المنازعات الرياضية:عصبة الأبطال الإفريقية بين محكمة التحكيم الرياضية” TAS” وأجهزة الاتحاد الإفريقي كاف” نموذجا «
المنازعات الرياضية:عصبة الأبطال الإفريقية بين محكمة التحكيم الرياضية” TAS” وأجهزة الاتحاد الإفريقي كاف” نموذجا «
من إعداد الباحث : خالد شوكري
باحث بماستر منازعات الأعمال” كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس”
ومهتم بالمنازعات الرياضية
مقدمة :
التنافس الشريف ، الرغبة في الانتصار ، روح التحدي ، قيم نبيلة وثمار يانعة تجنيها شعوب العالم من حقول الرياضة ،وهي جزيرة السلام بين الأمم ، حيث تحتضن دول العالم في ود وسلام وتفاهم بغض النظر عن الرؤى السياسية ، وهي أيضا جسر للتناغم والتبادل الثقافي بين الشعوب .
فالرياضة هي رمز القوة المتشحة بالأخلاق والتنافس الشريف ، ولطالما كانت مثارا للشعوب بالوطنية عندما يرتفع علم الدولة الفائزة منتزعا لقبا رياضيا عن استحقاق وجدارة وبتقدير الجميع الذي يرى أن الفريق الفائز قد توج نصره المستحق برفع علم دولته[1] .
وتعتبر التظاهرات الرياضية من الأمور التي أصبحت تتصل بنشاط المجتمع وسلوك الأفراد، لما تفرزه من تجمعات قد تثير في بعض الأحيان تعرض الأشخاص للخطر. ومن بين هذه التظاهرات ، نهائي عصبة الأبطال الإفريقية بين الوداد الرياضي المغربي ، والترجي الرياضي التونسي ، والتي أقيمت بالملعب الأولمبي برادس “تونس”. حيث أثارت هذه المباراة جدلا واسعا وأسالت مداد غزيرا لم
يجف حبره بعد، وذلك نظرا لما رافق هذه المباراة من انتهاكات صارخة لقوانين اللعبة ، التي سنها مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم[2] ، والتي يسهر على تنفيذها الاتحاد الدولي لكرة القدم. [3]
فبعد الأحداث التي شهدتها المباراة بعد تسجيل نادي الوداد الرياضي هدف التعادل الذي لم يحتسبه الحكم المساعد بداعي التسلل، توقفت المباراة منذ الدقيقة 58 بسبب مطالبة نادي الوداد الرياضي تشغيل تقنية الفيديو المساعد VAR الذي لم يكن يشتغل . وبعد توقف دام حوالي السعة والنصف من الزمن تم الإعلان عن انتهاء المباراة وتتويج نادي الترجي الرياضي بطلا ، لكن بتاريخ 5يونيو 2019تم إلغاء نتيجة المباراة من طرف لجنة الطوارئ للمجلس التنفيذي بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم والدي اتخذ قرار بإعادة المباراة .
وبعد أن طعن كل من الطرفين – داخل الأجل القانوني- في قرار لجنة الطوارئ للاتحاد الإفريقي لكرة القدم لدى محكمة التحكيم الرياضية TAS ، باعتبارها أعلى هيئة قضائية، أصدرت هذه الأخيرة حكمها بتاريخ31 ماي 2019 والذي قضى بإبطال قرار لجنة الطوارئ بالمجلس التنفيذي لعدم الاختصاص ، وإحالة الملف مرة أخرى إلى اللجنة التأديبية للاتحاد الإفريقي باعتبارها صاحبت الاختصاص (سنتطرق إلى إشكالية الاختصاص في الموضوع).
على ضوء كل هذه المعطيات نطرح التساؤلات التالي :
ما هي مظاهر الخروقات القانونية التي عرفها نهائي العصبة الإفريقية ؟
وما هي الجهات التي يعود لها الاختصاص للبث في هذه النازلة ؟
للإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا معالجة الموضوع على النحو الأتي :
المطلب الأول: مظاهر الخروقات القانونية بنهائي عصبة الأبطال الإفريقية
أولا : الخروقات القانونية لبروتوكول FAR
ثانيا : خرق النظام الأساسي لعصبة الأبطال الإفريقية
المطلب الثاني: إشكالية الاختصاص بين محكمة TAS وأجهزة CAF
أولا : موقف محكمة التحكيم الرياضية TAS
ثانيا: موقف اللجنة المختصة داخل الإتحاد الإفريقي CAF
المطلب الأول: مظاهر الخروقات القانونية بنهائي عصبة الأبطال الإفريقية
كما هو معلوم فان كل قاعدة قانونية -من الناحية المبدئية- هي قاعدة ملزمة التنفيذ، وعلى كل مخاطب بها واجب احترامها والتقيد بها ، وتعد هذه الخاصية من المكونات الرئيسية للقاعدة القانونية.وأي فرد يتجاوزها عن قصد يعرض نفسه للعقوبات القانونية ويطلق عليها مسمى “الجزاء “.
وكما هو الشأن بالنسبة للقواعد القانونية العادية ، عرفت كرة القدم إصدار مجموعة من النصوص القانونية الملزمة منذ تأسيس مجلس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم[4] وكدا مجالس الاتحادات الكروية القارية. غير أن هذه القوانين قد يشوبها مجموعة من الخروقات على مستوى التطبيق ، وهو ما حصل بشكل لافت خلال المباراة النهائية لعصبة الأبطال الإفريقية . ومنه سنحاول ملامسة أهم هذه الخروقات إن على مستوي بروتوكول تقنية الفيديو المساعد “أولا” أو على مستوى خرق النظام الأساسي لعصبة الأبطال الإفريقية “ثانيا” .
FAR أولا : الخروقات القانونية لبروتوكول
تجدر الإشارة بداية إلى أن مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم اتخذ قرار [5] بالشروع بتجريب تقنية الفيديو المساعد لمدة سنتين في أفق اعتمادها إن هي أعطت النتائج المرجوة منها بعد تعديل قوانين اللعبة، وذلك عبر تطبيق العديد من البروتوكولات المرتبطة باستعمال هذه التقنية وتحديد شروط استخدامها .
وهو ما حصل بالفعل بعد سنتين من التجارب والتكوينات، حيث اتخذ مجلس الاتحاد الدولي اقتراح بإدخال مجموعة من التعديلات على قوانين كرة القدم ، من اجل تطويرها عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة [6] .
وقد كانت من أبرز النصوص القانونية الجديدة ، إدراج تقنية حكم الفيديو المساعد ضمن مقتضيات القانون رقم 05 المتعلق” بالحكام ” والقانون رقم 06 المتعلق” بالحكام الآخرون” حيث تعريفها بأنها:” ذلك الفيديو الذي يمكن أن يساعد الحكم الرئيسي على اتخاذ قرار، مستخدما إعادة اللقطات فقط للخطأ الواضح والظاهر أو حوادث مهمة حددها القانون على سبيل الحصر”[7].
وبالرجوع إلى نهائي عصبة الأبطال الإفريقية، فإننا نسجل جملة من الخروقات القانونية على مستوى تقنية الفيديو المساعد، فمن جهة أولى فإن المباراة انطلقت دون اكتمال النصاب القانوني لطاقم التحكيم ، حيث أنه بإدخال تقنية الفيديو المساعد على قوانين اللعبة أصبح طاقم التحكيم مشكلا من مكونين اثنين، هما حكام المباراة المتواجدون على أرضية الملعب [8] من جهة ، وحكام المباراة بالفيديو [9] من جهة ثانية. وهو نفس المقتضي الذي أشارت إليه المادة 14[10] من قانون 01 المتعلق بملعب المباراة والتي جاء فيها أنه في المباريات التي يستخدم فيها حكام الفيديو المساعدون يجب أن تتوفر غرفة تشغيل الفيديو المساعد أو على الأقل منطقة واحدة لمراجعة الحكم.
لكن المباراة النهائية – قيد الدراسة – نلاحظ أن غرفة تشغيل الفيديو المساعد كانت غائبة تماما ، وذلك من خلال عدم الإشارة إليها ولو لمرة واحدة خلال البث التليفزيوني وهو ما يستفاد أيضا من عدم عرض أي لقطة مراجعة طيلة الدقائق الملعوبة من المباراة ، في حين أن منطقة مراجعة الحكم كانت موجودة بجانب أرضية الميدان عبارة عن جهاز صوري غير مشغل للإيهام بان المباراة تجري باستعمال تقنية الفيديو المساعد ، وهو ما يكرس عنصر التدليس الذي لولاه لما لعبت المباراة أصلا .
وهو ما يظهر أنه كان هناك حرص من بعض الجهات على أن تلعب المباراة دون طاقم التحكيم مكتمل النصاب.
وتجدر الإشارة في هذا المقام ، أن جميع المباريات المتعلقة بعصبة الأبطال الأفريقية تنظم من طرف الجامعة المحلية – الاتحاد التونسي لكرة القدم في هذه الحالة – التي تستضيف المباراة باسم اتحاد اللعبة طبقا لأحكام المادة التاسعة من القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، مما يوضح بالملموس أن جميع عناصر المسئولية التقصيرية المشتركة بين الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والاتحاد التونسي لكرة القدم قائمة في هاته الحالة.
الأمر يتعلق إذن بقاعدة آمرة لا يمكن لأطراف العلاقة القانونية الاتفاق على مخالفتها ، ترتب عدم جواز مباراة في كرة القدم تقرر استخدام تقنية ” الفار” فيها دون توفير التجهيزات التقنية المذكورة وتشغيلها فعلا . وتستمد هذه القاعدة مرجعيتها من كون الهدف من وضعها كان هو تكريس النزاهة والعدل في مسابقات كرة القدم ومحاربة الفساد والتلاعب بنتائج المباريات والحفاظ على عدالة اللعبة ، باعتبار أن العدالة لبنة أساسية لتكريس اللعبة الجميلة ، وهي سمة جوهرية لروح اللعبة أيضا[11] .
ثانيا: خرق النظام الأساسي لعصبة الأبطال الإفريقية
كما هو معلوم فان تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى داخل القارة الإفريقية ، لا يتم بشكل عشوائي أو ارتجالي من طرف الجهات المنظمة، بل إن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ومنذ تأسيسه وهويضع الضوابط القانونية والتشريعية للمسابقات التي يشرف عليه من أجل تجاوز مختلف الإشكالات القانونية والفنية المرتبطة بهذه المسابقة سواء بين المنتخبات أو الأندية [12].
ومن بين اللجان الدائمة داخلة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، نجد لجنة المسابقات بين الأندية داخل القارة والتي أناط بها الاتحاد الاضطلاع بمهمة السهر علي التظاهرات بين الأندية الإفريقية [13].
ومن أجل تحديد الإطار القانوني الذي يعطي الشرعية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم في هذا الإطار ، نجد نص الفقرة الثانية من المادة 16 من النظام الأساسي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم توضح أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم هو من يتولي السهر على تنظيم المسابقات التالية : 1 عصبة الأبطال الأفريقية …
كما يتولى وضع اللوائح التنظيمية لهذه المسابقات ، والتي يلتزم الكل باحترامها تحت طائلة تطبيق الجزاءات المنصوص عليه قانونا.
ومن أجل الوقوف على الخروقات القانونية للوائح التنظيمية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، كان لابد لنا من الرجوع إلى هاته اللوائح وقراءتها على ضوء قوانين اللعبة بمختلف مشاربها .
ومنه، تأسيسا على مقتضيات الفقرة الثامنة من المادة 9 من اللائحة التنظيمية لعصبة الأبطال الأفريقية تنص على إن المباريات تلعب طبقا لقوانين اللعبة ،وبالرجوع إلى مقتضيات قانون رقم 07 المتعلق بتوقيت المباراة نجدها تنص على أنه يتعين إعادة المباراة الملغاة ما لم تقرر لوائح المسابقة أو منظمي المسابقة غير ذلك[14].
كما يتجلى خرق القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي ولوائحه التنظيمية بشكل جلي من خلال التأويل الخطأ لقوانين اللعبة في ما يتعلق بالانسحاب من المباراة ، فكما هو ثابت من اللوائح التنظيمية لعصبة الإبطال الإفريقية فانه يعتبر الفريق منسحبا من المباراة ، في الحالة التي يغادر فيها اللاعبون أرضية الميدان متجهين إلى غرفة تغيير الملابس ، ويقوم الحكم قبل ذلك باستدعاء عميد الفريق المنسحب ومندوب المباراة فينذره إما بإتمام المباراة أو لا ، فإذا عبر العميد عن رغبته في الانسحاب دون الحكم ذلك في تقريره ، ويعلن عن إنهاء المباراة ، ويعتبر ذلك الفريق منسحبا مع تطبيق العقوبات الزجرية والمالية عليه.
لكن هذه الشكليات المسطرية لم تحصل أثناء المباراة حتى يمكن اعتبار فريق الوداد الرياضي منسحبا، فاللاعبين ظلوا فوق أرضية الميدان والحكم لم يستدع عميد الفريق ولا مندوب المباراة لإثبات واقعة الانسحاب ، ومنه فان هذا القرار- أي القرار القاضي بالانسحاب – غير مرتكز على أساس قانوني .
أيضا من بين الخروقات القانونية التي سجلناها في هذا السياق ، هي صدور قرار إنهاء المباراة من غير ذي مصلحة فبالعودة إلى البند 09 من الفقرة الثالثة من الفصل الثامن من القانون التنظيمي للمسابقة المتعلق برسميي المباراة ، نجدها تنص على أنه بمجرد انطلاق المباراة يصبح الحكم هو المؤهل الوحيد للإعلان عن توقيف المباراة أو إعلان انتهاءها قبل أجلها القانوني .وهو ما يشير إليه أيضا قانون رقم 05 المتعلق بالحكام [15].
لكن بالرجوع إلى وقائع المباراة نجد أن قرار إنهاء المقابلة لم يتم إصداره من طرف حكم المباراة ، وإنما تم ذلك من طرف جهات أخرى هي من أملت القرار على الحكم . لكن في نظرنا كان على الحكم أن يطبق المقتضيات القانونية التي تلزمه ، وذلك باتخاذ قرار بإلغاء المباراة ، حيث يجد هذا القرار أساسه
القانوني في البند الخامس من المادة الثالثة المعنونة بالتدخل الخارجي ، حيث جاء فيها أنه يحق للحكم إيقاف أو تعليق أو إلغاء المباراة نتيجة لأي انتهاكات لقوانين اللعبة أو بسبب تدخل خارجي ، وكدا الفقرة الأخيرة من نفس البند التي تنص صراحة على عدم السماح للأفراد غير المصرح لهم بالدخول الى ميدان اللعب[16] . وبالرجوع إلى شريط المباراة نجده يوثق لاقتحام مجموعة من الشخصيات التي لا يحق لها دخول أرضية الملعب يترأسهم أحمد أحمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وسعيد الناصري رئيس نادي الوداد الرياضي ورئيس نادي الترجي الرياضي ، وكدا طارق البوشماوي رئيس لجنة المسابقات بين الأندية إضافة إلى شخصيات أخرى ،وهي كلها أطراف لا يجب لها التدخل في قرارات حكم المباراة .
CAFوأجهزة TAS المطلب الثاني : إشكالية الاختصاص بين محكمة
من أجل ربط القارئ بالسياقات العامة للموضوع ، نلفت الانتباه إلى أنه مباشرة بعد انتهاء المباراة وتتويج الترجي الرياضي باللقب ، دعت لجنة الطوارئ بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم إلى عقد اجتماع طارئ من أجل تدارس الأحداث التي سجلت بالمباراة ، حيث تم ذلك بتاريخ 4 يونيو 2019 بباريس ، والذي استمر ليومين ، حيث أصدرت لجنة الطوارئ قرارا يقضي بسحب اللقب من الترجي الرياضي وإعادة مباراة الإياب في ملعب محايد مع احتساب نتيجة مباراة الذهاب . وقد اتخذ هذا القرار بأغلبية 18 صوت من أصل 20 صوت[17].
وبتاريخ 15و17 يونيو تقدم كل من الفريقين باستئناف قرار لجنة الطوارئ حيث تم الطعن داخل الأجل القانوني لدى محكمة التحكيم الرياضية بسويسرا باعتبارها أعلى هيئة قضائية على المستوى الرياضي . وبالتالي سأحاول في هذا المطلب الوقوف على موقف هذه المحكمة “أولا ” تم سنرى كيف عاد الملف إلى أجهزة الكاف بعد ذلك “ثانيا”
أولا : موقف محكمة التحكيم الرياضية
مع بداية الثمانينات، ظهر طرح قوي يصر علي استقلالية الرياضة وخاصة منها الدولية . مما قاد إلى التفكير في إيجاد هيئة مهمتها تسوية النزاعات الرياضية .
ومن ثم تولدت فكرة إنشاء هيئة قانونية لدى رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الاسباني خوان أنطونيو سمارانش ، وخلال الدورة 85 لمجلس اللجنة الأولمبية الدولية التي جرت بروما سنة 1982تمت مناقشة الفكرة وقدم مشروع أولي لنظام محكمة التحكيم الرياضي بحيث ترأس السيد كيبا مباي[18] مجموعة من الأعضاء التابعين للجنة الأولمبية الدولية ، و الذين كلفوا بإعداد القوانين المستقبلية لمحكمة التحكيم الرياضية الدولية ، والتي صادقت عليه اللجنة الأولمبية بالإجماع.[19]
وبتاريخ 15 مارس 1983 ، اعترفت المحكمة الفدرالية السويسرية والمحكمة العليا للكونفيدالية السويسرية بمحكمة التحكيم الرياضية ، كمؤسسة تحكيمية مستقلة بذاتها وهي مختصة بحل النزاعات ذات الصفة الخاصة[20].
ومن الناحية المبدئية ، لا يجوز تقديم النزاع إلى محكمة التحكيم الرياضية إلى إذا كان هناك اتفاق تحكيم بين الطرفين المتنازعين يحدد اللجوء إلى هذه المحكمة ، ويعترف بالولاية القضائية لها ، ولكن من الناحية العملية [21] نجد أن جميع الاتحادات الأولمبية الدولية والاتحادات الأولمبية الوطنية للدول قد اعترفت بالولاية القضائية للمحكمة للنظر في حل المنازعات الناشئة عن ممارستها لأنشطتها ، كما نص النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم سنة 2009 “المادة 62 المتعلقة بمحكمة التحكيم الرياضية” على أنه يعترف الإتحاد الدولي لكرة القدم بالمحكمة المستقلة للتحكيم الرياضي وبمقرها العام بلوزان لحل كل النزاعات بين الإتحاد الدولي لكرة القدم والأعضاء المستقلة بما فيها نوادي ولاعبين وموظفين رسميين ووكلاء اللاعبين الموجزين .
وبالتالي كان هذا هو السند القانوني الذي اعتمد عليه أطراف إياب نهائي عصبة الأبطال الإفريقية ، للجوء إلى محكمة التحكيم الرياضي بعدما أقرت لجنة الطوارئ للجهاز التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم بإعادة المباراة.
وبتاريخ 31 يوليو 2019 ، أصدرت محكمة التحكيم الرياضي قرارها [22] الذي قضى بإلغاء القرار الصادر عن اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم القاضي بإعادة المباراة لعدم الاختصاص ، وبالتالي قبول استئناف الطرفين جزئيا فيما يخص عدم الاختصاص المذكور . بينما تم رفض جميع الدفوعات الأخرى للوداد [23]، بينما سيتم البث في دفوعات الترجي في قرار نهائي .
كما قضت المحكمة بعدم اختصاصها للنظر في مثل هذه القضايا ، وأحالت الملف إلى الهيئات المختصة في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم للنظر فيها .
لكن في هذا الصدد ، فإننا لا نتفق مع التفسير الذي قدمه بعض الباحثين القانونيين ، لهذا القرار الصادر عن محكمة التحكيم الرياضي ، حيث يرى هؤلاء أنه مادام أن المحكمة ألغت قرار لجنة الطوارئ القاضي بإعادة المباراة ، فان الهيئات المختصة بالاتحاد الإفريقي لا يمكنها الحكم مجددا بإعادة المباراة نظرا لكون محكمة التحكيم الرياضي فصلت في هذا الأمر ، إلا إننا نرى عكس ذلك تماما ، فمن خلال التأمل في القرار الجزئي الصادر عن المحكمة نستنتج أنها لم تقض بإلغاء إعادة المباراة ، وإنما قضت بعدم اختصاص لجنة الطوارئ للبث في هذه القضية في الأصل وبالتالي كان من الطبيعي أن تقوم بإبطال قرارها كاملا لعدم اختصاصها . وما يعزز موقفنا هو نص القرار الجزئي الصادر عن المحكمة والذي جاء فيه ” بصفة ملموسة يعود الأمر الآن للهيئات المختصة بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم للنظر في الحوادث التي وقعت في ملعب رادس في 31ماي 2019 ، لاتحاد الإجراءات التأديبية المناسبة إذا لزم الأمر وبالتالي تحديد ما إذا كانت مباراة إياب دوري أبطال إفريقيا يجب إعادتها أم لا “.
وبالتالي فالقرار جاء صريحا فيما يخص إمكانية إعادة المباراة من عدمها ، لأن الأمر سيعود للجهات المختصة بالاتحاد الإفريقي للبث في الملف ، إذ يجب هنا فهم المنطق الذي استندت عليه المحكمة وهو بالأساس استقلالية اللجان المختصة داخل أروقة جهاز مثل” الكاف” وهو الطرح الذي تدعمه كل الهيئات العالمي الكبرى بما في ذلك الاتحاد الدولي لكرة القدم .
أما فيما يخص قرار محكمة التحكيم بعدم اختصاص لجنة الطوارئ داخل الجهاز التنفيذي للنظر في هذا الملف فهو جدير بالتأييد ، فعلى الرغم من كون اللجنة التنفيذية هي أكبر جهاز ولها سلطة على اتخاذ كل القرارات المتعلقة بالمسابقات التي تنظمها استنادا إلى القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم كما اشرنا إلى ذلك سلفا ، إلا أنه في مثل هذه الحالات يتوجب الرجوع أولا إلى اللجان المتخصصة للنظر في مثل هذه الملفات التي أحدثت لهذه الغاية .
أما قراءتنا فيما يخص ما قضت به محكمة التحكيم الرياضية بعدم اختصاصها بالنظر في ملف نهائي عصبة الأبطال الأفريقية ، فإننا نرى بوجاهة موقفها ، ذلك أن البند الثاني من الفصل 63 من القانون الأساسي للإتحاد الدولي لكرة القدم ينص صراحة على أن” الالتجاء لمحكمة التحكيم الرياضية سوف يكون بعد استنزاف كل الهيئات الداخلية “، وطبقا للمادة 64 “البند الأول من ذات القانون ” “الاتحادات القارية الأعضاء والعصبات يوافقون على اعتبار محكمة التحكيم للرياضة هيئة قضائية مستقلة وللتأكيد على ذلك سوف يستجيب أعضائها ، بما فيهم اللاعبون المنضمون ، والموظفون للقرارات الصادرة من محكمة التحكيم الرياضية … وبالرجوع إلى الملف نجد أن الطرفين في طعنهما لم يستنزفا كل الهيئات الداخلية – أي أجهزة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم – مما يكون معه قرار المحكمة بعدم الاختصاص قرارا سليما .
وبعد أن ألغت محكمة التحكيم الرياضية قرار اللجنة التنفيذية لأسباب قانونية ، قررت أن تحيل قضية إعادة مباراة إياب دوري أبطال إفريقيا الى الأجهزة المختصة وكذلك الإجراءات التأديبية[24] المنتظرة والموضوعة حاليا على طاولة الكاف باعتبارها خارج اختصاص المحكمة حسب إجراءات التحكيم الحالية.
ثانيا : موقف اللجنة المختصة داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم
كما هو معلوم فان كل اتحاد من الاتحادات الكروية القارية ، يتوافر على لجان متخصصة تنشأ بموجب قانونها الأساسي ، حيث تضطلع كل منها بمهام واختصاصات معينة .
غير أنه قد يحصل أن يحدث تنازع في الاختصاص بين هذه اللجان ، ويرجع ذلك إما لعدم وجود نص قانوني في الأصل ، أو لوجود نص قانوني غير واضح . وهو ما حصل مرة أخرى في قضية نهائي عصبة الأبطال الإفريقية بين الوداد والترجي الرياضي التونسي بالرغم من وجود نص واضح ، فمحكمة التحكيم الرياضية عندما أحالت الملف إلى اللجان المتخصصة داخل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ، فإنها لم تكن تقصد لجنة الانضباط وإنما لجنة المسابقات بين الأندية .
لكن بالرغم من النصوص القانونية الواضحة التي تعقد الاختصاص للجنة المسابقات بين الأندية ، فقد تمت إحالة الملف على لجنة الانضباط للاتحاد الأفريقي لكرة القدم والتي أصدرت قراراها[25] القاضي بمنح اللقب لنادي الترجي الرياضي التونسي ، واعتبار الوداد خاسرا للمباراة مع توقيع غرامة قدرها 50000
دولار أمريكي لانسحابه من المباراة وعقوبة 15000 دولار أمريكي لاستخدام الألعاب النارية من مشجعيه .
وقد سجلنا مجموعة من الملاحظات على هذا القرار منها ما هو شكلي وأخرى في الموضوع :
أولا : الملاحظات الشكلية :
أ: باعتبارنا باحثين في المجال القانوني فان الملاحظة الأولى التي تثير الانتباه هو عدم اختصاص لجنة الانضباط للنظر في هذا الملف ، حيث ينعقد الاختصاص للجنة المسابقات بين الأندية وذلك بموجب المادة 02 من اللائحة التنظيمية المصادق عليها من طرف المكتب التنفيذي بتاريخ 10 يناير 2018 التي تنص على أن لجنة تنظيم المسابقات بين الأندية وهي من اللجان الدائمة داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم طبقا للمادة 5 من نظامه الأساسي هي من تتولى تنظيم ومراقبة جميع المسابقات بين الأندية بما فيها مسابقة عصبة الأبطال الأفريقية . وبالتالي فلجنة الانضباط غير مختصة للنظر في الملف .
ب: قرار لجنة الانضباط لم يكن معللا تعليلا كافيا ، حيث لم يوضح الأسانيد القانونية التي اعتمد عليها لتفعيل العقوبات التي أصدره في حق الفريقين ، وبالتالي تعين نقضه .
ثانيا: الملاحظات الموضوعية :
من بين الملاحظات التي سجلناها على قرار لجنة الانضباط ، أنها ضربت بعرض الحائط كل الخروقات القانونية التي حصلت خلال المباراة من خرق واضح لقانون اللعبة الصادر 2018-2019 ( خرق بروتوكول تقنية الفيديو المساعد ، عدم اكتمال النصاب القانوني لطاقم التحكيم ، صدور قرار انهاء المباراة من غير ذي صفة، عدم صلاحية وجاهزية الملعب لإجراء المباراة ….) كما تجاهلت التقارير الرسمية الصادرة عن حكم المباراة ومندوبها ومراقبها .
ومن خلال هذه الملاحظات نرى على أن العدالة القانونية تقتضي تفعيل مقتضيات المادة الخامسة من قانون رقم 07 المتعلق بمدة المباراة المشار إليه سلفا والذي يقضي بإمكانية إعادة المباراة.
خاتمة :
صفوة القول ، فانه من المهم أن يدرك الإداري الرياضي كل ما يحيط به من الإجراءات القانونية التي تخص حقوقه والتزاماته التي رتبها عليه عمله الرياضي ، وكدا معرفة الجهة المختصة التي يثق بها وبعدالتها وبقوة قراراتها ليلجأ لها عند حدوث أي نزاع أو تلكؤ أو مخالفة لبنود العقد ، إضافة إلى معرفة
القواعد الإجرائية – المسطرية – الواجبة التطبيق إذا أراد اللجوء إلى التحكيم الرياضي لدى محكمة التحكيم الرياضية إذ أنها تدخل ضمن القواعد الإجرائية التي تشكل جزءا مكملا من قانون التحكيم المتعلق بالرياضة ، والذي تم إعطائه قوة قانونية وتنفيذية.
[1] – أسامة عبد العزيز ،ندوة العلمية حول النزاعات الرياضية وسبل فضها ( المحاكم الرياضية ) ، منشورات قطاع التشريع بوزارة العدل ، جمهورية مصر العربية، 2015، ص 2
[2] مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم IFAB وهي بمثابة السلطة التشريعية لكرة القدم تم تاسيسه باجتماع ممثلين اثنين من كل اتحاد كرة القدم من اتحادات انجلترا واسكتلاندا وويلز وارلاندا الشمالية يوم 2يونيو 1886
-[3] الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA وهي بمثابة السلطة التنفيذية ، اذ هي التي تسهر على تنفيذ المقتضيات القانونية التي يسنها مجلس الاتحاد الدولي، تأسست بتاريخ 21ماي 1904 في باريس ويقع مقرها بمدينة زيوريخ بسويسرا.
[4] -أشرف مجلس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم علي العديد من تعديلات القانون منذ صدور أول مجموعة من القوانين الرسمية عام 1863 ، حيث اصدر قانون 1891 والذي خضع لمجموعة من التعديلات أبرزها 1902، 1912، 1920،1990،1998
– للاطلاع على كل التعديلات يراجع : ديباجة قانون 2016الصادر عن مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم ، ص 8_9
[5] هذا القرار اتخذه مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم بتاريخ 05 مارس 2016 في الجمع العام السنوي رقم 130 المنعقد بمدينة كارديف بويلز . أشار إليه خليل بوبحي ، النظام القانوني لتقنية حكم الفيديو المساعد ، مقال منشور في الموقع الالكتروني :
www.arrayalhore.com، تاريخ الزيارة ،الأحد 4 غشت 2019 على الساعة 11:47
[6] تم اتخاد هذه القرارات في إطار الجمع العام السنوي رقم 131 المنعقد بتاريخ 5مارس 2018.
[7] L’article 5 de la loi numéro 06 relative les autres arbitres 2018 .2019 : « l’arbitre assistant vidéo peut aider l’arbitre principale à prendre une décision à l’aide des images du match, mais uniquement dans le cas d’une erreur manifeste ou d’un incident grave manqué en lien avec les éléments suivants… »
[8]وهم الحكم الرئيسي والحكمان المساعدان والحكم الرابع والحكمان المساعدان الإضافيين والحكم المساعد الاحتياطي ، أنظر مقدمة القانون رقم 06 المتعلق بالحكام الآخرون ، ص 75.
[9] وهم الحكم المساعد بالفيديو ومعاون مساعد الحكم بالفيديو .
[10] L’article 14 de la loi numéro 01 relative le Terrain 2018/2019 « lors des matches pour lesquels le recours à l’assistance vidéo à l’arbitrage est permis ,il doit y avoir une salle de visionnage et au moins une zone de visionnage .
[11] Lois des jeu, la philosophie et l’esprit des lois du jeu, 2018 / 2019, p 11
[12] خليل بوبحي ، قراءة قانونية في لقاء الوداد والترجي ، 2019، منشور بالجريدة الالكترونية “مملكة بريس” ، تاريخ الزيارة الأحد 4غشت 2019 على الساعة 13:07
[13] Article 2 of the law CAF champions league regulations ,”In conformity with article 5 of the regulations implementing CAF organizing committee for interclub’s competitions
The committee is responding for the organization and supervision of all the interclub’s competitions ,and in accordance with the regulations that govern them
[14]Article 5 Loi 07 relative Durée du match , « un match arrêté définitivement avant son terme doit être rejoué, sauf disposition contraire du règlement de la compétition ou des organisateurs
[15] Article 1 loi 05 relative l’arbitre « un match se dispute sous le contrôle d’un arbitre disposant de toute l’autorité nécessaire pour veiller à l’application des lois du jeu
[16] Décide d’interrompre le jeu ,de suspendre le match ou de l’arrêter définitivement en raison d’une infraction aux lois du jeu ou d’une quelconque interférence extérieure .
Ne permet à aucune personne non autorisée de pénétrer sur le terrain .
[17] الموقع الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم WWW.CAFONLINE.COM
[18] – قاضي من السنغال كان ضمن القضاة التابعين لمحكمة العدل الدولية بلاهاي ، رئيس المحكمة العليا بالسنغال وعضو اللجنة الأولمبية الدولية.
[19] -jean Christophe , Droit du sport , Ellipse ,2006 France , p 91
[20] – عبد الكريم معزيز ، الحماية القانونية وانعكاسها على نتائج رياضيي المستوى العالي ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في نظرية ومنهجية التربية البدنية والرياضية، معهد التربية البدني والرياضية ، جامعة الجزائر 3 ، السنة الجامعية 2011-2012،ص 150
-للتعمق أكتر يراجع :
– احسان عبد الكريم عواد ، المنازعات الرياضية المنظورة لدي محكمة التحكيم الرياضية وضمانات الاستقلالية والموضوعية لقراراتها ، مجلة العلوم الرياضية ، المجلد التاسع ، العدد 28 ،ص 51 وما بعدها .
– محمد أبوفتوح عبد الحميد علي ، قانونية تأسيس المحكمة الرياضية بجمهورية مصر العربية ، أطروحة لنيل الدكتوراه في التربية البدنية ، كلية التربية الرياضية للبنين، جامعة بنها ، ص 8 وما يليها .
-نبيل باسماعيل، التحكيم الدولي في النزاعات الرياضية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق والعلوم السياسية ، قانون العلاقات الدولية الخاصة ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة قاصدي مرباح ، ورقلة ، الجزائر ، السنة الجامعية 2015-2016
[21] – أسامة فرج الخبولي ، المحكمة الرياضية وفض المنازعات الرياضية “الجزء الثاني” ، مقال منشور بالموقع الالكترونيwww.rimessa.net ، تاريخ الزيارة 07-08-2019 ، على الساعة 13:34
[22] تجدر الإشارة في هذا الصدد أن محكمة التحكيم الرياضي لم تقم بنشر القرار كاملا وإنما اقتصرت على نشر قرار جزئي فقط ، في انتظار نشر القرار كاملا ومعللا .” القرار الجزئي منشور بالموقع الرسمي لمحكمة التحكيم الرياضي www.tas-cas.org
[23] – من بين هذه الدفوعات التي رفضت ، – المطالبة بمنح لقب دوري أبطال إفريقيا CAF 2019 للوداد الرياضي
– حصول الوداد على 2ونصف مليون دولار أمريكي باعتباره الفائزفي نهائي دوري أبطال أفريقيا
كما رفضت الطلب الاحتياطي القاضي بإلغاء نتيجتي الذهاب 24 ماي 2019 والإياب 31ماي 2019 وإعادة المباراة النهائية على ارض محايدة بغض النظر عن نتيجة الذهاب .
[24] – من بين القرارات التأديبية التي أصدرتها لجنة الانضباط بالاتحاد الإفريقي لحد الآن ، الحكم بغرامة قدرها 15 ألف دولار أمريكي على كل من الوداد الرياضي والترجي الرياضي بسبب استعمال جمهورهما الشهب الاصطناعية ، “الموقع الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم ” www.cafonline.com تاريخ الزيارة 07.08.2019 على الساعة 00:45
[25] – قرار لجنة الانضباط الصادر بتاريخ 07غشت 2019 بخصوص مباراة 144 التي أقيمت 31 يونيو 2019 ” الموقع الرسمي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم www.cafonline.com تاريخ الزيارة 08.08.2019 على الساعة 10:40