في الواجهةمقالات قانونية

الدليل العلمي المستخرج من مسرح الجريمة

الدليل العلمي المستخرج من مسرح الجريمة

من اعداد: عدنان السباعي

باحث في المادة الجنائية

مقدمة:

يعتبر مسرح الجريمة المرأة الحقيقية التي شهدت كافة وقائع الجريمة ومراحل ارتكابها بشكل يساعد المحقق الجنائي في امكانية تحديد شخصية الجناة ولعل الذي يضفي على مسرح الجريمة ذلك القدر من الأهمية التي تزداد يوما بعض يوم خاصة مع تزايد قدرة الكشف العلمي وتوظيف الوسائل والتقنيات العلمية التي يمكن أن يستعين بها المحقق الجنائي في ذلك المسرح لكشف ما فيه من حقائق وآثار قد لا تبدو يسيرة للعين المجردة.

وتتمحور أهمية الموضوع حول مسرح الجريمة بصفة عامة بدءا من الانتقال إلى مسرح الأحداث وانتهاء برصده والتعامل معهم استخراج ما يحتويه من آثار وحقائق وأدلة.

ويتوقف الوصول إلى ما ذكر والإحاطة به على مدى جدية وحرص ودقة المحقق الجنائي في التعامل مع حقائق ومعطيات مسرح الجريمة وما ببلده من جهد في رصدها وفهمها وحسن الربط بينها املا في الحصول على التصور الحقيقي للحادث.

ونظرا لأهميته تبقى ضرورة صونه والمحافظة علية اولى الاولويات التي تستلزم اجراءات عديدة من طرف الهيئات المكلفة بالبحث والتحري وباقي المتدخلين في نطاق مسرح الجريمة لان الغاية هي إيصال الحقيقة كاملة وعرضها أمام القضاء بمسرح الجريمة يحمل في ثناياه العديد من الأدلة والآثار التي تساعد المحقق الجنائي في فهم الدوافع والاسباب التي توصل الى فك لغز الجريمة مما يتطلب اليات وقوعد لتنظيم ذلك.

وتبرز أهمية الموضوع في كون مسرح الجريمة هو الشعاع الذي يضيء للباحث الجنائي الطريق للوصول إلى الجناة وكشف غموض الجريمة من خلال التعامل مع مسرح الجريمة المتخلفة من ارتكابها وتقترب المسافة أو تبعد من تحقيق المبتغى في ضوء تعامل الباحث الجنائي تعاملا علميا وفنيا مع الآثار والدلائل الموجودة بمسرح الجريمة بشكل يسعف العدالة الجنائية في القيام بدورها المتمثل في انصاف الضحية ومعاقبة الجاني.

ويطرح موضوع العرض إشكالية رئيسية تتلخص في مساهمة تدبير مسرح الجريمة ومن خلاله استثمار الآثار والدلائل التي يحتويها في فك رموز معالم الجريمة ومن هذا المنطلق يحق ان نتساءل :

  • كيف يتم معاينة مسرح الجريمة ؟
  • ماهي خصوصيات البحث التي يجب التقيد بها أثناء التواجد بمسرح الجريمة ؟
  • كيف يتم تحصيل الآثار والأدلة الجنائية المتواجدة بمسرح الجريمة؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول: الإجراءات الأولية بمسرح الجريمة لاستخلاص الآثار والدلائل

نظرا لأهمية مسرح الجريمة فضرورة المحافظة عليه تتطلب إجراءات عديدة من لدن الهيئات المكلفة بالبحث والتحري والأشخاص الآخرين المتدخلين في نطاق مسرح الجريمة، لأن الغاية هي إيصال الحقيقة وإيضاحها أمام القضاء حيث أن مسرح الجريمة يحمل العديد من الأدلة والآثار التي من شأنها إعطاء التحقيق أبعادا تساعد في فهم الدوافع والأسباب التي توصل إلى فك لغز الجريمة. لأن الوصول إلى تلك الحقائق مرتبط بسرعة الانقال وبلوغ مسرح الجريمة قبل الغير وكذا فن التعامل معه، مما يتطلب آليات وقواعد تنظم تدخل من أناط بهم القانون صلاحية ممارسة البحث والتحري والتحقيق في الجرائم وحتى الأغيار الذين قد يحدث أن يحضروا إلى مسرح الجريمة قبل الجهات المختصة. لذلك نجد المشرع يعمد هو الآخر إلى تنظيم هذه الآليات والقواعد ضمن مواد القانون المسطري الذي ينظم مختلف الشكليات المرتبطة بالانتقال والمعاينة وقواعد التعامل مع مسرح الجريمة[1]. ومن هذا المنطلق سنتحدث عن الانتقال إلى مسرح الجريمة في (المطلب الأول)، وكذا معاينة مسرح الجريمة في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الانتقال إلى مسرح الجريمة

إن فحص الواقعة الجرمية يتطلب الانتقال إلى مكانها ومن ثم معاينتها مباشرة، وذلك للإحاطة بمجمل هذه الواقعة. فينبغي فور إبلاغ ضابط الشرطة القضائية بوقوع الجريمة، أن يتم الانتقال إلى مسرح الجريمة من أجل إجراء المعاينة قبل زوال الجريمة أو طمس معالمها، أو تغييرها… فالانتقال السريع يتضمن إمكانية حماية الأدلة والأثار المتواجدة بمسرح الجريمة، وقد تمكن من تحديد الجاني وظروف الحادث من خلال إيجاد المجني عليه مثلا، كما قد يمكن أيضا من المعالجة إلى ضبط الجناة بمسرح الجريمة، وفي معرض حديثنا عن الانتقال فإنه من الجدير بنا ذكر الأشخاص الذين يحق لهم الانتقال إلى مسرح الجريمة بحيث نجد ضباط الشرطة القضائية بالدرجة الأولى، ويحمل هذه الصفة جميع الأشخاص الذين ذكرتهم المادة 20 من قانون المسطرة الجنائية[2]. ومن هنا سنتطرق إلى تحديد مسرح الجريمة والمحافظة عليه في (الفقرة الأولى)، وسنعمل على المشاكل العملية التي تعترض المهمة في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تحديد مسرح الجريمة والمحافظة عليه

تحديد مسرح الجريمة وبيان نقاطه من الأمور المهمة للباحث الجنائي بالإضافة إلى أهمية ذلك في إثبات الجريمة وذلك لبيان الاختصاص المكاني ووسيلة ارتكاب الحادث ومكان السلوك الإجرامي بالإضافة إلى وقت وساعة ارتكاب النشاط الإجرامي، كذا بيان حدود السلطة الممنوحة للباحث الجنائي في حالة التلبس بالجريمة[3].

فبالنسبة للنطاق المكاني لمسرح الجريمة، أجمع الخبراء في مجال البحث الجنائي، بمختلف دول العالم على أن مسرح أو مكان الجريمة هو مستودع سرها، لاحتوائه على الآثار المادية والأدلة الجنائية التي تؤدي إلى كشف الحقيقة مما دفع البعض منهم إلى التوسع في تحديد نطاق مكان ارتكاب الجريمة،  فامتد به إلى الأماكن المجاورة من طرقات وأماكن عامة للبحث عن الآثار المادية المتعلقة بالحادث[4]. وقد تتضمن مكانا واحدا أو عدة أماكن سواء كانت متصلة أو متباعدة وفقا لنوع الجريمة المرتكبة[5].

أما النطاق الزمني لم يشترط إجراء المعاينة في زمن محدد، حيث يتم إجراؤها عقب ارتكاب الجريمة مباشرة، طبقا للمادة 57 من المسطرة الجنائية التي تنص على أنه “يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي أشعر بحالة تلبس بجنحة أو جناية أن يخبر بها النيابة العامة فورا وأن ينتقل في الحال إلى مكان ارتكابها لإجراء المعاينات المفيدة”. بهذا يكون المفهوم من النص أن زمن الانتقال للمعاينة يأتي عقب ارتكاب الجريمة وعلم السلطات بها مباشرة، أو يتوافر حالة التلبس. ولم تحدد التشريعات الجنائية زمنا لإجراء المعاينة، إلا أنها تحبذ الإسراع في إجرائها عقب ارتكاب الجريمة للحفاظ على الأدلة الجنائية[6]. ومرور وقت طويل على ارتكاب الجريمة قد يؤدي إلى ضياع أو تغيير معالمها إما بفعل الطبيعة أو بفعل الأشخاص الذين لهم علاقة بالحادث أو أشخاص لا تربطهم أي صلة ولكنهم يعبثون بها من باب العبث لا غير[7].

وعند وصول أول ضابط الشرطة إلى مسرح الجريمة عليه القيام بأول إجراء وهو التحفظ على مسرح الجريمة بما فيها من آثار متواجدة به[8]. كما نصت عليه المادة 57 من قانون المسطرة الجنائية على أنه “يجب أن يحافظ على الأدلة القابلة للاندثار وعلى كل ما يمكن أن يساعد على إظهار الحقيقة وأن يحجز الأسلحة والأدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي كانت معدة لارتكابها وكذا جميع ما قد يكون ناتجا عن هذه الجريمة”. ونعني بذلك إبقاء مكان الحادث في نفس الظروف المادية التي عليها عندما تركه الجاني ومراعاة عدم لمس أو إزالة أي أثر مادي أو نقله[9]. ومن أجل المحافظة على مسرح الجريمة يجب على ضابط الشرطة القيام ببعض الإجراءات المتمثلة في؛ العمل وفق خطة ومنهاج مرسوم وتأمين شامل للمكان والمبكر لمسرح الجريمة بواسطة شريط الإحاطة، وكذلك إبعاد الأشخاص الفضولين وعدم السماح لأي شخص الدخول إلى مسرح الجريمة باستثناء الأطباء أو المكلفين بمساعدة المصابين[10]، وعدم لمس أي شيء في مسرح الجريمة وعدم تحريكه من مكانه إلى غاية وصول المختصين، وعدم إتلاف الآثار والعمل على التقليل إلى أبعد الحدود من التغييرات الضرورية، وتغطية الآثار بالشكل المناسب كآثار الأقدام أو الدماء في الأراضي المكشوفة عندما تكون عرضة للتأثر بالأحوال الجوية، ووصف وضعية المصابين والآثار المتروكة من أعمال المحققين وتدوين كل التغييرات الطارئة المشروع بها[11]، وكذا المحافظة على الأماكن التي تساهم فعليا في نجاح التحقيق في قضية جنائية ولا قيمة للدليل المادي إن لم تكن هناك حماية لمسرح الجريمة كما تقتضيه الأنظمة المعمول بها في ميدان الأدلة الجنائية[12].

الفقرة الثانية: المشاكل العملية التي تعترض المهمة

يرجع نجاح العمل بمسرح الجريمة إلى تعاون العاملين به، وقيامهم بالعمل بروح الفريق المتكامل، وذلك لأن انفراد أحدهم أو تقصيره في العمل يؤدي إلى نتائج عديمة الجدوى أو التأخير في كشف الحقيقة[13]. كما أنه قد ترتكب أخطاء من المجني عليه أو من المقيمين معه أو من أقاربه كأن يقوموا بتنظيف مكان الحادث قبل قدوم الشرطة، مما يصعب عملية الكشف عن الآثار المادية وإعادة بناء الحادث، أو بتعمد الجاني التضليل خشية المسؤولية[14].

والملاحظ أن الإهمال أو عدم دراية وخبرة أول رجل شرطة يصل لمسرح الجريمة يؤدي إلى صعوبة صيانة المسرح، فقد يطوق بمكان ارتكاب الجريمة ليشبع حب الاستطلاع فيزيل الآثار المادية ويترك بصماته وآثار أقدامه والبعض يرتدي قفازا أو يحضر منديلا ليمسك به مقابض الأبواب لفتحها مما يؤدي إلى إزالة البصمات ويقوم بالتغيير في مسرح الجريمة، فيؤثر هذا على ما بالمسرح من آثار مادية، وعدم اتباع الإجراءات اللازمة لصيانة المسرح وترك الجمهور به نتيجة عدم توفر الحراسة الكافية أو الاستعانة بقطع أثاث وأدوات من داخل المسرح للمحافظة عليه يؤدي إلى العبث بالأثر المادي بالإضافة إلى عدم تدوين الملاحظات التي حدثت أثناء صيانة المسرح[15].

ويجب أن تستمر المحافظة على مسرح الجريمة أثناء قيام المحقق والخبراء بمعاينة وفحص ما به من آثار ولا يسمح لأحد بالدخول مهما كانت درجته إلا بعد موافقة المحقق ولا ترفع الحراسة إلا بعد الانتهاء من العمل بمسرح الجريمة وإصدار تعليمات من المحقق بترك المسرح، وذلك لأن محترفي الإجرام وأعوانهم متمرسون على العبث بمسرح الجريمة عند تركه دون حراسة. وعند ضبط المتهم بمسرح الجريمة يجب الأخذ في الاعتبار قيامه بالتخلص من أي آثار من ملابسه أو على جسمه أو بمسرح الجريمة، فيبعد عن المسرح ويوضع في مكان بعيد عن المتهمين والشهود أيضا بعدم التأثير عليهم، وتشدد عليه الحراسة ويقيد بالقيد الحديدي[16].

كما أنه عند وجود شخص مصاب وفي حالة خطرة بمسرح الجريمة، ينقل إلى المستشفى وفي بعض الحالات إذا حدثت وفاة وأهمل المختص بالمستشفى في الحفاظ على ملابسه غالبا ما تفقد أو تلقى مع المهملات أو يتم التحفظ عليها بطريقة تتلف الآثار العالقة بها، فيجب الاسراع إلى المستشفى في هذه الحالات والتحفظ على ملابس المتوفى وتحريزها بعد تجفيفها إذا كانت تحتوي على دم لعدم تعفنها[17].

فحوى القول، مسرح الجريمة هو المكان الذي يحتوي على الأدلة والآثار المادية التي منها ما هو غازي كالرائحة، ومنها ما هو سائل كالدم و المواد الكيماوية إلى غير ذلك من السوائل، ومنها ما هو صلب أو رخو ومنها أيضا الظاهر والغير الظاهر، وهذه الآثار تؤدي إلى كشف الحقيقة إذا ما حوفظ عليها وتم كشفها ورفعها ومضاهاتها، كما أنه في حالة العبث بمسرح الجريمة نتيجة لعوامل كثيرة، كعوامل طبيعية من أمطار ورياح ودرجات الحرارة والرطوبة أو عوامل ترجع إلى خطأ المجني عليه أو فضول الناس أو خطأ أول من يصل من الشرطة إلى مسرح الجريمة أو محاولة الجاني تضليل العدالة بإتلاف الآثار أو إزالتها وإضافة آثار أخرى بمسرح الجريمة، كل هذا يتم بالانتقال السريع واتباع القواعد السليمة للمحافظة على المسرح، مع السرعة في إجراء المعاينة ورفع الآثار المادية والمحافظة عليها، ولهذا يمكن القول أن أولى خطوات معاينة مسرح الجريمة هي المحافظة عليه[18].

المطلب الثاني: معاينة مسرح الجريمة

تتعدد المصادر التي يمكن للباحث الجنائي أن يستمد منها الأدلة الجنائية، ومن المصادر التي تأخذ الأولوية هي معاينة مسرح الجريمة[19]. لما لها من دور رئيسي في الكشف عن الحقائق، فالمعاينة الدقيقة تحدد الآثار الظاهرة التي ترى بالعين المجردة، وغير الظاهرة تستلزم لرؤيتها استخدام الخبرة الفنية بالأجهزة والأدوات[20].

ويقصد بالمعاينة ذلك الفحص الدقيق والمتأني في مكان الحادث وما يتصل به من أشياء وأشخاص، يجريه المحقق بقصد جمع الأدلة وإثبات حالة كل من مكان الجريمة وشخص المتهم والمجني عليه والأشياء التي لها علاقة بالجريمة التي وقعت[21].

لذا سنتطرق إلى قواعد المعاينة الفنية والقانونية (الفقرة الأولى)، ثم إلى أشكال المعاينة وطرق إثباتها ومدلولاتها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: قواعد المعاينة الفنية والقانونية

يجب التأكد قبل الشروع في المعاينة بأن أي تغيير لم يقع على مكان الجريمة، سواء تعلق الأمر بوضعية الجثة أو بوسائل الإثبات الموجودة بعين المكان، وبالتالي يشرع ضابط الشرطة القضائية في المعاينة التي تتعلق بوصف المكان وتحديد هوية الضحية[22].

  • وصف المكان:

يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقوم بجولة خاطفة ليسهل عليه فيما بعد فهم الوقائع بكل سرعة، كانعدام الترتيب في مكان يكون عادة مرتبا، أو كسر باب أو نافذة… إلخ، كما يتعين عليه تحديد مكان الجريمة هل هو عمارة أم شقة أم طابق أم بيت منعزل، أم الغرفة التي وقعت فيها النازلة…إلخ[23].

وهنا يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن ينتدب تقني مسرح الجريمة لأخذ صورة فوتوغرافية، وألا تكون مخالفة للرسوم التي يكون قد أنجزها، أما إذا كان الأمر يتعلق بجثة فإنه يجب تحديد الوضعية التي وجدت عليها، وذلك بأخذ صورة لها من جميع النواحي مع مراعاة أخذ كل ما يمكن أن يحيط بها من أشياء، مع الإشارة إلى المسافة الرابطة بينها وبين الجثة[24].

  • كشف عن هوية الضحية:

في حالة ما إذا كانت الضحية لا تزال على قيد الحياة، فإن الكشف عن هويتها لا يطرح أي إشكال على ضابط الشرطة القضائية، ولكن في حالة الوفاة فإنه يمكن الاعتماد على مجموعة من العلامات كالملابس (قد تكون مليئة بالزيوت والشحوم مما يستخلص أنه ميكانيكي أو مواد البناء في مسرح الجريمة مما يستخلص أن الضحية بناء)، أو الاعتماد على الإثبات الشخصي عن طريق البطاقة الوطنية أو رخصة القيادة أو بطاقة جمعية وأيضا وجود دبلة الخطوبة مما يستخلص على أن الضحية كان متزوجا أو غير متزوجا. وأيضا معاينة ومشاهدة أوصاف الضحية (كوجود وشم أو وحمة في منطقة معينة أو عيب خلقي أو قلع ضرس أو سن أو ندوب)[25].

وفيما يتعلق بالمعاينة الفنية فهي الإجراءات التي تتخذ بواسطة الفنيين في محل الحادث سواء عن طريق وصفه أو تصويره أو رسمه أو رفع الآثار المادية عنه كآثار البصمات أو آثار البصمات أو آثار الدم والشعر والمنسوجات والزجاج والطلاء وكل ما يتخلف من الجاني[26].

  • القواعد الفنية الخاصة بمعاينة مكان الجريمة:

إن وصف المكان من الخارج يتعلق فيما إذا كان مكان الجريمة أرضا كالأراضي الزراعية، يذكر موقعه الجغرافي من البلدة كاسم الحوض وحدوده والطرق المؤدية إليه، أما إذا كان المكان مسورا كالمباني عموما أو المخازن، فإنه يصف حدودها وينتقل إلى تحديد ارتفاعها، يذكر عدد أدوارها و مشتملات كل دور وينتهي من وصف خارجي إلى تحديد المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة[27].

أما وصف المكان من الداخل يتعلق فيما إذا كان مكان الجريمة أرضا فضاء يصف نوع تربتها ( ترابية، طينية، رملية) وما يوجد عليها من مزروعات أو مبان متهدمة، أما إذا كان المكان مبنيا فيبدأ الباحث في وصف منافذه العامة ونوعها، وبعد ذلك يصف تقسيم المبنى من الداخل، فإن كان ممكنا يذكر عدد حجراته ومواقعها وأبعادها، وإن كان متجرا يحدد تقسيماته الداخلية كالصالة للبيع ومكاتب الإدارة، ثم يصف منافذ المكان كالأبواب والنوافذ والشرفات …الخ[28].

كذلك يصف الباحث ما يحتويه المكان من أشياء كالأثاث و المنقولات، بإتباع التقسيم الداخلي الذي ذكره للمكان، فيصف محتويات كل وحدة من التقسيم على حدة لا يفوته وصف شيء من هذه الأشياء والذي قد يؤثر بعد ذلك على سلامة المعاينة، ويجب أن يكون الباحث دقيقا في وصفه بحيث يشمل علاوة على الأوصاف الخارجية للشيء، توضيح مادته و لون طلائه وموضعه[29].

كما يجب أن يتضمن وصف المكان توضيح مصادر الإضاءة وقوتها خاصة إذا كان وقوع الجريمة خلال ساعات الليل[30].

فعلى مدى دقة الباحث للمكان وما يحتويه من أشياء، يتحدد نجاحه في اكتشافه الآثار الجنائية التي يتوقف عليها قدر كبير من نجاح الباحث في اكتشاف الجريمة، ويعاون الباحث في هذا المجال عدد كبير من أهل الخبرة كل في مجال اختصاصه، فنجد أن خبير البصمات يمكن رفع البصمات فوقها، ويهتم خبراء المختبر بفحص البقع بجميع أنواعها والمقذوفات النارية وآثار الأقدام وتقضي الاستفادة من الأساليب العلمية الحديثة في اكتشاف ورفع الآثار الجنائية أن يراع الباحث عند إجراء المعاينة وفحصه للأشياء اتمام ذلك بحذر ويدون لمس الأشياء بيده العارية أو تحريك لموقعها[31].

  • القواعد الفنية الخاصة بمعاينة الأشخاص:

يقابل الباحث عند انتقاله لمحل الحادث الأشخاص الذين يتصلون بالجريمة  وهم لا يخرجون عن كونهم مجني عليهم أو متهمين أو شهودا، وتقضي قواعد التحقيق الجنائي ضرورة أن تشمل المعاينة هؤلاء الأشخاص لإثبات حالاتهم وما خلفته الجريمة عليهم من آثار[32].

ويقصد بها وصف تقاطع جسمه كطول قامته وشكل الوجه ولون البشرة ونوع الشعر، وشكل العيون مع ذلك ما قد يوجد بهذه الأعضاء من تشوهات خلقية، يمتد الوصف إلى تحديد حالة الشخص العقلية ودرجة إبصاره وطريقة نطقه، ووصف ما على الشخص من ملبوسات[33].

الفقرة الثانية: أشكال المعاينة وطرق إثباتها ومدلولاتها

تنقسم المعاينة إلى أشكال متعددة، معاينة الأمكنة ومعاينة الأشخاص والأشياء، وسوف نتطرق إلى كل شكل على حدة.

أولا الأماكن التي تقع بها الجرائم إما أن تكون عامة كالمزارع والترع، والطرق العامة والصحراء والسهول والوديان، وهذه الأماك تجري فيها المعاينة بإثبات حالة المكان وبيان اتجاهاته ومساحاته وأبعاده وموقعه بالنسبة للمكان الذي يقع بدائرته وبيان الطرق الموصلة إليه، وإما أن يكون المكان خاصا كالمسكن، وهنا يدق ناقوس الخطر لأن حركة المسكن امتداد للحق في الحياة الخاصة، وهي من أبرز معالمها فيجب أن يراعى ما نص عليه القانون من ضوابط لمراعاة الحياة الخاصة وعند معاينة الأماكن بجي أن يوضع في الاعتبار نقل صورة صحيحة وكاملة للمكان الذي تتم معاينته[34]. وتشمل معاينة الأماكن أيضا الوضع الذي كان عليه الجاني والمجني عليه أثناء ارتكاب الجريمة ومكان وجود الشهود[35]. وبناءا على ذلك تشمل معاينة الأماكن التي تدخل في نطاق مسرح الجريمة، لا أماكن ارتكاب الجريمة فقط[36].

أما بالنسبة لمعاينة الأشياء، فالمحقق يسجل أثناء المعاينة ما يحتوي عليه مسرح الجريمة من أشياء وآثار مادية، ولا يملك الحذف ولا الإضافة، ويجب العناية بكل ما في مسرح الجريمة من أشياء سواء كانت تدرك بالحواس الطبيعية للإنسان أم تحتاج لإدراكها أجهزة كالتصوير بالأشعة غير المرئية[37]. ومعاينة الأشياء بمسرح الجريمة لا يقصد بها الآثار المادية المتخلفة بالمسرح فحسب، ولكن يضاف إلى ذلك أدوات ارتكاب الجريمة وكل المنقولات الموجودة بمكان الحادث، حتى تعطي المعاينة صورة لكل شيء سواء له علاقة بالموضوع أم لا[38].

وفيما يخص معاينة الأشخاص فيتم معاينة الكيان الطبيعي للشخص، كالصفات البدنية وما يرتديه من ملابس، والحواس الظاهرة كالبصر والسمع، كما تخضع الإصابات بالشخص أيضا  للمعاينة، وكذلك الآثار المادية العالقة بالجسم[39].

ومن غير الجائز استخدام وسائل غير مشروعة من شأنها أن تنتج تغيرات نفسية أو جسمية أو عقلية تؤدي إلى الإضرار بالشخص، فمنها على سبيل المثال وسائل التخدير والحقن بعقاقير ضارة بالجسم ولو كانت تؤدي إلى إفصاح المتهم عن الحقيقة[40].

وطرق إثبات معاينة مسرح الجريمة يكون إما بالكتابة المتضمنة في محضر التحقيق لنقل صورة صادقة للحادث، وبالصور الفوتوغرافية التي تظل مدة طويلة يمكن الرجوع إليها في حالة تغيير أوضاع مسرح الجريمة مثلا، وأيضا بالرسم الكروكي الذي يعتبر مكملا للتصوير الفوتوغرافي ويوضح مثلا المناظر العلوية وقطاعات المباني[41].

أما فيما يتعلق بمدلولات المعاينة فبعضها يتعلق بالجريمة وما يتصل بها وبعضها الآخر يتعلق بشخص الجاني أو الجناة أو الشركاء. وعما يتعلق بالجريمة قد تكون الجريمة وجودا وعدما، وكذلك وقت ارتكاب الجريمة ومكان ارتكاب الجريمة والأداة المستعملة فيها وطريقة ارتكابها[42].

المبحث الثاني: الآثار المادية والأدلة الجنائية بمسرح الجريمة

ان الأثر المادي الذي قد يتركه الجاني في محل الحادث لا يمكن تحديد شكله أو حجمه، فهو يشمل مختلف العناصر الحية أو الميتة، الصلبة أو السائلة أو الغازية كالبقعة الدموية والطلقة النارية الفارغة، الشعر، المواد السامة، قطع القماش الممزقة ونحو ذلك…فكلها تعتبر أساسا مكونا للآثار المادية، سواء أمكن للعين المجردة أن تراها أم كانت في منتهى الصغر حيث لا ترى يتم الكشف عن الأدلة ورفعها في مسرح الجريمة أو من الأدوات المستعملة في اقترافها للحصول عليها نتيجة إخضاع المشتبه فيه أو المتهم أو المجنى عليه للمعاينة والفحص الطبي. فالاعتراف كوسيلة من وسائل الإثبات لم يعد في زماننا سيد الأدلة بل أصبحت الأدلة المادية المستخلصة في إطار ممارسة العلوم الطبية خاصة الطب الشرعي.

ويعتبر علم الادلة الجنائية من أكثر الوسائل استعمالا والأكثر إقناعا وتأثيرا على القاضي.

في هذا الصدد، قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين، سندرس في المطلب الأول المقصود بالآثار المادية و ذكر اهميتها و اصناف الاثر المادي الجنائي و تأمين الأثر المادي بمسرح الجريمة ،و بالمقابل من خلال المطلب الثاني  سنعرف الأدلة الجنائية و نبين قيمتها الإثباتية.

المطلب الأول: الآثار الجنائية المادية بمسرح الجريمة

تعتبر الآثار المادية من أهم الأعمدة التي يرتكز عليها أعمال المختبرات الجنائية والكشف عن الجرائم وعادة ما يكون حل الجريمة عند الجمهور هو مجرد الكشف عن شخصية المتهم وإلقاء القبض عليه لكن الصعوبة والأكثر تعقيدا هي تقديم الأدلة التي تدينه في نظر المحكمة وهي أدلة تستلزم شروطا معينة في تطبيقها ومدى كفايتها ونظام تسلسلها لكي تقنع القاضي بالأدلة وإنزال القصاص بالجاني.

وفي سياق موضوعنا هذا سوف نتناول تعريف الآثار المادية وأقسامها وكذلك أكثرها شيوعا:

* الآثار المادية:

ويقصد بها أي مادة ملموسة تترك بمكان مسرح الجريمة أو الأماكن المتعلقة بها والتي يمكن بواسطتها الربط بين المجني عليهم

والجناة. وهذه الآثار يمكن مشاهدتها بالعين المجردة أو باستخدام أجهزة الفحص المختلفة، وتنقسم الأدلة المادية إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : أدلة بيولوجية.

القسم الثاني: فيزيائية.

القسم الثالث: كيميائية.

وتعتمد نظرية ترك الأثر وعلاقتها بالمجني عليهم والجناة على تأثير التلامس حيث لابد أن يحدث أثناء ارتكاب المجرم لجريمته أن يتلامس مع المحيط أو المجني عليهم وعليه فيتم تناقل الآثار. وهذه النظرية تعرف بنظرية ” لوكارد لتبادل المواد “.[43]

ولما كان لكل جريمة فعل وكل فعل لابد أن يصاحبه حركة ونشاط وتلامس واحتكاك من عناصر هذا الفعل فإن مجال تطبيق هذه النظرية في مجال الجريمة يصبح واضحا. فالجريمة احتكاك واتصال وتلامس من عنصرين رئيسيين:

الأول: هو المجرم وما يحمله من أدوات لارتكاب جريمته.

الثاني: هو مسرح الجريمة وما به من متعلقات

وتطبيقا لهذه النظرية فإن كلا من هذين العنصرين لابد من أن يترك جزء من مادة أو أثر على العنصر الأخر.

وحيث أننا ذكرنا بأن للآثار المادية أهمية قصوى للكشف عن الجرائم، لذا لابد من ضابط مسرح الجريمة أو المسئول عن رفع تلك الآثار أن تتوفر فيه الأساسيات التالية:

  • ذو دراية تامة بأنواع الآثار المادية المختلفة .
  • لديه معرفة مسبقة بإمكانيات المختبرات الجنائية من حيث الأقسام و لتجهيزات وطرق التحليل المتوفرة لدي المختبرات.
  • أن يكون لديه دراية بطرق رفع الآثار المتنوعة والحفظ وشروط الإرسال وبدون هذه الأساسيات المذكورة تكون الآثار المادية غير مفيدة وكذلك يمكن الطعن فيها.

الفقرة الأولى: تعريف الأثر الجنائي وأهميته

كتطبيق لمبادئ الإثبات العلمي بالأدلة المادية ودور الخبرة في هذا المضمار نتناول: مسرح الجريمة ، الذي هو مكان وقوع الحادث، حيث يمكن إيجاد الكثير من الآثار المادية التي تساعد على كشف الجريمة والفاعل الحقيقي، وكذلك ما يتعلق بالضحية.

ونتناول هنا في هذه الفقرة تعريف الأثر المادي والدليل المادي، وأهميتها، والآثار البيولوجية.

اولا: تعريف الأثر المادي:

هو كل شيء تعثر عليه الشرطة أو المحقق الجنائي، أو يدرك بإحدى الحواس، أو بواسطة الأجهزة العلمية، أو المحاليل، في  مسرح الجريمة، أو على جسم الجاني، أو على المجني عليه، أو بحوزتهما، سواء كان :

  • جسما ذا حجم، مثل اَلة حادة، جزءا من ملابس، مقذوفا ناريا. الخ
  • لونا مثل بقع دموية، مني، أصباغ… الخ .[44]
  • شكلاً، مثل بصمات الأصابع، اَثار الحبال حول الرقبة- كما في الخنق و الشنق.

ثانيا :الدليل المادي

الدليل المادي هو ما يستفاد به من الأثر المادي ويتحقق به الثبات، أو هو قيمة الأثر المادي التي تنشأ بعد ضبطه وفحصه فنيا ومعمليا.ً ولذلك، فوجود صلة إيجابية بين الأثر المادي والمتهم دليل مادي على نفي الجريمة. فمثلاً:

  • البقع الدموية: هي أثر مادي، ويقدم لنا فحص فصائل الدم، وبصمة الحامض النووي التهمة عن شخص ما .
  • بصمة الأصابع: هي أثر مادي، ومقارنة البصمات تقدم لنا دليلاً ماديا على ملامسة صاحب البصمة للجسم الذي يحملها .
  • الجروح بالجثة: هي أثر مادي، وفحصها يقدم لنا دليلاً على نوعية الأداة المستخدمة، وضبطها بحوزة المتهم هو دليل مادي ضده .

 

 

أهمية الآثار المادية

للآثار المادية أهمية كبيرة فيما يلي:

-1 كشف الغموض المحيط ببعض النقاط في بداية عملية البحث الجنائي، كالتأكد من صدق أقوال المجنى عليه ، والشهود المشتبه فيهم.

-2     الاستدلال على ميكانيكية وكيفية ارتكاب الجريمة.

-3 إيجاد الرابطة بين شخص المتهم والمجنى عليه ومكان الحادث عن طريق الآثار المادية التي تركها أو انتقلت إليه من مكان الحادث .

– 4     التعرف على شخصية المجنى عليه .[45]

ويشهد الواقع الراهن بأن زيادة الاعتماد على الدليل المادي في العمليات القضائية، الذي يوفره الطب العدلي و العلوم المساعدة الأخرى، هو اليوم أحد معالم الدول المتطورة في مجالات مكافحة الجريمة. المؤسف أنه رغم التقدم الحاصل، وما تمتلكه العالم من تجربة غنية، يعتز بها القضاء، نجد أن البلدان النامية، وبضمنها البلدان العربية، لم تستفد من التجارب المتقدمة، ومازالت تعتمد على الاعتراف، و شهادة الشهود، بشكل كبير، مع أن الخبراء القانونيين يؤكدون بأن رجال القانون ينظرون إلى الاعتراف بحذر شديد، خصوصا شهادة شهود.

الفقرة الثانية: أصناف الآثار المادية بمسرح الجريمة

بعدما تطرقنا إلى ماهية الاثر الجنائي وأهميته في مسرح  الجريمة باعتباره مصدر الدليل المادي والإثبات الجنائي لإصدار الحكم إما بالإدانة أو البراءة في حق الجاني الأصلي للجريمة، فإننا سنتطرق بعجالة لسرد أصنافه التي صُنفت بحسب حجمه إلى اثار صغيرة وأخرى كبيرة، كما صُنف إلى اثار متخلفة عن الجاني، وأخرى عن المجني عليه أو عن الأداة المستخدمة في تنفيذ الجريمة، ومهما اختلفت هذه المحاولات لتصنيف الآثار المادي، فإنه يمكن تصنيفها حسب ظهورها في مسرح الجريمة أو حسب طبيعتها ومصدرها أو حسب حالتها عند الفحص المخبري.

أولا : الآثار بحسب ظهورها في مسرح الجريمة

تنقسم الآثار المادية بحسب ظهورها في مسرح الجريمة إلى آثار مادية ظاهرة وآثار مادية خفية.[46]

  1. الآثار المادية الظاهرة : هي الآثار التي يمكن للمحقق الجنائي أن يدركها بالعين المجردة دون الحاجة لإظهارها بالوسائل العلمية، مثل العدسة المكبرة أو الأشعة أو المواد الكيماوية وغيرها… ولا عبرة بحجم هذه الآثار صغرت أو كبرت متى ما أمكن تمييزها بالعين المجردة، حيث نجدها في صورة مختلفة فمنها الآثار الصلبة كالزجاج أو المقذوفات النارية، ومنها الآثار السائلة كالمواد الكحولية المسكرة أو مشتقات البترول في جرائم الحريق العمدية، وقد تكون لزجة أو لينة كالبقع المنوية وبعض افرازات الجسم الأخرى كاللعاب. [47]
  2. الآثار المادية الخفية : ويقصد بها كل أثر لا يدرك بالعين المجردة، ويتطلب كشفه الاستعانة بوسائل علمية حديثة كالبصمات غير الظاهرة التي يتركها الجاني على أي سطح أو آثار الدم المغسولة من أرضية مسرح الجريمة او من ملابس الجاني والمجني عليه إلخ… وغالبا ما يلجأ إلى الأشعة البنفسجية أو تحت الحمراء أو السينية للكشف عن وجوده، فإن لم يعثر عليها بهذه الوسيلة تستخدم المواد الكيماوية، ومتى تم إظهار هذه الآثار الخفية يُجرى تصويرها ونقلها فورا الى المختبر الجنائي لفحصها.

ثانيا : الآثار بحسب مصدرها وطبيعتها

تنقسم الآثار المادية حسب مصدرها وطبيعتها إلى آثار نادية حيوية وآثار مادية غير حيوية.

  1. الآثار المادية الحيوية : وهي مجموعة الآثار التي مصدرها جسم الإنسان، كإفرازات جسمه مثل العرق، اللعاب، الدم أو آثار أقدامه أو شعره …إلخ.
  2. الآثار المادية الغير الحيوية : وهي كثيرة ومن أمثلتها الملابس، الآلات والأدوات المستخدمة في الجريمة، السلاح الناري، الآليات، الزجاج، إطارات السيارات، آثار المواد كالأتربة…إلخ.

 

ثالثا: الآثار بحسب حالتها عند الفحص

من خلال الفحص المِخبري يمكن استخلاص عدة آثار، فمنها ما يصنف إلى آثار كبيرة، وهي عبارة عن الأجسام التي لا يمكن التخلص منها أو إزالتها كالسلاح، وآثار دقيقة، وهي التي تسقط من المتهم في مسرح الجريمة أو تتعلق به ولا تثير انتباهه ولا يلفت إليها النظر لضآلة حجمها مثل الألياف …إلخ.

ومنها ما يصنف بحسب مكوناتها إلى آثار صلبة أو سائلة أو غازية أو أشعة أو حسب فائدتها في التحقيق حيث يظهر الفحص المخبري للآثار هذه الفائدة والأهمية، والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى تصنيف الآثار الجنائية إلى آثار مباشرة وهي التي تتمثل في محل الجريمة نفسها، وتختلف طبيعتها باختلاف نوع الحادث ففي جرائم القتل تتمثل هذه الآثار في جسم المجني عليه أو السلاح المستخدم، والآثار الغير المباشرة وهي التي يستدل عنها في الربط بين المشتبه فيه وتواجده في مكان الحادث[48].

ويمكن تصنيف هذه الآثار أيضا إلى آثار مصاحبة أو ملازمة، وهي التي تنتقل من مكان الحادث إلى الجاني كالبقع الدموية، وآثار التتبع، وهي التي يتركها الجاني في مكان الحادث ويفيد فحصُها في توجيه البحث عنه وتحديد شخصيته، مثل ما يتركه الجاني من آثار للأقدام والبصمات[49].

+ هذه التصنيفات تختلف وفقا للزاوية التي ينظر من خلالها إلى الاثر المادي، إلا أن هذا لا يؤثر في الآثار المادية من حيث طبيعتها واحتوائها على العناصر المادية التي لا تفنى ولها ذاتيتها مهما اختلف شكلها أو اختلطت بمواد أخرى، بالإضافة إلى أنها تهدف كلها إلى الكشف عن الحقيقة والوصول إلى تحديد هوية الجاني وإثبات التهمة إما بالتأكيد أو النفي[50].

الفقرة الثالثة: تأمين الأثر المادي بمسرح الجريمة

احتياطات تأمين الأثر المادي بمسرح الجريمة الآثار المادية لا تقع تحت حصر ولذلك نلجأ دائما إلى  التعرض لدراسة وتطبيق القواعد العامة على البعض منها، لجعلها نموذجا يحتذى به ويقاس عليه عند التطبيق، فهناك احتياطات عامة تشمل جميع الآثار المادية تبدو في سرعة العناية بالآثار المادية وعدم خلط البعض منها بالآخر، وتمييز الآثار وترقيمها وبيان مكان العثور على كل أثر على حدة، وزمن العثور عليه، تصوير الأثر ووصفه بدقة، وحمايته لحين رفعه من المسرح بصفة خاصة في الأماكن المفتوحة، إلا أن هناك بالإضافة إلى ذلك اجراءات تتبع لكل أثر نذكر منها على سبيل المثال:

  • الآلات المستعملة في ارتكاب الجريمة، عند العثور عليها في مسرح الجريمة لا تلمس إلا بعد رفع البصمات التي عليها ان وجدت، ولا تجرى محاولة لتطابق الآلات على العلامات التي توجد بالمسرح، تلتقط صورمن بعد ومن قرب للآلة التي تم العثور عليها بالمسرح. عدم لمس الزجاجة التي تحتوي مواد كحولية الا بعد رفع البصمات عليها.
  • وبالنسبة لآثار بقع الدم والمني الواقعة على الملابس تجفف في الهواء دون استعمال مروحة، وبمجرد أن تجف البقع تغطى بورقة نظيفة لا تمزق ولا تثني بورق مقوى، في منطقة البقعة، وعند ثني الملابس تبقى منطقة البقعة مسطحة.
  • المستندات: عدم لمسها قبل رفع البصمات التي عليها وتوضع في مظروف وتكتب البيانات على المظروف قبل وضع المستندات فيه.
  • المواد المخدرة: لا تنقل من علبتها أو أغلفتها التي عثر عليها بداخلها، ويحافظ على أربطتها، ويجب اجراء عملية وزن المواد المخدرة، وإذا كانت أقراصا تعد ويسجل الوزن والعد في المحضر ويسرع بتحريز المادة المخدرة .
  • السموم: يجب عدم لمسها حيث ان الخبير هو المختص في رفعها وتحريزها .
  • الطلاء: قد يعثر على آثار الطلاء الجاف في ثنايا ملابس الجاني، وإذا كان الطلاء حديثا لم يجف بعد فعند احتكاك الجاني به يطبع أثر على ملابسه، ويحافظ على الأثر لحين ارساله للمعمل للفحص.
  • مسحوق البارود على الملابس : ترسم دائرة بالطباشير حول منطقة التلوث بالبارود، أما بالنسبة لبقايا الآثار اتي تم العثور عليها بمسرح الجريمة فتطبق عليها الحيطة والحذر عند اكتشافها لتأمينها قبل رفعها وتحريزها وارسالها للمعمل بل أيضا الى حين عرضها على المحكمة وصدور الحكم. .

 

المطلب الثاني : الأدلة الجنائية و قيمتها الإثباتية

سنقسم  هذا المطلب إلى ثلاث فقرات، في الفقرة الأولى سنتطرق من خلالها للحديث عن  الدليل المادي الجنائي والأثر المادي الجنائي، بينما في الفقرة الثانية سنتناول أنواع الأدلة الجنائية، في حين سنخصص الفقرة الثالثة لبيان دور مسرح الجريمة في اعتراف الجاني.

الفقرة الأولى : الدليل المادي الجنائي والأثر المادي الجنائي

لقد كان من نتائج التقدم العلمي والتطور التكنولوجي في العصر الحديث، أن برزت أنماط جديدة من الإجرام لم تكن مألوفة في بناء المجتمعات من قبل، حيث أصبحت منظمة تنظيما محكما، و تنفذ عبر شبكات دولية بواسطة وسائل جد متطورة، لذا كان على الأجهزة العدالة الجنائية مواكبة هذا التطور السريع، عن طريق إدخال وسائل جديدة في عملية البحث و التحري و الكشف عن الجرائم حتى يكون للسياسة الجنائية دور إيجابي و فعال في مكافحة الإجرام، و لاشك أن من بين أهم الوسائل الناجعة في هذا المجال، هو الأخذ بأحدث الأساليب و الطرق العلمية التي ترتكز في أبحاثها و عملها على الوصول إلى الدليل المادي الملموس كأفضل وسيلة لإسناد الجريمة إلى مرتكبيها، و تقديم دليل إدانتهم في إطار من المشروعية.[51]

يمكن تعريف الدليل المادي بأنه حالة قانونية تنشأ من استنباط أمر مجهول من نتيجة فحص علمي أو فني لأثر مادي تخلف عن جريمة، و له من الخواص ما يسمح بتحقيق هويته أو ذاتيته.[52]

كما يمكن تعريف الدليل المادي بأنه هو عبارة عن الأثر المادي الذي يعثر عليه بمسرح الجريمة و الذي تم إجراء جميع الاختبارات أو المضاهاة أو المقارنة الفنية عليه و اكتسب العلامات و المميزات الدقيقة التي تجعل منه دليلا يعتمد عليه في البراءة أو الإدانة، فكل أثر يتركه المشتبه فيه أو يأخذه من مسرح لجريمة أو الضحية و يدل على وقوع الجريمة، بعد فحصه و نسبته إليه يطلق عليه بالدليل المادي.[53]

مثلا البصمة قبل الفحص تعتبر أثرا ماديا عند العثور عليها بمسرح الجريمة، و لكن بعد الفحص و المضاهاة تدل سلبا أو ايجابا على ملامسة المشتبه فيه لجسم أو أداة أو شيء معين.[54]

إن الآثار المادية المتخلفة في مسرح الجريمة تعتبر من المصادر التي يستخلص منها الدليل العلمي، و يقع عبئ البحث عن الآثار المادية على عاتق الخبراء المعمل الجنائي الذين يقومون بفحص تلك الآثار فحصا علميا دقيقا، و عند تحقيق هوية الآثار تبدأ مرحلة تحقيق ذاتية الآثار، و الربط بينه و بين أخر اصطنع معمليا، أو عينات قياسية أخذت من مصادر معلومة و محددة، و استنادا على هذه الأسس يتم تحقيق الدليل المادي الأمر الذي يجعل منه دليلا قائما على أساس من العلم و النظريات المستقرة و الحقائق الثابتة التي تنعكس على صدق ما يقدمه من دلالة.[55]

و يمكن تعريف الأثر المادي بأنه  كل ما يعثر عليه المحقق في مسرح الجريمة و ما يتصل به من أماكن أو في جسم المجني عليه أو ملابسه أو يحملها الجاني نتيجة احتكاكه و تلامسه مع المجني عليه و ذلك بالعثور عليه بإحدى الحواس أو باستعمال الأجهزة العلمية و التحاليل الكيميائية.[56]

في هذا الصدد، أن العديد من الباحثين في مجال الجريمة بصفة عامة، و في مجال البحث الجنائي بصفة خاصة، اعتادوا أن يطلقوا لفظ الأثر المادي و الدليل المادي على ما يتم العثور عليه في مسرح الجريمة أو على الأشخاص أطراف الجريمة من مواد تفيد في تحديد شخصية الجاني و كشف الحقيقة، و نرى أن هذا الاعتقاد فيه خلط في المفاهيم و المعاني و عدم إدراك لحقيقة الأثر المادي و حقيقة الدليل المادي، لأن هناك فرقا جوهريا في النواحي القانونية و الفنية بين الأثر المادي و الدليل المادي.[57]

فنجد أن الدول الأنجلوسكسونية و الولايات المتحدة الأمريكية لا يفرقون بين الأثر المادي و الدليل المادي، حيث اعتادوا على إطلاق لفظ الدليل المادي و الأثر المادي على ما يعثر عليه بمسرح الجريمة أو على الأشخاص المشكوك فيهم من مواد أو آثار تفيد في كشف الحقيقة و تحديد الجناة.[58]

غير أن الأغلبية يفرقون بين الدليل المادي و الأثر المادي، فهذا الأخير هو ما يدرك بالحواس، و متخلف عن ارتكاب الجريمة، سواء كان من الجاني أو المجني عليه أو الأدوات التي استخدمت في الجريمة، أما الدليل المادي فهو الحالة القانونية التي تنشأ عن ضبط هذا الأثر المادي و معالجته فنيا و علميا و مضاهاته أو مقارنته و توجد صلة بينه و بين المتهم بارتكاب الجريمة.[59] فالأول يدل على أطراف الواقعة و علاقتهم بمسرح الجريمة، فكما يدل على وجود المشتبه فيه بمسرح الجريمة يدل كذلك على وجود الضحية و كل من ترك أثرا بمسرح الجريمة شارك فيها أو لم يشارك، أما الثاني فهو ما يتركه المشتبه فيه أو يأخذه من مسرح الجريمة أو الضحية و يدل على وقوع الجريمة.[60]

وبناء على هذا ، يمكن القول أن الدليل المادي يرتبط بماديات وقوع الجريمة ونسبتها إلى مرتكبها ، أما الأثر المادي فهو أعم وأشمل من ذلك ، فكما يستنتج منه إيجاد علاقة بينه وبين الجاني والجريمة ، يوجد أيضا علاقة بين المجني عليه والجريمة ، فمثلا البصمة إذا وجدت في مسرح الجريمة لا تعتبر دليلا وإنما تعتبر أثرا ماديا لصاحبها ، وهذا الأخير إما يكون الجاني أو المجني عليه وقد لا تكون لهذا أو ذاك ولكنها قد تعود لشخص آخر حضر إلى مسرح الجريمة قبل وقوعها ، أو أنها تعود إلى شخص اعتاد الحضور أو التواجد بشكل مشروع في هذا المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة ، فالبصمة إذن تعتبر أثرا ماديا عند اكتشافها ولكن بعد معالجتها فنيا وعلميا ومضاهاتها مع بصمات المشتبه فيه قد ترتقي إلى دليل مادي ، فإن تطابقت أو وجدت علاقة بينها وبين ارتكاب الجريمة تصبح دليل ماديا على ارتكاب الجريمة ، و بذلك يكون الأثر المادي بعد فحصه ومعالجته مصدرا للدليل المادي[61].

الفقرة الثانية : أنواع الأدلة الجنائية

لقد اجتهد غالبية الفقه في وضع تقسيمات و تصنيفات للدليل الجنائي ، حيث تعددت التعريفات وتباين مدلولها باختلاف وجهة نظر الباحثين ، فالبعض منهم قام بتقسيم الدليل بحسب الوظيفة التي يؤديها و الأثر المترتب على دلك ، ونظر آخرون إلى الدليل من حيث صلته بالواقعة المراد إثباتها ، وذهب آخرون إلى تقسيم الدليل بالنظر إلى مصدره ، في حين نظر البعض إلى الدليل من حيث قيمته في الإثبات .

ورغم أن هذه المحاولات ذات طبيعة فقهية جدلية ، إلا أنه من المتفق عليه أن الأدلة الجنائية بجميع تصنيفاتها ، تعتبر أدلة مكملة لبعضها البعض وتخدم هدفا مشتركا ، بحيث تؤدي جميعها إلى حقيقة واحدة هي التعرف على الجاني و إثبات الواقعة بالحجة و البرهان  وعليه سنتعرض ،لأهم هذه التقسيمات للمعرفة و الإلمام بها من الناحية القانونية و الفنية .

أولا : تصنيف الدليل من حيث وظيفته :

يمكن تقسيم الدليل بالنظر إلى الوظيفة التي يؤديها و الأثر المترتب على ذلك إلى ثلاثة أصناف وهي :

  • أدلة الاتهام : هي تلك الأدلة التي متى توافرت لدى المحقق تسمح بتقديم المتهم للمحاكمة أو إقامة الدعوى عليه مع رجحان الحكم بإدانته ، وذلك عن طريق إثبات وقوع الواقعة الإجرامية ونسبتها إلى المتهم .
  • أدلة الحكم : يقصد بها تلك الأدلة التي يقدمها المدعي ليثبت صدق ادعائه ، وهي التي تفيد وقوع الجريمة في المسائل الجنائية و مدى نسبتها إلى المتهم ، وهي التي توضح الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة .
  • أدلة النفي : هي تلك الأدلة التي تسمح بتبرئة ساحة المتهم ، أو بتخفيف مسؤوليته ، وذلك عن طريق نفي وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم أو إثبات توافر الظروف المخففة في جانبه، وهذا النوع من الأدلة لا يشترط فيه أن يرقى إلى حد القطع و اليقين ببراءة المتهم مما أسند إليه من جرم، بل يكفي أن تزعزع تلك الأدلة ثقة القاضي أو تزرع الشك فيما توفر لديه من أدلة الإدانة.

ثانيا : تصنيف الدليل من حيث قيمته الإثباتية :

وضع التشريع الفرنسي القديم تصنيفا للأدلة من حيث قيمتها في الإثبات وربط بينها وبين العقوبة التي يمكن للقاضي الحكم بها وكان هدا التصنيف على النحو التالي :

الأدلة الكاملة : وهي الأدلة التي تلزم القاضي بالحكم بالعقوبة المقررة في القانون إذا توافرت ، وذلك باعتبار أنها كافية لإقناع القاضي و التأثير على حكمه أيا كان

  • اقتناعه الوجداني الخاص وهده الأدلة تشمل : شهادة الشهود ، الدليل الكتابي ، القرينة ، و الاعتراف .
  • الأدلة غير الكافية ( الضعيفة أو الناقصة ) : وهي الأدلة التي من شأنها أن تجعل المتهم في وضع الاشتباه ، وهي تعني توافر دوافع للشك تسمح بفتح باب التحقيق ، ولكن من الممكن أن تكون أدلة مكملة لغيرها تخول للقاضي الاستناد إليها في الحكم[62]

ثالثا : تصنيف الدليل من حيث علاقته بالواقعة المراد إثباتها :

ويقسم الفقه الجنائي الأدلة من حيث علاقتها بالواقعة المراد إثباتها إلى أدلة مباشرة ، وهي التي تثبت بمجرد توافرها بمفردها ( حدوث واقعة ما أو عدم حدوثها ) . وذلك على سبيل القطع الذي لا  يتطرق الشك إلى إثبات عكسه ، ومن أبرزها شهادة الشهود و اعتراف المتهمين وبصمات الأصابع ، التي تثبت ملامسة الشخص للشيء المرفوعة من عليه البصمات . أما الأدلة غير المباشرة فهي التي لا تدل بذاتها على تلك الواقعة و إنما تحتاج إلى أعمال الاستدلال الفعلي و الفحص العميق ، مثال ذلك الشهادة برؤية المشتبه فيه وهو يحوم حول المتجر المسروق قبل اكتشاف سرقته أو الشهادة برؤية المتهم يخرج مع المجني عليه ليلا ، ثم يعثر عليه قتيلا في الصباح ، فجميع هذه الأدلة لا تشير مباشرة إلى ارتكاب المتهم للجريمة ، و إنما تجعل من احتمال ارتكابه لها قرينة قوية.

رابعا : تصنيف الدليل من حيث طبيعته :

تنقسم الأدلة من حيث طبيعة كل منها إلى أدلة قولية ، حيث يقصد بها ذلك النوع من الأدلة الاستنباطية أو الاستقرائية ، التي يدركها العقل أو يستنتجها الفكر من تحليله للوقائع و الظروف أو الدوافع التي تلابس ارتكاب الجريمة ، أو وقوع الحادث أو من واقع الاعترافات و الأقوال المنطوقة ، التي يدلي بها الجناة أو المشتبه فيهم أو التي ترد على لسان شخص ما كالمجني عليه أو الشهود أو المبلغين بالواقعة الإجرامية أو المرشدين ، وهي في مجموعها تعتبر أدلة مجردة لا تستمد من أمور حسية و إنما يتوصل إليها من أمور معنوية غير عادية ، تحتاج إلى إيضاح وجلاء  تحتمل الكثير من التأويل و التفسير و لا تتعلق مع الحقائق المادية الثابتة.

أما القسم الآخر من الأدلة هو الأدلة المادية الناتجة من عناصر مادية ناطقة بنفسها ، و تؤثر في إقناع القاضي بطريق مباشر ، كما أنها تعتبر أقوى أنواع الأدلة و أثبتها في ميدان البحث الجنائي ، و إمكانية إثبات الفعل على الجاني . يقصد بها ذلك النوع من الأدلة المحسوسة، سواء كانت جسما أو مادة أو أي شيء آخر ، يمكن إدراكه بأحد الحواس ويكون له علاقة بالحادث أو الجريمة محل البحث. حيث يمكن أن يساعد في حل غموضها و كشف أسرارها و إلقاء الضوء على شخصية مرتكبيها و طريقة ارتكابهم لها[63].

 

خامسا: من حيث وجود النص الشرعي :

نجدها تنقسم إلى :

  • أدلة قانونية : التي يوجد عليها نص من المشرع كالاعتراف
  • أدلة إقناعية : وهي الأدلة التي تقنع القاضي بارتكاب المتهم للجريمة كوجود بصمة المتهم في مكان الحادث[64].

الفقرة الثالثة : دور مسرح الجريمة في اعتراف الجاني

إن أغلب الجرائم التي تقع في مجتمعنا تخلف وراءها عناصر أساسية ألا وهي : الجاني ، المجني عليه ، أداة الجريمة و مسرح الجريمة ، الذي تنبثق منه كافة الأدلة لكونه بمثابة الشاهد الصامت ، الذي إذا أحسن المحقق استنطاقه حصل على معلومات مؤكدة ، في حين يؤثر كل عنصر من العناصر السابقة للجريمة و يتأثر بالعناصر الأخرى، و بالتالي يأخذ و ينقل آثاره إلى بقية العناصر ، وهي أساس نظرية العالم الفرنسي ادموند لوكارد سنة 1918 التي تسمى بنظرية المبادلة أو نظرية تبادل المواد و التي تعني أنه : ” عند تلامس أي جسمين لبعضهما البعض فإنه يوجد دائما انتقال للمادة من كليهما إلى الآخر ، وأن كل مادة تترك اثرا على الأخرى .” مثال ذلك أنه إذا وضع شخص ما كفه على سطح المكتب في نفس الوقت الذي ينتقل فيه ذرات من التراب أو الغبار من سطح المكتب إلى كف هذا الشخص ، يكون كلا الأثرين دليلا على حدوث هذا التلامس . و بتطبيق تلك القاعدة في إطار البحث و التحقيق الجنائي على مسرح الجريمة ، نجد أن كل عنصر من عناصر الجريمة الثلاثة يترك آثاره المادية على بعضها البعض مشكلا ، بذلك الأدلة المادية الضرورية للتحقيق و بالتالي التوصل إلى الحقيقة.

إذن مسرح الجريمة يلعب دورا مهما من الناحية الجنائية في تبيان وقوع الجريمة و مكان فعلها المادي ، حيث يعتبر المصدر الرئيسي للأدلة المادية المعتمد عليها في إدانة مرتكب الجريمة ، ويساعد أيضا في تحديد الأسلوب الإجرامي ووقت ارتكابه و غيرها من المعلومات ، التي من شأنها أن تفيد سير التحقيق . كما أن لمسرح الجريمة أهمية كبيرة في ما يسمى بإعادة تمثيل الجريمة ، التي يأمر بها قاضي التحقيق في بعض القضايا التي غالبا ما تكون جنايات ، فإن هذه الإعادة تجعل الجاني يعترف بجرمه المقترف.

 

 

 

 

خاتمة:

إن الامتدادات الكثيرة للظاهرة الإجرامية وتقاطعها مع مجموعة الجرائم المستجدة، بموازاة مع شيوع استخدام التقنيات الحديثة في ارتكابها كلها عوامل زادت من إقبال المحققين الجنائيين على تسخير العلم في خدمة التحقيقات الجنائية، من خلال اللجوء باستمرار إلى ذوي الخبرة في مجالات علمية مختلفة، فالتحقيقات الجنائية المزودة بالعلم والتكنولوجيا أضافت قيمة جوهرية مضافة وحاسمة للمحققين الموجهين ببصيرتهم وحدسهم، بحيث يغطي مجال تدخلها حقلا ما فتئ يتسع، يبدأ من مسرح الجريمة الذي يعطي نقطة انطلاق التحقيق الذي يجريه ضابط الشرطة القضائية على وجه السرعة والبحث الجنائي، ويمتد إلى غاية تحليل واستغلال الآثار والقرائن التكوين دليل عند انجاز المحضر في أفق المحاكمة العادلة. وبالرغم من القيود الواردة على مسرح الجريمة إلا أن استغلال الأدلة يوجه المحققين إلى الكشف عن ألغاز القضايا الجنائية، وكذلك الجنحية في بعض الأحيان من خلال تقديم أدلة مادية تعزز الأبحاث الميدانية الواردة في المحضر الجنائي[65].

فالآثار دائما متواجدة بمسرح الجريمة لكن طبيعتها وعددها مرتبطان بنوعية الجريمة وبالسلوك الذي ارتكبه الجاني، ومدى تفاعله مع الفضاء الذي اقترف فيه نشاطه الإجرامي. وذلك استنادا لمبدأ ادموند لوكارد. فمسرح الجريمة يشكل أيضا الحلقة الأضعف في سلسلة التحقيق الاستدلالي، لذلك تكتسي المحافظة عليه والحيلولة دون طمس معالم الجريمة أو إتلاف الآثار المضمنة به. ولفحصه الدقيق أهمية قصوى في تلميع مسرح الجريمة وتحويل الأثار إلى أدلة حقيقية، إلا أن الواقع كون كل مكان وقعت فيه الجريمة يتعرض للتغيير من قبل الأطراف ذات العلاقة بالحدث الإجرامي وبالخصوص الضحية والمجرم، ومن ثمة فان عددا من الآثار و المؤشرات تترتب أوتوماتيكيا عن هذه الدينامية ويظهر لنا من خلال تطرقنا لموضوع مسرح الجريمة والأدلة الجنائية كون الشي الثاني يشن بالأساس على مسألة إثبات الجرائم من خلال الأدلة الجنائية كيفما كانت، وإذا كان الأصل في الإثبات و المبدأ القانوني بالنسبة للقانون الجنائي يخضع لمبدأ حرية الإثبات، الذي يقصد به قبول كافة وسائل الإثبات أمام القاضي الزجري، وهذا لا يعني أن الإثبات في الميدان الجنائي لا يخضع لأية ضوابط بل توجد عادة حدود تقيده وتضبطه حتى يتم قبول الدليل من أجل إصدار أحكام بالإدانة والبراءة، وقد اتضح لنا أنه طبقا لهذا المبدأ القانوني الراسخ، أصبح الدليل العلمي في الآونة الأخيرة يحتل مكانة كبيرة وأهمية بارزة على حساب الأدلة التقليدية، ومع كل هذا فإنه يمكن التأكيد في ختام هذا البحث أن المبدأ الذي سيظل سائدا في المجال الجنائي هو عدم إمكانية حصر الأدلة الجنائية بعدد أو نوع معين فيها، فجميع الأدلة تبقى مقبولة في الإثبات ما دامت قد تم تحصيلها بطرق مشروعة طبقا للقواعد القانونية الخاصة في تحصيلها، ومرد ذلك إلى أن القاضي الجنائي يتمتع بسلطة تقديرية في قبول الدليل المعروض عليه أو استبعاده، وذلك في سبيل تكوين اقتناعه الصميم قبل النطق بالحكم، هذا الاقتناع أصبح اليوم مع ظهور الوسائل التقنية والعلمية الحديثة يسهل على القاضي الجنائي الوصول إليه، وذلك بفضل اليقين الذي توفره هذه الوسائل والدلائل على خلاف باقي وسائل الإثبات الأخرى.

وختاما يجب التأكيد أنه إذا كان مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي، ومبدأ حرية الإثبات في المادة الجنائية، فإنه يجب على المشرع المغربي من أجل تأكيد هذين المداين أن يعيد قراءة فصول و مواد قانون المسطرة الجنائية لتعديل بعض بنودها بما يتماشى مع ما وصلت إليه الدول المتقدمة في مجال التقدم العلمي و التقني مراعيا في ذلك بعض الاقتراحات التي نرى بأنها من شأنها اضافة قيمة مضافة الي المجال الجنائي.

  • تعديل مقتضيات قانون المسطرة الجنائية من أجل تنظيم إجراءات البحث الخاصة بمسرح الجريمة بنوع من الدقة ومراعاة الدقة في المصطلحات
  • افراد باب خاص في قانون المسطرة الجنائية المغربي مدرج ضمن القسم الثاني المتعلق بإجراءات البحث يخص بالذكر الإشارة إلى الأدلة العلمية والتقنية بصفة عامة
  • النص صراحة على قبول إجراء الخبرة الجينية في الإثبات الجنائي وتخصيصها بتنظيم مسطري خاص ودقيق يخضع لضوابط ضرورية من أجل ضمان مصداقية النتائج.
  • تكوين القضاة تكوينا مستمرا في المجال العلمي والتقني من أجل تأهيلهم لمسايرة التطورات العلمية والتكنولوجية الحاصلة في هذين الميدانين.
  • توفير الوسائل التقنية والمادية الكافية لتعامل ضباط الشرطة القضائية مع مسرح الجريمة، والأدلة الجنائية.
  • تفعيل التعاون الدولي في مجال الشرطة العلمية والشرطة القضائية لتسهيل تواصل فيما بين أجهزة الشرطة في العالم.
  • جعل أمر اللجوء إلى الوسائل التقنية والعلمية معمول بها وفقا للنصوص القانونية، وأن يتم اللجوء إليها في حالة إذا تعذر الإثبات بالوسائل العادية .

 

المراجع:

  • د. أحمد بسيوني أبو الروس، الطب الشرعي ومسرح الجريمة والبحث الجنائي، الطبعة الثانية،2008، دار الفتح للتجليد الفني.
  • أسرار مسرح الجريمة وكشف مرتكبيها عن طريق الأدلة المرفوعة منه، ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية، جامعة ابن زهر، أكادير، السنة 8018-2017.
  • خلف عبد العزيز، إجراءات البحث الفني والتقني بمسرح الجريمة، مجلة الشرطة الجزائرية، عدد 07 دجنبر، 2013.
  • د. العميد السيد المهدي، مسرح الجريمة ودلالته في تحديد شخصية الجاني، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض.
  • د. عباس عيسى، الشرطة التقنية والعلمية، مذكرة نهاية دراسته، دورة ضباط الشرطة القضائية، 2010-2011.
  • د. محمد عنب، معاينة مسرح الجريمة، رسالة الدكتوراه، أكاديمية الشرطة، القاهرة، 1988م.
  • د. أحمد بن خليل الله الردادي، معاينة مسرح الجريمة بين النظرية والتطبيق، مشروع استكمالا لمتطلبات الماجستير، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض 1989.
  • د. عبد الفتاح عبد اللطيف الجبارة، إجراءات المعاينة الفنية لمسرح الجريمة، الطبعة الأولى، 2011، دار العامد للنشر والتوزيع، عمان.
  • د.هشام عبد الحميد فرج، معاينة مسرح الجريمة، دار الفرج للنشر والتوزيع، 2016.
  • دة. مونية جنيح، د. أحمد الزعني، تدبير مسرح الجريمة وتحويل الآثار إلى أدلة جنائية، الطبعة الأولى، 2015.
  • الطالب حمزة نجاة، معاينة مسرح الجريمة ودوره في الكشف عن الحقيقة، مذكرو لنيل شهادة الماستر في القانون الجنائي، جامعة البويرة، 2014-2015.
  • محمد أنوار عاشور، المبادئ الأساسية في التحقيق الجنائي، عالم الكتب، القاهرة، 1969.

[1]– أسرار مسرح الجريمة وكشف مرتكبيها عن طريق الأدلة المرفوعة منه، ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية، جامعة ابن زهر، أكادير، السنة 8018-2017، ص1.

[2]– دة. مونية جنيح، د. أحمد الزعني، تدبير مسرح الجريمة وتحويل الآثار إلى أدلة جنائية، الطبعة الأولى، 2015، ص49.

[3]– د. العميد السيد المهدي، مسرح الجريمة ودلالته في تحديد شخصية الجاني، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، 1414ه، ص 28.

[4]– د. العميد السيد المهدي، مرجع سابق، ص.28.

[5]– د. العميد السيد المهدي، مرجع سابق، ص.29.

[6]– د. العميد السيد المهدي، مرجع سابق، ص.31.

[7]– د.عبد الفتاح عبد اللطيف الجبارة، إجراءات المعاينة الفنية لمسرح الجريمة، الطبعة الأولى، 2011، دار العامد للنشر والتوزيع، عمان، ص30-31.

[8]– خلف عبد العزيز، إجراءات البحث الفني والتقني بمسرح الجريمة، مجلة الشرطة الجزائرية، عدد 07 دجنبر، 2013، ص.13.

[9]– خلف عبد العزيز، مرجع سابق، ص.14.

[10]– د. عباس عيسى، الشرطة التقنية والعلمية، مذكرة نهاية دراسته، دورة ضباط الشرطة القضائية، 2010-2011، ص.25.

[11]– د. عباس عيسى، مرجع سابق، ص.26.

[12]– الطالب حمزة نجاة، معاينة مسرح الجريمة ودوره في الكشف عن الحقيقة، مذكرو لنيل شهادة الماستر في القانون الجنائي، جامعة البويرة، 2014-2015، ص22.

[13]-د. محمد عنب، معاينة مسرح الجريمة، رسالة الدكتوراه، أكاديمية الشرطة، القاهرة، 1988م، ص352.

[14]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص71.

[15]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص62.

[16]– د. العميد السيد المهدي، م.س،64.

[17]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص64.

[18]– د. العميد السيد المهدي، م.س،ص62.

[19]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص 66.

[20]– ذة.مونية جنيح، د.أحمد الزعري، م.س، ص 55.

[21]– د.أحمد بن خليل الله الردادي، معاينة مسرح الجريمة بين النظرية والتطبيق،  مشروع استكمالا لمتطلبات الماجستير، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياظ 1989، ص 8.

[22]– ذة. مونية جنيح، د.أحمد الزعري، م.س، ص 56-57.

[23]– ذة. مونية جنيح، د.أحمد الزعري، م.س، ص57.

[24]– ذة.مونية جنيح، د.أحمد الزعري، م.س، ص57-58.

[25]– د.هشام عبد الحميد فرج، معاينة مسرح الجريمة، دار الفرج للنشر والتوزيع، 2016، ص 9.

[26]– د. أحمد بسيوني أبو الروس، الطب الشرعي ومسرح الجريمة والبحث الجنائي، الطبعة الثانية،2008، دار الفتح للتجليد الفني، ص 652.

[27]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص70.

[28]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص71.

[29]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص71.

[30]-د. العميد السيد المهدي، م.س، ص72.

[31]– د. العميد السيد المهدي،م.س،ص72.

[32]– د. العميد السيد المهدي،م.س،ص72.

[33]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص74.

[34]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص78.

[35]– د. محمد عنب، م.س، ص.78.

[36]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص80.

[37]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص.80.

[38]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص81.

[39]– د. محمد أنوار عاشور، المبادئ الأساسية  في التحقيق الجنائي، عالم الكتب، القاهرة، 1969، ص123.

[40]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص83.

[41]– د. العميد السيد المهدي، م.س، ص159.

[42]– د. العميد السيد المهدي، م.س،ص122.

[43] بن لاغة عقيلة، حجـية أدلة الإثبات الجنائية الحديثة، مـذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية الحقوق و العلوم السياسية، جامعة الجزائر1 ،الجزائر

 

[44] محمد أحمد غانم، الجوانب القانونية والشرعية الإثبات الجنائي بالشفرة الوراثية DNA ، دار الجامعة الجديدة، القاهرة، ص12.

[45] وبيد مختار، دور الدليل الجنائي المادي في كشف الجريمة، مذكرة لنيل شهادة الماستر، كلية الحقوق و العلوم السياسية، جامعة سعيدة،، ص9.

[46]  عبد اللطيف عبد الفتاح الجبارة، إجراءات المعاينة الفنية لمسر ح الجريمة، د ط، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، 1111 ،ص29.

[47] فهد إبراهيم الدوسري، ضبط ألاثار المادية و الجريمة و الأبعاد القانونية، بحث مقدم لجامعة نايف للعلوم الامنية، الكويت، د س ن، ص12.

[48]– أحمد أبو الروس:”التحقيق الجنائي والأدلة الجنائية ”  دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2000 ص : 368.

[49]– أحمد أبو الروس:” التحقيق الجنائي والأدلة الجنائية ” المرجع السابق ص : 369.

[50]– مراد عبد الفتاح :” التحقيق الجنائي العملي في الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي” دار مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1989 ص: 272.

[51]حسن أبو الذهب، مشروعية الأدلة العلمية في الإثبات الجنائي و مبادئ حقوق الإنسان، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية – جامعة عبد المالك السعدي ب طنجة، السنة الجامعية 2016 / 2017، صفحة 83.

[52]مونة جنيح، أحمد الزعري، تدبير مسرح الجريمة و تحويل الأثار إلى أدلة جنائية، مطبعة الأمنية – الرباط 2015، الطبعة الأولى، الصفحة 148.

[53]شريف أحمد الطباخ، البحث الجنائي و الأدلة الجنائية، دار الفكر الجامعي – الاسكندرية، 2017 ، الطبعة الأولى، الصفحة 63.

 

[54]شريف أحمد الطباخ، البحث الجنائي و الأدلة الجنائية، مرجع سابق، الصفحة 63.

[55]حسن أبو الذهب، مشروعية الأدلة العلمية في الإثبات الجنائي و مبادئ حقوق الإنسان، مرجع سابق، صفحة 85.

[56]شريف أحمد الطباخ، البحث الجنائي و الأدلة الجنائية، مرجع سابق، الصفحة 57.

[57]حسن أبو الذهب، مشروعية الأدلة العلمية في الإثبات الجنائي و مبادئ حقوق الإنسان، مرجع سابق، صفحة 86.

[58]شريف أحمد الطباخ، البحث الجنائي و الأدلة الجنائية، مرجع سابق، الصفحة 65.

 

[59]حسن أبو الذهب، مشروعية الأدلة العلمية في الإثبات الجنائي و مبادئ حقوق الإنسان، مرجع سابق، صفحة 86 و 87.

[60]شريف أحمد الطباخ، البحث الجنائي و الأدلة الجنائية، مرجع سابق، الصفحة 65.

[61]حسن أبو الذهب، مشروعية الأدلة العلمية في الإثبات الجنائي و مبادئ حقوق الإنسان، مرجع سابق، صفحة 87.

 

[62]حسن ابو الذهب ” مشروعية الأدلة العلمية في الإثبات الجنائي و مبادئ حقوق الإنسان ” م.س ص: 69-70

[63]ذة. مونة جنيح ، أحمد الزعري : ” تدبير مسرح الجريمة وتحويل الآثار إلى أدلة جنائية” م.س ،ص:102-104

[64]د.شريف أحمد الطباخ ” البحث الجنائي و الأدلة الجنائية في ضوء القضاء و الفقه ” م.س ص: 63

[65] عبد الرحمان اليوسفي علوي، مقال حول “الشرطة التقنية والعلمية فاعل أساسي في التحقيقات الجنائية”، مجلة الشرطة عدد 96 فبراير 2013، ص 26

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى