بحوث قانونية

الدعاوى المتعلقة بالأصل التجاري

تقديم:

 

يعتبر موضوع الأصل التجاري بوجه عام من أكثر مواضيع القانون التجاري تشعبا وتعقيدا وأكثرها قربا من الجانب العملي والتطبيقي.

ويعزى ذلك بالخصوص إلى كثرة القضايا التجارية الرائجة أمام المحاكم التجارية المغربية والتي تخص هذا المجال  ، خاصة إذا علمنا أن نصيب الأسد من هذه القضايا تهم الكراء التجاري وبعده الأصل التجاري .[1]

ويظل الأصل التجاري مؤسسة قانونية حديثة العهد، حيث لم يظهر إلا في بداية القرن التاسع عشر.وكان إذاك مفهوما فريدا وشادا قبل أن يصبح مألوفا لدى جمهور عريض من المهتمين ،وما زال يحير رجال القانون من قضاة وموثقين  ومحامين وأساتذة جامعيين وسواهم.

[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]

فحتى القرن التاسع عشر كانت عبارة أصل تجاري تعني فقط البضائع والآلات أو كل ما ينتفع به أو يستخدم من آلات وأدوات، وكانت تعوض إذاك عبارة أصل تجاري بعبارة متجر أو دكان أو مال البضائع .ولم يفرض  المصطلح الجديد نفسه إلا بعد الثورة الفرنسية مع الاقتراب من مصطلح المؤسسة التجارية.[2]

إلا أن الأصل التجاري لم يأخذ حدوده المرسومة له سوى في وقتنا الراهن، وذلك بمبادرة من العمل التجاري والقانوني، على اعتبار أن الأصل التجاري يعد ذا قيمة اقتصادية كما يكون محل تملك.حيث ثم فصله عن نشاط المالك.كما تلت ذلك الإدارة المأجورة كطرق جديدة للتسيير، وثم اقتراح الأصل التجاري أيضا من أجل ضمان الديون وذلك كدعامة للائتمان.وتبعا لذلك فكر العمل  ا لفقهي و القضائي في تعطيل واقعة الحيازة المادية لهذا المال المنقول من يد المدين ونقلها إلى المدين ونقلها إلى يد الدائن المرتهن نقل حيازة وتعويضها بالإشهار الذي يضمن حقوق الدائن المرتهن أثناء مدة الرهن ،وعلة ذلك الحيلولة دون عرقلة استثمار الأصل التجاري واستغلاله من طرف مالكه .وقد ساعد على تحقيق هذه الميزة وجود السجل التجاري الذي يمكن أن يسجل عليه هذا الرهن.وهكذا فقد أصبح الأصل التجاري مع نهاية القرن التاسع عشر مالا مستقلا وقائما بذاته يكون محل معاملات تجارية ومصدرا للائتمان بنفس الشكل المألوف في الوقت الراهن.

وسنقتصر في بحثنا هذا عن الدعاوى المتعلقة بالأصل التجاري ،ولتحليل هذا الموضوع سنحاول الإجابة عن التساؤلات التالية:

·         ماهي الأحكام العامة المتعلقة بالأصل التجاري  ؟

·         ماهي الدعاوى المتعلقة بالأصل التجاري ؟

وفق التصميم الآتي :

المبحث الأول: الأحكام العامة للأصل التجاري

المطلب الأول:  الطبيعة القانونية للأصل التجاري

المطلب الثاني: عناصر الأصل التجاري

المطلب الثالث : تمييزالاصل التجاري عن بعض النظم المشابهة له

المبحث الثاني: الدعاوى المتعلقة بالأصل التجاري

المطلب الأول: دعوى الفسخ

المطلب الثاني : دعوى المنافسة الغير المشروعة

 

المبحث الأول: الأحكام العامة للأصل التجاري

المطلب الأول:  الطبيعة القانونية للأصل التجاري

المحل التجاري ونظرية المجموع القانوني :

تعتبر هذه النظرية المحل التجاري عبارة عن ذمة مالية مخصصة ومستقلة بذاتها تشتمل على ما يولده الاستغلال التجاري للمحل من أصول وخصوم ،ويترتب على ذلك أن يصبح للتاجر ذمتان منفصلتان إحداهما تجارية ويمثلها المحل التجاري والأخرى مدينة وتشتمل على الحقوق والالتزامات الأخرى للتاجر ،وبالتالي يستقل دائنو المحل التجاري بالتنفيذ عليه دون أي  مزاحمة من دائني التاجر الآخرين ، مثل هذه النظرية تثفق مع الأموال العامة  للقانون الألماني ، يصعب من جهة التسليم بها في  ظل المبادئ التي يقوم عليها القانون المصري ،فالتشريع الألماني يحيز بصفة عامة مبدأ تعدد الذمم وتخصيصها تبعا للأنشطة المختلفة التي يمارسها الشخص الواحد ، كأن تكون له ذمة مالية مدنية وأخرى تجارية ،ويترتب على ذلك أن تصبح أموال الشخص التي تشتمل عليها كل ذمة ضمانا عام لالتزاماته المتعلقة بها فقط دون غيرها أي لا تسأل كل ذمة إلا عن ديونها.[3]

المحل التجاري ونظرية المجموع الواقعي:

يكمن أساس هذه النظرية في الغرض أو التخصيص المشترك للعناصر المكونة للمحل التجاري ، فهذا الأخير إذا كان لا يعد مجموعا قانونيا من الأموال لعدم اشتماله على ديون قابلة للانتقال ، يمكن النظر إليه باعتباره مجموعا واقعيا أو فعليا من الأموال تتألف عناصره داخل الذمة العامة للتاجر ، ويستقل المحل التجاري بوصفه السابق بكيان خاص وطابع متميز جعله محلا لتصرفات قانونية ، مثل البيع والرهن، تخضع لأحكام خاصة تختلف عن تلك التي تخضع لها التصرفات الواردة على كل عنصر من عناصره على حدة ،بيد أن هذه النظرية كانت بدورها  محلا للانتقاد ، ذلك أن وصف  المحل التجاري بأنه مجموع واقعي بين الأموال ، وإن كان يظهر اجتماع عناصر المحل التجاري بهدف الاستغلال التجاري وهو أمر لا يجادل فيه أحد ، لا يكشف مطلقا عن الطبيعة القانونية للمحل التجاري .[4]

المحل التجاري ونظرية الملكية المعنوية:

ترى هذه النظرية أن تحديد طبيعة المحل التجاري يستلزم بداية فصل المحل التجاري ، كوحدة لها ذاتيتها المتميزة عن مختلف العناصر التي تدخل في تركيبه ،انطلاقا من هذه الفكرة يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المحل التجاري  عبارة عن نوع من الملكية المعنوية و أن حق التاجر على محله لا يعدو أن يكون حق ملكية معنوية يرد على أشياء عير مادية كما هو الحال بالنسبة  لحقوق  الملكية الصناعية وحقوق الملكية الأدبية والفنية ، وتخول الملكية المعنوية التي للتاجر على محله حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه على نحو منفرد ،وهو حق ليس محل مزاحمة من احد ويحتج به في مواجهة الكافة وتحميه دعوى المنافسة الغير المشروعة.[5]

المطلب الثاني: عناصر الأصل التجاري

يتكون الأصل التجاري حسب ما ورد في ما ورد في المادة 80من مدونة التجارة من عناصر مادية وأخرى معنوية ،وتختلف  هذه العناصر من أصل تجاري إلى آخر ، وفق ما تقتضيه ضرورة وطبيعة الاستغلال ونوعية النشاط التجاري المزاول من طرف مالك أو مستغل كل أصل تجاري على حدة :

 

o         العناصر المادية للأصل التجاري :

البضائع : يقصد بالبضائع الأشياء الموضوعة بالمحل الذي يستغل فيه الأصل التجاري أو المستودعات التابعة لهذا المحل ، قصد البيع سواء في ذلك أكانت هذه الأشياء في صورة مواد أولية أو في شكل مواد كاملة الصنع أو نصف مصنعة،ومما تتميز به البضائع بوصفها عنصرا ماديا من عناصر  الأصل التجاري ، أنها تكون عنصرا أساسيا في بعض الحالات.  وهكذا  ، فوجود البضائع في المحلات المعدة مثلا لتجارة المواد الغذائية بالتقسيط يعتبر أمرا ضروريا ،وشيئا مسلما به ، بينما لا وجود في المقابل لمثل هذه البضائع في البنوك ومقاولات النقل ومكاتب ووكالات الأعمال إلى غير ذلك من المحلات التي ترتكز الأنشطة التجارية المزاولة فيها على تقديم الخدمات للجمهور وليس على أعمال الشراء بنية البيع.[6]

المعدات والأدوات: تشمل المعدات والأدوات بوصفها عنصرا من العناصر المادية للأصل التجاري،  جميع المنقولات المادية المستعملة في الاستغلال التجاري أو الصناعي من غير أن تكون معدة للبيع كما هو الشأن مثلا بالنسبة للآلات اللازمة لصنع المنتجات في المصانع والسيارات المستخدمة في نقل العمال والمستخدمين إلى العمل وفي نقل  البضائع المنتجة وتلك التي يراد عرضها للبيع إلى ذلك من الأدوات الضرورية في استثمار المتجر أو المصنع كما يدخل كذلك في نطاق المعدات والأدوات كل التجهيزات التي تقتضيها ضرورة مزاولة النشاط التجاري أو الصناعي أو الحرفي الذي يقوم مالك أو مستغل الأصل التجاري كالمكاتب والكراسي و أجهزة الكمبيوتر إلى غير ذلك ومما ينبغي تسجيله في هذا الصدد أن المنقولات المادية المذكورة قد تتحول من معدات وأدوات لازمة للاستغلال إلى بضائع  في حالة ما إذا كان وجودها بالمتجر ليس من اجل استخدامها في التجارة وإنها من اجل البيع أو من أجل التصنيع بهدف البيع فالآلات الكاتبة وأجهزة الكومبيوتر تكون من المعدات والأدوات بالنسبة لمؤسسة بنكية وقد تكون من البضائع بالنسبة للمتجر الذي تباع فيه التجهيزات والأدوات اللازمة لتجهيز المكاتب والإدارات كما أن السيارات قد تعتبر من المعدات إذا كانت مخصصة لنقل العمال في حين أنها قد تعتبر من البضائع إذا كانت معروضة في محل مخصص لبيع السيارات.[7]

o         العناصر المعنوية للأصل التجاري :

يقصد بالعناصر المعنوية للأصل التجاري تلك العناصر الغير المادية التي يتكون منها هذا الأخير حسب المادة 80 من مدونة التجارة وتشمل هذه العناصر الزبناء والسمعة التجارية والاسم التجا ري وبراءة الاختراع والرخص والعلامات و الرسوم والنماذج وجميع حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية التي لها ارتباط ب :

 الزبائن والسمعة التجارية: يقصد بها مجموع الأشخاص الذين يتعاملون مع التاجر بصفة

دائمة سواء عن طريق عقود التموين أو بدون ذلك، فالارتياد الدائم للمتجر من قبل الزبائن هو الذي يجعل من هؤلاء الأخيرين عنصرا ذا قيمة مالية في تكوين الأصل التجاري لصاحب المتجر.

كما يقصد بالسمعة التجارية قدرة المتجر على استقطاب الزبائن بسبب شهرته أو موقعه، كما الشأن بالنسبة للمتاجر أو المطاعم أو الفنادق التي تنتمي إلى سلسلة دولية macro.وبذلك فكل من الزبناء السمعة التجارية يعتبران وجهين لعملة واحدة ومكملين لبعضهما البعض ،لان كلا منهما يؤثر في الأخر بالسلب أو الإيجاب ،فالسمعة التجارية تتعزز بتضاعف زبناء الأصل التجاري والعكس صحيح.

الاسم ا لتجاري : هوذلك الاسم الذي يطلقه التاجر على متجره لتمييزه عما سواه من المتاجر،

وقد يكون هذا الاسم بالنسبة للأشخاص الطبيعيين إما مبتكرا لجذب الزبائن وإما مركبا من كنية التاجر أو اسمه المستعار، وفي حالة ما إذا كان الاسم التجاري هو الاسم الخاص بالتاجر ،فانه يتعين على كل  من يحمل نفس هذا الاسم الخاص ،إذا أراد أن يزاول نفس النشاط الذي يمارسه هذا التاجر ،أن يضيف إلى اسمه الخاص مايقيد التمييز بين متجره والمتجر الآخر الموجود من قبل ،ففي هذا الإطار تنص المادة 70 من مدونة التجارة انه لا يجوز أن يستعمل الاسم التجاري من طرف أي شخص آخر ، ولو من طرف من له اسم عائلي مماثل ، ويتعين على هذا الأخير حين إنشاء عنوان تجاري أن يضيف إلى اسمه العائلي بيانا أخر يميزه بوضوح عن العنوان التجاري الموجود سابقا .

الشعار : يقصد بالشعار ذلك الرمز الخاص بالمحل التجاري الذي يميزه عن غيره من المحلات التجارية ، ويكون الشعار غالبا على شكل رسم يتسم بغاية من الجمالية ويطغى عليها طابع الإبداع أو الابتكار بهدف لفت انتباه الجمهور إلى الخاصية التي تميز المتجر المعني بالأمر عن باقي المتاجر الأخرى ،  ولاسيما تلك التي يزاول فيها نفس النشاط ، وإذا كان الشعار  يلتقي مع الاسم التجاري في كونهما من جهة يدلان معا على تمييز المتجر عن غيره من المتاجر ومن جهة أخرى يتضمنان خاصية الابتكار ،  فإن الاختلاف يظل مع ذلك قائما بين هاذين العنصرين من عناصر الأصل التجاري ، فالاسم التجاري يكون في أغلب الأحيان مركبا من كلمات تدل على الاسم الخاص بصاحب المتجر أو الغرض من النشاط التجاري الذي يزاوله ،أما الشعار فالغالب فيه أن يكون شكل رسومات أو أحرف معينة ترمز إلى تمييز المتجر عن سائر المتاجر الأخرى[8].

الحق في الكراء : يعتبر الحق في الكراء من أهم العناصر المعنوية المكونة للأصل التجاري في الحالة التي يكون فيها التاجر مكتريا للعقار الذي يمارس  فيه نشاطه  التجاري .

المطلب الثالث: تمييز الأصل التجاري عن بعض النظم المشابهة له

يجب تمييز الأصل التجاري  عن كل من المتجر والمقاولة والشركة .

1. الأصل التجاري والمتجر: يعتبر مصطلح المتجر أو الدكان أو الحانوت حسب التعبير الشائع لدى عامة الناس هو أقرب المصطلحات من مفهوم الأصل التجاري، إلا أن هذه المقاربة نبين الأصل التجاري والمتجر الذي يمارس فيه التاجر نشاطه ليست صحيحة على إطلاقها.فالمتجر –الدكان-ترتبك بتجارة التقسيط التقليدية بينما الأصل التجاري يعد أوسع نطاقا من ذلك: فالمصنع أو المتجر في شكل مساحة كبرى تعد أو تعد أصولا تجارية.[9]

2.    الأصل التجاري والمقاولة : المقاولة ، تنظيم يشمل عناصر مادية وبشرية تتظافر من أجل القيام بنشاط اقتصادي كيفما كانت طبيعته وكيفما كان شكله يستهدف الإنتاج أو التوزيع لهذا فالمقاولة تختلف عن الأصل التجاري في كون المقاولة تتضمن عنصرا لا يشكل جزءا من الأصل التجاري وهو  العنصر البشري ، بالإضافة إلى أن الأصل التجاري لايشمل خلافا للمقاولة على الديون والقروض وبصفة عامة كل القيم النقدية السائلة .كما أن إمكانية تفويت المقاولة المنصوص عليه في المواد 604 وما يليه من قانون التسوية القضائية في باب معالجة صعوبات المقاولة المضمن في مدونة التجارة الجديدة تشمل المقاولة دون الأصل التجاري لهذا فإن فكرة المقاولة تعد أكثر اتساعا من فكرة الأصل التجاري ،بل غالبا ما تشمل المقاولة الأصل التجاري الذي يشكل عنصرها المحوري ، حيث لا يمكن تصور وجود مقاولة دون توافر هذه الأموال التي يمكن استغلالها [10].

3.    الأصل التجاري والشركة : لايتمتع الأصل التجاري بالشخصية المعنوية فهو يجمع الأموال المخصصة للاستغلال التجاري إلا أنه لايتوفر على وجود مستقل ومرد ذلك أن الشركة كشخص معنوي هي ذات مفهوم  قانوني فالأصل التجاري عبارة عن مجموعة من الأموال رغم هذا الاختلاف توجد بين الأصل التجاري والشركة  العلاقات القانونية التقليدية التي تجمع الشخص بالأموال وعليه فالأصل التجاري يعتبر جزءا من ذمة الشركة، هذه الذمة التي تجمع أيضا عناصر أخرى تندرج ضمن الأصول بالإضافة إلى الأموال العقارية ومجموعة عناصر أخرى تندرج صمن الخصوم [11].

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: الدعاوى المتعلقة بالأصل التجاري

المطلب الأول: دعوى الفسخ [12]

إن للبائع الدائن بالثمن المؤجل –وكأي البائع-إلى جانب حق الامتياز الحق في أن يطالب بفسخ عقد البيع من خلال رفع الدعوى تمكنه من استرداد الأصل بسبب عدم أداء الثمن إلا أنه نظرا لتعارض مصالح البائع مع مصالح دائني المشتري ، فإن المشرع المغربي في المادة 99 من مدونة التجارة قد اوجب لقيام دعوى الفسخ لعدم دفع الثمن الإشارة إليها وتخصيصها صراحة في تقييد الامتياز المنصوص عليه في المادة 92 المذكورة أعلاه ولايمكن ممارسة دعوى الفسخ هذه اتجاه الغير بعد انقضاء الامتياز ، مع اقتصار هذه الدعوى مثل الامتياز على العناصر التي يشملها البيع وحدها .

يجب على البائع الذي يمارس دعوى الفسخ أن يبلغ ذلك للدائنين المقيدين على الأصل في الموطن الذي اختاروه في تقييدهم لايصدر الحكم إلا بعد ثلاثين يوما ن التبليغ (المادة 101 من مدونة التجارة).

إذا نتج عن العقد فسخ بقوة القانون أو إذا حصل البائع على فسخ رضائي من طرف المشتري ، وجب عليه تبليغ الدائنين المقيدين في موطنهم المختار الفسخ المستوجب  أو الرضائي الذي لا يصير نهائيا إلا بعد ثلاثين يوما من هذا التبليغ (المادة 102 من مدونة التجارة).

إذا طلب بيع الأصل التجاري بالمزاد العلني سواء كان بطلب من طرف سنديك التسوية أن التصفية القضائية أو مسير قضائي، وجب على الطالب أن يبلغ ذلك للبائعين السابقين في الموطن المختار في تقييد اتهم مصرحا لهم سقوط حقهم في الفسخ اتجاه من رسا عليهم المزاد إذا لم يرفعوها خلال ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ (المادة 103 من مدونة التجارة ).

ويترتب عن فسخ عقد لبيع الأصل التجاري ارجعا المتعاقدين إلى نفس ومثل الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد وذلك بإلزام البائع باسترجاع كامل الأصل وإرجاع الجزء من الثمن الذي كان قد تسلمه. 

  المطلب الثاني : دعوى المنافسة الغير المشروعة

تعتبر دعوى المنافسة غير المشروعة دعوى مدنية وذلك طبقا للمادة 185 من قانون رقم 97 1 17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية التي تنص على أنه لا يمكن أن تقام على أعمال المنافسة الغير المشروعة إلا دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض وهذه الدعوى تخص بالأساس حماية المبتكرات الجديدة التي وقع الاعتداء غير مشمولة بالحماية عن طريق التزييف وخاصة تلك المتعلقة بالمبتكرات الجديدة ذات القيمة الجمالية حينما يكون هناك نزاع قائم بينها وبين العلامات وهذا ما أكدته الفقرة الأخيرة من المادة 204 من القانون رقم 97/17 المذكور أعلام والتي تنص على أن ترفع إلى المحكمة الدعاوى المتعلقة في آن واحد بقضية علامة وقضية رسم أو نموذج أو منافسة غير مشروعة مرتبطة فيما بينها لهذا فان مبدأ حرية المنافسة يخول لكل تاجر الحق في استعمال كل الوسائل التي يراها مناسبة لاستقطاب الزبناء .وذلك ببحثه المتواصل لإيجاد أحسن الطرق لتحسين منتوجه ولا يخفى على أحد ما لهذه المنافسة من أثار حسنة تتجلى في تقديم التجارة وازدهارها .وفي تعميم الرخاء  وتحسين الإنتاج لأنها تقوم على الأخلاق والشرف والاستقامة والخلق والإبداع إلا أن المنافسة كعمل مشروع قد تتعدى حدودها الطبيعية لتتحول إلى عمل غير مشروع نتيجة لجوء البعض إلى وسائل تتنافى مع عادة التجارة وتنافي الشرف المهني ولذا لاتتردد الدول في تنظيم المنافسة بين التجار حماية لهم وللمستهلكين والاقتصاد الوطني لضمان استعمالها في الحدود المشروعة ، بحيث تعتبر الوسائل غير المشروعة التي يقوم بها التاجر المنافس في سبيل الحصول على عملاء الغير من قبيل العمل الغير المشروع الذي يرتب مسؤولية التاجر عن تعويض الضرر الذي أصاب الغير والكف عن الاستمرار في هذا العمل عن طريق المنافسة غير المشروعة فهذه الدعوى الأخيرة تحد من مساوئ حرية النشاط التجاري[13].

ولقد تم تعريف هذا النوع من الدعاوى من خلال القانون الجديد رقم 97/17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية حيث عرفها في المادة 184 التي نصت على انه "يعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة ،كل عمل منافسة يتنافى وأعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري ".

كما أن الدكتور محمد محبوبي عرفها " كل عمل  منافي للقانون والعادات والأعراف والاستقامة التجارية وذلك عن طريق بث الشائعات والادعاءات الكاذبة  التي من شأنها تشريع السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية وذلك بهدف اجتذاب زبناء تاجر أو صانع منافس [14]".

ويشترط لقبول دعوى المنافسة غير المشروعة أن تكون تمت ضرر لحق المدعي ، ويفترض القضاء وقوع الضرر ما دامت المنافسة غير المشروعة من غير حاجة إثباته ، وإجمالا بمؤسس القضاء دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصيرية[15] .

ولدراسة شروط دعوى المنافسة غير المشروعة يجب أن نتطرق إلى الخطأ والى الضرر ثم أخيرا العلاقة السببية بينهما.

1.   الخطأ: عرف المشرع المغربي الخطأ في الفقرة الأخيرة من الفصل 78 من ق.ل.ع.بأنه " ترك ما يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه وذلك من غير قصد لإحداث الضرر" يتبن أن شرط الخطأ من أهمك شروط المنافسة غير المشروعة وذلك أنه وحسب الأستاذ عبد الله درويش إذا كان الأصل في المنافسة في ميدان التجارة والصناعة حق مشروع فإنه يتعين معرفة متى يعتبر الخطأ مستوجبا للمسؤولية[16] .مما يجعل معه صعوبة تحديد معنى الخطأ حيث يصعب وضع حد فاصل بين ما يعتبر مشروعا وبينما لا يعتبر كذلك.وعموما فان ركن الخطأ كشرط للمنافسة الغير المشروعة يستلزم توفر عنصرين وهما ضرورة وجود منافسة غير المشروعة.

2.   الضرر: يتمثل الضرر في مجال المنافسة غير المشروعة في فقد التاجر لبنائه ضحية لأعمال غير مشروعة. فان تقدير الضرر بكل دقة في دعوى المنافسة غير المشروعة يكون جد صعبا نتيجة وجود عناصر مساعدة على ذلك لهذا كثيرا ما تقدر المحاكم التعويض تقديرا جزافيا ، مما يخرجنا من دائرة المسؤولية المدنية إلى نطاق العقوبة المدنية التي لا ترتبط فيها الجزاء بقيام الضرر ولا بمقداره . وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها الصادر في 6 يوليوز 1998  حينما رأت بأن " التعويض المحكوم به مبالغ فيه بعض الشئ وتقرر حصره في مبلغ 3000 درهم عوض10000درهم"[17].

3.    العلاقة السببية بين الخطأ والضرر: إن ركن العلاقة السببية بين الخطأ المنافس والضرر الحاصل لصاحب الحق المتضرر شرط أساسي لصاحب الحق المتضرر شرط أساسي لقبول دعوى المسؤولية التقصيرية إلا هذا الركن في دعوى المنافسة غير المشروعة يتساهل فيه فقها وقضائا كركن الضرر ما دام الرأي السائد هو افتراض تحقق الضرر لمجرد ارتكاب المعتدي أفعالا تشكل منافسة غير مشروعة وبذلك فإن أهم ركن في هذه الأخيرة هوركن الخطأ[18]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة :

تختلف المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية بشان تطبيق مقتضيات ظهير 24/5/1955 حيث أصبح الاختصاص بتطبيق هذا الظهير بالنسبة لبعض المحاكم التجارية وسيلة لإثبات وجودها وحضورها حتى ولو لم يوجد سند قانوني صريح لاختصاصها وأخرى أخذت تستبعد اختصاصها مطلقا بهذا الشأن لتخفيف كاهلها من كم هائل من القضايا، وبين هذا وذاك فان التشريع غائب، إذ المطلوب أن يقوم المشرع بتحديد مضمون النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية بدل اقتضابه أو عموميته. كما سيترتب على تضارب الاجتهاد القضائي ضياع للحقوق الشيء الذي أدى بالمتقاضين إلى رفع دعاوى متزامنة في نفس الوقت أمام المحاكم التجارية و أمام المحاكم الابتدائية حتى لا يفوتهم الآجال الواردة في الفصلين 27 و 32 من ظهير ماي1955.

   ومما يزيد الأمور تعقيدا أن بعض المحاكم التجارية عند التصريح بعدم اختصاصها النوعي لا تقرر إحالة الملف على المحكمة الابتدائية التي ترى أنها مختصة لذلك على المحاكم التجارية و محاكم الاستئناف التجارية إيجاد حل مشترك لإشكالية تطبيق ظهير 24 ماي 1955.

 

المراجع المعتمدة :

المراجع العامة والخاصة:

 

ü  عبد الله درميش ،الحماية الأولية للملكية الصناعية وتطبيقاتها القانونية .الطبعة الأولى.

ü  عبد العزيز توفيق، حماية الأصل التجاري مقال منشور بمجلة رابطة القضاء العددان 4-5.

ü    ذ.عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي دراسة في قانون الملكية التجارية والصناعية مرجع علمي وعملي ،الجزء الثاني الأصل التجاري ، الطبعة الأولى :1422-2001.

ü     د.علي البارودي ،د محمد السيد الفقي ، القانون التجاري.

ü    عزيز العكيلي :شرح القانون التجاري .مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع الجزء الأول 1998.

ü    محمد محبوبي .تسجيل العلامة التجارية .الطبعة الثانية.

ü    محمد حسني عباس :الملكية الصناعية والمحل والتجاري.الطبعة الاولى.

ü    د.محمد لفروجي ، التاجر وقانون التجارة بالمغرب ( دراسة تحليلية ومقارنة على ضوء مدونة التجارة والقوانين المتعلقة بالشركات التجارية والسوق المالية).

القرارات:

ü    قرار رقم 2923 الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 6 يوليوز 1998 ملف عدد 2825/ 97 (غير منشور).                                                  

 

 

 

 

 


[1] ذ.عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي دراسة في قانون الملكية التجارية والصناعية مرجع علمي وعملي ،الجزء الثاني الأصل التجاري ، الطبعة الأولى :1422-2001.ص5.

[2]المرجع السابق.ص7.

[3] د.علي البارودي ،د محمد السيد الفقي ، القانون التجاري.

[4] نفس المرجع السابق ص.184

[5] المرجع السابق ص 184.

[6] د.محمد لفروجي ، التاجر وقانون التجارة بالمغرب ( دراسة تحليلية ومقارنة على ضوء مدونة التجارة والقوانين المتعلقة بالشركات التجارية والسوق المالية).

[7] نفس المرجع السابق ،ص 138-ص139.

[8] نفس المرجع السابق ص153وص154.

[9] د.عز الدين بنستي –دراسات في القانون التجاري المغربي (الأصل التجاري ) ، الجزء الثاني .

[10] نفس المرجع السابق ص 17.

[11] نفس المرجع السابق ص 19

[12] د.عز الدين بنستي  ،دراسات في القانون التجاري المغربي (الأصل التجاري ) الجزء الثاني

 

[13] عزيز العكيلي :شرح القانون التجاري .مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع الجزء الا ول 1998ص207.

[14] محمد محبوبي .تسجيل العلامة التجارية ص87.

[15] محمد حسني عباس :الملكية الصناعية والمحل والتجاري ص525.

[16] عبد الله درميش .الحماية الولية للملكية الصناعية وتطبيقاتها القانونية ص 1121.

[17] قرار رقم 2923 الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 6 يوليوز 1998 ملف عدد 2825/                                                    97 (غير منشور).

[18] عبد العزيز توفيق حماية الأصل التجاري مقال منشور بمجلة رابطة القضاء العددان 4-5ص21.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى