مقالات قانونية

بدائل العقوبات السالبة للحرية بين إكراهات التطبيق ومطالب المجتمع الحقوقي وعلاقتها بظاهرة الاكتظاظ الاعتقال الاحتياطي نموذجا

0000052

الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد عبده ورسوله الرحمة المهداة للعالمين، والمبعوث بالشرع القويم، للناس أجمعين، أما بعد.

فيسعدني أن أسهم بهذا البحث المتواضع حول بدائل العقوبات السالبة للحرية بين التطبيق ومطالب المجتمع الحقوقي في المبحث الأول أما المبحث الثاني فحاولنا أن نتناول أزمة الاكتظاظ في السجون المغربية وضرورة ترشيد السياسة الجنائية (الاعتقال الاحتياطي نموذجا)

أهمية الموضوع:

تبلغ أهمية  العقوبات البديلة في الدراسات الجنائية الحد الذي تأثرت به تسمية القانون الجنائي، حيث يشيع تحت الأقلام وعلى الألسنة مسمى " العقوبات البديلة "والتي أحدثت ضجة كبيرة في المجال الحقوقي والإنساني مع ضرورة إعادة النضر في ترشيد السياسة الجنائية  " نسبة إلى العقوبة؛ بل إن كثيرا من فقهاء القانون المقارن أخذوا بها باعتبارها أخص ما يميز ذلك القانون أخذة مبدأ تجاوز العقوبات التقليدية ومعيار الجدوى في النص القانوني الجنائي.

السجين أصبح وسيلة من وسائل الإنتاج وثمة تجاوز المفهوم التقليدي في التربية والعقاب.

وتعد دراسة " العقوبات البديلة "التتمة المنطقية لدراسة النظرية العامة للجريمة؛ إذ بدون جريمة لا محل لجزاء جنائي ، ولا معنى لتجريم بلا عقاب يقترن به، كما أنه لا معنى لدراسة البنيان القانوني للجريمة دون دراسة للأثر القانوني الذي يترتب على ثبوت المسئولية الجنائية عنها، وهو الجزاء الجنائي الملائم والمقصود به. " العقوبات البديلة ".

 

 

منهج البحث:

يقوم البحث على المنهج الوصفي بطريقته العلمية الاستقرائية التحليلية، باعتباره الأنسب للدراسات القانونية  أو النظامية، والرجوع إلى بعض الأنظمة القانونية الوضعية وتحليل نصوصها وبيان أحكامها، أما في المبحث الثاني فقد أخذت بنظرية جون ستيوارت اميل وهي نظرية تسمى " تلازمية العلل بين الكم والكيف". التي تعتمد على المنهج السوسيوــ إحصائي في دراسة ظاهرة الاكتظاظ السجيني وعلاقته بالاعتقال الاحتياطي في المغرب .

 

 

 

مقدمة

تمهيد :

يقول  العلامة ابن خلدون[1] في مقدمته[2] عن التاريخ إن التاريخ في ظاهره يخبرنا وفي باطنه تحقيق ونضر ; وموضوعنا اليوم لا يمكننا أن نتناوله إلا ادا رجعنا إلى التاريخ الجنائي مند ظهوره وتطوره الى ما وصل إليه اليوم قاطعا أشواطا كبيرة من تجادبات بين دعاة الإصلاح والترشيد وبين دعاة تطبيق النص القانوني دون النضر إلى المناحي الأخرى. وبين هدا وداك تطورت القاعدة القانونية بتطور الإنسان فكرا ومجتمعا مما حدا بالمفكرين إلى إعادة النضر بل والتحقيق في مجموعة من القواعد التي وضعها الإنسان مند عهد حمو رابي في حضارة بابل كأول من دون القواعد وانطلق بها من العرفية إلى التدوين ; مرورا بعصر الحضارة الإسلامية التي تخرج منها الحجاج بن يوسف الثقفي [3]في العراق كأول من احدث نضام السجون بالمفهوم المعاصر ولما لاها من ايجابيات وسلبيات .خصوصا إن نقاد هاته العقوبات السجينة بدؤوا يخرجون عن صمتهم معلنين انه أصبح الحديث عن العقوبات البديلة ملحاً .لما تبين من العيوب والسلبيات المصاحبة للسجن، وكانت مناهج الباحثين في تناول الإجراءات البديلة مختلفة من حيث تقسيم وتنويع تلك ا الإجراءات، فمنهم من تعامل معها تعاملاً نظرياً بغض النظر عن البيئة التي يمكن أن تطبق فيها، ومنهم من تعامل معها تعاملاً عملياً من حيث إمكانية تطبيقها ، دون أن يضع لها معايير تجعل لكل زمرة منها إطاراً يجمع جزئياتها، ومنهم من قسمها باعتبار الطابع الذي يطبع كل مجموعة منها ، كما أن النظر إلى تنوعها باعتبار سن المعاقبين وقدرتهم على تحملها أمر من الأهمية بمكان، كما أن السواد الأعظم منهم تناولاه من المنظور الكمي [4]باعتبار الاكتظاظ الهائل التي تعرفها المؤسسات السجينة ;والمصاريف بل والنفقات التي تنفقها الدولة. خصوصا أن سجين واحدا يكلف الدولة 45.50 درهم في اليوم بما معدله 5 مليون درهم يومها لمجموع السجناء إضافة إلى الموجودين في اعتقال احتياطي .والأكثر من دالك أن جمعيات حقوق الإنسان مافتئت تناضل من اجل إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحري.كما تدعو إلى ترشيد السياسة الجنائية .لذا سيكون الحديث عن العقوبات البديلة من المنظور التشريعي والقضائي ومن منظور الحق كآلية من آليات حقوق الإنسان مع إكراهات الاعتقال الاحتياطي نموذجا.

مقدمة

بداية إن النظام ضرورة لا مفر منه للمجتمع ولا غني عنه للبشرية وهو في حقيقته ليس إلا أداة لخدمتها وإسعادها، فوظيفة القانون تتمثل في تنظيم تحرك الفرد في المجتمع ومنع المظالم وحفظ الحقوق وتحقيق العدالة وتوجيه الشعوب نحو النافع والمفيد، ولكل المجتمعات أنظمتها التي تحرص على سلامتها وقوانينها التي تتمسك باحترامها وبالتالي فالقوانين الجزائية أداة لفرض النظام والأمن في المجتمع ومنه يعتبر التشريع الجنائي والجزائي أداة ضرورية لزجر المجرم وردعه حتى نقي المجتمع من شر الانحراف وبموازاة مع ايجابيات النظام والأمان فلا يمكن أن نهضم حقوق الإنسان باسم هدا النظام بفعل عقوبات لا تصل إلى السجن لدالك لا بد من التفكير في بدائل للعقوبات السالبة للحرية فليس كل عقوبات الحبيسة هي بالضرورة تأديب وتربية للمدان من هدا المنطلق تمخضت فلسفة العقوبات البديلة كرهان لهدا الواقع وهدا ما سوف سنتناوله في الفصل الأول من هدا البحث عن ماهية العقوبات البديلة ونجاعتها في السياسة الجنائية عامة وكا إجراء احترازي خاصة.

 

الفصل الأول: ماهية بدائل العقوبات السالبة للحرية:

المبحث الأول: مفهوم العقوبات البديلة وأنواعها :

دائما ما نسمع عن بدائل السجون[5] في الندوات والمؤتمرات فــي مجال البحوث والدراسات المرتبطة بالسجون وهي ما سيدور حوله موضوعي اليوم ماهو البديل لمثل هذه العقوبات؟وسيكون كلامي عن البدائل بعد التعريف بالعقوبه وتطورها الى ان ظهر هذا التوجه والمطالبه بإيجاد بديل لمثل هذه العقوبات ولماذا البديل ..

المطلب الأول :مفهوم العقوبة :
الفرع الأول العقوبة لغة :
هي ما وقع من جزاء على ذنب ارتكبه إنسان
فقد ورد في لسان العرب:
العقاب والمعاقبة هي أن تجزى الرجل بما فعل سوءاً والاسم العقوبة وعاقبه بذنبه معاقبة وعقابا أخذ به. [6]

 

 

 

 

الفرع الثاني: العقوبة اصطلاحا وفقها


الفقرة الأولى العقوبة فقها فقد تعددت تعريفات الفقهاء:
فقال البعض .. العقوبة هي الجزاء المقرر أو ما يمكن تقريره لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع.
وقال البعض .. العقوبة هي جزاء وضعه الشارع للردع عن ارتكاب ما نهى عنه وترك ما أمر به فهي جزاء مادي مفروض سلفا يجعل المكلف بحجم عن ارتكاب الجريمة فإذا ارتكبها زجر بالعقوبة حتى لا يعاود الجريمة مرة أخرى كما يكون عبره لغيره.
وقال آخرون .. العقوبة هي الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع.
وذكر في معجم ألفاظ القران الكريم .. العقوبة هي ما يوقع على فاعل الفعل غير الحسي وهي أثر أعقب الفعل واختصت العقوبة والعقاب بالعذاب وعاقبه بذنبه معاقبة وعقاباً أخذه. [7]
وقال الماوردي  [8] الحدود زواجر وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر لما في الطبع من مغالبة الشهوات الملهية عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة فجعل الله تعالى من زاجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذرا من ألم العقوبة وخيفة من نكال الفضيحة ليكون ما حظر من محارمه ممنوعا وما أمر به من فروضه متبوعا فتكون المصلحة أعم والتكليف أثم .
قال الله تعالى: (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) [9]يعني من في استنقاذهم من الجهالة وإرشادهم من الضلالة ولكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة وإذا كان كذلك فالزاجر ضربان حد وتعزيز.
وقال ابن تيميه [10]في فتاواه العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله تعالى لعباده فهي صادرة عن رحمة الخلق وإرادة الإحسان إليهم , ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم كما يقصد الوالد تأديب ولده وكما يقصد الطبيب معالجة المريض.
وخلاصة القول :
أن العقوبة في اللغة مطلق بمعنى الجزاء يكون من الشارع الحكيم ومن غيره يعكس الجزاء في الشرع فهو مقيد أي بالشرع فقط. ويفهم أيضا أن المقصود من فرض العقوبة على عصيان أمر الشارع الغاية منه هو إصلاح حال البشر جميعا وفي الوقت ذاته العمل على حمايتهم من المفاسد وإرشادهم إلى الطريق السليم وأن العقاب رحمة بالعباد وقبل توقيع العقاب أرسل الله سبحانه وتعالى رسله وأنبيائه أجمعين ليوضحوا للناس طريق الخطأ والصواب ويهديهم إلى الطريق القويم ومن ينحرف يتعرض لتوقيع أقصى العقاب قال الله تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).
الفقرة الثانية العقوبة قانونا. :
العقوبة هي جزاء تقويمي تنطوي على إيلام مقصود تنزل بمرتكب جريمة ذي أهلية لتحميلها بناءً على حكم قضائي يستند إلى نص قانوني يحددها. ويترتب عليها إهدار حق لمرتكب الجريمة أو مصلحة له أو ينقصها أو يعطل استعمالهما. [11]


ومن تعريفنا هذا للعقوبة يتضح أنها تتحلل إلى :
(1)
كونها جزاء تقويمياً.
ينطوي على إيلام مقصود.

وإنها شخصية
–  شرعية.
قضائية.
– لا توقع إلا على شخص ذي أهلية لتحملها.

ويلاحظ أن العنصر الخير في التحليل وهو كون العقوبة لا توقع إلا على ذي أهلية لتحملها هو الذي يحدد مناط توقيع العقوبة بمعنى أنه إذا كان مرتكب الفعل الذي يوصف بأنه جريمة شخصياً غير أهل لتحمل العقوبة فإنه يخضع لتدبير احترازي لان ما صدر عنه لا يعتبر جريمة .

الفرع الثالث: ماهية العقوبات في ميادين الفكر الإنساني

الفقرة الأولى: العقوبة في التصور الفلسفية

طرح عدد من الفلاسفة تعريفات مختلفة عن العقاب. والشروط اللازمة لوصف الحدث على أنه عقوبة تتمثل في

1.    أن العقوبة تفرض من خلال سلطة. [12]

2.    أن العقوبة تقترن أيضًا بخسارة يتكبدها المذنب المفترض أنه ارتكب جريمة. [13]

3.    أن العقوبة تمثل رد فعل على جريمة. [14]

4.    أن الشخص (أو الحيوان) الذي تقع عليه العقوبة من المفترض أن يعد على الأقل مسئولا عن الجريمة. [15]

الفقرة الثانية: العقوبة في تصور علم النفس

حسبما ذكر بي أف سكينر (B.F. Skinner) [16]، للعقوبة تعريف أكثر تعقيدًا وفنية. تندرج كل من العقوبة والتعزيز تحت إطار فئة التكيف الفعال.

ويشير التكيف الفعال إلى التعلم من العقوبة أو التعزيز. ويشار إليه أيضًا بأنه شرط محفز للاستجابة.

 في علم النفس، العقاب هو الحد من سلوك ما عبر تطبيق محفز سلبي ("عقوبة إيجابية") أو إزالة محفز ممتع ("عقوبة سلبية"). الأعمال الروتينية الإضافية أو الضرب على الأرداف هي أمثلة على العقوبة الإيجابية، بينما يمثل حرمان الطالب المخالف من فترة الاستراحة أو الحرمان من مزايا اللعب عقوبات سلبية. يتطلب التعريف أن تتحدد العقوبة فقط بعد وقوع الحدث من خلال مراقبة مدى التراجع في السلوك؛ وإذا لم يحدث تراجع للسلوك المخالف، فلا تعد هذه عقوبة. وهناك بعض الخلط بين العقاب والإكراه، رغم أن الإكراه الذي لا يسفر عن تراجع السلوك المخالف لا يعد عقابًا في مجال علم النفس.

الفقرة الثالثة :تصور علم الأحياء الاجتماعي للعقوبة

تسمى العقوبة في بعض الأحيان بالعدوان الثأري أو عدوان أخلاقي؛وقد لوحظ ذلك في جميع أنواع الحيوانات الاجتماعية، مما أدى بعلماء التطور البيولوجي إلى استنتاج أنها إستراتيجية مستقرة من الجانب التطوري، وتم تحديدها لأنها تفضل السلوك التعاوني. [17]

الفقرة الرابعة: تصور علم الإجرام للعقوبة

يعرف فقهاء القانون الجنائي العقوبة بأنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضى على كل من ارتكب فعلا أو امتناعا يعده القانون جريمة . يمكن القول بانه تعريف قانونى يخص قانون العقوبات ،ولا يصلح بالتالى لعلم العقاب الذى يدرس العقوبة كنظام إجتماعى[18] .
إذا يمكن تعريف العقوبة بأنها "إيلام مقصود يوقع من اجل الجريمة ويتناسب معها ".
ويميز هذا التعريف أنه يربط العقوبة بالجريمة رابطة السبب بالمسبب كما وكيفا.

الفرع الرابع: انواع العقوبات

للعقوبات أنواع منها ما هو أصلي ومنها ما هو تبعي

والعقوبة الأصلية هي: الإعدام والأشغال الشاقة والسجن والحبس والغرامة

أما العقوبة التبعية فمتعددة ومن أمثلتها الحرمان من الحقوق والمزايا .

وتهتم دراسات علم العقاب بتكثيف الضوء على العقوبة الأصلية نظراً لارتباط هذه العقوبات بالتفكير التقليدي لمواجهة الجريمة .

ولقد كان من نتائج دراسات علم العقاب ظهور عقوبات غير تقليدية هي بمثابة تدابير احترازية أو وقائية مستقبلية ألحقت بدائرة العقوبات التبعية مثل وضع المحكوم عليه بعد خروجه من السجن تحت مراقبة البوليس الشرطة والعزل من الوظائف الإدارية لمن ثبت ارتكابه جريمة في حق الوظيفة الحكومية كالاختلاس أو كالاستيلاء على أموال الدولة ومن الملاحظ أن العقوبات غير التقليدية ليست عقوبات بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح ومن ثم يعد إطلاق مصطلح عقوبة تبعية عليها من قبيل المجازات اللغوية وكان من الأرفق أن يطلق عليها مصطلح تدابير وقائية إذ أنها لا تحمل في طياتها معنى الألم البدني كالإعدام أو العقوبة المقيدة أو السالبة للحرية كالسجن والحبس كما لا تحمل في طياتها المساس بالذمة المالية للمجرم كالغرامة .

ومع هذا فيه تحمل معنى جزائي إلى حد واضح يمس باقي حقوق الإنسان وحريته ولعل ذلك هو الدافع لتسميتها أو أطلق عليها مصطلح عقاب على ترسانة العقوبات التي وصفة بالتبعية كذلك لأنها لا تستقيم بمفردها ولا يصح أن ينطق بها القاضي دون النطق بالعقوبة الأصلية المقررة للمجرم أي لأنها تتبع عقوبة أصلية .

 

 

أنواع العقوبات التعزيريه[19] :

_ عقوبات محلها البدن وتنقسم إلى عقوبة ماسة بحياة الإنسان هي القتل ويطلق عليها في القوانين المعاصرة الإعدام وعقوبة ماسة بجسم الإنسان وهي الجلد والصلب والضرب.

_ عقوبات محلها الحرية وتنقسم إلى عقوبة سالبة للحرية هي الحبس وعقوبة مقيدة للحرية هي النفي أو التغريب أو الإبعاد وحظر الإقامة في مكان معين والمراقبة .

_ عقوبات محلها النفس وهي الإعلام والوعظ علانية والإحضار لمجلس القضاء والتوبيخ والهجر والتشهير والتهديد الصادق.

_ عقوبات محلها الحرمان من حق أو ميزة ومنها العزل والتطليق والتفرقة بين الزوجين مؤقتاً .

_ عقوبات محلها المال وهي الغرامة والمصادرة والإزالة والإتلاف .

المطلب الثاني:مفهوم البدل في العقوبات السالبة للحرية

ظهر في الفقه الجنائي اتجاه توفيقي في شأن العقوبات السالبة للحرية، وخاصة قصيرة المدة منها , والتي تتصل بحالات الإجرام متوسط الخطورة ؛ فلا يتجاوز إلى حد المناداة بإلغائها، ولا يبقي أسيراً لها فيقبلها بحالها دون ما تعديل. فهو اتجاه يعمل على التقليل بقدر الإمكان من مساوئ هذه العقوبة والتخفيف من أثارها الضارة. لذا يدعو هذا الاتجاه إلى استعمال العديد من البدائل العقابية التي تحل محل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة متى كانت ظروف الجريمة وشخصية المجرم توجب هذا. فإن رأت المحكمة أن هذا البديل لا يجدي في مواجهه حاله إجرامية معينه كان لها أن تقضي بالعقوبة السالبة للحرية رغم قصر مدتها

فهذه البدائل من قبيل نظم المعاملة العقابية التفريدية المقررة تشريعياً لتكون بين يدي القاضي، إن شاء أعملها إذا استدعت ظروف الجريمة ذلك، وإن شاء قضى بالعقوبة السالبة للحرية أياً كانت مدتها.وفي الحقيقة فإن هذه البدائل متنوعة، وسوف نعطي بعض التفصيلات عن تلك الأنظمة التي تعاقبت التشريعات كافة، والغربية منها خاصة، على الأخذ به. بعد ان نعرف البدل فقها وقانونا ولغة[20].

الفرع الأول: مفهوم البدل لغة

البديل في اللغة بمعنى البدل، وبدل الشيء غيره  والخلف منه , وجمعه أبدال , واستبدل الشيء وتبدله به إذا أخذه مكانه . جاء في اللسان : "والأصل في التبديل تغيير الشيء عن حاله , والأصل في الإبدال جعل شيء مكان شيء آخر"  [1][21].

الفرع الثاني: التعريف الاصطلاحي للعقوبة البديلة :

عرف بعض الباحثين بدائل السجون بأنها: " اتخاذ عقوبات غير سجنية ضد المذنبين  .

 أو هي "استخدام عقوبات غير سجنية بدلا من العقوبات البديلة السجنية".

والملاحظ أن التعريف الثاني يخرج العقوبات المقيدة للحرية عموماً من مفهوم الإجراءات البديلة عن الحبس وأن التعريف الأول يحصر البدائل في عقوبة المذنبين, ولكي تشمل " الإجراءات البديلة عن الحبس " ما هو عقوبة وما ليس بعقوبة، فالأولى أن تعرف بأنها: (اتخاذ وسائل وعقوبات غير سجنية بدلاً من استعمال السجن سواء كانت تلك الإجراءات المتخذة قبل المحاكمة أو أثناءها أو بعدها ).

ويشير أحمد الحويتي إلى أن الاتجاه العام سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي يتجه نحو استخدام الإجراءات البديلة عن الحبس، خاصة في الجرائم البسيطة، إلا أن هذا التوجه لا يزال محدودا من الناحية العملية (22) .
الفرع الثالث الاتجاه الحديث في العقوبة

إن الاتجاهات المعاصرة للسياسة الجنائية في العقوبة  تتماشى مع التغير في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فقد عمدت بعض التشريعات إلى تبديل بعض العقوبات واهتمت بصفة خاصة بالعقوبة السالبة للحرية ( السجن)، وألغت بعض العقوبات وأحلت محلها عقوبات أخرى مع  مراعاة وجود توازن وتناسب بين القيم والمصالح المتطورة والمتغيرة داخل المجتمع الواحد وبين الحقوق والحريات الفردية.  

الفقرة الاولى : بدائل العقوبات بصفة عامة

لقد عرفت التشريعات الحديثة أشكالا مختلفة للعقوبات والتدابير البديلة عنها، والتي تتمثل في ما يلي:

1-   نظام وقف التنفيذ ويقصد به تعليق تنفيذ العقوبة فور صدورها على شرط موقوف من خلال فترة اختبار يحددها القانون

2-   العقوبات المالية: وهي التي تمس المدان في ذمته المالية، وتعد من مصادر الإيرادات للخزينة العمومية، وتتولى عملية تحصيلها مصالح الضرائب المختلفة

3-   العمل للمنفعة العامة أو قيام المحكوم عليه بعمل للنفع العام بدون أجر بدلا من دخوله المؤسسة العقابية 

4-   التعهد والكفالة بحسن السلوك: وهو أن تحكم المحكمة على المدان بأن يقدم تعهدا بحسن السلوك لمدة معينة إذا كانت الجريمة جنحة على أن يودع المحكوم عليه في صندوق المحكمة مبلغا من المال تراعي المحكمة في تقديره حالته المالية ولا يرد له في حال إخلاله بتعهده.

5-   الإلزام بإزالة الأضرار وتعويض المجني عليه بحيث يجوز للمحكمة بناء على طلب من المجني عليه أن تحكم على الفاعل بإزالة الأضرار التي أحدثتها جريمته وتعويض المجني عليه، وفي حالة رفض المحكوم عليه تنطبق العقوبة

6-     نظام تحويل الدعوى الجنائية إلى الطريق الغير جنائي: هو أسلوب حديث يسمح بتفادي الحبس في أحوال معينة بالنسبة للمحكوم عليهم، ويطبق هذا النظام بصورة كبيرة في الولايات المتحدة في متابعة المدمنين على المخدرات والكحول؛ خاصة إذا رأى القاضي أن الطريق الجنائي لن يجدي نفعا. 

الفقرة الثانية: بدائل العقوبة السالبة للحرية

ويقصد ببدائل العقوبة السالبة للحرية: هو نظام يتيح إحلال عقوبة من نوع معين محل عقوبة من نوع آخر قضائيا؛ سواء تم الإحلال ضمن حكم الإدانة أو بعده، ويتم ذلك عند تعذر تنفيذ العقوبة الأصلية، أو قيام احتمال تعذر تنفيذها، أو إذا كانت العقوبة البديلة أكثر ملائمة من حيث التنفيذ بالقياس إلى العقوبة المحكوم بها بداية منظورا في ذلك حالة المتهم. 

ومن أبرز الاتجاهات الحديثة البديلة للسجن إعفاء المؤسسات العقابية التقليدية من مسؤولية إصلاح المجرمين، والاستعانة ببعض مؤسسات الرعاية الاجتماعية القائمة في المجتمع لتقديم بعض الرعاية لبعض أنواع من أنواع السجناء الذين يعانون من مشاكل طبية ونفسية وعقلية.

ويقصد ببدائل السجن" مجموعة من التدابير التي تحل محل السجن لإصلاح الجاني وحماية الجماعة، أو التثبت من المتهم والكشف عن حاله "  

الفقرة الثالثة بدائل السجون بشكل عام:

1-   المراقبة القضائية: هي إجراء قضائي تتخذه المحكمة بحق المجرم بعد إدانته نهائيا عن الجريمة ما.

 إذ تأمر المحكمة بإطلاق سراحه تحت شروط تحددها المحكمة، وبإشراف ومراقبة شخصية من قبل هيئة أو إدارة المراقبة القضائية المختصة؛ إذ هي نوع من المعاملة الإصلاحية غير المؤسسية ( خارج السجن) التي تهدف إلى إعادة بناء شخصية المجرم البالغ أو الحدث الجانح ومساعدته على تعديل مسيرة حياته، أما الحكم المعلق فهو تعليق إصدار الحكم النهائي في القضية بهدف الرأفة بالمجرم وتخفيف العقاب عنه.

2-    الإفراج الشرطي: هو إطلاق سراح السجين من المؤسسة قبل استكمال مدة حكمه، وذلك بوضعه تحت مراقبة أو إشراف معين بهدف مساعدته على اجتياز ما بقى من مدة حكمه بسلوك حسن خارج المؤسسة.

3-    الرقابة الإلكترونية: تعتبر الرقابة الالكترونية من بدائل السجن، ويرتبط تطبيقها بنظام الحبس المنزلي، حيث يتم التأكد من احترام المطلق سراحه بتنفيذ شروط الوجود في مكان محدد له وعن طريق استخدام الكمبيوتر الذي يعمل على اختزان المعلومات التي ترسلها الإشارات لكل فرد على حده، وتستخدم برامج اتصال على فترات للتأكد من وجود المطلق سراحه في المكان المعني؛ حيث يعطي الكمبيوتر تقارير عن نتائج هذه الاتصالات.

والرقابة الإلكترونية كبديل للسجن ليست برنامجا في حد ذاتها، ولكنها الوسيلة التي تستخدم في تشغيل البرنامج، وفي الوقت ذاته لا يمكن تشغيلها دون الأجهزة الرقابية التي يمكن لها مراقبة دخول أو خروج المجرم من البيت . 

4-   الإلزام بالعمل لمصلحة المجتمع: وهو إلزام المحكوم عليه بالعمل مقابل قليل من المال يسد حاجته وأسرته خدمة للصالح العام في إحدى المؤسسات العامة أو المشروعات، سواء أكانت زراعية أو صناعية أو خدمية أو الجمعيات أو غيرها، عددا من الساعات خلال مدة معينة تحدد في الحكم وقد يخصص جزء من أجر العمل الإلزامي لتعويض المجني عليه.

ومن المجالات المقترحة في مجال العمل لمصلحة المجتمع : المشاركة في أعمال يدوية أو مهنية مثل نظافة المسجد والاهتمام بها ولاسيما في رمضان، وخدمة الصائمين في مشروع تفطير صائم، أو المساهمة في تنظيم ومراقبة الأسواق التجارية والمسالخ في الأيام المزدحمة كشهر رمضان أو أجازتي العيدين أو أيام العطل الأسبوعية، أو مساعدة المرضى والمعوقين ومن في حكمهم لمدة معينة، أو المشاركة  في تدريب السجناء في المهن التي يتقنونها وغير ذلك، أو المساهمة في تنظيم أعمال المرور أثناء الأعياد وإقامة المباريات ونحوها.   

الفرع الرابع القانون المقارن بالنسبة للقانون المغربي في العقوبات البديلة 

نورد في هدا الصدد  مداخلة الأستاذ أنس سعدون[[23] ضمن أشغال ندوة حول موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية في القانون الدانمركي ونظيره المغربي المنعقدة بمحكمة الاستئناف ببني ملال بتاريخ 24-06-2011، وهو باحث وعضو جمعية نادي قضاة المغرب.و فيما يلي موجز للمداخلة:
تناولت المداخلة نماذج من بدائل العقوبات السالبة للحرية في القانون الدانمركي،و فيما يلي ما جاء فيها:


الفقرة الأولى البدائل المتعلقة بالرشداء

1- العقوبات مع وقف التنفيذ المشروط
يقصد بهذا البديل تعليق العقوبة المحكوم بها على شرط واقف خلال مدة معينة يحددها القانون، فإذا لم يتحقق الشرط أعفى المحكوم عليه من تنفيذها نهائيا، أما إذا تحقق الشرط ألغى إيقاف التنفيذ، ونفذت العقوبة المحكوم بها.

2- جهاز الرصد الالكتروني
بمقتضاه يخضع المحكوم عليه لنظام المراقبة الإلكترونية الذي يقيد حريته خارج أسوار السجن عن طريق وضع سوار إلكتروني شبيه بالساعة، في معصمه ويرسل إشارات للمصالح المكلفة بالمراقبة. ويخضع إعمال هذا التدبير لعدة شروط عامة وخاصة.
فالشروط العامة اللازمة للخضوع للنظام المراقبة الالكترونية أهمها:
ـ أن يكون المحكوم عليه متوفرا على محل إقامة مناسب وعمل قار.
ـ أن يوافق شريكه في السكن على الخضوع لمثل هذا النظام.
ـ أن يوافق على قضاء فترة اختبار مدته عامين.
ـ ألا يكون قد رفض الخضوع لنظام العمل من أجل المنفعة العامة أو العلاج في المرافق المعدة لذلك خاصة بالنسبة للمدمنين على المخدرات أو الكحول.
أما الشروط الخاصة المتطلبة في هذا المجال فأهمها:
ـ التزام المستفيد بقبول المراقبة والإشراف من الجهة المعنية.
ـ عدم ارتكابه لجرائم جديدة.
ـ التزامه باتباع خطة عمل.
ـ التزامه بالمشاركة في دورات للتربية ومنع الجريمة و قبول أي شروط أخرى.


3 – العمل لأجل المنفعة العامة
هو عقوبة خارج أسوار السجن، بمقتضاها يلزم الجاني بأداء عمل لفائدة المجتمع كتعويض رمزي عن الضرر الذي نتج عن فعله الجرمي. وذلك من خلال العمل لصالح هيئة أو مؤسسة أو جمعية عامة، لمدة محددة قانونا تقدرها المحكمة، وبدون مقابل.
4-
إطلاق السراح المشروط
بمقتضى هذا التدبير يمكن إطلاق سراح المحكوم عليه بعد قضاء نصف المدة، التي تعادل شهرين على الأقل من فترة العقوبة. وذلك في حالتين:
إذا كان، المحكوم عليه قد قام بجهد خاص للخروج من الجريمة.
إذا كانت الحياة، الاجتماعية للمحكوم عليه منظمة بشكل جيد.
وقد أدى تطبيق السراح المبكر وفق، نظام خذ وأعط إلى إطلاق سراح حوالي 150 شخص سنويا، خاصة المحكوم عليهم بعقوبات سجنيه تتراوح مدتها بين 8 أشهر و9 سنوات،وقد خضع نصف المستفيدين من هذا النظام لتدبير العمل من أجل المنفعة العامة وذلك لمدد إجمالية تتراوح بين 30 ساعة و 240 ساعة، أي بمعدل نصف ساعة يوميا حتى قضاء ثلثي المدة المحكوم بها.
ثانيا الفقرة الثانية: البدائل المتعلقة بالأحداث
1- اتفاقيات الإحداث
هي اتفاقية تبرم بين الحدث ونائبه القانوني وكذا البلديات أو السلطة المحلية يتم بمقتضاها إسقاط التهم والعقوبات المدان من أجلها الحدث المحكوم عليه مقابل مشاركته في الأنشطة المنصوص عليها في الاتفاق المذكور. بناء على توصيات السلطات الاجتماعية بالبلديات.
وتتراوح مدة الاتفاقية بين ثلاثة أشهر وسنة. وفي حالة إخلال الحدث بمضمون الاتفاقية يتم إلغاء هذا التدبير أو تغييره. ويشترط لإبرام اتفاقية الأحداث:
موافقة الحدث ونائبه القانوني.
ألا يكون له سجل إجرامي أو متورطا في جريمة أخرى.
أن توافق سلطة الإدعاء وكذلك? المحكمة على مضمون الاتفاقية.
2-
عقوبات الأحداث
يمكن إخضاع الأحداث لعقوبات أخرى خاصة بالنسبة لحالات الأحداث الذين يعانون من مشاكل واضحة في التكييف الاجتماعي، أو الذين ارتكبوا أفعالا خطيرة كجرائم العنف والسطو والاغتصاب والتعدي على الملكيات ذات القيمة الكبيرة..
يشترط لتطبيقها تقديم السلطات الاجتماعية لتوصياتها بخصوص هذه العقوبات واقتراحاتها التي تهم طريقة تنفيذها، وصدور حكم قضائي يقضي بتطبيقها بدل العقوبات العادية.
ويتم تنفيذ عقوبة الأحداث من خلال برنامج كالآتي:تصل مدة العقوبة المحكوم بها إلى عامين كحد أقصى، يقضي الحدث مدة شهرين منها بمؤسسة محصنة، ثم ينقل بعدها إلى مؤسسة سكنية خاصة بالأحداث لمدة 12 شهرا، قبل أن يسمح له بالإقامة خارج المؤسسة السكنية المذكورة تحت إشراف السلطات الاجتماعية المختصة بالسهر على تنفيذ العقوبة.
ويمكن إعادة الحدث إلى المؤسسة المحصنة إذا لم يحسن استخدام الحريات الممنوحة له أثناء إقامته في المؤسسة السكنية الخاصة بالأحداث أو في مكان إقامته، أو إذا اقتضت ذلك ضرورة إكمال علاجه التربوي والاجتماعي.
من جهة أخرى، تناولت المداخلة بدائل العقوبات السالبة للحرية في القانون المغربي،و استعرضت دواعي البحث عن بدائل للعقوبة السالبة للحرية؟
وما هي بدائل العقوبات السالبة للحرية الواردة في القانون الجنائي المغربي؟
ثم كيف يمكن العمل على تطوير بدائل العقوبات السالبة للحرية الواردة في القانون المغربي؟
ولدى معالجة واقع تطبيق بدائل العقوبات السالبة للحرية في القانون المغربي، سجلت المداخلة  المعطيات التالية ما يلي:
ـ ارتفاع عدد السجناء بالمغرب من 52.000 سنة 2009 إلى أكثر من 63.000 سنة 2010 ويتزايد عدد السجناء بمعدل 10.000 سجين كل سنة.
ـ وصل عدد السجون في المغرب 60 سجنا ،ولا تتعدى المساحة المخصصة لكل سجين  مترا ونصف المتر، مع أن المعايير الدولية تحددها فيما بين ثلاثة وستة أمتار.
ـ ارتفاع حالات العود إلى الجريمة بالمغرب بنسبة تقارب 30 في المائة.
ـ ارتفاع عدد المعتقلين على ذمة قضايا إلى نصف عدد نزلاء السجون.
ـ تتوفر مديرية السجون على حوالي 7000 موظف يتوزعون على 60 مؤسسة سجنية، ويؤطرون أزيد من 63 ألف سجين و هو ما يعني وجود موظف لكل عشرة سجناء تقريبا.
وحول مدى إمكانية استفادة القانون المغربي من التجارب الدولية. توقفت المداخلة على بعض الإمكانيات التي من شأنها أن تفيد في  إقرار بدائل جنائية مقيدة للحرية: مثل: الاختبار القضائي – الشغل من أجل المنفعة العامة – الوضع تحت المراقبة القضائية. وبدائل مالية:كالغرامات الجنائيةالغرامة اليومية- المصادرة..

الفقرة الثالثة بدائل مقيدة للحقوق أو المزايا:
– وقف الترخيص بالقيادة أو حظر قيادة سيارات معينة
توقيف سيارة أو عدة سيارات يملكها المحكوم عليه لمدة معينة.
حظر حيازة أو حمل سلاح مما يخضع للترخيص لمدة معينة.
سحب رخصة الصيد مع حظر تسليم رخصة جديدة لمدة معينة.
المنع من إصدار شيكات وحظر استعمال بطاقات الوفاء، وذلك لمدة معينة.
بدائل العقوبات السالبة للحرية في مشروع القانون الجنائي الجديد و هي:

أولا- العقوبات البديلة المتعلقة بالجنح:
ـ العمل من أجل المنفعة العامة.
ـ العقوبات المقيدة للحقوق: منها
*توقيف رخصة السياقة لمدة سنة على الأكثر. أو إلغاؤها مع الحرمان من طلب الحصول على رخصة جديدة لمدة خمس سنوات على الأكثر.
مصادرة ناقلة واحدة أو أكثر في ملكية المحكوم عليه.
الحرمان من حيازة أو حمل سلاح خاضع للترخيص لمدة خمس سنوات على الأكثر.
مصادرة سلاح واحد أو أكثر بملكية المحكوم عليه أو له حرية التصرف فيه.
سحب رخصة الصيد مع الحرمان من طلب الحصول على رخصة جديدة لمدة خمس سنوات على الأكثر.
الحرمان لمدة خمس سنوات على الأكثر من إصدار شيكات غير التي تسمح بسحب مبالغ من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو التي تكون مصادق عليها، ويطبق نفس التدبير بالنسبة لبطاقات الأداء.
ثانيا- العقوبات البديلة المتعلقة بالمخالفات تتمثل في:
توقيف رخصة السياقة لمدة سنة على الأكثر.
مصادرة سلاح أو عدة أسلحة في ملك المحكوم عليه .
سحب رخصة الصيد مع الحرمان من طلب الحصول على رخصة جديدة لمدة سنة على الأكثر.
الحرمان من حق إصدار شيكات، لمدة سنة على الأكثر عدا تلك التي تسمح بسحب مبالغ من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو التي تكون مصادق عليها والحرمان من استعمال بطاقات الأداء.
مصادرة الشيء الذي استعمل أو كان يستعمل في ارتكاب الجريمة أو الشيء الذي تحصل منها.

الفقرة الرابعة موقف الفقه المقارن

وبمطالعة الفقه المقارن يتبين لنا أن هناك نماذج للتنفيذ العقابي بالنسبة للعقوبة السالبة للحرية تتفق مع النماذج المختلفة لشخصيات المذنبين من أبرزها :
1-
إيقاف التنفيذ تعليق تنفيذ الأحكام علي شرط
2- الوضع تحت الاختبار القضائي
3- وقف التنفيذ المقترن بالوضع تحت الاختبار
4- السجن شبه المفتوح
5- الإعفاء من العقوبة وتأجيل النطق بها
6- مراكز الحجز أو العمل للصالح العام
7- نظام السجن المتقطع أو تقسيط العقوبة
8- السجن نهاية الأسبوع
9- الوضع تحت المراقبة الإلكترونية

 

1- إيقاف التنفيذ (تعليق تنفيذ الأحكام علي شرط)

يعد إيقاف التنفيذ Le sursis من أقدم البدائل التي لجأت إليها التشريعات للتخفيف من الآثار السلبية للعقوبة السالبة للحرية. [24]

ويقصد بهذا البديل السماح للقاضي بأن يصدر حكمة بالعقوبة مع تضمين هذا الحكم أمراً بتعليق تنفيذها لمده معينة، وذلك حال توافرت ظروف معينة من حيث نوع الجريمة، وشخصية المجرم ، ومدة العقوبة المحكوم بها.

2- الوضع تحت الاختبار (الاختبار القضائي)

يقصد بالوضع تحت الاختبار La mise à L’ épreuve عدم الحكم علي المتهم بعقوبة ما , مع تقرير وضعه مدة معينة تحت إشراف ورقابة جهات معينة. فإذا مرت تلك المدة ووفى المحكوم عليه بالالتزامات المفروضة عليه فإن الحكم الصادر بالإدانة يعتبر كأن لم يكن.  أما إذا أخل المحكوم عليه بهذا الالتزام خلال المدة فإنه يتعين استئناف إجراءات المحاكمة والحكم علي المتهم بالعقوبة .

3- وقف التنفيذ المقترن بالوضع تحت الاختبار

فضلاً عن نظام وقف التنفيذ البسيط Le sursis simple ، يعرف التشريع الفرنسي نظام الجمع بين إيقاف التنفيذ والوضع تحت الاختبارLe sursis avec la mise à l’épreuve (المواد من 738 إلى 747 إجراءات جنائية فرنسي)
ووفق هذا النظام يجوز للقاضي أن يحكم بالعقوبة الجنائية مع إيقاف تنفيذها مدة معينة في خلالها يخضع الموقوف تنفيذ العقوبة قبله لعدد من القيود والالتزامات .
والواقع أن هذا الجمع أريد به تفادي ما قيل في شأن نظام إيقاف التنفيذ البسيط من كونه يقتصر على القيام بدور سلبي محض ، هو مجرد التهديد بتنفيذ العقوبة في المحكوم عليه إذا صدر عنه ما يجعله غير جدير بإيقافها ، دون أن يخضع الموقوفة ضده العقوبة لنوع من تدابير المساعدة أو الرقابة.

4- السجن شبه المفتوح

نظام السجن شبه المفتوح نموذج آخر للبدائل لنظام السجن التقليدي ووفقاً له يترك المذنب نهاراً لعمله ثم يعود ليلاً إلى السجن ويعتبر السجن شبه المفتوح أحد عناصر السياسة العقابية الحديثة التي يعتمد عليها في تحقيق غايات حركة الدفاع الاجتماعية الجديد التي تميل نحو احترام آدمية الإنسان وذلك نظرا لفشل السجن التقليدي المنغلق على الإنسان لكونه وسطاً محكم الغلق من جهة ونظراً لاستحالة ترك السجن مفتوحاً تماماً من جهة أخرى .
لهذا فنظام السجن شبه المفتوح يقف في وسط الطريق بين فكرتين :
الأولى ثبت فشلها وهي السجن المغلق والثانية يستحيل تطبيقها بل لا يتصور تطبيقها عملاً وهي السجن المفتوح..
ويعتمد نجاح نظام السجن شبه المفتوح على الاستفادة من أبحاث علم الإجرام وبالذات علم الإجرام المعملي ويعتمد البحث المعملي على أربعة أمور :
أولاً : ملاحظة المذنب المسجون
ثانياً : فحص ملفات شخصية المسجون
ثالثاً : الاتصال الشخصي بالمشرفين على إدارة السجن شبه المفتوح وتنفيذ العقوبة
رابعاً : متابعة المذنب الخاضع لنظام السجن شبه المفتوح بعد الإفراج النهائي عنه

5- الإعفاء من العقوبة وتأجيل النطق بها

جاهدت بعض التشريعات للحد من عيوب العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بإتباع بعض وسائل المعاملة العقابية التي تتمثل في العفو عن العقوبة أو في تأجيل النطق بها La dispense de peine et de l’ajournement.
وإلى هذين النظامين ذهب المشرع الفرنسي في قانون العقوبات الفرنسي الجديد.
فقد أجازت المادة 132–59 لمحكمة الجنح أن تعفي المتهم من العقوبات إذا تبين أن تأهيل المتهم قد تحقق ، وأن الضرر الناتج عن الجريمة قد عوض ، وأن الاضطراب الذي أحدثته الجريمة قد توقف.
كما أجاز المشرع الفرنسي تأجيل النطق بالعقوبة ، ولهذا التأجيل صور ثلاث :
 
فإما أن يكون هذا التأجيل بسيطاً Ajournement simple إذا ظهر أن المتهم في سبيله إلى التأهيل وأن الضرر الناجم عن الجريمة في سبيله للإصلاح وأن الاضطراب الذي أحدثه الجريمة على وشك التوقف.
ويشترط في جميع الأحوال حضور الشخص بنفسه أمام المحكمة أو ممثله إذا كان شخصاً معنوياً
كما قد يكون التأجيل مع الوضع تحت الاختبار Ajournement avec mise à l’épreuve. فيجوز للمحكمة في مواجهة المتهم الحاضر للجلسة أن تؤجل النطق بالعقوبة تجاهه مع إخضاعه لعدة من القيود والالتزامات وفقاً لما هو معمول به في نظام الوضع تحت الاختبار
وتكون مدة الوضع تحت الاختبار سنة على الأكثر. ويجوز للمحكمة أثناء تلك المدة أن تعفي المتهم من العقوبة نهائياً أو أن تنطق بها أو تؤجل النطق بها لمدة أخرى. على أنه يجب الفصل في أمر العقوبة خلال سنة من أول تأجيل.
وأخيراً هناك نظام التأجيل مع الأمر .Ajournement avec injonction ويتعلق هذا النظام بالأحوال التي توجد فيها قوانين ولوائح خاصة تفرض عقوبات معينة نتيجة الإخلال بالتزام معين.
في تلك الحالة يجوز للقاضي الجنائي أن يؤجل النطق بالعقوبة المفروضة في تلك القوانين واللوائح مع إلزام المحكوم عليه بتنفيذ الالتزام الوارد في القانون أو في اللائحة.

وهذا يفرض على المحكمة أن تحدد في الأمر طبيعة الالتزامات والتعليمات التي يجب الامتثال لها والقيام بتنفيذها ، وكذلك يفرض عليها أن تحدد ميعاد للتنفيذ يختلف عن ميعاد التأجيل
ولا يصدر الحكم بالتأجيل مع الأمر إلا في الجنح والمخالفات دون الجنايات ، ولا يشترط فيه حضور المتهم أو ممثل الشخص المعنوي.
ويجوز للمحكمة أن تصدر التأجيل مع الأمر مقروناً بغرامة تهديدية إذا كان القانون أو اللائحة الذي تمت مخالفته يقرر ذلك.
ويمتنع تنفيذ هذه الغرامة إذا نفذ المحكوم عليه الالتزامات المقررة في القانون أو في اللائحة
وكبقية أنواع التأجيل فإن التأجيل مع الأمر يتقرر لمدة سنة على الأكثر. غير أن هذه المدة – على خلاف الأنواع الأخرى من التأجيل – لا تمتد إذا تم تحديدها من قبل المحكمة.
فإذا تم تنفيذ التعليمات الواردة بالأمر في الميعاد المحدد فإن للمحكمة الحق في أن تعفي المتهم من العقوبة المقررة في القانون أو اللائحة أو تؤجل مرة ثانية النطق بها.
أما إذا حدث تأخير في التنفيذ فإن للمحكمة أن تعفي من الغرامة التهديدية مع تطبيق العقوبات الواردة بالقانون أو اللائحة. فإذا لم يتم التنفيذ نهائياً فإن للمحكمة أن تعفي من الغرامة التهديدية إذا كان لذلك محل وتقضي بالعقوبات المقررة ، ولها أن تأمر بمتابعة التنفيذ على نفقة المحكوم عليه (

6- مراكز الحجز أو العمل للصالح العام

يخصص هذا النموذج بشكل كبير لمواجهة الشباب المنحرف ولقد ظهرت الحاجة إلى هذا النموذج بعد أن أصبحت مشاكل الشباب تتجاوز أسرهم وتشغل الدولة لاسيما بعد تفاقم المشكلة الإقصادية في العالم كله وتباين المستويات والقدرات المالية وطرق المعيشة ومع تدفق الشباب على الجامعات تزايدت المشكلة حدة إذ لم يعد الشباب ساذجاً أو أمياً وإنما أصبح مثقفاً بعد حصوله على المؤهل الجامعي.
لذا أصبحت المشكلة الأساسية الآن كيف نفهم الشباب ؟ وتزداد المشكلة صعوبة لتظهر مشكلة أشد حدة هي : كيف نواجه الشباب المنحرف ؟
لذا فكر الباحثون في عدم توقيع العقوبة السالبة للحرية على البالغين حديثاً وأن يوقع عليهم عقاب آخر بالإيداع في مراكز الحجز أي أن مراكز الحجز عقوبة بديلة للعقوبة السالبة للحرية لمواجهة إجرام البالغين حديثاً.
وفي حالة قبول المتهم لهذا البديل عن الحبس تحدد المحكمة المدة التي يتعين أداء العمل خلالها ، بما لا يجاوز ثمانية عشر شهراً ، كما تحدد مدة ساعات العمل المحكوم بها ، وهي تتراوح بين 24 ساعة و 240 ساعة سواء بالنسبة للبالغين والأحداث.
وهذا العمل لا يتقرر مع الحبس إذ أنه بديل عنه. كما أنه يتقرر دون مقابل Travail non Rémunéré لما للعمل للصالح العام من معنى الجزاء الجنائي.
وعادة ما تتصل هذه الأعمال بتحسين البيئة الطبيعية ، كإعادة غرس الغابات وإصلاح وترميم الآثار التاريخية وإنارة الطرق ونظافة الشواطئ وأعمال التضامن ومساعدة المرضى والمعاقين.
طبيعة مراكز الحجز وأهدافه وطريقة عمله :
مركز الحجز هو أقرب ما يكون إلى المعسكر فهو مؤسسة مفتوحة تكون معدة لخمسين شخصاً تقريباً ويقسم المحجوزون فيها إلى جماعات صغيره متميزة أو متغايرة ويخصص لهم مباني صغيرة مستقلة وخاضعة لرقابة شرطي ويجب ملء فراغ الشباب بحيث لا يكون هناك وقت ضائع في يومهم .

وأهداف العمل في المركز متعددة وأبرزها خدمة البيئة أو المجتمع . وتسير الحياة في مراكز الحجز على شكل معسكرات شباب وتقدم تقارير عن كل شاب وتقوم هذه التقارير على أساس مراعاة نظام الشباب وجهوده المبذولة ودرجة أدائه للإعمال وروحه في التضامن وموقفه من الجماعة التي يعمل فيها وتقدير المراقبين له وفي حالة إخفاق الشباب في تحقيق تقديرات مرضية يطلق سراح الشباب أو يستمر في تنفيذ باقي مدته في سجن عادي أو يعاد النظر في استمرار حجزه بالمركز.

7- نظام السجن المتقطع أو تقسيط العقوبة

يعتبر نظام السجن المتقطع من أبرز النتائج العملية لحسم مشكلة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة بأسلوب علمي متميز . ووفقاً لنظام السجن المتقطع يقرر قاضي تنفيذ العقوبة بناء على طلب المحكوم عليه الأيام التي سينفذ فيها المحكوم عليه بالعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة عقوبته بصورة متقطعة مع مراعاة أن تتوافق هذه الأيام مع أيام العمل بالسجن أي بقول آخر أن يتجنب المسؤلون حبس المحكوم عليه أيام العطلات أو الإجازات وذلك حتى يستفيد المسجون من الاختبارات العامية والمعملية وأوجه المعاملة الحديثة داخل السجون التي تساهم في إصلاح المسجون واكتشاف شخصيته وعلاج مافيها من انحراف وإعادته إلى صفوف المجتمع .
وجدير بالذكر أن هناك آراء تميل نحو تطبيقه على المساجين يعانون من ظروف صحية أو عائلية صعبة ونحو تطبيقه حالة فشل نظام الإفراج الشرطي على المسجون وعدول الجهات المختصة عن إقرارها بالإفراج الشرطي.

8- السجن نهاية الأسبوع

ولقد عرف الفكر البلجيكي هذا النظام وفقاً لهذا النظام يقتصر على احتجاز المسجون داخل السجن على يومين في نهاية الأسبوع من السبت ظهراً حتى الاثنين صباحاً أي يتم تنفيذ العقوبة على أجزاء كل أسبوع ينفذ المحكوم عليه يومين من أيام الحبس المقضي بها حتى يتم تنفيذ كل المدة مع مراعاة احتجاز المحكوم عليه في بعض أيام العطلات والإجازات .
ولكن من الواضح أن المتمتع بمزايا هذا النظام لا يستفيد من الاختبارات العملية والعلمية التي يخضع لها المتمتع بنظام السجن المتقطع حيث يكون الأخصائيين المنفذين لهذه الاختبارات خارج السجن يقضون عطلاتهم أو إجازاتهم مع عائلاتهم أو أصدقائهم.
وإزاء هذا القصور مال المفكرين إلى وضع برامج ثقافية وفنية تنفذ على المسجونين المتمتعين بهذا النظام أثناء تواجدهم بالمؤسسة العقابية بحيث تتفق بمواهبهم ومهاراتهم ولكن هذه الفكرة انتقدت على أساس أنها ستحل العقوبة إلى مباراة في كرة القدم أو تنس الطاولة أو مشاهدة مسرحية أو عرض سينمائي أو جلسة تلفزيونية.
وجدير بالذكر أن طبيعة الجريمة المرتكبة لها في الأصل أثر في صدور القرار بتطبيق نظام السجن في نهاية الأسبوع ومع ذلك ففي بلجيكا يطبق نظام السجن في نهاية الأسبوع على جرائم بعينها محددة بموجب قرارات وزارية هي : جرائم التزوير أو الغش وجرائم هجر الأسرة وجرائم السكر والإدمان وجرائم القتل أو الجرح الخطأ الناجم عن حادثة من حوادث المرور وجرائم التسمم الكحولي وجرائم قيادة السيارات بدون تأمين ألا أنه يجوز للنيابة العامة في بلجيكا كذلك أن تطبق نظام الحبس في نهاية الأسبوع في حالات أخرى أذا ما رأت النيابة العامة عدم تعارض تطبيق هذا النظام مع النظام العام في بلجيكا.

9- الوضع تحت المراقبة الإلكترونية
من أحدث البدائل الحديثه للعقوبة السالبة للحرية أصدر المشرع الفرنسي قانون في 19 ديسمبر 1997 من أجل استحداث المواد 723/7 إلى 723/12 في قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي بغية ابتداع بديل آخر من بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة ، ألا وهو نظام الوضع تحت المراقبة الالكترونية Le placement sous surveillance électronique ، وذلك بعد نجاح تجربته في دول أخرى ، كالولايات المتحدة ، والسويد ، وبريطانيا ، وهولندا ، وكندا.

ويقوم هذا النظام على ترك المحكوم عليه بعقوبة سالبة قصيرة المدة طليقاً في الوسط الحر مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته في تنفيذها الكترونياً عن بعد.
وقد بدأت تجربة هذا النظام في عام 2000 في أربع مؤسسات عقابية ، ثم في تسع في أول أكتوبر 2002، واستفاد منه 393 محكوم عليه. ثم أصدر المشرع قانون توجيه وتنظيم العدالة loi d’orientation de programmation pour la justice في 9 سبتمبر 2002 بهدف تعميم هذا النظام تدريجياً على ثلاث سنوات بحيث يستفيد منه 400 محكوم عليه في البداية ويضاف مئة مستفيد كل شهر للوصول لثلاثة آلاف محكوم عيه نهاية عام 2006.
ويشترط للاستفادة من هذا النظام ألا تكون مدة العقوبة المطلوب تنفيذها أو المتبقية أكثر من عام ، ويجري تطبيقه بعد موافقة المحكوم عليه بناء على أمر من قاضي التنفيذ أو بناء على طلب النائب العام أو طلب من المحكوم عليه ذاته (م. 723-9).
والخاضع لهذا النظام يلزم بعدم التغيب عن محل إقامته أو أي مكان آخر يحدده القرار الصادر من قاضي التنفيذ خلال ساعات معينه من اليوم ، بما يتفق مع الوضع الأسري والمهني للمحكوم عليه. ويراقب تنفيذ تلك الالتزامات الكترونياً عن طريق ارتداء المحكوم عليه أسورة الكترونية Bracelet-émetteur في كاحله تقوم بإرسال إشارة مداها 50 متراً كل 30 ثانية.
وتستقبل تلك الإشارات على جهاز Récepteur مثبت في مكان يحدده قاضي تطبيق العقوبات ويتصل بمركز المتابعة الموجود في المؤسسة العقابية عن طريق خط تليفون. كما قد يجرى التحقق من احترام الالتزامات المفروضة عن طريق زيارات تجريها الإدارة العقابية للمحكوم عليه
وإذا حدث وعطل المحكوم عليه أجهزة المراقبة الإلكترونية فإنه يعد مرتكباً للجريمة ، ويكون ذلك سبباً لإلغاء قرار الوضع تحت المراقبة الالكترونية.

 

http://www.cafes.ma/parquetgeneral/activites/3ti9al%207tiyati_fichiers/image002.gifالفقرة الخامسة معطيات إحصائية عن العقوبات في المغرب[25]

 

المطلب الثالث العقوبات البديلة ودورها في تخفيف الاكتظاظ في السجون:

الفرع الاول المملكة الهولندية نموذجا

إن ما يثير الاهتمام أن صحيفة الدايلي تيليغراف[26] أوردت في عددها 8659 سنة 1989 ان  هولندا استأجرت سجن لدى دولة بلجيكا، وذلك بسبب مشكلة اكتظاظ السجون لديها   التي كادت تنفجر بالمقيمين فيها، فمن المعلوم بأن السجون أو مراكز  الإصلاح  والتأهيل هي المكان المخصص طبقاً للقانون لتنمية العقوبات السالبة  للحرية  سواء كانت قصيرة المدة أم طويلة المدة، وأن طبقاً للسياسة  العقابية  المعاصرة  فإن الهدف الأساسي للعقوبة هو الردع الخاص بمعنى إعادة  تأهيل  وإصلاح المحكوم عليه لعودته فرد صالح في المجتمع، مما يتبع أن  السجون  مهمتها الأساسية التدريب والتأهيل على الحد والوقاية من الجريمة.

ولكن في الواقع العلمي فإن هناك كثير من العلماء والباحثين ممن يعتقد أن   مؤسسة السجن لم تستطيع القيام بمهمتها الأساسية، التي وجدت من أجلها،   والإدماج الاجتماعي للأفراد المنحرفين في المجتمع. فقد ثبت أن السجن هو  أحد  العوامل الدافعة إلى ارتكاب الجريمة؛ لأنه في الغالب يفسد المبتدئين  بدلاً  من إصلاحهم، ولا يكفل إزالة الميول الإجرامية المتأصلة لدى  المعتادين من  المجرمين، ولعل هذا ما يجعل غالبية الفقهاء يشكك بقيمة السجن  كجزاء  واستبداله ببدائل أخرى تجنب المحكوم عليه العيش في بيئة السجن،  تؤهله بشكل  يضمن إصلاحه، وعدم عودته للجريمة.

وتأكيداً على ما سبق  ذكره، أشارت إحدى الدراسات إلى أن غالبية ما يسمى  بجرائم الصدفة يتحول إلى  جرائم الاحتراف، فعلى سبيل المثال لوحظ أن 29% من  أصحاب الجنح الأخلاقية  تحولوا إلى جرائم السرقة، ومن هؤلاء 29% تحولوا إلى  جرائم المخدرات أيضاً،  و40% منهم تحولوا من جرائم القتل إلى السرقة. وكل  ذلك يعود إلى مجتمع  السجن وثقافته السفلية، التي تعلم أساليب الإجرام؛  فتكدس السجون، وما  يصاحب ذلك من مضار ليس من الناحية الصحية فحسب، بل يضاف  إلى ذلك ما يتطلبه  ذلك الازدحام من زيادة الجهد والوقت والتكاليف من جهة،  وزيادة الصعوبات  والعراقيل والمتاعب من جهة أخرى فيما يتعلق بشئون الحراسة،  والمحافظة على  النظام، وتحسين مستوى المعيشة، وكفاية عدد الموظفين،  واستيعاب نواحي  النشاط بالبرامج المختلفة. كل هذا يفتح الباب واسعاً أمام  المبتدئين  لتعليم أساليب الإجرام جيداً داخل السجون.

ويعد السبب الأساسي في تكدس  المؤسسات العقابية ازدياد أعداد المحكوم عليهم  بعقوبات قصيرة المدة، ولقد  نالت هذه العقوبة كثيراً من كتابات الفقهاء،  وذلك لأهمية آثارها، حيث  تعتبر الحبس القصيرة المدة من أهم المشاكل التي  تشغل علماء العقاب في  العصر الحديث، ومع ذلك فإن جذورها تمتد إلى النصف  الثاني من القرن التاسع  عشر، حيث أنها شائعة في مختلف الدول، وهذا ما تؤكده  الإحصاءات الدولية،  فقد دلت هذه الإحصاءات إلى أن أحكام الإدانة بعقوبة  الحبس لمدة ستة أشهر  وما دون بلغت 80% في بلجيكا، و84% في الهند و 85% في  سويسرا، و 90% في  جنوب إفريقيا. وكما أسلفنا فإن التضخم التشريعي في المجال  الجنائي أدى إلى  نشوء ظاهرة الحبس قصيرة المدة، إما بسبب العقوبات القصيرة  التي تتضمنها  النصوص الجنائية أو بسبب ميل القضاة عادة للحكم للعقوبة في  الجرائم  البسيطة بحكم تأثرهم بعقدة الحد الأدنى، أو لعدم وجود بدائل أخرى  لعقوبة  السجن يمكن للقاضي اختيارها، ولا شك في أن هذا الحد الأدنى في  الغالب يكون  عقوبة قصيرة المدة.

ومما لاشك فيه أن العقوبة القصيرة المدة من حيث  المبدأ لا تكفي لتحقيق  غرضها، فلا هي تكفي للردع العام، ولا تصلح لردع  المجرم بوجه خاص؛ أي تقويمه  وتعليمه وتهذيبه، بل ويترتب عليها آثار سلبية  ناجمة عن إبعاده عن أسرته،  وفقده لشرفه واعتباره، وتحطيم مستقبله، كما  أنها تعرضه الإيصال بالمجرمين  الخطرين، فيتلقى عنهم هذا المجرم ما لا  يعرفه من تعاليم الإجرام، وأساليب  الجريمة التي تقضي عليه، وقد يترتب على  ذلك ازدياد نسبة الإجرام في هذا  العصر.

هذا بالإضافة إلى أن المدة  القصيرة للحبس لا تكفي غالباً لتنفيذ برامج  التهذيب، والتأهيل، والإصلاح،  الأمر الذي يجعل هذه العقوبة عاجزة عن تحقيق  أهدافها، بل يحولها إلى مجرد  عملية سلب للحرية دون جدوى، ولعل هذا ما يفسر  ارتفاع نسبة العود إلى  الجريمة، ومعدل ارتفاع ارتكاب الجرائم. ونتيجة لذلك خلص الفقه إلى أن هذه العقوبة تنطوي على كثير من المساوئ إلى الحد الذي يجعل ضررها أكثر من نفعها. حيث أوصى المؤتمر الثاني للأمم المتحدة في شؤون  الوقاية من الجريمة  ومعاملة المجرمين الذي عقد في لندن سنة 1960 كافة الدول  بالعمل على ألا  يحكم قضاتها الجنائيين قدر المستطاع بعقوبة قصيرة المدة،  وأن يحلوا محلها:  وقف التنفيذ، أو الاختيار القضائي، أو الغرامة، أو العمل  في ظل نظام من  الحرية المشروطة، أو الإيداع في مؤسسة مفتوحة. كما أوصى  المؤتمر الخامس  للأمم المتحدة في شؤون الوقاية من الجريمة، ومعاملة  المجرمين المنعقد في  جنيف سنة 1975 وهو بصدد تناول موضوع " معاملة المجرمين  داخل السجون، وفي  رحاب الجماعة " بالبحث عن بدائل للحبس، تطبيق كجزاء  للجناة في المجتمع  الحر.

ومن أبرز سلبيات السجون بالآتي:إرهاق لميزانية الدولة، حيث يكلف  بناء  السجون ورعايتها الدولة أموالا طائلة، وتعطيل الإنتاج، حيث إن وضع  المحكوم  عليهم بالسجن، وهم قادرون على العمل، إضاعة لكثير من الطاقات التي  يمكن  الاستفادة منها لو أمكن عقابهم بصورة أخرى خلاف السجن، وإفساد  المسجونين  نتيجة الاختلاط في السجن بغيرهم من المجرمين الخطرين، وقتل  الشعور  بالمسئولية، وسيادة ثقافة السجن كبديل للثقافة الأصلية، وانخفاض  المستوى  الصحي والخلقي بين المسجونين، وسوء معاملة السجناء مما ينعكس على  البرامج  الإصلاحية المقدمة لهم، وانهيار أسرة السجن، وانسلاخ السجين عن  المجتمع،  والحرمان الجنسي، والاضطرابات النفسية في السجن… الخ،

الفرع الثاني ازمة الاكتظاظ السجني في المغرب نضرة سوسيولوجية

وفي هدا الصدد ادكر مداخلة الإستاد الباحث في علم الاجتماع عبد الرحيم العطري [27]في برنامج بث حول موضوع السجناء[28] أن بناء سجن واحد يكلف الدولة ما يعادل بناء أربع جامعات من المعيار الدولي المعترف به. وذكر بان المغرب يتوفر حاليا على 49 مؤسسة سجنية، تضم سجنا مركزيا وحيدا بالقنيطرة وأربع مؤسسات فلاحية و 42 سجنا محليا ومركزين للإصلاح والتهذيب، ويقدر عدد السجناء المودعين بها ب 58 ألف سجين في حين تشير تقارير بعض المنظمات غير الحكومية إلى وجود أزيد من 80 ألف سجين . وتشير تقارير مديرية السجون وإعادة الإدماج إلى أن هناك أزيد من 15 مؤسسة سجنية سترى النور في نهاية سنة 2004 . وبما أن ظهــيري 1916 و 1930 المتعلقين بتنظيم السجون قد أصبحا متجاوزين منذ زمن طويل، فقد اتجهت الجهود إلى إصدار قانون جديد يرمي بالضرورة إلى:

و عقلنه وتنظيم المؤسسات السجنية

و تغيير المنظور التقليدي للمؤسسات السجنية من حيث الوظيفة

و الحفاظ على أمن المؤسسة وسلامة وكرامة السجين والمعتقل

و تجديد مفهوم السياسة العقابية قصد إعادة إدماج السجين في المجتمع

ويمكن تلخيص ذلك كله في محاولة التوفيق بين معادلة العقاب وكرامة الإنسان، بمعنى إقصاء مفهوم الانتقام واستحضار دور المؤسسة السجنية كعامل إصلاحي وكمؤسسة للتأهيل والتكوين من أجل إعادة الإدماج .

كلها  سلبيات تؤثر  بالفعل على أداء السجن ودوره في إصلاح المحكوم عليهم، مما  يعني فشل النظام  العقابي التقليدي. ولا ننسى أن أوضاع السجون مثلها مثل  باقي مؤسسات العدالة  الجنائية تتأثر بالبيئة السياسية، والاقتصادية،  والاجتماعية، والثقافية.  وقد لا يختلف الرأي بين علماء العقاب اليوم، على  أن الحبس الطويل الذي يفرض  على السجين عزلة قاسية شديدة لا تساعد الإدارة  على تطبيق مناهج إصلاحية أو  تقويمية في جو ملوث بإفرازات ثقافة السجن  السفلية، وعليه ظهرت اتجاهات حول  بدائل السجون من إعفاء المؤسسات العقابية  التقليدية من مسئولية إصلاح  المجرمين واللجوء إلى بعض مؤسسات الرعاية  الاجتماعية القائمة في المجتمع،  وإلغاء التجريم في بعض الأفعال واستبعاد  عقوبة الحبس في بعض الجرائم،  واستخدام وسائل علاجية بديلة للحبس، والبحث  الاجتماعي بالنسبة لمدمني  المخدرات والكحوليات ممن تتطلب حالتهم رعاية  خاصة غير الحبس، وإصلاح السجون  وتفعيل دورها إذا ما علمنا بأن عقوبة الحبس  سوف تظل لمدة طويلة لها  الصدارة في مجال السياسة الجنائية في غالبية  السياسات العقابية، ومن بين  هذه الإجراءات نظام الاختبار القضائي، ونظام  التخفيض، ونظام لجان إدارة  السجن، والإفراج الشرطي، أما الحبس المنزلي،  والرقابة الإلكترونية،  والإلزام بالعمل لمصلحة المجتمع، والغرامة، فكلها  تدابير بديلة للسجن أصبحت  الدول المختلفة تتبعها في قوانينها الحديثة بغية  تجنب مساوئ السجون وأزمة  النظام العقابي التقليدي. وهو ما نادت به  المؤتمرات الدولية منذ المؤتمر  الأول للأمم المتحدة لمكافحة الجريمة  ومعاملة المجرمين الذي عقد في جنيف  عام 1955 الذي انتهى بإقرار قواعد الحد  الأدنى لمعاملة المسجونين، إلا أن  المشكلة بدأت تأخذ بعداً جديداً منذ  المؤتمر الخامس للأمم المتحدة، وهو مدى  ملائمة العقوبات المقيدة للحرية في  النظام العقابي، فقد وجه هذا المؤتمر  الأنظار إلى البحث عن بدائل فعالة  للسجن أمام المؤتمر السادس للأمم المتحدة  لمكافحة الجريمة ومعاملة  المجرمين، الذي عقد في كاراكاس سنة 1980، حيث قدمت  الأمانة العامة للأمم  المتحدة ورقة عمل استظهرت عيوب العقوبة المقيدة  للحرية، ونادت بالتوسع في  استخدام التدابير البديلة، وقد استخلص المؤتمر من  مناقشة هذا الموضوع وجوب  إيجاد اقتناع اجتماعي أخلاقي بأن إصدار حكم  بالإيداع في السجن هو عقاب  على سبيل الاستثناء لا الأصل. وفي توصيات مؤتمر  الأمم المتحدة، السابع  لمنع الجريمة، ومعاملة المجرمين وتوصيات مؤتمر  ميلانو (1985) القرار ( رقم  16) فقد أشار إلى وجوب الأخذ واستخدام بدائل  السجن، ووضع تصميم دقيق  لإدارة التدابير البديلة للسجن، والإشراف على  المجرمين المدانين، وأنه لدى  تطبيق بدائل السجن يجب الاهتمام بكفالة  الضمانات القانونية والقضائية  الكافية في تطبيق التدابير البديلة، وإدارتها  والإشراف عليها، والتنسيق  بين استخدام بدائل السجن، وبين المرافق  الاجتماعية المختصة من أجل تسهيل  إعادة إدماج المجرمين في المجتمع. وعليه  فإن النظام العقابي الحديث لا  يلجأ لعقوبة الحبس إلا في الجرائم الخطيرة  التي تكشف عن خطورة إجرامية لا  سبيل لاستئصالها إلا بالحبس، أما في الجرائم  البسيطة فإن اللجوء لسلب  الحرية كعقوبة يكون على سبيل المثال الاستثناء،  وفي أضيق الحدود، حيث يمكن  استخدام عقوبات مقيدة للحرية، ولا سيما بالنسبة  للمجرمين الأقل خطورة،  ولكني أرى أن المشكلة في بدائل السجن تكمن في مدى  ملائمة بعضها للواقع  الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي؛ وعليه يجب انتقاء  البديل المناسب للواقع  العربي.

ومما لاشك فيه ارتفاع تكلفة الجريمة بسبب تعقد الظاهرة الإجرامية، وصعوبة مكافحتها من جهة، وتحول العقوبة إلى الإصلاح، وإعادة التأهيل بدلاً من الانتقام والترهيب من جهة أخرى، وهذا كله يتطلب نفقات باهظة. بينما تشير  بعض الإحصاءات التي تمت في البلدان النامية إلى أن ما  ينفق على النزيل  الواحد في السجون سنوياً يساوي 120% من متوسط دخل الفرد  السنوي، وأن ما  ينفق على حدث واحد في إحدى المؤسسات الإصلاحية سنوياً  يساوي ضعف ما ينفق  على النزيل البالغ، أي ما يعادل 240% من متوسط دخل  الفرد سنوياً.

وعليه فإنني أدعو المشرع المغربي، وطبقاً  للمعاير الحديثة  للسياسة العقابية، إلى تجنب العقوبة السالبة للحرية قصيرة  المدة،  والاستعانة ببدائل عنها تتناسب مع المجتمع المغربي ومثال ذلك العمل  للمصلحة  العامة، والغرامة بأشكالها الحديثة، وإعمال مبدأ تقسيط العقوبة، أما بخصوص العقوبة السالبة للحرية طويلة  المدة و  التي لا غنى عنها في الوقت الحاضر، أدعو إلى تبنى بالفعل برامج  إصلاحية  وتقوميه وتدريبية داخل السجون أكثر من الاهتمام ببناء السجون  ذاتها ينصب جل  اهتمامها بعزل المحكوم عليه عن المجتمع.

وإنني اعتقد برأيي المتواضع أن تطبيق العقوبة البديلة أياً كانت الدولة التي تتبناها، وأيا كان مدى تقدمها فإن هذه العقوبة يجب أن تتفق مع السياسة الجنائية والعقابية لهذه الدولة، وذلك بضرورة تحقيقها للرادعين العام والخاص، وضرورة عدم اللجوء إليها إذا انتفى مع تطبيقها تحقيق هذا الغرض، وأيا كان الأمر فإن البحث في هذا الموضوع يفرض علينا دراسة مدى نجاعة ،وفائدة تطبيق نظام العقوبة البديلة في الأنظمة القانونية عامة، وبشكل خاص لدى النظام القانوني المغربي، وذلك باعتبار هذه الأنظمة تستند إلى ذات الفلسفة القانونية باعتبارها دول تنتمي إليها شعوب ذات تقاليد وتراث واحد وتتبع ذات السياسة الجنائية والعقابية التي تتمخض عنها العقوبة وتقدير مدى تحقيقها للردع، ونظرة هذه المجتمعات ومدى ردة فعلها في حال استبدال عقوبة الحبس قصيرة المدة التي اعتادت عليها هذه المجتمعات بعقوبات أخرى غير سالبه للحرية لم تعتاد عليها من قبل، ولكن ومع تطور الفقه والعلوم القانونية أصبح الحديث ملحا عن مدى النفع الذي يعود على المجتمع والمجرم من تفعيل نظام العقوبة البديلة؛ لان تطبيقها السليم يؤدي إلى إيجاد نظام عقابي جديد يرتكز على فكرة المشاركة الحرة للمحكوم عليه في وضع الأسس التي يرتكز عليها بناء مصيره الاجتماعي بعد تنفيذ العقوبة الملقاة على كاهله؛ اذ أن من شأن إدخال هذا النوع الجديد من العقوبة أن يخلص المنظومة القانونية من مساوئ العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة، ويحفظ لعدد لا بأس به من المحكوم عليهم استقرارهم في محيطهم الاجتماعي والأسري، أي بعبارة أخرى هو يؤدي إلى الحفاظ على النسيج المجتمعي الفلسطيني الذي يعتبر المحكوم عليه، وإفراد أسرته جزء منه.

 

المطلب الرابع العقوبات البديلة في المغرب وموقف المؤسسات الموازية:

الفرع الاول العقوبات البديلة في المغرب

لم يعرف المشرع المغربي العقوبات البديلة بل اكتفى بتحديد أنواعها وجعلها ضمن اختصاصات قاضي تطبيق العقوبات بمعطى آخر ألا وهي التدابير الاستثنائية وليس كمفهوم السياسة الجنائية في تعريف البديل  وهدا ما يتجسد في قانون المسطرة الجنائية وفق أخر التعديلات المدخلة بالقوانين 10ـ35و10ـ36و10ـ37 الصادرة في إطار مخطط إصلاح القضاء. [29]

وهدا في الباب الرابع الذي يتحدث عن الإفراج المقيد بشروط وفي الباب التاسع الوضع تجث الحراسة أو المراقبة القضائية المادة 159 والتي عرفتها بان الوضع تحث المراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي تدبيران استثنائيان يعمل بهما في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية.

وفصلت المواد من 160 إلى 174 تدابير المراقبة القضائية أما المواد 175 إلى 188 من نفس الباب فتتحدث عن الاعتقال الاحتياطي.

 ومن أهم مميزات هذا النوع من البدائل أنها تمكن القاضي الجنائي من توسع نطاق اختياراته، فقد يحكم بالحرمان من بعض الحقوق السياسية أو المدنية أو الحكم بإلزام الجانح ببعض الواجبات لفائدة المصلحة العامة.

يعتبر الحكم بالحرمان من ممارسة بعض الأعمال المهنية أو بعض الحقوق المدنية أو السياسية أو الحرمان من بعض الرخص أو الوثائق الإدارية، نوعا جديدا من الجزاء لمعالجة نوع من الجرائم. وقد ظهرت هذه التدابير في البداية داخل السياسات الجنائية الفردية كعقوبات تكميلية وإضافية إلى جانب العقوبات الأصلية، إلا أن السياسات الجنائية المعاصرة قد جعلت منها عقوبات أصلية رئيسية يقررها القاضي تفاديا لسلب الحرية.

وقد أخذت التشريعات الأوربية بهذا التوجه منذ عقود، أما المشرع الفرنسي فلم يأخذ بها إلا في العقد الأخير بموجب قانون 11 يوليوز 1975[30] الذي جاء فيه أنه بإمكان القاضي الجنائي أن يحكم كبديل للعقوبة الحبسية، إما بمصادرة الأشياء المستعملة في الجرائم لفائدة الدولة عوض النطق بالعقوبة الحبسية أو بإغلاق المحلات التجارية أو بحجز رخص السياقة لمدة خمس سنوات، أو بالمنع من سياقة بعض السيارات، وإما بحجز سيارة أو اكثر أو سحب رخصة السياقة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه البدائل لا ترتبط بنوع الجنحة المرتكبة أو الآثار المترتبة عنها، بل يمكن للقاضي الحكم بها بغض النظر عن ارتباطها من عدمه بالفعل المرتكب. إلا أن هذا قد ساهم بشكل كبير في ضعف مردودية هذه البدائل مما دفع إلى صياغة بدائل جزائية أخرى.

أـ التدابير الوقائية

لقد قسم المشرع المغربي الجزء الجنائي إلى نوعين من الجزاءات العقوبة والتدابير الوقائية حيث نص في الفصل الأول من القانون الجنائي على أنه: “يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي، ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتدابير وقائية
والهدف من التدابير الوقائية كما هو واضح من اسمها هو الوقاية والحماية من الجرائم فهي كفاح ضد خطر محتمل قد يقع في المستقبل من طرف المجرم، وهي بذلك تختلف عن العقوبة.
وقد نص عليها المشرع المغربي وفصل فيها في ثلاثة وأربعين فصلا وذلك من الفصل 61 إلى غاية الفصل 104.

لقد عنون المشرع المغربي الباب الأول في التدابير الوقائية ب: “في مختلف التدابير الوقائية الشخصية والعينية” وتحدث عن التدابير الوقائية الشخصية في افصل 61 وعن التدابير الوقائية العينية في افصل 623 وفصل فيها في الفصول اللاحقة:
ومنه فالمشرع المغربي قسم التدابير الوقائية إلى قسمين: تدابير وقائية شخصية وأخرى عينية، وبذلك سنفصل فيها نحن أيضا في فقرتين:
الفقرة الأولى: التدابير الوقائية الشخصية
وقد حددها المشرع المغربي في تسع تدابير وهي:
1-
الإقصاء
2-الإجبار على الإقامة بمكان معين
3-المنع من الإقامة
4-الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية.
5-
الوضع القضائي داخل مؤسسة للعلاج
6-الوضع القضائي في مؤسسة فلاحية
7-عدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو الخدمات العمومية.
8-
المنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن سواء كان ذلك خاضعا لترخيص إداري أم لا.
9-
سقوط الحق في الولاية الشرعية على الأبناء.
ويمكن دراسة هذه التدابير في نفس الترتيب كالآتي:
أولا: الإقصاء
وقد عرفه الفصل 63 من القانون الجنائي على أنه: إيداع العائدين الذين تتوفر فيهم الشروط المبنية في الفصلين 65 و66، داخل مؤسسة للشغل ذات نظام ملائم لتقويم الانحراف الاجتماعي”.
والإقصاء لا تحكم به إلا المحاكم العادية، فلا يجوز أن تحكم به المحاكم الاستثنائية( ).
أما مدته فهي محددة كحد أدنى في خمس سنوات وفي حد أقصى عشر سنوات
والإقصاء قد يكون إلزاميا (1) كما قد يكون اختياريا (2) للمحكمة أن تحكم أو لا تفعل.
1-
الإقصاء الإلزامي:
وقد نص عليه المشرع المغربي في الفصلين 65 و67 من القانون الجنائي فهو بذلك يكون إلزاميا في حالتين.
الحالة الأولى( ): إذا صدر الحكم على الجاني بالسجن ثم عاد إلى ارتكاب جناية داخل ظرف عشر سنوات، استوجبت الحكم عليه بالسجن أيضا ولا يدخل في حساب العشر سنوات المدة التي قضاها في السجن تنفيذا للحكم الأول، أي أن العشر سنوات تبتدئ من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة الأولى إلى تاريخ ارتكاب الجناية الثانية، فإذا عاقبته المحكمة على هذه الجناية الثانية بالسجن فإنه يتعين عليها أن تحكم عليه بالإقصاء كتدبير وقائي إلا أنه إذا كان الجاني رجلا يقل عمره عن 20 سنة أو يزيد عن 60 سنة أو كان امرأة كيف ما كان سنها فإنه يجوز للمحكمة أن لا تحكم بالإقصاء شرط تعليل قرارها.
الحالة الثانية( ): وهي الحالة التي يجب فيها على القاضي أيضا الحكم بالإقصاء وذلك إذا سبق و أن حكم على الجاني بالإقصاء ثم ارتكب داخل عشر سنوات الموالية ليوم الإفراج عنه جناية كيفما كان نوعها أو جنحة من الجنح المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 66 وهي السرقة، النصب، خيانة الأمانة، إخفاء أشياء متحصل من جناية أو جنحة، الإخلال العلني بالحياء، تحريض القاصرين على الفساد، استغلال البغاء، الإجهاض، الاتجار في المخدرات.
وبعد ارتكاب إحدى هذه الجرائم ينبغي للمحكمة أن تحكم على الجاني بالإقصاء في حده الأقصى الذي هو عشرات سنوات وذلك كلما حكم عليه بالحبس لمدة تزيد عن سنة.
2-
الإقصاء الاختياري:
وهو يجوز في بعض الحالات التي جاءت على سبيل الحصر، حيث تأمر به المحكمة في حق بعض الفئات من المجرمين، وذلك طبقا لما نص عليه الفصل 66 من القانون الجنائي الذي يقضي بإقصاء العائدين الذين صدر عليهم في ظرف عشر سنوات خالصة من مدة العقوبة التي تم تنفيذها فعلا، لأحكام المتعلقة بجرائم ضد الأموال أو بجرائم مخلة بالآداب والأخلاق، وقد جاءت حالات الإقصاء الاختياري في ثلاث صور:
صدور ثلاثة أحكام أحدها بالسجن من اجل جناية كيفما كانت واثنان إما بالحبس من اجل أفعال تعتبر جنايات أو بالحبس لمدة تفوق ستة أشهر من أجل الجرائم المحددة في الفصل 66 من القانون الجنائي والسابق ذكرها.
صدور أربعة أحكام بالحبس من اجل أفعال تعتبر جنايات أو أربعة أحكام كل منها بالحبس لمدة تزيد على ستة أشهر عن الجنح المنصوص عليها في الرقم 1 من الفصل 66.
صدور سبعة أحكام يكون اثنان منها على الأقل من نوع الأحكام المنصوص عليها في الفقرتين الأخيرتين من الفصل 66 من القانون الجنائي.
فللقاضي في هذه الحالات فقط سلطته التقديرية في الحكم بالإقصاء من عدمه بدليل “يمكن” الواردة في الفصل 66 من القانون الجنائي.
وفي غير تلك الحالات الإقصاء الاختياري والإقصاء الإلزامي، لا يجوز للقاضي الحكم بمثل هذا التدبير.
ثانيا: الإجبار على الإقامة بمكان معين
الإجبار على الإقامة بمكان معين تدبير احتياطي أراد المشرع بتوقيعه حماية الدولة من مرتكبي الجرائم التي تمس بها، واللذين يتبين من الظروف أن النشاط الاعتيادي لهم فيه خطر على النظام الاجتماعي، حيث يخشى عودتهم إلى ارتكاب جرائم عليها من جديد.
وقد نص عليه المشرع المغربي في الفصل 70 من القانون الجنائي إذ يجوز للمحكمة أن تلجأ إليه ضد المحكوم عليه إذا تبين لها من الأحداث أنه متابع بإحدى الجـرائم المتعلقة بالمس بسلامة الدولة وأن له نشاطا عاديا يمثل خطرا على النظام الاجتماعي وتكون مدة الإجبار على الإقامة بمكان معين محددة في اجل لا يمكن أن يتجاوز خمس سنوات، أما بداية هذا التدبير الوقائي فلا تتم إلا عند انتهاء المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة الأصلية.
وتجدر الإشارة إلى أن المحكوم عليه بالإجبار على الإقامة بمكان معين لا يجوز له الابتعاد عن هذا المكان الذي تحدده له المحكمة، أو الخروج عن دائرته إلا برخصة تمنح له من طرف الإدارة العامة للأمن الوطني التي تكون مسؤولة عن مراقبة هذا التدبير الوقائي، وفي حالة عدم احترام المحكوم عليه هذه الواجب يعرض نفسه لعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
والإجبار على الإقامة كتدبير وقائي يختلف بكل تلك الأحكام عن الإقامة الإجبارية كعقوبة أصلية .
ثالثا: المنع من الإقامة
وهو كما عرفته المادة 71 من القانون الجنائي منع المحكوم عليه من أن يحل بأماكن معينة، ولمدة محددة إذا اعتبرت المحكمة نظرا لطبيعة الفعل المرتكب أو لشخصية فاعله، أو لظروف أخرى أن إقامة المحكوم عليه بالأماكن المشار إليها يكون خطرا على النظام العام أو على أمن الأشخاص.
وللقاضي السلطة التقديرية في الحكم بالمنع من الإقامة في حال إصدار عقوبة من أجل فعل يعد القانون جناية.
أما في حالة إصدار عقوبة بالحبس من أجل جنحة فلا يجوز الحكم بالمنع من الإقامة إلا إذا كان مقررا في النص الذي يعاقب على تلك الجنحة ، ومدته في هذه الحالة –الجنح- ما بين سنتين إلى عشر سنوات.
أما في الجنايات فمدة المنع من الإقامة يمكن الحكم بها لمدة محددة بين خمس سنوات وعشرين سنة.
ولا تبدأ مدة هذا المنع ومفعوله إلا من يوم سراح المحكوم عليه وبعد تبليغه قرار المنع.
وخلال هذه المدة –مدة المنع من الإقامة- يبقى المحكوم عليه خاضعا لرقابة الإدارة العامة للأمن الوطني التي تستطيع منحه رخصا مؤقتة بالإقامة في الأماكن الممنوعة عليه، وإذا لم يحترم المحكوم عليه هذا التدبير الوقائي فإنه سيعرض نفسه للعقوبة التي ينص عليها الفصل 319 من القانون الجنائي وهي الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.

رابعا: الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية
مضمون هذا التدبير هو أن يتم وضع شخص داخل مؤسسة مختصة بعلاج الأمراض العقلية بناءا على حكم قضائي في الحالات التالية:
حالة وجود خلل عقلي لدى الفاعل: وهو ما نص عليه الفصل 76 حيث إذا تبينv لمحكمة الموضوع بعد إجراء خبرة طبية أن الشخص المتابع أمامها بجناية أو جنحة كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الفعل بسبب اختلال عقلي فإنه يجب عليها:
أن تثبت أن المتهم كان وقت الفعل، في حالة خلل عقلي يمنعه تماما من الإدراك أو التمييز
أن تصرح بانعدام مسؤوليته مطلقا وتحكم بإعفائه
أن تأمر في حالة استمرار الخلل العقلي، بإيداعه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية.
ويبقى الأمر بالاعتقال ساريا على المتهم إلى أن يودع فعلا في تلك المؤسسة.
 
حالة وجود ضعف القوة العقلية لدى الفاعل: وهو ما نص الفصل 78، وهكذا إذاv قررت محكمة الموضوع بعد الخبرة الطبية، أن مرتكب جناية أو جنحة، رغم كونه قادرا على الدفاع عن نفسه في الدعوى إلا أنه كان مصابا وقت الأفعال المنسوبة إليه بضعف في قواه العقلية يترتب عليه نقص مسؤوليته فإنه يجب عليها:
أن تثبت أن الأفعال المتابع من اجلها المتهم منسوبة إليه.
أن تصرح بان مسؤوليته ناقصة بسبب ضعف في قواه العقلية وقت ارتكاب الفعل.
أن تصدر الحكم بالعقوبة
أن تأمر إذا اقتضى الأمر ذلك، بإدخال المحكوم عليه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، قبل تنفيذ العقوبة السالبة للحرية، ومدة بقائه في هذه المؤسسة تخصم من مدة العقوبة وينتهي إيداعه في المؤسسة وفق الشروط المقررة في الفقرة الأخيرة من الفصل 77.
 
حالة حدوث الخلل العقلي بعد ارتكاب الجريمة: طبقا للفصل 79 من القانونv الجنائي إذا قررت المحكمة بعد إجراء الخبرة الطبية أن الشخص المتابع لديها بجناية أو جنحة كامل المسؤولية أو ناقص المسؤولية بالنسبة للوقائع المنسوبة إليه، ولكنه أصبح غير قادر على الدفاع عن نفسه في الدعوى بسبب خلل في قواه العقلية طرأ عليه أو اشتد أثره بعد ارتكاب الفعل، فإنه يجب عليها أن تقرر بأن المتهم عاجز عن إبداء دفاعه بسبب خلل في قواه العقلية وأن تأمر بوقف النظر في الدعوى، وذلك لضرورة إدخاله في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية ويبقى المتهم خاضعا للعلاج إلى أن يصدر الطبيب قراره بشفاء المتهم من خلله العقلي.
وفي هذه الحالة يجب إخبار النيابة العامة بهذا القرار عشرة أيام على الأقل قبل تنفيذ أمر الخروج من المؤسسة العلاجية وفي حالة صدور حكم على المتهم بعقوبة سالبة للحرية فإن المدة التي قضاها بالمؤسسة تخصم من مدة تلك العقوبة.
خامسا : الوضع القضائي في مؤسسة للعلاج
عرف المشرع المغربي هذا التدبير الوقائي في الفصل 80 من القانون الجنائي حيث قال: “الوضع القضائي في مؤسسة للعلاج هو أن يجعل تحت المراقبة بمؤسسة ملائمة، وبمقتضى حكم صادر عن قضاة الحكم- شخص ارتكب أو ساهم أو شارك في جناية أو جنحة تأديبية أو ضبطية، وكان مصابا بتسمم مزمن ترتب عن تعاطي الكحول أو المخدرات إذا ظهر أن لإجرامه صلة بذلك التسمم”.
ومن خلال هذه المادة نلاحظ أن المشرع استهدف وقاية المجتمع من خطورة بعض المجرمين المتعاطين للمواد الكحولية أو المخدرات بمختلف أنواعها، والذين غالبا ما يرتكبون جرائم تكون لها علاقة بتعاطي هذه المواد التي تفقدهم الإدراك من جهة، ومن جهة أخرى فإن المشرع أراد بهذا التدبير إصلاح هؤلاء المجرمين أنفسهم بعلاجهم في مؤسسة مختصة بذلك حتى يقلعوا عن تناول المواد التي اعتادوا تعاطيها لحد أن أصيبوا بتسمم مزمن بسبب الإدمان.
ويلزم على المحكمة في هذه الحالة أن تصرح أن افعل المتابع من أجله صادر عن المتهم، و أن تثبت صراحة أن إجرام مرتكب الفعل مرتبط بتسمم مزمن مترتب عن تعاطي الكحول أو المخدرات، بعد كل هذا تقوم المحكمة بإصدار حكمها بالإضافة إلى الأمر بوضع المحكوم عليه في مؤسسة للعلاج لمدة لا تزيد على سنتين، وتستطيع المحكمة تحديد الأسبقية في التنفيذ التي قد تعطي للتدبير الوقائي ( ).
ويلغى الوضع القضائي في مؤسسة للعلاج كلما توفرت الأسباب الداعية إلى إلغائه، وذلك بناء على قرار الطبيب المعالج الذي يجب أن يبلغ إلى علم النيابة العامة داخل عشرة أيام على صدوره، وتستطيع النيابة العامة الطعن في قرار الطبيب كلما رأت سببا داعيا لذلك( ).
سادسا: الوضع القضائي في مؤسسة فلاحية
وهو تدبير وقائي عرفه المشرع في الفصل 83 بأنه إلزام المحكوم عليه من اجل جناية أو جنحة عقابها الحبس بان يقيم في مركز مختص يكلف فيه بإنجاز أشغال فلاحية، وذلك إذا ظهر أن إجرامه مرتبط بتعوده على البطالة أو تبين انه يتعيش عادة من أعمال غير مشروعة وقد حدد المشرع في افصل 84 شروطا يتعين على المحكمة تطبيقهم للحكم بهذا التدابير الوقائية وهي:
أن تصرح أن الفعل المتابع من اجله صادر عن المتهم.
أن تقرر صراحة أن هذا الفعل مرتبط بما اعتاده المحكوم عليه من البطالة أو أن المحكوم عليه يتعيش عادة من أعمال غير مشروعة.
أن تحكم بالعقوبة.
أن تأمر علاوة على ذلك بالوضع القضائي في مؤسسة فلاحية لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز سنتين.
ويبدأ تنفيذ الإقامة في المؤسسة الفلاحية بمجرد انتهاء العقوبة ويمكن وضع حد لهذا التدبير وإلغاؤه كلما ثبت تحسن سلوك المحكوم عليه وصلاح حاله حيث يصدر قرار الإلغاء من طرف المحكمة بناء على اقتراح مدير المؤسسة الفلاحية.
سابعا: عدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو الخدمات العمومية
نظم المشرع الجنائي المغربي أحكام هذا التدبير في الفصل 86 من القانون الجنائي و الذي على ضوئه يتبين أن هذا التدبير لا يصدر إلا عن المحكمة وهو يكون إما إلزاميا أو اختياريا:
فيكون إلزاميا على المحكمة التصريح به على المحكوم عليه وبالتالي عدم أهليته لمزاولة جميع الوظائف والخدمات العمومية في الحالات التي ينص القانون صراحة على ذلك ومن تلك الحالات نذكر الفصل 232 من القانون الجنائي حيث يعاقب بالحبس والغرامة وبالحرمان من تولي جميع الوظائف العامة كل موظف عمومي أو أحد أعوان الحكومة أو المستخدمين في إدارة البريد أو وكلائها يفتح أو يختلس أو يبدد رسائل عهد بها إلى مصلحة البريد، أو يسهل فتحها أو اختلاسها أو تبديدها.
ويكون اختياريا حيث كون للمحكمة الحكم به من عدمه، وذلك باعتماد السلطة التقديرية للقاضي ويتضح ذلك في المادة 86 الفقرة الثانية حيث تقول: “يجوز الحكم بهذا التدبير في غير الأحوال المشار إليها، عندما تلاحظ المحكمة وتصرح بمقتضى نص خاص بالحكم أن الجريمة المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة الوظيفة أو الخدمة وأنها تكشف عن وجود فساد في خلق مرتكبها لا يتلاءم ومزاولة الوظيفة أو الخدمة على الوجه المرضي.
وسواء كان هذا التدبير إلزاميا أو اختياريا فإن مدته لا يمكن أن تفوق عشر سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ويبدأ سريان هذا التدبير انطلاقا من اليوم الذي ينتهي فيه المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة.
ثامنا: المنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن
طبقا للفصل 87 من القانون الجنائي يتعين الحكم بالمنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن في حق المحكوم عليهم من أجل جناية أو جنحة عندما يتبين للمحكمة أن الجريمة المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة المهنة أو النشاط أو الفن وأنه توجد قرائن قوية يخشى معها أن يصبح المحكوم عليه، إن هو تمادى على مزاولة ذلك خطرا على أمن الناس أو صحتهم أو أخلاقهم أو على مدخراتهم.
ويحكم بهذا المنع لمدة لا يمكن أن تفوق عشر سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وتحسب هذه المدة من اليوم الذي ينتهي فيه المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة الأصلية، وينص المشرع بصفة خاصة، على أن هذا التدبير يمكن إعطاء الأمر بتنفيذه مؤقتا على الرغم من استعمال أية طريقة من طرق الطعن عادية كانت أو غير عادية.
تاسعا: سقوط الحق في الولاية الشرعية على الأبناء
وهو آخر تدبير وقائي شخصي نص عليه المشرع المغربي في الفصل 88 من القانون الجنائي حيث يحكم بسقوط الولاية الشرعية على الأولاد عندما تصدر المحكمة حكما من أجل جناية أو جنحة معاقب عليها قانونا بالحبس ارتكبها أحد الأصول على شخص أحد أطفاله القاصرين إذا ثبت لها أن السلوك العادي للمحكوم عليه يعرض أولاده القاصرين لخطر بدني أو خلقي.
وهذا السقوط يمكن أن يشمل جميع حقوق الولاية أو بعضها كما يسوغ أن يكون مقصورا على بعض الأولاد أو على واحد منهم فقط كما يجوز إعطاء الأمر بتنفيذه مؤقتا على الرغم من استعمال أية طريقة من طرق الطعن عادية أو غير عادية.
ومهما كانت قساوة هذا التدبير فإنه مبرر لأن القانون عندما أقر سلطة للآباء على أبنائهم، فإنه كان مدفوعا في ذلك بمصلحة الأبناء من جهة ومن جهة أخرى اعتمد على ما هو معروف عن الأبوة من الحنان والشفقة والمحبة، والتفاني في رعاية والدفاع عن فلذات الأكباد، وتنشأتهم تنشئة أخلاقية فاضلة، فلذلك فإن هو اخطأ الافتراض وكان الأب على غير ما يكون عادة فلا بأس من نزع الولاية عنه وحماية أبنائه من خطره وشروره( ).

ب ـ التدابير الوقائية العينية
لقد قسم المشرع المغربي التدابير الوقائية فهي تكون شخصيته( ) –كما سبق ذكره- أو تكون عينية( ).
وتكون عينية عندما تنصب على مصادرة الأشياء التي لها علاقة بالجريمة أو الأشياء الضارة أو الخطيرة أو المحظور امتلاكها أو عندما تنصب على إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة وسنتطرق لهذين النوعين كالآتي:
أولا: المصادرة
لقد مر معنا عند دراسة العقوبة أن المصادرة تكون عقوبة إضافية، ولقد اعتبرها المشرع أيضا تدبيرا وقائيا، إلا أنها تختلف عن المصادرة كعقوبة إضافية في عدة أحكام:
فالمصادرة كتدبير تقع على ذات الشيء الذي يعتبر صنعه أو استعماله أو حمله أو حيازته أو بيعه جريمة معاقب عليها، كالمقابل في الرشوة، وحيازة المخدرات أو حيازة سلاح بدون رخصة، أو المطبوعات والأشرطة المخلة بالأخلاق، حيث يكون الهدف من المصادرة هنا هو وقاية المجتمع من الأضرار التي يمكن أن تنجم عن تداول المضبوط ولذلك كان الحكم بالمصادرة العينية، كتدبير وقائي، من طرف المحكمة وجوبيا دوما، في حين أن المصادرة كعقوبة إضافية –ولو كانت عينية- فهي جوازية إذ للمحكمة أن تحكم بها أو لا تحكم.
كما تختلف المصادرة العينية باعتبارها تدبير وقائي عن تلك المعتبرة عقوبة إضافية حيث الأولى تصدر ولو لم يحكم ضد المتهم بالإدانة- كما لو كان المجرم مجهولا أو كأن تكون المتابعة غير ممكنة كحالة الصبي أو المختل عقليا أو وفاة المتهم- ولو كانت الأشياء محل المصادرة مملوكة للغير( ) عكس الثانية المصادرة كعقوبة إضافية- حيث لا تكون إلا بعد إدانة المتهم وقد ألزم المشرع المحكمة عند الحكم بها مراعاة حقوق الغير والحفاظ عليها.
ثانيا: إغلاق المحل أو المؤسسة التي استعملت في ارتكاب الجريمة
وهو إجراء عيني كالمصادرة ، تعرض له المشرع المغربي في الفصل 90 من القانون الجنائي وهو ينصب على المحلات التجارية أو الصناعية التي تستعمل لارتكاب الجرائم إما بسبب إساءة المكلفين بها استغلال الإذن أو الرخصة المحصل عليها وإما بسبب عدم مراعاة النظم الإدارية المنظمة لممارسة التجارة والصناعة.
وينتج عن الحكم بإغلاق المحل التجاري أو الصناعي أو أية مؤسسة أخرى –في الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك- منع المحكوم عليه من مزاولة نفس المهنة أو النشاط بذلك المحل.
وهذا المنع لا ينحصر فقط على صاحب المحل بل يمتد كذلك إلى أفراد أسرته أو إلى غيره ممن يكون قد باع له المحل أو كراه أو سلمه إليه.
ويسري المنع كذلك في حق الشخص المعنوي أو الهيئة التي كان ينتمي إليها المحكوم عليه أو كان يعمل لحسابها وقت ارتكاب الجريمة.
وإغلاق المحل يمكن أن يكون نهائيا أو مؤقتا، إذ يكون مؤقتا بين عشرة أيام كحد أدنى وستة أشهر كحد أقصى ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
وفي ختام دراستنا للعقوبة والتدابير الوقائية نشير أنه تنفذ على المحكوم عليه العقوبات الصادرة ضده بتمامها وكذلك التدابير الوقائية إلا إذا طرأ سبب من أسباب الانقضاء أو الإعفاء أو الإيقاف وهذه الأسباب في العقوبة هي ما نص عليه الفصل 49 من القانون الجنائي وهي: موت المحكوم عليه، العفو الشامل، إلغاء القانون الجنائي المحكوم بمقتضاه، العفو، التقادم، إيقاف تنفيذ العقوبة، الإفراج الشرطي، الصلح إذا أجازه القانون بنص صريح.
وقد أورد المشرع تلك الأحكام في الباب الثالث من الجزء الأول في الفصول من 49 إلى 60 من القانون الجنائي.
أما بخصوص التدابير الوقائية فهي مثلها مثل العقوبة تنقضي إما بتنفيذها أو بالأسباب الواردة في الفصل 93 من القانون الجنائي وهي نفسها في الفصل 49 إلا أن المشرع عوض إيقاف تنفيذ العقوبة بسبب آخر هو إعادة الاعتبار وقد أورد المشرع أحكام انقضاء التدابير الوقائية أو الإعفاء منها أو إيقافها في الفصول من 93 إلى 104

 

ويعتبر العمل لفائدة المصلحة العامة أنجع هذه البدائل، ويقصد به الحكم على الجاني الذي تجاوز سنه سبعة عشر سنة، عندما يرتكب جنحة تستحق عقوبة حبسية، بالقيام بعمل لفائدة المجتمع. وخاصية هذا البديل تكمن في أن الحكم به يتوقف على قبول الجاني والتزامه بقضاء أوقات فراغه في عمله لفائدة المصلحة العامة بالمجان وخلال مدة يحددها القاضي وتتراوح بين أربعين ومائتين وأربعين ساعة عمل.

وميزة هذه العقوبة تتجلى في كونها إصلاحية تهذيبية بالدرجة الأولى بحيث تساعد على إدماج الجاني في المجتمع والوقاية من القطيعة التي تتولد عن العقوبة الحبسي

إذا كانت هذه البدائل الجنائية قد برهنت على نجاعتها وفعاليتها في تجاوز سلبيات العقوبات الحبسية قصيرة المدة فإنه يمكن مع ذلك تجاوز الإطار الذي رسمه لها القانون الجنائي والبحث عن بدائل أخرى توفرها أنظمة خارج النظام الجنائي.

الفرع الثاني دور المجالس الحقوقية (المجلس الاستشاري نموذجا) ( CNDH) من العقوبات البديلة :

 

بعد مرور سنة ونصف على التقرير الذي أصدره المجلس الاعلى لحقوق الانسان حول موضوع "أزمة السجون مسؤولية مشتركة"،وفي نفس السياق اقيمت ندوة بمدينة الرباط بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2013 [30]

تحت عنوان "العقوبات البديلة: ضرورة مستعجلة"، والتي ينظمها بشراكة مع جمعية أصدقاء مراكز وحماية الطفولة وجمعية عدالة.

 

الأمين العامّ للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، قال في الكلمة الافتتاحية للندوة، إنّ الندوة تأتي في إطار قيام المجلس الوطني لحقوق الإنسان باختصاصاته المتعلقة بالنهوض بحقوق الإنسان، ومواكبة المجلس لمسار إصلاح منظومة العدالة، بعد التقريرين اللذين كان قد أصدرهما المجلس حول المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة.

 

وثمّن الأمين العامّ للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قرار إدراج مبدأ العقوبات البديلة ضمن الهدف الفرعيّ الثالث المتعلق بتقوية الحماية القضائية للحقوق والحريات، مضيفا أنّ "المجلس الوطني لحقوق الإنسان رافع باستمرار من أجل إدماج العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية في المنظومة الجنائية الوطنية، وذلك في أفُق تحديث النظام العقابي وأنْسنة العقاب".

وكان تقرير للمجلس الوطني الاستشاري لحقوق الإنسان قد أصدر تقريرا حول المؤسسات السجنية بالمغرب، أظهر أنّ حوالي 7000 شخص من السجناء هم من المحكومين بمُدد أقلّ من ستة أشهر، في إطار مخالفاتٍ وجنح بسيطة، وهو ما يرى فيه المجلس ضرورة مُلحّة، إلى إدماج وتنويع العقوبات البديلة في المنظومة الجنائية الوطنية.

وكانت الندوة ترمي  إلى تحليل واقع العقوبات البديلة، وفتح نقاش حول إمكانيات وآفاق تطبيق العقوبات البديلة بالمغرب، والاطلاع على التجارب الدولية المعتمدة في هذا المجال، في ظلّ الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية.

وتشمل التوصيات التي تقدم بها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في هذا الصدد، التنصيص على عقوبات بديلة في القانون الجنائي، بما في ذلك الخدمة من أجل المنفعة العامة، بدون أجر، وعقوبة الحرمان من رخصة السياقة، مع مراقبة وتتبع العقوبات البديلة والتأكّد من صحّة ذلك التنفيذ وفعاليته ومعاينة مدى فائدتها في تقويم سلوك المحكومِ عليه، مع رفع الأمر إلى المحكمة من أجل القرار في حالة تعارضه مع غايته إلى الجهة القضائية المختصّة.

 

الفرع الثالث دور المواثيق الدولية في تفعيل العقوبات البديلة اتفاقية طوكيو نموذجا : [32]

إن مسألة العقوبة التي تفرض في حالة تجاوز الحدود القانونية موضوع مثار اهتمام متواصل.

وبالرغم من أن سجن المجرمين ليس هو الجزاء الأكثر استخداما إلا أنه يظل العقوبة الشائعة على

الإجرام التي يأذن بها قانون حقوق الإنسان الدولي بقدر ما تفرض هذه العقوبة بناء على محاكمة تحترم

الأصول وتتم وفقا للقانون ولا ترقى إلى مستوى المعاملة التي تحظرها معايير حقوق الإنسان، بوصفها،

بوجه خاص، لا تتناسب بوضوح مع خطورة الجرم الجنائي المرتكب.

وعلى حين أن السجن ضروري في العديد من القضايا المورط فيها مجرمون لجئوا إلى

العنف، إلا أن السجن لا يشكل الدواء اللازم سواء فيما يخص منع الجريمة أو إعادة الإدماج الاجتماعي

لمرتكبيها. بالإضافة إلى ذلك يواجه النظام السجني في العديد من البلدان تحديات كبرى بسبب الاكتظاظ

وقدم مرافق الاحتجاز، ويترتب على ذلك أن السجناء غالبًا ما يجدون أنفسهم في أوضاع احتجاز يرثى

لها يمكن أن تكون لها آثار ضارة بصحتهم البدنية والعقلية وتعوق تربيتهم مما يعني تأثر فرصهم في

التكيف مستقبلا داخل المجتمع المحلي. وتأثير السجن ملحوظ في الأمد الطويل على أسرة الشخص وفي

حياته العملية.

والعقوبات الجنائية المطبقة أكثر من غيرها ذات طابع غير احتجازي، واستخدام هذه العقوبات

. وحيث يتنامى التشكيك في فعالية السجن حاول الخبراء تطوير

تدابير مفيدة أخرى لمساعدة المسيئين في الوقت الذي يتم فيه الاحتفاظ بهم داخل المجتمع المحلي ومن

أهداف قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية (التي يشار إليها فيما بعد بوصفها

قواعد طوكيو) هو التشديد على أهمية هذه الإجراءات.

 مثل قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بيجين) والإعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة.

بيد أن قواعد بيجين سينظر فيها بمزيد من العمق في

الفصل العاشر المتعلق ب "حقوق الطفل في مجال إقامة العدل"

١ الغرض من التدابير غير الاحتجازية وقواعد طوكيو

يكمن الغرض من التدابير غير الاحتجازية عمومًا وقواعد طوكيو

خصوصا في

ü     العثور على بدائل فعالة لسجن المجرمين وتمكين السلطات من تكييف العقوبات الجنائية

بحسب احتياجات الفرد المجرم على النحو الذي يتناسب والجريمة المرتكبة.

ü     ومزايا الحكم بحسب ظروف الحالة على هذا النحو واضحة بالنظر إلى أنها تسمح للمجرم بالبقاء حرًا طليقا وتمكنه من ثم من مواصلة العمل والدراسة والحياة الأسرية.

ü     وضع معايير لفرض وتنفيذ أية تقيدات وشروط وإن واحدا من الأغراض الرئيسية لقواعد طوكيو هو محاولة تحديد هذه المعايير الواجب أن تعتبر معايير دنيا تهدف إلى التشجيع على "بذل جهود للتغلب على المصاعب العملية التي تواجه في تطبيق تلك التدابير". وبالتالي، ليس المقصود بهذه القواعد أن تقرأ تعليق على قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو)

بإخضاع شخص مشتبه فيه أو متهم أو محكوم عليه في جريمة لبعض الشروط والالتزامات التي لا تشمل

السجن، ويمكن أن يتخذ مثل هذا القرار في أي مرحلة من مراحل إقامة العدالة الجنائية (القاعدة 2

ü     من قواعد طوكيو أنها تسري على جميع الأشخاص الخاضعين للمقاضاة أو المحاكمة أو تنفيذ حكم ما في جميع مراحل تدبير شؤون العدالة الجنائية. ولأغراض هذه القواعد يشار

إلى هؤلاء الأشخاص بعبارة "جناة" بصرف النظر عما إذا كانوا من المشتبه فيهم أو المتهمين أو الصادرة

v    المبادئ العامة المتصلة بالتدابير غير الاحتجازية

تحدد قواعد طوكيو من 1 إلى 4 بشيء من التفصيل المبادئ العامة التي توجه اللجوء إلى التدابير غير الاحتجازية كبدائل للسجن وفيما عدا الشرط الوقائي المتمثل في المادة ٤ تصف هذه المبادئ الغايات الرئيسية ونطاق الضمانات القانونية للتدابير غير الاحتجازية. وهذا القسم سوف يسلط الأضواء

على أبرز جوانب هذه المبادئ العامة.

* الأهداف الرئيسية للتدابير غير الاحتجازية *

v    أن الغرضين الأساسيين لقواعد طوكيو هما توفير:

"مجموعة من المبادئ الأساسية لتعزيز استخدام التدابير غير الاحتجازية"؛

"وضمانات دنيا للأشخاص الخاضعين لبدائل السجن".

وعلى هذا النحو تبدأ قواعد طوكيو بإقرار توازن مهم بين غرضيها الأساسيين كليهما من

حيث أن هذه القواعد تشجع في آن واحد على اللجوء إلى التدابير غير الاحتجازية وتستهدف ضمان

التطبيق العادل لتلك التدابير بالاستناد إلى الاحترام الواجب لحقوق الإنسان للجناة؛ ومثل هذه التدابير

يقتضيها منع اللجوء اللامتناسب للتدابير الرقابية.

ووفقا للتعليق العام على قواعد طوكيو، تتسم التدابير غير الاحتجازية "بقيمة احتمالية كبيرة

بالنسبة للجناة عن المجتمع المحلي" ويمكن أن تكون الجزاء المناسب لطائفة بأسرها من الجرائم

ولعديد الأنواع من الجناة، ولا سيما أولئك الذين لا يحتمل عودتهم إلى الإجرام، وأولئك الذين أُدينوا

بجرائم ثانوية وأولئك الذين هم بحاجة إلى المساعدة الطبية والنفسية والاجتماعية.

يمكن اعتبار السجن الجزاء المناسب، حيث أنه يقطع علاقات الجناة بمجتمعهم المحلي ويمنع إعادة

إدماجهم في المجتمع ومن ثم يحد من شعور هؤلاء الجناة بالمسؤولية ومن قدرتهم على اتخاذ قراراتهم

بأنفسهم. ومن ناحية أخرى، تتسم التدابير غير الاحتجازية بسمة فريدة من نوعها تتمثل في تيسير

ممارسة الرقابة على سلوك الجناة في الوقت الذي تسمح لهم بالنماء في ظل ظروف طبيعية.

وتبعا لذلك، فإن استخدام التدابير غير الاحتجازية يقلل أيضًا من التكاليف الاجتماعية بالنظر

إلى أن إقامة العدالة الجنائية تفرض عبئا ماليًا ثقيل الوطأة على الدول. وبما أن الجاني الفرد ليس وحده

الذي سيفيد من استخدام التدابير غير الاحتجازية بل إن المجتمع ككل سيفيد هو الآخر فإن هذا الاحتمال

الإيجابي ينبغي أن يشجع المجتمع المحلي على المشاركة في تنفيذ هذه التدابير.

تتناول الهدف المتمثل في التشجيع "على زيادة اشتراك المجتمع المحلي ء هذا، وإن القاعدة

في تدبير شؤون العدالة الجنائية وفي معاملة المجرمين على وجه التحديد، كما تستهدف إثارة الشعور

بالمسؤولية إزاء المجتمع لدى الجناة". واشتراك المجتمع المحلي أساسي في إعادة إدماج الجناة في

المجتمع ويمكن أن يقلل من مخاطر وصمهم.

تراعى في تنفيذ قواعد طوكيو "الظروف السياسية و الاقتصادية ء ووفقا للقاعدة

والاجتماعية والثقافية السائدة في كل بلد، كما تراعى أهداف وغايات نظام العدالة الجنائية فيه". وبالتالي فإن هذه القواعد ليس القصد منها وصف نظام نموذجي للتدابير غير الاحتجازية إذ إن مهمة كهذه مستبعدة على أية حال بحكم تنوع تنظم العدالة الجنائية في جميع أنحاء العالم؛ بل إن القصد هو أن يتيح هذا التنوع تباد لا مثمرًا للأفكار المتعلقة بالنهوج والتطورات.

في الاعتبار أهداف نظام العدالة الجنائية والتوازن الواجب إقراره بين ء وتضع القاعدة ١

مختلف المصالح الفردية فتنص على أن "تسعى الدول الأعضاء عند تنفيذ هذه القواعد إلى إقامة توازن

صحيح بين حقوق الجاني وحقوق المجني عليه واهتمام المجتمع بالأمن العام ومنع الجريمة". وعلى حين

تؤكد قواعد طوكيو على تعزيز التدابير غير الاحتجازية وتفريد العقوبات الجنائية عند تطبيقها، تدعم

هذه القواعد دعمًا تامًا أيضًا الغاية العامة من نظام العدالة الجنائية ألا وهي الحد من الجريمة والحاجة

إلى الاعتراف بأهمية دور ضحايا الإجرام.

وأخيرا ووفقا للمادة 1

"تقوم الدول الأعضاء، على صعيد نظمها القانونية، بوضع التدابير غير الاحتجازية التي

تهدف إلى توفير خيارات أخرى تخفف من استخدام السجن، وبترشيد سياسات العدالة

الجنائية واضعة في اعتبارها مراعاة حقوق الإنسان ومقتضيات العدالة الاجتماعية

واحتياجات إعادة تأهيل الجاني".

وبحسب التعليق، تعني الإشارة إلى "مراعاة حقوق الإنسان ومقتضيات العدالة الجنائية

واحتياجات إعادة تأهيل الجاني" في جملة أمور، أنه على حين تستهدف قواعد طوكيو ضمان الاستخدام

الأكثر تواترًا للتدابير غير الاحتجازية فلا ينبغي أن يؤدي هذا الاستخدام إلى تزايد عدد الأشخاص الذين

يخضعون للتدابير الجنائية أو لتزايد كثافة هذه التدابير، ومن خلال تأكيد قواعد طوكيو على مراعاة

حقوق الإنسان تسعى هذه القواعد لتلافي سوء استخدام السلطات التقديرية في تنفيذ التدابير غير الاحتجازية.

إن الغرض الأولي من البدائل غير الاحتجازية للسجن هو تفريد العقوبات الجنائية

بحسب احتياجات الجاني ومن ثم تكون هذه العقوبات أكثر فعالية. والتدابير غير

الاحتجازية أقل كلفة أيضًا بالنسبة للمجتمع عموما من الحرمان من الحرية.

وتفريد العقوبات الجنائية التي تنطوي على تدابير غير احتجازية يجب أن تدرس في

ضوء الغرض العام لنظام العدالة الجنائية ألا وهو الحد من الجريمة وضرورة

الاعتراف باحتياجات ومصالح ضحايا الإجرام.

ويجب أن يحترم استخدام التدابير غير الاحتجازية حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا.

 

وتماشيا مع نفس التوجه فهناك مؤتمرات أخرى تنص على نفس السياق على ضرورة ايلاء اهتمام للعقوبات البديلة من اجل ترشيد السياسات الجنائية لكل دولة على حدة.

المؤتمر السابع للأمم المتحدة المنعقد في ميلانو عام 1985م اعتمد في توصيته رقم 16 ما نصه وجوب اتخاذ التدابير اللازمة لعلاج ظاهرة تكدس السجناء، والاستعاضة ما أمكن عن عقوبة السجن بالتدابير البديلة والمؤهلة لإعادة دمج المحكوم عليهم في الحياة الاجتماعية، كأعضاء فاعلين وإذ يؤكد أن الجزاءات التي لا تشترط الحبس تمثل طريقة إنسانية لتسهيل جهود إعادة التأهيل التي تبذل بشأن الأفراد المحكوم عليهم،و أوصى بما يلي:

1- يوصي بأن تعمل الدول الأعضاء على زيادة جهودها الرامية إلى الحد من الآثار السلبية للسجن.

2- يوصي الدول الأعضاء كذلك، بتكليف البحث عن الجزاءات المعقولة التي لا تشترط الحبس كوسيلة لتخفيض إعداد السجناء.

3- يطلب من لجنة منع الجريمة ومكافحتها أن تقوم بدراسة مسألة الجزاءات التي لا تشترط الحبس والتدابير الرامية إلى الاندماج الاجتماعي للمجرمين مع مراعاة جملة أمور.

ومن القواعد التي تولي الأمم المتحدة أهمية خاصة بها هي قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير الاحتجازية ]قواعد طوكيو[ التي صدرت في الجلسة 68 في 14كانون الأول 1990 التي يجب أن يهتم بها الباحثون، ويستفاد منها في دراساتهم وكذلك في حالة تبني هذا نظام العقوبات البديلة على المشرعين الأخذ بها, وتتضمن مبادئ لا يستغنى عنها في مجال العقوبات البديلة وهنا أشير إلى القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي تطرقت أيضا إلى معاملة السجين كإنسان وأن يتمتع بكامل حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته والتي لامجال لذكرها هنا. [33]

انتهى بحمد الله المبحث الاول

اما المبحث الثاني فسنتطرق فيه الى  دور السياسة الجنائية في التخفيف من أزمة الاكتظاظ في السجون المغربية بين سندان الواجب ومطالب المجتمع الحقوقي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني دور السياسة الجنائية في التخفيف من أزمة الاكتظاظ

                      في السجون المغربية بين سندان الواجب ومطالب المجتمع الحقوقي

 

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

عرف المشهد الحقوقي في المغرب طوال السنتين الأخيرتين نقاشا كبير وجدلا واسع النطاق حول وضعية السجون وظروف الاعتقال بها وقد تناقضت الآراء والاتجاهات واختلفت حول أسباب تردي هذه  الوضعية بين من يعزوها إلى الشطط في تطبيق الاعتقال رغم أن المشرع كيف ذاك بتنصيصه على عدة بدائل للعقوبات  وقد اعتبر هدا الاتجاه أن مبدأ قرينة البراءة لا يطبق لدا وجب احترام مبدأ المحاكمة العادلة وقرينة البراءة التي تنص على أن الأصل هو البراءة وان اعتقال وحبس الشخص لا تكون إلا بعد ثبوت إدانته بحكم نهائي .

الاتجاه الثاني اعتبر أن عدم الاعتقال يعطي الانطباع لدى البعض بعدم وجود عدالة يشجعهم على ارتكاب جرائم أخرى ماسة بالأخلاق والآداب كما يشجع الشباب المراهق على ارتكاب جرائم بعض الجنح إذ يطغى التصور لدى عامة الناس أن هذه الجنح لا اعتقال فيها إذن لا عقوبة فيها وبدورهم يوجهون سهام النقد إلى قاضي تطبيق العقوبة بمختلف مكوناته فيحملونه جزأ من المسؤولية في تصاعد ظاهرة الجريمة لعدم التعامل معها بالردع المطلوب. [34]

وكما يقول المثل نصف الناس ينتقدون القاضي هدا ما ادا كان عادلا[35]

وبين المناصرين لهدا الإجراء بدعوى الحفاظ على الأمن والاستقرار وسد ذرائع الجريمة بكل مكوناتها ومن يرى إن هدا الإجراء هو مس لحرية الإنسان ومخالفة لمقتضيات الديباجة العالمية لحقوق الإنسان والمواطن الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 دجنبر 1948 في المادة 11(كل شخص متهم  بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها ضمانات الضرورية للدفاع عنه)كما أكدته المادة 14 من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية.

وتماشيا مع هدا الطرح فإن دستور المملكة باعتباره أسمى قانون للبلاد فقد كرس ما تضمنته هاته الديباجة بالتعهد بالالتزام ما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق لإنسان كما هي متعارف عليها دوليا.

انه رغم جدية الانتقادات، من هذا وذاك، فان الاتجاه العام حاليا يسير نحو خلق أفكار جديدة، ومنظور جديد يتلاءم  ويتناغم مع السياسة الجنائية الحديثة، التي تحاول ان تجعل من مرحلة العقاب مرحلة يستطيع فيها المخالف ان يحول سلوكياته  الإجرامية  الى  سلوكيات  منسجمة  مع  ما يتطلبه المجتمع من الانصياع لقواعد معينة ومضبوطة مفروضة بمقتضى القانون .

 

 

المطلب الاول دور السياسة الجنائية في  ازمة الاكتظاظ الاعتقال الاحتياطي نموذجا

الفرع الاول مفهوم السياسة الجنائية او الحكامة الجنائية

يمكن تعريف السياسة الجنائية بصفة عامة بأنها مجموعة الوسائل والتدابير التي تحدثها الدولة في حقبة زمنية معنية لمكافحة الجريمة وحفظ الأمن والاستقرار داخل ربوعه، ويلاحظ في هذا الشأن أن هناك مفهومان للسياسة الجنائية أحدهما ضيق والآخر واسع، لكن قبل التطرق لهذين الأخيرين نورد تعريفا شاملا ومختصرا للسياسة الجنائية والذي يعتبرها ذلك الإطار النظري المحدد لكيفية حل الصراع الحتمي بين الجريمة والمجتمع.
فالسياسة الجنائية بالمفهوم الضيق هي مجموعة الوسائل والتدابير التي ينبغي على الدولة تسخيرها لزجر الجريمة بأكبر قدر من الفعالية ; وهذه النظرية ظلت سائدة خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين كما هو الحال في التعريف الذي أورده الفقيه فورباخ[36] Feurbach عندما اعتبر السياسة الجنائية مجموع الوسائل الزجرية التي تواجه بها الدولة الجريمة، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه الفقيه الشهير VONLIZET،[37] حينما حصر مفهوم السياسة الجنائية في المجموعة المنظمة من المبادئ التي يتحتم على الدولة والمجتمع اعتمادها لتنظيم عملية محاربة الجريمة.
وبذلك فالمفهوم التقليدي للسياسة الجنائية ظل يتأرجح ما بين التجريم والعقاب من جهة وما يتعلق بالتدابير والإجراءات المسطرية حيث لا يخلو الأمر من معالجة ظاهرة الإجرام على المستويين الموضوعي والشكلي، فكلما تعلق الأمر بتجريم فعل أو تركه وتحديد العقاب المناسب له إلا وكان موضوع ذلك القانون الجنائي ـ قانون الموضوع ـ وكلما تعلق الأمر بإجراءات البحث والمتابعة والمحاكمة والتنفيذ إلا وكان موضوع ذلك قانون المسطرة الجنائية ـ قانون الشكل ـ.
أما المفهوم الواسع للسياسة الجنائية والسائد في الوقت المعاصر فهو لا يقتصر على مواجهة الجريمة بسن تشريعات جزائية وتشديد العقوبات، بل تجاوز الأمر إلى الاهتمام بالأسباب المؤدية إلى استفحال ظاهرة الإجرام بغية التصدي لها والحد من ارتفاعها، لأن القانون الجنائي فضلا عن طبيعته الفقهية Science juridique التي تقتضي تكوين المشتغلين به تكوينا فقهيا يؤهلهم لمعرفة وتفسير قوانين العقوبات في الحدود المرسومة للعقاب،

فهو أي القانون الجنائي علم اجتماعي Science social يدخل في مجموعة العلوم الجنائية Sciences criminelles والتي تبحث في أسباب الإجرام وطرق علاجه
لذا فإن السياسة الجنائية تعنى بالمرحلة التي تسبق ارتكاب الجريمة وذلك بسن سياسة وقائية شاملة من شأنها أن تحول دون وقوع الجرم، وهذا الأمر يقتضي من الدولة اعتماد خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحسين مستوى المعيشة لدى ساكنتها، فإجبارية التعليم من شأنها أن تحد من ظاهرة الأمية وانعدام الشعور بالمسؤولية والوعي لدى الناس، وتوفير السكن اللائق من شأنه هو الآخر أن يساهم في معالجة ظاهرة الإجرام إذ الإحصائيات تفيد أن الجريمة تنبع من الأحياء الهامشية التي لا تتوفر على أدنى شروط الصحة، ومحاربة الإدمان على الخمور والمخدرات والقضاء على دور الدعارة والفساد والقمار التي تعتبر سببا رئيسيا في استفحال ظاهرة الإجرام.
والاهتمام بالأطفال واليافعين لتحصينهم من الانحراف والانزلاق إلى عالم الرذيلة، إسوة بالمختلين عقليا وما يشكلونه من مخاطر على المجتمع حيث ينبغي التكفل بهم وتتبع حالاتهم إلى حين تماثلهم للشفاء الكامل.
كما يدخل ضمن التدابير الوقائية في السياسة الجنائية تشديد العقوبة المقررة لبعض الجرائم التي استفحلت وتنامت في وقت معين فالهجرة السرية وما تخلفه من خسائر في الأرواح والممتلكات أدت إلى تدخل المشرع للرفع من مدة العقوبة الحبسية والغرامة وذلك لتحقيق الردع العام والخاص في آن واحد( ) والاعتداء الجنسي على الأطفال أوجب كذلك القيام بنفس الخطورة رافعا من سن القاصر ما دون 18 سنة، بل زاد حتى في العقوبة المقررة للجاني فتجاوزت حد عقوبة الجنحة (خمس سنوات).
وحمل السلاح الناري إلا برخصة، وغير الناري إن كان من الأشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة هو الآخر يمنع حمله في ظروف تشكل تهديدا للأمن العام أو لسلامة الأشخاص أو الأموال ما لم يكن نشاط حامله المهني يسمح له بذلك هي أيضا تدابير وقائية وزجرية تندرج ضمن السياسة الجنائية( ).
والدخول إلى نظام للمعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال أو حذفه أو تغييره أو إحداث اضطراب في سيره وغير ذلك من الأفعال الماسة بهذا النظام دفعت بالمشرع لتجريمها والمعاقبة عليها بالحبس والغرامة المكلفة جدا من شأن ذلك أن يحد من ظاهرة الإجرام.
أما الجرائم التي فاجأتنا في مطلع القرن الواحد والعشرين الحالي والتي أصبحت تدخل في زمرة الأفعال الإرهابية وتنفذ بشكل جماعي أو فردي وتستهدف المس بالنظام العام في أي بلد بواسطة التخويف والترهيب والعنف بالاعتداء على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو على حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم، والقيام بأعمال التخريب أو التعييب أو الإتلاف وتحويل الطائرات أو السفن أو العربات وصنع وحيازة أو نقل المتفجرات والأسلحة، فقد حذت بالمشرع إلى التدخل لسن قانون صارم لزجر مرتكبي هذه الأفعال وللحد من هذه الظاهرةوالمنظور الجديد المعاصر للسياسة الجنائية هو الذي حذا بالمشرع المغربي إلى إحداث ثورة في قانون المسطرة الجنائية (03/10/2002) وذلك بإقرار عدالة تصاليحة تنحو على محو آثار الجريمة فورا بالحفاظ على الوضعية التي كانت سائدة قبل ارتكاب الفعل وذلك لرأب الصدع الذي يمكن أن يمس العلاقات الاجتماعية بين الناس نسوق على سبيل المثال بعض هذه التدابير :
ـ إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه عندما يتعلق الأمر بانتزاع حيازة بعد تنفيذ حكم، وتقوم بهذا الإجراء النيابة العامة تحت مراقبة القضاء الذي له أن يقره أو يلغيه أو يعدله (المادتان 40 و49 ق.م.ج).
ـ رد الأشياء المحجوزة لمن له الحق فيها.
ـ الصلح بين الأطراف : هذا الإجراء هو لب العدالة وجوهرها لأنه يرأب الصدع بين الخصوم ويجبر ضرر الضحية، ويجنب الجاني المتابعة وما يترتب عنها من تلطيخ لسمعته.
ـ إيقاف سير الدعوى : في بعض الجنح إذا تنازل المتضرر أثناء سريان الدعوى العمومية يمكن للمحكمة أن تأمر بإيقاف سير إجراءاتها بناء على ملتمس من النيابة العامة (المادة 372).
ـ السند التنفيذي للنيابة العامة في المخالفات المعاقب عليها بالغرامة فقط أن تقترح على المخالف أداء غرامة جزافية لا تتجاوز نصف الحد الأقصى بمقتضى سند قابل للتنفيذ (المادة 375 ق. م.ج) وهو تدبير من شأنه التجنيب من التقييد في السجل العدلي للمخالف.
هذا وينضاف إلى هذه التدابير التي تبناها المشرع المغربي تمشيا مع المفهوم الجديد للسياسة الجنائية تبنيه أيضا لنظام الحرية المحروسة بالنسبة للأحداث حيث عهد في دائرة كل محكمة استئناف إلى مندوب أو عدة مندوبين دائمين أو مجرد متطوعين بالإشراف وتتبع الأحداث الجاري عليهم هذا التدبير وذلك للعمل على تجنيب الحدث كل عود إلى الجريمة واقتراح ما يفيد لإعادة تربيته، كما أناط القانون بهؤلاء المندوبين مهمة مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته مع محيطه
أما الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم 18 سنة إذا كانوا ضحايا جناية أو جنحة فقد خول القانون للقضاء المختص تلقائيا أو بناء على ملتمس من النيابة العامة سلطة إيداع الحدث المجني عليه لدى شخص جدير بالثقة أو مؤسسة خصوصية أو جمعية ذات منفعة عامة مؤهلة لذلك أو لمصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة إلى حين صدور حكم أو قرار نهائي.
بينما الأحداث الموجودين في وضعية صعبة أجاز القانون للقاضي المختص بناء على ملتمس النيابة العامة أن يتخذ أي تدبير يراه كفيلا بحماية الحدث المذكور الذي يقل سنه عن 16 سنة وكانت سلامته البدنية أو الذهنية أو النفسية أو الأخلاقية أو تربيته معرضه للخط.
خلاصة القول إن النظرية الحديثة للسياسة الجنائية تروم إلى رؤيا شاملة لظاهرة الإجرام بالبحث والتقصي عن أسبابها ودوافعها من خلال دراسات إحصائية هادفة لكل منطقة داخل الدولة الوحيدة وإيجاد الحلول والتدابير الناجعة للحد من تفشيها ومحاربتها واجتثاثها من جذورها للحفاظ على استقرار المجتمع، وما تطوير النصوص التشريعية بالتغيير والإتمام والإلغاء سواء همت القانون الجنائي أو المسطرة الجنائية وغيرها من القوانين الخاصة التي تشتمل على مواد زجرية إلا ضرب من ضروب التدابير التي ينبغي التفكير فيها من خلال ما يتحصل من ملاحظات ومعطيات، وبيانات يتم رصدها في المجتمع والتي من شأنها رسم خطة رشيدة للوقاية من الجريمة أي الحيلولة دون وقوعها، ومعالجة آثارها بعد ارتكابها.

 

 

 

الفرع الثاني الاعتقال الاحتياطي نموذجا

الفقرة الاولى مفهوم الاعتقال الاحتياطي

يقصد بالاعتقال الاحتياطي في معناه الواسع فترة الاعتقال التي يقضيها المتهم على ذمة التحقيق بسبب جناية أو جنحة منسوبة إليه أو خلال فترة محاكمته قبل صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به. [38]

يتم الوضع رهن الاعتقال الاحتياطي -حسب وثيقة لوزارة العدل و الحريات حول «إشكالية الاعتقال الاحتياطي الواقع و آفاق الحل» – بقرار للنيابة العامة وكيل الملك أو الوكيل العام للملك في حالة الإحالة المباشرة على المحكمة، أو من طرف قاضي التحقيق.

ولم يحدد القانون أجلا للاعتقال الاحتياطي خلال مرحلة المحاكمة على خلاف فترة التحقيق التي حددت فيها مدة الاعتقال الاحتياطي في ثلاثة أشهر كحد أقصى في الجنح و سنة كحد أقصى في الجنايات.

وحسب المادة 159 من القانون الجنائي يعد الاعتقال الاحتياطي تدبيرا استثنائيا لا يتم اللجوء إليه إلا بصفة استثنائية وبشروط خاصة، كما حدد أربعة مداخل للاعتقال الاحتياطي وهي:

المادة 47 من قانون المسطرة الجنائية أعطت لوكيل الملك في غير حالة التلبس بجنحة أن يصدر أمرا بالإيداع في السجن في حق المشتبه فيه الذي اعترف بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليها القانون بالحبس أو ظهرت معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها والذي لا تتوفر فيه ضمانات الحضور أو ظهر أنه خطير على النظام العام أو على سلامة الأشخاص أو الأموال.

المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية التي أعطت الحق لوكيل الملك بأن يصدر أمرا بإيداع المتهم السجن إذا تعلق الأمر بالتلبس بجنحة معاقب عليها بالحبس، أو إذا لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور.

المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية التي أعطت الحق للوكيل العام للملك إذا ظهر له أن  القضية جاهزة للحكم إصدار أمر بوضع المتهم رهن الاعتقال وإحالته على غرفة الجنايات داخل أجل 15 يوما على الأكثر.

 المادة 160 من قانون المسطرة الجنائية التي أعطت لقاضي التحقيق إمكانية اعتقال المتهم احتياطيا إذا تطلبت ذلك ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو على النظام العام.

الفقرة الثانية قراءة نقدية في الفصول المنظمة للاعتقال الاحتياطي

نورد في هدا الصدد مقالا للاستاد  بوشعيب عسال، قاضي التحقيق باستئنافية سطات[39]

"إن الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي سالب للحرية يتجسد في وضع المتهم بالسجن، وقد أدى الإفراط في ممارسة سلطة الاعتقال الاحتياطي من قبل النيابة العامة وقاضي التحقيق، واكتظاظ السجون نتيجة ذلك إلى ارتفاع أصوات تدعو إلى الحد من اللجوء إليه إلا للضرورة القصوى، ومن هنا كان التفكير في إيجاد تدبير أو تدابير إلى جانبه، وتجلى ذلك في سن المراقبة القضائية التي استحدثت بمقتضى قانون المسطرة الجنائية  الجديد.  مسطرة المراقبة القضائية أمام قاضي التحقيق: عندما يمثل المتهم أمام قاضي التحقيق سواء في إطار دعوى عمومية محركة من طرف النيابة العامة (المطالبة بإجراء تحقيق) أو محركة من طرف المتضرر (الشكاية المباشرة) ويقتضي نظره إخضاعه للمراقبة القضائية  طبقا للمادتين 160 و161 من ق م ج،   فإنه يصدر أمرا معللا بأسباب يبلغه فورا وشفاهيا للمتهم كما يبلغه للنيابة العامة داخل أربع و عشرين ساعة، وينص على هذا التبليغ في آخر محضر الاستنطاق. ويحق للنيابة العامة وللمتهم ودفاعه استئناف الأمر القاضي بالوضع تحت المراقبة القضائية و يمتد أجل الاستئناف إلى اليوم الموالي لصدور الأمر، و تبث الغرفة الجنحية في هذا الاستئناف داخل خمسة أيام من تاريخ إحالة الملف عليها.
ويلاحظ في هذا المجال أن المشرع وإن خول للمتهم استئناف أمر قاضي التحقيق بوضعه تحت المراقبة في إطار المادة 160 من ق م ج   فإنه أغفل النص على ذلك في المادة 223 من القانون نفسه التي حددت على سبيل الحصر الأوامر القابلة للاستئناف من طرف المتهم الواردة في باب «استئناف أوامر قاضي التحقيق» والتي غالبا ما تعتمدها الغرفة الجنحية عند البت في استئناف أوامر قاضي التحقيق والتي على ضوئها إما أن تقضي بقبول الاستئناف أو بعدم قبوله، ونرى انه تلافيا لهذا الإغفال يجب إضافة الفقرة الثانية من الفصل 160 لتكون من مشمولات المادة 223 المشار إليها سابقا .
كما تجدر الإشارة إلى أنه وبقراءة متأنية للمادة 160 يتضح بجلاء انه في حالة إحالة الملف من قبل النيابة العامة على قاضي التحقيق بمقتضى مطالبة بإجراء تحقيق فإن المشرع لم يخول للنيابة العامة حق طلب وضع المتهم تحت المراقبة القضائية بدليل أن الفقرة الثانية من الفصل المذكور أوجبت على قاضي التحقيق عندما يتخذ أمرا بالوضع تحت المراقبة القضائية ان يبلغه لها داخل أربع وعشرين ساعة ولها الحق في استئنافه، فلو كان المشرع قد خول لها التماس وضع المتهم تحت المراقبة القضائية لما اوجب على القاضي تبليغ الأمر لها في جميع الأحوال، لأن التبليغ للنيابة العامة لا يكون إلا في الأوامر المخالفة لملتمساتها .
ونرى أنه كان حريا بالمشرع أن يضيف فقرة في المادة 160 من ق م ج بالنص على : «يصدر قاضي التحقيق تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أمرا بشأن الوضع تحت المراقبة القضائية يبلغ في الحال شفاهيا للمتهم…. كما يبلغه للنيابة العامة إذا لم تكن قد التمسته….الخ» و هذا الحق الذي سيخول للنيابة العامة سيكون مماثلا لما خوله لها المشرع في القرة الثانية من المادة 178 عندما أجاز لها أن تلتمس من قاضي التحقيق الإفراج المؤقت عن المتهم إلى جانب الإباحة التي خولت للقاضي نفسه بأن يفرج تلقائيا عن المتهم كما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة نفسها.
إلغاء المراقبة القضائية :إن المراقبة القضائية و علاوة على كونها تدبيرا استثنائيا فإنها تعتبر تدبيرا مؤقتا وصفة الوقتية تظهر على مستويين، أولهما: أن مدة المراقبة القضائية هي شهران بالنسبة إلى الجنايات و تمدد خمس مرات للمدة نفسها أي أقصى أمدها هو سنة وفي الجنح شهرا واحدا لمرتين وأقصاها ثلاثة أشهر كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
ثانيهما: هو إمكانية إلغائها في جميع مراحل التحقيق إما لفائدة المتهم أو ضده.
إلغاء المراقبة القضائية لفائدة المتهم: يجوز لقاضي التحقيق تبعا للفقرة الرابعة من المادة 160 أن يلغي الأمر القاضي بالوضع تحت المراقبة القضائية بمقتضى أمر جديد يبلغ للنيابة العامة، وذلك بناء على طلب المتهم أو محاميه أو بناء على طلب النيابة العامة نفسها، ويصدر الأمر بالإلغاء إذا ارتأى قاضي التحقيق أن المتهم قد نفد الالتزامات والتدابير التي كان خاضعا لها بمقتضى المراقبة القضائية كان حصر جميع الاستنطاقات والمواجهات اللازمة وأضحى من غير المفيد إبقاؤه خاضعا لتدابير المراقبة القضائية.
والسؤال الذي يعن بمناسبة تناول دراسة إلغاء المراقبة القضائية لفائدة المتهم هو ما موقف هذا الأخير  إذا طلب هو شخصيا أو محاميه إلغاء المراقبة القضائية ورفض قاضي التحقيق الاستجابة لذلك، هل يحق للمتهم الطعن في الأمر بالرفض أمام الغرفة الجنحية أم لا؟
نرى أنه في ظل مقتضيات المادة 223 التي حددت على سبيل الحصر الأوامر التي يحق للمتهم استئنافها إن هذا الأخير لا يجوز له استئناف الأمر القاضي برفض إلغاء المراقبة القضائية وأنه إذا طعن بالاستئناف فإنه سيواجه بعدم القبول لأن المادة 223 المشار إليها لم تتضمن الأمر الصادر وفق الفقرة 4  من المادة 160.
لذلك يحسن بالمشرع وفي إطار كفالة حقوق الدفاع المخولة للمتهم للتحرر من تدابير المراقبة القضائية مادام قد حق له طلب إلغائها أن يضيف في المادة 223 قابلية الاستئناف للأمر الصادر في إطار الفقرة الرابعة من المادة 160.
إلغاء المراقبة القضائية ضد المتهم: كما يمكن لقاضي التحقيق إلغاء الوضع تحت المراقبة أثناء جميع مراحل التحقيق إذا لم يحترم المتهم الالتزامات المفروضة عليه بمقتضى تدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 161  و عمد  إلى خرقها و عدم الاستجابة إلى تنفيذها، وفي الحالة فإن قاضي التحقيق يستشير النيابة العامة بمقتضى قرار بالاطلاع يبين فيه الدواعي والحيثيات التي تدعوها إلى إلغاء الوضع تحت المراقبة القضائية، وبعد  وضع النيابة العامة لملتمسها الكتابي في الموضوع فإن القاضي يصدر أمرا بإيداع المتهم السجن أو أمرا بإلقاء القبض عليه.
ويستحسن في نظرنا أن يلجأ قاضي التحقيق في البداية إلى إصدار أمر بإلقاء القبض في حق المتهم، فإذا أحضر أمامه بمقتضى هذا الأمر وأتى بدليل يدل عن حسن نيته لتبرير عدم تنفيذ التدبير الصادر في حقه (المراقبة القضائية) واقتنع به القاضي وأخضعه للاستنطاق أو المواجهة التي لم يحضرها تلقائيا اكتفى بالأمر بإلقاء القبض فقط كجزاء وأصدر في حقه أمرا جديدا بالمراقبة القضائية إذا تطلب الأمر حضوره أمامه مستقبلا، وإذا لم يقتنع قاضي التحقيق بالمبررات التي أتاها المتهم واتضح له أن خرق المراقبة القضائية كان متعمدا وأن حضوره مستقبلا أمامه ضروري فأنه يصدر في حقه أمرا بالإيداع السجن.
وهناك حالة ثالثة لإلغاء المراقبة القضائية و هي الناجمة عن اكتمال التمديد خمس مرات بالنسبة إلى الجنايات ومرتين للجنح والتحقيق مازال جاريا، ونرى أنه كان يجب التنصيص عليها في المادة 160 بالقول»وتلغى المراقبة القضائية إذا انتهى أقصى أمد التمديد والتحقيق مازال جاريا» وذلك أسوة لما نص عليه عند انتهاء آجال تمديد الاعتقال الاحتياطي (حالة المادتين 176 و 177) مادامت المراقبة القضائية و الاعتقال الاحتياطي تدبيرين استثنائيين كما نص على ذلك في المادة 159. اختصاص هيآت الحكم بالوضع تحت المراقبة القضائية: انه وتبعا لما سبقت الإشارة إليه فإن المتهم المعروضة قضيته بعد المتابعة (من طرف النيابة العامة أو من طرف قاضي التحقيق) على هيأة الحكم وتأسيسا على مقتضيات المادة 618 يبقى معتقلا احتياطيا وليس هناك أجل أقصى لنهاية هذا الاعتقال الاحتياطي و لا يمكن إطلاق سراح المتهم بقوة القانون كما هو حال المعتقل الاحتياطي أمام قاضي التحقيق الذي ينتهي أقصى أمد الاعتقال الاحتياطي في حقه، ويستمر المتهم حاملا لصفة معتقل احتياطي أمام هيأة الحكم إلى أن يصدر في حقه حكم مكتسيا لقوة الشيء المقضي به ليتحول بعد ذلك إلى مدان.
ولا يمكن للمعتقل الاحتياطي أمام هيأة الحكم أن يتحلل من هذه الوضعية إلا عن طريق السراح المؤقت. والتساؤل المطروح هو هل تملك محكمة الموضوع المحال عليها المتهم المعتقل احتياطيا سلطة وضعه تحث المراقبة القضائية؟
حقا إن محكمة الموضوع تملك سلطة إمكانية وضع المتهم تحت المراقبة عندما تمتعه بالسراح المؤقت والسند في ذلك هو الفقرة الأخيرة من الفصل 180 التي تنص على «علاوة علة ذلك يمكن للمحكمة أم تمنح السراح المؤقت مقابل واحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 161» و معلوم أن المادة 180 المشار إليها سابقا هي المنضمة للسراح المؤقت أمام هيآت المحكمة، ويظهر أن المشرع لما أباح لهيأة الحكم إمكانية وضع المتهم تحت المراقبة عندما تمتعه بالسراح المؤقت إنما استهدف من وراء ذلك ضمان حضوره لباقي جلسات المحاكمة

المطلب الثاني مفهوم ظاهرة الاكتظاظ الاكراهات والحلول

ويهدف هذا العمل المتواضع إلى تسليط بعض الأضواء على كيفية معالجة وتدبير ظاهرتي الاكتظاظ وارتفاع معدل الإجرام  من خلال معاينة الواقع ورصد بعض التصورات حسب خصوصيات كل سجن من السجون التابعة للمندوبية ، وفي هذا السياق تطرح عدة تساؤلات وللإجابة عليها تم التركيز على النقط التالية  :

تحديد مفهوم الاكتظاظ كظاهرة سوسيوـ إحصائية. [40]

أسباب الاكتظاظ

منهجيات معالجة الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية.

الإجراء ات المتخذة، الحلول ومستلزماتها.

الاقتراحات والتوصيات.

دراسة حالات واستثمار تقارير عمل المصالح الإحصائية.

التقويم

 

 

 

الفرع الاول تعريف الاكتظاظ

التعريف اللغوي :

الأصل في الكلمة هو فعل كظظ/ اكتظ.

كظظ: كظه الطعام والشراب، يكظه كظا إذا ملأه حتى لا يطيق على التنفس

كظه الشراب أي ملأه، وكظ الغيظ صدره أي ملأه، فهو كظيظ

واكتظ الموضع بالماء أي امتلأ

واكتظ المسيل بالماء أي ضاق من كثرته.

اكتظ الوادي بثجيج الماء أي امتلأ بالماء.

تكاظ القوم أي تضايقوا في المعركة عند الحرب أي تجاوزوا الحد.

الكظة : ما يعتري الإنسان عند الامتلاء من الطعام.

والكظيظ = الاكتظاظ = الزحام والتكدس

 

 التعريف الاصطلاحي :

يقصد بالاكتظاظ إصطلاحا  الازدحام، التكدس، تجاوز الطاقة الاستيعابية لبعض الأشياء، أو عدم استيعاب بعض الفضاء ات للمستفيدين منها  مثل : قاعة/ حجرة دراسية، سجن زنزانة

وبالتالي فإن مصطلح الاكتظاظ ينحصر في تجاوز الطاقة الاستيعابية لبعض الفضاء ات المستعملة بالتخصيص. [41]

التعريف في الأوساط السوسيو ـ إحصائية :

نقصد بالاكتظاظ في الأوساط السوسيو ـ إحصائية ظاهرة ارتفاع معدل الكم بالفضاء( جميع المستويات ) أو بمستوى معين أو بحيز أو مكان.

ويبدأ الحديث عن ظاهرة الاكتظاظ عندما يفوق عدد السجناء الخط الأحمر للاستيعاب المكانة والمرفقي، وفي بعض الحالات الاستثنائية عندما يتجاوز 100 سجين لكل 10/م مربع ومرحاض لكل 300 سجين. [42]

وقد أصبحت هذه الظاهرة  تعرف تطورا بدرجات متفاوتة بين الأبحاث السوسيوـ سجينة، يأتي في مقدمتها السجون المحلية  ،تليه السجون المركزية، ثم السجون الفلاحية ، إضافة إلى الاكتظاظ الذي تعرفه حاليا جل الأقسام الداخلية لمراكز الاعتقال في مديريات الأمن الوطني الناتجة عن الاعتقال الاحتياطي.

هكذا فان الاكتظاظ  وكما يقول علماء الإحصاء بأنه خلل يقع في منظومة لا متكاملة تنتج عنها أزمة بسبب عدم مسايرة القطب المنجذب للمجذوب إليه وهو خلل في معادلة الكم والكيف وهي نظرية واطسون في علم الاجتماع ومعناه غياب التوازن بين المساحة الخاصة والفسحة العامة .

وفي السجون المغربية سندلي بإحصاءات. [43]

http://www.cafes.ma/parquetgeneral/activites/3ti9al%207tiyati_fichiers/image002.gif

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تطور عدد السجناء مقارنة مع تطور السكان والنسبة التي يمتلها عدد السكان بالنسبة لعدد السجناء2013 

حوالي 40/م نسمة وادا اعتمدنا على نفس المقياس التعادلي سنجد أن النسبة ستزيد إلى 79.760 سجينا بمعدل 7٪ في ضرف 10 سنوات على مرور 2013 وتكون نسبة الإجرام قد ازدادت ونسبة الامتلاء ادا ما رجعنا إلى عدد السجون في المغرب ستعرف اكتظاظا مهولا.

 مما سينتج عنه الوفيات والأمراض وفي الأسفل مبيان يوضح عدد الوفيات في السجون المغربية حسب إحصائيات رسمية للمندوبية السامية للسجون وإعادة الإدماج

 

رسم بياني لتطور عدد الوفيات في السجون المغربية الى حدود سنة 2011 معطيات رسمية

 

 

http://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/timeline/52db927a4413a6b3343e3698ccebb175.png

 

كشفت معطيات المندوبية أن عدد الوفيات داخل السجون سنة 2011 سجل 112 حالة وفاة، و115 سنة 2010، بينما بلغ عدد المنتحرين في السجون 9 حالات سنة 2011، مقابل سبع حالات سنة 2010

 

إجمالي عدد المعتقلين في سجون المغرب هو 70.675 نزيل (العدد الرسمي ل 1 نوفمبر بينما كان 59.212 سنة 2008.

حالات المحكومين بالإعدام في السجون بلغت ما مجموعه 111 أي 0,19 في المائة من إجمالي السجناء.(سنة 2012) إلا أن عقوبة الإعدام لم تُنفذ في المملكة المغربية منذ 1994.

عدد المحكومين بالمؤبد بلغ حوالي 662 سجينا (سنة 2012)

المسجونون الذين تصل مدة عقوبتهم أكثر من 10 سنوات إلى 30 سنة ما مجموعه 5.176 سجين (سنة 2012)

 

السجناء الذين سيقضون أكثر من سنتين إلى عشر سنوات 16.776 سجين (سنة 2012)

 

الذين تتراوح عقوبتهم بين سنتين وأقل وهم الذين يمثلون النسبة الأكبر فقد سجلوا ما مجموعه 34.337 سجينا أي ما يعادل 60,17 في المائة من إجمالي سجناء المملكة. (سنة 2012)

حسب الأرقام الرسمية لمندوبية إدارة السجون فالتراب المغربي يضم 73 مؤسسة سجنية.

 

المجموع نسبيا

مصاريف اخرى

الدواء

اجور وتعوضات الموظفين

الطاقة

الأكل

التكلفة/المادة

50

5إلى10

5إلى14

10

2إلى3

30

المبلغ

 ب/ درهم

تكلفة كل سجين في كل يوم بالنسبة لخزينة الدولة 55 درهم الانتاج السلبي[70]

 

 

معطيات حول ازمة الاكتظاظ في السجون

أـ علاقة الإكتظاظ بتطور العجلة الاجرامية

لو نظرنا إلى الصورة الحقيقيّة للمؤسسة السجنيّة وللدور الذي تقوم به فإنّنا نلاحظ أن عجلة الإجرام والجريمة أصبحت تدور حول نفسها ويتكرّر المشهد الإجرامي عبر هذه المؤسسة، فالسجون تغذي الجريمة والجريمة تغذّي السجون

 

أصبحت الظواهر الإجرامية في السنوات الأخيرة تشكّل إحدى أخطر وأهم المواضيع التي تثير اهتمام الحكومات وأهل الاختصاص، بعد أن ارتفعت نسب الإجرام في مختلف أنحاء العالم، فقد أكدت إحصائيات الأمم المتحدة على أن زيادة حجم الجريمة كل عام بلغت نسبة 5% وهي تفوق بكثير نسبة زيادة عدد السكان(1) . كما تفاقمت ظاهرة العود للحياة الإجرامية والسجنية بشكل مخيف في أغلب المؤسسات السجنية، الشيء الذي جعل العديد من البلدان تفكّر بجديّة في إيجاد حلول بديلة للعقوبات السجنيّة، إذ " تصل في بعض الدول العربية إلى 24% وفي أمريكا 54.5%… وفي امارة دبي في الفترة من 1996 الى 1998 تراوحت ما بين 33.19% الى 61.9%… وفي دراسة أجراها الدكتور عبد الله عبد الغني على بعض الدول العربية تونس والأردن ومصر توضح أن متوسط العود بين نزلاء السجون في هذه الدول قد بلغ 24% من المودعين في سجونها عام 1993 وأوضحت دراسة اجريت في الكويت ان نسبة العائدين عام 1980 قد بلغت 22.5% وفي مصر بلغت عام 1969 حوالي 27.5%(2). وأشار تقرير وزراء الداخليّة العرب منذ سنة 1994 إلى أنّ نسبة العود في البلدان العربيّة وصل في بعض البلدان العربيّة إلى حوالي 70%… ومن جهة أخرى، أكدت تقارير الأمم المتحدة أن تجارة المخدرات تحولت إلى ظاهرة عالمية تمس أكثر من 170 بلدًا وإقليمًا من بينها تونس وتديرها شبكات عالمية، وتساهم هذه التجارة بأكثر من 8% من مجموع التجارة العالمية مع أن الكمية المضبوطة مقارنة بما يتم تهريبها تشكل نسبة ضئيلة جدا، مما يؤكد مدى خطورة هذه الظاهرة. أشارت تقارير ديوان الأسرة والعمران البشري والدراسة الأخيرة للمعهد الوطني للصحة التي شملت 500 شابا إلى أن نسبة استهلاك المخدرات لدى شباب تونس بلغت حدود 10% ، وأن نسبة المواظبين أو المدمنين تجاوزت الـ3% حسب دراسة إحصائية لفئة شبابية تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة. وأثبتت دراسة أخرى شملت 367 مدمنا أن 93% من المدمنين هم من فئة العزاب وأن 78% استخدموا المخدرات قبل سن العشرين وأن 63% تراوحت أعمارهم بين 15 و20 سنة .

 

هذه الأرقام المفزعة تجعلنا نتساءل عن الجهات المسؤولة عن تفاقم الظواهر الإجرامية، خاصة وأن الشخص المجرم شأنه شأن بقيّة أفراد المجتمع، كائن اجتماعي يعيش وسط مناخ اجتماعي، ويتفاعل سلبيّا وإيجابيّا مع مؤسسات المجتمع بمختلف أنواعها وأشكالها. وهذه المؤسسات يمكن أن تلعب دورا مزدوجا، فمن جهة أولى يمكن للمؤسسات الاجتماعيّة أن تساهم في نحت ملامح الشخصيّة "الانضباطيّة" والشخصيّة "السويّة" الرافضة لكل أشكال الممارسات الإجراميّة والانحرافيّة، ومتقيّدة بصفة طوعيّة أو إجباريّة بالمعايير والقيم الاجتماعيّة… ومن جهة أخرى، يمكن أن تلعب هذه المؤسسات الاجتماعيّة دورا معاكسا ومتعارض مع الضوابط الاجتماعيّة، لتكون أحد العوامل الداعمة للسلوك الإجرامي والانحرافي. ورغم تعدد المؤسسات الاجتماعيّة التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بظاهرة العود والظاهرة الإجراميّة بشكل عام، إلاّ أنّنا سنحاول الاقتصار على ست مؤسسات تناولتها بعض الدراسات المختصة ف هذا المجال وهي:

مؤسسة الأسرة و المؤسسة التعليميّة و المؤسسة الإعلاميّة و المؤسسة الأمنيّة و المؤسسة القضائيّة و المؤسسة السجنيّة.

لا يمكن دراسة ظاهرة التعوّد على الحياة الإجراميّة والتعوّد على الحياة السجنيّة دون التطرّق إلى المؤسسة السجنيّة، ودون الرجوع إلى مقولة الدور (الذي تقوم به هذه المؤسسة أو الدور الذي ينتظر أن تقوم به) …. والدور حسب معجم علم الاجتماع هو "مصطلح علائقي، لأن المرء يؤدّي دورا في مواجهة دور شخص آخر مرتبط بوضع مضاد. فالطبيب يلعب دوره كطبيب بالنسبة لدور المريض …" وبمعنى آخر حين نتحدّث عن دور المؤسسة السجنيّة فذلك يعني فهم هذه المؤسسة ضمن جملة من العلاقات الاجتماعيّة كعلاقتها بالشخص المجرم وعلاقتها بالمؤسسات الاجتماعيّة الأخرى وعلاقتها بانتظارات المجتمع.

 

وتجدر الإشارة إلى أن مقولة "دور المؤسسة السجنيّة" عرف العديد من التطوّرات والتغييرات مفرزة بذلك أنظمة سجنيّة مختلفة بحسب الدور المحدد لهذه المؤسسة والهدف السجني.

 

قبل ظهور المؤسسة السجنيّة كمؤسسة عقابيّة عرفت البشريّة أنواطا مختلفة من العقوبات لعلّ أبرزها العقاب المشهدي الذي يمارس فيه الحاكم قتل وتشويه الخارج عن القانون (قانون الحاكم ) أمام الناس ليكون عبرة للآخرين، والعقاب المشهدي(11) لا يهدف فقط قتل أو إنهاء حياة المخالف وإنما بشكله يعتبر وسيلة رادعة لمشاهدي هذا العقاب بهدف عدم تكرار الحدث نفسه، ويتضح ذلك لنا من خلال القصة التي ذكرها مشيل فوكو واصفا هذا النوع من العقاب المشهدي بما حدث لداميانDamiens في آذار من عام 1757 الذي تم سحبه وجره بالخيول ،وتقطيع أوصال جسده أمام الجمهور ،ثم حرقه على جريمة قتل أبيه.)

 

وفي مرحلة ثانية اعتبرت السجون كوسيلةً رادعةً، وعقاباً أليما لكل من يتمرد ويثور ويخرج على نظام وتقاليد القبيلة أو الحاكم، أو الدولة (السلطة ) منذ القدم ، فاعتبر المس بمصالح هذه السلطة والخروج عليها تهديدا لها ولأمنها ، ويعاقَبُ مرتكبوه بالقتل ،أو النفي، أو العزل داخل السجن. وشهدت أدوات العقاب تحولات مختلفة نتيجة التغيرات والتحولات التي حدثت في نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية … وهذا التحول في أشكال وسائل العقاب مع الانتقال إلى العصر الحديث وتحولها من وسائل مشهدية أمام الناس إلى مؤسسات مختصة يمارس فيها مجموعة من الأنظمة العقابية بشكل منظم وممنهج من خلف عيون الناس, وأصبح ما يحدث داخل هذه المؤسسات العقابية هو فقط من شان القائمين عليها دون أن يكون للناس أي اهتمام حول تفاصيل وأشكال التعذيب الممارسة على السجناء .وهذه المؤسسات هي السجون التي شكلت نظاما من الأساليب القهرية اليومية للسجناء من حيث تحديد وقت الصحوة والنوم ونوع الأكل وكميته وساعات عمل السخرة …..الخ)

 

وفي مرحلة ثالثة، أدت التحولات في النظم الاجتماعية للمجتمع الأوروبي الحديث إلى إدخال تحولات وتغيرات في أدوات العقاب التي تستخدم بحق الخارجين عن نظام الدولة وقوانينها. فقد أصبحت السجون تمارس سلطاتها الانضباطية للسجناء ضمن هيكلية مبرمجة، وفي هذا الاتجاه يرى فوكو أَنَّ المؤسسات العقابية تفرض نظما وإجراءات تلزم السجين القيام بها ، فالسجن له طريقته وهيكليته المتعلقة به وحده ، كما لو كان سلطه مضافة إلى الدولة أو المجتمع ، وهو صورة أو وجه مركزي صارم لكل أنظمة الانضباط.)

 

وكنتيجة لإشراف مؤسسات تشريعية وحقوقية على المؤسسة السجنيّة وقعت تحولات وأدخلت بعض التحسينات على شروط الحياة لنزلائها. ولكن رغم هذه الصفات القهرية للسجون في المجتمعات الحديثة ، إلا أنها تعتبر شكلا متطورا ومتقدما عن مثيلاتها التي بنيت في المستعمرات ، ذلك لأن الحدث ( السجن) لا يمكن أن يكون الحدث نفسه في حال تكراره بل يعاد إنتاجه بطرق مختلفة. [44])

ب ـ وضعية السجون في المغرب دراسة جون ستيوارت

ولو نظرنا إلى الصورة الحقيقيّة للمؤسسة السجنيّة وللدور الذي تقوم به فإنّنا نلاحظ أن عجلة الإجرام والجريمة أصبحت تدور حول نفسها ويتكرّر المشهد الإجرامي عبر هذه المؤسسة، فالسجون تغذي الجريمة والجريمة تغذّي السجون.

وعودة إلى وضعية الاكتظاظ في المؤسسات السجنية في المغرب وعلاقتها بالسياسة الجنائية وفي شق توظيف الاعتقال الاحتياطي كتدبير استثنائي سنحاول دراسة الظاهرة من خلال نظرية جون ستيوارت =طريقة المتلازم في الوقوع=

طرق جون ستيوارت مل في الكشف عن الروابط العِلية

حدد جون ستيوارت مل الطرق التالية للكشف عن الروابط العِلّية أو الروابط التي تحدث بين النتائج والأسباب

تفترض هذه الطريقة أن العلة والمعلول متلازمان دائما فإذا وجدت العلة وجد المعلول بين الكم والكيف في الأول في الأعداد الهائلة من السجناء وبين الكيف في التعامل معها داخل المؤسسات السجنية والمؤسسات المتداخلة القضاء مثلا مع كل هاته العوامل وهدا ما يسمى بالتلازم في التخلف.

اد أن تلازمية التخلف والإجرام في المجتمع ومن هنا يمكن فهم أساس هذه الطريقة في ما يلي: إذا كانت الظروف المؤدية إلى نتيجة ما تتشابه في عامل واحد فإن هذا العامل هو السبب أللذي أدى إلى هذه النتيجة.

أسبـــــــاب الاكتظـــــــاظ الفرع الثاني    

          إن أسباب الاكتظاظ متعددة ومختلفة يصعب التحكم فيها، منها ما هو داخلي، ومنها ما هو خارجي، وتعتبر هذه الأسباب عاملا رئيسيا في تجلي هذه الظاهرة التي أصبحت تشكل عائقا يحول دون تحقيق نتائج إيجابية لفلسفة المندوبية السامية للسجون وإعادة الإدماج والتي تتوخى المعاقبة على الفعل ألجرمي أولا تم تقويم السلوك لدى المجرم ليواكب المجتمع وفي النهاية العمل على إدماجه من خلال خلق مراكز للتكوين المهني داخل المؤسسات السجينة، ولمرد ودية في المستوى المطلوب، ويمكن إجمال تلك الأسباب على سبيل المثال لا الحصر في ما يلي :

التزايد العمراني والنمو الديموغرافي[45] المرتفع الذي تعرفه بعض الأحياء الجديدة بموازاة مع دور الصفيح

حركية الساكنة وإعادة إسكان سكان دور الصفيح

التأخير في إنجاز برامج البنا أت السجنية ومراكز التأهيل في الوقت المناسب.

التهميش والأمية والفراغ لدى الشباب.

تقليد الأعمى ومساهمة بعض وسائل الإعلام الغير الهادفة

البطالة

ضعف الوازع الديني وانعدام الأخلاق والتربية

انحلال بعض الأسر يقود بعد الشباب إلى الإجرام

التشريد واكتساب رفقاء السوء

ضعف الموارد البشرية واللوجوستيكية من خلال تكثيف الدوريات لدى المصالح الأمنية

– البرامج الإذاعية التي تلعب على وتر الجنس والكلام البذيء.

– إغراق السوق المغربية بملايين اللترات من الخمر، في إطار سياسة التطبيع مع بيع وشرب الخمور، وتقريبها من المواطنين من خلال المراكز التجارية التي اخترقت الأحياء الشعبية، والتراخيص التي تمنح لبعض الخمارات وسط الأحياء..

– انتشار ظاهرة السكر العلني من غير رادع أمني..

– توفر المخدرات بشتى أنواعها لكل الفئات العمرية، واستهداف البنات والمؤسسات التعليمية بعد شيوع ظاهرة التدخين..

– ضعف الوازع الديني أو انعدامه بسبب علمنة مجالات عديدة في حياة المغاربة..

– فشل المدارس في التربية على القيم والأخلاق وتحول بعضها إلى مشاتل لنشر الانحرافات السلوكية..

– انتشار نقط بيع الحبوب المهلوسة مع استغلال ظاهرة التهريب..

– انتشار البطالة في صفوف الشباب المنحرف..

الظلم الاجتماعي او الحكرة

محدودية الطاقة الاستيعابية لبعض المؤسسات السجنية .

محدودية التجهيزات الأساسية.

قلة الموارد البشرية وخاصة بالأطر المواكبة (100 منصب برسم سنة 2014).

قلة الاعتمادات المخولة لإنجاز جميع البرامج المقترحة والمعتمدة.

وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الاكتظاظ ظاهرة ملموسة على الصعيد الوطني حيث تصل نسبها على التوالي : السجون المحلية مابين 65 إلى 95% ، السجون المركزية 75% ، السجون الفلاحية 45% خلال السنة الحالية[46].

ونظرا للضغط المتزايد ، فإن المصالح المركزية والجهوية والمحلية للمندوبية تعمل حاليا على توفير الشروط اللازمة لتجاوز هذا العائق، حيث وضعت مخططا استراتيجيا  لهذه الغاية.

 

 

 

 

الفرع الثالث  معالجة الاكتظاظ  في المؤسسات السجنية بمقارب سوسيوـ بيداغوجية : [47] 

  غالبا ما تتحكم في الاكتظـاظ عوامل منهجية وبنيوية محلية يمكن تجاوز بعضها بإقرار تدابير  تنظيمية ووقائية في إطار العمل الرسمي وبتنسيق مع جميع الآليات ( الفاعلين الرسميين والشركاء المجال الحقوقي وجمعيات إعادة الإدماج) خاصة مجموعات عمل الدراسات الإحصائية في علاقتها مع مختبرات غير حكومية لإعطاء تصورات واضحة للجان التشريعية التي تسهر على دراسة المشاريع القانونية خاصة في علاقتها مع ترشيد السياسة الجنائية.، وذلك بالنظر إلى الإمكانيات التي يتيحها الاستغلال المعقلن للموارد البشرية والمادية المتوفرة محليا، ومن هذا المنطلق ينبغي الحرص على ما يلي :

عدم تجاوز معدل السجناء بالزنزانات وبمختلف المؤسسات السجنية سجينين في كل زنزانة بمساحة 4/م مربع مع ضرورة التهويية.

عدم تجاوز سجنين بالزنزانة في الحالات الاستثنائية.

مراعاة التوازن في التعامل داخل  المؤسسات السجنية.

عدم تجاوز الطاقة الاستيعابية الأصلية داخل  المؤسسات السجنية وفضاأت الإيواء .

-السجين إنسان قبل كل شيء ويجب التعامل معه من دالك المنطلق

إعطاء أهمية خاصة  لتشجيع السجناء المتعلمين وفق تصور تربوي  يهدف إلى تحسين اكتساب التعلمات والرفع من مستوى التحصيل لهذه الفئة من  السجناء.

تكثيف وتقوية التأطير للسجانين والأمرين في السجن قصد التعامل مع هاته الفئات وذلك ضمانا لاكتساب مهارات مهنية إضافية للتعامل مع هذا النوع.

إقرار تحفيز وتكوين خاص بالعامل المثالي ورصد جائزة في كل شهر.

الحلول المقترحة لتجاوز الاكتظاظ  :

في إطار التدبير المستمر للمشاكل المطروحة على مستوى المؤسسات السجنية ، تقوم الإدارة السجنية بالمجهودات اللازمة بتنسيق مع باقي الشركاء والفاعلين التربويين من أجل معالجة هذه الإكراهات وإيجاد الحلول الناجعة لها ضمانا للسير العادي بهذه المؤسسات ونذكر من بين الحلول المقترحة ما يلي :

تشغيل جميع المرافق والفضاأت المتوفرة بالمؤسسة السجنية .

حسن توظيف المتوفر من للسجانين والأمرين في السجن وتوزيعهم بشكل يضمن التخفيف من ظاهرتي الاكتظاظ  .

انخراط ومساهمة الشركاء في توفير البنيات المادية والموارد البشرية.

إعادة النظر في توزيع السجناء على الزنازين داخل المؤسسات السجنية.

ترشيد الرغبات وإعادة التوجيه لبعض السجناء بهدف إحلال التوازن بين الزنازين والمراكز.

وسندلي بمعطيات المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الإدماج وهي كالتالي: [48]

                                                                       

 

 

السجون المركزية

سجن القنيطرة، بمدينة القنيطرة الساحلية

65%

سجن مول البرڭي، بمدينة آسفي الساحلية

83%

سجن الوداية، بمدينة مراكش و سط المملكة

85%

 

 

 

 

 

 

نسبة الامتلاء

%

أسماء السجون

السجون المحلية

97%

لسجن المحلي انزكان

 

62.50%

السجن المحلي العيون (لكحل)

 

70.23%

السجن المحلي الراشدية (توشكا)

 

83.25%

السجن المحلي ورززات

 

85.26%

السجن المحلي تارودانت (أولاد الحلوف)

 

52%

السجن المحلي تزنيت

 

90%

السجن المحلي آيت ملول

 

75%

السجن المحلي تطوان

 

78.26%

السجن المحلي وجدة

 

83.20%

السجن المحلي القنيطرة (حبس العواد)

 

75.23%

السجن المحلي مكناس

 

95%

السجن المحلي التولال

 

70%

السجن المحلي سيدي سعيد

 

98%

السجن المحلي فاس

99%

السجن المحلي عكاشة الدار البيضاء

 

85%

السجن المحلي سلا 2

 

65%

السجن المحلي خنيفرة

 

50%

السجن المحلي كلميم

 

74%

السجن المحلي سلا 1 (الزاكي)

 

80%

السجن المحلي آسفي (مول البركي)

 

85%

السجن المحلي بن جرير

 

85%

السجن المحلي عين البرجة الدار البيضاء

74%

السجن المحلي خريبكة

 

73%

السجن المحلي بني ملال

 

75%

السجن المحلي عين قادوس

 

75%

السجن المحلي الصويرة

 

75%

السجن المحلي سوق أربعاء الغرب

 

75%

السجن المحلي الناضور

 

 

90%

السجن المحلي طنجة

 

90%

السجن المحلي العرائش

 

90%

السجن المحلي تازة

90%

السجن المحلي قرية بامحمد

90%

السجن المحلي بركان

90%

السجن المحلي أصيلا

 

89%

السجن المحلي الحسيمة

 

السجون المحلية

75%

السجن المحلي القصر الكبير

 

80%

السجن المحلي بوركايز

 

75%

السجن المحلي أزيلال

 

76%

السجن المحلي بن سليمان

76%

السجن المحلي برشيد

 

75%

السجن المحلي المحمدية

70%

السجن المحلي تاونات

73%

السجن المحلي بن احمد

 

74%

السجن المحلي الشاون

 

75%

السجن المحلي سيدي بنور

75%

السجن المحلي تطوان

 

75%

السجن المحلي بني ملال

 

75%

السجن المحلي بوعرفة

 

80%

السجن المحلي قلعة السراغنة

 

83%

السجن المحلي بالدار البيضاء

 

66%

السجن المحلي وزان

80%

السجن المحلي الجديدة

 

50%

السجن الفلاحي واد لو

 

السجون الفلاحية

55%

السجن الفلاحي اوطيطة 1 و 2

 

70%

السجن الفلاحي الفقيه بن صالح

 

70%

السجن الفلاحي زيو

 

65%

السجن الفلاحي مراكش

 

 

66%

السجن الفلاحي العادير

 

77%

السجن الفلاحي عين جوهرة

 

85%

السجن الفلاحي علي مومن

 

 

 

 

الفقرة الاولى دراسة الحالة

كما ذكرنا سابقا فإننا سنحاول دراسة حالة السجون وفق المعطيات التي استقيناها من المندوبية وجود 73 سجنا وما يزيد عن 100.000 ألف نزيل بنسبة 92٪ و 26٪ من هؤلا معتقلون في إطار الاعتقال الاحتياطي كتدبير وقائي وهدا ما جعل السيد بن هاشم المكلف بإدارة السجون سابقا والدي حمل القضاة أزمة الاكتظاظ في السجون مما يجعل الخدمات المقدمة اقل بل وتتراجع المر دودية بتزايد الاكتظاظ كقاعدة عامة. [49]

في الوقت الذي أسفرت فيه ميزانية سنة 2014 عن 200 منصب في المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج.

وقد قال المندوب السابق في نفس السياق  حفيظ بنهاشم،  إن مشروع الميزانية الفرعية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج برسم السنة المالية 2013 سيقدم ويناقش اليوم أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. وكشف بنهاشم، أن إدارة المندوبية طالبت بزيادة الاعتماد المخصصة حتى تتمكن من تحسين وضعية السجون ووضعية السجناء وظروف إقامتهم، وكذا بناء سجون جديدة لتخفيف ظاهرة الاكتظاظ.

هذا وتخصص المندوبية مبلغ درهم وثلاثين سنتيم، أي أقل من درهمين في اليوم كثمن لمعالجة كل سجين داخل سجون المملكة، ولشراء الأدوية للمساجين في حالة إصابتهم بالمرض. ويقول بنها شم بهذا الخصوص:» السجناء يتلقون علاجا طبيا أفضل بكثير من باقي المواطنين خارج السجن، فالسجين يحظى بالعناية ولا يجب الحكم على المبلغ المخصص للفرد الواحد، لأن السجن يضم حوالي 90.000 سجين وليسوا كلهم مرضى والمبلغ المخصص لكل هؤلاء «غير المرضى» يتم تخصيصه بالكامل للمرضى منهم، وبالتالي يمكن القول إن السجين يتلقى علاجا جيدا في حالة المرض وتوفر له الأدوية التي يحتاجها». وأضاف بنهاشم أنه رغم ذلك فملف الميزانية الجديدة يطالب بزيادة الاعتمادات المخصصة للسجناء وسيتم تفعيلها إذا وافقت الحكومة عليه.

ومن جهة أخرى، أضاف تقرير خاص قدمه المندوب السامي، بمناسبة مناقشة ميزانية المندوبية أمام مجلس النواب، أن ميزانية التغذية اليومية لكل سجين من فطور وغداء ووجبة العشاء تطورت جدا وأصبحت سنة 2012 تبلغ 15 درهما لكل سجين في اليوم. وأشار التقرير ذاته إلى أن ما يناهز 11300 من السجناء استفادوا من برنامج محو الأمية والتكوين الذي تديره المندوبية بشراكات مع أطراف أخرى داخل سجون المملكة.

وأضاف التقرير في ما يتعلق بمستوى المساحة الإجمالية داخل السجون أن المندوبية حسنت من الطاقة الاستيعابية الحالية لمجموع السجون، حيث تبلغ حاليا حوالي 2.30 متر مربع لكل نزيل داخل السجن.

وكان المندوب العام لإدارة السجون  قد أوضح أن  المندوبية سطرت برنامجا خماسيا بهدف تحسين وضعية المؤسسات السجنية، وأنسنة ظروف اعتقال السجناء،  وقال إن الإدارة حددت كلفة تقدر بـ 2500 مليون درهم كميزانية لتنفيذ هذه الإصلاحات، مشيرا إلى أن طلبا بذلك رُفع للحكومة وينتظر أن يوافق عليه.

إلى ذلك، كشفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في تقرير سابق  لها أن الأولويات المحددة في إطار برنامج الإصلاحات ترتكز على تحسين ظروف إيواء المعتقلين الذي يعد الهدف الأول لهذا البرنامج الخماسي، وذلك من خلال بناء مؤسسات سجنية حديثة، وتغطية الخريطة القضائية للمملكة، مشيرا إلى أن برنامج عمل المندوبية يتضمن بناء ست مؤسسات سجنية يصل مجموع طاقتها الإيوائية إلى 8050 نزيلا، وتوسيع مؤسستين سجينتين تتوفران على فضاأت تسمح بذلك لتصل طاقتها الإيوائية إلى 900 نزيل، على أن يتم تنفيذ باقي البرامج خلال الفترة ما بين 2013 و2016.50

إن المعطيات التي أمامنا ألان رسمية كانت أم لا. نستشف منها أن المعلول يتغير مع العلة زيادة أو نقصا فكلما زادت العلة زاد المعلول وكلما نقصت العلة نقص المعلول. فإذا لاحظ الباحث أن الزيادة في عدد السجناء يؤدي إلى زيادة في ظاهرة الاكتظاظ يؤدي إلى نقص في تحصيل الطالب فإن الباحث يكون قادرا مرد ودية الخدمات السجنية بل إلى هضم حقوق الإنسان على إثبات العلاقة بين عدد السجناء وبين الظاهرة الإجرامية كعلاقة علة بمعلول.

لا تكون النتائج عادة وخاصة في العلوم الإنسانية مرتبطة بعامل واحد معين يمكن عزله بل غالبا ما تكون هذه النتائج مرتبطة بشبكة متفاعلة من العوامل إن نجاح الدراسة  التحليلية لا يعتمد على المعطى أو التوقع  أوالمستوئ الاجتماعي والاقتصادي أو على طريقته في التسيير، ولا يمكن إيجاد اثر كل عامل من هذه العوامل بدقة لان هناك شبكة من التفاعلات بين هذه العوامل ألا وهي إصلاح السياسة الجنائية للملكة أن نسبة 55 درهم كتكلفة لكل سجين لهي نسبة مهمة من مجموع 100.000 فسنجد أن تكاليف كل هؤلاء أي ما يعادل 5.500.00 درهم تكلف خزينة الدولة بدون أن تستثمر هاته الأموال في مجالات تدر أرباح إلى الدولة

إن السجن في المغرب لا ينتج إلا المجرمين وان سياسة التهذيب وإعادة التربية والإدماج داخل المجتمع لنحن بعيدين عنها كل البعد فيجب إعادة النضر في هدا الاتجاه في الوقت الذي كانت فيه بعض الدول كالجمهورية العربية المصرية تحكم بالأشغال في الاوراش الكبرى بغض النضر عن كونها شاقة أم لا هدا ادا نضرنا إلى الجانب الإنتاجي في السجين.

وادا كان هدا المعيار غائبا في بعض دول القرن الإفريقي مثلا فإنها بدأت تعي في هدا المجال وقد أمر الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي[51]، بإطلاق سراح ألفي سجين أغلبهم من النساء والشباب، من أجل تخفيف حدة الاكتظاظ في السجون، التي شهدت العام الماضي وفاة ما يزيد على 100 شخص جراء الجوع والمرض.

 إن «قرار العفو لم يشمل السجناء الذين يقضون فترة عقوبة في جرائم القتل والخيانة والاغتصاب أو أي جريمة جنسية أخرى».

وأضاف «ندعو المواطنين إلى قبول المفرج عنهم ومنحهم فرصة ثانية، لا نريدهم أن يصبحوا ملاحقين اجتماعيا»، حسبما ذكرت صحيفة «هيرالد» الحكومية.

من هنا فالسجين أصبح عبئا كبيرا على بعض الدول في حين آن دول أخرى تستفيد من الطاقة البشرية السجنية ومنا الصين وتايوان.

وهده هي المعطيات التي نتوفر عليها حول السجون ونسب الامتلاء والتي من خلالها سيتبين لنا واقع الأزمة وتجلياتها انطلاقا من الأرقام والإحصائيات وهدا ما نجده في اللغة القانونية والإحصائية لدراسة ظاهرة الاكتظاظ ونعتمد في هاته الدراسة على طرق جون ستيوارت مل في الكشف عن الروابط العِلية.

 

الفرع الرابع الانضمة السجنية وفكرة اصلاح السجون.

-أ- تطوّر الأنظمة العقابيّة:

     رغم الوجود المتواصل والمتلازم بين المجتمعات البشريّة والجريمة إلاّ أنّ العقوبات والجزاأت الجنائيّة اختلفت من عصر إلى آخر. حيث كانت الجزاأت الجنائيّة تنحصر في العقوبات البدنيّة كالضرب المبرح والبتر والإعدام والتشويه… وكان جسد المتّهم هو المستهدف الأساسي من هذه العقوبات، أمّا السجون فكان عبارة عن مكان يحجز فيه المتّهم الذي ينتظر المحاكمة (إثبات الإدانة أو البراءة). وبالتالي لم تمثل السجون موضوع بحث أو اهتمام لدى المشرّعين والمنظرين.

    ومع أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر ميلادي بدأت بعض الدول تجعل من السجن عقوبة في حد ذاتها وأصبحت حريّة المتّهم هي المستهدفة من هذا العقاب إضافة طبعا للجسد مع المحافظة على طابع الانتقام والتشفّي من السجين. واقترنت في تلك الفترة العقوبة السالبة للحريّة بوجود الألم والتعذيب. وظهرت العديد من النظريات التي تربط الإجرام باللذة وتقول بضرورة تحقيق العدل من خلال مقابلة السلوك الانحرافي بعقوبة الألم…

   ومع بروز العقوبة السالبة للحريّة بدأ علم العقاب يتبلور شيئا فشيئا. ثم تطوّرت أغراض العقوبات السالبة للحريّة حيث استبدل التنكيل والتشفّي والتعذيب بفكرة الأغراض الإصلاحيّة والتأهيليّة. وبالتالي لم يعد الفعل الإجرامي هو موضع التفكير بل الشخص المجرم نفسه. وهناك 4 عوامل ساهمت بشكل مباشر في تطوير هذه الرؤية:

  * أوّلا، نظرة الكنيسة الكاثوليكيّة للظاهرة الإجراميّة: المجرم من منظور كنيسي (كاثوليكي) هو شخص عادي كغيره من أفراد المجتمع ولكنّه شخص مذنب من خلال ارتكابه للسلوك الإجرامي المنافي للتعاليم الدينيّة لأجل ذلك تجب عليه التوبة. وهذه التوبة تتطلب عزله عن المجتمع حتّى يتسنّى له مناجاة ربّه وحتّى تتقبل توبته. لذلك على المجتمع وعلى الدولة توفير المناخ المناسب لتوبته ومساعدته. ومن هنا نشأت فكرة السجن الانفرادي، أو النظام السجني الانفرادي.

   * ثانيا، انتشار الأفكار الديمقراطيّة وبروز العديد من المفكّرين والمنظرين في هذا المجال وخاصة تلك الأفكار الداعيّة للمساواة والمواطنة…

   * ثالثا، التقدّم الذي عرفته العلوم الإنسانيّة والاجتماعية مثل علم الإجرام علم العقاب دراسة عوامل الإجرام…

   * رابعا، بروز المنظمات الإنسانيّة المهتمّة بالشؤون السجنيّة والتي لعبت دورا أساسيّا في فتح الملف السجني وكشف العديد من الممارسات السجنيّة المتنافيّة مع مبادئ حقوق الإنسان والتي اتخذت طابعا إلزاميّا تجاه الدول خاصة تلك التي وقعت وصادقت عليها.

   إذن فكرة إصلاح السجون كادت تكون  معاصرة لولادة السجن كمؤسسة عقابيّة لا كمكان يوضع فيه المتّهمين. ومن بين الأفكار الإصلاحيّة للمؤسسة السجنيّة يمكن أن نذكر:

ما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن انتقاد السجن و طرق معاملة السجناء و نجاعته في الحد من ظاهرة الانحراف و… ظهرت في فترة مبكرة جدا، والعديد من التعابير التي تكرر اليوم و بذات الصيغة تقريبا لاحظناها في فترة  1810و 1845 مثل :"السجون لم تخفض معدل الجرائم"، "الاعتقال يستثير التكرار" ، "السجن هو المكان المناسب لصنع الجانحين" ، "المعتقلون هم أقل جوعا و أقل بردا و حرمانا من العديد من المناطق الشعبية. "

 

ب- الأنظمة السجنيّة:

    عرفت المؤسسات العقابيّة العديد من الأنظمة السجنيّة المتعاقبة والمعبّرة عن التطوّرات التي نادى بها بعض المفكّرين والمهتمّين بالشؤون العقابيّة بصفة عامة بحيث أصبحت علاقة النزلاء بالعالم الخارجي وعلاقتهم مع بعضهم البعض الأساس المحدّد لنوع وشكل التنظيم السجني. وعموما نلاحظ وجود على الأقل 6 أنظمة سجنيّة منها ما اندثر ومنها وقع تعديله ومنها ما يطبّق اليوم وهذه الأنظمة هيّ:

* النظام الجمعي:

   يعتبر النظام الجمعي من أقدم الأنظمة السجنيّة التي عرفتها البشريّة، ويتميّز بالاختلاط بين المساجين ليلا ونهارا ويسمح لهم بهذا الاختلاط في جميع أعمالهم اليوميّة كالأكل والنوم والتحادث… ومن أهم مزاياه على السلطة هو عدم تكلفته وعلى المساجين يحفظ لهم توازنهم النفسي والمادي باعتبارهم أقرب الأنظمة إلى طبيعة الإنسان وأشبهها بالحياة الاجتماعيّة خارج أسوار السجن. كما تقترب كثيرا من المبادئ الواردة في "القواعد النموذجيّة الدنيا لمعاملة السجناء". ولكن في المقابل جعل هذا النظام السجني من المؤسسة السجنيّة مدرسة لصناعة الجريمة وتكوين المجرمين والمحترفين، وتمكّن السجناء فيه من خلق أشكال تنظيميّة أخرى معاديّة للنظام الإداري وللقائمين على شؤون السجن.

* النظام الفردي أو النظام البنسلفاني أو الفيلاديلفي: [52]

    يرجع تاريخ هذا النوع من النظام السجني إلى نظام السجون الكنيسيّة التي ترى في السجن المكان المناسب لتحقيق التوبة وبالتالي الإصلاح، بحيث في السجن البنسلفاني يعتبر العامل الوحيد في الإصلاح هو الضمير. لذلك يتميّز هذا النظام بالعزل التام بين المسجونين ليلا ونهارا وتكون عدد الزنزانات متجانسا مع عدد المسجونين.

  ففي القرن السادس عشر انتقلت فكرة "السجن الانفرادي" من السجون الكنسيّة إلى السجون المدنيّة فمثلا في هولندا طبّق هذا النظام في أمستردام في نهاية القرن السابع عشر وفي إيطاليا في سجن سان ميشيل في روما ثم بني سجن في ميلانو سنة 1759 على نفس الشكل التنظيمي.

   أمّا عن تسميته بالنظام الفيلاديلفي أو البنسلفاني فيرجع ذلك إلى سجن كان موجود في فيلادلفيا التابع إلى ولاية بنسلفانيا بالولايات المتّحدة الأمريكيّة والذي أنشأ سنة 1790 والذي كان يتّبع النظام الجمعي عند انشاءه ولكن بعد فشله في السيطرة على المساجين وفرض النظام السجني عليه وقع اعتماد نظام العزلة. وفي سنة 1826 انشأ سجن آخر على نفس النمط في بنسلفانيا الشرقي ثم تلاه انشاء السجن الغربي في بنسلفانيا أيضا سنة 1829 بمدينة فلادلفيا ومثّل هذا السجن أحسن نموذجا لنظام السجن الفردي رغم ضخامته وعدد النزلاء به.

   * نظام أوبون  إوبورن" ]:

   يرتكز هذا النظام على فرض الزنزانات الفردية خلال الليل و العمل و الطعام الجماعي خلال النهار،  ومن مزايا النظام الأوبيروني حسب وجهة نظر أنصاره، أنه تكرار للمجتمع بالذات، حيث تتكاثف  وسائل المراقبة و المتابعة التي تفترض المحافظة على الخشوع بواسطة قاعدة الصمت، و هكذا يصبح المساجين ينظرون الى القانون بكل وسائله المسخرة للمراقبة و كأنه حكمة مقدسة تؤدي مخالفتها إلى إنتقام عادل شرعي.

و تتجسد المراقبة في هذا النظام في النقاط التالية :

ء المراقبة و المتابعة الفردية خلال الليل عن طريق الأعوان و الإداريين و عيونهم المنتشرة.

ء المراقبة خلال النهار و التي تتخذ الشكل الجماعي، و تمتد من الباحة الى المشغل الى المطعم..

– المراقبة الداخلية عن طريق قاعدة الصمت، الذي يقوي لدئ كل فرد هاجس المراقبة والمحاسبة …

كما أن النظامين الأمريكيين السابق ذكرهما:   "نظام اوبورنإوبورن  "  و" نظام فيلادلفيا "، يركزان فعلا على عزل المسجونين ماديا و معنويا، ليلا و نهارا، حيث تكون العزلة هي الشرط الأول للطاعة الكاملة . و أثارت قضية العزلة العديد من النزاعات و الاختلافات بين المختصين و من منطلقات متباينة، فمن الناحية الطبية و النفسية أفرزت النزاعات بروز الأشكال التالية : هل العزلة الكاملة تؤدي إلى الإصلاح أم إلى الجنون؟، ومن الناحية الدينية والأخلاقية طرح التساؤل التالي: هل العزلة والقطيعة تولد الإصلاح والاهتداء إلى طريق الصواب أم الانتكاس والنقمة على المجتمع وقواعده القانونية؟ أما من الناحية الاقتصادية فقد أثيرت إشكالية التكلفة "أين هي الكلفة الأقل؟ في عزل المساجين أم في تجميعهم؟"

* النظام التدريجي:

   إذا كان سلب الحريّة في النظامين السابقين هدف في حدّ ذاته فإنّ الأمر يختلف في النظام التدريجي الذي يجعل من سلب الحريّة وسيلة من أجل التدرج بالسجين نحو الإصلاح والحياة الطبيعيّة. حيث يقع تقسيم مدّة العقوبة إلى مراحل وفق برنامج إصلاحي ويبدأ السجين بالسجن الانفرادي أين تقع دراسته ودراسة قابليّة تأقلمه مع النظام السجني ودرجة انضباطه ثم على ضوء نتائج الدراسة التي تتواصل طيلة فترة السجن يقع تحديد المرحلة المواليّة والتي تسير في اتجاه الحريّة الكاملة.

   ويعتبر سجن نورفولك بجزيرة نورفورك بالقرب من استراليا هو أوّل مؤسسة سجنيّة تطبّق هذا النظام وأوّل من طبقه هو "ألكسندر ماكونوشي" وذلك سنة 1840 . ولكنّ "الميجور والثر كروفتون"تمكّن بعد ذلك من تطبيقه بنجاح في أيرلندا الشيء الذي جعل تسميّة النظام بالنظام

    الإيرلندي ثم انتشر تطبيقه في العديد من الدول ومهّد لبروز أنظمة سجنيّة أكثر تقدّما.

* النظام القائم على الثقة:

هو عبارة عن امتداد للنظام السابق أي النظام التدريجي الذي يقوم أساسا على نتائج دراسة السجناء ودرجة انضباطهم. وهذا النوع من النظام لا يطبّق على كل المساجين وكل الفئات بل يقتصر على الفئة التي تكون محل ثقة ولا يخشى من هروبها من السجن. ونلاحظ وجود ثلاثة أنواع من الأنظمة القائمة على الثقة:

أوّلا، نظام العمل خارج السجن: أوّل بلد طبّقت هذا النظام هي فرنسا وذلك سنة 1824 وتحديدا في السجن المركزي لفونتيل حيث سمح لفئة من المساجين بالعمل في الهواء الطلق. ثم طبّق في سجون أخرى ولكن نظرا لتكلفته (يتطلب عدد كبير من موظفي الإدارة السجنيّة التي تقوم بمراقبتهم) وعدم نجاعته في اصلاح المساجين صدر سنة 1864 في فرنسا قرارا بإلغاءه.

ثانيا، نظام شبه الحريّة: طبّق أيضا في فرنسا أثناء الحرب العالميّة الثانيّة ثم وقع إقراره في قانون الإجراأت الجنائيّة الفرنسي الصادر عام 1958 ثم انتشر في العديد من الدول. ويتميّز هذا النظام عن سابقه بالتقليل من الحراسة وبالتالي من موظفي السجن، بحيث يمارس السجين نشاطه المهني أو التعليمي خارج السجن بكل حريّة ثم يعود في آخر النهار إلى السجن.

ثالثا، النظام المفتوح: هو نظام يتمتّع فيه السجناء بأكثر حريّة ولا يقيمون في سجون مغلقة ولا تحاط بهم الأسوار وإنّما يوضعون في معسكرات أو مزارع كبرى يمارسون عملهم بكل حريّة وكأنّهم يعيشون في الحياة الطبيعيّة.

وأوّل من طبّق هذا النظام هو "كلرهالس" في عام 1891 حين أنشأ مستعمرة زراعيّة في فيتزفل بسويسرا يديرها مجموعة من المحكوم عليهم. ثم انتقلت الفكرة إلى العديد من الدول الغربيّة كإيطاليا وانجلترا والولايات المتّحدة الأمريكيّة…

وقد أفرزت هذه الإختلافات والنزاعات، العديد من النتائج والتساؤل حول مدى نجاعة هذه المؤسسة السجنية، خاصة وأنها من أقدم المؤسسات الإجتماعية التي عرفتها الإنسانية، إذ تاريخها تزامن مع وجود المجتمع ذاته. فمثلا، عزل المساجين عن بقية أفراد المجتمع نتج عنه ظهور نظرية الوصم أو ردود الفعل الإجتماعية لـ Fرانك طاننينباوم(1938) ثم بعد ذلك ىدوين M.Lيميرت …  كما أن عملية عزل المنحرفين وتجميعهم في مؤسسة انظباطية جعل "ميشال فوكو" يقول بأن السجن ظل أدات إنتاج للجريمة والإنحراف كمؤسسة عملية، فالمنحرف العابر يتخرج من السجن خبيرا بارتكاب الجرائم الموصوفة قانونيا،

* السجون الخاصة

   بعد مرور المؤسسة السجنيّة بمختلف الأشكال التنظيميّة التي سبق وأن تحدّثنا عنها، جاءت فكرة الخوصصة لتحلّ محل الدولة في إدارة وتسيير هذه المؤسسة وبدأ أصحاب رؤوس الأموال يفكّرون في استثمار أموالهم في سوق السجون وذلك لما فيها من مكاسب وأرباح، بل أصبحت هناك شركات مختصة في هذا المجال. وعبر السجون الخاصة وقعت نقلة نوعيّة في موقع السجين أو الموقف تجاهه، فبعد أن كان السجين شخصا منبوذا تتحمّل الدولة والمجتمع أعباءه بداية من نتائج أعماله الإجراميّة المكلّفة وصول إلى تكلفة تنفيذ العقوبة عليه أصبح في نظام السجون الخاصة شخصا مرغوبا فيه ومصدر ربح لأصحاب رؤوس الأموال الذين عرفوا كيف يجنون ثمار الفساد والانحراف الإجتماعي…

ومن بين أشهر الشركات المتنافسة في سوق السجون في فرنسا نذكر شركة "ايفاج" والتي كانت تحمل اسم فوجيرول" وشركة "بويغ". بل هناك شركات عالميّة وشركات متعدّدة الجنسيات تعنى باستثمار أموالها في السجون الخاصة مثل شركة "واكنهوت" (الشركة العالميّة الأولى لإدارة السجون الخاصة) والتي لها حضور كبير في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.

كيف نشأت فكرة السجون الخاصة؟؟؟

   نشأت فكرة إحداث سجون خاصة على إثر التطّور الذي عرفته المؤسسة السجنيّة وفشل الأنظمة السجنيّة التي لم تفلح في الدور الموكول إليها أو بلغة أخرى بعد فشل الدولة في الإضطلاع بالمهام المناطة على عهدتها -وهذا طبعا محل نفاش- وأيضا نشأت فكرة السجون الخاصة بعد أن أصبح عمل السجين جزء من العمليّة الإصلاحيّة والتأهيليّة.

العمل السجني :

    في المرحلة الأولى، كان العمل في حدّ ذاته عقوبة كاملة.ففي القرن السادس عشر كان العمل داخل السجون عبارة عن عقوبة خاصة للمتشرّدين والكسالى والمتسوّلين الذين يوضعون في السجون ويجبرون على العمل وكانت تسمّى سجون عمل Prisons de travail

   وفي المرحلة الثانيّة، أصبح السجن عقوبة رئيسيّة والعمل العقابي عقوبة تكميليّة تضاف لعقوبة سلب الحريّة. لذلك اتصفت نوعيّة الأعمال العقابيّة بالقسوة والشدّدة التي تتناسب ونوع الجرم الذي ارتكبه السجين مثل الأشغال الشاقة…

   وفي المرحلة الثالثة، اعتبر العمل جزء جوهري وأساسي في إصلاح السجين بل إحدى الحقوق الأساسيّة للمساجين والتي نادت بها المؤتمرات الدوليّة لحقوق الإنسان فمؤتمر بروكسال 1947 قال بضرورة العمل داخل السجون. وفي مؤتمر لا هاي 1950 ومؤتمر جنيف 1955 أكّا نفس الشيء بل اعتبروا العمل وسيلة للتأهيل والتهذيب والإصلاح.

الشكل التنظيمي لعمل السجين ومسألة قيمة عمل السجين:

   رغم أهميّة العمل السجني ودوره في إصلاح المساجين وتأهيلهم، ورغم اتفاقه مع المبادئ الحقوقيّة العالميّة إلاّ أن مع بداية تطبيقها طرحت العديد من الإشكاليات القانونيّة والتنظيميّة خاصة عندما طرحت مسألة جني ثمار عمل السجين ومسألة المقابل الذي يتحصّل عليه هذا الأخير نتيجة لعمله. فمن جهة لا يمكن حرمان السجين من المقابل المادي بعد عمل ثمان ساعات أو أكثر، ومن جهة ثانيّة، برز على الساحة السجنيّة الهدف الاقتصادي للعمل خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار انخفاض تكلفة انتاج العمل السجني نتيجة انخفاض الأجور. ولعلّ هذا ما شجع على ظهور السجون الخاصة التي يديرها أصحاب رؤوس الأموال ضمن مشاريعهم الاقتصاديّة الربحيّة. كما لاحظت بعض الدول مع بداية تطبيق العمل السجني خطورة على العمل خارج السجن ومنافستها لها فمثلا فرنسا أثناء الأزمة الاقتصاديّة لسنة 1948 قرّرت إلغاء العمل داخل السجون وذلك في 14 مارس 1948 ولكن تراجعت عنه بعد حوالي سنة واحدة.

   وعموما هناك ثلاثة أصناف من التنظيم القانوني للعمل السجني لهما علاقة مباشرة ببروز فكرة السجون الخاصة وهي:

أوّلا، نظام المقاولة: ظهر نظام المقاولة بشكل واسع في بداية القرن الـ19 ولكنّه اختفى واتخذ صور أخرى. وكما تدل تسميته هو عبارة عن اتفاق أو عقد عمل أو إجارة بين إدارة السجن وأحد المقاولين من القطاع الخاص حيث تتعهد إدارة السجن بتوفير اليد العاملة (المساجين) مقابل تشغيلهم وجني ثمار عملهم وتوفير كل مستلزمات عملهم وحياتهم المعيشيّة اليوميّة كالأكل واللباس والإقامة. بحيث يختفي دور الإدارة السجنيّة بصفة كليّة. وبالتالي لا يمكن الحديث لا عن إصلاح ولا عن تأهيل… لأنّ ما يهم المشرف عليهم (المقاول) هو الربح.

ثانيا، نظام الاستغلال المباشر: على النقيض من النظام السابق تحتل الإدارة العقابيّة في نظام الاستغلال المباشر مكانة متميّزة في الإشراف على المساجين فهي التي تقرّر نوع العمل وتوفر المواد الأوّليّة وتشرف عليهم فنيّا وإداريّا، كما تتولّى التوزيع والتسويق. في المقابل عليها توفير كل مستلزمات السجين. وهنا أصبحت الإدارة السجنيّة تتحدث عن اكتفاء ذاتي وعن الربح الناتج من عمل السجين.

ثالثا، نظام التوريد: نظام التوريد هو عبارة عن نظام وسط بين النظامين السابقين إذ لا تتولّى الإدارة كليّا عمليّة تشغيل ورعاية المساجين كما هو الحال في نظام الاستغلال المباشر كما لا تتخلّى كليّا عن مسؤوليتها كما هو الحال في نظام المقاولة. بحيث تتعاقد إدارة السجن مع أحد رجال الأعمال الذي يلتزم بتوفير الآلات وكل مستلزمات العمل وله حق الحصول على ثمرة عمل المساجين مقابل أن يدفع مبلغا من المال لإدارة السجن مع تنازله على الإشراف على المساجين لصالح الإدارة. فصاحب رأس المال لا سلطة له سوى على استغلال "عملهم".

   وفي الفترة الأخيرة 30 جويليّة 2004 أعلن السيد وزير العدل الفرنسي "دومينيك بيربان" عن مناقصة فتحت شهيّة الشركات الخاصة تتضمن مشروع بناء 30 سجنا خاصا يستقطب 13200 مكان من يوم بداية المشروع إلى نهاية العام 2007 وبموازنة تبلغ 4,1 مليار يورو.

   وما يعطي لهذا السوق الجديد في الميدان الاقتصادي أهميّة ومنافسة بين الشركات هو ارتفاع نسب الإجرام وارتفاع عدد المساجين (في الولايات المتّحدة الأمريكيّة مثلا يوجد واحد على كل 143 شخص وراء قضبان السجن) وخاصة انتشار ظاهرة العود أي فئات المساجين الذين تعوّدوا على الحياة السجنيّة وتمكّنوا من قلب مفهوم السجن بحيث صار المجتمع السجني يجسّد فضاء الحريّة بالنسبة لهم بينما المجتمع الخارجي أصبح عبارة عن سجن تكبت فيه حرياته  وتقمع فيه رغباتهم. هاته الفئة تمثل أهم رأسمال الشركات الاستثماريّة.

     فبين 9 و10 أكتوبر 2004 نظم مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان HRITC بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتّحدة عبر مشروع دعم القدرات الوطنيّة في مجال حقوق الإنسان باليمن ووزارة حقوق الإنسان ومفوّضيّة الأمم المتّحدة الساميّة لحقوق الإنسان ندوة وطنيّة متعلّقة بحقوق الإنسان والتي انتهى عملها بصياغة توصيات ختاميّة أهم ما تضمّنته هو "إلغاء كافة السجون الخاصة وإطلاق كافة المحتجزين بها … بدون أمر قضائي".

المطلب الرابع تدابير ومواقف المؤسسات حول الاعتقال الاحتياطي كتدبير يؤزم الوضعية

الفرع الاول توصيات وزارة العدل في ترشيد الاعتقال الاحتياطي

رصدت وزارة العدل والحريات في الوثيقة التي أصدرتها أخيرا، بشأن الاعتقال الاحتياطي أسباب ارتفاع نسبة الاعتقال في ثلاثة أنواع منها ماهو قانوني مسطري وماهو موضوعي وآخر اجتماعي.
 
الأسباب القانونية المسطرية:
1 –
المشرع رغم حصره لمداخل الاعتقال الاحتياطي إلا أنه استعمل مصطلحات فضفاضة بحيث يتسع مفهومها لدرجة لا تجد معها النيابة العامة وقضاء التحقيق أي عناء في تبرير لجوئهما إليه وفق ما تقتضيه العبارات التي تمت بها صياغة النص مما يؤدي إلى تضخيم نسبة الاعتقال الاحتياطي.
2 –
التحقيق في الجنح يؤدي إلى إطالة مدة الاعتقال الاحتياطي قبل المحاكمة، وإن التجربة أثبتت عدم جدواه في العديد من القضايا حيث يقتصر دوره فقط على إعادة صياغة ما سبق عرضه عند البحث التمهيدي.
3 –
الأخذ بإلزامية التحقيق في بعض الجنايات واعتماده اختياريا في باقي الجنايات رغم وجود غرفتين للبت فيها واحدة ابتدائية وأخرى استئنافية يطيل أمد البت في هذه القضايا.
4 –
الإحالة المباشرة من طرف الوكيل العام للملك على غرفة الجنايات قيدتها المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية بضرورة وضع المتهم رهن الاعتقال.
5 –
ضعف النجاعة القضائية المتجسد في البطء في تصريف ملفات المعتقلين وتأخر البت فيها يؤدي حتما إلى ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي.
6 –
عدم تطوير خيارات السياسة الجنائية نحو بدائل الدعوى العمومية وبدائل الاعتقال الاحتياطي وبدائل العقوبات السالبة للحرية ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي.
7 –
عدم ترشيد وعقلنة الطعون المقدمة من طرف النيابة العامة يؤدي إلى إطالة مسطرة المحاكمة، ويساهم في ارتفاع نسبة المعتقلين الاحتياطيين.
 
الأسباب القانونية الموضوعية:3
بالإضافة إلى الأسباب القانونية المسطرية نجد الأسباب القانونية الموضوعية والتي يمكن حصرها في أمرين أساسيين :
الأول يكمن في عدم ملائمة مجموعة من نصوص القانون الجنائي لمفهوم السياسية الجنائية الحالية مثل ذلك جرائم السرقة الموصوفة وجرائم عدم توفير مؤونة الشيك والتي تشكل نسبة هامة من حالات الاعتقال الاحتياطي.
الثاني يهم بعض الجرائم ذات العقوبات الحبسية المحدودة أو القصيرة المدة والتي لم تعد تحقق الهدف المتوخى منها.
 
الأسباب الاجتماعية:3
إن الأسباب الاجتماعية تساهم في ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي بشكل مهم. حيث نجد المجتمع المغربي يرى أن لا عدالة بدون اعتقال فوري، الشيء الذي يشكل ضغطا معنويا على النيابة العامة وقضاة التحقيق في اللجوء إلى الاعتقال. كما أن ضعف التخليق داخل منظومة العدالة يدفع قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق إلى استخدام الاعتقال الاحتياطي كوسيلة لإبعاد الشبهات عنهم.
معالجة الظاهرة
طرحت وزارة العدل والحريات عدة مقترحات من أجل معالجة ظاهرة الاعتقال الاحتياطي، وأكدت الوثيقة على أن المستوى المرتفع من الاعتقال الاحتياطي دفع وزارة العدل و الحريات إلى إصدار ما يقارب أحد عشر منشورا في هذا الموضوع بهدف التقليص من نسبته، لكن يبدو أن الغاية المنشودة منها لم تتحقق، الشيء الذي دفعها إلى إعادة قراءة الأسباب التي تساهم بشكل مباشر في ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي بغية وضع جملة من الأفكار و التصورات التي من شأنها إيجاد حلول ناجعة لمعالجة هذه الظاهرة من بينها:
1 –
حصر الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى الاعتقال الاحتياطي من خلال ضبط مداخله القانونية وتدقيق مصطلحاتها.
2 –
حذف التحقيق في الجنح لما يتسبب فيه من إطالة فترة الاعتقال الاحتياطي دون جدوى.
3 –
مراجعة الموقف من إلزامية التحقيق في بعض الجنايات مادامت المحاكمة أضحت تمر عبر غرفتين ابتدائية وأخرى استئنافي.
4 –
معالجة أو حذف المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية حتى لا يبقى الوكيل العام للملك مقيدا بضرورة وضع المتهم رهن الاعتقال عند إحالته على غرفة الجنايات.
5 –
تحديد آجال للبت في قضايا المعتقلين بالنسبة للمحكمة لتفادي البطء في تصريف ملفاتهم وتأخر البت فيها.
6 –
إخضاع قرارات الاعتقال الاحتياطي التي تصدرها النيابة العامة للطعن أمام هيئة قضائية (غرفة الحريات)
7 –تطوير خيارات السياسة الجنائية نحو بدائل الاعتقال وبدائل العقوبات السالبة للحرية وبدائل الدعوى العمومية.
8 –
ترشيد وعقلنة الطعون المقدمة من طرف النيابة العامة في قضايا المعتقلين الاحتياطيين.
9 –
مراجعة مجموعة من نصوص القانون الجنائي لتساير مفهوم السياسية الجنائية الحالية خاصة فيما يتعلق بجرائم السرقة الموصوفة وجرائم عدم توفير مؤونة الشيك
10 –
مراجعة العقوبات الحبسية المحدودة أو القصيرة المدة نظرا لكونها لم تعد تحقق الهدف المتوخى منها.
11 –
نشر الوعي القانوني لدى المواطنين لتغيير نظرتهم للاعتقال الاحتياطي تخفيفا للضغط على القضاء بسبب عدم الاعتقال.
12 –
تخليق منظومة العدالة بشكل يزرع الاطمئنان لدى قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق في قراراتهم التي يتخذونها من دون اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي.

الفرع الثاني المجتمع الحقوقي العقوبات البديلة بالمغرب ضرورة مستعجلة

ان المجلس الاستشاري ما فتئ ينادي بترشيد السياسة الجنائية وإيجاد حلول للمشاكل التي تعرفها مؤسسة السجن في المغرب منذ إصدار تقرير " أزمة السجون : مسؤولية مشتركة" في جميع مشاركاته في مختلف المجالس العلمية والندواة على الاستعجال في التسريع إيجاد بدائل للعقوبات البديلة وهدا ما حصل فعلا يوم الأربعاء 30 أكتوبر2013 حول موضوع : " العقوبات البديلة بالمغرب ضرورة مستعجلة"وهو التقرير الذي سلط الضوء على عدة اختلالات تهم على الخصوص : اللجوء المفرط للاعتقال الاحتياطي؛ البطء في إصدار الأحكام؛ عدم تطبيق مقتضيات قانونية متعلقة بالإفراج المقيد بشروط (المواد 633 إلى 632 من قانون المسطرة الجنائية) ؛ عدم إعمال مسطرة الصلح التي تنص عليها المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية؛ عدم وجود نواب لوكيل الملك مختصين في قضايا الأحداث (رغم نص القانون على هذا الأمر) ؛ عدم احترام المادة 134(على علتها) المتعلقة بإيداع الأشخاص المصابين بأمراض عقلية بالمؤسسات السجنية؛ نقص في الأطباء المختصين في الأمراض العقلية والنفسية لتتبع حالات هؤلاء السجناء؛ عدم احتساب مدة العلاج من مدة العقوبة في حالة المسؤولية الناقصة لشخص مرتكب لجريمة وموجود بمؤسسة علاجية أثناء التحقيق؛ عدم إعمال تدبير تسليم الحدث للأولياء وعدم اللجوء إلى تدبير آخر غير الإيداع بالسجن. وقد تم تأكيد هذا الواقع من خلال تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي صدر في أكتوبر 2012 .

كان من نتائج هذه الاختلالات أن نحو 41 في المائة من ساكنة السجون (70.847 سجين بتاريخ 31 يوليوز2013) بالمغرب يوجدون في وضعية اعتقال احتياطي؛ مقابل 20,65 في المائة في فرنسا على سبيل المثال (79767 سجين بتاريخ 1غشت2013)؛ علما أن السياسات المعتمدة لا تمكن من وقف ارتفاع الجريمة؛ خاصة جنوح الأحداث وتنامي التعاطي للمخدرات إلخ.

إن الاكتظاظ في السجون أمر غير مقبول على مستوى القانون الدولي؛ كما أن له انعكاسات خطيرة سواء على السجناء أو على المجتمع في ما يتصل بالوقاية من حالات العود وتقليص حظوظ إعادة الإدماج.

كما أن السياسات الجنائية المعتمدة في عدد من الدول الديمقراطية تعمل بشكل متزايد على إدماج مختلف التدابير البديلة عن الإيداع في السجون. هكذا ورغم كون الإيداع بالسجن يبقى المرجع الأول في إيقاع العقوبة؛ إلا أن العقوبات البديلة؛ بالرغم من الصعوبات التي تعتري إنفاذها؛ في تزايد مستمر بالنظر لإسهامها الإيجابي في مكافحة حالات العود والتقليص من عدد السجناء.

وقد تم في هذا الصدد؛ تجريب العديد من الطرق وما يزال اكتشاف مدى نجاعة طرق أخرى جاريا.

ففي بعض الدول مثل بلجيكا يتم اللجوء قبل المحاكمة إلى الوساطة الجنائية وذلك من أجل تفادي "التضخم الجنائي"( جون ماري أويي- مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل- فرنسا 2006) أو إلى تعزيز المراقبة القضائية بديلا للاعتقال الاحتياطي. [53]

 

 

التوصيات

بعد المطالعة والبحث في العقوبات البديلة تبين ما يلي:

1.      أن الحبس لا يمكن القول بإلغائه مطلقاً، ولا بالاقتصار عليه مطلقاً، وأن الأمر في ذلك يختلف تبعاً لاعتبارات متنوعة، منها ما يرجع إلى الجاني، ومنها ما يرجع إلى الجناية، ومنها ما يرجع إلى البيئة والمجتمع.

2.      أن الباحثين الذين بالغوا في الاستعاضة عن الحبس ببدائل أخرى وأسهبوا في بيان مساوئه، ومحاسن بدائله، أغلب كلامهم نظري ونموذجي، وهو عند حيز التطبيق ينقصه كثير من الموضوعية، ولاسيما في مجتمعنا المغربي الذي ما زال تطبيق البدائل فيه ضعيفاً ولعل بعض التطبيقات العملية التي طبقت في بلاد أخرى هي التي أغرت الباحثين داخل المملكة إلى المبالغة في هذا الأمر .

3.      أن البدائل بمختلف أنواعها سواء كانت ذات طابع مادي أم ذات طابع معنوي … تقرها الحالة ما دامت مضبوطة بضوابط المجتمع وقواعده الأساسية.

4.      أن السياسة لجنائية لا تهدف أساساً إلى العقاب، وإنما تهدف إلى الوقاية قبل حصول سبب العقاب، ولذلك وضعت سياجاً قوياً يحول دون إيقاع العقوبة بالجاني من وسائل إثبات محددة، لها شروطها وضوابطها الدقيقة، كما وضعت قواعد أمام القضاء من شأنها أن تقلل من إيقاع العقوبة، ومن تلك القواعد : قاعدة "درء الحدود بالشبهات"، وقاعدة "الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة"، وقاعدة "البراءة الأصلية" ، وقاعدة "الأصل براءة الذمة" .

  ومما ينبغي الإيصاء به في هذا المجال :

1.      أن تولى هذه البدائل في المملكة مزيداً من الاهتمام، سواء أكان ذلك على المستوى النظري والعملي من إجراء الأبحاث والدراسات المساعدة على تطبيقها، أم كان من الناحية المادية بإنشاء المرافق وإيجاد الآليات المناسبة لها .

2.      التنسيق بين أجهزة القضاء والأجهزة الأخرى ذات العلاقة تنسيقاً مكثفاً، وإيجاد آليات تضمن نجاح ذلك التنسيق، من توفير اللقاأت العلمية، وتنظيم الدورات التدريبية للجميع حسب حاجاتهم، وأن يكون ذلك بشكل دائب .

3.      مراعاة وسائل نجاح البدائل المنوه بها من هذا البحث لتكوين رأي عام لقبولها والتدرج في تطبيقها، وإبراز مدى فاعليتها وتقبلها من المجتمع، وتوفير القناعة التامة لدى القضاة بجدواها حتى يثـقوا فيها، كما تراعى فيها الفروق الفردية والاجتماعية والاقتصادية .

حيث أنها طبقت بدائل السجون منذ زمن بعيد وكان لها الأثر الطيب في إصلاح السجناء ومساعدتهم للعودة لطريق الصواب ،وهناك أدوات تستخدم لمراقبة السجين في عقوبة بدائل السجون في المؤتمر العالمي للسجون بهولندا الأسباب الداعية لتطبيق هذه البدائل للسجون فـي العالم هي كالتالي:

 

4- إنماء الفائدة من مهارات وخبرات السجين الذي يتمتع بفن من فنون العمل في الطب أو الهندسة والحرف وخلافه.

5- تغيير نظرة المجتمع لمن يسجن بأنه يوصف بخريج سجون ينفر منه بعض أفراد المجتمع وزملائه وزوجته وبعض أفراد عائلته وبذلك يدخل في حيز من القيود على نفسه لخوفه من وصمة السجن لاسيما في مجتمع محافظ لا يتوانى البعض في الشماتة به بطريقة غير مباشرة مما يؤثر عليه معنويا .

6- إعادة الهيبة للسجن لدى الإنسان وتزايد الشعور بالبطالة وعدم وجود العمل مما يولد لديه اللجوء للجريمة لتأمين بعض احتياجاته لدالك وجب إدخال بعض الإصلاحات.

7- عزل بعض السجناء بحيث يتعرضون  أثناء فترة سجنهم للاحتكاك بمجرمين عتاة لهم ضلع كبير في الإجرام وتجارب غزيرة في الأساليب الإجرامية ولا شك أن القصص التي تسرد من قبل بعض السجناء للآخرين ستؤثر في معلوماتهم بالأساليب السيئة في الإجرام لا قدر الله وقد تساعد بانحرافه في يوم ما .

8- توفير العمل للسجين ولو داخل المؤسسة او خارجها سيحد من تأثير السجين ابتدأ من الزوجة التي قد تلجأ إلى الخلع وقد تسوء الحالية التعليمية للأبناء والبنات فضلاً عن استغلال رفقاء السوء لأفراد الأسرة في ظل غياب معيلها أو افتقادها للمصدر المادي الذي يساعد أفرادها على تجاوز ظروف الحياة.

9- الإكتظاظ قد يعرض السجين إلى أضرار صحية نتيجة كثرة السجناء أو تعرض أحدهم لمرض مما قد تنقل العدوى للآخرين ويصاب بهذه العدوى السجين المحكوم بمدة السجن البسيطة.

10- التكاليف المالية التي تصرف على السجناء ذو الأحكام البسيطة مع غياب الفائدة من مدة السجن البسيطة وبالتالي يصبح حكم السجن قد أرهق الخزينة ولم تتحقق الفائدة الموجودة .

11- تشكل العودة إلى السجون تقريبا (20% إلى 30%) من عدد السجناء المفرج عنهم مما قد يفقد القصد من عقوبة الحكم البسيط ويساعد في الإجرام المستقبلي لهذا الإنسان .

12- تشهد بعض السجون حاليا حالة من الاكتظاظ نظراً للظروف الاقتصادية وكثرة السيولة المادية في بعض الدول مما يولد الرغبة لدى الغير للثراء بعدة وسائل غير نظامية أدت بالبعض منهم إلى السجن.

وعموما العقوبة الرادعة للبشر تختلف من إنسان إلى آخر كالحالات التالية :-

– بعضهم يرتدع بالتنبيه والتوبيخ .

– والبعض بالتأديب المباشر العلني بدون السجن كالجلد مثلاً .

– وبعضهم بحرمانه من حق حقوقه أو ميزة من مميزات حياته لفترة معينة .

 

 

 

خاتمة

 

 

وخلاصة القول أن العمل بنظام العقوبات البديلة لا يعني بأي حال من الأحوال تعطيل العمل بالعقوبات السالبة للحرية، وإنما وجدنا أن المشرع في الدول التي اعتمدت العمل بالعقوبة البديلة عوضا عن العقوبة السالبة للحرية مؤقتة المدة، وبعد الدراسات التي أجريت عليها وبعد تطبيقها عمليا ودراسة جدواها؛ منها ما هو حقوقي وما هو عملي من اكتظاظ وهو ما حاولنا معالجته في المبحث الثاني وبين هدا وداك تتضح فلسفة المشرع في تدبير وترشيد السياسة الجنائية بشكل عام وهي الإسراع في وضع وتحبين بعض النصوص والتي وصفتها الوثيقة الوزارية بالفضفاضة والتي تحتمل مجموعة من الأوجه.اتضح للمشرع في الدول التي تأخذ بهذا النظام إنها تحقق الغرض من العقوبة السالبة للحرية؛ في تحقيق أهداف السياسة العقابية بتحقيق الردع العام والخاص وتأهيل المحكوم عليه وإعادته سليما معافى إلى المجتمع بعد أن تخلص من الآثار التي ترتبت عليه من الجريمة التي اقترفها.ولما كان تنفيذ العقوبة السالبة للحرية مؤقتة المدة يترتب عليه الكثير من السلبيات

التي أفقدته الكثير من أهميته في تحقيق أغراض العقوبة؛ الأمر الذي دفع العديد من التشريعات لعدم التوقف عند العقوبات البديلة التقليدية كوقف التنفيذ وتبديل الحبس بالغرامة والعمل للمنفعة العامة  ويجب التوسع في تطبيقها والأخذ بنظام العقوبة البديلة بمعناها الأوسع على النحو الذي اوضحناه وشرحناه في هذه الدراسة، ولكن كانت المشكلة في هذه الدراسة ان العقوبات السالبة للحرية في ذاتها لا تثير صعوبة في بيان معناها وأنواعها وأقسامها؛ فالمشرعون اخذوا على عاتقهم تبيان أنواعها وأقسامها ومعناها، ولكن المشكلة تثور حينما يضاف لهذا الاصطلاح تعبير (قصير المدة)، فالمشرعون لم يوضحوا متى تكون العقوبة قصيرة المدة؛ أي أنهم لم يضعوا معيارا او يحددوا مناط العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة؛ لذلك اختلف الفقهاء في تحديدها ثم انطلقوا إلى أنها من ثلاثة أشهر حتى سنة . بمعنى ان العقوبة ان زادت في مدتها عن ثلاثة أشهر فلا وجه لتبديل هذه العقوبة بالغرامة ولو زادت يوم واحد عن هذه المدة.

ولقد حاولنا في هذه الدراسة بذل جهد ولو كان متواضعا لإبراز ذاتية العقوبات البديلة وتمييزها عن غيرها من الأنظمة القانونية الأخرى التي قد تختلط بها مثل بدائل الاعتقال الاحتياطي. وبذات الوقت تناولنا مساهمة الاعتقال الاحتياطي في تأزم الوضعية التي هي أصلا متأزمة وزادته الطين بله،وان البديل في العقوبات يجب توضيحه وترسيخه انطلاقا من السياسة الجنائية العامة وقد حاولنا ان نشير إلى عنصر الجدوى في نظام السجون في الإنتاج وفي المساهمة في لاقتصاد الوطني وليس كمصدر استهلاكي بدون فائدة، وكان لابد من تناول البدائل الأخرى المعمول بها لدى العديد من التشريعات الأخرى، وقد تمثلت هذه البدائل في تأجيل النطق بالعقوبة، والمراقبة الالكترونية، ثم الإفراج الشرطي.

وإننا إذ نضع هذه الدراسة وتحليل فوائد هذه البدائل وإبرازها بين يدي الباحثين؛ فانه يحدونا الأمل بان يأخذ المشرع المغربي بهذه البدائل بإضافتها للبدائل الأخرى التقليدية المعمول بها لديه وهي تبديل الحبس بالغرامة ووقف التنفيذ وتطوير نظام العمل للمنفعة العامة بالقدر الذي لايخل بالمصالح الأساسية الأولى بالرعاية وأهمها النظام العام وحماية حقوق الإنسان وحرياته والكرامة الإنسانية من المساس بها، وعدم تركها دون ضمانات تحقق هذه الحماية.و القول هدا انسجاما مع الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة القضائية يوم 29 يناير 2003 بأكادير، والذي أكد فيه جلالة الملك "إن ما نوليه من رعاية شاملة للبعد الاجتماعي في مجال العدالة، لا يستكمل إلا بما نوفره من الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية".

قائمة المصادر والمراجع

1عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي (1332 ء 1406م مؤرخ عربي، تونسي المولد أندلسي الأصل و عاش في أقطار شمال أفريقيا، رحل إلى بسكرة و فاس، و غرناطة، و بجاية و تلمسان، و الأندلس، كما تَوَجَّهَ إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق ، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784ـ808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا و دُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركا تراثا ما زال تأثيره ممتدا حتى اليوم و يعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث

2المقدمة هو كتاب ألفه ابن خلدون سنة 1377م كمقدمة لمؤلفه الضخم الموسوم كتاب العبر. وقد اعتبرت المقدمة لاحقا مؤلفا منفصلا ذا طابع موسوعي إذ يتناول فيه جميع ميادين المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب. وقد تناول فيه أحوال البشر واختلافات طبائعهم والبيئة وأثرها في الإنسان. كما تناول بالدراسة تطور الأمم والشعوب ونشوء الدولة وأسباب انهيارها مركزا في تفسير ذلك على مفهوم العصبية. بهذا الكتاب سبق ابن خلدون غيره من المفكرين إلى العديد من الآراء والأفكار، حتى اعتبر مؤسسا لعلم الاجتماع، سابقا بذلك الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت.

3أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي (40 ـ 95 هـ = 660 ـ 714 م)، قائد أموي، داهية، سفاك، خطيب. ولد ونشأ في الطائف وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قلده عبد الملك أمر عسكره. عُرف بـالمبير أي المبيد.

4 منهجية البحث التربوي النفسي من المنظور الكمي والكيفي     كمال عبد الحميد زيتون

5 بدائل السجون: الأحكام البديلة للسجون هي مجموعة من الأحكام القضائية التي اهتم بها القضاة على تضمينها أحكامهم في غير "الحدودالشرعية"

6 لسان العرب هو من أشمل معاجم اللغة العربية وأكبرها، جمعه ابن منظور ص 145

7 الماوردي / الأحكام السلطانية والولاية الدينية / ص 221

8 هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي (364 – 450 هـ / 974 – 1058 م) أكبر قضاة آخر الدولة العباسية، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة، الفقيه الحافظ، من أكبر فقهاء الشافعية والذي ألّف في فقه الشافعية موسوعته الضخمة في أكثر من عشرين جزءًا.

9 سورة الانبياء الاية 107

10 ابن تيمية، وهو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس النميري ولقبه «شيخ الإسلام» ولد يوم الإثنين 10 ربيع الأول 661 هـ أحد علماء الحنابلة

11 المستشار الأستاذ الدكتور: فؤاد عبد المنعم أحمد  مفهوم العقوبة وأنواعها في الأنظمة المقارنة.

12  افلاطون المدينة الفاضلة

13 باروخ سبينوزا في "اتّحاد الروح بالطبيعة الكاملة".

14 ايمانويل كانط

15 الفريد دارووين نضرية النشوء والارتقاء الجزء الرابع الفرع والاصل في السلوك ص 250

16 بورهوس فريدريك سكينر وُلِد في يوم 20 من مارس 1904موتُوفِيَ في يوم 18 من أغسطس عام 1990م) هو أخصائي علم النفس وسلوكي ومؤلف ومخترع وفيلسوف اجتماعي أمريكي وهو أستاذ فلسفة إدجر بيرس (Edgar Pierce) في جامعة هارفارد من عام 1958م حتى تقاعده في عام 1974م.

17 يمكن تفسير العقوبة بواسطة نظرية المنع الإيجابي لاستخدام نظام العدالة الجنائية لتعليم الناس ما هي الأعراف الاجتماعية وما هو الصحيح، وتعمل لتعزيز تلك الإيجابيات. "النظرية التعبيرية"

18 جاروفالو في مؤلفه الذي أصدره عام 1885

19 ضوابط تقدير العقوبة التعزيريَّة. ل سيخ عبد هلل بن حمد بن سعد آل خنني

20 التطبيقات المعاصرة لبدائل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة   د. أحمد لطفي السيد مرعي

21 ابن منظور ص  693/

22 الحويتي , أحمد , الفكر الشرطي ص124 .

23 هذا المقال يشكل في الأصل مداخلة الأستاذ أنس سعدون ضمن أشغال ندوة حول موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية في القانون الدانمركي ونظيره المغربي المنعقدة بمحكمة الاستئناف ببني ملال بتاريخ 24-06-2011، وهو باحث وعضو جمعية نادي قضاة المغرب.

24 محاضرة بعنوان السياسة العقابية الجديدة في ظّل الإصلاحات، ألقيت خلال الأبواب المفتوحة على العدالة، أيام 25، 26، 27، أفريل 2006، من تنظيم إدارة السجون.

25 تعود هاته الاحصائية الى محكمة الاستئناف بفاس وبعضها نشرته وزارة العدل مديرية الشؤون السجنية

26 الدايلي تيليجراف هي صحيفة يومية محافظة تصدر في بريطانيا، صدر العدد الأول لها في 29 يونيو 1855، مقرها في لندن.

27 الدكتور عبد الرحيم العطري الذي كرس قلمه لتدوين المعنى المختزن بالمغرب القروي ، المعنون ب تحولات المغرب القروي.

28 برنامج بث على ميدي 1 تيفي حول دور السياسة الجنائية في السجون.

29 قانون المسطرة الجنائية اعداد وتقديم امحمد الفروجي ط2012

30 اقيمت ندوة بمدينة الرباط بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2013

31 مقال منشور في جريدة مغرس الالكترونية تحت عدد 2013/452

32 المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي 2013 رقم الاصدار في المملكة المتحدة: 4- 12 – 909521 – 1- 978

33 الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون في الدانمارك، وزارة العدل،

34 الندوة الوطنية الثانية: الثابت والمتحول في المشهد الحقوقي بالمغرب

35 غاندى

36 لودفيغ فيورباخ، في كامل لودفيغ فيورباخ اندرياس (ولد في 28 يوليو 1804، لاندشوت، بافاريا [ألمانيا]-توفي 13 سبتمبر 1872، Rechenberg، ألمانيا)، الفيلسوف الألماني والفيلسوف الأخلاقي تذكرت لتأثيره على كارل ماركس والإنسانية له theologizing .

37

38 تعريف الاستاد احمد براك

39 موقع جريدة الصباح بوشعيب عسال, قاضي التحقيق باستئنافية سطات

40 ي هو فرع من فروع علم النفس يدرس السلوك الاجتماعي للفرد والجماعة، كاستجابات لمثيرات اجتماعية، وهدفه بناء مجتمع أفضل قائم على فهم سلوك الفرد والجماعة.

41 ابن منضور جزء5 ص 151 دلالة فعل الاكتظاظ

42 جون ستيوارت اميل اسس استغلال الحيز ابراهم ميركل

43 إحصائيات حاولنا الجتهاد فيها انطلاقا من موقع ويكيبيديا

44 جون ستيوارت اميل نظرية تلازم العلل نفس الاسباب تؤدي الى نفس النتائج ونفس النتائج لا تؤدي الى نفس الاسباب

45وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة لنمو السكاني بين عامي 1990 و 2010 نما عدد سكان العالم بنسبة 30٪ أو 1.6 مليار شخص[2] ومن حيث الدول معدلات النمو السكاني أعلى في دول العالم كانت في الهند 350 مليون والصين 196 مليون. ومن حيث الدول العربية كان معدل النمو السكاني أعلى كان في الإمارات العربية المتحدة (315٪) وقطر (271٪

46دراسة استنتجتها من معدل النمو 2003

47 علم يهتم بدراسة التربية العلمية إنطلاقا من المجتمع.

48 دراسة قامت بها منظمة غير حكومية ونشرتها هيوممن وايت روتش في موقعها الرسمي.

49/50 تصريح للمندوب السابق حفيظ بن هاشم لجريدة الخبر عدد 2013/589

51 حسبما ذكرت صحيفة «هيرالد» الحكومية

52 نشر في الصباح يوم 06 ء 12 ء 2012 بقلم :سامي نصر-

53 احمد بكار الممكن من المستحيل

:الـكـتـب
1- د. رؤوف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي، دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة، 1979.
2-
أ. محمد صبحي نجم، المدخل إلى علم الإجرام وعلم العقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 1988.
3-
د.عبد المنعم العوضي، المبادئ العلمية لدراسة الإجرام والعقاب، دار الفكر العربي، 1985.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

4- د. مصطفى عبد المجيد كاره، السجن كمؤسسة اجتماعية، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية و التدريب، الرياض، 1987.
5-
د. عبد الله خليل و أمير سالم، قوانين ولوائح السجون في مصر، مركز الدراسات
والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى، مصر، 1990.
6-
د. علي عبد القادر القهوجي، علم الإجرام والعقاب، الدار الجامعية، 1995.
7
قانون المسطرة الجنائية اعداد وتقديم امحمد لفروجي ط الثانية 2012

8- د. أندرو كويل، دراسة حول حقوق الإنسان في إدارة السجون، نشر المركز الدولي لدراسات السجون، لندن، المملكة المتحدة، 2002.
9-
الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة، وزارة العدل، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2005.
10-
الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون ، وزارة العدل، المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2004.
نشرة القضاة، وزارة العدل، مديرية الدراسات القانونية والوثائق، الجزء الأول، العدد 61، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2006.
14- Bettaher Touati, organisation et système pénitentiaire en droit Algérien ,1 édition, office national des travaux éducatifs, 2004.

ثالثا: الـمـحاضرات
1- محاضرة بعنوان السياسة العقابية الجديدة في ظّل الإصلاحات، ألقيت خلال الأبواب المفتوحة على العدالة، أيام 25، 26، 27، أفريل 2006، من تنظيم إدارة السجون.
2-
محاضرات ألقيت خلال الندوة الوطنية لإصلاح العدالة، المنعقدة بمجلس قضاء غرداية، سبتمبر 2004.
3-
محاضرة بعنوان نظام السجون في الجزائر، للأستاذ بن عيسى علي مدير فرعي بالمديرية العامة لإدارة السجون، ملقاة على طلبة الشرطة بعنابة.
4-
محاضرة بعنوان: هل الإنتكاسات فشل لإعادة الإدماج الإجتماعي ؟، للأستاذ أحمد غاي، ألقيت خلال المنتدى الوطني الأول حول دور المجتمع المدني في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، بالجزائر، نوفمبر 2005.
5-
محاضرات حول تصنيف السجناء في قانون تنظيم السجون و إعادة التربية الجزائري، ملقاة على طلبة كلية الحقوق في بغداد، سنة 1993.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

6- إصلاح السجون حصيلة وآفاق، من إعداد الأستاذة: عبدون، مديرة فرعية بإدارة السجون سنة 2007.
7-
المحاضرات الملقاة على الطلبة ضباط إعادة التربية، بالمدرسة الوطنية لإدارة السجون،
و ملحقتها بالمسيلة، للسنة الدراسية 2005/2006.

رابعا:الـمـجلات
1- رسالة الإدماج، مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، العدد الأول، مارس 2005.
2-
رسالة الإدماج، العدد الثاني، أوت 2005.
3-
رسالة الإدماج، العدد الثالث، جويلية 2006.
4-
الأمن والحياة، مجلة أمنية ثقافية إعلامية، تصدر عن أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، العدد991، مارس 1999.
 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

 

فهـرس المحتويات

الموضوع

الصفحة

مشكلة الدراسة

1

أهمية الدراسة

1

منهجية الدراسة

1

المقدمة

2

الفصل الأول: ماهية بدائل العقوبات السالبة للحرية

3

المبحث الأول: مفهوم العقوبات البديلة وأنواعها

3

المطلب الأول:مفهوم العقوبة

3

الفرع الأول العقوبة لغة

3

الفرع الثاني: العقوبة اصطلاحا وفقها

4

الفرع الثالث: ماهية العقوبات في ميادين الفكر الإنساني

5

الفرع الرابع: أنواع العقوبات

6

المطلب الثاني:مفهوم البدل في العقوبات السالبة للحرية

7

الفرع الأول: مفهوم البدل لغة

7

الفرع الثاني: التعريف الاصطلاحي للعقوبة البديلة

7

الفرع الثالث الاتجاه الحديث في العقوبة

8

الفرع الرابع القانون المقارن بالنسبة للقانون المغربي في العقوبات البديلة 

10

المطلب الثالث العقوبات البديلة ودورها في تخفيف الاكتظاظ في السجون

21

الفرع الأول المملكة الهولندية نموذجا

21

الفرع الثاني أزمة الاكتظاظ السجيني في المغرب نضرة سوسيولوجي

23

المطلب الرابع العقوبات البديلة في المغرب وموقف المؤسسات الموازية

25

الفرع الاول العقوبات البديلة في المغرب

25

الفرع الثاني دور المجالس الحقوقية (المجلس الاستشاري نموذجا) ( CNDH) من العقوبات البديلة

26

الفرع الثالث دور المواثيق الدولية في تفعيل العقوبات البديلة اتفاقية طوكيو نموذجا

27

المبحث الثاني دور السياسة الجنائية في التخفيف من أزمة الاكتظاظ السجيني الاكراهات والحلول

33

المطلب الأول دور السياسة الجنائية في  أزمة الاكتظاظ الاعتقال الاحتياطي نموذجا

34

الفرع الأول مفهوم السياسة الجنائية أو الحكامة الجنائية

34

الفرع الثاني الاعتقال الاحتياطي نموذجا

37

المطلب الثاني مفهوم ظاهرة الاكتظاظ الاكراهات والحلول

40

الفرع الاول تعريف الاكتظاظ

41

أسبـــــــاب الاكتظـــــــاظ الفرع الثاني

50

الفرع الثالث  معالجة الاكتظاظ  في المؤسسات السجنية بمقارب سوسيوـ بيداغوجية :

52

الفرع الرابع الانضمة السجنية وفكرة اصلاح السجون.

58

المطلب الرابع تدابير ومواقف المؤسسات حول الاعتقال الاحتياطي كتدبير يؤزم الوضعية

64

الفرع الاول توصيات وزارة العدل في ترشيد الاعتقال الاحتياطي

64

الفرع الثاني المجتمع الحقوقي العقوبات البديلة بالمغرب ضرورة مستعجلة

66

التوصيات

73

الخاتمة

75

قائمة المصادر والمراجع

76

فهرس المحتويات

80