في الواجهةمقالات قانونية

الدكتورة أمينة رضوان : التوجهات الملكية السامية لمواجهة جائحة كورونا

 

 

 

“التوجهات الملكية السامية لمواجهة جائحة كورونا”

إعداد الدكتورة أمينة رضوان

باحثة في العلوم القانونية

 

تعتبر جائحة كورونا آفة كونية خطيرة أودت بأرواح الآلاف من الأشخاص  في العالم، و تجنّدت لها مختلف الدول، و ضاق مرارتها جميع الأجناس، و من أجل مواجهتها والحد منها اجتهد العلماء من أجل إيجاد دواء للشفاء منها ، و بالموازاة مع ذلك اتخذت دول العالم تدابير فورية للحد من تفشي الوباء بين الأفراد.

وفي إطار التدابير الوقائية لمواجهة جائحة كورونا  كان المغرب كسائر بلدان العالم سبّاقا لاتخاذ تدابير احترازية للحد من هاته الظاهرة الكونية  المخيفة، و هكذا ترأس جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، جلسات عمل خصصت لتتبع تدبير انتشار وباء فيروس “كورونا” ببلادنا ومواصلة اتخاذ مزيد من الإجراءات لمواجهة أي تطور، وفق ما ذكرته بلاغات للديوان الملكي، وقد عمل جلالته على تتبع تطورات هذا الوباء منذ بداية انتشاره على الصعيد العالمي، ومباشرة بعد ظهور الحالات الأولى على التراب الوطني أصدر جلالة الملك، حفظه الله وأيده، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته السامية للمفتش العام للقوات المسلحة الملكية، من أجل وضع المراكز الطبية المجهزة، التي سبق لجلالته أن أمر بإحداثها لهذا الغرض، بمختلف جهات المملكة، رهن إشارة المنظومة الصحية بكل مكوناتها. كما أعطى أوامره السامية لتقوية الطاقة السريرية للإنعاش والمقدرة ب1640 سرير إلى حوالي 3000 سرير، وأمر جلالته الأطباء العسكريين بالعمل سويا مع نظرائهم المدنيين في عمليات مكافحة فيروس كورونا. كما أمر بإغلاق المجال الجوي والبحري المغربي أمام المسافرين، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا “كوفيد 19″، وتوقيف الدراسة بالمدارس والجامعات، والإغلاق المؤقت للمساجد، وتعليق الجلسات بمختلف محاكم المملكة، إضافة إلى مجموعة من الإجراءات التي بادرت القطاعات المعنية لاتخاذها.

ومن أجل الحرص على تطبيق هاته التدابير على الوجه السليم أمر جلالته بإنزال وحدات الجيش لفرض احترام حالة الطوارئ الصحية. (1)

فما هي التدابير الفورية التي اتخذتها مختلف الوزارات و القطاعات  لمواجهة جائحة كورونا بناء على التوجهات الملكية السامية؟

ذلك ما سنحاول مقاربته من خلال جرد هاته الاجراءات و التدابير في مختلف الوزارات و القطاعات و المؤسسات المعنية، سواء أكانت أمنية أوتعليمية أواجتماعية أوقانونية أوغيرها:

 

على المستوى التعليمي:

 

في ظل ما بات يعرف ب”جائحة كورونا القاتلة” أمر الملك محمد السادس نصره الله وأيده بإجلاء مائة مواطن معظمهم من الطلاب، من مدينة ووهان الصينية التي توصف بأنها بؤرة تفشي فيروس كورونا المستجد، واتخاذ الإجراءات اللازمة على مستوى المطارات والموانئ لمنع تفشي هذا المرض في المملكة.

وبتاريخ الجمعة 13 مارس 2020 أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في بلاغ لها توقيف الدراسة في المغرب، كإجراء وقائي يسعى إلى حماية صحة التلميذات والتلاميذ والمتدربات والمتدربين والطالبات والطلبة، والأطر الإدارية والتربوية العاملة بهذه المؤسسات وجميع المواطنين، من تفشي “فيروس كورونا” (كوفيد 19) خاصة بعد أن صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه “جائحة عالمية”، ويهم توقيف الدراسة جميع الأقسام والفصول انطلاقا من يوم الاثنين 16 مارس 2020 حتى إشعار آخر، بما في ذلك رياض الأطفال وجميع المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني والمؤسسات الجامعية التابعة لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سواء منها العمومية أو الخصوصية، ومؤسسات تكوين الأطر غير التابعة للجامعة والمدارس، ومراكز اللغات التابعة للبعثات الأجنبية، ومراكز اللغات، ومراكز الدعم التربوي الخصوصية.

واستطرد البلاغ أن الأمر لا يتعلق بتاتا بإقرار عطلة مدرسية استثنائية، اعتبارا لكون الدروس الحضورية ستعوض بدروس عن بعد تسمح للتلاميذ والطلبة والمتدربين بالمكوث في منازلهم ومتابعة دراستهم عن بعد.

وأضاف البلاغ أنه مساهمة في مواجهة هذا الوضع الاستثنائي، فإن الأطر التربوية والإدارية مدعوة إلى الانخراط  بشكل فعال ومكثف في جميع التدابير التي سيتم اتخاذها من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجية عن طريق كل ما يمكن توفيره من موارد رقمية وسمعية بصرية وحقائب بيداغوجية لازمة لتوفير التعليم والتكوين عن بعد بغية تمكين المتعلمات والمتعلمين من الاستمرار في التحصيل الدراسي.

وبذلك يظهر مدى انخراط وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني والتعليم العالي و البحث العلمي في التعامل مع ظاهرة وباء كورونا عن طريق وقف الدراسة تفاديا للعدوى بين صفوف التلاميذ و الطلبة  والمتدربين في مختلف التخصصات، مقررة أن الأمر لا يتعلق بعطلة استثنائية ، وأنه يجب متابعة الدراسة عن بعد، داعية من خلال بلاغ آخر لها استثنائي بتاريخ 15 مارس 2020 معنون ب”تدبير استثنائي للمؤسسات التعليمية خلال فترة توقيف الدروس الحضورية” إلى حث جميع الأطر الادارية والتربوية إلى الانخراط في البرنامج التربوي للتدريس عن بعد ، والذي تمت تسميته  ب”المداومة التربوية” بغية إنجاز المساهمة في إنتاج المضامين الرقمية و الدروس المصورة، وأخذ المبادرة من أجل اقتراح بدائل أخرى مبتكرة تضمن التحصيل الدراسي للتلميذات والتلاميذ، وتتبع عملية سير التعليم عن بعد و التواصل الالكتروني مع التلاميذ كلما دعت الضرورة الى ذلك، وعقد اجتماعات تربوية من أجل التحضير لعملية “الدعم التربوي” التي سيتم إعطاء انطلاقتها مباشرة بعد استئناف الدراسة والاعداد الجيد لمختلف العمليات التربوية المبرمجة في ما تبقى من الموسم الدراسي الحالي.

وباعتبار الوضع الحالي الذي يمرّ منه المغرب كباقي دول العالم نتيجة تفشي جائحة كورونا فقد ساهمت شركات الاتصال الثلاثة، اتصالات المغرب و أرونج و إنووي، في إطلاق شبكاتها بصفة مجانية ومؤقتة من أجل الولوج إلى المنصّات المتعلقة بالتعليم أوالتكوين عن بعد، حسبما هو ثابت من بلاغ مشترك لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي البحث العلمي ووزراة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.

هي إذن بادرة إنسانية تحسب لهاته الشركات لإتاحة الفرصة للأطفال والطلبة و من في حكمهم للتعليم عن بهد في زمن الكورونا.

 

على المستوى القانوني:

صدر بلاغ مشترك بين وزارة العدل و الحريات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، مفاده : تعليق انعقاد الجلسات بمختلف محاكم المملكة ابتداء من يوم الثلاثاء 17 مارس 2020 إلى إشعار آخر المملكة باستثناء الجلسات المتعلقة بالبت في قضايا المعتقلين، والجلسات المتعلقة بالبت في القضايا الاستعجالية، وقضاء التحقيق، وذلك في إطار التدابير الوقائية الرامية إلى الحد من تفشي و انتشار وباء كورونا المستجد ( كوفيد19) ، و حرصا على سلامة كل العاملين بمحاكم المملكة، قضاة وموظفين ومساعدي القضاء، وكذا المتقاضين والمرتفقين.، ويأتي البلاغ انسجاما مع التدابير التي تم الإعلان عنها من طرف الحكومة لمحاصرة هذا وباء كورونا و منع انتشاره، ومن منطلق الحرص على ضمان الأمن الصحي داخل المحاكم.

كما صدر مرسوم بقانون (2) والذي ينص في مادته السادسة على أن جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية ، سواء في قوانين الشكل أو قوانين الموضوع ،  و كذا النصوص التنظيمية ، سيتوقف احتسابها ، و سيستمر هذا التوقف طيلة فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، و إلى غاية الإعلان الرسمي عن رفع هذه الحالة  ، حيث سيستأنف احتساب الأجل ابتداء من اليوم الموالي  لرفع الحالة المذكورة .

و بموجب الفقرة الثانية من هذه المادة ، فإن آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بالقضايا المتابع فيها أشخاص في حالة اعتقال ، و كذا مدد الحراسة النظرية و مدد الاعتقال الاحتياطي المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ، لن يتوقف احتسابها خلال فترة حالة الطوارئ الصحية ، و ستبقى مستثناة من مقتضى الوقف المنصوص عليه في الفقرة الأولى.

ودائما في إطار الحد من العدوى بسبب تفشي وباء كورونا القاتل فان السيد الرئيس المنتدب للسلطة القضائية أصدر  يوم 16 مارس 2020 مذكرة عدد 151/1 و التي وجهها إلى كافة المسؤولين القضائيين بمختلف محاكم المملكة من أجل اتخاذ مجموعة من التدابير و الاحتياطات اللازمة للحد من انتشار وباء كورونا المستجد، كما وجه يوم 23 مارس 2020 مذكرة عدد 13/3  والتي ناشد فيها المسؤولين القضائيين ورؤساء الهيئات الفضائية بمختلف المحاكم التي تختص بالبت في قضايا الجنح والجنايات أو قضايا التحقيق أن تعمل ما بوسعها لتفادي إحضار المعتقلين إلى قاعات الجلسات، و ألاّ يكون ذلك إلا عند الضرورة القصوى، مراعاة لظروف وامكانيات الادارة العامة للسجون وإعادة الادماج التي يتحتم عليها بذل المزيد من المجهودات للحفاظ على سلامة وصحة جميع نزلاء المؤسسات السجنية، و هو ما يفرض اتخاذ ما أمكن من الاحتياط عند خروج بعضهم لحضور الجلسات المخصصة لهم ، وممّا جاء في المذكرة أيضا البت في تأخير الملفات دون إحضار المعتقلين وتأخير ملفات الجنايات إلى حين انتهاء الحجر الصحي واتحاذ الاجراءات اللازمة لمنع اتصال المعتقلين بالغير في المحاكم.

وفي نفس السياق صدر بلاغ عن رئاسة النيابة العامة مؤرخ في 17 مارس 2020 يعلن فيه الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة أن تعليمات صارمة أعطيت للنيابات العامة لدى محاكم المملكة من أجل متابعة كل من يروج أخبارا زائفة ذات علاقة بموضوع فيروس كورونا، من شأنها إثارة الفزع بين الناس أو المساس بالنظام العام.

على المستوى الاجتماعي

بتاريخ 16 مارس 2020 أعلنت وزارة الداخلية أنه تقرر إغلاق المقاهي، والمطاعم، والقاعات السينمائية، والمسارح، وقاعات الحفلات، والأندية والقاعات الرياضية، والحمامات، وقاعات الألعاب وملاعب القرب، في وجه العموم، وحتى إشعار آخر، انطلاقا من اليوم الاثنين، على الساعة السادسة مساء، وذلك في إطار التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لخطر تفشي وباء كورونا المستجد بالمملكة، ومن منطلق المسؤولية والحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين.

مع الاشارة إلى أن هذا الإجراء لا يشمل الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين  والمطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل، مؤكدة الحرص على ضمان التموين المستمر والمنتظم للسوق الوطنية بالمواد التموينية الأساسية وعدم المساس بمسالك التوزيع وتأمين توفر العرض الكافي من هذه المواد بمختلف نقاط البيع وبمجموع أسواق المملكة.

ويأتي البلاغ في إطار التدابير والاجراءات الاحترازية المتخذة لمحاصرة هذا الوباء، ومن منطلق المسؤولية و الحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين.

كما سنّ المشرع المغربي قانون حالة الطوارئ الصحية بموجب مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية والاجراءات الاعلان عنها، ومرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19(3) اللذين جاءا بمجموعة من الاجراءات نجملها في الآتي:

  • إن حالة الطوارئ الصحية مفروضة على صعيد التراب الوطني نظرا لتهديد وباء كورونا حياة الأشخاص و سلامتهم،
  • تم تحديد فترة زمنية لحالة الطوارئ الصحية تبتدأ من 20/03/2020 وتنتهي في 20/04/2020 مع إمكانية تمديد مدة سريان مفعولها،
  • لا تحول التدابير المتخذة من طرف الحكومة خلال فترة الطوارئ الصحية من ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات للمرتفقين،
  • يتعين على الأفراد التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية،
  • خوّل قانون الطوارئ الصحي للسلطات العمومية اتخاذ التدابير التالية: عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم، منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه إلا في الحالات الضرورية القصوى والمحصورة في الفقرة باء من المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.293 الصادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19، منع التجمعات والتجمهرات والاجتماعات للأشخاص إلا إذا كانت لغرض مهني و روعيت فيها تدابير الوقاية، إغلاق المحلات التجارية و من في حكمها التي تستقبل العموم.
  • يمكن للحكومة في حالة الضرورة القصوى أن تتخذ بصفة استثنائية أي إجراء ذي طابع اقتصادي أومالي أواجتماعي أوبيئي يكتسي صبغة استعجالية يكون من شأنه الاسهام مباشرة في مواجهة الآثار السلبية المترتبة عن إعلان حالة الطوارئ.

وقد نص هذين المرسومين على مجموعة عقوبات في حق المخالفين لهذا القانون، تكمن في معاقبة المخالفين للأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين دون الاخلال بالعقوبة الجناية الأشد، كما يعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة عن طريق العنف أوالتهديد أوالتدليس أوالاكراه، ويعاقب أيضا كل من قام بتحريض الغير على مخالفة هاته القرارات بواسطة الخطب أوالصياح أوالتهديدات المفوّه بها في الأماكن أوالاجتماعات العمومية، أوبواسطة المكتوبات أوالمطبوعات أوالصور أوالأشرطة المبيعة أوالموزعة أوالمعروضة في الأماكن أوالاجتماعات العمومية، أوبواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أوبواسطة مختلف وسائل الاعلام السمعية البصرية أوالالكترونية وأي وسيلة أخرى.

على المستوى الاقتصادي:

أعلنت الحكومة المغربية عن إنشاء لجنة يقظة لتتبع وتحديد الاجراءات اللازمة لمواكبة التأثيرات المحتملة على الاقتصاد المغربي ، وبذلك أعلنت  وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، عن تشكيل لجنة اليقظة الاقتصادية، والتي تضم كل من : وزارة الداخلية، وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وزارة الصحة، وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، وزارة الشغل والإدماج المهني، بنك المغرب، المجموعة المهنية لبنوك المغرب، الاتحاد العام لمقاولات المغرب، جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات وجامعة غرف الصناعة التقليدية.

وقد شرعت لجنة اليقظة الاقتصادية (CVE) في عقد اجتماعها الثاني يوم الخميس 19 مارس 2020 بمقر وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حيث أعطت الأولوية خلال هذا الاجتماع للجانب الاجتماعي الذي يهم الأجراء الذين توقفوا عن العمل، وكذلك لاتخاذ تدابير لفائدة المقاولات الأكثر تضررا من الأزمة، وأيضا لتحديد مجموعة تدابير على المستوى الجبائي. وتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لفائدة الاجراء والمقاولات التي ستظل سارية المفعول حتى نهاية يونيو 2020.

وتتجلى هاته التدابير و الاجراءات في:

تدابير لفائدة الأجراء والمشغلين:

سيستفيد جميع الأجراء المصرّح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المتوقفون عن العمل من طرف مقاولة في وضعية صعبة ، من تعويض قدره 1000 درهم خلال شهر مارس 2020، وتعويض قدره 2000 درهم خلال أشهر أبريل و ماي ويونيو 2020 ، بالإضافة إلى التعويضات العائلية وتلك المتعلقة بالتأمين الاجباري عن المرض (AMO ).

سيتمكن هؤلاء الأجراء أيضًا من الاستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية (قروض الاستهلاك وقروض السكن) إلى غاية 30 يونيو 2020.

إتخاذ تدابير لفائدة المقاولات والمقاولات المتوسطة والصغرى والمقاولات المتوسطة والصغيرة جدا والمهن الحرة التي تواجه صعوبات.

تعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 يونيو 2020.

تأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار (leasings ) حتى 30 يونيو بدون أداء رسوم أو غرامات.

تفعيل خط إضافي للقروض تمنحها البنوك ويضمنها الصندوق المركزي للضمان CCG.

التدابير الضريبية

يمكن للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 يونيو 2020 إذا رغبت في ذلك،

تعليق المراقبة الضريبية والاشعار لغير الحائز (ATD) حتى 30 يونيو 2020(13). أنظر :  https://ahdath.info/562524

وفي اجتماع ثالث للجنة اليقظة الاقتصادية يوم الجمعة 27 مارس 2020 أصدرت اللجنة المذكورة بلاغا يهم عملية الدعم المؤقت للأسر العاملة في القطاع غير المهيكل، وهي الأسر غير المسجلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمتضررة من جائحة كورونا، و أن هذه الاستفادة ستكون على مرحلتين ، كالآتي:

  • المرحلة الأولى: تهم الأسر التي تستفيد من خدمة “راميد” وتعمل في القطاع غير المهيكل، وأصبحت لا تتوفر على مدخول يومي إثر الحجر الصحي، حيث إن هذه الأسر يُمكنها الاستفادة من مساعدة مالية تمكنها من المعيش، والتي ستُمنح من موارد صندوق محاربة جائحة “كورونا”، الذي أنشئ تبعًا لتعليمات الملك محمد السادس.

وتحدد هذه المساعدة المالية على النحو التالي:

أولًا: 800 درهم للأسرة المكونة من فردين أو أقل،

ثانيًا: 1000 درهم للأسرة المكونة من ثلاثة إلى أربعة أفراد،

ثالثًا: 1200 درهم للأسرة التي يتعدى عدد أفرادها أربعة أشخاص،

ويجب على رب الأسرة الذي يستفيد من خدمة “راميد” إرسال رقم بطاقة “راميد” الخاصة به عن طريق رسالة قصيرة من هاتفه المحمول إلى الرقم: 1212.

وستُقبل بطاقات “راميد” التي كانت صالحة في 31 دجنبر 2019، ويمكن الإدلاء بالتصريحات ابتداءً من الاثنين 30 مارس، على أن تُوزع المساعدات تدريجيًا ابتداء من الاثنين 6 أبريل 2020، من أجل احترام الإجراءات الوقائية التي تُمليها الجائحة.

  • المرحلة الثانية: تهم الأسر التي لا تستفيد من خدمة “راميد”، والتي تعمل في القطاع غير المهيكل، والتي توقفت عن العمل بسبب الحجر الصحي، إذ ستُمنح لها المبالغ المذكورة نفسها سابقًا، على أن تُطلق منصة إلكترونية مخصصة لوضع التصريحات في الأيام المقبلة(4) .

وإذا قاربنا ما جاء به الاجتماع الثاني الذي همّ الجانب الاجتماعي للأجراء، نلاحظ أنه لم يخرج عن روح نظام الضمان الاجتماعي عندما قرر منح تعويض شهري ثابت وصافي وتعويضات عائلية وتعويضات متعلقة بالتأمين الاجباري عن المرض لجميع الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمتوقفون عن العمل من طرف مقاولة في وضعية صعبة. كما أنه راعى الظروف الصعبة التي قد تكون تمر منها مقاولة من المقاولات عندما قرّر اتخاذ تدابير لفائدة المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا والمهن الحرة . و مراعاة لما تمرّ منه عجلة الاقتصاد ليس الوطني فحسب بل العالمي بسبب فيروس كورونا، فقد أحسنت لجنة اليقظة الاقتصادية خلال اجتماعها الثالث عندما اتخذت قرارا من الأهمية بمكان باستفادة أجراء القطاع غير المهيكل المتوفرين على بطاقة المساعدة الطبية “راميد” ، في انتظار ما ستسفر عنه اجتماعاتها المقبلة لإدراج حتى الأسر المعوزة التي لا تتوفر على مثل هاته البطائق من أجل الاستفادة من المساعدات المالية.

وتجدر الاشارة إلى أن التعويضات التي سيمنحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للأجراء الذين توقفوا عن الشغل نتيجة مرور مقاولاتهم بظروف صعبة نتيجة جائحة فيروس كورونا، يختلف تماما عن التعويضات التي يمنحها ذات الصندوق للأجراء عند فقدهم لشغلهم، فالتعويض الأخير يخوّل للمؤمن له الذي يكون فقد شغله بكيفية لا إرادية، والذي يجب عليه أن يثبت توفّره على فترة للتأمين بنظام الضمان الاجتماعي لا تقل عن 780 يوما خلال السنوات الثلاث السابقة لتاريخ فقدان الشغل، منها 260 يوما خلال الإثني عشر شهرا السابقة لهذا التاريخ، كما يتعين عليه أن يكون مسجّلا كطالب للشغل لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، وأن يكون قادرا على العمل، و عندها يمنح التعويض عن فقدان الشغل لمدة ستة أشهر تبتدئ من اليوم الموالي لتاريخ فقدان الشغل، و يمكن للمؤمن له أن يستفيد من جديد من التعويض المذكور متى استوفى هاته الشروط. ويساوي مقدار التعويض عن فقدان الشغل 70% من الأجر الشهري المتوسط المصرح به لفائدة الأجير خلال الستة وثلاثين شهرا الأخيرة التي تسبق تاريخ فقدان الشغل، دون أن يتجاوز هذا المقدار الحد الأدنى القانوني للأجر، ويجب إيداع طلب التعويض عن فقدان الشغل لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تحت طائلة سقوط الحق، داخل أجل الستين يوما لليوم الأول من فقدان الشغل، ماعدا في حالة قوة قاهرة (5) .

كما أصدرت وزارة الصناعة و الاستثمار و التجارة و الاقتصاد الرقمي إخبار رقم 20/267 موجه الى التجار و المهنيين بشان اغلاق محلات بيع المواد الغذائية و المساحات الكبرى  غيرها  على متم الساعة السادسة مساء من كل يوم حيث يدخل هذا الاجراء حيز التنفيذ انطلاقا من يوم الاجد 22 مارس 2020.

وفي بلاغ لوزارة الداخلية تقرر ابتداء من منتصف ليلة 21 مارس 2020 منع استعمال وسائل التنقل الخاصة و العمومية بين المدن، وأن هذا المنع لا يشمل حركة نقل البضائع والمواد الاساسية التي تتم في ظروف عادية و انسانية بما يضمن تزويد المواطنين بجميع حاجياتهم اليومية، كما أن المنع لا يشمل التنقلات لأسباب صحية و مهنية المثبتة بالوثائق المسلمة من طرف الادارات و المؤسسات.

وبهذا نقف على مجموعة التدابير الاحترازية التي اتخذها المغرب بناء على التوجهات الملكية السامية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، و التي أبانت كلها عن يقظة المغرب و سياسته الاستباقية للتصدي لهذا الوباء، باتخاذ مجموعة إجراءات مهمة على مختلف الأصعدة والمجالات توقيا لتفشي وباء يصنف عالميا بأنه “قاتل”.

 

الهوامش:

  • https://www.goud.ma… https://www.hespress… https://www.skynewsarabia.com/middle-
  • صدر بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراءات الإعلان عنها
  • مرسومين منشورين بالجريدة الرسمية، السنة التاسعة بعد المائة، العدد 6867 مكرر ، 29 من رجب 1441 ( 24 مارس 2020) الصفحة 1782_1783.
  • https://www.hespress.com/economie/465217.html
  • أنظر: الفصل 46 مكرر و ما يليه من نظام الضمان الاجتماعي.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى