لقد عرف الفقه الشكلية الاجرائية، بأنها الطريق المؤدى الى الحق، وقد عرفها الدكتور احمد ابو الوفاء، بالاجراءات التي يجب مراعتها عند الالتجاء للقضاء، وكدا المواعيد التي يجب أن تحترم عند اتخادها، وبيان الجزاء المترتب عن مخالفتها، وكيفية التمسك بها.
ومن خلال هذا التعريف يتضح مدى اهمية الشكلية الاجرائية، في المحافضة على الحقوق، فقانون الاجراءات الشكلية وضع ليوجه صاحب الحق، الى السبيل التي تؤدى به الى حماية حقه.
ويطلق تعبير الشكلية الاجرائية، على الوسائل التي يستعملها الخصم ويطعن بمقتضاها في صحة الاجراءات الدعوى دون التعرض لاصل الحق موضوع الدعوى، ويتفادى بذالك الفصل فيها مؤقتا، كأن يدفع بكون الدعوى رفعت الى محكمة غير مختصة أو رفعت بأجراء باطل.
[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]
وبذالك يتضح الفرق بين الدفع الشكلي، الذي لايوجد الى أصل الحق، وبين الدفع الموضوعي الذي يهدف الى انكاروجوده، أو انقضائه. وقد عرف الفقهاء الفرنسيون الدفع الشكلي بأنه وسيلة دفاع
بمقتضاه وذالك كله من غير المساس بأصل الحق المدعي به. وهكذا يتبين أن الدفع لايتوجه الى أصل الحق المدعى به وإنما يوجه الى الإجراءات التي اتخدت في سبيل الوصول إليه.
وقانون الإجراءات الشكلية ليس قانونا جديدا، وإنما يجد له جدور في القانون الروماني الذي كان لايقبل اللجوء إلى القضاء إلا بعد توفر شروط معينة مشار إليها في مؤلف نظرية الدفوع في قانون المرافعات للدكتور أحمد أبو الوفا.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع، تدخل المشرع لتنظيم هذا المجال، إذ لايمكن ترك الأمر للأطراف، لإختلاف وتشعب وسائل دفاعهم عن حقوقهم، وكذالك عدم ترك تنظيمه، للقضاء لإختلاف تقديرات القضاة لواقع كل نازلة على حدة.
ومن تم فإذا كانت الشكلية الإجرائية لها هذه الأهمية البالغة في الوصول إلى الحق، فيتحتم أن تكون هذه الأداة صالحة وبريئة للكشف عن الحقيقة، وتؤدي عن طريق التشديد في التمسك بها إلى ضياع الحق وبالتالي كما أشار البعض إلى حالة تفضيل الشكل على الموضوع، وانطلاق من هذا الإعتبار يبرز إشكالية الموضوع الذي نحن بصدد محاولة معالجته وتتمتل في التطبيقات العلمية للشكلية الإجرائية.
ومدى مساهمة الشكلية للإجرائية في تحقيق العدالة.
وسوف نحاول قدر الإمكان إلا جابة على هذا التساؤل من خلال تقسيم الموضوع إلى مبحتين.
الأول: المقال الإفتتاحي المبحت
يعتبر المقال الإفتتاحي الدعامة و الركيزة التي تبنى على أساسها الدعوى. ويصدر هذا المقال كتابة كشرط أساسي وجوهري حتى يعش بالوثيقة كمقال ..
وقد نص على ذلك الفصل 31 من م.م صراحة (أكد كتابة الفصل). لكنه أورد إستثناء و أشار إلى مستجد مهم وهو منح شهيل الأشخاص الاميين من خلال إمكانية الإدلاء به شفويا أمام إحد أعوان كتابة الضبط المحلفين..
لننتقل إلى الشق الثاني من هذا المقال و الذي أشار إليه فصل 32 م.م (أعد كتابة الفصل) ليفصل في البيانات و المسائل الواجب تضمينها في هذا المقال، و لتشريح هذا الموضوع و الإحاطة به أكثر وجب تقسيمه إلى المطلبين:
المطلب الأول: البيانات أمتعلقة بالدعوى:
ترفع الدعوى أمام المحاكم الإبتدائية بناء على مقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله، أو بتصريح بدلي به المدعي شخصي و يقوم بتحريره أعوان كتابة الضبط المحلفين على شكل محضر يوقع من طرف المدعي أو سيشار في محضر إلى أنه لا يمكن التوقيع (ق.31 ق.م.م).
وبالتالي فالمقال الإقتتاحي. يعتبر البداية التي نطل من خلالها على المنازعة كما يعتبر إجراء شكليا وإجرائيا لقبول الدعوى، دون غيرها من الدعاوىمع مراعاة إختصاص المحاكم، و المراكز القانونية التي تنشأ عن تقديم الدعوى غايتها تمكن القاضي من الحصول على معرفة شخصية- تبعا لذلك- من تكوين إعتقاد صحيح و إلمام واضح عن المنازعة و كيفية إستخلاص وجه الحكم فيها.
وقد أكد و أشار المشرع إلى الشروط اللازمة لقبول الدعوى و التي لا يمكن قبولها من أحد الخصوم ، إلا إذا جاءت مستوفية لجميع البيانات التي يتطلبها القانون بالمعنى الصحيح (ق32 ق.م.م.) (وهنا ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني) حتى لا يتم حرق المراحل و التي عن طريقها تتمكن المحكمة من الإحاطة بالعناصر الكافية لموضوع النزاع قصد البث فيه.
ويلاحظ أن المسطرة تعتبر كتابية أمام المحاكم الإبتدائية و يوقع المقال المدعي، أو من يمثله قانونيا (ق33ق.م.م) (ق3 من ق1-90 المنظم للمحاكم الإدارية) (ق 13 من القانون المحدث بموجبه المحاكم التجارية). ويتم الجواب كتابة من طرف الجهة المدعى عليها إلا أنه إذا تعلق الأمر بالمنازعات المعروضة على محاكم الجماعات و المقاطعات فإن المشرع أتاح فرصة إعتماد المسطرة الشفاهية دون التقيد بشأنها بشكليات معينة ذلك أن جميع القضايا ترفع أمام هذه المحاكم على شكل تصريح شقاهي يدلي به المدعي شخصي أمام أحد أعوان كتابة الضبط مع إمكانية اللجوء إلى الكتابة إذا رغب المدعي في ذلك و القضايا التي تكون فيها المسطرة شفاهية هي:
– القضايا التي تختص فيها المحكمة الإبتدائية إبتدائيا و إنتهائيا.
– قضايا مدونة الأسرة كالنفقة و الخلاف و التطليق، (مستجد مهم).
– القضايا الإج… كحوادث الشغل و الأمراض الهينة.
– قضايا استيفاء و مراجعة السومة الكرائية.
المبحث الثاني: البيانات المتعلقة بأطراف الدعوى:ß
يقصد بأطراف الدعوى خصومها الذي هم المدعي، و المدعي عليه، وقد تستمر الدعوى على هذا الشكل إلى أن يبث فيها غير أنه قد يحدث أثناء سير إجراءات الدعوى تغيير في أطرافها بحيث ينقلب المدعي إلى مدعي عليه في بعض الطلبات العارضة و يصبح المدعي عليه مدعي هذا. فقط.
وعليه فإن مقال الدعوى يودع بكتابه الضبط بالمحكمة الإبتدائية ويجب أن يشتمل على مجموعة من البيانات و التي نص عليها ق 32 ق.م.م بشكل صريح وذلك ئلافيا للغموض. وهذه البيانات تتعلق (بأسماء طرفي الدعوي، مهنتهم، صفتهم، محل إقامتهم فضلا عن تضمين المقال الوقائع، و الوسائل المشارة مع إرقاقه بالمستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الإقتضاء كما يتعين أن يرفق المقال بالنسخ الكافية منه بحسب عدد المدعي عليهم قصد تبليغها إلييهم. وإذا كان الأطراف شركة يتعين بدون شك تحديد الجملة التي تمثل الشركة بصفة قانونية كما يمكن للقاضي أن يتأكد من صلاحية هذا التمثيل عند الإقتضاء بأن يطلب القوانيين المؤسسة لها.
فطبقا للفقرة الأولى من الفصل الأول للمسطرة المدنية الذي بنص "لا يصح الثقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية و المصلحة لاتباث حقوقه….".
ويستفاذ منه أنه لا يجوز الثقاضي إلا ممن له الصفة و الأهلية و المصلحة لإتبات حقوقه، ويجب على القاضي التأكد منها لإثبات حقوقه، ولذلك سوف نتطرق بإيجاز لكل من الصفة و الأهلية و المصلحة:
Qualité الصفة
تعتبر الصفة، شرط جوهري و أساسي، لقبول الدعوى التي يتحلى بها طالب الحق في إجراء الخصومة يستمدها من كونه صاحب الحق المدعي به أو خلفا له أو من يمثله قانونا[1] أو اتفاقا.
وقد أكد المشرع على الشروط اللازمة لقيام الدعوى و التي لا يمكن قبولها من أحد الخصوم أو ضده إلا إذا توافقت هذه الشروط بالمعنى الصحيح طبقا لما قرره الفصل 33 ق.م.م.
وبمقتضاه فإنه يكون لزاما على المدعي أن يبين في مقاله الافتتاحي صفته في الادعاء بإعتباره يتقاضى أصالة على نفسه، أو نيابة عن غيره نيابة قانونية أو اتفاقية.
ومما تجب ملاحظته في هذا الصدد أن الفصل 515 ق.م.م أعطى صلاحية تمثيل الدولة أمام القضاء للوزير الأول عندما تكون الدولة مدعى عليها و تجاهل الدولة كمدعية.
فهل هذا يعني أنه كلما كانت الدولة مدعى عليها توجه الدعوى ضد الوزير الأول كما يمثلها أيضا كمدعية، رغم كون الفصل المذكور لم يشر إلى هذا التمثيل.
بالنظر إلى الاجتهادات القضائية الصادرة في هذا الميدان، نجد أن الدولة عندما تكزن مدعية فإن الدعوى ترفع باسم الوزير الأول في الحالة العادية كما يمكن أن ترفع في بعض الحالات باسم الوزير الأول في الحالة العادية كما يمكن أن ترفع في بعض الحالات باسم الوزير المختص بناء على النصوص التشريعية التي تخول هذا الحق لبعض الوزراء.
وهكذا يتضح أن الدعوى تكون مرهونة بتوافر صفة الإدعاء بمعنى أنه يجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة المدعي، وعلى ذي صفة المدعى عليه وأن الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى يعتبر ماسا بالنظام العام يجب على المحكمة أن تثيره من نفسها وتقضي بعدم قبول الدعوى المعروضة عليها إذا اتضح لها أن المدعي لا يتوفر على صلاحية صفة في الادعاء، وهذا ما عبر عنه القرار الصادر عن المجلس الأعلى الذي جاء فيه:
"وحيث أن واقعة انعدام الصفة وهي المسطرة المدنية يوجب على القاضي أن يثير انعدام الصفة من تلقاء نفسه وأن المحكمة لم تثر ذلك تكون قد خرقت مقتضيات الفصل المذكور[2].
الأهلية:
والأهلية نوعان: أهلية وجوب و أهلية أداء.
فأهلية وجوب هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق، وتحمل الوجبات التي يحددها القانون وهي ملازمة له طول حياته و لايمكن حرمانه منها.
أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لممارسة التصرفات و الحقوق الشخصية و التحمل بالإلتزامات على وجه يعتد به قانونيا[3].
والذي يهمنا في الشروط المتعلقة بصحة الإدعاء هو أهلية الأداء الذي نص عليها صراحة الفصل الأول من المسطرة المدنية مقررا أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، و الأهلية، وتثير المحكمة تلقائيا انعدام الصفة و الأهلية.
والأصل في الإنسان كمال الأهلية ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك[4].
وقد حدد الفصل 209 من مدونة الأسرة سن الرشد القانوني بثمانية عشرة شمشية كاملة. ولما كانت الأهلية لها مساس بالنظام العام فإنه يجب مراعاتها وفقا لما قرره المشرع في هذا المجال.
وعليه لا يجوز لمن يمتنع عليهم بحكم القانون مباشرة حقوقهم المدنية بنفسهم وإنما يخضعون لأحكام النيابة الشرعية وفقا للقواعد المقررة في مدونة الأسرة.
وهكذا فلا تصح الدعوى المقامة من طرف عديم الأهلية[5] أو ناقصها [6] لسن أو سفه أو عته، وإنما ينوب عنهم نائبهم القانوني الشرعي [7] الذي يلتزم بالقوانين التي تمنح له حق مباشرة هذه النيابة.
المصلحة:
أ- المقصود بالمصلحة:
يقصد بالمصلحة المنفعة المادية، أو المعنوية، التي يجنيها المدعي من وراء إقامة دعواه أمام القضاء للمطالبة بحقه.
وعليه فالمصلحة تعتبر مناط الدعوىوركنها الأساسي، وهذا ما دعا بجانب من الفقه إلى القول: بأنه لا دعوى بدون مصلحة[8]، ذلك أن شرط المصلحة يعتبر أهمية بالغة بالنسبة للمدعي الذي لا تقبل دعواه إذا لم تكن له مصلحة فيها.
ولقد عبر نص الفصل الأول من المسطرة المدنية على ذلك بقوله "لا يصح التقاضي إلا من له الصفة، والأهلية و المصلحة[9]".
وفي هذا الصدد أكد قضاء المجلس الأعلى على وجوب توافر المصلحة لدى المدعي كشرط ضروري لقبول الدعوى ومن ذلك القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بالمجلي الأعلى الذي جاء فيه"وحيث أنه بناء على الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، فإن من شروط قبول الدعوى توافر شرط المصلحة.
فضلا عن كل ما تقدم فإنه لا دعوى بعد مصلحة وأن الحكم المطعون فيه قضى بعدم الطلب فلامصلحة للمستأنفين الذين يمثلهم الوكيل القضائي لإمكانية الطعن في الحكم المذكور[10]".
هذا ما ستتم الإجابة عنه من خلال المبحث الثاني ومحاولة الإحاطة بكافة الجوانب و الإشكالات المحيطة بهذا الموضوع.
مبحث الثاني: آثار الاخلال بالشروط الشكلية:
لم يكتف المشرع بتحديد الشروط المتطلبة لرفع الدعوى بل فرض جزاء على الإخلال بها كلها أو بعضها. هذا الجزاء هو عدم قبول الدعوى في حالة تخلف أحد الشروط العامة أو الخاصة.
لكن المشرع عمل في نفس الوقت على تليين هذا الجزاء خاصة بالنسبة للشروط العامة. فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من ق.م.م على قيام المحكمة بإنذار الطرف المخل من أجل تدارك العيب المسطري و تصحيحه داخل اجل تحدده له، فإن لم يفعل قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ولا يعمل بهذه الإمكانية بالنسبة للشروط الخاصة كتقديم الدعوى خارج الأجل أو عدم اتباع مشطرة الصلح أو التحكم، فهي عيوب لا يمكن إصلاحها ومن ثم يقضي بعدم القبول مباشرة دون إمكانية الإنذار للإصلاح.
وسوف نتطرق في المطلب الأول إنذار لتصحيح المسطرة و المطلب الثاني الحكم بعدم القبول.
مطلب الأول: الإنذار بتصحيح المسطرة
تنص مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية أنه"تثير المحكمة تلقائيا إنعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالثقافي إن كان ضروريا، وتنذر الطرق بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده".
وتنص الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من ق.م.م أنه:"يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الإقتضاء تحديد البيانات غير الثامة أو التي وقع إغفالها".
وفي هذا الإطار قضى المجلس الأعلى في القرار رقم 2433 بتاريخ 92/10/14 الذي ورد" أن انعدام الصفة كواقعة كانت معروفة على محكمة الموضوع بمقتضى المقال الإفتتاحي و كان على المحكمة أن تثير إنعدام الصفة بعدما دفع المدعي عليه بأنه مجرد سمسار و ليس مالكا للعقار المطلوب إتمام بيعة.
فتطبيقا للفصل الأول من ق.م..م يوجب على القاضي أن يثير إنعدام الصفة من تلقاد نفسه ولو لم يدضع بها الطرف الأخر متى تبين له من أوراق الملف ووتائقه إن… مما في أحد أطراف النزاع.
فقرة الأولى: عدم توجيه إنذار بذلك خرق لقواعد المسطرة:
من المعلوم أن مقتضيات قانون المسطرة المدنية لاسيما الفصلين الأول و 334 تنبع بالمكمة مهمة توجيه الأطراف و إنذارهم للقيام بالإجراءات التي يتطلبها سير المسطرة، وذلك نجعل القضية جاهزة للحكم، فإذا ثم إصلاح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة أو الإصرحت المحكمة بعدم القبول، وكل حكم أو قرار لا يحترم هذه المقتضيات يكون معرضا للنقض وقد جاء في قرار المجلس الأعلى رقم 1128 بتاريخ 13 ماي 1987، في الملف المدني عدد 376/84 أنه … وحيث بحيث الطاعت على القرار المطعون فيه… خرق الفصل 334 من ق.م.م الذي أناط بالمقرر مهمة توجيه الأطراف وإنذارهم بالقيام بالإجراءات التي يتطلبها سير المسطرة، وليس بالقرار ما يفيذ إنذار المستشار المقرر أطراف الدعوى بالقيام.
بماهم ملزمون بالقيام به، مما يعد ضرفا للفصل 334 المذكور، الأمر الذي يستوجب نقضه للشروط الضرورية المطلوب توافرها فيه، ولاداعي مع وجوده للادلاء بمذكرة ثانية للإستئناف.
كما أن الطاعن بعد قيامه بممارسة حقه في الإستئناف شخصيا كان على المستشار المقرر أن ينذره بإصلاح المسطرة طبقا لمقتضى الفصل الأول من ق.م.م، الذي ينص في فقرته الثالتة على أنه إذا ثم إصلاح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة، مما كان معه بالوسيلتين المستدا بهما صحيحان و يستوحب نقص القرار المطعون فيه….".
فقرة التانية: دور الفاعيلين القضائيين في الإنذار تصحيح البيانات الشكلية:
ومن كل هذا نرى أن المشرع أعطى تفضيل للشكل على الموضوع، مما نرى معه تعقيد و عرقلة سير مساطر الدعوى وبالتالي ضياع حقوق بعض المتقاضين.
حيث ان أنذار المحكمة بتصحيح المقال و إتمام بيناته،يجب أن يكون إجراء مبدئي قبل الحكم بعدم القبول إلا أن هذا التنبيه يجب ألا يتوسع فيه، كابداء الرأي في الحجج، وتكليف أي من الطرفين باتمامها دون إتارة من الطرق الأخر و إلا لآصبح القاضي مفتيا و يخرج عن دوره كحكم محايد.
ولهذا فإن نحدام تفسير القضاء لسبب الإنذار يحتبر ضرارا بالنسبة للمدعي إذ يمكن أن تنتمي مدة الإنداء دون تصحيح البيانات ولهذا فتفسير القضاء لسبب الإنذار يتصحيح المقال ضروريا، إذا تجد هذا التفسير في بعض الحالات وذلك اجتهاد من القضاءولهذا يجب تنظيم نص قانوني على وجوب تفسير الحكم بتصحيح بيانات المقال.
المطلب الثاني: الدفع بعدم القبول
من كل ما تقدم يتضح أن البيانات التي تم إغفالها أو صدرت بعض الأخطاء المادية في المقال الإفتتاحي فإن القضايا التي مسها الإغفال، أو الأخطاء، تكون معرضة للحكم بعدم القبول[11] من طرف قضاة المحاكم الإبتدائية و مستشاري محاكم الإستئناف دون الإشارة إلى إنذار الطرف المدعي بأصلاح المسطرة وبتصحيح الدعوى، وذلك بأتمات أحد الدعوى وعلى المتضرر في حوادث السير بصفة خاصة الذي يحد نفسه مضطرا إلى إعادة رفع الدعوى من جديد وتحميله المصاريف القضائية، ةأطالة أمد النزاع في الوقت الذي يكون فيه في حاجة إلى الضمانة القضائية و الرعاية الإجتماعية.
الفقرة الأولى: مفهوم الدفع بعدم القبول
الفع بعدم القبول هي الدفوع التي لا تتعلق بإجراءات الخصومة ولا تمس أصل الحق المدعي به، بل ترمي إلى إنكار سلطة المدعي في إستعمال الدعوى، فهي تنصب على الوسيلة التي يحمي بها صاحب الحق حقه، وما إذا كان من الحائز استعمالها أم أن شرط استعمالها غير حائل لعدم توفر شرط من الشروط اللازمة التي يتعين أن نتوافر لقبول الدعوى أو لعدم توافر شرط خاص من الشروط المتعلقة بذات الدعوى المرفوعة.
والدفع بعدم القبول يكون في الحالات التي يكون فيها إنكار الحق ظاهر بحيث لا يحتاج الأمر عادة إلى الخوض في مناقشة الموضوع عند الحكم فيها.
وعليه فالدفع بعدم القبول هو الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى، وهي الصفة و الأهلية، و المصلحة، و الحق في رفع الدعوى بإعتباره حقا مستقلا عن ذات الحق بطلب تقريره، كإنعدام الحق في الدعوى، أو سقوطه بسبق الفصل فيها أو لانقضاء المدة المحددة في القانون لرفضها ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ولا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى[12].
الفقرة الثانية: طبيعة الدفع بعدم القبول
الدفع بعدم القبول يتميز بطبيعة خاصة يختلف عن طبيعة الدفوع الموضوعية و الدفوع الشكلية فهو يعتبر وسطا بينهما.
أ- الدفع بعدم القبول يشبه الدفوع الشكلية من حيث أنه يمس أصل الحق المدعي به و أنه لا يكون مقبولا إلا إذا أثير قبل الدخول في مناقشة الموضوع.
ويلاحظ أن المشرع مسلك مسلكا خاصا بمقتضى الفصل 49 ق.م.م تكريسا للفكرة التي نحن بصدد إيضاحها ذلك أنه اشترط إثارة في آن واحد، وقبل كل دفع أو دفاع في الجوهر إحالة الدعوى على محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين، أو لارتباط الدعويين و الدفع بعدم القبول و إلا كان الدفعان غير مقبولين.
وفي هذا المعنى جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى "إن الدفع بأنعدام الصفة، أو الأهلية أو المصلحة في التفاضي دفع يؤدي إلى عدم القبول طبقا للفصل 49 ق.
م.م، فإن الدفع يعدم القبول يجب إثارته قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر، الطاعن لم يسبق له أن آثار هذا الدفع طبقا للفصل 49 المذكور و إنما آثاره لأول مرة أمام المجلس الأعلى فتكون غير مقبولة إثارته[13].
ب- الدفوع بعدم القبول يشبه الدفوع الموضوعية من حيث أنه لا يتعلق بإجراءات التقاضي وإنما يتعلق بحق رفع الدعوى و توافر شروطها الموضوعية وأن الحكم القاضي بعدم قبول الدعوى لإنعدام صفة الخصوم فيها أو لإنتقاء المصلحة فإن الدعوى يمتنع إعادة رفعها من جديد أمام المحكمة التي أصدرت الحكم لأنه يكون حائزا للشيء المقضى به.
تستخلص من صياغة هذا الفصل 1 ق.م.م. وغيره من الفصول فإن المحكمة لا يصح لها قانونيا أن تصرح بعدم قبول الطلب و الدعوى، بسبب انعدام الصفة، والأهلية، و المصلحة، أو بسبب نقصان أحد البيانات الناقصة أو غير التامة داخل أجل تحدده المحكمة.
وأنه انسجام مع مسايرة المشرع في مراميه على ما فصل. أوضح المجلس الأعلى في قرارات صادرة عنه منها القرار الصادر عن الغرفة المدنية على أنه "إذا كان المشرع بمقتضى الفصل 34 من قانون المحامات الجديد قد أسقط الإشارة إلى وجوب توجيه الإنذار لتصحيح المسطرة كما كان عليه في القانون القديم فإنه لا ينبغي القول بإلغاء هذا الإجراء وإنما كرسه الفصل 1 و 32 من ق.م.م.
بإعتبار هذا القانون هو قانون الإجراءات ولذلك فإن المحكمة التي صرحت بعدم قبول الإستثناف وقبل هذا تنذر المستأنف بتصحيح المسطرة تكون قد عرضت قضاءها للنقص[14].
وفي هذا الصدد جاء في القرار الصادر عن نفس المجلس "لقد تبت صحة ما دعاه الطاعن على القرار توجيه إنذار إلى الطرف الملزم بإثبات صفته داخل أجل يحدده، و القرار المطعون فيه الذي لم ينذر الطرف الطالب يتصحيح المسطرة وبث بعدم قبول الطلب لإنعدام الصفة يكون خارقا للفصل المذكور"[15]
من خلال هذين الحكمين يتضح أن قضاة الموضوع، لا يطبقون المقتضيات التي نص عليها المشرع و لا يسايرون قضاء المجلس الأعلى في هذا التوجيه وذلك بإنذار المدعي إلى تصحيح المسطرة فيما يخص البيانات اللازمة لقبول الدعوى وكان عليهم أن يفعلون ذلك حتى لا تتكاثر القضايا وما ينتج عن ذلك من إجراءات إطالة المسطرة وتاريخ صدور الحكم بشأنها.
فقرة ثالثة: مدى فعالية الإجراءات الشكلية:
المقال الإفتتاحي هو ذلك الإجراء الذي يعلن بمقتضاه المدعى رغبته في الحصول على حماية القضاء، ونظرا الأهمية المقال في العملية القضائية، فقد حرصت التشريعات المقارنة ومنها المغربي على تطلب مجموعة من الشكليات التي يجب أن يتضمنها و الإق… المجال أما القضاء بعدم قبول الدعوى.
ولهذا فالقضاء أسمى من نظر فيه الإجراءات الشكلية وعليه نظر في الموضوع.
فت…. القاضي بنظر في الشكليات يأذي إلى عرقلت الدعاوى أمام المحاكم وعنصره المهام بنسبة القاضي ولهذا فيجب تكزين الجثة مختصة بالنظر في الشكليات الإجرائية قبل وصولها إلى القاضي أو تكوين بكتاب الضبط لدراسة لجميع البيانات وبهذا يبقى مهام القضاء أسمى من نظر في شكليات الدعوى.
خاتمة
من خلال دراسنا الموجزة حول شكليات الدعوى نخلص القول أن أغلب الاحكام و القرارات تصدر بعدم قبول الدعوى أو طلب دون إشعار طرف المدعي لإصلاح المسطرة و ذلك باتمام البيانات الناقصة أو الغير التامة.
التي تم إغفالها داخل أجل يحدده القاضي المقرر وعند طلب إعطاء التفسير لذلك يحمل المسؤولية بصدور خطأ مادي كان يجب الإنتباه إليه و إصلاحه من طرف المدعي، أو من ينوب عنه غالبا ما يكون هو المحامي.
لهذا فالشروط الشكلية ضرورة إلزامية لإتمام الدعوى، إلا أن تشدد المشرع و إضفائه الصبغة الالزامية الاجرائية حال دون تحقيق العدالة و الأزمة للقضائي.
ومن ثم ظهور ضرورة ملحة لإحداث لجنة مختصة بالنظر في الشكلية الاجرائية وتقديم الدعوى كطبق جاهز للقاضي للبث فيه لأن للجهاز القضائي دور أساسي في مسألة النظر في الشكل و تعطيل و تأخير أمد المسطرة.
الفهرس
المقدمة………………………………….2
الأول: المقال الإفتتاحي…………………………3 المبحت
المطلب الأول: البيانات أمتعلقة بالدعوى………………………4:
المطلب الثاني: البيانات المتعلقة بأطراف الدعوى ……………………5.
مبحث الثاني: آثار الاخلال بالشروط الشكلية…………………………..9
مطلب الأول: الإنذار بتصحيح المسطرة…………………………………….10
فقرة الأولى: عدم توجيه إنذار بذلك خرق لقواعد المسطرة…………..10:
فقرة التانية: دور الفاعيلين القضائيين في الإنذار تصحيح البيانات الشكلية…………………………………………………………….11:
المطلب الثاني: الدفع بعدم القبول…………………………………...12.
الفقرة الأولى: مفهوم الدفع بعدم القبول…………………………………12
الفقرة الثانية: طبيعة الدفع بعدم القبول…………………………………13
فقرة ثالثة: مدى فعالية الإجراءات الشكلية:…………………………………..15
الخاتمة:………………………………………………………………………..16
الفهرس
– موسى عبود و محمد السماحي م س، ص:125.[1]
– القرار رقم 354 صادر بتاريخ 25/6/1970، مجلة قضاء المجلس الأعلى،عدد 46، ص:93[2]
– مأمون الكزبري: نظرية اللتزام ج 1 مصادر الالتزامات ص: 135 وما بعدها. [3]
عبد الرحيم سلامة: الذمة و الأهلية في الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية، مقال منشور بمجلة الملحق القضائي عدد 29/ص:68.
– الفصل 3 من قانون الإلتزامات و العقود[4]
– الفصل 224 من مدونة الأسرة.[5]
– الفصل 225 مدونة الأسرة[6]
– الفصل 229 مدونة الأسرة.[7]
– الوصي: وهو وصي الأب أو وصي الأم.[8]
– تنص السادة الثالثة من المرافعة المصرية على أنه "لايقبل اي طلب أو دفع لا تكون فيه مصلحة قائمة يقررها القانون"[9]
– قرار رقم 620 في الملف الإداري عدد 216 مجلة الآشعاع عدد 23 يونيو 2001 ص: 216.[10]
– راجع الفصل 399 ق.ل.ع.[11]
– على عرض ..،م.س.ص:20.[12]
– [13]