بحوث قانونيةوجهات النظر

الاستشارة القانونية : بشأن نزاع دولي خاص يتعلق بالحالة المدنية

خالد البوكريني

 

الإطار العام:

تتمحور وقائع النازلة محل الاستشارة بشأن نزاع دولي خاص يتعلق بالحالة المدنية، مفاد هذه الواقعة أن السيد(أ) بريطاني الجنسية استوطن بمدينة الرباط بعد الحرب العالمية الثانية، تزوج بفتاة مغربية هي السيدة (ب)، ثم بعد ذلك تزوج من سيدة بريطانية طبقا للقانون المغربي و القانون البريطاني، على اثر ذلك تقدمت السيدة (أ) برفع دعوى تطلب من خلالها تقرير بطلان الزواج الثاني بحكم حمل زوجها الجنسية البريطانية، فاستجابت المحكمة للطلب، و استأنف الكم من طرف الزوجين السيد (أ) و السيدة (ج)، إلا أنه خلال فترة الاستئناف تعرض الزوج لحادثة سير أودت بحياته، وعند افتتاح التركة تبين أنه ترك وصية لصديقة له فرنسية الجنسية (د) كانت له معها علاقة غير شرعية. 

الإشكالية:

                   ·ما مدى صحة الرابطة القائمة بين السيد(أ) و السيدة (ج)؟ 

                   ·قيمة الوصية المحررة من السيد (أ) لفائدة السيدة (د)؟

النصوص القانونية المنظمة للنازلة:

                   ·ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين و الأجانب بالمغرب خاصة الفصول 3، 8، 9 و 11 منه بالإضافة إلى الفصل18. 

                   ·ظهير 14 أبريل 1959 الذي كان يخضع من حيث تطبيقه للمحاكم الشرعية للنظر في الأحوال الشخصية، و الذي تم تعديله و تتميمه بمقتضى قانون الأحوال الشخصية سابقا مدونة الأسرة حاليا. 

                   ·ظهير 4 مارس 1960 المتعلق بالأنكحة بين المغاربة و الأجنبيات أو المغربيات و الأجانب. 

                   ·ظهير شريف رقم 1-04-22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 3 فبراير 2004 بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة- الجريدة الرسمية رقم 5184.

 

المحور الأول: مدى صحة الرابطة بين السيد (أ) و بين السيدة (ب)

قضت المحكمة الابتدائية بعدم صحة العلاقة الرابطة بين السيد (أ) و السيدة (ج) استنادا إلى ظهير 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب الذي لا يبيح هذه العلاقة و كذلك بسبب اختلاف الديانة أو الامتياز الديني الذي كرسته مدونة الأسرة في الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة الثانية.

هذا التوجه يذكرنا بالحلول التي كرستها محاكم الحماية حيث كانت تصدر أحكاما تخالف القواعد المحلية الآمرة بل حتى القواعد الشخصية على اعتبار أن قانون الأحوال الشخصية آنذاك غير مقنن.

و لما كانت الروابط الزوجية تخضع لقانون الأحوال الشخصية، فإن حكم المحكمة يكون مبنيا على أساس قانوني سليم.

و لما كانت العبرة في الأحكام و القرارات بتطبيق القانون المطابق للواقع، فإن حكم المحكمة لم يجانب الصواب في عدم تأسيسه على القانون البريطاني الذي يعتبر القانون الواجب التطبيق على النازلة. 

المحور الثاني: قيمة الوصية المحررة من السيد(أ) لفائدة السيدة (د)

تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الأحوال الشخصية في المغرب على خلاف الأنظمة القانونية الغربية مفهوم واسع يشمل حتى القانون العيني الشئ الذي لا نجده في الأنظمة القانونية الغربية التي تدخل القانون العيني في دائرة القانون المدني مما يختلف معها من حيث الآثار و المسؤوليات.

و بالرجوع إلى النازلة نجد أن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا قد بت في قرار له صادر في 14 فبراير 1977 المتعلق بالالتزام المعنوي من طرف الخليل لخليلته و كذا قرار صادر في 14 دجنبر 1977 بإبطال الوصية من خليل فرنسي لخليلته الفرنسية نظرا لعدم مشروعية العلاقة القائمة بينهما.

و يبدو من الأنسب إبطال مثل هذه التصرفات خاصة إذا كان أحد أطراف العلاقة مسلم احتراما و تأصيلا للشريعة الإسلامية التي جاءت بتحريم و منع العلاقات غير الشرعية لما ينتج عنها من أثار مخالفة للنظام العام.  

استنتاج:

نخلص في الختام من خلال تحليل وقائع نص الاستشارة إلى أن:

الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في الدوى التي رفعتها السيدة (ب) قد صادف الصواب و مبنيا على أساس قانوني سليم.

بخصوص صحة الوصية المحررة لفائدة الخليلة الفرنسية، فيتعين إبطالها على أساس تواتر قرارات محكمة النقض و كذا للمبادئ المقررة في الشريعة الإسلامية و لمخالفتها قواعد النظام العام.   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى