في الواجهةمقالات قانونية

تسريح الأجراء في ظل جائحة كوفيد 19 على ضوء مقتضيات مدونة الشغل

 

تسريح الأجراء في ظل جائحة كوفيد 19 على ضوء مقتضيات مدونة الشغل

 

 

 

ذ/ وردي محمد : محامي متمرن بهيئة الدار البيضاء

 

 

لا شك أن جائحة كوفيد 19 أثرت بشكل سلبي على طرفي العلاقة الشغلية ، حيث لم يسلم من تأثيرها السلبي كل من المشغل و الأجير ،كيف لا يحدث ذلك و المقاولات أصبحت عاجزة أمام كثرة المصاريف و قلة الارباح ،و الاجير أصبح لا يتقاضى إلا نصف راتبه و هو المثقل بتحملات أسرية و اجتماعية كبيرة جدا.

و أمام هذا الوضع لم تجد المقاولات حلا سوى الاستغناء عن أجرائها إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، و ذلك ما سنتاوله من خلال دراسة كل من المادتين 66و185 من مدونة الشغل.

النقطة الاولى: اعتماد المشغل على مقتضيات المادة 66من مدونة الشغل للاستغناء عن الاجير :

إذا ما سلمنا بأن جائحة كوفيد 19 قد أثرت سلبا على نشاط المقاولات فإن هذه الاخيرة قد تجد خلاصها ضمن مقتضيات المادة 66من مدونة الشغل ،في تعطي الحق للمشغل في فصل الاجير أو الاجراء بل وحتى اتخاذ قرار الاغلاق شريطة ان يكون ذلك إما لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية ،حيث جاء فيها

“يجب على المشغل في المقاولات التجارية، أو الصناعية، أو في الاستغلالات الفلاحية أو الغابوية وتوابعها، أو في مقاولات الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، والذي يعتزم فصل الأجراء، كلا أو بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية، أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على الأقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل، وأن يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بالموضوع، بما فيها أسباب الفصل، وعدد وفئات الأجراء المعنيين، والفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل.

ويجب عليه أيضا استشارتهم، والتفاوض معهم من أجل تدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل، أو تخفف من آثاره السلبية، بما فيها إمكانية إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى.

تحل لجنة المقاولة محل مندوبي الأجراء في المقاولات التي يزيد عدد الأجراء بها عن خمسين أجيرا.

تحرر إدارة المقاولة محضرا تدون فيه نتائج المشاورات والمفاوضات المذكورة يوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه لمندوبي الأجراء، وتوجه نسخة أخرى إلى المندوب الإقليمي

المكلف بالشغل”.

 

إن اعتماد المشغل على هذه المقتضيات الواردة في المادة 66من مدونة الشغل يجعله مقيدا بمجموعة من الاجراءات المسطريةالدقيقة و أهمها : إخبار مندوب الاجراء و الممثلين النقابيين داخل المقاولة بعزم المشغل على اتخاذ قرار الفصل في حقهم كلا أو بعضا و مفاوضتهم لايجاد أحسن الحلول التي قد تغنيه عن قرار الفصل أو الاغلاق ،ناهيك على وجوب الحصول على إذن من عامل العمالة أو الاقليم التابع لدائرة نفوذه مقر المقاولة و ذلك بعد تقديم طلب للحصول عليه لدى المندوب الاقليمي المكلف بالشغل .

و على الرغم من كل ذلك فإن المشغل يجد نفسه مجبرا على أداء بعض التعويضات للأجير و هو مايشكل حماية و لو بنسبة محترمة لحقوق الاجير المراد فصله اعتمادا على هذه المادة ، حيث أنه و رغم حصول المشغل على إذن العامل بالفصل أو الاغلاق فإنه من الواجب عليه أداء تعويض عن الفصل و عن أجل الاخطار لفائدة الأجير ،في حين يبقى التعويض عن الضرر مرتبطا بعدم حصول المشغل على الاذن من العامل و صدور حكم قضائي بذلك مع إمكانية اللجوء إلى مسطرة الصلح بشأنه طبقا لمقتضيات المادة 41من مدونة الشغل .

كل ذلك يدفعنا إلى القول بأنه و رغم بشاعة مصطلح الفصل عموما و أثره السلبي على نفسية الاجير فإن ممارسته في إطار المادة 66 من مدونة الشغل تبقى أسلم و احفظ لحقوق الاجير و لو بنسبة صغيرة شريطة احترام الاجراءات المسطرية من قبل المشغل.

فهل يتحقق الامر نفسه قانونا و واقعا في ظل المادة 185 من مدونة الشغل ؟

-النقطة  الثانية: استغلال المادة 185 من مدونة الشغل لفصل الاجير :

إن أول مايثير الانتباه هنا هو إشارتنا لمصطلح الفصل الذي لا وجود له لفظا ضمن مقتضيات المادة 185من مدونة الشغل و هذا مايدفعنا إلى القول بأن الفصل المقصود هنا هو الفصل مآلا لا قانونا و ذلك مايتتحق فعلا و واقعا بالاعتماد على هذه المادة التي جاء فيها”إذا كان المشغل الذي يعتزم التقليص من مدة الشغل العادية يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، وجب عليه أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، قبل أسبوع على الأقل من تاريخ الشروع في التقليص، وأن يزودهم في نفس الوقت بكل المعلومات حول الإجراءات المزمع اتخاذها والآثار التي يمكن أن تترتب عنها.

يجب على المشغل أيضا استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم في كل إجراء من شأنه أن يحول دون التقليص من مدة الشغل العادية، أو يخفف من آثارها السلبية.

تحل لجنة المقاولة محل مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين في المقاولات التي يزيد فيها عدد الأجراء عن خمسين أجيرا.”

فعلى الرغم من الاجراءات المسطرية المتطابقة بين هذه المادة و كذلك ماورد في النقطة الاولى نتيجة إحالة المادة 186 من مدونة الشغل على المادة 67 منها و إضافة إلى الصفة الوقتية و المؤقتة لهذا الاجراء المتمثل في التقليص من ساعات العمل مع وجوب عدم تجاوز ستين يوما سواء متصلة اومنفصلة و إمكانية تخفيض الاجر و جعله يقتصر على ساعات العمل الفعلية شريطة عدم نزوله على نسبة50 في المئة منه و ارتباط الرفع من مدة الستين يوما بالاتفاق بين الاجراء و المشغل و ضرورة اخبارهم بعزمه على القيام بهذا الاجراء قبل اسبوع على الاقل من تاريخ الشروع فيه ،و مفاوضة ممثلي الاجراء لايجاد حلول يكون بإمكانها ان تحل محل التقليص من ساعات العمل و الاجر ،فإن ذلك لايشكل حماية كاملة لحقوق الاجير على الاقل من الناحية الواقعية ، بل إن تأثير جائحة كوفيد 19 يدفعنا إلى القول بوجود فصل واقعي محمي بمقتضيات قانونية خاصة إذا تم احترام كافة الاجراءات المسطرية، كيف لا يتحقق ذلك و نحن اصبحنا امام اجير كان يعاني من جراء تحملاته و هو يستخلص أجره كاملا فما بالك و هو لا يحصل من قيمة أجره إلا على نصفه ، الأمر الذي قد تستغله بعض المقاولات والتي يستمر نشاطها وعملها بشكل عادي بغية التخلص من اجرائها بعدما يتم دفعهم إلى التخلي عن عملهم و بحثهم عن  عمل آخر و في ظروف أفضل .

لذلك فإنه على اللجان الاقليمية التي تمنح الاذن سواء بالفصل أو الاغلاق أو التقليص من ساعات العمل ان تقوم بداية طلبات المشغلين و ان تقف على حقيقة الامور قبل اتخاذها لذلك القرار إضافة الى ضرورة تدخل المشرع و اعتماده على تقنية المعاقبة بنقيض القصد و ترتيبه للجزاء في حالة تخلف الاجراءات المسطرية التي جاءت بصيغة الوجوب .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى