التخفيض التلقائي للعقوبة كإجراء بديل خلال مرحة تنفيذ العقوبة
طالب باحث خريج ماستر المنازعات و المهن القانونية
عنوان المقال:
جاء في خطاب جلالة الملك جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني ليوم 8 ماي 1990 بمناسبة تنصيب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ” و معلوم أن للمواطنين حقوق، و حتى من أدينوا في المحاكم يجب أن يكونوا في مأمن من الجموع و من المرض و من التعسفات، و يجب أن يتمتعوا بصلة الرحم مع ذويهم، و أن يتمكنوا من الدواء وزيارة الطبيب إذا اقتضى الحال، بل يجب على النظام القضائي و على الدولة أن تحيطهم بكل ما من شأنه أن يمكنهم من الكرامة “.
و بناء على ذلك قام المجلس الاستشاري بعمل ميداني، حيث قام بدراسة عينات ميدانية مختلفة من السجون بالمغرب، خلص من خلالها أن إصلاح المنظومة العقابية أصبحت ضرورة حتمية، فأقر أنه يجب إصلاح النصوص المنظمة للسجون و أنه لا محيد من معالجة ظاهرة الاكتظاظ داخلها[1].
فمنذ ذلك الحين بدأ التفكير في التخفيف من الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية، و التخفيف من وطأة العقوبة السالبة للحرية بطريقة تعود بالنفع على كل من السجين و الدولة في ذات الآن، لدا بدأ التفكير في إحلال حلول بديلة أكثر فعالية، تهتم بمرحلة تنفيذ العقوبة كانت سالبة للحرية أو بديلة.
وهذا ما كرسه مشروع قانون المسطرة الجنائية ليوم 17-11-2014، الذي اعتمد احد الإجراءات البديلة المكرسة في بعض التشريعات المقارنة، و الحديث هنا التخفيض التلقائي للعقوبة، هذا الأخير الذي يعمل على مجازات السجين عن سلوكه الحسن طول المدة السابقة على تمتيعه به و ذلك وفق ضوابط قانونية حددها هذا المشروع.
فكيف نظم المشرع المغربي التخفيض التلقائي للعقوبة؟ و هل هو إجراء كفيل بتحقيق غايات السياسة الجنائية المتبعة؟
المطلب الأول: أحكام التخفيض التلقائي للعقوبة.
اتفقت مجموعة من التشريعات منها التشريع المغربي على تعريف التخفيض التلقائي للعقوبة بأنه نظام يعمل بشكل تلقائي يستفيد منه السجناء الذين أبانوا عن حسن سلوكهم خلال تنفيذهم للعقوبة السالبة للحرية[2].
وقبل التطرق لشروط تطبيق هذا النظام (الفقرة الثانية)، يفرض علينا سياق الموضوع تمييزه عن بعض النظم المشابهة له و ذكر أهم خصائصه (الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: تمييز التخفيض التلقائي للعقوبة عن النظم المشابهة له وخصائصه.
يتشابه الخفيض التلقائي للعقوبة مع مجموعة من النظم الأخرى أهمها وقف تنفيذ العقوبة و الإفراج الشرطي الأمر الذي يجب معه التمييز بين هذه النظم و ذكر خصائصه، سعيا في فهم فلسفة المشرع في تبني هذا النظام.
أولا: تمييز التخفيض التلقائي للعقوبة عن النظم المشابهة له.
يعتبر التخفيض التلقائي للعقوبة من الإجراءات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، ويطبق هذا الإجراء تلقائيا في حق السجين حسن السلوك، وبهذا لا يمكن اعتباره عقوبة مخففة بل هو إجراء يسمح بالإفراج عن السجين متى توفرت شروط معينة، مثله في ذلك مثل الإفراج الشرطي أو وقف تنفيذ العقوبة.
لكن ما يميزهما عنه أن الإفراج الشرطي يعتبر من أسباب انقضاء العقوبة، حيث يسمح بإطلاق سراح المحكوم عليه قبل الأوان نظرا لحسن سيرته داخل السجن على أن يظل مستقيم السيرة في المستقبل، أما إذا ثبت عليه سوء السلوك أو إذا اخل بالشروط التي حددها القرار بالإفراج المقيد فإنه يعاد إلى السجن لتتميم ما تبقى من عقوبته[3]، أما التخفيض التلقائي للعقوبة فإنه ينبني على الإفراج عن السجين دون قيد أو التزام يعيد من وقَعَ عليه إلى تكملة قدر العقوبة المخفضة.
و بالإضافة إلى أن وقف تنفيذ العقوبة يقوم على أساس التهديد بتنفيذ العقوبة على المحكوم عليه طوال مدة معينة تكون بمثابة فترة الاختبار أو التجربة إذا هو بدر منه ما يخالف أحكامه، مما يدفعه إلى إصلاح شأنه و استقامة سلوكه[4]، ويتم تنفيذ هذا الإجراء بعد النطق بالعقوبة و ليس بمناسبة تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة السالبة للحرية و هذه هو الفيصل بين وقف تنفيذ العقوبة و التخفيض التلقائي للقوبة.