعلاقة الشركات الأم بفروعها التي تكون اتفاقاتها بعيدة عن الممارسات المنافية للمنافسة. [9]

 وهذا ما كرس مجلس المنافسة الفرنسي في إحدى قراراته " لا يمكن تطبيق المقتضيات التي تمنع الممارسات المنافية للمنافسة على اتفاقات بين شركة أم وفروعها ما دام يظهر أن الأولى تراقب بشكل صارم الاستراتيجية التجارية لهؤلاء ".[10]

لكن بالرجوع إلى المادة 6 نجد أنها لم تحدد شكل الاتفاقات التي تكون منافية للمنافسة ولم تشترط شكل محدد لكي يمكن إثبات أن هناك اتفاقات منافية للمنافسة المشروعة، حيث أنها وظفت مصطلحات فضفاضة هذا عن كان من جهة أنه يهدف على تغطية أكثر الحالات الممكنة لكنه من جهة أخرى يفتح الباب أمام صعوبة الإثبات والسلطة التقديرية للقضاء، مما يخلق للهيئات المكلفة بمتابعة مثل هذه الممارسات وضبطها صعوبة في المهمة الموكولة إليها رغم ذلك فإنه بالنسبة للجنة المنافسة الفرنسية أقرت أنه في حالة غياب دليل صريح يمكن أن تبث أن هناك اتفاقات وتواطئات بواسطة مؤشرات خطيرة تكون دقيقة ومتطابقة. [11]

وقد اعتمدت على ذلك كقرائن ومؤشرات لإصدار بعض قراراتها وكذلك مجلس المنافسة سار على نفس النهج. [12]

 

 

وبالتالي فإن عبء الإثبات للاتفاق المنافي للمنافسة يقع على عاتق الطرف الذي يدعي بأنه ضحية اتفاق غير قانوني، كذلك حتى السلطات الإدارية التي تقوم بالأبحاث في هذا المجال ففي قرار صادر عن الغرفة التجارية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 12 أكتوبر 1993[13] أشارت " على أن إثبات الممارسات المنافية للمنافسة يقع على عاتق الطرف الذي يدعي بأنه ضحية هذه الممارسات أو على عاتق الهيئات الإدارية في إطار الأبحاث التي تجربها ".[14]

2-  المساس بسير المنافسة:

يعتبر المساس بقواعد المنافسة عنصرا أساسيا لنشوء الاتفاق الغير المشروع، وفي هذا الإطار تنص المادة 6 من ق. ح. أ. م على أن الاتفاقات تقع تحث طائلة الحظر "…. عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما….".

من خلال هذه الصياغة يلاحظ أن تكتل هذه العناصر ليس ضروريا لإضفاء الطابع الغير الشرعي عليها وإن لم يتحقق الغرض ونفس الشيء يقال عندما يترتب عن الاتفاق أثراً منافيا لقواعد المنافسة أي الخضوع للمنع ولو لم تتجه إرادة الأطراف إلى إحداث الضرر، وبناءاً عليه يمنع المساس بالمنافسة سواء تجسد أثرها أو ظل محتملة. [15]

 

 

وبالتالي يظهر أن الاتفاق يمكن أن يكون آلة غرض منافي لمنافسة وبالتالي فهو يعتبر عمل منافي لقواعد قانون المنافسة أو يكون له أثر منافي للمنافسة دون أن يكون له غرض مسبق بذلك.

E بالنسبة للصورة الأولى:

تظهر من خلال منطوق المادة 6: " حيثما يكون الغرض منها…" وبذلك فهذه المادة يظهر أنها منعت الأعمال أو الاتفاقات التي تكون بنية عرقلة المنافسة، فهذه النية إذا ثبتت تكون بمثابة حدوث الاتفاق، حتى ولو لم يتم بلوغ الهدف، فهي من الجرائم التي لا يشرط المشرع تحقق النتيجة لأجل للإدانة من أجلها[16]، وبالتالي غياب الأثر لا يشكل عرقلة أمام الإدانة و يهدف المشرع من وراء ذلك إلى تكريس الطابع الوقائي لقواعد قانون حريات المنافسة والاستهلاك وكذلك يسمح للهيئات المكلفة بالتدخل قبل حصول الضرر، دون الاحتجاج في مواجهتهم بان الاتفاق لم يرتب أي أثر على المنافسة، لكن مسألة الضرر الفعلى تبقى لها أهميتها في تخفيف العقوبة أو تشديدها.

وهذا الطابع الوقائي يتماشى مع أهداف قانون حرية الأسعار والمنافسة الذي يطمح إلى تنظيم المنافسة ليس كغاية في حد ذاتها وإنما للرفع من الجودة في الخدمات والسلع وحماية المستهلك.

 

 

 

E أما الصورة الثانية:

فإنها هي التي يتحقق فيها الأثر المنافي للمنافسة رغم عدم وجود نية أو قصد يهدف إحداث ذلك الأثر، حيث ستفاد من المادة 6 من قانون حرية الأسعار

والمنافسة: "…أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها…." مما يعني أن المشرع جعل الجرائم العادية التي تتطلب لقيام ركنها المادي صدور نشاط إجرامي من الفاعل وتحقق نتيجة إجرامية عن هذا النشاط، دون الاعتداد بالنية فإذا غابت النتيجة لم تتحقق الجريمة. [17]

         لكن يكون للاتفاق الذي يشكل تهديداً ضعيفاً وبالتالي حتى  لو وقع فعلاً لا يشكل عرقلة للمنافسة وإذا كان التهديد قويا فإن مجرد وجوده يحقق التهديد، وهذا ما أثار تساؤل الفقه [18] حول أهمية المساس الذي أحدثه أو من الممكن أن يحدثه الاتفاق فعلاً. بصيغة أخرى هل يجب أن يصل هذا الأثر الفعلي أو المحتمل المنافي لقواعد المنافسة إلى درجة معينة. (محسوسة)

         وفي غياب معايير قانونية محددة من أجل تحديد الدرجة التي تعتبر فيه المس بالمنافسة محسوسا، تنتج اختلاف في القضاء الفرنسي تختلف درجاته إلى أن انتهى إلى أن إمكانيالعرقلة المحسوسة يسير المنافسة معيار[19] تطبيق متداول من طرف كل الهيئات والهيئات القضائية.

 

 

وفي معرض جواب أستاذنا على التساؤل الذي قام بطرحه ونحن نؤيده، أن ما خلص إليه هذا الاختلاف بين هذه الجهات والهيئات القضائية هو أمر طبيعي ما دام أن حرية المنافسة ومشتقاتها المتمثلة في الحرية التعاقدية وحرية التجارة والصناعة تبقى هي الأصل، في حين يشكل حظر أو منع الممارسة التنافسية استثناء من الأصل لذلك يكون من اللازم عدم التوسع في هذا الاستثناء من خلال حظر الممارسات المنافية للمنافسة كفيما كان حجمها وذلك وفقا للقاعدة التي تقضي بأن "الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في شرحه".

 

الفقرة الثانية: أشكال الاتفاقات المنافية للمنافسة:

بالرجوع إلى المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة نجدها عددت الأشكال التي يمكن للاتفاقات المنافية للمنافسة أن تتخذها. "………..

1-  الحد من دخول السوق أو ممارسة الحرة للمنافسة من أن منشآت أخر؛

2-  عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها؛

3-  حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني؛

4-  تقسيم الأسواق أو مصادر التموين"

ومن خلال منطوق هذه المادة واستعمالها لعبارة: "…ولاسيما عندما تهدف إلى …" يظهر أن هذه الحالات التي عددها المشرع في هذه المادة على سبيل المثال وليست محصورة وإنما هذه الحالات المحددة هي المعنية أكثر من غيرها وتقسيمها لا يعني أنها لا يمكن أن تلتقي بنوعيها في ممارسة واحدة.

 

 

أولا: الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة من لدن منشآت أخرى:

في هذا الإطار عمل المشرع على تجريم التواطؤ الذي يمنع منافسين جدد من الدخول لممارسة الأنشطة سواء في المجال الصناعي أو التجاري وكذا الحد من إمكانيات تتعية القدرات التجارية أو الحرية التجارية لبعض المتنافسين كاستعمال الشرط المانع، كما أن التنظيم الخاص للدخول لمهنة حسب المدلول القانوني والاقتصادي يمكن أن يتعارض مع قواعد المنافسة، نفس الشيء بالنسبة للتخفيضات الموحدة ومقاطعة أو استعمال حقوق الملكية الصناعية للسيطرة على الأسواق.

ثانيا: عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها:

يتعلق الأمر في هذه النقطة بالتواطؤ المتوازي لتوحيد الأثمان، وهناك كذلك يعض الشروط التي لم يشر إليها النص كالتخفيضات ووضع أجل للأداء، كما يمكن أن تكون العرقلة بخلق شروط للثمن المفروض وشروط تنافسية يلتزم بها المنتجون فرادى أو بشكل جماعي وذلك بالانحياز للأثمان الأكثر انخفاضاً والتي يعمل بها منافس معين في وقت محدد، حيث يتم وضع شروط ملائمة للزبناء والتي يتعهد بها المنتجون لتقويم الأثمان ملاءمة لزبون أخر فإنه في الوقت الذي يمارس فيه على السوق الذي يوجد به عدد قيلي من العارضين مقابل عدد كبير من الطالبين، فإنه يحدث أثاراً سلبية على إثر انخفاض الأثمان.[20]

 

 

 

بالتقاء قوى العرض وقوى الطلب، فالذين يعرضون سلعة ما يسعون بواسطة عرض سلعهم في السوق من أجل الحصول على ثمن سلعتهم ومن جانب آخر يسعى الذين يطلبون هذه السلعة للحصول عليها بأدنى ثمن ممكن، وهذا يعني أن جانب العرض يعمل على شد الثمن إلى أعلى، وجانب الطلب يعمل من جهته على جذب الثمن إلى أسفل، وبهاتين القوتين المتعارضتين يتم تحديد ثمن تلك السلعة وعندما يتم تحديد ثمن السلعة في السوق بفعل هذه القوى، فإن العارض الفردي وكذا الطالب الفردي لا يستطيع أن يؤثر في هذا الثمن فالثمن في هذه الحالة بالنسبة للعارض الفردي والطالب الفردي هو ثمن مفروض (معطى) ولا يستطيع أي منهم أن يؤثر فيه. [21]

ثالثا: حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمار أو التقديم التقني:

وهذا مثال مستمد من القانون الفرنسي للمنافسة لسنة 1986 والذي استقاه بدوره من الفقرة 1 من المادة 85 من اتفاقية روما والتي تهدف إلى منع استغلال الاختراع ووضع حصته محدودة للإنتاج أو البيع وتشجع هذه الاتفاقية وضع الإصلاحات للقواعد والنوع وكذا الاتفاقيات المتعلقة بالبحث والتفقي.

ومثال ذلك اتفاقيات تمنع استغلال الاختراع، اتفاقيات توزيع حصص إنتاج أو بيع. [22]

 

 

رابعا: تقسيم الأسواق أو مصادر التموين:

منعت المادة 6 من ق. ح. أ. م. في فقرتها الأخيرة تقسيم الأسواق ومصادر التموين أو ما يسعى بالاتفاق المتوازي لتقسيم الأسواق التجارية وشيكات أو مجال التوزيع، والتنازل عن الامتيازات في منطقة خاصة لفائدة أعضاء فريق في شبكة التوزيع ووضع بعض الشروط المنافية للمنافسة كشرط عدم المنافسة.[23]

هذا وإذا كان المشرع قد حسم في مسألة الشكل الذي يتم تحت عطائه التواطؤ فقد تم السكوت عن إشكالية إثباته.

فمن خلال التجربة الفرنسية في هذا الصدد يتضح أن سلطات المنافسة لم تستطع خلال مدة طويلة أن تدين سوى الاتفاقيات أو المخالفات التي تترك أثراً ماديا ومن الناحية القانونية كان من الصعب إدانة حالات الاتفاقيات في غياب أدلة واضحة من قبيل اتفاق مكتوب يبين توزيع السوق مثلا، لأن المقاولات التي تكون على علم بالخصائص غير الشرعية للاتفاقات تأخذ حذرها ولا تترك أي أثر مادي.

وقد أتاحت الممارسة العملية للقضاء الفرنسي إيجاد حل لإشكالية إثبات التواطؤ، حيت أكدت المحكمة العليا أنه يمكن إثبات الاتفاق الضمني من خلال الأخذ بعين الاعتبار الطريقة التي تتم بها بعض المعاملات، فعند ما تسمح الأفعال للمحكمة من لإقرار أن المتواطئين لهم وحدة الهدف ودراية جماعية بالأفعال ومشاركة فكرية لتنفيذ اتفاق غير مشروع، يمكننا آنداك الحكم وبكل إنصاف بوجود التواطؤ. [24]

 

وفي نفس السياق ذهب القضاء الفرنسي إلى أبعد من ذلك حيت تم قبول افتراض الدليل إذا كان مصاحبا لمؤشرات خطيرة محددة ومنسجمة.

 

المطلب الثاني

الاستغلال التعسفي المنافي لقواعد المنافسة:

عن فكرة التعسف في استعمال الحق، تقوم على أساس استعمال الحق استعمالا من شأنه أن يعطل استعمال حقوق تتعارض معه تعطيلا يصور دون استعمالها على الوجه المألوف[25]. وإن فكرة التعسف في استعمال الحق تنبني على معايير ثلاثة:

1-   استعمال الحق قصد الإضرار بالغير.

2-  رجحان الضرر على المصلحة التي يستهدفها صاحب الرخصة أو صاحب الحق.

3-  عدم مشروعية المصالح التي يرمي صاحب الحق إلى تحقيها من وراء استعماله لحقه.

وقد عمل المشرع المغربي على تقنين نظرية التعسف في استعمال الحق من خلال المقتضيات المنظمة في الفصل 94 من ق. ل. ع. [26]

 

 

أما في إطار قانون المنافسة، فإن مصطلح الاستغلال التعسفي ورد في المادة 7 من ق. ح. أ. م حيث جاء في الفقرة الأولى منه أنه يحظر قيام منشأة أو مجموعة منشآت بالاستغلال التعسفي:

1.    لوضع مهيمن في السوق الداخلية أو جزء مهم من هذه السوق.

2.    لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه حل مواز، وذلك عندما يكون الغرض منه أو يمكن أن تترتب عليه عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها.

 

الفقرة الأولى: أنواع الاستغلال التعسفي

وبالرجوع إلى المقتضيات المضمنة في المادة 7 من ق ح أ م نجد أنها ترتكز على نوعين ممن الاستغلال التعسفي، ويتعلق الأمر بالاستغلال التعسفي لوضع مهيمن والاستغلال التعسفي لمادة التبعية الاقتصادية.

أولا: الاستغلال التعسفي للوضع المهيمن:

قبل التطرق للاستغلال التعسفي للوضع المهيمن وجب تحديد مفهوم هذا الأخير، فالملاحظ أن المشرع المغربي لم يقم يوضع تعريف للوضع المهيمن، إلا أنه يمكن القول بأن الوضع المهيمن هو استغلال مقاولة أو عدة مقاولات التواجد في موقع قوة اقتصادية في قطاع أو سوق بأكمله.

ويتميز الوضع المهيمن عموما بتوافر عناصر ثلاثة وهي:

–        تمكين المقاولة المهيمنة من القيام بعملية تقييم وتحليل اقتصادي للسوق.

 

–        احتكار المقاولة المهيمنة للسوق، ما دامت تستحوذ على السوق بأكمله أو على جزء مهم منه.

–        تركيز القوة الاقتصادية بعد المقاولة المهيمنة أو مجموعة المقاولات المهيمنة.

إن التواجد في وضع مهيمن ليس في حد ذاته إخلالا بالمنافسة بل أن استغلال ذلك الوضع بشكل تعسفي هو الذي يقع تحت طائلة المنع كما يظهر من خلال المادة 7 من قانون 06-99.[27]

ويتمثل الاستغلال التعسفي للرفع في رفض البيع أو رفض التعامل أو فرض شروط للبيع أو تحديد أثمان غير طبيعية.

ثانيا: الاستغلال التعسفي لتبعية اقتصادية:

ينص البند2 من الفقرة الأولى من المادة 7 من قانون ح أ م على أن الاستغلال التعسفي من طرف منشأة أو مجموعة من منشآت لحالة التبعية الاقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس له حل مواز، يعنبر محظورا عندما يكون الغرض منه أو يمكن أن تترتب عنه عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما.

من خلال هذا النص يتضح أن تطبيق المادة 7 من قانون ح أ م يفترض وجود ثلاثة شروط وهي:

وجود تبعية اقتصادية، غياب حل مواز للزبون أو الممون الموجود في حالة التبعية الاقتصادية، والقيام بممارسات ذات طابع تعسفي ومناف لقواعد المنافسة ولذلك سنحاول التطرق لكل عنصر على حدة.

أ‌-     معيار التبعية:

يتمحور مفهوم التبعية الاقتصادية حول نسبة رقم المعاملات التي يحققها الزبون تبعا لمعاملاته مع الموزع أو تبعا للرقم المعاملات الذي يحققه الموزع مع الممون.

وبالتالي فإن النشاط الاقتصادي للموزع يكون رهينا بالحالة الاقتصادية التي يتواجد بها الممون، فإذا ما تضرر هذا الأخير جراء منافسته عن طريق ممون آخر أو أن هناك نقص في المنتوجات القابلة للبيع أو لم يتمكن من تسويق سلعه لظرف من الظروف فإن كل من له علاقة تجارية به سيتضرر بمن فيهم الموزعين أو التجار الموجودين في حالة تبعية اقتصادية به.

غير أن التساؤل المطروح هو هل بوجود علاقة تجارية بين الموزع والممون أو الزبون هي عبارة عن تبعية اقتصادي؟

لا يكفي وجود هذه العلاقة التجارية لإضفاء صبغة التبعية بل أكثر من ذلك هو كون أن الزبون أو الممون لا يمكنه الاستغناء في نشاطه عن خدمات الموزع إما لعدم توفر الممون على موزع آخر لنفس المنتوج أو السلعة المسوقة أو لكون هذا الممون له حق حصري في توزيع وتسويق المنتوج الذي في حوزته سواء أكان هذا المنتوج ذو جودة عالية أو متوسطة، فالزبون أو الموزع من حقه الحصول على هذا المنتوج بغض النظر عن جودته أو ثمنه أو ماركته.

غير أن سلوك حالة التبعية الاقتصادية ليس كافيا وحده لتطبيق الجزاءات القانونية[28] بل يلزم أيضا غياب حلول موازية.

ب‌.    غياب الحلول الموازية:

 من خلال البند الثاني من الفقرة الأولى من المادة 7 من ق. أ.م التي تنص على أنه " يحظر قيام منشأة أو مجموعة منشآت بالاستغلال التعسفي:

1-……………………

2- لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه حل مواز"

فمفهوم الحل الموازي الذي أورده المشرع يقتضي بأن الموزع أو الزبون التابع اقتصاديا يتعذر عليه اللجوء إلى طريقة أخرى أو مصدر أخر من مصادر التموين خاصة وأن التجارة تتميز بطابع السرعة والائتمان، فالوقت الذي سيتمكن من خلاله الزبون أو الموزع التعاقد أو الاتفاق مع ممون جديد من شأنه أن يعقد الموزع حصته في السوق بأكملها أو جزء منها حسب نسبة رقم معاملات مع هذا الممون. غير أن هذا رهين بأن يكون المنتوج محل المعاملة يمثل المنتوج الأساسي والرئيسي في نشاط الزبون أو الموزع كما هو الحال بالنسبة لعلاقة الموزع بشركات المحروقات، فيصبح أن الموزع يقوم بتوزيع زيوت المحركات إلا أن النشاط الأساسي الذي يمتهنه هو توزيع المحروقات (البنزين والديزال).

غير أنه قد يذهب البعض إلى القول أن ما على الموزع فعله هو البحث عن مصدر آخر من مصادر التموين، إلا أن اتفاق التوزيع يتم غالبا في صورة عقد يبرم بين المنشأة المنتجة أو الممونة والمنشأة الموزعة متضمنا مجموعة من الشروط الجزائية أو التنظيمية، فنظرا لخطورة هذه الشروط وجب التدقيق فيها والمفاوضة حول قبولها من عدمه، فهذا كله يقتضي فترة من الزمن ستؤدي لا محالة إلى الإضرار بمصالح الموزع الموجود في حالة التبعية.

وفيما ذهب إليه الأستاذ عبد العزيز الصقلي في كون "أن الحل الموازي يعتبر موجودا، إذا أثبت أن الممارسات المرفوضة لم تؤدي على تخفيض مهم للمبيعات الشركة التي تدعي تضررها، إذ ينبغي في المجمل التحقق بشكل ملموس من أن الشركة التابعة كانت بالفعل في وضع يتعذر معه إيجاد أسواق أخرى، أو أنها أهملت تأمين حلول بديلة"[29] يبقى محل نقاش في كون أن الضرر الذي يحصل للمنشأة في حالة غياب حلول موازية هو مفترض بالرغم من عدم الوقوف عليه واقعيا أو حسابيا حيث يمكن أن يتجلى ذلك في توفر الموزع على احتياطي من البضاعة الموزعة أو أن هذا الضرر المفترض يكمن في فوات الفرصة على الموزع كما لو حصل على سوق جيدة لترويج سلعه إلا أنه لم يتمكن من ذلك.

 

الفقرة الثانية: تجليات التعسف:

بعد أن أتى المشرع على ذكر أنواع الاستغلال التعسفي في المادة 7 من قانون ح. أ. م. أورد في الفقرتين الثانية والثالثة من نفس المادة، تجليات الممارسات التعسفية المذلة بقواعد المنافسة وهي كالتالي:

ü رفض البيع أو البيوع المقيدة أو شروط البيع التمييزية أو قطع علاقات تجارية ثابتة بمجرد أن الشريك يرفض الخضوع لشروط تجارية غير مبررة.

ü فرض بصفة مباشرة او غيرها مباشرة حدا أدنى لسعر إعادة بيع منتوج أو سلعة أو لسعر قديم خدمة أو لهامش تجاري.

ü عروض أسعار أو ممارسة أسعار بيع للمستهلكين تكون منخفضة بصورة تعسفية بالنسبة لتكاليف الإنتاج و التحويل والتسويق، وذلك بمجرد ما يكون الغرض من العروض أو الممارسات المذكورة أو يمكن أن يترتب عليها إلغاء سوق أو الحيلولة دون دخول منشأة أو منتوجاتها إلى أحد الأسواق.

وقد رتب المشرع المغربي البطلان المطلق عن كل عقد يتضمن من هذه الممارسات بتنصيصه الصريح في المادة 9 من ق. أ. م التي اكدت على أنه يعد باطلا بقوة القانون كل التزام أو اتفاقية تتعلق بممارسة محظورة تطبيقا للمادتين 6 و7 من نفس القانون.

 

المبحث الثاني:

الضمانات من الممارسات المنافية للمنافسة

لقد عمل المشرع على إعطاء مختلف الضمانات لكل من مرتكب الممارسات المنافية للمنافسة من خلال منحه لاستثناءات (المطلب الأول) والمتضرر من الممارسات المنافية للمنافسة من خلال أعمال مختلف الجزاءات المدنية والجنائية (المطلب الثاني).

 

 

 

 

 

 

المطلب الأول:

الممارسات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي

إذا كان الأصل أن المشرع قد منع مختلف الاتفاقات ومختلف أنواع التعسف التي من شأنها أن تعرقل سيرا المنافسة أو تحد منها أو تمنع الولوج إلى السوق فقد أقر المشرع نوعين من الاستثناءات على هذا الأصل تتمثل في الاستثناء الناتج عن تطبيق نص قانوني أو تنظيمي 'الفقرة الأولى) والاستثناء الوارد على الاتفاقات التي من شأنها المساهمة في التقدم الاقتصادي (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى: الممارسات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي

أشار القانون المغربي لحرية الأسعار والمنافسة على استثناء الاتفاقات المخالفة لقواعد المنافسة من دائرة المنع، حيث نص صراحة ضمن الفقرة الأولى من المادة 8 قانون حرية المنافسة[30] ما يلي: "لا تخضع لأحكام المادتين 6 و7 أعلاه:

–        الممارسات التي تنتج عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي"

أما بالنسبة للقانون الفرنسي لسنة 1986 فقد أشار في الفصل 10 منه استثناء الممارسات المنافية لقواعد من دائرة المنع في حالة وجود نص تشريعي يقضي بذلك.

 

 

ومن بين الإشكالات التي يطرحها هذا الاستثناء هي:

ما الحكمة من وراء هذا الاستثناء؟ ومن هي المنشآت التي يمكن أن ينصب في صالحها هذا الاستثناء؟ وهل هي منشآت تابعة للدولة أم للقطاع الخاص؟

 

الفقرة الثانية: الاستثناءات التي من شأنها المساهمة في التقدم الاقتصادي:

لقد أجاز المشرع المغربي في الفقرة الثانية من المادة  من قانون م أ م الاتفاقات المخالفة لقواعد المنافسة كلما كان من شأنها أن تساهم في التقدم الاقتصادي حيث يشير البند 2 من الفقرة الأولى من المادة 8 على أنه " لا تخضع لأحكام المادتين 6 و7 أعلاه الممارسات:

1-……..

2- التي يمكن للقائمين بها أن يثبتوا أنها تساهم في التقدم الاقتصادي وأن مساهمتها كافية لتعويض قيود المنافسة فإنها تخصص للمستعملين جزءا عادلا من الربح الناتج عنها دون تمكين المنشآت المعنية بالأمر من بإلغاء المنافسة فيما يخص جزءاً مهما من المنتوجات والخدمات المعنية، ويجب ألا تفرض الممارسات المذكورة قيودا على المنافسة إلا بقدر ما تكون ضرورته لبلوغ هدف التقدم المشار إليه أعلاه…."

 

 

 

 

فالملاحظ أنه كلما استطاع القائمين بالممارسات المشار إليها في كل من المادتين 6 و7 من قانون ح. أ. م إثبات أنها تساهم في التقدم الاقتصادي إلا وتم تقرير صحته هذه الممارسات وإعفاءها من مختلف الجزاءات فالإشكال المطروح في هذا الصدد يتمثل في مفهوم التقدم الاقتصادي:

فمن منطلق أن التقدم الاقتصادي ولا يمكن فصله عن الميزان التجاري للدولة حيث كلما تدعم وتقول هذا الأخير غلا وكنا بصدد حدث تقدم اقتصادي، وتقوية الميزان التجاري يتم بكيفية رئيسية عن طريق الضرائب سواء تعلقت بالضريبة مباشرة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة…. والتي تتدخل الشركات والمنشآت الاقتصادية أو المنشآت التجارية ربحا إلا وأدت الضرائب. وبالتالي فإذا قامت هذه الأخيرة لممارسة منافية للمنافسة وثم عنها ربح أدت عن هذا الأخير المنشأة ضريبة أدت إلى تقوية الميزان التجاري مما سينعكس إيجابا على التقدم الاقتصادي كما يمكن تحليل معنى التقدم الاقتصادي من منظور أن المشرع قصد به تطوير قطاع معين جراء تلك الممارسات كالنهوض بقطاع النشيج أو ابتكار اختراع من شأنه أن ينعكس إيجابا على القطاع الاقتصادي. [31]

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: الجزاءات

يظهر من خلال النصوص القانونية المنظمة لحرية الأسعار والمنافسة أن الجزاءات يمكن أن تلحق الاتفاقات كما يمكن أن تلحق …..الاتفاق في ذمتهم العالية وحريتهم الشخصية أي أنه قد يكون الجزاء مدنيا أو جنائيا وهو ما سنتناوله في هذا المطلب.

 

الفقرة الأولى: الدعاوى المدنية:

تطبيقا للقواعد العامة، فإن فعلاً إذا ما لحق ضرراً بالغير، يمكن أن يكون محلاً للمسؤولية المدنية، وما دام أن الأفعال والممارسات المنافية لقواعد قانون المنافسة من شأنها لا محالة إلحاق الضرر بالغير، فإن إمكانية مساءلته الفاعل وفقا لقواعد المسؤولية المدنية تبقى واردة.

وإذا كانت مقتضيات قانون المنافسة قد أحدثت مساهم خاصة لمتابعة هذه الأفعال، فإن بعض نصوص هذا القانون ذاته خولت صراحة إمكانية عرض بعض الحالات على المحاكم المختصة باعتبارها محلاً لدعاوى مدنية[32] متى توافرت عناصر المسؤولية المدنية من خطأ، وضرر وعلاقة سببية بينهما ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة والممارسات التي من شأنها خرق مبدأ الشفافية في العلاقات بين المهنيين.

 

 

 

 

وبالرجوع إلى المادتين 6 و7 من قانون حرية الأسعار والمنافسة يستنتج أن المشرع جعل لكل التزام واتفاقية تتعلق بإحدى الممارسات الممنوعة والمنافية لقواعد المنافسة. تكون باطلة بقوة القانون، وبناءاً عليه يحق لكل من له مصلحة في ذلك إثارة هذا البطلان لدى المحكمة كما يحق لكل متضرر من هذه الممارسات أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك.

أولا: دعوى إلغاء الالتزامات المتعلقة بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة:

تنص الفقرة الأولى من المادة 9 من قانون حرية الأسعار والمنافسة على أنه: " يعد باطلا بقوة القانون كل التزام أو اتفاقية تتعلق بممارسة محظورة تطبيقا للمادتين 6 و7 أعلاه…."

وعليه يبقى مجال تطبيق أثر البطلان شاملا لكل الممارسات المنافية لقواعد المنافسة سواء تعلق الأمر بالاتفاقات أو بالاستغلال التعسفي ما لم يكن مبرراً بإحدى الاستثناءات المنصوص عليها ضمن المادة 8 كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

ونظراً لارتباط محتوى المادتين 6 و7 من قانون حرية الأسعار والمنافسة بالنظام العام الاقتصادي وما يستلزمه ذلك من ضمان الحرية التنافسية رتب المشرع عن كل خرق لهذه المواد أثر البطلان المطلق كما أعطى الصلاحية للمطالبة بذلك من قبل كل من له مصلحة في ذلك سواء أكان من أطراف هذه الالتزامات أو الاتفاقات أو غريها.

 

 

 

 

 

وتجدر الإشارة إلى أن جزاء البطلان قد يلحق الاتفاق بأكمله أو جزءاً منه فقط كإلغاء إحدى البنود دون الأخرى، ففي هذه الحالة الأخيرة يعبر بين ما إذا كانت هذه البنود غير المشروعة يتوقف عليها صحته الاتفاق أو الالتزام وهنا يلحق البطلان الاتفاق لكل حيث تعود الأطراف أو الحالة التي كانت عليها قبل التعاقد.

أو المطالبة بالتعويض إن كان له محل أما إذا لم يكن من شأن هذا الجزء أن يؤثر على صحة الاتفاق ككل واستقراره فيبطل الفرد ويبقى الاتفاق قائما.[33]

ثانيا: دعوى التعويض عن الضرر الناتج عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة:

دعوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة قد تقام بصفة تبعية أو مستقلة عن دعوى البطلان أما بالنسبة لطالب التعويض فقد يكون أحد أطراف الاتفاق المنافي لقواعد المنافسة أو أية مقاولة كانت ضحية الاتفاقات أو الاستغلال التعسفي، بل قد تقام الدعوى حتى من قبل الهيئات المهنية أو من طرف جمعيات المستهلكين المعلن أنها ذات منفعة عامة.

وتجدر الإشارة على أن الدعوى في هذه الحالة تقام على أساس المسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي، مما يستلزم من طالب التعويض لإثبات لكل من الخطأ والضرر ثم العلاقة السببية بينهما وهو ما قد يكون سببا في عدم نجاعة الطريق القضائي في للحصول على التعويض لصعوبة إثبات العناصر السابقة من جهة ولصعوبة إيجاد المعايير الضحية التي يمكن على أساسها أن يقوم القاضي  بتحديد مبلغ التعويض.

 

 

وحتى يتسنى للمحكمة الإطلاع أكثر حول قضايا المعالجة عليها في إطار هذه الممارسات خول لها المشرع أن تستشير مجلس المنافس.[34]

 

الفقرة الثانية: الجزاءات الجنائية:

معظم الممارسات المحظورة في ظل القانون حرية الأسعار والمنافسة رتب المشرع على ارتكابها جزءا جنائيا في الحبس أو الغرامة أو هما معاً.

وهكذا، وتطبيقا للمادة 67 من قانون حرية الأسعار والمنافسة يعاقب بجزاء جنائي كل شخص طبيعي شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية في تخطيط الممارسات المنصوص عليها في المادتين 6 و7 أو تنظيمها أو تنفيذها أو مراقبتها وقد حدد هذا الجزاء في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 10.000 على 500.000 درهم أو بإحداها فقط.

ويمكن طبقا للمادة 69 أن يعاقب مرتكبي المخالفة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 من القانون الجنائي بصرف النظر عن تطبيق الفصل 87 من نفس القانون.

ويمكن في حالته مخالفة أحكام المادتين 6 و7 من قانون ح. أ. م. أن يعتبر الأشخاص المعنيون مسؤولون جنائيا كلما توافرت سوء نية هؤلاء وترتب عنها آثار خطيرة وإذا لم يكن المخالف منشأة يتراوح مبلغ الغرامة ما بين 200.000 و2.000.000 درهم[35] لذلك في حالة العود داخل أجل 5 سنوات يرفع مبلغ الغرامة الأقصى العطلية إلى الضعف.

وختما ومن خلال ما سبق فإننا حاولنا ما وسعنا الجهد الإلمام والإحاطة بموضوع الممارسات المنافية للمنافسة قدر الإمكان، من خلال تناوله في شطرين شطر خاص بأنواع الممارسات التي تتشكل تصرف منافي للمنافسة. وشطر للضمانات التي خولها المشرع لكل شخص قد يجد نفسه طرفاً إما كمتضرر أو كمسؤول عن فعل ما مدنيا أو جنائيا.

لكن يظهر من خلال الإطلاع على نصوص قانون حرية الأسعار والمنافسة ومقارنتها بما يجري به العمل على المستوى الاقتصادي، نجدها لم تفلح في الحد من الممارسات المنافية للمنافسة بشكل كبير. صحيح أن المشرع حاول توظيف جهات وأجهزة مختصة في ضبط هذه الممارسات ومحاولة الحد منها والعمل على الحفاظ على النظام العام الاقتصادي، لكن هذه الأجهزة تبقى مشاركتها في تلبية وتحقيق أهداف المشرع وقانون 06-69 محتشمة ويظهر كذلك أن دور القضاء في هذا المجال لم يعد ذلك الدور التقليدي الذي هو الفصل في النزاعات بل أصبح له دور في المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني والعمل على ضمان حرية ولوج السوق الذي تصنفه أسمى القوانين الشيء الذي يتطلب أن يكون الجهاز القضائي على إلمام وإطلاع بمجال الاقتصاد ونظام السوق.

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة:

& الكتب:

û– عبد العزيز الصقلي: قانون المنافسة المغربي، مطبعة سجلماسة مكناس 2005.

û لطيفة الداودي: الوجيز في القانون الجنائي المغربي القسم العام. المطبعة والوراقة الوطنية مراكش. 2007.

û– عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان

 

4 الرسائل والمقالات:

E المقالات باللغة الفرنسية:

            ûMohamed Motik- la protection de l’entreprise commerciale revenu Marocaine de droit et d’économie du développement, N° 49 2004.

            ûAzzedine Kettani : les attentes à l’entreprise concurrente, revue Marocaine de droit d’économie du développement, N°49, 2004.

 

         E المقالات باللغة العربية

û– أبو عبيد عباسي: حماية المستهلك على ضوء قانون حرية الأسعار والمنافسة- المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، عدد 19 2004. ص79.

û

 

û– عبد الطيف هداية الله: "حرية الأسعار والمنافسة من منظور الشريعة الإسلامية" المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 49، 2004. ص21.

û– محمد آيت هماد: قراءة أولية حول قانون 69-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من خلال العمل القضائي داخل الدائرة القضائية باستئنافية أكادير، – مادتي البنزين والدقيق نموذجا- مجلة القضاء والقانون العدد 147 ص180.

û– أبو بكر مهم: الاتفاقات المنافية للمنافسة قراءة في المادة 6 من قانون رقم 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. مجلة القضاء والقانون العدد 156- 2008 ص50.

 

 

* الرسائـــــل:

û– حنان أزناي: تأثير قانون حرية الأسعار والمنافسة على قانون العقود. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني المعمق جامعة محمد الخامس أكدال السنة الجامعية 2003-2004.

û– أحمد حماني: نظام قانون الأسعار والمنافسة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، قانون الأعمال، الرباط 2002/2003.

û– محمد البوكيلي- عبد الله صديق: "قراءة لقانون الأسعار والمنافسة" بحث لنيل الإجازة في الحقوق، شعبة القانون الخاص جامعة القاضي عياض مراكش، 2000-2001

 

 

 

                                                                                                 

 


[1] – أبو عبيد عباسي: حماية المستهلك على ضوء قانون حرية الأسعار والمنافسة- المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، عدد 19 2004، ص79.

[2] – عبد الطيف هداية الله: "حرية الأسعار والمنافسة من منظور الشريعة الإسلامية" المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، العدد 49، 2004، ص 21.

[3] Mohamed Motik- la protection de l’entreprise commerciale revenu Marocaine de droit et d’économie du développement, N° 492004. p153.

[4] Azzedine Kettani. M. o. p28.

[5] – ينص الفصل 230 من ق. ل. ع "الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح يقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيها…."

[6] – ظهير شريف رقم 225-00-1 صادر في 5 يونيو 2000 يفسر قانون رقم 06-69 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.

[7] – حنان أزناي: تأثير قانون حرية الأسعار والمنافسة على قانون العقود. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني المعمق جامعة محمد الخامس أكدال السنة الجامعية 2003-2004 ص64.

[8] – محمد آيت هماد: قراءة أولية حول قانون 69-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من خلال العمل القضائي داخل الدائرة القضائية باستئنافية أكادير، – مادتي البنزين والدقيق نموذجا- مجلة القضاء والقانون العدد 147 ص180.

[9] – أبو بكر مهم: الاتفاقات المنافية للمنافسة قراءة في المادة 6 من قانون رقم 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. مجلة القضاء والقانون العدد 156- 2008 ص50.

[10] Décision 78 D 25 du 7 juillet 1987.

[11] Décision 78 D 25 du 14 juillet 1988, B.O.O.C.C.R.F du 14 Juillet 1988.

[12] – أبو بكر مهم: م، س، ص54-55.

[13] – لجنة المنافسة هو الجهاز الذي كان يسهر على تطبيق قانون المنافسة في فرنسا وقد حل محله اليوم مجلس المنافسة.

[14] – (هامش 30) ص 56 أبو بكر مهم.

[15] – أحمد حماني: نظام قانون الأسعار والمنافسة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، قانون الأعمال، الرباط 2002/2003، ص22.

[16] – أبو بكر مهم: م، س، ص 58-59.

[17] – عبد العزيز الصقلي: قانون المنافسة المغربي، مطبعة سجلماسة، مكناس 2005 ص86.

[18] – لطيفة الداودي: الوجيز في القانون الجنائي المغربي القسم العام. المطبعة والوراقة الوطنية مراكش. 2007.

[19] – أبو بكر مهم: م، س، ص 61.

[20] – محمد البوكيلي- عبد الله صديق: "قراءة لقانون الأسعار والمنافسة" بحث لنيل الإجازة في الحقوق، شعبة القانون الخاص جامعة القاضي عياض مراكش، 2000-2001، ص 31-32.

[21] – = على عكس حالة الاحتكار التي يؤثر فيها العارض الفردي على الثمن والمقصود بالاحتكار هو قيام منتج واحد فرد أو مشروع بإنتاج (عرض) سلعته أو خدمة ليس لها بديل قريب وأن هذا المنتج يعمل في مجال لا يدخله منتج منافس له إما لأسباب طبيعية، قانونية، اقتصادية.

[22] – أبو بكر مهم: م، س، ص 71.

[23] – محمد البوكيلي: عبد الله صديق، م، س، ص32.

[24] – أحمد حماني: م، س، ص 22.

[25] – عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، ص848.

[26] – ينص الفصل 94 من قانون الالتزامات والعقود "لا محل للمسؤولية المدنية، إذا فعل الشخص بغير قصد الضرر ما كان له الحق في فعله.

غير أنه إذا كان من شأنه مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق الضرر فادح بالغير وكان من الممكن تجنب هذا الضرر وإزالته، من غير أدى جسيم لصاحب الحق، فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه.

[27] – عبد العزيز الصقلي: م، س، ص 97.

[28] – حنان ازناي: م، س، ص 74.

[29] – عبد العزيز الصقلي: م، س، ص107.

[30] – أبو بكر مهم: م، س، ص 61.

[31] – حنان ازناي: م، س ص76

[32] – المادة 9 من قانون حرية الأسعار والمنافسة.

[33] – يتعلق الأمر بتطبيق نظرية انتقاص العقد المنصوص عليها في الفصل 308 من ق. ل. ع.

[34]

[35]

[29] – عبد العزيز الصقلي: م، س، ص107.

[30] – أبو بكر مهم: م، س، ص 61.

[31] – حنان ازناي: م، س ص76

[32] – المادة 9 من قانون حرية الأسعار والمنافسة.

[33] – يتعلق الأمر بتطبيق نظرية انتقاص العقد المنصوص عليها في الفصل 308 من ق. ل. ع.

[34]

[35]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى