الفرق بين الذكر والأنثى في ضوء مدونة الأسرة والشريعة الاسلامية – لعزيزة ناصري
مقدمــــــــة
خلق الله تعالى الإنسان من ذكر وأنثى وجعل سنته في الأرض أن يكونا زوجين تتكاثر البشرية من نسلهما، بعلاقة فطرية تكاملية أصبحا أثناءها أبا وأما وكونا أسرة من أبناء، ذكورا وإيناثا تفرعت عنهم أسر متعددة، وفي ذلك قال الله عز وجل (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُو))[1]، ورغم اختلاف طبيعتهما فقد جعلهما من نفس واحدة متساويان لا فرق بينهما إلا بما فضل بعضهم على بعض مصداقا لقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً))[2].
غير أن العالم شهد تغيرات واسعة في مجال العلاقة بين مكونات الأسرة، وبدأ يتم اضطهاد الأنثى، وتمييز الذكر عنها، بل وحرمانها من أبسط حقوقها، إلى أن جاء الإسلام فرفع مكانتها وكرمها، وأمر بأن يحسن في معاملتها، وهنا قال رسول الله صل الله عليه وسلم” استوصوا بالنساء خيرا”[3]، وعلى الرغم من ورود آيات قرانية وأحاديث نبوية تدعم فكرة أن البشر كلهم سواسية، فقد ظلت الأنثى تعاني من الاضطهاد الذكوري لدرجة أن قال فيها الفلاسفة ” المرأة ظل الرجل عليها أن تتبعه لا أن تقوده”[4]،
والدول المسلمة بما فيها المغرب ليست ببعيدة عن ذلك كثيرا، فرغم تحسنها بعض الشئ مع الدين الإسلامي في تمتيع المرأة ببعض حقوقها، إلا أ أن النظرة إليها ظلت لا تخرج عن كونها إنسانة لا تقدر على العمل والتفكير في غير شؤون البيت، إلى أن ظهرت حركات الدفاع عن حقوق المرأة ، وتبنت المنظمات مواقفها، من بينها ما جاء في إعلان العالمي لحقوق الأنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه ” يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق”[5] ، ومع اكتساب الحركة النسائية زخما وتأييدا واسعا وانتشارا عالميا ، أعلنت الجمعية العامة أيضا عن اتفاقية تهدف إلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)[6]، وضمان مساواتها مع الرجل في جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.
وانسجاما مع التحولات التي عرفها المغرب في مساره الاجتماعي والديمقراطي والحقوقي فقد صادقا على هذه الاتفاقية سنة 1993، ورافق ذلك تعديل مدونة الأحوال الشخصية في نفس السنة، إلا أنها اعتبرت تعديلات محتشمة ، فاحتد النقاش مجددا حولها مع مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية سنة 1999، إلى أن تدخل جلالة الملك محمد السادس عن طريق تكوين لجنة ملكية لتحضير مشروع شامل لقضايا الأسرة، مبنية على خصوصيات المجتمع المغربي وأحكام الشريعة الإسلامية وكذا الإتفاقيات التي صادق عليها المغرب، وقد كانت حصيلة أعمالها إصدار مدونة للأسرة سنة 2004، تقوم على تكريس المساواة بين الذكر والأنثى في جميع مراحل حياتهما، إلا ما اقتضته طبيعة كل منهما أو ما استلزمته مقاصد الشريعة الإسلامية، وبالتالي تظهر لنا جليا أهمية هذا الموضوع من الناحيتين النظرية والعملية من خلال توضيح المقتضيات القانونية المتعلقة بذلك، وفي بيان المسار الجديد الذي أصبح المشرع المغربي يتجه نحوه في حفظ حقوق المرأة وصون كرامة الرجل وحماية الأطفال ذكورا وإيناثا، من خلال إعطاء كل منهما حقوقا وواجبات بعضها مشتركة وأخرى يختلفان فيها.
بناء على ذلك يمكن طرح التساؤل التالي: ما الفرق بين الذكر والأنثى ؟
تتفرع عن هذا التساؤل بعض الأسئلة الفرعية من قبيل : هل استطاع المشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة تحقيق المساوة بين الذكر والأنثى ؟ وهل تمكن عند سنها من الإنسجام مع مقاصد الشريعة الإسلامية، وتطبيق مقتضيات اتفاقية سيداو؟
للإجابة عن هذه الأسئلة سيتم تقسيم الموضوع إلى مبحثين كما يلي:
المبحث الأول: تأثير رابطة الزواج على الإختلاف بين الذكر والأنثى
المبحث الثاني: نتائج رابطة الزواج على تباين الحقوق والواجبات بين الذكر والأنثى
المبحث الأول: تأثير رابطة الزواج على الإختلاف بين الذكر والأنثى
يخضع تأسيس الأسرة بالمغرب إذا كانت مسلمة للمقتضيات المقررة قانونا في مدونة الأسرة، والتي حددت للكل فرد فيها ما له وما عليه في كل المراحل التي يمر بها في حياته، ووزعت بينهم الأدوار حسبما إذا كانوا ذكورا أو إيناثا، سواء قبل قيام العلاقة الزوجية أو بعد إبرام عقد الزواج الذي قد ينحل بأسباب معينة، تختلف بين كل منهما، وفي حالة غياب نص فقد أشارت المدونة في المادة 400 إلى أنه يرجع إلى الفقه المالكي والإجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساوة والمعاشرة بالمعروف، وسيتم بين هذه الإختلافات من خلال المطلبين التالين سوء قبل إبرام عقد الزواج أو بعده
المطلب الأول: التباين بين الذكر والأنثى قبل وأثناء الزوج
وضع المشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة قواعد قانونية موضحة ومبيينة للحقوق والواجبات الملقاة على عاتق للذكر والأنثى، وكذا الإجراءات الواجب اتخاذها قبل إبرام عقد الزواج أو بعده، سواء عندما تكون الأوضاع هادئة أو نشوء نزاع أو اختلاف بينهما، دون تمييز بسبب الجنس ، سواء في المراحل الأولى التي تسبق عقد زواجهما أو بعد إبرامه، وذلك ما سيتم بيانه في الفقرتين التاليتين
الفقرة الأولى: قبل البنـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
لم يغفل المشرع المغربي تقنين مرحلة مقدمات الزواج انسجاما مع مقومات الأسرة المغربية المحافظة على تقاليدها وأعرافها، والمقصود هنا مرحلة الخطبة التي تسبق الزواج بعد التخير والإنتقاء وتوفر عنصر النية الصادقة الذي لا يعتريه تردد ، كما أكدت على ذلك البند (ب) من المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي نصت على أنه يجب أني يكون للمرأة والرجل “نفس الحق في حرية اختيار الزوج”، ولم تأتي هذه المادة عبثا وإنما لأن المجتمعات خاصة منها الإسلامية كانت ترغم المرأة على الزوج باختيار ولييها ولو دون رضاها، لذلك فإن المشرع المغربي من خلال مقتضيات مدونة الأسرة اعتبر الخطبة في المادة 5 تواعد بين رجل وامرأة، وهو نفس الحكم في دينينا الحنيف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال” لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن”[7]، مع إمكانية صدور المبادرة من كلا الطرفين سواء من الذكر أو الأنثى[8]، ومادام صدرت بإرادتهما الحرة ولازالا في مرحلة الاتفاق فقد سمح المشرع لكليهما بالعدول عنها متى شاء دون أن يترتب عليه أي تعويض، هذا بطبيعة الحال إذا لم يصدر عن أحد الأطراف فعل سبب ضررا للأخر كما نصت على ذلك المادة 7 من مدونة الأسرة، و لكل منهما استرداد ما قدمهم من هدايا مالم يكن العدول عن الخطبة من قبله استنادا المادة 8 من المدونة، وإرجاع المخطوبة أو ذويها حالة الوفاة أو العدول عن الخطبة ،الصداق بعينه إن كان قائما وإلا فمثله أو قيمته يوم تسلمه كما نصت على ذلك المادة من المدونة، وفي حالة استمرار الخطبة فإن رضى الخطيبين يعبر عنه من جديد أمام العدول أثناء إبرام عقد الزواج، عن طريق صدور الإيجاب من أحدهما وقبول الأخر بشكل شفوي[9] وفي مجلس واحد دون أن يتم تقييدهما بأجل أو شرط واقف أو فاسخ[10]، ولذلك فإن اختلالهما أو إذا شابهما إكراه إو تدليس يترتب عن ذلك فسخ عقد الزواج كما نصت على ذلك المادة 12 من مونة الأسرة، وهو نفس الحكم روي عن رسول الله ﷺ حين أتته الخنساء بنت خدام على أن أباها زوجها كرها فرد نكاحها[11].
وإن كانت الخطبة تتم بشكل عرفي بين الطرفين فإن إبرام عقد الزواج إجراء إداري يجب أن يتم وفق القواعد القانونية الشكلية والموضوعية المقررة قانونا، حيث يتطلب فيه كأول شرط ضرورة أن يكون الفتى والفتاة أهلين للزواج ببلوغهما 18 سنة شمسية ومتمتعين بقواهما العقلية، كما نصت على ذلك المادة 19 من مدونة الأسرة، ورغم موافقة هذا المقتضى لما جاءت به المادة 16 من اتفاقية سيداوا في البند (ح) في فقرته الثانية الذي ينص على ضرورة أن تتخذ الدول الأطراف فيها الإجراءات الضرورية لتحديد سن أدنى للزواج، فإن المشرع المغربي استثنى من السن الذي حدد كما سبق الذكر، ما نصت عليه المواد 20 إلى 23 من مدونة الأسرة، ويتطلب أيضا كشرط أساسي أن يكون كل منهما صالحا لأن يعقد على الأخر ، أي ألا يكون ممنوعا عليه الزواج بالأخر مؤبدا أو مؤقتا، فإن كانت الموانع المؤبدة المنصوص عليها في المواد 36 و 37 و 38 من مدونة الأسرة لا فرق فيها بين الرجل والمرأة كلما تحققت أسبابها[12]، فإن الحرمة المؤقتة المنصوص عليها في المادة 39 من المدونة يستقل كل منهما بأسباب تختلف عن الأخر ، فبالنسبة للمرأة يشترط ألا تعقد على رجل وهي لازالت متزوجة أو معتدة ، وألا تعقد إلا على رجل مسلم، كما لا يحق لها أن تتزوج طليقها إذا كانا قد تطلقا ثلاث مرات، إلا إذا تزوجت المرأة غيره وبنى بها بناء شرعيا، مصداقا لقوله عز وجل((الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ))[13] وقال أيضا ((فَإِن طلَّـقـَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ))[14]، أما بالنسبة للرجل يمكنه أن يعدد الزوجات كما سيتم بيانه لاحقا ، ويمكنه أن يتزوج مباشرة بعد الفراق دون عدة، كما يمكنه أيضا أن يعقد على مسلمة أو كتابية، أو التزوج بطليقته ثلاث مرات بعد عدتها من رجل أخر ولو لم يكن قد تزوج غيرها.
فإن كان كل منهما صالح للعقد على الأخر، أنذاك يمكنهما إبرام عقد الزواج بنفسيهما، وهنا يمكن الإشارة إلى موضوع الولاية، ويقصد بهذه الأخيرة السلطة الشرعية التي تعطي لصاحبها سلطة التصرف في الشؤون غير المالية للمولى عليه والمتعلقة بشخصه، ففي الواقع المعيش، نجد أن المرأة المغربية قلما تنفرد باتخاذ قرار الزواج من شخص دون استشارة والدها، ومع ذلك فإن مدونة الأسرة استبعدت الولاية بالنسبة للمرأة، وجعلتها حقا للرشيدة تمارسها كالرجل بكل حرية حسب ما تقتضيه مصلحتها، فيكون لها أن تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها[15] طبقا للمادتين 24 و 25 من مدونة الأسرة، وهو مقتضى يتماشى مع رأي الأحناف الذين ذهبوا إلى أن المرأة البالغة العاقلة يحق لها أن تزوج نفسها سواء كانت بكرا أم ثييبا[16]، ودليلهم في ذلك من الكتاب قوله تعالى ((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ))[17].
وإذا تم الاتفاق على الزواج وتحققت هذه الشروط يلزم الزوج أداء الصداق لزوجته ، كما نصت على ذلك المادة 26 من المدونة، وهو حق للزوجة على زوجها وملك لها، يؤديه وقت إبرام العقد، وهذا ليس مقتضى من ابتداع المشرع لأجل المرأة، وإنما هو حكم شرعي مصداقا لقوله عزوجل ((وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ))[18]، فإن وقع اختلاف حول قبضه فالقول قول الزوجة قبل البناء، وبعد البناء فالقول قول الزوج كما أكدت المادة 33.
وهكذا يتبين أن مدونة الأسرة في التفريق بين الذكر والأنثى قبل إبرام عقد الزواج، قد أسست قواعدها على المساوة بينهما، متبنية ما جاءت به اتفاقية سيداوا بهذا الخصوص خاصة البند (أ)من المادة 16[19] ، استثناء من ذلك ما استلزمته أحكام الشريعة الإسلامية .
الفقرة الثانية: بعـــد البنـــــــــــــــــــاء
بعد إبرام عقد الزاج وتحقق البناء بين الزوجين تترتب مجموعة أثار على الزوجين، كما نصت على ذلك المادة 50 من مدزونة الأسرة، فالسكن النفسي وإسكات صرخات الجسد على صورة مطمئنة ليس وحده مقصد الإسلام من الزواج بل هو نموذج للشمول في العواطف التي تتناسب مع عقيدة الايمان[20]، في تهذيب الغرائز وترويضها وذلك في اطار من المودة والرحمة بين الزوجين ، مصداقا لقول الله تعالى في محكم كتابه (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))[21]،وقد حاول المشرع المغربي من خلال مقتضيات مدونة الاسرة تركيز هذه المفاهيم في جملة من الحقوق والواجبات المتبادلة لا فرق فيها بين ذكر وأنثى ، وسن لكل منهما مسؤوليات تتناسب وما فطر الإنسان عليه، وعلى هذا الأساس تحفظت المملكة المغربية أثناء مصادقتها على اتفاقية سيداو على بعض المواد ، رغم الجدل حول سحب تلك التحفظات إلا أنها استمرت، حيث لم يتم تعديل المدونة طبقا لذلك، ووضحت الحكومة المغربية موقفها كما يلي :”تتحفظ حكومة المملكة المغربية على مقتضيات هذه المادة (أي المادة 16) وخصوصا ما يتعلق منها بتساوي الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج ، وذلك لكون مساوة من هذا القبيل تعتبر منافية للشريعة الإسلامية التي تضمن لكل من الزوجين حقوقا ومسؤوليات في إطار من التوازن والتكامل وذلك حفاظا على الرباط المقدس للزواج”، كما أكد الدليل العملي أيضا في توضيحه لهذه المقتضيات بانها تهدف الى “تحقيق التوازن بين الزوجين داخل الأسرة، حماية لمصالح الاسرة من الطرفين وتعاونهما على ذلك وتوزيع اعبائها عليهما معا بحسب طبيعة وتكوين وأنشطة كل واحد منهم، بعيدا عن التمسك بالرأي الشخصي والتعصب له وإلا الت المساواة إلى حصول هدم للأسرة”[22]، وهنا يتبين أن المشرع لا ينكر أن بين الزوج والزوجة فوارق ترجع إلى طبيعة كل منهما.
ومن بين الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين ما نصت عليه المادة 51، التي تحيل في مجملها إلى مشاركة الزوجين بعضهما تسيير شؤون الأسرة وتبادل الاحترام وغيرها من المبادئ المؤطرة للحياة الزوجية، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه” بمقتضى المادة 51 من مدونة الاسرة، فإن من ضمن الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين المساكنة الشرعية والمعاشرة بالمعروف، وتحملهما معا مسؤولية تسيير البيت و رعاية الأطفال، ولذلك كانت المحكمة على صواب حين صرحت بأن تمسك الطالبة بالإقامة في فرنسا بعيدا عن زوجها المقيم في المغرب وإصرارها على ذلك ، يشكل إخلالا بالالتزامات الملقاة على عاتقها والتي تفرض عليها الإقامة مع زوجها لتحقيق شروط المساكنة الشرعية”[23]،واستنادا المادة 52 أعطى المشرع المغربي الحق لكل من الزوجين في التوجه إلى المحكمة في حال إخلال الطرف الاخر بالالتزامات المشار اليها في المادة 51 من المدونة كما بين نموذج النازلة الصادر بشأنها هذا القرار.
ويرافق البناء بالزوجة اثارا على الأطفال أيضا توجب على الزوجين توفير الرعاية اللازمة لأطفالهما كما نصت عليها المادة 54 من مدونة الأسرة، حسب المهام الموكولة لكل منهما ، وفي ذلك قول عز وجل ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾[24]، فإذا كان الزوج ملزم بالنفقة عليهم وتثبيت هويتهم والحفاظ عليها لحوقا بنسبه، فإن الزوجة ملزمة بإرضاعهم عند الاستطاعة استنادا للفقرة الرابعة من المادة المذكورة لا فرق في ذلك بين الأطفال الذكور والإيناث، غير أنهما يتساويان في أشياء أخرى كحق كل منهما في منح جنسيته لأطفالهما، كما نصت على ذلك الفقرة الثانية من المادة 9 باتفاقية سيداو، وكذا اشتراكهما في موضوع تقرير وقت الفصال فإنه يحق لكل منهما أن يقرر عدد الأطفال والمدة الفاصلة بين الطفل والذي يليه، حسب ما جاء في البند (هـ) من المادة 16 من اتفاقية سيداو، كما يتساوى الرجل والمرأة في منح جنسيتهما لأطفالهما، إضافة إلى ذلك ينشئ عقد الزواج اثارا على أقارب الزوجين كموانع الزواج الراجعة إلى المصاهرة والرضاع والجمع استنادا المادة 55 من مدونة الأسرة كما سبق الذكر.
ونحن بصدد الحديث عن الفوارق بين الذكر والأنثى بعد أن تم ّإبرام عقد الزواج، فإن موضوع الموانع يعيدنا هنا إلى ذكر حق الزوج دون الزوجة في الزيادة على زوجته دون أن يتجاوز اربع زوجات ، غير أنه بخصوص هذا المقتضى اختلفت النصوص القانونية عن أحكام الشريعة الإسلامية التي لم تشترط على الزوج إذا رغب في التعدد أن يتوفر على شروط معينة، في حين أن مدونة الأسرة في ديباجتها بينت أنه تم الالتزام بمقاصد الاسلام السمحة في الحرص على العدل، الذي جعل الحق سبحانه يقيد إمكانية التعدد بتوفره، في قوله تعالى ((فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً))[25] وحيث إنه تعالى نفى هذا العدل بقوله (( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ))[26] فقد جعله شبه ممتنع شرعا، وبالتالي تم ربط التعدد بضرورات قاهرة وضوابط صارمة[27]، نص عليها المشرع في المواد من 40 إلى 46 من مدونة الأسرة، التي أكدت على ألا يأذن به القاضي به إلا إذا توفر المبرر الموضوعي الاستثنائي واشعار الزوجة الأولى بموضوع التعدد والمراد التزوج بها بأن مريد الزواج متزوج، ولا يكون لها حق القبول أو الرفض إلا إذا كانت قد اشترطت ذلك طبقا المادة 42 من المدونة ،في مقابل ذلك لا يأذن للمرأة بالزواج مادامت في علاقة زواج أو عدة أو استبراء كما نص على ذلك البند الخامس من المادة 39 من مدونة الاسرة.
وإذا كان المشرع المغربي في الكتاب الأول المتعلق بالزواج قد أورد أحكاما يخضع لها كل من الذكر والأنثى سواء قبل البناء أو بعده في حرص تام على المساوة إلا ما تستلزمه طبيعة كل منهما، فإنه في مقارنة بأحكام الشريعة الإسلامية حاول تقييد بعض المواضيع حفاظا على مصلحة الأطراف و الأطفال في حالة وجودهم.
المطلب الثاني: تفاضل الحقوق بين الذكر والأنثى عند انحلال ميثاق الزوجية
تبقى الزوجية مستمرة ومرتبة لآثارها المقررة شرعا ، ولا تنتهي إلا استثناء بوفاة أحد الزوجين حقيقة أو حكما، أو بفسخ عقد الزواج عند تحقق حالاته المقررة قانونا، أو بصدور حكم بالتطليق من المحكمة كما نصت المادة 71 من مدونة الأسرة، ولكل من الزوجين بهذه الوسائل التي أقرها المشرع بحسب مصلحته اللجوء إلى المحكمة لإيقاعها، غير أن الفارق بين الزوج والزوجة بشأنها يبرز من حيث أسبابها واثارها حسب من صدرت عنه، وهذا ما سيتم بيانه من خلال الفقرتين التاليتين.
الفقرة الأولى: حالة الانحلال بالوفاة أو الفسخ أو الطلاق
الموت مرحلة يمر بها كل إنسان وحقيقة قد تصيب شريك الحياة الزوجية سواء الذكرا أو الأنثى، لذلك فإن المشرع المغربي لم يغفل الإشارة لها ضمن أنواع انحلال ميثاق الزوجية، غير أن اثارها في ظل أن احد الأطراف توفي سواء حقيقة أو حكما، فانها لا تتجاوز حق كل منهما في الإرث من الأخر بالنصيب الذي حدد له الشرع، أو إذا كان الزوج هو المتوفى يكون للزوجة الحق في صداقها المؤخر من التركة، إضافة إلى عدتها التي تصل إلى أربع أشهر و عشر أيام كما نصت على ذلك المادة 132 من مدونة الأسرة، وسند في ذلك قوله عز وجل (( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير(([28] ، ويقصد بالعدة المدة التي يمنع على المرأة فيها البناء برجل أخر بعد فراقها عن الأول، بخلاف الزوج الذي يمكنه الزواج مباشرة ، وحتى لا يتساءل متسائل عن سبب تمييز الذكر عن الأنثى بهذا الخصوص هنا يمكن العودة إلى الحكمة من تقريرها ذلك أن المرأة هي من أخصها الله تعالى بواقعة الولادة ، فكان لابد من التأكد من براءة الرحم لئلا تجتمع المياه في الرحم وتشتبه الأنساب [29].
وإذا كان إنهاء العلاقة الزوجية بالوفاة من مشيئة الله تعالى، فإن المشرع المغربي حاول من خلال الكتاب الثاني من مدونة الأسرة استنادا المادة 70 التأكيد على أن إنهاء العلاقة الزوجية لأسباب أخرى لا يجب اللجوء إليه إلا استثناء، لأن الأصل فيها الدوام كما نصت المادة 4 ، لذلك ينبغي التريث وعدم التسرع في اتخاذ قرار حل ميثاق الزوجية، غير أنه في بعض الحالات يتعلق الأمر بالنظام العام ومبادئ الشريعة الإسلامية فلا يكون للمشرع إلا اتخاذ القواعد القانونية اللازمة لحل ميثاق الزوجية بقوة القانون، دون اعتبار لإرادة الأطراف، ويتبين من خلا مقتضيات الفسخ المؤطرة بالمادة 77 من مدونة الأسرة، أن الأمر يتعلق بحالة الزواج غير الصحيح سواء كان باطلا أو فاسدا، وكذا بحالة التدليس أو الاكراه المحال عليها بالمادة 12، بالتدقيق في هذه المقتضيات نجد أن المشرع المغربي ساوى بين الرجل والمرأة في الأسباب المؤدية للفسخ، انسجاما مع أحكام الشريعة الإسلامية، استثناء فرق بسيط يتمثل بتحليل المبتوتة المنصوص عليه في البند الثاني من المادة 61 من المدونة، وهذا أمر مسلم به حيث يمنع على الرجل إرجاع المطلقة ثلاثا إلا بعد انقضاء عدتها من زوج اخر بنى بها بناء شرعيا استنادا المادة 127 من المدونة وهو نفس الحكم في الشريعة الإسلامية في قول الله عز وجل ((فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ))[30].
أما في الحالة التي تتم فيها الفرقة بإرادة أحد الأطراف فقد نظمها المشرع في إطار مؤسسة الطلاق، وجعلها تتم في جميع الحالات – سواء تمت بصيغة اللفظ أو الكتابة أو الإشارة الدالة عليه كما نصت المادة 73 من مدونة الأسرة – أمام المحكمة بعد إشهاد العدلين عليه، غير أن هذا المقتضى اقتصر على الصيغة ولم يشر إلى حالة الطلاق الشفوي المأخوذ به شرعا من الزوج دون الزوجة فإذا قال الرجل لزوجته أنت طالق أو قد طلقتك، وقع الطلاق [31]، وبشأن الثلاث فلا تقع إلا واحدة استنادا لنص المشرع في المادة 92 من مدونة الأسرة، والسند الشرعي في ذلك ماقاله الإمام مسلم أن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله ﷺ وأبى بكر وسنتين من خلافة عمر طلاقا الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم”[32]، كما لم يحدد المشرع وقت الطلاق الذي يعتبر محرما والمرأة حائض حيث رد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله ﷺ فسأل عمر بن الخظاب رسول الله ﷺ عن ذلك فقال رسول الله ﷺ (( مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بها وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق بها النساء))[33].
وإذا كان المشرع المغربي قد جعل الطلاق حق للزوج والزوجة استنادا المادة 78 من مدونة الأسرة ، فإنه بالعودة إلى الفقه نجد أغلب العلماء اتفقوا على أن الطلاق حق خالص للزوج ولا دخل للزوجة أو القضاء في ذلك، واستندوا في ذلك على مجموعة من النصوص الشرعية من بينها قوله عز وجل (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)) وقوله ((ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ))، فاستنادا لهذه النصوص وغيرها دلالة على أن مالك الطلاق هو الزوج ويرجع ذلك حسب تفسير الفقهاء إلى أن الرجل أكثر إدراكا وتقديرا لعواقب هذا الأمر ولا يتأثر برغبة عارضة أو غاضبة [34]، نظرا لما يتحلى به من ضبط لمشاعره وانفعالاته ، غير أنه استجابة للحركات النسائية التي كانت تعتبر ذلك إجحافا في حقها ، أصبح انحلال ميثاق الزوجية يمارسه الزوج والزوجة كل حسب شروطه ولكن تحت رقابة القضاء.
من جهة أخرى وبعد قراءة مواد القسم الثالث -المعنون بالطلاق – من الكتاب الأول نجد المشرع على الرغم من ذلك يميز بين الزوج والزوجة، انطلاقا من أول اجراء يتم القيام به لإيقاع الطلاق، ويتعلق الأمر بطلب الإذن من المحكمة المختصة وفق الترتيب الوارد في المادة 79 من المدونة كما يلي بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج، وترجع ضرورة احترام هذا الترتيب لتجاوز التعسف الذي كان يمارس من طرف الأزواج في ظل مدونة الأحوال الشخصية، و يبدو أن هذا الترتيب يصب في مصلحة الزوجة أكثر من الزوج، وقد يرجع ذلك إلى ما يعرفه حال المجتمع المغربي ، حيث أن الطلاق بمجرد ما تظهر أسبابه تكون الزوجة قد غادرت بيت الزوجية، وقد يكون معها رضيع أو يتطلب تنقلها من مكان لاخر وجود أهلها معها[35] إضافة لذلك أوجب المشرع تضمن طلب الإذن بجملة من المعلومات استنادا المادة 80 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه ” يتضمن طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق، هوية الزوجين ومهنتهما و عنوانهما وعدد الأطفال إن وجدوا، وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي. يرفق الطلب بمستند الزوجية والحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزماته المالية”، حيث يظهر هنا أنهما متساويان في كل العناصر استثناء عن ذلك ضرورة إرفاق الطلب بما يبين وضعية الزوج دون الزوجة، ويرجع هذا التمييز إلى كون الزوج يلزم بإيداع مستحقات الزوجة والأطفال إن وجدوا.
بعد تقديم الطلب تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة الصلح استنادا المادة 81 من مدونة الأسرة، ويظهر هنا بعض الإختلاف يتمثل في تبليغ الإستدعاء حيث يتم ذلك وفق الطرق العامة المنصوص عليها في ق م م في الفصول 37 و 38 و 39 لكلا الزوجين، غير أنه إذا لم يحضر الزوج يعتبر منه تراجعا عن الطلاق، بينما إذا لم تحضر الزوجة يتم إخطارها مجددا بواسطة النيابة العامة، ويعتبر بعض الفقه أن هذا يعتبر حيفا في حق الزوج[36]، بل إنه إذا تبين أن الزوج تحايل في تقديم العنوان تطبق عليه أحكام الفصل 361 من القانون الجنائي
أما إذا حضر الطرفان فيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للإصلاح بينهما، إن تم الاصلاح حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة استنادا المادة 82 من م.أ، وإن تعذر ذلك تحدد المحكمة مبلغا للزوج يجب أن يقوم بإيداعه بكتابة الضبط داخل أجل لا يتجاوز ثلاثين يوما وإلا اعتبر متراجعا، وهنا نجد نقطة اختلاف واضحة حيث يلزم الزوج بإيداع مستحقات مستحقات الزوجة والأطفال كما نصت عليهما المادتين 84 و 85 من م.أ.
بناء على ذلك يتم انحلال رابطة الزوجية بالطلاق بناء على طلب من الزوج، أما بالنسبة للزوجة إذا أرادت إيقاع الطلاق على زوجها فيكون لها سلوك مسطرة التمليك إذا كان الزوج قد ملكها إياه استنادا المادة 89 من م.أ التي تنص على أنه “إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق، كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و80″، يبين أن الزوجة لا حق لها في إيقاع الطلاق إلا إذا كان الزوج قد ملكها إياه، وذلك لأنها تستفيد من جميع المستحقات التي كانت ستحصل عليها لو وقع الطلاق بطلب من الزوج، الفارق هنا إذن هو أن الطلاق للزوج كأصل وللزوجة بشرط، وأن تحديد المستحقات يلزم به الزوج دون الزوجة، و يتم بعد الإشهاد بالطلاق وليس قبله كما هو الحال إذا كان الزوج هو المطلق، وغاية المشرع من هذا الاختلاف بين المقتضيين هو أن الزوج قد يكون رافضا للطلاق وبالتالي يتقاعس في أداء المستحقات مما قد يبقي الملف متوقفا على إرادته وهذا مخالف لرغبة الزوجة ولهدف المشرع من هذا المقتضى،[37]مع الإشارة في الأخير إلى أنه لا يقبل طلاق السكران والمكره والغضبان، وكذلك من يوقعه بناء على حلف بالحرام أو اليمين، أو الطلاق المعلق على شرط واقف أو فاسخ كما نصت المواد من 90 إلى 93 من م.أ، ويتبين من صياغة المصطلحات التي تمنع هذا النوع من الطلاق أنها عامة ولا تحيل إلى ضمير الذكر أو الأنثى مما يعني معه أنها قواعد تنصب عليهما معا.
الفقرة الثانية: حالة انحلال رابطة الزوجية بالتطليق أو الاتفاق أو الخلع
يظل احتمال تفكك رابطة الزوجية واردا رغم عناية الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية بها من كل مناحيها، لذلك فإن المشرع المغربي محاولة منه لإحقاق التوازن بين حقوق المرأة والرجل وسد حالة رفض الرجل تمليك المرأة الطلاق أقر بوسائل أخرى قد تلجأ إليها الزوجة مع تمكينه من بعضها في بعض الحالات، ويتعلق الأمر بمؤسسة التطليق التي يتم التوجه بموجبها إلى القضاء لطلب التطليق من الطرف الاخر لأسباب تبرره، وقد ميز فيه المشرع بين التطليق للشقاق والتطليق لأسباب أخرى، أما بالنسبة للأول فإنه يعتبر حق للزوج والزوجة استنادا المادة 94 من م.أ التي تنص على أنه “إذا طلب الزوجان أو أحدهما من المحكمة حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق[38]، وجب عليها أن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين طبقا لأحكام المادة 82″، يتضح إذن أن التوجه للمحكمة في البداية لا يرمي إلى طلب إنها العلاقة الزوجية، وإنما إلى طلب تدخل القضاء لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على تماسك الأسرة، وتعبر هذه المقتضيات من المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة مستندة في ذلك إلى قول الله عز وجل ((وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا))،[39] والقضاء بدوره صدرت عنه عدة قرارات بهذا الشأن من خلال تفعيله للمقتضيات التي أقرها المشرع، من ذلك ما صدر محكمة الاستئناف بالعيون التي قضت بما يلي: ” حيث أنه بالرجوع إلى وقائع النازلة نجد أن والدة المستأنف عليه رفض الصلح، كما أن المستأنف عليها بينت بأن هناك مشاكل مع زوجها وعدم تفاهمهما، مما يجعل يبين استحالة استمرار الزوجية، وحيث إنه تبعا لذلك يتعين إلغاء الحكم الابتدائي وإرجاع الملف إلى المحكمة مصدرته للبت فيه طبقا للقانون”[40]، وكما هو الشأن بالنسبة للطلاق فإن التطليق تترتب عنه نفس الاثار حيث يلزم الزوج بإيداع مستحقات الزوجة والأطفال إن وجدوا استنادا المواد 83 و 84 و85 من م.أ المحال عليها من المادة 97 من نفس القانون ، أما إن صدر عنها فنفس الفوارق كما سبق الذكر في الطلاق بالتمليك.
وبخصوص حالات التطليق الأخرى فقد أجملها المشرع في المادة 98 من م.أ التي نصت على أنه للزوجة طلب التطليق بناء على أحد الأسباب الآتية : 1‑ إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج، 2 – الضرر، 3 -عدم الإنفاق، 4 – الغيبة، 5- العيب، 6 – الإيلاء والهجر، يتبين من هذه الأسباب أن المشرع المغربي استهل المادة بأن “للزوجة”، في إحالة منه أن هذه الأنواع الأخرى من التطليق حق للزوجة دون الزوج، وهي أسباب مذكورة على سبيل المثال لا الحصر خاصة أن المشرع نص على حالات أخرى للتطليق في مواد متفرقة، كما هو الشأن للتطليق بسبب رفض الزوجة الموافقة التزوج عليها استنادا المادة 45، أو بسبب اعتقال الزوج أكثر من سنة استنادا المادة 106[41]، من جهة أخرى فالإخلال بشرط من الشروط الإرادية المتفق عليها طبقا المادة 47 من المدونة، ليست موجبة دائما للتطليق، على اعتبار أن المشرع نص في المادة 48 من المدونة على إمكانية الإعفاء منها أو تعديلها حال كان تنفيذها العيني مرهقا لمن التزم بها، لذلك يكون على المحكمة التأكد من مشروعية الشرط ومن عدم وجود ظروف قاهرة تمنع من تنفيذه، أما بالنسبة للضرر فقد نص عليه بصياغة تستطيع احتواء صور عديدة للإضرار قد تكون مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الإستمرار في العلاقة الزوجية مما يخولها بعد التمكن من إثباته استنادا المادة 100 من المدونة، وقد صدرت قرارات عن محكمة النقض سمحت بموجبها بالتطليق للضرر من بينها نذكر ما يلي: “اتهام الزوج لزوجته بالزنى يعد إضرارا بها يحق لها أن تطلب التطليق منه”[42] ، إضافة إلى حق المطالبة بالتطليق الحصول على تعويض استنادا المادة 101 من مدونة الأسرة، على أن هذا الأخير لا يمس بالمستحقات المنصوص عليها في المادتين 84 و 85 من المدونة، أما بخصوص عدم الإنفاق والغيبة تتخذ المحكمة الإجراءات اللازمة للتاكد من صحة ادعاءها ثم تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المواد 102 إلى 105 من المدونة حسب كل حالة، ونشير إلى أحد القرارات التي قضت بأن”عجز الزوج عن إعداد بيت الزوجية وزيارته لزوجته التي توجد خارج المغرب، والتي لم تستطع تهييئ أوراق الإقامة له معها في ألمانيا لسبب خارج عن إرادتها يجعل ما قضت به المحكمة من تطليق الزوجة للضرر مرتكزا على أساس”[43].
وإذا كان المشرع في الأسباب السابقة خول حق التطليق للزوجة فقط فإنه في التطليق للعيب سمح به لكل منهما، واعتبر عيوبا مخولة لطلب إنهاء رابطة الزواج العيوب المتعلقة بالمعاشرة الزوجية أو الأمراض الخطيرة على حياة الزوج الأخر أو على صحته والتي لا يرجى شفاءها داخل أجل سنة استنادا المادة 107 من م.أ، والمشرع هنا وضع معيارا عاما للعيوب ليترك المجال مفتوحا للقضاء لتدارك أي جديد في الموضوع مع مرعاة التطور العلمي والطبي، وقد انجم ذلك مع ما يراه الفقه المالكي بهذا الخصوص حيث إنه ليس كل عيب صالح لطلب التفريق بين الزوجين ، حيث هناك بعض العيوب يمكن الإعتماد عليها إن كان من شأنها عدم تحقيق الهدف من الزواج[44]، وذلك شريطة ألا يكون طالب التطليق عالما بالعيب حين العقد، وألا يصدر منه ما يدل على رضاه به بعد العلم بتعذر الشفاء، ونشير هنا إلى قرار محكمة النقض التي قضت بأن ” .الطاعن مصاب بالعنة والمستأنف عليها تضررت من ذلك، لهذا يتعين تليقها منه…وبلتالي فإن القرار…جاء معللا تعليلا كافيا”[45]، وهي مقتضيات تشملهما معا استثناء ما يتعلق بالصداق حيث نص المشرع في المادة 110 أن الزوج إذا كان عالما بالعيب ومع ذلك أبرم عقد الزواج ثم طلق قبل البناء يكن عليه نصف الصدق، أما إذا لم يكن عالما إلا بعد إبرامه فلا صداق عليه كما نصت على ذلك المادة 109 من مدونة الأسرة.
وبخصوص التطليق بسبب الإيلاء أو الهجر فقد قال فيه عز وجل ((لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))[46]، وهو ما سار عليه أيضا المشرع المغربي في المادة 112 من مدونة الأسرة، ولم ينص على الحالة المقابلة لها حالة رفضها جماع زوجها، إلا أنه في جميع حالات التطليق يتبين أن أغلبها على مستوى الواقع قد تصدر عن الزوجة أيضا كما هو الشأن بالنسبة للإخلال بشروط الزواج والضرر الذي أدرج ضمنه الفقه والقضاء أيضا السب والشتم وغيرهم من السلوكات المشينة.
ومن بين المستجدات أيضا التي جاء بها المشرع بخصوص انحلال ميثاق الزوجية، ما يتعلق بالطلاق الاتفاقي، وهو مقتبس من القانون الفرنسي[47] حيث لا وجود له عند الفقهاء الذين تطرقوا إلى التراضي على الطلاق[48]، ويعتبر الفقه في المغرب أنها أفضل طريقة لتنفيد قوله تعالى ((فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ))[49]، وهو حق لكلا الزوجين حسب نص المادة 114 من المدونة، ، فإذا كان هذا النوع من الطلاق مستمد من قوانين وضعية أجنبية، فإن النوع الاخر المتعلق بالطلاق بالخلع رغم أنه في محتواه يتم بالاتفاق والتراضي بين الزوجين ، فإنه مستمد من الشريعة الإسلامية، مصداقا لقوله تعالى ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ))[50]، وهو ما أكده المشرع في المواد من 115 إلى 120 من م.أ، حيث سمح للزوجة أن تتفق مع زوجها على إيقاع الطلاق مقابل عوض تدفعه له، وهي فارق فاصل بين الزوج والزوجة، وبخلاف الإجراءات التي اتخذها المشرع مع الزوج بشأن اعتباره متراجعا إذا لم يودع المبلغ خلال مدة معينة، بل والزمه بها حتى لو كان قاصرا، فبالنسبة للزوجة لم ينص على ذلك، ولم يلزمها ببذل مقابل الخلع إلا بموافقة نائبها الشرعي إذا كانت دون السن الرشد، ويرجع ذلك لاعتبار الطلاق من الأمور الشخصية التي خولها لها المشرع استنادا المادة 22 من م.أ، بينما مقابل الخلع من الأمور المالية التي لا تتم إلا برعاية نائبها الشرعي[51] ، وفي ذلك نصت محكمة النقض في أحد قراراتها “…التي دون سن الرشد إذا خولعت وقع الطلاق ولا تلزم ببذل الخلع إلا بموافقة ولي المال”[52].
وفي جميع الحالات فإن انحلال ميثاق الزوجية يرتب على الزوج والزوجة مجموعة من الاثار تختلف حسب أنواعها، فالطلاق الذي يوقع الزوج يكون دائما رجعيا استثناء من ذلك المكمل للثلاث، أما الطلاق الذي توقعه الزوجة بالتمليك أو بالاتفاق أو بالخلع، فهو بائن استنادا المادة 123 من م.أ ، إضافة إلى كل طلاق يوقعه القضاء فهو بائنا كذلك كالتطليق والفسخ استنادا المادة 122 من م.أ، وينبغي الإشارة ونحن بصدد الأثار وعلاقتها بالفوارق بين كل من الذكر والأنثى أن هناك شبهات مثارة حول عدم صلاحية الفقه الإسلامي للعصر الحديث في موضوع عدة المرأة بعد فراقها عن زوجها، حيث يتحججون بالمساوة المطلقة بينها وبين الرجل حتى في ذلك، ويقولون أن غايتها المتعلقة ببراءة الرحم لم تعد معتبرة في وقتنا الحالي نظرا للتطور الذي يعرفه ميدان الطب بهذا الخصوص، غير أنه في الرد على هذه الشبهة قال الدكتور المصري إن “الدراسات الحديثة أثبتت أن ماء الرجل يحتوي على 62 نوعا من البروتين وأن هذا الماء يختلف من رجل إلى آخر فلكل رجل بصمة في رحم زوجته، وإذا تزوجت من رجل آخر بعد الطلاق مباشرة، قد تصاب المرأة بمرض سرطان الرحم لدخول أكثر من بصمة مختلفة في الرحم، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن أول حيض بعد طلاق المرأة يزيل من 32 في المئة إلى 35 في المئة، وتزيل الحيضة الثانية من 67 في المئة إلى 72 في المئة منها، بينما تزيل الحيضة الثالثة 99.9 في المئة من بصمة الرجل، وهنا يكون الرحم قد تم تطهيره من البصمة السابقة وصار مستعدا لاستقبال بصمة أخرى”،وأضاف قائلا: “أما عن عدة المتوفي عنها زوجها في قوله تعالى: ((والذين يتوفون منكم ويذرون أَزواجا يتربصن بأَنفسهن أَربعة أَشهر وعشرا)) فقد أثبتت الأبحاث أن المرأة المتوفى عنها زوجها يحزنها عليه وبالكآبة التي تقع عليها هذا يزيد من تثبيت البصمة لديها وقالوا إنها تحتاج لدورة رابعة كي تزيل البصمة نهائيا، وبالمقدار الذي قال عنه الله عز وجل أربعة أشهر وعشرا”[53]،وهي نفس المقتضيات التي أرها المشرع المغربي في باب العدة من الفصل 129 إلى الفصل 136 من م.أ، مع العلم أن المرأة لا تعتد قبل البناء مصداقا لقوله تعالى ((إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا))[54].
وفي ختام الحديث عن الذكر والأنثى في ما يتعلق بانحلال ميثاق الزوجية فلابد من التذكير أن المشرع المغربي عودة لما سبق ذكره بخصوص تحفظه على البند (ج) من المادة 16 المتعلق باتفاقية سيداو فقد أشارت حكومة المملكة المغربية إلى “أنه عند فسخ عقد الزواج فإن الزوج ملزم بأداء النفقة عكس ذلك تتمتع الزوجة بكامل الحرية في التصرف في مالها أثناء الزواج وعند فسخه، دون رقابة الزوج، إذ لا ولاية للزوج على مال زوجته، ولهذه الأسباب لا تخول الشريعة الإسلامية حق الطلاق للمرأة إلا بحكم القاضي”[55].
المبحث الثاني: نتائج رابطة الزواج على تباين الحقوق والواجبات بين الذكر والأنثى
يترتب عن رابطة الزواج سواء أثناء قيامها أو بعد انحلالها مجموعة من النتائج بين الزوجين وأطفالهما، تختلف بحسب المهام والأدوار الموكولة لكل منهما، بل إنها تتفاوت أحيانا بينهما، فتكون لأحدهما دون الأخر، ويهدف ذلك أساسا لتحقيق المصلحة والتوازن في توزيع المهام كما سنبين في الفقرتين التاليتين
المطلب الأول: النتائج المترتبة على الذكر
يترتب على الزواج بين رجل وامرأة خاصة بعد ولادة الأطفال مجموعة من النتائج، يكون بعضها للذكر الحق فيها دون المرأة، كما هو الشأن بالنسبة لنسب الأبناء الذي يلحق به مباشرة بعد تحقق بنوتهم الشرعية له، مما يعطيه الحق أيضا في النيابة عليهم بالأولوية عن الأم، وهو ما سيتم بيانه فيما يلي من الفقرات، غير أن اعتبار البنوة والنيابة من النتائج المترتبة على الذكر لا يعني أن المرأة ليس لها نصيب فيهما، بل إنه لضرورة إبراز النقط الأكثر تباينا لدى كل منهما عن الأخ
الفقرة الأولى: البنوة والنســـــب
يعتبر موضوع النسب أحد المواضيع ذات البعد المعاصر وهذا لا يعني أن الشريعة لم تثرها، فقد ذكرها الله عز وجل في محكم كتابه في سورة الفرقان في قوله ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا))[56] ، بل إنها اهتمت به وجعلت حفظ النسل والعرض غاية مباشرة له، ولذلك وصفه المشرع المغربي بأنه لحمة شرعية بين الأب وولده تنتقل من السلف إلى الخلف كما نصت على ذلك المادة 150 من م.أ، مما يحيل مباشرة أن الحديث عن النسب لن يكون إلا بتحقق بنوة بشروطها الشرعية المنصوص عليها في المواد من 142 إلى 149، فارتباطا بالأب لا تتحقق هذه البنوة إلا بتنسله منه وتحقق أسباب نسبه إليه المنصوص عليها في المادة 152 من المدونة التي حدد حالات بدونها لن ينتسب الابن لأبيه وتتمثل في الفراش، الٌإقرار ، الشبهة، ويتبين من هذه الأسباب أنها نتيجة مباشرة لعدم ترتيب البنوة غير الشرعية أي أثر بالنسبة للأب كما نصت المادة 148 من المدونة، وفي ذلك قال رسول الله ﷺ “الولد للفراش وللعاهر الحجر”[57]، “، غير أنه إذا تعلق الأمر بولد مجهول النسب وثبتت بنوته بالاستلحاق أو بحكم قضائي فإنه يأخذ صفة الابن الشرعي بالنسبة لأبيه في نسبه ودينه وتترتب عليه جميه الاثار الناتجة عن البنوة الشرعية من موانع الزواج بالمصاهرة والرضاع، وتستحق به نفقة القرابة والإرث كما نصت على ذلك المادتين 145 و 157 من مدونة الأسرة، وارتباطا بالشريعة الإسلامية أورد علماءنا أحد القصص في عهد النبي ﷺ متعلقة بقضية عتبة مع عبد بن زمعة في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد ابن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة ابن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى شبهه فرأى شبهًا بينًا بعتبة فقال: “هو لك يا عبد الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة”، فلم تره سودة قط، وقد حكم النبي ﷺ بنسب الولد للفراش لأنه أمر ظاهر، والشبه أمر ظني محتمل فلا يقوى علـى معارضة الفراش، ومع ذلك فقد احتاط النبي فرتب على الشبه حكما، وهو احتجاب سودة عنه[58]، في مقابل ذلك حرم التبني في الشرع والقانون استنادا المادة 149 من مدونة الأسرة ، وفيه قال عز وجل ((مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ))[59]، وقد نـزلت هذه الاية عندما على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تبنيه زيد بن حارثة.
وخلافا للرجل كأب فالمرأة لتتخذ صفة الأمومة لأبناءها يشترط فيها فقط تحقق الشروط المنصوص عليها في المادة 147 من م.أ التي تنص على أنه “تثبت البنوة بالنسبة للأم عن طريق:
واقعة الوالدة-
إقرار الأم طبقا لنفس الشروط المنصوص عليها في المادة 160-
صدور حكم قضائي بها-
تعتبر بنوة الأمومة شرعية في حالة الزوجية والشبهة والاغتصاب”
ويتبين من هذه الشروط أنها لاتأخذ بالفراش كسبب للاعتراف لها ببنوة وليدها، وبالتالي سواء نتج الوليد عن علاقة شرعية أم لا، فإن البنوة تظل اثارها نفسها بالنسبة للأم، استنادا المادة 146 من المدونة، ومادام أن المشرع وضع لكليهما نفس الشروط لإثبات البنوة والنسب بالإقرار في المادة 160 بالنسبة للأب المحال عليها من المادة 147 بالنسبة للأم، فإن الفاصل بينهما هو واقعة الولادة التي تعد دليلا قويا بالنسبة للأم خلافا للرجل الذي قد تدعي المرأة انتساب إبن إليه .
الفقرة الثانية: النيابة الشرعية
النيابة الشرعية نظام أقرته الشريعة الإسلامية ونظمته القوانين الحديثة، يهدف بالأساس إلى حماية أموال القاصر واحيانا أمورهم الشخصية أيضا، ويقصد بالنيابة الشرعية السلطة التي أقرها القانون لشخص على شخص وأموال أشخاص بسبب قصور في أهليتهم أو لظرف حال، بموجبها يقع على النائب الشرعي واجب الرعاية والحفاظ على مصالح الأشخاص الخاضعين لها، والحديث عن النيابة الشرعية هنا يحيل مباشرة إلى وجود طرفين، أحدهما محجور عليه قانونا أو قضاء بسبب هذا الظرف، والأخر نائب عنه في ممارسة شؤونه، وتتمثل حالات القصور هذه في نقصان الأهلية المتمثلة في الصغير المميز والسفيه والمعتوه استنادا المادة 213 من مدونة الأسرة، أو في انعدام الأهلية المعني بها الصغير الغير مميز والمجنون أو فاقد العقل كما نصت عليهم المادة 217 من المدونة، ولحمايتهم قرر المشرع مجموعة نصوص قانونية لتمكينهم من حقوقهم وتنفيذ التزماتهم تتمثل في نيابة الغير عنهم حسب أحوالهم وهي قواعد عامة لا قرق فيها بين ذكر وأنثى حيث تسري نفسها على كليهما، وفي ذلك أنزل الحق سبحانه وتعالى مجموعة من الايات نذكر منها قوله عز وجل (( إِنْ كَانَالَّذِيعَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)) [60]، وقوله ((وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسراف وبدار))[61] ، وفي حديث رسول الله صل الله ﷺ “رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى “رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل”[62].
وفي التشريع المغربي حددت مدونة الأسرة في الكتاب الرابع منها أحكام النيابة الشرعية وأقسامها والخاضعين والمتولين لها، وبينت أنها قد تكون قد ولاية أو وصاية أو تقديم، لأجل القيام بالمهام الموكولة لكل منهم كما نصت عليها المادة 235 من مدونة الأسرة .
ويجب الإشارة أن المشرع رتب هذه أنواع النيابة الشرعية بالأولوية حسب الأكثر أحقية بها ، حيث أعطى بهذا الشأن أولوية للولاية انطلاقا من الأب ثم تأتي بعده الأم استنادا لما نصت عليه المادة 231 من مدونة الأسرة، التي بينت أن صاحب النيابة الشرعية هو الأب الذي بلغ سن الرشد ولم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليته أو انعدامها، بعده الأم البالغة سن الرشد ولم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليتها أو انعدامها، وتمارس هذه النيابة عند عدم وجود الأب، إما بسبب نقصان أهليتها أو انعدامها، وتمارس هذه النيابة عند عدم وجود الأب ، إما بسبب وفاته أو غيبته في مكان مجهول، أو كونه مجهولا أصلا، أو عدم ثبوت نسب الولد القاصر إليه قضاء أو فقد أهليته[63]، وكذلك يكون لها القيام بمهام الولاية في الحالات المستعجلة التي تهم مصالح أولادها إذا حصل مانع للأب كما نصت على ذلك المادة 236 من مدونة الأسرة، ثم في حالة عدم وجود الوالدين يحل محلهما وصي الأب ثم وصي الأم عند عدم وجود المستحقين لها السابق ذكرهم، وأخيرا القاضي ثم مقدم القاضي المتوفر على الشروط القانونية في حالة عدم وجود الأب كما بين الدليل العملي للمدونة، وإذا كان المشرع هنا أعطى للام هذا الحق استثناء فقد أضاف مقتضى يؤكده في المادة 238 التي تنص في فقرتها الثالثة أنه رغم وجود الأم فإنها لا تستقل بتسيير شؤون أولادها إلا في ظل تتبع وصي الأب حالة وجوده.
وفي حالة عدم وجود الوالدين أو وصيهما تعين المحكمة استنادا المادة 244 مقدما على المحجور من بين العصبة وكما نعلم فالعصبة في الشريعة اوالقانون هم ذكور فقط منصوص عليهم في المادة 338 و339من مدونة الأسرة ، فإن لم يوجد يعين من بين أحد الأقارب الاخرين وإلا فمن غيرهم،
وقد استمد المشرع المغربي تقديم الذكور على الإيناث في موضوع النيابة الشرعية من الفقه المالكي، الذي خولها أيضا للعصبة [64]، ولكن لم يأخذ بموقف الفقه كليا وإنما فقط في الشق المتعلق بتقديم الذكور، حيث خالف الفقه المالكي الذي غيب دور الأم كليا، بل إن الفقه جعل ترتيب المستحقين للولاية يختلف حسب ا إذا كانت ولاية على النفس أو على المال، بينما في التشريع المغربي كان التمييز بينهما حسب نوع عارض الأهلية الذي ترتب بسببه الحجر[65].
وفي محاولتنا عن ما يتميز كل من الذكر والأنثى عن بعضهما، فلابد أن نشير إلى أن المشرع المغربي، إن كان تحفظ على البند (ج) من المادة 16 و التزم بتحفظه، فإنه بخصوص البند (و) من نفس المادة الذي يشير إلى ضرورة أن يكون للمرأة والرجل نفس الحقوق و المسوليات في الوصاية على الأطفال، ولم يشر لتحفظه عنه ولكن مع ذلك لم يطبقه بالرغم أن تعديل المدونة كان لاحقا لمصادقته على الإتفاقية.
المطلب الثاني: النتائج المترتبــة على الأنثــى
للأنثى حقوق وواجبات تترتب عليها نتيجة رابطة الزوجية، أعطى للذكر فيها نصيب ولكن بأسبقية الأنثى وأولويتها في ممارسة ذلك الحق أو تحمل ذلك الواجب، ويتعلق الأمر هنا بالحضانة كواجب على الزوجين، وبالأولى للأنثلى بعد إنهاء العلاقة الزوجية، ثم النفقة كحق شرعي وقانوني لها ولأطفالهما، وسنبين في الفقرتين التاليتين تجليات ذلك.
الفقرة الأول: الحضــــــــــــــــــانة
حاجة الطفل إلى الرعاية والإهتمام في كل ما يتعلق به، ومسايرة لما جاء به ديننا الحنيف فيما يتعلق بحماية الأطفال وصونهم وتربيتهم على السلوك القويم ، فقد أحاطت المدونة جانب الحضانة بقواعد قانونية ملزمة تسعى فيها إلى تحقيق مصلحة الطفل سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية بين الوالدين، أو حين وفاة أحدهما أو كلاهما، وكذا في حالة انتهاء العلاقة بين الوالدين بينهما لأي سبب ، وتعني الحضانة حسب الفقه المالكي بأنها حفظ الولد في مبيته ومؤنته ولباسه وضجعه وتنظيف جسمه، ويبدو أن هذا التعريف كان محددا بخلاف ما ما جاء به المشرع في المادة 163 من المدونة التي نصت على أن “الحضانة حفظ للولد مما قد يضره، والقيام بتربيته ومصالحه”، وهي مصطلحات شاملة جامعة لكل ما فيه خير للمحضون، وإذا كان المشرع المغربي قد اعتبر الحضانة واجبة على الأبوين أثناء قيام العلاقة الزوجية انطلاقا من قوله تعالى ((وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))[66]، وهذه الاية فيها دلالة على أن الوالدين هما المسؤولان عن تربية أبناءهما ، فإنه أثناء انحلال هذه العلاقة ، أو لم يقبلها من يستحقها سن مجموعة قواعد تضمن للأبناء رعايتهم السليمة، وتفاديا لأي نزاع حدد أيضا مستحقيها في المادة 171 التي تنص على أنه ” تخول الحضانة للام، ثم للأب، ثم لأم الأم، فإن تعذر ذلك، فللمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضون، إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية، مع جعل توفير سكن اللائق للمحضون من واجبات النفقة”، وفي هذا الموضوع تم تقديم الأم على الأب لما في ذلك من مصلحة باعتبارها أحق من الاب كما جاء في الدليل العملي[67] ، وسند المشرع في ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عَنْهُمَا: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ” نْتِ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ تَنْكِحِي”[68]، وكما تم تقديم الأم فإن أم الأم أول أنثى تستحق الحضانة بعد الأب حيث تم ذكرها بشكل صريح دون ذكر أم الأب وقد يرجع ذلك إلى الإبقاء على المحضون أقرب من أمه حتى لو سقطت عنها الحضانة بأحد أسباب السقوط ، وفي الترتيب الأخير يبقى للمحكمة حق إسناد الحضانة لأحد الأقارب والذي لابد أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 173 من مدونة الأسرة، من جملة هذه الشروط الرشد القانوني، الاستقامة والأمانة، ثم القدرة على تربية المحضون ورعايته، وأهم شرط يطرح مجموعة من الحالات ما يتعلق بضرورة عدم زواج طالبة الحضانة، وهو شرط بحد ذاته يبين كأن المشرع في صف الذكور باستثناء الأب لا يجعل الحضانة إلا للإيناث، خاصة بالرجوع لباقي المواد نجد المشرع يحدد مقتضيات الحضانة بتوجيه الضمير للحاضنة، وعودة إلى مضمون هذا الشرط فإن المشرع يميز بين شروط زواج الحاضنة غير الأم وزواج الأم، فبالنسبة للأولى يشترط فيها إذا كانت متزوجة أو أرادت الزواج حتى لا تسقط عنها الحضانة أن يكون زوجها نائبا شرعيا للمحضون أو يكون من أحد محارمه، أما بالنسبة للأم فإنها كما سبق أولى بالحضانة شريطة ألا تتزوج ، غير أن هذا المقتضى ليس مطلقا و إنما ترد عليه استثناءات نص عليها المشرع في المادة 175 من مدونة الأسرة، تتمثل في الشرطين السابقين المذكورين بالنسبة للحاضنة غير الأ وكذلك في أن يكون المحضون لازال لم يبلغ سبع سنوات ، أو أن حضانته من غير أمه -ولو تزوجت من الغير- قد تلحق به ضررا، خاصة إذا كان يعاني علة عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير أمه، وهي شروط تتماشىمى مصلحة المحضون مادام لازال عديم الأهلية ويحتاج إلى قرب أمه، أما بخصوص سقوط هذا الحق عن الأم في حالة زواجها فقد بين الفقهاء المالكيون أن الحكمة من ذلك ترجع لانشغالها بحق الزوج ، وقد يترتب على ذلك الانشغال ضياع حق الطفل ، وقيل : خشية المنّة على المحضون ، وقيل : لأن الزوج قد لا يهتم بتربية ذلك الولد ، فيكون في ذلك إضرار بالولد وتضييع لمصالحه ، في هذا الصدد قال الباجي رحمه الله
” وَوَجْهُ ذَلِكَ : أَنَّ الصَّبِيَّ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِتَكَرُّهِ الزَّوْجِ لَهُ ، وَضَجَرِهِ بِهِ ، وَالْأُمُّ تَدْعُوهَا الضَّرُورَةُ إِلَى التَّقْصِيرِ فِي تَعَاهُدِهِ ؛ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ الزَّوْجِ ، وَاشْتِغَالًا بِهِ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مُضِرٌّ بِالصَّبِيِّ ، فَبَطَلَ حَقُّهَا من الْحَضَانَةِ “[69].
ينبغي الإشارة إلى أن المشرع إن وضع تراتبية في موضوع استحقاق الحضانة بين الذكر والأنثلا فإنه بخصوص المحصون نفسه قد ساو بينهما في الحقوق وفي الرعاة التي يتلقونها من المسؤول عن الحضانة، وذلك أعطاه الحق ساء ان ذكرا أنثى إذا بلغ سن الخامسة عشرة أن يختار الحاضن من الوالدين بنفسه، وعند عدم وجودهما يحتار أي أحد من أقربه شريطة ألا يتعارض ذلك مع مصلحته وبموافقة نائبه الشرعي كما نصت عل ذلك المادة 166 من مدونة الأسرة، في جميع الأحوال يستتبع حق الحضانة حقوق وواجبات تتمثل أساسا في النفقة على المحضون من طرف الملزم بها، وكذلك في حق غير الحاضن من الأبوين زيارة واستزارة المحضون استنادا المادة 181 من مدونة الأسرة، والقضاء بهذا الخصوص لا يتاونى في اسقاط الحضانة عن ما يخالف مصلحة المحضون من بينها هذا الحق حيث قضت محكمة النقض بخصوصه بأن ” الحرمان من حق الزيارة مسقط للحضانة”[70].
الفقرة الثانية: النفقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
يقول الله عز وجل في محكم تنزيله ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))[71]، والقوامة بهذا المفهوم هـي ترتيـب وتنظـيم البيـت المسـلم ، وتوزيـع للمسؤوليات داخل الأسرة ، لحفظها من تداخل الصلاحيات ، أو الفوضى فـي اتخـاذ القرارات ومواجهة المصاعب ، فبها تتبين أنصبة الأفـراد فـي الأسـرة ، وتتـوزع المهام، وتسير الحياة بين الزوجين على أسس تنظيمية سليمة[72]، لذلك فإن الإسلام قد فرض على الرجل أن ينفق علـى زوجته وأبنائه ، بما يكفيهم في مؤونتهم دون إسرافٍ أو تقتير[73]، وهو ما تناولته مدونة الأسرة المغربية في مقتضيات النفقة المنصوص عليها في القسم الثالث من الكتاب الثالث وفي مواد أخرى متفرقة من نفس القانون، ويقصد بالنفقة حسب فقهاء القانون ما يصرفه الإنسان على نفسه وعلى زوجه وأولاده من طعام وكسوة وتمريض وإسكان[74]، والمشرع المغربي رغم أنه لم يعرفها إلا أنه حدد الملزم بها ومشتملاتها وأسبابها، وتتمثل هذه الأخيرة حسب الفقرة الثانية من المادة 187 في الزوجية والقرابة والالتزام، غير أن المشرع في النفقة لهذه الأسباب قدم بعضها على بعض، حيث نص في المادة 193 على أنه “إذا كان الملزم بالنفقة غير قادرا على أدائها لكل من يلزمه القانون بالإنفاق عليه، تقدم الزوجة ثم الأولاد الصغار ذكورا أو إناثا، ثم البنات ثم الذكور من أولاده ثم الأم ثم الأب”، وهنا تظهر لنا مجموعة فوارق بين الذكور والإيناث حيث تبيين هذه المادة أن الملزم بالنفقة هو الرجل بصفته زوجا ثم أبا ثم إبنا ،وقد أكدت على ذلك المواد 194 و 197 و 198 من مدونة الأسرة، وأعطيت الزوجة الأولوية في هذه النفقة وقد أكد الفقهاء منذ القدم أن نفقة الزوجة مقدمة على جميع أصناف النفقة ،سواء كانت للوالدين أو للأبناء أو للأقارب[75] ، وهي تشمل الغذاء والكسوة والعلاج وما يعتبر من الضروريات مع الأخذ بعين الاعتبار المعايير التي قررها المشرع والمتمثلة في مراعاة التوسط عند تقديرها ودخل الملزم بها، ارتفاعا وانخفاضا ومستوى الأسعار والتقلبات التي تعتريها والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي فيه النفقة تحقيقا للغاية من سنها ورعيا لمبدأ لا ضر ولا ضرار[76]، وقد كان المشرع في هذه المقتضيات منسجما مع أحكام الشريعة الإسلامية نذكر منها ما ورد عن معاوية القشيري قال” أتيت رسول الله ﷺ فقلت ما تقول في نسائنا قال أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن”[77]، وتستمر النفقة على الزوجة إلى حين انحلال ميثاق الزوجية بأحد الأسباب المشار إليها أنفا، فتحدد نفقتها في ما أشارت إليه المادة 84 من مدونة الأسرة في الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة، والمتعة والسكن خلال فترة العدة، ، ومنها قول الله تعالى ((أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى))[78]، بل ولوقبل البناء بالزجة مصداقا لقوله تعالى ((لاجُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ))[79].
لتأتي بعد الزوجة نفقة الأبناء دون أن يميز المشرع بينهم سواء كانوا ذكوراأو إيناثا ما داموا صغارا، أما وإن كبروا فإن ترتيبهم اختلف حيث تم تمييز الإيناث على الذكور في الأولوية وكذلك في مدة النفقة عليهم كما نصت على ذلك المادة 198 من المدونة، إذ تسقط عن الذكور النفقة ببلوغهم سن الرشد مالم يكونوا متابعين دراستهم وتستمر إلى أن يبلغوا من 25 سنة، أما البنات الإيناث فلا تسقط إلا بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها، ونفس الشئ في نفقة الوالدين تم تمييز الأم باعتبارها أنثى على الأب، وهو تمييز محمود على اعتبار أن المشرع ذهب في سياق المعنى الإصطلاحي لمفهوم القوامة السابق الذكر، غير أنه يجب الإشارة إلى أن النفقة على الوالدين لم يقصرها المشرع على الرجل فقط وإنما على أبناءهم عامة ذكورا وإيناثا كما نصت على ذلك المادتين 197 و 203 من مدونة الأسرى، وذلك بحسب ير الأولاد وبحسب إرثه، بمعنى أن الأبناء الذكور ينفقون ضعف ما تنفقه الأنثى.
خاتمــــــــــــــــــــــــــة
ختاما يمكن القول، وبعد تناول مجموعة من الفوارق والإختلافات بين الذكر والأنثى في أهم مراحل حياتهم ، أن المشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة ، حاول توفير الكفاية والحماية لأفرادها من المتغيرات التي قد تؤثر عليها، وحرص فيها على تحقيق المساوة بينهما، منذ أن كانا حملا في بطن أمهما مرورا بمرحلة الطفولة إلى الزواج، الذي جعله المشرع مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة، فأعطى لكل منهما حقوق وواجبات منها ما هي مشتركة ومنها ماهي مختلفة، ليس من باب التشريف لأي منهما وإنما من باب التكليف، وقد حرص في ذلك على تطبيق نصوص اتفاقية سيداو التي صادق عليها بشأن المساوة بين الرجل والمرأة، وكذا الإنسجام مع مقاصد الشريعة الإسلامية، في إطار من التوازن الذي تتطلبه طبيعة كل منهما، فإذا كان موفقا في مجموعة من المقتضيات التي جعلت كل من الذكر والأنثى يتمتع بحقوقه ويتحمل التزماته المقررة بشأن ذلك، فإنه من جهة أخرى لم يأخذ بها كليا، مراعيا إحقاق التوازن في ظل التحولات الاجتماعية والإقتصادية بين مكونات الأسرة.
وفي ظل استحالة التوازن بين الإسلام كدين للدولة المغربية، وبين اتفاقية سيداوا التي تقوم على فلسفة المساوة المطلقة ، بدأت تظهر حركات وتيارت تنادي من جديد بمزيدا من المساوة، بشكل يضع المشرع المغربي أمام مجموعة من التحديات بين الحفاظ على مقاصد الشريعة الإسلامية والمطالب الدولية والوطنية، من أهم هذه المطالب: المساوة بين الرجل والمرأة بإلغاء التعدد، المساوة بينهما في النيابة الشرعية على أطفالهما.،إلغاء مقتضيات زواج القاصر…بل وصلت بعضها إلى المطالبة بفصل الدين عن الدولة بإلغاء المهر والعدة والمساوة في الإرث، إلا أنها تظل مطالب فارغة من محتواها مادام أن الدستور أسمى قانون وقد حسم اعتبار دين الدولة المغربية الإسلام.
لائحة المراجــــــــــع
القران الكريم:
سورة البقرة
سورة النساء
سورة الطلاق
سورة الفرقان
سورة الروم
سورة النحل
سورة الأحزاب
القوانين: والاتفاقيات
_ظهير شريف رقم 1.04.22، صادر في 12 من ذي الحجة 1424،( 7 فبراير 2004 )بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة.
_ظهير شريف رقم 413.59.1 صادر في 28 جمادى الثانية 1382( 26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي
_اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الصادرة بتاريخ 1979، صادق عليها لمغرب 14 يونيو 1993
_القانون المدني الفرنسي الصادر بتاريخ 11 يوليوز 1975 والمعدل بمقتضى قانون 26 ماي 2004
الكتب:
_ادريس الفاخوري: ” قانون الأسرة المغربيط، الجزء الأول، أحكام الزواج، دار النشر الجسور، 2014.
_محمد الشافعي:” الوواج وانحلاله في مدونة الأسرة”، سلسلة البحوث الجامعية 24.
_ زكي الدين شعبان:” الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية، القاهرة، 1969.
_ ابن تيمية:”أحكام الزواج “، دار الكتاب العلمية، بيروت، لبنا،1988.
_مصطفى بن العدوى: ” أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية”، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة، 1988
_محمد يعقوب طالب، ” النفقة الزوجية في الشريعة الإسلامية”، دار الفضية، الرياض، 2004
_علي عثمان : “المرأة العربية عبر التاريخ”،دار التضامن للطباعة والنشر، بيروت
_مازن إسماعيل وأحمد ذياب، مجلة الإسلامية سلسلة الدرسات الإسلامية المجلد 16، العدد 2، يونيو 2008.
_ نور الدين لحية:” المقدمات الشرعية للزواج”، دار الكتاب الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة،.
الرسائل والأطروحات
_محمد توفيق قديري،” النيابة الشرعية بين الفقه الإسلامي والقانون الجزائري”، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في في القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسي.
_نزار نبيل أبو منشار:”النفقة الواجبة على الزوج والإجراءات القضائية المتعلقة بها”، رسالة ماستر تخصص القضاء الشرعي، جامعة الخليل، معهد القضاء العالي، كلية الدراسات العليا،
المجلات:
_مازن إسماعيل وأحمد ذياب، مجلة الإسلامية سلسلة الدرسات الإسلامية المجلد 16، العدد 2، يونيو 2008 .
_عبد السلام الزوير: شرح مدونة الأسرة “، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية،سلسلة الدراسات والأبحاث،العدد7، مطبعة إليت، 2006.
المواقع:
_موقع الشيخ محمد صالح المنجد، 26/01/2016، www.islaqa.info
رواه البخاري ومسلم في الصحيحين.-[3]
جمانة رزيق:” لماذا اضطهاد المرأة عبر العصور”، مركز الدراسات العلمانية في العالم العربي، 2016، ص 1.-[4]
المادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10 نونبر 1948.-[5]
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الصادرة بتاريخ 1979، صادق عليها لمغرب 14 يونيو 1993.-[6]
رواه البخاري ومسلم، أورده نور الدين لحية ،” المقدمات الشرعية للزاج”، دار الكتاب الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ، ص87. -[7]
-[8]عبد السلام الزوير:” شرح مدونة الأسرة”، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 7، 2006،مطبعة إليت، ص 16.
شفويين عند الإستطاعة وإلا بالإشارة المفهومة من الطرف الأخ ومن الشاهدين كما نصت على ذلك المادة 10 من مدونة الأسرة.-[9]
ا انظر لمادتين 10 و 11 من دونة الأسرة.-[10]
الموطأ 2/535، المنتقى لابن الجارود ، 1/187، سنن البيهقي الكبرى، أورده نور الدين لحية، ” مقدمات الزواج”، مرجع سابق ، ص 89 .-[11]
-[12] يقول الله عزوجل في سورةالنساء الاية 23: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا))
ادريس الفاخوري: “قانون الأسرة المغربي”، الجزء الأول، أحكام الزواج دار النشر الجسور، ص 95. -[15]
-[16] وهذا بخلاف رأي الفقه المالكي لذي استند في رأيه إلى قول رسول الله ﷺ ” لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها” ، غير أن ذلك لا يعني أن المشرع، مما يبين أن المشرع المغربي عند سنه لمقتضيات مدونة الأسرة لم يقتصر على أحكام الفقه المالكي فقط..
ينص البند أ من المادة 16 على ” نفس الحق في عقد الزواج”.-[19]
[20]- إبن تيمية: أحكام الزواج ، دار الكتاب العلمية، بيروت، لبنان، 1988
– سورة الروم الاية ا، وذلك 21 [21]
قرار محكمة النقض، عدد71، بتاريخ 02/09/2005، ملف شرعي عدد 353/2/1/2004، أورده عبد السلام الزوير ، مرجع سابق، ص76.-[23]
[24]– سورة البقرة الاية 232
ديباجة مدونة الأسرة ، الفقرة الرابعة عند ذكر الإصلاحات المتوخاة من تعديل مدونة الأحوال الشخصية بمدونة الأسرة لسنة 2004.-[27]
-[29] الامام ابن باز: ” العدة وبيان الحكمة منها”binbaz.org.sa www.
مصطفى بن العدوى: ” أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية”، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة، 1988 ص 34.-[31]
أخرجه أبو داوود رقم 22000 والنسائي 6/145، أورده مصطفى العروى ، ” أحكام الطلا في الشريعة الإسلامية” ، مرجع سابق، ص 38.-[32]
،أ ورده مصطفى بن العدوى، ” أحكام الطلاق في الشريعة الإسلابة”، مرجع سابق، ص 15. رواه البخاري (فتح 9/ 354)-[33]
زكي الدين شغبان: ” الأحكام الشرعية لللأحوال الشخصية” ، القاهرة 1969، ص385، أورده الشافعي ، مرجع سابق ص 177.-[34]
عبد السلام الزوير: ” شرح مدونة الأسرة”، مرجع سابق ص 104.-[35]
عبد السلام الزوير: شرح مدونة الاسرة” ، مرجع سابق، ص127. -[37]
-[38]يقصد بالشقاق الخلاف العميق والمستمر بين الزوجين يدرجة يتعذر معها استمرار العلاقة الزوجية”، ورد تعريفه في الدليل العملي لمدونة الأسرة ص 71.
-[40] قرار محكمة الاسئناف بالعيون، عدد 35/06/2006، ملف رقم 02/2006 مجلة محاكمة ، العدد 1 ، ص 166-168، أورده عبد السلام الزوير، مرجع سابق ، ص 140.
محمد الشافعي: الزواج صادر بتاريخ وانحلاله”، مرجع سابق ص 246. -[41]
1987، مجلة قضاء المجل الأعلى عدد 41، ص 132.. قرار محكمة النقض، عدد-[42]
قرار محكمة النقض، عدد 1051، صادر بتاريخ 09/ 11/ 199، مرجع سابق، ص 3342.-[43]
محمد الشافعي:” الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة”، مرجع سابق، ص 259.-[44]
760، صادر بتاريخ 30/10/2002، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 61، 95. قرار المجلس الأعلى، عدد -[45]
القانون الصادر بتاريخ 11 يوليوز 1975 والمعدل بمقتضى قانون 26 ماي 2004.-[47]
محمد الشافعي: ” الزواج وانحلاله”، مرجع سابق، ص 221.-[48]
عبد السلام الزوير:” سرح مدونة الاسرة”، مرجع سابق ، ص194.-[51]
قرار محكمة النقض، عدد597، صادر بتاريخ 13/ 06/ 1986
.-[52]
بابكر فيصل:” الإعجاز العلمي في القران وأحكامىعدة المراة”، 24 أبريل 2008، موقع قناة الحرة.-[53]
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: مرجع سابق، ص 35.-[55]
-[57] أخرجه البخاري في صحيحه :” كتاب المحاربين”، باب للعاهر الحجر، أورده الدكتورين مازن إسماعيل وأحمد ذياب، مجلة الإسلامية سلسلة الدرسات الإسلامية المجلد 16، العدد 2، يونيو 2008، ص8.
رواه البخاري في صحيحه : ” كتاب البيوع / باب شراء المملوك من الحربي..2/773، أورده الدكتورين مازن وذياب ، مرجع سابق ص 19.-[58]
-[62] رواه أصحاب السنن لابن ماجة وصححه الالبباني ناصر الدين، “صحيح سنن ابن ماجة”، ص 177.، أورده محمد توفيق قديري،” النيابة الشرعية بين الفقه الإسلامي والقانون الجزائري”، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في في القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص 203.
الدليل العملية، شرح المادة 231 ، ص 138.-[63]
القرافي الذخيرة ، ج 8، ص 240، أورده محمد توفيق قديري، ” النيابة الشرعية بين الفقه الإسلامي والقانون الجزائري”، مرجع سابق، ص114.-[64]
-[65] الإبن وابنه ثم الأب ثم الوصي المختار ثم الأخ الشقيق وابنه ثم الأخ لأب وابنه، ثم الجد لأب ثم العم وابنه، ثم يأتي بعدهم القاضي، وفي حالة عدم وجودهم فالولاية تكون لكافة المسلمين، وهنا نجد المالكية قدمن وصي الأب على الجد على اعتبار أن الأب أوفر شفقة والأقدر على اختيار من ينوبه، أما في الولاية على المال فتكون حسب المالكية للأب فوصي الأب فإن لم يوجد كانت الولاية على المال للقاضي وهو يقدم من عنده من يقوم بهذه المهمة.نفس المرجع ص 313،314.
الدليل العملي لمدونة الأسرة، ص 108.-[67]
أخرجه أبو داوود في كتاب الطلاق_ باب من أحق بالولد، حديث رقم (2276 ،(2/283).-[68]
-[69] السؤال 239473 : ” الحكمة من سقوط حضانة الأم إن تزجت”، موقع الشيخ محمد صالح المنجد، 26/01/2016، www.islaqa.info تاريخ الولوج 28/02/2021.
[70]– قرار محكمة النقض، عدد 11، ملف عددد 317/1/2008، صادر بتاريخ 7 يناير 2009، منشور بمجلة محكمة النقض، العدد 72/2010، ص، 78.
-[72] نزار نبيل أبو منشار:”النفقة الواجبة على الزوج والإجراءات القضائية المتعلقة بها”، رسالة ماستر تخصص القضاء الشرعي، جامعة الخليل، معهد القضاء العالي، كلية الدراسات العليا، 2014، ص25.
محمد الشافعي:” الزواج وانحلاله”، مرجع سابق، ص133.-[74]
محمد يعقوب:” النفقة الزوجية”، مرجع سابق ص 56 .-[75]
الدليل العملي ، شرح المادة 189،ص 116.- [76]
.-[77] رواه أبو دااود في االسنن ص 494، أورده محمد يعقوب طالب، ” النفقة الزوجية في الشريعة الإسلامية”، دار الفضية، الرياض، 2004، ص،25.
الاية 6.-[78]