بحوث قانونية

الإطار القانوني للتوثيق العصري

  • bank-creditdsfdsfsdf
  • مـــقـــدمــــة

    أمام التطور المستمر الذي تعرفه الحياة الاجتماعية والاقتصادية، و ما واكب ذلك من تعدد المعاملات و تشعبها، كان من الضروري تواجد مؤسسة أو نظام قادر على حماية حقوق الأفراد من خلال إضفاء الرسمية على تعاملاتهم و اتفاقاتهم، ولاشك أن مؤسسة التوثيق خاصة في شقها العصري هي المؤهلة للعب هذا الدور، و يعتبر التوثيق مهنة حرة منظمة بمقتضى ظهير 4ماي 1925 و حسب الفصل 1 منه فالموثقون موظفون عموميون يقومون بتلقي الرسوم في نطاق الاختصاص المحدد قانونا و المبرمة بين الأطراف الراغبين في إضفاء الصفة الرسمية على عقودهم ، إلا أن مشروع قانون رقم 09.32 لم يعتبر الموثق موظفا عموميا .

    و قد ظهرت معالم نظام التوثيق العصري في التبلور مع دخول الاستعمار الفرنسي و راح يتطور إلى أن قنن بظهير 4 ماي 1925 و كان يعرف أنداك بالتوثيق الفرنسي و كان الهدف منه حماية مصالحه و نفوذه ووجوده سواء كانت مصالح عقارية أو تجارية أو غيرها كما أن التوثيق العصري دو مرجعية وضعية حيث يستمد أحكامه من القوانين الوضعية الغربية، و بالخصوص القانون المدني الفرنسي.

    ووعيا بخطورة ما يثيره تقادم نصوص ظهير التوثيق العصري من مشاكل على مستوى الواقع العملي للتوثيق عملت وزارة العدل الوصية على قطاع التوثيق مراعاة المتطلبات المهنية بإعداد مشروع قانون 09.32.

    وقد اعتمدنا في مقاربتنا لهدا الموضوع المنهج التركيبي (المقارن). ويبقى التساؤل المطروح هو هل استطاع مشروع قانون 09.32 سد الثغرات التي خلفها ظهير 4 ماي 1925 ؟

    وللإجابة على هدا التساؤل ارتأينا اعتماد التصميم الآتي:

    المبحث الأول : الإطار القانوني للتوثيق العصري

    المبحث الثاني : الرقابة على عمل الموثق العصري و قواعد تلقي الوثيقة العصرية
     

    المبحث الأول : الإطار القانوني للتوثيق العصري

    المطلب الأول : تنظيم مهنة الموثق العصري

    الفقرة الأولى: ولوج مهنة الثوتيق العصري

    يشترط القانون المنظم لمهنة التوثيق العصري، مجموعة من الشروط لكي يكتسب المرشح صفة الموثق العصري، وستعمل على تبيان هذه الشروط وفق المقاربة والمقارنة بين ظهير 1925/5/4 المتعلق بتنظيم شؤون محرري وثائق الفرنسيين + مشروع القانون رقم 32- 09.

    البند الأول: شروط الانخراط في التوثيق العصري

    نص الفصل السابع من ظهير 4 ماي 1925 على مجموعة من الشروط ونجد أنه يكون الترشح لمهنة التوثيق فرنسي الجنسية بحيث يتعارض[1] هذا الشرط القانوني مع مغربية هذا القانون رغم إقراره بظهير التوحيد و التعريب و المغاربة لسنة 1965، وبذلك فإن مهنة التوثيق ممنوعة على المغاربة  ولو توافرت فيهم باقي الشروط، وهذا يعتبر ثغرة في القانون المغربي، بعد أن حصل المغرب على استقلاله السياسي و ما عرفه المجتمع من تحولات اقتصادية و اجتماعية.

    ولعل هذا ما حدا بوزارة العدل الوصية على قطاع التوثيق لتعديل الفقرة الأولى من الفصل السابع أعلاه في مشروع القانون رقم 32-09 الذي أعدته والذي نص في مادته الثالثة عل ىشرط الجنسية المغربية مع مراعاة قيود الأهلية المشار إليها في قانون الجنسية المغربية.وهكذا ندارك المشرع ما فاته في قانون 4 – 5 – 1925.

    فمن حيث الصفة فقد اعتبر التوثيق العصري في فصله الأول أن الموثق العصري موظف عمومي، وهذه الصفة تتناقض والأحكام التي يخضع لها الموظف العمومي في قانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 حيث اعتبر الموظف العمومي هو كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلك الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة، الشيء الذي لا ينطبق على حالة الموثق من عدة وجوه، فمثلا: فالموثق لا يخضع عند تعيينه لأي رتبة إدارية حسبما هو معمول به في الوظيفة العمومية.

    فالموثق يأخذ أتعابه من حيث المبدأ من الأطراف المتعاقدة بخلاف أن الموظف العمومي يتقاضى راتبه من الخزينة العامة التابعة للدولة.

    قد يستخدم الموثق عددا من الأشخاص الآخرين ويدفع لهم أجورهم و الأهم أنه يمنع على الموظف العمومي أن يشغل الغير في إطار وظيفته.

    وقد أثارت صفة الموظف العمومي التي أعطيت للموثق العصري جدلا واسعا في أوساط فقهاء القانون العام، فهناك من اعتبره موظف عمومي وهناك من اعتبره مأمور رسمي ليس إلا (هو كل شخص يتصف بالطابع العام ويقدم للجمهور خدمة عمومية من غير أن يمارس أية سلطة عامة) ، غير أن بعض المجموعات القانونية (مجموعات إدارية) اعتبرت الموثق يمارس مهامه في إطار المنافع الخاصة. وأن الدولة حينما تتدخل في تعيينه إنما تفعل ذلك للتأكيد من أهليته وكفاءته.

    وكل هذا راجع إلى اعتبارات تاريخية قديمة بفرنسا حيث كان التوثيق أحد فروع السلطة القضائية، يضفي الرسمية على عقود الأطراف وهذا ما نقله الاستعمار الفرنسي للمغرب إبان الحماية  ورغم هذا الاختلاف بين الفقهاء فقد عملت الحماية الفرنسية على احترام صفة الموظف العمومي التي خولها القانون للموثق – وذلك من خلال صدور ظهير 1985 يمنح التعويضات للموثقين نفسها الممنوحة للموظفين العموميين. وكذا قرار وزاري بتاريخ 25 ماي 1947 يتعلق بانضمام الموثقين بنظام المعاشات المدنية المحدث بظهير المؤرخ في 1930 إلا أنه منذ بداية خمسينات القرن الماضي بدأت تدخل تعديلات على ظهير 1925 توحي بخطوات نحو التمييز بين مهام الموثق وصفة الموظف العمومي ويتجلى ذلك بالخصوص حول إلغاء الفصل 16 سنة 1951 الذي كان يساهم سنويا في مصاريف مكاتب التوثيق من خلال تعويضات وكذا الفصل 17 منه. وقد احترمت السلطات المغربية بعد الاستقلال المبدأ المذكور وأخضع الموثقين العصريين إلى نظام الوظيفة العمومية

    كما أن المجلس الأعلى ساير هذا المنحى و استبعد في قرار له تطبيق مقتضيات ظ ل ع، اعتبارا لكون الموثق العصري يخضع لأحكام خاصة به.

    وهكذا أسفر الواقع المغربي في جعل التوثيق العصري مهنة حرة نحتكم في أداء مهامها لأعراف طورتها الممارسة المهنية، بعيدا عن أحكام القانون الذي يفترض أنه يؤطر المهنة، وقد خطى المشرع المغربي خطا على هذا الدرب فنص في المادة الأولى من مشروع القانون رقم 32-09 على أن التوثيق مهنة حرة.

    ج: من حيث السن فقد نصت الفقرة الرابعة من الفصل السابع من ظ 4 ماي 1925 بان يكون عمره 25 سنة كاملة، وهي نفس الفقرة التي وردت في المادة الثالثة من المشروع رقم 09.32 تقريبا مع اختلاف في الصياغة فقط حيث نصت على :” أن يكون المترشح بالغا خمسا وعشرون سنة ميلادية كاملة”.

    وما يمكن أن يلاحظ على ذلك وهو تعيين سن المترشح في 25 سنة إذ فما مصير الذين يبلغون أكثر من خمس وعشرون سنة وكذلك ما يأخذ عنها ارتفاع هذا السن بالمقارنة مع سن التخرج من صف الإجازة الذي يتراوح في الغالب عمرهم بين 21 و22 سنة، وليس معقولا إلزامهم بالخضوع للبطالة لسنوات قبل الانخراط في التوثيق.

    د : من حيث المؤهل العلمي ألزم الفصل السابع في فقرته السابعة المرشح لمهنة التوثيق العصري أن يكون حاصلا على شهادة الدراسات القانونية والإدارية المغربية المسلمة من معهد الدراسات العليا المغربي بالرباط، وهو المعهد الذي لم يعد له وجود بعد استقلال المغرب وحلول كليات الحقوق بمختلف المدن محلة، الشيء الذي دفع واضعي مشروع قانون التوثيق 09.32 إلى تعديل هذه الفقرة بالمادة الثالثة في فقرتها الثالثة :”بأن يكون المرشح حاصلا على شهادة الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق المغربية أو ما يعادلها”.

    هـ: من حيث التمتيع بالحقوق الوطنية والمدنية: فإن كل مواطن بلغ سن الرشد القانوني يتمتع بكل حقوقه الوطنية بقوة القانون إلا إذا صدر في حقه حكم يقضي بتجريده من هذه الحقوق كلا أو بعضا، فإنه يمنع على كل شخص صدر في حقه تجريد من حقوقه فلا يمكنه أن يقبل في التوثيق إلا إذا مضت مدة الحكم فيها بالحرمان من الحقوق ورد الاعتبار وهذا فقد نصت الفقرة السادسة من المادة الثالثة من مشروع قانون التوثيق 09.32 ضمن ما يشترط في المشرع أن يكون غير محكوم عليه من أجل جناية أو جنحة باستثناء الجنح غير العمدية إلا إذا رد إليه اعتباره.

    أما الحقوق المدنية فهي الحقوق التي يلزم ثبوتها للمواطنين كي يمارسوا نشاطهم العادي ومن هذا القبيل حق الشخص في الحياة وحقه في العقيدة وحقه في العمل وتتميز بكونها ثابتة لجميع الأشخاص دون تميز بسبب جنسيتهم.

    البند الثاني اجتياز التمرين وأداء الامتحانات

    يعد التمرين الذي يخضع له المرشح لمهنة التوثيق العصري ذا أهمية بالغة في تأطيره وتأهيله لمزاولة مهامه وقد تولى الفصل 8 من ظهير 4 ماي 1925 تحديد مدته التي أعاد مشروع القانون المتعلق بالتوثيق  رقم 09.32 النظر فيها وذلك على الدخول التالي لقد كانت مدة التمرين وفق الفصل الثامن من ظهير 1925 تحدد في ست سنوات بالنسبة للمرشحين الحاصلين على شهادات الدراسات العليا القانونية والإدارية المغربية المسلمة من معهد الدراسات العليا القانونية بالرباط إلا أن هذا المعهد لم يعد له وجود وبالتالي فإنه لا وجود لهذه المدة.

    كما نص هذا الفصل على مدة التمرين المحددة في أربع سنوات بالنسبة لحاملي الإجازة في الحقوق أو شهادة الكفاءة المسلمة من أي مدرسة للتوثيق معترف بها من طرف الدولة، منها سنة واحدة على الأقل بصفة كاتب أول إلا أنه جرى العمل على تقسيمها إلى سنتين بالنسبة الكاتب أول وبعد حصوله على هذه الصفة يجتاز سنتين من التمرين أيضا وفي نهايتها يجتاز امتحانا مهنيا يؤهله لفتح مكتب لمزاولة مهامه كموثق بعد النجاح طبعا، وقد اشترط الفصل 11 منه فلاجتياز هذا الامتحان لابد من أن يدلي الموثق العصري بشهادة من الموثق الممرن يكون مصادقا عليها من طرف السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المختصة على أن يكون قد قضى مدة التمرين القانونية بصفة فعلية ودون انقطاع.

    وبهدف التأكيد على ضرورة احترام هذه الشروط أصدرت وزارة العدل الوصية على القطاع منشور تم تعميمه على السادة الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف بتاريخ 16 أبريل 1998 بعضهم على إشعار وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية للتأكد من ممارسة المرشحين لاجتياز الامتحان المهني التمرين فعليا وقضاء مدته القانونية قبل المصادقة على شواهدهم.

    ونظرا لتجاوز الواقع التوثيق المغربي لمقتضيات الظهير أعلاه فقد تدخل مشروع القانون 09.32 في مادته السادسة لتنظيم فترة التمرين التي جعلها أربع سنوات على أن يقضي المرشح السنة الأولى منها في معهد التكوين المهني للتوثيق الذي سيحدث وسيسير بموجب نص تنظيمي بينما يقضي الثلاث سنوات المتبقية في مكتب موثق غير أن هذا التمرين المنصوص عليه في الظهير ومشروع القانون ليس إلزاميا بالنسبة لبعض الفئات المعفية منه.

    وقد تدخل مشروع القانون رقم 09.32 حيث نص في المادة الثالثة على مباراة الانخراط مهنة التوثيق قبل أن يتطرق في المادة السادسة لاختبارات الترسيم والامتحان المهني حيث أحالت هذه المادة على صدور نص تنظيمي يبدي كيفية إجراءا مباراة الإمتحان المهني ومدة الاختبارات وغيره وفي حالة الرسوب في الامتحان المهني نصت المادة السابعة على إمكانية تجديد فترة التمرين لثلاث فترات لا تتجاوز كل واحدة منها سنة واحدة ت—في نهايتها بالامتحان المهني.

    وقد أعطى القانون فئة من الموظفين من الامتحان المهني بالنظر لمؤهلاتهم التي اكتسبوها من طبيعة وظائفهم المتصلة بعالم التوثيق.

    كما أن الموثق لا يباشر مهامه إلا بعد أداء اليمين القانونية وقد نصت المادة 13 على صيغتها ولعد أداء اليمين يتوجب عليه وضع توقيعه الكامل بكتابة ضبط محكمة الاستئناف التي يعمل بدائرة نفوذها وقد ألزمت المادة 14 من المشروع 09.32 كل موثق باتخاذ طابع يحمل اسمه وصفته وفق نموذج موحد يقترحه المجلس الوطني للموثقين على ألا يعمل به  إلا بعد موافق وزير العدل عليه.

    وقد نصت المادة 10 من قانون 09.32 على ان الموثق يعين بقرار للوزير الأول باقتراح من وزير العدل، وإذا كان من الأنسب يقوم بنفسه بالتعيين بقرار منه بصفته الوزير المباشر لشؤون التوثيق.

    وفي انتظار صدور ظهير تسميته  في سلك التوثيق العصري يمكنه مزاولة مهامه مراعاة تامة لحالات التنافي وفق المادة4 و 5 من مشروع 09.32 يمكن حصر الوظائف والأعمال التي تتنافى مع مهنة التوثيق العصري وهي الوظائف القضائية[2] والوظائف الإدارية[3] والوظائف المأجورة


    الفقرة الثانية: اختصاص ومهام الموثق العصري:

    يمارس الموثق العصري مهامه قانونا في دائرة نفوذ المحكمة المتواجد فيها مقر عمله بحسب إذا كانت ابتدائية أو استئنافية، ويختص نوعيا في حدود ما هو منصوص عليه في ظهير 4 ماي 1925 المنظم للتوثيق العصري المغربي في فصوله[4] 3 و 4 و 5 و 24 منه وكذا بحسب المادة ألأولى من القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي الى تملك العقار كيفما كان نوعها محفظة أم غير محفظة أم يف طور التحفيظ، وكذا يف قانون رقم 18.00 قانون رقم 44.00.

    بالإشهاد على العقود الخاضعة لأحكام القانون الدولي الخاص، ومنها إمكانية توثيق عقود الأحوال الشخصية للأجانب إذا لم تكن قائمة على طقوس دينية كإجراءات جوهرية فيها، فمثلا يختص الموثق في توثيق عقود الزواج والطلاق للفرنسيين والإسبان على اعتبار أن الطابع الديني المحض الذي يميز زواجهم.

    -تأسيس التسيير القانوني للشركات وتغييرها

    -التصرفات الواقعة على العقار غير المحفظ إذا كان خاضعا لأحكام القانون 18.00 او القانون 44.00 او القانون 51.00 وكذا عقود  الوصايات والأكرية والقسمة والتصفية المتعلقة بالعقر غير المحفظ عموما والتي رخص استثناء للموثقين العصريين بتلقيها طبقا للفقرة الثالثة من الفصل الخامس  من ظهير التوثيق العصري اضطلاعهم بالمهام المنوطة بهم قانونا.

    وبالرجوع الى الفقرة الثانية من الفصل السادس من ظهير التوثيق العصري نجد أن للدولة مطلق الصلاحية لتعيين مقر الممارسة والعمل بالنسبة للموثق العصري، وجاء في الفصل الثاني منه “يمكن للموثقين المقيمين بالرباط مباشرة خطتهم يف كل دائرة قضائية لاختصاص الاستئناف، أما الذين يقيمون بدائرة  محكمة ابتدائية فغنهم يباشرون خطتهم يف نطاق دائرة اختصاص محكمة الصالح…”  وبخصوص هذا المقتضى الأخير المتعلق بمحاكم الصالح أصبح متجاوزا لأن محاكم الصلاحية لم يعد لها وجود في التنظيم القضائي للمملكة.

    وفي إطار تحديث هذا القانون وأقلمته مع الظروف لاقتصادية والاجتماعية والقانونية الجديدة للدولة، قد تنبه واضعوا المشروع القانون رقم 09.32 الى القصور الذي يكتنف الفصل الثاني من ظهير 1925، فتولت المادة الثانية عشرة حسم المسألة في اتجاه إقرار مبدأ استئنافية الإشهاد وقد نصت على يمارس الموثق مهامه داخل دائرة محكمة الاستئناف الموجود مقر عمله بها ذلك أن ممارسة مهامهم يف إطار الاختصاص النوعي له نطاق إليمي لا يجوز لهم تخطيه وإلا عدت وثائقهم غير رسمية.

    كما أن المهام الأساسية للموثق العصري تتلخص في إضفاء الرسمية لعى عقود الأطراف الذين يرغبون في ذلك بالإضافة الى تلقي الإشهاد على عقودهم العرفية وتحصيل الرسوم المستوجبة للدولة إثر ذلك.

    كما ان الأوراق الرسمية تستمد رسميتها من خلال وصف يضفيه القانون على عقود الأطراف واتفاقاتهم متى أنجزت بمعرفة أشخاص لهم صلاحية التوثيق (سواء كان موظفا ن موظفي الدولة أو شخصا مكلفا بخدمة عامة) وفق إجراءات شكلية محددة تجعل البيانات والوقائع الواردة فيها والتي شهد الموثقون تحت مسؤوليتهم بحصولها أمامهم ذات حجية قوية في الإثبات لا يجوز الطعن فيها إلا بسلوك مسطرة الزور.

    القواعد التي  يتوجب على الموثق العصري مراعاتها بمناسبة توثيق تصرفات المتعاقدين حيث يتوجب عليه قبل الوثيق التأكد من مجموعة من الحقائق أداء المستحقات لفائدة الدولة ورسوم التسجيل عند الإقتضاء ثن التثبت من أهلية المتعاقدين وتمام رضاهم، ومن هوياتهم طبقا لأوراقهم الرسمية تجنبا  للتلاعب والتزوير، وإذا كان التعاقد بوكيل تأكد الموثق من صحة وكالته وحدودها وصلاحيتها لإجراء التصرف فإذا كان احد الأطراف أميا تاكد الموثق من أهلية الشهود وهكذا.

    وفي خلال مرحلة التوثيق يتوجب  عليه مراعاة القواعد المنظمة لتحرير الصك من تجنب التحشير والتشطيب وقم على الموثق أن يقرأ على الأطراف البيانات الجوهرية في الوثيقة وبيان مقدار التزامهم قبل توقيعهم عليها وخطاية على ذلك ينتقل إلى حفظ أصل الرسم وتمطين أصحاب الشأن من نسخهم.

    وبعد إصدار الورقة الرسمية يكون له قوة الإثبات بين الطرفين المتعاقدين وبالنسبة للأغيار وذلك وفق الفصول 419-420 من ق ل ع وكذا جزاء تخلف شروط الوثيقة الرمية او أحدها بطلان الورقة باعتبارها ورقة رسمية وبالتالي تفقد صفة الرسمية  مما يقلل من قوة إثباتها حيث تصير محررة عرفيا فقط إذا كانت موقعا عليها شريطة رضاهم وذلك حسب الفصل 423 م ق ل ع.

    والمخالفة التي يعتد بها في فقدان الرسمية هي كل مخالفة تؤدي إلى الإخلال بوضع جوهري يف تحريرها كإغفال التاريخ أو اسم الموثق أو أسماء أصحاب الشأن.

    كما أن الورقة العرفية يشترط لصحتها شرطة الكتابة وشرط التوقيع إذ يعتبر شرطا جوهريا في الورقة العرفية التي يصدرها الموثق العصري لأنه دليل نسبة الكتابة الى موقعها ولو لم تكن مكتوبة بخطة.

    إن المشرع المغربي ألزم التوقيع على المحررات العرفية بين المتعاقدين واشترط المصادقة على صحة توقيعهم لدى الجهات المختصة كما في حالة تقييد العقود العرفية بالمجلات العقارية طبقا 72 و 73 في ظهير التحفيظ العقاري.

    وبناء على ما سبق فإن الأوراق العرفية تصير لها نقش قوة الورقة الرسمية في الإثبات إذا ما اعترف الشخص المنسوب إليه الورقة لعرفية الصادرة عن الموثق العصري، بحيث يستطيع الغير نفي صدورها ممن اعترف بها إلا بسلوك مسطرة الطعن بالتزوير، كما يستطيع من أقرها بصدورها منه الطعن بسلامتها المادية وادعاء حصول تغيير في الكتابة أو إضافة او شطب أو إقحام إلا عن  طريق الطعن بالتزوير أيضا.

    وإذا أذكر الخصم صراحة توقيع الورقة العرفية المنسوبة إليه صارت غير صالحة للاحتجاج بها عليه وأصبح على عاتق يتمسك بصدورها  إقامة الدليل على صحة ذلك ولو باتباع  إجراءات تحقيق الخطوط ما لم يكن في وقائع الدعوى ومستندتها ما يغني المحكمة عنه.

    وإذا تم الاعتراف بالورقة العرفية أو تثبت صحتها بعد إنكارها يعتبر التاريخ الذي تحمله حجة بين الطرفين كما هو الشأن باقي البيانات الأخرى، كما يكون هذا التاريخ حجة بين المتعاقدين وخلفهم الخاص حينما يعمل كل واحد منهم باسم مدينة  وكذا بالنسبة لخلفهم العام.

    كما أن الموثق  العصري أصبح بإمكانية إصدار محررات الكترونية الموثقة للأطراف بغض النظر عن طبيعتها الرسمية أم العرفية وهذا ما ذكره قانون رقم 05.53 من فقيمة ثبوتية للمحررات الإلكترونية إذ يشترط فيها أن تكون الكتابة  مقروءة وواضحة يمكن فهمها وإدراك محتواها.

    المطلب الثاني: حقوق وواجبات الموثق

    الفقرة الأولى: حقوق الموثق

    ينص الفصل 14 و المعدل بظهير 18 يونيو 1951 من ذات الظهير على أنه ” يتقاضى الموثقون مرتبا سنويا محددا في 60.000 فرنك ، مجردا من جميع الإمتيازت و التعويضات التي لا ينص عليها النظام المطبق عليهم ، كما لهم الحق في استرداد الإقتطاعات النسبية عما يدفعونه من المبالغ المترتبة عن تحرير العقود ” أي بمعدل 50 درهم شهريا . فإنه زيادة على أنه لم يسبق له وجود في الحياة العملية فإن التعرفة الحقيقية للموثقين تخضع أولا : لقيمة العقد إصباغ الصفة الرسمية عليه ، و كذا للنسبة المئوية المستحقة لهم عن تحرير العقود الرسمية أو العرفية مع مراعاة عدد الكتاب الملحقين بكل مكتب للتوثيق كما تحدد بمرسوم نسبة الإقتطاعات الممولة لصندوق التأمين المالي المحدد بمقتضى الفصل 39 من ذات الظهير      و الذي يتدخل في حالة ما إذا عجز الموثق المحكوم عليه بالتعويض لمتضر من أعماله أو أعمال نائبه.

    ويتم تموين هذا الصندوق من مبالغ تقتطع بواقع %5 من الأجور التي يدفعها الموثقون للخزينة على وجه الأداء أو من الفئة المتحصل عنها من الحسابات الخصوصية المفتوحة للموثقين بالخزينة العامة أو في قباضات الخزينة.

    و ليس للموثق الحق في استرداد أي من هذه المبالغ في أي وقت ، حتى ولو ترك الخدمة لأي سبب دون أن تصدر ضده أية أحكام بالتعويضات ، إذ أن حصيلة صندوق الضمان المالي تكون مخصصة دائما لتغطية التعويضات المحكوم بها ضد أي موثق أيا كان[5] و يجوز لمن أصابه الضرر أن يقيم دعواه مباشرة ضد الصندوق المالي خلال خمسة سنوات التالية لليوم الذي تثبت فيه نهائيا مسؤولية الموثق وإلا تسقط دعوى الضمان ضد الصندوق وليس للموثقين الذين يكفون عن مزاولة عملهم أي حق في استرجاع المبالغ المدفوعة لصندوق التأمين.[6]

    الفقرة الثانية : واجبات الموثق

    في مقابل جملة الحقوق التي خولها القانون للموثق أوجب عليه مجموعة من الواجبات ينبغي مراعاتها في حياته العملية و نجملها في ما يلي :

    – إرشاد الزبون و إسداء النصح له إذ أنه يتحمل مسؤولية أخلاقية وذلك بتذكير أطراف التعاقد بما لهم و ما عليهم و كذا النوع التعاقدي الذي ينبغي تسطيره أو المساعدة على تحريره.

    – إلتزام الموثق بالتأكد من الوضعية القانونية للعقار و التأكد من أصل التملك.

    – التأكد من أن العقار المراد تفويته عقار محفظ لأن الغير محفظ يكون من اختصاص العدول    وليس الموثقين، وعلى الموثق كذلك التأكد من التحملات الواردة على العقار المراد تفويته كأن يكون عليه قيد رهني من أية درج أو دين لأحد الأغيار، فيأمر المالك بتطهيره قبل تفويته      و ذلك بإحضار شهادة الإبراء من الجهة المعنية.

    – إلزام الموثق بالقيام بجميع الإجراءات الشكلية المتطلبة توثيقا : كتسجيل الرسم بإدارة التسجيل و التمبر، و تقييده بالمحافظة العقارية .

    و في حالة إخلال الموثق بإجراءات التسجيل وذلك بعدم تسجيله أو التماطل في تسجيل الرسم، أو لم ينصح الأطراف بالقيام بذلك فإنه يلزم على وجه التضامن بأداء الذعائر و الغرامات والزيادة مع بقية أطراف العقد و في حالة إخلال الموثقين بالإلتزام المنصوص عليه في المادة 12 يكونون مدينين شخصيا بأداء الواجبات، وإن اقتضى الحال بالذعيرة والغرامة والزيادة مع حفظ حقهم في الرجوع على الأطراف بالنسبة للواجبات فقط.

    كم يتحمل الموثق ذعيرة 250 درهما إما في حالة تسليم نسخة من المحرر التوثيقي لم يتضمن مراجع وصل الأداءت مبينة فيها الواجبات بكيفية حرفية تامة، كما يلتزم الموثق بكتمان السر المهني وذلك جريا على سائر المهن الخاصة و خاصة مساعدي القضاء لأن هذا الإلتزام من جملة عناصر أداء القسم قبل الشروع في مباشرة هذه المهنة.[7]


    المبحث الثاني:الرقابة على عمل الموثق و قواعد تلقي الوثيقة العصرية

    المطلب الأول:الرقابة على عمل الموثق العصري و مسؤوليته.

    الفقرة الأولى:الرقابة على عمل الموثق العصري

    إن الموثق العصري بصفته ممارسا لمهنة التوثيق يضطلع بمهام إضفاء الصبغة الرسمية على عقود الفاعلين الإقتصاديين و الإجتماعيين.فيخضع أثناء مزاولة أعماله لثلاثة أنواع من الرقابة:

        – رقابة ذاتية:

    تمارس هده الرقابة الهيئات المنظمة للقطاع إن على الصعيد الوطني حيث تناط بكل من الغرفة الوطنية للموثقين و الغرف الجهوية بوصفها الأجهزة التي تحتكر تمثيلية مهنة التوثيق العصري أمام الأغيار من الأفراد و الإدارات و المؤسسات وتتمتع هده الأجهزة بنفوذ أدبي قوي وسط أعضاءها سواءا على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي حيث تسهر على تحفيز الموثقين على مباشرة مهامهم وفق القانون و مايو جبه من حسن السلوك.

    أما على الصعيد الدولي فإن الهيئات التوثيقية الدولية التي يشغل المغرب عضويتها مثل الإتحاد الدولي للتوثيق اللاتيني ،تحرص على تحفيز الدول على ملائمة قوانينها مع المعايير التوثيقية العالمية وفي هدا توجيه و رقابة تنظيمية غير مباشرة على التوثيق المغربي[8] . وتبقى سلطة هده الأجهزة على الموثقين سلطة معنوية صرفة تنحصر في إصدار النصح و توجيه التوصيات غير الملزمة لهم.


      – رقابة قضائية:

    أسندت المادة 31في فقرتها الثانية إختصاص ممارسة هده الرقابة لقضاة النيابة العامة،ويتعين أن تكون هده الرقابة مرة واحدة على الأقل سنويا و يقومون بالتأشير على السجلات النظامية و تفتيش صندوق الموثقين للإطلاع على حالة الأمانة المودعة لديهم مع بيان اليوم الذي أجروا فيه المراجعة،ويقومون بإنجاز تقرير للوكيل العام للملك يتضمن نتائج المراجعة بالنسبة لكل موثق مشفوعة بآرائهم في الموضوع مع التعليل و التسبيب .

    وقد أعطى الفصل 31 من الظهير المنظم، للنيابة العامة تفويض هدا الإختصاص للقضاة أو لموظف من إدارة المالية أو لموثق مزاول للوظيفة مقابل تعويضات تخصص له عن النقل و الإقامة[9].

    وقد حافظ مشروع القانون32.09 على نفس هده المضامين تقريبا في القسم الرابع الذي عنونه ب”المراقبة و التأديب” و الذي تضمن المواد 65-66-67-68-69-70-71[10]،إقرارا منه بأهمية الرقابة التي يمارسها القضاء على الموثق العصري أثناء مزاولة مهامه.

    إن ما يلاحظ من خلال ما تتم معاينته واقعيا هو كون أن هدا الدور أصبح شكليا يقتصر على مراقبة تاريخ تسليم الأموال و تاريخ تحويلها إلى صندوق التامين وفي أحسن الأحوال لا تتجاوز مراقبة سجلات و أرشيف الموثقين و مدى الإنضباط للأجل القانوني،كما يلاحظ أن هده المراقبة كونها مراقبة عامة ولا تقع على كل وثيقة يحررها الموثق قياسا على ماهو عليه الحال بالنسبة للعدول حيث تطلب القانون بالنسبة لهؤلاء إخضاع كل وثيقة أو رسم يتم تحريره للخطاب الصادر عن قاضي التوثيق،و الأجدر أن تكون أكثر تشديدا بالنسبة للموثق العصري لكون التلقي فيها إنفراد يا و الإشهاد كذلك.

    وبالتالي يمكن إقتراح أن يسند إختصاص مراقبة التوثيق إلى القضاء الجالس لما يتوفر عليه من إستقلال و موضوعية أكثر في القيام بمهامه فضلا على حرفيته و علاقته المباشرة بمجال التوثيق.

       -رقابة إدارية:

    تتجلى لنا الرقابة الإدارية قبل تسلم الموثق لمهامه،حيث ليس للموثق إمكانية التنصيب دون موافقة السلطات العليا التي لها وحدها سلطة تعيينه و تحديد مقر عمله،وتلزمه قبل البدء في وظيفته بأداء اليمين القانونية أمام القضاء،ووضع الشكل و التوقيع و نسخة من محضر اليمين لدى كتابة ضبط المحكمة التابع لها مكتب التوثيق[11].

    وبعد إنطلاق الموثق العصري في مهامه يخضع للمراقبة من طرف موظفي المفتشية العامة لوزارة المالية الدين يحق لهم مراجعة حسابات الموثقين بمجرد الإدلاء برسالة مأموريتهم ليتمكنوا من الإطلاع على كل المستندات و الحجج و الوثائق اللازمة لعمليات المراجعة،و لا يستطيع الموثق العصري الإفلات من التفتيش بإدعاء السر المهني أو حقوق الزبناء.

      الفقرة الثانية:مسؤولية الموثق العصري

    تقتضي ممارسة الموثق العصري مهنته في إطار من الوقار و الإستقامة و النزاهة و الشرف و الأخلاق الحميدة،أن يعمل على تبصير زبائنه و حفظ كيان حقوقهم و مراكزهم القانونية وهو مايفرض عليه في حالة الإخلال بهده الإلتزامات تحمل مسؤوليته التأديبية أو الجنائية أو المدنية تبعا لتصرفاته أثناء مزاولة مهامه.

    المسؤولية التأديبية للموثق العصري :

    يهدف النظام التأديبي إلى معاقبة السلوكات التي تسيء إلى القواعد المفروضة على الشخص بإعتباره ممارسا لمهنة معينة،و المسؤولية التأديبية للموثق العصري إنما شرعت للحفاظ على الأمانة و الثقة و الشرف و النزاهة المفروض اتصاف مهنة التوثيق العصري بها حتى يستفيد المرتادون من خدماتها على أكمل وجه،وهكدا إدا أخل الموثق العصري بواجباته المهنية يكون عرضة للعقوبات التأديبية المنصوص عليها قانونا والتي تختلف حسب نوع المخالفة المرتكبة بين عقوبات من الدرجة الأولى تتمثل في التوبيخ و الإندار ودلك عندما يرتكب الموثق مخالفة للقواعد المنصوص عليها في ظهير4ماي 1925أو عند إخلاله بالواجبات العامة التي تفرضها عليه وظيفته،وهده العقوبات يصدرها الوكيل العام للملك بناءا على تقرير وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها مكتب الموثق المتهم و دلك بعد الإطلاع على البيانات الكتابية التي يتقدم بها هدا الأخير ،غير أن المادة 74من المشروع أسندت اختصاص النظر في المتابعات التأديبية المثارة من الوكيل العام للملك للجنة المنصوص عليها في الفصل 11،على أن يتم الطعن في مقررات هده اللجنة أمام القضاء الإداري وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون 41-90المحدث للمحاكم الإدارية.

    أما فيما يتعلق بالعقوبات التأديبية من الدرجة الثانية تطبق عندما  يتبين من الوقائع المتبثة على الموثق أنها من النوع الذي يؤدي إلى تطبيق هده العقوبات حيث يحيل الوكيل العام للملك هدا الأخير على المحكمة[12]، وحسب الفصل32 من الظهير فإن هده العقوبات هي التوقيف المؤقت،العزل.ويحق للموثق المتهم الإطلاع على جميع الوثائق المتعلقة بالقضية قبل حضوره إلى المحكمة بثمانية أيام،وتعقد المحكمة جلستها العامة في غرفة المشورة في التاريخ المحدد في الاستدعاء.و للموثق الإستعانة بمحام مسجل في قائمة المحامين ويتولى وكيل الملك بعد دلك تقديم ملتمسات النيابة العامة.

    وحسب الفصل 35 ادا صدر الحكم التأديبي غيابيا يمكن للموثق أن يتعرض عليه داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تبليغه فإن لم يبلغ شخصيا فيمكنه أن يتعرض عليه داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ،ويقبل التعرض بمجرد تصريح من الموثق المتهم أو من محاميه إلى كاتب الضبط بالمحكمة التي أصدرت الحكم،و للوكيل العام للملك استئناف جميع الأحكام التأديبية،غير أن الموثق لا يستأنف سوى العقوبات من الدرجة الأولى[13].

    ويجب على الموثق الموقوف أو المعزول أن يتخلى على مهامه بمجرد أن يصبح الحكم القاضي بالعقوبة مكتسبا لقوة الشيء المحكوم به، وهو نفس المقتضى الذي تضمنته المادة 85 من المشروع 32.09.

      -المسؤولية الجنائية للموثق العصري:

    الموثق العصري بحكم مهامه في تحرير عقود الأطراف و توثيقها قد يتعرض للمسألة الجنائية نتيجة جرم يكون اقترفه أثناء ممارسة عمله. كتزوير وثائق أو توقيعات أو حقائق معينة في علاقته بزبائنه،وتشدد العقوبة عند ارتكابه لهاته الجرائم نتيجة صفة الموظف العمومي التي أضفاها عليه الفصل الأول من الظهير و كدا الفصلين 352و353من القانون الجنائي و الغاية من دلك حماية حقوق المتعاقدين وبث الطمأنينة في نفوسهم تجاه من استأمنوا على أسرارهم و تصرفاتهم.

    و حسب المادة 78 من المشروع فإنه إدا قرر الوكيل العام للملك تحريك المتابعة الجنائية ضد الموثق لأسباب مهنية فإنه يمكن للوكيل العام وقفه مؤقتا عن مباشرة مهامه.بعد استشارة اللجنة المنصوص عليها في المادة 11.على أن ينتهي مفعول هدا الإيقاف بمجرد صدور حكم بالبراءة حائز لقوة الشيء المقضي ب. أو بمرور شهر على تاريخ الإيقاف المؤقت دون أن يتم تحريك أي متابعة ضد الموثق[14].

        -المسؤولية المدنية للموثق:

    المسؤولية المدنية للموثق العصري تجد سندها بالأساس في القواعد العامة المسطرة في أحكام ظهير الإلتزامات و العقود،و خاصة الفصل 77 الذي يوجب التعويض لكل متضرر من فعل غيره ادا كان هو المتسبب المباشر للضرر،كما تجد أساسها في القواعد القانونية الخاصة المسطرة في الفصل 39من الظهير الذي قرر أن الموثقين و نوابهم مسئولين شخصيا و ماليا عن الأضرار التي تنشأ عن أخطائهم و أخطاء كتابهم و مستخدميهم المدنية،واستوجب عليهم اقتطاعات بنسبة 5من المبالغ التي يدفعونها لفائدة الخزينة لتمويل صندوق للتأمين يخصص لضمان أداء المبالغ المحكوم بها لفائدة الأطراف المتضررة كلما أعسر الموثق أو نائبه.وهدا ما يجعل صندوق التأمين المذكور دو طابع احتياطي لا يتدخل في مجال ضمان المسؤولية المدنية إلا بعد ثبوت إعسار الموثقين.

    وقد حاول المشروع تكريس هده الحماية من خلال إلزام كل موثق بالتأمين عن مسؤوليته المدنية و أن يبرم هدا العقد قبل الشروع في ممارسة مهامه.

    ورغم سكوت المشروع عن تحديد نطاق التأمين عن الأخطاء التي يلزم الموثق بالتأمين عليها فإن بعض الفقه حاول التميز بين الخطأ المهني الذي جعله ضمن نطاق التأمين كعدم قيام الموثق بإجراءات التسجيل الكفيلة بنقل ملكية المبيع للمشتري ،وبين الخطأ غير المهني و الذي يخرج من مجال التأمين كشتم الموثق لزبونه الذي يعد خطأ عاديا لا علاقة له بأصول مهنته و بالتالي لا يدخل ضمن نطاق التأمين عن المسؤولية[15].

    المطلب الثاني: قواعد تلقي الوثيقة العصرية

    يسلك الموثق مسطرة خاصة نظمتها فصول ظهير التوثيق العصري لسنة 1925 وتبتدئ بإجبارية مسك دفاتر المكتب ومستنداته تنتهي بضرورة حضور الأطراف بمجلس العقد وقراءة بنود الاتفاق عليهم وإجازتهم  إياه بالتوقيع عليه دلالة على إمضائه  وقبوله على ما سنعرف عند تطرقنا لبيانات أصل الرسم التوثيقي ونماذجه، ونظرا لخضوع المغرب للسيطرة الاستعمارية التي كان التدخل التشريعي احد أبرز وجوهها، وما استتبع ذلك من إقصاء للغة العربية من التواصل الإداري وإحلال اللغة الفرنسية محلها وفي هذا السياق نفهم سيادة اللغة الفرنسية في العمل التوثيقي العصري طيلة فترة الحماية ولحد الآن  رغم حصول المغرب عل استقلاله منذ ما يزيد عن نصف قرن.

    ورغم انخراط المغرب في سياسة التعريب يبقى قطاع التوثيق العصري خارج سرب هذه السياسة حيث لم يتطور لمسايرة التحول الاقتصادي والاجتماعي والقانوني  المغربي الجديد لما بعد الاستقلال وفي ضوء ذلك سنتطرق إلى تلقي الوثيقة العصرية  ثم بنية الوثيقة العصرية وبياناتها.

    الفقرة الأولى: تلقي الوثيقة العصرية

    يتلقى الموثق العصري إشهاداته على العقود  والرسوم بشكل انفرادي ويفترض حضور ألأطراف جميعا في مجلس العقد ويتولى الموثق تسيير المفاوضات وتوثيق جميع المراحل في مستنداته مع الحرص  الحياد.يتلقى الموثق العصري إشهاداته بانفراد كما نص على ذلك الفصل 21 من ظهير 1925، وإن أهم ما يميز التوثيق العصري عن العدلي مسألة التلقي الانفرادي فالوثيقة العدلية يجب أن تصدر بذكر اسمي العدلين ودائرة انتصابهما وتذيل بشكلهما وتوقيعهما  وهذه البيانات هي من أهم الضوابط التوثيقية  الأساسية التي يؤدي إغفالها إلى المس بالقوة الإثباتية للوثيقة أما التوثيق العصري فالتلقي لا يتم إلا بموثق واحد حيث نصت الفقرة ألأولى من الفصل 21 على أنه لا يشترط لصحة الرسوم وفي كافة الأحوال مساعدة موثق ثان.

    ويبقى الإشكال المطروح هنا هو أنه كيف للمشرع أن يسمح بصدور محررات الموثقين العصريين المتلقاة انفراديا  دون رقابة من قاضي التوثيق بينما يوجب هذه الرقابة على وثائق العدول رغم أن التلقي فيها يتم ثنائيا إلا في الحالات الاستثنائية قانونيا، لذلك فوثائق ورسوم الموثقين العصريين لا تحمل سوى توقيع الموثق رغم أنها وثائق رسمية لا يطعن فيها إلا بسلوك مسطرة الزور[16].

    والتوثيق العصري إذ يعتمد التلقي الانفرادي مبدأ للعمل يخالف بذلك مجموعة من القواعد الصريحة المنظمة للإثبات في الشرع الإسلامي يقول تعالى :”واستشهدوا شهيدين من رجالكم” وإزاء التلقي الانفرادي يحرر الموثق محرراته بلغة اقتضتها الظروف التاريخية  الحساسة التي واكبت ظهور القانون المنظم حيث ان الفهم الحرفي لنصوص ظهير 1925 من شأنه أن يدلل على وجوب اعتماد اللغة الفرنسية في العمل التوثيقي العصري وذلك طبقا للفصل 22 من ظهير 1925 حيث ينص على أنه إذا وجد الموثق أن أحد الأطراف لا يحسن اللغة الفرنسية استعان بترجمان قضائي أو بترجمان محلف وإن لم يوجد فبترجمان يؤدي اليمين أمامه لهذا الغرض وبعد أن يشرح الترجمان مضامين العقد لمن لا يتقن الفرنسية يمضي كشاهد إضافي ونترجم للفرنسية حروف التوقيع المكتوبة بالأحرف غير اللاتينية ويوقع الترجمان على صحة ترجمتهما أسفل الإسم.

    ورغبة من المشرع في تجاوز هذه الأوضاع الشاذة المكرسة في نصوص ظهير 4 ماي 1925 فقد حرصت وزارة العدل  أثناء إعدادها للمشروع 09.32 على التدخل من خلال المادة 42 التي أوجبت على الموثقين تحرير وثائقهم باللغة العربية كقاعدة عامة على أنه يرخص  استثناء كتابتها بلغة أخرى غير العربية إذا رغب الأطراف في ذلك وبهذا يتبين أن ظهير 1925 من بقايا عهد الاستعمار البائد  السيء الذكر الذي يحتاج للتجديد وإعادة التنظيم أولا بأول في ضوء  النظام العام القانوني المغربي وفي جملته قواعد الدستور ذات الصلة والأحكام العامة للإثبات في الشريعة الإسلامية مع الأخذ بعين الاعتبار مستجدات التوثيق المعاصر وما راكمه التوثيق العدلي على هذا الصعيد.

    ونجد أن تعريب العمل التوثيقي العصري يرتبط شأنه شان  باقي المرافق العامة بالسياسات التي تنهجها الدولة في سبيل تحقيق استقلالها القانوني والسيادي  تجاه الخارج من جهة وفي سبيل تكريس الوحدة الداخلية من جهة أخرى فاللغة هي وسيلة وأداة ضرورية للنص التشريعي كي يحقق هدفه في تنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم من جهة ثم بينهم وبين أشخاص القانون العام من جهة أخرى.

    وتبقى اللغة الوطنية في النصوص القانونية وفي التواصل الإداري هي لأقدر على تحقيق الغاية في ضبط سلوك الأفراد في الدولة والمجتمع كونها المؤهلة لإدراك المخاطبين بالنص القانوني وقواعده  التنظيمية الآمرة منها والمكملة.

    ألزم ظهير 4 ماي 1925 الموثق العصري أثناء مباشرة وظيفته بمسك مجموعة من البيانات والدفاتر واللوائح المكتبية كما افترض عليه وجوبا تحرير العقد وفق ضوابط خاصة ولا يضفي عليه الرسمية إلا بعد أن يحضر لديه أطرافه ويقرأ عليهم بنوده.

    يتلقى الموثق إشهاداته في دفتر الفهرسة المنصوص عليه في الفصل 26 بدون انقطاع ولا بياض ولا مسافة بين السطور وبصورة منتظمة طبقا للفقرة ألأولى من الفصل 26 ويتضمن كل فصل  من فصول دفتر الفهرسة رقم الوثيقة، تاريخ الوثيقة، نوع العقد وطبيعته الأسماء الكاملة للأطراف ومحل إقامتهم وبيان محل العقد  إذا كان أملاكا فموقعها وثمنها إذا كان ألأمر يتعلق بعقود الملكية أو الانتفاع أو التصرف في الممتلكات ثم نجد تسجيل الرسم وبياناته.

    ويتعين على الموثق تقديم دفتر الفهرسة كل شهر لقابض التسجيل بمحل إقامة الموثق الذي يؤشر عليه.

    ويعمل الموثق العصري على تحرير أصل الرسم بعناية تامة دون انقطاع ولا بياض ولا تحمل أو إقحام أو إضافة مع التعريف بالأطراف التعريف الكامل، وبيان المبالغ والتواريخ بالحروف والأرقام  وإلحاق الوكالات بأصل الرسم.

    ولا مانع في الاعتذار والتصحيح في الطرة أو في آخر الرسم عن كل إلحاق أو تصحيح مع الإشهاد عل ذلك ولأن المشرع في ظهير التوثيق العصري منع الاعتذار في صلب الوثيقة دون الطرة أو في الأخير فقد منع مشروع القانون 09.32 ورود أي انقطاع أو إصلاح في صلب الوثيقة أو أي إقحام أو كتابة في السطور أو إلحاق أو تشطيب أو ترك بياض باستثناء ما يفصل بين الفقرات والبنود شريطة  وضع خط عليه، فيما يصح بالاعتذار وتصحيح الأخطاء والإغفالات بوساطة إحالات تدون إما في الهامش أو في أسفل الصفحة على أن يتم التنصيص في الصفحة الأخيرة على الكلمات والأرقام الملغاة وعدد الإحالات والإشارة إلى الحيز الفارغ من الكتابة مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه وتوقيع الموثق على ذلك وختمه بطابعه طبقا للمادة 41 التي أوجبت أيضا ترقيم جميع   صفحات المحرر والإشارة الى عددها  في آخره.

    غير انه ومراعاة للتطور الكبير الذي ما فتئت وسائل الكتابة تراكمه والذي تكلل في السنوات الأخيرة بإدخال أجهزة الحاسوب إلى الخدمة في المجال التوثيقي، فقد أصبح من المتجاوز الحديث عن التصحيح والإقحام ولإلحاق وغيره نظرا لما تتيحه هذه الوسائل المتخذة من إمكانات التصحيح متى تطلب الأمر ذلك وبالتالي كان حريا بواضعي المشروع 09.32 مراعاة هذا المعطى ومنع أي تصحيح أو إلحاق أنى كان ومهما اعتذر عنه.

    ونجد أن العقد التوثيقي هو من أهم العقود المتلقاة وفق مراسمها الشكلية والرسمية المفترضة قانونا وهو بذلك  يختلف عن العقد العرفي الذي يوقعه ويمضيه الأطراف دون حضور المحرر ودون أدنى شروط شكلية أو مراسيم رسمية.

    فالموثق بعد أن يتلقى مضامين العقد وعناصر الاتفاق وبعد ان يحرر العقد في صورته النهائية بجميع بياناته الأساسية كما سنعرفها يحدد الأطراف اليوم الذي يقرأ فيه الرسم عليهم لتوقيعه ويتوجب قانونا حضور الأطراف في مجلس العقد تحت طائلة البطلان، كما يتوجب على الموثق الحضور بنفسه حيث يتأكد من هوية الأطراف الكاملة طبقا لأوراقهم الرسمية كالبطاقة الوطنية او جواز السفر أو جواز السياقة أو غيرها وبعد تحقق هذه الإجراءات  على الوجه المطلوب ينطلق الموثق في توضيح جوانب العقد للأطراف ومقدار التزام كل طرف وآثار ذلك عليهم مع مدهم بالبيانات اللازمة والتوضيحات الكافية في خصوص البنود التي يحتويها الاتفاق لتأتي مرحلة التوقيع حيث يوقع الأطراف والمترجم والشهود عند الاقتضاء ثم يوقع الموثق ويخاطب بدمغته على الرسم إيذانا برسميته وبذلك فمحررات الموثقين العصريين تمر من أربع مراحل قبل صيرورتها رسمية وهي المناقشة والتحرير والقراءة ثم التوقيع.

    الفقرة الثانية: بنية الوثيقة العصرية وبياناتها

    إن  الموثق العصري  لا يخاطب بدمغته العقد التوثيقي إلا بعد أن تستجمع وثيقته كامل البيانات المفروضة قانونا.

    ومعلوم أن تشكيل الموثق لبنية النص العقدي يخضع لإجراءات قانونية وشكلية  ينبغي عليه احترامها وهو يكتب محرراته حتى يتأتى بناؤه لها قانونيا وخاليا من أي عيب عساه أن يؤثر في قيمتها الثبوتية وبالتالي سنتطرق أولا لفرش النص العقدي وهو فاتحة الوثيقة أو ديباجة الصياغة العقدية أو التقديم ويتضمن الإشارة إلى تاريخ مثول الأطراف أمام الموثق للإشهاد عليهم وهو في البيانات الجوهرية حيث يترتب على تخلفه بطلان العقد كوثيقة رسمية ثم يتضمن تعيين الموثق والدائرة المنتصب للإشهاد فيها لإضفاء الصيغة الرسمية على توثيقه وأيضا التعريف بالأطراف وضبط هوياتهم من خلال وثائقهم الرسمية وذكر موطنهم ومهنتهم وازديادهم حالتهم العائلية ومراجع الوثائق التي استقيت منها هذه المعلومات وكل ما يتعلق بها، ثم يجب الإشارة إلى أن الأطراف حضورا لدى الموثق والتمسوا منه الإشهاد عليهم في الاتفاق الحاصل بينهم مباشرة  بلا تدخل منه ولا مشاركة وغنما كموثق رسمي مكلف بالإشهاد وأخيرا نجد  تعيين مجلس العقد إذ له دوره الأساسي في ضبط الاختصاص القضائي والقانوني في حالة ما لم يتفق الأطراف على مخالفة القواعد القانونية المكملة في هذا الجانب.

    وبعد فاتحة النص العقدي هناك هيكل النص العقدي ويتجسد في موضوع العقد الذي يمثل الجزء الأساسي للمحرر الرسمي كونه يبين ما تعلق به الرضا في التعاقد ويحدد مقدار الاتفاق وآثاره ونجد أنه هناك بنود مبلورة للعناصر الأساسية في وثيقة  العقد وتتلخص هذه البنود يف كل الفقرات التي تحدد وقع التراضي بخصوصه والذي في ضوئه نستطيع تحديد طبيعة العقد وتكييفه بشكل صحيح والعناصر الأساسية لكل عقد هي  التي تؤدي تخلف أحدها أو بعضها أو كلها إلى عدم انعقاده من الأساس وهي إما أساسية بحكم القانون أو أساسية بحكم الاتفاق وهناك بنود مبلورة للعناصر الثانوية في الصيغة العقدية وهي تلك العناصر التي يفترض أن الطرفين قد ارتضياها ضمنا ومع ذلك يستحسن ذكرها في الوثيقة جنبا إلى جنب مع البنود التي يخالف بها المتعاقدين أن القواعد المكملة غير أن إغفال ذكر العناصر  الثانوية للعقد في الوثيقة لا يؤثر في صحتها لأن ذكرها إنما هو على سبيل التأكيد لما هو مضمن من قواعد تكميلية في النصوص القانونية المنظمة.

    وهناك أيضا البنود المبلورة للعناصر العرضية في الصيغة العقدية وهي كل العناصر غير المألوف إدراجها فيها إنما يقع إيرادها على سبيل الاستئناف والضمان كما في حالة إدخال الأغيار كملتزم بالثمن في البيع أو إشهاد شخص في العقد على هوية من لا يمتلك وثيقة رسمية تعرف به أو إشهاد شخصين في حالة التلقي الرسمي من الأمي.

    وأخيرا نجد البنود المبلورة للعناصر القانونية في الصيغة لعقدية ويقصد بالعناصر القانونية في الوثيقة الدالة عن العقد ما يرد فيها بناء  على اشتراط قانوني ويدخل في هذا القبيل إشارة الموثق الى تلاوة النصوص المحاربة للتملص الضريبي  وكذا الجزاءات التي يمكن فرضها عند ثبوت صورية الثمن.

    وبعد هيكل النص العقدي نجد سور أو القفل أو الخاتمة ويقصد به تلك البنود التي ترمي إلى بيان تمام كتابة ما يتعلق به الرضا في العقد والآثار القانونية لذلك وتتلخص  أهم بيانات السور في تعيين محل المخابرة والتقاضي ثم  إلتماس التسجيل بالسجل العقاري إذا كان العقد بيعا واقعا عل عقار محفظ بعد ذلك الإشارة إلى قراءة العقد على الأطراف واضطلاعهم على بنوده ومقدار التزام كل طرف ثم الإشارة إلى حصول التوقيع دلالة على إمضاء العقد وقبول مضمونه والرضاء به رضاء تاما في اللفظ والمعنى بعد ذلك الإشارة إلى توقيع الشهود والترجمان  والضامن عند الاقتضاء وأخيرا تعيين مكان تحرير العقد وتاريخه.

    اشترط القانون المنظم للتوثيق العصري في المحرر الرسمي مجموعة  من البيانات حتى يكتسب رسميته وقوته الحجية فإذا تخلف بيان جوهري من عناصر الوثيقة ترتب عنه بطلان الاحتجاج بها كوثيقة رسمية وانجدرت حجيتها إلى درجة  الوثيقة العرفية إذا كانت موقعة من ذوي الشأن ووالمصلحة وإلا صارت مجرد بداية حجة كتابة وتتلخص بيانات أصل الرسم التي اوجب القانون توفرها فيه حتى يكتسب قوته وحجيته في التاريخ والدائرة المنتصب فيها الموثق للإشهاد حيث اوجب المشرع الإشارة لذلك في طليعة الرسم ثم نجد الإشارة إلى مجلس العقد وان الأطراف الذين حضروا لدى الموثق العصري والتعريف بالأطراف من خلال  وثائقهم الرسمية وذكر موطنهم وكل ما يتعلق بهوياتهم ثم الإشارة إلى رضا الأطراف بالعقد وهم في حالة رشد وصحة وطوع بعد ذلك وصف محل التعاقد ومقدار التزام الأطراف مع بيان المبالغ المالية بالحروف والأرقام والإشارة لقراءة العقد على الأطراف واستيعابهم مضامينه وقبولهم به والتذكير بالقوانين المحاربة للتملص الضريبي والجزاءات الجاري بها العمل بعد ذلك تعيين محل المخابرة والتقاضي وتموقع الأطراف والموثق وعند الاقتضاء الشهود والترجمان ثم خطاب الموثق بدمغته إشهادا وإيذانا بصيرورة  الرسم عاما كوثيقة رسمية وقد أوجب الواقع في دمغ كل موثق  أن تكون خاصة به وأن تحمل اسمه وصفته كموثق  والدائرة المنتصب للتلقي فيها على شكل موحد.

    وبعد هذا يصير أصل الرسم جاهزا للاحتجاج به في وجه الأغيار وهو الوثيقة التي يحفظها الموثق بديوانه ضمن مستندات تحفظ الأصول إلى جانب الوكالات وباقي وثائق الملف فيما يسلم للأطراف نسخة تنفيذية تكون مشهودا بمطابقتها للأصل  وموقعا ومخاطبا عليها بدمغته في جميع  صفحاتها مع الإشارة إلى بيانات التضمين بأصل الرسم ثم بيانات التسجيل مع ذكر التاريخ ومكان تحرير الوثيقة.

    وأخيرا نلخص إلى أن الرسم الباطل بسبب عيب في بيان من بياناته الجوهرية أو بسبب رفض احد الأطراف التوقيع عليه أو عدم اختصاص الموثق أو عدم أهليته  يصلح إلا كوثيقة عرفية في الحالة التي يكون فيها موقعا من المتعاقدين وهو ما نص عليه الفصل 423 من ق ل ع والفصل 29 من ظهير 1925، وجب الفصل 25 من الظهير فإنه إذا توفي موثق قبل أن يوقع على الرسم الذي تلقاه وبعد توقيع الأطراف المتعاقدة والشهود عليه يمكن للمحكمة الابتدائية المختصة بناء على طلب من الأطراف أو من احدهما أن تصدر أمرا يقضي بتصحيح هذا الرسم من قبل موثق آخر بحيث يضع عليه توقيعه بمحضر الأطراف بعد أن يقرأ عليهم مضمنه ويصرحون بقبولهم بهذا المضمن وفي هذه الحالة يعتبر الرسم صحيحا كما لو كان موقعا من الموثق الذي تلقاه غير أن المادة 45 من المشروع 09.32 اشترطت تقديم  الطلب من الطرفين وفي ذلك تضييع لحقوق أحد الأطراف فيما إذا رفض الطرف المقابل إتمام الإجراءات التي توقفت لسبب لا دخل له فيه ولا ذنب.

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    الـفـهــرس

     

    مقدمة:…………………………………………………………………………1

    المبحث الأول : الاطار القانوني للتوثيق العصري………………….…………2

    المطلب الأول: تنظيم مهنة التوثيق ………………………………………..2

    الفقرة الأولى : الولوج الى مهنة التوثيق…………………………….2

    الفقرة الثانية : اختصاصات الموثق و مهامه…………………….. …7

    المطلب الثاني : حقوق وواجبات الموثق العصري………………………….10

    الفقرة الأولى : حقوق الموثق العصري……………………………..10

    الفقرة الثانية : واجبات الموثق العصري……………………………11

    المبحث الثاني : الرقابة على عمل الموثق وقواعد تليق الوثيقة  العصرية…………12

    المطلب الأول: الرقابة على عمل الموثق ومسؤوليته……………………………..12

    الفقرة الأولى: الرقابة على عمل الموثق…………………………………..12

    الفقرة الثانية: مسؤولية الموثق العصري………………………………….14

    المطلب الثاني: قواعد تلقي الوثيقة العصرية………………………………17

    الفقرة الأول: تلقي الوثيقة العصرية……………………………………….17

    الفقرة الثانية:بنية الوثيقة العصرية وبياناتها………………………………20

    الخاتمة:………………………………………………………………………..24

    لائحـة المراجع:………………………………………………………………..25

    الفـهــرس:………………………………………………………………….26

    [1] – عبد المجيد بوكير: التوثيق العصري المغربي الطبعة الثانية 2010 ص 50

    [2] – المرجع السابق ص 78

    [3] – المرجع السابق ص 79

    [4] -ينص الفصل الثالث من ظهير 1925 يختص الموثق العصري بالإشهاد على العقود التي تتعلق بفرنسي او بغيره من الأشخاص الخاضعين لسلطة المحاكم الفرنسية سواء كان طرفا يف العقد أم مستفيدا منه، ولو كان الطرف الثاني مغربيا يمكن أن يتلقى الموثق الرسم المكتوب.

    -العقود المراد الإدلاء بها في فرنسا او يف الخارج أو أمام سلطة إدارية ولو كان طرف العقد مغاربة بشرط ان يشير ال ذلك صراحة في العقد

    -عقد الوكالة الصادر من طرف احد المغاربة الى أحد الأشخاص الخاضعين للمحاكم الفرنسية بعد إذن المحكمة الابتدائية أو قاضي الصالح.

    [5] بمعنى لا يستفيد الموثق من هذا الصندوق في حياته العملية و بعد توقفه عنها إلا إذا ارتكب شخصيا أو بواسطة معاونيهم خطأ مهني حكم عليه لأجله بتعويض و عجز عن أدائه فيحل الصندوق مكانه

    [6] أحمد خرطة ،مرجع سابق ، ص 20-21-22.

    [7] أحمد خرطة ،مرجع سابق ، ص 24-25-26.

    [8]  “الثوثيق العصري المغربي”ل”عبد المجيد بوكير” مرجع سابق ص195

    [9]  أطروحة لنيل الدكتوراه ل “الجلالي أبو حبص”تحت عنوان “النظام القانوني لإقتناء سكن في المدار الحضري” سنة 2008،ص214

     [10] تقول المادة 65 مثلا”يخضع الموثقون سواءا فيما يخص عملياتهم الحسابية أو الأموال و القيم المودعة لديهم أو التي يتولون حساباتها أو فيما يخص صحة عقودهم وعملياتهم و احترامهم للقانون المنظم للمهنة لمراقنة مزدوجة يتولاها الكيل العام للملن لدى محكمة الإستئناف او من ينوب عنه التي يوجد بدائرة نفودها مكتب النوثق و الوزارة المكلفة بالمالية طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل”.

    تنص كدلك المادة 67على”للوكيل العام للملك لدى الاستئناف أو من ينوب عنه حق مراقبة المحفوظات و السجلات النظامية و سجلات المحاسبة و التأشير عليها مع بيان تاريخ إجراء المراقبة”

     

     

     

    [11]  “الوجيز في القانون الخاص التوثيقي بالمغرب”ل”حسن الصفريوي”طبعة 1988،مطبعة النجاح الجديدة ،ص 34

    [12]  الفصل 34 من ظهير 4 ماي 1925

    [13]  “التوثيق العصري المغربي” مرجع سابق ص207

     [14]  “الثوثبق العصري المغربي” مرجع سابق ص213

    [15]  “محمد الكشبور “”المهن القانونية الحرة انطباعات حول المسؤولية و اليأمين منشور ضمن أعمال الندوة بالمجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية العدد25 ص217.

    [16] -د.عبدالرحمان بلعكيد ص 314.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى