بحوث قانونية

الجنسية في ظل التشريع المغربي

مقدمة:

الجنسية موضوع دقيق وهام طالما شغل بال رجال التشريع ورجال القانون في كل دولة فأمعنوا في وإثبات مبادئه وقواعده وجعلها ملائمة لظروف الدولة وملابساتها ومتماشية مع التطورات السريعة والتغيرات المستمرة التي تدخلها سرعة التقدم على حالة الأشخاص وذلك لأسباب كثيرة، منها سهولة المواصلات وزوال الحدود والحواجز التي كانت تفرق بين الناس ومعاينة ربط العلاقات، والاتصالات بأبسط الطرق فتكون اختلاط بين أشخاص يختلفون في المصل والجنس واللغة والذين يتناسلون ويتفرعون في بيئات غير بيئاتهم وأقطار غير أقطارهم الأمر الذي أوجب ضبط حالاتهم وتنظيم علاقاتهم بنصوص قانونية واضحة ودقيقة لا مجال للإشكال فيها ولا للالتباس.

فالجنسية هي الصلة القانونية التي ربط بين الشخص والدولة وعليها تبنى الحقوق التي يتمتع بها المواطن والواجبات التي يتحملها وهي أيضا الصلة الروحية التي تنبثق منها العواطف النفسية التي يعينها الشخص لبلاده.

ومن هنا نتصور الأهمية التي تكتسيها الجنسية ومقدار تأثيرها في المجتمعات، هذا ما حدا بالدول المتقدمة لإصدار قوانين عديدة لضبط جنسها، وأدى بالحقوقيين فيها إلى نشر الشروح والتعاليق على تلك القوانين لتسير إراداتها وجعلها في متناول كل مواطن.

وعلى العموم فقد وضع فقهاء القانون تعاريف متعددة للجنسية فمنهم من عرفها بأنها: انتساب الشخص بصفة قانونية للشعب المكون للدولة[1] ومنهم من عرفها بأنها "الرابطة السياسية القانونية التي تنشئها الدولة بوصفها شخص دوليا فتجعل الفرد عضوا في الدولة[2] والقضاء المغربي يعرف الجنسية على الشكل التالي: "الجنسية مظهر من مظاهر السيادة للدولة البلد الذي يخصص وحده بالاعتراف بجنسية ذلك الشخص وإنكارها عليه"

انطلاقا من التعريف الذي ورد في القرار أعلاه نعتقد أن التعريف الدقيق لمفهوم الجنسية يقتضي التركيز على أن الجنسية رابطة قانونية وسياسية، وإنها أداة التوزيع الدولي والأفراد، اعتبارا لأنها تشعل المعيار الحاسم للتميز داخل الدولة الواحدة بين من يعتبر من مواطن تلك الدولة وبين من يعد أجنبيا عنها.

ويعتبر الظهير الصادر بتاريخ 6 شتنبر 1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية التنظيم التشريعي الأول والوحيد في تاريخ الجنسية المغربية وإن كان هذا لا يعني خلو التشريع المغربي من أي تنظيم في هذا المجال فقد كانت هناك بعض النصوص الصادرة قبل الظهير المذكور كما كانت هناك بعض الحلول والقواعد التي توصل إليها الاجتهاد القضائي في هذا الشأن أثناء عهد الحماية.

لقد كان المغرب منذ الفتح الإسلامي وإلى غاية الاحتكاك بالدول الاستعمارية الأوربية يخضع مثل غيره من الدول الإسلامية لمبادئ قواعد الفقه الإسلامي التي لم تكن تميز بين الأشخاص والأفراد بناءا على رابطة الجنسية، بمفهومها القانوني والسياسي الحديث المعروف في الأنظمة العليا.

وقد ظلت أوضاع الدول الإسلامية على هذا الحال إلى غاية القرن السادس عشر حيث بدأ الاحتكاك بالدول الأوربية، ونشير في هذا الخصوص إلى المعاهدة المعقودة بين المغرب وبريطانيا العظمى سنة 1856، كما تجدر الإشارة أيضا إلى المادة 15 من اتفاقية مدريد المعقودة بين المغرب من جهة وثلاثة عشر دولة أوربية من جهة ثانية بتاريخ 3 يوليوز 1880 التي جاء فيها: "كل رعية مغربي يتجنس في دولة أجنبية ويعود إلى المغرب يتعين عليه بعد أن يقضي في المغرب مدة مساوية للحدة اللازمة بمقتضى القانون لحصول على التجنيس أن نختار بين الخضوع لقوانين المملكة أو مغادرة البلاد ما لم يثبت أن التجنيس في دولة أجنبية قد حصل بموافقة الحكومة المغربية.

وبصرف النظر عن الأسباب والمبررات الدولية والتاريخية والسياسية التي أدت إلى تقرير الحكم الوارد في المادة 15 من معاهدة مدريد[3] فإن الحكم المذكور يعتبر أول قاعدة تشريعية مكتوبة تتعلق بالجنسية المغربية وهي قاعدة لا تزال سارية إلى يومنا هذا سيشهد بها الاجتهاد القضائي المغربي،[4] وتتضمن قاعدة مشهورة في الجنسية المغربية وبمقتضاها يولد المغربي مغربيا ويموت مغربيا، أي قاعدة الولادة والخضوع الدائم، أو قاعدة البيعة الدائنية التي ورد النص عليها في المادة 79 من مشروع الدستور 1908 ونصت عليها المادة 19 من قانون الجنسية المغربية وقررتها بصورة صريحة محكمة العدل الدولية بلاهاي في قرارها الصادر ب 16 أكتوبر 1975.

وبعد إقامة نظام الحماية في المغرب سنة 1912 لم تعمد أي من الدولتين الحاميتين لفرنسا وإسبانيا إلى إدخال قانون يتعلق بالجنسية المغربية على الرغم من أنهما عملت على إصدار مجموعة هامة من التقنيات المختلفة التي يزال بعضها ساري المفعول إلى يومنا هذا وعلى الرغم من أن فرنسا أصدرت قانونا يتعلق بالجنسية في كل من سوريا ولبنان اللتين كانتا خاضعتين للانتداب الفرنسي.

وعلى هذا الأساس جعل المشرع المغربي ما ضمن أولوياته بعد نيله الاستقلال إصدار قانون الجنسية يضبط حدودها وقواعدها وطرق اكتسابها وذلك بظهير المؤرخ ب 6 شتنبر 1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية.

بادر الفريق الاشتراكي بمجلس النواب خلال الولاية التشريعية السابقة (77/2002) بتقديم قانون لتعديل الفصل السادس من قانون الجنسية المغربية يهدف تمتيع المرأة المغربية بحقها في حالة الزواج من أجنبي.

وفي سياق ذلك بدأت وزارة العدل المغربية في الإعادة لنص مشروع قانون يخول للأبناء من أم مغربية وأب أجنبي حق الحصول على الجنسية المغربية.

ويأتي موقف وزارة العدل هذا تجاوبا مع الخطاب الملكي الأخير الذي دعى الحكومة الإعادة النظر في قانون الجنسية ومحاولة تبسيط مساطر الحصول عليها.

وقد أشار وزير العدل إلى أن قانون الجنسية الحالي متقادم إذ يعود إلى 1958 وهو القانون الذي يمنح الأبناء جنسية والدهم بشغل تلقائي في حين كانت هناك صعوبة بالنسبة للأبناء من أب أجنبي وأضاف من شأن هذا القرار رفع الحيف وحل العديد من المشكلات التي يعاني منها الأبناء الذين ازدادوا عن أم مغربية خارج المغرب.

ويذكر أن الخطاب الأخير للملك محمد السادس قد أشار انشراع العديد من الجهات من المنظمات المختلفة.

ذلك أن القانون القديم يتعارض مع التعديلات الذي أدخلت على مدونة الأسرة في نسختها الأسرة ومن تم فهذا القانون الجديد للجنسية الذي اقترحه عاهل البلاد سيسدد ملاحقة قانون الجنسية والمقتضيات الخاصة مع ما هو موجود في قانون الأسرة..

إذن فمن خلال بحثنا هذا سنركز على مسألة إسناد الجنسية المغربية وزوالها (الجزء الأول) وكذا مسألة إثبات والإجزاءات الإدارية (الجزء الثاني).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
  الجزء الأول:<br />
في إسناد الجنسية المغربية<br />

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول: في إسناد الجنسية المغربية.

تسند الجنسية المغربية للشخص إما كجنسية أصلية (الفرع الأول) عندما تكون قائمة على الرابطة الدموية أو مبنية على الرابطة الترابية.

وإما كجنسية مكتسبة (الفرع الثاني) في حالة الولادة والإقامة في المغرب أو الإقامة في المغرب فقط.

 

الفرع الأول: الجنسية المغربية الأصلية.

يقصد بالجنسية الأصلية، الجنسية التي يتمتع بها الشخص نتيجة انحداره من أصول وطنيين ولذلك تسمى في بعض الأحيان جنسية الميلاد، لأنها تسند للفرد منذ ولادته، كما يطلق عليها أحيانا، الجنسية المفروضة، نظرا لكونها تسند للشخص بصرف النظر عن إرادته أو رغبته فيها.

وقد نظم المشروع عندنا الجنسية الأصلية في الفصول من 6 إلى 8 ويتبين من خلال تلك الفصول أن الجنسية الأصلية إما أن تترتب عن النسب أو عن طريق الازدياد في المغرب مع توفر شروط أخرى إضافية.

 

المبحث الأول: الجنسية الأصلية المترتبة عن النسب.

بمقتضى المادة السادسة من قانون الجنسية المغربية، فإن الجنسية المغربية الأصلية المترتبة عن النسب تسند في حالتين:

حالة الولد المنحدر من أب مغربي، وحالة الولد المزداد من أم مغربية وأب مجهول.[5]

أولا: الولد المنحدر من أب مغربي.

عندما قرر المشرع أن الشخص المنحدر من أب مغربي يعتبر بدوره مغربيا فإنه لم يأت في الواقع بشيء جديد بالمقارنة ما كان يجري به العمل قبل صدور ظهير 6 شتنبر 1958، حيث أصدرت المحاكم خلال عهد الحماية مجموعة كبيرة من الأحكام القضائية التي تواترت على التأكيد بأن المصدر الرئيسي للجنسية المغربية يتمثل أساسا في رابطة النسب خاصة من جهة الأب، وبالتالي يعتبر الشخص منحدر من أب مغربي جنسية مغربية أصلية يستمدها من نسبه لأبيه.

وهذه في اعتقادنا أهم صورة تسند فيها الجنسية المغربية كجنسية أصلية، فإذا كان المغربي الأب مغربيا ألحق به أبناؤه وأسندت لهم الجنسية المغربية سواء كانت الأم مغربية أو ذات جنسية أجنبية أو عديمة الجنسية وسواء كانت الولادة داخل التراب المغربي أو خارجه.

ويكفل بناء الجنسية المغربية على أساس حق النسب للدولة المغربية نفوذها على الأجيال المتعاقبة من أبنائها الذين يقيمون في الدولة الأجنبية، ولو أن هذا الأمر سوف يؤدي إلى ازدواج الجنسية بالنسبة للولد إذا كان قانون الدولة الأجنبية يسند جنسيتها إليه بجرد وقوع الازدياد فوق ترابها ولكن هذا الظرف لا يؤثر على موقف القانون المغربي الذي يعتبر الولد مغربيا في نظره.

ولا يكفي أن يولد الابن لأب مغربي حتى يكتسب الجنسية المغربية وغنما يجب زيادة على ذلك أن تثبت نسبته إلى أبيه شرعا وفق القواعد المنصوص عليها في المدونة والفقه المالكي فيما يخص النسب.

ثانيا: الولد المزداد من أم مغربية وأب مجهول.

يشترط في هذه الحالة أن يكون الأب مجهولا وليس عديم الجنسية وتنطبق هذه الفرضية على الابن الشرعي حيث يعترف القانون المغربي بالنسب المبني على البنوة غير الشرعية فيما يخص الأم فقط وهذه هي حالة المولود لأم مغربية ولم تثبت نسبته إلى أبيه شرعا.

فقد قرر المشرع المغربي في هذه الحالة أن عدم معرفة الأب تبرر اكتساب الابن الجنسية المغربية الأصلية القائمة على حق الأم المستمد من الأم فيما لو كان الأب مجهولا، قد يثير التساؤل عن الحل في الوضع الذي قد تثبت فيه نسبة المولود إلى أبيه في تاريخ لاحق على الميلاد.

ولا عبرة هذا أيضا بمكان ازدياد الابن هل في المغرب أم في الخارج.

وهذه الوضعية وإن كانت شادة إلا أن الانحلال الخلقي كثيرا ما يؤدي إلى إيجاد أبناء لابن لهم ولا اختيار لهم في القدوم إلى هذا العالم، وحتى لا يحرموا من حق طبيعي وهو الجنسية كان من الضروري إضافة الفقرة الثانية إلى الفصل السادس وبذلك يحملون الجنسية بواسطة نسب الأم.[6]

 

المبحث الثاني: الجنسية الأصلية المترتبة عن الازدياد في المغرب.

ويقصد بها الجنسية الأصلية القائمة على أساس الرابطة الترابية وهي التي تسند للشخص اعتبارا لارتباطه بأرض الدولة التي يتمتع بجنسيتها نظرا لكونه ولد فوق ترابها.[7]

وتسند الجنسية المغربية الأصلية عن طريق الازدياد في المغرب بناءا على الرابطة الترابية في حالتين منصوص عليهما في المادة السابعة من قانون الجنسية هما حالة الولد المزداد في المغرب من أبوين مجهولين.

أولا: الولد المزداد في المغرب من أم مغربية وأب لا جنسية له.

تقوم الجنسية المغربية الأصلية في هذه الحالة على أساس اجتماع ثلاثة عناصر يتمثل أولها في الولادة بالمغرب، والازدياد من أم تتمتع بالجنسية المغربية، أما العنصر الثالث فيقتضي أن يكون الأب عديم الجنسية سواء كان لا يتمتع أصلا بآية جنسية أو كانت جنسيته مجهولة.

ويلاحظ هذا الشرع ميز بين الولد المزداد من أم مغربية وأب مجهول فاعتبره مغربيا سواء ازداد في المغرب مع أنه ليس هناك ما يبرر التمييز في هذا العدد بين الأب المجهول والأب الذي لا جنسية له.[8]

 

* الولد المزداد في المغرب من أبوين مجهولين :

أجمعت التشريعات عامة على منح الولد جنسية البلاد التي ولد فيها قصد توقيته من المساوئ التي تعتري من كان عديم الجنسية، والمشرع المغربي كرس نفس الاتجاه بحيث تسند الجنسية الأصلية إلى الولد على أساس ازدياده في المغرب، أي على أساس الرابطة الترابية فقط وليس على أساس رابطة الأبوة أو الأمومة[9] لأن الأب والأم كلاهما مجهولان وسبب إسناد الجنسية الأصلية هنا أيضا ترك الولد المزداد في المغرب بدون جنسية حتى ولو لم يعرف أبواه.

وتجدر الإشارة إلى أن الشخص الذي أسندت إليه الجنسية المغربية الأصلية نتيجة ولادته في المغرب من أبوين مجهولين، لا تعتبر هذه الجنسية نهائية بالنسبة له إلا إذا تخطى مرحلة القصور دون أن يثبت خلال هذه المرحلة أن ينتسب إلى أب يحمل جنسية أجنبية.

وبعبارة أخرى فإنه وعلى الرغم من أن الشخص المزداد في المغرب من أبوين مجهولين يعتبر طبق المادة السابعة في قانون الجنسية المغربية، من جنسية مغربية أصلية إلا أنه الجنسية يمكن أن تزول عنه، فينظر إليه بالتالي وكأنه لم يكن مغربيا في يوم من الأيام، إذا تبين قبل أن يبلغ المعني بالأمر سن الرشد، أن أصله أجنبي، وإن القانون الوطني لأبيه الأجنبي يسند للابن جنسية الأب.

وقد أجازت المادة من قانون الجنسية للأشخاص المزداد قبل تاريخ نشر هذا القانون والمحولة إليهم الجنسية المغربية بمقتضى أحكام المادة السابعة أي على أساس الازدياد في المغرب أن يتنازلوا عن هذه الجنسية بواسطة تصريح يدلون به إلى وزارة العدل دخل أجل سنة واحدة تبتدئ من تاريخ العمل بهذا القانون مع مراعاة حق وزير العدل في المعارضة.

 

الفرع الثاني: إسناد الجنسية المغربية كجنسية مكتسبة واسترجاعها.

الجنسية المكتسبة[10] هي تلك التي تلحق بالفرد في التاريخ لاحق على الميلاد ومن غير أن تسند إلى وقت الميلاد، وأهم ما يميز الجنسية المكتسبة عن الجنسية الأصلية أنها لا تفرض بقوة القانون وإنما هي بمثابة منحة من الدول تعطيها لمن تشاء وتحجبها عن من تشاء، والدولة هي بصدد الإعطاء أو المنع إنما تبنى قرارها على أدلة معينة تستترأ منها قبول الفرد لهذه الجنسية واستعداده المادي والمعنوي للانخراط في سلك الجماعة الوطنية من عدمه، وذلك كله في ضوء جملة من الشرائط التي تحددها الدولة بضعا لمنح جنسيتها، ولما كانت الجنسية المكتسبة لا تفرض فإن ذلك يعني أن ثمة دورا لإرادة الفرد وإرادة الدولة فلا تكتسب الجنسية وإلا إذا طلبها الشخص، ولو فرضت فرضا في بعض الأحيان من قبل فإنها تمكنه من التحلل منها، وبعبارة أخرى فإنه قد "يكون دور إرادة الفرد في اكتساب الجنسية الطارئة ايجابيا، بمعنى أن اكتساب الجنسية لا يتحقق إلا بطلب صريح من جانبه، وقد يكون دور إرادة الفرد سلبيا فتملك الدولة في هذه الحالة منحه الجنسية إذا ما أراد ذلك"[11]

وتتعدد الأسباب التي بمقتضاها كسب الجنسية الطارئة أو اللاحقة وعليه سنعالج اكتساب الجنسية بحكم القانون وبسبب الزواج (المبحث الأول) واسترجاع الجنسية المغربية (المبحث الثاني).

 

المبحث الأول : الاكتساب بحكم القانون أو بسبب الزواج.

أولا: الاكتساب بحكم القانون.

بالرجوع لظهير 6 شتنبر1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية سيما المادتان 9 و 10 منه، علمنا أن اكتساب الجنسية المغربية بفضل القانون يشمل وسيلتين هما الولادة والإقامة في المغرب الاكتساب بسبب الزواج.

 

1 –  الاكتساب بسبب الولادة في المغرب والإقامة به.

نصت على حالات اكتساب الجنسية المغربية بسبب الولادة في المغرب والإقامة به المادة 9 من قانون الجنسية وأضافت المادة 45 من نفس القانون حالات أخرى ومن خلال المقارنة بين المادتين يلاحظ أن المادة 9 تشمل الحالات الدائمة والمادة 45 تشمل الحالات المؤقتة.

أ- الحالات الدائمة لاكتساب الجنسية المغربية بسبب الولادة في المغرب والإقامة به هي ثلاث حالات :

– الحالة الأولى: كل ولد مزداد في المغرب من أم مغربية وأب أجنبي على شرط أن تكون إقامته بالمغرب عند التصريح اعتيادية ومنتظمة.

ويقصد بالإقامة الاعتيادية أن تكون فعلية ومستمرة ومتواصلة بنية الاستمرار حتى ولو تخللتها فترات تغيب طويلة أو قصيرة ويقصد بالإقامة المنتظمة أن تكون مستوفية للشروط القانونية المتعلقة بإقامة الأجانب.

– الحالة الثانية: كل ولد مزداد في المغرب من أبوين أجنبيين ازداداهما الآخران فيه بعد إجراء العمل بقانون الجنسية.

والملاحظ هنا أنه لم يكن هذا الولد يستطيع سابقا اكتساب الجنسية المغربية غير أنه بعد صدور ظهير 6 شتنبر 1958 الذي يعد بمثابة قانون الجنسية أصبحت تمنح له تلك الجنسية إذا توفرت فيه الشروط التالية:

– يجب أن يكون هذا الولد قد ولد على الأرض الإقليمي للمغرب[12] وفيما يخص جنسية الأبوين يشير النص إلى: "الوالدين الأجنبيين" وهي عبارة ينبغي تناولها بالمعنى الواسع حتى تشمل عديمي الجنسية، وفي هذا الصدد يمكن القول أن أحكام القانون المغربي تشترط أن يكون الأب والأم قد ولدا في المغرب وبالتالي يكون المشرع عندنا أشد ضيقا من غيره في بعض التشريعات المقارنة كما هو الحال عليه بالنسبة للفقرة الثانية من الفصل 16 من القانون التونسي الذي يكتفي بولادة أحدهما على القطر التونسي.

الاتجاه على أن يكون قد ولد كل من الوالد والأم بعد دخولهما في حيز التنفيذ مما يجعل أحكامها أشد ضيق.

ومهما يكن لا تمنح الجنسية حسبما ذكر بشكل تلقائي بل يجب مطالبتها بتصريح يوجهه المعني بالأمر إلى وزير العدل قبل مضى عامين من تاريخ بلوغه سن الرشد بالنسبة للمغرب وعام واحد واحد بالنسبة لتونس – – ولوزير العدل المهلة قدرها ستة أشهر للاعتراض على هذا الطلب وإذا فاتت تلك المهلة ولم يقدم اعتراف يعتبر إمساكه للطلب بالتسليم والقبول.

الحالة الثالثة: كل شخص مزداد في المغرب من أب أجنبي ازداد هو أيضا فيه فيما إذا كان الأب ينتسب إلى بلاد تتألف أكثرية سكانها من جماعة لغتها العربية أو دينها الإسلام، وكان ينتمي إلى تلك الجماعة.

ويلاحظ هنا أنه لم يشترط أن تكون ولادة الأم في المغرب ولا أن تكون ولادة الأب والابن قد وقعت بعد تاريخ إجراء العمل بقانون الجنسية، كما يلاحظ أن المشرع اشترط انتماء الأب إلى جماعة لغتها العربية أو دينها الإسلام بشرط أن تؤلف أكثرية سكان البلاد التي ينتسب إليها: ومن أمثلة ذلك أن يكون الأب لبنانيا مسيحيا، لأنه في هذه ينتسب إلى بلاد تتألف أكثرية سكانها من جماعة دينها الإسلام.

ب – الحالة المؤقتة لاكتساب الجنسية المغربية بسبب الولادة في المغرب والإقامة وهي حالتين:

تضمنت المادة 45 قانون الجنسية المغربية حالتين تكتسب فيهما الجنسية المغربية عن طريق الإقامة بالمغرب، علاوة فيمن يريد الاستناد إلى إحدى الحالتين:

– وتشمل الحالة الأولى:

"كل شخص أصله من بلاد يتألف سكانها من جماعة لغتها العربية أو دينها الإسلام وينتسب إلى تلك الجماعة" إذ يجوز له "مع مراعاة وزير العدل في المعارضة طبقا لأحكام المادتين 26-27 أن يصرح داخل سنة ابتداء من تاريخ نفاد قانون الجنسية المغربية، باختيار الجنسية المغربية إذا كانت تتوفر فيه الشروط الآتية:

1 – أن يكون محل سكناه وإقامته في المغرب عند نشر قانون الجنسية.

2 – أن يثبت زيادة على ذلك:

– السكنى في المغرب بكيفية اعتيادية منذ 15 سنة على الأقل.

– وإما ممارسة وظيفة عمومية بكيفية اعتيادية 15 سنة على الأقل.

– وإما الزواج من امرأة مغربية مع السكنى في المغرب منذ سنة على الأقل بشرط أن يكون ذلك الزواج غير منحل.

أما الحالة الثانية:

كل شخص أصله من منطقة مجاورة للحدود المغربية بشرط أن يكون محل سكناه وإقامته فوق التراب المغربي وأن يصرح باختياره الجنسية المغربية، داخل أجل سنة واحدة تبتدئ من تاريخ نشر المرسوم الذي تعين بموجبه تحديد المناطق المجاورة للحدود المغربية مع مراعاة حق وزير العدل في المعارضة.

وخلافا للحالة الأولى فإن الحالة الثانية وإن كانت بدورها حالة مؤقتة، ينحصر أمد الاستفادة منها بأجل سنة واحدة، إلا أنها لم تدخل بعد في حيز التنفيذ لأن تطبيقها يتوقف على مرسوم يبين الحدود المغربية كي يتأتى معرفة المناطق المجاورة للحدود.[13]

ثانيا: الاكتساب بسبب الزواج.

نصت على اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الزواج المادة العاشرة من قانون الجنسية المغربية وبحكم  ذلك يكون المشرع قد أضاف إمكانية أخرى لاكتساب الجنسية المغربية بحكم القانون بعد أن كانت هذه الإمكانية غير متوفرة قبل صدور قانون الجنسية، حيث لم يكن بوسع المرأة الأجنبية التي تتزوج بمغربي آنذاك أن تكتسب الجنسية المغربية لعدم وجود نص صريح يسمح بذلك ولو كان قانون تلك المرأة يجردها من جنسيتها الأصلية بمجرد تزوجها بأجنبي وكان ينتج عن ذلك أن تلك المرأة تصبح عديمة الجنسية وتخضع من حيث حالتها الشخصية وأهليتها بمقتضى المادة الخامسة من ظهير الوضعية المدنية للأجانب لأحكام القانون المدني والفرنسي.

وبخلاف موقف المشرع عندنا نجد بأن قانون الجنسية الجزائري المؤرخ في 27 مارس 1963 أوسع إذ يمكن بمقتضى فصله 12 للمرأة الأجنبية التي تتزوج من شخص جزائري اكتساب الجنسية الجزائرية بشرط أن تصرح قبل زواجها بتخليها عن جنسيتها الأصلية فتسند لها هذه الجنسية من تاريخ زواجها إذ لم يصدر قرار بالرفض من وزير العدل في بحر مهلة ستة أشهر تلي هذا التصريح على أنه يجب أن يكون الزواج مستوفي لشروط الصحة المنصوص عليها بالقانون الجزائري.

والملاحظ أن القانون الجزائري لا يفرض أي شرط إقامة على الزوجين بعكس ما جاء من شروط قانون الجنسية المغربية والتي هي:

أ – أن تكون المرأة الأجنبية قد تزوجت بمغربي، ويجب أن يكون الزواج صحيحا بمقتضى قانون مدونة الأسرة للزوج المغربي وأن يكون مبرما بعد 30 شتنبر 1958 أي ابتداء من فاتح أكتوبر 1958، أما إذا كان الزواج مبرما قبل هذا التاريخ فلابد من توفر شرط إضافي وهو أن لا يكون الزواج قد انحل أو ألغي في تاريخ التصريح.

ب – أن تكون إقامة الأسرة في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة مدة سنتين سواء تمت على الأقل أي أن يقيم كل من الزوجة والزوج في المغرب بكيفية مستقرة ومستمرة وقانونية مدة سنتين سواء تمت الإقامة على إثر الزواج مباشرة أو بعد مدة طويلة أو قصيرة.

ج – أن لا يعارض السيد وزير العدل في ذلك داخل ستة أشهر التي تلي تاريخ إيداع التصريح وإذا لم تلق الزوجة معارضة من وزير العدل داخل الأجل المذكور إلا واعتبر ذلك بمثابة موافقة ضمنية.

د – أن تقدم الزوجة تصريحا إلى وزير العدل بعد مرور سنتين على الأقل من إقامة الأسر في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة، ويتضمن التصريح رغبة الزوجة في اكتساب الجنسية المغربية.

ومما ينبغي ملاحظته في وقتنا هذا يتوقف اكتساب الجنسية بالزواج غالب البلدان[14] على إتمام  عدة إجراءات تجعل هذا الاكتساب أشبه ما يكون بالتجنيس الوادي مما يتضح أن بعض البلدان لا تتمتع المرأة الأجنبية التي صارت عربية بجميع الحقوق الخاصة بالوطنين إلا بعد مضي مدة معينة كما ينص على ذلك صراحة القانون المصري لعام 1952.[15]

 

المبحث الثاني: في التجنس واسترجاع الجنسية.

أولا: الاكتساب عن طريق التجنيس.

التجنيس منحة تخولها الدولة، بمقتضى السلطة التقديرية المطلقة للجهة الحكومية المختصة لفائدة الأجنبي الذي يطلبها وذلك حينما تتوفر الشروط القانونية فيه بموجب ظهير ملكي أو مرسوم وزاري حسب الحالات إذا قبلت الحكومة طلبه، ولها رفضه ولو توفرت فيه الشروط صراحة وضمنا بحسب ما تمليه المصلحة العليا.

كما لها أن تسندها للشخص الأجنبي على وجه المكافأة والتقدير للخدمات الجليلة التي أسداها للوطن أو لما فيها من كسب للمغرب إذا اعتنق جنسيته.

على أنه يمكن للحكومة سحب التجنيس حين يتبين لها أنه منح دون توفر كل شروطه وسندرس فيما يلي التجنيس العادي الذي يمنع بناءا على طلب، ثم التجنيس الاستثنائي أي الذي يسند كمنحة أو كمكافأة ثم سحب التجنيس وآثاره.

 

1 – التجنيس العادي:

يشترط التجنيس العادي توفر شروطه موضوعية وأخرى إجرائية أو شكلية.

أ – الشروط الموضوعية: وقد نصت عليها المادة 11 من ظهير الجنسية وهي سبة شروط:

الشرط الأول: أن تكون إقامة الشخص الأجنبي في المغرب حين إمضاء وثيقة التجنيس.

وهذا الشرط تتكون منه قرينة على إدماج الأجنبي في الطائفة الوطنية أو على توثق صلته بها ففيه دلالة على أن طالب التجنيس ألف أسلوب العيش الخاص بالبلاد وسهل إدماجه في البيئة الاجتماعية.

 

الشرط الثاني: أن يثبت إقامة اعتيادية ومنتظمة في المغرب خلال السنوات الخمسة السابقة لتقديمه طلب التجنيس، بحيث يتعين ألا يتخلل تلك الإقامة فترة توقف أو انقطاع غير عادية.

الشرط الثالث: أن يكون بالغا سن الرشد القانونية.[16]

الشرط الرابع: أن يكون طالب التجنيس سليما من الناحية العقلية والجسمية، أي يجب أن يكون متمتعا بملكاته الفكرية فتنعدم أهلية القاصر إطلاقا ليس بعجزه عن تعبير عن إراداته فقط بل زيادة عن ذلك لأسباب تحول دون تجنسه كما لا يجوز لهم في ذلك إنابة الغير مادام التجنيس يكتسي صبغة شخصية.

الشرط الخامس: أن يكون ذا سيرة حسنة وسلوك محمود وغير محكوم عليه بسجن من أجل جنحة مشينة ولا محكوم عليه من أجل اقتراف جناية، ما لم يقع في الحالتين محو العقوبة عن طريق إعادة الاعتبار لأهليته.

الشرط السادس: أن يثبت أن له معرفة كافية باللغة العربية وذلك تيسرا لأسباب الإدماج في الطائفة الوطنية ومادام المشرع هنا لم يحدد معيار المعرفة الكافية باللغة العربية فإن ذلك يدخل ضمن اختصاص السلطة التقديرية للجهة المختصة، الشرط السابع وأن يثبت أن لديه الوسائل الكافية للعيش.

ب – الشروط الشكلية: وتتمحور حول ثلاثة شروط في تقديم الطلب وفي وثيقة التجنيس وفي النشر.

الشرط الأول: تقديم الطلب يتعين على الشخص الأجنبي الراغب في التجنيس بالجنسية المغربية أن يقدم طلبا بذلك إلى وزير العدل مرفق بالشهادات والوثائق التي تثبت قيام الشروط الموضوعية المذكورة سابقا، ويمكنه أن يضمن في نفس الطلب رغبته في تغيير الاسم العائلي والشخصي وأن يذكر فيه الاسم المرغوب اتخاذه.

الشرط الثاني: وثيقة التجنيس، تمنح الجنسية بمقتضى مرسوم يقرره مجلس الوزراء وهذا المرسوم هو الذي يشكل وثيقة التجنيس طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 13 "تمنع بموجب مرسوم يقرره مجلس الوزراء"

الشرط الثالث: النشر: ألزم المشرع في المادة 29 من ظهير الجنسية إشهار وثيقة التجنيس وذلك بنشرها في الجريدة الرسمية وتكون نافذة المفعول بالنسبة للمعني بالأمر والغير ابتداء من تاريخ نشرها.

 

ثانيا: التجنيس الاستثنائي.

يمنح هذا التجنيس للأجنبي رغم عدم توفر كل الشروط الموضوعية السابقة بناء على اعتبارات تتعلق بمدى الفائدة التي جنتها البلاد من خدمات ذلك الشخص أو ما يمكن أن تجنيه من فائدة في المستقبل، فتكون حالة الفائدة مبرر لمنح المعني بالأمر الجنسية المغربية كمكافأة وجزاء.

وقد نصت المادة 12 على حالتين في التجنيس الاستثنائي وهما:

– الحالة الأولى: إذا أصيب الأجنبي بعاهة أو مرض من جراء عمل قام به في خدمة المغرب أو لفائدته وهذه حالة استثنائية من الشرط الرابع من الشروط الموضوعية الذي يلزم أن يكون الأجنبي صحيح الجسم والعقل.

 

– الحالة الثانية: وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل الثاني عشر من قانون الجنسية التي جاء فيها: "إذا كان الأجنبي يؤدي للمغرب خدمات استثنائية، أو تنجم عن تجنيسه فائدة استثنائية للمغرب"  ولا يشترط في هذه الحالة أن يثبت الأجنبي المعني بالأمر إقامة اعتيادية ومنتظمة في المغرب خلال السنوات الخمسة السابقة لتقديمه طلب التجنيس، أو أن يكون صحيح الجسم والعقل، وأن يثبت أن له معرفة كافية باللغة العربية، وأن يثبت أن له وسائل كافية للعيش وفي هذا الصدد ينص قانون الجنسية الأردني[17] على أن: "مجلس الوزراء يجوز له أن يستغني عن الشرط بسبق الإقامة لمدة أربع سنوات إذا رأى أن هناك ظروف خصوصية تؤول إلى ما يفيد المصلحة العامة، مما يتضح أنه إذا أمكن الإعفاء عن مدة الإقامة إعفاء تاما كان من المسلم تقصير مدتها"

ومن حيث الشكل يمنح التجنيس الاستثنائي في التشريع المغربي بظهير (الفصل 13) وينشر في الجريدة الرسمية ويكون نافذ المفعول بالنسبة للمعني بالأمر والغير ابتداء من تاريخ النشر (الفصل 29).

وسواء كان التجنيس عاديا أو استثنائيا فإن منحه أو رفضه يخضع للسلطة التقديرية للحكومة في شخص وزير العدل ولو كانت شروطه متوفرة.

ثالثا: سحب التجنيس وآثاره.

تعرضت المادة 14 من ظهير الجنسية لإمكانية سحب وثيقة التجنيس إذ وجد سبب أو أكثر من الأسباب التي نصت عليها غير أن ذلك السحب يحدث بعض الآثار.

فما هي أسباب السحب؟ وما هي آثاره؟

 

أ – أسباب سحب التجنيس

السبب الأول: عدم توفر شروط التجنيس : فإذا تبين بعد إمضاء وثيقة التجنيس أن المعني بالأمر لم يكن قد توفرت لديه الشروط التي يتطلبها القانون ليمكن تجنيسه فإنه يجوز إلغاء وثيقة التجنيس في غضون سنة تبتدئ من تاريخ نشرها وذلك بقرار مدعم بأسباب وبنفس الصيغة التي صدرت بها (بشرط أن يكون السبب موجودا قبل منح التجنيس وأن يكتشف بعد منح التجنيس).

 

السبب الثاني: استعمال وسائل إجرامية وتدليسية، فإذا أدلى الأجنبي عن قصد بتصريح مزيف أو بورقة تتضمن ادعاءا كاذبا أو خاطئا أو استعمال وسائل تدليسية للحصول على التجنيس، فإنه يجوز إلغاء وثيقة التجنيس بنفس الصيغة التي صدرت بها على أنه يجوز للمعني بالأمر الواجب إعلامه قانونيا أن يدلي بحجج ومذكرات في أجل ثلاثة أشهر ابتداء من اليوم الذي يطلب منه فيه الإدلاء بذلك (بشرط اكتشاف الفعل الاحتيالي بعد منح الجنسية).

 

ب – آثار سحب الجنسية

إن أثر التجنيس هو منح الأجنبي الصفة الوطنية مع كل ما يتبع ذلك من التوابع لكن له آثار قانونية أيضا بالنسبة لاسم المعني بالأمر وحالته المدنية فإنه يستمتع بجميع الحقوق المعترف بها للوطني ويضطلع بكافة الواجبات المفروضة عليه بناء على مبدأ مساواة المواطنين لدى القانون سواء أكان ذلك بالنسبة للحقوق والواجبات.

غير أن المشرع عندنا في نص المادة 14 أجاز إمكانية إلغاء وثيقة التجنيس في غضون سنة تبتدئ من تاريخ نشرها، وذلك بقرار مدعم بأسباب وبنفس الصيغة التي صدرت بها إذا تبين بعد إمضاء وثيقة التجنيس أن المعني بالأمر لم يكن قد توفرت لديه الشروط التي يتطلبها القانون ليمكن تجنيسه أو إذا أدلى الأجنبي عن قصد[18] بتصريح مزيف أو استظهر بورقة تتضمن ادعاء كاذبا أو خاطئا أو استعمل وسائل احتيالية أو تضليلية للحصول على التجنيس فيجوز إلغاء الوثيقة بنفس الصيغة التي صدرت بها، على أنه يجوز للمعني بالأمر أن يدلي بالحجج في أجل ثلاثة أشهر ابتداء من اليوم الذي يطلب فيه الإدلاء بذلك.

كما أن العقود التي أبرمت تبقى صحيحة ولا يمكن الطعن فيها بدعوى أن المعني بالأمر لم يكتسب الجنسية المغربية.

ثانيا: استرجاع الجنسية المغربية.

من فقد الجنسية المغربية لم يفقدها حتما بصفة نهائية إذ يمكن له استرجاعها.

وقد نص المشرع لأحكام استرجاع الجنسية المغربية المادة 15 من الظهير المنظم لها ويتبين من خلال تلك المادة أن استرجاع الجنسية لا يخضع لنفس الشروط القاسية والمتعددة التي يخضع لها التجنيس إلا أن الاسترجاع يسحب كما يسحب التجنيس.

1 – شروط استرجاع الجنسية المغربية.

هناك نوعان من الشروط، موضوعية وأخرى شكلية.

أ – الشروط الموضوعية: وتتمثل في شرطين:

الشرط الأول: لا يكون هناك مبرر لاسترجاع الجنسية المغربية إلا إذا فقدت بإحدى طرق الفقد المنصوص عليها في قانون الجنسية المغربية والتي سندرسها فيما بعد، أما إذا كان قانون الجنسية المغربية لا يقضي بفقد الجنسية فإنه ليس هناك حاجة لطلب استرجاع الجنسية المغربية حتى ولو تجنسا المعني بالأمر بجنسية أخرى، وكان قانون هاته الجنسية يفقد المتجنس جنسيته الأصلية، فهذا المعني بالأمر لا يحتاج إلى طلب استرجاع الجنسية المغربية لأنه لم يفقدها قط في نظر القانون المغربي رغم تجنسيه بجنسية أخرى.

الشرط الثاني: كون الجنسية المفقودة أصلية، فلا يستفيد من استرجاع الجنسية المغربية إلا الشخص الذي كانت له جنسية مغربية أصلية، أما إذا اكتسبها فقط ثم فقدها فلا يمكنه أن يستفيد من مسطرة الاسترجاع بل يجب عليه أن يطلب التجنيس.

ب – الشروط الشكلية: وتتمثل في تعبير المعني بالأمر عن رغبته في استرداد الجنسية المغربية عن طريق تقديم طلب لوزارة العدل مصحوب بكل الوثائق التي تثبت أن الشخص كان يتمتع بالجنسية المغربية الأصلية، وأنه فقدها وفق الطرق والشروط المقررة بمقتضى القانون.

وغني عن البيان أن استرجاع الجنسية المغربية لا يتم إلا إذا صدرت الموافقة على طلب الاسترجاع بمقتضى مرسوم ينشر في الجريدة الرسمية.

وابتداء من التاريخ الذي ينشر فيه المرسوم المتعلق بالاسترجاع في الجريدة الرسمية، يصبح الشخص مسترجعا لجنسيته ومتمتعا بالحقوق المرتبطة بالصفة المغربية وخاضعا للواجبات والفروض التي يخضع لها المغاربة.

 

2 – سحب الاسترجاع:

يمكن سحب وثيقة استرجاع الجنسية شأنها في ذلك شأن سحب وثيقة التجنيس، لذلك أحال المشرع بالنسبة للسحب وثيقة الاسترجاع إلى نص المادة الرابعة عشرة المتعلقة بسحب وثيقة التجنيس، غير أن نطاق تطبيق مقتضيات هاته المادة على الاسترجاع ضيق، لأنه لا يمكن أن يدور إلا حول إثبات شرط واحد وهو أن طالب الاسترجاع كان حائزا للجنسية المغربية كجنسية أصلية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني: في زوال الجنسية المغربية.

هل إن رابطة الجنسية عبارة عن وشيجة قد ينقسم عواها أو أنها يستحيل قطعها؟ إن هذه المسألة تكتسي أهمية كبرى ماسة بالرابطة الجنسية من الصبغة الخاصة، بل تكتسي صبغة أوفر أهمية في البلدان العربية التي يكون فيها مفهوم الجنسية يتخذ شكلا دينيا جوهريا حتى طالما أصبح من غير المقصور عقلا أن يفقد شخص جنسيته دون أن يعتبر مرتدا في الوقت نفسه هذا وللجواب على السؤال المذكور في النطاق الذي نحن بصدده ينبغي اعتبار الظروف الخاصة بالدول العربية وما حصل فيها من التطور السياسي والاجتماعي إثر انفتاح التشريع التقليدي للمفاهيم القانونية الغربية، إذا تأملنا في مشكلة فقد الجنسية من زاوية القواعد الأولية أمكن تصور مذهبين متناهضين.

1 – يمكن أولا تصور استحالة فقد الجنسية إطلاقا ولو بموافقة الحكومة وهو ما أتى به مذهب الولاء الدائم الذي يحظر بمقتضاه على الوطني التخلي عن جنسيته بل عليه أن يحفظها حتى إذا تجنس بجنسية بلد آخر على أن هذا المذهب ليس قابلا للتطبيق العملي لأنه يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه مراعاة لما أصبح عليه تطور مفهوم الجنسية لهذا ينبغي تلين قناة المذهب المذكور حتى يصبح من المستطاع التخلي عن الجنسية بموافقة السلطات العمومية على الأقل.

2 – وعلى نقيض المذهب السابق ذكره يمكن تصور إطلاق حرية الوطني في التخلي عن جنسيته غير أن هذه الحرية لم يقع التسليم بها ولا تقبلها اليوم القوانين الوضعية قبولا تاما، لأنها قد تكون مساوئها أوفر شيئا مما عليه في المذهب السابق الذكر ومن تلك المساوئ عدم التأكد من أن المعني بالأمر يتصف بجنسية في جميع الحالات حتى آل الأمر إلى تعليق هذه الحرية على بعض الشروط يظهر أن من أكثرها صوابا كسب جنسيته أخرى كسبا فعليا تفاديا لانعدام الجنسية وإذا اقتضى الحال الاغتراب اجتنابا للغش هذا ويمكن أن يتسع المجال لمذاهب وسطى متعددة بين المذهبين المتطرفين السابق إيرادهما خصوصا وأن القوانين العربية لا تمت بصلة إلى إحداهما أصلا وإنما تستمد من كلتاهما بحيث أن الأمر تطور إلى تمكين الشخص من التخلي عن جنسيته لاتخاذ جنسية أجنبية.

ولقد نظم المشرع المغربي الأحكام الخاصة بزوال الجنسية المغربية في الباب الرابع من ظهير 6 شتنبر 1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية.[19]

وبالرجوع إلى المواد المذكورة: يتبين أن زوال الجنسية يتم بسببين رئيسين:

– فأما أن يتحقق الخروج وانقطاع العلاقة بين الدولة والفرد نتيجة رغبة هذا الأخير في الانسلاخ من الجنسية المغربية، عن طوعية واختيار، وإما نتيجة لقيامه ببعض التصرفات التي يتنافى مع الانتساب إلى الجنسية المغربية، الأمر الذي يفرض على السلطات العامة المختصة نزع الجنسية المغربية.

ويطلق على السبب الأول تسمية فقد الجنسية، أما السبب الثاني فقد سماه المشرع المغربي "التجريد" وهو الذي يطلق عليه في الفقه العربي، التجريد أو السحب أو الإسقاط.

ومن الملاحظ أن الفقه والتجريد يتشابهان من حيث كون كل منهما يؤدي إلى الخروج من الجنسية ويتمان في جميع الأحوال بمقتضى قرار يصدر عن السلطة العامة المختصة غير أنهما يختلفان في ناحيتين جوهرتين.

تتمثل الناحية الأولى في أن الفقه تتدخل فيه الإرادة الفردية للمعني بالأمر، أي أن الشخص الراغب في فقد الجنسية، هو الذي يسعى طوعا واختيارا إلى الخروج من الجنسية في حين يعتبر التجريد من الجنسية، عقوبة تتربص بكل من يأتي أفعالا أو تصرفات لا تليف بحمل الصفة المغربية.

إلا أن القاعدة العامة القاضية بخضوع الفقد للإرادة الفردية للراغب في الخروج من الجنسية قيدها المشرع المغربي باستثناء هام[20]، وبموجب هذا الاستثناء تسقط الجنسية المغربية عن المغربي الذي يشغل وظيفة في مرفق عمومي تابع لدولة أجنبية، إذا لم يستجب لأمر الحكومة المغربية له بالتخلي عن تلك الوظيفة، بعد مرور ستة أشهر على توجيه الإنذار إليه.

أما الناحية الثانية فتكمن في أن التجريد ينحصر نطاقه بالجنسية المغربية المكتسبة ولا يمتد بأي حال من الأحوال إلى الجنسية الأصلية، في حين يشمل الفقد كلا من الجنسية الأصلية والجنسية المكتسبة على السواء.

الفرع الأول: فقد الجنسية المغربية.

بالرجوع إلى المادة 19 من قانون الجنسية المغربية، الصادر بمقتضى ظهير 06-09-1958 يتبين أن فقد الجنسية المغربية يمكن أن يتحقق في خمس حالات، تضاف إليها حالة سادسة يتم فيها الفقد عن طريق التبعية ونحن سنتطرق لهذه الحالات وآثارها..

 

المبحث الأول: حالات فقد الجنسية المغربية.

الحالة الأولى: فقد الجنسية المغربية بسبب جنسية أجنبية.

يتحقق هذا النوع من الفقد حسب شروط محددة.

1 – اكتساب جنسية أجنبية: لم يقع الامتثال لما اقتضاه المشرع في كل بلاد لتنظيم فقد الجنسية ومن ناحية أخرى انعقدت اتفاقيات دولية في هذا الصدد.

ففي ميدان التشريع الداخلي نرى أن هناك قوانين متعددة تشترط سابقية الإذن لاكتساب جنسية أجنبية مما يدل على الاعتراف بأحقية الشخص في إبدال جنسيته بأخرى لكن كانت ممارسة حقه في ذلك معلقة على إجراءات كثيرة العدد ضيقه النطاق بحيث أصبح فقد الجنسية قليل الوقوع.

ففي تونس كان يقضي الأمر المؤرخ في 26 فبراير 1861 المتعلق بنظام العمالة التونسية السياسي[21] أن تجنس التونسي في الخارج بدون رخصة لا يمكن الاحتجاج به على حكومته.

وفي المغرب كان التشريع الداخلي يقرر مبدأ الولاء الدائم ويتضمنه الخطاب الشريف الموجه إلى نواب الدول في طنجة يوم 18/02/1880 والتي أخذ بها مشروع الدستور المغربي في 11 أكتوبر 1908 في بابه الخاص بالحماية الدبلوماسية الذي يقرران حماية دولة أجنبية المغربي، وهو بمثابة فقد الجنسية، محظورة لكل نفس النص يستثني صورة صدور الإذن في ذلك وبالأخص صورة ما إذا "كان للمغربي مقر عاد خارج المغرب يسمح له بإحراز جنسيته الدولة التي يقطن بها".[22]

وفي ظل التشريع الحالي فإنه يجب أن يكون الشخص الحامل للجنسية المغربية، قد اكتسب فعلا جنسيته دولة أجنبية، ويجب أيضا أن يكون اكتساب الجنسية الأجنبية سابقا للتخلي عن الجنسية المغربية لأن الإذن بالتخلي لا يمنح له قصد الحصول على جنسية أجنبية بل لتجنب بقائه حاملا لجنسيتين.

2 – اكتساب الجنسية الأجنبية عن طوعية :

نصت بعض القوانين صراحة على هذا الشرط وإن كان غير إلزامي، إذن التجنيس مبني على رغبة مزدوجة وهي كسب الجنسية الجديدة والتخلي عن الجنسية السابقة على أن هذا الأمر وإن كان لا شبهة فيه في صورة اشتراط إبداء الإرادة الإيجابية مثلا في حالة وقوع التجنيس في الخارج وكسب الجنسية بفضل القانون متوقف على تصريح صريح، فإنه يدعو إلى التردد كلما تمنح الجنسية الأجنبية شرط التخلي عن الجنسية الأصلية وهذا يعني أن اكتساب الجنسية الأجنبية يجب أن يتم بمحض إرادة الشخص، وعليه فالمغربي الذي يصبح بحكم قانون الدولة الأجنبية حاملا لجنسيتها لا تمثل هذه الحالة ما لم يصرح بطلبه التخلي عن الجنسية المغربية وعن رضاه على اكتساب الجنسية الأجنبية.

ولا يعني الاكتساب الاختياري طريقة التجنيس فقط بل يشمل كل الحالات التي يتم فيها ذلك الاكتساب بمقتضى قانون الدولة الأجنبية استجابة لإرادة المعني بالأمر الصريحة أو الضمنية، إذا كانت تلك الجنسية تمنح للأجنبي بحكم القانون بمجرد إقامة مدة من الزمن فإن إقامة المعني بالأمر تلك المدة دليل على إرادته الضمنية في اكتساب تلك الجنسية.

3 – اكتساب الجنسية الأجنبية في الخارج:

وهي صورة الشخص الذي توافرت فيه الشروط اللازمة للتجنس بجنسية أجنبية فما تكون بعد ذلك علاقته بوطنه الأصلي وهل يعتبر بلده الأصلي من الأجانب؟

إن الجنسية وإن تهم الشخص فإنها تهم الدولة التي لها الحق في إجراء الرقابة على رعاياها الذين يتجنسون بجنسية أجنبية فإذا كانت رغبة الشخص في تجنسه رغبة صحيحة جدية كان من المعقول سحب الجنسية الأصلية منه اتقاء مساوئ ازدواج الجنسية.

كما أنه يفهم من ظاهر النص أن اكتساب الجنسية الأجنبية يجب أن يحصل أثناء وجود الشخص خارج المغرب والمقصود من هذا منع المغربي من التخلي عن الجنسية المغربية باكتساب جنسية أجنبية وهو مقيم في المغرب، باختلاف طرق اكتساب الجنسية الأجنبية فإذا كان اكتساب الجنسية الأجنبية قد تم عن طريق التجنيس فالشرط يعتبر متحقق إذا أثبت المعني بالأمر أنه كان خارج المغرب في تاريخ صدور المقرر الذي منحه الجنسية الأجنبية.

وإذا تم الاكتساب عن طريق مماثل للاكتساب بحكم القانون المغربي فإن المعني بالأمر يجب أن يثبت أنه كان مقيما خارج المغرب في التاريخ الذي أصبح فيه مكتسبا للجنسية الأجنبية حسب قانون الدولة التي اكتسب جنسيتها.

4 – بلوغ سن الرشد:

قد ينتج أيضا فقد الجنسية من ممارسة حق الرجوع عنها وهو حق تتمتع به الزوجة والأولاد القصر الذين انسحب عليهم بالتبعية تجنس رئيس العائلة، وتبعا لذلك يتعين أن يكون الشخص بالغا سن الرشد أي ثمانية عشرة سنة شمسية كاملة، وطبعا لا يشترط هذا في تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية بل فقط في تاريخ تقديم طلب التخلي عن الجنسية المغربية.

5 – طلب التخلي عن الجنسية المغربية:

هذا يعني أن المعني بالأمر عليه أن يقدم طلبا إلى وزارة العدل يصرح فيه عن رغبته التخلي عن الجنسية المغربية ويلتمس فيه صدور إذن له بذلك.

6 – صدور مرسوم يأذن له بالتخلي عن الجنسية المغربية ونشره في الجريدة الرسمية:

ذلك أن فقد الجنسية المغربية لا يقع بحكم القانون بمجرد تحقق الشروط السابقة، بل لاد من تدخل الحكومة بفسخ علاقة الخضوع الدائمة التي أٌر القانون استمرارها بين المواطن المغربي والدولة المغربية.

ولا يكفي صدور المرسوم بل لابد من نشره في الجريدة الرسمية، لأن فقد الجنسية لا يصبح نافذا بمقتضى الفقرة I من الفصل 20 إلا ابتداء من تاريخ هذا النشر.

الحالة الثانية: فقد الجنسية المغربية بسبب حمل جنسية أخرى أصلية.

ويتحقق بشروط ثلاثة:

1 – حيازة الجنسية المغربية وجنسية أجنبية:

هذا يعني أن يكون الشخص حائزا في وقت واحد على الجنسية المغربية وجنسية أجنبية كجنسية أصلية.

2 – حيازة الجنسية الأجنبية كجنسية أصلية:

تعتبر هذه متوفرة مثلا في الشخص الحائز للجنسية المغربية عن طريق الرابطة الدموية من جهة الأب، والجهة الفرنسية عن طريق الرابطة الدموية من جهة الأم.

3 – طلب التخلي عن الجنسية المغربية وصدور مرسوم يأذن بذلك وينشر في الجريدة الرسمية:

حيث تطبق على هذا الشرط القواعد التي تم شرحها في الحالة الأولى:

 

الحالة الثالثة: زواج المرأة المغربية برجل أجنبي.

هي الحالة التي تتوقف على شروط أربعة في تحققها:

 

1 – الزواج زواجا صحيحا من رجل أجنبي:

كان الأمر كذلك في القانون المصري إلى سنة 1950 شأنه اليوم في كل من القانون الأردني والسوري.[23]

يستنتج من تلك النصوص أن المرأة الأصلية من بلد عربي تفقد جنسيتها من جراء زواجها من أجنبي وبالتالي قد تكتسب جنسية زوجها وقد لا تكتسب إذا توفر شرطان اثنان على الأقل هما:

1 – صحة الزواج من ناحيتين فينتهي فيهما الأمر إلى التضييق من مجال فقد الجنسية:

تجب أولا إثبات صحة الزواج وفقا للأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية للمرأة ولا يخفي ما لتلك الأحوال الشخصية من ضيق النطاق حتى لا يصح زواج المسلمة إلا من مسلم كما لا يحل لليهودية الزواج من غير يهودي، أما صحة الزواج تجاه القانون المتعلق بالزواج فإنها مشترطة بصفة غير مباشرة إذ أن المرأة لا تفقد جنسيتها إلا إذا اكتسبت جنسية زوجها ولهذا يجب أن يكون الزواج صحيحا في نظر قانون الزواج.

2 – اكتساب المرأة جنسية زوجها:

وهذا الشرط يستلزم منح قانون الزواج الوطني الجنسية للمرأة إذ أنه شروط وجوبي في أغلب القوانين العربية ماعدا القانون الأردني الذي لا يشير إليه صراحة[24] ففي ذلك نقص فادح إذ أن هذا القانون يعتبر زوجة الأجنبي أجنسية وزوجة الأردني أردنية ويستخلص من ذلك أن الأردنية التي تتزوج من أجنبي تصبح أجنبية من تاريخ زواجها بل تفقد جنسيتها الأردنية الأصلية من تاريخ زواجها بحيث تصبح عديمة الجنسية متى تزوجت ممن كان عديم الجنسية أو متى لا يمنحها قانون الزواج جنسية هذا الأخير فورا واكتساب المرأة جنسية زوجها في ظل التشريع المغربي، الغاية من تمكين الأسرة من حمل جنسية واحدة هي جنسية الزوج فالمرأة المغربية يسمح لها بالتخلي عن جنسيتها لأن زواجها برجل أجنبي سيكسبها بحكم قانون هذا الزوج جنسيته، والغرض من هذا الشرط هو تجنب بقاء المرأة المغربية بدون جنسية.

3 – التعبير عن إرادة التخلي: قرر المشروع المصري في قانونه لسنة 1950 إن الجنسية لا يمكن فرضها على المرأة المصرية بحكم زواجها من أجنبي فهي تحتفظ بجنسيتها الأصلية بيد أن لها أن تبدي عن طيف النفس رغبتها في كسب جنسية زوجها إذا أجاز لها قانون الخروج لاكتساب جنسيته.

أما شروط صحة الزواج فإنها هي نفس الشروط المتطلبة في الحالة سابقة الذكر على أنه يجب صدور تصريح إرادي من طرف المرأة لكن هذه القاعدة وإن اتفقت ومبدأ إرادة المرأة في تقرير جنسيتها من شأنها أن تثير نزاعات في الجنسية بمعنى أنها قد تؤدي إلى اعتبار المرأة قانونا ذا جنسيتين اثنين ومع ذلك اعتمدت فوانين أخرى هذه القاعدة.[25]

والتعبير عن إرادة التخلي عندنا تتم بواسطة طلب يوجه إلى وزير العدل قصد استصدار مرسوم يأذن لها بالتخلي عن الجنسية المغربية، ويرفع الطلب قبل إبرام الزواج.

4 – صدور مرسوم يأذن بالتخلي: بحيث يجب أن يصدر المرسوم قبل عقد الزواج ويكون الإذن بالتخلي معلق على شرط واقف هو إبرام عقد الزواج، فإذا لم يبرم بقي المرسوم بدون أثر قانوني.

الحالة الرابعة: تخلي القاصر عن الجنسية المغربية المسندة إليه.

ولكي تتحقق هذه الحالة يلزم توفر شرطين وهما:

1 – أن تكون الجنسية المغربية مكتسبة من طرف القاصر عن طريق الرابطة العائلية الناتجة عن تجنيس ولده، وتحديد التجنيس إلى الأبناء القاصرين بمقتضى وثيقة التجنيس:

هذه الحالة لا تنطبق على الأولاد القاصرين الذين اكتسبوا الجنسية عن طريق الرابطة العائلية عند اكتساب أبيهم الجنسية المغربية بطريقة أخرى غير التجنيس.

2 – أن يكون الولد قد أكمل ستة عشرة من عمره حين اكتسب الجنسية المغربية بهذه الكيفية:

فإذا كان دون هذا السن فلا تنطبق عليه هذه الحالة، كأن يقع تنازع من الجنسية المغربية بين السنة 16 و 18 من العمر، ومما يلاحظ لا حاجة إلى إذن الحكومة ولا إلى موافقة الأب أو النائب الشرعي بصدور هذا التنازل وليس لوزير العدل الحق في معارضته.

 

الحالة الخامسة: [26] الاستخدام في مصلحة عمومية أجنبية:

وكغيرها من الحالات السابقة تتحقق بشروط معينة وعددها أربعة وهي:

1 – أن يكون الشخص المغربي متوليا وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أو في شخص أجنبي:

حيث أن هذه الحالة لا تشمل العمل لدى المنظمات الدولية أو الإقليمية كالأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية.

2 – أن توجه الحكومة المغربية لشخص المعني بالأمر إنذار بالتخلي عن تلك الوظيفة:

ويمكن أن يتخذ شكل مرسوم أو مجرد تنبيه كتابي يوجه للشخص المذكور، السفير أو القنصل المغربي بناء على تعليمات وزارة الخارجية.

 

3 – أن يتضمن الإنذار لزوما أمرين اثنين:

إما تخلي الشخص عن وظيفته الأجنبية أو فقد الجنسية المغربية، وله مهلة، 6 أشهر للاختيار حيث يجوز خلالها لهذا الشخص إبداء ملاحظاته.

 

4 – إذا كانت ملاحظات المعني بالأمر غير مقنعة للحكومة على تطبيق الإنذار:

فيجب أن يصدر مرسوم يصرح بأن الشخص المذكور قد فقد الجنسية المغربية قابل للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة كما أنه يستحيل عليه التخلي عن وظيفته بالخارج داخل الأجل المضروب له.

 

المبحث الثاني: آثار فقد الجنسية المغربية.

في هذا المبحث سنتطرق لأثار فقد الجنسية على ضوء الحالات التي تمت دراستها في المبحث الأول.

 

* الآثار المتعلقة بالحالة الأولى:

من جراء تحقق هذه الحالة يفقد الشخص صفة مغربي وكل الحقوق والواجبات المناطة بهذه الصفة، ويصبح أجنبيا في نظر القانون المغربي وهي التي عبر عنها المشرع التونسي بالقول: يفقد الجنسية التونسية الذي يكتسب عمدا واختيارا جنسية أجنبية بالتجنس أو بمفعول القانون.[27]

لكن الفقد لا يحدث أثرا رجعيا في ظل التشريع المغربي بل يبتدئ أثره من تاريخ نشر المرسوم الذي يأذن للشخص بالتنازل عن الجنسية المغربية.

وإن أثر فقد الجنسية المغربية، هذا يمتد إلى أولاد المعني بالأمر القاصرين غير المتزوجين إذا كانوا يسكنون معه فعلا.

فلحصول هذا الأثر الجماعي يجب أن تتوفر في الأولاد ثلاثة شروط:

أ       – أن يكونوا قاصرين بتاريخ نشر مرسوم التخلي.

ب     – أن يكون متزوجين، بنفس تاريخ نشر مرسوم التخلي.

ج      – أن يكونوا ساكنين فعلا مع أبيهم الذي فقد الجنسية المغربية.

فإذا توفرت كل هذه الشروط إلا وامتد أثر الفقد إلى الأولاد بحكم القانون وعليه لا حاجة للنص عليه في المرسوم الذي يأذن للشخص بالتخلي عن الجنسية المغربية كما أن القانون لم يعطي هؤلاء الأولاد الحق بالتصريح عن رغبتهم في الاحتفاظ بالجنسية المغربية وهذا نقص في القانون لاسيما بالنسبة للأولاد الذين بلغوا سن 18 سنة.

ولعله كان من المناسب أن يدرج فيه نص شبيه بالذي تضمنته الفقرة الأخيرة من الفصل 18 بشأن أولاد المتجنس بالجنسية المغربية الذين كانوا يبلغون 16 سنة على الأقل في تاريخ تجنيسهم، بحيث يسمح لأولاد الشخص الذي فقد الجنسية المغربية بأن يصرحوا في ظروف شبيهة بالظروف المذكورة برغبتهم في الاحتفاظ بالجنسية المغربية.

ويلاحظ أن القانون لم يشترط لإيقاع الأثر الجماعي اكتساب الأبناء فعلا الجنسية الأجنبية كما فعل في الفصل 24 بشأن الأثر الجماعي، وعليه يمكن أن يحدث أن اكتساب الجنسية الأجنبية ولو لم يشمل هؤلاء الأولاد، ومع ذلك يفقدون الجنسية المغربية، ويترتب عن ذلك أنهم يصبحون عديمي الجنسية.

* الآثار المتعلقة بالحالة الثانية:

الآثار المترتبة فيما يخص الحالة الثانية هي نفس الآثار المترتبة في الحالة الأولى سواء تعلق الأمر بالآثار الفردية أو الآثار الجماعية.

* الآثار المتعلقة بالحالة الثالثة:

 إنه إذا ما توفرت شروط هذه الحالة إلا وفقدت المرأة جنسيتها المغربية، ويبتدئ تاريخ هذا الفقد حسب الفصل 20 المادة 2 من يوم عقد الزواج، ولا يترتب على هذا الفقد أي أثر جماعي بالنسبة لما يكون للزوجة من أبناء سابقين لتاريخ الزواج.

* الآثار المترتبة على الحالة الرابعة:

يتحقق فقد الجنسية المغربية في هذه الحالة منذ اليوم الذي يعتبر تاريخا ثابتا للتصريح الموقع بكيفية صحيحة من طرف المعني بالأمر والموجه إلى وزير العدل، وحسب الفقرة الأولى من الفصل 21 يمتد أثر الفقد في هذه الحالة وبحكم القانون إلى أولاد المعني بالأمر القاصرين غير المتزوجين الساكنين معه فعلا.

* الآثار المترتبة عن الحالة الخامسة:

بموجب هذه الحالة يفقد الشخص الجنسية المغربية من تاريخ نشر المرسوم بذلك، يمكن أن يمتد أثر الفقد إلى الأولاد القاصرين غير المتزوجين الساكنين فعلا معه ولابد من النص صراحة عن ذلك المرسوم.

وتكاد تجمع مختلف التشريعات المقارنة على ما دهب إليه المشرع المغربي.

فالمشرع اللبناني في قانون 31 كانون الأول 1946 اعتبر في المادة الأولى وبالضبط في الفقرة الثالثة "بأن اللبناني المقيم في خارج الأراضي اللبنانية الذي يقبل وظيفته عامة تقلده إياها حكومة أجنبية في بلاد أجنبية إذا احتفظ بهذه الوظيفة بالرغم من صدور الأمر إليه بأن يتخلى عنها في مهلة معينة."

إلا وترتب على ذلك آثار سحب الجنسية اللبنانية بل هناك من دهب أبعد من ذلك كما هو الحال بالنسبة لموقف المشرع الكوبي الذي أكد على ضرورة المتابعة الجنائية واعتبر مثل هذا العمل خيانة عظمى.

الفرع الثاني: التجريد من الجنسية المغربية.

زوال الجنسية بالتجريد يفوض على سبيل الجزاء على الشخص الذي تنم بعض تصرفاته عن عدم الولاء لوطنه أو عن دعارة إثمية فهو عبارة عن إبراء صارم ممقوت يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه[28] فهو مناف "القانون الطبيعي" وللوثيقة العالمية الخاصة بإعلان حقوق الإنسان"[29] فيتأتى لذلك ما لهذا الإجراء من الصبغة الاستثنائية وضيق النطاق الذي كتب له في القانون الوضعي وبالأخص عدم سريانه على الوطنيين الأصليين.

لكن يوجد في التشريعات العربية بعض الخاصيات منها اتساع نطاق هذا الجزاء بحيث يمكن أن ينال كل وطني سواء اكتسب جنسيته بطريقة الأصل أو بالجنس أو بغيرهما من الطرق، فالتجريد إذن هو تدبير بمقتضاه تنزع الحكومة الجنسية من شخص ما كعقوبة على بعض الأفعال التي تصدر عنه بعد اكتسابه لتلك الجنسية، ولقد نص القانون المغربي عن هذا التدبير في الفصول 22 إلى 24 المقتبسة من الفصول 98 إلى 100 من قانون الجنسية الفرنسية، فما هي شروط التجريد؟ وما هي المسطرة المتبعة في ذلك؟

 

المبحث الأول: شروط التجريد.

لا يمكن أن يقع التجريد إلا إذا توفرت بعض الأسباب المنصوص عليها في القانون، وكانت مقترنة ببعض الشروط العامة الجوهرية والشكلية.

أولا: أسباب التجريد.

تقدم القول بأن التجريد يفرض كعقوبة بسبب صدور بعض الأفعال عن الشخص المعني بالأمر، وهذه الأفعال على نوعين:

إما تصرفات تدل على عدم ولاء الشخص للمغرب الذي اكتسب جنسيته، وإما بتصرفات إجرامية عادية وبعض هذه الأفعال تحتاج إلى صدور حكم سابق، وبعضها لا تحتاج إلى صدور حكم بل يرجع أمر تقديرها إلى الحكومة.

أ – التصرفات المثبتة بحكم قضائي:

1 – اتخاذ القرار بإزالة الجنسية بالتجريد يقع بعد صدور محاكمة جنائية ففي ذلك ضمان مزدوج للأجانب الذين أصبحوا وطنيين ذلك أنه من جهة لا يكمن سبب الإزالة في الأفعال الجنائية نفسها وإن في المحاكمة التي صدرت زجرا لها، ومن جهة أخرى يلغى الإقرار إذا صدر العفو عما للأفعال المرتكبة من الصبغة الجنائية.

إن الأفعال الناشئة عنها إزالة الجنسية أتت بها قوانين الجنسية التي تحيل على القوانين الجنائية فهي أفعال عادية ينم عن انقطاع الولاء للوطن من طرف الشخص الذي هو حديث الاكتساب للجنسية ومن تلك الأفعال:

– صدور الحكم من أجل اعتداء أو إهانة نحو الملك أو إعفاء الأسرة المالكة مهما كانا لعقاب المحكوم به على المتهم فهذه الأفعال التي انفرد بها التشريع المغربي لا طائلة تحتها لأنها من الجرائم ضد أمن الدولة الداخلي التي نصت عليها المجلة الجنائية المغربية، وقد ينجز عنها إزالة الجنسية ومما ينبغي ملاحظته أن القانون التونسي وضع زمن النظام الملكي لا يحتوي على نص خاص في هذا الموضوع.

2 – صدور الحكم من أجل عمل يعد جناية أو جنحة تمس بسلامة الدولة الداخلية أو الخارجية وفي ذلك أعظم مظهر لانقطاع الولاء بالوطن، وهي الأعمال المنصوص عليها في الفصل 181 إلى 207 ق.ج، ولتطبيق هذا النص يجب الرجوع إلى القانون الجنائي الذي ينص في الفصول من 281 إلى 200 (الفرع II من الباب الأول من الجزاء الأول من الكتاب الثالث) على "الجنايات والجنح ضد أمن الدولة الخارجي، وفي الفصول 201 إلى 207 (الفرع III) على الجنايات والجنح ضد سلامة الدولة الداخلية.

3 – إذا صدر عليه حكم من أجل عمل يعد جناية ترتبت عليها عقوبة تزيد على خمس سنوات سجنا وتنطبق هذه الحالة على الجرائم العادية أيا كان نوعها والغرض منها تمكين الحكومة المغربية من نزع الجنسية المغربية من الشخص الذي اكتسبها ثم تبين من تصرفاته أنه عنصر غير صالح ليكون عضوا في المجتمع المغربي.

هذا وإنه لا يكفي ان يكون الفعل موصوفا بأنه جناية، بل يشرط أن تكون العقوبة التي صدرت من أجل هي عقوبة سجن لمدة تزيد على خمس سنوات.

وحيث أنه من المبادئ القانونية أن النصوص الزجرية لا يجوز التوسع في تفسيرها، فينتج عن ذلك أن الحكم بالإقامة الإجبارية أو بالتجريد من الحقوق الوطنية كعقوبة جنائية أصلية لا يمكن اعتباره سببا للتجريد من الجنسية المغربية.

ومن جهة أخرى فإن القانون لم ينص صراحة على أنه يجب أن يكون الحكم صادرا عن محكمة مغربية ولذلك تطرح على بساط البحث مسألة ما إذا كان الحكم صادر من دولة أجنبية يعتبر سببا للتجريد ونحن نميل إلى الجواب بالإيجاب لاسيما أن الفصل 762 من قانون المسطرة الجنائية يعتبر الحكم الصادر في دولة أجنبية عنصرا من عناصر العود، وأن الفصل 92 ق.ج، الفرنسي – المقتبس منه النص المغربي – ينص على ذلك صراحة – ولكن شرط أن يكون الفعل الذي صدر من أجله الحكم الأجنبي معتبرا في نظر القانون المغربي جناية أيضا تستوجب عقوبة السجن لمدة خمس سنوات على الأقل، وأخيرا فإن انقضاء العقوبة بسبب العفو أو العفو الشامل أو الإفراج المؤقت لا ينزع عنها الصفة الجنائية التي تجعلها سببا للتجريد.

ب – التصرفات التي تدل على عدم الولاء للمغرب ولا تحتاج إلى الإثبات بحكم قضائي:

إن انقطاع الولاء للوطن في الحالات السابقة يستوجب الزجر لأنه يتكون من أفعال صدر من أجلها الحكم بالإدانة أما النصوص فلا تثير أدنى صعوبة إذ أن الحالات المذكورة هي محدودة وفوق ذلك فللحاكم الجنائي إطلاق النظر يمكن إصدار القرار بإزالة الجنسية ولو لم تصدر محاكمة جنائية ويكون ذلك في صورة ما إذا وقع محو المحاكمة، أو صبغة الأفعال الجنائية[30] ففي هذه الحالة يستطاع تقرير إزالة الجنسية إذا توفرت بعض الشروط.

إن التشريع المغربي يشير إلى الشخص الذي تهرب من القيام بوجباته العسكرية وهو وضع عديم التطبيق في الميدان العملي لأن الخدمة العسكرية لم تؤسس في المغرب وعلى كل فإن التهرب من الواجبات العسكرية تتكون من جريمة منصوص عليها وعلى عقاب مرتكبها، ولذا كان من الصواب لو اشترط إثباته بالمحاكمة، هناك صورة أخرى يشترك فيها القانون المغربي والقانون التونسي وهي تتعلق بالشخص الذي يقوم بأفعال لفائدة دولة أجنبية تتنافى مع صفته الوطنية وتمس بصالح الوطن ففي هذه الصورة يجب توفر ثلاثة شروط وهي: القيام بأعمال لفائدة دولة أجنبية تتنافى وصفة الوطني وتضر بمصالح البلاد، على أنه يتجه الجمع بين هذين الشرطين الأخيرين حتى يتكون منهما شروط واحد إذ لا يتصور عقلا أن القيام بعمل مضر بالوطن لفائدة دولة أجنبية ليس بمتناف والصفة الوطنية ويدل على ذلك أن القانون التشريع المغربي لم يجعل من ذلك شرطا خاصا[31] والخلاصة التي يمكن الخروج بها هنا هي أن المساس بمصالح المغرب تتنافى مع صفة كل مغربي.

ثانيا: الشروط العامة للتجريد.

أ – الشروط الجوهرية:

1 / أن تكون الجنسية المغربية متكسبة اكتسابا وأيا كانت طريقة الاكتساب: بحكم القانون أو التجنيس، وعليه فلا يمكن تطبيق التجريد على الشخص الحاصل للجنسية المغربية كجنسية أصلية سواء كانت مترتبة على الرابطة الدموية، أو على الرابطة الترابية.

هذا وأن التجريد قابل للتطبيق على حامل الجنسية المغربية عن طريق الاكتساب حتى ولو كان قد فقد جنسيته الأصلية، وفي هذه الحالة ما يترتب على التجريد وهي من أهم المطاعن التي يرمي بها.

2 / أن تكون الأفعال التي يؤاخذ بها المعني بالأمر قد ارتكب ضمن أجل عشر سنين اعتبارا من تاريخ اكتسابه الجنسية المغربية.

وتعني العبارة الأخيرة التاريخ الذي أصبح فيه ممكنا تمتع الشخص بصفة مغربي بصرف النظر عن الأثر الرجعي الذي يحدثه هذا الاكتساب في بعض الحالات، لاسيما حين يحصل بحكم القانون.

فمثلا بالنسبة للمرأة الأجنبية التي تتزوج بمغربي فإنها لا يمكنها أن تكتسب الجنسية المغربية إلا بعد إبرام الزواج سنتين على الأقل، ومع ذلك فإن الاكتساب يحدث أثرا رجعيا يعود إلى  تاريخ إبرام الزواج، فأجل العشر سنين بالنسبة إليها لا يبدأ من تاريخ إبرام الزواج بل من تاريخ اليوم الذي أصبحت فيه مغربية.

3 / أن يقع الإعلان عن التجريد ضمن أجل خمس سنين اعتبارا من تاريخ ارتكاب الأفعال (الفصل 22 الفقرة 3 القانون الجنائي) فنقطة ابتداء هذا الأجل ليست إذا تاريخ الاكتشاف القيام بتلك الأفعال، ولا تاريخ صدور حكم بشأنها بل تاريخ ارتكابها.

وعليه فإن التجريد يخضع لأجلين: واحد بالنسبة لتاريخ اكتساب الجنسية، والآخر بالنسبة لتاريخ ارتكاب الأفعال، ويجب أن يتوفر الأجلان معا مما يجعل التجريد ممكنا داخل خمسة عشر سنة ابتداء من تاريخ اكتساب الجنسية، وذلك في حالة ارتكاب الفعل في آخر يوم من أجل العشر السنوات، الذي يبتدئ من تاريخ اكتساب الجنسية فإن التجريد يمكن أن يقع في آخر يوم من أجل عشر سنوات.

وعلى العكس من ذلك قد يصبح التجريد غير ممكن قبل أن ينتهي أجل العشر سنوات، فمثلا إذا ارتكب الفعل في آخر يوم من السنة الأولى الموالية لتاريخ اكتساب الجنسية فإنه بعد انتهاء السنة السادسة يصبح التجريد غير ممكن.

 

 

 

ب – الشروط الشكلية: (الفصل 23)

1 – لا يجوز صدور الأمر بالتجريد من الجنسية إلا بعد إطلاع المعني على المنوي اتخاذه ضده وإعطائه الفرصة ليقدم ملاحظاته.

وهذا الإجراء ضروري، سواء كان الشخص مستوطنا أو موجودا في المغرب أو في بلاد أجنبية، أما كيفية الاطلاع على أجراء التجريد المنوي اتخاذه فيمكن أن تتم بأية طريقة كانت إما بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل، وإما بالإعلام مباشرة بواسطة أعوانا لسلطة أو الممثلين الدبلوماسيين أو القنصليين.

وإنما تنشأ صعوبة في حالة جهل موطن المعني بالأمر لأن القانون لم ينص على هذه الحالة. وفي نظرنا، يمكن في هذه الحالة الاقتصار على إعلان في الجريدة الرسمية ويفترض أنه اطلع من خلالها على التدبير المقصود اتخاذه، إذ أن القانون لا ينص على "التبليغ" الذي له شكليات معينة، وإنما ينص على "الاطلاع دون تعين طريقة معينة، وإنما يبقى للمعني بالأمر الحق بأن يثبت أنه في الواقع لم يطلع، ولم يكن بوسعه أن يطلع على التدبير المذكور.

2 / أما الشكل الذي يصدر به الأمر بالتجريد، فهو مبدئيا مرسوم يتخذ بظهير أيضا.

وللحكومة سلطة تقديرية مطلقة لإصدار أو عدم إصدار الأمر بالتجريد حتى ولو توفرت أسبابه والأمر بالتجريد إذا صدر بشكل مرسوم يكون قابلا للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أما إذا صدر بشكل ظهير فهو لا يقبل الطعن السابق الذكر.[32]

وأخيرا يجب أن ينشر الأمر بالتجريد من الجنسية في الجريدة الرسمية.

 

 

 

المبحث الثاني: آثار ومسطرة التجريد.

أولا: آثار التجريد.

أ – الآثار الفردية.

التجريد ينزع الجنسية المغربية من المعني بالأمر ابتداء من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية لكنه لا يحدث أي أثر رجعي، وكل الآثار التي ترتبت على الصفة المغربية التي كان يتمتع المعني بالأمر قبل التجريد تبقى صحيحة، ومن أهم هذه الآثار إسناد الجنسية المغربية كجنسية أصلية للأولاد الذين ازدادوا له خلال هذه المدة، وإذا كان المعني بالأمر لم يحتفظ بجنسيته الأجنبية السابقة إذا كانت له جنسية فيصبح عديم الجنسية.

لا يحدث التجريد أي أثر جماعي بحكم القانون ولكن يجوز أن يمددوا قرار التجريد إلى الزوجة والأبناء القاصرين إذا توفرت فيهم الشروط الآتية:

– أن يكونوا من أصل أجنبي، وعليه فإن الزوجة التي كانت تحمل الجنسية المغربية كجنسية أصلية قبل الزواج والأبناء المولدون بعد اكتساب أبيهم الجنسية المغربية لا يمكن أن يمثلهم قرار التجريد.

-أن يكونوا محتفظين بجنسية أجنبية، وعليه إذا كانوا قد وقفوا جنسيتهم الأجنبية الأصلية أو كانوا قبل اكتساب الجنسية المغربية عديمي الجنسية فلا يمكن أن يشملهم قرار التجريد، وعلى كل حال فإن التجريد يمكن أن يكون جزئيا في بعض الحالات، وتمديده إلى الزوجة دون الأبناء القاصرين، وكذلك الأبناء القاصرين المتزوجين دون الأم، لكنه لا يجوز تمديده إلى الأبناء القاصرين الغير متزوجين إذا لم يكن شاملا الأم أيضا.

ثانيا: مسطرة التجريد.

إزالة الجنسية بالتجريد إجراء خطير خطارة خاصة إذ يصير من يناله من عديمي الجنسية ولهذا اشترط بعض الشروط حتى يكتسي هذا الإجراء صبغة مشروعة ومن تلك الشروط لزوم إعلام الشخص بما صدر عليه من الجزاء، وفي هذا الصدد ينص القانون التونسي، على أن وزير العدل يعلم المعني بالأمر بهذا الإجراء ويكون الإعلام إما لذاته أو لمقره وإن لم يعرف له مقر ينشر بالراشد الرسمي، أما القانون المغربي فلم يتعرض لما يكون العمل فيما إذا استحال الإعلام ومن جهة الشكل فإن التجريد من الجنسية يصدر بمرسوم يتخذه المجلس الوزاري في المغرب.

أما إذا كانت الجنسية قد منحت بظهير شريف فإن التجريد منها يتم كذلك بظهير، وأخيرا فإن التجريد يجب الإعلان عنه ضمن أجل خمس سنين اعتبارا من تاريخ القيام بالأعمال المنسوبة للمعني بالأمر.

ومما يمكن ملاحظته في خاتمة المطاف إن هذا الإجراء وإن كان عرضة للانتقاد إلا أنه ينم عما للمشرع من الحرص على احترام جانب المشروعية ويدل على هذا الضمانات المعطاة لما يسلط عليه هذا الإجراء وما هي عليه الروح التجريد الذي يقصد به تصحيح اكتساب الجنسية إذا أنتج عنه مالا يحمد عقباه، وخلافا لما عليه الحال في التشريعات المذكورة فإن جل القوانين العربية الأخرى تتصف بفرط الشدة في ميدان التجريد فيها، لا يحصر في خدود ما هو لائق، والضمانات جد قليلة بحيث يصبح التجريد سلاحا خطيرا يطلق العنان لأهواء السلطة التنفيذية لتسلط العقاب على من وقف موقف مضادا للوطن، إلا ما كان من القانون السوري الذي يشترط في كل صورة من الصور للتجريد إصدار حكم قضائي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول: إثبات الجنسية وما قد يتصل به من المنازعات القضائية

تمثل الجنسية عموما نقطة التقاء أساسية بين الفرد والدولة ونقطة مؤثرة تأثيا بارزا في النظام الذي يشكل الجماعة الدولية عكست ذاتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة على درجة العلامة الموجودة في أيطار نوع من التناسق بين الأجيال المتعاقبة في سباق من شأنه أن يساهم في دعم وبناء الدولة على أساس متينة من خلال تحديد ركن شعب فيها واتخاذها مرجعية أساسية بمثابة القانون الأساسي بوجودها حتى في غياب دستور لها ومن هذا المنطلق تظهر أهمية تشريعات الجنسية في رسم معالم حدود شعب كل دولة احتراما لإرادة كل دولة ذات كيان مستقل في تحديد الأشخاص المنتمية بمعزل عن باقي الكيانات المحددة للدول الأخرى استجابة لمواكبة الجنسية اللازمة تأرجحها بين طموحات الأمة وآمال المجتمع الدولي.

ولعل من المناسب القول بأنه إذا أخدنا كل هذه المعطيات بعين الاعتبار فإنه يمكننا أن نضع مفهوم الجنسية وكذلك اتباثها في موضعها الصحيح خاصة وأن الفرد قد يكون بحاجة إلى إثبات تمتعه بالجنسية الوطنية لأية دولة وصاحب الحاجة أعمى في التهافت لبلوغ مرامة وتحقيق ما يصبوا إليه أو قد يحشد كل ما لديه من وسائل وأدلة تسعفه لإثبات نفي تلك الصفة الوطنية عنه البريء منها براءة تامة كما يدعى إذا ما ثارت المنازعة شأنها أمام القضاء سواء كان النزاع بين الفرد والدولة مباشرة أو تارة بين الفرد دون أن تكون الدولة خصما مباشرا ومن جانب آخر قد يلجأ الفرد لهذا الإثبات خارج نطاق القضاء ليتمكن من تحديد فكرة اتجاه سلطات الدولة بهدف معرفة مدى تمتعه بالحقوق والخضوع للتكاليف التي لا يتساوى فيها المواطن مع الأجنبي سيما وراء بيان على وجه التحديد مدى أحقيته كإحدى رعاياها للانتخاب أو الترشيح للمجالس النيابية، خضوعه لأداء الخدمة العسكرية أو الالتحاق بالجيش لأداء ضريبة الدم[33] وإلا فهو في الظاهر أجنبي مفروضة عليه الالتزامات الملقاة على عاتق الأجانب بمقتضى القانون وخاضع للقيود المتعلقة بالإقامة ومعرض للجزاء والطرد المختلفين من حيث الإجراءات وحتى لمجرد الترحيل وحرمانه من مباشرة الحقوق المقاصرة على الوطنيين[34]

وتمة عنصر آخر يكتسب أهمية بالغة وهو أن الفرد قد تتهيأ له الأسباب لإثبات الجنسية المغربية إلى أبعد مدى بتسليمه شهادة الجنسية تأسيسا على أنه يتمتع بهذه الجنسية بعد التحقيق من ثبوت جنسيته والذي يثير بدوره إشكالية بعينها في مسألة الجنسية، وهي إشكالية أدى التغاضن عنها في السابق إلى إدعاء ذوي هوية عربية أخرى التمتع بالجنسية المغربية وإن كان أصل أسرهم لا يمت بصلة إلى المغرب وقد يتزايد ذلك في سياق عولمة العلاقات الدولية التي شأنها انتقال الأفراد عبر الدول الأمر الذي يعود بنامرة أخرى إلى دعم هوية الجنسية، ومن هذا المنطلق فإن موضوع الجنسية، احتل مكانا هاما بين مواضيعها ويترتب على النجاح إيجابا أو الإخفاق سلبا في إبراز متاهاته في تحديد الصفة الوطنية والأجنبية للفرد إذ أنه من المنطقي تبعا لذلك القول حقا كل فرد في أن يكون له جنسية ينجم عنه نهاية المطاف التزام كل دولة بمنح جنسيتها لمن يرتبط بجماعتها الوطنية ارتباطا حقيقيا وفعليا.[35]

وقد نظم قانون الجنسية المغربي الأحكام المتعلقة بإثبات ما يتصل من المنازعات القضائية في الباب السادس من ظهير 6 شتنبر 1958 وذلك في المواد من 30 إلى 40 حيث قسم الباب المذكور إلى قسمين خصص أولها للإثبات، أما القسم الثاني فقد عقده للمنازعات القضائية.

عكفنا في الفصول السابقة على دراسة القواعد المنظمة للجنسية من حيث اكتسابها وفقدها واسترجاعها، وإكمالا للبحث لابد من أن نحدد السلطة المختصة ومدى اختصاصها في تطبيق أحكام هذا القانون إدارية كانت أو قضائية وفي البث في المنازعات المتعلقة بالجنسية وأن نبين وسائل اتباثها وطرف الإثبات.

يعطي المشرع في أكثر الدول وفي حالات عدم وجود النزاع الاختصاص في تطبيق قانون الجنسية إلى سلطة إدارية يحددها القانون، وإذا كان الأمر يقتصر على مجرد العمل بأحكام هذا القانون، فما هي هذه السلطة، وما هو مدى اختصاصها؟ أما إذا اختلف ذووا الشأن مع السلطة المكلفة بتطبيق القانون، كان يدعي الفرد جنسية دولة من الدول وتنازعه سلطة تلك الدولة هذه الصفة فإن الأمر يتخذ صورة نزاع في موضوع الجنسية، يتعين تحديد الجهة التي تملك حق النظر في هذا النزاع، وقد يختلف الأفراد حول الجنسية أثناء النظر في قضية ما فتظهر المنازعة في الجنسية كمسألة أولية يتعين الفصل فيها قبل الفصل في الخصومة القضائية، فهل للقضاء حق النظر والبث في فرعي النزاع السالفي الذكر أم لا يملك القضاء ذلك؟ وعلى من يقع عبء الإثبات.

في هذا الموضوع الذي أشرنا إلى دقائقه يكون لتوزيع عبء الإثبات دور أساسي بحيث يتوقف عليه وحده فض النزاع مما يدل على أهمية تعيين من يلقى عليه عبء الإثبات، ففي هذه المادة كما هو الشأن في غيرها يعتمد على القاعدة العامة لنظرية الإثبات مفادها أن كل من يدلي بإدعاء حق على غيره أن يتحمل عبء الإثبات، وفي ذلك قاعدة مبنية على المنطق ولإنصاف قد تؤدي مخالفتها إلى ما لا يحمد عقباه فلا يتصور مثلا أن يدعي شخص ملكيته لعقار يلزم خصمه، بإقامة الحجة بل الحجة السلبية على عدم وجود رسم يملكه في يده ففي مادة الجنسية يجب مبدئيا على من يدعي أنه وطني بلاد معينة أن يثبت دعواه وليس لخصمه وهو ممثل النيابة العامة أن يثبت خلاف ذلك (الإثبات على من يدعي)، وبمقتضى هذه القاعدة فعلى من يدعي الصفة الأجنبية أن يثبت أنه غير وطني وبذلك يغلق مثلا من تطبيق القانون المتعلق بالخدمة العسكرية.

القاعدة المذكورة نص عليها صراحة القانون المصري للجنسية الذي يقتصر على الاقتداء بما أقربه أمر 1945 الفرنسي كما نص عليها كل من القانون المغربي والتونسي والجزائري الخاص بالجنسية[36]، فهي تضفي على الدولة مركزا ممتازا مراعاة لما لها من امتياز التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية ينقل من أجله عبء الإثبات للخصم فإذا قررت الجهة الإدارية مثلا إبعاد شخص تعتبره أجنبيا والحال أنه يدعي الصفة الوطنية فعلى هذا الأخير أن يثير المنازعة أمام القضاء للحصول على الإقرار بصفته الوطنية وفي هذا الصدد يتعين عليه إثبات دعواه اعتبرنا القواعد العامة وقع قلب عبء الإثبات في صورتين أو لا متى كان المدعي متمتعا بقرينة قانونية ففي هذه الحالة يصبح من بادر برفع الدعوى مدعيا بحكم القانون ويقلب ثانيا عبء الإثبات عندما يثير المدعي عليه دفعا يصبح مدعيا من أجل الدفع الذي آثاره.

في مادة الجنسية قد يحدث قلب عبء الإثبات فتارة ينص القانون نفسه على ذلك وعلى هذا النحو تعد شهادة الجنسية قرينة صريحة تجعل من المدعي عليه حقيقيا يجب على خصمه إثبات صفة الأجنبية، ومن جهة أخرى فإن المدعي عليه في دعوى أولية خارجية عن موضوع الجنسية يصبح مدعيا في حالة الدفع بإنكار الجنسية أو بثبوت صفته الأجنبية فيكون عليه أن ذلك إثبات ذلك.

 

الفرع الأول: محل الإثبات ووسائله.

يختلف هنا دور القاضي بحسب ما إذا وجدت أو لم توجد وسيلة الإثبات المهيأ وذلك سواء كان محل الإثبات الصفة الوطنية أو الصفة الأجنبية.

الفقرة الأولى: إثبات الجنسية.

هناك أحوال مختلفة يحتمل وقوعها فيمكن أن يراد إثبات الجنسية بصفتها جنسية أصلية أو إثبات الجنسية المكتسبة خلال الحياة على أن وسائل الإثبات ليست واحدة في كلتا الحالتين.

 

I – إثبات الجنسية الأصلية:

الجنسية الأصلية في البلاد العربية هي جوهريا الجنسية بحق الدم أي الجنسية المؤسسة على النسب فيجب من يريد إثبات جنسيته العربية أن يقيم الدليل على أن أباه وجده وجد جده وهكذا ينحدر نسبهم جميعا من أحد الوطنين الأصول وذلك أمر وإن لم يكن مستحيلا فإنه ليس بيسير حتى قيل أن شأنه شأن حق الملكية الذي يستعصى أحيانا إثباته (Prabiato diabolica) وخروجا من هذا المأزق يسمح قانون الجنسية الفرنسي بإثبات الجنسية بحق الدم باللجوء إلى حق الإقليم[37] بمعنى أنه يعتبر فرنسيا من ولد في فرنسا من أب ولد هو نفسه في فرنسا[38]، فعلى القاضي أن يسلم شهادة الجنسية عند الإدلاء بشهادة في ولادة المعني بالأمر ووالده.

لا توجد في البلاد العربية مثل هذه الأحكام ولو وجدت لانتهى بها الأمر إلى اعتبار في حكم الوطنين إفرادا يصعب إلى أقصى حد إدماجهم في الجماعة العربية خصوصا الأوربيين منهم ولدا يسلم عامة في هذه البلاد بأن الجنسية الأصلية يجوز إثباتها بجميع الطرق بما فيها حيازة الحالة وفي ذلك ذريعة بها اجتناب استعصاء الإثبات المتقدم ذكره.

 

إقامة الدليل على الحالة الظاهرة.

لا يعفي أن يقيم الشخص الدليل على أنه ينحدر من أصل مغربي يعترف له بالجنسية المغربية الأصلية بل يتعين عليه فوق ذلك أن يثبت توفر عناصر الحالة الظاهرة، كما حددتها المادة 31 من قانون الجنسية المغربية في المعني بالأمر نفسه، وفيمن من الأصول استمد منه، وادعى أنه يستمد منه الجنسية المغربية الأصلية، وهذا أن شرط إقامة الدليل على الحالة الظاهرة لا يغير شرطا جديدا في التشريع المغربي، فقد كانت المحاكم الفرنسية أثناء عهد الحماية تتطلبه، فيمن يدعي الجنسية المغربية لنفسه، وكانت تعبر عنه بصيغة مختلفة منها مثلا عدم إمكان الاحتجاج في مواجهة المعني بالأمر بأي جنسية أخرى[39]، ومنها إقامة البينة على أن أصول الشخص لم تكن لهم جنسية أخرى غير الجنسية المغربية، ومنها حالة الطفل الذي تربى في وسط إسلامي أو يهودي مغربي، والذي تحيط به بعض القرائن التي تدفع إلى الاعتقاد بأنه منحدر من أصل مغربي أما ظهير 6 شتنبر 1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية فقد خصص لأسلوب الحالة الظاهرة نصا تشريعا هو المادة 31 التي أوردنها من ذي قبل[40] ويستفاد من المادة 31 السابقة الذكر أن إقامة الدليل على التمتع بالجنسية المغربية عن طريق الحالة الظاهرة، يقتضي من المعني بالأمر إثبات مجموعة من الوقائع التي تتوفر فيها بعض الشروط.

فقد قررت الفقرة الثانية من المادة 31 المذكورة ما يلي:

"أن الحالة الظاهرة للمواطن المغربي تنتج عن مجموعة من الوقائع "وهذا يعني" تعدد الوقائع المتلائمة بعضها مع بعض[41] بمعنى أن لا يكون اجتماع الوقائع والتصرفات الصادرة عن الشخص مثيرا للتناقض فيما بينها. وعلاوة على ذلك أن تكتسي التصرفات الصادرة من المعني بالأمر صفات العلنية والشهرة، والخلو من اللبس والغموض بحيث لا يكون في الإمكان إعطاؤها تفسيرا آخر.[42]

وتجدر الإشارة إلى أنواع السلوكات والتصرفات المشار إليها في المادة 31 السابقة الذكر لا يكفي توفرها في المعني بالأمر وحده بل ينبغي قيامها أيضا في الأصل الذي يستمد منه المعني بالأمر الجنسية المغربية فقد ورد في الفقرة الثانية من المادة 31 المشار إليها ما يلي:

"أن الحالة الظاهرة… ننتج عن مجموعة من الوقائع… تثبت للمعني بالأمر وأبويه…"[43]

وظاهر النص يوحي بأنه يكفي أن تتحقق الحالة الظاهرة في المعني بالأمر من الأصول أن يستمد منه الجنسية المغربية كما تثبت للشخص الجنسية الأصلية، ولو كان جده أو أن جد أبيه لا يتمتع أي منهما بالجنسية المغربية وبعبارة أخرى أكثر وضوحا :

[أن المادة 31 المشار إليها لا تشكل فحسب وسيلة من وسائل الإثبات بل أنها عند الاقتضاء ونظرا لطابعها المطلق يمكن استعمالها كوسيلة لاكتساب الجنسية المغربية، فإن للآباء الذين تمكنوا من أب يصبحوا مغاربة من الناحية الواقعية يجوز لأبنائهم قانونا أن يطالبوا بالجنسية المغربية[44]، ولهذا السبب نرى أن تدخل المشرع المغربي ضروري في هذا المقام أيضا وذلك لمعالجة الخلل الذي يتضمنه نص المادة 31 من قانون الجنسية المغربية].

وهذاك مجموعة من الطرق لتحقيق الإصلاح الذي نقترحه قصد تعديل المادة المذكورة ومنها على الخصوص الأخذ بحل شبيه بالحل المأخوذ به في كثير من القوانين المقارنة وخاصة منها الحالة الظاهرة، ويكون الأمر كذلك بوجه خاص حينما يكون المقصود إثبات الأصل الجزائري بجدين اثنين من جهة الأب.

* المادة 131 من قانون فاتح مارس 1960 المتعلق بالجنسية الغينية التي تضمنت المقتضيات الآتية:

"عندما يكون النسب وحده مصدر الجنسية الغينية فإنه يتعين إثباتها، إلا إذا كان هناك دليل معاكس إقامة اليبنة على أن المعني بالأمر وأصوله الذين يستمد منهم الجنسية تتوفر فيهم الحالة الظاهرة الغينية طيلة ثلاثة أجيال"

* المادة 90 من قانون الجنسية الكونغولية المؤرخ 20 يونيه 1961 التي قررت ما يلي:

عندما يكون النسب أحد شروط إسناد الجنسية الكونغولية في الحالة الظاهرة تصبح باستثناء ما إذا كان هذاك دليل معاكس كافي لإقامة الدليل على :

1 – نسب المعني بالأمر.

2 – صفة كونغولي للأصل أو للأصول بشرط أن يكون المعني بالأمر نفسه متمتعا بالحالة الظاهرة باعتباره كونغوليا.

* المادة 14 من قانون 14 غشت 1962 الخاصة بالجنسية التشادية التي ورد فيها:

"يعتبر تشاديين الأشخاص المنتمون للجماعة الإفريقية والذين تتوفر فيهم منذ خمسة عشر سنة الحالة الظاهرة للتشاديين.

* نصت المادة الأولى من قانون الجنسية الكويتية رقم 15 لسنة 1959 (المعدل) ما يلي:

"الكويتيون أساسا هم المتوطنون في الكويت قبل سنة 1920 وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى يوم نشر هذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة إقامة الفروع.

ويعتبر الشخص محافظا على إقامته العادية في الكويت حتى لو أقام في بلد أجنبي متى كان قد استبقى نية العودة إلى الكويت.

ويتضح من النصوص السابقة أن القوانين المتعلقة بالجنسية حاولت حصر أمد زمني للبحث في نطاقه عن توفر حالة الظاهرة في المعني بالأمر وأصوله بوصفهم مواطنين وبشكل يخفف العبء عن المعني بالأمر وعن المحكمة المعروض عليها النزاع.

ويحسن لفت النظر إلى أن المادة 31 من قانون الجنسية المغربية تتطلب قيام مجموعة من الوقائع والتصرفات، وأنواع السلوك التي يمكن تقسيمها إلى صنفين: أحدهما يخص المعني بالأمر، وثانيهما يهم الغير الذين يتعامل معهم.

 

– إثبات الجنسية الأصلية عن طريق الحالة الظاهرة :

نصت المادة 31 من قانون الجنسية المغربية على ما يلي:

"إذا ادعى شخص الجنسية المغربية باعتبارها جنسية أصلية، أمكنه اتباثها بكافة الوسائل، وخاصة منها الحالة الظاهرة".

الحالة الظاهرة للمواطن المغربي تنتج عن مجموعة من الوقائع العلنية المشهورة الخالية من كل التباس تثبت أن المعني بالأمر وأبويه كانوا يتصرفون بصفتهم مغاربة وكان يعترف لهم بهذه الصفة سواء من طرق يتضح من النص السابق أن المشرع المغربي جعل أسلوب الحالة للظاهرة أو حيازة الحالة[45] أهم وسيلة تثبت بها الجنسية الأصلية أي الجنسية المغربية المبنية على رابطة الدموية المنصوص على الأحكام الخاصة بها في المادة السادسة من قانون الجنسية المغربية.

ويلاحظ أن الاتجاه الذي تبناه المشرع المغربي في المادة 31 أعلاه يكاد يكون الاتجاه العام في البلدان العربية على العموم[46] وذلك اعتبارا لأن الجنسية في التشريعات العربية تقوم أساسا على رابطة الدموية، واعتبارا كذلك لأن أحكام الجنسية في التشريعات  التشريعات العربية تقوم أساسا على رابطة الدموية، واعتبارا كذلك لأن الأحكام المذكورة لا تزال حديثة نسبيا إذا ما قورنت مثلا بالجنسية الفرنسية[47] أو الألمانية[48] أو البرتغالية[49] ومما لا شك فيه أن المادة 31 من قانون الجنسية المغربية لا تتضمن أحكاما مستقلة أو منعزلة عن باقي الأحكام الواردة في القانون المذكورة فهي ترتبط ارتباطا وثيقا وعلى وجه الخصوص، بالمقتضيات المنصوص عليهما في المادة السادسة والمادة الثانية من القانون المشار إليه.

وهذا يعني من جهة أن الحكم المقرر في المادة 31 من قانون الجنسية المغربية ينحصر بالحالتين المنصوص عليهما في المادة السادسة من القانون المذكور[50] وهما الحالتان اللتان تستندان فيهما الجنسية المغربية الأصلية بناء على رابطة الدموية سواء كان المعني بالأمر مزداد في المغرب[51] أو في الخارج.[52]

ومن تم فإن الحالة الظاهرة لا تفيد كثيرا في إثبات الجنسية المغربية الأصلية الممنوحة استنادا إلى رابطة الترابية[53] على أساس أن الشخص في هذه الحالة يتعين أولا تقديم الحجة عن طريق وثائق رسمية مثل شهادة الميلاد على كونه مزداد بالمغرب كما سنرى كما يتوجب عليه ثانيا إقامة البنية على أنه منحدر من أم مغربية إذا كان أبوه عديم الجنسية.[54]

ومن جهة ثانية ينحصر نطاق المادة 31 المذكورة من ناحية الزمان طبقا لما ورد عليه النص في المادة الثانية من قانون الجنسية المغربية[55] بمعنى أن الأحكام المتعلقة بالجنسية المغربية، بوصفها جنسية أصلية تسري على الأشخاص الذين لم يكونوا بلغوا بعد سن الرشد يوم فاتح أكتوبر 1958 وبعبارة أخرى أن الأحكام المذكورة إنما تنطبق على الأشخاص المزدادين خلال الفترة الممتدة من فاتح أكتوبر 1937 إلى فاتح أكتوبر 1958[56]، وعليه يتعين على الأشخاص المشار إليهم بغية إثبات جنسيتهم المغربية الأصلية أن يقيموا الدليلين على أمرين:

أولا: أن يثبتوا أن نسبهم من أب مغربي (المادة السادسة أولا)، أو أم مغربية وأب مجهول.

ثانيا: أن يقيموا الدليل على توفر الحالة الظاهرة فيهم وفي أصولهم بوصفهم مغاربة.

أولا: إثبات النسب.

نستنتج من المادتين 6 و 31 من قانون الجنسية المغربية أن كل من يدعي لنفسه الجنسية المغربية الأصلية يتعين عليه تقديم الحجة على أنه ينحدر من أب مغربي أو أم مغربية وأب مجهول[57] وإذا كان إثبات النسب لا يثير إشكاليات معقدة حيث تتبع في هذا المضمار القواعد المقررة في قانون الأحوال الشخصية الجاري على الأصل الذي استمدت منه الجنسية وفقا للفقرة الثانية من المادة الثامنة من قانون الجنسية المغربية[58] فإن هناك صعوبات جمة تعترض سبيل إثبات النسبة في ميدان الجنسية وتنتج بصفة خاصة عن عدم وجود نظام الحالة المدنية خلال الفقرة السابقة لنظام الحماية إذ من المعلوم أن نظام الحالة لم يحدث في المغرب إلا في سنة 1915 ولم يصبح إجباريا من حيث المبدأ بالنسبة للمغاربة إلا في عام 1950.

ومعنى هذا أن الطفل اليوم لن يجد صعوبة في المستقبل صعوبة في إثبات امتداد نسبهم إلى ثلاثة أجداد على أقل تقدير وذلك بالنظر إلى الأب والحد لأب بالنسبة لأطفال العقد الثامن من القرن العشرين الدين أدركتهم أحكام قانون الجنسية المغربية وسرت عليهم مقتضيات ظهير 8 مارس 1950 المتعلق بنظام الحالة المدنية.

على أن المشكل العويص الذي لم يعالجه قانون الجنسية المغربية سوف يجابه الأشخاص المزدادين بعد فاتح أكتوبر سنة 1937 حيث أن هؤلاء هم الذين يستحملون المصاعب الناجمة عن إثبات انتسابهم إلى أصول مغاربة[59] في وقت لم يكن فيه نظام الحالة المدنية يشمل رعاية السلطان وفي وقت كان فيه المغرب يعرف حضورا مكثفا وهجرة متزايدة لرعاية أجانب من مختلف الأجناس.

وبالفعل إذا رجعنا إلى قانون الجنسية المغربية لنتعرف على من يعتبر مغربيا وجدنا المادة السادسة منه تقرر أن المغربي هو الذي ينحدر من أب مغربي وأم مغربية (وأب مجهول) ولكن متى يعتبر الأب مغربيا إن متابعة منطلق المادة السادسة المذكورة تقتضي لإجابة عن السؤال بنفس الجواب بمعنى أنه يعتبر الأب مغربيا؟ إذا كان الجد مغربيا وهذا الأخير يعد كذلك إذا كان جد الأب مغربيا الأمر الذي يترتب عليه الاستمرار في طرح نفس السؤال والرد عليه بذات الجواب، فلا نصل إلى حد تتوقف عنده هذه السلسلة من التساؤلات الشيء الذي يحل الصيغة التحكيمية التي أثارها أحد الباحثين في مواجهة المادة 31 المذكورة إلى حقيقة الأمر. إن إثبات الجنسية الأصلية، يقتضي إثبات كون الأب مغربيا مما يتطلب تصاعدا في الأجيال، إلى أن نصل إلى آدم الذي لم يكن بدون شك مغربيا[60] ولا ريب أن السبيل الوحيد لمعالجة هذه المسألة الشائكة بالنسبة للأشخاص المزدادين قبل فاتح أكتوبر من سنة 1937 يمكن الرجوع للمادة والحلول التي توصلت إليها المحاكم الفرنسية خلال عهد الحماية بالمغرب[61]، فإذا رجعنا إلى تلك المبادئ والحلول وجدنا المحاكم المذكور تعتد أساسا بالرابطة الدموية قصد الاعتراف للشخص بالجنسية المغربية، وإنكارها عليه حسبما إذ كان ينحدر أو لا ينحدر من أصول مغاربة.[62]

لكن ونظرا لأن إثبات النسب كان يشكل إرماقا بالنسبة للمعني بالأمر ومشقة بالنسبة للمحكمة التي يستحيل عليها معرفة الحد الذي يتعين التوقف عنده في سلسلة الأجيال فقد قررت المحاكم أثناء عهد الحماية للتغلب على هذه الصعوبة اللجوء إلى الرابطة الترابية أو إلى رابطة ترابية من نوع خاص[63]، هي عبارة عن جملة شرعية أو افتراض حيث كانت المحاكم المذكورة تشترط من جهة لإقامة أي استقرار في المغرب بالنسبة لعدد معين من الأجيال الذي ينحدر منهم المعني بالأمر من جهة ثانية إقامة الدليل على أن أصول الشخص لم تكن لهم جنسية أخرى غير الجنسية المغربية.

وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية في قرار بتاريخ 31 يناير 1935 بما يلي:

"إن لأهالي اليهود الموجودين بالمغرب والمنحدرين من يهود استقروا بالمغرب منذ عدة أجيال يعتبرون مغاربة"

وفي نفس الاتجاه صرحت محكمة الاستئناف بالرباط.

وتسهيلا للمهمة المناطة لكم في هذا الموضوع وتوحيد للحلول التي سترون أنفسكم مضطرين إلى إعطائها لمختلف القضايا التي ستعرض عليكم، رأيت من المناسب أن أوضح بعض النقط المهمة التي تجمع تحت العناوين الثلاث الآتية:

* أولا: إثبات الجنسية المغربية.

* ثانيا: البيانات التي يجب أن تتضمنها شهادة الجنسية.

* ثالثا: التنظيم المادي كيفية مسك السجلات.

 

 

 

المسألة الأولى: إثبات الجنسية المغربية.

أول مسألة تطرح على بساط البحث هي تعيين الوسائل التي يتوفر عليها الأشخاص الذين يدعون أنهم مغاربة لإثبات هذه الصفة.

فهذه المسألة تستدعي جوابا مختلفا حسبما تدور القضية حول أحد الافتراضين الاثنين أو الآخر.

الشخص المعني بالأمر يزعم أنه حائز على الجنسية المغربية كجنسية أصلية استنادا على الفصل السادس والسابع من الظهير الشريف المؤرخ في 21 صفر 1378 الموافق 6 شتنبر 1958.

أو أنه يدعي اكتساب الجنسية المغربية بعد ازدياده إما بوصفه شخصية وإما نتيجة للآثار الجماعية المترتبة عن اكتساب الجنسية المغربية من طرف أبيه وأمه.

الافتراض الأول: إثبات الجنسية المغربية الأصلية

أولا: حالة عدم وجود أية حجة منظمة سابقا تكون غايتها الأساسية إثبات الجنسية المغربية بكيفية قاطعة للشك (أ) وفي الواقع ستكون هذه الحالة هي تقريبا الوحيدة التي ستعرض.

ثانيا: الحالة التي توجد فيها حجة محررة سابقا وإذ داك يجب إبراز هذه الحجة (ب) وعدد القضايا التي تنطبق عليها هذه الحالة هي في الوقت …. – أ – عليكم في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب – … لحاضر قليل جدا لكنه سيزداد أهمية داخل بضع سنوات.

 

أ – عدم وجود حجة محررة سابقا:

يمكننا على ما يظهر أن نقرر كمبدأ عام أنه في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب لا تتوفر لدى الأشخاص الذين يدعون الجنسية المغربية كجنسية أصلية أية حجة أو ووثيقة موضوعية سابقا تكون غايتها الأساسية تقديم الدليل القاطع للشك، على جنسيتهم ولذلك فإن الظهير الشريف المؤرخ في 21 صفر 1378 الموافق ل 6 شتنبر 1958 الذي سبق قانون الجنسية المغربية بخصوص الفصل 31 منه ترك للإثبات واسعا وقرر أن الجنسية المغربية الأصلية يمكن أن تثبت بجميع الوسائل ولاسيما عن طريق الحالة الظاهرة، وعلاوة على ذلك فإن الحالة الظاهرة قد عزفتها بكيفية دقيقة الفقرة الثانية من الفصل المذكور نفسه.

وهذا وإن تحليل التعريف المشار إليه يسمع بإبراز مميزات الحالة الظاهرة بالكيفية الآتية:

أولا: تنجم هذه الحالة عن مجموعة من الوقائع.

فكلمة مجموعة تفترض تعدد الوقائع المتلائمة بعضها مع البعض إلا أن هذه الوقائع لا يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار وأن يعلق عليها أثر قانوني إلا إذا كان بالإمكان إثباتها ومراقبتها بسهولة ومن هنا تأتي ضرورة اتصافها بصفة العلنية والشهرة، ومن جهة أخرى يجب أن يكون تفسير هذه الوقائع واضحا كل الوضوح ومجرد من كل إبهام بحيث لا يكون في الإمكان إعطاؤها تفسير آخر وهذا ما أشار إليه نص الفصل 31 بقوله : "المجرد من كل التماس"

ثانيا: يجب أن تسمح هذه الوقائع بإثبات الأمور الآتية:

أ – أن تصرفات الشخص المعني بالأمر وتصرفات أبويه كانت دائما تصرفات شخص مغربي وفي الواقع فإن تصرفات الشخص تدل بكيفية ظاهرة على اعتقاد صاحبها الباطني.

ب – أن الشخص المعني بالأمر وأبويه كان يعترف لهم بصفة المغربية سواء من طرف السلطات العمومية أو من طرف الأفراد، ويلاحظ أننا هنا أمام عنصر موضوعي محض هو عنصر الشهرة ويؤخذ هذا العنصر بعين الاعتبار على صعيدين:

– على الصعيد الخاص بحيث أن الأفراد الذين كانت ترطبهم بالشخص المعني بالأمر وأبويه روابط جوار وصداقة يمكنهم في مثل هذه الحالة أن يشهدوا بأنهم كانوا يعتبرونهم مغاربة.

وبكيفية عملية تثبت هذه الشهادة في رسم محرر يحرره العدول أو الموثقون العبريون وتثبت فيه تصريحات ستة شهود على الأقل.

– على الصعيد العام فالموقف الذي اتخذته السلطات العامة المغربية بالنسبة إلى المعني بالأمر وأبويه يمكن معرفته بواسطة الحجج والوثائق التي يدلي بها هذا الأخير (جواز سفر، بطاقات التعريف الشخصية، تأشيرات إلخ…) والتي يجب أن تؤلف على كل حال بجملتها مجموعة من القرائن التي تترك قوتها الإثباتية إلى تقديركم.

ثالثا: وأخيرا فإن عنصر الحالة الظاهرة كما تقدم توضيحها يجب أن تكون مجتمعة ليس فقط في شخص من يدعي الحيازة الجنسية المغربية فحسب بل أيضا في أبويه ويظهر في مقابلة الفصل 31 من قانون الجنسية من جهة والفصلين السادس والسابع من جهة أخرى أنه يكفي إثبات للحالة الظاهرة بالنسبة للشخص المعني بالأمر، وبالنسبة لمن من الأبوين ينقل الجنسية المغربية إلى الولد بمقتضى الفصل السابع والسادس المذكورين سابقا.

ويلاحظ من جهة أخرى أن الحالة الظاهرة ليست كما يبدو لأول وهلة من مطالعة الفقرة الأولى من الفصل 31 إلا وسيلة من جملة الوسائل الأخرى التي يمكن للأفراد أن يستندوا عليها لإثبات جنسيتهم الأصلية لكن لابد من القول بأن الآخذ بمثل هذا التفسير تترتب عليه آثار غير موضوعية.

وذلك أنه في حالة عدم وجود حجة محررة سابقا تبدو الحالة الظاهرة كوسيلة وحيدة للإثبات بحيث يكون معها خطر الخطأ أو الاحتيال ضعيف جدا ومن جهة أخرى فإن تعريف الحالة الظاهرة التي يمكن عمليا للمعنيين بالأمر أن يتمسكوا بها للإثبات جنسيتهم (شهادة الشهود والوثائق والحجج والأوراق الصادرة من السلطات الإدارية المغربية) فالتسليم بتفسير آخر معناه قبول وسائل الإثبات أقل قوة من الحالة الظاهرة، وبالتالي يؤدي إلى عدم التمسك مطلقا بهذه الوسيلة الإثباتية، لأن المعنيين بالأمر سيقولون إن ذاك في نفوسهم لماذا نلجأ إلى إثبات الحالة الظاهرة مادام إثبات واحد من عناصرها (أي حالة ظاهرة ناقصة) غير كافيا؟

وغاية ما يمكن التسليم به هو أن النص الحالي للفصل 31 والوسائل الأخرى المنصوص عليها تسمح لمن يدعي الجنسية المغربية بالبقاء في إطار الحالة الظاهرة ومع التوسع في تفسير مفهوم أحد عناصرها الإدلاء بوثائق أو رسوم أو أوراق محررة في عهد الحماية من طرف السلطات الفرنسية أو الاسبانية (مثلا بطاقة التعريف بصفته أجنبي) لاسيما من طرف القنصليات الفرنسية التي كانت مكلفة إذ ذاك بحماية الرعاية المغاربة القاطنين في بلاد أجنبية.

إلا أنه متى كانت جميع عناصر الحالة الظاهرة، أو بعضها فقط مفقودة فإنه يتعين عليكم القيام بإجراء تحقيق من أجل إقامة هذه العناصر أو تكملتها.

وفيما يتعلق بالحالات المعقدة التي تتزاحم فيها الجنسية الأجنبية مع الجنسية المغربية المدعى بها بحيث تصبح هذه الأخيرة أمرا غير محقق فمن المناسب أن ترفضوا تسليم شهادة الجنسية وأن تعلموا المعنيين بالأمر أنه من حقهم استنادا على مقتضيات الفصل 39 من قانون الجنسية المغربية أن يقيموا دعوى رئيسية لدى المحكمة المختصة (أنظر الفصل 93 من هذا القانون) لطلب حكم يثبت تمتعهم بالجنسية المغربية.

ب – وجود حجة محررة سابقا :

يجب التفكير للمستقبل الأبعد بأن الأبناء المزدادين بعد اكتساب أبيهم وأمهم الجنسية المغربية سيمكنهم أن يدعوا أن حيازة هذه الجنسية كجنسية أصلية استنادا على الفصل    6 و 7 من الظهير في 21 صفر 1378 الموافق ل 6 شتنبر 1958 لكنه توجد في هذه الحالة حجة محررة سابقا تثبت الجنسية، ظهير أو مرسوم متخذ بموجب قرار مجلس الوزراء أو شهادة الجنسية مسلحة من طرف وزير العدل، وفي مثل هذه الحالات يكفي التثبت من وجود رابطة البنوة بين من يدعي الجنسية ومن كان يحمل الجنسية المغربية من أبويه.

وبهذه المناسبة يجب التذكير بالحالة التي يكون قد صار فيها حكم قضائي نهائي في دعوة أصلية بشأن مسألة الجنسية واعتراف المدعي بصفة المغربية فيما أن الحكم الصادر في مصل هذه الحالة يتمتع بقوة القضية فإنه يعتبر حجة قاطعة على حيازة الجنسية ويلاحظ أن الحالتين المعروضتين في الفقرتين السابقتين تقتربان من الافتراض التالي الذي سيق الكلام عليه فيما بعد وذلك من حيث أن جميعها تفترض وجود حجة محررة سابقا.

 

 

الافتراض الثاني: إثبات الجنسية المكتسبة.

يتعلق هذا الافتراض بالأشخاص الذين اكتسبوا الجنسية المغربية بعد ولادتهم إما عن طريق التجنيس، أو بالتصريح عن اختيارها، أو بمقتضى معاهدة كما يدخل ضمن هذا الافتراض الأشخاص الذين اكتسبوا الجنسية المغربية عملا بمقتضى الأثر الجماعي لاكتسابها من طرف الشخص الذي ينحدر منه، وبهذا الصدد تتعين الإشارة إلى الفصل 32 من قانون الجنسية الذي ينص على حالتين:

– الحالة الأولى: الجنسية المكتسبة بمقتضى ظهير أو مرسوم.

– الحالة الثانية: الجنسية المغربية المكتسبة بمقتضى معاهدة.

ففي هذه الحالة يجب أن يتم الإثبات طبقا لهذه المعاهدة ومن الممكن أن تضاف إلى الحالتين حالة ثالثة وإن كان لم يرد بشأنها نص، وهي الحالة التي يكون فيها اكتساب الجنسية ناتجا عن تصريح باختيار الجنسية المغربية فالواقع هو أن القرار الذي يمنح الجنسية في هذه الحالة ليس لا ظهيرا ولا مرسوما، ولذلك فقد ورد النص على وزارة العدل أن تسلم للمغربي الجديد شهادة تسمح له بأن يحصل فيما بعد واستنادا على هذه الوثيقة على شهادات الجنسية التي يحتاج إليها.

 

المسألة الثانية: التنظيم المادي: مسك السجلات

لتسهيل الأبحاث من جانبكم ولتمعين الأشخاص الذين سبق لهم الحصول على شهادة الجنسية الحصول عند الاقتضاء على شهادة أخرى دون القيام بإجراءات جديدة ولتسهيل الرقابة على تسليم شهادات الجنسية أرى من الضروري أن يمسك بكيفية منتظمة سجلان ترتبيان أحدهما بالعربية والآخر بالفرنسية، وعلاوة على "فيشي" أبجدي يحيل على الرقم المناسب في السجلين المذكورين سابقا، ويجب أن تذكر على كل من السجلين في الأضلاع التي تعتبرونها ضرورية البيانات الآتية: الاسم العائلي للشخص الذي يطلب تسليم شهادة الجنسية واسمه الشخصي وتاريخ ازدياده (على الأقل على وجه التقدير) وعنوانه واسم أبيه وجده واسم أمه.

ومن المناسب أن تذكر في ضلع خاص الوثائق أو الرسوم أو الأوراق المدلى بها من طرف المعني بالأمر وما إذا كان قد صدر أمر بإجراء بحث.

كما يجب أن تعين في ضلع أخر فصول قانون الجنسية التي أمكن قانونيا الاستناد عليها والتي تبرر تسليم الجنسية المغربية كما أنني لأعلق أهمية كبرى على احترام التعليمات المضمنة في هذا المنشور احتراما دقيقا.

كما أنني أرجوكم في نهائة الأمر أن تتفضلوا بإعلامي بتلقي هذا المنشور وبإطلاعي على جميع ما قد يعترضكم من صعوبات في تطبيقه والسلام.

 

II – إثبات الجنسية اللاحقة على الميلاد.

الحجة هي شرعية ومهيأة في هذا الميدان الذي يمكن فيه اعتبار صورتين اثنتين :

الصورة الأولى: وهو ما إذا كان اكتساب الجنسية بفضل القانون فينبغي فيها التمييز بين حالتين إذا كان اكتساب الجنسية ناتجا عن معاهدة وجب إثباتها وفقا لهذه المعاهدة، فمعاهدة الإلحاق أو التخلي أو النصوص المتخذة لإجراء تنفيذ هذه المعاهدة تنص عامة بصريح العبارة على الوثيقة التي تقوم مقام الحجة المهيأة لكسب الجنسية الجديدة وفقد الجنسية القديمة، أما صورة ما إذا وقع اكتساب الجنسية بفضل القانون الداخلي ففيها عدة أحوال:

– يجب تارة إقامة حجة سلبية ألا وهي أن المعني بالأمر لم يمارس حقه في الجنسية الأردنية لكل شخص اكتسب الجنسية الأردنية بمقتضى المادة السادسة أنه يتخلى ببيان خطى في غضون سنة واحدة من تاريخ بلوغه سن الرشد من الجنسية الأردنية.

ففي الصور المشار إليها يكون الأردني أن يثبت أنه لم يمارس حقه في التخلي عن جنسيته، ولا يكون هذا الإثبات إلا بالإدلاء بشهادة تصدر من رئيس النضار. بمقتضى الفصل 19، وتفيد عدم تقديم البيان الخطي المذكور أعلاه وتارة أخرى يجب إقامة حجة إيجابية وذلك بإثبات ممارسة حق الخيار في صورة ما إذا كان اكتساب الجنسية موقوفا على إجراء ففي الجمهورية التونسية مثلا يصبح تونسيا من ولد بالقطر التونسي لأم تونسية وأب أجنبي إذا طالب الجنسية التونسية وفق أحكام الفصل 16 من قانون الجنسية لعام 1956، ويجب عليه إثبات تقديم هذا الطلب على اكتساب الجنسية التونسية في هذه الصورة، ليس بآلي، وإنما يشترط فيه موافقة السلطة المختصة التي لها حق المعارضة فيكون على التونسي في هذه الصورة إثبات موافقة السلطة وهذه الموافقة قد تكون إيجابية أو ناتجة عن مجرد سكوت السلطة كذلك يجب على المرأة الأجنبية أصلا التي تريد إثبات اكتساب جنسيتها بالزواج أن تدلي بما يفيد أنها قدمت الطلب لذلك للسلطات المختصة فالمرأة المتزوجة بأردني تكتفي بإثبات نكاحها وذلك بالإدلاء بوثيقة زواجها.

– الصورة الثانية: اكتساب الجنسية بالتجنس أو لاسترداد إثبات الجنسية في هذا المجال إنما يكون أساسيا بتقديم حجة شرعية أو بوثيقة تتمثل في نسخة القرار الذي يمنح الجنسية وهذه النسخة عبارة عن الوثيقة التي تسلم لطالب الجنسية وتقوم إعلامه بقرار الحكومة على أنه مما ينبغي ملاحظته أن الإعلام الصادر للمعني بالأمر شخصيا قد يكون وسيلة إثبات خصوصا وأن تسليم نسخة القرار يقع دائما بعد نشر المرسوم يمكن أيضا إثبات اكتساب الجنسية (التونسية) بالإدلاء بمضمون من النص الرسمي المنشور ففي ذلك حجة قاطعة عن صدور المرسوم بالتجنس أو الاسترداد وإن لم يقبلها القانون المغربي للجنسية بصريح فصله 31 الذي يلوح أنه يشترط في جميع الأحوال الإدلاء بصورة رسمية طبق الأصل أو بنسخة مماثلة للنسخة المشار إليها أعلاه.

 

المبحث الأول: الإثبات بالوثائق الرسمية

تثبت الجنسية المغربية، بوثيقة رسمية في جميع الأحوال التي تكون فيها الجنسية المذكورة جنسيتة مكتسبة بإحدى طرق الاكتساب المنصوص عليها في ظهير 6 شتنبر 1958، وهكذا فإن الشخص الذي اكتسب الجنسية المغربية عن طريق التجنيس يجد نفسه في وضعية مريحة تسهل له إثبات الجنسية التي يتمتع بها حيث لا يطلب منه إلا الإدلاء بنسخة من الظهير الذي حول له الدخول في الجنسية المغربية إذا كان قد اكتسبها طبقا لمقتضيات المادة 12 من قانون الجنسية المغربية، أو بنسخة من المرسوم الصادرة وفقا للمادتين 17 و 13 من قانون الجنسية المغربية وفقا للمادة 15 من قانون الجنسية المغربية، حيث يتعين عليه إبراز نسخة من المرسوم الذي استرجع الجنسية بمقتضاه.

وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون الجنسية المغربية حيث بموجبها: "إذا كانت الجنسية مكتسبة بمقتضى أو بموجب ظهير مرسوم يجب إثباتها باستظهار نظير منه أو نسخة رسمية من الظهير أو المرسوم، يسلمها الوزير العدل."

كذلك يعتمد على الوثائق الرسمية في إثبات الجنسية المغربية المكتسبة بالطرق الأخرى للاكتساب.

وبناءا على ذلك فإن الشخص الذي اكتسب الجنسية بناءا على أحكام المواد 9 و 10 و 45 من قانون الجنسية المغربية يمكنه أن يقيم الدليل على تمتعه بالجنسية المغربية المكتسبة إما عن طريق الإدلاء بشهادة من وزير العدل تثبت أن الشخص المعني بالأمر أودع التصريح الرامي إلى اكتساب الجنسية المغربية، وأن التصريح المشار إليه لم يصدر بشأنه معارضة عن وزير العدل، وإما عن طريق نسخة من قرار وزير العدل يتضمن الموافقة الصريحة على التصريح المرفوع إليه، وأن المعني بالأمر يتمتع بالجنسية المغربية منذ تاريخ تقديم التصريح، وابتداءا من تاريخ عقد الزواج، إذا كان الأمر يتعلق بامرأة أجنبية متزوجة من رجل مغربي.

وينطبق الحكم السابق على الأشخاص الذين اكتسبوا الجنسية المغربية عن طريق التبعية، حيث يتعين عليهم الإدلاء بالوثيقة التي اكتسبوا بها أصولهم الجنسية المغربية، وبشهادة من وزير العدل تثبت أن الأبناء لم يمارسوا رخصة التخلي عن الجنسية المغربية، طبقا لأحكام المقطع الرابع من المادة 19 من قانون الجنسية المغربية،[64] وتقضي الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون الجنسية المغربية أنه:

"في حالة ما إذا كانت الجنسية المغربية مكتسبة بمقتضى معاهدة، فيجب أن يتم الإثبات طبقا لهذه المعاهدة" ومن المعلوم أن المعاهدات الدولية المعقودة في مجال الجنسية والتي تبرم في غالب الأحيان عقب تبدل السيادة على إقليم معين نتيجة الاسترجاع، أو الضم، أو الانفصال، تتضمن في الأغلب الأعم شرطا يقضي ترك الخيار لسكان الإقليم الذي تبدلت عليه السادة بين البقاء على الجنسية للسيادة القديمة، وبين التعبير عن رغبتهم في الالتحاق بجنسية الدولة الجديدة التي أصبحت لها السيادة على الإقليم المسترجع، أو المضموم أو المنفصل وهذا يعني أن الجنسية المكتسبة بمقتضى معاهدة دولية يتعين إثباتها عن طريق الإدلاء بنسخة من التصريح الذي عبر فيه الشخص عن اختياره، أما الجنسية الدولية القديمة أو جنسية الدولة الجديدة، ونسخة من شهادة تسلمها السلطة التي تلقت التصريح ووافقت عليه.[65]

ولا يقتصر إثبات التمتع بالجنسية المكتسبة بإحدى وسائل الاكتساب المقررة في القانون بل يشمل كذلك الجنسية المسندة للشخص، بوصفها جنسية أصلية، وذلك في حالة ما إذا نشأ نزاع حول جنسية شخص معين وانتهى النزاع بصدور حكم قضائي تعترف فيه المحكمة بتمتع الشخص بالجنسية المغربية.

إذ في مثل هذه الحال، يكتفي المعني بالأمر بالإدلاء بنسخة من الحكم القضائي المذكور، خصوصا إذ كان الحكم الصادر عن القضاء حكما نهائيا استنفدت بشأنه كل وسائل الطعن إذا أنه في هذه الحالة يصبح حائز القوة المطلقة الشيء المقضي به، وحينئذ يجوز الاحتجاج به في مواجهة الكافة طبقا لما نصت عليه المادة 43 من قانون الجنسية المغربية التي ورد فيها:

"أن جميع الأحكام النهائية التي تصدر في قضايا الجنسية ضمن الشروط المقررة في المادة 36 وما بعدها إلى المادة 40 تتمتع بالنسبة للجميع بقوة الشيء المقضي به"

أن الاعتراف بالجنسية المغربية للشخص المعني بالأمر وإنكارها عليه لا يجوز أن يكون موضوع مناقشة قضائية أخرى، مع مراعاة حالات إعادة النظر المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، وغني عن البيان أن الحكم القضائي يعتبر في حد ذاته وثيقة رسمية يمكن الاحتجاج بالوقائع الثابتة فيه، وفق ما نصت عليه المادة 418 من قانون الالتزامات والعقود المغربية التي جاء فيها:

"وتكون رسمية أيضا:

1 – الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.

2 – الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ، أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها"

علاوة على ما تقدم يتعين الاعتماد على وثائق رسمية للإثبات في مجال الجنسية المغربية وذلك لإقامة الدليل على أن الشخص لا يتمتع أو لم يعد يتمتع بالجنسية المغربية، سواء بصفتها جنسية أصلية أو باعتبارها جنسية مكتسبة، وفي هذا الشأن تنص المادة 34 من قانون الجنسية المغربية على ما يلي:

"يثبت فقدان الجنسية المغربية عن التصريح بالتخلي عنها، المنصوص عليه في المادة 18 فإن إثبات الفقدان يتم بالإدلاء بشهادة من وزير العدل، تثبت أن التصريح بالتخلي قد وقع بصورة قانونية أما التجريد من الجنسية فإنه يثبت بالإدلاء بالوثيقة التي أعلنت عنه أو بنسخة رسمية منها،[66] وهناك نوع أخير من الوثائق الرسمية يمكن استناد إليها إقامة الدليل على التمتع بالجنسية المغربية، أو نعني به شهادة الجنسية التي يسلمها وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية التي يقطن في دائرة نفوذها المعني بالأمر والتي تسلم له بناءا على الإدلاء ببعض الوثائق التي تقتصر حيازتها على المواطن المغربي مثل بطاقة التعريف الوطنية، جواز السفر، ودفتر الحالة المدنية وإن اقتضى الحال بعض الوثائق التي تفيد تمتع الشخص بالجنسية المغربية.

غير أن شهادة الجنسية إنما تشكل قرينة بسيطة وبالتالي لا تعتبر حجة قاطعة  على كون من يحملها يتمتع بالجنسية المغربية على الرغم من كونها تضع حائزها في موقف طرف مدعي عليه ينقلب عبء الإثبات بالنسبة للجنسية إلى الطرف الذي يزعم عدم تمتع المدعي عليه بالجنسية المغربية كما أنها تشكل وسيلة يستطيع الشخص بواسطتها أن يدفع عنه أي إجراء من الإجراءات الإدارية التي تتخذ في مواجهة الأجانب كالطرد، والإبعاد، والحرمان من ممارسة الأعمال المقصورة على الوطنيين.[67]

 

المبحث الثاني: الإثبات المسند لوقائع مادية

إذ كان إثبات الجنسية المغربية بوصفها جنسية مكتسبة يستند دوما في جميع الأحوال إلى وثيقة رسمية صادرة عن سلطة عامة مختصة تفيد انتماء الشخص إلى الجنسية المغربية، فإن إقامة الدليل على التمتع بالجنسية المغربية، باعتبارها جنسية أصلية، يستند إلى حد كبير على مجموعة من الوقائع المادية التي يستنتج منها أن المعني بالأمر بنسب فعلا إلى الجنسية المغربية.[68]

وفي هذا الصدد نصت المادة 31 من قانون الجنسية المغربية على ما يلي: "إذا ادعى شخص الجنسية المغربية باعتبارها جنسية أصلية أمكنه إثباتها بكافة الوسائل وخاصة منها الحالة الظاهرة"

انطلقا من النص السابق يتبين أن الشخص الذي يدعي التمتع بالجنسية المغربية بصفتها جنسية أصلية يجوز له إثبات دعواه بكل الطرق والوسائل المقبولة في الإثبات ومنها على سبيل المثال الإدلاء بحكم قضائي تم الفصل فيه بصورة نهائية في الجنسية المغربية أو في جنسية أبيه فإذا كان الشخص لا يتوفر على وثيقة من هذا القبيل تعين عليه حينئذ اللجوء إلى أسلوب الحالة الظاهرة الذي عبرت عنه الفقرة الثانية من المادة 31 من قانون الجنسية المغربية بأنه "مجموعة من الوقائع" كما سبق توضيح ذلك في إثبات الجنسية الأصلية عن طريق الحالة الظاهرة، ففي القانون الفرنسي، فقد نصت المادة 143 من قانون الجنسية الفرنسية الصادرة سنة 1973 لتقرير حيازة الحالة الفرنسية كما يلي: "يجوز إثبات الجنسية الفرنسية على البنوة إذا كان صاحب الشأن ووليديه الأب والأم ممن يمكن نقل الجنسية منهما إليه تمتعا بطريقة مستمرة بحيازة الحالة الفرنسية، مالم يثبت خلاف ذلك.

ولم يكن من قبيل الصدفة أن يساير المشرع الفرنسي الأخذ بحيازة الحالة في مجال إثبات الجنسية الأصلية بناءا على حق الدم، وإثبات الجنسية اللاحقة على الميلاد فيما يمكن أن نطلق عليه الإثبات المزدوج بمعنى أنه يلزم توفر حيازة حالة الفرنسي لدى جيلين متعاقبين أي لدى المعني بالأمر وسلفه من أب وأم وهكذا ظلت هذه التسمية هي الغالبة حتى تعديل 1993 قبل أن يمنحها فرصة للتكيف أو فرصة للتذكير بقانون الجنسية الذي سيتبلور قريبا مما جعل القانون الفرنسي فريدا في موقفه وموقعه ورؤيته بين التشريعات الأوربية وبين نظيرتها العربية.

قد يتاح الفرد مهما كانت الدولة التي ينتمي إليها أن يثبت جنسيته، فكما أنه يثبت ولادته بوثيقة رسمية لولادته، كذلك يثبت صفته الوطنية بشهادة الجنسية[69] أو بحكم بثبوت الجنسية، وهكذا يكون الإثبات بوثائق إدارية أو قضائية.

 

1 – شهادة الجنسية:

تبنت التشريعات العربية الخاصة بالجنسية شهادة الجنسية التي جاءت بتنظيمها للقوانين الخاصة بالجنسية في البلاد المصرية والمغربية والتونسية والجزائرية.[70]

ينظم قانون الجنسية المصري لعام 1950 شهادة الجنسية فيحدد أثرها على عبء الإثبات ويقرر أنها تعد قرينة بسيطة على تمتع حاملها بالجنسية المصرية وبذلك يعني من يحمل مثل هذه الشهادة من عبء إثبات صفته الوطنية ويكون على من ينازعه فيها إثبات دعواه غير أن شهادة الجنسية لا تكتسب بذاتها الجنسية وما هي إلا مجرد وثيقة بقدر عن الواقع فإذا كان ما بها لا يتفق والواقع فقدت حجتها وحان لكل ذي مصلحة أن ينكر صحتها لكن إذا اعتبرنا ظاهر النصل النص 20 من قانون الجنسية لعام 1950، أمكن الجزم بأن شهادة الجنسية التي يسلمها وزير الداخلية لا تفتقد صحتها ما لم تلغ بقرار من هذه الجهة غير أنه لا يجوز فهم النص على التحويل كل من كانت له مصلحة في دعواه حق له المنازعة في شهادة الجنسية، إذ قرر وزير الداخلية إلغاء شهادة يصدر في ذلك قرار مسبب وهذا الإلغاء قد يقع لأسباب متعددة فيكون ذلك إذا أعطت الشهادة بناءا على مستندات خاطئة أو بيانات كاذبة أو جرد حاملها من جنسيته، وأخيرا إذا قضت المحكمة بمناسبة نزاع رفع إليها بأن المعني بالأمر يكسب الصفة الأجنبية.

ففي المملكة المغربية والجمهورية التونسية يعود إحداث شهادة الجنسية إلى تاريخ إجراء العمل بقانون الجنسية يقتضي الفصل 33 من قانون الجنسية المغربية أن شهادة الجنسية يقع تسليمها من طرف وزير العدل أو من يعينه لهذا الفرض من الجهات القضائية أو الإدارية مما يستنتج أن الجهات الإدارية وخاصة السلطات القنصلية يمكن أن تحول لها إمكانية تسليم مثل تلك الوثائق خلافا لما جاء به القانون الفرنسي الذي يخول القضاء الابتدائي وحده حق تسليم شهادة الجنسية على أن وزير العدل في المغرب سنحت له الفرصة لضبط مدى ما أتى به الفصل 33 المذكور فاقتضى في قرار مؤرخ في 27 أكتوبر 1958[71] أن : "نواب الحق العام لدى المجالس الابتدائية لهم وحدهم الحق في تسليم شهادات الجنسية المغربية لمن تثب هذه الجنسية."

ومن ذلك التاريخ وقع تجريد جميع الجهات الإدارية وبالأخص أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من هذا الحق وبما أن هذا القرار لا يحد في شيء الاختصاص المحلي المخول لوكيل الدولة فالمعني بالأمر أن يخاطب أية نيابة عمومية شاء غير أن الشهادة لا تسلم بناءا على تقديم الطلب بل يشترط على الطالب إثبات أحقية ولو كانت ضئيلة حسب عبارة القرار المذكور الذي يقتضي أن وكيل الدولة يسلم الشهادة لم يدلي بما يفيد جنسيته المغربية، أما المعني بالأمر فعليه مبدئيا إثبات ذلك بالطرق المألوفة ولوكيل الدولة أن يجري بنفسه الأبحاث والتحريات التي يراها لازمة وعلى كل فلا يكون تسليم شهادة الجنسية ملزما لوكيل الدولة ويجوز له مراجعة رئيسه ووزير العدل فما إذا في الأمر، ومن ناحية أخرى يخول القانون فيما يلوح للمعني بالأمر أيضا رفع دعواه على النيابة العامة طالبا الإقرار بجنسيته.

لشهادة الجنسية المسلمة للمعني بالأمر آثار خطيرة إذ أن قانون الجنسية يجعل منها قرينة قانونية على الجنسية يظهر أنها قرينة قابلة للتدليل العكسي وإن لم ينص القانون على ذلك، ومن ثم تجوز حجية الشهادة لدى المحاكم ذات النظر[72] على أن هذه القرنية سارية على الكافة مما يكون للشهادة آثار المهمة الآتية:

أولا: وضع حامل شهادة الجنسية في مركز الدفاع لدى المحاكم ذات النظر في المنازعات الجنسية فليس عليه حينذاك الإدلاء بحجة إضافية بل على خصمه أن يثبت أن الشهادة مبنية على معلومات غير كافية، ومن جهة أخرى فإن الجهة الإدارية تفقد امتيازها في التنفيذ المباشر اتجاه شخص يحمل شهادة الجنسية المغربية مما يجردها من الحق في إصدار قرار مبني على الصفة الأجنبية العالقة بالمعني بالأمر مثل قرار إبعاده من القطر الوطني أما آثار شهادة الجنسية فهي مماثلة لأثراها في المغرب وفيما يخص نص القانون الجزائري فإنه يحتدي الفصل 33 من الظهير المتعلق بالجنسية المغربية.

أن شهادة الجنسية كما نظمتها التشريعات العربية لا تتصف بالأصالة إذ أنها تستمد استمدادا مستفيضا وإن انفردت بعض الخاصيات من الأمر الصادر ف 19 أكتوبر 1945 في تعيين الجنسية الفرنسية فأول تنظيم لشهادة الجنسية في فرنسا يعود إلى سنة 1945[73] ولم يصدر قبل هذا الوقت أي نص يشير إلى الشهادات الإدارية للجنسية لكن لأسباب تطبيقية اعتاد كمسارات الشرطة وبالأخص شيوخ المدن تسليم أوراق تشهد بالجنسية لمن يطلبها.

وابتداء من عام 1945 أصبح تسليم شهادات الجنسية من اختصاص قاضي الصلح المدعو اليوم القاضي الابتدائي الذي يباشر ذلك في نطاق وظائفه الإدارية لا بوصفه قاضي الأمر الذي يجعله خاضعا للتعليمات التي يتلقاها من وزير العدل وفي صورة امتناعه من تسليم شهادة يسوغ القيام لدى وزير العدل.

يجب أن تتضمن هذه الشهادة بيان النص القانوني الذي خولت بمقتضاه للمعني بالأمر  صفة الوطني الفرنسي ويكون لما تحتويه من البيانات القوة التدليلية ما لم يثبت خلاف ذلك[74] وكما سبق لنا القول فإن هذا التشريع استمدت من النصوص العربية المتعلقة بالجنسية استمدادا واسعا فكان بالخصوص أساسا لصياغة النصوص المغربية والتونسية والجزائرية غير أنه ينبغي الإشارة إلى بعض الخاصيات منها النظام التونسي الذي يكاد يكون على عكس ما جاء به النظام الفرنسي إذ تصدر فيه الشهادة من وزير العدل وفي صورة رفض التسليم يجوز للمعني بالأمر القيام بدعوى طبق الإجراءات العادية في مادة وثائق الجنسية لدى الحجرة المدنية بالمحكمة الابتدائية[75] لكن تلك الأحكام أصبحت من نافلة القول لأن الإجراءات العادية تخول حق القيام بمثل تلك الدعوى لدى الحجرة المدنية فإذا استصوبت رأي المدعي فلا تسلم له شهادة الجنسية ذات قوة تدليلية ما لم يثبت خلاف ذلك بل تصدر حكما يكتسي الحجية المطلقة.[76]

ب – حكم ثبوت الجنسية :

وفي الحق فإن المحرز على قوة ما اتصل به القضاء الصادر في مادة الجنسية حسب إجراءات معينة يشكل الوثيقة الوحيدة المثبتة للجنسية إثباتا تاما فإذا أراد شخص إثبات جنسيته، وقد سبق له أن استصدر حكما في هذا الموضوع بصفة أولية فإن هذا الحكم تكون له الحجية المطلقة ولا يسوغ بثاتا لأحد أن يعترض عليه بدعوى أنه لم يكن خصما في القضية.[77]

 

إثبات الصفة الأجنبية:

ينبغي أن نحصر هذا الموضوع حصرا وأن نلاحظ أن المقصود هنا إنما إثبات عدم الاتصاف بجنسية بلد عربي معني لا الإثبات الإيجابي للاتصاف بجنسية أجنبية وهذه القاعدة المثقف عليها عامة في الميدان القانوني الدولي واضحة الغاية إذ ليس من الثابت أولا وبالذات أن المعني بالأمر يكتسب جنسية أجنبية فإن كان عديم الجنسية فإثبات تجريده من جنسية البلد المعني لن تفيد أنه يتصف بجنسية أخرى زد على ذلك خاصة أنه ليس من شأن تشريع البلد المعني أن يبين وسائل إثبات الجنسية الأجنبية إذ يكون في ذلك النيل من سيادة الدولة الأجنبية على أن مفهوم كلمة الأجنبي يشتمل طائفتين من الأفراد هما:

– من لم يدخل أصلا في جنسية دولة عربية.

– من فقد جنسية دولة عربية.

* وعسى أن يدعى كلاهما إلى إثبات تجريده من وطنية بلاد عربية.

 

1 – إثبات الصفة لأجنبية الأصلية:

الصفة الأجنبية عبارة عن وضعية الفرد الذي لا يكون وطنيا لبلاد عربية ليس في تشريعات البلاد العربية نص خاص بطرق إثبات الصفة الأجنبية وقد يكون من الصعب هذا الإثبات إذ اعتبرناه من الناحية النظرية إذ يكون على المعني بالأمر أن يثبت تخلفه في حقه شروط منح أو كسب جنسية البلد المعني بالأمر الذي عسى أن يطول ويتعسر نظرا إلى صعوبة إقامة الحجة ا لسلبية أما في الميدان القانوني فإن ما مسألة معرفة هل أن شخصا ليس بعربي إنما هي مسألة موضوعية يمكن إثباتها بجميع الطرق والطريقة الأكثر ملائمة هي التمسك بحيازة الحالة الأجنبية.

2 – إثبات فقد الجنسية:

إذا كانت الصفة الأجنبية عبارة عن مسألة موضوعية فإن مسألة ما إذا لم يعد فرد عربيا هي عبارة عن مسألة قانونية، فإثبات ذلك يقع كإثبات الجنسية بالإدلاء بوثيقة تفيد أن الفرد فقد الجنسية العربية وإنما أزيلت عنه بالتجريد. وهكذا يتقدم الشخص الذي كان مصريا سابقا بالإدلاء بنسخة من قرار وزير الشؤون الداخلية كما سيدلي من كان مغربيا قبل بنسخة من الظهير أو المرسوم أو من الحكم القاضي بإزالة الجنسية عنه أما إذا قرر المعني بالأمر التخلي عن جنسية عند بلوغه سن الرشد فيجب عليه الإدلاء بشهادة من الجهة المختصة تفيد أن التصريح بالتخلي وقع إتمامه حسب الموجبات القانونية وفي بعض الأحوال يمكن أن يكون إثبات الصفة الأجنبية نتيجة أفعال معينة منها زواج امرأة أردنية أو عراقية من رجل أجنبي ولا يحفى أن زوجه رجل أجنبي معتبرا جنسيته بمقتضى القانون الأردني والقانون العراقي المتعلقين بالجنسية[78] إن بحثنا فيما سبق لمشكلة إثبات الجنسية، قد يكون هذا البحث عديم الكفاية لو لم نرد فيه بدراسة خاصة بنزاعات الجنسية.

 

الفرع الثاني: في النزاعات المتعلقة بالجنسية المغربية:

لعل الحاجة تدعو بل وتلح إلحاحا شديدا على إثارة الانتباه إلى أن المنازعات القضائية المتعلقة بالجنسية المغربية، التي نظم القواعد الخاصة بها ظهير 6 شتنبر 1958، لا تشمل وحسب المنازعات التي يطلب فيها من القضاء تحديد الجنسية التي يتمتع بها الشخص، أي الفصل في مشكلة تنازع الجنسيات، سواء كان التنازع إيجابيا أو سلبيا، أو كان التنازع بين الجنسية المغربية وغيرها من الجنسيات بل تشمل أيضا كل الفروض والحالات التي بدور فيها النزاع إلا حول الجنسية المغربية بأن نتمحور الخصومة القضائية وحسب حول تقرير ما إذا كان الشخص الطرف في الدعوى يتمتع بالجنسية المغربية.

وعلى هذا الأساس يمكن القول أن المنازعات القضائية المتعلقة بالجنسية المغربية تخص القواعد والأصول التي يتعين مراعاتها، أمام المحاكم، للنظر والبث في النزاعات الخاصة بالجنسية.

ولتحديد القواعد والأصول المذكورة، يتعين معرفة المحكمة المختصة وبيان كيفية الترافع في دعوى الجنسية والإجراءات التي ينبغي إتباعها في هذا المضمار.

 

المبحث الأول: المحكمة المختصة.

بغض النظر عن الحالات التي تكون فيها الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى الهيئة القضائية المختصة بالنظر في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بالجنسية، بسبب الشطط في استمال السلطة، فإن المحاكم المختصة بالنظر في كل المنازعات المتعلقة بالجنسية، تتمثل طبقا للتنظيم القضائي الحالي المحدث بمقتضى ظهير 15 يوليوز 1974 في المحاكم الابتدائية التي تصدر في هذا المجال، أما أحكاما ابتدائية قابلة للطعن بالتعرض والاستئناف، وإما إحكاما انتهائية قابلة التعرض بطريق تعرض الخارج من الخصومة وإعادة النظر، أو النقض لدى المجلس العلى.

ومن حيث المبدأ تعتبر الغرفة المدنية الجهة المختصة بالنظر في المنازعات المتعلقة بالجنسية.

ولكن بما أن التخصص غير موجود في أي نوع من أنواع المحاكم التي يتألف منها الجهاز القضائي المغربي فإن أي غرفة يمكن لها أن تبث وتفصل في أي قضية من القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوع وطبيعة القضية المعروضة على المحكمة، أية هي المحكمة المختصة للبث ف نزاع يدور حول الجنسية المغربية؟ يقتضي الجواب على هذا السؤال بحث نقطتين :

أولا: أي نوع من بين مختلف أنواع المحاكم المغربية هو المختص بالبث في النزاع (الاختصاص العام).

ثانيا: أية هي المحكمة من بين مختلف المحاكم التي يشملها ذلك النوع (الاختصاص الإقليمي).

 

أولا: الاختصاص النوعي:

أ – القاعدة:

حين صدور قانون الجنسية المغربية سنة 1958 كان التنظيم القضائي المغربي يختلف عما هو عليه اليوم إذا كانت توجد إلى جانب المحاكم العادية المؤسسة بظهير 14 أبريل 1956 عدة محاكم أخرى استثنائية تتمتع بكيان مستقل وهي بالخصوص المحاكم العصرية المؤسسة بظهير 2 غشت 1913 في المنطقة التي كانت سابقا تحت الحماية الإسبانية والمحاكم الشرعية والمحاكم العبرية، أما في إقليم طنجة فكان قد وقع إدماج المحاكم العصرية بالمحاكم العادية بظهير 11 أبريل 1957، وكانت المحاكم العصرية تشتمل على درجات ثلاث، محاكم الصلح ومحاكم ابتدائية، ومحكمة استئنافية يقابلها في تنظيم المحاكم العادية ومحاكم السدد والمحاكم الإقليمية ومحكمة الاستئناف، وقد اسند الفصل 36 من ظهير الجنسية المغربية الاختصاص للنظر ابتدائيا في المنازعات حول الجنسية إلى المحاكم الابتدائية في إطار المحاكم العصرية وإلى المحكمة الإقليمية الموحدة في إقليم طنجة أما بعد توحيد القضاء بمقتضى قانون 26 يناير 1965، فقد أصبح النظر في هذه المنازعات من اختصاص المحاكم الإقليمية التي انتقل إليها الاختصاص إلى المحاكم الابتدائية.

ب – الاستثناءات :

إلى جانب المادة السابقة نص الفصل 36 من الظهير على نوعين الاستثناءات:

1 – حين يتعلق الأمر بطلب إلغاء مقرر إداري متعلق بالجنسية من أجل الشطط في استعمال السلطة فإن الاختصاص يعود إلى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى الفصل 36 من الفقرة II، والنزاع في الواقع لا يدور هنا حول تمتع الشخص أو عدم تمتعه بالجنسية المغربية، بل حول مشروعية المقرر الإداري في إطار الإجراءات الإدارية.

2 – المحكمة الإقليمية المختصة للبث في النزاع غير مختصة للبث في مقتضيات دولية تتعلق بالجنسية الفصل 36 الفقرة الثالثة، وعليه اقتضى البث في النزاع الرائج لدى المحكمة تأويل تلك المقتضيات وجب على النيابة العامة لدى تلك المحكمة، بناء على طلب هذه الأخيرة، أن تطلب ذلك التأويل من وزير الشؤون الخارجية وينشر في الجريدة الرسمية ويكون ملزما للمحكمة لا في النزاع المعروض عليها فحسب، بل كل نزاع من نفس النوع يعرض أمامها، أو أمام أية محكمة أخرى، والتأويل الإداري، له في هذه الحالة قيمة تفسير تشريعي نظرا لكونه يلزم المحاكم.

 

ج – نتائج القاعدة: اتصاف عدم اختصاص المحاكم الأخرى بصفة النظام العام.

كل دفع بدعوى الجنسية أمام محكمة غير المحكمة الإقليمية يعتبر من النظام العام ويلزم القاضي بإرجاء البث في النزاع المعروض عليه إلى أن يقع البث في مسألة الجنسية من طرف المحكمة المختصة، وهذه القاعدة من النظام العام ونتج عنها أن كل محكمة غير المحكمة الإقليمية تكون مختصة للبث في النزاع حول الجنسية.

 

ثانيا: الاختصاص الإقليمي (المحلي)

يسند الفصل 38 الاختصاص الإقليمي إلى المحاكم التي يقع في دائرة نفوذها موطن الشخص المعني بالأمر سواء كانت الدعوى ترمي إلى الاعتراف له أو إنكارها عليها وسواء كان هذا الشخص مدعيا أو مدعي عليه وإذا لم يكن له موطن في المغرب فترفع الدعوى لدى المحكمة الإقليمية بالرباط.

 

المبحث الثاني: دعوى الجنسية.

يمكن أن تتخذ الدعوى المتعلقة بالجنسية إحدى صور ثلاث حسب طبيعة النزاع المعروض على المحكمة، فقد تكون دعوى الجنسية دعوى رئيسية أقيمت ابتداء وأصلا من أجل استصدار حكم قضائي يطالب فيه المدعي بالاعتراف بالجنسية المغربية على شخص يدعيها لنفسه، ومن جهة ثانية قد تتخذ دعوى الجنسية شكل دعوى وبموجب الإحالة وذلك في الحالة التي تعرض فيها على المحكمة نازلة تقتصي منها الفصل أولا في مسألة الجنسية.

وأخيرا يمكن أن تتخذ دعوى الجنسية شكل دعوى اعتراضية تنتج عن إثارة مسألة الجنسية بين أشخاص عاديين، بمناسبة نظر المحكمة في قضية معينة.

وعليه فسنتولى بحث كل عنصر من هذه الدعاوى على حدة.

 

أولا: الدعوى الرئيسية.

يقصد بالدعوة الرئيسية هنا، التي يكون الطلب الرئيسي فيها ببيان مدى صحة التمتع بالجنسية الوطنية من عدمه، وعليه فإن الحكم بتمتعه أو عدم تمتعه بجنسية أجنبية لا يدخل في إطار هذه الدعوة ويمكن أن يكون الشخص المعني بالأمر إما مدعيا في هذه الدعوى، وقد أكدت هذه القاعدة الفقرة I من الفصل 39 ق.م.ج حيث قال: "يجوز لكل شخص أن يقيم دعوى تكون الغاية الرئيسية منها والمباشرة منها الحكم بأنه متمتع بالجنسية المغربية أو غير متمتع بها." يجوز لكل شخص القيام بدعوى إذ لا يشترط وجود مصلحة خاصة لذلك، بل يكفي وجود مصلحة أدبية وحتى احتمالية للقيام بالدعوى الراهنة التي استصدر الحكم بثبوت اتصاف هذا الفرد وذلك بجنسية معينة أم لا.

ويقع توجيه الدعوى ضد النيابة العامة وليس ضد غيرها من السلطات وهكذا تقبل الدعوى الرئيسية التي يواجه فيها المعني بالأمر النيابة العامة على أنه يمكن أيضا إثارة الدعوى أثناء نشر القضية.

ويجوز للغير على العموم أن يتدخل في الدعوى طبقا للقواعد التدخل من طرف الغير، ويجب أن يبلغ المقال الافتتاحي للدعوة إلى وكيل الملك في نظيرين يوجه وكيل الدولة أحد النظيرين إلى وزارة العدل ويتعين على وكيل الدولة أن يدلي بواجبه على المقال داخل أجل ثلاث أشهر، وبعد أن يقدم وكيل الدولة جوابه، وبعد انصرام أجل ثلاث أشهر دون أن يدلي وكيل الدولة بجواب تثبت المحكمة في القضية اعتمادا على وثائق مقدمة من طرف المدعي وقد يكون أيضا المعني بالأمر مدعى عليه حيث النيابة العامة وحدها الحق بأن تكون طرف مدعيا ضد شخص ما في دعوى تكون الغاية الرئيسية والمباشرة منها الحكم بأنه يتمتع أولا بالجنسية المغربية أما الغير فلا يملكون هذا الحق وإنما يمكنهم أن يستعملوا مسطرة التدخل في الدعوى إلى جانب ممثل النيابة العامة وهذا الأخير (وكيل الدولة) له سلطة تقديرية واسعة لإقامة الدعوى أو عدم إقامتها حيث تكون المبادرة صادرة عنه لكنه يصبح ملزما بإقامة الدعوى حين تطلب منه ذلك إحدى الإدارات العمومية.

 

ثانيا: الدعوة بموجب الإحالة.

إن المحكمة المختصة للبث في قضايا الجنسية هي المحكمة الإقليمية المنعقدة كمحكمة مدنية، فإذا حدث أن دفع أحد الخصوم لدى محكمة لا يمكنها أن تبث في هذه المسألة كما أنه لا يمكنها أن تبث في الدعوى الأصلية وتأمر بإحالة مسألة الجنسية على المحكمة المختصة والدعوى التي ستقام إذ ذاك للبث في مسألة الجنسية هي الدعوى بموجب الإحالة، ولكن من يقيم هذه الدعوى استنادا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 40 من ق.م.ج يمكن أن تقام الدعوى بموجب الإحالة، إما بطلب من النيابة العامة أو بطلب من أحد المتقاضين تكون مسألة الجنسية مسألة أولية يتوقف حل النزاع على البث فيها قبل غيرها، كما لو كان الأمر يتعلق بنزاع يدور حول استرجاع عقار يعتبر من أملاك الدولة، وادعى حائز العقار أنه مغربي لا يشمله تدبير الاسترجاع كما هو الشأن بالنسبة للأجانب أو كما لو كان النزاع يتعلق بالمس بأمن الدولة، وتطلب البث فيه تحديد ما إذا كانت الوقائع المنسوبة للمتهم تدخل في نطاق ما يعاقب عليه الأجانب، وما يندرج في إطار ما يخضع له الوطنيون وفي الحالات التي من هذا القبيل يعتبر الدفع بالجنسية من الأمور المتصلة بالنظام العام فعلى المحكمة أثارتها في حالة ما إذا لم يثرها أحد الخصوم وهو أمر يتوافق والمنطق إذ أن الجنسية ينعدم فيها عقد اتفاق بين فردين من الأفراد بعبارة أوسع يستحيل على الخصمين أن يتفق على منع المحكمة المختصة من إثارة الدفع من تلقاء نفسها، تلزم القاضي بإرجاء البث إلى أن يقع الفصل في مسألة الجنسية مع الإشارة إلى أنه في الدعاوى التي تعرض على المحاكم الجنائية العادية لا يمكن الدفع بالجنسية إلى لدى قاضي التحقيق[79] وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة التي أرجأت النظر في القضية الأصلية، بسبب الدعوى بموجب الإحالة تمنح لوكيل الملك أو للطرف الخصم، أجلا قدره شهر واحد ليقيم الدعوى اللازمة بشأن الدفع بالجنسية وإذا انصرم أجل الشهر المضروب دون أن يعمد وكيل الملك أو الطرف الخصم إلى رفع الدعوى، فإن أعضاء المحكمة المعروضة عليها القضية الأصلية يوجب على الفريق الذي يثير الدعوى أن يوجه دعواه في أن واحد ضد الشخص المنازع في جنسيته وضد المدعى العام الفصل 40.

 

ثالثا: الدعوى الاعتراضية:

إن الدعوى الاعتراضية تنتج عن الدفع بمسألة الجنسية أثناء دعوى الجنسية رائجة لدى المحكمة الإقليمية التي هي أيضا المحكمة المختصة للبث في موضوع الجنسية وفي هذه الحالة يتعين تدخل النيابة في الدعوى وتقديمها لمستنتجات كتابية، وإلا كان الحكم معيبا من الناحية الشكلية ومعرضا للإبطال من قبل محكمة أعلى درجة.

ومن هنا يتضح أن تدخل النيابة العامة في دعوى الجنسية، كيفما كان الشكل الذي اتخذته الدعوى المذكورة يعتبر أمرا إجباريا في جميع الأحوال وإذ أنها ما أن تكون هي التي أقامت الدعوى الجنسية ابتداء في حالة إذا ما رفعت الدعوى من شخص عادي أو من طرف إدارة عمومية فإنه يتعين تبليغ نسخة المقال الافتتاحي في نظيرين إلى وكيل الملك الذي يلزم بأن يوجه أحد النظيرين إلى وزارة العدل.

كما يتعين على وكيل الملك أن يدلي باستنتاجاته داخل أجل ثلاثة أشهر وبعد إيداع الاستنتاجات وعند انصرام أجل ثلاثة أشهر يتم الفصل في القضية اعتمادا على الوثائق المقدمة من طرف المدعي.

II – قواعد الاختصاص المتعلقة بالجنسية.

قد لاحظنا في مناسبات عديدة أن مفهوم الجنسية يكتسي مظهرين اثنين فالجنسية هي أولا عنصر من عناصر الأحوال الشخصية ومن هذه الحيثية فإن المنازعات المتعلقة بها تحال على المحاكم ذات النظر في مسائل الأحوال الشخصية، وهي عادة المحاكم العدلية، والجنسية هي ثانيا من بعض جوانبها راجعة بالنظر إلى القانون العام ومن هذه الناحية قد تكون المحاكم الإدارية ذات الاختصاص فيها مما يدعو إلى إفساح المكان للاختصاص الإداري بجانب المنازعات في ميدان الجنسية.

 

الفقرة الأولى: الاختصاص الإداري في مادة الجنسية:

ينبغي هنا التمييز بين الصلاحيات الممنوحة لجهة الإدارة في مسائل الجنسية والاختصاص الممنوح في نفس المسائل للقضاء الإداري على الأقل في التشريع المقارن التي توجد فيها محاكم إدارية فيكون لهذه المحاكم القضاء في مشروعية القرارات الصادرة من الجهات الإدارية.

 

1 – صلاحيات الجهات الإدارية:

إن إعمال القواعد المتعلقة بالجنسية يستتبع تدخل الجهات الإدارية على أن هذا التدخل الضروري لا يناط في كافة البلدان بعهدة نفس السلطة، فالسلطة المختصة تكون حسب الأحوال إما رئيس الوزراء كما هو الشأن في المملكة الأردنية الهاشمية، أو وزير الداخلية في مصر وفي سوريا أو وزير الشؤون الخارجية في ليبيا أو رئيس مجلس النواب ووزير الشؤون الخارجية في المملكة العربية السعودية، وأخيرا وزير العدل في الجمهورية التونسية، والمملكة المغربية، والجمهورية الجزائرية.

إن وظيفة هذه الجهات مزدوجة، فهي من جهة مكلفة بإجراء تنفيذ القوانين الخاصة بالجنس وهو ما يقرره صراحة جل القوانين المتعلقة بالجنسية[80]، وفي هذا الصدد فهي تضطلع بجميع طلبات منح الجنسية أو الرجوع عنها وإعلانات الاختيار، ومن جهة ثانية فإن تلك الجهات تسلم للمعني بالأمر شهادات الجنسية بعد التحقق من توفر جميع الشروط اللازمة فيهم للحصول على الجنسية، وما يلفت الانتباه أن الجهات الإدارية تقوم الجنسية، وهي رابطة سياسية من شأنه أن يهم صالح الدولة بوظيفتها مباشرة طبق هذه النصوص دون الالتجاء إلى وساطة غيرها بينما في فرنسا مثلا تقدم الشكايات وطلبات الرجوع عن الجنسية، أو العدول عنها بواسطة القضاة[81].

2 – اختصاص المحاكم الإدارية:

لا تتواجد المحاكم الإدارية والمحاكم العادية في غالب البلاد العربية وإنما توجد معا في مصر أما في المملكة المغربية فإن هذا النظام الثنائي ليس مكتمل العناصر بينما ظل على شكل مجرد مشروع في الجمهورية التونسية بحيث جاز أن نتسأل عما يكون نصيب المحاكم الإدارية في النظر في مسال الجنسية.

لقد كثر النقاش في مصر[82] لمعرفة ما هو السبيل إلى توزيع الاختصاص في مادة الجنسية بين القضاء الإداري والقضاء العادي فدعاة اختصاص مجلس الدولة يتمسكون بالمرابطة الجنسية من الصبغة السياسية بينما أنصار اختصاص القضاء العادي يعتبرون بالخصوص أن الجنسية جزء من أجزاء الأحوال الشخصية على أن ما يدعيه كل واحد من الشقين يتخذ وجاهة لخلو قوانين الجنسية في مصر من نصوص توزيع المواد بين مختلف المحاكم توزيعا صريحا إلا ما كان من قانون سنة 1950 (الفصل 20 منه) المتعلق بشهادة الجنسية التي يسلمها وزير الداخلية فيقتضي هذا الفصل أن من رفض طلبه له حق التظلم والطعن أمام الجهات المختصة، فنستخلص من هذا النص أن الوسيلة العادية الكائنة في متناول الشخص الذي يريد إثبات جنسيته تتمثل في مخاطبته وزير الداخلية ليتسلم من شهادة تفيد جنسيته وتعطي الشهادات لمن توافرت فيه الشروط للدخول في صورة من الصور المنصوص عليها في القانون لاكتساب الجنسية المصرية أو منحها، وفيما إذا رفض وزير الداخلية تسليم الشهادة يمكن القيام بالطعن على القرار، يرفع لدى مجلس الدولة الذي ينظر في جميع الطعون الواقع القيام بها ضد قرارات وزير الداخلية، أما الطعون فهي كثيرة العدد، ومتنوعة، مراعاة لما لوزير الداخلية من سعة السلطات في هذه المادة، وبمقتضى العرف المصري لا يجرئ مجلس الدولة بإلغاء أو برفض إلغاء القرار المطعون فيه بل يجوز له علاوة على ذلك منح تعويض فيما إذا نتج ضرر عن القرار، فيوجد حينئذ قضاء إلغاء القرارات المتعلقة بالجنسية له بعض الخاصيات، على أن مسألة الجنسية بعينها تبقى خارجة عن النزاع الأصلي وليست محل نزاع مباشرة إنما يقع إثارتها بصفة غير مباشرة، بمناسبة النظر في مشروعية القرار غير أن صلاحية مجلس الدولة المصري بعيدة المدى في مشاكل الجنسية فله أن ينظر فيها بمناسبة نزاع من النزاعات بدون أن يضطر إلى إرجاء البث في القضية إذ أن القيام بالدفع في مسائل الجنسية، ليس من المسائل الأولية فإذا طلب شخص مثلا من مجلس الدولة إلغاء قرار صدر بإبعاده ويحتج تدعيما لمطلبه بأنه غير أجنبي، فإن مجلس الدولة المصري يبث في جنسية هذا الشخص، وفي المملكة المغربية أيضا ينظر القضاء الإداري في مسألة الجنسية[83] فتتخذ المسألة صبغة الطعن يتجاوز السلطة يرفع لدى الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى، ففي هذه الصورة أيضا لم تكن مسألة مشروعية القرار الإداري المطعون، فالقرارات الصادرة في الموضوع هي متنوعة وتتعلق بسحب التجنس، أو رفض قبول مطلب أو معارضة صادرة في شروط غير مشروعة أو إسقاط الجنسية المغربية عن شخص…. يمكن الطعن في كافة هذه القرارات إذ أخلت بحقوق الشخص لكن ما هي القرارات التي تنسحب عليها رقابة المجلس الأعلى وبالأخص هل تلك الرقابة تشمل حتى الظهائر؟

إذا نظرنا إلى النصوص فإن هناك حكمين يتعلقان بهذه المسألة فمن جهة يقرر الفصل الأول الفقرة II منه من الظهير رقم 223-57-I المؤرخ في 27 سبتمبر 1957 المتعلق بالمجلس الأعلى "مكلف بالبث في الطعون بالإلغاء من أجل الإفراد في السلطة المرفوعة ضد قرارات السلطات الإدارية، ومن جهة أخرى يقرر الفصل 36 – الفقرة II منه – من قانون الجنسية أن :"المجلس الأعلى له الاختصاص للبث في الطعون بالإلغاء من الإفراط في السلطة المرفوعة ضد القرارات الإدارية المتعلقة بالجنسية"

إذا اعتبرنا أنه لا فرق بين الأحكام التي يتضمنها هذان النصان فإن الطعن من أجل الإفراط في السلطة يقبل ضد القرارات المتعلقة بالجنسية الصادرة من السلطات الإدارية وحدها بينما لا يمكن الطعن إذا كان القرار المتعلق بالجنسية قد صدر في شكل ظهير وفي هذه الفكرة نسج على منوال، استقر عليه الرأي في التشريع الفرنسي[84] والتمسك بمعيار محض وشكلي قصد رفض الطعن لكونه غير مقبول ضد عمل تشريعي نعم لهذه الفكرة مزية التبسيط وقد تبناها الفقهاء فيري قيو أن الطعن من أجل الإفراط في السلطة لا ينطبق على الظهائر الصادرة في منح التجنس وإسقاط الجنسية لأنه لا يمكن الطعن، بأي صفة كانت فيما يصدره عامل البلاد من الأعمال[85] وتبني الخ دوكرو نفس الفكرة[86]، واتجهت الغرفة الإدارية في نفس الاتجاه فحكمت برفض الطعن المرفوع ضد ظهير صدر في إيقاف موظف عن العمل معتمدة في ذلك على الظهير الخاص بالمجلس الأعلى[87]، لكن هل لا يوجد في النص المتعلق بالجنسية، وهو نص أحدث عهدا من الظهير الخاص بالمجلس الأعلى، ومحتو على عبارات متغايرة؟ هل لا يوجد فيه استثناء للقاعدة العامة القاضية بعدم قبول أي وسيلة طعن ضد الأعمال التشريعية اعتمادا على النص المشار إليه لم يعد يتعرض إلى مقررات الجهات الإدارية، وإنما إلى المقررات الخاصة بالجنسية، ومثل هذه المقررات يمكن أن تتخذ شكل الظهير، كما هو الشأن في مادة التجنس الذي يجب سحبه بظهير إذا سبق منعه بمقتضى الظهير ولما كان منطوق القانون المغربي للجنسية يسمح بالطعن من أجل الإفراط في السلطة ضد جميع المقررات الإدارية الخاصة بالجنسية، هل لا يجوز الطعن فيها ولو صدرت في شكل ظهير؟ إن المجلس الأعلى لم تسنح له الفرصة إلى الآن ليستقر رأيه على كل حال في هذه المسألة ومن المحتمل أنه سيرفض مثل هذه الطعون لكن هناك ما قد يبح الحل العكسي، وهو اعتبار الظهير المتعلق بالجنسية بمثابة مرسوم ظهير يجوز الطعن فيه من أجل الإفراط في السلطة كما هو الشأن بالنسبة للظهير التشريعي.[88]

قد تطرقنا فيما سبق لموضوع اختصاص المحاكم الإدارية في مسائل الجنسية في البلاد العربية التي تطرح فيها تلك المسائل غير أنه لا ينفي الاختصاص الميداني المخول للمحاكم القضائية في هذا الموضوع.

الفقرة الثانية: الاختصاص القضائي المتعلق بالجنسية.

نصت التشريعات الخاصة بالجنسية في البلاد العربية على قواعد الاختصاص الإدارية، في هذه المادة لكن لم يتعرض غالب النصوص لاختصاص الجهات الإدارية في ميدان إجراء العمل بقوانين الجنسية[89] بينما نصوص أخرى ضمنيا[90]، وبعضها صراحة[91] إلى اختصاص المحاكم الإدارية على أنه يمكن أن يثور نزاع، فيما إذا كان فرد من الأفراد متصفا بجنسية معينة، أم لا، فمثل النزاع سيرفع لدى المجالس العادية لكن هل تكون لها حق النظر فيه؟ لم تات القوانين العربية الخاصة بالجنسية إلا ببيانات زهيدة في الموضوع، إن قواعد الاختصاص القضائي المتعلقة بالجنسية لم تتعرض لها إلا في بعض النصوص[92] بشيء من الإجمال، بل لا يوجد في التشريع المصري ما يشير إلى ذلك، ناهيك، فإن الاختصاص لم يكن مخولا دائما لمحاكم واحدة بل باتت مسائل الجنسية مدة طويلة من أنظار محاكم خاصة وعلة ذلك تعود إلى وجود قاعدتين أساسيتين على الصعيد القضائي في البلدان العصرية ألا وهما:

أولا: أن يكون جهاز القضاء ميسورا لدى الجميع على قدم المساواة سواء تعلق الأمر بوطني أو أجنبي.

ثانيا: أن يكون الحكم بين الناس بمقتضى قانون واحد لا يجعل فرقا بين الأنظمة دينية كانت أو اجتماعية، أما البلاد الإسلامية فلم يكن جهاز القضاء فيها بهذه المقتضيات، بل كان مقصورا على المسلمين وحدهم الأمر الذي أصبح من العوامل التي أدت إلى نظام الامتيازات الأجنبية، وبعد إلغاء الامتيازات لم تضع تلك البلدان بصفة عامة نصوص قابلة للتطبيق على الجميع مهما كان عرقهم أو دينهم الأمر الذي أفضى إلى إنشاء محاكم مختلفة أدت خدمتها في بلدان الشرق ونصت عليها أيضا الاتفاقيات الفرنسية التونسية لسنة 1955.[93]

أما اليوم، فقد اختفت أو هكذا على الأقل، تلك المحاكم في جميع البلدان العربية[94] ، وأصبح نظامها وسير دواليها راجعين إلى مادة المسطرة وخارجين عن نطاق بحثنا هذا[95]، وإن رأينا من المناسب ذكرها فذلك لجعل الأوضاع الراهنة أقرب الإدراك.

إننا نستعرض فيما يلي من البيانات، تشريعات جميع البلدان[96] وسنرى أن التشريع في مصر ينفرد ببعض النواحي.

 

1 – كيف تبتدئ المشكلة في مصر:

اكتست هذه المشكلة في مصر صبغة خاصة لأن النصوص التشريعية إنما تشير إلى الطعن ضد مقررات وزير الداخلية المتعلقة بالجنسية ولم تتعرض إلى منازعات الجنسية المرفوعة لدى المحاكم المدينة الأمر الذي استنتج منه أن هذه المحاكم عديمة النظر على الأقل في الدعوة المجردة بإقرار الجنسية المصرية[97]، فما من ذرة شك في أن المحاكم العادية لها حق النظر بصفة فرعية في مشاكل الجنسية إذ قد ترفع مسألة الجنسية لدى المحكمة المدنية بوصفها مسألة أولية مثلا لتحديد القانون المطبق على تركة شخص ادعى فيها بعض الورثة أن الموروث كان مصريا بينما يدعي البعض الآخر أنه كان أجنبيا، وقد ترفع تلك المسألة لدى المحكمة الزجرية إذا ما ادعت النيابة العامة أن للمتهم الصفة الوطنية بينما يطلب هذا الأخير تمكينه من إثبات صفته الأجنبية، ففي مثل هذه الأحوال تطبق القاعدة العامة القابلة، بأن من له القضاء في الدعوى له القضاء فيما تعارض به تلك الدعوى، فيكون للمحكمة العادية مدنية كانت أو زجرية البث في المسألة الأولية للجنسية على أن الفصل 99 من قانون المسطرة المدنية يوجب حضور ممثل النيابة، لكن ما يكون الحل إذا كانت الدعوة المتعلقة بالجنسية مرفوعة بصفة أصلية؟ هذه الدعوى عبارة عن دعوى مجردة مشتعلة يختصم فيها الفرد الدولة بصفة أصلية ومباشرة طالبا الحكم بثبوت صفته الوطنية أو الأجنبية، وقد كثر الجدال[98] لمعرفة هل يجوز للفرد القيام بمثل تلك الدعوى إذ لم يتعرض لها المشرع، فهناك من يرى إمكان قبول هذه الدعوى على أن لم يجمع القضاء والفقه على هذا الرأي، ويوجد بوجه خاص خلاف في هذا الموضوع بين قضاء محكمة النقض وقضاء مساس الدولة.

استقر القضاء الإداري[99] على عدم قبول الدعوى المجردة بثبوت الجنسية لخلو النصوص المصرية المتعلقة بالقانون الدولي الخاص من الإشارة إليها فليس لمن يريد صفته الوطنية إلا وسيلة واحدة ألا وهي مخاطبة وزير الداخلية للحصول على شهادة بالجنسية في صورة امتناع الوزير عن تسليم الشهادة فإن الطريق العادية تتمثل في مطالبة مجلس الدولة بإلغاء قرار الرفض فليس حينئذ للمحكمة العادية حق النظر بصفة أصلية في مسائل الجنسية، ولتدعيم هذا الرأي يمكن الإدلاء بمستندات مبنية على عدة نصوص منها النص المتعلق باختصاص المحاكم العادية في مسائل الجنسية الذي كان مدرجا في مشروع قانون الجنسية لسنة 1950 ولا يوجد له أثر في نص القانون نفسه، ومن جهة أخرى، فإن المشرع إنما يتعرض إلى الطعن في قرارات وزير الداخلية، وهذا الطعن لا يوجد أثر في نص القانون، وهذا الطعن لا يجوز القيام به إلا لدى مجلس الدولة، وأخيرا فإن المشرع منح ولاية واسعة النطاق للجهات الإدارية، وحدها وركز مسائل الجنسية بين يدي ووزير الداخلية الذي ينفرد باتخاذ جميع القرارات في هذا الموضوع، وفي هذه القرارات تشكل أعمالا إدارية تناط رقابة مشروعيتها بعهدة مجلس الدولة وحده فيخلص حينئذ ذلك القضاء إلى إنكار حتى وجود الدعوى المجردة بثبوت الجنسية، بحيث أن مسألة تحديد جنسية فرد من الأفراد لا يمكن أن تثور إلا بمناسبة إلغاء عمل إداري، وتكون نتيجة الحل الذي سيستتر عليه مجلس الدولة قد ضاقت بذلك حال المحاكم المدنية إذ تثور منازعات الجنسية عادة إثر امتناع وزير الداخلية من تسليم شهادة الجنسية، فإذا أقرت تلك المحاكم الفرد بالجنسية المصرية بكون حكمها بمثابة إلغاء ضمني لقرار وزير الداخلية مع أن هذا الإلغاء، أنما كان منضار مجلس الدولة[100] فسعيا وراء الخروج من هذا المأزق وقع ارتياء مختلف الوضعيات المحتملة وإيجاد المستندات العامة في صالح اختصاص المحاكم العادية ومنها صورة ما إذا امتنع وزير الداخلية من تسليم الجنسية لفرد مصري، وتقاعس هذا الأخير عن القيام لدى مجلس الدولة في الأجل القانوني فهل يجرد هذا الشخص من رفع دعواه لدى المجالس العادية لثبوت جنسية، الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى نتيجة لا تحمد عقباها وتوجد في نفس الموضوع مستندات أخرى منها ما يجب من حال ثابت ولزوم الاستقرار في موضوع الجنسية بوصفها جزءا من الأحوال الشخصية، ومن ناحية أخرى حق الشخص في اكتساب الجنسية يقره القانون ويجب حمايته كما يجوز لصاحبه التمسك به ويتعين عليه إثباته إذا طلب بذلك الإثبات الذي يقع غالبا بالإدلاء شهادة الجنسية، على أن تلك الشهادات ليست إلا وسيلة من وسائل الإثبات فلا تتكون منها الجنسية التي إنما تنشأ عن القانون كما ليست لها الشهادة الوسيلة الوحيدة لإثبات الجنسية لا أن الجنسية قد تكتسب بحكم قضائي تلك هي العبارات التي اعتمدت عليها محكمة النقض والإبرام في مصر[101] فقضت برفض، جميع الطعون التي قامت على الأحكام المدنية بدعوى أنها تولت في منازعات الجنسية بصفة أصلية ومباشرة، أما علماء القانون يميلون إلى قبول الدعوى المجردة لثبوت الجنسية[102] مستندين في ذلك إلى وجودها في تشريعات متعددة.

2 – اختصاص القضاء العادي في مسائل الجنسية في البلدان الأخرى.

نصت القوانين التي أشرنا إليها على اختصاص المحاكم المدنية في مسائل الجنسية على أن الدعوى الأصلية والمجردة لم يتعرض إليها إلا القوانين الخاصة بالجنسية في المغرب وتونس والجزائر، فهل يفهم من ذلك أن هذه الدعوى لا يعرفها التشريع في لبنان وسوريا؟ يفيدنا في هذا النص جورج شاماس[103] قائلا: قد يكون من الإنصاف لو مكن الشخص من حق القيام بدعوى مجردة يكون محلها الرئيسي المباشر حسم مسألة الجنسية، ويشير هذا المؤلف إلى استقرار القضاء اللبناني في هذا الاتجاه موردا حكما صدر من محكمة بيروت[104] بحيث القضاء السوري على السير هذا المنوال، إما للمنازعات الجنسية في المغرب وتونس والجزائر فوقع تكييف إجراءاتها وفق أمر 19 أكتوبر 1945 الصادر في تقنين الجنسية الفرنسية، فأصبحت المحكمة الوحيدة المختصة في إصدار أحكام تكون لها إطلاق الحجية في مادة الجنسية هي المحكمة الابتدائية في هذه البلاد، ففي تونس ألغيت الاتفاقية الفرنسية التونسية المؤرخة في 6 نوفمبر 1955 وحل محلها نص جديد مؤرخ في 9 مارس 1957 ومن ذلك التاريخ ألغيت المحاكم الفرنسية في تونس وأصبحت المحاكم التونسية ذات النظر في مسائل الجنسية[105] والأمر كذلك في المغرب منذ القانون الذي صدر عام 1965 في توحيد القضاء وإلغاء المحاكم العصرية التي كانت منذ زمن الحماية الفرنسية إلى ذلك الوقت تختص بالنظر في مسائل الجنسية الأمر الذي كانوا يعللونه بما عسى أن ينجز من مسائل الجنسية من مردود دولي[106] يمكن القيام بالدعوى الأصلية والمجردة حسبما سبق القول في ذلك كما يمكن للمعني بالأمر أن يكون مدعيا أو مدعى عليه في القضية، ويجوز لكل شخص أن يقوم بالدعوى، إذ لا يشترط وجود مصلحة خاصة لذلك يكفي وجود مصلحة أدبية، وحتى احتمالية للقيام بالدعوى الرامية إلى استصدار الحكم بثبوت اتصاف هذا الفرد أو ذاك بجنسية معينة، أم لا، ويقع توجيه الدعوى ضد النيابة العامة وليس ضد غيرها من السلطات وهكذا تقبل الدعوى الأصلية التي يواجه فيها المعني بالأمر النيابة العامة على أنه يمكن أيضا إثارة الدعوى أثناء نشر القضية، وفي هذه الحالة، ستطرح مسألتان تتعلقان بشروط القيام بالدفع بدعوى الجنسية من جهة، وبشروط الحكم فيها من جهة أخرى.

يحتوي الفصل 37 من قانون الجنسية المغربي على قاعدتين في هذا الموضوع.

أولا: يعتبر الدفع بدعوى الجنسية الوطنية أو الأجنبية من الأحكام التي تهم النظام العام، فعلى المحكمة إثارتها في حالة ما إذا لم يثيرها أحد الخصوم وهو أمر يتوافق والمنطق إذ أن الجنسية ينعدم فيها عقد اتفاق بين فردين من الأفراد، بعبارة أخرى مستحيل على الخصمين أن يتفقا على منح المحكمة من إثارة الدفع من تلقاء نفسها، أما للقاعدة الثانية فهي تهم المحاكم التي يمكن إثارة الدفع لديها إذ أنه لا يستطاع القيام به لدى كافة المحاكم بالأخص يستحيل إثارته من طرف الخصوم ولا من المحكمة بعد عرض القضية على المحكمة الجنائية فإن لم يقع إشارته لدى محكمة الاتهام على المحكمة الخضوع لرأي النيابة العامة، أما شروط القضاء في الدفع فينبغي اعتبار صورتين في صددها إذا رفعت الدعوى الأصلية لدى المحكمة الابتدائية، يكون لهذه المحكمة حق البث في الدفع ولو لم تكن محكمة المعني بالأمر، فإذا رفعت لدى محكمة أخرى يجب عليها تأجيل النظر فيها وهو ما يعبر عنه بدعوى الإحالة وهذه الدعوى، وإن تتعلق بالجنسية من الوجهة الأصلية ليست بدعوى مجردة خلافا لما هو شأن الدعوى المشار إليها سابقا إذ أنها تثار قصد البث في نزاع منشور لدى المحكمة الأولى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني: الإجراءات الإدارية المتعلقة بالجنسية.

رأينا أثناء دراستنا لاكتساب الجنسية المغربية أن الدولة المغربية لا تفرض في هذه الحالات جنسيتها فرضها بل لابد للمعني بالأمر من أن يعبر عن رغبته في ذلك للاكتساب، إما بواسطة تصريح، وإما بواسطة طلب، كما أن الخروج من الجنسية عن طريق الفقد أو التخلي يقتضي غالبا تعبيرا عن إرادة المعني بالأمر وذلك أيضا حسب الأحوال، إما بواسطة تصريح، وإما بواسطة طلب.

ويختلف التصريح عن الطلب، من حيث أن الأول يعبر عن رغبة الشخص في استعمال حق خوله إياه القانون في حالة توفر بعض الشروط، فهو إجراء منتج بحد ذاته للآثار القانونية، ولكن مع ذلك فإن المشرع المغربي لم يعطه قوة مطلقة، بل قيده بحق وزير العدل في التعرض والحيلولة بهذه الكيفية دون إنتاج الأثر القانوني المنشود، باستثناء حالة واحدة، وهي حالة التخلي عن الجنسية المغربية من طرف القاصر الذي كان عمره يزيد على 16 سنة حين اكتساب أبيه للجنسية المغربية (الفصل 18 الفقرة الثالثة)، إذ لا يمكن في هذه الحالة لوزير العدل أن يتعرض على التصريح بالتخلي عن الجنسية المغربية.

كما أن السكوت وزير العدل (السكوت الإداري) بعدم إفصاحه عن التعرض داخل الأجل الذي عينه القانون يعتبر بمثابة موافقة على التصريح.

أما الطلب فلا ينتج بحد ذاته أي حق بل لابد أن يتعبه مقرر إداري يعتبر هو المنشئ للحق المطلوب كما أن السكوت الإدارية يعتبر في هذه الحالة رفضا.

وعليه فإن نقطة الانطلاق لاكتساب الجنسية المغربية وللخروج منها هي غالبا، إما بتصريح، وإما بطلب ولذلك يجب أن تدرس الاجراءات الإدارية في إطار هاتين النقطتين.

ولكن في بعض الحالات يمكن أن يصدر المقرر الإداري تلقائيا دون أن يتقدمه تصريح أو طلب.

وعليه يجب أن تدرس في فرع أول التصريحات، وفي فرع ثاني الطلبات، وفي فرع ثالث المقررات الإدارية التي تصدر تلقائيا.

الفرع الأول: التصريحات

التصريحات على نوعين:

– نوع يرمي إلى التعبير عن الرغبة في اكتساب الجنسية المغربية، وذلك في الحالات المنصوص عليها في الفصلين التاسع (اكتساب الجنسية المغربية بحكم القانون) عن طريق الازدياد في المغرب والإقامة به)، والعاشر (اكتساب الجنسية المغربية بحكم القانون عن طريق الزواج، امرأة أجنبية من رجل مغربي.[107]

نوع يرمي إلى التخلي عن الجنسية المغربية، وذلك في الحالة المنصوص عليها في البند الرابع من الفصل 19، والفقرة الثالثة من الفصل 18 (القاصر الذين كان عمره يزيد على 16 سنة في تاريخ تجنيسه كأثر جماعي لتجنيس أبيه ويصرح عن التخلي عن الجنسية المغربية بين السنة الثامنة عشرة والسنة العشرين من عمره.

وأول مرحلة بالنسبة للتصريحات هي مرحلة الإيداع (المبحث الأول) وتلي الإيداع مرحلة ثانية يتقرر فيها مصيره صراحة أو ضمنا (المبحث الثاني).

 

المبحث الأول: إيداع التصريحات

أولا: كيفية إيداع التصريحات:

إن مختلف التصريحات المتعلقة باكتساب الجنسية المغربية أ, فقدها تقدم إلى مصلحة الجنسية التابعة لوزارة العدل، ترفع لوزير العدل إما بصورة مباشرة، أي أن المعني بالأمر عندما يهيئ الوثائق التي يتكون منها التصريح يقدمه إلى المصلحة المختصة بصفة شخصية ويتسلم مقابل ذلك، توصيلا يثبت إيداعه للتصريح، ويثبت التاريخ الذي أودعه فيه، وإما بواسطة البريد المضمون مع إشعار بالتسليم وحينئذ سيبتدئ تاريخ التصريح من اليوم المذكور في الإيصال المستلم من قبل مصلحة البريد.

غير أن تراكم التصريحات على مصلحة الجنسية دفع وزارة العدل إلى إصدار مذكرة تقضي فيها بوجوب إيداع التصريحات لدى وكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف التي يوجد بدائرة نفوذها موطن أو محل إقامة صاحب التصريح[108]  وقد أشارت المذكرة المومأ إليها، إلى أن التصريح المذكور ينبغي أن يتضمن مجموعة من الوثائق، ومن بينها حصيلة التحقيق الذي يجريه مصالح الأمن الإقليمية حول سيرة الشخص الذي قدم التصريح واتصالاته وعلاقاته وأخلاقه وموارد عيشه كما بينت المذكرة أن تاريخ إيداع التصريحات هو الذي سيبتدئ من الأجل المخول لوزير العدل قصد ابتداء معارضة طبقا للمادتين 26 و 27 قانون الجنسية المغربية.

يحسن لفت النظر إلى أن السلطة المختصة بتلقي التصريح وتتمثل في الممثلين الدبلوماسيين أو القنصليين المغاربة، في حالة ما إذا كان صاحب التصريح موجودا خارج المغرب.

– الشهادات والوثائق التي تثبت أن التصريح متوفر على الشروط القانونية المطلوبة، أي الشروط الجوهرية والشكلية الواجب توافرها حسب كل حالة.

– الشهادات والوثائق التي تسمح بالبث فيما إذا كان للمنحة المطلوبة مبرر من الوجهة الوطنية والغرض من هذا النوع تمكين وزير العدل من تقريرها إذا كان من المناسب أن يستعمل حق التعرض أم لا، ولذلك فلا فائدة من تقديمها في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 18 التي لا يجوز فيها لوزير العدل أن يستعمل حق التعرض.

ثانيا: إثبات تاريخ الإيداع.

استنادا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 25 من ق.ج.م يتضح أنه إذا أودع التصريح لدى وزارة العدل، ولدى السفارات أو القنصليات المغربية، اعتبر تاريخا له تاريخ الإيداع المبين في التوصيل، وإذا وجه بواسطة البريد المضمون اعتبر تاريخا له التاريخ المبين في الاستعار بالتسليم البريدي.

ولهذا التاريخ أهمية كبرى في مسطرة التصريح فمنه يبدأ إنتاج أثره المنشئ للحق إذ لم يقع تعرض من طرف وزير العدل، ومنه يبدأ أجل ستة أشهر لإبداء وزير العدل تعرضه، ومنه يبدأ أيضا أجل التقادم لدعوى الطعن في صحة التصريح.

 

المبحث الثاني: مصير التصريحات.

يعتبر وزير العدل السلطة المختصة للبث في التصريح، أو إصدار قرارات صريحة أو ضمنية بشأنه، ويمكن للوزير المذكور أن يتخذ اتجاه التصريح قرارات لفائدته أو ضده.

 

أولا: القرارات الصادرة لفائدة التصريح.

1 – الشكل :

يمكن لوزير العدل أن يصدر قرارا يتضمن الموافقة على التصريح المرفوع إليه المتعلق باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الولادة والإقامة في المغرب، استنادا إلى المادة 09 من قانون الجنسية المغربية، أو عن طريق الزواج المختلط تطبيقا للمادة 10 من نفس القانون.

يتعين لفت النظر في هذا المقام إلى أن القرار الصادر عن وزير العدل القاضي بالموافقة على التصريح الرامي إلى اكتساب الجنسية المغربية، يتعين أن يصدر خلال الستة أشهر الموالية لتاريخ إيداع أو إرسال التصريح وذلك تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 27 من ق.ج.م سواء كانت الموافقة صريحة أو ضمنية فإنها لا تحتاج إلى إشهار.

 

2 – أثر الموافقة.

القرار بالموافقة يسقط حقا وزير العدل بالتعرض، ولو كان الأجل لم ينته بعد، وبما أنه ينشأ عن هذا القرار حق لفائدة شخص خصوصي، فإنه لا يجوز أن يسحبه، ولكن إذا كان القرار الصريح أو الضمني بالموافقة على التصريح قد جاء نتيجة الإجراءات الغير صحيحة، فإنه يجوز الطعن في صحة التصريح.

 

3 – الطعن في صحة التصريح. [109]

حسب مقتضيات المادة 28 من ق.ج.م يجوز للنيابة العامة أو لكل شخص يهمه الأمر أن يطعن لدى المحكمة الابتدائية في صحة تصريح سبق أن وقعت الموافقة عليه بصورة صريحة أو ضمنية من طرف وزير العدل، رغم عدم استفنائه لجميع الشروط الشكلية أو الجوهرية.

وأما بخصوص المحكمة المختصة نوعا للبث في الدعوى هي المحكمة الابتدائية، أما تراتبيا تطبق مقتضيات الفصل 38 أي أنه إذا كان موطنه في المغرب تكون المحكمة المختصة هي المحكمة التي توجد في دائرة نفوذها موطن صاحب التصريح، وإن لم يكن له موطن في المغرب، فالمحكمة المختصة هي المحكمة الإقليمية بالرباط.

وبالرجوع للمادة 26 فإن حق الإدعاء بالطعن في صحة تصريح ما، يتقادم بمرور خمس سنوات ابتداء من يوم ثبوت تاريخ التصريح ولا يقبل هذا التقادم التوقف أو الانقطاع.

 

ثانيا: القرارات المضادة للتصريح:

القرارات المضادة للتصريح لا يمكن أ، تكون ضمنية لآن السكوت الإداري في هذه الحالات يعتبر موافقة وعليه يجب أن تكون حتما صريحة، وقد خولت المادة 26 من ق.ج.م لوزير العدل الحق في عدم قبول، أو نص التصريح أو التعرض عليه، ويتخذ وزير العدل قرار بعدم القبول أو التعرض، أو رفض التصريح لأحد السببين:

أ – فقد يكون الدافع إلى عدم قبول التصريح هو كون هذا الأخير غير مستوف للشروط المطلوبة في القانون، كأن يكون الراغب في اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الولادة، والإقامة بالمغرب، وقد يتجاوز سن الرشد، إذا كان يريد الاستفادة من الأحكام المقررة في الحالة الأولى، أو الثانية، المنصوص عليها في المادة 9 من ق.م.ج[110] ، أو كأن تكون الجماعة التي ينتمي إليها والد صاحب التصريح لا تمثل أكثرية السكان في الدولة التي ينتسب إليها الأب المذكور.

وفي مثل هذه الحالة يصبح وزير العدل في مواجهة واجب إلزامي، يفرض عليه إصدار قرار بعدم القبول، وإلا فإن التصريح يبقى معرضا لدعوى الطعن بصحة التصريح.

وغني عن البيان أن القرارات القاضي بعدم القبول، يتعين تبليغه للمعني بالأمر كي يتأتى له معرفة السبب الذي جعل تصريحه يلقى الرفض.

ومن ثم يتعين أن يكون قرار وزير العدل معللا تعليلا كافيا، وإلا فإنه يحق لمن قدم التصريح أن يطعن في القرار المذكور، أما الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سبب الشطط في استعمال السلطة.

ب – وقد يكون الداعي إلى رفض التصريح افتقار هذا الأخير إلى مبرر يسنده من الوجهة الوطنية، وهذا يعني أن وزير العدل يتمتع بوصفه السلطة الحكومية المختصة في مجال الجنسية بسلطة تقديرية تمكن من بحث ما إذا كان التصريح المقدم إليه يرتكز على مسوغ، يحيز السماح للشخص بالدخول في الجنسية المغربية، وتجدر الإشارة إلى أن وزير العدل يمارس سلطته التقديرية هذه، حتى ولو كانت كل الشروط المطلوبة في القانون متوفرة في صاحب التصريح فقد نصت المادة 26 من قانون الجنسية المغربية على ذلك صراحة في الفقرة II منها " إذا كانت الشروط القانونية متوفرة فإن وزير العدل يمكنه بموجب مقرر يبلغ للمعني بالأمر، أن يعترض على التصريح في الأحوال التي يعترف فيها الوزير المذكور بالحق في ذلك"

ويجب أن يبلغ القرار بالتعرض إلى المعنيين بالأمر.

ويرمي الحق بإصدار القرار بالتعرض إلى حماية حق الدولة المغربية برفض الدخول في جنسيتها، حين لا ترى ذلك مناسبا لكل شخص لا يتمتع بهذه الجنسية كجنسية أصلية فهو راجع إلى إذن السلطة التقديرية للحكومة ولذلك لا يحتاج إلى التعليل، ولا تقبل بسبب الشطط في استعمال السلطة، إلا إذا صدر بكيفية غير مشروعة، مثلا بعد فوات أجل التعرض.

وعلى كل حال فإن القرارات بالتعرض لا يتمتع بقوة القضية، ولذلك يمكن لوزير العدل أن يرجع عنه وأخيرا يتعين على وزير العدل ألا يتخذ أي موقف بالرفض، والقبول اتجاه التصريح المقدم إليه بحيث يقتصر دوره على تلقي التصريح، وذلك في حالة القاصر الذي اسندت إليه الجنسية المغربية نتيجة تجنس والده بها عندما يرغب القاصر في استعمال الرخصة الممنوحة له في التنازل عن الجنسية المغربية تطبيقا للمقطع الرابع من المادة 19 من ق.ج.م.

 

الفرع الثاني: الطلبات.

تمثل الطلبات شأنها في ذلك شأن التصريحات صورة من صور التعبير الإرادي عن الدخول في الجنسية المغربية بوصفها جنسية مكتسبة، أو عن الخروج منها فهي عبارة عن ملف يهيئه المعني بالأمر ويرفق به من الشهادات والوثائق ما يثبت أن الطلبات يستجيب للشروط القانونية المطلوبة.

ولدراسة الطلبات يقتضي منا كما فعلنا بشأن التصريحات حرس إيداعها في مبحث أول مصيرها في مبحث ثاني.

المبحث الأول: إيداع الطلبات

يخضع إيداع الطلبات لنفس القواعد التي يخضع إليها إيداع التصريحات، سواء فيما يتعلق بكيفية الإيداع، أو ثبوت تاريخه، وإذا كانت مسألة ثبوت تاريخه للإيداع تلعب دورا مهما بالنسبة للتصريحات، لأن هذه في حالة عدم التعرض لها من طرف وزير العدل، تنتج أثرها مع مفعول رجعي يعود إلى يوم الإيداع، لأن أجل التعرض المشار إليه يبدأ من ذلك اليوم فإنه لا تلعب أي دور بالنسبة للطلبات لأن هذه لا تحدث أي مفعول رجعي، ولا تخضع القرارات الصادرة بشأنها لأي أجل.

 

المبحث الثاني: مصير الطلبات.

أن الجهة الحكومية المختصة بالقرار بالنسبة للطلبات تتمثل في جميع الأحوال في مجلس الحكومة، ورغم ذلك فإن وزير العدل يحق له أن يصدر في مواجهة الطلبات قرارات بعدم القبول، أو بالرفض لنفس الأسباب التي تسوغ له ذلك بالنسبة للتصريحات، وعليه يمكن أن تنتج عن الطلب، إما صدور قرار القبول، أو الرفض، أو الموافقة وإما عدم صدور أي قرار.

 

أولا: صدور القرار.

أ – القرار بعدم القبول:[111] حيث يتلقى وزير العدل الطلب فإنه يدرسه أولا من حيث استثناء الشروط الشكلية والموضوعية، فإذا كانت هذه الشروط غير متوفرة بكاملها أصدر قرار بعدم القبول، ويجب أن يكون هذا القرار معللا، ويبلغ للمعني بالأمر، ويحق لهذا الأخير أن يطعن فيه لدى الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى بسبب الشطط في استعمال السلطة[112]، والقرار بعدم القبول لا يتمتع بقوة القضية المقضية ولذلك يمكن المعني بالأمر أن يتقدم بطلب جديد بعد أن يتدارك الشروط الناقصة.

ب – القرار بالرفض : [113] بالرغم من توفر الشروط القانونية يجوز لوزير العدل أن يصدر قرارا بالرفض، إذا اعتبر أن هناك أسبابا تدعو إلى ذلك، وهو يتمتع في هذا المجال بسلطة تقديرية تامة.

ويمكن لوزير العدل أن يصدر القرار بالرفض استنادا على رأيه دون الرجوع إلى الحكومة، أو بإشارة من الحكومة بعد أن يعرض عليها الطلب أو يكون متوفرا على جميع الشروط الشكلية والجوهرية.

والقرار بالرفض لا يحتاج إلى تعليل، ولا يقبل أي طعن، وإنما يجب تبليغه للمعني بالأمر هذا وأنه يكون الرجوع عن القرار بالرفض وتعويضه بقرار الموافقة، إذ لا نص يحول دون ذلك.

ج – القرار بالموافقة: إذا اعتبر وزير العدل أن الطلب متوفرا على جميع الشروط القانونية، وأنه ليس لديه أسباب تحمله على إصدار قرار بالرفض، رفع الطلب إما إلى الحكومة في الحالات العادية، وإما إلى الملك في الحالات الاستثنائية.

والسلطة التشريعية يرفع إليها – الطلب – الملك أو الحكومة – تصدر قرارها بالموافقة أما بظهير، أو بمرسوم، وينشر القرار في الجريدة الرسمية.

والقرارات بالموافقة تقبل الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة ككل المقررات الإدارية، لكنها على عكس القرارات بالرفض إذ لا يمكن الرجوع عنها إلا أنها تنشئ حقا لفائدة الأشخاص، إلا أن القرارات بالتجنيس يمكن سحبها بسبب عدم المشروعية أو الاحتيال.[114]

ثانيا: عدم صدور القرار

يجوز لوزير العدل بعد تلقي الطلبات أن يلجأ بعد تلقي الطلبات أن يلجأ إلى وسيلة السكوت الإداري، وهذا السكوت يعتبر بمثابة قرار، وبالتالي لا يقبل أي طعن.

في قرار بتاريخ 1 ماي 1934 بما يلي:

أن معاهدة القانون الدولي الخاص التي نشأ بمقتضاها نظام الحماية الفرنسية بالمغرب هي التي ترجع إليها تحديد شروط الجنسيات الموجودة بالبلاد المذكورة.

أن الطفل الشرعي اليهودي، المزداد في المغرب من أب يهودي مزداد بدوره في البلاد المذكورة يعتبر بالضرورة مغربيا، ذلك أن أصله من جهة الأب يحجب أصله من جهة الأم، حتى ولو كانت الأم تعتبر يهودية فرنسية"[115]

كما وأعلنت محكمة الاستئناف بالرباط في قرار بتاريخ 6 فبراير 1951 "يعتبر مغربيا كل شخص، ولو كان مولودا بالخارج من أبوين مغربيين، أو مستقرين في المغرب، لا يمكن مطالبتهما أو لا يحتاج في مواجهتهما بجنسية أخرى".

وأخيرا جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالبيضاء.

"أن الشخص المزداد في المغرب سنة 1900 من أبوين يهوديين مستقرين في المغرب قبل إقامة نظام الحماية، وكان أبوه مجهول الجنسية وأمه ذات جنسية مغربية يعتبر بدوره من جنسية مغربية".[116]

وقد عرضت على القضاء المغربي في الآونة الأخيرة قضية من أهم القضايا التي يثيرها تطبيق المادتين 6 و 31 من قانون الجنسية المغربية على محكمة الاستئناف بمكناس[117] ومن بعهدها محكمة الاستئناف بفاس[118] ثم المجلس الأعلى.[119]

الـمـلاحـــق

وفي هذا الإطار تقدم الفريق الاشتراكي بتعديل يتضمن تغيير المادة السادسة بشكل يجعل الأم المغربية المتزوجة من أجنبي متساوية مع الرجل في منح جنسيتها لأطفالها.

وهذا المطلب شكل لسنوات طويلة أحد أهم مطالب الحركة النسائية المغربية، خاصة أن العديد من الأمهات المغربيات المتزوجات من أجانب تعانين الأمرين جراء هذا الحيف، ونفس الوضعية تنطبق على الأطفال، فبالرغم من أن الدم المغربي يسري في عروقهم، وكونهم ازدادوا في أرض المغرب ويحملون ثقافته وموروثه الحضاري إلا أنهم يبقون محرومين من الحصول على جنسية هذا البلد الذي يحبونه ويعشقونه.

وإضافة إلى المادة السادسة من قانون الجنسية والتي تجسد حيفا واضحا بالنسبة للأم المغربية المتزوجة من أجنبي، والتي كانت موضوع مقترح قانون في الفريق الاشتراكي، هناك العديد من المواد الأخرى في نفس القانون والتي تكرس ميزا واضحا بين المرأة والرجل.

وهكذا فالمادة 10 مثلا، تجعل أمر الحصول على الجنسية المغربية بالنسبة للمرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي أكثر سهولة ويسرا منه بالنسبة للرجل الأجنبي المتزوج من مغربية، ذلك أن تطبيق هذه المادة، يجعل عائلة المرأة المغربية المتزوجة من أجنبي خاضعة باستمرار لمستلزمات قانون الهجرة الشيء الذي يفرض على زوج وأطفال هذه الأخيرة العديدة من المشاكل المرتبطة بالتأشيرة وبطاقة الإقامة، وهو ما يحول حياة الكل إلى جحيم حقيقي أحيانا.

وهكذا فنحن نعيش اليوم مفارقة واضحة، فمن جهة هناك قانون متقدم للأسرة يكرس المساواة في الحقوق والواجبات، ومن جهة أخرى هناك قوانين مرتبطة أشد الارتباط بالأسرة الميز بين الجنسين، وهذا ما ينطبق على قانون الجنسية.

لذا يأتي هذا المقترح لرفع التمييز ضد المرأة، ولتحقيق الملائمة كذلك بين مدونة الأسرة وقانون الجنسية وكذا تنقية هذا الأخير من بعض مظاهر التمييز والحيف.

– منشورات صادر عن وزارة العدل تحت رقم 53 – المؤرخ في 11 نوفمبر 1958.

من وزير العدل إلى السادة وكلاء الدولة المحاكم الإقليمية.

الموضوع: تطبيق القرار الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 1958.

لقد تبين لي الضروري أن استلفت في نظركم إلى شكليات تطبيق القرار الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 1958 الجريدة الرسمية عدد 2402 الصادر في 4 نوفمبر 1958 الذي أسند إليكم صلاحية تسليم شهادة الجنسية المغربية إلى الأشخاص الذين يثبتون أنهم حائزون على هذه الجنسية.

أما في الجمهورية التونسية فالفصل 69 من قانون الجنسية إنما يشترط الإدلاء بنسخة من الجريدة الرسمية التونسية التي نشر فيها المرسوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المادة كما وردت في ظهير 1958

نص التعديل

مبرر التعديل

المادة 3:

يطبق قانون الأحوال الشخصية والميراث الخاص بالمغاربة المسلمين على جميع المواطنين..

تطبق مدونة الأسرة والميراث الخاص بالمغاربة المسلمين على جميع المواطنين..

هذا التعديل يأتي في إطار الملائمة وذلك بعد حلول مدونة الأسرة محل قانون الأحوال الشخصية.

المادة 4:

يعتبر رشيدا في مدلول هذا القانون كل شخص بلغ إحدى وعشرين سنة شمسية كاملة

يعتبر رشيدا في مدلول هذا القانون كل شخص بلغ ثمانية عشر سنة شمسية كاملة

هذا التعديل يأتي في إطار الملائمة أيضا بعد أن حصرت المدونة سن الرشد في 18 سنة.

المادة 6 :

يعتبر مغربيا:

أولا: الولد المنحدر من أب مغربي.

ثانيا: الولد المزداد من أم مغربية وأب مجهول.

نساند التعديل الذي سبق أن تقدم به أخواتنا وإخواننا في الفريق الاشتراكي

لقد تعمدنا التذكير بهذا التعديل (مع الإشارة طبعا لأصحاب السبق في تقديمه) لأن هناك تعديلات نقدمها حول مواد أخر من قانون الجنسية، وهي تبني على روح تعديل المادة 6.

المادة 7 :

يعتبر مغربيا:

أولا: الولد المزداد في المغرب من أم مغربية وأب لا جنسية له.

ثانيا: الولد المزداد في المغرب من أبوين مجهولين.

يعد اللقيط في المغرب مولودا فيه ما لم يثبت نقيض ذلك

يعتبر مغربيا:

حذف الحالة الأولى

يعد الطفل المجهول الأبوين أو المزداد خارج مؤسسة الزواج في المغرب مولودا فيه ما لم يثبت خلاف ذلك.

 

انسجاما مع تبني تعديل المادة 6

عبارة اللقيط تمس بكرامة الطفل وتدنيه على فعل لا يتحمل مسؤوليته، لذا من الأحسن تعويضها

المادة 9:

يكتسي الجنسية المغربية………. الآتين

أولا: كل ولد مزداد في المغرب من أم مغربية وأب أجنبي على شرط أن تكون إقامته بالمغرب عند التصريح اعتيادية ومنتظمة.

………………………….

إن كل شخص مزداد في المغرب من أب أجنبي ازداد هو أيضا فيه يكتسب الجنسية المغربية…………..

تحذف هذه الفقرة

 

 

 

 

إن كل شخص مزداد في المغرب من أب أجنبي  أو أم أجنبية ازداد هما أيضا فيه….

فيما إذا كان الأب أو الأم ينتسبان..

هذا التعديل يأتي انسجاما مع تعديل المادة 6، حيث أصبحت الأم تمنح جنسيتها لطفلها

 

 

هذا التعديل يأتي في إطار تفعيل مبدأ المساواة التي نصت عليه مدونة الأسرة.

 

المادة 10 :

إن المرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي يجوز لها بعد مرور سنتين…

إن المرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي والرجل الأجنبي المتزوج من مغربية يجوز لها بعد مرور سنتين…

هذا التعديل يأتي أيضا في إطار تفعيل مبدأ المساواة الذي نصت عليه المدونة، إذ كيف يعقل أن يمنح المغربي جنسيته لزوجته الأجنبية بعد ستة أشهر من التصريح في حين نجد هناك حالات جاوزت أكثر 15 سنة ولم تستطع المرأة المغربية منح جنسيتها لزوجها الأجنبية وأطفالها.

المادة 19:

يفقد الجنسية المغربية:

أولا : المغربي الراشد الذي يكتسب طواعية في الخارج جنسية أجنبية والمأذون له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية المغربية.

ثانيا:………..

ثالثا: المرأة المغربية التي تتزوج من رجل أجنبي وتكتسب من جراء زواجها جنسية زوجها والمأذون لها في التخلي عن الجنسية المغربية مرسوم يصدر قبل عقد الزواج

أولا:  المغربي أو المغربية الرشيدين واللذين يكتسبان عن طواعية في الخارج جنسية أجنبية والمأذون لهما بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية المغربية.

حذف الحالة الثالثة وإلغاء الفقرة الثالثة وإلغاء الفقرة ككل.

تفعيل مبدأ المساواة الذي نصت عليه المدونة.

 

 

 

 

 

هذا التعديل ينسجم مع التعديل المقترح في الفقرة الأولى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أولا: من قرارات المجلس الأعلى

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المجلس الأعلى

القرار الصادر عدد : 716 المؤرخ في : 10/3/2004

الملف المدني عدد: 507/1/1/2003[120]

أجانب – استرجاع الدولة منهم العقارات الفلاحية الواقعة خارج الدوائر الحضرية (نعم)، اكتسابهم الجنسية المغربية بعد نشر ظهير 2/3/1973 – منع الدولة من استرجاع الأراضي المذكورة منهم (لا).

يكون معللا تعليلا ناقصا وفاسدا ومعرضا للنقض والإبطال القرار الذي لم يجب من جهة على دفع الطاعنة( الدولة) من كون البائعين للأراضي الفلاحية الواقعة خارج الدوائر الحضرية لم يكتسبا الجنسية المغربية، ولم يعتد من جهة أخرى بتاريخ نشر ظهير 2/3/1973 الذي يقضي في فصله الأول على أنه تنقل إلى الدولة ابتداء من تاريخ نشر هذا الظهير ملكية العقارات المذكورة والتي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب.

واعتمد حيازة البائعة الأجنبية واكتسابها الجنسية المغربية بعد صدور ظهير الاسترجاع ونشره.

 

باسم جلالة الملك

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه أن بمقتضى مطلب تحفيظ سجل بالمحافظة العقارية بتازة في 27-03-1986 تحت عدد 416/21 طلبت الدولة (الملك الخاص) تحفيظ العقار الذي سمته "الملك المخزني رقم 22 ص.س.ص. وذلك استنادا إلى مقتضيات ظهير 2-3-1973  مساحته حسب التحديد النهائي 8 آر 40 هـ فتعرض عليه بتاريخ 27-4-87 بوحفص حسن بن صالح ومن معه مطالبين بالملك رقم 2 مساحته 89 آر 14 هـ استنادا إلى عقد شرائهم العرفي المؤرخ في 23-10-1986 بن ورثة (الأجنبي) محمد بن عبد القادر المدعو الشارف فأحال المحافظ ملف ا لمطلب على ابتدائية تازة التي وقفت على عين المكان يوم 19 رجب 1419 وأصدرت بتاريخ 9-11-2000 حكمها رقم 18 في الملف 16-97 بصحة التعرض المذكور أيدته محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه من طالبة لتحفيظ في الوسيلة الأولى بنقصان التعليل الموازي لانعدامه ذلك انه اعتبر البائعين ورثة امحمد بن عبد القادر بناصر المدعو الشارف قد اكتسبوا الجنسية المغربية، وبالتالي فإن صفة الأجنبي قد انتفت عنهم واستشهدوا لذلك بالأساس القانوني المبني عليه تحويز الدولة وهذا التعليل مناف للحقيقة والواقع أن ورثة مولاي امحمد الشارف لم يكتسبوا كلهم الجنسية المغربية بتاريخ نشر ظهير الاسترجاع 2-3-1973 فعزوز وأحمد لازالا أجنبيين ونادية لم تتقدم بطلب التجنيس إلا في تاريخ لاحق عن تاريخ الاسترجاع وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفع إلا أن القرار لم يجب عليه وفي الوسيلة الثانية بخرق مقتضيات الفصل الأول من ظهير 2-3-1973 المتعلق باسترجاع الأراضي الفلاحية ذلك أن جل ورثة مولاي أمحمد الشارف كانوا بتاريخ نشر الظهير المذكور بالجريدة الرسمية أجانب ولذلك يجب أن يسترجع العقار موضوع النزاع منهم.

حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أنه اعتمد في قضائه بصحة تعرض المطلوبين على أن "الثابت من أوراق الملف أن الطرف المتعرض اشترى من ورثة محمد بن عبد القادر المدعو الشارف العقار موضوع النازلة وأن البائعين خيرة وصفية، والسالمية ونادية، ومحمد وزبيدة قد اكتسبوا الجنسية المغربية وبالتالي فإن صفة الأجنبي قد انتفت عنهم واستشهدوا لذلك بالأساس القانوني المبني عليه تحويز الدولة للملك لاسيما وأن البائعة نادية قد اكتسبت لجنسية المغربية بعد صدور ظهير الاسترجاع وأن اكتسباها للجنسية قد خولها الحقوق التي يتمتع بها كل مغربي خاصة وأنه لم يثبت خروج العقار من يدها قبل اكتسباها"، دون أن يجيب من جهة على ما تسمكت به الطاعنة من طون البائعين عزوز، وأحمد لم يكتسبا الجنسية المغربية ومن جهة ثانية فإن الفصل الأول من ظهير 2-3-1973 ينص على أنه :تنقل إلى الدولة ابتداء من تاريخ نشر هذا الظهير ملكية العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة الكائنة كلا أو بعضا خارجا الدوائر الحصرية والتي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنيويون"، وأن القرار المطعون فيه عندما لم يعتد بتاريخ نشر الظهير المذكور 2-3-1973 في حق نادية واعتمد حيازتهما للعقار المسترجع فقد جاء معللا تعليلا وفاسدا يوازي انعدامه مما عرضه للنقض والإبطال.

وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بنقص وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليها أعلاه، وإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبث فيها من جديد بهيأة أخرى طبقا للقانون، على المطلوبين في النقض بالصائر.

كما قرر إثبات قراره هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة مرتطبة من السادة:

محمد العلامي رئيس الغرفة – رئيسا. والمستشارين: محمد العيادي – عضوا مقررا، والعربي العلوي اليوسفي، ومحمد بلعياشي، وأحمد بلبكري – أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد ولينا الشيخ ماء العينين، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة مليكة بنشقرون.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانيا: من قرارات محاكم الاستئناف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محكمة الاستئناف بالرباط

قرار قم 4102 بتاريخ نوفمبر 1949

الجنسية: التنازل عن الدعوى- قبول التنازل من طرف النيابة العامة بما أن دعاوي التصريح بالجنسية من النظام العام، فلا يجوز أن تكون موضوع فلا يجوز أن تكون موضوع تنازل أو قبول هذا التنازل من طرف النيابة العامة

الدكتور محمد الشافعي

النيابة العامة ض د.أ.و.ب.ي

إن محكمة الاستئناف:

نظرا للفصلين 226 و 236 من ظهير المسطرة المدنية (القديم)

نظرا للأمر في 19 أكتوبر 1945

نظرا للمرسوم 2 ديسمبر 1948

وبعد المداولة طبق القانون.

في الشكل: حيث إن الاستئناف الذي تم طبق الشروط القانونية في 13 فبراير 1949، قبل تبليغ الحكم، نظامي وصحيح

وحيث إن نسخة عن عريضة الاستئناف وضعت بتاريخ 18 فبراير 1949 في وزارة العدل.

في الموضوع: حيث إن السيد د.وزوجبة ب.ي أقاما، حسب مقال مسجل في كتابة ضبط المحكمة الابتدائية بوجدة، دعوى ضد النيابة العامة يطالبان فيها بالجنسية الفرنسية باسم بنيتهما م المزدادة في وجدة في 12 مارس 1945، و.ح المزدادة في وجدة في 7 يوليوز 1947.

وحيث إنهما تنازلا عن هذه الدعوى حسب كتاب مؤرخ في 12 نوفمبر 1948 والتمسا التشطيب على القضية.

وإن وكيل الحكومة (وكيل الملك حاليا) لم يتعرض على هذا الطلب، موافقا هكذا عن تناولهما، وأن المحكمة شهدت لهما بتنازلهما وصرحت بالتشطيب على القضية من الجدول.

لكن حيث إن تلك المحكمة التي أحيلت عليها مسألة تتعلق بالجنسية الفرنسية هي مسألة من النظام العام، كانت ملزمة بالبث في الجوهر لأن موافقة النيابة العامة على تنازل المدعين باطلة وتعد كأنها لم تكن.

وأنه يجب، إذن إلغاء الحكم المستأنف والبث في الجوهر بطريق التصدي، لأن القضية جاهزة.

وحيث إن الزوجين، أسسا طلبهما على الفقرة الأولى للفصل 19 من أمر 19 أكتوبر 1948.

وحيث إن ذ.مغربي الجنسية وأن السيدة، د فرنسية لأنها ولدت بوجدة في 13 غشت 1924 من أبوين يهوديين جزائريين ولذا بدورهما في ولاية تلمسان حيث ولد جداها من الأب أيضا.

وحيث إن الزوجين د. تزوجا أمام ضابط الحالة المدنية بوجدة بتاريخ 14 يونيو 1944، وان بنيتهما فرنسيتان، إذن، لكنهما تستطيعان عن هذه الصفة عند رشدهما دون أن يجوز لهما، تطبيقا لمقتضيات المرسوم المؤرخ في 2 ديسمبر 1948، التمسك بالجنسية الفرنسية، أو الاحتجاج ضدهما على تراب الإيالة الشرفية بغير موافقة صاحب الجلالة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع

·       قانون الجنسية في الدول العربية.

·       أحكام القانون الدولي الحاصافي التشريع المغربي. 1 – الجنسية.

·       محاضرات في القانون الدولي الخاص

·       مبادئ القانون الدولي الخاص

·       اتفاقية بين المغرب والجزائر حول ترسيم الحدود

·       القانون السوري

·       القانون الأردني

·       القانون المصري

·       اكتساب وزوال الجنسية المغربية

·       القانون الدولي الخاص

·       الدكتور عبد الواحد بلقزيز

·       الدكتور أحمد زوكان

·       عبد اللطيف هداية الله

·       الدكتور فؤاد رياض

·       الجريدة الرسمية 18 يوليوز

·       سنة 1953

·       لعام 1928

·       لعام 1950

·       الدكتور أحمد زوكاغي

·       موسى عبود

·       وثائق الجنسية المغربية، أحمد زوكاغي

قانون الجنسية في الدول العربية عبد الواحد بلقزير دار نشر شمال أفريقيا 1963

·       أحمد زوكاغي

·       إحكام القانون الدولي الخاص في التشريع المغربي، الجنسية I

·       درسات في الجنسيات المغربية الدكتور أحمد زوكاغي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية أكدال الرباط.

·       الدكتور محمد الشافعي، أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق، مراكش من كتاب الجنسية المغربية.

·       عبد الله الولادي، عبد الرزاق مولاي رشيد، قانون الجنسية المغربية قراءة وتأويل أعمال الندوة 18 يونيو 2004.

·       أمينة بوعياش، ادريس الشكر

·       نزهة الصقلي، خالد برجاوي

·       يوسف البحيري، زينب معادي

·       فريدة بناني، أمينة المريني

·       ربيعة الناصري

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

على الرغم – "يقول الأستاذ أحمد زوكاغي" – من أن تنظيم مجال الجنسية الوطنية يعتبر من الميادين التي تنفرد فيها كل دولة بالتشريع ووضع القواعد والأحكام، طبقا لما يتجاوب مع منظورها الفلسفي الإيديولوجي، ووفقا لما تمليه عليها مصالحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أن الدولة في تنظيمها لجنسيتها الوطنية، يتعين أن تتقيد ببعض المبادئ والأحكام العامة، التي تكتسي، في الواقع صبغة عالمية لا ريب فيها.

وفي طليعة تلك المبادئ والأحكام العامة، ما قررته المادة الخامسة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أوجبت اعتبار الجنسية حقا من الحقوق الأساسية التي يتعين الاعتراف بها لكل شخص، ومنعت بالتالي المساس بالحق المذكور، عن طريق تجريد الشخص من جنسيته دون موجب حق، أو تعطيل حق الإنسان في تغيير جنسيته، خصوصا إذا لم تعد تربط الشخص بالدولة التي يحمل جنسيتها رابطة تسوع بقاءه محافظا على الجنسية القديمة، بعد اكتسابه لجنسية دولة أخرى.

كذلك من بين المبادئ والقواعد الأساسية التي تسود في مضمار الجنسية، مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق باكتساب أو تغيير الجنسية أو في المحافظة عليها، وبوجه خاص، جعل جنسية المرأة حصينة، مثل جنسية الرجل، فلا تتأثر بالتالي بالزواج، حيث لا يترتب على زواج المرأة من رجل لا يحمل نفس الجنسية التي تتمتع بها، أن تصبح المرأة عديمة الجنسية، أو تغدو مخيرة على الدخول في جنسية زوجها.

 

 


[1]  – باتيفول في كتابه traité élémentaire de droit international

 

[2]  – قرار المحكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 05/04/1977 (Prive) مجلة القضاء والقانون السنة السابعة عشر العدد 28 يوليوز 1978 ص 225.

 

[3]  – للمزيد من التفاصيل راجع عبد الوهاب بمنحمور (الحماية القنصلية) مجموعة الوثائق الصادرة من المطبعة الملكية بالرباط العد الرابع 1977 ص 5 وما بعدها:

 

[4]  – أنظر في ذلك قرار المجلس الأعلى المؤرخ 13 أبريل 1983 مجلة القضاء مجلس الأعلى العدد 32 ص 27.

 

[5]  – نصت المادة السادسة من قانون الجنسية المغربية على ما يلي:

"يعتبر مغربيا:

–          الولد المزداد من أب مغربي.

–          الولد المزداد من أم مغربية وأب مجهول."

وتتشابه مقتضيات هذه المادة تشابها كليا مع أحكام المادة الخامسة من قانون 27 مارس 1963، المتعلق بالجنسية الجزائرية ومع الحكم المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون الجنسية التونسية الصادر بمقتضى مرسوم 2 يناير 1956

 

[6]  – وإن كنا نطمح إلى إضافة فقرة ثالثة بموجبها تمنح الجنسية المغربية للولد المنحدر من أم مغربية وأب أجنبي تماشيا مع الرغبة الملكية في هذا الشأن.

 

[7]  – هذا وتجب الإشارة في هذا المقام إلى اتفاقية لاهاي 12 أبريل 1930 المتعلقة ببعض المسائل الخاصة بتنازع القوانين في مجال الجنسية: تقضي في المادة الثانية عشرة ما يلي: إن الأحكام القانونية المتعلقة بإسناد جنسية أي دولة بسبب الولادة فوق ترابها لا تسري بقوة القانون على الأبناء المنحدرين من أباء يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية داخل الدولة التي وقعت فيها الولادة.

 

[8]  – رأي الأستاذ عبد اللطيف هداية الله: محاضرة في القانون الدولي الخاص.

 

[9]  – موقف المشرع المصري الصفحة 51-52 قانون الجنسية في الدول العربية للدكتور عبد الواحد بلقزيز أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي.

 

[10]  – وتعرف أيضا بالجنسية الطارئة أو اللاحقة

 

[11]  – الدكتور فؤاد رياض: مبادئ القانون الدولي الخاص، بند 99 الصفحة 95.

 

[12]  – قانون الجنسية المغربي – الفصل 5 – "يفهم من عبارة في المغرب"

 

[13]  – وذلك مع مراعاة ما نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 يوليوز 1992 من اتفاق بين المغرب والجزائر حول ترسيم الحدود

 

[14]  – ما عدا لبنان والأردن

 

[15]  – الفصل II "لا يكون للأجنبي الذي كسب الجنسية المصرية عملا بأحكامها لفصلي 3 و 9 حق التمتع بالحقوق الخاصة بالمصريين قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ كسبه لهذه الجنسية"

 

[16]  – أي 18 سنة شمسية كاملة.

 

[17]  – الفصل 8 من قانون عام 1928 المكرر بالفصل 13 – الفقرة الثانية منه – من قانون عام 1954.

 

[18]  – أي عن سوء نية الهدف من ورائها الحصول على الجنسية.

 

[19]  – أي في الفصل من 19 إلى 24.

 

[20]  – وتجدر الإشارة إلى أن هناك شرط عام يسود مختلف حالات وصور فقد الجنسية المغربية وهو أن الفقد لا يتأتى بمجرد توفر حالاته وتحقق شروطه بل يتعين في جميع الأحوال "صدور مرسوم يأذن بالتخلي من الجنسية المغربية" أحمد زولي في ص 75.

 

[21]  – الدستور التونسي المؤرخ في 26 أبريل 1861 الفصل 92 منه.

 

[22]  – مشروع الدستور المغربي المؤرخ في 11 أكتوبر 1908، الفصل 79 الفقرة الثانية منه.

 

[23]  – راجع الفصل 13 الفقرة الأولى من القانون الدستوري لعام 1953 والفصل 10 من القانون الأردني لعام 1928.

 

[24]  – الفصل 15 من قانون عام 1928 والفصل 8 من قانون عام 1954.

 

[25]  – الفصل 13 من القانون المصري لعام 1950.

 

[26]  – هناك حالة سادسة وهي حالة التبعية: يمكن الرجوع في هذا الموضوع إلى الدراسة التي أشرف عليها الأستاذ أحمد زوكافي تحت عنوان اكتساب وزوال الجنسية المغربية، الرباط 88: 1989 مطبوع على الراقنة.

 

[27]  – الفصل 30 من قانون الجنسية الفقرة الأولى منه.

 

[28]  – ينتهي إلى جعل الذي يوقع عليه من عديمي الجنسية بينما يتجه القانون الوضعي إلى الوقوف في وجه اللاجنسية.

 

[29]  – بمقتضى الفصل 15 من هذا الإعلان ما يأتي:

1 – لكل فرد الحق في اكتساب جنسيته.

2 – لا يجوز تجريد الفرد من جنسيته بطريقة تحكيمه.

 

[30]  – العفو العام والسقوط بمرور الوقت.

 

[31]  – يقتضي الفصل 22 (من الظهير المؤرخ في 6 سبتمبر 1985) مما يأتي:

"إذا قام لفائدة دولة أجنبية بأفعال تتنافى مع صفته المغربية أو مضرة بمصالح المغرب"

 

[32]  – الاجتهادات القضائية كرست ذلك من خلال اعتبارات من ضمنها أن الملك ليس سلطة إدارية وبالتالي  لا يمكن الطعن في قراراته أمام المجلس الأعلى كأعلى سلطة قضائية.

 

[33]  – راجع بحث الأستاذ الدكتور هشام خالد المحامي للإثبات الجنسية المنشور بمجلة المحاماة العددان السابع والثامن السبعون سبتمبر وأكتوبر 1990 ص 47.

 

[34] – CF GPEYRARO RECUIL DE TEXTES DROITES droits international privé et droit du commerce international 1ère édition LHERMES Paris 1939, P19.

 

[35]  – أنظر مؤلف مجموعة الاجتهادات في مادة القانون الدولي الخاص سلسلة قضائية وتوثيقية الطبعة الثالثة منشورات الجسور وجدة 1998 ص 59 وما تلاها.

 

[36]  – الفصل 25 ن قانون عام 1950 المصري والفصل 30 من الظهير المغربي والفصل 57 من القانون التونسي

 

[37]  – باتيفول، المرجع السابق رقم 152.

 

[38]  – الفصل 23 من أمر أكتوبر 1945 الصادر في تعقين الجنسية الفرنسية.

 

[39]  – محكمة النقض الفرنسية 31 يناير 1938 مجموعة القرارات محكمة الاستئناف بالرباط 1398 ص 327 وجريدة القصر.

 

[40]  – ومثل هذا النص نجده تقريبا في مختلف القوانين المقارنة التي استطعنا الحصول عليها ومنها المادة 90 من القانون رقم 61-35 المؤرخ ب 20 يونيو 1961 المتعلق بالجنسية الكونغولية التي ورد منها:

"عندما يكون النسب شرطا من شروط إسناد الجنسية الكونغلوية، فإن الحالة الظاهرة تصبح كافية لإقامة الدليل على 1 – نسب المعني بالأمر وعلى 2 – صفة الكونغولية للأصل والأصول بشرط أن يكون المعني بالأمر نفسه متمتعا بالحالة الظاهرة بوصفه كونغولية، ومنها المادة 81 من قانون 22 يوليوز 1960 المتعلق بالجنسية المغاشية.

 

[41]  – منشور رقم 53 صادر عن وزارة العدل بتاريخ 11 نونبر 1958 مجلة القانون عدد 132 السنة الثالثة والعشرون، يناير 1984 ص 221 ومجلة الملحق القضائي العدد الثالث 9 – 10-11 س. 1983 ص 191 وما بعدها.

 

[42]  – المنشور السابق الذكر المصدران السابقان ص 223 و 193 وأنظر كيهو المرجع السابق فقرة 276 ص 117 حيث يشير إلى عبارات نص المادة 31 تبدو غير مقيدة على أساس أنه من الصعب التفرقة بين صفتي العلنية والشهرة.

 

[43]  – من الواضح أن كلمة أبويه الواردة في النص يجب أن تفسر أنها تعني الطرف الذي يستمد منه المعني بالأمر الجنسية المغربية إذ يمكن أن يكون هذا الطرف لأب وحده أو الأم وحدها انطلاقا من التفصيل الوارد في المادتين السادسة والسابعة من قانون الجنسية المغربية.

 

[44]  – ذكر المرجع السابق الفقرة 91 ص 29 غير أننا نعتقد أن الأستاذ دكرو بالغ في تصوير النقص الذي يطبع المادة 31 وقد سبق لذا أن قلنا أن المادة 6 ترتبط ارتباطا وثيقا بالمادة 6 فلا ينبغي الفصل منهما.

 

[45]  – من حيث المبدأ يعتمد على الحالة الظاهرة كقرينة بسيطة في مجال الملكية قصد إثبات الحيازة لفائدة واضح اليد، أنظر في ذلك شمس الدين الوكيل الجنسية ومركز الأجانب، الطبعة الثانية، الإسكندرية 60، 1961 فترة 152 ص 420، وأنظر كذلك مازو، دروس في القانون المدني الجزء الأول المجلد الأول مدخل دراسة القانون الطبعة السابقة بقلم فرنسو متابلس فترة 407 ص 437 باريس 1983 باللغة الفرنسية للمزيد من التفاصيل راجع اليكس رل فرنسوا تيري القانون المدني، لأشخاص الأسرة القاصرون سلسلة دالوز الوجيز، الطبعة الرابعة باريس 1978 فقرة 92 ص 91 وللحالات المشار إليها فيهما (باللغة الفرنسية)

 

[46]  – في هذا الصدد راجع عبد الواحد بلقزيز الجنسية في الدول العربية منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط العدد 18 من السلسلة الفرنسية الرباط وباريس 1963 ص 13 و 33 فؤاد منعم رياض الجنسية في التشريعات العربية والمقارنة معهد البحوث والدراسات العربية المقارنة القاهرة 1975.

 

[47]  – فقد نظمت لأول مرة في التعين المدني الصادر سنة 1804.

 

[48]  – تعتبر الجنسية الألمانية أول جنسية كانت موضع تنظيم مستقل عن الدستور، وعن نصوص القانون المدني وذلك بمقتضى القانون البروسي المؤرخ 31 دجنبر 1842.

 

[49]  – في البداية وردت الأحكام المتعلقة بالجنسية البرتغالية في الدستور الصادر بتاريخ 23 شتنبر 1822.

 

[50]  – ورد في المادة السادسة من قانون الجنسية المغربية: يعتبر مغربيا :

أولا: الولد المنحدر من أب مغربي، ثانيا: الولد لمزداد من أم مغربية وأب مجهول.

 

[51]  – جاء في المادة الخامسة من قانون الجنسية المغربية: "يفهم من عبارة "في المغرب" في منطوق هذا القانون مجموع التراب المغربي والمياه الإقليمية والسفت والطائرات ……………. الجنسية المغربية"، رجع في تحليل هذا النص كيفية تطبيقية بعد استرجاع أقاليم سيدي افني وطانطان، والساقية الحمراء ووادي الذهب، عبد الرزاق مولاي رشيد الجنسية المغربية.

 

[52]  – وفي هذا المعنى صرحت محكمة الاستئناف بالرباط أنه "يعتبر مغربيا منذ ميلاده لابن المزداد من أب مغربي أينما كان محل ولادة الابن وكيفما كانت جنسية أمه"

 

[53]  – راجع في تأييد هذا النظر موسى عبود دروس القانون الدولي الخاص المغربي

 

[54]  – تقضي المادة السابعة من قانون الجنسية المغربية باستناد الجنسية الأصلية لكل شخص مزداد من أم مغربية وأب عديم الجنسية أو من أبوين مجهولين، ومن جهة أخرى يلاحظ أن الطفل المزداد في المغرب من أبوين مجهولين أي اللقيط علاوة على أنه مجبر على إقامة الدليل على كونه مزداد في المغرب يتعين عليه أيضا أن يثبت أنه لم يمارس رخصة التخلي عن الجنسية المغربية طبقا للمادة 44 من قانون الجنسية.

 

[55]  –  – نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من ج.م على الحكم التالي: "تطبق المقتضيات الجديدة المتعلقة بالجنسية المغربية بوصفها جنسية أصلية حتى على الأشخاص المزدادين من قبل تاريخ إجراء العمل بها فيما إذا كانوا في التاريخ المذكور لم يبلغوا بعد سن الرشد"

 

[56]  – وبديهي أن الأشخاص المزدادين خلال الفترة المذكورة محدد السن الرشد بالنسبة إليهم في إحدى وعشرين سنة شمسية كاملة طبقا لما نصت عليه المادة 4 من قانون الجنسية المغربية، وفقا لما قررته المادة الرابعة من قانون الجنسية المغربية، والمادة الرابعة من ظهير 22 نوفمبر 1957 المتعلق بإصدار الكتاب الأول من مدونة الأحوال الشخصية، تلك المادة التي قضت بإلغاء كل المقتضيات المخالفة لما جاء في المدونة المذكورة ومنها ظهير 14 مارس 1938 الذي كان يحدد سن الرشد في 25 سنة بالنسبة للقاصرين المسلمين.

 

[57]  – ولهذا السبب حكمت المحكمة الابتدائية بوجدة يوم 29 دجنبر بعدم الاعتراف بالجنسية المغربية لفائدة امرأة تدل بالحجج التي تثبت مغربية أبيها مع مغربية أمها وذلك في حكم غير منشور أورده أحمد أفزار المرجع السابق ص 5.

 

[58]  – أنظر المواد 83 وما بعدها من مدونة الأحوال الشخصية، الجزء الثاني مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 1995 (أحمد الخمليشي التعليق على قانون الأحوال الشخصية) فقرة 5 ص 15 عبد الرزاق مولاي رشيد، دروس الأحوال الشخصية مطبوعة على الراقنة كلية العلوم الاقتصادية والقانونية والاجتماعية بالرباط أكدال السنة الجامعية 1985/1986 ص 13.

 

[59]  – هذا هو المشكل الذي سبق أن توقعه من حوالي ثمانية وثلاثين سنة المنشور رقم 53 الصادر عن وزارة العدل بتاريخ 11 نوفمبر 1958 حيث جاء فيه: " وفي الواقع ستكون هذه الحالة هي تقريبا الوحيدة التي ستعرض عليكم في الوقت الحاضر والمستقبل القريب.

 

[60]  – المرجع السابق الفقرة 91 من 28 و 21 والواقع أن هذا المشكل لا يخص القانون المغربي فهو بشكل عام تعاني منه كل القوانين الحديثة العهد بتقنين أحكام الجنسية، بل أن المشرع المغربي يعتبر في هذا المضمار أكثر شجاعة من بعض القوانين العربية والإفريقية الحديثة المهم التي راجعت عن تنظيم مشكلة إثبات الجنسية الأصلية المبنية على النسب، وهكذا لا نجد أي معالجة لهذه المشكلة في كل من قانون الجنسية المالية رقم 61-89 المؤرخ ب 2 مارس 1962، وقانون الجنسية التونسية الصادر بتاريخ 25 فبراير 1963.

 

[61]  – وهذا ما صرحت به محكمة الاستئناف بالرباط في القرار المشار إليه من قبل الصادر بتاريخ 30 شتنبر 1959 إذا أعلنت المحكمة "حيث أن الكتاني محمد الطيب المزداد بتاريخ 13 يوليوز 1973 قد بلغ سن الرشد طبقا للفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون الجنسية المغربية قبل تاريخ فاتح أكتوبر 1958 وهو تاريخ نفاذ القانون المذكور وبالتالي فلا تسري عليه مقتضيات القانون المشار إليه"

 

[62]  – بيير يهو الجنسية المغربية منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط العدد 10 من السلسلة الفرنسية بالرباط وباريس 1961 فقرة 2 ص 19.

 

[63]  – جميلة بن جلون دور القضاء في ميدان الجنسية قبل صدور ظهير 6 شتنبر 1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط 1973 ص 75 (مرقونة وباللغة الفرنسية)

 

[64]  – وبديهي أن الابن الذي اكتسب الجنسية المغربية عن طريق التجنيس يتعين عليه أن يدلي بالمستندات التي تثبت رابطة النسب بينه وبين الأصل الذي يستمد منه الجنسية

 

[65]  – أنظر سبيل المثال: الاتفاقية المغربية الإسبانية المبرمة بتاريخ 4 يناير 1969 التي سلمت بموجبها إسبانيا للمغرب إقليم سيدي إفني (الجريدة الرسمية عدد 2952 ص 1355)

 

[66]  – ويلحق بالتجريد الذي يثبت عن طريق الوثيقة الرسمية التي قضت به الحالة التي تم فيها سحب الجنسية المسندة عن طريق التجنيس أو الاسترجاع حيث يحق لمن يهمه الأمران يثبت أن خصه لم يعد يتمتع بالجنسية المغربية، وذلك بالإدلاء بالمرسوم الذي سحبت به الجنسية نتيجة ارتكاب تدليس أو غش أو اكتشاف وثائق مزورة.

 

[67]  – للمزيد من التفاصيل راجع موسى عبود دروس في القانون الدولي الخاص.

 

[68]  – للمزيد من التفاصيل راجع مقالة زوكاغي أحمد المنشورة في مجلة الملحق القضائي العدد 19 أكتوبر 1988 ص 7، وبعدها تحت عنوان إثبات الجنسية الأصلية عن طريق الحالة الظاهرة.

 

[69]  – الفصل 33 من الظهير المغربي والفصل 70 إلى الفص 74 من قانون الجنسية التونسية والفصل 20 من قانون الجنسية المصري لعام 1950 الذي وقع تعديل فقرته الثانية بالفصل 3 من قانون 194 المؤرخ في 25 أكتوبر 1957 ، أما الفصل 36 من قانون الجنسية الجزائري فإنه يستعمل عبارة "بيان مؤكد للجنسية الجزائرية".

 

[70]  – الفصل 33 من الظهير المغربي والفصل 70 إلى الفصل 74 من قانون الجنسية التونسية، والفصل 20 من قانون الجنسية المصري لعام 1950 الذي وقع تعديل فقرته الثانية بالفصل 3 من قانون 194 المؤرخ في 25 أكتوبر 1951، أما الفصل 36 من قانون الجنسية الجزائرية فإن يستعمل عبارة "بيان مؤكد للجنسية الجزائرية"

 

[71]  – الجريدة الرسمية للملكة المغربية رقم 2402 – ص 1807

 

[72]  – الفصل 36 من قانون الجنسية المغربية.

 

[73]  – الفصل 149 من الأمر المؤرخ في 19 أكتوبر 1945

 

[74]  – الفصل 150 من الأمر المذكور

 

[75]  – الفصل 72 من القانون التونسي للجنسية

 

[76]  – راجع جينبو مرلان – المرجع السابق – رقم 158

 

[77]  – الفصل 43 من الظهير المغربي للجنسية، والفصل 65 من القانون التونسي للجنسية، والفصل 24 من قانون الجنسية المصري الصادر عام 1950.

 

[78]  – راجع أعلاه ص 61 من كتاب الجنسية في الدول العربية.

 

[79]  – الفقرة II من المادة 37 من ظهير 6 شتنبر 58 بمثابة قانون الجنسية المغربية.

 

[80]  – توجد أحكام مماثلة في قانون الجنسية للملكة الأردنية الهاشمية الفصل 19 ولمصر الفصل 29 من قانون سنة 1950.

 

[81]  – الفصل 101 من قانون الجنسية المؤرخ في 19 أكتوبر 1945 الصادر في تقنين الجنسية الفرنسية.

 

[82] – راجع شمس الدين الوكيل – القانون الدولي الخاص – ص 341، وما يليها، تأليف محرر بالعربية.

 

[83]  – الفصل 36 الفقرة الثانية منه، من الظهير الصادر في تقنين الجنسية المغربية.

 

[84]  – راجع ج- فيدل – لقانون الإداري – مجموعة 1961 ص 398

 

[85]  – راجع ب – قيو – المرجع السابق رقم 303

 

[86]  – راجع ب كرو – القانون الخاص، الجزء الثاني، القانون الدولي الخاص

 

[87]  – الغرفة الإدارية، 18 جوان 1960 (رونده) مجموعة قرارات المجلس المغربي.

 

[88]  – قضت بذلك بعض المحاكم في قراراتها الصادرة زمن الحماية، ومثال ذلك القرار المدني لمحكمة النقض الصادر في 3 جويلية 1956.

 

[89]  – راجع أعلاه ص 140

 

[90]  – الفصل 19 من قانون الجنسية المصري لسنة 1950.

 

[91]  – الفصل 36 – الفقرة الثانية منه من الظهير المغربي للجنسية والفصل 32 من قانون الجنسية الجزائري.

 

[92]  – الفصل 28 من قانون الجنسية السوري لسنة 1953 والفصل 9 من القرار 15 الصادر في لبنان يوم 19 أكتوبر 1925.

 

[93]  – كان ينص الفصل 2 من الاتفاقية الفرنسية التونسية المؤرخة في  3 جوان 1955 على أن تلك المحاكم ستبتدئ تأدية خدمتها في سبتمبر 1960.

 

[94]  – راجع ج – شاماس – المرجع السابق ص 8 و 204

 

[95]  – راجع ج – شاماس – المرجع السابق ص 203 تعليق 3

 

[96]  – شمس الدين الوكيل، المرجع السابق ص 346 – وما يليها.

 

[97]  – راجع شمس الدين لوكيل ص 204 ص  8

 

[98]  – راجع شمس الدين الوكيل، المرجع السابق، ص 348.

 

[99]  – قرار من مجلس الدولة المصري المشار إليه في المرجع السابق لشمس الدين الوكيل 3480.

 

[100]  – الفصل 18 من قانون المصري في التنظيم القضائي.

 

[101]  – قرار صادر في 26 ماي 1950 المشار إليه شمس الدين الوكيل، والمرجع السابق ص 352

 

[102]  – شمس الدين الوكيل، المرجع السابق، ص 359.

 

[103]  – ج – شاماس – المرجع السابق، ص 210 وما يليها

 

[104]  – المحكمة المختلطة في بيروت، الحكم رقم 189 الصادر في 13 جويليه، 1943

 

[105]  – ر – جنير مرلان، المرجع السابق ص 155 في لإلغاء المحاكم الفرنسية في تونس

 

[106]  – كان الفصل 36 ينص على ما يلي: "إن المحاكم الابتدائية التونسية بمقتضى الظهائر الشريفة المؤرخة في 12 أوت 1993، وفي جوان 1914، و11 أبريل 1937، تختص بالنظر في منازعات الجنسية ريتما يتم التوحيد القضائي

 

[107]  – بين المنشور رقم 372 الصادر بتاريخ 2 ماي 1975 من وزارة العدل.

أن تصريح المرأة الأجنبية الراغبة في اكتساب الجنسية المغربية نتيجة لزواجها من رجل مغربي يتعين أن يتشكل من :

1 – طلب 2 – رسم الولادة 3 – نسخة أو صورة من رسم الزواج مصادق على مطابقتها للأصل 4 – شهادة إقامة الزوج بالمغرب لمدة سنتين على الأقل 7 – شهادة إقامة الزوجة في المغرب لمدة سنتين على الأقل 8 – صورتان فوتوغرافية 9 – نية الزوجة الذي يجري بواسطة الأمن الإقليمي حول السيدة الراغبة في اكتساب الجنسية المغربية وأخلاقها واتصالاتها.

 

[108]  – وهذا ما عبر عنه المنشور رقم 852 عن وزارة العدل بتاريخ 17 ماي 1979.

حيث جاء فيه "قررت الوزارة أن يوجه الراغبون في اكتساب الجنسية المغربية طلباتهم إلى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التي يهم موطن ومحل إقامة بدائرة نفوذها سيسهر هذا الأخير على تهيئ ملف وتلقي جميع المعلومات المتعلقة به قبل توجيهه إلى وزارة العدل

 

[109]  – الفصل 28 من قانون الجنسية المغربية.

 

[110]  – أما بالنسبة للحالة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 9 من ق ج م فقد سبق الإشارة إلى أن المشرع لم يجعل الاستفادة منها محددة في سن معينة.

 

[111]  – الفقرة الأولى من الفص 26 من ج.م.

 

[112]  – الفقرة الثانية من الفصل 36 من ق.م.ج.

 

[113]  – الفقرة الثانية من الفصل 26 من ق.م.ج.

 

[114]  – الفصل 14 و 15 من قانون الجنسية المغربي.

 

[115]  – مجموعة قرارات الاستئناف بالرباط السنة 18، 1938 ص 327، ومجموعة التشريع والقضاء المغربيين، يونان 1939 ص 3 جهة الاجتهاد

 

[116]  – مجموعة التشريعات والقضاء المغربيين – يونان – 1935 ص 61 جهة الاجتهاد والتعليق، ومجموعة القانون المغربي (منطقة الحماية الإسبانية)

 

[117]  – محكمة الاستئناف بمكناس القرار رقم 467 بتاريخ 5 أبريل 1977 مجلة القضاء والقانون عدد 128 السنة السابعة عشر يوليوز 1978 ص 225 – 239.

 

[118]  – لم تعثر على قرار محكمة الاستئناف بفاس ضمن الاجتهادات القضائية المنشورة، فرجعنا بشأنه إلى تعليق الأستاذ العياشي.

 

[119]  – مجلة القضاء المجلس الأعلى العدد 32 السنة الثامنة أكتوبر 1983

 

[120]  – مجلة القضاء والقانون، العدد 150 ص209

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى