في الواجهةمقالات قانونية

المسؤولية الجبائية للمسير في إطار المادة 98 من قانون رقم 15.97 المتعلق بمدونة التحصيل الديون العمومية

المسؤولية الجبائية للمسير في إطار المادة 98 من قانون رقم 15.97 المتعلق بمدونة التحصيل الديون العمومية

محمد بولغمان

إطار بوزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الادارة

المديرية الجهوية للضرائب ببني ملال

عضو المكتب الجهوي للهيئة الوطنية للمحاسبين العموميين ببني ملال

 

 

 

مقدمة:

تطبيقا لمبدأ الفصل بين الذمم المالية،يمكن القول أن المسير لا يعتبر مبدئيا ملزم في ذمته المالية الخاصة بتسديد الضرائب والذعائر والزيادات المفروضة على الشركة،نظرا لكون شخصية كل واحد منهما مستقلة و منفصلة عن الأخرى[1].

إن الشخص كمبدأ عام لا يسأل إلا عن عمله الشخصي، غير أنه استثناءً يمكن أن يرتب القانون على شخص معين مسؤولية شخص أخر، وفي هذه الحالة لا تقوم المسؤولية إلا بالنسبة للأشخاص الذين يحددهم القانون، ووفقا لشروط خاصة و معينة.

غير أن  المادة 98 من قانون  15.97 من م ت د ع نصت على أنه، إذا ثبت تعذر تحصيل الضرائب في مواجهة الشركة نتيجة أعمال تدليسية أرتكبها المسير، فإنه يمكن مساءلته جبائيا لتسديد هذه الضرائب بالتضامن مع المقاولة أو الشركة التي يتولى تسيرها[2].

يتضح من نص المادة السالفة الذكر،أن المشرع المغربي أجاز تقرير مسؤولية المسير الجبائية عن تسديد الديون الضريبية المستحقة على عاتق الشركة من ماله الخاص رغم كون الذمة المالية لهذا الأخير مستقلة عن الذمة المالية للشركة التي يتولى تسييرها ،و ذلك   كأداة و وسيلة إضافية  تمكن المحاسب العمومي من ضمان استخلاص حقوق الخزينة، لكن ضمن نطاق خاص و محدد و طبقا لشروط دقيقة و معينة.

و لا شك أن هذا التوجه التشريعي للمشرع المغربي نابع من إيمانه الخالص بالطابع الاستثنائي لهذه المسؤولية، ومدى خطورة الآثار التي يمكن أن تترتب عنها في حق المسيرين و المدبرين للشركات باعتبارهم الطرف الضعيف في هذه المعادلة.

و إذا كانت مسؤولية المسير في إطار مقتضيات المادة 98 مسؤولية استثنائية و خطيرة،فإن هذا الموضوع يتمحور حول إشكالية أساسية، و هي إلى أي حد أستطاع المشرع المغربي التوفيق بين توفير ضمانات للمسير من خلال تطبيق مقتضيات المادة 98 باعتباره المخاطب بهذه المسؤولية، و ضمان تمكين المحاسب العمومي بوسيلة ناجعة لحماية حقوق الخزينة ؟

و يتفرع عن هذه الإشكالية تساؤلات مهمة نذكر منها:

-ما هي حدود و نطاق مسؤولية المسير الجبائية عن ديون الشركة التي يتولى تسيرها؟

– ماهي الشروط التي تتطلبها المشرع لمساءلة المسير طبقا لمقتضيات المادة 98 من قانون 15.97 ؟

– ما مدى نجاعة مسؤولية المسير طبقا للمادة 98 من قانون 15.97 في استخلاص الضرائب ؟

– إذا كانت هذه المسؤولية ذات طابع استثنائي محض فعلا، فهل كان المشرع المغربي دقيق في صياغة مضمون المادة 98 ؟

– ما هي الجهة القضائية المختصة نوعيا و محليا للبت في دعوى المسؤولية الواردة في المادة 98 من قانون 15.97 ؟

إن محاولة الإجابة عن هذه الإشكالية والأسئلة المتفرعة عنها يقتضى منا تناول هذه المقالة في مطلبين أساسين: الأول سنخصصه لنطاق مسؤولية المسير الجبائية، و الثاني لشروط هذه المسؤولية.

المطلب الأول: نطاق تطبيق مسؤولية المسير الجبائية

سمح المشرع المغربي بمقتضى المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية،بتقرير المسؤولية عن تسديد الديون الضريبية المستحقة على الشركة، من الذمة المالية الخاصة للمسير. و وعيا منه بالطابع الاستثنائي لهذه المسؤولية و مدى خطورة الآثار التي يمكن أن تنجم عنها في حق المسيرين و المدبرين للشركات صاغ لها نطاق خاص و محدد.

و منه يطرح التساؤل عن ما هي  الحدود و القيود التي كرسها المشرع المغربي من أجل ترتيب مسؤولية المسير التضامنية عن ديون الشركة؟

الفقرة الأولى: نطاق التطبيق من حيث الموضوع

يتبن من خلال مقارنة بسيطة بين مضمون المواد 1 و 2 مع المادة 98 من قانون 15.97 إن المشرع المغربي ضيق من نطاق تطبيق المادة 98 من حيث الموضوع، بالمقارنة مع مجال تطبيق مدونة التحصيل الديون العمومية،و إن صح القول ليست كل الديون العمومية الواردة في المادة 2 من قانون 15.97 محل لتطبيق المسؤولية الجبائية للمسير[3] المثارة بمقتضى المادة 98.

فالملاحظ أن المشرع المغربي في الفقرة الأولى من المادة 98 اكتفى بعبارة “…الضرائب كيفما كانت طبيعتها…”، و تجنب استعمال عبارة الديون العمومية التي هي أعم و أشمل من عبارة الضرائب، كما انه حدد حصرا في الفقرة الثانية من نفس المادة الأشخاص الذين يحق لهم تحريك دعوى المسؤولية التضامنية للمسير، في شخص كل من الخازن العام للمملكة و المدير العام للضرائب و المدير العام للإدارة الجمارك و الضرائب الغير المباشرة[4]، ليؤكد بذلك أن استعماله لعبارة “الضرائب” لم يأتي عبثا إنما كان عن قصد و إرادة منه لتضييق من نطاق تطبيق المادة 98 من م ت د ع، و جعله ينحصر فقط في الضرائب -مباشرة كانت أو غير مباشرة-والغرامات و الزيادات و صوائر التحصيل المرتبطة بها، دون أن تشمل كافة الديون العمومية كما جاءت في المادة 2 من م ت د ع.

و بالرجوع إلى القانون الفرنسي الذي يعتبر بحق المصدر التاريخي للقانون المغربي، نجده هو كذلك حدد نطاق تطبيق مسؤولية المسير عن الديون العمومية للشركة في الضرائب دون غيرها، و هذا ما يستفاد من مضمون الفقرة الأولى من المادةL.267 من كتاب المساطر الجبائية الفرنسي[5].

 و نعتقد أن حصر مجال تطبيق المادة 98 في الضرائب دون أن يشمل كافة الديون العمومية،ما هو إلا خطوة من المشرع المغربي لأجل رسم حدود واضحة لتقرير المسؤولية التضامنية للمسير عن الديون الجبائية للشركة.كما أن التضييق من نطاق تطبيق المسؤولية التضامنية للمسير من حيث الدين كان نتيجة وعيه بالطابع الاستثنائي لهذه المسؤولية،فهي استثناء على المبدأ العام الذي يقضي بالفصل بين الذمم المالية من جهة، و المبدأ العام الذي يقضي بأن الشخص لا يسأل إلا عن عمله الشخصي من جهة ثانية.

الفقرة الثانية: نطاق تطبيق  من حيث الأشخاص.

تقرير المسؤولية الضريبية للمسير لا ينسحب إلا على الأشخاص الذين ثبت اكتسابهم لصفة المسير للشركة أو المقاولة،و بذلك يكون الشركاء و باقي الفاعلين خارج نطاق تطبيق المادة 98 هذا إذا ثبت قانونا عدم ضلوعهم في تسير شؤون الشركة.

و يعتبر تحديد مفهوم المسير مسألة غاية في التعقيد،نظرا لعديد من الإشكالات التي أثيرت بشأنه، و ذلك ليس راجع إلى الأوضاع التي يمكن أن يكون عليها المسير وإنما أيضا تنوع و اختلاف أشكال الشركات التي أفرزت تعدد و تنوع أجهزة التسيير.[6]

إن التطبيق السليم لمقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية يدفعنا إلى محاولة تحديد مفهوم المسير و الإجابة عن سؤال التالي، متى يعتبر الشخص مسيرا ؟

يمكن الاعتماد في تحديد مفهوم المسير على مقاربتين أساسيتين مقاربة تنظر إلى مفهوم المسير من المنظور الضيق “المسير القانوني” و مقاربة تعتمد على المفهوم الواسع لمصطلح المسير أو ما يصطلح عليه”بالمسير الفعلي”.

أولا: المسير القانوني

يعتبر مسيرا قانونيا كل شخص يتولى تسير الشركة بناءً على سند قانوني،[7]  أو كل شخص معين بطريقة نظامية لتولي مهام إدارة أو تسيير الشركة[8]و هو في الغالب مدير الشركة إذا كانت إدارة الشركة فردية و مجلس الإدارة إذا كانت الإدارة جماعية، ويمكن القول أن المسير القانوني هو الشخص المعين بمقتضى القانون–كقانون الشركات أو النظام الأساسي للشركة أو محضر عام يقضي بتعين المسير- لغرض تسير الشركة،[9] و شهر هذا التعيين طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل.

إن المحاسب العمومي المكلف بتحصيل الضرائب لا يمكنه تحريك دعوى المسؤولية الواردة في المادة 98 من م ت د ع في مواجهة أي شخص في الشركة إلا إذا أثبت اكتساب هذا الأخير لصفة المسير، و لا يخفى على احد أن إقامة الدليل على اكتساب صفة المسير القانوني للشركة لا تثير مبدئيا في الواقع العملي إي إشكال،حيث يمكن الرجوع فقط إلى النظام الأساسي للشركة أو سجلها التجاري لتحديد من يتولى تسيرها قانونا،غير أنه في الشركات التي تعتمد في تسيرها على أجهزة تسير جماعية يمكن أن يشكل تحديد المسير القانوني نوع من الصعوبة نظرا لتعدد الأشخاص الذين يزاولون مهام التسيير بصفة قانونية.

ففي حالة تعدد المسيرين القانونيين قد يثار إشكال حقيقي،هل جهاز التسيير برمته يعتبر مسؤولا؟ بعبارة أخرى إذا أقيمت دعوى المسؤولية ضد المسيرين جميعا فهل يجوز لبعضهم إثارة عدم مسؤوليتهم انطلاقا من أن أعمال التسيير مقتصرة على بعضهم دون البعض الأخر، خصوصا إذا ما علمنا أن ترتيب المسؤولية مقرون بضرورة توفر الخطأ الموجب لها؟

إن الإجابة على هذا التساؤل يعتمد في الحقيقة على تحديد التوجه التشريعي و القضائي لتحديد مفهوم المسير، و بالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 98 من قانون 15.97، يمكن القول أن المشرع المغربي يعتنق المفهوم الواسع للمسير و هذا ما يستفاد بصورة ضمنية من استعماله لعبارة “…أو المسيرين الآخرين…” .

تطبيقا لذلك ، إعتبر القضاء الفرنسي أن قضاة الموضوع لهم كامل السلطة التقديرية في تحديد مسؤولية المسيرين سواء كانت مهامهم في تسيير مباشرة أو غير مباشرة[10]، و في واقعة أخرى إعتبر القضاء الفرنسي[11] تفويض احد الزوجين من قبل الأخر بغرض القيام مقامه بكل العمليات المتعلقة بالشركة، بما في ذلك تمثيلها أمام إدارة الضرائب و ما نتج عن ذلك من حضور المفوض أعمال المراقبة الضريبية،علاوة على تلقيه أجرا يفوق أجر زوجه المسير القانوني يجعل منه مسيرا فعليا ينتج عنه قيام مسؤوليته الجبائية.

ونخلص مما سبق أن العبرة في ترتيب المسؤولية الجباية للمسير يتعلق بالممارسة الفعلية لأعمال الإدارة و التسيير في الشركة. و عليه يمكن القول أن المسير القانوني يستطيع دفع المسؤولية عنه بمجرد إثبات وجود مسير فعلي و العكس غير صحيح، بمعنى لا يمكن للمسير الفعلي دفع المسؤولية بمجرد إثبات وجود مسير قانوني.

خلاصة القول،يفترض في المسير القانوني أنه هو من يقوم بأعمال الإدارة و التسيير في الشركة، و بذلك فهو يكتسب صفة المسير بناءً على قرينة قابلة لإثبات العكس بإقامة الدليل على وجود مسير فعلي يتولى تسيير الشركة[12].

ثانيا: المسير الفعلي

يعّرف المسير الفعلي بأنه ذلك الشخص الذي يقوم بممارسة مهام الإدارة و التسيير بشكل مستقل و مجرد من أي تبعية لشخص ما،[13] و دون أن يكون حائز على سند قانوني من أجل ممارسة سلطات تسيير في  الشركة،[14]  و تخضع مسألة تحديد صفة المسير الفعلي للسلطة التقديرية للقضاء الذي يستعين بظروف و ملابسات كل قضية على حدة و بطبيعة المهام و الصلاحيات التي مارسها المعني و السلطات الممنوحة له بموجب التفويض، و كذا التعويضات التي يحصل عليها جراء قيامه بهذه المهام.[15]

و لقد عرف القضاء المغربي المسير الفعلي “بأنه ذلك الشخص الذي يتصرف مثل المسير القانوني دون أن يكون معينا لهذه الغاية، و يمارس نشاطا إيجابيا و مستقلا في إطار تسيير المقاولة كما أنه يتدخل بشكل إيجابي في إدارة المقاولة[16] و الملاحظ أن القضاء المغربي يشترط في اكتساب صفة المسير الفعلي للشركة مزاولة مهام الإدارة و التسيير بشكل مستقل و التدخل بشكل إيجابي في إدارة الشركة[17]

وبتحليل مقتضيات المادة 98 السالف ذكرها يتضح أن المشرع المغربي لم يستعمل عبارة المسير الفعلي لدلالة على إمكانية مساءلته، على خلاف القانون الفرنسي الذي كان واضحا في هذه المسألة و أشار بصورة واضحة الى إمكانية مساءلة المسير الفعلي في نص المادة  L.267. غير انه سبق وقلنا أن القانون المغربي فتح الباب أمام إمكانية مساءلة المسير الفعلي في حال توفرت فيه باقي الشروط و هذا ما يستفاد من عمومية عبارة “…أو المسيرين الآخرين…”  الواردة في الفقرة الأولى من المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية.

و ربما اعتماد معيار موضوعي من طرف المشرع المغربي يتمثل في الممارسة الفعلية لأعمال الإدارة و التسيير لتحديد مفهوم المسير و جعل كل من مارس مهام التسيير بغض النظر عن صفته– مسيرا قانونيا أو فعليا أو عرضيا – مسؤول مسؤولية تضامنية عن الديون الجبائية لشركة،هو الذي دفع المشرع المغربي إلى تفادي استعمال عبارة المسير الفعلي كما في نص المادة L.267 من القانون الفرنسي لإطفاء نوع من المرونة على تطبيق المسؤولية الجبائية للمسير هذا من جهة، و من جهة أخرى،قطع الطريق على كل شخص زاول مهام الإدارة التسيير و سولت له نفسه العبث بحقوق الخزينة.

 على عموم إذا كان الباب مفتوح أمام إمكانية مساءلة المسير الفعلي طبقا للمقتضيات المادة 98، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يمكن للمسير الفعلي إعفاء نفسه من المسؤولية بمجرد إثبات وجود مسير قانوني للشركة ؟

في الواقع كان القضاء الفرنسي في البداية لا يسمح للمسير القانوني من الإفلات من المسؤولية الجبائية، حتى و إن أثبت أن هنا كمسيرا فعليا للشركة،إلا أنه غير من موقفه لاحقا،معتبرا أن المسؤولية تتقرر ضد كل من ثبت في حقه تسيير الشركة بصفة فعلية و بغض النظر عن تسمية المسير الواردة في النظام الأساسي[18].

على هذا الأساس نعتقد أن المسير الفعلي الذي ثبت  في حقه ممارسة مهام الإدارة و التسيير لا يمكنه إعفاء نفسه من المسؤولية بمجرد إثبات وجود مسير قانوني، لان العبرة في اكتساب صفة المسير متعلقة بالممارسة الفعلية لإعمال الإدارة و التسيير لا بالتسمية الواردة في الوثائق القانونية للشركة.

المطلب الثاني: شروط تقرير المسؤولية الجبائية للمسير.

إن قيام المسؤولية في القواعد العامة يتطلب وجود طرفين، مرتكب الفعل الضار و متضرر بالإضافة إلى توفر ثلاثة عناصر أساسية لا غنى عنها،الخطأ،و الضرر، ثم العلاقة سببية بين الضرر والخطأ المرتكب.

و المسؤولية الجبائية المثارة بموجب المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية بدورها قائمة على هذه العناصر،مع بعض الخصوصيات التي تتجلى في كون طرفي المسؤولية هما المسير باعتباره مرتكب الفعل الضار، و الإدارة باعتبارها الطرف المتضرر، أما الخطأ فيتجسد في الأعمال التدليسية، و الضرر في تعذر التحصيل،و أخيرا العلاقة السببية تتجسد في ضرورة كون الأعمال التدليسية هي السبب المباشر في تعذر التحصيل.

و بالرجوع إلى مقتضيات المادة 98  نجد أن المشرع المغربي تتطلب توفر الشروط المشار إليها أعلاه لإمكانية تحريك دعوى المسؤولية الجبائية في مواجهةالمسير، كما انه أشار إلى الجهة القضائية المختصة للبت في دعوى المسؤولية لرفع اللبس عن الإجراءات الشكلية لتحريك الدعوى .

على هذا الأساس سنحاول أن تطرق الى الشروط الموضوعية في (الفقرة الأولى) على أن تطرق إلى الشروط الشكلية لتحريك الدعوى المسؤولية الضريبية للمسير في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية.

تُشكل الأعمال التدليسية التي يرتكبها المسير سببا موجبا لمساءلته جبائيا بموجب المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية، إذا كانت هذه الأعمال هي سبب تعذر تحصيل الضرائب.

و مادامت الأعمال التدليسية و تعذر التحصيل و العلاقة السببية بينهما، هي الشروط الموضوعية لتحريك دعوى المسؤولية الضريبية،فإنه من الأهمية بمكان تحديد مفهوم الأعمال التدليسية ؟ و متى يعتبر التحصيل متعذرا؟

أولا:الأعمال التدليسية.

لم يعرف المشرع المغربي الأعمال التدليسية التي يمكن أن يرتكبها المسير و تشكل بذلك سببا لترتيب مسؤوليته الجبائية، كما انه تفادى ذكر هذه الأعمال لا على سبيل المثال و لا الحصـــــــــــــــــــر،و يبدو انه تعمد عدم إعطاء تعريف لمفهوم الأعمال التدليسية لاقتناعه التام بكون التعريفات من اختصاص الفقه و القضاء، ورغبةً منه في جعل المفهوم أكثر مرونة و قابلية للتطور و التكــــيّف مع كافة الأوضاع القانونية.

 و لقد حاولت الخزينة العامة للمملكة بمقتضى دورية تفسيرية لمقتضيات مدونة التحصيل الديون العمومية تحديد مفهوم الأعمال التدليسية، و عرفتها بأنها، استعمال وسائل احتيالية بنية التهرب من أداء الضرائــــــــــــــــــــــــــب و الرسوم دون أن يشكل ذلك مجرد غلط أو سهو غير مقصود[19].

و بالرجوع إلى قانون الفرنسي نجده هو كذلك لم يعطي تعريف لمفهوم الأعمال التدليسية[20] إلا انه لرفع اللبس و الغموض عن هذا المفهوم حاولت الإدارة الفرنسية أن تعطي تعريفا للأعمال التدليسية بمقتضى دورية تفسيرية صادرة بتاريخ 6 فبراير[21]1980، كما أن القضاء الفرنسي في قرار صادر عن  مجلس الدولة و قرار أخر صادر عن الغرفة التجارية للمحكمة النقض عرف مفهوم الأعمال التدليسية بأنها تلك الوسائل الاحتيالية التي تهدف إلى تضليل و عرقلة سلطة الإدارة في المراقبة الجبائية للشركة[22].

و على عكس كل من التشريع المغربي و الفرنسي قام المشرع التونسي بمقتضى الفصل 28  سابعا من مجلة المحاسبة العمومية بتحديد بعض الحالات  التي تشكل أعمالا تدليسية على أساسها يمكن إثارة المسؤولية الضريبية للمسير و تتمثل هذه الأعمال في القيام بتغيير متعمد للاسم الاجتماعي للشخص المعنوي أو لمقره دون إعلام مصالح الجباية، القيام بعمليات تؤدي إلى تحويل ممتلكات الشخص المعنوي الى الغير، افتعال وضعيات قانونية غير حقيقية [23].

و يقصد بالإعمال التدليسية[24]، كل تصرف أو سلوك، إيجابي أو سلبي، يقترفه الشخص بشكل مقصود لتأثير على الوعاء الضريبي أو منع التحصيل سواء أكان هذا الشخص هو الملزم بالضربة أو ممثلا عنه.

و على هذا الأساس يمكن تعريف مفهوم الأعمال التدليسية الواردة في المادة 98 بأنها تلك المناورات التي يقوم بها المسير عن بينة و اختيار قصد التأثير على الوعاء و التحصيل الضريبي بشكل يجعل تحصيل ضرائب الشركة متعذرا.

استنادا الى التعاريف السالف ذكرها، يمكن القول أن قيام الأعمال التدليسية يتوقف على تحقق ركنيين أساسيين، ركن مادي يتمثل في تصرف و سلوك المسير، إيجابي كان أو سلبي ، و ركن معنوي يتجلى في القيام بهذه الأعمال عن بينة و اختيار–النية و القصد-من طرف المسير[25].

 و يعتبر عدم تحقق أحد الأركان سبب موجب لدفع المسؤولية عن المسير فاختلال الركن المعنوي على سبيل المثال في الأعمال التي يرتكبها المسير ينفى عنها الطابع التدليسي،و يجعل منها فقط أخطاء مجردة، لا يمكن الاستناد إليها لترتيب مسؤوليته التضامنية.

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي و التونسي جَعَلَا من تحريك دعوى المسؤولية الواردة في المادة 98 مرهون بارتكاب المسير للأعمال التدليسية لا غير،على خلاف المشرعين الفرنسي و الجزائري اللذين فتحا الباب أمام إمكانية مساءلة المسير بمجرد عدم تقيده المتكرر بالالتزامات الجبائية، فبالإضافة إلى الأعمال التدليسية التي يمكن أن تكون سبب لمساءلة المسير أجاز المشرع الفرنسي بمقتضى الفقرة الأولى من المادة L.267  من قانون المساطر الجبائية الفرنسي،و المشرع الجزائري بمقتضى المادة 155 من قانون المساطر الجبائية الجزائري،ترتيب المسؤولية على عاتق المسير بمجرد الإخلال المتكرر بالالتزامات الضريبية للشركة[26].

و نعتقد أن السبب الرئيسي، الذي دفع القانون الفرنسي لإجازة إمكانية ترتيب المسؤولية التضامنية للمسير بناءً على مجرد عدم التقيد المتكرر بالالتزامات الضريبية، هو إدراكه التام لصعوبة إثبات الأعمال التدليسية من قبل الإدارة في مواجهة المسير،و ما قد ينجم عنه من تعطيل لفعالية و نجاعة هذه الوسيلة في ضمان حماية حقوق الخزينة وتحصيل الضرائب.

و لتقرير المسؤولية طبقا للمادة L.267 في مواجهة مسير الشركة على  أساس عدم التقيد بالالتزامات الضريبية، يتعين على الإدارة إقامة الدليل على توفر  الشروط التالية أولا، إثبات وجود إخلال بالتزامات ضريبية للشركة، ثانيا ضرورة كون هذا الإخلال جسيم، ثالثا تكرار هذه الاختلالات من طرف المسير.

و  نود أن نشير هنا إلى أنه إذا كان القانون الجزائري، قد واكب القانون الفرنسي بنصه على إمكانية ترتيب المسؤولية على المسير لعدم تقيده بالالتزامات الضريبية، فإنهما يختلفان في كون المشرع الجزائري اكتفى فقط بشرط ضرورة كون هذه الإختلالات متكررة[27]،على خلاف القانون الفرنسي الذي تطلب بالإضافة إلى ذلك شرط أخر يتجلى في ضرورة كون هذه الاختلالات جسيمة و خطيرة[28].

و نعتقد أن تعطيل تفعيل  المسؤولية الجبائية للمسير في الواقع العملي راجع بالدرجة الأساسية إلى صرامة نص المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية، و صعوبة إثبات الأعمال التدليسية التي يمكن أن يرتكبها المسير حيث جاء في تعليل  حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش [29] بتاريخ 17/10/2019 ما يلي “….

في الطلب الاصلي: حيث قدم الطلب وفق الشروط الشكلية المتطلبة قانونا ويتعين قبوله.

في الموضوع:  حيث التمست المدعية الأصلية الحكم بالمسؤولية التضامنية للمدعى عليه عن ديون شركته مع ما يترتب عن ذلك قانونا والحكم تمهيديا بإجراء خبرة وتحميل المدعى عليه.

وحيث إنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 98 من مدونة تحصيل الدوين العمومية يتضح أن تفعيل المسؤولية التضامنية للمسير يتطلب توافر شروط وهي قيامه بأعمال تدليسية مثبتة قانونا ترتب عنها تعذر تحصيل الضرائب الواجبة على الشركة وانعدام وجود دعوى موازية كفيلة بتحقيق نفس الغايات وتعذر تحصيل الضرائب بالتنفيذ مباشرة على الشركة المعنية، واستنادا لذلك فإن المدعية ملزمة بإثبات ارتكاب المسير لأعمال تدليسية أثناء ممارسة مهامه داخل الشركة وبالرجوع إلى المقال الافتتاحي يتبين للمحكمة أن الأعمال  التي تمسكت بها المدعية  تبقى منعدمة الاثبات خاصة أنها لم  تدل للمحكمة بأية وثيقة تفيد قيام المسير بالأعمال المشار إليها أو ما يثبت تحويل المدعى عليه أموال  الشركة إلى حسابه الشخصي أو استعمالها لمصلحته الشخصية إضرارا بمصالح الغير؛ كما أن الوثائق المدلى بها من قبل المدعية الأصلية  لا تثبت الأعمال التدليسية التي قد يكون المدعى عليه قام بها وأدت إلى تعذر تحصيل الضرائب المترتبة عليها؛ وبخصوص المبالغ التي تم سحبها من الحساب البنكي للشركة من قبل المدعى عليه فإنه باعتباره مسيرا تبقى له الصفة في تسيير حساب الشركة وفق ما هو مقرر قانونا ووفق ما تقتضيه مصلحتها الاجتماعية وقد اكد في جلسة البحث ان الشركة توقفت عن ممارسة النشاط مما أدى به الى أداء ديون الشركة لفائدة الدائنين بما فيها مبادرته الى اقتراح تسوية الدين المتراكم على الشركة مع المدعية إلا انهما لم يتوصلا الى حل بينهم لاختلافهم حول المبالغ الواجبة الأداء وهو ما أكده ممثل المدعية بجلسة البحث؛ كما أن المحكمة تبين لها أن العمليات التي تمت بالحساب البنكي المذكور كلها تتعلق بالمدة من 2009 إلى غاية 2012 في حين أن جدول استخلاص الضريبة المدلى به من المدعية مؤرخ في 22/04/2016 وبالتالي فهي مبالغ مسحوبة قبل فرض الضريبة على الشركة  ولا دليل بالملف يثبت كون المدعى عليه استعمل هذه المبالغ لمصلحته الشخصية. أما بخصوص تغيير المقر الاجتماعي للشركة فقد أكد المدعى عليه أنه تم إشعار المدعية بذلك وهو ما أكده كذلك ممثلها القانوني بجلسة البحث. كما أنه بخصوص باقي الأسباب التي أثارتها المدعية التي تتمثل في عدم الاقرارات الضريبية وعدم الأداء التلقائي للضرائب  وسوء التسيير فهي كلها أفعال تبقى في إطار مسؤولية المسير ولا ترقى لدرجة الأعمال التدليسية التي تبرر تحميله المسؤولية التضامنية عن ديون الشركة الشيء الذي يبقى معه الطلب  يعوزه الاثبات ويتعين رفضه.

 

لهــذه الأسبـــاب

حكمت المحكمة في جلستها العلنية ابتدائيا وحضوريا:

في الشكــل: بعدم قبول الطلب المعارض وتحميل رافعته الصائر وبقبول الطلب الاصلي.

في الموضوع:  برفض الطلب الاصلي .

بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.”

و لو أن نص المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية فتح الباب أمام إمكانية ترتيب المسؤولية التضامنية للمسير بمجرد الاخلال بالالتزامات الضريبية بشكل خطير و متكرر كما هو الشأن في القانون الفرنسي لا كان موقف القضاء في هذه النازلة مغاير لما قضي به فيها.

و استناداً إلى ما سبق ذكره، نتمنى من المشرع المغربي متى سنحت له الفرصة تتميم مقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية، بإضافة شرط الإخلال بالالتزامات الضريبية كسبب موجب لمساءلة المسير تضامنيا مع الشركة عن الديون الضريبية التي تعذر تحصيلها.

ثانيا: تعذر التحصيل الضرائب و العلاقة السببية

لا يكفي مجرد اكتساب الشخص لصفة المسير للقول بإمكانية تعريضه للمسؤولية الجبائية المثارة بموجب المادة 98 من قانون 15.97، كما أن مجرد ارتكابه لمناورات تدليسية لا يسعف الإدارة الجبائية لمساءلته عن ديون الشركة ، و إنما يجب أن يقترن ذلك وجوبا بتعذر تحصيل ضرائب الشركة التي يتولى تسيرها[30].

و يتعين على الإدارة الجبائية إقامة الدليل على تعذر تحصيل الضرائب في مواجهة الشركة بكافة الوسائل المتاحة، هذا الوضع يدفعنا إلى طرح السؤال التالي متى يعتبر التحصيل متعذرا ؟ و ما هي المعاير التي يمكن الاستناد إليها للقول بأن تحصيل الضرائب في مواجهة الشركة أصبح مستحيل و غير ممكن؟

إن الإجابة على هذا الإشكال يفرض علينا البحث في القانون المقارن خصوصا القانون الفرنسي ما دام العمل و الاجتهاد القاضي المغربي لم تتح له الفرصة للخوض في تحديد مفهوم استحالة و تعذر التحصيل لندرة القضايا المعروضة عليه في هذا المجال.

يري أحد الباحثين، أن التحصيل يعتبر متعذرا عندما تكون الإجراءات المتبعة قانونا من طرف المحاسب العمومي غير ناجعة في موجهة الشركة لتحصيل الضرائب،أو عندما يكون تفعيل هذه الإجراءات مستحيلا، كما في حالة صدور حكم يقضي بفتح مساطر صعوبات المقاولة في مواجهة الشركة[31].

و في هذا الصدد يعتبر البعض[32] أن صدر حكم بفتح مساطر صعوبة المقاولة في مواجهة الشركة يعتبر معيار موضوعي للقول باستحالة تحصيل الضرائب بالنسبة للديون الضريبية الناشئة قبل فتح المسطرة لكون الشركة متوقفة عن الدفع،و كون المطالبة بهذه الديون أصبح مستحيلا نظرا لوقف الدعاوى و المتابعات في موجهته[33]ا، لكن شريطة التصريح بالديون الضريبية من طرف المحاسب طبقا للقواعد و الإجراءات القانونية الجاري بها العمل[34] حتى لا يعتبر تعذر التحصيل راجع لخطأ المتضرر و بفعل إهماله القيام بإجراءات الضرورية في الوقت المناسب.

عموما يجب على المحاسب العمومي إثبات أن تحصيل الضرائب أصبح متعذرا إما لعدم نجاعة الإجراءات التي قام بها في مواجهة الشركة أو لاستحالة القيام بهذه الإجراءات و في حال لم يستطيع إثبات ذلك، يمكن اعتبار التحصيل متعذرا بسبب إهمال القيام بالإجراءات الضرورية في الوقت المناسب[35]، و بذلك انتفاء العلاقة السببية لتقرير مسؤولية المسير لكون الضرر الحاصل ناتج عن خطأ المتضرر و المتمثل في الإهمال و التقصير في تحصيل الضرائب في مواجهة الشركة.

وفي هذا الإطار أتجه  القضاء الفرنسي للقول بأن العلاقة السببية قائمة بين عدم تقيد المسير بالالتزامات الضريبية و بين استحالة التحصيل، بالنظر إلى أنه قد نتج عن عدم التصريح بنتائج الشركة و تراكم الديون الضريبية في مواجهتها إلى درجة أن الإدارة حررت عدة إشعارات و إنذارات بالتحصيل في مواجهة الشركة دون جدوى[36]. و في واقعة أخر أعتبر القضاء الفرنسي عدم قيام المسير بالتصريح و أداء الضريبة على القيمة المضافة المستخلصة من زبائن الشركة بشكل متكرر، خطأ جسيم يبرر مساءلة المسير طبقا للمقتضيات المادة L.267  من قانون المساطر الجبائية الفرنسي[37].

على هذا الأساس يمكن القول أن القضاء الفرنسي يعتبر التحصيل متعذرا أو مستحيلا كلما ثبت له أن المحاسب العمومي قام بتفعيل إجراءات التحصيل في مواجهة الشركة في الوقت المناسب دون جدوى[38].

و تجدر الإشارة إلى أن تعذر التحصيل يجب أن يكون ناتج عن الأعمال التدليسية التي قام بها المسير، بعبارة أخرى يجب على المحاسب العمومي إثبات العلاقة السببية بين استحالة التحصيل و الأعمال التدليسية التي ارتكبها المسير.

و العلاقة السببية في مجال المسؤولية هي تلك الرابطة القانونية  التي توضح و تبين سبب تحقق ضرر معين.

و يعتبر القضاء الفرنسي[39]أن العلاقة السببية قائمة في حالة إثبات إهمال الشركة الدين الضريبي و تركه يتراكم و عدم قيام المسير بأي إجراء من أجل أداء جانب من هذه الديون، كذلك عندما يقوم المحاسب العمومي بإرسال إشعارات و إنذارات و إشعار الغير الحائر دون جدوى،  و مع ذلك لم يتم أداء الضرائب رغم تفعيل المتابعات الجبائية في الوقت المناسب.

و نستخلص أن موقف القضاء الفرنسي،الذي يقضي بإمكانية مساءلة المسير بمجرد التقصير الجسيم و المتكرر في التقيد بالالتزامات الضريبية،راجع بالدرجة الأساسية إلى مرونة نص المادة L267 على عكس نص المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية التي ضيقت بشكل خانق من نطاق تطبيق المسؤولية التضامنية للمسير، و حصرتها في ضرورة ارتكاب المسير الأعمال التدليسية الشيء الذي نتج عنه في نظرنا تعطيل تفعيل هذه المسؤولية على أرض الواقع في القانون المغربي.

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية

يقصد بالشروط الشكلية لدعوى ما،الإجراءات و المساطر القانونية المتبعة أمام الجهة القضائية المختص للبت في النزاع  معين .و تخضع المسؤولية المثارة بموجب المادة 98 من قانون 15.97 بشكل عام لشروط العامة الواردة في قانون المسطرة المدنية مع مراعاة بعض الخصوصيات.

و سنقتصر في هذه الفقرة على مناقشة الاختصاص لكونه يثير مجموعة من التساؤلات أما باقي الشروط الشكلية الأخرى فهي تحصيل حاصل و لا داعي لإعادة ذكرها.

أولا: الاختصاص النوعي

لئن كان المشرع المغربي قد منح الاختصاص للمحاكم الإدارية للبت في الدعوى التي يكون فيها الدين المطالب به ذو طبيعة عمومية كمبدأ عام، فإنه خرج عن هذا المبدأ في المسؤولية المثارة بموجب المادة 98 و نص بصريح العبارة على أن الجهة المختصة نوعيا في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير هي المحكمة الابتدائية.

و رغم وضوح النص في تحديد الجهة القضائية المختصة نوعيا للفصل في النزاع، فإنه و مع ذلك يثير إشكال في تفسيره من الناحية العملية للأسباب التالية:

أولاـــ نصّ القانون المغربي  في المادة 141 من مدونة التحصيل الديون العمومية على ما يلي” تعرض النزاعات التي قد تنشأ عن تطبيق هذا القانون على المحاكم الإدارية الموجودة بالمكان الذي تستحق فيه الديون العمومية”” و جاء في مضمون  المادة 8 من قانون إحداث المحاكم الإدارية[40] أن الاختصاص يرجع للمحاكم الإدارية  في الدعاوي المتعلقة بتحصيل الديون العمومية المستحقة للخزينة العامة.

 ثانيا ـــ عبارة المحاكم الابتدائية تحتمل التأويل هل المقصود هنا المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة؟ ( و هو الأرجح كما سنرى لاحقا) أم المحاكم الابتدائية الإدارية على اعتبار أن الدين المنازع فيه دين عمومي، أو أن المحاكم المقصودة في نص المادة 98 هي المحاكم التجارية لكون المدعى عليه مسير شركة تجار يكتسب الصفة التجارية بممارسته مهام الإدارة و تسيير؟

و ما يؤكد هذا الغموض الذي يكتنف نص المادة 98 من حيث تحديد الاختصاص التذبذب في موقف القضاء المغربي حول تحديد الجهة القضائية المختصة، حيث إن المجلس الأعلى–سابقا- محكمة النقض حاليا سبق له أن أعطى الاختصاص في قرار صادر بتاريخ 7/11/2009 للمحاكم الابتدائية العادية[41]لكن مع ذلك ما تزال محاكم الموضوع تتخذ مواقف مختلفة، الشيء الذي نتج عنه تعطيل مفعول مقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية[42].

و إن كنا لا نؤيد التوجه التشريعي في تحديد الاختصاص النوعي في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير، فإنه ومع ذلك نرى أن مقتضيات المادة 98 لا تحتاج إلى التأويل ما دامت قد نصت بصريح العبارة على اختصاص المحاكم الابتدائية للبت في هذه دعوى و ذلك للاعتبارات التالية:

  • عبارة المحكمة الابتدائية، تفيد حصرا محاكم الدرجة الأولى ذات الولاية العامة، طبقا للفصل 18 من قانون المسطرة المدنية.
  • القانون رقم 41.90 والمحدث بموجبه المحاكم الإدارية يستعمل عبارة المحاكم الإدارية لا الابتدائية الإدارية للتعبير عن محاكم الدرجة الأولى لهذه المحاكم كذلك نفس الشيء بالنسبة لقانون 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية.
  • موضوع الدعوى موضوع مدني صرف فالغاية من تحريك الدعوى المثارة بموجب المادة 98 هو استصدار سند تنفيذي بمقتضى حكم أو قرار قضائي يقضي بتقرير المسؤولية التضامنية للمسير عن ديون الشركة التي يتولى تسيرها لا الخوض في المنازعات الضريبية المتعلقة بالوعاء و التحصيل.

و إذا كانت المحاكم الابتدائية هي المختصة نوعا للفصل في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير طبقا للمادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل كان المشرع المغربي موفقا في اختياره بمنح الاختصاص للمحاكم الابتدائية المدنية للبت في دعوى المسؤولية  التضامنية للمسير؟

بالرجوع الى القانون الفرنسي الذي أقتبس منه المشرع المغربي نص المادة 98 نجده منح الاختصاص لرئيس المحكمة الابتدائية، و ليس محكمة الموضوع كما هو الشأن في القانون المغربـــــــــــــــــــــي و جعل من دعوى المسؤولية التضامنية للمسير دعوى مستعجلة تقتضي توفر شرطي الجديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة و الاستعجال بالإضافة طبعا إلى الشروط السابق ذكرها و هذا ما يستفاد من مقتضيات اـــلمادة R.267-1 من قانون المساطر الجبائية الفرنسي[43].

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري ساير التوجه التشريعي للقانون الفرنسي و جعل من رئيس المحكمة الجهة المختصة نوعيا في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير[44]. أما القانون التونسي[45] فقد نحى منحى القانون المغربي و منح الاختصاص للمحكمة الابتدائية للبت في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير.

و نرى أن المشرع المغربي لم يكن موفقا بمنح الاختصاص النوعي لمحكمة الموضوع الابتدائية، على عكس المشرع الفرنسي الذي أحسن صنعا في اعتقادنا بمنح الاختصاص لرئيس المحكمة باعتباره قاضي الأمور المستعجلة لتقرير المسؤولية التضامنية للمسير لأن هذا النوع من الدعاوي يتطلب نوع من السرعة في البت بغية تطويق المسير المخالف حتى لا تسنى له تهريب ذمته المالية التي تعتبر ضمان عام للإدارة و المحاسب العمومي، وكذا صون حقوق الخزيـــــــــــــــــــنة و عدم تعريضها لضياع و الهدر.

على هذا الأساس نميل إلى ضرورة تعديل مقتضيات المادة 98 و منح الاختصاص للمحاكم الإدارية في شخص رئيسها للاعتبارات التالية:

  • دعوى المسؤولية التضامنية للمسير و إن كانت دعوى مدنية صرفة فإن شروط تحققها مرتبطة بميدان المنازعات الضريبية بشكل وثيق.فتكييف الوقائع للوقوف على مدى كون الأعمال المرتكبة من طرف المسير أعمال تدليسية تشكل سببا مباشرا في تعذر التحصيل يتطلب أن يكون قاضي النزاع قاضي متخصص و له دراية كافية و شافية بالمنازعات الضريبية.
  • اعتبار الدعوى مدنية في موضوعها لا يشكل عائق أمام عرض النزاع على المحاكم الإدارية ما دام أحد أطراف النزاع من أشخاص القانون العام و الدين المطالب به دين عمومي.
  • منح الاختصاص للمحاكم الإدارية من شأنه أن يضع حدا لتناقض بين مقتضيات المادة 98 و المادة 141 من مدونة التحصيل الديون العمومية كما سنرى لاحقا.
  • حماية حقوق الخزينة من الهدر و الضياع من جهة و حماية المسير من الإجراءات القضائية التي قد تباشر ضده من طرف المحاسب العمومي أسباب وجيهة تجعل من المسؤولية التضامنية للمسير دعوى استعجالية تتطلب نوع من السرعة في البت و هذا معطى لن يتحقق إلا بمنح الاختصاص لرئيس المحكمة باعتباره قاضي الأمور المستعجلة أسوة بالقانون الفرنسي.

ثانيا: الاختصاص المحلي

الاختصاص المحلي أو المكاني هو الذي يعطي للمحكمة صلاحية البت في دعوى ما، بناءً على أساس جغرافي. إن المبدأ العام المطبق هو منح الاختصاص لمحكمة موطن المدعي عليه أو محل إقامته. و على عكس الاختصاص النوعي الذي حدده المشرع بصريحة العبارة في نص المادة 98 لم يرد نص صريح بشأن تحديد الاختصاص المكاني للفصل في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير، و يعتبر سكوت المشرع المغربي عن تحديد المحكمة المختصة جغرافيا في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير سببا وجها لطرح السؤال التالي:

ما هي المحكمة المختصة محليا للفصل في دعوى المسؤولية التضامنية للمسير؟

باستقراء مقتضيات مدونة التحصيل الديون العمومية نجدها تعطي الاختصاص المكاني للمحكمةالإدارية التي يوجد بدائرتها مكان تحصيل الضرائب بمقتضى المادة 141من م ت د ع.

و جاء في مضمونالمادتين29 و 30 من قانون إحداث المحاكم الإدارية أن الاختصاص المكاني للفصل في المنازعات الضريبية يرجع الى المحكمة الواقع بدائرتها المكان الذي تستحق فيه الضرائب أو المكان الذي يجب أن يتم فيه تحصيل الدين المستحق للدولة.

غير أنه سبق و قلنا أن دعوى المسؤولية التضامنية للمسير دعوى مدنية من اختصاص المحاكم الابتدائية المدنية بصريح نص المادة 98 و منه لا يستقيم  أن نطبق قواعد الاختصاص المكاني للمحاكم الإدارية على دعوى من اختصاص المحاكم الابتدائية  المدنية و لقد جاء في مضمون قرار صادر عن المجلس الأعلى ما يليإن النزعات التي تنشأ عن تطبيق مقتضيات المادة 141 من مدونة التحصيل الديون العمومية باعتبارها قانونا خاصا، تعرض على المحاكم الإدارية الموجودة بالمكان الذي تستحق فيه الديون العمومية، عدا الاستثناءات التي نص عليها القانون بشكل صريح كالمادة 80 بشان الإكراه البدني، أو المادة 98 بخصوص المسؤولية التضامنية أو المتصرفين او المسيرين مع الشركة و المقاولة[46].

ونعتقد أنه كان حريا بالمشرع المغربي أن ينص بصريح العبارة على المحكمة المختصة مكانيا على غرار كل من القانون الفرنسي و التونسي و الجزائري، حيث اعتبر القانون الفرنسي و الجزائري المحكمة المختصة مكانيا هي المحكمة التي يوجد بدائرتها المقر الاجتماعي للشركة، اما المشرع التونسي فقد منح الاختصاص للمحكمة التابع لها مقر عمل المحاسب العمومي.

إن الإحالة على القواعد العامة، المواد 27 و 28 من المسطرة المدنية لن تحل المعضلة بل ستزيد الأمور أكثر تعقيدا،خصوصا إذا ما علما أ ن معطيات دعوى المادة 98 مركبة و متشعبة. فإذا ما نظرنا إليها من زاوية الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية فإن الاختصاص يجب أن ينعقد مبدئيا لمحكمة موطن المدعي عليه،أما إذا نظرنا إليها من زاوية الفصل 28 فإن الاختصاص يجب أن ينعقد إما لمحكمة المكان الذي يجب فيه تأدية الضريبة على اعتبار أن الغاية من الدعوى هو استصدار سند تنفيذي لمباشرة التحصيل في مواجهة المسير أو للمحكمة التي يوجد بدائرتها المقر الاجتماعي للشركة لكونها  ناتجة عن إخلال المدين الأصلي ( الشركة أو المقاولة)بالتزاماته الضريبية.

خاتمة

تتجه إرادة المشرع من خلال مقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية إلى ضمان حماية مصالح الخزينة العمومية من خلال تقرير المسؤولية الشخصية لمسيري و مدبري الشركات عن ديون الشركة الضريبية،و يعتبر ضلوع المسير في تعذر التحصيل المبالغ المستحقة لفائدة الخزينة سببا وجيها للخروج عن القاعدة العامة التي تقضي باستقلال الذمة المالية للشركة عن الذمة المالية للمسير.

و لقد حاول المشرع المغربي في نص المادة 98 أن يحمي بالمقابل مسيري الشركات عن طريق إحاطة هذه المسؤولية بنطاق محدد و شروط معنية تجعل من المسؤولية التضامنية لمسيري الشركات مسؤولية استثنائية بكل المقاييس،و ذلك بغية خلق توازن بين مصالح مسيري الشركات من جهة و مصالح الإدارة الجنائية من جهة أخرى.

غير انه تبين  من خلال مقارنة نص المادة 98 بجانب من التشريعات المقارنة أن المشرع مغربي لم يحالفه الحظ في خلق التوازن المنشود بين حماية حقوق الخزينة و حماية المسير حيث تشدد  و حصر إمكانية اللجوء إلى هذه الوسيلة في ضرورة ارتكاب المسير لأعمال تدليسية، و لم يفتح الباب أمام إمكانية تفعيل هذه المسؤولية بمجرد الإخلال بالتزامات الضريبية بشكل متكرر و جسيم،كما هو الشأن في القانون الفرنسي و الجزائري. و يعاب كذلك على المشرع المغربي عدم النص بصريح العبارة  في متن المادة 98على إمكانية اتخاذ التدبير التحفظية في حق المسير المرفوعة ضده دعوى المسؤولية التضامنية لأن القواعد العامة لا تخول للمحاسب اتخاذ هذه الاجراءات مادامت هذه المسؤولية استثناء على المبدأ العام الذي يقضي باستقلال الذمم المالية، كما أن الاختصاص للبت في الدعوى من المفروض منحه للمحكمة الإدارية لان شروط تحقق هذه المسؤولية مرتبطة بشكل وثيق بالمنازعات الضريبية، و في شخص رئيسها على اعتبار أن هذه المسؤولية ذات طابع استثنائي و استعجالي و تطلب نوع من السرعة في البت، و كون القاضي الإداري أدرى بالمنازعات الضريبية أكثر من أي قاضي أخر.

عموما يمكن القول أنه من النادر عمليا اللجوء إلى تفعيل مقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية من طرف المحاسبين العموميين، ربما هذا راجع إلى الغموض الذي يكتنف مضمون المادة 98 من م ت د ع  أو إن المحاسبيين العموميين لهم من الوسائل البديلة لاستخلاص الديون الضريبية المتعلقة بالشركات و المقاولات و التي تغنيهم عن اللجوء إلى دعوى تقرير المسؤولية التضامنية للمسيرين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

المراجع باللغة العربية

مجلة المنبر القانوني العدد الخامس أكتوبر 2013

ذ. محمد قصري، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي،مطبعة دار أبي رقراق للطباعة و النشر، الطبعة الثالثة

رابح بن زارع، نطاق المسؤولية الجبائية لمسيري الشركات (دراسة مقارنة بين التشريعين الجزائري و الفرنسي) مقال منشور في بمجلة التواصل في الاقتصاد و الادارة و القانون عدد 48 ديسمبر 2016 ص 113.

محمد بفقير، مدونة التحصيل الديون العمومية و العمل القضائي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة  الطبعة الاولى سنة 2016.

-أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الخامس، في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، مطبعة المعارف،  الجديدة الطبعة الأولى، الرباط، 2005.

-أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الرابع شركات المساهمة، الطبعة الاولى 2014.

– فؤاد معلال: شرح القانون التجاري  المغربي الجديد، الجزء الثاني الشركات التجارية مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية، 2001 .

– عز الدين بنستي: الشركات التجارية في القانون المغربي، الجزاء الثاني،  الطبعة الاولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، السنة 2002.

نور الدين مرزاق: المسير الفعلي في الشركات التجارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الاعمال، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2009/2010. ص 19.

الميلودي شكري: مسؤولية المسير عن جرائم تسيير شركات المساهمة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، ماستر المستشار القانوني للمقاولات، مراكش السنة الجامعية 2011/2012 ص 15.

عزيزة تابتي، المسؤولية الضريبة لمسيري الشركات التجارية وفق مقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون و الاعمال الدولية، بتاريخ 25/04/2020.

www.Droitetentreprise.com

المراجع باللغة الفرنسية:

Pereira Brigitte, la responsabilité pénale des entreprises et de leurs dirigeants , éditions eme dupli-print, France, 2011, P 138.

Barthelemy MERCADAL et janin PHILIPE, Mémento pratique Francis Lefebvre, droit des affaires, sociétés commerciales, 2004,  P 1327 , n° 28767.

CF.J.-L. RIVES-LANGE, La notion de dirigeant de fait ( au sens de l’art. 99 de la loi du 13 juill. 1967 sur le règlement judiciaire et la liquidation des biens). D. 1975 Chron. P 41, n° 5.

 

  1. TRICOL. Les critères de la gestion de fait, dr et patr, janv, 1996 p 24

NZE NDONG DIT MBELE JEAN-RICHARD, Le dirigeant de fait en droit prive français, thèse en vu de l’obtention de grade de docteur en droit privé, université nancy 2 faculté de droit , sciences économique et gestion

 

patrick.herrou , L’ACTION EN RESPONSABILITE FISCALE A L’EGARD DU DIRIGEANT DE SOCIETES (Article L. 267 du Livre des Procédures Fiscales) article publie dans le site : https://blogavocat.fr/space/patrick.herrou/

Trésorerie  générale de royaume, instruction de recouvrement,  mais 2001 ; p 184.

HOUARI ZENASNI, la responsabilité fiscale des dirigeants de societes commerciales, mémoire en vu de l’obtention du diplôme de magistère, dans le cadre de l’école « droit comparé des affaires » universite d’oran ecole doctorale. P 38.

Alexandre GREVET , Pour une réforme de la solidarité du dirigeant au passif fiscal, thèse de doctorat  école doctorat de dauphine SOUTENUE LE 15/11//2016 ,  P 146.

 

Casimir (Jean .Pierre ) et Chade faux ( martial) : Responsabilité fiscale des dirigeants de sociétés, chroniques. Droit fiscal R.F.C 305 Novembre 1998.

 

DOUAY M. La responsabilité fiscale solidaire des dirigeant de sociétés ( LPF, art, L.267) : cinquante ans de mise en œuvre par la DGFIP, RF 10/2010, n° 20, § 210.

Le trésorerie général de royaume , la responsabilité solidaire des dirigeants dans le recouvrement des créances publiques , revue quadrimestrielle du ministère de l’économes et des finances n° 64 p 24.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Sommaire

مقدمة…………………………………………………………………………………………………………….1

المطلبالأول: نطاقتطبيقمسؤوليةالجبائية للمسير طبقاللمادة 98 منقانون 15.97. 2

الفقرةالأولى: منحيثالموضوع. 3

الفقرةالثانية: من حيثالأشخاص… 4

أولا: المسيرالقانوني. 5

ثانيا: المسيرالفعلي. 7

المطلبالثاني: شروطتقريرالمسؤوليةالجبائيةللمسيرطبقاللمادة 98 منقانون 15.97. 9

الفقرةالأولى: الشروطالموضوعية. 10

أولا: الأعمالالتدليسية. 10

ثانيا: تعذرتحصيلالضرائبوالعلاقةالسببية. 14

الفقرةالثانية: الشروطالشكلية. 17

أولا: الاختصاصالنوعي. 17

ثانيا: الاختصاصالمحلي. 21

خاتمة……………………………………………………………………………………21

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]

جاء في مضمون قرار صادر عن المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا ما يلي ” الذمة المالية للشريك مستقلة عن الذمة المالية للشركة الموجودة في حالة تصفية، و من ثم فإن تعرض محصل الضرائب على حسابه الخاص لتحصيل دين ضريبي في ذمة الشركة، دون إثبات كون عائدات هذا الحساب ناتجة عن التصفية يعتبر غير قائم على أساس سليم.”

  • قرار عدد 246 المؤرخ في 1999/03/11 الملف الإداري عدد 1997/868 أورده ، ذ. محمد قصري، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي،مطبعة دار أبي رقراق للطباعة و النشر، الطبعة الثالثة. ص 567.

[2]

جاء في نص المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية ما يلي

إذا تعذر تحصيل الضرائب كيفما كانت طبيعتها والغرامات والزيادات و صوائر التحصيل المرتبطة بها الواجبة على شركة أو مقاولة نتيجة أعمال تدليسية مثبتة قانونا، أمكن جعل المدبرين أو المتصرفين أو المسيرين الآخرين مسؤولين على وجه التضامن مع الشركة أو المقاولة عن أداء المبالغ المستحقة وذلك إذا لم يكونوا ملزمين بأداء ديون الشركة تطبيقا لأحكام أخرى.

تثار هذه المسؤولية حسب الحالة بمبادرة من الخازن العام للمملكة أو المدير العام للضرائب أو المدير العام لإدارة الجمارك و الضرائب الغير المباشرة الذين يقيمون دعوى لهذا الغرض أمام المحكمة الابتدائية ضد المدبرين و المتصرفين أو المسيرين الآخرين.

  • ظهير شريف رقم 1.00.175 صادر في 28  محرم 1421 ( 3 ماي 2000) بتنفيذ القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4800 بتاريخ 28 صفر 1421 (فاتح يونيو 2000) ص 1256.
  • تجدر الإشارة إلى أن المادة 98 تممت بمقتضى المادة 9 من قانون المالية رقم 43.10 للسنة المالية 2011 الصادر بتنفيذه ظهير الشريف رقم 1.10.200 بتاريخ 23 محرم 1432 ( 29 ديسمبر 2010)، الجريدة الرسمية عدد 5904 بتاريخ 24 محرم 1432 ( 30ديسمبر 2010) ص 5489.

[3]

تنص المادة 1 من قانون 17.95 على ما يلي”  يقصد بالتحصيل مجموع العمليات و الاجراءات التي تهدف الى حمل مديني الدولة و الجماعات المحلية و هيأتها و المؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضي القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ، أو الناتجة عن أحكام و قرارات القضاء أو عن الاتفاقات. ”

و جاء في المادة 2 ما يلي ” تعتبر ديونا عمومية بمقتضى هذا القانون

الضرائب المباشرة للدولة والرسوم المماثلة وكذا الضريبة على القيمة المضافة، المشار إليها بعبارة ” الضرائب والرسوم

  • الحقوق والرسوم الجمركية ؛
  • حقوق التسجيل والتمبر والرسوم المماثلة ؛
  • مداخيل وعائدات أملاك الدولة ؛
  • حصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة ؛
  • الغرامات والإدانات النقدية ؛
  • ضرائب ورسوم الجماعات المحلية وهيئاتها ؛
  • سائر الديون الأخرى لفائدة الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية التي يعهد بقبضها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل، باستثناء الديون ذات الطابع التجاري.”

 

 

[4]

تجدر الاشارة الى أن  تحريك دعوى المسؤولية التضامنية للمسير، كان في السابق محصورا في شخص الخازن العام للمملكة دون غيره، لكن بعد تتميم نص المادة 98  بمقتضى المادة 8 من  قانون المالية 40.08 لسنة  2009المنشور بالجريد الرسمية عدد 5695 مكرر بتاريخ 31 ديسمبر 2008 و المادة 9 من قانون المالية لسنة 2011 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5904 بتاريخ ديسمبر 2010. أصبح تحريك هذه الدعوى بيد كل من الخازن العام للمملكة و المدير العام للضرائب و المدير العام لإدارة الجمارك و الضرائب الغير المباشرة.

[5]

جاء في مضمون الفقرة الأولى من المادة L267ما يلي:

« Modifié par Ordonnance n°2019-964 du 18 septembre 2019 – art. 35 (VD)

Lorsqu’un dirigeant d’une société, d’une personne morale ou de tout autre groupement, est responsable des manoeuvres frauduleuses ou de l’inobservation grave et répétée des obligations fiscales qui ont rendu impossible le recouvrement des impositions et des pénalités dues par la société, la personne morale ou le groupement, ce dirigeant peut, s’il n’est pas déjà tenu au paiement des dettes sociales en application d’une autre disposition, être déclaré solidairement responsable du paiement de ces impositions et pénalités par le président du tribunal judiciaire. A cette fin, le comptable public compétent assigne le dirigeant devant le président du tribunal judiciaire du lieu du siège social. Cette disposition est applicable à toute personne exerçant en droit ou en fait, directement ou indirectement, la direction effective de la société, de la personne morale ou du groupement. … »

الملاحظ هنا أن المشرع الفرنسي هو كذلك أستعمل مصطلح  des impositionsالذي يفيد الضرائب  و تجنب استعمال مصطلح les créances publiques الذي يفيد الديون العمومية ليؤكد أن مسؤولية المسير التضامنية بمقتضى المادة L.267 ينحصر نطاقها من حيث الدين في الضرائب و الذعائر المتعلقة بها، دون أن تشمل كافة الديون العمومية

على هذا الأساس يمكن القول أن الديون العمومية التي يمكن ان تكون محلا لتحريك المسؤولية التضامنية للمسير هي الديون الضريبية لا غير و بذلك يخرج من نطاق تطبيق المسؤولية التضامنية للمسير باقي الديون العمومية الاخر و التي لا تعتبر من حيث طبيعتها ديون ضريبية.

[6]

لتوسع أكثر في أجهزة التسيير في الشركات التجارية في القانون المغربي يمكن الرجوع الى:

-أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الخامس، في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، مطبعة المعارف،  الجديدة الطبعة الأولى، الرباط، 2005.

-أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الرابع شركات المساهمة، الطبعة الاولى 2014.

-فؤاد معلال: شرح القانون التجاري  المغربي الجديد، الجزء الثاني الشركات التجارية مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية، 2001 .

– عز الدين بنستي: الشركات التجارية في القانون المغربي، الجزاء الثاني،  الطبعة الاولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، السنة 2002.

[7]

الميلودي شكري: مسؤولية المسير عن جرائم تسيير شركات المساهمة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، ماستر المستشار القانوني للمقاولات، مراكش السنة الجامعية 2011/2012 ص 15. .

[8]

Pereira Brigitte, la responsabilité pénale des entreprises et de leurs dirigeants , éditions eme dupli-print, France, 2011, P 138.

 

[9]

Barthelemy MERCADAL et janin PHILIPE, Mémento pratique Francis Lefebvre, droit des affaires, sociétés commerciales, 2004,  P 1327 , n° 28767.

 

[10]

رابح بن زارع، نطاق المسؤولية الجبائية لمسيري الشركات (دراسة مقارنة بين التشريعين الجزائري و الفرنسي) مقال منشور في بمجلة التواصل في الاقتصاد و الادارة و القانون عدد 48 ديسمبر 2016 ص 113.

[11]

Paris, 7-5 du09/11/2010 R G N° 2009. Epoux C.

أورده رابح زارع في المرجع السابق ص 113.

و في قرار أخر صادر عن محكمة النقض الفرنسية اعتبرت فيه أن محكمة الاستئناف كانت على صواب عندما ثبت لها أن السيد ة X تمارس مهام التسيير لشركة SOCIETE STX فعليا  و استندت المحكمة لتقرير صفة المسير الفعلي للشركة على ظروف و ملابسات القضية حيث ثبت لها “أن السيدة X رغم عدم كونها المسير القانوني للشركة فهي من يتولى التوقيع على التصاريح المتعلقة TVA و التوقيع على طلبات الحصول على براءات الاختراع و عقود امتلاكها، التوقيع على المرسلات الموجهة لإدارة الضرائب، الحضور في المراقبة الضريبية التي خضعت لها الشركة ، إيداع إمضائها لدا بنك الشركة العامة امتلاكها لنسبة  40 % من حصص الشركة…”

أنظر:

Com,5, octobre, 2004, n°, 02-20-760. Inedit

https:// beta.legifrance.gouv.fr

 

[12]

Cass. Crim., 10 septembrev2014 n° 13-84933 ; Cass, Crim,. 3 février 2016 n° 14-87233 ; Cass, Crim,. 28 janvier 2004, n° 03-80595.

[13]

«  est un dirigeant de fait celui qui, en toute souveraineté et indépendance, exerce une activité positive de gestion et de direction »

CF.J.-L. RIVES-LANGE, La notion de dirigeant de fait ( au sens de l’art. 99 de la loi du 13 juill. 1967 sur le règlement judiciaire et la liquidation des biens). D. 1975 Chron. P 41, n° 5.

أنظر كذلك

نور الدين مرزاق: المسير الفعلي في الشركات التجارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الاعمال، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2009/2010. ص 19.

[14]

«  Le gérant de fait est celui qui dirige une société, sans avoir été régulièrement investi, par les organes de la société, du pouvoir de la représenter »

  1. TRICOL. Les critères de la gestion de fait, dr et patr, janv, 1996 p 24

أورده

NZE NDONG DIT MBELE JEAN-RICHARD, Le dirigeant de fait en droit prive français, thèse en vu de l’obtention de grade de docteur en droit privé, université nancy 2 faculté de droit , sciences économique et gestion

[15]

patrick.herrou , L’ACTION EN RESPONSABILITE FISCALE A L’EGARD DU DIRIGEANT DE SOCIETES (Article L. 267 du Livre des Procédures Fiscales)article publie dans le site : https://blogavocat.fr/space/patrick.herrou/

 

[16]

حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، رقم 41 بتاريخ 11 فبراير 2008 ملف رقم 97/10/2001.

أورده: نور الدين مرزاق: المسير الفعلي في الشركات التجارية، المرجع السابق، ص 36.

[17]

جاء  في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء  ما يلي”… و حيث عرف الفقه الفرنسي المسير الفعلي بأنه الشخص الذي يتصرف مثل المسير القانوني  دون أن يكون معينا لهذه الغاية و يمارس نشاطا إيجابيا و مستقلا  في إطار تسيير المقاولة كما أنه يتدخل بشكل إيجابي في إدارة المقاولة…”

-المحكمة التجارية بالدار البيضاء: حكم رقم 206 /2005 بتاريخ 20 يونيو 2005، ملفان مضمومان: 119/2005 و 98/24/2005 .أورده: : نور الدين مرزاق: المسير الفعلي في الشركات التجارية، المرجع السابق، ص 37.

[18]

رابح بن زارع، المرجع السابق  ص 114.

 

 

[19]

(…On entend par manœuvres frauduleuses, la mise en œuvre  de procèdes ayants pour finalité  d’éluder le paiement des impôts et taxes, accomplis en tout connaissances de cause et pouvant être considères comme des erreurs ou des omissions involontaires.)

Trésorerie  générale de royaume, instruction de recouvrement,  mais 2001 ; p 184.

[20]

نفس الشيء بالنسبة للمشرع الجزائري الذي تفدى إعطاء تعريف للمناورات  التدليسية المنصوص عليها في المادة 155 من قانون المساطر الجبائية الجزائري.

[21]

HOUARI ZENASNI, la responsabilité fiscale des dirigeants de societes commerciales, mémoire en vu de l’obtention du diplôme de magistère, dans le cadre de l’école « droit comparé des affaires » universite d’oran ecole doctorale. P 38.

[22]

Conseil d’etat, 4 décembre 1985 ;Cass, com, 08 octobre 1986.

أورده:

 

Alexandre GREVET , Pour une réforme de la solidarité du dirigeant au passif fiscal, thèse de doctorat  école doctorat de dauphine SOUTENUE LE 15/11//2016 ,  P 146.

 

[23]

جاء في نص الفصل 28 سابعا  من مجلة المحاسبة العمومية التونسية ما يلي

” إذا تعذّر استخـلاص الديــون الراجعة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية الخاضعــة ميزانيتها وتصرفها المـــــــــالي والمحاسبي إلى أحكــام القانون الأساسي للميزانية ومجلة المحاسبة العمومية والمتخلدة بذمة شخص معنوي تبعا لعمليات قام بها مسيّره أو مسيّروه قصد التملـّص من دفعها، فإنه يمكن تحميل المسيّر أو المسيرين المسؤولية التضامنية في تسديد الديون المعنية بالتملّص وذلك بمقتضى حكم صادر بناء على دعوى يرفعها المحاسب العمومي المكلف بالاستخلاص أمام المـــحكمة الابتدائية التي يوجد مقـــره بدائرتها وذلك طبقا لأحــــكام مجلــة المرافعات المدنية و التجارية.
ويتم رفع الدعوى إذا تبين أن المسيّر أو المسيرين قاموا إثر انطلاق عملية المراقبة أو المراجعة الجبائية أو إثر مباشرة إجراءات الاستخلاص وبهدف التملّص من دفع الديون العمومية بإحدى أو بعض العمليات التالية :

– التغيير المتعمد للإسم الاجتماعي للشخص المعنوي أو لمقره دون إعلام مصالح الجباية،
– القيام بعمليات تؤدي إلى تحويل ممتلكات الشخص المعنوي إلى الغير،
– افتعال وضعيات قانونية غير حقيقية.
ويجوز للمحاسب العمومي ضمانا لاستخلاص الديون، اتخاذ تدابير تحفظية على مكاسب مسيّر أو مسيّري الشخص المعنوي وذلك بناء على إذن من رئيس المحكمة المتعهدة طبقا للفصل 322 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية. ولا تفقد هذه التدابير آثارها إلا في صورة رفض الدعوى المرفوعة من قبل المحاسب العمومي بمقتضى حكم اكتسب صبغة الحكم الباتّ أو إذا تم خلاص الديون المتخلدة بذمة الشخص المعنوي.
ولا تطبّق مقتضيات هذا الفصل على المسيّر أو المسيّرين الملزمين شخصيا وبحكم القانون طبقا لمجلة الشركات التجارية، أو بموجب حكم صادر ضدهم، بتأدية الديون المستحقة في ذمة الشخص المعنوي.
تطبق أحكام هذا الفصل بمفعول رجعي”.

[24]

Casimir (Jean .Pierre ) et Chade faux ( martial) : Responsabilité fiscale des dirigeants de sociétés, chroniques. Droit fiscal R.F.C 305 Novembre 1998.

 

[25]

عزيزة تابتي، المسؤولية الضريبة لمسيري الشركات التجارية وفق مقتضيات المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون و الاعمال الدولية، بتاريخ 25/04/2020.

www.Droitetentreprise.com

[26]

يتجلى من خلال مقارنة بسيطة بين نصوص المسؤولية الجبائية للمسير في القانون المغربي و تشريعات المقارنة أن أوجه الاختلاف متعددة و كثيرة و لعل أهمها أن المادة 98 من مدونة التحصيل الديون العمومية  أغفلت التنصيص بشكل صريح على أحقية المحاسب العمومي باتخاذ كافة الإجراءات التحفظية في مواجهة المسير من أجل أداء الديون الضريبية لشركة التي يتولى تسيرها، على عكس كل من القانون الفرنسي و التونسي و الجزائري الذين  أشروا بصريح العبارة على جواز اتخاذ المحاسب العمومي كافة التدابير و الإجراءات التحفظية في مواجهة المسير ضمانا لاستخلاص الديون المترتبة على ذمة الشركة. و قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه المسألة ما هي إلا تحصيل حاصل و لا تحتاج إلى التنصيص عليها بشكل صريح حيث يمكن العودة إلى القواعد العامة للقول بجواز أحقية المحاسب العمومي في القيام بهذه الإجراءات. غير أن الحقيقة خلاف ذلك نظرا لكون المسؤولية الواردة في المادة 98 مسؤولية استثنائية و الاستثناء لا يتوسع فيه و لا يقاس عليه كما أن المدين الأصلي هو الشركة لا المسير و ذمة كل واحد منهما مستقلة عن الأخرى، إذن كيف يعقل أن تتخذ إجراءات تحفظية على ذمة شخص لضمان أداء ديون ضريبية ملقاة على كاهل شخص أخر. بالإضافة إلى  ذلك الدين لم يتحقق و لم يثبت بعد في مواجهة المسير ما دام لم يصدر أي حكم أو قرار قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به  يقضي بتقرير مسؤوليته التضامنية عن ديون الشركة، فهذا الحكم هو الذي يعتبر سند تنفيذيا في مواجهة المسير، و  يمكن على  أساسه اتخاذ كافة التدبير في موجهته. و  من حقنا هنا التساؤل عن ما مدى جدوى اتخاذ التدبير التحفظية في موجهة المسير بعد صدور حكم يقضي تقرير مسؤوليته؟

إن الغاية من اتخاذ التدبير التحفظية هو ضمان استخلاص الديون و المحافظة على الذمة المالية للمدين التي تعتبر ضمانا عاما لدائــــنه، و هذا لن يتحقق في اعتقادنا في حال تم ربط اتخاذ هذه التدبير بضرورة صدور حكم يقضي بتقرير مسؤولية المسير التضامنية، لأن هذا الأخير سيعمل على تهريب و إضعاف ذمته المالية التي تعتبر ضمانا عاما للمحاسب العمومي في الفترة الفاصلة بين رفع دعوى و صدور حكم يقضي بتقرير مسؤوليته التضامنية.

و يسير القضاء المغربي في اتجاه عدم أحقية المحاسب العمومي فاتخاذ الإجراءات التحفظية في حق المسير لكون الذمة المالية للمسير مستقلة عن الذمة المالية للشركة و عدم  كون الدين ثابت و محقق في مواجهة المسير، و في هذا الإطار صدر قرار عن محكمة النقض المغربية تحت عدد 119 المؤرخ في 02/02/2012 ملف تجاري عدد 1172/3/1/2011 جاء فيه كقاعدة ما يلي ” استقلال ذمة المسير عن ذمة الشركة. مكنة الحجز على أملاك المسير لأداء دين الشركة. إن الذمة المالية للمسير مستقلة عن ذمة الشركة  و لا يمكن الحجز على ممتلكاته الخاصة لضمان أداء دين بذمتها  استصدار أمر قضائي لإجراء خبرة بشأن الاختلالات في التسير لا ينهض حجة على ثبوت الدين و تحققه و لا تعد مثبتة للدين و لا يمكن الاحتجاج بها لتبرير استمرار الحجز” كما جاء في أمر صادر عن رئيس المحكمة الادارية بالدار البيضاء بتاريخ 06/06/20 تحت عدد 175 في ملف  عدد 06/354 س ما يلي ” – رفع الحجز … يختص قاضي الامور المستعجلة بالبت فيه متى ثبت كون الحجز حصل باطلا بطلانا مطلقا بعدم استيفائه الاركان اللازمة لصحته و لعدم تحقق الأوضاع الشكلية الضرورية لإقاعه…نعم.

حجز تحفظي أوقع على عقار مملوك لمسير شركة مسؤولية محدودة لتحصيل ضرائب في ذمة الشركة…لا… إنعدام المسؤولية التضامنية و استقلال الذمم… نعم… حجز تعسفي… الامر برفعه.. نعم .”

(أمر منشور بمجلة الملف عدد 12ص 312 و ما يليها.)

أورده: محمد بفقير، مدونة التحصيل الديون العمومية و العمل القضائي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة  الطبعة الاولى سنة 2016.

 

لدى نرى أن المشرع المغربي كان حريا به أن ينص بصريح العبارة في نص المادة 98 على غرار باقي التشريعات المقارنة على جواز أحقية المحاسب العمومي في اتخاذ كافة التدبير التحفظية في موجهة المسير بمجرد رفع دعوى المسؤولية التضامنية في مواجهته لان القواعد العامة لا تسعف الإدارة في طلب إتخاذ التدبير التحفظية في مواجهة المسير مادامت المسؤولية الجبائية المثارة بموجب المادة 98 استثناء على المبدأ العام الذي يقضي باستقلال الذمم المالية للأشخاص.

استمرار الفراغ التشريعي في هذا المجال دون الالتفات الى خصوصية المسؤولية التضامنية للميسر و طابعها الاستثنائي، سيفرغ هذه المسؤولية من محتواها و سيجعل منها فقط  حبر على ورق لا تتعدى صفحات القانون المنظم لمدونة التحصيل الديون العمومية، بل سيصبح من الصعب تحصيل ضرائب الشركة التي لم بتم استخلاصها نتيجة الإعمال التدليسية المرتكبة من طرف المسير. فكيف لمن تملص في أداء الضرائب و هو يمثل الشخص المعنوي ألا يعمل على التملص في أدائها من ذمته المالية.

 

[27]

HOUARI ZENASNI, la responsabilité fiscale des dirigeants de societes commerciales, op.cit., p 43.

[28]

وفي قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية اعتبرت فيه أن مسؤولية المسير التضامنية طبقا للمادة 267 l غير قائمة لكون عدم التقيد بالالتزامات الضريبية و إن كانت متكررة فإنها لا ترقي الى دراجة الجسامة و الخطورة التي على أساسها يمكن ترتيب المسؤولية التضامنية للمسير و اعتبرت في تعليلها  أنه على  محكمة الاستئناف أن تبحث في ظروف الحال و مدى حسن نية المسير لتقرير مدى جسامة الاختلالات الضريبية المرتكبة من طرف المسير و مدى توفر العلاقة السببية بين الأفعال المرتكبة من طرف المسير و تعذر تحصيل الضرائب.

Com. 11 janvier 2005 ,02-16597 Publié au bulletin.

https://beta.legifrance.gov.fr

 

[29]

حكم رقم: 2496 صادر عن المحكمة التجارية بمراكشبتاريخ:  17/10/2019 ( غير منشور)

 

[30]

Olympe Dexante-de Bailliencourt § Béatrice lapérou-Scheneider, Les responsabilités du dirigeant de société Regards croisés de droit civil et de droit pénal. Dalloz, 2018, P. 144.

[31]

DOUAY M. La responsabilité fiscale solidaire des dirigeant de sociétés ( LPF, art, L.267) : cinquante ans de mise en œuvre par la DGFIP, RF 10/2010, n° 20, § 210.

[32]

Alexandre GREVET , Pour une réforme de la solidarité du dirigeant au passif fiscal, thèse de doctorat  école doctorat de dauphine SOUTENUE LE 15/11//2016 ,  P 265.

[33]

تنص المادة 686 من مدونة التجارة  من الكتاب الخامس على ما يلي ” يوقف حكم فتح المسطرة أو يمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون  أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور و ترمي إلى:

–  الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال .

– فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال.

يوقف الحكم أو يمنع كل إجراء تنفيذي يقيمه هؤلاء سواء على المنقولات أو على العقارات.

توقف تبعا لذلك الآجال المحددة تحت طائلة السقوط أو الفسخ.

……”

كما جاء في المادة 690 ما يلي ” يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة القانون منع أداء  كل دين نشأ قبل صدوره.”

و نشير الى  أنه تم نسخ مقتضيات الباب الخامس من مدونة التجارة  و تعويضه بمقتضى المادة الأولى  من قانون رقم 73.17 بنســـــخ و تعويض الكتاب  الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة ، فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439 ( 19 أبريل 2018) الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439 ( 23 أبريل 2018)، ص 2345.

[34]

تجدر الاشارة الى أن مقتضيات المواد 719 الى 723 من مدونة التجارة المتعلقة بالتصريح بالديون في مساطر صعوبات المقاولة لا تلزم السنديك  بضرورة إشعار المحاسب العمومي للتصريح بالديون العمومية  الناشئة قبل فتح المسطرة في مواجهة المقاولة، غير انه استثناء لا يمكن مواجهة إدارة الضرائب بسقوط الديون الضريبية السابقة لفترة فتح المسطرة عند عدم التصريح بالديون داخل الآجال القانونية ما دام أن المقاولة التي تطلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية لم تقدم إقرار بذلك لدى مصلحة الوعاء الضريبي

و هذا ما يستفاد من مقتضيات الفقرة الاخيرة  المادة 150 من المدونة العامة للضرائب “…..

III– استثناء من جميع الأحكام المخالفة، يجب على كل مقاولة  تطلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية أن تقدم إقرارا  بذلك لدى مصلحة الوعاء الضريبي التابع لها مكان فرض الضريبة.  يترتب عن عدم تقديم الإقرار المذكور لدى مصلحة الوعاء الضريبي عدم مواجهة إدارة الضرائب بسقوط الواجبات المرتبطة بالفترة السابقة لفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية.

و الملاحظ هنا أن الأخذ بحرفية النص يجعل هذا  الامتياز يقتصر فقط على حالة التي يتم فتح مساطر صعوبات المقاولة بناء على طلب المدين دون ان يشمل باقي الحالات الاخرى، كما أن الديون العمومية  التي يمكنها الاستفادة  من هذا المقتضى  هي الديون الضريبية التابعة في تنظيمها و تسيرها للمديرية العامة للضرائب.

[35]

في قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية اعتبرت فيه أنه لا يمكن تحميل المسير المسؤولية التضامنية عن ديون الشركة إذا لم يقيم المحاسب العمومي الدليل على أنه قام بإجراءات التحصيل في مواجهة الشركة في الوقت المناسب دون جدوى.

Com. 10 juillet , 2007, FD, n° : 03.11.131.

https://www.legifrance.gouv.fr/

[36]

Paris 5-7 12/10/2010.RG n° 2010/01169 M B.

[37]

Com, 12 mai 2015, FS-P+B, n° 13-27.507

Dalloz.fr/documentation/dallozactualité27mai2015.

 

 

[38]

Com.10 juil 2007 FD n° 06.11.131.

[39]

Com. 12 mai 2015, FS-P+B ,N° 13.27.507 ; Com, 18 oct, 2011, F-P.B N° 10.25.932

[40]

تنص الفقرة الثانية من المادة 8 من قانون إحداث المحاكم الإدارية على ما يلي”….

و تختص المحاكم الإدارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق  النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمعاشات و منح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة  و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة و موظفي إدارة مجلس النواب و موظفي إدارة مجلس المستشارين و عن تطبيق  النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالانتخابات و الضرائب و نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، و بالبت في الدعاوي المتعلقة بتحصيل الديون العمومية المستحقة للخزينة العامة و النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين و العاملين في مرافق الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة و موظفي إدارة مجلس النواب و موظفي مجلس المستشارين، و ذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.

…..”

[41]

Le trésorerie général de royaume , la responsabilité solidaire des dirigeants dans le recouvrement des créances publiques , revue quadrimestrielle du ministère de l’économes et des finances n° 64 p 24.

[42]

Le trésorerie général de royaume , la responsabilité solidaire des dirigeants dans le recouvrement des créances publiques, op,cit, p24

[43]

Article R*267-1

Modifié par Décret n°2012-430 du 29 mars 2012 – art. 34

En cas d’assignation prévue par le premier alinéa de l’article L. 267, le président du tribunal statue selon la procédure à jour fixe.

Le comptable public compétent mentionné par le même alinéa est un comptable de la direction générale des finances publiques.

 

[44]

أنظر الفقرة الثانية من المادة 155 من قانون المساطر الجبائية الجزائري.

[45]

أنظر الفقرة الأولى الفصل 28 سابعا من مجلة المحاسبة العمومية التونسية.

[46]

– قرار منشور بمجلة المنبر القانوني العدد الخامس أكتوبر 2013 ص 279 و ما بعدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى