في الواجهةمقالات قانونية

الجرائم الماسة بالحياة الخاصة: “” جريمة التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات خاصة أو سرية دون موافقة أصحابها “” –نموذجا-

الجرائم الماسة بالحياة الخاصة:

 “ جريمة التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات خاصة أو سرية دون موافقة أصحابها ” –نموذجا-

ياسين الكعيوش

باحث بسلك الدكتوراه

جامعة سيدي محمد بن عبد الله

كلية الحقوق –فاس-.

    مقدمة:

     يتمتع الإنسان بمجموعة من الحقوق بعضها حقوق شخصية، كحقه في الحياة والحرية والطمأنينة وسلامة جسده وصحته وصيانة عرضه واعتباره، وحقه في السر وحقه في الخصوصية…إلخ. وتعمل الدولة بذلك على صيانة هذا الجانب من الحقوق والدفاع عنها من كافة صور المساس والاعتداء؛ عن طريق أداة القانون الجنائي الذي يبيح للأفراد داخل المجتمع بإتيان أفعال معينة، ويلزمهم بالامتناع عن ارتكاب أفعال أخرى مقابل جزاءات لمن خالف ذلك، حفاظا على الأمن والاستقرار الاجتماعي.

      ونظرا للتقدم العلمي السريع واتساع استخدام أجهزة الاتصال الحديثة على نطاق واسع، فقد تعرضت الحياة الخاصة لانتهاكات متعددة، مما دفع معظم التشريعات إلى بسط حماية أكبر للحق في الخصوصية، كأحد الحقوق الفردية المعبرة عن الحرية الشخصية. حيث اختلفت هذه التشريعات في وضع مفهوم محدد للحق في الحياة الخاصة، إذ عرفه الفقه من زاوية الحق في الحياة الأسرية والشخصية والداخلية والروحية للشخص، عندما يعيش وراء بابه المغلق، وقد قيل أن الحق في الحياة الخاصة هو حق الفرد في استبعاد الآخرين من نطاق حياته الخاصة، والحق في احترام ذاتيته الشخصية، ويعني أيضا حق الشخص في أن يحتفظ بأسرار من المتعذر على العامة معرفتها إلا بإرادة صاحب الشأن، والتي تتعلق بصفة أساسية بحقوقه الشخصية([1]).

       لكن يبقى أشهر تعريف للحياة الخاصة، هو التعريف الذي وضعه معهد القانون الأمريكي، حينما عرف الحق في الحياة الخاصة من زاوية المساس بها بقوله ” كل شخص ينتهك بصورة جدية وبدون وجه حق، حق شخص أخر في ألا تصل أموره وأحواله إلى علم الغير، وألا تكون صورته عرضة لأنظار الجمهور، ويعد مسؤولا أمام المعتدى عليه”([2]).

      وصفوة القول إن الحق في الحياة الخاصة في بداية القرن العشرين، لم يلقى أي اهتمام من قبل التشريعات الجنائية حيث رفضت الاعتراف به كحق مستقل بذاته، ومبررها في ذلك آنذاك أن فكرة هذا الحق تعد غامضة وغير واضحة المعالم والحدود، وبالتالي تمت معالجته من منظور علم الأخلاق وعلم الاجتماع، ولم يتسنى للقوانين الجنائية سوى تجريم فعل القذف، لأن الهدف هنا هو التحقير والحط من الشخص، أما من يذكر أمورا حقيقية تخص حياة شخص معين فلا يسأل جنائيا([3]).

      بيد أن مع مرور الوقت اتجهت غالبية الفقه إلى إقرار الحق في الحياة الخاصة، بوصفه حقا قائما بذاته، بعدما استشعر الجميع أهمية هذا الحق، كما لقي اهتماما دوليا حينما نصت المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه” لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته”. كما نصت المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على” لا يجوز التدخل بشكل تعسفي أو غير قانوني بخصوصيات أحد أو بعائلته أو بيته أو مراسلاته”([4]).

     لذا عملت أغلب الدساتير الحديثة وباختلاف فلسفة نظمها القانونية تضمين الحق في الحياة الخاصة، بجعله حقا دستوريا وجب حمايته من أي اعتداء أو انتهاك، حيث نص الدستور المغربي ضمن الفصل 24 “ لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة. لا تنتهك حرمة المنازل، ولا يمكن القيام بأي تفتيش وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون.

    لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون…“.

     وإذا كان مفهوم الحق في الحياة الخاصة جديد على الفكر القانوني، فإن للمرجعية الإسلامية السبق في إقراره وبيانه وتجسيده بطريقة دقيقة، فالمولى عز وجل ينهانا عن التجسس والاطلاع على أعراض الناس لقوله سبحانه وتعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ([5]). وقد نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن تتبع عورات الآخرين، وعملا بذلك ذهب الفقهاء إلى القول بتحريم التجسس واستندوا في ذلك على قوله صلى الله عليه وسلم” إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا”([6]).

     لكن بعد تطور نمط الاعتداء على الحياة الخاصة للأشخاص باستغلال التقدم التكنولوجي، والذي أدى إلى الابتزاز وانتشار الأخبار الزائفة والمعلومات والأقوال السرية وتداولها على نطاق واسع، حاول المنتظم الدولي جاهدا التفكير في إيجاد مرجعية دولية تؤطر الجرائم المعلوماتية، بعدما استفحلت نوعيتها التي لا تؤمن بالحدود الجغرافيا ولا السياسية بين مختلف دول العالم؛ وهو ما تحقق خلال سنة 2001 بصدور اتفاقية “بودبست” الخاصة بمكافحة الجريمة المعلوماتية والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 2004 لتكون بداية تحول في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية على الصعيد الدولي([7]).

     وأمام تلك التحديات الراهنة للتكنولوجية وسرعة انتقال وانتشار المعلومات والمعطيات التي ألحقت ضررا مباشرا بحرمة الحياة الخاصة، فقد كان لزاما على المشرع الجنائي المغربي أن يبسط حمايته القانونية على الحق في الحياة الخاصة بعدما طالته انتهاكات كثيرة، مستجيبا لمبدأ الشرعية الجنائية ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني” الذي كان يمنع ملاحقة بعض الأفعال المستحدثة، وهو ما تجسد فعلا من خلال التعديلات المدخلة على القانون الجنائي عن طريق قانون محاربة العنف ضد النساء رقم  103.13 الذي دخل حيز التنفيذ في 12 شتنبر 2018([8]) المتمم والمعدل لبعض مقتضيات القانون الجنائي؛ والذي جرم من خلاله المشرع ضمن الفصول 1- 447 و2-447 و 3-447، مجموعة من الأفعال اعتبرها اعتداء على حرمة الحياة الخاصة خصوصا المرتكبة بوسائل معلوماتية حديثة. أهمها:

  • التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها”.
  • تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته.
  • بث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته دون موافقته أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم”.

      ومن البديهي أن يتفطن المشرع الجنائي إلى تجريم تلك الأفعال الماسة بالحق في الحياة الخاصة، نتيجة الانتهاكات التي مست الفرد في ذاته وجوهره وسمعته، بعدما أصبحت نعمة التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، نقمة على حياة البعض الذي يفضل كتمان أموره الخاصة.

       وقد سبق للمشرع المغربي أن جرم مسألة التدخل في الحياة الخاصة للأشخاص، وكذلك المس بالحق في الصورة وذلك بموجب قانون الصحافة والنشر رقم 88.13([9]) الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 15 غشت 2016، حيث اعتبر هذا القانون كل تعريض لشخص يمكن التعرف عليه، وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص تتعلق بحياتهم الخاصة، ما لم تكن لها علاقة وثيقة بالحياة العامة أو الرأي العام جريمة معاقب عليها، والملاحظ على المشرع أنه جرم فعل التدخل في الحياة الخاصة إذا تم النشر في هذه الحالة دون موافقة الشخص المعني بالأمر، أو إذا كان ما تم نشره من معلومات يقصد منه المس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم.

    لكن ما دامت هذه المقتضيات جاء التنصيص عليها ضمن قانون الصحافة والنشر وهو قانون خاص، تبقى مقتضياته قاصرة على فئة الصحافيين والصحافيات والمؤسسات الصحافية حسب المادة الأولى منه؛ ومن ثم طرحت إشكالات واقعية حينما ترتكب هذه الأفعال من طرف أشخاص عاديين على مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية؛ حيث كان التعويض فقط في إطار المسؤولية التقصيرية طبقا للفصل 77 ق ل ع م الذي ينص على كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار من غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا أثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر، وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر .

    لذا فإن المصالح الاجتماعية كلما بلغت في نظر المشرع قيمة كبيرة، كلما أسدل عليها ستار الحماية الجنائية معتبرا المساس بها جريمة تحرك مسؤولية فاعلها ويستتبع إنزال العقاب الزجري به، ومن بين هذه المصالح الاجتماعية حق الشخص في حياته الخاصة.

    وتأسيسا على ما سبق، يمكن التساؤل عن: ما هو نطاق مبدأ الشرعية الذي حدده المشرع في تجريم الأفعال الماسة بخصوصية الحياة الخاصة ؟

    هذا ما سنحاول إبرازه من خلال الحديث عن العناصر التكوينية لجريمة التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات خاصة أو سرية دون موافقة أصحابها، على النحو الأتي:

المطلب الأول: الركن القانوني.

المطلب الثاني: الركن المادي.

  المطلب الثالث: الركن المعنوي.

     لكي يعتبر فعل أو امتناع جريمة بالمفهوم القانوني (بدل الاجتماعي أو الديني) يقتضي توفر مجموعة من الشروط، إذ تشكل هذه الأخيرة العناصر المكونة للجريمة والمحددة لطبيعتها ووصفها، وهي بمثابة أركان تقوم عليها، لذا يستلزم لقيام جريمة معينة ركن قانوني (مبدأ الشرعية) يحدد النموذج الإجرامي محل التجريم (المطلب الأول)، وركن مادي صادر عن الجاني (المطلب الثاني) ثم ركن معنوي والمتمثل في القصد الجنائي (المطلب الثالث).

المطلب الأول: الركن القانون

   إن الشرعية الجنائية تقتضي وجود نص قانوني سابق لفعل الاعتداء، وهذا إقرار لأهم مبادئ القانون الجنائي ألا وهو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات([10])، “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني”([11]). والذي يقتضي أن يكون النص الجنائي المجرم لبعض الأفعال مبينا بصورة واضحة ودقيقة، الأمر الذي يضمن تحقيق فعالية أكبر أثناء تطبيقه، ويعد أيضا قاعدة أساسية يبنى عليها النظام الجنائي في الدول الحديثة، وأخذت بها كل الدول في دساتيرها([12]).

    ولعل التطورات السريعة في عالم المعلوميات والأجهزة الرقمية مست جانبا من حياة الأشخاص نظرا لسهولة وسرعة انتقال المعلومات والأخبار وتداولها في العالم الافتراضي. هذا الأمر جعل القانون الجنائي في صيغته الماضية في موضع لا يحسد عليه، إذ بات غير قادر على ملاحقة بعض الأفعال المستحدثة الماسة بحرمة الحياة الخاصة، والتي كانت نتاج الجانب السلبي للنظام المعلوماتي، ومن ثمة تفاعل المشرع الجنائي بإضافة مقتضيات جديدة لسد الفراغ التشريعي، حيث حدد السلوك المراد تجريمه وعقوبته بقوله ضمن الفصل 1- 447 ق ج  ” يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاثة سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها…”.

    استنادا لهذا الفصل، نلاحظ أن المشرع حدد نموذج السلوك الإجرامي المتمثل في “التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة من صاحبها”، وخصه بعقوبة حبسية ومالية. كما عمل على تشديد العقوبة في حالتين:

      الحالة الأولى : حين قيام الفاعل ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته دون موافقته أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم، حيث خصه المشرع ضمن الفصل 2-447 بعقوبة من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات حبسا وغرامة من 2000 إلى 20.000 درهم.

      الحالة الثانية: وهي في حالة العود أو ارتكاب الجريمة من طرف الزوج أو الطليق أو الخاطب أو أحد الفروع أو أحد الأصول أو الكافل أو شخص له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها أو ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد قاصر، ترفع العقوبة إلى الحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من 5.000  إلى 50.000 طبقا لما ورد ضمن الفصل 3-447 ق ج.

     إن الوصف القانوني للأفعال التي حددها المشرع في النصوص القانونية أعلاه، تبقى غير كافية للقول بوجد جريمة تدخل تحت خانة العقاب، وإنما لابد من ترجمة هذه الأفعال واقعيا في العالم الخارجي حسب النموذج الإجرامي المرسوم سلفا من المشرع الجنائي، وهو ما يسمى بالركن المادي للجريمة الذي نسعى لإبرازه في النقطة الموالية.

المطلب الثاني: الركن المادي

     يعد الركن المادي ركيزة أساسية لتحقق جريمة ما، لكون المشرع لا يعاقب على مجرد النوايا والأفكار الإجرامية ولا حتى على التصميم على ارتكابها-الأعمال التحضيرية- إذا لم توصف بالمحاولة([13]). وبناءا عليه، فالركن المادي يعد أهم وأبرز أركان الجريمة، -ربما الجريمة نفسها أحيانا- حينما تتميز بضعف ركنها المعنوي، إذ بمجرد الامتناع عن تنفيذ ما أمر به القانون تتحقق الجريمة، وبهذا الركن تقوم الجريمة، وذلك عن طريق السلوك الإجرامي.

     ويأخذ الركن المادي في جريمة المساس بالحياة الخاصة إحدى صور النشاط الإجرامي وهي: “الالتقاط أو التسجيل أو بث أو توزيع” معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، وباعتبار هذه الجريمة من الجرائم الشكلية([14]) التي يعاقب عليها القانون بمجرد إتيان الفاعل للنشاط الإجرامي، فإن النتيجة الإجرامية والعلاقة السببية لا أهمية لهما في العناصر التكوينية للجريمة، مما يعني أن المشرع المغربي قد لا يأخذ بعين الاعتبار ما قد ينجم عن الجريمة من أضرار فعلية، بقدر ما ينظر إلى الأخطار المحتملة التي قد تترتب عنها، والتي قد تعرض مصالح أساسية في المجتمع للخطر.

    لهذا تقتضي خصوصية جريمة “الالتقاط أو التسجيل أو بث أو توزيع معلومات صادرة بشكل خاص أو سري” توافر الشروط التالية:

         الشرط الأول: نشاط إجرامي يضم فعل تثبيت أو الالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع معلومات صادرة بشكل خاص أو سري.

            الشرط الثاني: وسيلة في ارتكاب الفعل.

            الشرط الثالث: خصوصية أو سرية الأقوال أو المعلومات.

            الشرط الرابع: ارتكاب الفعل دون إذن أو رضا صاحبه.

الشرط الأول: نشاط إجرامي يضم فعل الالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري.

   يتبين أن النشاط الإجرامي في الجريمة محل الدراسة، يتجسد في سلوك ايجابي([15]) وله أربع صور وهي: (الالتقاط، التسجيل، البث، التوزيع).

  1. مصطلح الالتقاط : الذي أورده المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفصل 1- 447 ق ج مفاده قيام الجاني بأخذ ما بدر من المجني عليه من أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، باستعمال وسائل كيفما كانت بما فيها الوسائل المعلوماتية الحديثة، حيث جاء تفسير مصطلح “الالتقاط” بكونه الأخذ والحصول على الشيء مصادفة دون جهد أو نية في ذلك([16]). وقد اختلفت التشريعات المقارنة في استعمال المصطلحات، إذ ورد في القانون الجنائي الفرنسي مصطلح “التنصت”، وذكر المشرع المصري مصطلح “الاستراق” الذي يقصد به سماع الجاني الحديث في غفلة من المجني عليه كأن يضع أذنه خلف باب الحجرة التي يتحدث فيها المجني عليه أو يختفي الجاني داخل المكان الذي يوجد فيه المجني عليه ليسمع حديثه، مع استخدام جهازا مما أنتجه التقدم العلمي الحديث([17]).

     ولعل خطورة الجريمة محل “الالتقاط” تكمن في استخدام العلم الحديث في ارتكابها، وإعمالا لما تقدم فإن الجريمة لا تقوم في حالة استعمال الجاني التقاط الأقوال أو المعلومات باستخدام أذنيه في الالتقاط السمع على الحديث الخاص، أو أن يدون مضمون الحديث أو المعلومات في ورقة، بل لابد لكي تتحقق الجريمة عن طريق الالتقاط استخدام جهاز أو تقنية معينة.

  1. مصطلح التسجيل: يقصد به حفظ الأقوال أو المعلومات الصادرة من الشخص بشكل سري أو خاص، ونقلها على الشريط المخصص لذلك، بأية وسيلة بما فيها المعلوماتية، شريطة أن تمكن من الاستماع للأقوال أو المعلومات بعد تسجيلها([18]).
  2. مصطلح البث: وهو نشر أو إرسال الأقوال أو المعلومات من مكان الفاعل إلى مكان أخرى، مما يشكل اتساع قاعدة الجمهور المتتبع لتلك الأقوال أو المعلومات، يعني أن يعمل الفاعل على توسيع إفشاء السرية أو الخصوصية التي حصل عليها بين باقي الأشخاص([19]).
  3. مصطلح التوزيع: وهو نقل ومشاركة الشيء على صعيد واسع وتمكين الأشخاص من الحصول على تلك الأقوال أو المعلومات([20])، ويعد الموزع في هذه الحالة مشاركا في الجريمة إذا لم يكن هو الفاعل الأصلي.

     الشرط الثاني: وسيلة ارتكاب الفعل.

     يتعلق الشرط الثاني في الركن المادي بوسيلة ارتكاب فعل (الالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع) حيث ورد في  الفصل 1- 447 ق ج  مصطلح “”بأية وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية””.

    وبالنظر إلى المصطلحات المستعملة في تحديد شروط توافر الركن المادي بخصوص أداة ارتكاب الفعل، نجد أن المشرع قد توسع في بسط الحماية الجنائية للحياة الخاصة، حيث لم يشترط استعمال جهازا محددا، وإنما استعمل مصطلح “”أية وسيلة بما فيها المعلوماتية”” الذي يشمل جميع الأجهزة والتقنيات الحديثة التي قد تظهر في المستقبل، مما يعكس مسايرة المشرع للتطور العلمي المذهل في مجال الاتصالات، كالهواتف المحمولة وآلات التسجيل المتنوعة وكذا تقنيات الالتقاط والتسجيل التي تعمل عن بعد، وتشتغل بواسطة البرمجة المعلوماتية…إلخ. في حين نجد المشرع المصري ضمن الفصل 309 مكرر من القانون العقوبات، ضيف نطاق الحماية باستعماله مصطلح ” الأجهزة أيا كان نوعها” والتي لا تضم التقنيات الحديثة الأخرى كالتقنيات التي ظهرت أو قد تظهر مع التقدم التكنولوجي.

     الشرط الثالث: خصوصية أو سرية الأقوال أو المعلومات.

     يتطلب الشرط الثالث لتحقيق الركن المادي في جريمة (التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها)؛ خصوصية وسرية المعطيات والأقوال محل الجريمة، حيث لا تقوم الجريمة إلا إذا كانت الأقوال أو المعطيات خاصة أو سرية، ولا يريد صاحبها أن يشاركها مع الغير، أما إذا تم مثلا “التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع” محاضرات أو خطب أو بيانات معروفة عند الكثير من الناس، أو أفصح عنها الشخص بمحض إرادته، فلا يشكل ذلك اعتداء على حق الشخص في الخصوصية. حيث ينصرف قصد المشرع من سرية أو خصوصية المعلومات والأقوال، تلك التي يحتاط صاحبها على عدم إفشائها.

      ويقصد “بالأقوال” جميع الأصوات والتصريحات والمحادثات الثنائية بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي… إلخ، التي تصدر من الشخص ولا يريد أن يشاركها مع الغير، أما مصطلح “المعلومات” فيضم مختلف البيانات والوثائق والمستندات سواء ورقية أو رقمية التي تخص حياة الشخص أو أسرته أو عمله…إلخ.

     ونلاحظ أن المشرع لم يشترط أن تكون تلك “الأقوال أو المعلومات” صادرة في مكان خاص، وبالتالي فالعبرة بإرادة الشخص في الحفاظ على سريته من عدمها وليس بالمكان العام أو الخاص، كما هو الأمر في جريمة الاعتداء على الصورة، التي اشترط المشرع في تحققها أن يكون التقاطها واقع بمكان خاص وليس عام، من خلال مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 447.1 ق ج إذ جاء فيها “”…  يعاقب بنفس العقوبة، من قام عمدا وبأي وسيلة، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته””.

      الشرط الرابع: ارتكاب الفعل دون إذن ورضا صاحبه.

      إن الشرط الرابع في الركن المادي يقتضي القيام بالسلوك المجرًم دون إذن أو رضا من صاحب “الأقوال أو المعلومات”، وهو ما جاء في الفصل 1- 447 ق ج لأن رضا المجني عليه يبيح الفعل  ويخرجه من نطاق السرية والخصوصية إلى نطاق العلنية، وبالتالي فلا تقوم الجريمة آنذاك، وهو استثناء على القاعدة الجنائية التي تفيد أن رضا المجني عليه لا يعد سببا من أسباب الإباحة في القانون الجنائي، وعلة ذلك أن معظم الجرائم تشكل اعتداءا على حقوق الأفراد ذات أهمية اجتماعية، ووضع المشرع الحماية يفرض عقوبات وذلك للحفاظ على البعد الاجتماعي لحقوق الأشخاص، ولا يملك الفرد التنازل عن أي حق ذو أهمية اجتماعية لأن ذلك يشكل مساسا بحق المجتمع، وتطبيقا لذلك فلا يمكن تخويل الشخص سلطة التنازل عن حقه في الحياة الخاصة وحقه في الحفاظ على سلامة جسده([21]).  لكن الضرورة الاجتماعية أيضا تقتضي احترام الإرادة والحرية الفردية ومن ثم فلا عقاب على المساس بالحياة الخاصة للشخص إذا كان هذا الأخير يريد أن يشاركها مع الغير ولا يعتبرها خاصة وسرية.

     وعلاوة على ذلك، فالعبرة ليست بمكان خاص أو عام، بقدر ما هي في الطابع السري والخاص ثم موافقة صاحبها من عدمه، حيث لابد من توافر العنصرين معا السرية مع عدم موافقة الشخص على التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقواله أو معلوماته.

المطلب الثالث: الركن المعنوي

     يعد الركن المعنوي ركنا هاما في تكوين الجريمة، والذي يتمثل في القصد الجنائي، أي اتجاه نية الشخص إلى الإضرار بالغير أو الممتلكات مع علمه بأركان الجريمة.

    وإذا أخذنا بالتعريف القائل بأن القصد الجنائي هو انصرام إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة، مع العلم بالعناصر الواقعية والقانونية اللازمة لقيامها، وبصلاحية النشاط لإحداث النتيجة المحظورة قانونا وتوافر نية تحقق ذلك. فإن توافر القصد الجنائي وتحققه لابد من وجود عنصرين أساسيين، وانعدامهما أو انعدام أحدهما يعتبر إخلال بهذا الركن – القصد الجنائي- وهما: اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة، والعلم بتوافر أركان الجريمة كما يتطلبها القانون الجنائي.

     ولعل جريمة “”التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها”” لا تخرج عن هذا النطاق، باعتبارها جريمة عمدية يتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجنائي العام، الذي لا يتطلب لتحقيقه ضرورة توافر نية محددة لدى الفاعل؛ حيث استعمل المشرع مصطلح ” كل من قام عمدا” يعني لا تقوم الجريمة في حالة الخطأ غير العمدي.

      وعليه فإن القصد الجنائي بعنصري العلم والإرادة يجب أن يكونا متوفرين لقيام الركن المعنوي، أي أن يعلم الجاني([22]) بأن الأفعال التي يأتيها وهي (التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابه) تشكل جريمة نهى القانون عن إتيانها، وإذا انتفى العلم لا قيام للركن المعنوي ولا تتحقق الجريمة آنذاك.

     كما يقتضي أيضا أن تتجه إرادة الجاني إلى إتيان نشاطه الإجرامي من أفعال (التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري) حيث تعتبر جوهر القصد الجنائي وتمثل العنصر الوحيد الذي يميز الجرائم العمدية عن الجرائم غير العمدية، على خلاف العلم الذي يعد ضروري ولازم، ولكنه غير كاف لتكوين القصد الجنائي لأنه يتطلب في الجرائم العمدية وغير العمدية على حد سواء.

     وتجدر الإشارة أن الدوافع التي تحرك الجاني وراء سلوكه الإجرامي، والتي يتحقق بها القصد الجنائي الخاص، لا أهمية لها في تقرير العقاب من عدمه، ما دام المشرع قد حدد السلوك المجرَم دون الغاية من ورائه، وبالتالي قد يكون للجاني نية في الإضرار بالحياة الخاصة للشخص، وقد يكون سلوكه فضول فقط.

     وتجدر الإشارة أن استعمل تقنيات ووسائل الالتقاط والتسجيل للكشف عن أفعال محظورة في القانون الجنائي، هو فعل لا يمكن أن يقع تحت طائلة العقاب، كأن يسجل شخص وقائع جريمة الرشوة، أو أن يضع أحد الأزواج جهاز التقاط للكشف عن الخيانة الزوجية…إلخ، فهذه كلها أفعال سرية وخاصة ولا يوافق صاحبها على كشفها، ولكن ما دامت أنها تشكل جريمة في حد ذاتها فإن كشفها مباح.

     خاتمة:

      يمكن القول إن حرية الرأي والتعبير والحق في الحصول على المعلومة كحق قانوني، والذي يعرف امتيازا بوصفه من حقوق الإنسان، فإن الحق في حرمة الحياة الخاصة له أيضا أولوية في حياة هذا الإنسان. وبالتالي فالحية الخاصة ليست مشكلة فردية إنسانية بحثة، بل هي نوع من المشكلات السياسية والاجتماعية؛ إذ أن إضفاء الحرمة على حياة الفرد الخاصة هي حاجة اجتماعية، إذا كان من شأنها الإسهام في استقرار المجتمع وأمنه، لأن الإنسان رغم واجباته الاجتماعية لا يمكن أن يهب نفسه طوال الوقت للآخرين ناسيا بذلك ذاتيته والاستقلالية بكيانه الخاص، فهو يحتاج بأن يخلو إلى نفسه، وأن تكون له خصوصيات يحس فيها بحريته ويشعر فيها بذاته، وهي ممارسة إنسانية ضرورية لكي يكون أكثر فعالية وايجابية في أداء واجبه الاجتماعي على أحسن وجه، لذا يأتي القانون الجنائي لحماية هذه الرغبة الاجتماعية.

      وحقيقة القول إن العمل القضائي الجنائي مستقبلا سيكشف عن فعالية الحماية الجناية للحياة الخاصة من أفعال “الالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها” في إطار التفسير الضيق طبعا للمفاهيم، والتي ستطرح بلا شك إشكالات جمة يمكن لمحكمة النقض توحيد التوجه القضائي فيها.

[1] محمود نجيب حسني، الحماية الجنائية للحق في الحياة الخاصة، مجلة القضاة، العدد السادس، يوليوز 1987 ص 201-202.

[2] أحمد فتحي سرور، الحماية الجنائية للحق في الحياة الخاصة، دار النهضة العربية، سنة 1986 ص 34.

[3] سفيان باكراد، حماية الحق في سرية المراسلات في ظل التطور التكنولوجي للمعلومات، مركز الدراسات المستقبلية في كلية الحدباء الجامعة، مجلة بحوث مستقبلية، العدد 53، سنة 2011 ص 44.

[4] اتجه مؤتمر رجال القانون المنعقد في ستوكهولم سنة 1967 إلى أن الحق في الحياة الخاصة للفرد يعني حق العيش بمنأى عن الأفعال التالية:

  • التدخل في حياة أسرته أو منزله؛
  • التدخل في كيانه البدني أو العقلي أو حريته الأخلاقية أو العقلية؛
  • الاعتداء على شرفه أو سمعته؛
  • وضعه تحث الأضواء الكاذبة؛
  • إذاعة وقائع تتصل بحياته الخاصة؛
  • استعمال اسمه أو صورته؛
  • التجسس والتلصص والملاحظة والتدخل في المراسلات؛
  • سوء استخدام الاتصالات الخاصة الشفوية أو المكتوبة
  • إفشاء المعلومات التي تصل إليه بحكم الثقة في المهنة.

[5] سورة الحجرات الآية 12.

[6] جامع السنة وشروحاتها.           (doc numérique) http://www.hadithportal.com/hadith-6066&book1

[7] أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 نوفمبر 2013 قرارا حول « الحق في الحياة الخاصة في العصر الرقمي » ينظر إلى هذا الحق من الزاوية الحقوقية كحق أصيل من حقوق الإنسان وليس من الزاوية القانونية. وقد حظي القرار المذكور بالترحيب، باعتباره أول قرار صادر عن الأمم المتحدة يؤكد أن حقوق الإنسان في العالم الرقمي يجب حمايتها وتعزيزها بالقدر ذاته، وبهما تتم حماية حقوق الإنسان في العالم المادي. وقد اعتبر الحق في الحياة الخاصة الرقمية يضم مجموعة من الحقوق التي أصبحت جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهي:

  1. الحق في التخفي الرقمي (Droit à l’anonymat numérique) ويعني أن لكل شخص الحق في التواجد على شبكة الإنترنت دون أن يكون مجبرا على كشف هويته الحقيقية شريطة أن لا يضر ذلك بالنظام العام وحقوق وحريات الغير.
  2. الحق في النسيان الرقمي (Droit à l’oubli numérique ) ويعني أن يلتزم المسؤولون عن معالجة المعطيات الشخصية (مواقع التجارة الإلكترونية، المؤسسات العمومية…) بعدم حفظ تلك المعطيات لمدة تتجاوز الغاية التي جمعت من أجلها.

=كما يعني كذلك أن لكل شخص الحق في تعديل أو حتى سحب معلومات تخصه من شبكة الإنترنت (مواقع إلكترونية، مواقع التواصل الاجتماعي…) شريطة أن لا يحدث ذلك ضررا للأشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين يحوزون هذه المعلومات.

  1. الحق في الهوية الرقمية (Droit à l’identité numérique) ويعني أن يكون لكل شخص الحق في التواجد كشخص رقمي Homme numérique)) على شبكة الإنترنت، إلى جانب وجوده كشخص حقيقي(Homme real). وترتبط بهذا الحق ضرورة تجريم انتحال الهوية الرقمية (انتحال البريد الإلكتروني، انتحال صفحة الفايس بوك، انتحال عنوان بروتوكول الإنترنت…).

[8] الظهير الشريف رقم 1.18.19 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439 الموافق لــ 22 فبراير 2018 بتنفيذ القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الجريدة الرسمية عدد 6655 – 23 جمادى الآخرة ( 12 مارس 2018) ص 1449.

[9]   الظهير الشريف رقم 1.16.122 صادر في 6 ذي القعدة 1437 الموافق لــ 10 غشت 2016، لتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، الجريدة الرسمية عدد 6641 ص 1234.

[10] يعود أصل هذا المبدأ إلى الفقيه بكاريا من خلال كتابه ” الجرائم والعقوبات” 1764 إلى أن تم تكريسه في التشريعات الوضعية الحديثة عقب الثورة الفرنسة 1789 ضمن وثيقة إعلان الحقوق والمواطنة، التي جاءت في مادتها الثانية ” لا يجوز عقاب أي شخص إلا بمقتضى قانون صادرا قبل ارتكاب الجريمة”.

[11] ينص الفصل 3 من ق ج م على أنه ” لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون”.

[12] كرسه المشرع المغربي ضمن الفصل 23 من الدستور ” لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبق الإجراءات التي ينص عليها في القانون”.

[13] المحاولة هي جريمة ناقصة، تنقصها النتيجة الإجرامية، ولها ركنين وهما : البدء في التنفيذ وغياب العدول الاختياري. كما لها ثلاث صور وهما: (الجريمة المستحيلة والجريمة الخائبة والجريمة الموقوفة)، والمحاولة لا تكون إلا في الجرائم المادية.

[14] الجرائم الشكلية هي الجرائم التي يتحقق ارتكابها بصرف النظر عن النتيجة التي تهدف إليها، أي أن ركنها المادي يتكون من مجرد سلوك معين بغض النظر عن حصول النتيجة الإجرامية أو عدم حصولها، وهذا السلوك يمكن أن يكون قياما بعمل أو امتناعا عنه. أنظر: أحمد الخمليشي، شرح القانون الجنائي ” القسم العام ” دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، الرباط، سنة 1989، ص 91.

[15] يعد السلوك الإجرامي الايجابي كل حركة عضوية ذات صفة إرادية تتمثل في فعل يأتيه الجاني بمخالفة لما نهى عن إتيانه القانون. أنظر: أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات ” القسم العام”، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986، ص 308.

[16] علي أحمد الزعبي، حق الخصوصية في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المؤسسة الحيدثة للكتاب، لبنان سنة 2006 ص 113.

[17] محمد زكي أبو توتة، الحماية الجنائية للحريات الشخصية، منشأة المعارف بالإسكندرية، مصر سنة 2012 ص 86.

[18] محمد أمين الرومي، جرائم الكمبيوتر والانترنيت، دار المطبوعات الجامعية، مصر سنة 2004 ص 67.

[19]  المرجع نفسه، ص 70.

[20] علي أحمد الزعبي، مرجع سابق، ص 95.

[21] محمود نجيب حسني، مرجع سابق ص 271.

[22] يقصد بالعلم إحاطة الجاني بحقيقة الواقعة الإجرامية، من حيث الواقع ومن حيث القانون الوضعي، لأنه بدون هذا العلم لا يمكن أن تقوم الإرادة الإجرامية جمال الدين عبد الأحد، النظرية العامة للجريمة، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة  1996  ص 332.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى