بحوث قانونية

دور الاقتصاد الإلكتروني في التنمية والتعاون الاقتصادي العربي

bank-creditdsfdsfsdf

دور الاقتصاد الإلكتروني

في التنمية والتعاون الاقتصادي العربي

د.بشار عباس

 

 

        يشهد العالم على العتبة الفاصلة بين قرنين وألفيتين ، تبلور التحولات الاجتماعية الاقتصادية العميقة التي تقودها تكنولوجيا المعلومات في سياق : ثورة المعلومات والاتصالات ، مما سيؤدي في النهاية إلى بناء مجتمع المعلومات وتشييد بنى الاقتصاد الجديد : اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الإلكتروني .

ويدور الحوار والجدل اليوم حول ( مجتمع المعلومات ) و ( الاقتصاد الإلكتروني ) في معظم عواصم الدول المتقدمة وفي مراكز الأبحاث والدراسات في جميع أنحاء العالم ، ولم يعد هذان الاصطلاحان وقفاً على الدراسات النظرية ، بل إنهما اليوم يشكلان الركن الأهم في برامج الحكومات وخطابات السياسيين وحملاتهم الانتخابية ، وقد انتقل هذا الموضوع من الطرح النظري البارد إلى المعارك السياسية الساخنة ، وأصبح في واجهة الإحداث ، حتى أنه كان الموضوع المركزي في قمة أوكيناوا للدول الثماني (G8) الذي انعقد في النصف الثاني من تموز/ يوليو/ 2000 في اليابان ، حيث أقرت القمة وثيقة جديدة تحت عنوان :     ” ميثاق أوكيناوا حول مجتمع المعلومات العالمي ” . وقد أوجز هذا الميثاق رؤية البلدان الثماني الكبرى (G8) لمجتمع المعلومات العالمي ، وقد ورد فيه مايلي :

” تشكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إحدى أعظم القوى الكامنة التي تساهم في تشكيل ملامح القرن الحادي والعشرين ، وينعكس تأثيرها الثوري على طريقة حياة الناس وتعليمها وعملهم ، وعلى طريقة تفاعل الحكومات مع المجتمع المدني، وبسرعة تغدو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محركاً حيوياً للنمو في الاقتصاد العالمي “، وهي تؤهل أيضاً كثيراً من الأفراد والجماعات والشركات التي تتميز بالإقدام ، في جميع أنحاء العالم ، لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية بفاعلية أكبر وبقدرة مبدعة أعظم . ثمة فرص هائلة إذاً أمامنا لاقتناصها وتقاسمها”.

كما ورد في الميثاق :

” تمنحنا المكاسب المحتملة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات (IT) وعوداً هامة من أجل استنهاض المنافسة وتطوير ورفع مستوى الإنتاجية ، وبخلق النمو الاقتصادي ومهن جديدة ، ومهمتنا لا تنحصر فقط في رفع المعنويات بل في اكتساب فوائده الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ” .

” وتمثل تكنولوجيا المعلومات (IT) فرصة ضخمة لنشوء وتطوير اقتصاد البلدان التي تنجح في اطلاق طاقاتها الكامنة ، فهي تستطيع أن تنظر إلى الأمام للقفز فوق العقبات التقليدية لتطوير البنى التحتية ، وللوصول إلى أهدافها الحيوية للتطوير الفعال ، مثل تخفيض الفقر ، والرعاية الصحية ، والتعليم ، والاستفادة من النمو العالمي السريع للتجارة الإلكترونية (E-Commerce) . وقد حققت بعض البلدان النامية تقدماً هاماً في هذا المجال ” .

وإن ميثاق أوكيناوا لا يشكل الوثيقة الوحيدة حول مجتمع المعلومات ، ذلك أن هذا المجتمع لم يتشكل بعد بصورته النهائية ، ولذلك تسعى القوى السياسية والاقتصادية بمختلف توجهاتها إلى طرح برامجها حول بناء مجتمع المعلومات والاقتصاد الإلكتروني بما يتناسب مع مصالحها ، ولذلك نخطئ عندما نتصور أن وجهة نظر إحدى الدول أو أحد الباحثين تمثل تماماً الشكل الذي سيكون عليه مجتمع المعلومات أو الاقتصاد الإلكتروني ، بل إن هذه البرامج والتوجهات ليست سوى مشروعات مختلفة لبناء مجتمع المستقبل ، وهي مشروعات قد يتلاقى بعضها جزئياً وقد يتعارض مع بعضها الآخر ، وسينهض مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة من هذا الجدل والحوار ومن الأثر الفعلي الناتج عن تقاطع هذه المشروعات ، وعن محصلة القوى التي تقف وراءها .

        وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى خطاب رئيس الوزراء الفرنسي في 25/8/1997 الذي ألقاه في جامعة الاتصالات ، حيث قال : ” مجتمع المعلومات سيكون على الصورة التي نقرر نحن أن نصنعها ، وإن ما نحتاجه هو أن نعرض على الشعب الفرنسي هدفاً ورؤية سياسية في هذا المجال ، وهذه الرؤية هي مجتمع المعلومات التعاوني ” .

        ولذلك فإن العرب مدعوون اليوم إلى استكشاف الفرص الحقيقية التي يمكن فعلاً أن يستفيدوا منها في سياق هذه التحولات الاقتصادية الاجتماعية العميقة ، وخاصة في إطلاق القوى الكامنة في المجتمع العربي ، وتطوير ورفع مستوى الإنتاجية وخلق نمو اقتصادي ومهن جديدة ، والوصول إلى بناء بيئة فعالة ومنفتحة وقادرة على المنافسة والإبداع ، إلا أن أهم الاحتمالات المطروحة أمام البلدان العربية اليوم ، تتلخص في الإفادة من مميزات الاقتصاد الإلكتروني في تعزيز التعاون الاقتصادي العربي ، وتحقيق الأمنية العربية القديمة المتجددة في بناء تكتل اقتصادي عربي قوي وفعال ومؤثر في الاقتصاد العالمي .

        ولا يفوتنا أخيراً ، التأكيد بأن على العرب أن يستكشفوا الاحتمالات والإمكانات الحقيقية المطروحة أمامهم ، بهدف تشكيل صيغة منسجمة لرؤيتهم الخاصة لمجتمع المعلومات العالمي ، واعتماد برامج استراتيجية لبناء مجتمع المعلومات العربي ، وتشييد تكتل اقتصادي عربي مستفيدين من خصائص الاقتصاد الإلكتروني .

 

2- واقع التعاون الاقتصادي العربي :

        لم تتجاوز الصادرات البينية العربية في الفترة ( 1990-1995 ) نسبة 10.5% من إجمالي الصادرات العربية ، ولم تتجاوز الواردات العربية البينية في الفترة نفسها نسبة 9 % من إجمالي الواردات العربية .

        ولا تترك هذه الأرقام أدنى شك في أن هذه النتائج لا تعتمد على الجهود المبذولة نحو تنمية التبادل العربي من خلال تجربة ( السوق العربية المشتركة ) التي أنشئت في عام 1964 ، وإنما نعتقد أن هذه النتائج ليست سوى نتيجة طبيعية لقوة الدفع الكامنة للعلاقات الاقتصادية العربية بحكم ظروف الجوار الجغرافي والانتماء القومي .

وقد أدى قصور تجربة ( السوق العربية المشتركة ) إلى محاولة إنشاء تجربة جديدة هي ( منقطة التجارة الحرة العربية الكبرى ) عام 1998 وسنحاول فيما يلي استعراض هاتين التجربتين .

1.2 – تجربة السوق العربية المشتركة :

        أنشئت السوق العربية المشتركة في 13/8/1964 وقد وافقت في البداية أربع دول عربية على الانخراط في هذه السوق وهي : الأردن وسورية والعراق ومصر ثم اتسعت دائرة العضوية خلال الثمانينات لتشمل ثلاث دول أخرى هي ليبيا وموريتانيا واليمن .

        وترمي اتفاقية السوق إلى حرية انتقال عناصر الإنتاج ( الأشخاص ورؤوس الأموال ) وكذلك حرية تبادل البضائع ، وحرية الإقامة والعمل وحرية النقل والترانزيت .

        وقد اتخذت قرارات عديدة بدءاً من عام 1965 تهدف إلى توحيد التشريعات الجمركية تجاه الدول الأخرى ضمن إطار ( التعرفة الجمركية الموحدة ) .

        ويبلغ حجم الناتج المحلي لدول السوق /204/ مليار دولار (إحصاءات عام 1995 ) مما يشكل سوقاً واسعة وهامة تستطيع تحقيق أشياء كثيرة ، وقد نشر صندوق النقد العربي الإحصاءات التالية حول السوق :

البيان

 

الدولة 

صادرات الدولة لأعضاء السوق

(1)

صادرات الدولة لباقي الدول العربية

(2)

إجمالي صادرات الدولة

(3)

نسبة صادرات الدولة لأعضاء السوق إلى صادراتها العربية (2:1)  نسبة صادرات الدولة لأعضاء السوق إلى صادراتها الإجمالية (3:1)
الأردن 539 627.6 1474.4 85.9 % 36.6 %
سورية 138.7 938 3426.1 14.8 % 4 %
العراق 272.4 410.5 421.8 66.4 % 64.6 %
ليبيا 124.6 505.7 8519.3 24.6 % 1.5 %
مصر 88.8 617 5531.9 14.5 % 1.6 %
موريتانيا 0.9 1.3 594.9 69.2 % 0.2 %

جدول رقم (1.1.2)

الصادرات البينية وإجمالي الصادرات لدول السوق العربية المشتركة عام 1995

* المصدر : صندوق النقد العربي .

التجارة الخارجية للدول العربية ( 85 – 1995 )

        وعلى الرغم من أهمية هذه الأرقام حيث أنها تتراوح بين             (15.4 – 85.9 %) من نسبة صادرات الدولة لأعضاء السوق إلى صادراتها إلى مجمل الدول العربية فإن هذه الصادرات نفسها إذا نسبناها إلى إجمالي صادرات الدولة إلى مختلف بلدان العالم لا تشكل سوى نسبة بسيطة تترواح بين            ( 0.2 – 4 % ) باستثناء الأردن ( 36.6 % ) والعراق ( 64.6 % ) ويمكن تفسير ذلك بالأوضاع الدولية التي يمر بها العراق والعلاقات الخاصة بين الأردن والعراق .

        وتدل هذه الأرقام عموماً إلى أهمية الدور الذي تؤديه السوق العربية المشتركة في دفع حركة التجارة البينية ، رغم أن هذه الأرقام تبقى دون المستوى المأمول لتحقيق سوق مشتركة حقيقية وحيوية و فعالة .

 

2.2- منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى :

        تهدف منطقة التجارة الحرة العربية إلى الوصول إلى تحرير كامل لتجارة السلع العربية ذات المنشأ الوطني ما بين الدول العربية خلال عشر سنوات اعتباراً من 1/1/1998 ، وذلك باستخدام التخفيض المتدرج بنسبة 10 % سنوياً على الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل ، مع إلغاء كافة القيود الجمركية وغير الجمركية التي تحد من تدفق السلع العربية ما بين الدول الأطراف في المنطقة .

        وقد انضمت معظم الدول العربية إلى اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية باستثناء : الجزائر وجيبوتي وجزر القمر .

        كما أن بعض الدول المنتسبة إلى الاتفاقية لم تنفذ برنامج الاتفاقية ، أي لم تقم بإبلاغ القرار إلى المنافذ الجمركية وهي : السودان والصومال وفلسطين وموريتانيا واليمن .

        وعموماً يمكن إيجاز أهداف الاتفاقية في النقاط التالية :

  • تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية العربية البينية .
  • تعزيز المكاسب الاقتصادية الاستاتيكية والديناميكية المشتركة للدول العربية.
  • الاستفادة من التغيرات في نظام التجارة العالمية .
  • وضع الأساس لقيام تكتل اقتصادي عربي تكون له مكانته على الساحة الاقتصادية العالمية .

وبذلك نلاحظ أن التوجه الاستراتيجي لهذه الاتفاقية أكثر وضوحاً وتبلوراً من توجه السوق العربية المشتركة ، مما ينفي حصر التعاون في مجال زيادة التجارة البينية العربية .

وللاتفاقية جوانب إيجابية عديدة إلا أن أهمها التشاور بين الدول الأعضاء حول التعاون التكنولوجي والبحث العلمي وحول حماية حقوق الملكية الفكرية ،  و كذلك  تطوير تبادل البيانات والمعلومات بين الدول العربية وتكوين قواعد المعلومات الاقتصادية والإحصائية .

1.2.2 – أهمية منطقة التجارة الحرة العربية :

تشكل مجموعة الدول العربية الأعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية سوقاً استهلاكية واسعة فهي تضم أربع عشرة دولة يصل عدد سكانها إلى 180 مليون نسبة ( 66 % من مجموع سكان البلدان العربية ) .   

كما تشكل الدول الأعضاء قوة اقتصادية يزيد إنتاجها الإجمالي على 522 مليار دولار أمريكي ( 89 % من الناتج الإجمالي العربي ) ، ويبلغ متوسط دخل الفرد في هذه المجموعة 3000 دولار أمريكي .

وتبلغ قيمة صادرات هذه المجموعة حوالي 125.7 مليار دولار أمريكي ، (90 % من إجمالي الصادرات العربية ) ، أما الواردات فتبلغ قيمتها حوالي ، 146.6 مليار دولار أمريكي ( 85 % من إجمالي الواردات العربية ) .

وتساهم هذه المجموعة في 88 % من إجمالي الصادرات العربية البينية و76 % من إجمالي الواردات العربية البينية .

 

ونورد فيما يلي جدولاً يوضح أهمية الصادرات البينية لدول المجموعة:

 

الدولة النسبة المئوية للصادرات البينية الدولة النسبة المئوية للصادرات البينية
1997 1998 1997 1998
الأردن 40 % 45 % عمان 11 % 21 %
الإمارات 5 % 5.62 % قطر 7 % 7.9 %
البحرين 12 % 34.8 % الكويت 3 % 7.9 %
تونس 8 % 6.8 % لبنان 3 % 4.15 %
السعودية 10 % 16.94 % ليبيا 93 % 48 %
سورية 7 % 27 % مصر 13 % 7.3 %
العراق 99 % 4.5 % المغرب 6 % 6.58 %
      المجموع 9 % 11.62 %

 

الجدول (1.1.2.2.)

أهمية الصادرات البينية في منطقة التجارة الحرة العربية

 

        تتمتع منطقة التجارة الحرة العربية بأهمية كبيرة مقارنة مع اتفاقية السوق العربية المشتركة ومن الواضح أن توجهات وأهداف هذه المنطقة تتميز برؤية استراتيجية جيدة ، إلا أن المشكلة لا تكمن في الأهداف المعلنة للاتفاقية ، وإنما في البرنامج التنفيذي الذي ينحصر تقريباً في تبادل التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية وصولاً إلى إلغاء هذه الرسوم خلال عشر سنوات ، وهو هدف هام ، ولكنه على أهميته لا يستطيع وحده أن يحقق الأفق الاستراتيجي الوارد في أهداف الاتفاقية .

        ومع التأكيد على ما ذكرناه في المقدمة من نقاط حول أهمية  التعاون الاقتصادي العربي ، فإن الركيزة الأهم في هذا التوجه تبقى دون شك الإفادة من أحدث تطورات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخاصة في المجال الاقتصادي ، وكذلك دعم وبلورة توجهات اقتصادية جديدة في البلدان الأعضاء في الاتفاقية ، وخاصة التركيز على دعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة كحجر أساس للتعاون الاقتصادي العربي ، وعموماً يمكن أن نجد في التوجهات التقنية الحديثة وفي التغيرات البنيوية الحل الأفضل لتحقيق استراتيجية بناء تكتل اقتصادي عربي تكون له مكانته على الساحة الاقتصادية العالمية .

 

3- معوقات التعاون الاقتصادي العربي :

        إن أهم عنصر يعرقل التعاون الاقتصادي العربي ، يتلخص في عدم القدرة على الاستفادة من التوجهات الاقتصادية الحديثة في العالم ، وخاصة الاتجاهات نحو التعاون والانفتاح وإقامة مشروعات مشتركة والإفادة من مزايا السوق الإلكترونية ، وإن حصر التجارب العربية المشتركة في محاولة زيادة التبادل التجاري ، سيفقدها أية فعالية مأمولة في المستقبل . 

        ونعرض فيما يلي أهم معوقات التعاون الاقتصادي العربي :

1.3 – عدم الاستفادة من التوجهات الاقتصادية الحديثة :

        يشكل هذا العامل العنصر الأول في المنظور المستقبلي للتعاون الاقتصادي العربي ، ذلك أن إنجاز هذا التعاون لا يمكن أن يتم بأدوات وأساليب وأفكار تمت صياغتها قبل خمسين سنة ، فالاقتصاد العالمي يتطور يوماً بيوم ، ولا يمكن لمن يخطط لإنجاز أي تقدم على صعيد التعاون الاقتصادي أن يتجاهل الميزة التنافسية للأساليب والأدوات والاتجاهات الاقتصادية الحديثة .

        وثمة أهمية كبيرة لتوجيه الاستثمارات العربية في الاتجاهات التكنولوجية الحديثة ، مما يحقق ميزتين : الأولى : زيادة القيمة المضافة ، والثانية : تدعيم التوجه التعاوني العربي ، ذلك أن هذه الاستثمارات لا يمكن بناؤها واستمرارها إلا على أساس تعاوني راسخ .

 

2.3 – عدم الاستفادة من التقنيات الحديثة :

        لا تعتمد مؤسسات التعاون الاقتصادي العربي على التقنيات الحديثة وخاصة الأدوات التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال اقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية ، في حين أن هذه التقنيات هي الأساس في بناء مثل هذا التعاون حالياً ومستقبلاً .

3.3 –  تشابه هياكل الإنتاج السلعي :

        تظهر الإحصاءات الواردة في النشرة الإحصائية للتجارة الخارجية للبلدان العربية الصادرة عام 1996 عن الإدارة العامة للشؤون الاقتصادية في الجامعة العربية أن استيراد الآلات ومعدات النقل والبضائع المصنوعة تشكل 62 % من المواد المستوردة إلى البلدان العربية ، أما صادرات الدول العربية فإن 73 % من مجملها يتشكل من النفط والأغذية والمواد الخام .

وبذلك فإن نظرة بسيطة إلى الإحصاءات السابقة تبين أن معظم احتياجات الدول العربية من الواردات متشابهة ، وهي غير متوفرة في الدول العربية، وبالتالي لا يمكن أن تشكل موضوعاً للتجارة البينية ، وبالمقابل فإن معظم الصادرات موجهة أساساً نحو البلدان الصناعية ( النفط – المواد الخام ) ، وأيضاً لا تصلح لأن تكون أساساً للتجارة البينية العربية .

 

4.3 – الضعف النسبي للقاعدة الإنتاجية ومحدودية القدرات التصديرية:

إن القاعدة الإنتاجية في معظم الدول العربية ضعيفة وهي مستمرة بالوجود والنمو بفضل قوانين الحماية الوطنية في كل بلد ، وتوضح إحصاءات السوق العربية المشتركة لعام 1995 ، أن القطاعات الخدمية تمثل 60 % من حجم الناتج المحلي ، في حين تسهم القطاعات الأولية في توليد ثلاثة أرباع مجمل القطاعات السلعية ، وغني عن البيان أن القيمة المضافة في هذه القطاعات منخفضة جداً ، وقدرتها التنافسية ضعيفة ، وفي هذه الحالة تصبح إجراءات تشجيع التبادل غير مجدية كثيراً

 

5.3 – ضعف آليات تمويل الاستثمارات التعاونية :

        إن تطوير القاعدة الإنتاجية في البلدان العربية ضمن إطار تعاوني و بمساعدة الاستثمارات المشتركة ، هو هدف هام جداً ولكنه يتطلب حتماً وجود آليات لدعم وتمويل الاستثمارات التعاونية فلا يمكن بناء قاعدة إنتاجية متطورة، ولا يمكن نهوض تعاون عربي دون دعم ودون شروط تمويلية تشجيعية ملائمة.

 

6.3 – قصور الإجراءات : 

اقتصار معظم المبادرات العربية على محاولة زيادة التجارة البينية ، واستخدام وسيلة واحدة لهذا التشجيع وهو فكرة خفض الرسوم الجمركية ، وهو الأمر الذي لم تتقيد به الدول العربية بشكل فعال حتى اليوم . في حين أن دفع التعاون الاقتصادي العربي يتطلب إجراءات أكبر بكثير من مجرد تشجيع التجارة أو خفض الرسوم ، إذ أن هذه المهمة تتطلب تحقيق تنمية عربية متكاملة على قاعدة التعاون الاقتصادي بهدف تطوير القاعدة الإنتاجية العربية وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي على المستويين القطاعي والجغرافي .

 

7.3 – نقص كبير في المؤسسات الداعمة للاستثمار :

        لكي ينجح الاستثمار التعاوني العربي لا بد من إنشاء عدد كافٍ من المؤسسات والمراكز وذات المستوى التخصصي والمهني العالي ، بهدف تشجيع الاستثمار وإجراء دراسات حول اتجاهات النمو الاقتصادي العربي وفرص الاستثمار المتوفرة في كل دولة عربية ، وهذه المؤسسات والمراكز بحاجة إلى دعم وتمويل حكومي ، إلى أن تقف على قدميها وتستطيع أن تحقق الإكتفاء الذاتي وربما أرباحاً مجزية .

 

 

8.3 – إهمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SME)  : 

تكاد تنحصر الجهود العربية في دعم التعاون في مشروعات تركز على  دعم الاستثمارات التعاونية الكبيرة وبصورة خاصة الاستثمارات الحكومية ، في حين يعتمد الاتحاد الأوروبي على تشجيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة وتوجيهها نحو تأسيس تعاون اقتصادي فعال، بهدف تنشيط الاقتصاد ومحاربة البطالة والوصول إلى تكامل اقتصادي أوروبي. ولابد للبلدان العربية من الاستفادة من هذه التجربة إذا ما رغبت في بناء تجربة ذات مرتسم حقيقي على أرض الواقع .

 

9.3 – عدم ملائمة التشريعات :  

 عدم وجود تشريعات اقتصادية وإدارية مناسبة لسياسة تشجيع التبادل البيني العربي ، وعدم وجود تشريعات اقتصادية ملائمة للتجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني وباقي التقنيات الاقتصادية الإلكترونية الحديثة . 

 

10.3 – عدم كفاية المؤسسات الخدمية في مجال الاستثمار :

يتجه المستثمرون العرب إلى توظيف أموالهم في البلدان الصناعية ، بسبب القدرات التسويقية والخدمات المصرفية المتطورة ، ووضوح التوجهات الاقتصادية في هذه البلدان ، في حين أن ما يماثل هذه الخدمات والتوجهات في البلدان العربية ضعيفة وغير متطورة .

 

11.3 – عدم الوضوح الاستراتيجي :

عدم وجود استراتيجية عربية للتنمية الاقتصادية ، مما يعرقل توضيح الاتجاهات العامة لهذه التنمية ، ولا يسمح بتحديد المساحة المتاحة للتعاون الاقتصادي العربي في هذه الاستراتيجية ، وبالتالي لا يمنح رجال الأعمال العرب الثقة الكافية في الاستثمار داخل الدول العربية .

 

12.2 – إن اكتمال تنفيذ العناصر المذكورة في الفقرات السابقة من شأنه أن يرفع النسبة المحققة للتجارة البينية العربية بشكل واضح وسريع ، ولا بد من الإشارة إلى أهم نقطة في التعاون الاقتصادي العربي هي توفير الدعم والتمويل اللازم، ذلك أن هذا التوجه الجديد يحتاج إلى استثمار أموال كافية لرعايته كأية فعالية اقتصادية جديدة .

 

 4 – دور الأعمال الإلكترونية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

                في التعاون العربي  :

        يؤكد الباحثون الاقتصاديون اليوم على أهمية دعم الأعمال الإلكترونية لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق أفضل النتائج في التطور والنمو والتعاون الاقتصادي ، فهي تساهم في خلق فرص عمل جديدة ، وفي إيجاد أرضية قوية للتعاون الاقتصادي .

        وقد تبلور دور الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة (SME) من خلال مواجهة تحديات التنافس المتقدم الذي أوجده تحرير التجارة العالمية مما أدى إلى ضرورة تركيز كل شركة على الفعاليات الاقتصادية التي تعتقد أنها أكثر قدرة على المنافسة فيها ، والتعاون مع جهات أخرى لتزويدها بباقي مكونات         ( أو خدمات) المنتج ، وقد أدى ذلك المفهوم إلى نشوء سلاسل التزويد والتي تتكون من مجموعة من الشركات التي يعتبر كل منها مزوداً ( أو زبوناً ) للآخر بحيث تعمل مجتمعة لتقديم منتج محدد .

        لقد كانت شركات الستينات والسبعينات من القرن العشرين تسعى نحو الانغلاق أي نحو إنتاج كل شيء ضمن أقسام الشركة بما في ذلك توزيع المنتج وتسويقه . في حين يتميز اقتصاد العالم اليوم بقدرته على صنع السيارة أو الحاسوب في أربعة بلدان مختلفة ثم يمكن أن تجمع الأجزاء في بلد خامس ، حيث أن المنتج بشكله النهائي سيكون نتاج تعاون خمس شركات أو أكثر ضمن إطار شراكة تتخطى الحدود وتتخطى العقلية المركزية الضيقة .

        إن معظم المنتجات التي نجدها في الأسواق العالمية اليوم ، لا يمكن القول إنها نتاج مطلق لشركة واحدة أو بلد واحد ، وهذا الأسلوب يتيح الحصول على أعلى قيمة مضافة ممكنة ، ويحسن قدرات الشركات على المنافسة ، إلا أن هذه الطريقة في العمل المفتوح بين عدة شركاء تتطلب تشكيل فريق عمل قوى من المصممين والإداريين الذين يتواصلون عبر شبكات الاتصال الدولية ، ويعملون كما لو أنهم في مبنى واحد .

        وتستطيع البلدان العربية الإفادة من هذه التوجهات الحديثة من خلال برنامج اقتصادي عربي لدعم تطويرالاستثمارات الصغيرة والمتوسطة وتزويدها بالتقنيات الحديثة والخبرات الاقتصادية، ودعم التعاون بينها عبر الحدود الوطنية وضمن إطار منطقة التجارة الحرة العربية .

        ورغم كل هذه الميزات الإيجابية ، يواجه مشروع تطوير الأعمال الإلكترونية في الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة (SME) عدداً من المشكلات المتنوعة ، ويبدو أن التعاون بين هذه الاستثمارات العربية قد يصل إلى نتائج أفضل مع وجود شريك أو أكثر من البلدان الأجنبية ، وهو حل يوفر بعض المزايا على المستوى الاستراتيجي للتطوير ، وفي هذه الحالة لا بد من العمل على تجاوز محدودية مثل هذا التعاون وتجنب سلبياته المحتملة .

        ولا بد من الإشارة إلى أن أحد أهم التأثيرات المتعاظمة في الحياة الاقتصادية ، تتمثل دون شك في التوسع المستمر للأسواق ، والتوجه الدائم نحو انفتاح أكبر ، ونمو التجارة لتتخطى الأسواق الوطنية ، مما يغير البيئة التي تعمل فيها المؤسسة الاقتصادية ، وبالتالي تنفتح أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة آفاق أوسع مما يمنحها فرصاً جديدة ، وفي الوقت نفسها يمتحنها بمواجهة تحديات متزايدة . إذ يمكن للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تستفيد من التسهيلات الناجمة عن التطوير المستمر في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي مجال النظم المالية والنقل ، مما يشجع هذه المؤسسات على الانخراط بشكل متزايد في العمليات الاقتصادية الدولية ، بهدف استكشاف أسواق جديدة لتصريف منتجاتها، وبهدف التعرف إلى مصادر تزويد جديدة كمصدر للعناصر الأساسية الداخلة في تكوين منتجاتها ، وحين تنجح المؤسسة الصغيرة في هذين الاتجاهين تصبح جزءاً من سلسة من المؤسسات المتباعدة جغرافياً والمتعاونة فيما بينها بهدف إيصال المنتج إلى المستخدم النهائي .

        وتؤكد الوقائع الاقتصادية أن هذا التوجه هام بل ومحوري في الاقتصاد العصري ، حيث تشير الإحصاءات في الولايات المتحدة إلى نسبة الشركات الصغيرة التي كانت تشارك في التبادل مع الأسواق العالمية ارتفعت من 20 % في بداية التسعينات إلى 50 % عام 1997 . كما يشير تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SME) التي تتجه إلى المشاركة في فعاليات اقتصادية دولية تصدر أكثر من 25 – 30 % من الصادرات الصناعية العالمية ، وتبلغ قيمة صادرات هذه المؤسسات (SME) ما يعادل 4 – 6 % من الناتج القومي لبلدان (OECD) و 12 % من الناتج القومي في اقتصاد البلدان الآسيوية .وتؤكد هذه الصورة أن التعاون الاقتصادي الدولي ليس محصوراً في الاقتصاد الضخم والمؤسسات الكبرى ، فمثلاً : تخطط فرنسا لرفع مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى تصدير ما نسبته 30 % من الصادرات الفرنسية ، أما في إيطاليا فتبلغ هذه النسبة 70%.   

تضم (OECD) 29 دولة هي استراليا والنمسا وبلجيكا وكندا والتشيك والدانمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليونان وهنغاريا واسلندا وارلندا وايطاليا واليابان وكوريا ولوكمسبورغ والمكسيك وهولندا ونيوزلندا والنرويج وبولندا والبرتغال وأسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية .

 

        ومن ناحية أخرى تسعى مؤسسات كبرى عديدة في العالم إلى إيجاد سلسلة من الشركات الصغيرة التي تنجز لها بعض الأجزاء والعناصر الأساسية في منتجها النهائي ، وذلك بهدف تخفيض الكلفة وتحقيق مزيد من المرونة ، وهذه العملية ساهمت في إيجاد فرص دولية جديدة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة (SME) . وثمة أمثلة كثيرة على هذا النمط من التعاون الاقتصادي الدولي مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة في تونس ومصر والمغرب المتعاونة مع شركات الآليات الكبرى .

إن هذا النمط من التعاون يحقق فوائد مشتركة للشركات الكبرى التي تستفيد من تخفيض الكلفة وزيادة المرونة ، في حين أن المؤسسات الصغيرة المتعاونة تطور قدراتها ومعرفتها وتسخر خبرتها وقنوات توزيعها في الأسواق المحلية ومهارتها التسويقية بهدف تخفيض الكلفة وزيادة القيمة المضافة . إن على منقطة التجارة الحرة العربية أن تستفيد من هذه التوجهات في الاقتصاد العالمي،  وأن تسخره في سبيل هدفها في بناء تكتل اقتصادي عربي متنوع ومتكامل وتسوده فعاليات اقتصادية عربية واسعة تتخطى الإمكانات والأسواق الوطنية الضيقة ، عبر سلاسل متكاملة من الشركات والمؤسسات ترعى عمليات الإنتاج والتوزيع والتسويق المتكاملة . وإن لهذا التوجه مسوغات عديدة نوجزها في الفقرة التالية .

1.4 – مسوغات دعم الأعمال الإلكترونية في المؤسسات

              الصغيرة  والمتوسطة :

        ثمة مسوغات عديدة لتركيز الجهود على دعم التعاون عبر فعاليات اقتصادية متنوعة تشارك فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل أساسي ونوجز فيما يلي أهم هذه المسوغات :

  • & الأسواق المستهدفة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العربية (ASME) هي سوق واسعة تضم 300 مليون مستهلك عربي ، وتتضمن مجموعة من البلدان يبلغ ناتجها القومي الإجمالي 600 مليار دولار تقريباً ويرتفع إجمالي الناتج القومي وفقاً لارتفاع أسعار النفط ونمو الناتج الإجمالي القومي ليصل أحياناً إلى 1000 مليار دولار أي إلى تريليون دولار، وتستطيع هذه المجموعة أن تقيم تحالفات اقتصادية قوية مع باقي التكتلات الاقتصادية الدولية ، ففي عام 2010 ستكتمل الإجراءات المقررة لإقامة المنطقة الحرة العربية الأوروبية وستضم هذه المنطقة معظم البلدان العربية إلى جانب أوروبا الموحدة ، وإن هذه البيئة الواسعة الجديدة التي نشهد تشكلها اليوم توفر جميع العناصر اللازمة لبناء سلاسل متكاملة إنتاجية وتجارية وتسويقية لدعم التطور الاقتصادي على قاعدة التعاون العربي – العربي ، والتعاون بين العرب كمجموعة متكاملة وأوروبا الموحدة ، وفي هذه البيئة تنفتح فرص عديدة أمام المؤسسات العربية الصغيرة والمتوسطة (ASME) وتوفر هذه الصيغة إمكانية نقل التكنولوجيا وتوطينها إضافة إلى تقديم تسهيلات وحوافز جدية لتحديث التجهيزات وتطوير البنى التحية الاقتصادية والتكنولوجية .

 

  • & إن مثل هذه البيئة العربية الأوروبية تقدم إمكانات غير محدودة للتعاون أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، حيث أن أوروبا هي السوق التجاري الأول في العالم ، كما أنها البائع الأول والزبون الأول للوطن العربي ، وبما أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة (SME) في أوروبا لا يقل عن 19 مليون مؤسسة ، فإن فرصة إقامة سلاسل تزويد وإنتاج تصبح أكبر بكثير وتتضمن إمكانات جيدة أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة(ASME) .

 

  • & إن تحرير التجارة العالمية تدفع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى ابتكار أساليب جديدة لتحسين موقعها التنافسي في الأسواق الوطنية ، ونظراً للقوة الشرائية المحدودة في الأسواق الوطنية فإنها مدفوعة للتفتيش عن أسواق خارج الحدود الوطنية وعن سلاسل تزويد وإنتاج وتسويق تساهم في تطوير المنتج وتخفيض الكلفة . وإن ثمة أنواع كثيرة من التعاقد من الباطن والتعاقد الجزئي وأشكال أخرى لترتيب التعاون بين البلدان العربية مما يساهم في تطوير عمل المؤسسات الصغيرة وازدهار أعمالها ، ويساهم في تخفيض كلفة دخول الأسواق العربية والعالمية وتخفيض كلفة التسويق والتوزيع عبر الحدود، وتخفيض أخطار الأعمال المشتركة .

 

 

  • & النفاذ إلى التكنولوجيا ونقلها وتوطينها :

إن قدرة مؤسسة عربية واحدة مهما كان حجمها ، لا تؤهلها للتصدي بنجاح لمهمة النفاذ إلى التكنولوجيا ونقلها و توطينها ، ولذلك تبدو الحلول المقترحة في تطوير التعاون بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العربية مع وجود شريك أوروبي أو أكثر، هي الأرضية الملائمة لتضييق الثغرة في التطور التكنولوجي والخبرة والمعرفة . وعندما يؤطر هذا التعاون ضمن فعاليات وبرامج محددة في منطقة التجارة الحرة العربية فإن ذلك يخفض من مخاطر المبادرات التعاونية الطليقة غير المقيدة .

 

  • & تطور آليات التمويل :

        إن التطورات الحديثة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا وإدارة نظم المعلومات ، بدأت تغير طرق عمل الممولين التقليديين في الوطن العربي        ( المصارف ) ، وبدأت هذه المؤسسات التمويلية باتباع طرق جديدة في إدارة القروض بحجم صغير وشخصي ، وهي الخدمة التي يمكن أن تقدمها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، مما يشكل الأرضية الملائمة لنمو وازدهار أعمال المؤسسات الصغيرة العربية . وبالإضافة إلى ذلك ، تبين تجربة بعض البلدان المتقدمة أن تأجير الشركات وأسلوب التصنيع بالدين وأساليب أخرى يمكنها أن تملأ الفراغ في ثغرات النظام المالي وتشجعه على تقديم الدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .

 

  • & المؤسسات الصغيرة العربية أساس التنمية :

تتزايد أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العربية في عملية التنمية ، ذلك أن المستثمرين العرب الكبار لديهم خيارات عديدة ، ويستطيعون أن يستثمروا أموالهم خارج البلدان العربية ، في حين أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مرتبطة بأسواقها الوطنية ، وهي مضطرة اليوم للمشاركة بقوة في عملية التنمية عبر تطوير عملها والمساهمة بصورة جزئية في نقل وتوطين التكنولوجيا، وستجد أن طريق التعاون العربي – العربي هو أفضل الخيارات المتاحة أمامها لتوسيع الأسواق وتطوير العمل وزيادة فرص التمويل والتسويق.

وقد أدركت البلدان العربية أهمية هذا التوجه ، فقد أعدت هيئة تخطيط الدولة في سورية برنامجاً تبنته الحكومة يتضمن تخصيص أكثر من مليار دولار لبرنامج يهدف إلى تعزيز التنمية والقضاء على البطالة ، ويعتمد هذا البرنامج أساساً على تشجيع ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .

 

3.4 – استراتيجية الأعمال الإلكترونية في

       المؤسسات الصغيرة والمتوسطة:

        تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العربية تحديات عديدة أهمها اختيار استراتيجية أعمال إلكترونية ملائمة لظروفها وللبيئة المحيطة بها ونوجز فيما يلي الخيارات المتاحة أمامها استراتيجياً :

  • استراتيجية الشبكة : حيث تعمل المؤسسة الصغيرة ضمن شبكة تعاونية وتتعاون مع شركات صغيرة مثلها ، أو مع شركات كبرى لتحسين قدرتها للنفاذ إلى الإبداع ونقل التكنولوجيا وتوطينها .
  • استراتيجية العروة : حيث تتوضع المؤسسة بشكل ملاصق لمنافسيها كي تحصل على ميزة معرفة طرق عملها ، واكتساب الخبرة ، وربما إقامة أشكال مختلفة من التعاون ، وخاصة في مراحل مبكرة من دورة الحياة الصناعية .
  • استراتيجية الاستثمار الخارجي المباشر : حيث تقوم المؤسسة بإنجاز وإدارة شركة خاصة متخصصة تملكها في الخارج مستفيدة من ظروف ملائمة للاستثمار وبما يلائم التكامل مع فعاليتها الاقتصادية الوطنية .
  • استراتيجية الكوة : حيث تختار المؤسسة الصغيرة أن تصبح جزءاً من الشركات العالمية المتطورة في خط إنتاج فرعي محدد ضيق .
  • استراتيجية الإبداع : حيث تحاول المؤسسة الصغيرة أن تستحوذ على الخبرة والمعرفة التكنولوجية المتقدمة التي قد تكون متضمنة في استثماراتها في البحث والتطوير (R&D) أو حتى إن لم تكن ضمن استثماراتها .
  • استراتيجية تكنولوجيا المعلومات : حيث تقوم المؤسسة باستخدام الإبداع والتطوير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتخفيض الكلفة وزيادة الإنتاجية .

 

3.5 – احتياجات الأعمال الإلكترونية في

       المؤسسات الصغيرة والمتوسطة :

  • عالم الإنترنت يعمل بالزمن الحقيقي ، حيث ترغب المؤسسات الصغيرة أن تشترك في هذا العالم الاقتصادي الجديد ، ولكنها لا تمتلك القدرة على تمويل بناء حلول ناجحة والإنفاق على مراحل طويلة من العمل ، للوصول إلى الإفادة من التجارة الإلكترونية E- Commerce والأعمال الإلكترونية (B2B- B2C) وهو الأمر الذي تعتبره بعض الشركات ترفاً، ومن الضروري أن تقوم الحكومات العربية عبر منطقة التجارة الحرة العربية ، ببناء هذه الحلول والتطبيقات لتأسيس دور ريادي للصناعة العربية والاقتصاد العربي . وهذه الحلول يجب أن تنجز بسرعة كي تولد قوة دافعة ، تنجح في تجميع تكتلات متنوعة من الشركاء التجاريين والصناعيين العرب الجدد .

 

  • الشركات الكبرى لديها المال اللازم لإرسال ممثليها ، إلى المعارض التجارية للبحث عن البضائع اللازمة للعمل ، في حين لا تمتلك الشركة الصغيرة هذه الميزة . ومن ناحية أخرى ، تستطيع الشركات الكبرى أن تشتري أفضل الأجهزة وأن تشغلها في شبكاتها ، في حين أن الشركات الصغيرة لا تستطيع أن تتحمل عبء كلفة التجهيزات الغالية للتجارة الإلكترونية . مما يتطلب أن تساهم منطقة التجارة الحرة العربية في مساعدة المؤسسات الصغيرة في هذا المجال من خلال تقديم قروض متخصصة وتسهيلات في التسديد .

 

  • معظم المؤسسات العربية مترددة ( وربما خائفة أو عازفة ) ، تجاه الدخول في عالم التجارة الإلكترونية لأنها تخاف من عدم كفاية مهارتها التقنية، ولذلك يتردد مديرو هذه المؤسسات فهم غير مؤهلين جيداً ، وهم يرغبون بحلول بسيطة ويمكن العمل عليها بنقرة واحدة . ولذلك يجب على الحكومات العربية من خلال المنطقة التجارية الحرة العربية أن تنمح المؤسسات الصغيرة مجاناً خدمة بسيطة وسهلة الاستخدام ومفيدة بدلاً من أن تمنحها منصة ضخمة للخطابات حول أهمية زيادة التبادل التجاري العربي .

 

  • لا يوجد عادة إصدارات عربية تتضمن معلومات تساعد المستثمرين العرب على تقدير وتقييم حجم الأسواق في البلدان العربية الأخرى ، ومن ناحية أخرى تغيب المعلومات حول إمكانات الشراكة والشركاء المحتلمين وفرص الاستثمار والعمل ، وهذه المعلومات ، إن وجدت أحياناً ، فهي مشتتة وناقصة أو محصورة بالجهات المركزية في الدولة . ولذلك يتوجب توفير قاعدة معلومات اقتصادية شاملة توفر المعلومات التفصيلية حول هذه الموضوعات الضرورية للانطلاق في تعاون المؤسسات الصغيرة العربية ، علماً أن مثل هذه المعلومات ضرورية أيضاً للمؤسسات الأجنبية التي تفكر بالاستثمار في البلدان العربية أو تفتش عن شركاء عرب في سلسة إنتاج أو تزويد معينة .

 

  • إن تحرير تجارة الخدمات والبضائع يشكل موضوعاً ثانوياً للمؤسسات الصغيرة العربية . في حين أن الأساس في نمو وازدهار المؤسسات الصغيرة ينطلق عموماً من وجود تمويل لتحديث البنى التحتية ، ووجود معاهد مالية ، ووجود موارد بشرية ذات كفاية وخبرة وتأهيل بمستويات عالية ، ووجود تحديد ملائم لعلاقة المؤسسات العامة الحكومية بالقطاع الخاص ، ولذلك يتوجب على الحكومات العربية أن تقوم بتوظيف استثمارات كبيرة لإنجاز هذه المهام وبصورة خاصة في مجال البنية التحتية والتأهيل والتدريب وإيجاد آليات للتمويل .

 

 

  • تتيح العولمة الاقتصادية للشركات الصغيرة فرصاً جديدة ولكنها تضعها في الوقت نفسه أمام تحديات مختلفة . فمن الناحية الأولى ، تتيح لها فرصاً للنفاذ إلى الأسواق العالمية والاطلاع على التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من فرص التمويل ، ولكن من ناحية أخرى تشعر المؤسسات الصغيرة بأنها تتعرض لمواجهة منافسة لم تستعد تماماً لها بعد وتعد الحكومات العربية بأنها ستزيل أية تشويهات اقتصادية أو إدارية أو تشريعية تعيق عمل المؤسسات الصغيرة ، بأقصى سرعة ممكنة ، وذلك بهدف تحسين الموقع التنافسي لهذه المؤسسات كما تقدم الحكومات العربية وعوداً بإنشاء مؤسسات كافية وضمان وجود الشروط النظامية الملائمة كي تدخل البلاد بخطوات سليمة للمشاركة في التجارة العالمية الجديدة .

 

  • ثمة متطلبات أخرى سياسية للمؤسسات الصغيرة كي تتمكن من الاستفادة من الاقتصاد العالمي ، ومن أهم هذه المتطلبات القدرة على النفاذ إلى التكنولوجيا الحديثة والكفاءة في استخدامها ، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على التجارة الإلكترونية ، وإنما بصورة أساسية على كل المجالات التكنولوجية المتعلقة بجوهر أعمالها ومجال تخصصها .

وفي معظم الأحيان ، لا تستطيع المؤسسات الصغيرة أن تستثمر أموالاً كافية في البحث والتطوير ، وسيكون للمساعدات الحكومية في هذا المجال أهمية كبرى بهدف الحفاظ على اطلاع ومتابعة المؤسسات الصغيرة لاتجاهات التكنولوجيا الحديثة وتطورات الأسواق ، وكذلك بهدف الحصول على استشارات مفيدة في مجال توظيف استثمارات في التكنولوجيا الحديثة، مثل إدخال الإنترنت والتطبيقات الإدارية إلى عملياتها وأعمالها .

 

5 – دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات :

يتميز عصرنا بتطورات مذهلة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما يتميز بتعاظم أهمية المعلومات والمعرفة في الاقتصاد والمجتمع ، مما استدعى إطلاق مصطلحات جديدة مثل الاقتصاد الإلكتروني واقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية والمصارف الإلكترونية والنقد الإلكتروني …الخ… ولكل مصطلح من هذه المصطلحات مدلولاته ، ولا مجال هنا للدخول في تفاصيل هذه التطبيقات والأدوات والتقانات جميعها ، حيث أننا سنقتصر على عرض الموضوعات ذات العلاقة بآفاق التعاون الاقتصادي العربي .

 

1.5 –  اقتصاد المعرفة :

        يشهد عصرنا ظاهرة الاعتماد المتزايد على المعلومات العلمية والتكنولوجية وانتشار استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطبيقات متنوعة في جميع مجالات الإدارة والاقتصاد والمجتمع مما أدى إلى ولادة اقتصاد المعرفة وهو نمط جديد يختلف في كثير من سماته عن الاقتصاد التقليدي الذي ظهر بعد الثورة الصناعية .

        وفي ظل اقتصاد المعرفة تحولت المعلومات إلى أهم سلعة في المجتمع ، وقد تم تحويل المعارف العلمية إلى الشكل الرقمي وأصبح تنظيم المعلومات وخدمات المعلومات من أهم العناصر الأساسية لاقتصاد المعرفة ، وفي ظل هذه الظروف الجديدة لم يعد الاقتصاد معنياً فقط بالبضائع أي بالتبادل التجاري للمنتجات المادية ، بل ازداد اعتماده على تقديم الخدمات ، وبالتالي اكتسب الاقتصاد سمة جديدة وهي إنتاج وتسويق وبيع الخدمات والمعلومات .

        ومن ناحية أخرى تدخل المعرفة ( التكنولوجيا ) كعنصر أساسي في إنتاج البضائع المادية ، وتبلغ نسبة المعرفة الناتجة عن التكنولوجيا أكثر من 50 % من الإنتاج الإجمالي الأمريكي ، كما أن مجموع العاملين الأمريكيين ممن لهم علاقة بالمعلومات والمعرفة ، يبلغ حوالي ثلاثة أرباع مجموع القوة العاملة الأمريكية ، ويتعزز هذا الاتجاه بصورة مستمرة فمن المقدر أن 60 % من المهن الأمريكية الجديدة عام 2010 ستطلب مهارات متطورة لـ 22 % من عمال اليوم .

        إن الشركات التي تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات وفي مجال التكنولوجيا الحديثة بصورة عامة تحقق أعلى نسبة من القيمة المضافة بالمقارنة مع قطاعات الصناعة التقليدية ، كما يحصل العاملون في الشركات التكنولوجية الحديثة على أضعاف الدخول التي يحصل عليها زملاؤهم في القطاعات التقليدية ، وتتميز هذه الشركات الحديثة بأنها الأقدر على تكوين علاقات واسعة على المستوى الدولي ، وأصبحت هذه العلاقات جزءاً أساسياً من نجاحها ، فبالإضافة إلى سلاسل التزويد والإنتاج تستفيد الشركات من علاقاتها لتوسيع أسواقها والحصول على نسبة أكبر من القيمة المضافة .

        ويصنف الباحثون الاقتصاديون اليوم الصناعات إلى صناعات هابطة وهي التي تعتمد على المواد الأولية أكثر من اعتمادها على التكنولوجيا ، وتتميز بانخفاض القيمة المضافة على منتجاتها ، وإلى صناعات صاعدة وهي التي تعتمد على المعرفة والتكنولوجيا والخدمات والعلاقات أكثر من اعتمادها على المواد الأولية، وتتميز بارتفاع متزايد في القيمة المضافة على منتجاتها ، وثمة شركات لا تدخل فيها مواد أولية أبداً فالقيمة المضافة فيها هي بكاملها نتاج المعرفة مثل شركات التجارة الإلكترونية على الإنترنت فشركة أمازون لبيع الكتب تجني ملايين الدولارات سنوياً من عملية بيع الكتب دولياً ، دون أن يدخل في عملها مواد أولية ، فهي تتلقى طلبات شراء الكتب وترسلها إلى دور النشر وتربح من هذا العمل الذي يعد بأكمله نوع من أنواع الخدمات التجارية ، التي لا تدخل فيها مواد أولية .

وكذلك تعتمد شركات المعرفة على الإنترنت ( الطب ، الهندسة ، القانون ، التاريخ …. الخ… ) على المعلومات العلمية كمكون وحيد لقيمة الخدمات التي تقدمها .

        وهكذا يشق اقتصاد المعرفة طريقاً جديدة في التاريخ الإنساني ، ويجعل المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والمعرفة العلمية التكنولوجية جزءاً لا يتجزأ من معظم الفعاليات الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية ، ويحقق بالتالي تغيرات بنيوية عميقة في جميع مناحي الحياة ، مما حقق قفزة هائلة حولت المعرفة بحد ذاتها إلى مورد أساسي من الموارد الاقتصادية وإلى قوة حقيقية في الإدارة .

        ويعمل الباحثون الاقتصاديون اليوم على إدخال عامل المعرفة بشكل مباشر وواضح في نظريات التنمية مثل ” نظرية النمو الجديدة ” ، فالعلاقة بين التنمية وتوليد المعلومات واستخدامها أصبحت واضحة ، وأصبح الاستثمار في مجال المعلومات والإنترنت أحد عوامل الإنتاج فهو يزيد في إنتاجية العاملين ويزيد من فرص العمل .

        ولذلك ، لا يخفى على أحد أن العرب اليوم عندما يتداعون إلى بناء تكتل اقتصادي قوي ، لا يستطيعون أن يقتصروا في محاولتهم هذه على أساليب وأدوات الماضي ، مثل خفض الرسوم الجمركية وفتح الأسواق أمام بضائع البلدان العربية الأخرى ، فهذه الإجراءات أصبحت من البديهيات ، ولن تمضي فترة طويلة من الزمن حتى يرى العرب أن تلك الإجراءات أصبحت مطبقة على نطاق عالمي ، وليس ضمن مناطق معينة للتجارة الحرة فقط ، فما هي الميزة التي ستكون لمنطقة التجارة الحرة العربية عندئذٍ ؟ .

        إن المحاولات العربية الرامية إلى بناء تكتل اقتصادي لن يكتب لها النجاح إلا إذا تم التخطيط لها بمفاهيم عصرية حديثة ، ووضعت تحت تصرفها للتنفيذ أحدث الوسائل التكنولوجية التقنية ، ويستطيع العرب اليوم الإفادة من سمات اقتصاد المعرفة ، وأن يوجهوا جهودهم لبناء نظم المعلومات العلمية وتوليد المعلومات ونقلها وبيعها ، وهذا الحقل من النشاط الاقتصادي يحتاج حتماً إلى التعاون العربي لأنه :

  • يتطلب توحيد المصطلحات بين البلدان العربية ، بهدف توسيع أسواق خدمات المعلومات العلمية ، كما أن نظم المعرفة باللغة العربية يمكن توزيعها ضمن إطار الوطن العربي فقط .
  • إن هذا الحقل لا يتطلب رؤوس أموال كبيرة ، فيكفي إقامة مؤسسة صغيرة ذات إدارة ذكية وفعالة ومبادرة وعدد من الباحثين المتخصصين في المجالات العلمية ، إضافة إلى ضرورة تعاون سلسلة من المؤسسات العربية في هذا العمل الهام .
  • إن قطاع المعلومات هو قاطرة التنمية في عصرنا ، وستفيد المنطقة الحرة العربية من إدخال عناصر تبادل المعلومات والخدمات في نطاق خططها التي تقتصر حتى الآن على البضائع المادية .
  • إن قطاع المعلومات هو الأساس في أية محاولة جادة لنقل وتوطين التكنولوجيا، وسيستطيع العرب عبر تعاون علمي اقتصادي جاد أن ينجحوا في تحقيق نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة في البلدان العربية .

 

2.5 – التجارة الإلكترونية (E-Commerce) :

        شهدت التجارة الإلكترونية في السنوات الأخيرة نمواً انفجارياً ويؤكد المحللون الاقتصاديون أنها أصبحت مفتاح التطور الصناعي ، والمحور الأساسي للتطور الاقتصادي على المستويين الدولي والوطني .

        لقد وسعت التجارة الإلكترونية أسواقها بوتيرة متصاعدة ، ويعود سبب هذا الارتفاع المذهل والمستمر ، إلى تأثير التفاعل اللولبي : مزيد من المؤسسات تشارك في التجارة الإلكترونية ، ومزيد من المؤسسات الأخرى ترغب بالمشاركة ، وبذلك ينتج مزيد من نهوض القوة الكامنة في التجارة الإلكترونية ، وسر هذه القوة الكامنة غير المحدودة هو في خلق أسواق مفتوحة ديناميكية متعددة اللغات ، تتيح فرص واسعة أمام أعداد ضخمة من البائعين والمشترين لتبادل الصفقات بحرية ودون أية قيود ، وتتميز هذه الصفقات كما هو معروف بالسرعة الفائقة في إبرامها وتنفيذها وبانخفاض كلفة الإنجاز .

        وتتراوح التقديرات الرسمية حول حجم التجارة الإلكترونية بحوالي 1.2 – 1.5 تريليون دولار في حين تؤكد المؤسسات الخاصة (مثل مدير مبيعات ORACLE) أن الحجم الحقيقي يفوق هذا الرقم بكثير وأنه قد تجاوز 2.7 تريليون دولار عام 1998 وقد يصل إلى 3.5 تريليون دولار خلال عام 2001 .

        والتجارة الإلكترونية هي إحدى أهم المظاهر الحديثة في اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الإلكتروني ، وتمثل القطاع الأسرع نمواً في الاقتصاد العالمي . والتجارة الإلكترونية هي تنفيذ وإدارة الأنشطة التجارية المتعلقة بالتبادل الاقتصادي ( شراء/ بيع ) للبضائع والمعلومات والخدمات عبر شبكات الاتصالات الدولية (الإنترنت، شبكات إنترانت، الإكسترانت، شبكات خاصة…)، ويمتد نشاط التجارة الإلكترونية إلى ثلاثة مجالات :

– الأول : خدمات ربط أو دخول الإنترنت ، – الثاني : التسليم أو التزويد التقني للخدمات ، – والثالث : استخدام الإنترنت كأداة لتوزيع الخدمات وتوزيع البضائع المسلمة بطريقة غير تقنية .

        وتستخدم التجارة الإلكترونية أنماطاً مختلفة في عملها مثل نمط الاتصال والتبادل ( بين الشركات ) (business – to – business)  والتي تختصر بصورة (B2B) ، ونمط الاتصال والتبادل ( من الشركة إلى المستثمر )

(business – to – Consumer) التي تختصر بصورة (B2C) .

 

1.2.5 – ميزات التجارة الإلكترونية :

        ثمة ميزات كثيرة دعمت نمو التجارة الإلكترونية المستمر نذكر أهمها فيما يلي :

 

  • رفع حصة المؤسسة في الأسواق العالمية :

        توفر التجارة الإلكترونية فرصاً كبيرة لزيادة المبيعات إذ أنها تعرض البضائع التجارية على نطاق العالم بأكمله ، وبقدر ما تستطيع المؤسسة أن تطور أساليب عملها لتحقيق ميزة تنافسية في التجارة الإلكترونية ، بقدر ما تتوسع أعمالها وتزيد مبيعاتها ، وبالتالي تخفض كلفة المنتج .

 

  • الاستجابة لرغبات الزبائن :

        توفر التجارة الإلكترونية الأدوات اللازمة لتلبية رغبات الزبائن من خلال عرض تشكيلة واسعة من المنتجات وعرض مزياها وأسعارها حيث يمكن للزبون أن يفاضل بين الأصناف ومزاياها وأسعارها ويختار منها ما يلائمه ، كما يستطيع إبداء ملاحظاته حول المنتج ، مما يساهم في تفهم الشركة لاحتياجات الزبائن ، وفي بعض الأحيان تتيح الشركة للزبون أن يضع هو بنفسه مواصفات المنتج الذي يريد شراؤه ، بما يلائم ذوقه الشخصي .

 

  • تطوير الخدمات التجارية :

        تشكل التجارة الإلكترونية عاملاً محرضاً للشركات المتعاملة معها كي تطور خدماتها التجارية بشكل مستمر ، فالمنافسة هنا تتخذ أعلى أشكالها ، ذلك أن الشركة مع زيادة الأسواق المتاحة أمامها ، يزداد عدد منافسيها في الوقت نفسه ، وهي مضطرة لمواجهة المنافسة في الأسواق الوطنية ، وبالتالي يتشكل هذا العامل المحرض على تطوير القدرات التنافسية ، وتسعى الشركات الحديثة إلى تطوير البنى التحتية والاستراتجيات التسويقية والإدارية وبرامج التدريب وتطوير العلاقات العامة للشركة .

        وتواجه شركات التجارة الإلكترونية أنماطاً مختلفة غير مطروقة سابقاً في التجارة التقليدية ، فعلى سبيل المثال تبيع شركات عديدة فائض مخزونها عبر الشبكة بوساطة مزادات الإنترنت ، ووفقاً ( لشركة فورستر للأبحاث ) فإن المزادات بين الشركات عبر الإنترنت حققت 7.3 مليار دولار أمريكي خلال عام 1999 .

إن التجارة الإلكترونية اليوم هي التقنية الأكثر انتشاراً في الميدان الاقتصادي ، وهي توفر الشروط في الميدان الاقتصادي ، وهي توفر الشروط الملائمة للتعاون الاقتصادي العربي وسنتفحص فيما يلي مدى الانتشار الذي حققته هذه التقنية الجديدة في البلدان العربية وما هي آفاق توسعها .

 

2.2.5 – أثر التجارة الإلكترونية على التعاون الاقتصادي العربي :

        لا تزال التجارة الإلكترونية في البلدان العربية تخطو خطوتها الأولى ، وهي في كثير من الحالات لم تتخط النطاق التجريبي والبحثي ولم تتجاوز الإطار النظري إلى التطبيق الديناميكي الفعال ، ومن البديهي أن نتوقع أن انتشار التجارة الإلكترونية سيدعم التعاون الاقتصادي العربي في المنطقة الحرة العربية ، ذلك أن هذه المنطقة التي بدأت أولى خطواتها في 1/1/1998 ، ويتوقع استكمال إجراءاتها عام 2008 ، لن تستطيع أن تتجاهل التقنيات الحديثة والتجارة الإلكترونية التي ستكون قد استكملت سيطرتها على التجارة العالمية قبل عام 2008 .

        ولكن انتشار التجارة الإلكترونية في البلدان العربية مسألة لا تحكمها الرغبات ، ولا تتوقف فقط على مدى انتشار التجارة الإلكترونية في البيئة العالمية، بل إن انتشارها وتجذرها في البلدان العربية يتطلب جملة من الشروط غير متوفرة حالياً ، ولا يمكن أن تتوفر تلقائياً ، مالم تضعها الحكومات العربية في برامجها الرسمية ، ومالم يتحقق دعم مادي ومعنوي كبير لهذا التوجه .

        وسنستعرض فيما يلي أهم هذه الشروط :

  • تطوير الأنظمة المصرفية من الناحيتين التشريعية والإدارية ، وإدخال التقنيات الحديثة في عملها ، بما يشجع انتشار التجارة الإلكترونية .
  • نشر الوعي العلمي في الأوساط الاقتصادية حول مفاهيم وتقنيات التجارة الإلكترونية ، ومساعدة رجال الأعمال ومتخذي القرار الاقتصادي على تقدير الحجم الحقيقي لمخاطر الأمن القائم على شبكة الإنترنت ، دون مبالغة في حجم هذه المخاطر مما يؤدي إلى عدم الثقة بهذا التوجه برمته ، ودون استهانة بها مما قد يؤدي إلى الوقوع في مآزق غير محسوبة .
  • بناء تطبيقات للتجارة الإلكترونية باللغة العربية وتشجيع بناء مواقع تزويد بالمعلومات العلمية باللغة العربية مما يتطلب توحيد المصطلحات العربية في المجالات العلمية المختلفة ، وبالتالي توسيع مساحة تواجد اللغة العربية على الإنترنت .
  • الاهتمام بالتدريب والتعليم لرفع خبرة الاختصاصيين وكفاءتهم في تقديم حلول مناسبة للتجارة الإلكترونية من ناحية التطبيقات والبرمجيات ومن ناحية تصميم الحلول المناسبة للبنية التحتية الملائمة لانتشار التجارة الإلكترونية .
  • تطوير وتحديث البنى التحتية الحديثة الملائمة لنمو التجارة الإلكترونية ، وهي مهمة معقدة تتطلب تخصيص التمويل اللازم ، ووجود الخبرة الملائمة لإنجازها .
  • إن المؤسسات التي تنخرط في إطار التجارة الإلكترونية تستطيع أن تستفيد من فرص تسويق واسعة على نطاق الشبكة بأكملها، ولكنها من ناحية أخرى تتعرض لأقصى درجات المنافسة ، مما يرغمها على تطوير عملها وأساليبها ومنهجية عملها بشكل مستمر لرفع قدرتها التنافسية ، وكي تتمكن من مواجهة منافسين أقوياء منظمين يستندون إلى خبرة طويلة في هذا المجال .
  • توفير البيئة المناسبة لنمو التجارة الإلكترونية مثل تشريعات الملكية الفكرية، وإقرار أنظمة الدفع والنقد الإلكتروني والاعتراف بالتوقيع الإلكتروني قانونياً.

 

6 – الآفاق :

        توفر الآفاق التكنولوجية والبنيوية دعماً حقيقياً للتعاون الاقتصادي العربي، وتشكل الشرط الموضوعي الضروري لنهوض تكتل اقتصادي عربي قوي .

        فيما يلي آفاق نمو التعاون الاقتصادي العربي في المجالات المختلفة من الناحيتين التقنية والبنيوية .

 

1.6 –  في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات :

        تشكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات البنية التحتية لاقتصاد المعرفة وللتجارة الإلكترونية ، وبديهي أنها تشكل البنية التحتية العصرية الملائمة للتعاون الاقتصادي العربي ، ونوجز فيما يلي أهم التوجهات المقترحة في هذا المجال :

  • تشييد وتطوير البنى التحتية Infra-Structure إذ أن وجود بنية تحتية قوية وتدعيم نظم الاتصالات، سيسمح بنشر استخدام التجارة الإلكترونية ، ويدعم التعاون الاقتصادي العربي .
  • محاولة توسيع القاعدة الشعبية المهتمة بتكنولوجيا المعلومات من خلال تخفيض الرسوم على التجهيزات الحاسوبية أو تقديم تسهيلات تشجيعية للأفراد والنوادي والجمعيات التي ترغب باقتناء تجهيزات حاسوبية لخدمة أغراض التدريب أو البحث أو التطوير .
  • وضع سياسة عربية تكنولوجيا المعلومات تستند إلى السياسات ، وتبني استراتيجيات لتحقيقها ، وآليات تنفيذ تطال مركبات منظومة العلم والتكنولوجيا لصناعة البرمجيات .
  • إنشاء صناديق وطنية وصندوق عربي مشترك لدعم المخاطرة في مشاريع شركات البرمجيات العربية .
  • تنمية السوق العربية وزيادة الطلب الحكومي على النظم البرمجية .
  • تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية .
  • تعديل وتحديث التشريعات لتشجيع الاستثمار والتصدير في صناعة البرمجيات .
  • إصدار قوانين تنظيم تداول المعلومات وتنظيم أمن المعلومات والشبكات.
  • إصدار قوانين لدعم الجودة والاعتمادية وتحديد المعايير والمواصفات في مجال الصناعة البرمجية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات .
  • السعي إلى إيجاد حاضنات لإطلاق مبادرات استثمارية جديدة ناجحة في مجال البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات .
  • العمل على تأسيس مؤسسات داعمة للاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وخاصة المراكز التي تعد أبحاثاً تتضمن التنبؤ والاستطلاع والتوعية والتقييم والمتابعة وإدارة الصناعة .
  • تطبيق مقاييس الجودة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .

 

2.6 – الأعمال الإلكترونية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة  :

 

  • دعم أعمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة SME في البلدان العربية من خلال إنشاء بوابة إلكترونية عربية مخصصة للأعمال الإلكترونية ، حيث يمكن لهذه البوابة أن تتضمن عدة فعاليات مثل ( السوق الإلكترونية العربية – الصيرفة الإلكترونية – الاستشارات – إمكانية الاشتراك في العروض والطلبات أو المفاوضات حولها – المزادات الإلكترونية – خدمات الشحن ، خدمات المعلومات … الخ … )، على أن تكون الاستفادة من هذه البوابة والاستفادة من تطبيقات التبادل بين المؤسسات B2B تقدمها الحكومات العربية ودعماً مجانياً بهدف مساعدة المؤسسات الصغيرة لنجاح وازدهار أعمالها .
  • الإفادة من بوابات إلكترونية عربية لإعلام المؤسسات الصغيرة بالزمن الحقيقي حول بعض فرص الأعمال التي تقع ضمن مجال اهتمامها .
  • إضافة إمكانية البحث والترجمة بلغات أوروبية أساسية ( الإنكليزية – الفرنسية – الألمانية – الأسبانية ) إلى جانب اللغة العربية لتحقيق فرصة دخول المؤسسات العربية الصغيرة في سلاسل تزويد وإنتاج وخدمات على المستوى العالمي ، كما يعطي المؤسسات العربية الصغيرة إمكانية النفاذ إلى الأسواق العالمية دون كلفة كبيرة .
  • إنشاء بوابات إلكترونية تتضمن تطبيقات B2B عربية وتسمح أيضاً بالنفاذ إلى المؤسسات الأوروبية من خلال إمكانية البحث والترجمة باللغات الأوروبية الأساسية .
  • اعتماد استراتيجية اتصالات عربية توفر رؤية صحيحة لظاهرة نمو مواقع الإنترنت العربية ، وإعطاء الأولوية للنوع لا للكم والحرص على تشجيع المواقع الديناميكية القوية ذات القدرة التنافسية العالية ، و الاهتمام بتزويد هذه المواقع بإمكانات التدريب المباشر عبر الشبكة، الأسئلة المطلوبة المتكررة (FAQ) .. الخ..
  • تشجيع المؤسسات الصغيرة العربية لإقامة علاقات تعاون على المستوى العربي وعلاقات تعاون أيضاً مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الأوروبية، وتقديم استشارات مفيدة لها حول التجارة الإلكترونية والتعاقد من الباطن والتعاقد الجزئي وذلك من خلال بناء حلول متخصصة .
  • تعاني المؤسسات الصغيرة من مشكلات عديدة أهمها عدم قدرتها على الحصول على المعلومات المحدثة حول فرص العمل ، ولا بد من دعم هذه المؤسسات بمثل هذه الخدمات لكي لا يضيع مدير المؤسسة الصغيرة ساعات من العمل من أجل الحصول على هذه المعلومات .
  • تقديم معلومات هامة للمؤسسات الصغيرة مثل نقاط الاتصال والمواقع والبوابات التي تتضمن توفير اتصال المؤسسة مع زبائن معتمدين ومزودين وذلك بهدف تسهيل المشاركة والتشبيك .
  • تخصيص برامج كبيرة لدعم وتمويل مشروعات هامة يمكن إنجازها بفضل تعاون سلسلة من المؤسسات الصغيرة العربية .
  • إيجاد آليات دائمة لدعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة على نطاق عربي ، وفقاً لشروط محددة ، كأن توضع أولويات للمشروعات التي تحقق قيمة مضافة عالية ، أو المشروعات التي تساهم في نقل وتوطين التكنولوجيا .

 

3.6 – التجارة الإلكترونية واقتصاد المعرفة :

        التجارة الإلكترونية هي المحرك الأساسي لاقتصاد المعرفة ، ولايمكن لأية خطة ناجحة أن تنظر إلى شروط دعم التجارة الإلكترونية ، دون النظر إلى الإطار العام الاجتماعي – الاقتصادي الذي تعمل فيه هذه التقنية الاقتصادية الحديثة ، كما لا يمكننا تصور وجود اقتصاد المعرفة دون وجود محركه الأساسي: التجارة الإلكترونية . ونعرض فيما يلي بعض التوجهات العامة للآفاق الاقتصادية.

  • دعم وتشجيع التجارة الإلكترونية ، وخاصة بالنسبة للشركات التكنولوجية المتقدمة مثل شركات البرمجيات والنظم ، وترجمة هذا التشجيع الحكومي إلى إجراءات حكومية مالية محددة .
  • العمل على تحديث التشريعات القانونية بحيث تتلاءم مع التوجهات الحديثة للتجارة الإلكترونية واستيعاب كل الجوانب والإشكالات الناتجة عن تحول المعلومات والخدمات إلى سلعة بما في ذلك اعتماد التوقيع الإلكتروني رسمياً .
  • دعم وتطوير التعاون العربي في مجال إقامة مشاريع صناعية تكنولوجية متقدمة .
  • تحديث بنى المؤسسات المالية وتبسيط الإجراءات المعتمدة ، واعتماد أسس حديثة في التعامل والتبادل في هذه المؤسسات .
  • إقامة تعاون وثيق مع مؤسسات صناعية تكنولوجية كبرى ، مما سيفيد في مجال نقل التكنولوجيا والحصول على ميزات في مجال التسويق ومتابعة تطوير التقنيات المعتمدة في العمل ، وإن تحالفات كهذه منتقاة بشكل ملائم وبشروط معقولة تضمن مصلحة الطرف العربي ستكون متطلباً أساسياً لنقل الخبرة وتخفيض كلفة الإنتاج وتأمين قدرة تسويقية متزايدة .
  • جذب الاستثمارات العامة والخاصة وضمان وجود تدفق مستمر لهذه الاستثمارات إلى القطاعات الصناعية في مجال التكنولوجيا المتقدمة ، مما يتطلب تقديم احتياجات الاستثمارات العربية من التسهيلات الضرورية لعملها بكلفة تنافسية وضمن تسهيل تدفق متطلباتها ومنتجاتها من وإلى العالم الخارجي دون قيود أو تأخير.
  • التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والتي تتمتع بآفاق تطور بعيدة الأمد ، وتقديم تسهيلات تشجيعية لهذا النوع من الصناعات .
  • تطوير أقنية تبادل المعلومات بين الدول العربية حول الفعاليات التجارية والصناعية والاقتصادية ، والسعي إلى إنشاء قاعدة معلومات اقتصادية عربية تضم معلومات عن مختلف الفعاليات والشركات في المؤسسات العامة والخاصة والمشتركة العاملة في المجالات الاقتصادية ، وهي خطوة ضرورية لتشجيع التعاون بين هذه المؤسسات .
  • تركيز التمويل العام في ثلاثة توجهات ( دعم الأعمال المبدعة ، دعم الأعمال متوسطة الحجم ، دعم الاتصال بين مؤسسات البحث العلمي والتعليم العالي والصناعة ) .
  • التوجه نحو تحويل المعلومات إلى الشكل الرقمي ، مما يتطلب اهتماماً أكبر بتعريب المصطلحات العلمية والوصول إلى مصطلحات عربية موحدة في البلدان العربية كي يتمكن المنتج الرقمي من الانتشار في سوق عربية واسعة تبرر الإنفاق على عملية التحويل الرقمي ، مما يسمح بتحقيق جدوى اقتصادية تشكل بحد ذاتها دفعاً قوياً للعمل في هذا المجال .

 

4.6 –  في مجال الإنترنت  :

       

الإنترنت أهم تقنية مستخدمة في اقتصاد المعرفة ، كما تتميز الإنترنت بأنها الأوسع نمواً والأسرع تطوراً والأكثر شعبية بين التقنيات المعاصرة .

 ونوجز فيما يلي التوجهات المقترحة :

  • تحديد خطة عربية في طريقة التعامل مع الإنترنت واستخدامها والتفاعل معها وخاصة في مجال تبادل المعلومات والنشر الإلكتروني والأعمال الإلكترونية والتعاون الصناعي العربي والتجارة الإلكترونية .
  • التركيز على تطوير مواقع الشركات العربية على الإنترنت ، وجعلها أكثر ديناميكية وأكثر قدرة على جذب المستفيدين ، وتحقيق إنجاز عمليات تجارية وتسويقية بشكل فعال .
  • تشجيع النشر على الإنترنت والاهتمام بنشر الوعي المعرفي و التوثيقي والمعلوماتي ، والاهتمام بصورة خاصة بنشر الوعي العلمي التكنولوجي .
  • الإفادة من تبادل المعلومات بين البلدان العربية عبر الإنترنت تتطلب وجود هيئة مركزية عربية تشكل بالتوافق بين الدول العربية التي ترغب بالعمل من خلالها .
  • الإفادة من الإنترنت في المجالات التالية :
  • دعم التجارة الإلكترونية .
  • دعم التعاون الاقتصادي العربي .
  • دعم تعليم القوة البشرية العلمية .
  • دعم نشاطات مؤسسات عربية استشارية للهندسة والتخطيط .
  • تطوير خدمات المعلومات .
  • تعزيز خدمات المقاييس والقواعد القانونية والاختبارات .
  • تعزيز التعاون بين الباحثين العرب .
  • ربط أي تطور باستخدام الإنترنت وخدمات المعلومات بصورة عامة مع تطورات مماثلة ضمن إطار نهضة تنموية شاملة والاهتمام بصورة خاصة باقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية والتعاون الاقتصادي العربي .

 

 

5.6 –  في مجال الثقافة ونشر الوعي المعرفي :

        الثقافة العربية المشتركة هي عنصر أساسي في التوجه نحو التعاون الاقتصادي العربي ، وإن تعزيز السمات المشتركة للثقافة العربية بالإفادة من التقنيات العصرية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأنظمة الوسائط المتعددة ( المالتي ميديا ) يشكل أحد التوجهات الأساسية نحو بناء اقتصاد المعرفة العربية ودعم التعاون الاقتصادي العربي . ونوجز فيما يلي التوجهات المقترحة :

  • تشجيع خلق قنوات اتصال بين الفعاليات الثقافية في البلدان العربي المختلفة ، مما يشكل الشرط الأساسي لتعزيز السمات المشتركة للثقافة العربية .
  • حث وسائل الإعلام على إطلاق حملات إعلامية في مجال التوعية العلمية والتقنية وخدمات المعلومات والتركيز على المفاهيم الجديدة مثل اقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية ومجتمع المعلومات ، وذلك في ظل التغيرات الكبيرة التي طرأت على البنى الاقتصادية والاجتماعية
  • العمل على تطوير بنى المعلومات Info – Structure وتشجيع هذا التوجه من خلال إنشاء صندوق خاص يساهم فيه القطاعان الحكومي والخاص.
  • تسهيل التبادل وانتقال وتوزيع المواد الثقافية المطبوعة والرقمية من كتب ودوريات في جميع أنحاء الوطن العربي مما يسهل توسيع الطلب على هذه المواد، وزيادة النسخ المطبوعة منها .
  • تطوير المؤسسات الثقافية والإعلامية الموجودة وذلك بهدف العمل على إعادة الثقة في استمرارية الانتماء العربي وشحذ الأجيال المعاصرة لاستكشاف ما يملكه العرب وما قد يملكونه مستقبلاً .

 

 

 

6.6 –  في مجال التعليم والبحث العلمي :

        يشكل التعليم الأساس الديناميكي لإنجاز التوجهات السابقة ، فهو المفصل الأساسي في بناء مجتمع المستقبل ، وبقدر ما يستطيع المجتمع العربي تطوير مؤسساته التعليمية وبناء استراتيجيات تعليمية سليمة ، بقدر ما يصبح الطريق سهلاً أمام أي توجه نحو التطوير .

        ويمكن إيجاز أهم توجهات التعليم فيما يلي :

  • التنسيق بين البرامج التعليمية الوطنية والعربية لتحقيق الانسجام التام بين مرحلة التعليم الأساسي ومرحلة التعليم العالي بما يتناسب مع التغيرات البنيوية التي يشهدها التعليم في العالم ، وبما يخدم متطلبات التحول إلى الاقتصاد الرقمي ، وبما يدعم التعاون الاقتصادي العربي .
  • تحديث عمليات التعليم والإعلام والتوجيه التربوي ونقلها من إطاراتها التقليدية الراهنة ، إلى حيث تصبح هذه العملية في الموقع الأول في مشروع التغيير الفكري والاجتماعي .
  • التركيز على تهيئة الطلبة للتعامل مع النظم الحديثة وخاصة في مجال التجارة الإلكترونية واقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي مجال خدمات المعلومات ، والاهتمام بتزويد الطلبة بالقدرة على المحاكمة .
  • السعي إلى تطوير المعاهد المتوسطة والجامعات ، بما يناسب تزويد سوق العمل بالخريجين الذين يتقنون المهن المناسبة والمطلوبة في سوق العمل ، بل ويجب أن تكون المؤسسة التعليمية هي السباقة في توقع التوسع أو التوجه نحو مهن جديدة ، واستباق سوق العمل بتهيئة الكادر المناسب لهذه المهن ، ومن المفيد في هذا التوجه مشاركة القطاع الخاص بالمساهمة في توظيف استثمارات جديدة في مجال إنشاء المعاهد المتوسطة والجامعات شرط وجود رقابة حكومية مناسبة على السوية التعليمية والتجهيزات المناسبة .
  • الاهتمام بإيجاد نظم مرنة للمؤسسات العلمية البحثية في جميع أنحاء الوطن العربي تسمح بانتقال الباحثين من موقع إلى آخر وفقاً لضرورات البحث العلمي .
  • إنشاء صندوق عربي مشترك يعمل على دعم البحث العلمي وتشجيع الإبداع .
  • السعي إلى تأسيس نظم علاقات علمية وطنية في البلدان العربية ودعم التعاون والتبادل بين هذه النظم .
  • العمل على زيادة الارتباط بين المؤسسات البحثية وربط المؤسسات البحثية بالجامعات وكليات الهندسة مما سيوفر طاقة أكبر للتصدي لمهام البحث العلمي ونقل وتوطين التكنولوجيا ، ويتطلب ذلك إنشاء شبكة عربية للتعليم العالي والبحث العلمي .
  • العمل على زيادة التعاون بين الجامعات ومراكز البحث العلمي العربية وخاصة في مجال إنشاء حاضنات تكنولوجية تهيئ الظروف المناسبة لانطلاق مبادرات اقتصادية تكنولوجية صغيرة ومتوسطة ، مما سيساهم في دعم نقل وتوطين التكنولوجيا .
  • السعي إلى تكليف المكاتب الاستشارية والمراكز البحثية الوطنية في البلدان العربية بإنجاز الدراسات التي تتولاها حالياً المراكز الأجنبية ، فلا يمكن للمراكز الوطنية أن تنمو وتطور خبراتها إلا مع ازدياد الطلب على الخدمات التي تقدمها ، لذلك لا بد من العمل على زيادة الطلب الحكومي الموجه إلى هذه المراكز .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى