الفرق واللجان البرلمانية
عبد القادر الادريسي العرابي طالب باحث و ناشط حقوقي
الفرق واللجان البرلمانية
عبد القادر الادريسي العرابي
طالب باحث و ناشط حقوقي
الفرق البرلمانية هي تكتلات سياسية منسجمة يتم إنشاؤها من قبل منتخبي حزب سياسي داخل مجلسي البرلمان لهم نفس المواقف و المبادئ أو الانتماء السياسي
في المغرب ظهر الفريق البرلماني مع إعداد أول نظام داخلي في إطار أول برلمان لسنة 1963 و قد استفاد المغرب من التطورات التي عرفتها الفرق البرلمانية الفرنسية
و تلعب الفرق دورا مهما في تفعيل العمل البرلماني سواء على مستوى التشريع أو على مستوى مراقبة العمل الحكومي كما أنها تعتبر لبنة أساسية في تشكيل اللجان و تعيين أعضاء المكتب و ”مكتب مجلس المستشارين، ينتخب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق، (الفصل 63 من الدستور“ و الفصل 62 بالنسبة لمجلس النواب و انتخاب المقررين
لكل فريق مكون طبقا للمادتين 42 و 43 من هذا النظام عدد من المقاعد في كل لجنة دائمة يتناسب مع العدد الذي يضمه كل فريق. ويعود ظهور اللجان البرلمانية إلى ضرورات فرضتها الحياة سياسية من تضخم المسؤوليات وتشعبها. فتضخم حجم المؤسسات وتضاعف عددها والغاية من إحداثها هو تنظيم العملية التشريعية. فنجد أن اللجان البرلمانية الدائمة لها أهمية كبرى في العمل البرلماني حيث لا يكاد أي نظام لا يعتمد في أدائه على عمل اللجان نظرا لأنها تقوم بمهام يصعب على البرلمان القيام بها كهيئة جماعية كبرى
سنحاول دراسة كل من الفرق و اللجان البرلمانية من خلال الإجابة عن الإشكالين كيف تشكل كل من الفرق و اللجان ؟ ما هي اختصاصات و ادوار كل منهما؟
التصميم
المبحث الأول تكوين الفرق البرلمانية و اختصاصاتها
المطلب الأول تشكيل الفرق البرلمانية
المطلب الثاني اختصاصات الفرق البرلمانية
المبحث الثاني اللجان البرلمانية التشكيل و الاختصاصات
المطلب الأول تشكيل اللجان البرلمانية
المطلب الثاني اختصاصات اللجان البرلمانية
المبحث الأول: تكوين الفرق البرلمانية و اختصاصاتها
المطلب الأول: تشكيل الفرق البرلمانية
نص الدستور على أن تركيب وتسيير الفرق والمجموعات البرلمانية والانتساب إليها يقوم وفق مقتضيات النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان فصله 69 ” …يحدد النظام الداخلي بصفة خاصة :
– قواعد تركيب وتسيير الفرق والمجموعات البرلمانية والانتساب إليها، والحقوق الخاصة المعترف بها لفرق المعارضة …“
و نجد ذالك في الباب الخامس الذي يتكون من خمسة مواد“29/33“ بالنسبة للنظام الداخلي لمجلس النواب 2011[1] و الباب الخامس الذي يتكون من ست مواد ”42/47 بالنسبة للنظام الداخلي لمجلس المستشارين 1998 [2] ويخضع تكوين الفرق البرلمانية طبقا لمقتضيات النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان إلى شروط قانونية متمثلة في أربع عناصر :
الحد الأدنى : يتمثل في العدد القانوني كحد ادنى لأعضاء مجلس النواب و الذي حددته ”المادة 29“ من النظام الداخلي في 20 عضو و12 عضو بالنسبة لمجلس المستشارين”المادة 42 ”
نجد في فرنسا حسب قانون 1959 أن الفرق يجب أن تضم على الأقل 30 نائبا برلمانيا و بعد تعديل هذا القانون مباشرة بعد انتخابات 1988 حيث تقلص عدد الشيوخ 15 والحد الأدنى بالنسبة للجمعية أكثر من 15 و ذلك لتجنب تكاثر الفرق كما في الجمهورية 3 و4[3].
لوائح الفرق البرلمانية : يقوم الفريق بتسليم لائحة أسماء أعضاء الفريق مع توقيعاتهم و اسم رئيس الفريق و تسمية الفريق و تودع لدى رئيس المجلس 48 س قبل افتتاح الجلسة المخصصة للإعلان عن الفرق و المجموعات[4] .
الإعلان : يعلن رئيس المجلس عن الفرق و المجموعات البرلمانية خلال جلسة عمومية « «المادة 30 ” مجلس النواب و ”المادة 43“مجلس المستشارين”.
النشر : يأمر رئيس المجلس بنشر لوائح الفرق مع أسماء النواب الغير المنتسبين للفرق أو المجموعات في الجريدة الرسمية.
تشكل الفرق البرلمانية و المجموعات في مستهل الفترة النيابية , وعند كل تغيير يبلغ الرئيس وتنشر في الجريدة الرسمية ,كما للفرق الحق في التوفر على إمكانيات مادية و بشرية تتناسب مع عدد أعضاء كل فريق يعمل مكتب المجلس على توفيرها في مستهل الفترة النيابية و يحق للفريق في التوفر على إمكانيات مادية و بشرية تتناسب مع عدد أعضاء كل فريق
كما يمكن لنائب غير منتمي الانتساب إلى أي فريق أو مجموعة نيابية داخل المجلس
كما يمنع على الفرق تأسيس جمعيات للدفاع عن المصالح الشخصية والمهنية داخل المجلس أو جمعيات بصفة دائمة أو مؤقتة أو انعقاد اجتماعات خارج نطاق أجهزة المجلس و بالمقابل أعطى المشرع إمكانية عقد اجتماعات حول موضوعات ذات الاهتمام المشترك بإذن من المجلس
ملاحظة :
يخضع تشكيل المجموعات النيابية لنفس المقتضيات القانونية التي تهم تشكيل الفرق البرلمانية التي لايمكن أن يقل عدد كل مجموعة عن أربعة أعضاء
تكوين الفرق له كذالك بعد سياسي يتمثل في وجهين [5]
الأول الفريق البرلماني كنواة لتأسيس حزب سياسي و ذالك عن طريق ظاهرة انشقاق الفرق البرلمانية نظرا لاختلاف المبادئ و الآراء و يقوم الجناح الذي يعتبر نفسه تصحيحيا بإنشاء فريق برلماني أخر الذي يليه قيام حزب سياسي جديد
الثاني الفريق البرلماني كامتداد للحزب السياسي بحكم انه ممثل له في البرلمان
المطلب الثاني: اختصاصات الفرق البرلمانية
يضطلع الفريق البرلماني بدور محوري في الحياة النيابية، لكونها مصدرا لتنظيم، وحركة العمل البرلماني سواء كان هذا العمل تشريعيا، او رقابيا، او دبلوماسيا…. سنتناول في هذا المبحث الحديث عن الوظائف التشريعية والرقابية (الفقرة الاولى)، ووظائف اخرى ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الوظيفة التشريعي والرقابية للفرق
- : الوظيفة التشريعية
تمارس الفرق البرلمانية الوظيفة الرقابية وظيفتها عن طريق مقترحات القوانين، او عن طرق التعديلات. ويلعب رؤساء الفرق دورا كبيرا في العمل التشريعي للبرلمان، ويضطلعون بامتيازات تتجلى في: عضويتهم في ندوة الرؤساء بقوة القانون، وبهذه الصفة يساهمون في مناقشة و تحديد جدول الاعمال و التدابير التنظيمية المرتبطة بها، وفي حالة وجود مجال للتصويت داخل ندوة الرؤساء، يخصص لكل رئيس فريق عدد من الاصوات يساوي عدد اعضاء فريقه، كما يختص رؤساء الفرق ب[6]:
- طلب تشكيل لجنة خاصة او الاعتراض عليها.
- طلب رفع الجلسة لجميع فرقهم قصد المشاورة.
- طلب التحقيق من توفر النصاب القانوني لعقد الجلسة العمومية، او اجتماعات اللجان.
- طلب تسجيل مقترح قانون او موضوع الجلسات الخاصة في جدول الاعمال التكميلي.
- طلب اقتراح تطبيق مساطر التصويت المختصرة او الاعتراض عليها.
- مقترحات القوانين
يعتبر الاقتراح الخطوة الاولى في العملية التشريعية، وكل ما يسبقه يعتبر مجرد خطوات تمهيدية للتقدم بالاقتراح رغم ضرورتها. وتعتمد الفرق البرلمانية في بلورتها لمقترحات القوانين على خبرة ومعارف أعضائها، حيث يتم تحضير المقترح من طرف اعضاء الفرق، ولا يتطلب لإعداد هذا الاخير شكليات قانونية محددة، او مواصفات ومعايير متعارف عليها. ووفقا للمادة 99 من ن د لمجلس النواب والمادة 84 من ن د لمجلس المستشارين تودع بمكتب المجلس مقترحات القوانين . وبمجرد ما يتوصل رئيس المجلس بنص مقترح القانون، يحيله على اللجنة الدائمة المختصة وذلك في شخص رئيس اللجنة، قصد دراسته وتحضير عرضه امام الجلسة العامة للمجلس خلال اعمال واجتماعات اللجنة، و للإشارة فنفس المراحل التي يمر منها مقترح القانون امام مجلس النواب نفسها مسطرة لاعتماده هي نفس المراحل التي يمر منها امام مجلس المستشارين. والفرق البرلمانية تتوفر داخل كل لجنة دائمة على عدد من المقاعد يتناسب وحجمها العددي، ويقع على عاتق كل فريق توزيع اعضائه على مختلف اللجان في حدود حصته[7]. ويجوز لصاحب المقترح او الفريق الذي قدمه ان يسحبه متى شاء قبل الدراسة الأولية، وإذا وقع هذا السحب خلال مناقشة المقترح في الجلسة العامة، وعبر احد اعضاء المجلس او احدى الفرق عن تبنيه تستمر مناقشته. وتبدأ المناقشة في اطار اللجان الدائمة بتقديمه من طرف واضعه او ممثل الفريق او الفرق البرلمانية التي وضعت المقترح، ويتبع هذا التقديم بمناقشة عامة اجمالية للنص، تتلوها مناقشة مفصلة للمقترح مادة مادة الى ان تنتهي مناقشة جميع المواد[8]، وبعد انتهاء المناقشة تحدد الجلسة الموالية لتقديم التعديلات التي يقترح اصحابها ادخالها على نص مقترح القانون الذي انتهت اللجنة من مناقشته، و يجب ان تكون مكتوبة وبعدد اعضاء اللجنة وتوزع على اعضاء اللجنة في الجلسة نفسها[9]. تجتمع اللجنة في اجل لا يقل عن اربع وعشرين ساعة للبت في مختلف التعديلات المقدمة، ليتم بعد ذلك التصويت على مختلف التعديلات المقترحة المتعلقة بكل مادة على حدة، ثم التصويت بعد ذلك على نص المادة بكاملها كما اقرتها اللجنة، وبعد البت في جميع المواد مادة مادة، يتم التصويت الاجمالي على نص مقترح القانون النهائي برمته[10]، وتنظر اللجان في النصوص المعروضة عليها في اجل 60 يوما من تاريخ الاحالة عليها، قابلة للتمديد 30 يوما بناء على تقرير يرفعه رئيس اللجنة يشرح فيها الاسباب ( م 107 من ن د م ن)[11].
ويتم التصويت عن طريق احتساب الموافقين، والمعارضين ، ثم الممتنعين، ويمكن ان يسجل اعضاء اللجنة عدم مشاركتهم في التصويت ويسجل ذلك في المحضر[12]. يتم وضع تقرير من طرف اللجنة الدائمة المختصة يرفع الى الجلسة العامة للمجلس من طرف مقرر اللجنة، ليناقش في ضوئه مقترح القانون.
تبتدئ مناقشة مقترح القانون في الجلسة العامة بالاستماع الى صاحبه او ممثل الفريق او الفرق البرلمانية المتقدمة به، او مقرر اللجنة المعنية، ثم تقديم تقرير اللجنة حول المقترح، وتستمر المناقشة العامة بالاستماع الى اراء الفرق البرلمانية الاخرى وموقفها من المقترح، ويتم الانتقال بعد ذلك الى عملية التصويت على المقترح مادة مادة، ثم التصويت على مقترح القانون برمته[13]. وفي حالة تقديم تعديلات بشان مقترح القانون الى الجلسة العامة، فان التصويت عليها يتم قبل التصويت على مواد القترح، وذلك بعد اعطاء الكلمة لكل من الحكومة ومقدم التعديل ومتدخل معارض و اخر مؤيد لهذه التعديلات.
وتجدر الاشارة الى ان العمل داخل الجلسة العامة خاصة فيما يتعلق بحق تناول الكلمة بالنسبة للفرق يتم في اطار حصة كل فريق من الكلام، يوزعها بين المتدخلين من اعضائه، وذلك مراعاة للتمثيل النسبي لكل فريق.
وقد بلغت مقترحات القوانين المقدمة في الدورة التشريعية التاسعة 69 مقترحا، تم المصادقة على 5 مقترحات منها، وهو ما يعتبر عددا قليلا بالمقارنة مع ما تم تقديمه.
- التعديلات
يعتبر التقدم بتعديل الجانب الاخر لممارسة الفرق البرلمانية لسلطتها التشريعية سواء على مستوى اللجان الدائمة او الجلسة العامة.
فعلى مستوى اللجان، وبعد الانتهاء من مناقشة المقترح يمنح الحق للفرق من اجل تقديم التعديلات التي ترى انه من الضروري ادخالها على النص الذي درسته اللجنة، لتجتمع في اقل من 24 ساعة للبت في مختلف التعديلات المقدمة.[14]
اما على مستوى الجلسة العامة فان الفريق يمكنه التقدم بتعديله حول النص المعروض للمناقشة وللتصويت قبل افتتاح الجلسة، ويشرع في مناقشة مشاريع التعديلات بعد انتهاء المناقشة حول النص الذي تتعلق به هذه التعديلات، ويتم التصويت عليها قبل التصويت على النص الاصلي.
- الوظيفة الرقابية
وتتجلى الوظيفة الرقابية للفرق في الاسئلة بنوعيها الشفوية والكتابية، ثم لجان تقصي الحقائق.
- الاسئلة البرلمانية
ويعرف السؤال بانه: ” الفعل الذي بمقتضاه يطلب نائب برلماني من وزير ايضاحات حول نقطة معينة. وهذا الفعل يكون غير مصحوب بجزاء سياسي فوري”، وتقسم الى شفوية وكتابية.
- السؤال الشفوي
يكتسي السؤال الشفوي اهمية كبيرة تتجلى في كونها تمكن الفريق من متابعة ومراقبة العمل الحكومي، ويتم برمجتها بعد رفعها الى رئيس المجلس مقدمة في عرض مكتوب قصد اطلاع الحكومة عليها، ويتم الاعلان عن عددها عند افتتاح كل جلسة، ولا يقبل اي تدخل خارج هذا الجدول، وتتم هاته الاسئلة وفق مسطرة محددة تتجلى في 3 دقائق لطرح السؤال والتعقيب على جوابه، و3 دقائق للاجابة على السؤال والرد على التعقيب ( م 162 م ن)، ويبقى التمثيل النسبي دائما حاضرا حيث يتم منح كل فريق الحق في طرح عدد من الاسئلة يتناسب مع حجمه، وهو الذي يتولى توزيعها على اعضائه.
وقد وصل عدد الاسئلة الشفوية المطروحة امام مجلس النواب خلال الولاية التشريعية التاسعة في دورة اكتوبر 2012 ابريل 2013 الى 223 بينما نجد ان مجلس المستشارين في دورة ابريل 2013 الحالية عرف طرح سؤال شفوي واحد ، وفي المقابل نلاحظ ارتفاع عدد الاسئلة المتبقاة من الدورات السابقة حيث بلغ مجموعها 408 سؤالا.
- الاسئلة الكتابية
تتميز الاسئلة الكتابية بكونها احدى الادوات التي عن طريقها يتاتى للبرلماني مساءلة الحكومة حول قضايا معينة تتسم بالطابع المحلي او القطاعي غالبا. بالإضافة الى انها الوسيلة الوحيدة التي تمكن البرلمان من مراقبة العمل الحكومي في الفترات الممتدة بين دوراته، بالاضافة الى انها توفر امكانية الحصول على بيانات ومعلومات قد تتطلب وقتا لاعدادها لا توفره الاسئلة الكتابية.
وقد وصل عدد الاسئلة الكتابية دائما في اطار الولاية التاسعة دورة اكتوبر 2012 ابريل 2013 47 سؤالا على مستوى مجلس النواب، و 12 سؤالا على مستوى مجلس المستشارين.
ويتضح لنا تهافت البرلمانيين على الاسئلة الشفوية وعزوفهم عن الكتابية، ولعل ذلك راجع لما توفره الاسئلة الشفوية من امكانية الظهور على الهواء مباشرة ، وما سيوفره ذلك من دعم للنائب او المستشار من امكانية التصويت عليه ودعمه في الترشيحات المقبلة.
- لجان التقصي و التحقيق
تعد لجان تقصي الحقائق التي تم التنصيص عليها في الباب السادس من النظام الداخلي لمجلس النواب، و الباب السابع من النظام الداخلي لمجلس المستشارين احد الاليات الرقابية المهمة للفرق البرلماني، حيث يتم تشكيل هاته اللجان بناء على التمثيل النسبي للفرق، ويتم تشكيل هذه اللجان لفترة مؤقتة ولمواضيع محددة وهي احد الاليات الواضحة والحقيقية لرقابة العمل الحكومي وذلك للاطلاع على حقيقة بعض الوقائع والاحداث التي تتم في البرلمان او مراقبة التسيير الاداري والمال والتقني للمرافق والمؤسسات العمومية واخبار المجلس الذي يخبر الحكومة بنتائج التحقيق. وقد عرف المغرب في تاريخه ثماني لجان لجان للتقصي والتحقيق.
الفقرة الثانية: الوظائف الاخرى للفرق
تضطلع الفرق البرلمانية بالاضافة الى الاختصاصات السالفة الذكر، بمجموعة من الاختصاصات سنقتصر هنا على الوظائف الدبلوماسية، وايضا السياسية للفرق البرلمانية
- الوظائف الدبلوماسية للفرق البرلمانية
تعتبر بعض مضامين الفصل 68 من الدستور الحالي ، من مستجدات الوثيقة الدستورية حيث أن الجانب الدبلوماسي هنا يتجلى في عقد المجلسين جلسات مشتركة ، و من بين نقاط الجلسات المشتركة التي نص عليها الفصل 68 من الدستور هي حالة الإستماع إلى رؤساء الدول والحكومات الأجنبية ، فتكريس دور الدبلوماسية البرلمانية وإعتباره شريكا في منظومة صناعة القرار على المستوى الدبلوماسي جعل من هذا الإختصاص قيمة مضافة تفضيلية للبرلمان ، فرئيس الدولة يحضى بمكانة مرموقة في المجال الدبلوماسي، وكذا رؤساء الحكومات هم بالصفة ممثلين لرؤساء دولهم ، وعليه فمن خلال هذه القاعدة الدستورية نستنتج تكريس دور الدبلوماسية البرلمانية في تفعيل صناعة القرار على المستوى الدولي. وهذا لا يتاتى حسب المادة 50 من ن د م ن الا بالتمثيل النسبي للفرق والمجموعات النيابية، حيث يقوم المجلس في مستهل الفترة النيابية بتكوين شعب وطنية دائمة لتمثيل المجلس لدى المنظمات البرلمانية الدولية والجهوية التي هو عضو فيها مع مراعاة مبدأ المناصفة الذي يقتضيه الفصل 19 من الدستور، وذلك مع مراعاة التمثيل النسبي كما سبق ذكره، كما تشكل الفرق على اساس التمثيل النسبي بناءا على قرار مكتب المجلس[15] منتدبين او وفود تمثيلية له في المنظمات والمؤتمرات، وكذا المشاركة في الملتقيات الدولية، وللفريق كامل الحرية في تعيين من يريد تمثيله[16]. وفي حالة ما اذا كان العدد المطلوب لتكوين الوفد لا يضمن تمثيلية جميع الفرق المشكلة للمجلس، فانه يتم تعيين اعضاء المجلس بشكل دوري مع مراعاة التمثيل النسبي ( م 51).
- الدور السياسي للفرق البرلمانية
تمثل الفرق امتدادا للحزب السياسي بالبرلمان، فهي ممثله والناطق الرسمي بلسانه على مستوى المؤسسة البرلمانية، لهذا نجد كل حزب سياسي له فريق برلماني يمثله ويمرر المقترحات التي تتماشى وسياسة الحزب وتوجهاته، فالفرق البرلمانية مئسسات للتنسيق السياسي وتوجيه العمل التشريعي للبرلمان، حيث يتجلى دورها الاساسي في التعبير المنظم للاحزاب والهيئات السياسية داخل البرلمان، وذلك بحضورها في جميع اطوار الحياة البرلمانية، لذا تجد الفرق البرلمانية حاضرة داخل جميع الاجهزة البرلمانية الداخلية، حيث نجدها داخل قاعات الجلسات العمومية بشكل منظم يتجلى في في اتخاذها اما يمين او يسار مقعد الرئيس، حيث يقوم هذا الاخير في بداية كل ولاية تشريعية بجمع ممثلي الفرق، قصد التقسيم السياسي للقاعة، او بعبارة اخرى تحديد المناطق المخصصة لاعضاء كل فريق، ليبقى لهذا الاخير اسناد المقعد المناسب لكل عضو من اعضائه[17]
المبحث الثاني: اللجان الدائمة واختصاصاتها
المطلب الاول:تشكيلة وسير عمل اللجان الدائمة
نجد داخل مجلس النواب ثماني لجان برلمانية، في حين نجد ست لجان برلمانية في مجلس المستشارين، وهذا التفاوت بين عدد اللجان داخل المجلسين راجع بالأخص الى كثرة الاختصاصات التي تم احداثها داخل مجلس النواب، فقد كان عددها 6 لتنضاف له لجنتين إضافيتين، وكذالك من اجل تخفيف التداخل بين اختصاصات اللجان، وجعل هذه الاخيرة اكثر فعالية وتركيزا في مجالات محدودة وتتمثل اللجان الثمان الدائمة لمجلس النواب في :
- لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الاسلامية :كان عدد اعضاءها 31 عضو اصبح 45 تختص في شؤون الخارجية والتعاون والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والشؤون الاسلامية. يتراسها السيد النائب علي كبيري.
- لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان:كان عدد اعضاءها 60 واصبح 50 عضو وتختص هذه اللجنة في العدل وحقوق الانسان والامانة والحكومة والشؤون الادارية والعلاقات مع البرلمان كما تختص في علاقة البرلمان بالمجتمع المدني. يتراسها محمد حنين.
- لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة: كانت تسمى سابقا بلجنة الداخلية والامركزية والبنيات الاساسية وكان عدد اعضائها 54 واصبح حاليا 50 عضو. تختص في داخلية والجهوية والجماعات الترابية والتعمير والسكنى وسياسة المدينة ولم تعختص في البيئة والتجهيز والنقل والمواصلات. يتراسها سعيد ضور.
- لجنة المالية والتنمية الاقتصادية: كان عدد اعضائها 60 واصبح 50 عضو وتختص في المالية وتاهيل الاقتصاد والخوصصة والمؤسسات العمومية والشؤون العامة والاقتصاد الاجتماعي. يتراسها سعيد خيرون.
- لجنة القطاعات الاجتماعية : كان عدد اعضائها 60 واصبح 50 عضو وتختص في الصحة والشباب والرياضة والتشغيل والشؤون الاجتماعية والتكوين المهني والمراة والاسرة والطفل والتضامن وقضايا الاعاقة وكانت سابقا تختص وبالاضافة الى الاختصاصات السابقة في قطاع التعليم الا انه حذف مع النظام الداخلي الاخير ليدرج ضمن مهام لجنة جديدة. يتراسها محمد زردالي.
- لجنة القطاعات الانتاجية : كان عدد اعضائها 60 عضو واصبح 50 عضو وتختص بالفلاحة والتنمية القروية والصناعةوالصيد البحري والسياحة والصناعة التقليدية والتجارةالداخلية والخارجية والتكنولوجيا الحديثة .يتراسها سعيد شبعتو.
- لجنة البنيات الاساسية والطاقة والمعادن والبيئة: عدد اعضائها 50 عضو وتختص في التجهيز والنقل والماء والبيئة والمواصلات الذين كانوا من اختصاص لجنة الداخلية وتختص ايضا في الطاقة والمعادن اللذان كانا بدورهما من اختصاص لجنة القطاعات الانتاجية وتختص كذالك في المياه والغابات والتنمية المستدامة كمجالاات جديدة تندرج ضمن اختصاصات اللجان. يتراسها احمد تهامي.
- لجنة التعليم والثقافة والاتصال: عدد اعضائها 50 عضو وكما يدل عليها اسمها تختص في التعليم الذي كان من اختصاص لجنة القطاعات الاجتماعية وفي الثقافة والاتصال اللذان كانا من اختصاص لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤوون الاسلامية وتختص كذالك في الاعلام. يتراسها كجمولة منت ابي.
في حين نجد ان اللجان في مجلس المستشارين عددها ستة وهي :
- لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية
- لجنة الخارجية والحدود والمناطق المحتلة والدفاع الوطني
- لجنة الداخلية والجهات والجماعات المحلية
- لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية
- لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان
- لجنة الفلاحة والشؤون الاقتصادية
- لجنة تصفية الحسابات
- بخصوص مجلس النواب تشكل على اساس التمثيل النسبي للفرق وتتألف من 13 عضو من بينهم رؤوسا الفرق والمجموعات نيابية او من ينوب عنهم ( م 28 م ن د م ن ) .
- في حين نجد انها تدعى في مجلس المستشارين باللجنة العشرين اذ انها تتالف من 20 عضو وتتمتع هذه اللجنة بالتمثيل النسبي لكل فريق نيابي ( م 41 م ن د م م) .
وبخصوص التشكيلة الخاصة باللجان الدائمة المرتبطة بمجلس النواب، فعلى كل نائبة او نائب ان يكون عضوا في لجنة من اللجان الدائمة ولا يحق ان يكون عضوا في اكثر من لجنة دائمة واحدة. وهذا التشكيل للجان يكون في بداية الفترة التشريعية على اساس التمثيل النسبي، ويجوز للنواب الحضور والمشاركة في جميع اعمال اللجان الدائمة دون المشاركة في التصويت إلا في اللجنة التي يعتبر عضوا منها [18].
في حين نجد ان انتخاب مكتب اللجان الدائمة يتم في مستهل الفترة النيابية ثم في سنتها الثالثة عند دورة ابريل [19]. ويتألف مكتب اللجان الدائمة من رئيس وأربعة نواب للرئيس ومن مقرر ونائب المقرر وأمناء. هذه المكاتب المخصصة لهذه اللجان لها كامل الصلاحية لبرمجة اعمالها وأعمال اللجان المتفرعة عنها، وتسيير مناقشتها وتحديد مواعيد ومدد اجتماعاتها. وكذالك الاشراف على وضع التقارير المقدمة الى اللجنة العامة باسم اللجنة [20].ومن اجل تعميق الدراسة داخل اللجان الدائمة، فهذه الاخيرة يجوز لها ان تستعين باللجان الفرعية التي يتكلف بتحديد اعضائها مكتب اللجنة المحدثة لها، حيث ان رئاسة اللجان الفرعية قد يتولاها رئيس اللجنة الدائمة او احد نوابه.
في حين نجد ان مجلس المستشارين ينص في نظامه الداخلي على أنه ينبغي ألا يقل اعضاء كل لجنة من اللجان الدائمة عن 15 عضوا وألا يزيد عن خمسة وأربعين عضوا [21]. أما بخصوص الأعضاء المستشارين فلا يحق لهم الانتماء لأكثر من لجنة واحدة، ونفس الشيء يسري على مجلس النواب. و للبرلماني الحق في حضور جميع جلسات اللجان وإبداء رأيه دون ان يشارك في التصويت [22].
وبخصوص رؤساء اللجان فيتم انتخابهم في اول دورة تلي تنصيب المجلس لأول مرة، او بعد حل المجلس. وفي مستهل دورة اكتوبر عند كل تجديد لثلث المجلس مع مراعاة التمثيل النسبي لكل فريق[23].
داخل مجلس النواب هناك مجموعة من المواد المنظمة لسير عمل اللجان دائمة ونفس الامر بخصوص مجلس المستشارين، حيث نجد ان عمل اللجان يتم وفق نظام قانوني يستلزم المثول له، فبخصوص اجتماعات اللجان، فلها ان تطلب عقد اجتماع من طرف رئيس اللجنة من اجل دراسة موضوع مرتبط بالقطاعات التي تدخل في نطاق اختصاصها. كما انه لا يمكن تأجيل اي اجتماع داخل الدورات او خارجها إلا اذا طلب ذالك نصف اعضاء اللجنة المعنية الحاضرين او رئيس الفريق [24].
ويتم عقد اجتماعاتها خلال كل ايام الاسبوع، باستثناء صباح اليوم المخصص للأسئلة الشفوية او اثناء انعقاد الجلسات العامة[25] .
ومن بين الاساسيات التي ينبني الحفاظ عليها في عمل اللجان هي الزامية الحضور وتجنب الغياب في كل اجتماعات اللجان الدائمة، ومن تعذر عليه الحضور فله الزامية توجيه رسالة الى رئيس اللجنة مع بيان العذر قبل بداية الاجتماع [26]. وعند انتهاء الاجتماعات يتم تحرير محضر مفصل لكل اجتماع حيث تنجز تقارير موجزة حول المواضيع التي تدرس من داخل اللجان وتنشر في النشرة الداخلية والموقع الالكتروني للمجلس[27]. كما يتم عند نهاية كل سنة تشريعية وضع تقريرا مفصلا عن حصيلة عمل اللجان والنصوص التي بقيت قيد الدراسة وتوضع جميع المحاضر والوثائق في محفوظات المجلس عند نهاية كل دورة تشريعية .
في حين فداخل مجلس المستشارين نجد الامر لا يختلف كثيرا عن عمل اللجان في مجلس النواب .حيث يتم استدعاء اللجان خلال الدورات من لدن رؤسائها 48 ساعة قبل الاجتماع اما خارج الدورات فيتم الاستدعاء قبل ثمانية ايام من لدن رئيس مجلس المستشارين بمبادرة منه او بطلب من الحكومة [28].في حين تخصص ايام الاثنين والأربعاء والخميس صباحا من كل اسبوع لأشغال اللجان وذالك مدة دورات مجلس المستشارين ولها كذالك ان تجتمع في ايام ومواقيت اخرى اذا اقتضت الضرورة ذالك ويبقى صباح يوم الثلاثاء مخصصا لاجتماعات الفرق [29]. وكما ان حضور المستشارين للاجتماعات مسالة الزامية وفي حالة الغياب ينبغي تبريره وينشر ذالك في الجريدة الرسمية الموالية للاجتماع . وبعد انتهاء الاجتماعات فإنها تنتهي بتحرير محضر مفصل لكل جلسة ويبقى الامر نفسه عند نهاية السنة التشريعية بوضع تقرير مفصل يتضمن حصيلة عمل لجنهم والنصوص التي بقيت قيد الدرس والتي لم يتم البث في شانها وتبلغ الى رئيس المجلس [30].
المطلب الثاني: اختصاصات اللجان البرلمانية
1- اللجان الدائمة
تعتبر اللجان الدائمة أهم فاعل في العمل البرلماني، فهي تقوم بمناقشة مختلف القضايا وكذلك التعديل والتصويت على مشاريع ومقترحات القوانين. إذ أنها تمارس نوعين من الاختصاصات وهما: الاختصاصات تشريعية والاختصاصات الرقابية.
الاختصاص التشريعي: تقوم اللجان الدائمة بالدراسة التمهيدية لمختلف النصوص والقضايا محل اختصاصها تمهيدا لمناقشتها وإقرارها من طرف المجلس.وتضطلع بمهمة إقرار مراسيم الضرورة في فترة ما بين الدورات. وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاصات الموكولة إلى اللجان الدائمة وكذلك المساطير المعتمدة في المجال التشريعي منظمة طبقا لأحكام الدستور الجديد 2011 والنظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.
وهكذا فقد نص النظامين الداخليين للمجلسي البرلمان على الاختصاص التشريعي لهذه اللجان الدائمة حيث نجد المواد (104 إلى 108) من النظام الداخلي لمجلس النواب قد نصت على كيفية ممارسة هذه اللجان للعمل التشريعي، إذا ما أحيلت[31] إليها مشاريع أو مقترحات القوانين من طرف رئيس المجلس الذي يحيلها بدوره إلى المكتب حيث يقوم هذا الأخير ببرمجة مشروع أو مقترح القانون الذي يتم إيداعه على اللجنة المختصة و تمر هذه العملية بعدة مراحل:
تتميز المرحلة الأولى بتقديم النص من قبل الجهة التي أصدرته. فبالنسبة لمشاريع القوانين تبدأ المناقشة بتقديم النص من طرف ممثل الحكومة، أما فيما يخص مقترحات القوانين فتقدم من طرف مقرر اللجنة المختصة التي أحيل عليها النص من احد المجلسين[32].
تأتي بعد ذلك مرحلة المناقشة العامة وتكون إجمالية حيث يتم إخضاع هذه المشاريع والمقترحات لنقاش عميق يمكن أن يصل في بعض الأحيان إلى مناقشة لسياسة الحكومة أو مجال من المجالات الخاصة بوزارة ما، وأيضا متعلقة بالنص المعروض للدرس أمام اللجنة البرلمانية المختصة. وتليها المناقشة التفصيلية مادة مادة أو مناقشتها بابا بابا أو فصلا فصلا حسب الاقتضاء. تليها حق التعقيب والرد من طرف الجهة صاحبة النص. أما المرحلة الموالية فتخص تقديم التعديلات وذلك في الجلسة الموالية التي لا يقل اجلها عن 24 ساعة، وتتم مناقشة التعديلات تعديلا تعديلا ليتم الانتقال بعد ذلك للمرحلة النهائية وهي التصويت على التعديلات المقترحة على النص الأصلي ثم التصويت على المواد مادة مادة، تليها التصويت على النص النهائي [33].
وبالتالي فإن اللجان الدائمة تقوم بدور أساسي من خلال مناقشة شاملة لأي نص أمامها قبل عرضه على الجلسة العامة حيث تقدم اللجنة تقريرا لمختلف النقاشات والتعديلات التي أدخلت على المشروع الأصلي حتى المصادقة النهائية عليها من طرف أعضاء اللجنة[34]. وعلى الرغم من الدور الهام الذي تلعبه اللجان في المناقشة والتعديل فإنها لا تملك حق التقرير والذي يعهد للجلسة العامة التي تظل مقيدة بالتعديلات التي تحدثها اللجان المعنية وأي تعديل خارج اللجان يمكن للحكومة أن تدفع بعدم قبوله[35].
أما بالنسبة لآجال البث في النصوص المعروضة على اللجان فهي محددة في أجل ستين يوما من تاريخ إحالة النص عليها. ويجدد الآجال دون أن يتجاوز 30 يوما في حالة تأخير اللجنة عن مناقشة النص حيث يقوم رئيس اللجنة بتقديم تقرير إلى مكتب المجلس بأسباب التأخير. أما إذا انصرم هذا الأجل ولم تتمكن اللجنة من البث في النص المعروض عليها فيتم عرض الأمر على ندوة الرؤساء التي ترفعه بدورها إلى الجلسة العامة.
الاختصاص الرقابي: تضطلع اللجان الدائمة بدور رقابي يتمثل في آليتي الاستطلاع والاستماع.
– آلية الاستماع: تعتبر اللجان الدائمة صورة مصغرة للمجلس حيث تمثل فيها كل الفرق النيابية بشكل يطابق تشكيلة المجلس وتعد هذه الآلية احد الوسائل الرقابية للجان. حيث نص النظاميين الداخليين لمجلسي البرلمان على هذه الإمكانية وذلك في المادة 48 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والمادة 58 للنظام الداخلي لمجلس المستشارين ،إذ يكون الوزير أو من يمثله مجبرا على تقديم توضيحات لمضمون النص المعروض، أو للظروف العامة التي يعيشها قطاع من القطاعات الحكومية وعلى ضوء تلك التوضيحات تبرز المعالم الأساسية للمناقشات والتعديلات التي تطرأ على النص المعروض على اللجنة. إلى أن هذه الآلية تبقى محدودة حيث وتواجه اللجنة العديد من العراقيل على مستوى التطبيق وذلك عندما يرفض مسؤول ما الحضور لمسائلته.
– آلية الاستطلاع :ينص النظاميين الداخليين لمجلسي البرلمان على إمكانية إرسال بعض الأعضاء للقيام بمهام الاستطلاعية حيث نصت المادة 40 من النظام الداخلي لمجلس النواب، على ان اللجان الدائمة تقوم بتكليف بعض أعضائها بمهمة استطلاعية مؤقتة حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي معين أو موضوع يهم المجتمع أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة باتفاق مع مكتب مجلس النواب. نفس المقتضى نصت عليه المادة 67 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، مع ملاحظة بسيطة وهي استعمال مصطلح مهمة إخبار عوض مهمة استطلاعية. ومن ضمن هذه الحالة زيارة مجموعة من أعضاء البرلمان للمعتقلين السياسيين والاطلاع على أوضاع السجناء.
2- اللجان المؤقتة:
وهي نوعان لجان تقصي الحقائق و لجنة تصفية الحسابات المالية.
– لجان تقصي الحقائق: هي أجهزة تنظيمية تساعد البرلمان على استيقاء معلومات وحقائق مباشرة أثناء حدوث وقائع معينة بالبلاد من أجل ممارسة صلاحياته الدستورية كمؤسسة تختص في مراقبة العمل الحكومي. لقد تبنت فرنسا منذ 1958 نظاما خاصا بلجان التقصي والمراقبة وذلك من خلال المرسوم رقم 1100-58 الصادر بتاريخ 17 نونبر 1958. أما إذا رجعنا إلى البرلمان المغربي، نجد أنه أصبح يتوفر على حق إنشاء لجان للتقصي منذ فقط منذ دستور 1992. وفي هذا الإطار تم إصدار أول قانون التنظيمي الخاص بتسيير هذه اللجان والذي يحمل رقم 5.95 بتاريخ 29 نونبر 1995، أما دستور 2011 فقد نص الفصل 67 على سير عمل لجان تقصي الحقائق، حيث أشار على انه يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق، يُناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح والمؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق، في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها. ولجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء، بإحالته على القضاء من قبل رئيس هذا المجلس. كما أكد النظام الداخلي لمجلس النواب على الطابع المؤقت للجان تقصي الحقائق وذلك في مادته 172، في حين خصص النظام الداخلي لمجلس المستشرين لدراسة هذه اللجان في المواد (71-72-73-74). ومن جهة أخرى فإن الممارسة في مجال لجان تقصي الحقائق لم تتعدى ثمان حالات.
– لجنة تصفية الحسابات المالية: وتسمى بلجنة مراقبة صرف الميزانية في مجلس النواب وبلجنة العشرين في مجلس المستشارين. ولقد نص النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان على اختصاصات هذه اللجنة. حيث نجد النظام الداخلي لمجلس النواب في مادته 28، قد نص على تشكيل لجنة خاصة مؤقتة تتألف من 13 عضوا وتناط بها مهمة التحقق من سلامة صرف ميزانية المجلس للسنة المنصرمة. كما تناول النظام الداخلي لمجلس المستشارين في المدة 41 اختصاص لجنة العشرين، والمتمثلة في مراجعة وتصفية حسابات السنة المنصرمة .
خاتمة
تتمتع كل من الفرق واللجان البرلمانية بأهمية كبيرة على مستوى المؤسسة البرلمانية، فهي أحد المراحل الضرورية واللصيقة بالعمل البرلماني. لكونها تشكل النواة الاساسية له، فان كانت الفرق هي اساس التمثيلية والحركية في الرلمان، فان اللجان لا تقل عنها شأنا، فاللجان الدائمة تعتبر برلمانا مصغرا، لكونها تقوم بما يستعصي على البرلمان القيام به لكثرة أعضائه وتعذر حصول توافق على مستواه، ما قد يؤدي الى تعطل العملية التشريعية، بالاضافة الى اللجان المؤقتة التي تشكل ترسانة رقابية برلمانية لا بأس بها، فالبرلمان لاتمام وظائفه لابد له من هاته الاجهزة التي تخول له تبوأ مكانة مهمة كلما كان عملهما سليما، لكن الاشكال المطروح هو تفشي العقلنة البرلمانية، ومدى تأثيرها على هاذين الجهازين الحيويين في عمل البرلمان؟ واى اي حد استطاع الدستور الجديد والقانون التنظيمي لمجلس النواب تخطي العقلنة البرلمانية الى برلمان مفعل السلطات على صعيد جميع الاجهزة؟
المراجع
الكتب
- المختار مطيع، نظام البرلمان ذي الغرفتين بالمغرب، الطبعة الأولى 1999.
- محمد بوعزيز: القانون البرلماني المغربي- مسطرة التشريع دراسة نظرية وتطبيقية، مطبعة فضالة، الطبعة الأولى، طبعة 2006
الوثائق القانونية
- دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
- النظام الداخلي لمجلس النواب الصادر 16 فبراير 2012.
- النظام الداخلي لمجلس المستشارين.
- ظهير شريف رقم 1.95.225 صادر في 6 رجب 1416 (29 نوفمبر 1995) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 5.95 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق.
- ظهير شريف رقم 1.01.290صادر في 19 من شعبان 1422(25 نوفمبر 2001) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 54.00 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 5.95 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق.
- الاطروحات
- محمد العبدي، الفرق البرلمانية ودورها في تفعيل العمل البرلماني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، 2000-2001.
- فدوى رحوتي دور الفرق البرلمانية في تفعيل العمل البرلماني بمجلس المستشارين، بحث ماستر، 2007-2008.
- الحبيب الدقاق، العمل التشريعي للبرلمان، 2001-2002
- نورالدين ابو عبدالله، الاداء الدبلوماسي للبرلمان المغربي، 2009-2010.
- المجلات:
- حمد الوجدي، التنظيم البنيوي للبرلمان المغربي في ظل النظام الداخلي لسنة 2012، دراسات وابحاث قانونية وسياسية، عدد فبراير 2013.
- مواقع الكترونية
- الموقع الرسمي لمجلس النواب المغربي.
- الموقع الرسمي لمجلس المستشارين.
- الموقع الرسمي للوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني.