بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

التوقيع الإلكتروني

ذ.مبارك الحسناوي

باحث في الشؤون القانونية


 التوقيع الإلكتروني
       يمكن القول أن التوقيع  بخط اليد لا يمثل سوى مرحلة من مراحل التطور قي وسائل التصديق على التصرفات القانونية، وهو ليس الأداء الوحيدة، أو المرحلة النهائية للتطور، بل يرتبط إلى حد بعيد بظاهرة الكتابة الورقية ، ولا يقف حاجزا امام بروز أشكال جديدة  فالهدف من الإمضاء يكمن في خلق حالة واقعية ظاهرة و مشاهدة ومعاينة، فالتصديق تعبير مجرد عن حالة نفسية باطنية تتمثل في نقل القبول إلى رحاب العالم الخارجي المحسوس.
       وعليه سنعمل في معالجة هذا المبحث بتقسيمه إلى مطلبين، نخصص المطلب الأول لمفهوم التوقيع الالكتروني و أنواعه و المطلب الثاني لحجية التوقيع الالكتروني في الإثبات.
المطلب الاول : مفهوم التوقيع الالكتروني و أنواعه :
        لقد بدت الحاجة ملحة إلى ضرورة إيجاد بديل الكتروني يحل التوقيع الخطي اليدوي ويؤدي نفس وظائفه من حيث التوثيق و الإثبات، فظهر التوقيع الالكتروني كتقنية يستطيع بها الأطراف المتعاملون بنظام  التبادل الالكتروني للبيانات و الرسائل الالكترونية لتوثيق معاملاتهم.
الفقرة الاولى : تعريف التوقيع الالكتروني : 
       إن مصطلح التوقيع الالكتروني حضي بأهمية خاصة من قبل العديد من المشرعين و الفقهاء، فأغلب التشريعات، سواءا أكانت تشريعات عالمية أم وطنية، عرفت التوقيع الالكتروني ووضعت عدة تعريفات.
         أما المشرع المغربي فلم يعرف التوقيع الالكتروني، و إنما استوجب فقط إذا كان التوقيع لالكتروني يتم عبر إستعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباط ذلك التوقيع، بالوثيقة المتصلة به، كما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 417-2 من ق.ل.عبعد التعديل، إذ ترك مهمة التعريف موكولة إلى الفقه.
      وعليه فإن المشرع المغربي اهتم بالتوقيه الالكتروني و عالجه من خلال القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية 05-53، و ذلك في القسم الثاني من هذا القانون خاصة لباب الأول و الثاني منه، حيث نجد المشرع يتحدث عن التوقيع الالكتروني المؤمن و التشفير ثم المصادقة على هذا التوقيع الالكتروني بقوته التبوتية. و التوقيع الالكتروني كمصطلح جديد، استلزم ضرورة تعريفه أو تحديد مفهومه ذلك أنه بذلت جهود كبيرة لبيان ذلك من قبل بعض المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال و حتى من قبل بعض التشريعات. 
       غير أنه أعطيت مجموعة من التعاريف للتوقيع الالكتروني من جهات متعددة قانونية أو تقنية، فمجموعة ISO عرفت التوقيع الالكتروني :" بأنه مجموعة من معطيات أضيفت على وحدة المعطيات أو تحول مشفرة لوحد من المعطيات تمكن المرسل إليه  من إثبات مصدر وحدة المعطيات و كذلك التأكد من صحتها أو تمامها مع حمايتها من التقليد". 
       أما المشرع الفرني فقد عرفته المادة الاولى من المرسوم بمثابة قانون المتعلق بالمبادلات الالكترونية بان التوقيع الالكتروني هو : " معطى ينتج عن استعمال ما من طرف الموقع أو هو معطى يكون نتيجة استعمال الموقع لرسالة معطيات".
      وقام المشرع المصري بإصدار قانون خاص بالتوقيع الالكتروني حيث قام بتعريف التوقيع الالكتروني في المادة (1/أ) منه :" ما يوضع على محرر الكتروني و يتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها و يكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع و يميزه عن غيره".
      و كان حريا بالمشرع المغربي أن يسلك نفس النهج تماشيا مع التوجه الذي أخذت به التشريعات المدنية خصوصا بعد إبرام اتفاقية  التبادل الحر مع الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر رائد في المجال التجارة الالكترونية حيث عرف قانونها الصادر في 30 يونيو 2000 التوقيع الالكتروني بأنه : " شهادة رقمية تصدر عن إحدى الهيئات المستقلة و تميز كل مستخدم يمكن أن يستخدمها في إرسال أي وثيقة أو عقد تجاري أو تعهد أو إقرار".
      ومن خلال دراسة جل هذه التعريفات يمكننا أن نستخلص تعريفا محددا للتوقيع الالكتروني يتجلى في :" كل إشارة أو علامة أو رمزا الكترونيا يضاف إلى رسالة البيانات المعلوماتية ينفرد به صاحبه، و يمكن من التعريف على هويته وعن قبوله الالتزام بذلك البيان وان يتم ذلك الرمز أو العلامة بصورة تخول لصاحبه المحافظة عليه بشكل مستمر حتى يتمكن من كشف كل تعديل لرسالة البيانات قد يطرأ عليه لاحقا ".
الفقرة الثانية : الوضائف القانونية للتوقيع الالكتروني : 
      ورد في دليل تشريع قانون لأونسترال  النمودجي بشأن التجارة الخارجية الالكترونية لعام 1996 في التعليق على المادة السابعة منه أن التوقيع الالكتروني يجب أن يقوم بالوظائف التالية : " تعيين هوية الشخص، و توفير ما يؤكد يقينا مشاركة ذلك الشخص بالذات في فعل التوقيع و الربط بين ذلك الشخص و مضمون المستند".
      فـالتوقيع الالـكتروني يـقوم بــعـــدة وظائف قانونية ، يمكن إجمالها في وظيفتين رئيسيتين : تحديد هوية الموقع ( الوظيفة الأولى) و إظهار موافقته الالتزام بمضمون ما وقع عليه ( الوظيفة الثانية).
الوظيفة الاولى : تحديد هوية الموقع  : 
نرى أن تعريف التوقيع يتجه إلى لزوم أن يحقق هوية الشخص الموقع و دلك مهما  كان شكله فيظهر  دلك في التوقيع التقليدي سواء ثم بالإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع حيث جاء في نصوص قانون البيانات الأردني أن من يحتج عليه بسند عادي و كان لا يريد الاعتراف به وجب أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو توقيع أو خاتم أو بصمة و إلا فهو حجة عليه، وهذه العبارة تشير بوضوح إلى أن طرق التوقيع يجب أن تحدد هوية الشخص الموقع و التي تعتبر من أهم وظائف التوقيع و ذلك لتحديدها هوية المتعاقدين ، فالإمضاء الذي يستخدمه الشخص يكون معروفا له و محددا لشخصيته.
وعلى نفس المنوال سار المشرع المغربي حيث نص فصله 2-417 من ق.ل.ع من الفقرة الاولى والتي جاء فيها : " يتيح التوقيع الضروري لإتمام وثيقة  قانونية  التعرف على الشخص الموقع و يعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة".
ومن هذا يمكن القول بان المشرع المغربي جعل من وظائف التوقيع الالكتروني وسيلة الإفصاح عن شخصية الموقع.
و لهذا الاعتبار اشترط الفصل 426 من ق.ل.ع "… أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه… ولا يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع، و يعتبر وجوده كعدمه".
وخلاصة لما سبق ذكره يمكن القول أن تحديد هوية الموقع تعد شرطا لازما لصحة العقد الالكتروني و ذلك من خلال كون هذه المقتضيات ذات تقنية محضة و التي تحتاج إلى مجال تنظيمي ينظمها بهدف مواكبة التطورات في هذا المجال التي لم تستقر بعد على حالة نهائية.
الوظيفة الثانية : التعبير عن إرادة الموقع : 
يعد التوقيع بمثابة وسيلة للتعبير الكتابي عن الإرادة و لغة قانونية لترجمة حقيقية نفسية  معناها نعم رضيت و أنا موافق. أما امجال الالكتروني، فانه لا مجال للرابطة المادية  بين التوقيع و شخصية صاحبه، حيث يجد المتعاقد نفسه ملتزما بمجرد نقره على لوحة المفاتيح أو الفأرة دون اي حركة شكلية تساعد على الاطمئنان لما سوف يقدم عليه كإعداد رسالة مسبقة للتحدير من قبيل : " انتبه أنت على وشك توقيع وثيقة تلزمك قانونيا".
ولهذه الغاية نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 2-417 على انه :"عندما يكون التوقيع الكترونيا، يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة المتصلة به".
وختاما لما سبق ذكره، يمكن القول بان مفهوم التوقيع الالكتروني هو مفهوم متشعب يصعب الإحاطة به من جميع الجوانب نظرا لتعدد التعاريف القانونية في معالجة إشكالية التوقيع الالكتروني مما دفعنا إلى إلقاء نبذة عن وظائف التوقيع الالكتروني لذا فإننا سنقوم في هذه الفقرة بإلقاء الضوء على بعض الصور التوقيع الالكتروني.
الفقرة الثالثة : صور التوقيع الالكتروني 
لقد بذل العلماء في مجال تكنولوجيا المعلومات محاولات جادة من اجل ابتكار وسائل و طرق تتماشى مع التطورات التكنولوجية و المتطلبات القانونية للتوقيع لجعله يضاهي التوقيع العادي على الورق ، و ترتب على ذلك ظهور صور للتوقيع الاكتروني بهدف توفره على الشروط اللازمة  للاعتداد به قانونا في الإثبات، و بالتالي تعدد صوره بحسب الطريقة التي تتم بها، و تختلف هده الصور فيما بينها من حيث درجة الثقة بها و مستوى تقدمه من ضمان لصاحبها بحسب الإجراءات المتبعة في إصدارها و تأمينها.
و بالرجوع إلى ما توصلت إليه تكنولوجيا المعلومات من تطورات في إنتاج التوقيعات الالكترونية فإننا نستطيع حتى الأن أن نحدد أنواع التوقيع الالكتروني على الشكل التالي : 
أولا : التوقيع اليدوي الالكتروني
تعتبر هذه الصورة من ابسط صور التوقيع الالكتروني، و تتمثل في تحويل التوقيع اليدوي إلى توقيع الكتروني عن طريق تصوير التوقيع اليدوي بالماسح الضوئي Scanner ثم نقل هذه الصورة إلى الملف الذي يراد إضافة هذا التوقيع إليه عبر شبكة الاتصال الالكتروني. كذلك يمكن الاحتفاظ بهذه الصورة الرقمية للتوقيع عن طريق تسجيلها إما في الذاكرة الصلبة للحاسوب، أو على قرص مغناطيسي خارج جهاز الحاسوب ، بحيث يمكن للشخص كلما أراد التوقيع بهذه الطريقة الرجوع إلى هذه الصورة و إضافتها إلى الملف الذي يريد التوقيع عليه.
ثانيا : التوقيع بالقلم الالكتروني : pen-op : 
وهذه هي الصورة الثانية للتوقيع الالكتروني حيث تتم باستخدام طريقة pen-op  أو التوقيع بالقلم الالكتروني ويتم  ذلك عن طريق استخدام  قلم الكتروني حسابي يمكن عن طريقه الكتابة على شاشة الكمبيوتر، وذلك عن طريق استخدام برنامج   معين، ويقوم هذا البرنامج بوظيفتين الأولى خدمة التقاط التوقيع و الثانية خدمة التحقق من صحة التوقيع، حيث يتلقى البرنامج أولا بيانات العميل عن طريق بطاقته الخاصة التي يتم وضعها في الآلة المستخدمة، و تظهر بعد ذلك التعليمات على الشاشة، ويتبعها الشخص، ثم تظهر الرسالة تطالب بتوقيعه باستخدام قلم على مربع في داخل الشاشة، ودور هذا البرنامج قياس خصائص معينة للتوقيع من حيث الحجم و الشكل و النقاط و الخطوط و الالتواءات و يقوم الشخص بالضغط على مفاتيح معينة تظهر له على الشاشة بانه موافق او غير موافق على هذا التوقيع ( ok او no). 
ثالثا : التوقيع الالكتروني الرقمي DIGITOL SIGNOTURE  :
ويسمى أيضا التوقيع بواسطة المفتاح، و يسمى ( رقميا ) لأنه يحتوي على رقم سري لا يعرفه سوى صاحبه و يشيع استخدامه في التعاملات المالية و البنكية و بواسطة بطاقة الائتمان.
رابعا : التوقيع باستخدام الخواص الذاتية أو التوقيع البيومتري  BIOMETRICS  SINGATURE 
يهتم العلم البيومترلوجي بدراسة الخاصيات الذاتية المميزة لكل شخص القادرة على تمييزه و تحريره عن غيره من الأشخاص مثل بصمة الأصبع أو شبكة العين أو بصمة الشفاه أو نبرة الصوت و محاولة استثمار  هذه الخصائص الذاتية التي لا يمكنها أن تتطابق مع خصائص أي شخص آخر في مجالات متعددة كالدخول إلى الأماكن الخاصة التي لا يمكن ولوجها إلا من طرف الشخص المرخص له بذلك أو لفتح الخزائن الحالية أو للتعرف على مرتكبي الجرائم كما يمكن استخدام هذه الخصائص في التوقيع على التصرفات القانونية.
المطلب الثاني : حجية التوقيع الالكتروني و الجهة المصدرة له : 
في هذا المطلب سنجيب عن جملة من التساؤلات حول إمكانية قبول التوقيع الالكتروني كبديل عن التوقيع العادي في ظل القواعد  العامة  المنظمة للإثبات ؟ بمعنى آخر هل واكب هذا التطور التقني تطورا مماثلا في قواعد القانون التقليدي خاصة ما يتعلق منها بالإثبات ، أم فكر القانون التقليدي يقف حجر عثرة أمام الاستفادة من ثمار هذا التطور التقني؟ وما هي الجهة المختصة في خدمة المصادقة الالكترونية؟ 
الفقرة الأولى : حجية التوقيع الالكتروني في الإثبات: 
أدرك المشرع المغربي كباقي التشريعات المقارنة ضرورة  تجاوز الهوة الرقمية وما يترتب عنها من هوة قانونية، و ذلك عن طريق التدخل التشريعي لملائمة تشريعاته مع التطورات التكنولوجيا الحديثة في ميدان استخدام تكنولوجيا المعلومات في التجارة الالكترونية متـأثرا في ذلك بالجهود المبذولة على المستوى الدولي و الإقليمي، ومن أجل ذلك عمل على وضع قانون رقم 05-53 المتعلق بالتبادل القانوني للمعطيات الالكترونية، فقد أشار إلى التوقيع المؤمن فقط و ذلك في الفصل 3-417 حيث نصت الفقرة الثانية من هذا الفصل على انه :" يعتبر التوقيع الالكتروني مؤمنا إذا ثم إنشاؤه وكانت هوية الموقع مؤكدة و تمامية الوثيقة القانونية مضمونة، وفق النصوص التشريعية و اتنظيمية المعمول بها في هذا المجال". هذا وقد بينت المادة السادسة  من نفس القانون الشروط الواجب توافرها في التوقيع الالكتروني لمؤمن حتى يتم الأخد به وهذه الشروط هي : 
1ـ أن يكون خاصا بالموقع ،
2ـ أن يتم إنشاؤه بوسائل يمكن للموقع الاحتفاظ بها تحت مراقبته  الخاصة بصفة حصرية ،
3ـ أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به بكيفية تؤدي إلى كشف أي تغيير لاحق ادخل عليها،
4ـ يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية لإنشاء التوقيع الالكتروني، تكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة.
فعند توقر هذه الشروط يصبح التوقيع الالكتروني موثوقا به، و يؤدي إلى بث الطمأنينة في سلامة الوثيقة الالكترونية و صحتها، يلاحظ أن المشرع المغربي لم يركز على التقنية أو الطريقة التي يتم بها استخدام التوقيع الالكتروني كما هو الحال بالنسبة لبعض التشريعات المقارنة، و إنما اشترط توافر معايير ققنية يكون دورها التأكيد على سلامة التوقيع الالكتروني المؤمن على تلك المعايير فانه يصبح قادرا على القيام بوظائف التوقيع العادي، و بهذا يكون المشرع المغربي قد ساير الاتجاه الدي سار عليه القانون النمودجي الخاص بالتوقيعات الالكترونية و كذالك الأحكام الخاصة بالتوقيع الالكتروني المعزز المنصوص عليه في التوجيهات الأوربية الخاصة بالتوقيعات الالكترونية.
الفقرة الثانية : المصادقة على التوقيع الالكتروني :
إن الثقة و الأمان لدى أطراف  العقد الالكتروني هما من أولى الأمور التي يتعين توفرها في هذا النوع من التعاقد، و ذلك لما تتسم به طبيعة هذه  العقود من عدم الالتقاء الفعلي بين أطراف العلاقة فضلا عن عدم وجود عاقات سابقة بين الأطراف في معظم العقود.
ولكي تتوافر الثقة  و الامان المستهدفتان فان الأمر يستلزم وجود طرف ثالث محايد سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباريا و ذلك حتى يضمن سلامة المحرر الالكتروني من العبث أو الاحتيال و يؤمن عملية التوقيع الالكتروني، و ذلك بالتحقق من شخصية المتعاقدين.
لقد تناول قانون 05-53 موضوع المصادقة على التوقيع الالكتروني من خلال أشخاص ثلاثة، السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الالكترونية (أولا) و مقدمي خدمة المصادقة الاكترونية (ثانيا) و صاحب الشهادة الالكترونية (ثالثا)
أولا : السلطة الوطنية المكلفة باعتماد و مراقبة المصادقة الالكترونية: 
أنشأ المشرع جهازا مكلفا باعتماد و مراقبة عمليات المصادقة الالتكرونية، يحمل اختصار اسم (السلطة الوطنية) اسند إليها المهام المحددة في المواد من 15 إلى 19 من القانون 05-53 وهي :
1ـ اقتراح معايير نظام الاعتماد على الحكومة  و كيفية اتحاد التدبير اللازمة لتفعيله.
2ـ اعتماد مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية، و مراقبة نشاطهم (المادة 15 من القانون).
3ـ نشر مستخرج من قرار الاعتماد في الجريدة الرسمية.
4ـ مسك  سجل بأسماء مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية المعتمدين ينشر في نهاية كل سنة في الجريدة الرسمية ( المادة 16).
5ـ التأكد من احترام مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية، الذين يسلمون شهادات الكترونية مؤمنة بالالتزامات المنصوص عليها في أحكام هذا القانون وفي النصوص التطبيقية له ( المادة 17).
6ـ يجوز لها إما تلقائيا، أو بطلب من اي شخص يهمه الامر ، أن تتحقق بنفسها ، أو أن تنتدب خبراء للتحقيق من مطابقة نشاط مقدم الخدمة ، الذي يسلم  شهادات الكترونية مؤمنة لأحكام هذا القانون و النصوص المقررة  لتطبيقه ( المادة 18).
7ـ يحق لأعوانها، و لخبراء المنتدبين من قبلها ، بعد إثبات صفتهم ، ولوج  أي مؤسسة، والاطلاع على كل الأليات و الوسائل التقنية المتعلقة بخدمات المصادقة الالكترونية المؤمنة التي يعتبرونها مفيدة أو ضرورية لانجاز مهام التحقق المكلفين بها في إطار المادة 18 من نفس القانون ( المادة 19).
ثانيا : مسؤولية مقدم خدمة المصادقة الالكترونية : 
إن مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية يعود إليهم وحدهم إمكانية إصدار شهادات الكترونية مؤمنة و تسليمها و تدبير الخدمات المتعلقة بها و ذلك وفق الشروط المقررة في قانون 05-53 و النصوص المتخذة لتطبيقه ( المادة 20). ولقد قررت المادة 21 من القانون 05-53 عدة شروط من اجل اكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الالكترونية.
ثالثا : مسؤولية مقدم خدمة المصادقة الالكترونية : 
نص المشرع على مجموعة من الالتزامات تقع على عاتق مقدمي خدمة المصادقة على التوقيع الالكتروني  وعلى مستخدميهم يترتب عن الإخلال بها المسؤولية المدنية  و الجنائية بحسب الأحوال، وقد وردت أحكامها في المادة 24 من القانون 05-53 بمقتضى المادة 24 المذكورة  يتحمل  مقدموا خدمات المصادقة الالكترونية مسؤوليتهم عن إنشاء السر المهني، من طرفهم أو من طرف مستخدميهم ولا يطبق الالتزام بكتمان السر المهني عندما يتعلق الأمر بالسلطات الإدارية و الأعوان و خبراء مقدمي الخدمة و كذا مسؤوليتهم في إطار القواعد  العادية عن تهاونهم و قلة كفاءتهم أو قصورهم  المهني تجاه المتعاقدين أو في مواجهة الغير.    
رابعا : التزامات صاحب الشهادة الالكترونية : 
نص المشرع على أربعة التزامات أساسية يتعين  على صاحب التوقيع الالكتروني عدم الإخلال بها، وهي محددة في المواد من 25 إلى 28   من القانون 05-53، فمند لحظة إحداث معطيات التوقيع الالكتروني يصبح صاحب الشهادة الالكترونية مسؤولا عن تمامية و سرية تلك المعطيات، وكل استعمال لهذه المعطيات يعتبر صادرا عنه، مالم يثبت خلافا ذلك ( المادة 25) . كما يتعين عليه أن يشعر في أقرب الآجال، مقدم خدمة المصادقة، بكل تغيير يطرأ على المعلومات التي تتضمنها الشهادة الالكترونية ( المادة 26)،  و يجب عليه ايضا أن يطلب الغاء الشهادة الالكترونية وفقا لأحكام المادة 21 من القانون.
 تعد دراسة الإثبات الإلكترونية من الموضوعات الشائكة التي مازالت قيد البحث، فلم يتطرق لها الباحثون في دراستهم بشكل كبير، بل يمكن القول بأن هذا الموضوع لم يأخذ حقه من البحث فقد جاءت الدراسات حوله قليلة و نادرة لحدة الموضوع و حداثته و عدم بيان كافة مفرداته التي هي في تطور يومي مستمر. 
وإذا كان المشرع المغربي قد اهتم بهذا الجانب من خلال إصدار القانون رقم 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية،  فإن الملاحظ أت تعامل المواطن المغربي في مجال التعاقد الإلكتروني عامة، و التجارة الإلكترونية خاصة، مازال في بدايته، و تشكل هذه المبادرة خطوة كبيرة في الاستعداد للمستقبل القريب، لكن ليس معنى هذا أن القانون غير قابل للتطبيق الآن، و إنما على العكس من ذلك، من جهة  أتى بالحلول  الملائمة التي يستند إليها القضاء في اعتماد الوثائق الالكترونية حجة في الإثبات.
ومن جهة أخرى، فإنه لا شك فيه أن  هذا القانون الجديد سيساهم في حسم النزاعات المترتبة عن التعاملات الالكترونية، و بالتالي اعتماد المحررات  الإلكترونية و التوقيعات الإلكترونية كوسائل  للإثبات، خاصة و أن هذه المحررات أو التوقيعات لا تكتسب الحجية إلا بعد توثيقها و المصادقة عليها من طرف الجهات أو السلطات المختصة، وهو ما يفيد الاعتراف لها بحجيتها، ومن تم مضاهاتها لتلك المحررات   الرسمية  أو العرفية، خاصة و أن المشرع خص هذه المحررات الإلكترونية و التوقيعات الإلكترونية بضمانات قانونية من شأنها تعزيز هذه الحجية و ذلك بإقراره لغرامات و عقوبات و تدابير وقائية في حالة المساس بهذه المحررات و التوقيعات الإلكترونية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى