في الواجهةمقالات قانونية

التنظيم القانوني للمفاوضة الجماعية _الواقع و الآفاق_

              التنظيم القانوني للمفاوضة الجماعية _الواقع و الآفاق_

منصف لمياء

باحثة في صف الدكتوراه

إن علاقات العمل في وقتنا الراهن أصبحت تكتسي أهمية بالغة،و خصوصا منها ما يتعلق بعلاقات العمل الجماعية،و التي من شأنها أن الأمن و السلم الاجتماعيين و يعد تكريس السلم الاجتماعي بين أطراف علاقات الشغل ،رهان صعب التحقق و المنال بسهولة في معظم و أغلب تشريعات العمل،بحيث استعصى على هذه الأخيرة نوعا ما توفير الآليات و الإمكانات المناسبة لتدبير علاقات الشغل الجماعية و فض المنازعات التي قد تنشأ بين مجموعة من الأجراء و أصحاب العمل.

و قد ارتبط تطور مفهوم علاقات العمل بتاريخ الفكر الإنساني ككل،فنجد أنها قد مرت بمراحل متفاوتة و متباينة عبر مر العصور و تطور الحضارات و التطورات الاجتماعية و الاقتصادية،و بدأت في القرون القديمة ظهور الفجوة و الهوة التي تفصل بين العمال و أصحاب العمل،فطغت الفلسفة المادية التي أهملت الجانب الإنساني للعمل خصوصا في ظل التجربة الرأسمالية التي عرفتها معظم دول العالم.

و تعد المفاوضة الجماعية أحد الآليات التي تم تكريسها و تأسيسها لضمان السير الجيد للعمل و تحسين شروط و ظروف هذا الأخير و بناء الديموقراطية الاجتماعية والاقتصادية. و من ضمن الوسائل التي تم اعتمادها لتحقيق هذا الغرض التفاوض و التشاور عن طريق المفاوضة الجماعية،حيث احتلت هذه الأخيرة مكانة مهمة ضمن أهم المبادئ التي أقرتها منظمة العمل الدولية [1] كما تبوأت المفاوضة الجماعية موقعا ميزا في بعض الدساتير في العديد من الدول[2]

و قد عرفت مدونة الشغل المغربية في القانون رقم 99-65  المفاوضة الجماعية بأنها الحوار الذي يجري بين ممثلي المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو الاتحادات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا من جهة، وبين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات المهنية للمشغلين من جهة أخرى[3] والواضح ان هذا التعريف يكاد يكون مطابقا للتعريف الذي اوردته الاتفاقية الدولية لمنظمة العمل الدولية رقم 54 حول تنمية المفاوضة الجماعية الصادرة سنة 1981 من خلال مادته الثانية[4]، وقريبا من هذا التعريف نص المشرع المصري في المادة 146 من قانون العمل المصري على أن المفاوضة الجماعية هي الحوار والمناقشات التي تجري بين المنظمات النقابية العمالية وبين أصحاب الأعمال أو منظماتهم من أجل:

–          تحسين شروط وظروف العمل وأحكام الاستخدام.

–          التعاون بين طرفي العمل لتحقيق التنمية الاجتماعية لعمال المنشأة.

تسوية المنازعات بين العمال وأصحاب الأعمال.

إذن و من خلال الاهتمام الذي أولاه المشرع المغربي للمفاوضة الجماعية بحيث كما ذكرنا خصص لها تنظيما قانونيا في مدونة الشغل فحري بنا طرح الاشكال التالي :

ما مدى قدرة نظام المفاوضة الجماعية الذي وضعته مدونة الشغل في تحقيق و ترسيخ السلم الاجتماعي داخل المقاولة بكيفية توازن بها بين مصالح المشغلين و الأجراء؟

و محاولة منا ملامسة هذه الاشكالية سنتناول هذا الموضوع من خلال مبحثين :

المبحث الأول:الأحكام العامة للمفاوضة الجماعية.

المبحث الثاني: المفاوضة الجماعية بين الفعالية و المحدودية.

الرجوع1 / 5

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى