في الواجهةمقالات قانونية

النمو الحضري

ذ.عبد القادر الادريسي العرابي

طالب باحث و ناشط حقوقي

النمو الحضري

لقد أقدى النمو الحضري المتزايد في المغرب كما في العديد من الدول العربية والدول النامية في ظل غياب رؤية استراتيجية وسياسات عمرانية مبنية على دراسات علمية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة والمتوقعة على المدى المتوسط والبعيد إلى عدة مشاكل بنيوية وتعتبر أحزمة البؤس التي تحيط بالمدن خاصة المدن الكبرى كالدار البيضاء وفاس، سلا، تمارة أهم هذه المشاكل حيث ظهرت الأحياء العشوائية ما يعرف بالسكن غير اللائق الذي يفتقر في كثير من الأحيان للخدمات الضرورية مثل الكهرباء ومياه الشرب وشبكة الصرف الصحي، كما أن العديد من البيوت تتسم بالهشاشة وهي مهددة بالانهيار في أي وقت مما يزيد في تأزم هذا المشكل. كما أن مفهوم السكن غير اللائق يرتبط بعوامل مختلفة منها ما هو مرتبط بظروف النشأة ونوعية البناء وجودته.

ملاحظ أن هذه الظاهرة قد تفشت في جل المدن المغربية بشكل غير عادي الأمر الذي يقتضي تدخل السلطات العمومية للحد من تفاقمها ومن خلال هذا يمكن أن نطرح التساؤلات التالية ؟

ما هي أسباب التي أدت إلى ظهور هذا المشكل؟ وكيف تعاملت معه السلطات العمومية ؟

وهذا ما سنحاول الإجابة عليه وفق التصميم التالي:

المحور الأول: الأسباب المؤدية لظهور مشكل السكن غير اللائق.

المحور الثاني: كيف تعاملت السلطات العمومية مع مشكل السكن غير اللائق.

المحور الأول: الأسباب المؤدية لظهور مشكل السكن غير اللائق:

يمكن القول بأن هذا المشكل العمومي يعيق تنمية المجتمعات لدى يستوجب الوقوف على الأسباب التي ساهمت في ظهوره ونذكر منها:

  • انتشار الفقر وتبعاته كون الأحياء العشوائية قليلة الكلفة بشكل كبير مقابل البناء المنظم، فهي هدف للفقراء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات السكن المنظم أي كلما ارتفعت معدلات الفقر إزداد انتشار السكن العشوائي.
  • عجز الدولة عن توفير سكن لائق لشرائح واسعة من المواطنين الذين يتصفون بضعف دخلهم والتي تقع على الدولة مسؤولية كبيرة في توفير سكن مناسب ولائق لها.
  • عامل الهجرة والنمو الديموغرافي السريع مما يؤدي إلى ازدياد الطلب على السكن
  • الارتفاع الحاد لأسعار الأراضي بسبب المضاربات العقارية مما أبعد شريحة من المواطنين الفقراء من إمكانية صولهم على قطعة سكنية يمكن بناؤها بالإمكانيات الذاتية.
  • ضعف دعم الدولة لقطاعات الإسكان العامة المخصصة لذوي الدخل المتدني
  • تقاعس الأجهزة المسؤولة في تدبير ومراقبة البناء والتعمير.
  • غياب التكوين التقني والقانوني لدى المنتخبين وبعض المسسؤولين على القطاع من أجل تحقيق أغراض ذاتية على حساب المصلحة العامة.
  • تعقيد المساطر والمراحل القانونية والإدارية
  • تعدد وتداخل المتدخلين في ميدان التعمير.

المحور الثاني: كيف تعاملت السلطات العمومية مع مشكل السكن غير اللائق:

يعتبر السكن غير اللائق محطة اهتمام السلطات العمومية من أجل التدخل للحد من هذا المشكل العمومي الذي يهم فئات مجتمعية واسعة لقد اهتمت السلطات العمومية بإشكالية السكن غير اللائق منذ الاستقلال حيث وضعت أول برنامج للسكن الجماعي للقضاء على السكن العشوائي ومنذ ذلك الحين نهجت مجموعة من السياسات في مجال السكنى والتعمير ففشلت في القضاء على ظاهرة السكن العشوائي، وذلك بسبب تركيزها على الهاجس الأمني وتوفير بعض الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء.

انطلاقا من أوساط التسعينيات تم الاعتراف بالسكن الصفيحي والسكن غير القانوني العشوائي عن طريق برنامج التنمية الحضرية الذي يهدف لإدماج هذا السكن بواسطة تحسين تدريجي لظروف السكن، ويرتكز هذا البرنامج على مفهوم إعادة تأهيل الأحياء العشوائية عبر تجهيزها بالتجهيزات الأساسية وتقنين السكن وذلك عبر إصلاح المباني من طرف السكان أنفسهم بتأطير تقنين وبواسطة قروض تصرف لهم على شكل أدوات البناء. كما تم تفعيل البرنامج لأكبر الأحياء الصفيحية في أربعة مدن (الدار البيضاء، الرباط، مكناس، القنيطرة) لكن سرعان ما تم التخلي عن مدينة الدار البيضاء ففشل هذا البرنامج في تحقيق أهدافه المعلنة، وبهذا سنحاول الدولة إعادة تأهيل الأحياء الصفيحية الصغيرة عبر برنامج الأحياء الصفيحية الصغيرة والمتوسطة، حيث يقتصر تدخل السلطات في توفير الخدمات الأساسية كمياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي.

أمام فشل هذه السياسات وخاصة تلك الموجهة للأحياء الصفيحية الكبرى ستلجأ الدولة إلى سياسة إعادة إسكان قاطني دور صفيح، وذلك بمنح هؤلاء السكن بقع أرضية مجهزة مقابل أثمان مدعمة من طرف الدولة على أن يتحمل المستفيدون أثمان البناء، بدون أي دعم ولا مساعدات للحصول على قروض بنكية، وقد تم تمويل البرنامج في البداية من طرف ميزانية العامة للدولة. كما تم احداث مؤسسات عمومية خاصة مستقلة في الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق والشركة الوطنية للتجهيز والبناء، رغم كل هذه البرامح لم تتمكن الدولة على القضاء على ظاهرة السكن غير اللائق لذلك لجأت الدولة إلى سياسة الشراكة مع القطاع الخاص وذلك بوضع مجموعة من البرامج: من هذه البرامج نذكر البرنامج الخاص لمحاربة السكن غير اللائق الذي كان الهدف منه هو محاربة لسكن غير اللائق وإنجاز 100 ألف وحدة سكنية لفائدة ذوي الدخل المحدود.

برنامج بدون صفيح يهدف هذا البرنامج للقضاء على السكن الصفيحي ويهم 326 ألف أسرة موزعة على 85 مدينة مغربية في سنة 2010 استعادت 164700 أسرة من هذا البرنامج.

لكن هذه البرامج قد اصطدمت مجموعة من العوائق لأن مشكل السكن غير اللائق لا زال يضم فئة واسعة من المواطنين القاطنين بدور الصفيح.

ويمكن أن نستنتج من السياسات العمومية المتخذة في مجال السكن أنها لم تنجح في القضاء على إشكالية السكن العشوائي لأنها تفتقد دائما لرؤية مندمجة ارتكزت بالأساس على الهاجس الأمني في سياستها الخاصة بالمدنية مع محاولة توفير بعض الخدمات الأساسية كمياه الشرب والكهرباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى