المسؤولية الجنائية لمسيري المقاولات على ضوء قانون 73.17 الناسخ والمعوض للكتاب الخامس من مدونة التجارة
بسم الله الرحمن الرحيم
المسؤولية الجنائية لمسيري المقاولات على ضوء قانون 73.17 الناسخ والمعوض للكتاب الخامس من مدونة التجارة
من إعداد:
خديجة جليلي
محامية متمرنة بهيئة الدار البيضاء وخريجة ماستر المنازعات القانونيةوالقضائية
معلوم أن القانون يروم تحقيق العديد من الأهداف، ومن بينها تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع بشكل عام. ولا شك أن القانون ينظم مجالات مختلفة، كالاقتصاد والسياسة… ولا شك أن مجال الأعمال يشكل مجالا حيويا يمس مختلف المصالح الأساسية من إدارات عمومية ومؤسسات مالية وأسواق خارجية ومستهلكين. ولا ريب أن المجال الاقتصادي وثيق الصلة بالمجال الاجتماعي. ذلك أن انتشار الفوضى في المجال الاقتصادي وغياب سياسية جنائية دقيقة يؤثر لا محالة على الظروف الاجتماعية لأي مجتمع، إذ يؤدي ذلك إلى انتشار البطالة والتشرد، والسرقة وغيرها من المشاكل الاجتماعية.
ووعيا من المشرع بهذه الاعتبارات، فقد أولى أهمية كبيرة لمجال المال والأعمال، وحظي باهتمام كبير من طرفه حيث خصه بقوانين ترمي إلى تنظيمه، وقواعد جزائية لزجر المخالفين للنظم الاقتصادية والتجارية المعمول بها. وهو بهذا يرمي إلى صيانة الاقتصاد الوطني، وحمايته من كل ما قد يهدد أمنه واستمراريته، ذلك أن انهيار مقاولة واحدة نتيجة سوء التسيير أو استعمال أموالها لحسابات شخصية أو غيرها من الأسباب، يسبب لا محالة مجموعة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية كتسريح مجموعة من الأجراء، وكذا تضرر جميع المصالح المتعاملة مع المقاولة. وفي هذا الإطار تثار المسؤولية الجنائية لمسيري المقاولات، باعتبارها من المواضيع التي تلقى اهتماما كبيرا من طرف الباحثين. غير أن المنطق يقتضي منها التوقف عند بعض المفاهيم الأساسية، وذلك حتى نشكل أرضية مفاهيمية تؤسس لموضوع هذا البحث، وهي” المسؤولية الجنائية” و”مسير المقاولة”.
ويقصد بالمسؤولية ” La Responsabilité” عند إطلاق هذا المصطلح تحمل الشخص لنتائج وعواقب التقصير الصادر عنه أو عمن يتولى رقابته والإشراف عليه، وأما بخصوص المعنى الدقيق لمصطلح المسؤولية في إطار الميدان المدني فهي تعني المؤاخذة عن الأخطاء التي تضر بالغير وذلك بإلزام المخطئ بأداء التعويض للطرف المضرور وفقا القانون.[1]
هناك عدة تقسيمات لمصطلح المسؤولية تختلف باختلاف الميادين التي تم توظيفها فيها وتبعا لذلك، فهي تتخذ أكثر من دلالة لغوية تتباين بحسب الأوصاف التي تم إلحاقها بها إلا أنه يمكن اختزال هذه الاطلاقات جميعا في النوعين.
- المسؤولية الأخلاقية: ليس لهذا النوع علاقة بميدان التعامل المدني الذي يولد جزاءات مدنية أو جنائية، فالمسؤولية تنبني في أصلها على مجرد الإخلال بالواجبات ذات الطابع المعنوي التي يرتبط الشخص بمقتضاها بمجموعة من القيم الأخلاقية في إطار حياته الخاصة أو العامة. وليست محل حديثنا في هذا الموضع.
- المسؤولية القانونية: وهي التي تكون معززة بجزاءات مدنية أو جنائية، وتكمن في المسؤوليتين المدنية والجنائية.
لم يتفق الفقهاء على تعريف واحد للمسؤولية الجنائية، إذ ظهر بجلاء على مستوى التسمية بين من يقول بالمسؤولية القانونية، ومن يقول بالمسؤولية الاجتماعية، مع أن كلاهما مصدره القانون، وكلاهما يتسم بالصفة الموضوعية، لأن قواعد القانون تفرض حياة اجتماعية تنظمها. [2]
وتعني المسؤولية الجنائية عموما تحمل الشخص تبعات أفعاله الجنائية المجرمة بمقتضى نص في القانون كالقتل والسرقة وخيانة الأمانة أو الاختلاس مثلا. وتتسم المسؤولية الجنائية بمجموعة من السمات. ومن ذلك أنها تنشأ عن اقتراف المجرم للأفعال المحظورة بمقتضى فصول القانون الجنائي، إذ المبدأ هو أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. ومن حيث شروط قيامها، تقوم هذه المسؤولية على شرطين أساسيين: أولهما التجريم القانوني للفعل المرتكب، وهو المعبر عنه بالشرعية الجنائية. وثانيهما الأهلية الجنائية، وتعني صلاحية الشخص لأن يكون محلا للمسؤولية الجنائية، أي لتحمل العقاب الناتج عن الجريمة. ولا تكتمل الأهلية إلا باجتماع أمرين هما التمييز وحرية الاختيار. زيادة على ذلك، يتمثل الجزاء المترتب على الأفعال الجنائية في مجموعة من العقوبات الصارمة كالسجن والمصادرة والغرامات التي تأخذ طابعا زجريا. علاوة على مدد تقادمها التي يميز فيها بين الجناية والجنحة والمخالفة. [3]
مسير المقاولة: وهو ممثل الشخص المعنوي، وهو كل شخص يتوفر داخل منشأة على سلطة اتخاذ القرار الذي يخول له الحق في التسيير والتدبير ومراقبة نشاط هذه المنشأة، وسيرها، وبهذا المفهوم نجد بأن المسير هو رب المعمل أو رئيس المقاولة المالك للعناصر المادية بالنسبة للمقاولات الفردية. أما بخصوص المنشآت الجماعية، فإن البنية التنظيمية المتطورة لهذا النوع من المنشآت الجماعية تفرض عادة إسناد هذه المهمة لشخص آخر غير مالك المقاولة.
فثبت مما سبق أن المسؤولية الجنائية لمسير المقاولة هي تحمل ممثل الشخص المعنوي الذي له حق تسيير وتدبير نشاط هذا الشخص لتبعات أفعاله الجنائية المجرمة بمقتضى نص في القانون. ولقد تحدث المشرع الجنائي عن مسؤولية الشخص المعنوي في الفصل 127من المجموعة الجنائية، إذ قال:” لا يمكن أن يحكم على الأشخاص المعنوية إلا بالعقوبات المالية والعقوبات الإضافية الواردة في الأرقام 5 و 6 و7 من الفصل 36. ويجوز أيضا أن يحكم عليها بالتدابير الوقائية العينية 62 من المجموعة. بيد أن ما يهمنا في هذا البحث هو مسؤولية مسير المقاولة لا مساءلة المقاولة ذاتها.
ويكتسي هذا الموضوع أهمية كبيرة على مستوى العديد من الأصعدة. ذلك أن المقاولة تشكل خط الوصل بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين أي المؤسسات المالية والإدارات العمومية والمستهلك والأسواق الخارجية، وهي المحرك الفعلي لكل تنمية اقتصادية، اجتماعية أو تكنولوجية. ولا شك أن ضبط الجرائم التي ترتبط بالتيسير، وعقوباتها من شأنه أن يسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية، وتفعيل حكامة المقاولات. علاوة على ما سبق، فالموضوع يغترف وينهل من معينين مختلفين ألا وهو القانون الجنائي والقانون التجاري. فهو يؤصل للمسؤولية الجنائية في مجال الأعمال، بالحديث عن مسؤولية مسيري المقاولات، فهو يجمع بين خصوصيات القانون الجنائي التجريمية، وخصوصيات الجريمة في مجال الأعمال. علاوة على ذلك أن تبني المشرع للتجريم داخل المقاولة، وإصباغه للحماية الجنائية لها من شأنه أن يسهم في تحقيق حكامة المقاولات.
وفي هذا السياق، تطرح هذه الإشكالية:
” إلى أي حد استطاع التشريع التجاري عبر إرساء معالم المسؤولية الجنائية لمسيري المقاولات من تحقيق حكامة المقاولات، وضمان استمراريتها بما يسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني؟
وبغية معالجة هذا الموضوع، ارتأيت تقسيمه إلى محورين، يختص الأول بتناول مختلف الجرائم التي يقترفها مسيرو المقاولة، فيما يتناول المحور الثاني عقوبات هذه الجرائم، وتنوعها، ودور كل منهما في تحقيق حكامة المقاولة.
المحور الأول: ميكانيزمات جرائم تسيير المقاولات
يعد التسيير آلية من آليات تدبير المقاولات وحوكمتها، فلا شك أن أغلب القرارات تتخذ من طرف المسير، وأن أغلب المكاسب التي تحققها المقاولات تعزى لحسن التسيير والتدبير. ولهذا تدخل المشرع لتنظيم المقاولات، وجرّم مجموعة من الأفعال التي تضر بالمقاولة، وبمصالح المتعاملين معها. ولما كان الكشف عن الجرائم المرتبطة بتسيير المقاولة يتم الكشف عنها أثناء سريان المسطرة الجماعية، فقد نظمها المشرع في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، والذي تمّ تعويضه بقانون 73.17.
ونميز في هذا الصدد بين الجرائم التي تمس المقاولة في جانبها المالي (أولا) وبين الجرائم ذات الصلة بالمحاسبة (ثانيا). غير أن هذا لا يعني أن ليس ثمة تداخل بينهما، وإنما تم التمييز بينهما لتحديد الحدود الكبرى المعنية بالتجريم.
الفقرة الأولى: جرائم تمس الجانب المالي للمقاولة
ويقصد بها الأفعال المجرمة التي تخص الجانب المالي للمقاولة. ولقد جرّم المشرع الأفعال المنصوص عليها في الفصل 740 من قانون 73.17 [4] الذي عوض ونسخ مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة، لما تلحقه من ضرر بالمقاولة، حيث يستعمل المسير أموال المقاولة لمصلحته الخاصة عوض أن يستعملها لمصلحة المنشأة، فيحول ذلك دون مواكبة المقاولة للتطور الذي تعرفه المقاولات الأخرى، وترفع من مستوى تنافسيتها داخل السوق. وفي هذا الصدد، ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء إلى تأكيد ما قيل سابقا بحيث جاء في حكمها:” وحيث يستفاد من تقرير السنديك أنه بمناسبة قيامه بمهامه كسنديك للتصفية القضائية لشركة…، إلا أنه تعذر عليه حيازة مقر الشركة لاستغلاله من طرف رئيس المقاولة…كمحل للسكنى بمقتضى عقد كراء… وحيث إن رئيس المقاولة صرّح بغرفة المشورة عند الاستماع إليه أنه استغل مقر الشركة كسكن له عندما لم يعد باستطاعة الشركة تغطية مصاريف وتعويضات السكن وإبرام عقد كراء لفائدته…وحيث إن المادة 706[5] من مدونة التجارة تنص على أنه في حالة التسوية أو التصفية القضائية لشركة ما يجب على المحكمة أن تفتح المسطرة اتجاه كل مسؤول يمكن أن يثبت في حقه إحدى الوقائع التالية: التصرف في أموال المقاولة كما لو كانت أمواله الخاصة. وحيث إنه من الثابت من وثائق الملف وما راج بالجلسة أن السيد…استولى على مقر الشركة لاستغلاله كسكن خاص به مما يشكل ضررا على الدائنين، وهو بهذا التصرف في أموال الشركة بهذا الشكل يجعل مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 706 متوفرة في حقه..”[6]
ومن بين الجرائم، نجد بعض الأفعال المكونة لجريمة التفالس، والتي تخص الجانب المالي، وهي:
- القيام بعمليات شراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري
وهذه الحالة كانت مصنفة في القانون الجنائي ضمن حالات التفالس البسيط، فقد أبقت عليها المدونة ضمن جنحة التفالس،[7] وهي تقوم بالشروط التالية:
- القيام بعمليات شراء
يتسم هذا التعبير بعمومية صياغته، وهو ما يعني أية عملية شراء، سواء وردت على منقول (أسهم- سندات..) أو عقار، فالمهم أن يتوفر عنصر الشراء، فالأموال التي لم تكن محل شراء يمكن للمسير بيعها بثمن أقل من السعر الجاري دون أن يتعرض للإدانة بالتفالس، كأن تتلقاها الشركة في شكل مساعدة، وما شابه ذلك من الحالات. [8] غير أن ثمة حالات أخرى للبيع بأقل من السعر الجاري، قد يثور الشك في شمولها بهذه المقتضيات، على سبيل المثال الحالة التي يقتصر فيها الشراء على المواد الأولية ليتم البيع بعد ذلك بأقل من السعر الجاري. [9]
- أن يكون الشراء بقصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري
إلى جانب عنصر الشراء، يتعين أن يكون الشراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري، يثور هنا المقصود بهذا الأخير. فهل يعتبر كل بيع بالخسارة بيعا بأقل من السعر الجاري؟ وهل يأخذ في تحديده بعين الاعتبار تاريخ الشراء أم تاريخ البيع؟
لا شك أن اعتبار كل بيع أو بيع بأقل من السعر الجاري خسارة، ينطوي على تجاهل للمنطق التجاري، الذي يستدعي في بعض الأحيان هذا النوع من البيوع، سواء كاستراتيجية اقتصادية للبيع في إطار التسويق أو كوسيلة للتخلص من البضائع المعرضة للتلف، وبالتالي فالبيع بالخسارة الذي لا يدخل ضمن حالات التفالس يستدعي أن يكون مبرّرا بأسباب واقعية واقتصادية، وأما إذا لم يكن مبررا، فإنه يدخل ضمن حالاته. ويتعرض المسير الذي يقوم بذلك للإدانة بالتفالس إذا توفرت باقي الشروط، لأن الهدف في هذه الحالة لا يكون سوى العمل على تحقيق استمرارية ظاهرية مخالفة لحقيقة الوضع الذي تعيشه المقاولة. أما حول التاريخ الذي يمكن اعتماده كمرجع لتحديد السعر الجاري، فمنطقيا يجب اعتماد السعر الجاري في تاريخ البيع، لأنه في عالم التجارة لا شيء يضمن بقاء السعر الجاري لتاريخ البيع مستمرا إلى حين البيع.[10]
- اللجوء إلى وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال
لا شك أن العبارة المستعملة في هذه الفقرة عبارة عامة، فكل الوسائل المجحفة قصد الحصول على الأموال يمكن الإدانة عنها بالتفالس، لكن الذي يتعين تحديده هنا هو مفهوم الإجحاف الذي يتعين اعتماده. فبالنظر إلى ما تتطلبه التجارة من وسائل متنوعة للائتمان والتمويل يدق التمييز بين ما هو وسيلة للحصول على هذه الأخيرة، خاصة وأنها قد تتسم في بعض الأحيان بخطورة بالغة تبعا لما يقتضيه عنصر المخاطرة الاقتصادية، أو تفرضه المراحل الاقتصادية الحرجة التي قد تمر بها المقاولة، وبين ما يمكن اعتباره إجحافا قصد الحصول على المال. [11] وإذا كان بعض الفقه قد حاول تحديد الوسائل المجحفة في كافة الأساليب والخطط والعمليات التي تهدف الحصول على أموال من أجل تحقيق استمرارية مصطنعة للمقاولة، فإنه مع يبقى مع ذلك تحديدا عاما، لا يمكن أن يتحقق معه الهدف سوى بالنظر إلى كل حالة على حدة بحسب ظروف المقاولة، وحجم رقم معاملاتها، وطبيعة النشاط الذي تمارسه، إلى غيرها من العناصر التي يمكن من خلالها استنتاج عنصر الإجحاف في الوسائل المعتمدة، خاصة فيما يتعلق بوسائل التمويل، على رأسها القروض وارتباطها بأسعار الفائدة المرتفعة، أو عدم ملاءمتها الواضحة لأحوال المقاولة، فيتعين تحديد الإجحاف في وسائل الحصول على المال بعناصر اقتصادية أكثر منها قانونية. [12]
- أن تكون عمليات الشراء والبيع واللجوء إلى الوسائل المجحفة أعلاه بغية تجنب أو تأخير فتح المسطرة
لا يكفي للإدانة بالتفالس قيام الحالتين أعلاه، دون أن يكون الهدف منهما هو تجنب أو تأخير فتح المسطرة، ذلك أن رغبة المسير في تجنب أو تأخير فتح المسطرة هو الذي يجعل هذه الأفعال تتسم بخطورة بالغة تجاه حقوق الدائنين من جهة، والاقتصاد الوطني من جهة أخرى، لأنها تهدف إلى التستر على توقف المقاولة عن الدفع، واصطناع وضع ظاهري خادع للغير وللشركاء أيضا. أما إذا توفرت الحالتين أعلاه دون أن يكون الهدف هو تجنب أو تأخير فتح المسطرة، فلا يمكن الإدانة عنها بالتفالس، غير أنه يمكن أن تشكل جرائم أخرى كسوء التصرف في أموال الشركة، قد تكون جريمة أصلا إذا دخلت في إطار استراتيجية تجارية مبررة اقتصاديا. [13]
- اختلاس أو إخفاء كل أو جزء من الأصول
قد يقدّم المسير عندما تتدهور وضعية الشركة على تهريب كل أو جزء من أصولها إضرارا بمصالح الدائنين، وذلك بحرمانهم من كل أو بعض الأموال التي تشكل ضمانا لهم، وللعقاب على هذه الحالة يتعين أن تتوفر العناصر التالية:
- الاختلاس
- الإخفاء
- أن يتعلق الاختلاس أو الإخفاء بكل الأصول التي للمدين أو بجزء منها.[14]
ولا شك أن ذلك لا يمكن إلا أن يشكل وبالا على أموال المقاولة، وعلى دائنيها. ويتمظهر في العديد من الصور كمنح أجور مبالغ فيها لأفراد عائلة المسير الذين يتقلدون مناصب في المقاولة أو أن يعمد المسير إلى إخفاء الأدوات والمعدات اللازمة لنشاط المقاولة، فينتظر قفل مسطرة التصفية لعدم كفاية الأصول، لينشأ مقاولة جديدة.
- الزيادة التدليسية في الخصوم
يقترن مفهوم الزيادة التدليسية في الخصوم التي يقوم بها مسير المقاولة، باختلاس أو إخفاء الأصول، فتتحقق بهما حرمان الدائنين من حقوقهم، وإلحاق الأذى بالشركة عن طريق التقليل من حظوظ استمراريتها. والزيادة التدليسية في الخصوم يمكن أن تتحقق بطرق مختلفة، منها أساس خلق دائنين وهميين لمزاحمة الدائنين الحقيقيين. كأن يقوم المسير بالاعتراف بدين لشخص آخر وهمي يكون شريكا في الجريمة.
الفقرة الثانية: جرائم المسيرين المرتبطة بالجانب المحاسباتي
تعتبر المحاسبة عين المقاولة، ونبراسها الذي ينير طريقها، ويجعلها عالمة باستمرار بمركزها المالي في حركاته وسكناته. فمسك المحاسبة يجعل المقاولة تباشر نشاطها اليومي والعادي، وهي على دراية تامة بوضعيتها الاقتصادية، وبتطور قدراتها المالية ومدركة باستمرار الأوجه الإيجابية لنشاطها ولتدبيرها وإدارتها، فتعمل على تكريسها وتطويرها إلى الأفضل، واعية باستمرار بأية عقبة أو عثرة أو سوء تدبير قد يعترض نشاطها ويؤثر عليه سلبا، فتتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها وتجاوزها لتحقيق التطور الدائم لنشاطها. ولقد خصها المشرع بمقتضيات تنظيمية شملها القانون رقم 88-9 المتعلق بالقواعد المحاسبية. [15]
ووعيا من المشرع بهذا الدور البالغ للمحاسبة، فقد جعل من مسكها التزاما من الالتزامات الأساسية للتجار، ورتب على مخالفتها جزاءات، على رأسها اعتبار بعض صور الاختلالات التي قد تشوب المحاسبة حالة من حالات التفالس.
وباستقراء مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 754 من قانون 73.17[16]، يتبين أن الأفعال المدانة بالتفالس تهم ثلاث صور من الإخلال بالمقتضيات المحاسبية، وهي عدم مسك المحاسبة، ومسك محاسبة وهمية، وثالثها إخفاء وثائق محاسبية.
الصورة الأولى: عدم مسك المحاسبة
وتمثل الصورة السلبية المجرمة، ذلك أنها تتأسس على الامتناع عن فعل أوجبه القانون. وبيان ذلك أنه يتوجب على كل شركة في نهاية كل سنة وعلى وجه التحديد عند إقفال كل حساب تصفية أرباحها وخسائرها، وذلك بعد وضع الموازنة التي يجب أن تحضر مع الإحصاء في الوقت نفسه. ويعتبر أمر تحديد نتائج الشركة من اختصاص قواعد المحاسبة، وذلك نظرا لأن هذه النتائج ما هي إلا نتائج المحاسبة، مما يطرح مشكل إلزام الشركة بضرورة مسك محاسبة منتظمة، بالإضافة إلى مشكل التصديق على المحاسبات السنوية، وأخيرا نشر هذه الحسابات بالنسبة لبعض الشركات.[17]
انقسم الفقه والقضاء في تفسيره للمقتضيات الخاصة بالامتناع عن مسك كل محاسبة إلى اتجاهين: أحدهما يقول بالتفسير الحرفي والضيق للنص، معتبرا أن الجريمة لا تقوم إلا في حالة الغياب التام للمحاسبة، فهو يستبعد قيام الجريمة إذا كان بإمكان المسير تقديم بعض الوثائق أو إذا كان الفعل المنسوب إليه هو مجرد عدم مسك محاسبة منتظمة.[18] وهكذا فقد أكدت محكمة الجنايات بباريس التي تتزعم هذا الاتجاه في فرنسا على أن جنحة التفالس تقوم في حالة ما إذا لم يتم العثور على أية محاسبة، أو أن دفتري الجرد واليومية ظلا فارغين من أية تدوينات، ولم يهتم المسير إطلاقا بها ولم يبذل أي مجهود في سبيل مسك المحاسبة.[19] أما الاتجاه الثاني، فقد تبنى تفسيرا واسعا للامتناع عن مسك كل محاسبة، وذهب إلى القول بقيام جنحة التفالس كلما ثبت في حق المسير عدم مسكه لأية محاسبة أو أن المحاسبة الممسوكة مخالفة للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون 73.17، بل اعتبره بمثابة عدم مسك المحاسبة، وذلك لأن هذه الأخيرة رغم وجودها غير مفيدة وغير مجدية أو أن الوثائق غير قابلة للاستعمال.[20]
والملاحظ أن هذا الرأي ينسجم مع هاجس إنقاذ المقاولة، غير أنه ينطوي في ذات الوقت على خطر مزدوج، خطر تجريم مسك المحاسبة غير المنتظمة، وخطر الخروج على مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
الصورة الثانية: مسك محاسبة وهمية
ولقد عرفها الفقه بأنها:” هي المحاسبة المزدوجة، أحدهما رسمية مصطنعة موجهة إلى الغير، والأخرى سليمة يحتفظ بها المسير لنفسه”.[21] وتكون محاسبة وهمية حينما تسجل تقييدات غير صحيحة في الوثائق المحاسبية طبقا للفصل 740 من قانون 73.17[22] الذي جاء فيه: “في حالة التسوية أو التصفية القضائية لشركة ما، يجب على المحكمة أن تفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية تجاه كل مسؤول يمكن أن تثبت في حقه إحدى الوقائع التالية:….مسك محاسبة وهمية..”. وتنطوي المحاسبة الوهمية بمعنى من المعاني على استعمال خدع محاسبية يقصد بها إخفاء حقيقة النشاط التجاري للمقاولة، وذلك عن طريق نشر بعض العمليات المنجزة أو التصرف بالزيادة أو النقصان في مفردات وبيانات هذه العمليات. [23]
وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية المحاسبة التي تتضمن تقييدات وهمية، ولا تترجم الوضعية المالية الحقيقية للمقاولة محاسبة وهمية. [24] ونظرا لخطورة هذا الفعل الذي ينطوي على إيهام الغير بغير الحقيقة سواء بتضخيم أصول الشركة ورفع أرباحها إلى أرقام خيالية أو إظهارها بمظهر الشركة التي تحصد الخسائر تلوى الخسائر للتهرب من أداء الضرائب، وما لكلا التصرفين من آثار سلبية على الشركة نفسها وعلى المتعاملين معها، فقد اعتبر المشرع مسك محاسبة وهمية سببا من أسباب تمديد مسطرة المعالجة إلى المسير وسببا من أسباب الحكم بسقوط الأهلية التجارية على المسير فضلا عن اعتبارها حالة من حالات التفالس. [25]
وإذا ثبت حكم مسك محاسبة وهمية، فإن التساؤل الذي يثار في هذا الصدد يخص حكم المحاسبة غير المنتظمة؟
وبالرجوع لمقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 754 من قانون 73.17 فلا يوجد ما يؤكد على أن مسك محاسبة غير منتظمة يدخل ضمن حالات التفالس، فالتعداد الذي أورده المشرع ضمن هذه الفقرة لا يتضمن هذا الفعل. وباعتماد التفسير الضيق للنصوص الجنائية، واستبعاد القياس، فإن مسك محاسبة غير كاملة أو غير منتظمة لا يمكن أن يكون موجبا لتطبيق عقوبات التفالس لأن المحاسبة غير الكاملة أو غير المنتظمة ليست من طبيعة الحال محاسبة وهمية.[26]
والذي يظهر أن مسك محاسبة غير منتظمة لا يمكن أن يشكل جريمة يعاقب بها المسيرين، خاصة وأن مجال التجريم تحكمه النصية، ويسري في ثناياه مبدأ عدم جواز القياس على أفعال مماثلة.
وينفرد التشريع الفرنسي عن نظيره المغربي في جعله مسك محاسبة غير منتظمة ضمن حالات التفالس بعد التعديل الذي أدخله على الفصل 197 من قانون 1985 بمقتضى قانون 10 يناير 1994. ولقد كان القانون الفرنسي لسنة 1967 يعد مسك محاسبة غير منتظمة أو غير كاملة حالة من حالات التفالس، لكنه في قانون 1985 اتجه إلى إلغاء الطابع الزجري عن هذا الخرق، انسجاما مع التوجه الذي تبناه في هذا القانون والقائم على تخفيف الطابع الزجري عن مساطر التسوية القضائية والتصفية القضائية. [27] غير أن هذا الاتجاه لقي انتقادا كبيرا من قبل الفقه الذي ذهب إلى حد اعتبار إلغاء الطابع الزجري عن مسك محاسبة غير منتظمة بمثابة منفذ للمسيرين سيء النية. [28]
وبالنظر إلى السلبيات التي نتجت عن عدم إضفاء الطابع الزجري على مخالفة مسك محاسبة غير منتظمة من الناحية العملية، وإصرار القضاء على عدم تبرئة المسيرين الذين يثبت في حقهم عدم مسك محاسبة منتظمة بمؤاخذتهم تارة بمسك محاسبة وهمية، وتارة بعدم مسك المحاسبة، وذلك بالرغم مما في ذلك من اعتماد التفسير الواسع للنصوص وللقياس الذي لا تقبله المقتضيات الجنائية، فإن المشرع الفرنسي تراجع عن هذا الاتجاه، وعاد من جديد إلى تجريم فعل عدم مسك محاسبة منتظمة معتبرا إياه حالة من حالات التفالس. [29] وبالنظر إلى الوضعية الشائكة التي تعيشها غالبية المقاولات في بلدنا سيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة والرهانات الموضوعية على عاتقها لمواجهة متطلبات العولمة، فإن الأجدر تعميق الاحساس بضرورة الالتزام الصارم بالأساليب العملية الدقيقة في تسيير المقاولات، والذي من ركائزه الأساسية الالتزام بمسك محاسبة دقيقة ومنتظمة للمقاولة مع اعتبار كل مخالفة له حالة من حالات التفالس تستوجب تطبيق عقوبات التفالس على مرتكبها.
الصورة الثالثة: إخفاء وثائق المحاسبة
تقوم هذه الحالة على عنصرين: أن يصدر عن المسير فعل وهو “الإخفاء” وأن ينصب هذا الفعل على محل محدد، وهو وثائق حسابية للشركة. [30] ويقصد بالإخفاء مواراة الوثائق أو إبعادها عن إطلاع الغير وخاصة الدائنين سواء عن طريق وضعها في مكان لا تصل إليه مراقبتهم أو عن طريق تمزيقها أو إحراقها أو إتلافها بأية طريقة من طرق الإتلاف.[31] وفي هذا الإطار أكدت المحكمة التجارية بطنجة:”… وحيث يتبين من خلال وثائق الملف أن المسيرين لم يقدموا الوثائق المحاسبية للشركة إلى السنديك. وحيث إنه طبقا للفصل 706[32] من مدونة التجارة، فإنه يجب على المحكمة تمديد التصفية القضائية للمسيرين إذا ثبت في مواجهتهم مسك محاسبة وهمية أو العمل على إخفائها. وحيث إن المسيرين أخفوا محاسبتهم التجارية عن السنديك رغم مطالبتهم بها مما يتعين معه التصريح بتمديد التصفية القضائية إليهم”[33]. ويذهب بعض الفقه إلى ضرورة تفسير الإخفاء في ضوء علة التجريم، والتي تتمثل في ستر عيب المسير، واستمرار جهل دائني المقاولة بوضعيتها، ولهذا يدخل في مفهوم الإخفاء كذلك إعدام محتويات الوثائق في مادتها كطمس بياناتها أو فحواها بحيث لا يعود في الإمكان استخلاص معلومات منها عن حقيقة وضع المدين. [34] إلا أن جانبا آخر من الفقه يرى أن إتلاف الوثائق لا يدخل في حكم الإخفاء، وكذلك تقديم وثائق طمست بياناتها عن طريق الخدش والكشط، غير أن المسير في هذه الحالة يعاقب بعقوبة التزوير.[35] غير أن التساؤل يثار بخصوص تقديم المسير لوثائق جديدة أمام المحكمة أعدّها لهذا الغرض؟ أو أنه ادعى أن الوثائق لم يكن لها وجود أصلا؟
في الحالة الأولى قد يعاقب المسير بعقوبة التفالس لأن تقديم دفاتر أو وثائق جديدة تقترن بالضرورة بإخفاء الوثائق الأصلية، أما في الحالة الثانية، فإذا لم يثبت وجود الوثائق أصلا، فإن المسير يعاقب بالتفالس، لا على أساس أنه أخفى وثائق محاسبية، وإنما على أساس امتناعه عن مسك أية محاسبة التي سبقت الإشارة إليها. [36] ويجب أن يثبت إتيان المسير لفعل الإخفاء إراديا، سواء كان بفعله الشخصي أو بمشاركته للغير في ذلك. ولذلك قضى القضاء الفرنسي بإدانة مسير بالتفالس عن طريق إخفاء وثائق محاسبة، لما ثبت على أنه نقل الوثائق المحاسبية من المقر الاجتماعي للشركة وحوّلها إلى مكان لا يعلمه إلا هو. [37]
وعلى العموم، فالوثائق المحاسبية يجب أن تشمل الوثائق المرتبطة بمحاسبة المقاولة، والتي لها دور في تحديد مركزها المالي أو تقرير وجود العمليات التجارية التي تنجزها الشركة، وتقدير مدى أهمية هذه العمليات، وذلك سواء كانت هذه الوثائق دفتر أو محرر، وعلى رأسها الدفاتر الإلزامية التي أوجب القانون الالتزام بمسكها على عاتق التجار أشخاصا طبيعيين ومعنويين، كدفتر اليومية ودفتر الأستاذ والدفاتر المساعدة عند الاقتضاء، ودفتر الجرد. ولهذا فإن تحديد طبيعة الدفاتر المحاسبية التي من شأنها أن تؤدي إلى قيام الجنحة يبقى خاضعا للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
ولما اتضحت معالج التجريم لبعض أفعال المسيري التي تضر بالمقاولة والائتمان، يجدر بنا الحديث عن النظام العقابي المخصص لتلك الجرائم، وهو محل حديث المحور الثاني.
المحور الثاني: النظام العقابي لجرائم تسيير المقاولات
انسجاما مع مبدأ حماية المقاولات، وتنظيمها، وتحقيق استمراريتها، لم يكتف المشرع بتجريم أفعال تضر بهذا الكيان، وقد تجتثه من فضاء الأعمال. وإنما عمل على إرساء نظام عقابي متنوع لهذه الجرائم يروم ردع مسيري المقاولات الذين قد تدفعهم أنانيتهم المفرطة إلى العبث بأموال المقاولة. وخصص له القسم السابع الذي عنون ب” العقوبات” في مدونة التجارة، والتي تم نسخه بقانون 73.17. غير أن القسم المعني بتجريم جرائم تمس المقاولة لم يدخل عليه المشرع إلا تعديلات بسيطة.
وفي هذا السياق، فقد تدّخل المشرع بجزاءات صارمة تطبق على كل مسير تبث في حقه ارتكاب أفعال محددة قانونا يكون لها أثر بالغ الخطورة على إدارة المقاولة، واستمراريتها في أداء نشاطها. ولم يقتصرعلى تخصيص نوع واحد من الجزاءات تجاه جرائم التسيير، وإنما عدّد ونوع هذه العقوبات انسجاما مع مبدأ تناسب العقاب مع الجريمة المقترفة. ونميز في هذا الإطار بين الجزاءات المدنية (الفقرة الأولى) وبين الجزاءات الزجرية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الجزاءات المدنية
إذا كان الكتاب الخامس المنسوخ قد ميّز في القسم الخامس منه بين العقوبات المالية، وبين سقوط الأهلية التجارية، وخصص لكل منها بابا مستقلا، فإن الكتاب الجديد أدمج هذه العقوبات في الباب الأول المتعلق بالعقوبات المدنية، وميز في إطاره بين العقوبات المالية وبين سقوط الأهلية التجارية، وخصص لكل منهما فصلا مستقلا.
أولا: الجزاءات المالية
لا يتم اتخاذ هذه الجزاءات إلا في مواجهة مسيري الشركات التجارية أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري، والذين ارتكبوا الأفعال المنصوص عليها في المادة 738 من قانون 73.17. وتتسم هذه الجزاءات بطابعها مالي، والمتمثل في تحميل الخصوم للمسير كليا أو جزئيا، وتمديد المسطرة المفتوحة إلى المسيرين.
أولا: تحميل الخصوم للمسير كليا أو جزئيا: حينما يتبين من خلال سير مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية المفتوحة في مواجهة شركة تجارية أو مجموعات ذات نفع اقتصادي ذات غرض تجاري، أن هناك نقص في باب أصول هذه المقاولة، يمكن للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة أن تقرر في حال ثبوت خطأ في التسيير ساهم في هذا النقص تحميله كليا أو جزئيا، تضامنيا أم لا، لكل المسيرين وللبعض منهم فقط.[38] وهي تتعلق بالمسيرين القانونيين أو الفعليين للمقاولة في شكل شركة سواء تقاضوا أجرا أم لا، الذي ارتكبوا أحد الأفعال الموجبة لذلك. ولا تطبق على المسير الشخص الطبيعي المدين نظرا لاتحاد ذمته الشخصية مع ذمة نشاطه التجاري. [39]
ومن خلال ما سبق، اشترط المشرع مجموعة من الشروط: أولها أن تكون مسطرة للتسوية القضائية أو للتصفية القضائية مفتوحة ضد المقاولة المعنية. وثانيها أن يكون هناك نقص في باب أصول المقاولة المعنية. وثالثها أن يكون هناك خطأ في التسيير قبل فتح المسطرة ساهم في نقص الأصول، وذلك وفق مبادئ المسؤولية التقصيرية المتعارف عليها في القانون المدني، المتمثلة في الخطأ والضرر والعلاقة السببية. [40]
وبالنظر لخصوصية المسؤولية المدنية في المساطر الجماعية، فإن التعويض المحكوم به من طرف المحكمة، والذي يدفعه المسيرون يدخل في الذمة المالية للمقاولة، ويخصص في حالة استمرارية المقاولة وفق الكيفيات المنصوص عليها في مخطط الاستمرارية. وعند تفويت المقاولة أو تصفيتها، توزع هذه المبالغ بالتناسب فيما بين الدائنين.[41] وفي إطار خصوصية هذه المسؤولية، لا يمكن للقاضي أن يحكم على المسيرين بمبالغ تفوق نقص الأصول مهما كان الخطأ المرتكب من طرفهم جسيما، لا سيما وأن المشرع ضمن لهم حقوق الدفاع، حيث يتم استدعاء المسير أو المسيرين كأطراف في الخصومة، بصفة قانونية ثمانية أيام على الأقل قبل الاستماع إليهم عن طريق كتابة ضبط المحكمة. [42]
ثانيا: تمديد المسطرة المفتوحة إلى المسيرين: يجب على المحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة، أن تفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد المسيرين الذين تمّ تحميلهم خصوم الشركة كلا أو بعضا منها الذين لم يبرئوا ذمتهم من هذا الدين،[43] أو الذين ارتكبوا أفعالا تمس بالثقة وزعزعة ائتمان الشركة، لا سيما الوقائع التالية: التصرف في أموال المقاولة كما لو كانت أمواله الخاصة، إبرام عقود تجارية لأجل مصلحة خاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته، استعمال أموال الشركة أو ائتمانها بشكل يتنافى مع مصالحها لأغراض غير مصلحة المقاولة، مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية لمصلحة خاصة، مسك محاسبة وهمية أو العمل على إخفاء وثائق محاسبة الشركة أو الامتناع عن مسك كل محاسبة موافقة للقواعد القانونية، اختلاس أو إخفاء الأصول، أو جزء منها، أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسية، المسك بكيفية واضحة لمحاسبة غير كاملة أو غر صحيحة. [44] وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة فتح المسطرة السابقة ضد المسيرين، تشمل الخصوم بالإضافة إلى الخصوم الشخصية [45] على حساب الشركة. [46]
من المؤكد أن فتح المسطرة تجاه المسير ليس إلا جزاء ارتكابه لأحد الأفعال المحددة من طرف المشرع، لذلك لا مجال للبحث عن وجوده في حالة توقف عن الدفع، وعن توفره على صفة تاجر. ويعد التوقف عن الدفع بالنسبة للمسير التاريخ المحدد بالنسبة للشركة موضوع المسطرة. [47]
ولأجل تطبيق العقوبات السابقة، تستدعي المحكمة المسير أو المسيرين باعتبارهم أطرافا في الخصومة، حيث يتم استدعائهم بالطرق القانونية ثمانية أيام قبل الاستماع إليهم بواسطة كتابة الضبط مع استدعاء السنديك كذلك، حيث تصدر المحكمة الحكم بصفة علنية بعد الاستماع إلى القاضي المنتدب. [48] ويلاحظ أن المشرع وسع من قائمة المسيرين المطلوبين في الدعوى. إذ بالإضافة إلى المسير القانوني المكلف بالتسيير بمقتضى القانون أو النظام الأساسي للشركة. هناك المسير الفعلي، هذا الأخير يمارس الصلاحيات المخولة للمسير القانوني دون أن يكون معيّنا بالنظام الأساسي للشركة، ويكون مسيرا ظاهرا للعموم بأنه صاحب السلطة في الشركة. [49]
وفي هذا الإطار، أكدت محكمة النقض المغربية:”… وأن محمد عبد الله مشبال هو المسير الفعلي بإقرار مذكرته المدلى بها في جلسة 24/06/99 في الملف المشار إليه بأنه يتصرف في الشركة كما لو كانت ملكا له، وقد تولى الشركة بكيفية تحكمية لاستعمالها وسيلة لتحقيق أرباح خاصة كما هو ثابت من التصرفات المبينة بالمقال، ومن توقيعه على التصريحات الضريبية وعلى الفواتير، وعلى عقد القرض المصادق عليه في 1و 4 أبريل المضمون برهن على الأصل التجاري لهذه الشركة…”[50]
ويتسم الحكم الصادر بهذا الخصوص بمجموعة من الميزات. ومن بينها أن كاتب الضبط يتولى تبليغ الحكم الصادر بشأن العقوبات إلى الأطراف، ويتم شهر هذا الحكم في السجل التجاري، وينشر مستخرج منه في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية، وفي الجريدة الرسمية مع تعليقه في اللوحة المخصصة لهذا الغرض في المحكمة التي أصدرته.[51]وثانيها أنه مشمول بالنفاذ المعجل القانوني[52]، ويقبل هذا الحكم لطرق الطعن المنصوص عليها في نظام صعوبات المقاولة، وهي التعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة.[53]
ثانيا: سقوط الأهلية التجارية
قد تترتب عن الحكم بفتح مسطرة من مساطر المعالجة (التسوية القضائية أو التصفية القضائية) إلى جانب غل اليد وبطلان التصرفات والعقود التي يجريها المدين في فترة الريبة والحرمان من التقاضي، آثار قاسية تمس حريته وبعض حقوقه التجارية والمدنية والسياسية، حماية للثقة والائتمان التجاري وصيانة للحركة التجارية والاقتصاد الوطني.
ومن بين المستجدات التي تضمنتها مدونة التجارة لسنة 1996، والتي عدلت بقانون 73.17، أنها نظمت مسألة سقوط الأهلية التجارية، ولقد كان المشرع المغربي صارما وشديدا لاقتلاع جذور الفساد، وأوجب على المحكمة أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بسقوط الأهلية التجارية.[54]
ولا يطال جزاء سقوط الأهلية التجارية إلا الأشخاص الطبيعيين، سواء كانوا أصحاب مقاولات تجارية فردية أو جماعية مملوكة على الشياع أو مسيرين قانونيين أو فعليين لشخص معنوي أو ممثلين لشخص معنوي مسؤول عن إدارة شخص معنوي آخر، وبعبارة أخرى تطبق عقوبة سقوط الأهلية التجارية على كل شخص طبيعي أو حرفي، وعلى كل مسؤول في شركة تجارية. ونميز في هذا الإطار بين:
أولا: سقوط الأهلية التجارية كجزاء إضافي: بالرجوع لكل من المادتين 746 و 748 من قانون 73.17، يتضح أن ارتكاب الأفعال المبررة لتطبيق الجزاءات المالية أو الامتناع عن تنفيذ مضمونها يمكن أن تكون أيضا سببا للحكم بسقوط الأهلية التجارية. وبهذا يكون المسير الذي تمّ تحميله سواء مجموع النقص المسجل في باب الخصوم أو جزء منه فقط، ويمتنع إراديا أو لعجز عن ذلك، أو يرتكب إحدى الأفعال المنصوص عليها في المادة 740 نفس القانون أعلاه التي كانت سببا في الحكم بثبوت مسؤوليته، وفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهته، يتعين على المحكمة في الحالتين معا الحكم بسقوط الأهلية التجارية لهذا المسير.[55] كما يحكم بسقوط الأهلية التجاري كجزاء إضافي ضد الأشخاص المدانين من أجل جريمة التفالس أو المشاركين فيه.
ثانيا: سقوط الأهلية التجارية كجزاء مستقل: قررّت المادة 747 من قانون 73.17 وجوب الحكم عند الاقتضاء، بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسيري المقاولات الذين يثبت في حقهم ارتكاب أحد الأفعال التالية:
- ممارسة نشاط تجاري أو حرفي أو مهمة أو تسيير أو إدارة شركة تجارية خلافا لمنع نص عليه القانون،
- القيام لحساب الغير، ودون مقابل، بالتزامات اكتست أهمية كبرى أثناء عقدها باعتبار وضعية المقاولة.
- إغفال القيام بتقديم طلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية داخل ثلاثين يوما من التوقف عن الدفع: يرتبط هذا الفعل بالفعل الوارد بالبند الأول من المادة 747 من قانون 73.17 على اعتبار أن جميع التصرفات والأفعال المجحفة بحق المقاولة، والتي يقوم بها المسير بهدف تـأخير توقفها عن الدفع لدى المحكمة المختصة خلافا للإلزام المنصوص عليه في المادة 576 من قانون 73.17، وذلك على اعتبار أن كل تأخر في التقدم بالتصريح من شأنه استفحال وضعية المقاولة، مما يجعل من معالجتها أمرا صعبا وشاقا. وفي هذا الإطار جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء أنه” وبما أن الثابت أيضا أن المقاولة في شخص ممثلها القانوني لم تطلب فتح مسطرة التصفية القضائية في وقتها ولم تفعل ذلك إلا بعد مرور حوالي عشر سنوات، وبما أن الفصل 714 [56] من مدونة التجارة يوجب على المحكمة أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم عند الاقتضاء بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول عن مقاولة تبث في حقه القيام بأحد الأفعال المنصوص عليها في نفس الفصل من مدونة التجارة. وبما أن الطاعن هو رئيس المقاولة بإقراره بجلسة البحث، وبما أن المحكمة إرتأت الحكم بإسقاط الأهلية التجارية عنه لثبوت إغفاله القيام داخل أجل 15 يوما [57] بالتصريح بالتوقف عن الدفع. وبما أن الفصل المذكور أعطى للمحكمة هذه السلطة تلقائيا أي دون أن يكون مثار أي دفع أو طلب، فإن ما يدعيه الطاعن من خرق حقوق الدفاع يكون غير مرتكز على أساس قانوني للعلل أعلاه، ولعدم وجود أي خرق مسطري أو موضوعي من طرف المحكمة، الشيء الذي يكون معه الحكم المستأنف مصادفا للصواب فيما ذهب إليه من التصريح بسقوط الأهلية التجارية عن الطاعن، ويتعين تبعا لذلك رد استئناف هذا الأخير وتأييد الحكم في هذا الشق.”[58]
- القيام عن سوء نية بأداء ديون دائن على حساب الدائنين الآخرين خلال فترة الريبة[59]. وتنبع خطورة هذا الفعل من كونه ينم عن رغبة من المسير في محاباة بعض الدائنين، واستعمال الأموال المتبقية لدى المقاولة في أداء ديون بعينها لبعض الدائنين الذي تربطهم علاقات شخصية أو مصالح بالمسير. ويتعين على المحكمة الحكم بهذا الجزاء بالرغم من إمكانية لجوءها إلى إبطال تلك العقود، وبالتالي حرمان كل من المسير والدائن المستفيد من ذلك الأداء من الآثار أو النتائج الإيجابية التي حققها نتيجة لهذا الفعل. لا يبقى من حق الدائن في حالة إبطال الأداء سوى التصريح بدينه لدى السنديك. [60]
ويتخذ مضمون الحكم بسقوط الأهلية أبعادا متعددة، فهو من جهة يستهدف النشاط التجاري في حد ذاته، ومن جهة أخرى يستهدف بعض الحقوق المدنية، كما يمس من جهة ثالثة بالحقوق المقررة للمعني بها داخل المقاولة. ومن ذلك:
- المنع من إدارة أو تدبير أو تسيير أو مراقبة مقاولة تجارية: يتمثل هذا المنع باعتباره المظهر الأول لجزاء سقوط الأهلية التجارية، وفقا لمقتضيات المادة 750 من قانون 73.17 في منع التاجر أو مسير أو مسيري الشركة الذين ارتكبوا إحدى الأفعال المبررة لتطبيق هذا الجزاء، من الإدارة أو التدبير أو التسيير أو المراقبة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، لكل مقاولة تجارية ولكل شركة تجارية.
وتظهر خطورة الحكم بسقوط الأهلية التجارية في أمرين، أولهما يتمثل في طول مدة تطبيقه بحيث لا يمكن أن تقل هذه المدة عن خمس سنوات، وبالتالي ليس هناك ما يمنع المحكمة من النطق بمدد أكبر قد تصل إلى عشر سنوات أو خمسة عشر سنوات أو أكثر، [61] ذلك أن المادة 752 من قانون 73.17 اقتصرت على وضع حد أدنى ملزم للمحكمة، وتركت لهذه الأخيرة سلطة تقديرية في تحديد مدة هذا الإجراء. ثانيهما أن هذا الحكم يكون موضوع شهر واسع من شأنه التأثير على سمعة المعني به، ومكانته، بحيث يخضع التبليغ لجميع الأطراف وللتعليق باللوحة المخصصة لذلك بالمحكمة، وللتقييد بالسجل التجاري، وللنشر بالجريدة الرسمية وبجريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية. [62]
- تقييد ممارسة المسير لحقوقه داخل الشركة: ويستهدف هذا الإجراء من جهة حرمان المسيرين من ممارسة حق التصويت داخل الجمعيات العامة سواء كانت عادية أو غير عادية. بحيث يعهد إلى وكيل تعينه المحكمة لهذا الغرض، بناء على طلب من السنديك، بممارسة هذا الحق بدلا عنهم، كما يمكن للمحكمة أن تلزم هؤلاء المسيرين أو بعضا منهم، بتفويت أسهمهم أو أنصبتهم داخل الشركة، أو أن تأمر بتفويتها جبرا بواسطة وكيل قضائي بعد القيام بخبرة عند الاقتضاء. ويخصص مبلغ البيع لأداء قيمة الحصة الناقصة من الأصول التي على عاتق المسيرين، خاصة وأن هؤلاء يكونون ممنوعين من التصرف في هذه السندات بمجرد صدور حكم فتح المسطرة وفقا للمادة 683 من قانون 73.17. [63]
ج- عدم الأهلية لممارسة وظيفة عمومية انتخابية: ويعتبر هذا الحرمان المظهر الثالث للحكم القاضي بسقوط الأهلية التجارية، ويطبق على التجار وعلى مسيري الشركات التجارية. ويترتب عنه الحرمان من تقلد أي منصب أو أية وظيفة انتخابية سواء تعلق الأمر بانتخابات الغرف المهنية أو الجماعات المحلية أو الجهوية أو للبرلمان بمجلسيه أو بأية جهة أخرى يكون من شأنه ممارسة وظيفة من هذا النوع. [64]
وتثير المادة 751 من قانون 73.17 عدة ملاحظات: أولها أن هذا الحرمان يكون بشكل آلي، أي كأثر مباشر للمقرر القاضي بسقوط الأهلية التجارية، وبالتالي لا تملك المحكمة سلطة تقديرية في استثناءه مثلا من الآثار المترتبة عن هذا الحكم، على اعتبار أن عبارة ” يترتب” الواردة في هذه المادة تفيد كون هذا الحرمان نتيجة مباشرة للحكم بسقوط الأهلية التجارية. وثانيها أن الأمر يتعلق فقط بالترشيح في تلك الانتخابات لشغل وظيفة ما، وليس المشاركة في تلك الانتخابات كناخب. ثالثها أن الأمر يتعلق بالوظائف العمومية الانتخابية فقط، وبالتالي لا يمنع المحكوم عليه بهذا الجزاء من الترشح للوظائف الانتخابية الخاصة كالعضوية في نقابة أو جمعية أو في حزب مثلا.
الفقرة الثانية: الجزاءات الحنائية
والتفالس هو الجزاء الجنائي لبعض الأفعال التدليسية التي يقوم بها مسيرو المقاولات. ولقد حدده المشرع على سبيل الحصر في المادة 754 من قانون 73.17 المعدل والناسخ للكتاب الخامس من مدونة التجارة.
يدان بالتفالس في حالة إجراء افتتاح المعالجة مسيرو المقاولة الفردية أو ذات شكل شركة، والتي كانت موضوع فتح المسطرة، سواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين، يتقاضون أجرا أم لا”. [65]
يشترط للحكم بالتفالس أن يصدر حكم بفتح إجراء المعالجة في مواجهة المقاولة المعنية. وثانيها أن يقوم المسير بارتكاب الأفعال المنصوص عليها، وهي: الشراء بقصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري أو اللجوء إلى وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة المعالجة، اختلاس أو إخفاء جزء من أصول الدين، الزيادة التدليسية في الخصوم، مسك حسابات وهمية أو إخفاء وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو الامتناع عن مسك أية حسابات. [66]
ولم يكتف المشرع المغربي بمعاقبة المدين المحكوم عليه بمسطرة من المساطر الجماعية، والمدان بارتكاب واحد أو أكثر من الأفعال أو الوقائع المحددة في المادة 754 قانون 73.17 المعوض للكتاب الخامس من قانون 73.17، بل طال العقاب الأغيار الذين قد يلحقون أضرار بالضمان العام، ومن بين هؤلاء السنديك أو الدائنين.[67]
ويلاحظ أن المشرع المغربي اقتصر على فتح مسطرة المعالجة في المادة 721 من القانون الملغى كشرط لإثارة دعوى التفالس، الشيء الذي قد يطرح نقاشا ما إذا كانت مسطرة المعالجة تشمل كذلك مسطرة التصفية القضائية، لاسيما أن بعض القرارات القضائية سارت في هذا التوجه. حيث اعتبرت أن مساطر المعالجة تشمل كلا من التسوية القضائية والتصفية القضائية، وأن المحكمة تقضي بالتسوية القضائية إذا تبين لها أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه. وتقضي بالتصفية القضائية إذا تبين لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه. [68] وبالرجوع للقانون الفرنسي باعتباره مصدرا مباشرا وتاريخيا للتشريع المغربي، نجده كان يتضمن نفس المقتضيات في المادة 197 من قانون 25 يناير 1985، أي اقتصاره فقط على المعالجة القضائية. لكن لم يتم التنصيص على مسطرة التصفية القضائية بمقتضى قانون 10 يونيو 1994. [69]
غير أن المشرع المغربي بمقتضى المادة 754 من قانون 73.17 المعدل والناسخ للكتاب الخامس من مدونة التجارة أقرّ الإدانة بجرائم التفالس في حالة التسوية والتصفية القضائية، فيكون بذلك قد حسّم الأمر، وقطع دابر الخلاف.
ويشترط للنطق بعقوبة التفالس، صدور حكم فتح مسطرة المعالجة على خلاف القانون الملغى، إذ كان التوقف عن الدفع كافيا لتحريك المتابعة. [70] وبهذا فقد أصبح التجاري يقيد الجنائي.
وفيما يخص الاختصاص النوعي، يعقد الاختصاص فيما يخص جرائم التفالس والجرائم الأخرى المنصوص عليهما بالفصل الأول والفصل الثاني من القسم السابع، للقضاء الزجري أي المحكمة الابتدائية.[71] و يتعين أن تعمد النيابة العامة بالمحكمة التجارية إلى إحالة ملف القضية متى اتضح لها قيام الركنين المادي والمعنوي لهذه الجرائم على المحكمة الابتدائية لكي تعمد بدورها لدراسة الملف، وتقرر الموقف الملائم بشأنه، سواء بإحالته على قاضي التحقيق أو على المحكمة للبت فيه، أو حفظه متى لم تتوفر العناصر اللازمة لقيام إحدى هذه الجرائم.[72]
وفيما يتعلق بالاختصاص المحلي، يلزم الرجوع للمادة 44 من قانون المسطرة الجنائية، التي نصت على أنه يرجع إما لوكيل الملك في مكان ارتكاب الجريمة (والذي يكون بالأساس هو مقر مؤسسة التاجر أو مقر الشركة أو فرع من فروعها) وإما لوكيل الملك في محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مشاركته في ارتكابها، وإما لوكيل الملك في مكان إلقاء القبض على أحد هؤلاء الأشخاص، ولو تم القبض لسبب آخر. [73]
وبالنظر للخطورة البالغة التي تتميز بها الأفعال المكونة لجريمة التفالس، وتأثيرها على الوضعية الاقتصادية للمقاولات، وحقوق الدائنين، إضرارها بالائتمان التجاري، فإن المشرع في قانون 73.17 وضع عقوبات لردع مسيري المقاولات والشركات، فنص على عقوبات أصلية وعقوبات إضافية، ومن ذلك:
- العقوبات الأصلية: وتحددها المادة 755 من قانون 73.17، فيعاقب المتفالس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة من 10000 إلى 100000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. كما يتعرض المشاركون في التفالس لنفس العقوبات، وإن لم تكن لهم صفة مسيري المقاولة مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات أسهم مسعرة ببورصة القيم.[74]
- العقوبات الإضافية: ويتعلق الأمر طبقا للمادة 756 من قانون 73.17 بسقوط الأهلية التجارية التي تعتبر في هذه الحالة عقوبة إضافية على الأشخاص المدانون من أجل جرائم التفالس،[75] على خلاف الحالة المحددة في المادة 745 التي تنطق فيها المحكمة التجارية بسقوط الأهلية التجارية عن كل شخص طبيعي تاجر أو عن كل حرفي ثبت في حقه ارتكاب أحد الأفعال المذكورة في المادة الأخيرة، حيث يعتبر إسقاط الأهلية التجارية فيها عقوبة مدنية أصلية.
أما فيما يخص الجرائم الأخرى المرتبطة بالتفالس، وهي الجرائم التي يرتكبها الأغيار أو السنديك أو الدائنون. فبالنسبة للأغيار، يعاقبون بعقوبة التفالس متى أخفوا أو ستروا أو كتموا كلا أو جزءا من الأموال المنقولة لفائدة الأشخاص المشار إليهم في المادة 736 أعلاه أو صرحوا تدليسيا بديون وهمية أثناء المسطرة سواء باسمهم أو بواسطة الغير. أما الأفعال التي يرتكبها السنديك، فهي الإضرار عمدا وبسوء نية بمصالح الدائنين، إما باستعماله لأغراض شخصية أموالا تلقاها بمناسبة قيامه بمهمته، وإما بإعطائه منافع للغير يعلم أنها غير مستحقة، الاستعمال اللامشروع للسلط المخولة له قانونا، في غير ما أعدت له وبشكل معاكس لمصالح المدين أو الدائنين، استغلال السلط المخولة له من أجل استعمال أو اقتناء بعض أموال المدين لنفسه سواء قام بذلك شخصيا أو بواسطة الغير؛ الامتناع في حالة استبداله، عن تسليم المهام إلى السنديك الجديد وفق ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 677 أعلاه.أما بالنسبة للدائن، فيتعرض لعقوبة التفالس متى أبرم عقدا عقد أو عدة عقود تخوله امتيازات خاصة على حساب الدائنين الآخرين الذي يقوم بعد صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية أو قام باستعمال أي من المعلومات المشار اليها في المادتين 612 و619 أعلاه في أي مسطرة أو دعوى أو أمام أي جهة كانت دون إذن مكتوب من المدين.
ولم يفرد المشرع لها تسمية محددة، وإنما عبر عنها ب” الجرائم الأخرى” وهي عبارة غير دقيقة. ولقد ذهب بعض الباحثين إلى انتقاد توجه المشرع بتخليه عن تسمية هذه الجرائم، باعتباره توجها غير موفق، وأنه لا يتناسب ومبدأ الشرعية الجنائية. [76]
ولعل ما يبرر تخلي المشرع عن تسمية هذه الجرائم تعلقها بجريمة التفالس، وارتباطها بها.
يلاحظ أن المشرع عامل جميع هذه الجرائم[77] بنفس المعاملة بغض النظر عن خطورة بعضها دون الآخر، وبغض النظر عن ارتكابها من طرف المسير أو من غيره، بحيث عمد إلى تعميم وتوحيد العقوبة المنصوص عليها في المادة 755 من قانون 73.17 على جميع الجرائم. ويعاقب مرتكبو الجرائم الأخرى بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة من 10000 إلى 100000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
والذي يظهر من بحث عقوبة التفالس والجرائم الأخرى التي تطال مسيري المقاولات أن المشرع نوّع عقوباتها بين عقوبات أصلية يسوغ الحكم بها، وأخرى إضافية تستند في وجودها إلى الأولى. ومنح للمحكمة سلطة تقديرية في تفريد الجزاء، وذلك باختيار العقوبة الملائمة بين الحبس أو الغرامة أو أحدهما. ولا ريب أن المشرع في ذلك ينسجم مع مبدأ تناسب الجريمة مع العقاب، فترك للمحكمة سلطة تفريد العقاب نظرا لاطلاعها على حيثيات وأسرار كل قضية على حدة. ولا شك أن المشرع كان يروم أن يضبط مجال تيسير المقاولات، وضبط ماليتها ومحاسبتها بما يضمن استمرارايتها، ويؤهل تنافسيتها في السوق الداخلي أو الخارجي.
وتحرك الدعوى العمومية الخاصة بهذه الجرائم، إما بناء على متابعة من النيابة العامة أو من طرف السنديك بصفته طرفا مدنيا. ومن أجل هذه الغاية، يمكن للنيابة العامة أن تطلب من السنديك تسليمها جميع الوثائق والعقود التي بحوزته[78]. ولا يكون الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون لأن المادة 761 من قانون 73.17 استثنت الأحكام الصادرة في مادة التفالس والجرائم الأخرى المنصوص عليها في الباب الثالث من القسم الخامس بالعقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة من ذلك. [79]
تخضع جميع المقررات الصادرة عند البت في جريمة التفالس او الجرائم الأخرى، لإجراءات الشهر المنصوص عليها بالمادة 710 من قانون 73.17 التي أحالت عليها المادة 726 من نفس القانون، وبهذا يتعين على كاتب الضبط بالمحكمة الابتدائية أن يبلغ المقررات الصادرة إلى الأطراف، كما يتعين تقييدها بالسجل التجاري للمعنيين بها، ونشر مستخرج منها في جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية، وفي الجريدة الرسمية، كما تخضع للتعليق باللوحة المخصصة لهذا الغرض بالمحكمة. [80]
أما فيما يخص موضوع التقادم، فإذا كان المبدأ العام في تقادم الدعوى العمومية بخصوص الجنح هو 4 سنوات ميلادية كاملة تبتدأ من تاريخ ارتكاب الجنحة، فإن طبيعة جريمة التفالس والجرائم الأخرى المنصوص عليها بالمادتين 754 و 757 من قانون 73.17، اقتضت ألا يبدأ أجل التقادم وفقا للمادة 758 من قانون 73.17، إلا من يوم النطق بحكم فتح مسطرة إجراء المعالجة حينما تكون هذه الأفعال المجرمة قد ظهرت قبل هذا التاريخ.[81] أما إذا ارتكبت تلك الأفعال بعد تاريخ النطق بالحكم بفتح المسطرة، فإن أجل التقادم يبدأ من تاريخ ارتكابها وفقا للقاعدة العامة المنصوص عليها بالمادة 5 من قانون المسطرة الجنائية. [82]
والذي يبدو لي فيما يخص مسألة الاختصاص النوعي للبت في جرائم التفالس والجرائم الأخرى، أن المشرع لم يكن موفقا باسناد اختصاص البت للقضاء الزجري عوض الاقتصار على عرض هذه الجرائم على المحكمة التي فتحت أمامها مسطرة معالجة المقاولة، خاصة وأن هذه الأخيرة تكون ملمة بتفاصيل والحيثيات التي تتصل بالمسطرة الجماعية، ووضعية المقاولة. ولا شك أن في ذلك تدبيرا للزمن القضائي، وتوفيرا للجهد بدل إحالة القضية على المحكمة الابتدائية التي يلزمها وقت للاضطلاع على القضية ومجرياتها. وفي هذا الصدد، يظل تفعيل دور النيابة العامة في المحاكم التجارية مطلبا ملحا، بل وضروريا يستجيب لفلسفة القضاء التجاري بما يتطلبه هذا الأخير من الحفاظ على الزمن، وحفظ مصالح المقاولين والمقاولات.
خاتمة:
لقد فرضت مكانة المقاولة داخل النسيج الاقتصادي بما تمثله من محور التقاء العديد من المصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المشرع أن يتدخل بالتنظيم والتأطير. وحرصا من المشرع في حماية هذه المصالح، وتطلعا لاقتصاد وطني قوي وتنافسي، وتشجيعا للاستثمارات الأجنبية بالفضاء الوطني، حرص المشرع على توفير حماية جنائية للمقاولة. فاهتم بتجريم كل الأفعال التي تضر بالائتمان والمقاولة، ونوّع عقوبات جرائم مسيري المقاولات. غير أن هذا التنظيم يظل قاصرا بالنظر للتحديات المستجدة خصوصا مع توسع حرية التجارة في النهج اللبيرالي، وكذا الثورة التكنولوجية التي تسرع من اتساع الهوة بين القانون والواقع، ولهذا أصبح من الضروري بناء نسق متكامل لحماية المقاولات يضمن تدخل مختلف الفاعلين، ويؤهل القضاء لأداء أدواره الجديدة التي تتطلب منه مواكبة المقاولة، ومساعدتها على التغلب على صعوباتها. وفي هذا الإطار يلزم تفعيل دور النيابة العامة في المحاكم التجارية.
لائحة المراجع والمصادر
المؤلفات القانونية:
- محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي” القانون الجنائي العام”، ط 1(مطبعة مرجان: 2016)
- عبد القادر العرعاري، المسؤولية المدنية” دراسة مقارنة على ضوء النصوص التشريعية الجديدة، ط 4 (الرباط، دار الأمان، 2014)
- علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ط2 ( دار السلام، للطباعة النشر والتوزيع، 2015)
- علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ط 3، 2019(مطبعة المعارف الجديدة، الرباط)
- نور الدين لعرج، مساطر صعوبات المقاولة، ط1 (سيليكي الأخوين- طنجة، 2016)
- النصوص القانونية المغربية:
- القانون 73-17 الذي نسخ وعوّض الكتاب الخامس من القانون 15.95 المتعلق ب قانون 73.17 فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 26.18.1 بتاريخ 2 شعبان 1439(19أبريل 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439(23 أبريل 2018) ص 2345.
المقالات العلمية:
- يوسف ملحاوي، وضعية مسيري المقاولة على إثر فتح مسطرة التسوية القضائية، مجلة القصر، عدد 20، 2008.
- الرشيد صلاح الدين، المسؤولية الجنائية لمسيري المقاولة حال تعرضها للصعوبة، منتدى البحث القانوني بمراكش، عدد 3، يونيو 2002.
- الحسن الكاسم، المساطر العقابية في إطار صعوبات المقاولة، مجلة المعيار “مجلة تصدر عن هيئة المحامين بفاس”، عدد 48، 2012.
- العربي فارس، تمديد مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية إلى المسيرين، المجلة المغربية للقانون و الاقتصاد والتدبير، ع 53، 2008.
- عمر قريوح، الجرئم المالية في مساطر معالجة صعوبات المقاولة- التفالس نموذجا- مقال منشور ضمن أشغال الندوة الجهوية السابعة، بعنوان” الجرائم المالية من خلال قرارات المجلس الأعلى،2007
[1] – عبد القادر العرعاري، المسؤولية المدنية” دراسة مقارنة على ضوء النصوص التشريعية الجديدة، ط 4 ( الرباط، دار الأمان، 2014) ص 11
[2] – محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي” القانون الجنائي العام”، ط 1، 2016، ص 262
[3] – محمد العروصي، مرجع سابق، ص 266.
–[4] القانون 73-17 الذي نسخ وعوّض الكتاب الخامس من القانون 15.95 المتعلق ب قانون 73.17 فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 26.18.1 بتاريخ 2 شعبان 1439(19أبريل 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439(23 أبريل 2018) ص 2345.
[5] – وتقابلها في قانون 73.17 المادة 740.
[6]– حكم محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 442/2002، صادر بتاريخ 11/11/2002 في الملف رقم 371/2002/10
[7]– عمر قريوح، مرجع سابق، ص 390.
– عمر قريوح، مرجع سابق، ص 391[8]
– عمر قريوح، مرجع سابق، ص 391[9]
[10]– عمر قريوح، مرجع سابق، ص 391.
[11] – عمر قريوح، مرجع سابق، ص 392.
– عمر قريوح، مرجع سابق ،ص 392[12]
[13] – عمر قريوح، مرجع سابق، ص 393
[14] – عمر قريوح، مرجع سابق، نفس الصفحة.
[15] – ظهير شريف رقم 1.92.138 صادر في 30 من جمادى الآخرة 1413(25 ديسمبر 1992) بتنفيذ القانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها.
[16] – حلتّ محل المادة 721 من قانون 73.17، غير أن المشرع لم يلحقها بتغيير من حيث المضمون.
– يوسف ملحاوي، وضعية مسيري المقاولة على إثر فتح مسطرة التسوية القضائية، ص 124 [17]
[18] – الرشيد صلاح الدين، المسؤولية الجنائية لمسيري المقاولة حال تعرضها للصعوبة، منتدى البحث القانوني بمراكش، عدد 3، يونيو 2002، ص 119
[19] – الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 120
[20] – الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص119.
[21] – يوسف ملحاوي، وضعية مسيري المقاولة على إثر فتح مسطرة التسوية القضائية، ص 125.
[22] – التي حلت محل المادة 706 من مدونة التجارة
[23]– يوسف ملحاوي، مرجع سابق، ص 125
[24]– الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 120
[25] – المادة 745 / 754 من قانون 73.17 الذي عوض الكتاب الخامس من قانون 73.17.
[26] -الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 121.
[27]– الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 121
–[28] يوسف ملحاوي، مرجع سابق، ص 126.
[29] – يوسف ملحاوي، مرجع سابق، ص 126.
[30] – الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 123.
[31]– الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 123.
[32] – الذي عوّض بالمادة 740 من قانون 73.17 الناسخ للكتاب الخامس من قانون 73.17
–[33] حكم المحكمة التجارية بطنجة، رقم 756، بتاريخ 30/06/2005، ملف رقم 3/10/ 2005
[34] – يوسف ملحاوي، مرجع سابق، ص 127
[35]– الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 124.
[36] – الرشيد صلاح الدين، مرجع سابق، ص 123.
[37] – يوسف ملحاوي، مرجع سابق، ص 127.
[38] – المادة 738 من قانون 73.17
[39] –نور الدين لعرج، مساطر صعوبات المقاولة، ص 223.
[40]– جاء في المادة 738 من قانون 73.17 ما يلي: حينما يظهر من خلال سير مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة شركة نقص في باب الأصول، يمكن للمحكمة في حالة حصول خطأ في التسيير ساهم في هذا النقص…”
.[41]– الفقرة الأخيرة من المادة 738 من قانون 73.17.
[42]– نور الدين لعرج، مساطر صعوبات المقاولة، ص 224.
[43]– المادة 739 من قانون 73.17
[44] – المادة 740 من قانون 73-17
[45] – وذلك أن سلطة المسيرين يوفر لهم الفرصة لاستعمال أموال المقاولة لأغراض شخصية تتنافى ومصلحة المقاولة كتخصيص مصاريف خيالية لرحلاتهم وأسفارهم ومآربهم الشخصية.
[46] – المادة 741 من قانون 73.17
[47] – العربي فارس، تمديد مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية إلى المسيرين، المجلة المغربية للقانون والاقتصاد والتدبير، ع 53، 2008، ص 126
[48] – المادة 743 من قانون 73.17
[49] – تور الدين لعرج، مساطر صعوبات المقاولة، ص 228
.[50]– قرار عدد 1646 المؤرخ في 24/12/2008، ملف تجاري عدد: 812/3/2/2005
[51]– الماد 744 من قانون 73.17
–[52] المادة 761 من قانون 73.17
[53]– المواد 761 و 762و767 من قانون 73.17
المواد 745و 746و 747و 748و749 من قانون 73.17 –[54]
–[55] علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ص 374.
[56] – حلت محلها المادة 747 في قانون 73.17
[57] -تم تمديد هذا الأجل في قانون 73.17 إلى ثلاثين يوم.
–[58] القرار عدد 1931/2001 الصادر بتاريخ 28/09/2001 في الملف رقم 281/2000/10
[59] – فترة الريبة: وهي الفترة الممتدة ما بين التاريخ الذي تحدده المحكمة كتاريخ لتوقف المقاولة عن الدفع وبين تاريخ صدور حكم فتح المسطرة. أما بعد صدور هذا الأخير، فإنه يمنع على المدين أداء كل دين سابق، وذلك وفق مقتضيات المادة 563 من قانون 73.17.
[60] -. مساطر معالجة صعوبات المقاولة، علال فالي، ص 378.
[61] -. علال فالي، نفس مرجع سابق، ص 379.
[62] – المادة 749 من قانون 73.17
[63] – علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ص 38َ1
[64] – المادة 751من قانون 73.17
[65]– المادة 754 من قانون 73.17 التي حلت محل المادة 721.
–[66] الحسن الكاسم، المساطر العقابية في إطار صعوبات المقاولة، ص 85
– يوسف ملحاوي، وضعية مسيري المقاولة على إثر فتح مسطرة التسوية القضائية، مجلة القصر، عدد 20، ص 114 [67]
.[68]– نور الدين لعرج، مساطر صعوبات المقاولة، ص 239
.[69]– نور الدين لعرج، نفس مرجع سابق، ص 240
–[70] نور الدين لعرج، نفس مرجع سابق، ص 240.
[71] -.جاء في المادة 759 من قانون 73.17 المعدل للكتاب الخامس من مدونة التجارة:” تعرض الدعوى على أنظار القضاء الزجري إما بمتابعة من النيابة العامة أو من طرف السنديك بصفته طرفا مدنيا..”
[72] – علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ط 3، 2019، ص 508
[73] – علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ط 3، 2019، ص 508
[74] – المادة 755 من قانون 73.17:
[75] -جاء في المادة 756 ما يلي:” يتعرض كذلك لسقوط الأهلية التجارية المنصوص عليه في الفصل الثاني من الباب الأول من هذا القسم كعقوبة إضافية الأشخاص المدانون من أجل الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل”
[76] – علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ط 3، 2019، ص 517
[77] – جاء في المادة 757 من قانون 73.17:” يعاقب بنفس عقوبات التفالس: الأشخاص الذين أخفوا أو ستروا أو كتموا كلا أو جزءا من الأموال المنقولة أو العقارية لفائدة الأشخاص المشار إليهم في المادة 736 أعلاه…”
[78] – وذلك وفقا للمادتين 759 و 760 من قانون 73.17.
[79] – علال فالي، مرجع سابق، ص 393.
[80] – علال فالي، مرجع سابق، ص 393.
[81] – يوسف ملحاوي، وضعية مسيري المقاولة على إثر فتح مسطرة التسوية القضائية، مجلة القصر، عدد 20، ص 112.
[82] – علال فالي، مرجع سابق، ص 395.