المسؤولية المدنية للطبيب بين المعيار الجهد الذاتي و المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار (في ظل الاعتماد على الالة و البرمجيات)
المسؤولية المدنية للطبيب
بين المعيار الجهد الذاتي و المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار
(في ظل الاعتماد على الالة و البرمجيات)
أيت مبارك ياسين
طالب في سلك ماستر المنازعات القانونية و القضائية (كلية سلا)
بسم االله الرحمن الرحيم
قال تعالى ” وإذا مرضت فهو يشفين ”
صدق االله العظيم
وقال رسول االله صلى االله عليه وسلم : ” من تطبب بغير علم فهو ضامن”
اليوم! يتعايش العالم الطبي مع كمية مهولة من المعلومات DATA ، والتي نشأت من رحم الفحوصات المخبرية والمراقبات السريرية والفيسيولوجية. حيث بدأ الأطباء بالتحول في الممارسة السريرية من التحليل العرضي وإلى الإعتماد على دقة الملاحظة لديهم إلى تحليل بينات مختلفة وخوارزميات منظمة، تعتمد على مجموعات من البيانات المحدثة باستمرار لتحسين قدرة تشخيص المرض، أو التنبؤ بنتائج المرضى.
لذلك التعلم الآلي Machine Learning لا يمكن أن يحل محل الطبيب، ولكن الأطباء الذين يتعلمون ويستخدمون الذكاء الإصطناعي Artificial Intelligence سيحلون محل الأطباء التقليدين الذين لا يواكبون الثورة الرقمية الجديدة.
إن استخدام الروبوتات و البرامج في مختلف القطاعات يثير العديد من الصعوبات لاسيما فيما يتعلق بالمسؤولية عن أعمال هذه البرامج و مدى ملائمة التشريعات الحالية و قدرتها على استيعاب الخصائص الفريدة لهذه التقنية [1]. و بناء عليه , في 23 يناير اعتمد البرلمان الأوربي , الذي اجتمع في لجنة , بإعداد “مسودة” [2]عن الذكاء الاصطناعي ، ونشرت النسخة الأولى منها في 17 كانون يناير 2020 [3].
هذا وإن دل على شيء فيدل على بحث هذه الدول إلى تعزيز ثِقة المُستخدمين بالتقنيات الجديدة والفكرة من وراءِ ذلك هي إتاحة وفرة من المعلومات للمُستخدمين حول الخدمات الرقمية، وخَلْق الشفافية وضمان احترام القيم الأخلاقية , و تحديد المسؤولية .
الشيء الذي أغفله المشرع المغربي مما يتجلى في اقتصاره على النصوص القديمة في مجال الصحة كالإطار المرجعي الأساسي، الذي ينظم عمل الحكومة في مجال الصحة و هو القانون الإطار رقم – 34 09 الصادر بتاريخ 2 يوليوز 2011 المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات الصحية، وكذلك المرسوم التطبيقي رقم 2.14.562 الصادر في 24 يوليو 2015 فيما يخص تنظيم عرض العلاجات والخريطة الصحية والمخططات الجهوية .
بينما تتقاطع في مجال المسؤولية الطبية عدة نصوص قانونية منها ما يتعلق بمدونة السلوك و الأخلاقيات الطبية بالإضافة إلى قرار المقيم العام المؤرخ في 8-6-1953 و منها ما يتعلق بالقانون المنظم لمهنة الطب رقم 94-10 و القانون المنظم للهيئة الطبية و القانون رقم 08-12 فضلا عن المواثيق الدولية المنظمة للحق في الصحة و مواد الدستور المغربي لسنة 2011 [4] و أخيرا ظهير الالتزامات و العقود الذي ينظم كل من المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية والتي هي الطبيعة القانونية لمسؤولية المدنية .
هذه المسؤولية تبرز لنا الخلاف في تحديد معيار مسؤولية الطبيب الذي يعتد بالمعيار الموضوعي الجامد الذي يعتمد على عناصر ثابتة تنطلق من المستوى العلمي و درجة تخصصه [5] أو بالمعيار الشخصي الذي يختلف من نازلة لأخرى بحسب الظروف الخاصة التي أحاطت بالطبيب المسؤول من اليات و برمجيات طبية و طاقم طبي و الاشتراك في اتخاد القرار .
في ظل اعتماد الطبيب على الالة و البرمجيات كيف ساهمت هذه الأخير في الانتقال من مفهوم مسؤولية الطبيب القائمة على معيار الجهد الذاتي إلى المسؤولية القائمة على المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار ؟
انطلاقا من هذا الإشكال المثار سأعتمد هذا التصميم :
المطلب الأول : تجليات وحدود المسؤولية القائمة على المعيار الجهد الذاتي للطبيب.
المطلب الثاني : مبررات الانتقال إلى المعيار القائم على المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار الطبي .
المطلب الأول
تجليات وحدود المسؤولية القائمة على المعيار الجهد الذاتي للطبيب
يقضي المبدأ في العمل الطبي، أن التزام الطبيب هو التزام بذل عناية لا تحقيق
نتيجة , يفرض عليه بذل جهود صادقة يقظة متفقة مع الأصول العلمية الثابتة و المستقرة [6]. و بالتالي فإن الطبيب لا يسأل إلا إذا ثبت في حقه تقصير في بذل هذه العناية غير أنه و التطور الحاصل على مستوى البحث العلمي و توفر اليات و برامج من شأنها تسهيل بعض العمليات و وضعها بمصاف العمليات المحققة النتيجة [7] ,غير أن الجسد البشري يصعب الإحاطة بجميع أجزاءه و التنبؤ بكل تفاصيله الدقيقة لهذا يجب الارتكاز على مسؤولية بدل عناية و ليس تحقيق غاية و التي لا يمكن ضبطها و لو بالاعتماد على أحدث التقنيات .
الفقرة الأولى
تطور مسؤولية الطبيب
بالرجوع إلى الفصل 263 من قانون الالتزامات والعقود المغربي فانه يمكن للضحية المتضرر من جراء خطأ الطبيب المعالج له أن يرتكز على أساس الإخلال بالتزام تعاقدي للمطالبة بالتعويض، شرط أن يكون هناك اتفاق مسبق يكون الطبيب بمقتضاه ملزما بالمعالجة.
وعليه تتحقق المسؤولية العقدية بشكل عام إذا امتنع المدين عن تنفيذ التزامه العقدي أو قام بتنفيذه بشكل معيب وأدى هذا إلى إلحاق الضرر بالدائن، وهذا يستوجب بداية وجود عقد صحيح حصل الإخلال به.
ظل القضاء الفرنسي يعتر مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية إلى غاية 1936 حيث أصدرت الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية قرارها الشهير في القضية المعروفة بقضية ميرسي [8] الذي يعد نقطة تحول مهمة في ميدان مسؤولية الطبيب حيث قلبت لأوضاع وأعطى للقضاء الفرنسي منذ ذلك الوقت اتجاها آخر اعتبر فيه الطبيب مرتبطا بعقد مع مريضه يلتزم بمقتضاه ليس بشفائه من المرض ولكن بتقديم عناية يقضة له تقتضيها ظروف المريض الصحية ومطابقة للأصول الثابتة لمهنة الطب ولمقتضيات التطور العلمي، وأن إخلال الطبيب لهذا الالتزام المتولد عن العقد تنتج عنه مسؤولية عقدية حتى ولو كان ذلك الإخلال عفويا وغير مقصود.
كما يعتبر القائلين بأن مسؤولية الطبيب هي عقدية حتى في الحالات العاجلة التي يقوم بها الطبيب بعلاج المريض فإنه يكون بحالة إيجاب دائم ,وأن اللافتة الموجودة على عيادته بمثابة دعوة للتعاقد وأن ذهاب المريض لعلاجه يعد قبولا للعقد.
و هناك ثيارين القائلين بأن مسؤولية الطبيب تقوم على أساس تقصيري ارتكازا على أن حياة الإنسان ليست محلا للتعاقد , بالإضافة على أن وجود اللافتة على مدخل عيادة الطبيب لا يتم اتفاق إلا بعد تفاوض الطرفين و إبرامهم العقد .
وقد ساند غالبية الفقه المغربي اتجاه القضاء الفرنسي بتشبثهم وتأكيدهم على أن المسؤولية الطبية مسؤولية عقدية ،هدا الاتجاه الفقهي الذي يرى أن الفصل 724 من قانون الالتزامات والعقود المتعلق بإجارة الصنعة يصلح كسند قانوني للعقد الطبي بالمسؤولية الطبية. أما موقف القضاء المغربي سار على خطى الفقه إذ صدر عن المجلس الأعلى قرار[9] ,يجعل من مسؤولية الطبيب الجراح و المصحة تقوم على أساس عقدي.
بعد هذا التدحرج بين المسؤولية التقصيرية و العقدية واستقرار مسؤولية الطبيب على هذه الأخيرة , الشيء الذي فتح الباب أمام نقاش اخر إثر ظهور اليات و طواقم طبية من شأنها أن تساهم بالمشاركة في حدوث الضرر على سبيل المثال : عطب في الة أو خطأ على مستوى التخدير أو إهمال ممرض لمريض هذا ما يجعلنا نستشكل حول ما إذا كانت هذه المسؤولية القائمة على معيار الجهد الذاتي للطبيب قادرت على التماشي مع السيرورة الحالية أم يجب عليها التنحي كما فعلت المسؤولية التقصيرية سابقا .
الفقرة الثانية
حدود المسؤولية القائمة على معيار الجهد الذاتي للطبيب .
يعبر عن معيار الجهد الذاتي بالمعيار المجرد، ومقتضاه أن يقارن سلوك الشخص المشوب بالخطأ، بما يصح أن يصدر من شخص اخر وهمي و مجرد. متوسط الحيطة و الحذر، يسمى ” برب الأسرة العاقل ” , فلا يسأل الأول إلا إذا كان هذا الشخص العادي الوهمي لا يقع فيما وقع فيه الأول . و بمعنى اخر , يتعين مقارنة ما صدر عن المسؤول مع ما يمكن أن يصدر من الشخص المعتاد متوسط الحيطة و الحذر في الظروف نفسها , فإذا تبين أن هذا المدعى عليه (المسؤول) قد اتخد نفس القدر من الحيطة و الحذر الذي يتخذه الشخص المعتاد , و الذي يقدر الأمور و يتصرف في مواجهتها على النحو المألوف المتفق مع الخبرة الإنسانية العامة ,تم هنا انتفاء اسناد الخطأ إليه , أما إذا اتضح أنه قد نزل عن هذا القدر فهنا يعتبر مخطئا .
أما في الميدان الطبي , فيقاس سلوك الطبيب المتهم بسلوك طبيب وسط , لا يهمل في بذل العناية اللزمة بالمريض , فيلتزم جانب الحيطة و الحذر , و لا يخرج في عمله عن إطار و أخلاقيات المهنة و قواعدها الثابتة , و أن يكون الطبيب المقاس عليه من نفس درجته (دكتور , رئيس ققسم , بروفيسور…) و تخصصه (اختصاص الأمراض القلبية ,النساء, الجراحة العظمية ..)و مستواه (مساره المهني , إنجازاته…)
ما يلاحظ على هذا المعيار تجاهله للظروف الشخصية للطبيب , و اقتصاره على الاعتداد بالظروف الخارجية التي أحاطت بمسلك الطبيب , و التي أثرت حتما فيه , كونها لا تتعارض و الطبيعة المجردة لقياس الخطأ الطبي .[10]
على ذلك يتعين إدخال بعض الظروف الشخصية الظاهرة و المؤثرة في السلوك من اشتراك في اتخاذ القرار و خصوصا مع التطور الحاصل على المستوى الاليات المساعدة للطبيب و التي قد تساهم إما سلبا أو إجابا في استشفاء المرضى .
فخلاصة القول إن الجهد الذاتي يدخل في جبة المعيار الموضوعي و التي سبق و تطرقنا لها , فلنمر الان نحو المعيار القائم على المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار .
مطلب الثاني
مبررات الانتقال إلى المعيار القائم على المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار الطبي
يدخل هذا المعيار في خانة المعيار الشخصي إذ ينضبط الخطأ وفق هذا المعيار في نطاق شخص المسؤول نفسه و ظروفه الخاصة , بحيث يتم قياس سلوك الطبيب المتسبب في الضرر في ظروف معينة على أساس سلوكه المعتاد , أو ما كان في وسعه أن يفعله في الظروف التي أحاطت به , سواء كانت هذه الظروف خارجية (كالمعيار الاشتراكي في اتخاذ القرار) أم خاصة شخصية[11] (كنقص الكفاءة في التعامل مع الالة و البرمجيات )
الفقرة الأولى
مميزات المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار الطبي
بدأ استخدام مصطلح اتخاذ القرار الطبي المشترك لأول مرة في عام 1972 , و ذلك في تقرير عن أخلاقيات الطب كتبه روبرت فيتش , أعيد استخدام المصطلح مرة أخرى في عام 1982 من قبل اللجنة الرئاسية التي أقيمت لدراسة المشاكل الأخلاقية في الطب و البحوث الطبية الحيوية و السلوكية [12], الأمر الذي أدى إلى زيادة اهتمام المرضى بالمشاركة , و في الثمانينيات حدثت النقلة النوعية في هذا المجال , و أصبح المرضى أكثر مشاركة في صنع القرار الطبي من ذي قبل .[13]و هذا ما جاءت به العديد من الاحصائيات.[14]
تُقدم الرعاية ليس فقط من قبل الأفراد، بل من قبل فرق الرعاية الصحية المهنية، التي تشمل الممرضات، والأخصائيين الاجتماعيين، ومقدمي الرعاية الآخرين. تُشَارك قرارات المرضى المتعلقة بالرعاية الصحية مع العديد من المهنيين، سواء بشكل متزامن أو بشكل متتابع. يعتبر نموذج اتخاذ القرار المشترك بين المهنيين نظامًا معقدًا يتكون من إطار ثلاثي المستويات، وثنائي المحاور، مستوياته الثلاثة هي التأثيرات على المستوى الفردي، والتأثيرات على مستوى النظام أو المنظمة، والتأثيرات على النظام الأوسع أو المستوى الاجتماعي. تتضمن المحاور كلًا من المحور العمودي وهو عملية اتخاذ القرار المشترك، والمحور الأفقي وهو مختلف الأشخاص المعنيين باتخاذ القرار. بينما يتعامل واحد أو أكثر من الأخصائين مع عائلة المريض، يكون المريض جزءًا من عملية منظمة يتضمن شرح القرار، وتبادل المعلومات، ومعرفة القيم والتفضيلات، ومناقشة جدوى الخيارات، عن طريق وضع الخيار المفضل مقابل القرار المتخذ، وتخطيط وتنفيذ القرارات، ثم النتائج. بعد التحقق من صحة هذا النموذج في عام2011 ، اعتُمد العمل به في مجال إعادة التأهيل، ورعاية مرضى الخرف، والصحة العقلية، والعناية المركزة لحديثي الولادة، وكنيسة المستشفى، والبحوث التربوية، ومجالات أخرى.
ولا شك في عدالة المعيار الشخصي الذي ينشأ بفضله المعيار المبني على الاشتراك في اتخاذ القرار ومدى تلائمه مع مبادئ و روح القانون، غير أن صعوبة تطبيقه هي التي كانت المشكل كل هذه السنين الى غاية سنة 2000 حتى تبنى القضاء الفرنسي هذا المعيار.
كما ينبغي مراعات العديد من العوامل قبل نطق الحكم بانتفاء أو وجود المسؤولية أو حتى تشطيرها في حالة اعمال المعيار الاشتراكي وكما سبق لنا الذكر أنه صورة من صور المعيار الشخصي.
فالممارس لمهنة الطب في منطقة نائية بمنأى عن التطورات العلمي , ليس كالطبيب الذي يعمل بالمدن الكبرى , و الذي يكون مجبرا على تقفي أثر التطور العلمي , حيث لا يغفر له الجهل بالحقائق الجديدة التي أسفر عنها التقدم في فنون الطب , فهذا العنصر لا يجب إغفاله من قبل القاضي .
الفقرة الثانية
المعيار الأمثل لتقدير الخطأ الطبي .
من خلال ما سبق يتضح لنا أن المعيار المبني على الاشتراك المنبعث من رحم المعيار الشخصي هو الأصلح والأنسب لتقدير مسؤولية الطبيب , أما معيار الجهد الذاتي فينبغي الأخذ به كعنصر مكمل لهذا يجب الإحاطة بكافة ظروف عمل الطبيب , فمن غير المعقول و لا المقبول أن نقر المسؤولية على طبيب و نأخذ بعين الاعتبار معيار الرجل العادي أساسا لذلك , متجاهلين و غير مكترثين بما يحيط به من توزيع للمسؤوليات في الطاقم الطبي أو اهمال الاليات و البرامج و عدم صيانتها الشئ الذي قد يدخل المهمل في هذا الخطأ .
ما يشكل صعوبة على القاضي في إعمال المعيار الاشتراكي في تقدير الخطأ خصوصا في غياب النص القانون عكس القانون الجزائري في مدونة أخلاقية الطب في المادة 73و هي كالتالي : “عندما يتعاون عدد من الزملاء عل فحص مريض بعينه أو معالجته فإن كل منهم يتحمل مسؤوليته الشخصية .”
كما يجب أن يتطلب في القاضي الخبرة الفنية و الدراسة التحليلية خصوصا لما يتعلق الأمر بأمور دقيقة في الطب .
بالإضافة إلى توفره على مدارك بخصوص الاليات و البرمجيات الخاصة بالمهنة (كالأشعة و الراديو بالصدى و بالرنين ….) فالحل يكمن في إمكانية إسناد هذه المهمة إلى قاضي يكون طبيبا .
و قد صدر قرار لمحكمة النقض [15] مفاده بأن الطبيب الجراح ملزم ببذل عناية الرجل المتبصر حي الضمير، وأن يسلك في ذلك مسلك الطبيب اليقظ من نفس مستواه المهني الموجود في نفس الظروف المحيطة به، وكل تقصير أو إهمال من طرفه مناف للأصول العلمية الثابتة في علم الطب يرتب المسؤولية المدنية.
تكون محكمة الموضوع قد بنت قرارها على أساس لما استخلصت من الخبرات بأن الطبيب الذي أشرف على الولادة وعلى عملية استئصال الرحم كان هو الطبيب المتتبع للضحية في فترة الحمل وأجرى لها فحوصات ما فوق الصوتية، وكان عليه أن يعلم من هذه الفحوصات وجود أورام برحمها يمكن أن تؤدي إزالتها بحسب الأصول العملية في ميدان الطب إلى نزيف دموي حاد، واعتبرت عدم تحضيره لكمية الدم الكافية قبل الإقدام على العملية الجراحية يشكل إهمالا وتقصيرا منه، إلى جانب مسؤولية المصحة التي تأخرت في إحضار الدم من مركز تحاقن الدم، مما أودى بحياة الضحية، إذ أن المصحة تتقاضى أجرا عن العمليات والاستشفاء بها، وهي ملزمة باعتبار ذلك بتوفير ما تستلزمه العمليات الجراحية من تجهيزات ومواد.
هنا نكون أمام تشطير للمسؤولية ارتكازا على المعيار الاشتراكي في اتخاد القرار الطبي و الذي تبنته المحكمة مصدرة القرار .
كما أن جميع العمليات الجراحية يستعين فيه الطبيب المختص بطبيب جراح وهذا الأخير الذي يستعين بطبيب التخدير بالإضافة الى طاقم من الممرضين الجراحين و هنا فكل واحد منهم يتحمل مسؤوليته في حدود دوره خلال هذه العلمية .
ولقد انتقد التفرقة بين كل من معيار الجهد الذاتي و معيار الاشتراكي في اتخاد القرار من قبل عدة فقهاء بما فيهم الفقيه سليمان مرقس الذي عبر قائلا : “إن التفرقة بين الظروف الخارجية و الظروف الشخصية لتقدير مسلك الطبيب فوق عدم استنادها إلى أي أساس من القانون أو من المنطق أو من العدالة , فإنها تؤدي أحيانا إلى حلول يأباها الذوق و الضمير , فهي تؤدي إلى التسوية بين واجبات الطبيب الريفي وواجبات الأخصائي الكبير , و لو كان منصوصا عليها قانونا , لكن ما تؤدي إليه من مثل هذه النتائج غير المقبولة كفيلا بحمل المحاكم على التحايل على النصوص تفاديا لهذه النتائج , أما إنها وليدة الاختيار الحر وبعبارة أخرى أنها تفرقة تحكمية فحسب , فإن نتائجها المذكورة كفيلة بالحكم عليها ,أو تتطلب على الأقل تحويرها أو تعديلها أو تكملتها بما يجنبها الوصول إلى هذه النتائج غير المقبولة “.[16]
ختاما النصوص القانونية حينما توضع، توضع في حالة سكون، وأن الذي يبث فيها الحركة هو القضاء مجسما في الواقع ، فالمشرع وإن قصر في وضع النصوص التي تستطيع مجاراة التطور، فإن المهمة تنتقل إلى القضاء الذي عليه أن يسد كل نقص في النصوص، ذلك أن وظيفته لا تقتصر على تطبيق القاعدة القانونية الجامدة كما هي، وإنما من واجبه أيضا أن يسد كل ثغرة تظهر في صرحها وأن يجعلها مسايرة لما يستجد داخل المجتمع من وقائع وأحداث جديدة لم يستطع المشرع التنبؤ بها خاصة.
متى علمنا أن القواعد القانونية المغربية السائدة في هذا المجال لم تعرف الظهور بعد ، فالنصوص القانونية متناهية أي جد محدودة، والوقائع التي تعرض يوميا على القضاء غير متناهية هو الكفيل وحده-في انتظار تدخل المشرع- بالتوفيق بين المتناهي والقضاء عن طريق الأحكام أو القرارات التي تصدر عنه.
فأيننا نحن من التطورات التي يعرفها العالم من استعمالات للذكاء الاصطناعي في مجال الصحة و ما سينتج عنه من إشكالات عدة ؟
و لماذا لا يستبق المشرع لوضع القاعدة القانونية بهذا المجال سيرا على نهج بعض الدول.[17]
لائحة المراجع الأجنبية
Robots ; Artificial Intelligence ; Legal Personality ; Liability ; Healthcare
Livre blanc sur l’intellgence
été rendue publique le 17 janvier 2020 par le site web Euractiv.com (v. S. Stolton, LEAK : artificielle Commission considers facial recognition ban in AI “white paper”, euractiv.com, 17 janv. 2020)
Cour de cassation, Civ., 20 mai 1936, Mercier
لائحة المراجع العربية
ذ.هشام العماري , مقال بعموان “تأملات حول مسؤولية الطبيب المدنية” .
مجلة الحقوق والعلوم السياسية , رقم 1, صفحة 396-408
قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا عدد 1081⁄9 . بتاريخ 4⁄7⁄2001 ،في الملف ألجنحي عدد 4186⁄98
حميد السعدي و عامر عبيد المشاي , المسؤولية الطبية من الوجهة الجنائية بحث مقارن ,دار التضامن للطباعة و النشر و التوزيع ,بيروت ,1996 , صفحة 93
ثائر جمعة شهاب العاني ,المسؤولية الجزائية للأطباء , منشورات الحلبي الحقوقية ,لبنان ,2013,صفحة 163
قرار محكمة النقض 1795 الصادر بتاريخ 20 أبريل 2010 في الملف المدني عدد 2008/3/1/129
سليمان مرقس , المسؤولية المدنية في تقنينات البلاد العربية , القسم الأول , الأحكام العامة , معهد البحوث و الدراسات و العربية ,مصر ,1971.
و هذه الحجة هي أخرى لا أساس لها ، ذلك أن يجوز للطبيب أن ينيب عنه غيره في عيادته و لمدة مؤقته، زميلا له حاصلا على رخصة النيابة ، أو طالبا في الطب متوفرًا أيضا على رخصة النيابة، وقد كرس القانون المتعلق بمزاولة الطب هذه الصورة و عالجها تحت إسم ” عقد النيابة” على النحو الذي شرحنا أعلاه.
عقد النيابة هو في الحقيقة صورة من صور التيسير و إن كان إسمه ، فالطبيب النائب يسير العيادة الطبية تحت مسؤوليته مقابل نصيب في أتعاب، لكن لهذا العقد خصوصيته المهنية التي لا تقبل جميع النتائج المترتبة عن تكييف العقد بأنه تيسير حر، و تستمد هذه الخصوصية من طبيعة عنصر زبائن الأصول المهنية بوجه عام، وهذه الطبيعة هي التي جعلت القضاء عندنا لا يتصدى لم مباشرة لمشكلة التنازل عن الزبائن، بخلاف ما عليه الوضع في القانون الفرنسي حيت هناك إعتراف قديم بالتنازل عن زبائن العيادة الطبية بإعتبارهم عنصرا أساسيا فيها ( la patrimomalité de la clientèle médicale) أو بإعتبار عقد التنصيب conviction d’établissement ou pacte d’installation مثلما هناك إعتراف بما سمي ” بحق الدخول “ أو” تعويض المشاركة “.
لكن إستجابة للتطور الذي فرضته الممارسة المهنية المغربية عالج القانون الجديد المتعلق بمزاولة مهنة الطب بعض هذه الصور أهمها النيابة و المشاركة و المعاونة و المساعدة بموجب قواعد تؤطر و توجه هذه الممارسة دون أن تغلق أبواب أمام تطويرها.
و من جهة أخرى، فإعتبار العقد الطبي عقدا شخصيا لا يتنافى مع إعتباره عقد مقاولة، فعقود المقاولة ليست كلها من نوع واحد، فمنها ما يقوم على الإعتبار الشخصي و منها ما لا يؤبه به فيها، كما أنها تتجاهل ما تقتضيه ممارسة النشاط الطبي في الوقت الحالي من تدخل أكثر من طبيب واحد في عملية.
المحكمة الإبتدائية الدارالبيضاء حكم عدد 2269 بتاريخ 1984\02\18 م.م.ق عدد 3 ص 22 تعليق عمر منير. و قارنة محكمة الإستئناف ( غ. العقارية) حكم العدد 3523 بتاريخ 24/7/1984 82/384 غير منشورأنظر أيضا قرار محكمة الإستئناف بالرباط 1982 رابطة القضاة العدد 5/4 1982، مع تعلقنا عليه بمجلة الملحق القضائي عدد 4 /1989.
غرفة المدنية بتاريخ 17/05/1961 مجلة القصر سنة 19612 ج 2 ص، + تعليق كذلك المجلة الفصلية للقانون المدني 162 ص 131 تعليق جراري كورني Gérard Cornu.
كانت محكمة النقض الفرنسية تتصور مثل هذه الروابط على أنها تنازل على الزبائن مهنة الطب الحر و إعتبرته باطلا somme 2 D 1973 13/03/1973 ومن تم فإن تقديم المبلغ العين للطبيب من طرف زميل له بقصد قبوله للعمل إلى جانبه في عيادته ليس مقابلا للالتزام الأول تقديم الثاني للزبائن و إنما من أجل شراء الزبائن، لذلك يتعين إعتبار شرط المتضمن لذلك باطلا، من عنصر زبائن المهنة الطبية عنصر شخصي، بالتالي هو غير قابل للتنازل عنه خارج عن دائرة تعامل( C.css civil 1-23-01.68. D1 1969. 177/note savatier لكن محكمة النقض الفرنسية تراجعت عن موقفها. و قبلت تنازل عن زبائن المهنة الطبية مقابل مبلغ معين يسمى “حق الدخول” أو “تعويض المشاركة “ يعطي لدافعه” حق مزاولة مهنته داخل عيادة طبيب مشهور و الإستفادة من معارفه وحلول محله في غيابه C. css civil 1.08. 01. 1985. J.c.p1986 20545
[20:42, 10/04/2021] +212 668-390775: علاج واحدة. فالطبيب العام يحيل إلى الإختصاصي، وكلاهما يستعين بطبيب المختبر، و طبيب الفحص بالأشعة و بالممرضين و الممرضات.بل إن الممارسة الجماعية أصبحت تفرض نفسها اليوم على التميزبين الفريق الذي يشتغل على المريض في وقت واحد وهذا هو الفريق الطبي يحصر المعنى، وبين الفريق الذي يقدم علاجات مختلفة و متنوعة لمريض واحد في أوقات متباعدة أو متتالية، و هو ما يعبر عنه بفريق العلاجات و يؤدي
[1] Robots ; Artificial Intelligence ; Legal Personality ; Liability ; Healthcare
[2] Livre blanc sur l’intellgence
[3] été rendue publique le 17 janvier 2020 par le site web Euractiv.com (v. S. Stolton, LEAK : artificielle Commission considers facial recognition ban in AI “white paper”, euractiv.com, 17 janv. 2020)
[4] ذ.هشام العماري , مقال بعموان “تأملات حول مسؤولية الطبيب المدنية” .
[5] مجلة الحقوق و العلوم السياسية , رقم 1, صفحة 396-408
[6] و هذا ما كرسته محكمة النقض الفرنسية من خلال قرار Mercier الصادر بتاريخ 20 ماي 1936
[7] يجعل التقدّم التقني الآن من الممكن القيام بالجِراحَة بشقوق أصغر وبأقل قطع للأنسجة ممَّا كان يحدث في الجِراحَة التقليدية. وللقيام بهذه الجِراحَة، يقوم الجرّاحون بإدخال أضواء صغيرة، وكاميرات فيديو، وأدوات جِراحيّة من خلال شق بحجم ثقب المفتاح. ثم يمكن للجِراحيّن القيام بالإجراءات باستخدام الصور المرسلة إلى شاشات الفيديو كدليل مرشد في التعامل مع الأدوات الجِراحيّة.
وهذا النوعُ من الجِراحَة له أسماء مختلفة اعتمادًا على مكان إجرائها: تنظير البطن في البطن، وتنظير المفاصل في المفاصل، وتنظير الصدر في الصدر.
وبما أنها تسبِّب ضَرَرًا في الأنسجة أقلّ من الجِراحَة التقليدية، لذلك يكون للجراحة التنظيرية العديد من المزايا، بما في ذلك ما يلي:
إقامة أقصر في المستشفى (في معظم الحالات).الألم بعد العملية أقلّ في كثير من الأحيان.العودة إلى العمل أسرع.الندبات أصغر.
[8] Cour de cassation, Civ., 20 mai 1936, Mercier
[9] قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا عدد 1081⁄9 . بتاريخ 4⁄7⁄2001 ،في الملف ألجنحي عدد 4186⁄98
[10] حميد السعدي و عامر عبيد المشاي , المسؤولية الطبية من الوجهة الجنائية بحث مقارن ,دار التضامن للطباعة و النشر و التوزيع ,بيروت ,1996 , صفحة 93
[11] ثائر جمعة شهاب العاني ,المسؤولية الجزائية للأطباء , منشورات الحلبي الحقوقية ,لبنان ,2013,صفحة 163
[12] Levenstein JH (September 1984). “The patient-centred general practice consultation”. South African Family Practice. 5 (9): 276–82. مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 2018.
[13] Engel, GL (May 1980). “The clinical application of the biopsychosocial model”. AmJPsychiatry.137 (5):53544. doi:10.1176/ajp.137.5.535. PMID 7369396. (الاشتراك مطلوب)
[13] على سبيل المثال ,وجدت مراجعة ل155 دراسة مسابقة تتعلق بمشاركة المرضى في اتخاذ القرار الطبي , أن غالبية المرضى فضلو المشاركة في صنع القرار الطبي في 50 في المئة فقط من الدراسات المجراة قبل عام 2000 , بينما ارتفعت النسبة إلى 71 في المئة بعد 2000
[15] قرار محكمة النقض 1795 الصادر بتاريخ 20 أبريل 2010 في الملف المدني عدد 2008/3/1/129
[16] سليمان مرقس , المسؤولية المدنية في تقنينات البلاد العربية , القسم الأول , الأحكام العامة , معهد البحوث و الدراسات و العربية ,مصر ,1971.
[17] Le Livre blanc ( Intelligence artificielle Une approche européenne axée sur l’excellence et la confiance ), publié le 19 février 2020 et soumis à consultation publique jusqu’au 19 mai 2020, rend compte des axes prioritaires retenus pour l’encadrement à venir de l’ intelligence artificielle