في الواجهةمقالات قانونية

إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي وفق مدونة الشغل والعمل القضائي – سعيد ادراع

إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي

وفق مدونة الشغل والعمل القضائي

 

سعيد ادراع

محام بهية المحامين بطنجة

مقدمة:

لقد نصت المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه ” لكل شخص الحق في العمل، وفي اختيار عمله، وفي شروط عمل مرضية…”، وقد نص الفصل 31 من دستور المملكة لسنة 2011 على أنه ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم من المساواة من الحق في: الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل..”

لذلك يعتبر الحق في العمل حقا أساسيا كفلته مختلف التشريعات، غير أن هذا الحق يقابله حق أخر لا يقل عنه أهمية وهو حق المشغل في فصل كل أجير يخل بواجباته المهنية ويهدد بالتالي استمرارية المنشأة الاقتصادية.

وعلى هذا الأساس أصدر المشرع المغربي مدونة الشغل بموادها التي تبلغ 589 مادة حرص من خلالها على التوفيق بين حقوق وواجبات كل من المشغل والأجير.

في هذا الصدد وبالرجوع إلى مدونة الشغل نجد أن المشرع المغربي قد ألزم المشغل الذي يقرر فصل الأجير من عمله بسبب ارتكاب هذا الأخير لخطأ جسيم بأن يحترم مسطرة يطلق عليها بمسطرة الفصل التأديبي.

وهذه الاخير تحظى بأهمية بالغة بالنظر للأثار المترتبة عن عدم إجرائها أو عدم إحترام مقتضياتها، حيث يعتبر فصل الأجير تعسفيا بغض النظر عن إرتكابه للخطأ الجسيم من عدمه، كما أن العمل القضائي مستقر على ذلك.

والملاحظ أيضا أن المقتضيات القانونية المنظمة لمسطرة الفصل التأديبي بموجب المواد من 62 إلى 65 من مدونة الشغل تتسم بالغموض أحيانا وتحتمل أكثر من تأويل في أحيان أخرى، حيث يحاول القضاء المغربي وعلى مستوى محكمة النقض سد هذا الفراغ التشريعي.

فماهي إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي؟ وكيف تعامل القضاء مع هذه المقتضيات على الرغم من الغموض الذي يكتنف بعض مواد مدونة الشغل المنظمة لمسطرة الفصل التأديبي؟

للإجابة على هذه الأسئلة سنحاول تناول هذا الموضوع في محوريين نتناول في الأول إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي قبل وأثناء الاستماع إلى الأجير، ثم في الثاني إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي بعد الإستماع إلى الأجير

المحور الأول: إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي قبل وأثناء الإستماع إلى الأجير

سنحاول تناول هذا المحور في فرعيين نتناول في الأول إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي قبل الإستماع إلى الأجير، ثم نتطرق في الفرع الثاني إلى إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي أثناء الإستماع إلى الأجير.

 الفرع الأول: إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي قبل الإستماع إلى الأجير

عندما يقرر المشغل فصل الأجير بسبب إرتكاب هذا الأخير خطأ يعتبره جسيما، فإن المشغل ملزم بإحترام إجراءات وشكليات تبدأ {أولا} باستدعاء الأجير لحضور جلسة الإستماع، وأن هذا الإستدعاء ينبغي أن يتضمن مجموعة من الشكليات {ثانيا}.

أولا: استدعاء الأجير لحضور جلسة الاستماع

كما أشرنا إلى ذلك أعلاه فإن المشرع المغربي في المواد من 61 إلى 65 لم يحدد إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي بدقة، ومن بين هذه الإجراءات استدعاء الأجير لحضور جلسة الاستماع.

وعلى الرغم من ذلك عمل القضاء وعلى مستوى محكمة النقض لسد هذا الفراغ، بحيث اشتراط أولا أن يكون الاستدعاء لحضور جلسة الاستماع كتابيا وليس شفويا، وثانيا أن يتم تبليغ هذا الاستدعاء للأجير المعني ويمنح دليلا على التبليغ كمحضر التبليغ الذي ينجزه المفوض القضائي أو إفادة البريد المضمون التي تفيد توصل الأجير أو عن طريق وصل إذا تم التبليغ يدا بيد.

وهذا ما ذهب إليه قرار صادر عن محكمة النقض عدد 852 صادر بتاريخ 26/6/2014 في الملف 1566/5/1/2013 جاء فيه” لا يكفي أن تدلي المشغلة بالاستدعاء الموجه للأجير بهدف الاستماع إليه وإنما يجب أن تدلي بما يفيد توصله به مما يشكل إخلالا بمسطرة الفصل التأديبي، والطرد الذي تعرض له تعسفيا”.

ثانيا: شكليات الاستدعاء لحضور جلسة الاستماع

يتعين ان يتضمن الاستدعاء لحضور جلسة الاستماع مجموعة من الشكليات، يمكن أن نجملها في الاتي:

تحديد موضوع الاستدعاء وهو الخطأ الجسيم المزعوم ارتكابه من طرف الأجير. -1

تاريخ ارتكاب الخطأ. -2

3-تحديد يوم وساعة ومكان انعقاد جلسة الاستماع.

تذكير وإشعار الأجير بالحضور مصحوبا بمن يراه مناسبا من مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة لمؤازرته تحت طائلة اعتباره متنازلا عن حقه في المؤازرة. -4

وقد جاء في قرار لمحكمة النقض عدد1065 بتاريخ 11/7/2013 في الملف 1085/5/1/2012 أنه ” على الرغم من أن المادة 62 من م ش لم تحدد أية شكلية من الشكليات التي يتعين توافرها في الاستدعاء الموجه للأجير قصد الاستماع إليه من أجل الخطأ المنسوب إليه، فإنه وضع ضمانا وصيانة لحقوق الأجير ولا يتأتى له ذلك إلا بمعرفة سبب استدعائه وتحديد ذلك في الاستدعاء الموجه اليه من طرف مشغله حتى يكون مهيأ للدفاع عن نفسه واختيار من ينوب عنه، وأنه أمام خلو الاستدعاء الموجه اليه مما ذكر يبقى غير ذي أثر…”

كما جاء في قرار أخر لمحكمة النقض عدد 304 بتاريخ 14/3/2017 في الملف 814/5/1/2016 ” لكن من جهة أولى، فخلافا لما عابته الطالبة على القرار، فالثابت من وثائق الملف أن المطلوبة بعثت للأجيرة باستدعاء بتاريخ 11/4/2008 قصد الاستماع إليها طبقا للمادة 62 وحددت تاريخ الاستماع في 14/4/2008 على الساعة السادسة وأنذرتها بحقها في إحضار من يؤازرها أثناء الاستماع تبعا لاختيارها وأنها توصلت بالاستدعاء المذكور بنفس التاريخ أعله. وأن الاستماع إليها دون حضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي تختاره بنفسها يعتبر تنازلا ضمنيا من طرفها عن هذا الحق مادام قد أشعرت بإحضاره ولم تفعل وأن محضر الاستماع لم يتضمن أي تحفظ من طرفها بهذا الشأن”

 الفرع الثاني: إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي خلال الاستماع إلى الأجير:

بعد توصل الأجير بالإستدعاء الذي يتعين أن يحترم أجل محدد {أولا}، فإن الأمر لا يخلو من فرضيتين وهو حضور الأجير لجلسة الإستماع {ثانيا} حيث ينبغي إحترام المشغل للإجراءات والشكليات التي تلي حضوره، أو يفضل أو يمتنع الأجير عن الحضور حيث يتعين أيضا على المشغل أن يقوم ببعض الإجراءات والشكليات على الرغم من عدم حضور الأجير {ثالثا}

أولا: أجل الاستماع إلى الأجير:

لقد نصت المادة 62 من م ش ” يجب قبل فصل الأجير….. وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه”

وهكذا يتضح أن هذه المادة قد حددت أجل ثمانية أيام للاستماع للأجير من تاريخ تبين وقوع الفعل المنسوب إليه خصوصا أن هذه المادة استهلت بصيغة الوجوب.

وقد ذهبت محكمة النقض في العديد من قرارتها في هذا الاتجاه إذ جاء في قرار عدد 1143بتاريخ 21/10/2009 في الملف 1471/5/1/2008 ” لما كان توجيه الإشعار إلى الأجير قصد الاستماع اليه قد تم من تاريخ الامتناع عن القيام بالعمل المسند إليه يفيد علم المشغل بهذا الفعل السلبي ويجعل سريان أجل ثمانية أيام يبذأ من تاريخ هذا العلم، فإن توجيه هذا الإشعار بعد مرور هذا الأجل يجعل المشغل قد أخل بمسطرة الفصل والطرد الذي تعرض له الأجير تعسفيا”.

فرضية حضور الأجير: ثانيا:

في هذا الصدد ينبغي التطرق إلى مكان انعقاد جلسة الإستماع إلى الأجير ثم الأشخاص المخول لهم الحضور وأخيرا الإجراءات التي يتعين أن يقوم بها المشغل.

1/مكان انعقاد جلسة الإستماع إلى الأجير:

المشرع المغربي وإن لم يحدد المكان الذي يتعين أن تنعقد داخله جلسة الإستماع إلى الأجير، فإن العمل القضائي قد سد هذا الفراغ حيث أوجب أن تتم داخل المقاولة أو في فرع تابع لها فقط، وهكذا ذهب قرار لمحكمة النقض عدد 630 بتاريخ 08/05/2014 في الملف عدد 1205/5/1/2013″ إذا كانت مدونة الشغل تلزم المشغل بالإستماع إلى الأجير من قبل المشغل بمقر العمل فإن إغفالها لا يعوضها اللجوء إلى مفتش الشغل ما دام الإستماع قد تم خارج مكان الشغل مما يبقى معه المشغل تبعا قد أخل بمسطرة الفصل التأديبي”.

2/ هيئة الاستماع إلى الأجير {الأشخاص المخول لهم حضور جلسة الاستماع}

كما مر معنا أعلاه فإن فجلسة الاستماع ينبغي أن تعقد بمقر المشغل أو في فرع تابع له، واستنادا إلى المواد من 61 إلى 65 والعمل القضائي لمحكمة النقض فالأشخاص المخول لهم حضور جلسة الاستماع المشغل أو من ينوب عنه، والممثل النقابي الذي يؤازر الأجير في حالة إحضاره أو تمسك بإحضاره خلال بداية جلسة الاستماع فقط، ولا يسمح بحضور شخص أجنبي عن هؤلاء.

وهناك قرار صادر عن محكمة النقض قد حدد بدقة الأشخاص المخول لهم حضور جلسة الاستماع إذ جاء فيه «حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك ان المشرع ان كان قد أوجب توفير فرصة الدفاع للأجير عن نفسه ضد ما نسب إليه من أخطاء جسيمة من خلال المادة 62، فإنه كان حريصا على أن يكون محضر الاستماع داخل المقاولة، ولم يسمح بحضورها إلا للشخص الذي يؤازر الأجير شريطة أن يكون مندوبا للأجراء أو ممثلا نقابيا أو من ضمن أجراء المقاولة مستبعدا تدخل أي أجنبي عن علاقة الشغل في إنجاز هذه المسطرة وقد تبين أن الطاعنة سمحت للمفوض القضائي بحضور الاستماع والتوقيع عليه وكأنه طرفا في المسطرة وهو ما يعد تجاوزا لمقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل وأن المحكمة بعدم جوابها على هذا الدفع تكون قد عللت قرارها تعليلا ناقصا مما يعرضه للنقض” .

3/ تحرير محضر في الموضوع والشكليات التي يتعين أن يتضمنها:

تنص المادة 62 ” يحرر محضر في الموضوع من قبل إداراة المقاولة، يوقعه الطرفان وتسلم نسخة منه إلى الأجير…..”

والشكليات التي يتعين أن يتضمنها محضر جلسة الاستماع {من خلال الاجتهادات القضائية} بأنه بالإضافة إلى الأخطاء المنسوبة للأجير ودفوعات هذا الأخير بخصوص هذا الخطأ:

الإشارة الى ممثل مندوب الاجراء أو الممثل النقابي الذي أزار الأجير أو تنازل هذا الأخير عن حقه في ذلك. -1

ألا يتضمن المحضر مقرر الفصل. -2

وهو ما ذهب إليه قضاء محكمة النقض في عدة قرارات منها قرار عدد 135 بتاريخ 30/1/2014 في الملف 919/5/1/2013″ لئن كانت المشغلة قد استمعت للأجير فإنها بعدم تحريرها لمحضر مستقل بهذا الاستماع تكون قد أخلت بمسطرة الفصل بما يترتب على ذلك من أثار”.

الإشارة إلى تسلم نسخة من محضر الاستماع إلى الأجير. -3

وهذا ما ذهب إليه قرار عدد 135 بتاريخ 30/01/2014 في الملف 919/5/1/2013″ …والطاعنة وان عقدت جلسة الاستماع حسب الثابت من المحضر الذي أنجزته في الموضوع فإنها لم تنجز محضرا مستقلا بالاستماع لتسلم المطلوب منه نسخة وفقا لما تقضي به المادة 62 إذ تضمين محضر الاستماع مقرر الفصل يشكل اخلالا بما أوجبته المادة 62 ….”

توقيع المحضر من لدن الأجير أو الاشارة الى سبب عدم التوقيع: -4

جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1329 بتاريخ 30/1/2014 في الملف 919/5/1/2013 أنه”…. والثابت في نازلة الحال من محضر الاستماع المؤرخ في 6/1/2005 الذي استدلت به الطاعنة خلوه من توقيع المطلوب في النقض وكذا الإشارة الى سبب ذلك…وهكذا يتجلى اخلال الطاعنة ببعض الإجراءات المتعلق بمسطرة الفصل…”

ومما تجدر الإشارة اليه في هذا الصدد بعض الصعوبات التي تقع في الواقع العملي كامتناع الاجير عن التوقيع إذ يتعين على المشغل أن يشير إلى ذلك كما مر معنا أعلاه، فضلا عن أنه يتعين على المشغل إتمام المسطرة أمام مفتش الشغل احتراما لمقتضيات مدونة الشغل التي نصت على انه إذا رفض أحد الطرفين إجراء المسطرة او اتمامها يتم اللجوء الى مفتش الشغل، وهو سنتناوله ضمن مقتضيات الفقرة الموالية.

فرضية غياب الاجير عن جلسة الاستماع: ثالثا:

على غرار الفرضية أعلاه، فإن المشغل على الرغم من عدم حضور الأجير الذي يتوصل باستدعاء لحضور جلسة الاستماع فإنه يكون ملزما بإجراء جلسة استماع وتحرير محضر بذلك يتضمن نفس البيانات أعلاه مع الإشارة فيه إلى تغييب الاجير، وقد ذهبت محكمة النقض في قرار لها منشور بالمذكرة التوضيحية لأحكام المادة 62″ …فإن القرار في معرض جوابه عن أوجه استئنافها أكد أنها لم تنجز محضر الاستماع الذي لا يغنيها عنه عدم حضور المطلوب رغم استدعائه إذ كان عليها تحرير محضر يشار فيه إلى غيابه يوقع من طرفها لإثبات أنها عقدت فعلا جلسة الاستماع في التاريخ المحدد لها وفق ما تقضي به المادة 62 من م ش لما يترتب عن ذلك من وجوب إرفاق المحضر المذكور بمقرر الفصل عند تبليغه للمطلوب طبق لما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 64…”

وطبقا للمادة 62 في حالة غياب الأجير عن جلسة الاستماع يتعين على المشغل استكمال المسطرة أما مفتش الشغل، وقد جاء في قرار عن محكمة النقض ” وحيث إنه وإن تخلف الأجير عن جلسة الاستماع اليه، فإن ذلك لا يجعل المشغل في حل من إتمام المسطرة برمتها بذليل أن الفقرة الأخيرة من المادة 62 المذكورة تجعل اللجوء الى مفتش الشغل أمرا لا محيد عنه إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة…”.

وقبل الانتهاء من هذه النقطة، ينبغي الإشارة الى أن الفقرة الأخيرة من المادة 62 قد أثارت العديد من التساؤلات حول دور مفتش الشغل في المسطرة، هل يتم اللجوء إليه قصد استكمال المسطرة بعقدها بمقر مفتشية الشغل أم أنه يتم الاقتصار على إعلامه بمسار المسطرة وتعذر إتمامها مع بيان ذلك وذلك في حالة تخلف الأجير عن الحضور رغم استدعائه أو رفضه إنجاز جلسة الاستماع والتوقيع عليها؟؟

موقف محكمة النقض كان متذبذب بخصوص هذه النقطة، غير أنه تم حسم هذا الجدال من خلال قرار بغرفتين  { الاجتماعية والإدارية}  قرار عدد523 بتاريخ 16/5/2017 في الملف عدد 1616/5/1/2016 جاء فيه «الفقرتين الأولى والثانية من م 62 إذا كانتا واضحتي الدلالة من حيث وجوب اتباع الشكليات الواردة بها ويفهم المراد منهما من اللفظ نفسه فإن الفقرة الثالثة من المادة نفسها غير واضحة الدلالة من لفضها لعدم بيان المشرع المراد من اللجوء إلى مفتش الشغل، وقد تبين من الأعمال التحضيرية مدونة الشغل أنه تم اقتراح تعديل المادة 62 المشار اليها أعلاه بإضافة فقرة جديدة تنص على إرسال المحضر إلى مفتش الشغل بواسطة البريد المضمون في حالة رفض الاجير التوقيع عليه، وهو ما يفهم منه أن الغرض من اللجوء إلى مفتش الشغل هم مجرد الإخبار بتعذر انجاز مسطرة الاستماع أو إتمامها وليس مباشرتها أو الإشراف عليها أو مواصلتها”

 المحور الثاني: إجراءات وشكليات مسطرة الفصل التأديبي بعد الاستماع إلى الأجير

هكذا بعد الإستماع إلى الأجير كما مر معنا أعلاه، أو تغيبه عن جلسة الإستماع أو امتناعه عن إتمامها، فإن الإجراءات التي قد يقرر القيام بها المشغل يمكن اختزالها في اتخاذ قرار الفصل من العمل والبيانات التي يتعين أن يتضمنها {الفرع الأول} ثم تبليغ مقرر الفصل إلى الاجير {الفرع الثاني} وكذا إشعار مفتش الشغل {الفرع الثالث}.

مما تجدر الإشارة إليه أن المشغل يمكن له أن يتراجع عن إتخاذ أي قرار في حق الاجير بالرغم من قيامه بالإجراءات المذكورة أعلاه.

الفرع الأول: اتخاذ مقرر الفصل والبيانات التي ينبغي أن يتضمنها:

بدءا تجدر الإشارة الى مسألة في غاية الأهمية، وهو وجود فراغ تشريعي إذ لم يحدد المشرع المغربي في المواد من 62 على 65 أو غيرها أجلا محددا ينبغي أن يتخذ خلاله مقرر الفصل، وعلى الرغم من ذلك عمل القضاء على سد هذا الفراغ إذ اعتبر أن يكون داخل أجلا معقول بالنظر لكل قضية على حدة.

وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض «الاستماع للأجير تبعا للمادة 62 من مدونة الشغل تقتضي اتخاذ الاجراء المناسب إما الاستمرارية في العمل أو الفصل.

استمرار الأجير في العمل لمدة غير معلومة بعد جلسة الاستماع واتخاذ مقرر الفصل بعد طول المدة يشكل إخلالا باستقرار الشغل- طرد تعسفي- نعم”

وقد نصت الفقرة2 من المادة64 على البيانات التي يتعين ان يتضمنها مقرر الفصل” يجب أن يتضمن مقرر فصل الاجير الأسباب المبررة لاتخاذه وتاريخ الاستماع اليه مرفقا بالمحضر المشار اليه في المادة 62 أعلاه”

كما جاء في المادة 65″ يجب تحت طائلة سقوط الحق رفع دعوى الفصل أمام المحكمة الابتدائية المختصة في أجل 90 يوما من تاريخ توصل الاجير بمقرر الفصل.

يجب النص على الاجل المذكور في مقرر الفصل الوارد في المادة 63 أعلاه ”

إذن بالإضافة إلى البيانات الواردة في المادة 64 يتعين تضمين مقرر الفصل أجلا 90 يوما لرفع دعوى الفصل التعسفي تحت طائلة سقوط الحق.

وقذ ذهب القضاء في قرار لمحكمة النقض إلى” مادام مقرر الفصل لا ينص على أجل سقوط حق الاجير في إقامة دعواه خلال 90 يوما من تاريخ تبليغه مقرر الفصل فإن هذا الحق يبقى محفوظا خلال أجل السنتين المحدد لأجل التقادم”

الفرع الثاني: تبليغ مقرر الفصل

تنص ف1 من م63 ” يسلم مقرر العقوبات التأديبية الوارد في م 37 أعلاه أو مقرر الفصل إلى الأجير المعني بالأمر يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع اشعار بالتوصل داخل أجل 48 ساعة من تاريخ اتخاذ المقرر المذكور” إذن بعد اتخاذ مقرر الفصل ينبغي تبليغه للأجير وفق مقتضيات المادة المذكور أعلاه.

والملاحظ أن الطريقة الأولى من التبليغ أي يدا بيد مقابل وصل لم تثير الكثير من الإشكالات على خلاف الطريق الثانية.

وقد استقر عمل محكمة النقض على أن العبرة في تبليغ مقرر الفصل داخل أجل 48 ساعة يكمن في وضع الطلب لدى المفوض القضائي أو إيداعه بمصالح البريد داخل هذا الأجل وإن لم يقع التبليغ داخل أجل 48 ساعة.

وهذا ما ذهب إليه قرار محكمة النقض” العبرة في احتساب اجل 48 ساعة من اتخاذ مقرر فصل وتوجيهه للأجير يكون بتاريخ إيداعه بمصلحة البريد- سلامة مسطرة الفصل التأديبي -نعم- طرد تعسفي-لا.

الفرع الثالث: توجيه مقرر الفصل لمفتش الشغل

تنص ف1 من م 64″ توجه نسخة من مقرر الفصل أو رسالة الاستقالة الى العون المكلف بتفتيش الشغل….”

وهكذا بعد اتخاذ مقرر الفصل وتضمينه البيانات المنصوص عليها قانونا ثم تبليغه للأجير، يتعين أيضا توجيه نسخة من مقرر الفصل إلى مفتش الشغل والا اعتبر المشغل قد أخل بأحد الشكليات المنصوص عليها في مسطرة الفصل التأديبي حيث جاء في قرار لمحكمة النقض ” إن المشغل طبق للفقرة1 من م 64 ملزم بتوجيه نسخة من مقرر الفصل إلى العون المكلف بتفتيش الشغل دون حاجة إلى إرفاقه بنسخة من محضر الاستماع…”

وفي الأخير نشير إلى الفقرة الأخيرة من م 64 من م ش تنص على أنه” لا يمكن للمحكمة إلا أن تنظر إلا في الأسباب الواردة في مقرر الفصل وظروفه”

فالعبرة بالسبب المباشر للفصل والوارد النص عليه في مقرر الفصل إذ يتعين على المحكمة ان لا تتعداها إلى ما سواها.

وهو ما زكه العمل القضائي فقد جاء في قرار لمحكمة النقض “لما كان السبب الوارد في مقرر فصل الاجير هو تخليه عن عمله فإنه لا عبرة بما نسب إليه من سب فادح لأصحاب المدرسة المشغلة”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى