أطروحات و رسائل

المنازعات الجبائية المحلية : بحث لنيل الماستر في القانون الخاص

بعد الإحاطة بالإطار العام للجبايات المحلية من خلال هذا الفصل التمهيدي مبرزين من خلاله مراحل تشكل الجبائية المحلية عبر حقب تاريخية متباينة من حيث الزمان لكنها أثرت بشكل مباشر في المادة الخاضعة للضريبة على الصعيد المحلي التي شكلت بالفعل مصدر قلق للبعض[1] وأسست للبعض الآخر لبنة أولي في تشكيل المنظومة الجبائية بشكل عام. كما أطرت لحد ما الخاضعين للضرائب والرسوم المحلية من خلال مختلف الدراسات التي تناولتهم من شتى الجوانب النفسية والاقتصادية والاجتماعية بغية الرقي بالملزم الجبائي المحلي إلى درجة الوعي بالحقوق والقدرة على تحمل المسؤوليات الممنوحة لها، لتأسيس عدالة جبائية محلية والحد من تعسفات السلطات الجبائية في جميع المحطات الضريبية بدءا بالتأسيس مرورا بالتصفية وانتهاءا بالتحصيل .

غير أنه مهما حرص المشرع عند إعداده للنظام الجبائي المحلي وتبسيط مقتضياته بالشكل الذي يسهل معه فهم محتواه وتطبيقه دونما صعوبة فإن التطبيق الفعلي للرسوم المحلية أبان عن مجموعة من الصعوبات التي تنبأ لها المشرع عند إدخاله لتقنيات جديدة فيما يتعلق بالمنازعات الجبائية والتي تضم  مجموعة من الإجراءات المسطرة وذلك بهدف إحداث توازن عادل ومنصف بين الإدارة الجبائية والملزمين باداء الرسوم المحلية

فما هي يا ترى مراحل المنازعة الجبائية ، هذا هو موضوع الفصلين المواليين ؟

 

المنازعات الجبائية المحلية خلال 
مرحلة ما قبل القضائية 
الفصل الأول

الفصل الأول : المنازعات الجبائية المحلية خلال مرحلة ما قبل القضائية

غالبا ما تثير المنازعات الجبائية مجموعة من التساؤلات حول علاقة المواطن بمصلحة الضرائب من جهة، وعلاقته بالقضاء من جهة أخرى[2] لكن قبل ذلك يتعين التعريف بالمنازعة الجبائية .

فالمنازعة الجبائية تعني من جهة الحالة الناشئة عن وجود خلاف بين الملزم والإدارة الجبائية بمناسبة قيام هذه الأخيرة بتحديد الوعاء أو التصفية أو عمليات التحصيل ومن جهة أخرى تعني المسطرة الإدارية أو القضائية المقرر قانونا سلوكها لتسوية الخلاف.

وبحكم العلاقة التواجهية بين الإدارة الجبائية والملزم، فالخلاف أو النزاع يثار بمناسبة مختلف المراحل الضريبية وخلال كل العمليات من تأسيس وتصفية وتحصيل وبالنظر إلى السلطات المخولة للإدارة الجبائية كما أشرت لذلك في الفصل السابق فإنها تكون في غالب الأحيان في موقف المدعى عليه القوي بينما يقف الملزم في موقف المدعى الضعيف الأمر الذي حدى بالمشرع الجبائي من خلال القانون الجديد رقم 47.06  إلى سن مجموعة من الضمانات لحماية الملزم في مواجهة الإدارة الجبائية والتي تفتح له أبواب الطعن الإداري حتى تكون الغاية من المنازعات هي ممارسة نوع من الرقابة على أعمال الإدارة وضمان احترام الشرعية الضريبية .

وإذا كان أغلب الفقه [3] ومعه التشريع والقضاء[4] قد أجمع على ضرورة قبل رفع أي نزاع محتمل مع الإدارة أمام القضاء، اتخاذ مجموعة من الإجراءات تتمثل في سلوك مسطرة التظلم الإداري انطلاقا ما يصطلح عليه بالمطالبات الإدارية بنوعيها الاستعطافية والنزاعية وكذا الطعن أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة فإنه يمكن تفسير هذه القاعدة الامرة بما يلي :

1-غالبا ما يفضل المكلفون ( الملزمون) اللجوء إلى الإدارة الجبائية مباشرة لأنها صاحبة القرار المتنازع فيه حيث نجد أغلبهم يقف عند هذا الحق ويقتنعون بالحل الإداري وهو اعتقاد راجع في نظري لعدة أسباب منها :

أ-المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات يلزم الملزم بتقديم طعن إداري أولي قبل اللجوء إلى القضاء

ب-إن الحلول الملائمة هي تلك الصادرة عن الإدارة صاحبة القرار المطعون فيه

ج-كون النصوص الجبائية تتصف بالغموض والتعقيد يستعصي معه فهم ذلك من طرف الملزمين

د-عدم اهتمام الملزمين بالحلول الصادرة عن القضاء كونها ثاني متأخرة وبعد فوات الأوان

2-إن أكثرية الخلافات مع الملزمين يتم حلها عن طريق الحوار المباشر مع الإدارة الحبائية

3-كما تتجلى فائدة الطعون الإدارية في المنازعات الجبائية في أنها تستطيع في بعض الأحيان الجمع بين سلطة الملائمة التي تتمتع بها الإدارة وحجج القانون كما أنها غالبا تجنب اللجوء إلى المنازعات الحقيقية .

4-وأخيرا يلاحظ أن سلطات الإدارة الضريبة تكون أوسع من سلطات القاضي في الإداري إن صح التعبير بحيث غالبا ما تبث في طلبات الملزم حتى ولو قدمت خارج الآجال وبدون الإلتفات إلى الشكليات المسطرية المتطلبة، وكذلك تكون بالمظر إلى توفر الإدارة على الملف الجبائي للملزمين وهو ما يمكنها من الإلمام بجميع جوانب الخلل في فرض الضريبة والرسم وتقديرهما كما يعطيها فرصة لتدارك الأخطاء والإغفالات التي تكون قد ارتكبت أثناء الفرض والتأسيس.

ونظرا لهذه الخصوصيات التي تميز المرحلة الإدارية للنزاع الحياني المحلي ، فقد سعي المشرع من خلال تأكيده على ضرورة مرور النزاع من المرحلة الإدارية قبل اللجوء إلى القضاء [5] إلى تحسين العلاقة بين الإدارة الجبائية والملزم ومحاولة إصلاح الأخطاء المرتكبة في كل مرحلة من مراحل التحصيل الضريبي وينطوي النزاع في هذه المرحلة على تمكين الملزم من المنازعة في الجبائية المحلية سواء على مستوى الوعاء أو التحصيل من خلال تقديمه للتظلمات الإدارية بنوعيها الاستعطافية والنزاعية كما يحق له في حالة عدم تسوية الخلاف مع الإدارة اللجوء إلى الطعن الجاني أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة وسنتناول في هذا الفصل التظلمات الإدارية من خلال تحليل طبيعة التظلمات وانواعها وكذا التطرق إلى المساطر الجبائية المتبعة  بخصوصهما وموقع الملزم والضمانات المخولة في عقلاقته مع الإدارة الجبائية المحلية إضافة الطعن اللجاني المخول للملزم في حالة عدم حسم الخلاف على مستوى المطالبات أمام الإدارة الجبائية مع تحليل دقيق لطبيعة الجن المحلية لتقدير الضريبة وكذا المسطرة المتبعة بخصوصها وطبيعة قراراتها والآثار المترتبة عنها في مواجهة طرفي العلاقة الجبائية المحلية .

المبحث الأول: التظلمات الإدارية

لقد ألزم المشرع الملزمين بالرسوم المحلية في حالة نشوء منازعة جبائية بتوجيه  طعون إدارية إلى الإدارة الجبائية قبل طرق باب القضاء، والغاية من ذلك أن هذه الوسيلة تحقق مزايا موضوعية لطرفي النزاع من جهة، وتعمل على ربط المرحلة الإدارية بالمرحلة القضائية من جهة ثانية، وما يميز مرحلة المطالبات هو أنها تكون أمام الإدارة التي فرضت الرسم مما يرجع أن تكون النتائج إيجابية لأنه لا من مصلحة الإدارة ولا الملزم تصعيد الموقف والتعصب لمواقفها وإن كانت الإدارة تبدو في المرتبة الأقوى فإن السبب يعود لعدم وعي الملزمين بثقافة منازعة الإدارة بحكم جهل أغلبهم بالمقتضيات القانونية التي تحكم تطبيق الرسوم وتخوفهم وترددهم عن مثل هذه المطالبة [6].

وعليه سنتطرق إلى طبيعة وانواع التظلمات أو المطالبات أمام الإدارة الجبائية على أن نخصص المطلب الثاني لمعالجة التظلمات النزاعية والمساطر الجبائية المعتمدة من قبل المشرع في مجال الجبائية المحلية

المطلب الأول: طبيعة ونوع التظلمات

لقد حرص المشرع المغربي على التنصيص على الطعن الإداري بشقيه الوصائي والاستعطافي[7]،  وفي هذه المرحلة يملك الملزم أحقية منازعة الإدارة الجبائية عند إحساسه بالخطأ في فرض الضريبة أو الرسم أو عند فرضها دون موجب قانوني أو عند عدم اقتناعه وتشكيكه في مبلغ الرسم الواجب استخلاصه ، وعليه سنعالج في (فقرة أولى) التظلمات الاستعطافية العادية ثم في (فقرة ثانية) التظلمات الاستعطافية أو الوصائية .

الفقرة الأولى : التظلمات الاستعطافية العادية

يمكن أن تقدم الطلبات الاستعطافية إما من طرف الخاضعين للرسوم أو من قبل المحاسبين العموميين [8]، إلا أنه لا يجب أن يفهم من ذلك ان القابضين أو المحاسبين العموميين لا يمكنهم أن ينوبوا عن الملزمين في تقديم الطلبات بل أن الطلبات المقدمة من طرفهم تستهدف إبراء ذمتهم من الأموال التي عهد إليهم باستخلاصها لفائدة الإدارة الجبائية ، ولم يتمكنوا من ذلك لسبب من الأسباب .

ويعتبر التظلم الاستعطافي أسلوبا من أساليب التسيير والإدارة وطريقة لرفع الضرر وتصحيحه حيث تتظلم صاحب الشأن بذلك إلى مصدر القرار يبصره فيه بموجب الخطأ الذي ارتكبه فيطلب منه تبعا لذلك إعادة النظر في قراره [9].

ويمكن تناول الطلبات الاستعطافية العادية من حيث الخصائص المميزة لها تم أنواعها وأخيرا الكيفية  والطريقة المتبعة بشأنها والجهات الإدارية المختصة بالنظر والبت فيها.

أولا: خصائص الطلبات الاستعطافية

ينصب المطلب الاستعطافي لما يدل على ذلك تسميته على ألتماس يقدمه الملزم الجبائي إلى مصدر القرار يلتمس من خلال عطف الإدارة نظرا لظروفه المعسرة سواء من حيث تأجيل عملية التحصيل أو الموافقة على الأداء عن طريق أقساط خلال فترات متقطعة ، أو المطالبة بسحب القرار الجبائي المحلي أو تعديله أو إلغاءه بما يطابق القانون .

والطلبات الاستعطافية العادية على خلاف الطلبات الوصائية لا تخضع لشروط شكلية وأجال محددة فهي تكون مفتوحة في وجه جميع الملزمين سواء قبل رفع النزاع إلى القضاء أو بعده لا يتقيد فيها بآجال وشكليات معينة لأنها تهدف بالأساس إلى استدرار عطف المسؤولين للاحتكام إلى مبادئ الشفقة والإنصاف والأخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية للمشتكي [10]. ( الملزم الجبائي)

ومعلوم أن الطلب الاستعطافي لا يترتب عنه وقف إجراءات التنفيذ ضد المشتكي غير أنه من المفيد له دائما أن يخبر بكيفية موازية القابض أو محصل المرسم بإقدامه على رفع التظلم الاستعطافي للإدارة الجبائية .

والطلبات الاستعطافية بطبيعة الحال يلتمس من خلالها المشتكي مطالبة الإدارة الجبائية إعفاءه كليا أو جزئيا من الضريبة أو الرسم أو الجزاءات أو الغرامات التي تترتب عليها بصفة قانونية وبالتالي فهو أي الملزم لا ينازع في أساس فرض الرسم أو مبلغه كما هو الشأن بالنسبة للطلبات الوصائية التي سنتعرض لها لاحقا، والقانون الجبائي المحلي الجديد، 06. 47 ومن خلال الفقرة الثانية من المادة 162 نجده ينص على أنه :" يجوز للوزير المكلف بالمالية أو وزير الداخلية أو الأشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض أن يسمح بناء على طلب الملزم ومراعاة للظروف المستند عليها بالإبراء أو التخفيف من الزيادة ومراعاة للظروف المستند عليها بالإبراء أو التخفيف من الزيادة والغرامات والدعائر وباقي الجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون".

وبالتالي نستشف من خلال هذه الفقرة تخويل الملزم المعسر إمكانية تقديم الطلب إلى الإدارة الجبائية مصدرة القرار الجبائي لتخفيف العبء الضريبي عليه وإعفاءه من الجزاءات المترتبة عن ذلك وفي هذا تحقيقا لعدالة جبائية ولعلاقة طيبة ومستحسنة بين الطرفين

وبما أن هذه الطلبات لا تتطلب شكليات معينة فهي لا يشترط فيها توافر ججج قانونية تبرر تقدميها إلى الإدارة لكي تستند عليها ، فكل ما في الأمر هو طلب صريح لإسقاط الدين الضريبي وبيانات تساعد على تحديد نوع الرسم موضوع الطلب دون التقيد بآجال معينة لكن مع بقاءه داخل أجل التقادم المنصوص عليه في المادة 160 ( الفقرة الاولى من قانون 06- 47).

ثانيا: أنواع الطلبات الاستعطافية

كما سبقت الإشارة أن التظلم النزاعي يختلف عن التظلم الاستعطافي في الميدان الجبائي إذ أن التظلم الاستعطافي يعتمد على المعيار الموضوعي الذي يطال أساس الضريبة والرسم أو مبلغهما من خلال المطالبة بالإعفاء من الغرامات والجزاءات المترتبة عند ذلك، فما هي أنواع التظلمات الاستعطافية؟

سنحاول إبراز الأنواع من خلال المصدر وذلك بالتعرض إلى طلبات الملزمين وطلبات المحاسبين العموميين .

1-طلبات الملزمين

في إطار خلق التوازن بين أطراف العلاقة الجبائية المحلية خول المشرع للملزم الجبائي المحلي على غرار الملزمين على المستوى الوطني إمكانية التقدم بطلب استعطافي إلى الإدارة الجبائية المحلية يستهدف من وراءه الحصول على إعفاء ضريبي وساعيا كذلك كسب عطف الإدارة من أجل مراعاة ظروفه المادية والاجتماعية المعسرة من خلال تقديمه للحجج ووسائل الإثبات .

ويمكن أن نعثر على هذه الطلبات في قانون 06 47 في الفقرة الثانية والثالثة من المادة 162 حيث أن الفقرة الثانية خولت للوزير المكلف بالمالية أو وزير الداخلية أو الأشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض أن يسمح بناء على طلب الملزم ومراعاة للظروف المستند إليها بالإبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والدعائر وباقي الجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون .

فالملزم يمارس هذا الحق من خلال تقديم مطالبته مع إثبات حسن نيته في عدم قدرته على الأداء ، ويتمحور طلبه فقط حول إشكالية إعفاءه كليا أو جزئيا من الغرامات والجزاءات إذ أنه لا ينازع في أساس فرض الرسم بل يطالب في إمكانية التخفيض أو الإعفاء فقط، والتخفيض الممكن منه لا يشمل المبلغ الأصلي للرسم بل فقط الغرامات المترتبة عنه باعتبار مبلغ الرسم هو حقوق الخزينة .

ويتضمن الطلب الاستعطافي المقدم من قبل الملزم بيانات متعلقة بنوع الرسم موضوع التظلم وأسبابه ورقم القيد معزز بالشواهد الإدارية ووسائل الإثبات التي تبين عجزه عن الأداء وعموما تعتبر ماله الفقر، والفاقة إضافة إلى تنوع الرسوم المحلية من أكثر الحالات التي تدفع الملزمين إلى استعطاف الإدارة الجبائية المحلية في هذا الشأن وهذه الطلبات خول المشرع تقديمها للأشخاص  المعنوية كالمقاولات والشركات التي تعيش ضائقة مالية، كما خولها للأشخاص الطبيعيين بحكم ظروفهم المعسرة وعدم قدرتهم على الأداء ويبقى للإدارة الجبائية كامل الصلاحية في قبولها أو رفضها .

2– طلبات المحاسبين العموميين

يلزم المشرع المحاسبين العموميين[11] بالقيام باستخلاص الرسوم والضرائب

التي عهد بها إليهم وتبقي هذه المبالغ مسجلة في سجلاتهم إلى أن يتم دفعها إلى الخزينة.

إلى أنه قد يتعذر أحيانا استخلاص الضرائب والرسوم من الملزمين بها كحالة عجزهم عن الوفاء بها أو حالة حدوث وفاة تؤدي إلى سقوط أسمائهم من جداول الاستخلاص عندها يحق للمحاسب أن يرفع طلبا إلى الإدارة الضريبة بهدف إسقاط المبالغ المتعذرة استخلاصها مع الإدلاء بالشواهد والحجج التي تبرر الطلب، ويجب تقديم هذا الأخير داخل أجل التقادم إذ بعد مرور هذا الأخير يصبح الملزم في منأى عن أية متابعة ضريبية .

لكن قد لا يقوم المحاسب بتقديم الطلب إلى الإدارة الضريبية أو قد يغفل تضمينه الحجج والإثباتات اللازمة إلى حين أن مرور أجال التقادم ففي هذه الحالة يتحمل المحاسب المبالغ المالية التي لم تستخلص إذ يصبح مدينا للإدارة الضريبية وتنص المادة 125 من مدونة التحصيل العمومية ( قانون 15-97) على ان المحاسبين المكلفين بالتحصيل الذين تركوا أجل التقادم يمر دون القيام بإجراءات التحصيل أو الذين شرعوا فيها ثم تخلوا عنها إلى أن تقادمت الديون المعهود إليهم بتحصيلها تسقط حقوقهم اتجاه المدنيين غير أنهم يبقون مسؤولين تجاه الهيئات العمومية المعنية كما ان المادة 126 من نفس القانون تنص على أنه " إذا لم تفضي جميع طرق التنفيذ على أموال المدين وعند الاقتضاء على شخصه إلى تحصيل الديون العمومية يقترح إلغاء هذه الأخيرة بعبارة من المحاسب المكلف بالتحصيل يتم اقتراح إلغاء الديون غير القابلة للتحصيل بواسطة قوائم معززة بالتبريرات الضرورية يمكن أن تكون على الشكل التالي:

-محضر عدم وجود ما يحجز

-محضر التفتيش

-شهادة الغياب

-شهادة العون

ما لم ينص على أحكام مخالفة

وهكذا يتبين انه عند انتقال الدين الضريبي من الملزم إلى المحاسب العمومي كما سبق بيان ذلك يمكن لهذا الأخير أن يوجه طلبا استعطافيا إلى الإدارة الضريبية لإعفاءه من المسؤولية كليا أو جزئيا حيث يقدم الطلب في شكل تبرئة  للذمة إذا ما كانت هناك قوة قاهرة تسبب في انتقال ذمة القابض أو شكل إعفاء خاص من الدفع إذا لم تكن هناك قوة قاهرة [12].

ويتم اتخاذ قرار الإلغاء حسب المادة 126 من نفس القانون الوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوضه لذلك بالنسبة للضرائب الوطنية والأمر بالصرف بعد تأشيرة السلطة الوصية المختصة بالنسبة للجماعات المحلية وهيئاتها والأمر بالصرف بعد تأشيرة الوزير المكلف بالمالية بالنسبة للمؤسسات العمومية وفي حالة انعدام رد السلطة المختصة داخل أجل سنة ابتداءا من تاريخ توصلها بقوائم الديون غير القابلة للتحصيل يعتبر ذلك بمثابة قبول الإلغاء المقدم من قبل المحاسب العمومي .

ثالثا: النظر في الطلبات الاستعطافية

 كما سبقت الإشارة أن الطلبات الاستعطافية لا يشترط فيها المشرع شكليات محددة أو اتباع إجراءات معينة بل يتعين من خلالها على الملزم إرفاق طلبه بالشواهد الإدارية والوثائق  والبيانات التي تبين عجزه وعسره عن أداء ما بذمته من ديون الفائدة للإدارة الجبائية وعكس القانون الجبائي المحلي القديم 30-89 الذي يعطي صلاحية النظر والبت في هذه الطلبات إلى وزير الداخلية فإن قانون 06-47 خول للوزير المكلف بالمالية صلاحية البت فيها [13].

وبذلك يكون المشرع قد تجاوز التناقض الذي كان حاصلا في هذا المجال [14] وتختص الإدارة الضريبية بالتحقيق والبت في الطلبات من خلال دراسة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية وعلى أية حال فإنه بغض النظر على الإجراءات المتبعة بخصوص الطلبات الاستعطافية فإنه يبقى مجرد التنصيص عليها من قبل المشرع هو شيء إيجابي  لإقامة توازن في العلاقة الجبائية المحلية وتوفير بعض الضمانات لفائدة الملزم بمناسبة تحصيل الجماعة لديونها .

الفقرة الثانية : التظلم غير الاستعطافي ( أو الوصائي )

كما سبقت الإشارة إلى ذلك فإن تقديم التظلم أو المطالبة قبل مراجعة القضاء يعتبر أمرا إلزاميا وهي قاعدة مفادها تخفيف العبء على القضاء ومحاولة إقبار المنازعات الجبائية في مهدها إضافة إلى إدخار الوقت وجهد الملزم [15].

فكل ملزم يعتبر أن الضريبة أو الرسوم فرضت عليه خطأ أو فرضت عليه زيادة على اللازم الذي يعبره أساسا لها أو فرضت عليه وهي غير مطابقة لقاعدة قانونية أسمى أو فرضت عليه رغم تمتعه بحق الإعفاء من خلال المقتضيات القانونية، ضمن حقه أن يطالب بإسقاط كلي للرسوم أو تخفيض مبلغها أو باستردادها إذا تم دفعها .

ولكي تكون المطالبات غير الاستعطافية صحيحة يجب تقديمها داخل الأجل القانوني وأن تتضمن مجموعة من البيانات الأساسية[16] التي أوجبها المشرع كما يجب ان توجه إلى الجهة المختصة التي تأمر بالتحقيق فيها قبل ان يتم البت في حيتياتها لذلك نجد أن المشرع من خلال قانون الجبايات المحلية 06-47 قد أوجب احترام الآجال والضوابط الشكلية بخصوص المطالبات تحت طائلة بطلان المساطر اللاحقة وفي ذات السياق فقد نجد أن المشرع أطر مجال هذه التظلمات من خلال عدة مواد ضمن بابين ، حيث استهل ذلك بالتنصيص على المنازعة الإدارية التي تتعلق إما بحق المنازعة في مبلغ الرسوم أو حق المطالبة بإسقاط الرسم أو التخفيض من مبلغه أو حتى المطالبة باسترداد المبلغ المعني وضبطه بطريقة غير قانونية من خلال إجراءات المقاصة .

وعليه سنعالج هذه الفقرة من خلال حق وأجل المطالبة ( أولا) المخول للملزم للنظر في مبلغ الرسم ثم حقه في المطالبة بتخفيض مبلغ الرسم ( ثانيا) وأخيرا حقه في إجراءات المقاصة ( ثالثا).

أولا : حق وأجل المطالبة

كقاعدة عامة، إنه على من ينازع في مجموع أو بعض الرسوم المفروضة عليه ان يوجه مطالبته إلى الجهة المختصة في الآجال القانوني التي تعتبر من النظام العام إذا أن عدم احترامها يؤدي إلى سقوط حق الملزم في التظلم إلى الإدارة وكذا رفع النزاع أمام القضاء معناه تأثير ذلك على المساطر اللاحقة .

وقد عمل المشرع المغربي من خلال ( قانون الجبايات المحلية 06 – 47) على توحيد أجل رفع المطالبة أمام الإدارة الجبائية فيما يتعلق بحق وآجال المطالبة سواء فيما يخص فرض الرسم عن طريق جداول أو أوامر استخلاص أو في حالة أداء الرسم بصورة تلقائية بعد انصرام الآجال القانونية لإقرارات حيث حددها في 6 أشهر وهذا ما يستشف من المادة 161 من نفس القانون التي نصت على وجوب توجيه الملزمين الذين ينازعون كلا أو جزءا في مبلغ الرسوم المفروضة عليهم مطالبتهم إلى الأمر بالصرف أو الشخص المفوض إليه حسب طبيعة الرسوم [17]، فإذا كانت هذه الأخيرة محولة[18] فالتظلم يوجه إلى الوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض له من طرفه، وإذا كان التظلم يهم الرسوم الداتية فيوجهه الملزم إلى الأمر بالصرف بالجماعة المحلية [19] أو الشخص المفوض له من لدنه [20].

والملاحظ في هذا الجانب أن المشرع قد ضاعف أجال الطعن من خلال المادة 161 من قانون 06- 47 [21] حيث أنه بإمكان الملزم الطعن في قرار الإدارة في حالة عدم اقتناعه أو في حالة عدم جواب الإدارة داخل أجل 6 أشهر الموالية لتاريخ المطالبة باللجوء إلى المحكمة المختصة داخل أجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ التبليغ المقرر ويتضاعف هذا الآجال بالنسبة للملزمين غير المقيمين إذ يصبح شهرين بدل شعر واحد [22].

غير أن ما تجب الإشارة إليه هو أن رغم تخويل المشرع تلك القاعدة الذهبية المتمثلة في تقديم التظلم إلى الإدارة بشأن الرسوم كلا أو جزءا وحدد أجال معينة لذلك فإنه وبناء على الفقرة الأخيرة من المادة 161 من قانون 06-47 يستشف أن تقديم المطالبة لا يحول دون مباشرة التحصيل الفوري للمبالغ المستحقة عملا بالقاعدة المعروفة في المجال المرافق العمومية " خلص واشكي"[23] وإن اقتضى الأمر تتم مباشرة إجراءات التحصيل الجبري وبالتالي يتبين أن الامتيازات المخولة للإدارة الجبائية سابقة على حقوق الملزم ولا سيما من خلال اعتماد مسطرة التحصيل الجبري مما يؤثر سلبا على التوازن المطلوب في العلاقة الحيانية المحلية .

وبما أن المشرع من خلال قانون 06-47 نجده قد وحد الأجال في 6 أشهر سواء فيما يتعلق بفرض الرسم عن طريق الجداول أو أوامر الاستخلاص أو بعد انصرام الآجال القانونية للإقرارات كحق مخول للملزم لتقديم تظلمه إلى الإدارة الجبائية ، فإنه وعلى الصعيد العملي والتطبيقي للنص الجبائي المحلي فقد يحدث أنه يوجه الملزم بالنظر إلى ضعف إلمامه بالمقتضيات القانونية مطالبته إلى جهة أخرى غير الجهة المختصة والمحددة من خلال المادة 161 من القانون المذكور فهل في حالة عدم توصل هذه الأخيرة بالمطالبة أو توصلها بها خارج الأجل القانوني يتم قبولها؟ المشرع من خلال قانون 06 – 47 لا يتعرض لهذه الحالة غير أنه بالرجوع إلى المادة 235 من المدونة العامة للضرائب نجدها تنص على انه :" يجب على الخاضعين للضريبة الذين ينازعون في مجموع أو بعض الضرائب أن يوجهوا مطالباتهم إلى مدير الضرائب أو الشخص الذي يفوض له ذلك خلال السنة (6) أشهر التالية للشهر الذي وقع فيه صدور الأمر بالتحصيل … هنا المشرع يستعمل صبغة الوجوب في توجيه المطالبة إلى مدير الضرائب وهو ما يفسر على أن عدم توصله داخل الأجل القانوني بالمطالبة بعد توجيهها إلى جهة أخرى لا يمكن للملزم من الاحتجاج بها[24]، إلا أن القضاء الإداري ذهب في أحد قراراته إلى أن التظلم الموجه إلى جهة غير متخصصة متى كان لها صلة بموضوعه ينتج أثره القانوني في حالة ثبوت العذر لدى الطاعن  [25] إلا أنه يصعب على الملزم إثبات عدم علمه بالجهة اللازم توجيه المطالبة إليها.

وما تجدر الإشارة إليه في الأخير أنه إذا كان الملزم كقاعدة عامة، هو وحده من له إمكانية رفع المطالبة إلى الإدارة الجبائية فإنه قد ينوب عنه شخص آخر في ذلك، إلا أنه يجب على هذا الأخير في هذه الحالة إرفاق المطالبة بها يثبت نيابته عن الملزم كالوكالة مثلا وإلا فإن المطالبة سيكون مآلها الرفض استنادا إلى المبدأ القانوني " لا شكاية بدون مصلحة "[26].

ثانيا: حق الملزم في إسقاط الرسم أو التحفيظ من مبلغه

في هذا الإطار نجد أن المشرع خول للملزم من خلال المادة 162 من قانون 06 – 47 حق تقديم المطالبة إلى الإدارة الجبائية لإسقاط الرسم أو التحفيظ من مبلغه وبالتالي نستشف أن الأمر يتعلق بالمنازعة على مستوى الوعاء حيث ينازع الملزم في أساس فرض الرسم أي في مبلغ الرسم وليس في الإجراءات المتبعة في التحصيل وعليه إذا كان الأمر كذلك فإن المطالبات المرتبطة بهذا المجال تتخذ أحدى الأشكال والصور التالية :

+مطالبات تخفيض الرسم :

يعتبر هذا النوع من المطالبات الأكثر شيوعا في المنازعات الجبائية خلال المرحلة ما قبل القضائية وغالبا ما يكون إما بربط الرسم بعد التصحيح التلقائي للإدارة لإقرارات الملزمين إذ في هذه الحالة ينصب موضوع المطالبة على خلاف بين طرفي النزاع : الملزم والإدارة الجبائية ، سبب الربط التلقائي المبني على تقديرات الإدارة استنادا إلى معلومات متوفرة لديها ولم يتمكن الملزم لسبب أو لآخر من الرد عليها مما يجعل هذا الأخير مضطرا قبل التوجه إلى القضاء لتقديم مطالبة إلى الإدارة لإعادة النظر في التقديرات المذكورة وغالبا ما يكون طلبه معززا بأدلة ووجهات نظر تصب في تبيان الإقرارات الحقيقية [27].

ويعتبر تعزيز المطالبة بأدلة وحجج كافية لتأييد طلب التخفيض ضروريا لمنح الإدارة تخفيضا للملزم وهنا يمكن أن نلاحظ ولا سيما في مجال التملص الضريبي ان هذه الوسيلة غالبا ما يلجأ إليها ذوو النيات السيئة للتهرب من أداء الرسوم .

كما أن المطالبة بالتخفيض من الرسم هي غالبا ما تكون مرتبطة بالمطالبة بتصحيح الأخطاء الجبائية في حساب مبلغ الرسم والذي ينتج عن الوسائل التي تستعملها الإدارة الجبائية حيث يقع الخطأ إما في تحديد مبلغ أكثر من القدر الواجب أو أداء الرسم بصفة متكررة حيث أكدت الفقرة الثانية من المادة 162 من قانون 47-06 " يحوز للوزير المكلف بالمالية أو وزير الداخلية أو الأشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض أن يسمح بناء على طلب الملزم ومراعاة للظروف  المستند إليها بالإبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والدعائر وباقي الجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون "

وبالتالي فتقديم المطالبة ترمي إلى التماس الملزم التخفيض من مبلغ الرسم بالنظر إلى الظروف المستند عليه من خلال الحجج والأذلة الكافية المرفقة بالمطالبة وهو حق خوله له المشرع مقابل حق الإدارة في مراقبة الإقرارات والتصريحات المقدمة من قبله .

2-مطالبات إسقاط الرسم :

ترمي هذه المطالبات إلى الإسقاط الكلي أو الجزئي للرسوم إذ أثبت أنها زائدة عن المبلغ المستحق المقرر في جداول التحصيل أو عند فرض الرسم مرتين خطأ أو حالة فرض الرسم غير مستحق  تشريعيا حيث أكدت الفقرة الأولى من المادة 62 من قانون 06 –47 " أنه على الوزير المكلف بالمالية أو الأمر بالصرف للجماعة المحلية أو الأشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض أن يقرروا داخل اجل التقادم المنصوص عليه في المادة 161 إسقاط الرسوم جميعها أو بعضها إذ أثبت أنها زائدة على المبلغ المستحق أو أن الأمر يتعلق برسم فرض مرتين أو فرض بغير موجب صحيح طبقا للتشريع والتنظيم الجاري به العمل "

وفي هذه الحالات المبينة بالمادة المذكورة يحق للملزم مع احترام أجال التقادم المطالبة باسترجاع مبالغ الرسوم التي تم تحصيلها بغير موجب قانوني أو حصلت مرتين أو ثبت أنها زائدة من خلال تقديم مطالبته إلى الإدارة الجبائية وعملا بمقتضيات المادة أعلاه فإن الوزير المكلف بالمالية أو الأمر بالصرف أو الأشخاص  المفوضين من لدنهما لهم صلاحية البت في هذه المطالبات بإرجاع المبالغ غير المستحقة للإدارة الجبائية للملزم داخل أجل التقادم

غير أنه يمكن ألا يكون الملزم هو من دفع الرسم موضوع النزاع بل يتم ذلك من طرف الغير، فهل يحق لهذا الأخير المطالبة بإسقاط الرسم كلا أو جزءا أو المطالبة بالاسترجاع؟ إذ في هذه الحالة ينبغي التمييز بين حالتين : حالة دفع الرسم بصورة تلقائيا دون وجود وكالة من الملزم وحالة وجود وكالة .

فهي الحالة الأولى لا يمكن للغير المطالبة باسترجاع ما دفعه إذ أن المشرع قد نص في الفصل 69 من قانون الالتزامات والعقود على أنه " من دفع باختياره مالا يلزمه عالما بذلك فليس له أن يسترد ما دفعه" وبالتالي فالمطالبة بالاسترداد لا تنتج أثرها القانوني ، أما الحالة الثانية فوجود وكالة من قبل الملزم تخول للغير المطالبة في حالة وجود خطأ نتج عن فعل الإدارة الجبائية وهذا ما يستشف من خلال الفقرة الثالثة من المادة 162 من قانون 47-06 حيث شخص بعض الرسوم ومنها رسم السكن إذ نصت على أن المنازعة في رسم السكن على عقار معين والمفروض في اسم شخص غير اسم المالك فإن التظلم المرفوع في هذه المناسبة يوجه إلى وزير المالية، أو الشخص المفوض له النظر في أداء الرسم أو التخفيف منه ،كما ان الرسم قد يصدر مؤقتا في اسم الحائز أو واضع اليد إلى حين تسوية الوضعية الخاصة بملكية العقار بعد صدور الحكم النهائي بواسطة المحاكم المختصة وتتم تسوية الوضعية بعد صدور الحكم النهائي حول ملكية العقار مع مراعاة أجل التقادم المنصوص عليه في المادة 160 من نفس القانون.

والملاحظ أنه من خلال تخويل المشرع للملزم إمكانية المطالبة بإسقاط الرسم كلا أو جزءا أو التخفيض من مبلغه ان عدَّد الأجهزة الإدارية المخولة لها حق البت في تلك المطالبات مقارنة مع القانون الجبائي القديم 30 89 الذي يحصر تلك الصلاحيات في وزير الداخلية دون غيره [28] الهدف من ذلك هو إعطاء ومنح الملزم هذه القاعدة الذهبية لرفع مطالباته أمام إدارات متنوعة للنظر بتمعن وجدية فيها تيسيرا للعلاقة الجبائية المحلية

ثالثا : إجراءات المقاصة

هي إجراءات تلجأ إليها الإدارة في حالة مطالبة أحد الملزمين إسقاط أحد الرسوم المنصوص عليها في قانون 06 – 47 أو تخفيض مبلغه أو استرداده حيث تقوم في هذا الصدد ببحث طلب الملزم وإجراء مقاصة لفائدته فيما يتعلق بالرسم المعني بين الإسقاط المبرر والرسوم التي قد يكون الملزم مدينا بها بسبب أوجه النقص أو الإغفالات غير المنازع فيها [29].

وتمنح الإدارة  الاسقاط للملزم عندما ينازع في مبلغ الواجبات المستحقة عليه، والمشار إليه في المادة 149 من قانون 47 – 06  بسبب نقصان أو إعفاء من الإدارة حيث تتبع هذه الأخيرة المساطر الجبائية بكل أنواعها والمنصوص عليها في 155 و 156 من نفس القانون

 

المطلب الثاني: إجراءات التظلم النزاعي والمسطرة الجبائية

كما سبقت الإشارة أن التوازن مختل بين طرفي العلاقة الجبائية سواء وطنيا أم محليا، غير أنه وفي إطار تحقيق العدالة الجبائية فإن المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات أقر حقوقا وضمانات للملزم لمواجهة الإدارة من خلال السلطات والامتيازات المخولة لها قانونا حيث أشركته في كل المراحل الجبائية بل خولته حق الإقرار الجبائي . وكذا الطعن سواء الإداري أو القضائي مقابل إبقاء الحق للإدارة في عمليات التصحيح في إطار المساطر الجبائية ، فما هي الإجراءات المتبعة في مجال التظلمات النزاعية وما هي المساطر المعتمدة من قبل الإدارة وكيفية الاشتغال عليها ؟

الفقرة الأولى: إجراءات التظلم النزاعي

بالرغم من تخويل الملزم حق تقديم الإقرارات الجبائية فإن الإدارة لها السلطة التقديرية في النظر في ذلك في إطار سلطاتها المتمثلة في حق الفحص المحاسبي ، وحق المراقبة والإطلاع غير أنه قد يحدث عند توصل الملزم بالإشعار الضريبي طرح تساؤلاته بخصوص الكيفية أو الطريقة التي تم بها احتساب المبلغ الواجب أداؤه بالنظر إلى الأخطاء المرتكبة[30] وبالتالي يلاحظ عدم تطابق وضعيته الحقيقية مع تلك التي اعتمدت كأساس في فرض الرسم الأمر الذي يفتح المجال أمامه لتقديم شكاية للجهات المعنية مع احترام ضوابط معنية مما يجعل الإدارة الجبائية تعيد النظر في تقديراتها بعد التحقيق في مضمون ومعطيات الشكاية

أولا : تقديم الشكاية أمام الإدارة الجبائية المحلية

فالنزاع يثور بمناسبة فرض الإدارة الجبائية الأساس المتعلق بالرسوم إما خطأ أو مغالي فيه الأمر الذي يدفع الخاضع للرسم إلى منازعتها في هذا الأساس وتنطلق هذه المنازعة بتقديم شكايته أمام الإدارة وهنا يتم تحديد أطراف النزاع في الإدارة والملزم كما أن المشرع حدد لهاته الشكاية آجالا معينة

1-أطراف المنازعة

مبدئيا يوجه الخاضع للرسم مطالبته إلى الإدارة الجبائية في إطار التظلمات النزاعية أو الاستعطافية فالعلاقة الجبائية تتكون من ملزم وإدارة جبائية حيث نجد  المادة 161 من قانون 47-06 خولت توجيه المطالبات تم من طرف الملزمين إلى الأمر بالصرف أو الشخص المفوض من لدنه سواء في حالة فرض الرسم عن طريق جداول أو أوامر التحصيل أو في حالة الفرض بصورة تلقائية

وإذا كان المبدأ العام هو تقديم الشكاية من طرف من يهمه الأمر ، فإنه يجوز للغير المطالبة نيابة عن الملزم شريطة توفره على وكالة قانونية تخول له القيام بهذا الإجراء ويستوي في تقديم المطالبة بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي من بين الملزمين، وتختلف الجهة المستقبلة للشكاية بحسب نوعية الرسوم موضوع الطعن حيث توجه إلى الوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض له بخصوص الرسوم المخولة وإلى الأمر بالصرف أو الشخص المفوض له بالنسبة للرسوم الداتية

2-آجال وبيانات الشكاية

لقد عملت أغلب التشريعات على تحديد آجال معينة يتم داخلها تقديم التظلم الإداري ويترتب على عدم احترامها من طرف الملزم عدم قبول طعنه بمعنى آخر أن الآجال القانونية لتقديم المطالبات أمام الإدارة الجبائية تعد من النظام العام لايمكن الاتفاق على مخالفتها وفي هذا السياق نجد المادة 161 من قانون 06 – 47 قد حددت أجال 6 أشهر بالنسبة للملزم لتقديم مطالبته سواء في حالة فرض الرسم عن طريق الجداول أو الأوامر التحصيل أو خلال فرضه بصورة تلقائية ، فتحديد الآجال واعتبارها من النظام العام معناه احترام الشكليات والضوابط القانونية التي يتطلبها التظلم النزاعي عكس التظلم الاستعطافي الذي لا يخضع لإجراءات شكلية ولا يتطلب أجال معينة وبالإضافة إلى شرط الآجال فإن هناك ضوابط يتعين التقيد بها خلال تقديم المطالبة النزاعية ومنها الالتزام بالمسطرة الكتابية [31] أي تقديم الشكاية كتابيا [32] وهذا الشرط يعد من الشروط الجوهرية التي يجب على الخاضع للرسم الالتزام بها عند المنازعة في رسم ما ، ويتم تقديم المطالبة على ورق عادي على أن تتضمن توقيع الملزم المعني بالنزاع أو من ينوب عنه وإن كان عمليا يصعب التأكد من صحة التوقيع طالما تصل المطالبة إلى الإدارة الجبائية عن طريق البريد المضمون ويتعين أن تتضمن المطالبة البيانات التالية :

-نوع الرسم المنازع عليه ، ويستحسن أن تكون المطالبة مرفوقة بالإشعار بالأداء

-الوقائع والوسائل التي يستند عليها الملزم

-السنة الواجب الأداء فيها الرسم

-رقم الجدول المضمن للرسوم

ونشير أن عدم احترام هذه البيانات يعتبر كعيب في الشكل قد يؤدي إلى رفض التظلم من قبل الإدارة الجبائية[33]، لكن طالما الأجل مازال قائما فيحق للملزم تصحيح النقص الذي يشوب التظلم وتدارك ما يعيبه عن طريق تقديم مطالبة جديدة داخل الآجل القانوني أما إذا انصرم هذا الأخير فالرفض يعتبر نهائيا، وعندما يتم تقديم المطالبة داخل الأجل القانوني ومتضمن للبيانات والضوابط القانونية تباشر الإدارة الجبائية إجراءات التحقيق بشأنها وكذا اتخاذ القرار الواجب بخصوصها.

ثانيا: التحقيق في التظلم واتخاذ القرار

عموما في إطار المنازعات الجبائية فإن الطلبات تتلقاها الجهات المختصة والمحددة قانونيا والتي تتولى البحث والتحقيق في موضوع المطالبة مع مراعاة الاحترام التام للشكليات والآجال السالفة ذكرها وبعدها يتم اتخاذ القرار المناسب م فكيف ذلك ؟.

1- التحقيق في الشكاية

لقد أولى المشرع المغربي من خلال القانوني 06-47 المادة 161 – 162 صلاحية النظر في المطالبات بناء على مضموني الرسم محل النزاع حيث خص الوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض له من طرفه بالبت في النزاعات المتعلقة بالرسم المهني ، رسم السكن، ورسم الخدمات الاجتماعية في حين خص الأمر بالصرف أو الشخص المفوض له من لدنه بالبت في الرسوم الأخرى ومادام النزاع ينصب على الوعاء في "مشروعية تأسيس الرسم" فإنه في الواقع العملي نجد أن المصالح الضريبية هي التي تتولى التحقيق في المطالبة من خلالها دراستها من مختلف الجوانب ومراعات الشكليات والضوابط والآجال الواجب احترامها وكذا مراعات الأسس المعتمدة من قبل الملزم والمرفقات والوسائل التي استند عليها في تظلمه قصد التحقق من كيفية تأسيس الرسم .

2-اتخاذ القرار بشأن التظلم

لم يلزم المشرع الإدارة باتخاذ القرار داخل أجل معين كما لم يجعل الخاضع للرسم في انتظار لا متناهي لصدور هذا القرار إذا حددت النصوص القانونية في حالة عدم رد الإدارة وسكوتها لمدة ستة (6) أشهر الموالية لتاريخ تقديم المطالبة الحق للخاضع للرسم في رفع القضية أمام المحكمة المختصة داخل أجل ثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر المذكور[34] وهذا الموقف يعتبر رفضا ضمنيا لمطالب الملزم .

وفي حالة جواب الإدارة على المطالبة داخل الأجل القانوني بالرفض فإن جوابها يجب أن يكون مسببا أي يتضمن المؤيدات التي استندت إليها الإدارة في اتخاذ موقفها من الحجج  المدلى بها من طرف الملزم في المطالبة كما يجب لصحة قرار الإدارة أن يتم اتخاذه داخل الأجل القانوني وتبليغه إلى المكلف بشكل صحيح وعند عدم توفر أحد هذه الشروط فإن قرار الإدارة يكون معيبا شكلا مما قد يعرضه للإبطال.

وعقب تبليغ قرار الإدارة إلى الملزم المتضمن للرفض الكلي أو الجزئي بشكل صريح أو ضمني .

يمكن للملزم في حالة عدم اقتناعه بمقتضيات المقرر الجبائي رفع القضية أمام أنظار المحكمة المختصة داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ التبليغ [35].

الفقرة الثانية: مساطر الجبائية المحلية

إذا كان المفهوم الحقيقي للمشاركة بين الملزم والإدارة الجبائية يتجلى في عمليات التأسيس للرسم وكذا الأداء  وحتى المراقبة فإن الرسوم ولطبعتها تنتج نتائج متعددة غالبا ما تكون  مقدمة المهنيةعلىللنزاع والخصومة .

إذا بصرف النظر عن الحالة أو الحالات التي لا تتم فيها اكتشاف خطأ أو إغفال أو غش من الملزم الخاضع للمراقبة مما يؤدي إلى إبراءه من الرسوم المعنية بالمراقبة فإن علاقة الملزم بالإدارة الجبائية تدخل مرحلة جديدة أكثر حساسية من سابقاتها ويتعلق الأمر هنا على الخصوص باستعداد الإدارة الجبائية لتصحيح الأسس المصرح بها من طرف الملزم من جهة وبسلطتها الواسطة في التقدير التلقائي للرسم .

وفي تصحيحها الأساس المفروض عليه الرسم تجد الإدارة الجبائية مرغمة على نهج اسلوب التواجه مع الملزم الشيء الذي يجعل لقاءهما الكتابي أو الشخصي لا يخلو من أسس حوارية .

وقد خول المشرع للإدارة بناءا على ما سبق من خلال قانون  رقم  06-47 حق تصحيح أوجه النقصان والاختلال التي تشوب التصريحات المقدمة من قبل الملزمين وألزمها باتباع مساطر معينة تتميز بطابعها التواجهي عن طريق فتح حوار بين الطرفين كل منهما يعبر عن وجهة نظره في الأسس المعتمدة .

ويتوفر الملزم في مواجهة هذه الإجراءات التي تسلكها الإدارة اتجاهه على الحق في الطعن في قرارتها امام لجنة الطعون الجبائية بعد ان يكون قد استنفد كل المراحل التي تحكم نزاعه مع الإدارة ولم يتم التوصل إلى حل ينهي مسطرة التصحيح ويحول دون عرض النزاع أمام أي جهة معينة .

وبالنظر إلى إن المساطر الجبائية المعتمدة من قبل الإدارة الجبائية في إطار الامتيازات المخولة لمراقبة الإقرارات المدلى بها من طرف الملزم تتنوع بين الفحص المحاسبي والمسطرة العادية والسريعة للتصحيح وكذا مسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية في حالة عدم الإدلاء بالإقرار من قبل الملزم المنصوص عليها قانونا. نجد إلى جانب ذلك عملية التبليغ التي أسندها المشرع من خلال قانون 06/47 إلى المأمورين المحلفين التابعين للإدارة وكذا أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائي عكس القانون القديم 30 89 الذي كان يقتصر المهمة في البريد المضمون هي مسطرة متبعة في كل المساطر السالفة الذكر وعليه سنقتصر على معالجة مسألة الفحص المحاسبي تم مسطرة التصحيح العادية والسريعة ومسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية من خلال هذه الفقرة .

أولا : فحص المحاسبة

يمكن تعريف فحص المحاسبة كمجموعة من الإجراءات الرامية إلى مقارنة العمليات المحاسبية للملزم مع المعلومات المحصل عليها ن طرف الإدارة الجبائية لقياس مدى مصداقية التصريحات المدلى بها .

وتعتبر هذه التقنية سلاحا في يد الإدارة لمحاربة التهرب الضريبي وتأتي لإتمام المعلومات التي تتوفر لدى الإدارة من خلال استعمالها لحق الإطلاع وتمكن الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها الإدارة الجبائية في إطار فحص المحاسبة من:

*فحص  مدى مصداقية ونظامية المحاسبة التي يمسكها الملزمون الذي يفرض عليهم القانون مسك هذه المحاسبة

*التأكد في عين المكان من وجود الأموال المدرجة في الأصول

*التحقق في صحة الوثائق والتقييدات المحاسبة والإقرارات المدلى بها من قبل الملزمين .

ويجد مبدأ الفحص المحاسبي كسلطة هامة تتوفر عليها الإدارة سنده في إقرار مبدأ حرية التصريح أو التصريح التلقائي [36].

وبالنظر لأهمية فحص المحاسبة ولنتائجها الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على سير المؤسسات والأنشطة الخاضعة للرسوم فقد تمت إحاطة ممارسته بمجموعة من الشروط الشكلية والتي سننتقل بعد بحثها إلى التعرض إلى مراحل فحص المحاسبة  ثم إلى التعرف على النتائج المتخصصة عن ذلك الفحص.

1-الشروط الشكلية لفحص المحاسبة

تمت إحاطة فحص المحاسبة بمجموعة من الشروط الشكلية تفاديا لتعسف الإدارة في ممارسة حقها في الفحص وتعزيزا للضمانات التي يتمتع بها الملزمون.

أ-الملزمون الخاضعون للفحص والأعوان المكلفون بذلك

باعتبار أن الأمر يتعلق بفحص المحاسبة فإنه من الطبيعي أن لا يخضع لهذا الإجراء إلا الخاضعون للرسوم الملزمون قانونيا بمسك محاسبة منتظمة ، أما أولئك الذين لا يمسكون محاسبة فهم غير خاضعين لأي فحص ما عدا إذا كانت الإدارة الجبائية تتوفر على معطيات تفيد بأنهم يحققون مداخيل أو أرقام تتجاوز الحدود المسموح بها قانونا[37] ونجد من خلال قانون 06 – 47 الأشخاص الخاضعين للرسوم سواء منها المخولة أو الداتية المتعلقة بالجماعات المحلية وهم إما أشخاص طبيعيين أو معنويين [38].

أما بالنسبة للأعوان المكلفين بإجراء عملية فحص المحاسبة فنجد قانون 06 –47 من خلال المادة 153 قد جعل من الأعوان المحلفين التابعين للجماعات المحلية كمراقبين للعمليات الإقرارات المدلى بها من قبل الملزمين

ب- مكان إجراء الفحص

لا يمكن أن تتم عملية فحص المحاسبة إلا داخل محل الإقامة الاعتيادية أو المقر الاجتماعي أو المؤسسة الرئيسية للملزمين وهذا ما اكدت عليه الفقرة الثانية من المادة 153 من قانون 06 –47 وتأكيد المشرع على إجراء فحص المحاسبة داخل محل الموطن الضريبي أو المؤسسة الخاضعة للضريبة كان وراء تسهيل الحوار بين الأعوان المكلفين بالتحقيق والملزمين الخاضعين للمراقبة ويمنع على المحقق أن ينقل أية وثيقة محاسبية إلى مقر الإدارة الجبائية حيث ان الفقرة الثالثة من المادة  153 من مدونة الجبايات المحلية الجديدة أكدت على أن الأعوان يتعين عليهم التحقق من صحة الوثائق والتقييدات المحاسبة والإقرارات المدلى بها من طرف الملزمين في عين المكان ولم يشر المشرع المغربي إلى أية استثناء يمكن أن ترد على هذا المبدأ كما نجد ان المشرع ألزم الخاضع للرسم بتقديم جميع التسهيلات للقيام بالمراقبة وتحليل المعطيات المسجلة إذا كانت المحاسبة ممسوكة بوسائل الإعلاميات أو كانت الوثائق محفوظة في مكروفيشات ( Microfiches)[39] تسهيلا لمهام الأعوان المكلفين بعملية الفحص المحاسبي

ج-مدة الفحص

نجد أن المشرع قد عقلن مدة الفحص وحدد لها آجالا تلزم الأعوان المكلفين بالتحقق من الوثائق المحاسبية وذلك تفاديا لجعله دون جدوى في حالة عدم تحديد آجال معين لذلك وهكذا نجد المادة 153 حددت هذه الآجال التي تستغرقها عملية الفحص على الشكل التالي :

*اكثر من ستة أشهر بالنسبة للمنشآت التي يعادل أو يقل رقم أعمالها المصرح به في حاصلات والتكاليف برسم إحدى السنوات المحاسبية الخاضعة للفحص عن خمسون (50) مليون درهم دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة

*أكثر من اثني عشر (12) شهرا بالنسبة للمنشآت التي يفوق رقم أعمالها المصرح به في حساب الحاصلات والتكاليف برسم إحدى السنوات المحاسبية الخاضعة للفحص خمسون مليون (50) دون احتساب الضريبة عن القيمة المضافة

ولا يدخل في احتساب مدة الفحص كل توقف ناتج عن تطبيق المسطرة المنصوص عليها في المادة 159 من نفس القانون والمتعلقة بعدم الإدلاء بالوثائق المحاسبية للعون المحقق

ويمكن أن نستنتج أن هذا التمييز قد يطرح حالات عملية وهي :

الحالة الأولى: السنوات الخاضعة للمراقبة تتضمن فقط أرقام أعمال بدون احتساب الضريبة على القيمة المضافة وتعادل أو تقل عن 50 مليون درهم وبالتالي فهذه الفحص محددة في أكثر من 6 أشهر

-الحالة الثانية : السنوات الخاضعة للمراقبة تتضمن فقط أرقام أعمال بدون احتساب الضريبة على القيمة المضافة تفوق 50 مليون درهم في هذه الحالة تستغرق مدة الفحص أكثر من 12 شهر

وقد أحسن المشرع صنعا حينما تدخل وحدد المدة الأقصى التي يمكن أن يستغرقها فحص المحاسبة بهذه الكيفية لما فيه من توازن بين مصالح الإدارة الجبائية والضمانات المخولة للملزم .

2-مراحل فحص المحاسبة

تمر عملية فحص المحاسبة بعدة مراحل لا بد للعون المنتدب للقيام بالمراقبة الجبائية احترامها لضمان سلامة الإجراءات التي يقدم عليها، وهكذا يجب عليه قبل بداية الفحص ولضمان نجاح مهمته ان يقوم بالإعداد الجيد لهذه العملية وذلك بالحصول على جميع المعلومات التي ستساعده على أداء مهامه ( أ) ثم يقوم بعد ذلك بإعلام الملزم بقرار الإدارة الإقدام على عملية الفحص ( ب) 

لينتقل بعد ذلك إلى الفحص الشكلي للمحاسبة (ج) قبل ان يفحص بشكل معمق البيانات الحسابية للمؤسسة ( د) .

أ-الإعداد الأولى لفحص المحاسبة

يقوم خلال هذه المرحلة العون المكلف بمهام فحص المحاسبة بجمع كافة المعلومات التي يمكنه الحصول عليها والخاصة بالمؤسسة موضوع الفحص من خلال المعلومات المتوفرة لدى الإدارة الجبائية ( الملف القانوني للمؤسسة) والتي يتم تجميعها أثناء حق الإطلاع المخول للإدارة بمقتضى القانون وهي مرحلة تسهل عمل المحقق وتمكنه من الوقوف بسهولة على محاسبة المؤسسة الخاضعة للفحص إضافة إلى توفير الوقت خصوصا ان هذه العملية يجب ان تتم قبل سريان فترة الستة أشهر أو السنة التي يتعين عليه احترامها والتي لا يبدأ سريانها إلا بعد توصل الملزم بالإعلام بخضوعه  لفحص المحاسبة

ج-إعلام الخاضع للفحص

بعد انتهاء المحقق من الإعداد الأولي للمحاسبة يتعين عليه توجيه إعلام إلى الملزم الخاضع للفحص يخبره فيه بقرار الإدارة الجبائية فحص محاسبية ويدعوه من خلاله التعاون وتسهيل مهمة العون المكلف بذلك بوضع كافة الوثائق المحاسبة رهن إشارته وقد ألزمت المادة 153 ( الفقرة الأولى) من قانون 06-47 الإدارة الجبائية بتبليغ إشعار للملزم وفق إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 152 [40] من نفس القانون قبل تاريخ بداية الفحص بخمسة عشر يوما على الأقل .

خ-الفحص الشكلي للوثائق المحاسبة

عند حلول الأجل 15 يوما المضمن بالإشعار أو الإرسالية الموجهة إلى الملزم ، يقوم العون المكلف بالتحقيق بزيارة إلى مقر المؤسسة المعنية قصد التعرف  على مسيريها وخلال هذه الزيارة يطلب منهم وضع جميع الوثائق المحاسبة والقانونية رهن إشارته.

حيث يكتفي المحقق خلال هذه المرحلة بالاطلاع على تلك الوثائق ومعرفة المؤسسة عن قرب والأنشطة التي تمارسها كما يراقب مدى احترام تلك  الوثائق للشكيات الواجبة فيها وللضوابط القانونية المتعارف عليها كتلك الواجب توفرها في الفواتير الصادرة أو الواردة على الشركة أو المؤسسة .

د-الفحص المعمق للمحاسبة .

هي مرحلة دقيقة في مجال الفحص المحاسبي إذ تتطلب من العون أو المحقق أن يكون على إلمام ودراية بتقنيات المحاسبة حتى يتمكن من فحص محاسبة المؤسسات كيفما كان حجمها ورقم أعمالها كما أن الملزم خوله القانون من خلال المادة 153 من قانون 47-06 إمكانية الاستعانة بمستشار يختاره في إطار فحص المحاسبة مما يفسر صعوبة العملية على طرفي العلاقة الجبائية المحلية ، ويشرع المحقق في فحص حسابات الميزانية قصد تأكده من أن الملزم قد وضع كل معطى في مركزه الصحيح حسبما إذا تعلق الأمر بالأصول أو الخصوم كما يقوم بفحص كل العمليات التي تقوم بها المؤسسة سواء بيع شراء …  للتحقق من مدى مصداقية البيانات الواردة بالوثائق المحاسبة المسلمة من قبل الملزم [41].

3-نتائج فحص المحاسبة

عند انتهاء عمليات الفحص المحاسبي يكون مأمور الإدارة الجبائية مجبر على إشعار الملزم وفق الكيفية المنصوص على في المادة 152 من قانون 06 – 47 بتاريخ انتهاء عملية الفحص [42] وتتضمن هذا الإشعار نتائج لعمليات الفحص والتي لا يمكن أن تخرج عن احتمالين اثنين :

*حالة عدم وجود اختلالات في المحاسبة

في هذه الحالة وبعد انتهاء عملية الفحص طبعا لم تتخذ أية إجراءات لتصحيح أساس فرض الرسم وهي حالة نادرة الوقوع إذ أن أغلب عمليات فحص المحاسبة تنتهي بتصحيح الأساس الضريبي

 

 

*حالة وجود اختلالات في المحاسبة

إذا اكتشف العون المحقق أثناء إنجاز عمليات الفحص المحاسبية وجود اختلالات تعتري هذه الأخيرة بشكل يشكك في قيمة الإثبات التي تكتسبها المحاسبة جاز للإدارة أن تحدد أساس قرض الرسوم باعتبار العناصر المتوفرة لديها وقد حدد المشرع من خلال المادة 154 الإخلالات الجسيمة في :

+عدم تقديم محاسبة ممسوكة وفقا للتشريع والتنظيم الجاري بهما العمل

+انعدام الجرود

+إخفاء بعض الأشرية أو البيوع إذا أثبت الإدارة ذلك

+الأخطاء أو الإعفاءات أو البيانات غير الصحيحة الجسيمة والمتكررة والملاحظة فيما تتضمنه المحاسبة من عمليات

+انعدام أوراق الإثبات الذي يجرد المحاسبة من كل قيمة إثباتية

+عدم إدراج عمليات في المحاسبة بالرغم من إنجاز الملزم لها

+إدراج عمليات صورية في المحاسبة

كما نجد المشرع قد أورد الأسباب المخولة لرفض المحاسبة على سبيل الحصر حيث اعتبر ومن خلال الفقرة الأخيرة من المادة 154 ان المحاسبة التي لا تشوبها أية حالة من  الاختلالات الجسيمة المبنية أعلاه لا يجوز للإدارة أن تعيد النظر في المحاسبة المذكورة ، ويتضح أن ما ذهب إليه المشرع يضع حدا لكل لبس ويمنع كل تجاوز أو تعسف في رفض المحاسبة مما يمثله هذا الرفض من تهديد دائم للملزم .

ثانيا: المسطرة العادية للتصحيح

تلجأ الإدارة الجبائية إلى اتباع المسطرة العادية للتصحيح كلما ارتأت تصحيح أساس فرض الرسوم والتي سبق للملزم أن صرح بها، كما أن هذه التقنية قد تساعد الإدارة على الحد من ظاهرة التملص الضريبي من خلال المراقبة لإقرارات الملزمين والملزم بدوره يتوفر على إمكانية الطعن في قرارات الإدارة أثناء سلوكها مسطرة التصحيح العادية أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة وعليه فالطرفين خلال اتباع هذه المسطرة يدخلون في حوار مباشر وتمر هذه المسطرة بعدة مراحل يتخللها حوار الإدارة والملزم فما هي شكليات هذه المراحل والصعوبات التي تعترضها .

1-مراحل المسطرة العادية للتصحيح

أطرت المسطرة العادية للتصحيح المادة 155 من قانون 06 –47 المتعلق بمدونة الجبايات المحلية ومن خلالها يتم إشراك الملزم في إطار المراقبة التي تجريها الإدارة إقرارته وتمر شكليات هذه المسطرة بالمراحل التالية :

أ‌-        الإشعار المسبق

*إخبار الملزم من طرف الإدارة بمسطرة التصحيح.

إذا لاحظت الإدارة ما يستوجب القيام بتصحيح أسس فرض الرسوم [43] إما بناء على الإقرارات التي أدلى بها الملزم أو بصورة تلقائية فعليها أن تبلغ ذلك بإشعار الملزم وفق الكيفيات المنصوص عليها في المادة 152 من قانون الجبايات المحلية" أي برسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم للعنوان المحدد في إقرارات الملزم أو عقوده أو مراسلاته أو التسلم اليد بواسطة المأمورين المحليين  التابعين للإدارة أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة الإدارية "

ويتضمن الإشعار المبلغ إلى الملزم التصحيح المزمع القيام به من طرف الإدارة وطبيعته ومبلغه بالتفصيل مع دعوته إلى الإدلاء بملاحظاته خلال أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ مع تذكيره بالأمر المترتب على عدم الجواب داخل الأجل المضروب وذلك تحت طائلة منعه من إمكانية التنازع فيها إلا وفق ما هو مقرر في المادة 161 من نفس القانون إذ يتم وضع الواجبات التكميلية موضع التحصيل .

*جواب الملزم

إن الأجل الممنوح للملزم لتقديم جوابه هو 30 يوما هو أجل صريح والإدارة الجبائية لا تملك الحق في أن تفرض أجلا للجواب يقل عن المدة المحددة قانونا ، وبذلك يتعين على العون المعين لهذا الغرض أن ينتظر إما وصول الجواب من طرف الملزم وإما انتهاء مدة الأجل هنا الامر لا يخلو من الفرضيات التالية:

£ قد لا يقدم الخاضع للضريبة أو الرسم أي جواب في أجل 30 يوما أو أجاب بعد انتهاء الأجل في هذه الحالة يتم فرض الرسم بصورة تلقائية ولا يمكن المنازعة في ذلك إلا وفق اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 161 من قانون 06 – 47 .

£ قد يقبل الملزم بالتصحيح المقترح من طرف الإدارة دون إبداء أية ملاحظة عليه وبذلك تعتبر مسطرة التصحيح منتهية وتخبر بذلك الإدارة كتابة

ب‌-     الإشعار الثاني :

إذا تلقت الإدارة ملاحظات المعني بالأمر داخل الأجل السالف الذكر ( شهر واحد ) ولم تقتنع بأسانيد ملاحظات الملزم ، فيتحتم عليها تبليغ المعني بالأمر داخل أجل زمني لا يتجاوز شهرين ( 60 يوما) ووفقا للأساليب المعتمدة[44] أسباب رفضه الكلي أو الجزئي وأساس فرض الرسم المعتمد مع إخباره بأحقيته في تقديم طعن إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية وإلا سيصبح قرار الإدارة نهائيا. علما أم أن إجراءات التبليغ كما حددتها المادة 152 من نفس القانون وفصلت فيها وفي مساطرها حيث يبلغ الملزم في عنوانه المدلى به لدن الإدارة عبر رسالة مضمونه مع إشعار بالتسلم أو التسليم بواسطة أشخاص مؤهلين وذلك في ظرف مغلف ويثبت التسليم بشهادة تتضمن مجموعة من البيانات كإسم العون، تاريخ التبليغ، الشخص المسلمة له الوثيقة[45]. وهي تقنيات جديدة  تميز بها القانون الجديد تماشيا مع ما هو مسطر في التبليغ في القضايا المدنية

*رد الملزم عن جواب الإدارة

قد لا يقبل الملزم المبلغ القرار الذي اتخذته الإدارة وفي هذه الحالة يتوفر على أجل 30 يوما الموالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية ليتخذ أحد الأمرين .

–       إما عدم الجواب على الإشعار داخل أجل 30  يوما

أو أجاب خارج الآجال هنا يصبح المبلغ المقدر من طرف الإدارة نهائيا ويفرض الرسم من طرفها في حق الملزم وإما عرض النزاع على أنظار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إذ بعدها تسلم الإدارة المطالبات الموجهة إلى تلك اللجنة كما أن تبليغ مقررات اللجنة إلى الملزم تتم وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 152 من قانون 47-06 المتعلق بالجباية المحلية.

وما نستشفه من خلال المسطرة العادية للتصحيح هو إجبارية الإدارة على احترام الآجال الممنوحة للملزم للدفاع عن حقه وإبداء ملاحظات بخصوص عملية التصحيح للإقرارات إلى درجة أن أقر المشرع إلغاء مسطرة التصحيح سواء في حالة عدم توجيه الإشعار المسبق إلى المعني بالأمر داخل الأجل المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 153 أو في حالة عدم تبليغ جواب الإدارة على الملاحظات التي يقدمها الملزم داخل الأجل المحدد من خلال الفقرة الثانية من نفس المادة وفي هذا ضمانة للملزم وحماية له من تعسف وجور الإدارة الجبائية، إضافة إلى أنه من خلال مسطرة التصحيح العادية يتم اعتماد مسطرة التبليغ مرنة ومقيدة بتقنيات صارمة ومخولة لأجهزة مختلفة عكس القانون القديم الذي كان يقتصر على التبليغ بواسطة البريد المضمون وهو وسيلة أصبحت غير قادرة على مواكبة المستجدات الحالية في هذا المجال ولاسيما بالنظر إلى تطور العمل الإداري والإلكتروني في مختلف المجال المعاملات الإدارية والقضائية [46].

 

– الصعوبات التي تعترض عملية التصحيح العادية

إذا كان المشرع من خلال قانون 06-47 قد تجاوز الإشكالات التي كانت مطروحة على مستوى عملية التبليغ وذلك بتنصيصه صراحة لإجبارية اتباع الإجراءات الواردة في المادة 152 من نفس القانون ، إضافة إلى إسناده لمهام التبليغ إلى مأمورين محلفين، فإن عملية التصحيح العادية وإن كانت تدخل ضمن المساطر الجبائية المخولة للإدارة في حالة ثبوت إغفال الملزم لتقديم إقراراته أو تقديمها ناقصة وغير دالة على المادة الخاضعة للرسم فهي ومن خلال الآجال المحددة تبقى عرضة لصعوبات أننا التنفيذ والتطبيق الفعلي أخد بعين الاعتبار وضعية الملزمين الذين يجهلون هذه المسطرة الأمر الذي ينعكس على التعاون المطلوب أثناء هذه المرحلة لتسيير العلاقة بين جميع الأطراف .

ثالثا : المسطرة السريعة للتصحيح.

تتجلى في أحقية الإدارة الجبائية في تصحيح أسس الرسوم ذات الطابع الإقراري والناتجة عن التغيرات الواقعة على النشاط موضوع فرض الرسوم إما بسبب وفاة الملزم أو تفويت المقاولة أو تغيير شكلها القانوني أو الانقطاع عن ممارسة النشاط أو تسوية أو تصفية قضائية ، فما هي مراحل هذه المسطرة وما هي الصعوبات التي تعترضها

أ-مراحل المسطرة السريعة للتصحيح

إن القواعد الخاصة التي تميز مسطرة التصحيح العادية هي نفسها المطبقة والسارية المفعول عندما يتعلق الأمر بمباشرة إجراءات التصحيح في الحالات المحددة في المادة 156 من مدونة الجبايات المحلية، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك بالنسبة للمسطرة العادية سوف نتعرض لمراحل ومحطات الحوار بين طرفي  العلاقة الجنائية من خلال هذه المسطرة

*الإشعار المسبق :

£ إشعار الملزم بمسطرة التصحيح

إذا ما لاحظت الإدارة ما يستوجب القيام بتصحيح أساس فرض الرسوم[47] لآخر فترة نشاط غير مشمولة بالتقادم [48] وذلك في حالة وفاة الملزم أو تفويت مقاولة أو انقطاع عن مزاولة النشاط أو تغيير شكلها القانوني أو تسوية أو تصفية قضائية فتكون ملزمة بتبليغ أسباب التصحيحات وتفاصيل مبالغها المزمع القيام بها والأساس المعتمد لفرض الرسم إلى الملزم وذلك وفقا وتبعا لإجراءات التبليغ المحددة في المادة 152 من نفس القانون وفي هذا الصدد يمتلك الملزم أجل 30 يوما لتقديم جوابه على إشعار الإدارة والإدلاء بالإثباتات اللازمة .

£ جواب الملزم

الملزم عند تلقيه الإشعار المرسل إليه من طرف الإدارة الجبائية له أحد الأمرين :

إما عدم الجواب أو الجواب خارج الأجل القانوني الذي هو 30 يوما وفي هذه الحالة يتم فرض الرسم بصورة تلقائية ولا يمكن للملزم أن يقدم مطالباته  إلا وفق ما هو منصوص عليه في المادة 161 من مدونة الجبايات المحلية

وإما جواب الملزم داخل الأجل القانوني وذلك بقبول التصحيحات وفي هذه الحالة تنتهي مسطرة التصحيح ويتم تعديل الرسم وفق ما افترضته الإدارة ووافق عليه الخاضع للرسم ولا يمكن أن ينازع فيه من جديد أمام أية جهة إدارية معينة.

*الإشعار الثاني

 إذا تبين للإدارة ان الملاحظات المقدمة من قبل الملزم خلال الأجل السالف الذكر ( 30 يوما) لا تستند على أي أساس صحيح يتعين عليها وداخل أجل 60 يوما ( شهرين ) الموالية لتسلم جواب الملزم أن تبلغه وفقا لإجراءات التبليغ المحددة في المادة 152 أسباب رفضه الكلي أو الجزئي وكذا أساس فرض الرسم مع إخباره بالاحتفاظ بأحقيته بالطعن في الضرار الإداري أمام اللجنة المحلية للتقدير الضريبة داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ تسلم التبليغ الثاني، وتقوم بعدها الإدارة بفرض الرسوم باعتبارها الأسس المبلغة في ذلك التبليغ الثاني

£الجواب على الإشعار الثاني

إن الخاضع للرسم يتوفر على أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ تسلم الإشعار لتقديم الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة وعند عدم تقديم الطعن أمام اللجنة المذكورة داخل الأجل المذكور يصبح الرسم نهائيا ولا يمكن أن ينازع في ذلك إلا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 161 من نفس القانون .

 

ب-الصعوبات التي تعترض مسطرة التصحيح السريعة

يمكن الحديث عن الصعوبات التي تعترض عملية التصحيح السريعة المتبعة من قبل الإدارة الجبائية في مجال الإثباثات المشار إليها في المادة 156 من مدونة الجبايات المحلية فماذا قصد المشرع بالإثباتات؟ 

*مبدئيا الملزم عليه الإدلاء بما يفيد في حالة تفويت نشاط المؤسسة أو الانقطاع عن اسغلالها كعقد البيع في حالة التنازل عن المؤسسة للغير أو الشهادة الإدارية المسلمة من قبل السلطة المحلية في حالة الانقطاع لكن حتى مع توفر الملزم على ما يفيد انقطاعه عن استغلال المؤسسة أو تفويتها للغير هل ينهض هذا سببا كافيا لتبرير عدم الإدلاء بالإقرار بالتنازل أو الانقطاع؟ أغلب الملزمين وإن لم نقل جلهم لا يحترمون إجراء الإدلاء بالإقرار عن الانقطاع أو التفويت بخصوص المؤسسة موضع الرسم إنما يعمدون إلى توجيه رسالة إلى الإدارة المحلية يقوم بتضمينها تاريخ التنازل أو الانقطاع عن الاستغلال فهل يمكن أن تعتد الإدارة الجبائية بهذه الرسالة لتقوم مقام الإقرار والتعامل معها كما لو كان المعني بالامر أدلى بإقراره بالشكل القانوني إضافة إلى ذلك فالقانون أوجب احترام  شكليات الإدلاء بالإقرار كتاريخ الانقطاع ومبلغ  الإقرار وإن كانت الرسالة الموجهة من قبل الملزم تشير إلى تاريخ الانقطاع أو تفويت المؤسسة بدون نية أداء مبلغ الرسم فالملزم يرى في الرسالة مجرد إعلام الإدارة بذلك .

مهما يكن فالعون يتعين عليه اللجوء إلى المسطرة السريعة للتصحيح كيفما كانت الطريقة التي قدمت بها الإقرارات وذلك بإنجاز تصحيحات يشارك فيها المعني بالشكل الذي يخدم  مصالحه ومصالح الإدارة الجبائية

رابعا : مسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية

فرض الرسم بصورة تلقائية هي إمكانية أعطاها المشرع للإدارة للوقوف في وجه كل عصيان جبائي يصدر من الملزم يمتنع من خلاله عن الإدلاء بالإقرارات[49] وبذلك تصبح هذه الطريقة في ربط الضريبة أو فرض الرسم بمثابة جزاءات تحمي بواسطتها الإدارة ديونها من تهرب الملزمين .

فما هي مبررات ومسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية بصورة تلقائية وما هي النتائج المترتبة عنها ؟

1-مسطرة ومبررات الفرض التلقائي للرسوم

سنتعرض بخصوص هذه النقطة للإجراءات المتبعة بخصوص الفرض التلقائي للرسوم التي تقوم بها الإدارة وكذا المبررات التي تستند عليها في ذلك

أ-إجراءات فرض الرسم بصورة تلقائية

إن الفرض التلقائي للرسم إجراء أقره المشرع وقصد به تحميل الملزم مسؤوليته عن عدم التصريح والإدلاء بالإقرار ورتب على ذلك قبوله الضمني للتحديد المعتمد من طرف الإدارة خاصة وان الإدارة ملزمة بحكم القانون بإنذار الملزم بالإدلاء بتصريحه داخل أجل محدد وبأشعاره بالأسس التي ستعتمدها لتحديد الضريبة إذا لم يبادر بإيداع تصريحه .

فاللجوء إلى فرض الرسم بصورة تلقائية يكون في الحالة التي لا يدلي فيها الخاضع للرسم بإقراره أو قدمه ناقصا من بعض المعلومات اللازمة لوعاء وتحصيل الرسوم المشار إليها في المادة 149 من مدونة الجبايات المحلية 06-47 ومع ذلك لا يتم مباشرة هذا الإجراء من الإدارة إلا بعد أن تكون قد استنفدت كل الإجراءات التي نص عليها القانون وخاصة تبليغه وفق الكيفيات المحددة في المادة  في المادة 152 حيث تدعو الإدارة الملزم إلى إيداع إقراره أو إتمامه داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الموجهة إليه [50].

وعند عدم وضع الإقرار من قبل الملزم خلال هذا الأجل أو عدم تتميمه تعمل الإدارة على إخباره وإشعاره وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة  152 بالأسس التي قدرتها لفرض الرسم بصورة تلقائية إذا لم يودع أو يتمم إقراره داخل أجل ثان مدته 30 يوما من تاريخ تسلم التبليغ الثانية .

يلاحظ أن أساس فرض الرسم بصورة تلقائية يقدر بصورة انفرادية من طرف الإدارة الجبائية ويرتكز هذا التقدير على مجموعة من المعايير كالاعتماد على المبالغ المصرح بها خلال السنوات  السابقة أو تصريحات بعض الملزمين في وضعية مماثلة

والمشرع في إطار فرض الرسوم بصورة تلقائية استند على مجموعة من المبررات ، فما هي هذه المبررات وهل تنهض سببا معقولا لهذا الفرض التلقائي؟

ب-مبررات فرض الرسم بصورة تلقائية

إن لجوء الإدارة إلى التطبيق التلقائي للرسوم لا يعني بأي شكل من الأشكال تغييب دور الملزم إذا أن لجوء الإدارة لهذه الوسيلة لا يكون إلا في الحالة التي لم يقدم فيها الخاضع للرسم الإقرار الواجب عليه قانونا أو قدم إقرارا غير تاما تنقصه المعلومات الكافية لفرض الرسم وعدم استيفائه لكافة المعطيات ولكن ذلك لا يتم إلا بعد أن تكون الإدارة قد طلبت منه في إطار إخباره وقف الإجراءات المنصوص عليها في المادة 152 من قانون 06-47 مانحة إياه أجالا محددة قانونا لإيداع وإتمام إقرارته ، وبذلك لجوء الإدارة إلى الفرض التلقائي للرسوم ينسجم مع الضوابط التي تحكم العلاقة بينها وبين الملزم إذ تسعى الإدارة من خلال ذلك الإجراء إلى تحسين مواردها المالية عن طريق الإقرار بمبالغ مناسبة لكن دون أن يؤثر ذلك على مصلحة الملزم الذي هو أولا وقبل كل شيء أداة للتنمية المحلية وهدفا لها وعلى هذا الأساس تطرح على الملزم مسؤولية مساهمته في هذه التنمية عن طريق الإقرار بمبالغ معقولة مع منحه أجال مناسبة لذلك ، وعند عدم استجابته داخل كل الأجال المخولة له ، تعمد الإدارة إلى فرض أسعار تلقائية موقوفة التنفيذ إلى حين انقضاء الآجال للتقدم للإدارة بالإقرار إذن ماذا تنتظر الإدارة من الملزم الذي منحت له كل هذه الامتيازات وهي الملزمة بتغطية حاجيات وأوليات متعددة؟  من هذا المنطلق تعمد الإدارة الجبائية وفي إطار القانون إلى فرض الرسم بشكل تلقائي وهي على حق أمام سكوت الملزم خلال الآجال الممنوحة له فهو إذن إقرار ضمني لمصداقية الإجراء التي قامت به الإدارة

2-نتائج الفرض التلقائي للرسم

عندما لا يتم الجواب على الإشعار الأول والإشعار الثاني من طرف الملزم يتم فرض الرسم بصورة تلقائية بحيث لا يبقى أمام الملزم إن هو أراد الطعن في ذلك، إلا سلوك مسطرة المطالبات أمام الإدارة الجبائية بحيث أصبح فرض الرسم بصورة تلقائية كما لو كان هذا النوع من الرسوم ذو طابع إحصائي على اعتبار ان تقديره تم من طرف واحد وهو الإدارة الجبائية ولكن هل فرض الرسم بصورة تلقائية من طرف الإدارة الجبائية يسمح لها بتصحيح مبلغ الرسم التي تم فرضه بهذه الطريقة؟ القانون الجبائي المحلي الجديد ومن خلال المادة 160 خول للإدارة هذه الإمكانية مع احترام أجال التقادم الذي هو أربع سنوات ابتداء من تاريخ استحقاق الرسم .

والملاحظ أن المشرع رتب جزاءات سواء في حالة عدم الإدلاء بالإقرارات أو وضع الإقرار خارج الآجال أو في حالة عدم الإدلاء بالوثائق المحاسبية وحق المراقبة[51] وهي عبارة  عن غرامات إضافية ولا يمكن المنازعة فيها إلا وفقا لإجراءات المادة 161 من قانون  06-47 .

حيث أكدت الفقرة الأولى من المادة 134 من القانون أعلاه أنه في حالة عدم إيداع الإقرار أو إيداعه خارج الآجال تطبق على مبلغ الرسم المستحق زيادة قدرها 15% بالنسبة لكل إقرار ناقص أو يتضمن عناصر غير متطابقه  ما عدا إذا كانت العناصر الناقصة أو غير المتطابقة لا تؤثر على أساس تصفية الرسم أو استخلاصه ولا يمكن ان يقل مبلغ كل زيادة من الزيادات السالفة الذكر عن 500 درهم[52].

كما أكدت المادة 159 من نفس القانون في إطار فرض الرسم بصورة تلقائية في حالة مخالفة الأحكام المتعلقة بالإدلاء بالوثائق المحاسبة وحق المراقبة إذ في حالة عدم التزام الملزم بالإشعار الأول والثاني الموجه إليه من قبل الإدارة بضرورة تقديم الوثائق المحاسبية فهي تخبره وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 152 لتطبيق غرامة عليه قدرها 500 درهم مع منحه أجل إضافي مدته 15 يوما للتقيد بالالتزامات أو تبرير عدم وجود محاسبة وإذا لم يبرر ذلك تفرض عليه غرامة تهديدية قدرها 100 درهم على كل يوم تأخير دون أن تتعدى ألف درهم وبالتالي نستشف أن طبيعة الإقرار المقرر من قبل المشرع والمخول للملزم في مختلف الرسوم المحلية لا يشكل بأي حال من الأحوال ضمانا وحماية للموارد المالية الناتجة عنها، وتتحلل المدونة الجبائية المحلية الجديدة عدة مواد تقر بجزاءات في حق عدم الإقرار إضافة إلى ما ذكر سابقا .

وعلى كل حال فإن التظلمات النزاعية أو الاستعطافية كما سبق استعراض إجراءاتها والمساطر المتبعة بشانها تتسم بمجموعة من الامتيازات كما تشكو نفس الوقت من بعض السلبيات ، ويمكن إجمال الإيجابيات فيما يلي :"

+تكريس مبدأ الحوار بين الإدارة والملزم  أي أن المطالبات تساعد على خلق حوار مباشر بين طرفي العلاقة الجبائية ومن خلاله  تتم معرفة دليل  طرف قبل نشر النزاع أمام القضاء المختص .

+ترسيخ المراقبة الداتية للإدارة الجبائية، معناه إعطاء فرصة للإدارة للقيام بمراقبة ذاتية لنشاطها حيث تمكنها من تدارك الأخطاء التي ارتكبتها وتنصف الملزم الذي تضرر من جراء تلك الأخطاء دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء خصوصا وأن أغلب التظلمات تكون إما بسبب فرض متكرر للرسوم أو نتيجة أخطاء تشوب أوامر التحصيل [53].

+تخفيف العبء والضغط على القضاء والحيلولة دون إغراقه بالقضايا الجبائية

+تحديد الأجهزة المكلفة بالنظر في التظلمات التي تستهدف إسقاط الرسم أو التحفيظ من مبلغه وتوسيع قاعدة الأجهزة المركزية أو اللامركزية المختصة بالنظر في التظلمات الاستعطافية والتي كرس القانون الجديد قاعدة عدم خضوعها للأجل الزمني [54]

وبالرغم مما ذكر فإن المطالبات كوسيلة لتصريف العديد من النزاعات  الجبائية والحيلولة دون وصولها إلى القضاء إلا أنها لا تخلو من سلبيات وعوائق تحد من فعاليتها في حل كل المنازعات .

ويمكن إجمال هذه العوائق فيما يلي :

+بطء إجراءات التخفيف واتخاذ القرارات وذلك بالنظر إلى كثرة التظلمات التي ترفع إلى الإدارة الجبائية ، وهذه التظلمات تتزايد سنة بعد أخرى ، وطبعا فمعالجة كل هذه الملفات والتحقيق في مدى جدية الأسباب التي تستند عليها يحتاج إلى وقت كبير مما يؤدي إلى تراكم عدد هذه الملفات بدون تسوية .

+الإدارة الجبائية خصم وحكم: من خلال الإجراءات المتبعة بشأن التظلمات يتبين أن الإدارة الجبائية حكما وخصما في نفس الوقت فالملزم يشتكي للإدارة نفسها وبالتالي فإنه غالبا ما يكون في موقف ضعيف أمام الإدارة التي تتوفر على الوسائل القانونية والمادية لتفنيد إدعاءاته .

+الطابع غير التواجهي لمسطرة التظلم: فعكس مسطرة التصحيح العادية أو السريعة التي تتميز بطابعها التواجهي والحواري بين الملزم والإدارة الجبائية فإن هذه الميزة لا تنسحب على مسطرة التظلم الإداري حيث أن دور الملزم يقتصر فقط على تقديم شكاية للإدارة الجبائية لينتظر بعد ذلك اتخاذ هذه الأخيرة لقراراها

عدم تأجيل استخلاص الرسوم فكما هو منصوص عليها في المادة  161 من قانون 06 – 47 المتعلق بالجبائية المحلية أن تقديم المطالبات لا يوقف إجراءات التحصيل وهو الأمر الذي أكدته المادة 117 من مدونة التحصيل العمومية فإنه وكنتيجة لذلك فالملزم يصعب عليه تقبل القاعدة المتداولة في الوسط الشعبي" ادفع واشكي" أو " خلص واشكي " خصوصا حينما يعتقد أن مبالغ الرسوم المفروضة يفوق مقدرته التكليفية أو فرض خطأ[55] وحتى إن استجاب لقرار الإدارة وقام بتأدية مبلغ الرسم موضوع الطعن  الإداري واستجابت الإدارة لطلبه، فإنه يجد صعوبة لاسترداد ذلك المبلغ نظرا لتعقيدات إجراءات الاسترجاع وثقلها .

 

 

المبحث الثاني :  التظلم اللجاني

يندرج إنشاء اللجان المحلية لتقدير الضريبة[56] في إطار إشراك المكلفين في نشاط الإدارة الجبائية الهادف إلى إيجاد تعاون وثيق بين الخاضع للضريبة والإدارة كما أن إحداث هذه اللجان جاء على غرار ما هو معمول به على مستوى ضرائب الدولة وكذا باقي التشريعات المقارنة، من أجل توفير ضمانات جديدة للملزم في مواجهة الإدارة الجبائية [57]

فعندما لا يتم التوصل إلى حل للنزاع الجبائي في إطار المسطرة التواجهية للتصحيح يمكن اللجوء إلى تحكيم اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي تتولى النظر في المنازعات المعروضة عليها وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون[58]،وداخل الآجال القانونية ، ويتم اللجوء إليها من طرف الملزم الذي يخوله القانون إمكانية تحريك مسطرة الطعن أمامها فحق الملزم في التوجه إلى هذه اللجان حق عام لا يحد منه سوى احترام الإجراءات المسطرية وكذا اختصاص تلك اللجان المحلي والنوعي .

وتدخل اللجان المحلية لتقدير الضريبة ضمن مختلف الأجهزة التي تسمح للملزمين بفرض احترام حقوقهم في مواجهة إدارة همها الوحيد هو تنمية مواردها كما تهدف ( أي اللجان) إلى حماية الملزم في إطار تطبيق الإجراءات الدقيقة لمسطرة الفحص بتصحيح مفهوم القانون وإحلال مفهوم العدالة أو التوفيق بينهما أو البحث في مدى التطبيق الصحيح للقاعدة القانونية على الوقائع المتنوعة باختلاف النشاط المهني والمعطيات الاقتصادية التي تتحكم فيها [59]، فإلى أي حد استطاعت اللجان سواء في تسميتها السابقة أو الحالية فحسم النزاعات الجبائية قبل اللجوء إلى القضاء؟ وهل مكوناتها وطبيعتها التداولية تخول لها إمكانية التوفيق بين مصالح طرفين متعارضين ( الملزم الإدارة)؟ وهل قراراتها تكون إلزامية وتكتسي صبغة قوة الشيء المقضي به ؟ ذلك ما سنراه من خلال معالجة الهيكلة والاختصاص للجان المحلية لتقدير الضريبة في إطار قواعد رفع المنازعة أمامها في ( مطلب أول) ثم دراسة المسطرة المتبعة في عملية تقديم الطعون أمام هذه اللجان والآثار المترتبة عن قرارتها .

المطلب الأول : قواعد رفع النزاع أمام اللجنة

فبإحداث المشرع للجنة المحلية لتقدير الضريبة يكون قد عمل على تعزيز الضمانات المخولة للملزم في مواجهة جبروت الإدارة، كما توخى إقامة نظام جبائي محلي متكامل ومتناسق بين كل المتدخلين في عمل اللجنة،وعليه سنتعرض من خلال هذا المطلب إلى تشكيل وتأليف هذه اللجان في فقرة أولى ثم طبيعة الاختصاصات المخولة لها للنظر في الطعون الجبائية في فقرة ثانية .

الفقرة الأولى : تشكيل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة

قبل التطرق لكل الأطراف المشكلة للجنة سوف نتطرق لطبيعتها القانونية

أولا : الطبيعة القانونية للجنة

من خلال تفحص الأجهزة المكونة للجنة المحلية لتقدير الضريبة يمكن أن نتساءل حول طبيعتها القانونية هل هي ذات طبيعة إدارية أم هيئة قضائية ام هيئة إدارية ذات صبغة قضائية؟

بالنظر إلى إسناد رئاسة اللجنة إلى قاضي وترجيح الجانب الذي ينتمي إليه في حالة تعادل الأحوال [60] نستطيع إضفاء الطابع القضائي على عمل اللجنة أي اعتبارها بمثابة هيئة قضائية إلا أننا نعوذ ونستبعد ذلك بالنظر إلى ان هذه اللجنة لا تخضع لإجراءات التقاضي كما هي متعارف عليها في قانون المسطرة المدنية من منطلق أن مقرراتها يتم الطعن فيها أمام القضاء أما إذا اعتبرنا هذه اللجنة بمثابة هيئة قضائية بمعنى ان المقررات الصادرة عنها لا يتم الطعن فيها أمام القضاء بل يتم استئنافها أمام المحاكم المختصة، وبالتالي تصبح هذه اللجنة محكمة من الدرجة الأولى، وهذا تأويل ضد إرادة المشرع هذا الأخير الذي لم يمنحها الحق في تفسير النص القانوني[61] في الوقت الذي منح فيه ذلك للقضاء بل أنه اعتبر الأحكام القضائية الغير المعللة أحكاما باطلة يضاف إلى ذلك أن قرارات اللجنة لا تحوز قوة الشيء المقضي به ، بحيث يكون للأطراف حق الطعن في مقرراتها أمام القضاء [62]

وانطلاقا مما سبق تستطيع أن تعتبر هذه اللجنة هيئة إدارية ذات طابع خاص بالنظر إلى تشكيلها وكذا على مستوى رئاستها التي تسند لقاضي

ثانيا : هيكلة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة

عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 157 من قانون 06 – 47 المتعلق بالجبائية المحلية ، نجد أن اللجان المحلية لتقدير الضريبة تتكون من الاجهزة التالية :

1-قاضي رئيسا : جرت العادة أن يكون قاضيا ممارسا بالمحكمة الابتدائية يتم اختياره من قبل رئيس المحكمة لينوب عنه في تولي رئاسة اللجنة، وقد كان اسناد مهمة رئاسة اللجنة إلى قاضي من المحكمة الابتدائية التي يقع مقر اللجنة بدائرة نفوذها من أهم التعديلات التي جاء بها الإصلاح الجبائي من خلال قانون 06-47[63] ونعتقد أن الاختيار كان موفقا لكونه يكرس استقلالية اللجنة عن الإدارة الجبائية إضافة إلى أن من شأن ذلك أن يعزز ثقة الملزمين في عمل اللجنة  ويبعث على اطمئنانهم لما يتميز به الجهاز القضائي من استقلالية وكفاءة وحياد، ولكي يقوم القاضي بالدور المنوط به يشترط فيه أن يكون ملما بالميدان الجبائي المحلي إلماما كاملا خصوصا وأن دوره لا ينحصر فقط في بتسيير أعمال هذه اللجان بل إنه يدلي بصوته في القضايا التي تعرض أمامها وفي أحيانا كثيرة يكون صوته مرجحا لجهة ما على حساب أخرى في حالة تعادل الأصوات .

وفي رأينا وبعد إحداث المحاكم الإدارية كقضاء متخصص بالنظر في المنازعات ذات الطبيعة الإدارية والجبائية وبحكم توفر قضاتها على تخصص في المجال الجبائي سواء الضرائب الوطنية منها أو الرسوم المحلية ، فإن الوقت مناسب لاسناد رئاسة اللجان المحلية لتقدير الضريبة إلى قاضي تابع لهذه المحاكم في دائرة نفوذ مقر اللجنة [64] ونعتقد أنه إذا تم ذلك فإن الأمر سيعزز دور هذه اللجان في إيجاد الحلول المناسبة للعديد من المنازعات وإقبارها في مهدها دون الوصول إلى القضاء رغم ما يعترض هذا الأخير من صعوبات وإكراهات ولاسيما على مستوى التقسيم المتعلق بالمحاكم الإدارية وكذا قلة الموارد البشرية المتوفرة عليها وضعف التكوين في المادة الجبائية [65].

2/ممثل لعامل العمالة أو الإقليم :

بخصوص هذه العضوية ،أول ملاحظة يمكن تسجيلها على المشرع من خلال المادة 157 ( فقرة 2) من قانون 06-67 المتعلق بالجبائية المحلية ، هو عدم تنصيصه بخصوص تحديد صفة ودرجة الموظف الذي ستوكل إليه تمثيل العامل في أشغال اللجنة إلا أنه ومن خلال معاينة الواقع العملي فإن هذا الممثل غالبا ما يكون منتميا إلى القسم الاقتصادي والاجتماعي للعمالة،وكنتيجة لذلك فإن التساؤل الذي سيطرح في هذا الإطار يتعلق بالجهة التي سيدافع عنها هذا الممثل بالنظر إلى حضور ممثل عن المصالح الجبائية التابعة للجماعات المحلية الذي قد يكون له إلمام بطبيعة الجبائية المحلية ويتولى الدفاع عن مصالح الإدارة على أحسن وجه، وبالتالي فالأمر قد لا يعدو تزكية من ممثل العمالة لمواقف الإدارة الجبائية. وإلا التنصيص صراحة على طبيعة هذا الممثل وتحديد مجالات اشتغاله ودوره في كل أطوار أعمال هذه اللجان .

3-ممثل للمصالح الجبائية المحلية :

يقوم هذا الممثل بمهمة الكاتب المقرر وبهذه الصفة يقوم بإعداد وتلاوة تقرير عن الملف مستعرضا أهم إشكالات المطروحة إضافة إلى قيامه بتوجيه الاستدعاءات باسم رئيس اللجنة سواء إلى أعضاء اللجنة أو الملزمين، وباختصار فهو يقوم بمهام كتابة ضبط اللجنة إضافته إلى مشاركته في مناقشة الملف والإدلاء بملاحظاته والمشاركة في التصويت باعتباره عضو من أعضاء اللجنة، ويبدو أن هذه المهام بحكم تعددها وتنوعها أن ممثل المصالح الجبائية للجماعات المحلية لا يمكن الاضطلاع بها بالشكل المطلوب مما يستوجب فصل مهام الكتابة والتقرير عن مهمة الدفاع عن موقف الإدارة الجبائية [66]، بالإضافة إلى التنصيص على درجة ورتبة هذا الممثل والتأكيد على إنشاءه إلى أجهزة الإدارة الجبائية المحلية قصد وضع عمل اللجنة في الإطار الهادف لتحقيق علاقة توازن بين متناقضات ومصالح أطراف العلاقة الجبائية المحلية .

4-ممثل للملزمين التابعين للغرف المهنية:

 يعتبر حضور ممثل الملزمين من بين أهم الضمانات التي من شأنها المساهمة في تعزيز حقوق هؤلاء ويقع تعيين الملزمين وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 157 من مدونة الجبائية المحلية ( 06-47) والمتمثلة في الآتي :

*فيما يخص الطعون التي تهم الملزمين الذين يزاولون نشاط تجاريا أو صناعيا أو حرفيا أو فلاحيا ، يعين عامل العمالة أو الإقليم المختص الممثلين الرسميين ومثل عددهم من الاحتياطيين لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الذاتيين المدرجين في القوائم التي يقدمها رؤساء غرفة التجارة والصناعة والخدمات وغرفة الصناعة التقليدية وغرفة الفلاحة وغرفة الصيد البحري قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعينين في حظيرة اللجنة المحلية.

بالنسبة للطعون التي تهم الملزمين الذين يزاولون مهنا حرة، يعين عامل العمالة أو الإقليم المعني بالأمر ممثليهم الرسميين والاحتياطيين لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الدائنين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا[67] والواردة أسماؤهم ضمن اللوائح التي تقدمها المنظمات المذكورة خلال نفس الآجال الخاصة بالفئة الأولى أعلاه (أنظرالملحق ، قرار عاملي رقم 1 / قسم الجماعات المحلية يعين بموجبه ممثلي أعضاء المهنية ).

وتجدر الإشارة إلى أن تعيين ممثلي الفئتين يجب أن يتم قبل فاتح يناير من السنة التي تبتدئ خلالها مهامهم في حظيرة اللجان المحلية، ويترتب عن كل تأخير في تعيين هؤلاء الممثلين تمديد فترة الممثلين المنتهية مهامهم لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وفي حالة استحالة تعيين الممثلين الجدد بعد انتهاء هذه الفترة وجب إخبار الملزم بذلك وفقا للإجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 152 من نفس القانون ويجوز له في هذه الحالة أن يقدم إلى رئيس المصلحة الجبائية التابعة للجماعة المحلية التابع لها مكان فرض الرسم داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ تسلم الرسالة موضوع الإشعار . طلبا يلتمس من خلاله المثول أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة مؤلفة فقط من رئيسها وممثل عامل العمالة أو الإقليم ورئيس المصلحة الجبائية التابعة للجماعة المحلية .

وفي نفس السياق يمكن للجنة أن تضيف إلى تشكيلتها فيما يخص كل  قضية خبيرين اثنين على الأكثر تعينهما اللجنة من بين الموظفين أو الملزمين ويكون لهما صوت استشاري وتستمع اللجنة إلى ممثل الملزم إذا طلب ذلك أو إذا رأت أنه من اللازم الاستماع إليه [68].

ونستشف من خلال ما سبق أن وجود ممثل  للملزمين ضمن هيكلة الجان المحلية لتقدير الضريبة من شأنه أن يضفي نوعا من التوازن على قراراتها ، وإن كان هذا يتطلب أن يكون الشخص المعين في المستوى المطلوب وعلى إدراية تامة ليس فقط بالقطاع الذي يمثله بل كذلك بالتنقنيات الجبائية، مما يفرض تعيين أشخاص لهم كفاءة في مستوى المطلوب باستطاعتهم الدفاع عن مصالح من يمثلونهم على أحسن وجه، ولما لا اعتماد طريقة الانتخاب لعضوية اللجنة بدل طريقة التعيين من قبل السلطة المحلية، تماشيا مع تكافؤ الفرص واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب ( أنظر الملحق رقم 1).

الفقرة الثانية : اختصاص اللجن المحلية لتقدير الضريبة

بموجب المادة 157 من قانون 06-47 المتعلق بالجبائية المحلية أصبحت اللجان المحلية لتقدير الضريبة هي المختصة في جل النزاعات والنظر في المطالبات المتعلقة بالرسوم المشار إليها في المادة 149 من نفس القانون.

طبيعي أن الإدارة الجبائية لا تملك حق الامتناع عن رفع النزاع إلى اللجان المحلية لتقدير الضريبة للنظر في الطعون الضريبية بدعوى أنها غير مختصة، فمثل هذا الدفع لا يعتد به طالما أن الملزم رغب في ذلك بطلب وصفة قانونية وداخل الأجل القانوني الذي يسمح له بالطعن لأن امتناع الإدارة عن الاستجابة لطلب الملزم بتوجيه النزاع إلى جهة معينة يؤدي إلى بطلان مسطرة فرض الضريبة أو الرسم كما أن اللجنة تبقى صاحبة الصلاحية للنظر فيما إذا كانت مختصة في النزاع المعروض عليها من عدمه، بحيث أن تفادي الإدارة الجبائية التفاوض مع الملزم والاستجابة لطلبه إذ كانت تبرره الحيلولة دون بطلان مسطرة فرض الرسم من جهة وكذا خلق جو من الثقة بين الإدارة والملزم من جهة ثانية ، إلا أن هذه المبررات تبقى عرضة لبعض المآخذ، فخلق جو من الثقة بين الإدارة والملزم لا يقوم على الاستجابة لمطالب الملزم بتوجيه نزاعه إلى جهة ترى الإدارة أنها غير مختصة إذ أن ذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية من شأنها خلق نوع من انعدام الثقة بين أطراف العلاقة الجبائية المحلية مع العلم أن المسؤولية تقع على الإدارة بخصوص تنوير الملزم وتوجيهه توجيها سليما .

ومن خلال المواد 155 و 156 من نفس القانون أوجب المشرع على المأمور المعين من قبل الأمر بالصرف عند تلقيه لملاحظات الخاضع للرسم داخل الأجل المحدد ورأى أن بعضها أو جميعها لا يستند على أساس صحيح ، تبليغ الخاضع للرسم داخل أجل 60 يوما من تاريخ تسليم الجواب أسباب رفضه الجزئي أو الكلي ومبلغ الرسم الذي يرى من الواجب اعتماده مع إخباره بأن هذا المبلغ سيصير نهائيا إذا لم يقدم طعنا في ذلك أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ التبليغ، من هنا يتبين أن المشرع أصاب عندما قام بتعيين هذه اللجان حيث أن الإدارة الجبائية ملزمة من خلال الآجال المحددة بالحسم في النزاعات مع الملزمين وفي هذا الصدد لا يمكن تصور أطراف العلاقة التنازعية في الميدان الجبائي بصفة عامة على أنها علاقة عدائية أو علاقة خصوم [69].بل خصوصيات هذه العلاقة تسمو عن تلك التي تربط أطراف الدعوى في غيرها من المنازعات إذ ليس من مصلحة الإدارة تضليل الملزم وتوجيهه وجهة غير صائبة فالإسراع  بحل النزاعات إجراء يخدم الملزم كما يخدم الإدارة حتى يستنى لها استخلاص مستحقاتها الضريبية لتغطية نفقاتها المتزايدة مع بقاء علاقتها سليمة مع الملزم الجبائي [70]

وانطلاقا من النص القانون ( المادة 157 من قانون 06-47) فاختصاص اللجان المحلية لتقدير الضريبة  يتمحور حول الاختصاص المحلي ( أولا) والاختصاص النوعي ( ثانيا).

أولا : الاختصاص المحلي (المكاني) :

 رغبة من المشرع في تقريب الإدارة من المواطن ، ومواكبة منه للتقسيم الإداري، ودعما لللامركزية الإدارية ، ثم إحداث اللجان المحلية لتقدير الضريبة للنظر في المطالبات والنزاعات الجبائية المطروحة على المستوى المحلي .

وتختص هذه اللجان بالنظر في الطعون التي يقدمها الخاضعون للرسم والتي يوجد مقر سكناهم الرئيسي أو المقر الاجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية داخل دائرة اختصاصها ، كما أن اختصاصها يتجلى في البت في المسائر الواقعية دون القانونية [71]

إن تحديد المشرع على سبيل الحصر للأشخاص الدين لهم حق الطعن أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة واقتصارها على البت في المسائل الواقعية دون المسائل القانونية يثر أكتر من ملاحظة .

فالمشرع في المادة 157 جعل اللجان المحلية لتقدير الضريبة تختص بالنظر في الطعون التي يقدمها الملزمون وذلك عندما يوجد الطاعن بدائرة اختصاصها أحد العناصر التالية :

–       مقر السكن الرئيسي للطعن.

–       المقر الاجتماعي للطعن

–       المؤسسة الرئيسة للخاضع للرسم .

طبيعي أن تعداد المشرع لهذه الحالات جاء على سبيل الحصر لا المثال ، بمعنى أنه لا يمكن إدراج أية حالة تخرج عن هذه الحالات ، التي بدورها نسجل بعض الملاحظات بشأنها :

1*- فبالنسبة لمقر السكن الرئيسي للطاعن ، يطرح الإشكال مبدئيا في تحديد اللجنة الموجودة بالعمالة لعرض النزاع المفترض أمامها ، إن هذا الإشكال لا نجد له حل ضمن القانون الحيائي الجديد ولكن بالتمعن في بعض مقتضيات قانون التعمير سواء القانون 04.04.أو التعديلات التي أدخلت عليه ، قد نجد ما يشير إلى سد هذا الفراغ في الجانب المتعلق بالتجزئات التي تنجز الأشغال المتعلقة بها موزعة على أقساط ،إذن يمكن أن يؤذن لصاحب التجزئة في إنجاز تجهيز تجزيئة على أقساط وذلك وفق مجموعة من الشروط منها تمويل أقساط الأشغال والضمانات المقدمة لتأمين ذلك ،  ( الكفالات سواء شخصية أو بنكية ) والتي تكون محل مخابرة مع صاحب المشروع أو العنوان الذي يمكن بواسطته الإتصال به [72].

2- أما بالنسبة للمقر الإجتماعي للطاعن : لنفترض أن أرضا ستقام عليها  تجزئة عقارية ، وأن هذه الأرض توجد بمدينة وجدة ، في حين أن المقر الإجتماعي للمؤسسة صاحبة المشروع يوجد بمدينة الدار البيضاء ، وعلى افتراض حصول نزاع في الموضوع ، النزاع طبعا سيعرض على أنظار اللجنة الموجودة بالعمالة الموجودة بها مقر النزاع وهي في مثالنا إحدى العمالات الموجودة بمدينة الدار البيضاء حسب موقع المقر الإجتماعي ، هذه الصورة ستطرح مشاكل على أكتر من وجه.

إذ بموجب هذا الإختصاص فالإدارة الجبائية ملزمة بالتنقل في شخص ممتلها من مدينة وجدة إلى الدار البيضاء، وهذا جد مكلف ولا يخدم مبدأ تقريب الإدارة من المتقاضين كما أن طول المسافة فد يتطلب وقتا لوصول المراسلات وملف النزاع مما يؤثر على الأجل الذي يتقيد به الأطراف وهو شيء حاسم في مثل هذه المنازعات .

ثم أن اللجنة التي ستنعقد للنظر في هذا النزاع أعضاؤها ومكوناتها هم غرباء عن موضوع النزاع خاصة بالنسبة لممثلي الملزمين مثلا عندما يتعلق النزاع بمبلغ الرسم المفوض على عمليات التجزئة ( المادة 149-قانون 47.06) لأن المقاولين يوجدون بمدينة الدار البيضاء ، وبذلك يكون هذا الرأي فيه حيف سواء لعالم الإدارة الجنائية أو ضدها[73].

لهذه الإعتيارات السابقة يبقى أن عرض النزاع أمام اللجنة الموجودة بالعمالة التي توجد بها الأرض المقامة عليها تجزئة في حالة تعلق النزاع بمبلغ الرسم على عمليات التجزئة حلا صائبا ويمكن من تجنب كل المشاكل التي سبق التطرق إليها ، إذ كيف يعقل أن يكون نزاع في مبلغ الرسم على عمليات التجزئة يتعلق بتجزئتين مجاورتين ويعرض النزاع على لجنتين عماليتين مختلفتين ، وقد تصدر عنها مقررات مختلفة ومتناقضة بالرغم من وحدة الموضوع وجوار المشروع .

تانيا : الاختصاص النوعي :

بالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 157 من قانون 47.06 المتعلق بالجبائية المحلية نجدها تنص على أنه " تبث هذه اللجان في النزاعات المعروضة على أنظارها ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير فصوص تشريعية أو تنظيمية " ، معناه أن صلاحية اللجان المحلية لتقدير الضريبة تنصب فقط على المسائل الواقعية دون المسائل القانونية المتعلقة بتفسير النصوص القانونية تشريعية كانت أو تنظيمية.

واقتصار المشرع على جعل مجال نظر هذه اللجان في النزاع المعروض أمامها لا يخرج عن مجال الواقع دون غيره مما يرتبط بالمسائل القانونية التنظيمية أو التشريعة، كما هو منصوص عليه سواء في قانون 89. 30 أو 47.06، المتعلقتين بالجباية المحلية، جعل بعض المهتمين [74]يعتبرون ذلك لم يعد له مبرر في الوقت الحاضر بدليل أن هذه اللجان يرأسها قاض وبالتالي يكون من الطبيعي أن تملك القدرة على البت والنظر في كل ماله علاقة بتفسير القانون ،رغم أن هذا القاضي بصفته رئيس اللجنة لا يملك إلا صوتا داخلها إلى جانب بقية الأعضاء الذين لهم إلمام بالمسائل القانونية.

إذا كانت اللجان المحلية لتقدير الضريبة لا ينعقد لها الاختصاص عندما يتعلق الأمر بتفسير مقتضيات قانونية تشريعية أو تنظيمية فإنها تبقى مختصة بتطبيق القانون عندما يتعلق الأمر بمسألة واقع حيث ينعقد لها الاختصاص ، وكمثال على ذلك . كأن يطعن شخص أمام اللجنة بأن الرسالة أو الإشعار الذي توصل به معيب شكلا ومضمونا أو أنه حرم من حضور مسطرة التسوية أمام رئيس اللجنة لعدم توصله بالإشعار ، لكن الإدارة الجبائية تمسكت بالعكس ، في هذه الحالة على الإدارة إثبات أنها بعثث بالإشعار طبقا لمقتضيات المادة 152 من قانون 47.06 المتعلق بالجياية المحلية ، واللجنة بتعقد لها الاختصاص للبت والتأكد من واقعتي التبليغ والتوصل بصفة قانونية لتعلق الأمر بمسألة واقع ، إذن فنظر اللجنة في واقعتي التبليغ والتواصل لا علاقة له بتفسير مقتضيات قانونية تشريعية وتنظيمية التي لا ينعقد للجنة الاختصاص بشأنها لكن هل يمكن لهذه اللجنة تقرير إرجاع المنازعة إلى الإدارة الجبائية بناءا على طلب أحد الأطراف ؟

إن مثل هذه الإجراءات لا يمكن للجنة النظر بشأنها لتعلقها بمسائل قانونية خارجة عن نظاق اختصاصها وذلك ما قصده المشرع عندما حرم على اللجنة النظر في مثل هذه الحالات .وفي إطار الاختصاص النوعي للجان المحلية لتقدير الضريبة يكون من المفيد إبراز المسائل التي تعرض على هذه اللجان أي تنقل إليها المسائل التي كانت مطروحة في المرحلة الأولية بين مصلحة الجبايات والملزم ؟ أم فقط المسائل التي لم يتم الإتفاق بشأنها ؟ أم مسائل أخرى جديدة ضمنها الملزم لطلبه أو الإدارة لملفها لم تكن مطروحة في المرحلة الأولية لتأسيس الرسم ؟ إن الإجابة عن ذلك رهينة بالتطرق إلى الحالات التي تعرض على اللجان المحلية لتقدير الضريبة للنظر فيها ومنها :

1-في حالة اتفاق سابق بين الإدارة والملزم على عدد من التصميمات في سياق الدعوى ، فالملزم لا يمكن المنازعة في أشياء سبق وأن قبلها في إطار تسوية حبية بينه وبين الإدارة الجبائية.

2-حينما يتعلق الأمر بخلاف حول رسم ثم قرضه دون أن تكون مسطرة التصميم قد اتخدت مسبقا ،ذلك أن اللجوء إلى اللجان المحلية لتقدير الضريبة لاشك أنه مسبوق بمجموعة من المراحل الواجب سلوكها سواء بالنسبة للإدارة أو الملزم قبل عرض الزاع على تلك اللجان.

3-حين يفرض الرسم تلقائيا على الملزم نتيجة خطأه الشخصي لعدم جوابه داخل الأجل القانوني على الإشعار الأول أو على الإشعار الثاني في إطار تطبيق مساطر التصحيح العادية أو السريعة ،وتطرح هذه الحالة عند عدم وضع الاقرار من طرف الملزم وتوصله بكل الإشعارات ولم يجب ، إذ في هذه الحالة يتم فرض الرسم بصورة تلقائية ولايمكن للملزم المنازعة في ذلك إلا بالطعن أمام القضاء ، ولكن بعد أن يكون قد سلك طريق طلب المراجعة .

المطلب 2 : المسطرة المتبعة في تقديم الطعون أمام اللجان المحلية لتقدير

الضريبة والآثار المترتبة عن مقرراتها.

أن اللجوء إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ليس مفتوحا لجميع الملزمين بالجبايات المحلية وإنما فقط لأولئك الذين احترموا سلوك المساطر الجبائية التي سبقت الإشارة إليها مند بدايتها أي مند تسلم الرسالة الأولى للتبليغ المتعلقة بالتصحيح .

والمشرع من خلال المادة 157 من قانون رقم 47.06 نجده قد أحاط اللجوء إلى اللجن المحلية لتقدير الضريبة بمجموعة من الشروط والأجال التي يتعين على الملزم احترامها لقبول طلبه كما حدد مجموعة من الشكليات والإجراءات التي يتعين على اللجنة سلوكها قبل البت في النزاع المعروض عليها

ولمعالجة ذلك سنتعرض إلى المسطرة المتبعة في تقديم الطعن أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة ( فقرة أولى) ثم إلى الآثار المترتبة عن مقرراتها في فقرة ثانية

الفقرة 1: مسطرة تقديم الطعن أمام اللجنة

من خلال هذه الفقرة سنتناول شروط وآجال اللجوء إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ( أولا ) ثم إلى طرق عملها (ثانيا) وأخيرا إلى طبيعة مقرراتها (ثالثا) .

أولا : شروط وآجال اللجوء إلى اللجان المحلية لتقدير الضريبة

لقد اشترط المشرع المغربي أن يبادر الملزم إلى تقديم طعنه أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل أجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ تسلمه رسالة التبليغ الثانية دون أن يكون عليه الإنتظار إلى حين صدور جداول تحصيل الرسوم ، سواء تعلق الأمر بمسطرة التصحيح العادية أو المسطرة السريعة كما هو منصوص عليه في المواد 155و156 من قانون رقم 47.06 المتعلق بالجباية المحلية ويستشف من ذلك أن المشرع اشترط لقبول الطعن أمام اللجن المحلية لتقدير الضريبة التقيد بشرطين أساسيين .

1-    توجيه عريضة الطعن إلى رئيس اللجنة

فالملزم لكي يقبل طعنه عليه أن يوجهه إلى اللجنة في صورة عريضة وهذا يعني الاستغناء عن وساطة الإدارة الجبائية في شخص الأمر بالصرف لأن من شأن هذه الوساطة خلق مجموعة من المشاكل والتعقيدات وهذا الإجراء يعكس حجم الضمانات التي أعطاها المشرع للملزم في عرض نزاعه بكامل الحرية إذ لا يعقل منطقيا أن يمر الطعن الموجه من طرف الملزم ضد الإدارة الجبائية عبر وساطة الامر بالصرف وهو الخصم العنيد في هذا النزاع الجبائي[75].

والملاحظ أيضا من خلال قانون الجبايات المحلية الجديد رقم 06-47 أن المشرع ومن خلال المادة 157 من نفس القانون لم يحدد ولم يشر إلى البيانات الأساسية التي يجب أن تتضمنها العريضة الموجهة إلى اللجنة غير أنه بالرجوع إلى القواعد العامة المتعارف عليها في المراسلات الإدارية فيتعين أن تحمل العريضة توقيع الملزم بالإضافة إلى الشكليات المتعلقة بالمراسلات التي تربط الملزم بالإدارة الجبائية .

2: أن يكون الطعن داخل أجال محددة

 يتبين من خلال المواد 155 و 156 المتعلقة بالمساطر الجبائية سواء العادية أو السريعة ، أن الملزم وفي حالة عدم جوابه على رسالة التبليغ الثانية من أجل تصحيح الرسوم الجبائية يملك حق 30 يوما لتقديم طعنه أمام اللجن المحلية لتقدير الضريبة .

نستشف من ذلك أن أجل 30 يوما المخول للملزم من أجل الطعن في القرارات الجبائية الصادرة عن الإدارة بخصوص مسطرتي التصحيح العادية والسريعة هو أجل معقول وكاف للملزم في ممارسة حقه في الطعن في المقرر الحياتي الصادر عن الأمر بالصرف عكس ما كان منصوص عليه في القانون القديم رقم 89-30.

ثانيا : طرق عمل اللجنة .

يتجلى ذلك في طبيعة عمل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من خلال عقد جلساتها وكذا مداولتها بخصوص النزاع المعروض أمامها حيث نجد المشرع ومن خلال الفقرة الثالثة من المادة 155 من قانون رقم 06-47 ينص على ما يلي " تتسلم الإدارة المطالبات الموجهة إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة وتبلغ مقررات هذه اللجنة إلى المعنيين بالأمر وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 152 من نفس القانون ( أنظر ملحق لنموذج اجتماع لجنة العمالة )

نستشف من ذلك أن المشرع ألزم اللجنة عند ما يقدم إليها طعن من طرف الملزم أن تقوم بإخبار الأمر بالصرف بذلك في رسالة موصى بها مع الإشعار بالتوصل عملا بمقتضيات المادة  152 من قانون رقم 06-47 المتعلقة بإجراءات وكيفية التبليغ كما نستشف كذلك أن اللجنة تقوم بتبليغ الأمر بالصرف بنسخة من العريضة المضمنة للطعن للإطلاع على الملف الضريبي موضوع النزاع (أنظر ملحق حول تبليغ رئيس لجنة العمالة للنظر في الطعون المتعلقة بالضرائب بمكناس إلى رئيس المجلس البلدي بمكناس بخصوص تنازع ضريبي )..

وقد خول المشرع للجنة إمكانية الاستعانة بكل إجراء تراه ضروريا ومناسبا للفصل في المنازعة الجبائية المعروضة عليها ، إذ بإمكانها عقد عدة جلسات باستدعاء من رئيسها كلما تطلب الأمر ذلك، وتعقد اللجنة جلساتها بعد استدعاء أعضاؤها من طرف المقرر بأمر من رئيسها عن طريق رسالة مضمونة الوصول وفق إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 152 أعلاه.

علاوة على ذلك للجنة صلاحية في أن تستدعي فيما يخص كل قضية خبيرين اثنين على الأكثر تعينهما من بين الموظفين أو الملزم إذا رأت ذلك ضروريا للاستثناس بصوتهما الاستشاري[76]،ويتم اللجوء إلى الخبير متى كانت هناك مسائل تقنية معقدة استعصى على اللجنة حلها، كما أن اللجنة لا تتقيد برأي الخبير خلال البت في المنازعة الجبائية .

كما أنه وأثناء المناقشة والتداول بخصوص المنازعة يمكن للجنة المحلية  لتقدير الضريبة أن تستمع لطرفي النزاع[77] كل على حدة أو هذه المواجهة ضرورية، ويعتبر هذا الإجراء من أهم الضمانات التي توفرها طبيعة أعمال اللجنة ، بحيث تمكن كل طرف من إبداء ملاحظاته وتقديم إيضاحاته الإضافية ليدعم بها موقفه خصوصا عند المواجهة الحضورية التي تنظمها اللجنة بين طرفي النزاع، والطاعن الذي يود بسط قضيته أمام اللجنة يتعين عليه أن يلتمس استدعاؤه للحضور في عريضة الطعن المقدمة من طرف اللجنة وإلا اتخذت هذه الأخيرة قرارها في غيبته واكتفت بمجرد إعلامه بتاريخ الجلسة ، ولكن إذا رأت اللجنة ضرورة الاستماع إلى الخاضع للرسم أو ممثله فإنها تبقى ملزمة باستدعائه بصفة قانونية وإلا كان المقرر الصادر عنها في غياب الخاضع للرسم ودون استدعاءه فيه مخالفة للقانون ويتعين إلغاؤه [78].

غير أنه إذا كان المشرع قد أحاط عمل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بمجموعة من الآليات قصد تسيير اشتغالها فإنه لم ينص على إمكانية إطلاع الملزم على  الملف الضريبي والوثائق التي يتضمنها قبيل اجتماع اللجنة ، الأمر الذي تشتغله الإدارة الجبائية في مواجهته أمام اللجنة حيث أن الإدارة الجبائية ما زالت تشدد في هذا الأمر، ولا تمكن الملزم من الإطلاع على هذه الوثائق متدرعة بالسر المهني بالرغم من أن القانون يحمي هذا القانون حيث ألزم جميع الأشخاص الذين يشاركون في تحديد الضرائب ومراقبتها واستيفائها والمنازعة المتعلقة بها وكذا أعضاء اللجان الضريبية بالحفاظ على السر المهني[79]،                                 

وبالتالي أمام هذه الحماية لا نجد مبررا يمنع الإدارة الجبائية من السماح للملزم بالاطلاع عليها حتى يتمكن من إعداد وتهييء مبرراته بشكل مناسب.

ثالثا: مقررات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة

بعد الاستفاضة في مناقشة نقط النزاع دون التوصل إلى حل يرضي الطرفين ( الإدارة والملزم ) ينهي رئيس اللجنة مرحلة الاستماع إلى دفوعات الأطراف ليدخل النزاع مرحلة المداولة، وتبث اللجنة في الأمر بصورة صحيحة إذا حضرها ثلاثة أعضاء على الأقل من أعضائها من بينهم الرئيس وممثل للملزمين وتتداول بأغلبية أصوات الحاضرين وإذا تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس[80] ولا يملك حق التصويت أثناء مرحلة اتخاذ القرار إلا الأعضاء المنتمون إلى اللجنة دون الخبراء الذي يقتصر دورهم على الاستشارة فقط .

وما كان يؤخذ على المشرع المغربي من خلال القانون القديم رقم 89-30 هو أنه لم يكن ينص صراحة على وجوب تعليل مقررات لجنة العمالة أو الإقليم وهو ما يفرغ حق الطعن المخول للملزم أو الإدارة من محتواه ، الأمر الذي تداركه القانون الجديد المتعلق بالجباية المحلية رقم 06 – 47 وأكد في إحدى فقرات المادة 157 منه على أنه " يجب أن تكون مقررات اللجان المحلية مفصلة ومعللة ".

ويعتبر النص على ضرورة تسبيب اللجنة لمقرراتها ضمانة هامة للملزمين ويبعث الطمأنينة والثقة في نفوسهم إذ معنى تسبيب وتعليل مقرر اللجنة أنها أطلعت على كافة وقائع النزاع وجميع المستندات والوثائق المقدمة وأحاطت بالطعن من كافة الجوانب وأرست الآثار القانونية الصحيحة ، كما أن تعليل مقررات اللجنة المحلية يساعد على مراقبة شرعيتها من طرف القضاء في حالة التقدم بطعن قضائي ضدها .

ويجب ان يصدر مقرر اللجنة في الأجل المحدد وهو اثني عشر (12) شهرا ابتداءا من توجيه الطعن إلى اللجنة حيث نجد المادة 157 من قانون رقم 06 – 47 قد حددت آجال 12 شهرا كأجل أقصى مخول للجنة للفصل في النزاع ويحتسب بين تاريخ تقديم الطعن وتاريخ صدور المقرر المتخذ في شأنه[81] .

ويبلغ المقرر المتخذ من قبل مقرر اللجنة إلى طرفي النزاع -الإدارة الملزم-  مع تخويلها حق الطعن أمام القضاء وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 164 من نفس القانون ( أنظر قرار عدد 03/2008 صادر عن لجنة العمالة للنظر في الطعون المتعلقة بالطعون الضريبية عمالة مكناس ).

الفقرة الثانية : الآثار المترتبة عن مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة

قبل تناول الآثار المترتبة عن المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة ( ثانيا ) سنحاول إبراز الشروط الواجب توفرها واحترامها عند إصدار هذه المقررات حتى تكتسب بذلك الشرعية وتنتج تلك الآثار ( أولا) .

أولا : مشروعية القرارات الصادرة عن اللجنة

لكي تكون القرارات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة صحيحة ومشروعة لابد أن تتوفر على مجموعة من الشروط سواء منها السابقة عن النزاع الجبائي  أو تلك اللاحقة عنه .

1-  الشروط السابقة عن البت في النزاع الجبائي

تتمثل هذه الشروط فيما يلي :

أ-إن يكون النزاع المرفوع إليها بصفة قانونية سواء كان بطلب من الإدارة الجبائية أو بطلب من الملزم، فالإدارة لا تملك حق الامتناع عن رفع النزاع إلى اللجنة عندما يطلب منها ذلك الملزم بشكل رسمي وقانوني وداخل الآجال القانونية حتى لو كانت الإدارة ترى أن هذه اللجنة التي يطلب الملزم رفع النزاع أمامها غير مختصة وذلك لتجنب بطلان مسطرة فرض الرسم واحترامها لصلاحية اللجنة التي تملك الحق في أن تقرر في اختصاصها من عدمه.

ب- أن تبث في المسائل المتعلقة بالواقع لا بالقانون ذلك أن المادة 157 من قانون رقم 06 – 47 نصت في الفقرة الثانية على أن ثبت اللجان المحلية لتقدير الضريبة في النزاعات المعروضة على أنظارها ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية معناه لكي تكون مقررات اللجنة صحيحة ومشروعة عليها تطبيق النص القانوني كما هو محدد من طرف المشرع دون تفسيره أو تأويله .

ج-أن تكون مختصة مكانيا ونوعيا للنظر في الخلاف أو النزاع الجبائي فكما سبقت الإشارة إلى ذلك أن اختصاص اللجنة المحلية لتقدير الضريبة محدد مكانيا ونوعيا حيث نجد المادة 157 من قانون رقم 06-47 ومن خلال الفقرة الأولى تنص على أن اللجان المحلية لتقدير الضريبة تنظر في المطالبات المتعلقة بالرسوم المشار إليها في المادة 149 من نفس القانون والتي يقدمها في شكل عرائض الملزمون الكائن موطنهم الضريبي أو مقرهم الاجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية داخل دائرة اختصاصها [82].

2- الشروط المرتبطة بالبت في النزاع

ويمكن إجمال هذه الشروط فيما يلي

أ-يجب أن تنظر هذه اللجنة في النزاع المعروض عليها في إطار مسطرة حضورية ، ذلك أن الطابع الحضوري للمسطرة المتبعة أمام اللجنة يعطي للملزم أو وكيله إمكانية الحصول على المعلومات اللازمة والإطلاع على الوثائق التي تدفع بها الإدارة والرد عليها ، وفي هذا الإطار قد ذهبت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكمها عدد 384 الصادر بتاريخ 30/9/98  بضرورة استدعاء الملزم بصفة قانونية قصد الاستماع إليه أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة[83].

كما تستمع اللجنة إلى الطرفين كل على حدة أو هما معا إما بطلب من أحدهما أو تلقائيا إذا ارتأت بأن هذه المواجهة ضرورية .

ب-أن تصدر قراراتها وهي مركبة تركيبا قانونيا سواء تعلق الأمر بمسألة واقع أو قانون ذلك أن الخلاف إذا انصب على مسألة واقع تبث اللجنة المحلية لتقدير الضريبة فيها ، في إطار النصوص القانونية المطبقة على النازلة بمقرر معلل وهي مشكلة تشكيلا قانونيا ، وإما أن يستوجب البت في الخلاف بتفسير مقتضيات قانونية تشريعية أو تنظيمية فترفع يدها عن النزاع بموجب قرار معلل لعدم الاختصاص وهي مشكلة كذلك تشكيلا قانونيا وعليه ولإقرار المشروعية كذلك على مقررات اللجنة يتعين صدورها بشكل مفصل ومعلل عملا بمقتضيات المادة 157 من قانون رقم 06-47 المتعلق بالجباية الملحية.

وعندما تصدر اللجنة مقررها يتم تبليغه إلى طرفي النزاع الذي خول لهما معا المشرع إمكانية المنازعة في مضمونه أمام المحاكم وفقا لإجراءات المادة 164 من القانون أعلاه، هذا عن شروط صحة ومشروعية مقررات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، فماذا عن الآثار المترتبة عنها اتجاه طرفي النزاع الجبائي المحلي ؟

ثانيا : آثار المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة

إن المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة لا تخرج عن أحد الأمرين :

إما أن تصرح باختصاصها وتبث في النازلة موضوع النزاع المعروض عليها بمقرر يبلغ إلى الخاضع للرسم

وإما أن تصرح بعدم اختصاصها للنظر في النزاع إذا تعلق الأمر بعدم الاختصاص النوعي أو المحلي وعليه سنتناول كل حالة على حدة .

1 : اختصاص اللجنة للنظر في النزاع

كما سبقت الإشارة إلى ذلك سابقا ، بعد أن تكون اللجنة قد استنفدت كل المراحل المسطرية وحضور أطراف النزاع وأعضاء اللجنة يتم البت في النزاع بموجب مقرر معلل يبلغ للأطراف وبذلك لا يخلو الأمر من الاحتمالات التالية:

أ-حالة عدم صدور مقرر عن اللجنة

قد يحدث أن يعرض النزاع الجبائي على أنظار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة لكنها لا تتمكن لأي سبب من الأسباب في البت فيه داخل الأجل القانوني المحدد في اثني عشر شهرا، وعليه نجد المادة 157 من قانون رقم 06-47 تنص على ما يلي :" عندما ينصرم الآجال المشار إليها أعلاه ولم تتخذ اللجنة المحلية لتقدير الضريبة مقررها لا يجوز إدخال أي تصحيح على إقرار الملزم أو على أساس فرض الرسم المعتمد من لدن الإدارة في حالة فرض الرسم بصورة تلقائية سببب عدم الإدلاء بالإقرار أو بسبب إقرار غير تام " ففي هذه الحالة فالرسم يبقى كما تم فرضه من قبل الإدارة بناءا على إقرار الملزم دون خضوعه لأي تصحيح.

ب-حالة قبول كل الأطراف لمقرر اللجنة

إما أن يتم قبول الأطراف لمقرر اللجنة في هذه الحالة تحرر في الحال الأوامر بالتحصيل هذا بالنسبة للحالة التي يكون فيها مقرر اللجنة قد استجاب لمطالبة الإدارة الجبائية دون الملزم، أما عندما يكون المقرر الصادر عن اللجنة قد استجاب لادعاءات الملزم في هذه الحالة يصبح الأساس المقدم من قبل الملزم في احتساب مبلغ الرسم والمرفوض من طرف الإدارة هو الواجب الأداء ما لم ترفضه الإدارة.

ج-حالة عدم اقتناع أطراف النزاع بمقرر اللجنة

 قد لا يقتنع الأطراف أو كلاهما بمقرر اللجنة في هذه الحالة أعطى المشرع للملزم الخاضع للرسم أن ينازع أمام المحاكم وفقا للإجراءات المنصوص عليها بالمادة 164 من قانون رقم 06-47 كما خول للأمر بالصرف نفس الإمكانية إذا تبين له أن مقررات اللجنة لا ترتكز على أساس صحيح .

غير أنه في حالة إعطاء الملزم موافقته الجزئية على الأسس المبلغة من لدن الإدارة أو في حالة عدم تقديمه لملاحظات على أسباب التصحيح المدخلة من طرف الإدارة يكون الأساس المعتمد لأصدار الرسوم هو الأساس الناتج عن تلك الموافقة الجزئية أو اسباب التصحيح المذكورة .

2 : عدم اختصاص اللجنة للنظر في النزاع الجبائي

نتناول في هذا الجانب عدم اختصاص اللجنة المحلية التقدير الضريبة من خلال الاختصاص النوعي وللاختصاص المكاني

أ- بالنسبة لعدم الاختصاص النوعي

فاللجنة تصرح به كلما تعلق الأمر بمسائل ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية أي كل ما له ارتباط بالقانون دون الواقع وفي هذه الحالة على الطرف رافع النزاع أن يوجه طعنه إلى المحكمة الإدارية على اعتبار أنها صاحبة الاختصاص للنظر في مثل هذه المنازعات المرتبطة بالمسائل القانونية [84]

واللجنة تكتفي بالتصرح بعدم الاختصاص النوعي دون أن تحدد الجهة المختصة على اعتبار أن ذلك لا يطرح أي إشكال بالنسبة للملزم بحيث تبقى الجهة المختصة هي المحكمة الإدارية ، كما لا يمكن للملزم الطعن في مقرر اللجنة بعدم الاختصاص إضافة إلى ضمانات الملزم بعرض نزاعه أمام القضاء أكثر من تلك التي يتمتع بها عند عرض النزاع أمام اللجنة المحلية للنظر في الطعون الجبائية

ب-بالنسبة لعدم الاختصاص المحلي

بموجب الفقرة الأولى من المادة 157 من قانون 06-47 تنظر اللجان المحلية لتقدير الضريبة في المطالبات المتعلقة بالرسوم المشار إليها في المادة 149 من نفس القانون التي يقدمها الملزمون الكائن موطنهم الضريبي أو مقرهم الاجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية داخل دائرة اختصاصها وبالتالي فإن الاختصاص المحلي لا يقوم لهذه اللجان متى وقع خارج الحالات المحددة أعلاه وها ما يفسر صلاحية اللجان في التصريح بعدم الاختصاص المحلي مباشرة عند عرض النزاع أمامها من قبل الملزم وتبين لها أنها غير مختصة محليا بالنظر فيه.

غير أنه إذا كان تحديد الاختصاص المحلي يتم مباشرة بعد عرض النزاع على اللجان المحلية لتقدير الضريبة فإنه لا مانع من الاطلاع على الملف الجبائي موضوع النزاع من قبل اللجنة المذكورة والتداول بشأنه وإصدار المقرر بذلك حتى يستثنى للأطراف الطعن فيه متى تبين لأحدهم أن تلك اللجنة هي المختصة للنظر في مثل هذا النزاع أو أنها توفر له ضمانات أهم من تلك التي ستوفرها له لجنة أخرى .

والسؤال المطروح في هذه الحالة ، هل يمكن للجنة عند تصريحها بعدم الاختصاص أن توجه الطرف الطاعن للجهة المختصة؟ على مستوى النص القانوني ليس هناك أية مادة تلزم اللجنة عند التصريح بعدم الاختصاص المحلي أن تحدد للأطراف الجهة المختصة محليا للنظر في النزاع كما أنه لا يمكن أن تقوم اللجنة بذلك، وذلك احتراما لصلاحية الطعن الجبائي في تقرير اختصاصها من عدمه بكامل الحرية إذ بأية صلاحية تملك اللجنة المصرحة بعدم الاختصاص إحالة النزاع على لجنة أخرى، إذ قد تدفع اللجنة المحال عليها على الأخرى بعدم اختصاصها وفي هذه الحالة تفقد اللجنة المحلية مصداقيتها وإجراء كهذا يعقد مأمورية الأطراف في الإسراع بحل النزاعات القائمة كما يطرح عرض الحائط كل ضمانة من وراء إقرار المشرع للعمل بهذه اللجان وكل الآمال التي علقت عليها لتحسين العلاقة بين أطراف العلاقة الجبائية المحلية .

ورغم أهمية التضلم اللجاني في عملية تأطير العلاقة بين الملزم والإدارة الجبائية ودوره في تقريب الآراء  ومحاولة التوفيق بين مصالح الطرفين لحل النزاع الجبائي بينهما فإنه يمكن تسجيل بعض الملاحظات بخصوصه والتي نجملها في ما يلي :

إسناد رئاسة اللجنة إلى قاضي: فكان على المشرع تحديد انتماء هذا القاضي الرئيسي هل المحكمة الإدارية أم الابتدائية …ذلك رفعا لكل لبس قد يسود وسط الملزمين

+إعادة النظر في طريقة تعيين ممثلين للإدارة الجبائية لحضور أشغال اللجنة

+تمكين اللجنة من صلاحيات النظر في المسائل الواقعية والقانونية وعدم اقتصارها على تطبيق الحرفي للنص القانوني عملا بقاعدة " النص يفسر لصالح المتهم " المتداولة في القانون الجنائي

من خلال التعرض لطبيعة النزاع الجبائية خلال المرحلة الإدارية يمكن أن نستنتج ان هذه المرحلة هي مرحلة تواجهية بين الملزم والإدارة الجبائية سواء من خلال التظلمات الاستعطافية أو النزاعية أو التظلم اللجاني يتم خلال سلك مختلف السبل لتليين العلاقة وتحقيق مكاسب لكل طرف سواء من طرف الملزم الذي يحاول خلال كل محطة كسب عطف الإدارة لمنحه تخفيضا أو إعفاءا تاما للرسم بسبب عسره المادي، أو من طرف الإدارة التي تحاول تحصيل ديونها وتعبئة الخزينة بكل الطرق منتهجة الصلاحيات المخولة لها قانونا من خلال مساطر التصحيح العادية منها أو السريعة

وعموما فالمرحلة ما قبل القضائية في النزاع الجبائي المحلي هي محطة ضرورية لمعرفة حاجيات ومطالبات كل طرف قبل عرض النزاع على القضاء كما ان التجربة أثبت أن أغلب المنازعات الجبائية  يتم تسويتها في هذه المرحلة مقارنة  مع تلك المعروضة على القضاء وهذا ما يدل على تقارب وجهات نظر طرفي العلاقة الجبائية من خلال التحاور المباشر والمواجهة الحضورية .

فماذا يمكن القول عن المنازعة الجبائية خلال المرحلة القضائية؟ هذا هو موضوع الفصل الموالي .

 

 

 

 

 

                                              

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المنازعات الجبائية خلال
 المرحلة القضائيةالفصل الثاني

الفصل الثاني: المنازعات الجبائية خلال المرحلة القضائية.وى وسائل الإثبات والتحقيق وإصدار الأحكام القضائية والطعن فيها .فية البث في النزاع الجبائي من خلال الإجراءات

غالبا ما لا يتم الحسم في النزاع الجبائي خلال مرحلته الإدارية سواء في إطار المطالبات أمام الإدارة أو عن طريق اللجان المحلية لتقدير الضريبة ليفسح المجال نتيجة لذلك إلى تدخل القضاء .

وتعتبر المرحلة القضائية المرحلة الحاسمة في المنازعة الجبائية ، وإذا كان يحق للملزم والإدارة اللجوء إلى القضاء فإن هذا الأخير يتحمل مهمة المكلف الذي لم يتم إنصافه بالحلول الإدارية للمنازعة الضريبة وذلك باعتبار أن العلاقة الجبائية تربط بين طرف ضعيف- الملزم – وطرف قوي يتمتع بامتيازات وصلاحيات تستند إلى المصلحة العامة التي يسعى إلى تحقيقها الإدارة الجبائية.

إن إقرار المشرع لمرحلة إدارية بشأن المنازعات الجبائية قبل اللجوء إلى القضاء هو إجراء سليم وفعال بدافع وعلة تخفيف العبء على القضاء وإتاحة الفرصة لتصفية المنازعات في مهدها مع إعطاء الوقت للملزم لشرح وجهة نظره والدفاع عن حقوقه .

ومع أهمية المرحلة الإدارية يبقى اللجوء إلى القضاء أهم وأنجع الوسائل لحماية حقوق الأفراد من كل تعسف أو خطأ في فرض الرسم أو تحصيله ناهيك عن ما يشكله من رقابة قضائية على أعمال الإدارة الجبائية [85].

فالملزم في حاجة إلى حماية قضائية وهو الطرف الضعيف في نزاعه مع الإدارة ، خصوصا عندما يتعلق الأمر ببعض أنواع الرسوم التي ليست لها صبغة إقرارية والتي لا يعرض النزاع بشأنها إلا في إطار الطعون الجبائية بل مباشرة على القضاء الذي يعتبر الضمانة الأساسية للدفاع عن حقوق الملزمين من جهة، وتثبيت حقوق الإدارة الجبائية من جهة أخرى، لالإدارة الجبائية من جهة أخرى، ك________________________________________________________________________________________________ما يتمتع به هذا الجهاز من حياد واستقلالية لأن بناء دولة الحق والقانون ينبنى على حماية حقوق المواطنين في مختلف مناحي الحياة.

وإذا كانت إمكانية اللجوء إلى القضاء مخول لطرفي العلاقة الجبائية المحلية فإن الملزم يتمتع بهامش أوسع عكس الإدارة التي خول لها المشرع من خلال قانون 06-47 المتعلق بالجبائية المحلية اللجوء إلى القضاء في حالة الطعن في مقررات اللجن المحلية لتقدير الضريبة، سواء تعلقت تلك المقررات بمسائل قانونية أو واقعية غير أن المرحلة القضائية لا تبدو  بهده السهولة بل يتعين خلالها على أطراف المنازعة اتباع عدة إجراءات ومراعاة الآجال والمحكمة المختصة بالنظر في النزاع واحترام الشكليات الضرورية المتبعة بخصوص مسطرة التقاضي.

وعليه سنعالج المرحلة القضائية للنزاع الجبائي المحلي من خلال دراسة الأحكام العامة لمسطرة التقاضي ثم الإشكالات التي يطرحها العمل القضائي في المادة الجبائية المحلية، لكن قبل ذلك يتعين التعرض إلى تبيان الطبيعة القانونية للدعوى الجبائية ، وعليه ستكون خطة دراسة هذا الفصل على الشكل التالي :

المبحث الأول : الطبيعة القانونية للدعوى الجبائية

المبحث الثاني :الأحكام العامة لمسطرة التقاضي أمام المحكمة الإدارية

المبحث الثالث: إشكالية التقاضي في الجبائية المحلية

 

 

المبحث الأول : الطبيعة القانونية للدعوى الجبائية

إن المراد بتحديد طبيعة المنازعة الجبائية، هو بيان ما إذا كانت هذه المنازعة تدخل في إطار دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ، أم تدخل ضمن دعوى القضاء الشامل ، وما هو دور القضاء الاستعجالي في النزاع الجبائي؟

المطلب الأول: دعوى الإلغاء في المادة الجبائية

تعتبر دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة وسيلة تمكن القاضي الإداري من مراقبة شرعية القرارات والأعمال الإدارية المتخذة في الميدان الضريبي، ويرمي الطعن المقدم في إطارها إلى إلغاء المقررات الإدارية غير القانونية.

ومنذ إحداث المحاكم الإدارية بالمغرب بمقتضى القانون رقم 90 – 41 [86] خول لهذه الأخيرة صلاحية النظر في هذا النوع من الدعاوى .

وتستند دعوى الإلغاء في المادة الجبائية إلى تجاوز الإدارة لسلطتها بشكل واضح كأن يتعلق الأمر بفرض رسم لا ينص عليه القانون أو أن قانون قد ألغاه أو أن يفرض رسم ما على شخص على أساس دخل لم يحصل عليه أو عملية لم يقم بها أو مهنة لم يمارسها أبدا وهذا ما جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بمكناس حيث نص على ما يلي : … حيث تركزت عناصر المنازعة في كون المدعي يمارس مهنته كطبيب في المحل المشار إليه أعلاه، وبالتالي فإنه غير خاضع لرسم شغل الملك الجماعي، وحيث أنه بالرجوع إلى مقتضيات القانون رقم 89-30 المؤسس عليه الرسم المتنازع حوله وخاصة الفصول من 189 إلى 192 منه يتبين أن المشرع فرض رسما جبائيا على المستفيد من رخصة الملك الجماعي ومن بينها العنوان والإشارة إليه عن بعد متى كانت تعتبر من مكملات النشاط المهنية الذي يزاوله صاحب الشأن بصورة رئيسية داخل محله، وحيث أنه تبعا لذلك فإن اللوحة التي يعلقها الطبيب خارج البناية التي توجد بها عيادته أو بداخلها المتضمنة لإسمه وصفته، وإن كانت تعتبر منقولات ومن مكملات نشاطه المهني الذي يزاوله فإنه مع ذلك لا تتوفر فيها الشروط والمواصفات المذكورة في المنقولات المحددة حصرا في المادة 192 المذكورة أعلاه ، على اعتبار أن المقصود بهذه المنقولات المرتبطة بالنشاط المهني المفروض عليها الرسم هو إشهار هذا النشاط ولفت نظر الجمهور إليه والتعريف به ، الشيء الذي يمنع على الطبيب الذي يمارس نشاطا مخالفا للأنشطة المبنية على الدعاية والإشهار .

وحيث إنه تبعا لذلك فإن اللوحة التي يعلقها الطبيب بباب عيادته لا تندرج ضمن المنقولات الواردة بالمادة 192 مما حاصله أن الطعن مؤسس على أساس سليم ، وعليه قضت المحكمة الإدارية بإلغاء الرسم المفروض على اللوحة المهنية[87].

 

.

لكن هل لجوء الملزم إلى المحكمة الإدارية في إطار دعوى الإلغاء في المادة الجبائية يجيز للمحكمة أن تعلن عدم قبولها لتلك الدعوى ولو أن الاختصاص منعقد لها للنظر في الدعاوى الضريبية ؟ هذا ما أجابت عنه الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى حيث أكدت على أنه " وحيث أن مادة الضرائب والمنازعات المتعلقة بها تدخل في الطائفة الثانية المذكورة ( دعوى القضاء الشامل) وحيث أنه لاجدال في أن موضوع الدعوى هو منازعة ضريبة الشيء الذي يعني أن المحكمة الإدارية كانت مختصة للبث في الطلب المذكور ولو أن الطاعنة استعملت مصطلح الإلغاء مادام الهدف المتوخى من دعواها هو الوصول إلى إبطال الضريبة المفروضة عليها ومحاولة استرجاع ما أدته في نظرها بدون وجه حق، وحيث يتعين لكل ما سبق إلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص المحكمة الإدارية للبث في النزاع "[88].

وعلى كل حال فإنه رغم أهمية دعوى الإلغاء في المادة الجبائية إلا أن السلطات المخولة للقاضي في هذا الإطار تبقى محدودة يكتفي فيها بالإلغاء ولا يستطيع أن يحكم بتخفيض كلي أو جزئي للضريبة وهذه المحدودية هي التي تجعل اللجوء إلى دعوى الإلغاء ضعيفا ، لأن هذف الملزم يكون في غالب الأحيان هو تخفيض مبلغ الرسم أو الضريبة التي يرى أن مبالغها كبيرة، لذلك غالبا ما يدرج دعواه في إطار القضاء الشامل الذي يتيح للقاضي الإداري مجال أوسع وحرية أكبر .

 

 

المطلب الثاني : دعوى القضاء الشامل

كما سبقت الإشارة إلى ذلك أكد المجلس الأعلى على أن المنازعات المتعلقة بالضرائب تدخل ضمن دعاوى القضاء الشامل التي يتمتع القاضي الإداري في إطارها بسلطات واسعة حيث بإمكانه أن يغير من الضريبة أو الرسم، بل ويتعدى ذلك إلى توجيه الإدارة الجبائية إلى ما يجب عمله أو الامتناع عنه ، كما ان القاضي الإداري يعتبر في هذا الإطار بمثابة مفتش سامي للضريبة حيث يتمتع وفقا للتكييف الذي يعطيه للوقائع وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بأكادير حيث أكدت أنه " وحيث ان المحكمة بعد إبطال قرار اللجنة المحلية للتقييم تكون ملزمة بالبت في أصل النزاع الذي هو الطعن ببطلان إجراءات مسطرة التقييم التي قام بها قابض التسجيل "[89].

ونفس الاتجاه ذهبت إليه المحكمة الإدارية بفاس في حكم صادر عنها بتاريخ 22-03-1995 حيث جاء فيه " إن المنازعة في مادة الضريبة سواء ارتبط منها بالمطالبات والمتابعات التي قد تثور بمناسبة الإجراءات المتبعة في تحصيلها، أو بالأساس القانوني المعتمد في فرض الضريبة هي منازعة ذاتية صرفة تخول للمحكمة دورا تحكيميا كاملا للنزاع بفحص الواقعة والقانون وتمكنها من إعادة المراكز القانونية إلى الحالة التي كانت عليها أو بتغيير الاقتطاعات الضريبية التي قامت بها الإدارة الجبائية ، ومن تم فهي من صميم ولاية القضاء الشامل للمحكمة الإدارية، بدليل إفراد المشرع لها بابا خاصا في القانون المحدث للمحاكم الإدارية …. ."[90].

ونستنتج مما سبق أن الدعاوى الجبائية تدخل ضمن القضاء الشامل حيث أقرت المحاكم الإدارية بالمملكة ذلك، حتى لو تضمن مقال الدعوى صيغة طلب الإلغاء الذي يتطلب أداء الرسم النسبي والذي يحدد بناء على مبلغ الضريبة المطعون فيها باعتبارها غير معنية من الرسوم القضائية كما هو الشأن بالنسبة لدعاوى إلغاء القرارات الإدارية .

واعتبار المنازعة الجبائية على إطلاقها منازعة قضاء شامل اعتبر من قبل بعض الفقه [91] ، مجازفة حيث أن المواد القانونية المتعلقة بهذه المنازعات لا تسعف السير في هذا الاتجاه خصوصا في ظل غياب مسطرة قضائية محددة للمنازعة الضريبية على غرار ما هو معمول به في الدعاوى المدنية.

المطلب الثالث: القضاء الاستعجالي في المادة الجبائية

يقوم القضاء الاستعجالي على فكرة إسعاف الخصوم بأحكام سريعة في المنازعات التي لا تحتمل إجراءات المسطرة العادية والتي يخشى عليها من فوات الآوان فهو حماية عاجلة تقتضيها الضرورة التي لا تقبل التأخير [92].

ولقد أناط القانون المغربي برئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه أمر النظر في القضايا الاستعجالية بصفة عامة [93]، إلا أنه  لم يسند ولم ينفي عنه أي اختصاص في المادة الجبائية في هذا الشأن مما يطرح التساؤل عن مدى قدرة القضاء الإداري على البت في الدعاوى الجبائية المستعجلة ومع ذلك فإن المحاكم الإدارية تطالعنا من حين لآخر بإحكام صادرة عن القضاء تقضي بقبول طلب الإيقاف المؤقت لمجرد أنه طلب وقتي محدود في الزمن وتستدعيه الضرورة الملحة كحل مؤقت للحفاظ على مصالح الخصوم إلى حين البت في جوهر النزاع.

ومن القرارات الصادرة في هذا الشأن نورد القرار الصادر عن المجلس الاعلى بتاريخ 23 أكتوبر 1996 حيث جاء فيه " إن النزاع الذي ينشأ بسبب مباشرة قباض الضرائب لإجراءات المتابعة في مواجهة الطاعن لاستخلاص مبلغ لصالح الدولة يدخل في اختصاص المحكمة العادية طبقا للفصل 69 من ظهير 31 غشت المتعلق بالمتابعة في مادة الضرائب ومداخيل الدومين، وتكون محكمة الاستئناف قد خرقت الظهير المذكور عندما اعتبرت البت في هذا الطلب من شأنه أن يعرقل الإجراء الإداري طبقا للفصل 25 من قانون المسطرة المدنية الذي هو غير قابل للتطبيق في هذه النازلة بالإضافة إلى أن قاضي المستعجلات يكون مختصا بالبت في طلب الإجراءات الوقتية كلما توفر عنصر الاستعجال[94].

إن المشرع المغربي لا يعطي صراحة ولا ضمنا لقاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية أمر البت في القضايا المتعلقة بالصعوبات التنفيذية في مجال الجبايات ولعل ما يزيد من تضييق تدخل القضاء في هذا الإطار الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية الذي يمنع المحاكم من أن تنظر ولو بصفة تبعية في الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل الإدارات العمومية للدولة والجماعات المحلية أو أن تلغي أحد قراراتها إلا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة ولعل هذا المنع هو ما كان هاجسا للقاضي يخول بينه وبين اتخاذ بعض القرارات الجريئة ضد الدولة

ويبقى أهم مجال يمكن أن يتدخل فيه القضاء المستعجل في المادة الضريبية دون الوقوع في مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية هو النظر في كفاية الضمانات المقدمة من طرف الملزم إلى القابض [95] والتي لم يتم قبولها إذ بإمكان الملزم في هذه الحالة أن يطلب من قاضي المستعجلات البت في موضوع الضمانات المقدمة

وعليه وبعد تناول الطبيعة القانونية للدعوى الجبائية حيث تبين تأكيد معظم الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية على أن الدعوى الجبائية تدخل ضمن دعوى القضاء الشامل الذي يتيح للقاضي الإداري هامش أوسع في تكييف النازلة والبحث والتحري بخصوصها في إطار حماية طرفي العلاقة الجبائية نتعرض في المبحث الموالي إلى المسار الإجرائي للدعوى الجبائية .

 

 

المبحث الثاني : الأحكام العامة لمسطرة التقاضي أمام المحكمة الإدارية

نعني بالأحكام العامة ، كل الإجراءات التي تحكم المنازعة الجبائية أمام المحكمة الإدارية وكل الإجراءات المتبعة بخصوص الدعوى الضريبية بدأ بتحديد القضاء المختص، مرورا بالشكليات الواجب اتباعها عند رفع النزاع أمام القضاء والتدابير المتخذة من طرف هذا الأخير وصولا إلى البت في النزاع وإمكانية الطعن فيه، وما يعتري أحكامه من إشكاليات على مستوى التنفيذ.

وعليه سنتناول هذا المبحث من خلال مطلبين نخصص الأول لمعالجة إجراءات التقاضي أمام المحاكم الإدارية ، وسنبين من خلاله خصائص المسطرة التقاضي الإداري وكذا قواعد رفع النزاع الجبائي في حين نخصص المطلب الثاني إلى لمعالجة كيفية البث في النزاع الجبائي من خلال الإجراءات المتبعة سواء على مستوى الإثبات والتحقيق وإصدار الأحكام القضائية والطعن فيها.

المطلب الأول : إجراءات التقاضي الإداري  

من خلال هذا المطلب سنبين الخصائص التي تتميز بها مسطرة التقاضي أمام المحاكم الإدارية في فقرة أولى ثم لقواعد رفع النزاع الجبائي في فقرة ثانية.

الفقرة الأولى: خصائص مسطرة التقاضي الإداري

بالرغم من كون قواعد المسطرة المدنية هي المطبقة أمام المحاكم الإدارية، إلا أن هذا لا يمنع من وجود خصائص معينة تتميز بها مسطرة التقاضي الجبائي عن المسطرة المتبعة في الدعاوى المدنية، ومرد هذا التمييز يعود إلى عدة عوامل تتصل بطبيعة هذه المنازعة وكذا طرفي الخصومة فيها ، ذلك أن أحدهما والمتمثل في الإدارة الجبائية ولحماية إمكانية السلطة العمومية الملزم، وتحقيقا للعدالة تتميز مسطرة التقاضي في الدعوى الجبائية بكونها كتابية تواجهية تفتيشية ، وبكونها منازعة على مداخل

 

 

1-مسطرة كتابية

لا يعقل أن تجري المنازعة في الجبايات بطريقة شفوية، نظرا لما تتميز به هذه المادة من حسابات وأرقام مستندات إضافة إلى كون احد أطراف المنازعة هو الإدارة مع ما يعنيه ذلك من مراسلات ومذكرات حيث لا تعترف هذه الأخيرة إلا بما هو مدون ومكتوب .

وقد تكرست المسطرة الكتابية بعد تعديل الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية [96] حيث استثنى هذا الأخير القضايا الضريبية من اللائحة التي تضمنها على سبيل الحصر والتي تطبق فيها المسطرة الشفوية، وتأكد هذا المنحى أكثر بموجب المادة الثالثة من القانون المحدث للمحاكم الإدارية والتي تنص على أن القضايا ترفع إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب إضافة إلى أن المادة الخامسة من نفس القانون تنص على أن المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق يعرض آراءه المكتوبة والشفوية على المحكمة .

وتخدم خاصية الكتابة التي تتميز بها هذه المسطرة بشكل كبير مصالح الملزم ، حيث أنها تتيح للقاضي دراسة كل الطلبات بتمعن وإطلاعه على وسائل الإثبات التي يدلي بها الأطراف ،إضافة إلى إتاحتها الفرصة أمام الملزم لعرض وجهة نظره بشكل دقيق ومفصل قد لا يبلغه لو كانت المسطرة شفوية .

2-مسطرة تواجهية :

لقد سبق أن أشرنا إلى أن المنازعة الجبائية تجمع بين طرفين غير متكافئين فمن جهة الإدارة الجبائية التي تتوفر بحكم القانون على عدة امتيازات ،ومن جهة أخرى الملزم الذي يمثل الطرف الضعيف في هذه المنازعة ولحمايته والتعامل معه على قدم المساواة مع الإدارة الجبائية أضيفت الطبيعة التواجهية وإلى مسطرة المنازعة حتى يتمكن من عرض وجهة نظره والدفاع عن موافقة والجواب على دفوعات الإدارة الجبائية .

إلا أن هذا الجواب لا يمكن أن يتأتى إلا إذا تمكن الملزم من الاطلاع على الوثائق والمستندات التي تدلي بها إدارة الضرائب بكل تخصصاتها، بحيث لا يكفي أن يطلع على مقالاتها ومذكراتها الجوابية، وهذا ما يؤكد عليه الفصل 331 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه " يمكن للأطراف أو لوكلائهم الإطلاع على مستندات القضية في كتابة الضبط دو نقلها "، كما أن الفصل 332 من نفس القانون أوجب أن تودع مذكرات الدفاع وكذلك الردود وكل المذكرات والمستنتجات الأخرى في كتابه الضبط وان يكون عدد نسخها مساويا لعدد الأطراف، وإلا تم التشطيب على الدعوى بعد إخبار المعني بالأمر بضرورة الإدلاء بالعدد الكافي من النسخ في ظرف عشرة أيام حسب ما ينص عليه الفصل 142 من ق م م .

وتجدر الإشارة إلى الإدارة الجبائية لا يمكنها أن تمنع الملزم من الإطلاع على الوثائق والمستندات التي تعزز موقفها تحت دريعة المحافظة  على السر المهني ولو تعلق الأمر بمعلومات تخص الأغيار ، وذلك توفيرا لإجراءات التقاضي وحماية للملزم .

3– مسطرة تفتيشية

يتجلى الطابع التفتيشي أو التحقيقي لمسطرة المنازعة في الضريبة في الدور الموكول للقاضي الإداري الذي يلعب دورا إيجابيا في توجيه أطراف القضية وفي تنظيم الدعوى الإدارية حيث يتولى هذه المهمة القاضي المقرر الذي يعينه رئيس المحكمة الإدارية بمجرد تسجيل مقال الدعوى إذ يحيل إليه ملف القضية ويطبق القاضي المقرر أحكام الفصول 329 و 333 حتى 336 من ق م م على الإجراءات التي يقوم بها وهو ما أكدته المادة الرابعة من قانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية .

يقوم القاضي المقرر بتبليغ المقال الافتتاحي للطرف الآخر، مع إعلامه بوجوب تقديم مذكراته الدفاعية والمستندات التي يود الاستناد عليها وذلك قبل الجلسة المقبلة التي يعين تاريخ انعقادها، ويمكن للقاضي المقرر أن يأمر سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب الأطراف بأي إجراء من إجراءات التحقيق من بحث وخبرة وحضور شخصي دون أن تشكل هذه الأوامر مساسا بالدعوى الأصلية  [97].

وبعد الانتهاء من تهيئه الدعوى وتصبح جاهزة آنداك يصدر القاضي المقرر أمرا بالتخلي عن الملف وتعيين تاريخ إدراج القضية في الجلسة .

4-منازعة على مراحل

تتميز المنازعة الجبائية عن غيرها من المنازعات بكونها منازعة على مراحل بحيث لا يمكن للملزم اللجوء إلى القضاء بمجرد عدم قبوله لمقرر إداري يفرض عليه أداء مبلغ الرسم، ذلك أن المشرع من خلال قانون رقم 06-47 المتعلق بالجبائية المحلية، ربط سلوك مسطرة الطعن الجبائي بضرورة استيفاء مرحلة التظلم الإداري ، بجميع أنواعه سواء النزاعي أو اللجاني ، وذلك تفاديا لتضخم القضايا الجبائية أمام المحاكم ولإتاحة الفرصة للطرفين لمحاولة إيجاد تسوية نزاعهما دون ضرورة اللجوء إلى القضاء ، وهذا ما سار عليه القضاء الإداري المغربي في العديد من أحكامه حيث أكدت المحكمة الإدارية بأكادير بأن الأصل في ** المنازعة في جميع الرسوم الضريبية أنها منازعة على مراحل لا ترفع إلى القضاء ابتداءا وأن التجاء المدعي إلى المنازعة القضائية في الصوائر القضائية المحددة من طرف قابض التسجيل دون سلوكه للمسطرة الإدارية يجعل الدعوى معيبة ويتعين الحكم بعدم قبولها [98].

الفقرة الثانية: قواعد رفع النزاع الجبائي أمام المحاكم الإدارية

نعالج هذه الفقرة من خلال التعرض لتحديد أطراف الدعوى الجبائية ومضمونها ، ثم تبيان خصائص مسطرة التقاضي، وأخيرا الشروط المتعلقة بآجال الطعن أمام القضاء الإداري سواء أثناء المراقبة الجبائية أو على إثر المطالبة .

أولا: أطراف الدعوى الجبائية ومضمونها

سنتعرض إلى الشروط الواجب توفرها في طرفي الدعوى الجبائية وكذا تلك المتعلقة بعريضة الدعوى ومضمونها .

1-أطراف الدعوى الجبائية

مبدئيا وما جر إن به العمل هو أن مبادرة اللجوء إلى القضاء في المنازعات الجبائية المحلية تكون من طرف الملزم واستثناء هو أن تأتي المبادرة من طرف الإدارة الجبائية، وأطراف الدعوى هم الملزم والإدارة فما هي إذن الشروط الواجب توفرها في كل طرف ؟

أ‌-        الشروط المتعلقة بالملزم في الجبايات المحلية :

على غرار باقي الدعاوى لا تقبل الدعاوى القضائية المتعلقة بالمنازعة في الجبايات إلا ممن توفرت فيه الشروط المنصوص عليـها في الفصل الأول مـن ق م م الذي ينص على أنه " لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه " وقد اعتبر هذا الفصل أن هذه الشروط تعتبر من النظام العام يجب على المحكمة إثارتها بصفة تلقائية .

فالدعوى الجبائية هي مخولة للشخص العادي أو الاعتياري الذي يكون ماله محل متابعة أو متضرر من مقرر صادر عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة أو موقف الإدارة الجبائية من مطالبته ، وبالتالي فالطعن الجبائي أمام القضاء لا يقبل إلا من ملزم فرضت عليه الضريبة أو الرسم شخصيا وله مصلحة تروم نحو تخفيض مبلغ الرسم أو الإعفاء منه، لما في ذلك من صبغة مادية صرفة .

كما نجد المادة الثالثة من قانون 90 -41 المحدث للمحاكم الإدارية قد ألزمت المتقاضين أمام المحاكم الإدارية تنصيب محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، وهو ما قد يفتح مشاكل خصوصا بالنسبة للملزمين الصغار ، كما قد يطرح مشاكل، بالنسبة للمحامين الأجانب غير المسجلين في هيئات المحامين بالمغرب ، كما ألزم نفس القانون أداء الرسوم القضائية وهو الشيء الذي يرفضه أو يجهله عدد من المدعين على أساس أن منازعتهم تدخل في إطار منازعات التجاوز في استعمال السلطة[99].

ب-الشروط المتعلقة بالإدارة الجبائية

إن الملاحظ من خلال العمل القضائي أن الإدارة الجبائية بمختلف تخصصاتها غالبا ما تكون في موقف المدعي[100]  وهو الموقف الذي يخولها بطبيعة الحال عدة امتيازات لعل أهمها هو تحللها من عبء الإثبات، ولكن مع ذلك يبقى من حقها اتخاذ مبادرة اللجوء إلى القضاء [101] ولا تتعدى الحالات التي تباشر فيه الإدارة الجبائية إجراءات رفع الدعوى ضد الملزم خاصة في ميدان الجمارك أو في جريمة الغش الضريبي كما سبقت الإشارة إلى ذلك .

إذا رأت الإدارة الجبائية أن الخلاف عميق ومعقد في هذه الحالة تحيل تلقائيا ملف الشكاية إلى المحكمة المختصة مع إعلام الملزم المعني بالأمر .

*إما اللجوء إلى المحكمة على إثر مقرر صادر عن اللجن المحلية لتقدير الضريبة سواء تعلقت هذه المقررات بمسائل قانونية أو فعلية .

والإشكال المطروح في هذا الصدد يتعلق بالجهة، أو الأشخاص الذين يملكون الصفة لتمثيل إدارة الضرائب بمختلف مكوناتها أمام القضاء، وبالتالي يملكون الصلاحية لتوجيه الدعوى ضدهم، في الواقع العملي نجد أن أغلب الملزمين أو وكلائهم لا ينتبهون إلى الجهة التي يجب رفع الدعوى في مواجهتها ، فنجد أغلب المقالات الافتتاحية تتضمن لائحة من الجهات الإدارية بدأ من الوزير الأول ، وزير المالية، الخازن العام للمملكة، والوكيل القضائي للمملكة بالرغم من أن فصول المسطرة المدنية واضحة في هذا الشأن " حيث نص الفصل 515 من ق م م على أن الدعوى التي تستهدف المنازعة في أساس فرض الضريبة ترفع ضد مديرية الضرائب في شخص مديرها وذلك مند التعديل الذي أدخل على هذا الفعل[102]، والذي يساعد على رفع اللبس الذي كان أغلب الملزمين يشتكون منه بخصوص الجهة المختصة بتأسيس الضريبة .

وقد دأب القضاء الإداري المغربي على التصريح بعدم قبول الدعاوى التي لا تحترم المقتضيات الجديدة للفصل 515 من ق م م [103].

وبالرجوع إلى مدونة الجبائية المحلية ( قانون (06-67) نجدها من خلال الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 164 قد حددت الجهات الإدارية التي ترفع الدعاوى الجبائية ضدها حيث نصت على ما يلي " بصرف النظر عن جميع المقتضيات المخالفة تمثل الإدارة بكيفية صحيحة أمام القضاء مطالبة كانت أم مطلوب ضدها ، بمدير الضرائب أو الأمر بالصرف للجماعة المعنية أو الأشخاص المفوضين من لدنهما لهذا الغرض والذي يمكنه  إن اقتضى الحال توكيل محام" كما أكدت الفقرة الأخيرة من نفس المادة أن المنازعات المتعلقة بتطبيق مواد القانون لايمكن أن تكون موضوع تحكيم .

وبذلك فالجهات الإدارية الموجهة ضدها الدعاوى الجبائية ثم تحديدها بالشكل الذي يوضح للملزم الإجراءات المتعلقة بذلك ويساعده على معرفة المسار الحقيقي والقانوني لسير الدعوى المتعلقة بالجبائية المحلية .

2-مضمون عريضة الدعوى الجبائية

بالنظر إلى الحالة الواردة في المادة 7 من قانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية ، فإن عريضة الدعوى لابد وأن تحتوي على بيانات إلزامية كما هي محددة الفصل 32 من ق م م .

كما أوجبت المادة الثالثة من نفس القانون أعلاه على المدعي رفع دعواه بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة المحامين بالمغرب .

فبخصوص البيانات التي يجب أن يتضمنها هذا المقال نجد الاسم العائلي والشخصي وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعي عليه، وكذا بالضرورة اسم محامي المدعي، وإذا كان المعني شركة وجب الإشارة إلى نوعها ومركزها الاجتماعي .

إضافة إلى ذلك يجب أن يتضمن المقال ملخصا لموضوع الدعوى وكذا الوقائع والوسائل القانونية المعتمدة ويتم إرفاقه بجميع الوثائق والمستندات التي يستند إليها المدعي في تدعيم دعواه أو التي ينوي استعمالها فضلا عن الاستنتجات المتوصل إليها، كما يتم إرفاق المقال بنسخة من جدول الإشعار الضريبي أو من مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة .

أما بخصوص اشتراط توقيع المقال من طرف محام مسجل بهيئة المحامين بالمغرب المنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون 90-41 فهو شرط يميز الدعوى الإدارية عن باقي الدعاوى ونعتقد أن الدعوى الإدارية والجبائية والنظر إلى اتسامها بالتعقيد هي التي دفعت بالمشرع المغربي إلى اشتراط توكيل محام لرفع الدعوى إلا أن هذا الشرط يؤدي في غالب الأحيان إلى ثني أغلب الملزمين عن اللجوء إلى القضاء الإداري نظرا لما يتطلبه ذلك من مصاريف كبيرة تشكل فيها اتعاب المحامين الجزء الكبير خصوصا عندما تكون المبالغ المنازع فيها قليلة.

إضافة إلى اشتراط الرسوم القضائية في قبول المنازعة الجبائية باعتبار هذه الأخيرة تدخل ضمن القضاء الشامل كما سبق أن أوضحنا ذلك وهي منازعات غير معفاة من أداء الرسوم على عكس دعوى الإلغاء المعفاة من الرسوم بقوة القانون وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في أحد أحكامها [104].

وتجدر الإشارة إلى أنه بموجب قانون 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية قد تم إعفاء الأحكام المستأنفة من الرسوم القضائية .

ثانيا : أجال الطعن أمام القضاء الإداري

تستمد مسألة الآجال أهميتها من رغبة المشرع في إضفاء نوع من الاستقرار على العلاقات القانونية لذلك منح الراغب في اللجوء إلى القضاء أجالا معينة يمارس خلالها هذا الحق وبمرورها يسقط حقه، ولم يحدد المشرع الجبائي المغربي سواء من خلال قانون الجبايات المحلية أو المدونة العامة للضرائب آجال موحدة للجوء إلى القضاء بحيث تختلف هذه الآجال باختلاف المسطرة المتبعة من طرف الإدارة، ولذلك سنتناول هذه الآجال من خلال التمييز بين الطعن على إثر المراقبة الجبائية أي خلال سلوك الإدارة لمسطرة التصحيح تم حالة تقديم المطالبات من قبل الملزم أي على إثر المطالبة

1-آجال الطعن القضائي على إثر المراقبة الجبائية

لقد سبق وأن رأينا في معرض دراسة اللجن المحلية لتقدير الضريبة، أن المقررات التي تصدرها اللجان قابلة للطعن أمام المحاكم الإدارية وقد نصت المادة 164 من قانون الجبايات المحلية رقم 06-47 على أن هذا الطعن لابد وأن تحترم فيه الآجال التالية :

*ستين يوما الموالية لتاريخ وضع الأمر بالاستخلاص أو قائمة الإيرادات موضع التحصيل بالنسبة لمقررات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو بالنسبة للرسوم التي تفرضها الإدارة تلقائيا باعتبار الأساس الذي بلغته بسبب تصريح اللجنة المذكورة بعدم اختصاصها .

*ستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة إذ لم يترتب عن هذه المقررات إصدار الأمر بالاستخلاص .

وقد منح المشرع للإدارة الجبائية إمكانية المنازعة أمام المحاكم داخل نفس الآجال المذكورة أعلاه في المقررات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة سواء تعلقت تلك المقررات بمسائل قانونية أو فعلية

وإذا كانت هذه الآجال محددة فيما يتعلق بمقاضاة الإدارة الجبائية على إثر المسطرة المطبقة في إطار المراقبة الجبائية ، فإن الإشكال يطرح نفسه في حالة رفع الملزم لنزاعه مباشرة بعد تبليغه بمقرر اللجنة المجلية لتقدير الضريبة .

في غياب نص قانوني واضح سواء في إطار المدونة العامة للضرائب أو في إطار قانون الجبايات المحلية رقم ( 06 – 47 ) ، فقد اختلف القضاء المغربي في قبول أو عدم قبول المنازعة التي ترفع إليه قبل صدور الأمر بالتحصيل . ففي الوقت الذي ذهبت فيه المحكمة الإدارية بالرباط إلى ضرورة انتظار صدور الأمر بالتحصيل [105] نجد أن المجلس الأعلى كان له رأي آخر حيث اعتبر في إحدى قراراته:… وحيث إن هدف المشرع من هذا الامتياز الممنوح للملزم بالضريبة هو وضع توازن بين حقوق الإدارة وحقوق الملزم وتمكين هذا الأخير من عرض مقررات اللجنة الوطنية في جميع الأحوال على مراقبة القضاء، ذلك أن مقرراته اللجنة الوطنية، وإن كانت لا تكتسي في حد ذاتها قوة ملزمة إلا أن الإدارة يمكنها أن تحولها في أي وقت إلى أوامر قابلة للتنفيذ بقوة القانون مما يعني أن هذه المقررات تشكل في حد ذاتها تهديدا للملزم بالضريبة وأن من مصلحته الطعن فيها وعدم انتظار قرار الإدارة بشأن تحويلها إلى أوامر بالتحصيل [106].

وهذا الرأي الذي ذهب إليه المجلس الأعلى حري بالتأييد وذلك تكريسا للتوازن في الحقوق والواجبات بين الملزم والإدارة الجبائية خصوصا وان حق اللجوء إلى القضاء لا يمكن أن تحده أية حدود إلا أنه وتفاديا لتضارب الأحكام القضائية نرى أن على المشرع الجبائي التدخل لإزالة الغموض الذي يكتنف صباغة بعض النهوض القانونية حتى تتسم بالوضوح ويتم تطبيقها التطبيق السليم

2-أجال الطعن القضائي على إثر المطالبة

خصص المشرع المغربي المادة 165 من القانون رقم 06-47 المتعلق بالجبائية المحلية لتوضيح الآجال التي يجب خلالها على الملزم اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في المقرر الصادر عن الإدارة وهكذا حددت هذه المادة آجال الطعن كما يلي :

*30 يوما من تاريخ تبليغه المقرر الصادر عن الإدارة الجبائية

*30يوما الموالية لانصرام أجل ستة أشهر في حالة عدم جواب الإدارة

وأول ملاحظة يمكن أن نسجلها بخصوص الآجال المذكورة أعلاه هو أنها قصيرة نسبيا ، ولا تنسجم مع الآجال التي يمنحها نفس القانون للملزم للطعن في المقررات الصادرة عن اللجن المحلية لتقدير الضريبة مما يخلق ارتباكا لذي الملزمين نتيجة الخلط الذي قد يعتري فهم بعضهم لهذه الآجال وبالتالي يتعين تدخل المشرع من جديد لرفع الآجال الممنوحة للملزم خلال اللجوء إلى الطعن القضائي نتيجة لانعدام جواب الإدارة أو لجوابها السلبي على مطالبته

وعلى مستوى الممارسة القضائية نجد أن القضاء الإداري المغربي قد أكد على ضرورة احترام مسألة الاجال [107] كونها من النظام العام ويترتب عن الإخلال بها عدم قبول الدعوى شكلا من طرف المحكمة الإدارية ، هذا إضافة إلى أن الآجال الواردة بمدونة الجبايات المحلية هي آجال كاملة لا يدخل في احتسابها اليوم الأول ويوم حلول الآجل [108].

 

المطلب الثاني : البت في النزاع الجبائي المحلي

تمر المنازعة الجبائية أمام القضاء بعدة مراحل وتتميز بإجراءات مسطرية متعددة الهدف منها الوصول إلى إجلاء الحقيقة ومنح الفرصة لكل الأطراف للإدلاء بما لديهم من وثائق ومستندات وكذا باقي وسائل الإثبات التي يخول القانون استعمالها ، حتى تتمكن المحكمة من النطق بالحكم وهي على بينة من كل المعطيات المرتبطة بالملف، وبعد النطق بالحكم يتوفر الطرفان على إمكانية للطعن فيه بطرق الطعن المنصوص عليها قانونيا، وعليه سنعالج هذا المطلب من خلال التعرض لتقنيات التحري سواء تعلق الأمر بإجراءات الإثبات والتحقيق في الدعوى الجبائية في فقرة أولى، تم التعرض لإجراءات صدور الأحكام عن المحاكم الإدارية في فقرة ثانية ، وأخيرا معالجة طرق الطعن في الأحكام القضائية والإشكالات المرتبطة بالتنفيذ في فقرة ثالثة .

الفقرة الأولى : تقنيات التحري في الدعوى الجبائية المحلية

إن إدعاء شخص بحق له الآخر لا ينهض سببا كافيا لجدية إدعاءاته وامتلاكه للحق موضوع الدعوى ما لم يدلي بما يثبت أنه صاحب الحق فيما يطالب به إلا أن ما يقدمه المدعي من وسائل إثبات قد لا يقتنع به القضاء فيلجأ إلى مجموعة من إجراءات التحقيق لتكوين قناعته .

والمنازعات الجبائية المحلية لا تخرج عن هذا المنحى ذلك أن الملزم بالرسوم المحلية له الحق من الاستعانة بكل وسائل الإثبات المعتمدة في القواعد العامة إلا ما كان منها  غير مفيد في الدعوى والقاضي لا تلزمه تلك الوسائل المدلى بها من قبل المدعي بل أنه قد يستبعد بعضها وقد يلجأ إلى إجراءات أخرى للتحقيق من أجل تكوين قناعة كبيرة بخصوص موضوع النزاع فما هي إذن وسائل الإثبات وإجراءات التحقيق المعتمدة في النزاع الجبائي المحلي ؟

 

 

 

أولا -الإكراهات المرتبطة بالإثبات

الأصل أن البينة على المدعي وان إثبات الالتزام يكون على عاتق مدعيه كما تقضي بذلك المادة 399 من قانون الالتزمات والعقود فإلى أي حد  يمكن تطبيق هذه القاعدة عندما يتعلق الأمر بالنزاع الجبائي؟

1-من يتحمل عبء الإثبات

إن إلقاء عبء الإثبات على المدعى عندما يتعلق الأمر بالمنازعات المدنية أمر مقبول انطلاقا من اعتبار المدعي محقا في دعواه وجدي في متابعة إجراءاتها وتأكيدا لكل ذلك فهو ملزم بإثبات أدائه كما أن المساواة التي يتمتع  بها أطراف المنازعة المدنية تقضي بإلقاء عبء الإثبات على الطرف المدعي، لكن عندما يتعلق الأمر بالمنازعة المقررة في القانون الإداري ومن ضمنها المنازعة الجبائية فإن الأمر يختلف بحيث أن المنازعة في ظل القانون الإداري ليست منازعة مع شخص عادي بل هي منازعة مع مؤسسة عمومية وبالتالي تمت خصوصيات تحكم هذا النوع من المنازعة، إذ تقوم على القوة العمومية والعمل الانفرادي وبذلك يصبح القانون الإداري أكثر إكراها للملزم من القانون المدني وهنا يكمن تشعب المادة الجبائية التي تعتبر ملتقى القانون العام والخاص فالإشكال المطروح هو هل هذا التلاقح بين القانون العام والخاص تكون فيه الغلبة الإدارة أمر يكرس فيه مبدأ المساواة ، وعلى افتراض أن الإدارة هي المدعية، فهل سينزل عليها عبء الإثبات؟  أم ان مبدأ القوة العمومية والمصلحة العامة تخل بمبدأ المساواة في إطار المنازعات الجبائية وعندها يتحول الإثبات على كاهل الملزم الشخص الطبيعي الخاضع لإبراء الذمة [109].

وتجدر الإشارة إن عبء الإثبات في الدعوى الجبائية وإن كان يخضع للقواعد العامة للإثبات المنصوص عليها في الفصل 399 من ق ل ع فإن الصعوبة التي يطرحها تجعل القضاء المغربي يعمل على التلطيف من ذلك ومن خلال توزيع عبء الإثبات بين الملزم والإدارة الجبائية حتى قبل إنشاء المحاكم الإدارية[110].

وعلى كل حال فعبء الإثبات يتقاطعه كل من الملزم والإدارة الجبائية فقد يتجلى بالنسبة للإدارة فيما يلي :

–       حالة الخروقات المسطرية التي حصلت أمام اللجن المحلية لتقدير الضريبة

–       إثبات سوء نية الملزم ولجوءه إلى أعمال احتيالية كما هي منصوص عليها في المادة 166 من قانون رقم 06-47 بخصوص الجزاءات الجنائية على المخالفات الضريبية والمحددة في المادة 138 من نفس القانون

–       وقوع التبليغ الصحيح

–       إثبات عدم انتظام محاسبة الملزم بخصوص الأنشطة التي تتطلب إمساك نظام محاسبي مدقق 

أما بالنسبة للملزم فتتجلى في :

–       حالة التقدير الجزافي في للرسم يتحمل الملزم عبء إثبات غلو التقدير.

–       حالة تحديد أساس فرض الرسم على أساس مساطر التصحيح المخولة للإدارة الجبائية

–       حالة خروقات تشوب نظام المحاسبة

إضافة إلى إلقاء عبء الإثبات على طرفي العلاقة الجبائية ، بخصوص ما يتولوا القيام به سواء بخصوص إجراءات المراقبة المخولة للإدارة أو الإقرار والتوصل بالإقرارات من خلال مسطرة التبليغ بخصوص الملزم، وذلك خدمة للعدالة الجبائية، وتسهيلا لعمل القاضي الإداري في تدليل الصعاب والوصول إلى معرفة حقائق الدعوى الجبائية فما هي الوسائل المعتمدة من طرف كل من الملزم والإدارة الجبائية بخصوص عملية الإثبات في النزاع الجبائي ؟

2: وسائل الإثبات

إن الإثبات في المادة الجبائية- كما سبقت الإشارة إلى ذلك – يخضع للقواعد العامة التي تجد أصولها في الفصل 399 من ق ل ع الذي يلقي عبء الإثبات على المدعي سواء كان هذا المدعي الملزم أو الإدارة الجبائية .

ومع تعدد وسائل الإثبات واختلافها، فالقاضي الإداري تعود له الصلاحية وسلطة تقدير وسائل الإثبات المقدمة إليه سواء بالاحتفاظ ببعضها واستبعاد البعض الأمر

وبصفة عامة فجميع وسائل الإثبات المعمول بها في إطار الخصومة العادية تبقى صالحة ومعتمدة في الدعوى الجبائية باستثناء اليمين والشهادة [111]. وذلك بالنظر إلى طبيعة المنازعة الجبائية المتميزة بطابعها الكتابي .

وتبقى أنجع وسيلة للإثبات في المادة الجبائية هي الوثائق المحاسبة إلى جانب الإثبات بالقرائن .

فالإثبات بواسطة الوثائق المحاسبية يكون عندما يتعلق الأمر مثلا ببعض الرسوم المحلية ذات الصيغة الإقرارية كالرسم على محل بيع المشروبات والرسم على الملاهي مادام أصحاب هذه الأنشطة يمسكون سجلات لهذه الغاية أو اعتماد  الفاتورات في الإثبات  عندما يتعلق الأمر بالرسم على عمليات تجزئة الأراضي.  والقيام بعملية الإثبات هاته يقع على عاتق الملزم شريطة أن تكون محاسبته صادقة وتتضمن البيانات التي ألزمها المشرع، وهذا ما ذهبت إليه المادة 108 من القانون رقم 06 –47 المتعلق بالجبايات المحلية بخصوص كيفية إقرار الرسم على السيارات الخاضعة للفحص التقني حيث تم التنصيص على ان "… ترفق كل دفعة لمبلغ الرسم ببيان إعلام يعد وفق مطبوع نموذجي للإدارة يتضمن معطيات حول ربع السنة الذي تم خلاله استخلاص الرسم وعنوان الهيئة التي قامت بعملية الدفع وكذا مبلغ الرسم المستخلص ".

وتستعمل الوثائق المحاسبية بإحدى الوسيلتين:

+طريقة التقديم ( الإطلاع الجزئي ) ، حيث يصح للمحكمة أثناء نظرها في الدعوى أن تأمر تلقائيا أو بناء على طلب المكلف باستخراج بعض المحررات التي تهم النزاع المعروض على أنظارها .

طريقة الإطلاع ( الإطلاع الكلي) ويقصد به وضع الوثائق المحاسبية رهن إشارة الإدارة الجبائية للإطلاع على ما تضمنته من بيانات [112].

إلى جانب الإثبات بواسطة الوثائق المحاسبية هناك أيضا الإثبات بواسطة القرائن وهي وسيلة هامة للإثبات في المادة الجبائية نظرا لاعتمادها على بعض الأدلة الصادرة عن الغير، مثل الرسم على عملية تجزئة الأراضي بحيث يتم تصفية هذا الرسم نسبة ما بين 3 % و 5% من قيمة التكلفة الإجمالية التي يتطلبها عمليات التجزئة وبالتالي يتم استعمال القرائن بخصوص قيمة الأراضي المجاورة.

وعموما فالإثبات في المادة الجبائية يشكل عنصرا أساسيا في تحقيق العدالة وإنصاف طرفي الدعوى، وإن كان الملزم هو الطرف الضعيف في هذه المنازعة الذي مما لاشك فيه سيجد صعوبة في إثبات إدعاءاته خصوصا عندما يتعلق الأمر بالملزم الشخص الطبيعي الذي لا يمتلك  أية ثقافة جبائية ووعي جبائي يمكنه من الدفاع عن مطالبه وحقوقه إزاء الإدارة علما أن العمليات الجبائية هي عمليات ذات تقنيات معقدة يصعب فهمها من قبل الملزم الشخص العادي ذي التكوين البسيط [113]

 

ثانيا-التحقيق في الدعوى الجبائية

أثناء بسط القاضي لولايته على ملف الدعوى الجبائية ، قد يستعصي عليه أمر البت فيها لوجود جوانب تقنية في النزاع، ولتجنب هذه الإشكالية أجاز له القانون إمكانية الاستعانة بالتحقيق كإجراء يقصد به حماية الحق وضمان تطبيق القانون .

والملاحظ أن إجراءات التحقيق لا تخرج عن القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية بالنظر إلى غياب مسطرة خاصة تطبق أمام المحاكم الإدارية، غير أن التخفيف ليس الوسيلة الوحيدة الممكن اعتمادها لإثارة القاضي بالجوانب التقنية لموضوع الخصومة إذا بجانبها هناك الخبرة القانونية التي نظمها المشرع في الفصول من 59 إلى 60 من ق م م .

1-إجراءات  التحقيق

للمحكمة أن تأمر من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب أحد طرفي النزاع أو هما معا بالقيام بإحدى إجراءات التخفيف [114] متى رأت ذلك ضروريا وتتمتع المحكمة في ذلك بسلطة تقديرية في اختيار طريقة التحقيق ،كما للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم بالانتقال بكامل هيئتها أو انتداب واحد من أعضائها إلى محل النزاع لإجراء التحقيقات التي قررها حكم إجراء عملية التحقيق ، وذلك لمعرفة الحقائق الدقيقة للنزاع الجبائي

2-إجراء الخبرة

الخبرة هي وسيلة قررها المشرع لمساعدة القاضي بمناسبة إثبات وقائع معينة [115] ويتم اللجوء إليها إما بمبادرة من القاضي أو بطلب من أحد أطراف النزاع أوهما معا، على ان مجال الخبرة [116] ينحصر في المسائل التقنية ولا يمتد إلى القانونية .

يقوم الخبير بمهمته تحت مراقبة القاضي الذي يمكن له حضور عمليات الخبير إذا اعتبر ذلك مفيدا وفي حالة  عدم تمكنه من القيام بمهمته داخل الآجال المحددة أو لم يقبل القيام بها، جاز للقاضي أن يعين خبيرا أخر مكانه ودون ماجة لإخبار الأطراف .

إثر انتهاء عملية الخبرة يضمن الخبير ملاحظاته في تقرير يوجهه إلى القاضي الذي يضعه رهن إشارة الأطراف على أن مضمون هذا التقرير لا يكون ملزما للمحكمة .

وإذا كانت الاستعانة بالخبير ترجع إلى الطبيعة التقنية المعقدة للقانون الجبائي وصعوبة تطبيقه والتعامل معه في غياب التكوين المستمر للقضاة  فإن أمر البت في المنازعة الجبائية قد يتحول من يد القاضي إلى يد الخبير وبالتالي يصبح رأيه مكتسب لحجية الشيء المقضي به مما يؤدي إلى تضييف مجال الطعن [117].

 الفقرة الثانية: إجراءات صدور الأحكام في الدعوى الجبائية

سنتعرض في هذه الفقرة إلى جلسة الحكم وما تتطلبه من إجراءات بخصوص النظر في الدعوى الجبائية تم إلى صدور الأحكام عن المحاكم الإدارية

أولا -جلسة الحكم :

بعد إيداع المقال الافتتاحي لدى المحكمة يقوم القاضي المقرر بتبليغ نسخة منه إلى المدعي عليه الذي يملك حق الرد عليه، ويتولى القاضي تبليغ هذا الرد إلى المدعي  والذي له أن يعقب عليه ، بعد ذلك يقوم القاضي بتوجيه هذا التعقيب إلى المدعي عليه والذي يحتفظ بحق الجواب عليه .

فمسطرة التنازع امام القضاء كتابية يتم خلالها تبادل المذكرات بين الخصوم على مستوى الاوراق والمستندات حتى يتمكن كل طرف من الرد عليها [118] إثر ذلك يصدر القاضي أمرا بالتخلي وتعيين تاريخ للجلسة مع توجيه استدعاء إلى الخصوم يكون كتابيا ويجب أن يتضمن البيانات التالية :

–       الإسم العائلي والشخصي، ومهنة ،وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعى عليه

–       موضوع الطلب

–       المحكمة التي يجب أن ثبت فيه

–       يوم وساعة الحضور

–       التنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء [119]

ولضمان توصل الخصوم بالاستدعاء، يشترط القانون أن يتم عملية التبليغ بواسطة كتابة الضبط وتعقد المحكمة جلساتها في التاريخ المحدد وتكون الجلسة علنية إلا إذا قرر القانون خلافا ذلك ويمكن عقد جلسات سرية حفاظا على أسرار الملزمين .

ومع الشروع في الجلسة يتولى المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق عرض مستنتجاته المكتوبة والشفوية على هيئة المحكمة باستقلالية كاملة سواء فيما يتعلق بالجوانب الواقعية للقضية أو بالجوانب المطبقة عليها، ويعتبر حضور المفوض الملكي في الجلسة إجباريا كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة في المحاكم العادية ، إلا أنه لا يشارك في إصدار الاحكام الإدارية.

وبعد الاستماع إلى دفاع الملزم وممثل الإدارة الجبائية أو دفاعها وإلى المفوض الملكي وفي حالة عدم إقرار المحكمة بضرورة إجراء خبرة أو تحقيق والإدلاء بكافة المستندات التي يملكها أطراف المنازعة يتم إقفال باب المرافعة ليدخل ملف القضية في المداولة والمناقشة قصد إصدار الحكم .

ثانيا- صدور الحكم

كما هو الشأن في أغلب الدعاوى المقامة لدى القضاء الإداري، تبث في الدعوى الجبائية هيئة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة ولا يكون عضوا في هذه الهيئة القاضي الذي سبق له أن كان رئيسا للجنة المحلية لتقدير الضريبة أثناء عرض النزاع عليها في إطار المرحلة الإدارية للمنازعة .

أول ما تبدأ به المحكمة هو التأكد من استيفاء الدعوى لجميع الشروط الشكلية المشار إليها هو التأكد إليها سابقا، وعند استيفائها تمر للنظر في جوهر النزاع وما يلاحظ في هذا الصدد أن القضاء الإداري جرى على أن يتوسع في تفسير النصوص الجبائية أكثر من المحاكم العادية، وذلك باستعمال القياس لتأثره بفقه القانون العام الذي يعترف بالسلطة المنشئة للقاضي في المجال الضريبي ، وللمحكمة الإدارية  سلطات واسعة في المنازعات الجبائية فلها سلطة إسقاط مبلغ الرسم كليا أو جزئيا أو إبقاءه على ما هو عليه ، كما لها سلطة إيقاف قرار الإدارة المتعلقة بالمتابعات أو الإكراه في مجال تحصيل الرسوم ، وتقوم بذلك في إطار دعوى القضاء الشامل وليس في مجال دعوى الإلغاء حيث لا تملك المحكمة في هذه الحالة إلا أن تقرر شرعية أو عدم شرعية فرض الرسوم دون تعديل المبالغ المفروضة

ويتعين أن يشمل الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية في إطار المنازعة الجبائية الحيتيات والمنطوق والتعليل حسب منطوق الفصل 50 من ق م م ويتم تبليغ الحكم إلى طرفي النزاع من طرف كتابة ضبط المحكمة الإدارية أو بواسطة البريد المضمون .

وعملا بمبدأ التقاضي على درجتين يمكن لطرفي النزاع الجبائي استئناف الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية أمام محكمة الاستئناف الإدارية داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم حسب المادة (9) من القانون رقم 03 – 80. المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية [120].

وفي حالة عدم استئناف الحكم داخل الأجل القانوني المشار إليه أعلاه من طرف كلا المتنازعين فإنه يصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به ويتحتم على الإدارة تنفيذه.

الفقرة الثالثة : طرق الطعن وإشكالية تنفيذ الأحكام القضائية.

الأحكام القضائية هي عنوان الحقيقة وليست الحقيقة ذاتها، كما أنها نسبية فيما تقضي به ، وأنها لا تصبح باثة إلا عندما تستنفد جميع طرق الطعن العادية والغير العادية.

كما أن الأحكام القضائية مهما تحرت الصواب إلا أن احتمالات الخطأ فيها تبقى واردة بلاشك، ورغبة من المشرع في ضمان حقوق وصيانة المتقاضين لم يجعل هذه الحقوق حبيسة أفكار وتوجهات هيئة قضائية معينة بل فتح الباب أمام المتقاضين لعرض نزاعهم على أكثر من جهة قضائية مختلفة من حيث تركيبتها وتوجهاتها وذلك تأكيدا لطابع الحياد والمصداقية والعدالة وهو الشعار الذي يطبع مؤسسة القضاء [121].

إلا أن إمكانية الطعن في الأحكام القضائية التي فتحها المشرع للملزم لا أثر لها على تنفيذ هذه الأحكام نظرا لكونه نص عليها ضمنيا لإثبات قرينة المشروعية لكونها تستهدف في الأساس خدمة الصالح العام مما يستلزم الحيلولة دون عرقلة مفعولها بإقامة طعون تكون أحيانا كيدية لا يراد منها سوى المماطلة والتسويف إلا أنه قبل البحث في أثر الطعن على تنفيذ الأحكام يكون بالأولى التساؤل عن مدى احترام الطرف المحكوم عليه واستعداده  لتنفيذ الأحكام القضائية خصوصا عندما يتعلق الأمر بتلك التي تقرر حق الملزم ضد الإدارة .

وعليه سنتناول في هذه الفقرة طرق الطعن في الأحكام القضائية الصادرة في المادة الجبائية المحلية ( أولا ) وبعدها سوف نعالج إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في المادة الجبائية ( ثانية)

أولا : طرق الطعن في الأحكام القضائية

إن المنازعات المرتبطة بالجبايات المحلية شأنها شأن جميع المنازعات سواء تلك المرتبطة بالضرائب أو تلك المرتبطة بقانون المسطرة المدنية، هذا الأخير ميز من خلاله المشرع بين طريقتين من طرق الطعن، فهناك الطرق العادية ويضم الطعن بالاستئناف والتعرض وهناك الطرق غير العادية ويتمثل في التماس وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والنقض فهل يمكن تطبيق هذه الطرق عندما يتعلق الأمر بالمنازعة في الجبايات المحلية [122].

لقد أكد المشرع المغربي ان المنازعات الجبائية بصفة عامة تخضع لنفس طرق الطعن التي تخضع لها المنازعات العادية المنصوص في ق م م وباعتبار الجبايات المحلية ذات الصلة بتلك المستخلصة لفائدة الدولة يكون من الطبيعي خضوعها هي الأخرى لنفس المقتضيات المطبقة في المادة المدنية.

1-طرق الطعن العادية

وتتجلى في التعرض والطعن بالاستئناف وسنتناول تباعا .

أ-التعرض

التعرض طريق من طرف الطعن في الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة الإدارية إذا لم تكن قابلة للاستئناف .

ويعتبر الحكم غيابيا في المنازعات الجبائية عندما لا يقدم الملزم مذكراته بعد أن تم تبليغه من قبل المحكمة بالطعن لمقدم من طرف الإدارة الجبائية ، ولكن مع ذلك يبقى مجال الطعن بالتعرض جد ضيق  خاصة بعد أن أصبحت إقامة الدعوى أمام لمحاكم الإدارية تقتضي إلزاما أن تكون بواسطة محام

غير أنه وبالرجوع إلى الفصل 130 من ق م م نجده ينص على عدم جواز التعرض على الأحكام الغيابية إذا كانت قابلة للاستئناف واستناذا إلى المادة 45 من القانون رقم 90-41 المحدث الإدارية التي تنص على ان أحكام المحاكم الإدارية قابلة لاستئناف فإننا نستنتج أن الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم غير قابلة للطعن بالتعرض لعدم جواز الجمع بين التعرض والاستئناف . باستثناء ما جاء به القانون المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية والذي نص على أن الأحكام الصادرة في إطار فحص شرعية القرارات الإدارية أو المنازعات الإدارية ، الصادرة عن المحاكم الإدارية  ابتدائيا وانتهائيا وبالتالي فهي غير قابلة للطعن بالتعرض [123].

ب: الطعن بالاستنئاف

الاستئناف وسيلة من طرق الطعن العادية يلتمس فيه الطاعن من محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم الابتدائي مجال الطعن، إبطال هذا الحكم كلا أو جزءا أو الفصل في الدعوى من جديد ابتغاء تدقيق النزاع  ثانية والحكم فيه من جديد على نحو يصحح معه الخطأ الذي تضرر منه الفريق الطاعن[124].

وقد أسندت المادة 45 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية للغرفة والإدارية بالمجلس الاعلى صلاحية البت استئنافيا في الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية ويمارس المجلس الأعلى كافة الاختصاصات المخولة لمحاكم الاستئناف أثناء نظره في أحكام  المحاكم الإدارية المستأنفة لديه، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 329 وما يليه إلى الفصل 336 من ق م م والتي تحيل عليها المادة 46 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية .

إلا أن هذه الوضعية ستعرف تغييرا كبيرا ، بدخول القانون رقم 03- 80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية حيز التنفيذ حيث أسند هذا الأخير اختصاص النظر في الأحكام الابتدائية الصادرة عن المحاكم الإدارية إلى محاكم استئناف إدارية [125] وذلك داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم الإداري الابتدائي [126]

وتنص المادة الحادية عشرة من نفس القانون أعلاه أن الاستئناف يرفع إلى محكمة الاستئناف الإدارية بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام مع إعفاء طلب الاستئناف من أداء الرسوم القضائية ، ويودع المقال الاستـئنافي بكتابة ضبط المحكمة الإدارية مصدرة الحكم المراد استنئافه والتي تتولى رفعه إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف الإدارية داخل أجل 15 يوما من تاريخ إيداعه لديها [127].

وفي غياب مسطرة خاصة على مستوى المحاكم الإدارية الابتدائية أو الاستئنافية فإن القانون المنظم لهذه الأخيرة قد أحال بخصوص المسطرة المتبعة على القواعد المتعلقة المسطرة المدنية[128].

2-طرق الطعن غير العادية

بالرجوع إلى التشريع الجبائي المغربي لا نجد أي نص يمنع الملزم أو الإدارة من اللجوء إلى طرق الطعن غير العادية وتتجلى هذه الأخيرة في تعرض الغير الخارج عن الخصومة والتماس إعادة النظر في الطعن بالنقض وسنعالج كل حالة على حدى في النقط التالية :

أ‌-      تعرض الغير الخارج عن الخصومة

هو طريق استئنافي وضعه المشرع في تناول الأشخاص الذين لم يكونوا أطرافا ولا ممثلين في دعوى صدر فيها حكم أضر بمصالحهم وحقوقهم فهل يجوز سلوك هذه المسطرة أمام المحاكم الإدارية ؟

باعتبار أن مواد القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية تحيل على فصول المسطرة المدنية فلا شيء يمنع من اللجوء إلى هذه الوسيلة للطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية، إلا أنه فيما يخص المنازعات الجبائية نادرا ما يتم اللجوء إلى هذا النوع من الطعن بالنظر لكون الإجراءات الجبائية الخاصة بالمادة الخاضعة للرسم تتميز بالدقة في تعيين الشخص المعني بالرسوم المحلية ، إضافة إلى أن المحكمة تقتصر في حكمها إما على إلغاء الرسم أو الاحتفاظ به وبالتالي لا تحمل الغير أية تبعات .

 

 

ب‌-  التماس إعادة النظر

الطعن بالتماس إعادة النظر هو طريق غير عادي للطعن في الأحكام الانتهائية يرفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ويرمي من خلاله الطاعن إلغاء حكم قضائي لم يعد قابلا للطعن فيه بالطرق العادية كالتعرض أو الاستئناف وذلك استنادا للأسباب الواردة في الفصل 402 من ق م م [129].

ونسجل بخصوص التماس إعادة النظر عدم إشارة المشرع إليه سواء في القانون رقم 90-41 أو القانون رقم 03-80 غير انه لا يوجد لأي نص يمكن ان يستفاد منه المنع من اللجوء إليه أمام القضاء الإداري وبالنظر إلى انعدام مسطرة خاصة للتقاضي الإداري فإن الفصل 303 من ق م م المحال عليه ينص على إمكانية الطعن بالتماس إعادة النظر في حالة مس الحكم التقاضي بحقوق الغير، وفي المجال الجبائي غالبا ما تدعي الإدارة أن المحكمة قضت بما يطلب منها محاولة منها لتحريف مسار الدعوى الجبائية

والتماس إعادة النظر يقدم في شكل طلب إلى المحكمة التي أصدرت الحكم داخل أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه ، مع ضرورة إرفاقه بوصل يثبت إيداع مبلغ لكتابة الضبط يساوي الحد الأقصى للغرامة التي يمكن الحكم بها على الطرف الذي يخسر طلب إعادة النظر [130]

ج- الطعن بالنقض

طلب النقض هو طريق غير عادي يهدف إلى عرض الحكم المطعون فيه على المجلس الأعلى قصد نقضه لما يشوبه من عيوب قانونية سواء مـن الناحية

الإجرائـية أو الموضوعية [131]

وحسب المادة 359 من ق م م فإن طلب النقض يجب أن يستند إلى أحد الأسباب التالية  :

·       خرق القانون الداخلي

·       خرق قاعدة المسطرة أضرت  بأحد الأطراف

·       عدم الاختصاص

·       عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل

وقد تم الاعتراف لأطراف النزاع الجبائي بإمكانية توجيه طعن بالنقض بمقتضى المادة 16 من القانون رقم 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية ، حيث إنه نادرا ما تتوقف المنازعة عند حدود طرق الطعن العادية إلا أن اختصاص المجلس الأعلى في هذا الشان لا يجب أن يفهم منه على أنه محكمة موضوع يبت في جوهر النزاع إنما هو محكمة قانون يراقب مدى احترام الحكم المطعون فيه للنصوص القانونية الجاري بها العمل.

وفي معرض بته في طلب النقض يكون الحكم الصادر عن المجلس الأعلى إما بقبول النقض أو رفضه فإذا رفض النقض اكتسب الحكم المطعون فيه مناعة مطلقة وأصبح في منأى عن أي طعن، اما إذا قبل طلب النقض فإن الحكم المنقوض يجرد من كافة أثاره ويعتبر كأنه لم يكن ويعاد بالأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل صدوره ويترتب عن ذلك بطلان جميع الأعمال التنفيذية التي اتخذت من أجل تنفيذ الحكم المنقوض وترجع القضية نتيجة إلى ذلك إلى المحكمة التي أصدرت الحكم [132].

 

 

ثانيا : إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية .

ليست العبرة بصدور الأحكام وإنما بحيازة المحكوم له بما تقضي به تلك الأحكام، وبذلك تصبح واقعة التنفيذ الإجراء الأهم لتمكين ذوي الحقوق من حقوقهم.

لكن فيما يتعلق بالأحكام الصادرة في المادة الجبائية نلاحظ أن واقعة التنفيذ تعتريها العديد من الصعوبات والإكراهات تمس حجية الأحكام القضائية ومصداقيتها وهو ما أملى على المشرع البحث في تدابير ملائمة لضمان احترام تنفيذ الأحكام القضائية، وعليه سنتعرض لصلاحية القاضي في تنفيذ الأحكام القضائية ثم إلى الإكراهات المرتبطة بذلك ، والتدابير المقترحة لاحترام عملية التنفيذ.

1-   صلاحية القاضي في شأن تنفيذ الأحكام القضائية

تتجلى هذه الصلاحية في حالتين: حالة تنفيذ الأحكام القضائية، وحالة عدم تنفيذها وإيقافها ،وسنعالج ذلك تباعا

أ‌-    حالة التنفيذ :

إن احترام مبدأ الفصل بين السلط يجعل القضاء يتكلف بالتحري في شأن كل المنازعات المعروضة عليه واستعمال كافة الإجراءات اللازمة للكشف عن ملابسات القضية مع توظيف كل النصوص القانونية الممكن تطبيقها على الواقعة وتحكيم سلطته التقديرية والبحث عن كل ما يحقق ضمانة للملزم وصيانة حقوقه دون أن يكون ذلك على حساب الإدارة الجبائية لأن القضاء ملزم بتحقيق معادلة صعبة تتلخص في ضرورة حماية وصيانة حقوق الملزم وتحقيق المردودية الجبائية .

ولا يطرح الإشكال عندما يكون حكم القضاء يرتب حقا للإدارة على الملزم لأن هذا الأخير كطرف ضعيف في هذه المعادلة ملزم بالانصياع للحكم وتنفيذه مادامت الإدارة تملك كل الوسائل لأجل تنفيذ الأحكام الصادرة  لصالحها ولكن عندما يتعلق الأمر بالحكم القضائي الذي يرتب حق للملزم على الإدارة هنا يطرح الإشكال ، بحيث أن القاضي يكتفي بإصدار الحكم دون أن يلزم الإدارة بالتنفيذ ، الأمر الذي يحد من فعالية الجهاز القضائي لأن المهم في العملية ليس إصدار الحكم ولكن التنفيذ كغاية أساسية من وراء طرح النزاع على القضاء فكيف يمكن جعل الإدارة ترضخ وتنفذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها ؟[133].

إن التطبيق السليم للقانون ومنح المحاكم الإدارية الآليات القانونية والمادية والبشرية لا يقتصر على تفعيل المقتضيات القانونية والبت فيما يعرض عليها من نزاعات فحسب بل يتعداه إلى الحرص على تتبع ومراقبة مدى احترام الإدارة للأحكام الصادرة عن القضاء خصوصا وأن الأحكام الصادرة ضدها تقضي بتعويضات غالبا ما تكون هزيلة ولا ترقى إلى المستوى الذي يجعل الإدارة تتهرب من تنفيذ التزاماتها.

والإدارة غالبا ما تتدرع بنقص الاعتمادات المالية عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مقررات قضائية صادرة ضدها لصالح الملزم، غير أنه وللحفاظ على طابع المصلحة العامة في علاقتها مع الملزمين، ينبغي من وجهة نظرنا اتخاذ بعض التدابير كي لا تضيع حقوق الملزم، ومنها :

*تخصيص فصل ضمن الميزانية للجماعات المحلية لتعويض المستفيد من أحكام قضائية ضد الإدارة .

*إحداث خلايا لتتبع الأحكام وتوفير الاعتمادات المالية المتعلقة بالتنفيذ

*إحلال الخزينة العامة محل الإدارة الجبائية في الأداء وإن كان هذا الإجراء يتطلب إطار قانوني ينظمه

ب‌-              حالة إيقاف التنفيذ

 استنادا للفصل 361 من ق م م المادة 24 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية  يمكن للقاضي أن يأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ المقررات الإدارية ، ولا يمكن طلب إيقاف التنفيذ إلا إذا سبق للمعني بالأمر أن قدم طلب بالإلغاء صراحة في نفس الموضوع .

وقد قضت الغرفة الإدارية في إحدى قراراتها [134] بإيقاف تنفيذ قرارات إدارية بصفة استثنائية عندما رأت أن تطبيقها سيلحق بالطاعن أضرارا لا يمكن تعويضها.

2-الإكراهات المرتبطة بتنفيذ الأحكام القضائية

بالرغم من اكتساب الأحكام القضائية عند صدورها لحجية الشيء المقضي به فإن عملية تنفيذها تطرح عدة إشكالات ، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بتلك الصادرة ضد الإدارات العمومية .

وبإلقاء نظرة على القانون المحدث للمحاكم الإدارية فلا نجد إطلاقا مقتضيات قانونية تتحدث عن تنفيذ الأحكام والمسطرة المتبعة في ذلك باستثناء المادة 49 الوحيدة التي أكدت بأن التنفيذ يتم بواسطة كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم دون توضيح مهمة عون التنفيذ ولا كيفية التنفيذ ولا الجزاء الواجب اتخاذه ضد الممتنع عن التنفيذ وبالموازاة مع ذلك تم إحداث مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبة على مستوى المحاكم العادية قصد تحقيق العدالة وصيانة حقوق المتقاضين[135] .

وعليه نجد أن المسؤولية يتحملها رئيس المجلس الجماعي إذ بالرجوع إلى مقتضيات الميثاق الجماعي[136] نجده يجعل منه الشخص المؤهل لتمثيل الجماعة أمام القضاء وطبيعي أن يكون مسؤولا بالضرورة عن عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة .

هذا ما تزكيه صفة الأمر بالصرف الذي يخولها القانون لرئيس المجلس الجماعي حيث أن تنفيذ الأحكام يحتاج إلى أموال ورصدها تبقى من مهمة المجلس

الجماعي في شخص رئيسه .

3-التدابير المقترحة لاحترام تنفيذ الأحكام القضائية

حماية للملزمين فإن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة تعتريها صعوبات عدة سواء على مستوى الأليات القضائية أو القانونية ، وفي نظرنا وتحقيقا للعدالة وصيانة لحقوق المتقاضين ، ومواكبة لتطوير البنيات الإدارية والمؤسساتية في مجال فض المنازعات ولاسيما منها ذات الطبيعة الجبائية يتعين اتخاذ التدابير التالية :

أ-إحداث وحدات إدارية لتدبير الشؤون القانونية والمنازعات تكون مهمتها مواكبة الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارية وتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتعويض المتضررين من القرارات الإدارية ، وإسناد تسيير هذه الوحدات لأطر تتمتع بتكوين قانوني وجبائي .

ب-إحداث خلية ذات تكوين قانوني بالمؤسسات العمومية وهي خلايا سبق أن تم الإعلان عنها خلال سنة 1999 [137]، إلا أنه يتم تفعيلها على أرض الواقع لغياب الإحساس لدى المسؤولين القائمين على تسيير الوزارات والمؤسسات العمومية بأهميتها الآمر الذي يجعل حقوق الملزمين تضيع في ردهات المحاكم .

إذ بعد استعراض الأحكام العامة للتقاضي في مجال المنازعات الجبائية ، وتبيان الطرق المعتمدة في تهييء الدعوى الضريبية والقضاء المختص والإجراءات المتبعة بخصوص البت في النزاع الجبائي والإشكالات المطروحة على مستوى تنفيذ الأحكام القضائية نحاول في المبحث الموالي رصد الإشكالات العملية المطروحة على القضاء الإداري بخصوص الدعوى الجبائية والمعيقات التي تعترضه في هذا المجال مع اقتراح بعض النقط لتفعيله وجعله يواكب العمليات التقنية التي أصبح يعرفها المجال الضريبي وذلك في إطار عملية تقييمية  للعمل القضائي في المادة الجبائية .

 

المبحث الثالث : تقييم العمل القضائي في المنازعات الجبائية المحلية

لقد تعددت الكتابات بخصوص تقييم تجربة القضاء الإداري في المادة الجبائية من خلال رصد للصعوبات التقنية والقانونية التي تعترض عمل القاضي في التفاعل مع الدعوى الجبائية، ونحن في إطار هذا المبحث وما دمنا بصدد تناول وضعية طرفي العلاقة الجبائية المحلية سنحاول الخروج عن المنهج السابق وذلك بتناول العمل القضائي في المنازعات الجبائية في إطار إبراز الضمانات المخولة للملزم في المرحلة القضائية للمنازعة الجبائية باعتباره الطرف الضعيف في هذه المعادلة وتبيان دور القضاء الإداري في صيانة حقوقه والدفاع عن مصالحه في كافة مراحل الدعوى الجبائية تم نتعرض بعد ذلك لبعض المعيقات التي تؤثر على مردودية القضاء في مواجهة المنظومة الجبائية المحلية .

المطلب الأول: دور القضاء الإداري في حماية مصالح الملزم

لقد شكل إحداث المحاكم الإدارية حدثا قانونيا مهما في المغرب حيث ساهمت هذه المحاكم في ترسيخ ثقافة جديدة في تعامل الجهاز الإداري مع المواطنين فمن جهة أصبحت الإدارة المغربية تولي اهتماما أكبر لاحترام المقتضيات القانونية وخاصة منها المساطر الإدارية الواجبة الاتباع لاتخاذ قرار معين ومن جهة ثانية أصبح المواطن أكثر وعيا بحقوقه ومكانته كعنصر يمكنه مقاضاة الإدارة متى شعر بتعسفها .

ولم تخرج العلاقة بين الإدارة الجبائية والملزم عن هذا الإطار حيث شهدت هي الأخرى تطورات كبيرة منذ بداية العمل بالمحاكم الإدارية لدرجة أصبحت معه الإدارة الجبائية تأخذ بعين الاعتبار في تصرفاتها وفي المقررات التي تتخذها وجود رقابة قضائية تمارسها المحاكم الإدارية، ولعل المتتبع للنصوص القانونية المنظمة لمختلف أنواع الضرائب والرسوم سيلاحظ التعديلات المذكورة التي ما فتئ المشرع يدخلها على هذه القوانين وبوثيرة متصاعدة مند بداية العمل بهده المحاكم دون أن نغفل العدد الكبير للقضايا الجبائية المحلية التي تسجل سنويا لدى المحاكم الإدارية مما يؤكد اقتناع جمهور الملزمين بجدوى هذه المنازعات بكونها ضمانة أساسية للحفاظ على حقوقهم والدفاع عنها في مواجهة كل تعسف قد تقدم عليه الإدارة الجبائية أو خطأ يعتري عملها.

وسنعرض في هذا المطلب إلى الضمانات المخولة للملزم في إطار المنازعة القضائية ثم الصلاحية التي تتمتع بها القاضي الإداري في المادة الجبائية

الفقرة الأولى: الضمانات المخولة للملزم في الجبايات الملحية

يعتبر سلوك طريق الطعن القضائي من أنجع الوسائل التي تضمن الحفاظ على الملزم على حقوقه وتكريس الضمانات القانونية التي يتمتع بها، ومرد هذه النجاعة يعود إلى مجموعة من الخصائص التي يتميز بها الجهاز القضائي وكذا المسطرة القضائية في مجال المنازعات الجبائية .

أولا : استقلالية الجهاز القضائي وحياده

يتميز الجهاز القضائي بخاصيتين هامتين هما الاستقلال والحياد، وهما اللتان تشجعان أغلب الملزمين لسلوك مسطرة الطعن الإداري بالنظر لما يتمتع به القاضي من حرية التحرك دون الخضوع لأية ضغوطات كيفما كانت طبيعتها ومصدرها حيث يعامل أطراف الدعوى على قدم المساواة دون منح امتيازات لأي طرف، فالقاضي يسهر على احترام قواعد المسطرة الواجبة الاتباع أمام المحاكم الإدارية تم يبث بعد ذلك في موضوع القضية طبقا للقانون وبناءا على الحجج والدلائل التي قدمها كل طرف ، ومن خلال عمله هذا يقوم القاضي الإداري بمراقبة عمل الإدارة الجبائية ومدى مطابقتها للضوابط القانونية احتراما لمبدأ الشرعية مما يساهم في حماية ممتلكات الأفراد وطمأننتهم وفي نفس الوقت صيانة حقوق الخزينة العامة مما يكفل التوازن بين طرفي يوجدان واقعيا في وضعية غير متكافئة لكن يقفان أمام القضاء الإداري على قدم المساواة دون أي تميز أو تحيز لأي منهما .

 

 

ثانيا : طبيعة مسطرة التقاضي

كما سبق وأن تعرضا إلى ذلك في إطار الحديث عن خصائص مسطرة التقاضي أمام المحاكم الإدارية وتميزها بطابعها الكتابي والتوجيهي والتفتيشي وهذه الخصائص كلها تساهم في إضفاء نوع من الوضوح والشفافية على المسطرة القضائية حيث إن الملزم يقدم طلباته كتابة عن طريق محام له دراية كاملة بالنصوص القانونية ، إضافة إلى إطلاعه على المساطر الواجبة الاتباع في مثل هذه القضايا ويمكن الطابع الكتابي كذلك الملزم من عرض وجهة نظره على هيئة المحكمة بكل تفصيل وبشكل دقيق أيضا هذا إلى جانب إتاحتها الفرصة أمام القاضي للتمحيص في كل تضمنته مذكرات الأطراف والتمعن في الوسائل التي يستند إليها هؤلاء لبناء مواقفهم .

إضافة إلى ذلك يمكن الطابع التواجهي للمسطرة القضائية في القضايا الجبائية من إتاحة الفرصة أمام الإطراف وخاصة الملزم للإطلاع على الوسائل التي تعتمد عليها الإدارة الجبائية وتفيدها عن طريق الإدلاء بحجج مضادة

فالحق المعترف به للملزم لإبداء ملاحظاته وآراءه أثناء المسطرة القضائية يدخل في صميم  الطابع التوجيهي لهذه المسطرة إضافة إلى عدم إمكانية التدرع بالسر المهني من طرف الإدارة الجبائية للامتناع عن إطلاع الملزم على الوثائق المستعملة ضده، وإن كان المشرع  المغربي لم يوضح، الحدود التي يجب الوقوف عندها بخصوص طبيعة تلك الوثائق [138] خصوصا إذا ا تضمنت معلومات عن الأغيار والتي استندت إليها الإدارة الجبائية كمراكز للمقارنة .

ثالثا : التخفيف من الطابع المسطري للمنازعة الجبائية

لقد راكم القاضي الإداري منذ إحداث المحاكم الإدارية تجربة محترمة في القضايا الضريبية المرفوعة أمامه خصوصا مع تكاثرها وتنوعها وهذا ما أدى إلى ظهور أحكام قضائية تكرس بشكل كبير الضمانات المخولة للملزم وتعزز من الحماية القضائية لهذا الأخير مستفيدة في أحيانا كثيرة من غياب نصوص قانونية صريحة أو من غموض بعض تلك النصوص، وقد عزا بعض الفقه [139] تلك المواقف القضائية إلى رغبة القاضي الإداري في تطبيق المسطرة المتعلقة بقبول الطعن القضائي وتجاوز مساوئ التطبيق الحرفي للنصوص القانونية ومن بين مظاهر تلطيف المسطرة نورد النماذج التالية :

1-قبول دعوى المنازعة ولو قدمت قبل الأوان حيث اعتبر القاضي الإداري[140]  لجوء الملزم إلى الطعن القضائي دون انتظار انقضاء الأجل الممنوح للإدارة للجواب لا تأثير له على قبول الدعوى طالما أن الإدارة قد حددت موقفها من شكاية الملزم أثناء جوابها خلال المسطرة القضائية .

2-قبول الطعن القضائي متى قدم داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ بقرار رفض الشكاية حتى ولو قدمت هذه الشكاية خارج الأجل القانوني في الحالة التي لا تتمسك فيها الإدارة الجبائية بفوات الأجل في معرض إجابتها على شكاية الملزم وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بوجدة حيث اعتبرت أنه " لا يجوز للإدارة أن تحتج في مواجهة الطاعن بعدم تقديم شكايته داخل الآجال المقررة قانونا مادام أنها لم تتمسك بالخرق الشكلي المذكور بمناسبة الجواب عن موضوع الشكاية  وأن جوابها عن موضوع تلك الشكاية دون إثارة خرق الأجل المذكور يمنعها من التمسك به بمناسبة النزاع القضائي[141].

3-قبول الطعن في مقرر الإدارة الجبائية ولو قدم خارج الشهر السابع الموالي الستة أشهر المحددة لجواب الإدارة طبقا للفقرة الثانية من المادة 165 من قانون 06-47 المتعلق بالجبايات المحلية متى قدم داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ به إذا أجابت الإدارة بعد انصرام أجل الستة أشهر فهي تفتح أمام الملزم أجلا جديدا للطعن في قرارها أمام القضاء الإداري طالما أن العبرة بتاريخ تبليغ الملزم بجواب الإدارة [142].

إن هذه النماذج من المواقف القضائية وإن كانت تساهم في ترسيخ الضمانات التي يتمتع بها الملزم وإعادة التوازن للعلاقة غير المتكافئة بين هذا الأخير والإدارة الجبائية فإن ذلك يطرح على هذه الأخيرة مواكبة هذه الاجتهادات وذلك بحث موظفيها على الاحترام التام للمساطر القضائية إضافة إلى خلق نوع من الثقة المتبادلة مع الملزمين خدمة لحقوق هؤلاء ومصلحة الخزينة العامة .

الفقرة الثانية : صلاحية القاضي في المادة الجبائية  المحلية

 الحديث عن صلاحية القاضي في المادة الجبائية هو محاولة للوقوف عند الدور الذي يلعبه القاضي" الجبائي"[143] إعمالا لمبادئ العدالة والإنصاف ولو كان على حساب بعض المقتضيات القانونية

أولا : رقابة القضاء على ضرورة استيفاء المرحلة الإدارية

هناك بعض المقتضيات القانونية سواء منها تلك الواردة في الميثاق الجماعي[144] أو في قانون الجبايات المحلية[145] تلزم الملزم بضرورة سلوك إجراءات معينة قبل رفع النزاع أمام القضاء تحت طائلة عدم القبول وهذه الإلزامية لا تتعلق فقط بالرسوم المحلية بل بضرائب الدولة .

وبذلك تعتبر المرحلة ما قبل القضائية إلزامية في مسطرة النزاع الجبائي الذي ينصب على وعاء الرسم وتصفيته ويترتب عن اتباعها من طرف الملزم رفض الدعوى التي يرفعها بكونه لم يحترم المرحلة التمهيدية التي لها عدة إيجابيات كما سبق أن أوضحنا ذلك في الفصل الأول، وهذه الإلزامية في سلوك مسطرة التظلم الإداري قبل اللجوء إلى القضاء تمت تزكيتها من طرف العديد من الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية كما هو الشأن في الحكم الصادر عن المحكمة بالرباط [146] الذي ذهب إلى اعتبار المنازعة الجبائية ينبغي أن يسبقها تقديم مطالبة إلى الأمر بالصرف تحت طائلة عدم القبول .

ثانيا : سلطة القاضي إزاء بعض الإجراءات

يضطلع القاضي " الجبائي" بدور مهم ليس في تطبيق القانون فحسب بل أيضا في اعتماد وتوظيف كل ما يفيد الدعوى الجبائية المعروضة أمامه ويستبعد كل ما لا يخدم النزاع ، فهو يستعين بالخبير بالنظر لما تتطلبه العملية المحاسبية من تقنيات دقيقة كما أنه قد يخرج عن القواعد العامة للأسباب الواردة في المادة المدنية والتي تلقي عبء الإثبات على المدعي وجعله على عاتق الإدارة .

1-   مبررات قلب عبء الإثبات

سبقت الإشارة إلى أن عبء الإثبات يقع على المدعي وبما أنه في مجال المنازعات الجبائية يكون الملزم في غالب الأحيان هو الطرف المدعي والإدارة هي المدعى عليها، وبالتالي فالملزم عليه توفير كل وسائل الإثبات في مواجهة الإدارة الجبائية والسؤال المطروح هو هل القاضي الإداري هل هو ملزم لتطبيق حرفية النصوص القانونية التي تحكم النزاعات عموما والجبائية على وجه الخصوص؟ إن الصلاحيات المخولة للقاضي الإداري تقتضي  منه التوسع في تفسير النصوص القانونية وعدم حصرها في المجال الضيق خدمة وصيانة لحقوق الملزمين وضمانة لهم في مواجهة الإدارة .

2-نحو تحيين النصوص القانونية :

بحكم تطور مفهوم حقوق الإنسان وإحداث المحاكم الإدارية، وتطور وعي الملزمين ألا يحق للقاضي أن يقلب عبء الإثبات على الإدارة نظرا لكونها تتوفر على الملفات والوثائق كضمانة إضافية لصالح الملزم وخاصة منه الشخص الطبيعي، ثم ألم يحن الوقت لإجراء تعديل تشريعي على مستوى قواعد الإثبات يأخذ بعين الاعتبار الهدف من إحداث المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية ويساير الضمانات المقررة للملزم كطرف ضعيف في المعادلة الجبائية ؟

وهذا لن يتأتى إلا بتحيين النصوص القانونية خاصة فيما يتعلق بالمادة المدنية وإيجاد بديل عن مقتضياتها ذات الصلة بالمساطر المتبعة أمام القضاء الإداري ، بل وإقرار مساطر خاصة بالتقاضي الإداري على ضوء ما تشهده الحركة التشريعية من تغيرات .

 

المطلب الثاني : معيقات العمل القضائي في المادة الجبائية

على الرغم من أهمية الضمانات التي يتيحها الطعن القضائي للملزم بالنظر إلى الدور الذي أصبحت تلعبه المحاكم الإدارية مند إحداثها إلا أن عوائق كثيرة تحول في بعض الأحيان إما دون ممارسة الطعن القضائي أو دون تحقيق العدالة المرجوة بالرغم من ممارسة هذا الطعن وسنقتصر على معالجة هذا المطلب من خلال مستويين يتعلق الأول بالإشكالات المطروحة على مستوى النصوص القانونية والثاني يتعلق بالإشكالات المتعلقة بما هو تقني .

الفقرة الأولى : على المستوى القانوني

إذا كان إحداث  المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية قد شكل طفرة نوعية في مجال التنظيم القضائي كونه أدى إلى تنامي وعي المواطن بمكانته كعنصر يمكنه مقاضاة الإدارة والمؤسسات العمومية متى شعر بتعسف صادر في حقه وتجاوز النظرة التي كانت سائدة على مستوى الإدراك الجماعي بأن المخزن لا يمكن أن يقاضى أمام المخزن ، إضافة إلى كونها ساهمت في إبراز وتحقيق ثقافة حقوقية وقضائية، جعلت المغرب يحتل مراتب متقدمة من حيث التنوع والتنظيم القضائيين ، غير أنه على صعيد النصوص القانونية المنظمة لذلك فقد برزت مجموعة من الثغرات حدت من صلاحية القاضي في إيجاد حل للعديد من المنازعات المطروحة على أنظار القضاء الإداري.

ويتجلى هذا القصور على المستوى القانوني في انعدام مساطر خاصة بالمنازعات الإدارية الأمر الذي يتبين من خلال الإحالات العديدة المنصوص عليها في القانون المنظم للمحاكم الإدارية على قواعد المسطرة المدنية إضافة إلى غياب مؤسسة قاضي التنفيذ على غرار ما هو معمول به على مستوى المحاكم العادية الأمر الذي يجعل صدور الإحكام لا قيمة لها ولا سيما تلك الصادرة ضد الإدارة ولصالح الملزمين إضافة إلى غياب التنصيص على العقوبات الزجرية في شأن رفض تنفيذ الأحكام القضائية مما يجعل حقوق المواطن تضيع بين ردهات المحاكم .

كما يلاحظ هيمنة الجوانب الشكلية والإجرائية على مستوى عمل المحاكم الإدارية إذ أن غالب المطالبات يتم رفضها بوجود إخلالات شكلية تكون من جانب الملزم كعدم احترامه لضوابط التظلم التمهيدي أو في الحالة التي تكون فيها  ملتمسات المدعين غير مطابقة لمقالاتهم أو للرسوم المتنازع فيها أو مبالغها أو تكون غامضة ومبهمة، بحيث لا يتبين للقاضي مطالب المدعين إضافة إلى عدم الإلمام بالنصوص القانونية المنظمة للجبايات المحلية تجعل المدعي أو دفاعه إما لا يحترم أجال الطعن وإما توجيهه لجهة غير معنية مما يجعله غير مقبول شكلا .

وبتفحصنا لمجموعة من الأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء الإداري يتبين أن أغلبها لم يتم البت فيها بمجرد وجود عيوب شكلية وإجرائية ترجع أسبابها إلى انعدام ثقافة جبائية لدى الملزم في الجباية المحلية وكذلك في انعدام التواصل الإعلامي ما بين طرفي العلاقة الجبائية المحلية.

الفقرة الثانية : على المستوى التقني

في هذا الجانب أولا ملاحظة تتعلق بانعدام التخصص لدى قضاة المحاكم الإدارية في المادة الجبائية باعتبارها مادة تقنية تتطلب إلماما شاملا ومدققا بالعمليات المحاسبية كونها تعتمد على أرقام ومستندات ووثائق الأمر الذي ينعكس سلبا على مردودية القضاء الإداري في حل المنازعات الجبائية ويفتح في نفس الوقت المجال أمام الخبير الذي وإن نص ق م م في الفصل 55 على إمكانية تعيينه من تلقاء المحكمة أو بناءا على طلب الأطراف أو أحدهم وأن رأيه لا يلزم القاضي بل يأتي على سبيل المساعدة لإجلاء الحقيقة غير أنه بالنسبة للمادة الجبائية التي تتسم بالطابع التقني وارتباطها الوثيق بالمحاسبة تجعل القاضي عاجزا عن فك طلاسيم الجداول  الضريبية ومحتوى الرسائل التبليغية على إثر الفحص الجبائي وبالتالي  عن البت في النزاع المطروح واتخاذ القرار الملائم  مما يدفعه إلى الاستعانة بالخبراء في المحاسبة.

ورغم أن تقارير الخبرة كما سبق الذكر تكتسي طابعا استشاريا واستثنائيا فإنه في المادة الجبائية غالبا ما تصبح ذات صبغة تقريرية ويصبح الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية هو صادر في الأصل عن الخبير وليس القاضي الإداري الأمر الذي يجعل هذا الأخير مجرد منفذ لنتائج الخبرة وهذا ما يؤثر على الاستقلالية المرجوة من القضاء .

إضافة إلى ذلك نجد أن التنصيص على اشتراط توكيل محام لرفع أية قضية أمام المحاكم  الإدارية ومنها المنازعات الجبائية يجد بشكل كبير من إمكانية اللجوء إلى الطعن القضائي وذلك لما يتطلبه هذا التوكيل من مصاريف قد تكفي لوحدها لتجعل أي ملزم يتراجع عن اللجوء إلى المحكمة الإدارية خصوصا إذا كانت المبالغ المتنازع حولها قليلة ولا تكفي حتى لتغطية المصاريف القضائية .

كما نسجل على هذا المستوى ، وبالرغم من تطور الحركة التشريعية بالمغرب في مختلف المجالات فإن عدد المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية بقي على ما هو عليه بحيث أنه لا يستجيب لمبدأ تقريب القضاء من المتقاضين وتشجيع الملزمين على تقديم مطالباتهم لضمان حقوقهم الأمر الذي ينعكس سلبا على حركية التقاضي وخاصة منه القضاء الإداري .

 

 

خــــــاتــــمـــة

لقد حاولنا خلال هذا البحث المتواضع أن نتناول بالدرس والتحليل موضوع المنازعات في الجبايات المحلية، حيث تحكمت فيه مجموعة من المعايير أثناء التحليل باعتبار المنظومة الجبائية الملحية تشكل اللبنة الأساسية لبناء دمقراطية محلية ورافد من روافد الدفع بالتنمية المحلية في مختلف المجالات .

إن دراسة إشكالية المنازعات في الجبايات المحلية هو جزء لا يتجزأ من دراسة المالية المحلية في كل الجوانب، ودراستها هي دراسة تطور بنية النظام الجبائي للجماعات المحلية الذي وقفنا عند تحليلنا له أنه مر بتطورات مختلفة أثرت فيه عوامل وظروف مختلفة كما ان النظام البجائي المحلي ومن خلال الإصلاحات العديدة التي أدخلت على نصوصه القانونية إلى حين الوصول إلى قانون رقم 06-47 المتعلق بالجبائية المحلية ، فهو يخضع لصميم العلاقة التي تربط بين أطراف العلاقة الجبائية المحلية ( الملزم والإدارة الجبائية)، التي تم التطرق إليها بتفصيل حيث أبرزنا مكامن الخلل والقوة في تلك العلاقة ومدى تأثيرها على تطوير البنية الجبائية المحلية.

وإذا كانت المنازعة الجبائية هي تلك الحالة القانونية الناشئة عن وجود خلاف بين الملزم والإدارة الجبائية، أو تلك المسطرة الإدارية والقضائية المقرر قانونا سلوكها لتسوية ذلك الخلاف، فإنه خلال تحليلنا للموضوع تم الوقوف على أسباب نشوء المنازعة أو الخلاف بين طرفي العلاقة الجبائية المحلية قانونا وواقعا، كما بينا وسائل تسوية تلك الخلافات سواء إداريا من خلال التعرض لمراحل المنازعة الجبائية في طورها الإداري حيث تم التطرق للمطالبات الاستعطافية والمطالبات النزاعية وكذا المساطر الجبائية إضافة إلى التظلم اللجاني، حيث أبرزنا موقع الملزم في كل طور من أطوارها ومدى الحماية والضمانات المقرة له قانونا باعتباره طرف ضعيف مقارنة مع الإدارة الجبائية التي خول لها المشرع صلاحيات واختصاصات واسعة في مواجهة الملزم، وفي نفس الإطار وعلاقة بتسوية الخلافات والنزاعات الناشئة عن الجبايات المحلية سواء خلال الفرض أو التحصيل تم التطرق إلى المرحلة القضائية كمحطة حاسمة في النزاع الجبائي المحلي وتعرضنا خلالها إلى معالجة مختلف الإجراءات المتبعة في رفع الدعوى وطرق البث فيها وعملية إصدار الأحكام وطرق الطعن فيها إضافة إلى معالجة ما يعترض العمل القضائي في المادة الجبائية من صعوبات سواء على المستوى القانوني أو التقني .

وإذا كان قانون رقم 06 – 47 هو المؤطر حاليا للمنظومة الجبائية المحلية، وبالرغم من أهمية وقيمة المستجدات التي حملها سواء على مستوى الشكل أو المضمون فإن نسجل بشأنه مجموعة من الثغرات التي تعترض مسيرة الإصلاح الجبائي المحلي منها تلك المرتبطة بالنص القانوني أو تلك المتعلقة بواقع المنظومة الجبائية المحلية في إطارها العام .

حيث نلاحظ في إطار استحضار الصيرورة التاريخية لإصلاح الجبايات المحلية والتي وجدت امتدادها في الإصلاح الأخير بأن التوجه التشريعي للإصلاح لا يشكل قاعدة في الخيارات المحلية كما أن القوة الاقتراحية في هذا الجانب تبقى محكومة بأولوية الاعتبار الوطني من النظام الجبائي المحلي ، وضعف الترابط في توجيه الإصلاح الجبائي العام بمستوييه الوطني والمحلي، وضعف الإدماج الجبائي في المنظومة الجبائية والاجتماعية، كما التكريس القانوني لازدواجية التدبير الجبائية المحلية في جانبه الإيجابي المتمثل أساسا في إنصاف جزئي للمصالح الجبائية المحلية المكلفة بالتحصيل سيحافظ على حضور وازن لدور المصالح الضريبية المركزية في التدبير الجبائي المحلي خاصة بالنسبة لأهم الرسوم المحلية ( الرسم المهني، رسم السكن ، ورسم الخدمات الاجتماعية).

وتبقى أهم الإكراهات التدبيرية التي تقف في وجه نجاح الإصلاح الجبائية تلك المرتبطة بإشكالات عنصر البشري ولا سيما في شقه السياسي والذي نجده بعيدا عن إمكانية الدفع بتطوير المالية المحلية ، نتيجة ضعف المستوى الثقافي للمنتخب الجماعي خاصة بالعالم القروي ، وبالمقابل ضعف الوعي بطرق تدبير الشأن العام المحلي وعلى رأسه الجبايات المحلية  بما يميز هذه الأخيرة من تعقيد وضرورة التمكن من حد لا يستهان به من المعرفة والذي يبقى بعيدا عن المستوى التأهيلي للمنتخب الجماعي، أزمة العنصر البشري هاته تتعزز مع الوقوف عند واقع الإدارة الجبائية التي تبقى بدورها قاصرة للنهوض على الوجه الأمثل بمهمة تدبير الجبايات المحلية في ظل سيطرة الأعوان بمعدل 96 % في حين أن الأطر العليا التي تخصصها الجماعات المحلية للإدارة الجبائية لا تتجاوز 4 % إضافة إلى وسائل الاستغال غير المساعدة والبسيطة وغياب التحفيز والتكوين المستمر [147]

وإذا كانت هذه الإكراهات تهم الجانب التدبيري للجبايات المحلية فإن إكراهات أخرى تبرز على مستوى مجالات تسوية الخلافات الناشئة بين طرفي العلاقة الجبائية المحلية سواء في محلتها الإدارية أو القضائية الأمر الذي يصعب معه إنجاح الإصلاح المتعلق بالمنظومة الجبائية المحلية ، وعليه نقترح بعض النقط التي تهم سبل تطوير وتفعيل هذا الإصلاح من خلال عدة مستويات  :

*على مستوى النص القانوني

-إعادة النظر في مسألة الإعفاءات بالنظر إلى التفكيك الجمركي المنتظر سنة 2010 ، حيث نسجل أن مجموعة من الإعفاءات الواردة في قانون رقم 06- 47 تفتقد إلى المنطق ، إذ أصبحت هذه الإعفاءات آلية يتم توظيفها في اتجاه تدعيم ثروات لوبيات وتجمعات مالية معينة ( إعفاء التعليم الخاص، المنعشين العقاريين ، الإعفاء الكلي لمنطقة طنجة … )

-تأهيل المصالح الجبائية وذلك من خلال اعتماد تنظيم هيكلي لهذه المصالح يتلاءم مع التطورات التي تعرفها الجماعات المحلية بشكل عام والإدارة الجبائية بشكل خاص ، ويقوم على أساس توضيح معالم اختصاصات هذه المصالح بشكل يتيح تجسيد المسؤوليات ويضمن تحسين مردودية الأعوان واستقرارهم في أداء مهامهم على أحسن وجه ، وفي هذا الإطار يتعين دعم المصالح الجبائية المحلية بالكفاءات المتخصصة في المجال الضريبي، ومدها بكافة الوسائل التقنية لرفع من المردودية بغية تحسين العلاقة مع مختلف الملزمين.

-ضرورة تنسيق بين المصالح الجبائية المحلية وباقي المصالح والهيئات المتدخلة خصوصا تلك التابعة للمديريات الجهوية للضرائب في إطار تعاون وشراكة وتأطير ومساعدة .

*على مستوى تسوية المنازعات :

صحيح أن المشرع أقر من خلال قانون رقم 06 –47 مساطر جبائية تتبعها الإدارة في مجال تحصيل الجبايات المحلية كما أقر ضمانات للملزم في هذا الباب، غير أنه كثيرا ما تنشأ خلافات ونزاعات ما بين طرفي العلاقة الجبائية المحلية وقد وجد المشرع آليات إدارية وقضائية لفض النزاع غير أن هاته الآليات تعرف بعض الاختلالات سبق توضيحها في الموضوع ولتجاوز ذلك نقترح بعض النقط الآتية  :

-وضع تقنيات جديدة للعلاقات التي يجب أن تربط بين الملزمين سواء كانوا أفرادا أو مقاولات وبين المصالح الجبائية، وخلق واعتماد ثقافة جبائية جديدة  ترتكز على مبادئ الحوار والتشاور المستمر والعمل على تكريس سياسة القرب وتعزيز التعاون بين الطرفين درءا لكل النزاعات التي قد تنشأ بينهما .

-ضرورة الاهتمام بمسألة التوافق بين الضغط الجبائي المسجل داخل جماعة معينة ومستوى الخدمات التي تقدمها تلك الجماعة للملزمين بحيث أصبح المواطنون يقيسون بين درجة تحمل الالتزامات الضريبية ومدى استفادتهم من الخدمات الاجتماعية وذلك من اجل الوصول إلى مؤشر الحكامة المحلية .

إلى جانب تأهيل الإدارة الجبائية المحلية يتعين كذلك تأهيل القضاء الإداري باعتباره طرفا أساسيا في المنظومة الجبائية المحلية، حيث تبين من خلال تحليلنا للعمل القضائي في المادة الجبائية المحلية أنه هناك إكراهات ومعيقات تعترضه ولا تفتح آفاقا واسعة امام الاجتهاد القضائي بالشكل المطلوب سواء فيما هو موضوع أو جوهري على غرار المنازعات المطروحة على مستوى المحاكم العادية، ولكي يتم التغلب ولو نسبيا على هذه الإكراهات نراهن على إصلاحات في مجال تدعيم الترسانة القانونية ذات الصلة بالمادة الجبائية وكذا تأهيل القاضي الجبائي ليكون ملما بكل التقنيات والآليات التي تتطلبها الجبايات المحلية ، ومن هذه الاقتراحات :

– توفير مسطرة إدارية خاصة بالمساطر الجبائية قصد توضيح الإجراءات والأحكام التي يجب اتباعها في معالجة المنازعات الجبائية

-التخفيف من الاعتماد على الخبرة قصد إعطاء الأحكام الإدارية قيمتها واستقلاليتها التامة

-إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ على غرار ما هو معمول به في المحاكم العادية لتسهيل عملية تنفيذ الأحكام الإدارية وتوفير الطمأنينة والثقة للملزمين .

التخفيف من الإجراءات الشكلية والاهتمام بما هو موضوعي على اعتبار أن المنازعة تنصب على الضريبة أو الرسم وان غير ذلك يكون نتيجة انعدام الوعي الجبائي لدى الملزم أو موكله .

العمل على الزيادة في عدد المحاكم الإدارية موازاة مع التقسيم الترابي والنمو السكاني المضطرد وكثرة وتنوع المنازعات الجبائية عملا بمبدأ تقريب القضاء من المتقاضين ، ونفس الخاصية تنطبق على محاكم الاستئناف الإداري .

الاهتمام بمجال التكوين والتكوين المستمر لدى قضاة المحاكم الإدارية ولاسيما في المادة الجبائية التي تتسم بالتنوع والتعقيد .

انفتاح مختلف مكونات المنظومة الجبائية المحلية على الملزمين بمختلف أنواعهم من خلال الندوات واللقاءات تهدف إلى التوعية بالمادة الجبائية وإشراكهم في أفق تطويرها .

ويمكن القول أن العمل القضائي في المادة الجبائية ينتظره الكثير سواء على المستوى القانوني أو التقني العملي حتى يتمكن من مواكبة الكم الهائل من القضايا الهائلة المتشعبة والمتجددة  .

ولإبقاء حلقة البحث العلمي مفتوحة نود ان نختم موضوعنا هذا بسؤال جوهري مفاده :

هل النظام الجبائي المحلي من خلال القانون رقم 06-47 قادر على التخفيف من حدة المنازعات الجبائية وتوفير الضمانات اللازمة للملزمين؟.

 


[1] – عبر تاريخ المغرب المستقل شكل موضوع الإصلاح المنظومة الجبائية الوطنية منها أو المحلية أهمية قصوى لدى مختلف المهتمين، كما شكل موضوع خلافي بين المؤيدين للتغير والمدافعين على الملزم وعدم اعتباره بقرة حلوب خلال مختلف الأزمات وبين المعارضين الذين لا يبالون إلا بتحصيل الإدارة الضريبية لديونها دون مراعاة وضعية الملزم وحالته المادية .

 

[2] – سنتعرض في الفصل الموالي لتطبيقات العمل القضائي في المادة الجبائية المحلية

[3] – Michel Rousset : contentieux administratif , édition la porte 1992 p 242.

[4] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 22 بتاريخ 2 6 – 1 – 1995 السيد امبارك ضد وزير المالية – منشورات م م إ م ت ، سلسلة مواضيع الساعة الإجراءات المتبعة   امام  المحاكم الإدارية عدد 9 – 15 يونيو 1996 ص 184.

[5] – كما أن المادة 36 من قانون 90 – 41 المحدث للمحاكم الإدارية تنص على إلزامية المرور من المرحلة الإدارية قبل رفع النزاع أمام القضاء

[6] – إدريس خدري: م س ، ص 161.

[7] – الأمر سبيان بالنسبة للضرائب الوطنية ، والجبايات المحلية

[8] – القابض الجماعي، القابض وكيل المداخيل الجماعية،  والكل يخصع  لمرسوم المحاسبة العمومية 21 نونبر 1967. راجع فاروق الهاروشي ، مرجع سابق، ص 43.

[9] – أحمد حضراني،  النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المقارن ، م س ،  ، م م إ م ت ، ص 67.

[10] – محمد المساحي ، مسطرة المنازعة في الضريبة ، ط1، سنة 1997 ص 230.

[11] – يقصد بهم القابض البلدي ، الجابي، ويتبعون مباشرة إلى الخازن العام للمملكة ويخضعون لرقابة المجلس الجهوي للحسابات وكذا المجلس الأعلى للحسابات ، فاروق النهاروشي ، مرجع سابق، ص 44.

[12] – محمد شكيري القانون الضريبي المغربي :" دراسة تحليلية ونقدية م م إ د م ت سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد 49 ط 2003 ص 529.

[13] – المادة 162 قانون 06 – 47.

[14] -لقد تعرض هذا المقتضي الدي كان يخول لوزير الداخلية صلاحية البث في طلبات الإعفاء لعدة انتقادات من خلال المناظرات المتعلقة بمالية الجماعات المحلية إذا كيف يمكن لوزير الداخلية ممارسة هذا الاختصاص  دون  وزير المالية الذي يؤشر على تعيين وكيل المداخيل ويصادف على الحساب المالي للجماعات المحلية، وبذلك أحسن المشرع وصادف الصواب من خلال المادة 161 من قانون 06-47.

[15] – محمد مرزاق ، عبدالرحيم أبليلا ، المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق ، مع تقييم لتجربة المحاكم الإدارية في المادة الجبائية ، الطبعة الأولى ، 1998 مطبعة الأمنية الربا ، ص 150.

[16] – تبيان نوع الرسوم موضوع المنازعة

–          رقم القيد بالجدول

–          المبررات المعتمدة عليها في مطالبته

[17] – وهو من ضمن المستجدات التي جاء بها قانون 06-47 المتعلق بالجبايات المحلية حيث تدارك الغموض التي طبع المادة 16 من قانون 30 89 التي كانت تنص على عدم إلزامية الطعن الإداري خلافا للمادة 42 من الظهير السابق للتنظيم الجماعي 30 شتنبر 1976.

[18] – يتعلق الأمر بالرسم المهني ، رسم السكن ، رسم الخدمات الاجتماعية

[19] – يتعلق الأمر برئيس الجماعة – الوالي أو العامل بالنسبة للجهة أو العمالة أو الإقليم

[20] أحمد حضراني :" قانون الجبايات المحلية الجديد وضمانات مبدأ العدالة الجبائية منشورات ، م م ا م ت ، عدد مزدوج

[21] – القانون الجنائي المحلي 89-30 كان ينص على أجل الشهرين فيما يتعلق بآجال الطعن

[22] – الفقرة 6-7 من قانون 06-47

[23] – أحمد حضراني ،  قانون الجبايات المحلية الجديد وضمانات مبدأ العدالة الجبائية ، م س ، ص 157

[24] – محمد السماحي ، م س ،  ص 170.

[25] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة تحت عدد 13/94 بتاريخ 19/10/1994 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 9 ص : 218.

[26] – محمد شكري ، القانون الضريبي المغربي ، دراسة تحليلية ،  م س ، ص 521.

[27] –  محمد مرزاق ، عبدالرحمان أبليلا م س ، ص 342.

[28] – المادة 22 من قانون 89  30كانت تحصر الأجهزة التي لها صلاحية البث في المطالبات المتعلقة بالاعفاء التحقيق … في وزير الداخلية فقط  راجع أحمد الحضراني : قانون الجبايات المحلية الجديد ، وضمانات مبدأ العدالة الجبائية، م س ، ص 157.

[29] – المادة 163 من قانون 06 – 47.

[30] – الملاحظ أن التظلمات النزاعية هي التي تكتسح مجال المنازعات الجبائية وهي الحلقة الأساسية التي تجبر الإدارة على مراجعة قراراتها ومحاولة تسوية الخلاف في هذه المرحلة راجع عبدالرحمان أبليلا + محمد مرزاق م س ، ص 151.

[31] – محمد شكري ، م س ، 523.

[32] – لا تقبل المطالبات الشفوية إلا ستثناءا كحالة تكرار فرض الرسم أو الفرض الخاطئ للرسم راجع محمد شكري، م س ، ص 523.

[33] – في إطار غياب ثقافة جبائية لدى الملزم فإن رفض التظلمات النزاعية من قبل الإدارة يكون مصدرها عيوب شكلية مما يعرض حقوق نسبة كبيرة من المشتكين للضياع راجع عبدالرحمان أبيلا محمد مرزاق ، م س ، ص 151.

[34] -الفقرة السادسة من المادة 161 قانون 06 – 47.

[35] – مع العلم أن تقديم المطالبات من قبل الملزم لا يوقف إجراءات التحصيل ( الفقرة الأخيرة من المادة 161 من قانون 06-47)

[36] – معناه ان الخاضع للرسم هو الذي يقدر مداخيله ونفقاته تم يقدم إقرارا مفصلا عن النتيجة التي حققها  ربحا كانت أم خسارة راجع محمد شيكري م س ، ص 260.

[37]

[38] – الفقرة الثانية من المادة 153من قانون رقم  06 – 47.

 

[39] – الفقرة 4 من المادة 153 قانون  رقم 06 – 47.

[40] – إجراءات وكيفية التبليغ محددة من خلال المادة  152 قانون  06-47

[41] – محمد شكيري ، م س ، ص 280.

[42] – الفقرة 8 من المادة 153 من قانون 06 – 47.

[43] – المقصود هنا الرسوم المشار إليها  في المادة 149 قانون 06-47 والخاضعة لمراقبة الإدارة

[44] – اتباع الإجراءات المتعلقة بالتبليغ وفقا للمادة 152 من قانون 47-06 .

[45] – أحمد حضراني م س ، ص 155.

[46]   المواد 152 التي حددت كيفية التبيليغ وإلى جاءت متقدمة في هذا المجال من خلال الأساليب المعتمدة.

[47] – تلك المحددة في المادة 149 من قانون  06 – 47

[48] – المادة 160 من قانون 06 – 47.

[49] – إضافة إلى ما أقرته المادة 159 من قانون 06 – 47 بخصوص فرض الرسم تلقائيا حالة مخالفة الأحكام المتعلقة بالإدلاء بالوثائق المحاسبة وحق المراقبة وذلك باتباع الإجراءات  المنصوص عليها بالمادة 47 – من قانون رقم 47-06..

[50] – المادة  158 قانون 06 – 47.

[51] –  المواد  134 – 135 – 159 قانون 06 – 47.

[52] -المادة 134 قانون 06-47

[53] – أحمد حضراني ،قانون الجبايات المحلية الجديد وضمانات مبدأ العدالة الجبائية، م س   ص 157.

[54] – المحفوظ شكر ، التوازن بين جقوق الملزم وسلطات الإدارة في إطار المساطر الضريبية ، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري ، المدرسة الوطنية للإدارة السلك العالي في التدبير الإداري ،  2004 – 2005 ، ص 142.

[55] – محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ، م س ، ص 527

[56] – كان يطلق عليها في ظل قانون 89-30 بلجنة العمالة أو الإقليم .

[57] –  فاللجان تبدو اليوم كضمانة مهداة إلى المكلف أكثر مما تظهر كأجهزة لحماية مصالح الخزينة كما أن وجود اللجان ضمن الهيئات المتدخلة في المنازعات الجنائية أمرا  قد ينافي النظام الضريبي المغربي وهي تامة ومعروفة في القانون المغربي مند البداية الأولى لعهد الحماية راجع محمد مرزاق عبد الرحمان أبليلا م س ، ص 69.

[58] – المادة 157 من قانون 06-47 التي أطرق تأليف هذه اللجان وعملها وكل الإجراءات المتعلقة بسير عملها

[59] – محمد شكيري ، القانون الضريبي المغربي … ،  م س ، ص 535

[60]  SERHANE  HAMZA le contrôle fiscale et les droits et garanties du contribuable vérifié : cas du Maroc , thèse de doctorat en droit université de paris 8 , déparetement de droit, 1999, p : 121.

[61] – الفقرة الثانية المادة 157 قانون 06 – 47 التي أكدت على عدم أحقية بثها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية

[62] – أحمد قيلش ، م س ، ص 182.

[63] – قانون 30-89 كان يسند رئاسة لجنة العمالة أو الإقليم إلى رئيس المحكمة الابتدائية مما جعل الأمر محط انتقاد من قبل المهتمين بحكم كثرة المنازعات وتأخير البث فيها وبحكم أن الطعون مرتبطة بالآجال الأمر الذي تداركه قانون 06-47 من خلال المادة 157  التي حصرت رئاسة اللجنة في قاضي فقط .

[64] – محمد شكيري ، القانون الضريبي المغربي .. ، م س ، ص 535

[65] – سنتعرض بتفصيل لإشكالات المطروحة على مستوى المحاكم الإدارية في الفصل الموالي

[66] – المحفزضي أشكر ، م س ، ص 153.

[67] – المشرع من خلال المادة 157 ( قانون 06-47 لم يحدد ما المقصود بالمنظمات المهنية الأكثر تمثيلا .،وهي المنظمات التي لها أكبر تمثيلية نقابية على مستوى قطاع مهني أو أكثر .

[68] – أحمد قلش ، مرجع سابق، ص 184.

[69] – كما هو الشأن في باقي النزاعات الطابع المدني أو الجنائي حيث يمكن الحديث عن المدعي عليه، أو الجنائي والضحية فالعلاقة الجنائية تطبعها سمات إدارية ومالية .

[70] – أحمد قيلش ، م س ، ص 186.

[71] – الفقرة 1و2 – ص المادة 157 من قانون 47.06

[72] – أحمد قلش ، مرجع سابق، ص 188

[73] – أحمد قلش، مرجع سابق، ص 189.
 

[74]  – أحمد قيلش – س.ص.189.

[75] – أحمد قيلش ، م س ، ص 191.

[76] -المادة 157 من قانون رقم 06 – 47.

[77] -ممثل أو ممثلي الملزمين ،وممثل أو ممثلي الإدارة المعنية

[78] – حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء رقم 384 بتاريخ 30/9/1998 منشور بالمجلة المغربية للإدارة والتنمية ( سلسلة مواضيع الساعة عدد 9 سنة 1996ص : 198.

[79] –  أحمد قيلش، م س ، ص 196

[80] – المادة 157 من قانون رقم 06-47.

[81] – على سبيل المقارنة القانون القديم 89/30 كان يحدد الآجال المخصصة للجنة العمالة أو الإقليم لإصدار مقرراتها في أربعة أشعر ابتداء من تاريخ تقديم الطعن من طرف الملزم ( الفقرة 4 من المادة 14 من قانون رقم 89-30 ).

[82] – راجع ما قلناه بخصوص الاختصاص النوعي والمكاني في المطلب الأول من المبحث الثالث

[83] – حكم منشور ب : م م أ م ت عدد 9 سنة 98 ص 198.

[84] – لقد أصاب المشرع عندما لم يسند اختصاص النظر في المسائل المرتبطة بالقانون للجنة دلك ان البث في نزاع شأن تفسير نص قانوني وتأويله مهنة لا يمكن أن يضطلع بها إلا قضاة ذوي التكوين القانوني لا موظفين دوي التكوين الإداري .

[85] – عبد المعطي القدوري :" الحماية القضائية للملزم في مجال المنازعات الجبائية " المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 9 – أبريل – يونيو 1997 ص 44.

[86] –  أحدثت المحاكم الإدارية بموجب ظهير شريف رقم 225-91-1 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 ( 10 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 90-41 ) منضور بالجريدة الرسمية عدد 4229 بتاريخ 17 نونبر 1993.

[87] – حكم  عدد 66/2008 /3غ صادر إدارية مكناس بتاريخ 5/3/2008 في قضية السيد بويعمرين محمد ضد بلدية اخنيفرة في شخص رئيسها .

[88] – قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 1188 بتاريخ :24 / 7 / 1997 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 5451 دجنبر 2000 ص 216.

[89] – حكم عدد 20 صادر بتاريخ 09/03/1995 أورده المحفوظ أشكر م  س ، ص 182.

[90] – حكم عدد 48  صادر عن إدارية فاس بتاريخ 22/3/1995 أورده المحفوظ أشكر ، م س ، ص 183.

[91] – جعفر حسون :" الطبيعة القانونية للمنازعة الضريبية ، م م إ م ت سلسلة مواضيع الساعة عدد 4 ،1996 ص 54.

[92] – عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص ، دار النشر الجسور ، الطبعة الاولى، السنة 1999 ص 75.

[93] – المادة 19 من القانون رقم 90- 41 المحدث للمحاكم الإدارية

[94] – حكم أورده محمد مرزاق عبد الرحمان أبليلا م س ، ص 192.

[95] – محمد السماحي المسطرة المنازعة في الضريبة الطبعة الأولى سنة 1997 ص 205.

[96] – تم تعديله بالقانون رقم : 206-93-1 بتاريخ 10-9-1993.

[97] – الفصل 334 من قانون المسطرة المدنية، سنتعرض بتفصيل لهذه النقط خلال المطلب الموالي المتعلق بطرق البث في النزاع الجبائي

[98] – حكم تحت عدد 786/2001 بتاريخ 12/11/2001 صادر عن إدارية أكادير منشور أورده المحفوظ أشكر م س ، ص 191.

[99] – محمد مرزاق، عبدالرحمان أبليلا ، م س ، ص 240

[100] – جعفر حسون :" خصوصيات العمل القضائي في المنازعات الجبائية بالمغرب ، مقال منشور ب المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية " سلسلة مواضيع الساعة " عدد 4-1966 ص : 17.

[101] – المادة 164 من قانون رقم 06-47 المتعلق بالجباية المحلية .

[102] – القانون رقم 01-48 الصادر بتاريخ 29-1-2002 الجريدة الرسمية عدد 4977 بتاريخ 11 – 2 –2002.

[103] – حكم صادر إدارية الرباط تحت عدد 333 بتاريخ 03-04-2003 أورده المحفوظ أشكر م س ، ص 200.

[104] – حكم محدد 353 صادر عن إدارية الرباط بتاريخ 23/3/2000 أورده المحفوظ أشكر ، م س ، ص 203.

[105] – أنظر ملف 873 /97 صادر عن إدارية الرباط بتاريخ 03/6/1998 أورده محمد قصري في : المنازعات الجبائية بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء الإداري منشورات ا م م إ م ت سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد 62 لسنة 2005 ص : 304.

[106] – قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 1191 بتاريخ 7/10/1999 أورده محمد قصري م س ، ص 304.

[107] – راجع حكم صادر عن إدارية الرباط، تحت عدد 267 بتاريخ 7 / 2 / 2000 أورده محمد قصري م س ،  305.

[108] – المادة 174 من قانون  06 – 47.

[109] -أحمد قلش، مرجع سابق، ص 218.

[110] – راجع ، المحفوظ أشكر، م س ، ص 206.

[111] – إن استبعاد الأخذ بالشهادة واليمين في الدعوى الجبائية يعود لسببين :

–          إن النظام العام يمنع توجيه اليمين إلى الجماعة كمؤسسة عمومية

–          إن الاعتراف  للجماعة بتوجيه اليمين إلى الملزم من شأنه التسليم له بالتخلص من التزاماته  الجبائية وإمكانية نقل عبء الإثبات الذي وضعه القانون على عاتقه خاصة وأن قواعد الإثبات في القانون الضريبي هي من النظام العام بحيث لا يجوز الاتفاق على مخالفتهما كما قضت بذلك المادة السابعة من قانون رقم 90-48 المحدث للمحاكم الإدارية .

–           

[112] – محمد السماحي ، م س ، ص 201.

[113] – دون الحديث الملزم الشخص المعنوي كالمقاولة والشركة بحيث نجد هذه الأخيرة تمتلك كل وسائل الإثبات لتوفرها على نظام محاسبتي ، وتحتفظ بكل ذلك في أرشيفاتها .

 

[114] – منصوص عليها في الفصول من 55 إلى 58 من  ق م م

[115] – الطبيب الفصايلي : الوجيز في القانون القضائي الخاص، الجزء الثاني الطبعة الثالثة سنة 1999 ص 62.

[116] -الخبرة منظمة بمقتضى الفصول من 59 إلى 70 في ق م م

[117] – محمد السماحي، م س ، ص 204.

[118] – عبدالقادر التعلالي:" الوجيز في النزاعات الضريبية ، دار الأحمدية للنشر الطبعة الثانية 2001 ص 152.

[119] – الفصل 36 من ق م م

[120] – عبدالقادر التعلالي ، م س، ص 154.

[121] -أحمد قلش، مرجع سابق، ص 223

[122] – أحمد  قيلش م س ، ص 223.

[123] – المادة 10 من القانون رقم 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية

[124] – اجريس العلوي العبدلاوي، الوسيط في شرح المسطرة المدنية ، ج 1 ، ط1 سنة 1998 ص 229.

[125] – المادة 5 من قانون رقم 03-80 المحدث لمحاكم اللاستئناف الإدارية

[126] – المادة 9 من نفس القانون

[127] – المادة 12 من القانون رقم 03-80 المحدث للمحاكم الاستئناف الإدارية.

[128] – المادة 15 من نفس القانون

[129] – وهذه الأسباب هي :

1-إذا تبث المحكمة فيما لم يطلب منها أو حكمت باكثر مما طلب أو إذا أغفلت البث في أحد الطلبات

2-إذا وقع تدليس أثناء التحقيق في الدعوى

3-إذا بني الحكم على مستندات اعتراف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم

4-إذا كشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف الآخر

5-إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم

6-إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائيين ومتناقضين وذلك لعلة عدم الإطلاع على حكم سابق أو خطأ  واقعي

7-إذا لم يقع الدفاع بصفته صحيحة على حقوق إدارة عمومية أو قاصرين

[130] – المادة 407 من ق م   م

[131] – الطيب الفصايلي ، م س ، ص 185.

[132] – الطيب الفصايلي ، م س ، ص 188

[133] – أحمد قيلش ، م س ، 228.

[134] – قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد : 15 بتاريخ 17/11/1992 منشور في م م إ م ت ، سلسلة مواضيع الساعة عدد 79/15 يونيو 1996 ص 84.

[135] – محمد أيت المكي : تنفيذ أحكام القضاء الإداري الصادرة ضد الإدارة بين تحمس المحاكم الإدارية وتردد المجلس الأعلى ، المجلة المغربية للمنازعات القانونية العدد 2 ، 2004 ، ص 11

[136] – المادة 48 من القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي .

[137] -تم إجداث الشعب بموجب منشورها صادر عن الوزير الأول تحت رقم 99/4 بتاريخ 17/2/199 أورده قيلش م س ص 229.

[138] – المادة 175 من قانون رقم 6-47

[139] – عبد المعطي القدوري ، الحماية القضائية للملزم في مجال المنازعات الجبائية م م إم ت عدد 19 سنة 1997 ص 47.

[140] -حكم صادر عن إدارية أكادير تحت رقم 83/95 بتاريخ 21/12/1995 أورده محمد قصري ، م س ، ص 81.

[141] – حكم عدد : 121 /2000 بتاريخ 5/2/2003 أورده :ذ. محمد القصري م س ، ص 82.

[142] – الأمر الذي كرسه قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى تحت عدد 1150 بتاريخ 7/8/2004 أورده محمد القصري ، ص 83.

[143] القاضي الإداري الجيد هو قاضي قوي فهو يلغي ، يصلح ، ينطق بالقانون وفي نفس الوقت –  بالتأكيد يصنعه – أنظر

Bernard Pacteau : «  les procedures d’urgence devant les tribunaux administratif, série séminaire et colloques n° 5 – tribunaux administratif et Etat des droit : université : Cadi Ayyad Marrakech , 1996, p 193

[144] – المادة 48 من قانون رقم 00 – 78

[145] – المادة 161 من قانون رقم 06-47.

[146] – حكم عدد 56/97 بتاريخ 22/4/1997 أورده أحمد قيلش م س ، ص 238.

[147] – عبدالحفيظ يونسي ، مرجع سابق،