في الواجهةمقالات قانونية

   بيع الجزاف في الفقه الإسلامي والقانون التونسي – الدكتور :  نزار الحمروني

بيع الجزاف في الفقه الإسلامي والقانون التونسي

Wholesale in Islamic jurisprudence and Tunisian law

الدكتور :  نزار الحمروني

أستاذ مساعد بكلية الحقوق –جامعة الملك فيصل – المملكة العربية السعودية

لتحميل الإصدار كاملا

https://www.droitetentreprise.com/%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9/

 

ملخص

تقتضي بعض المعاملات تحديد محل البيع بصفة تقريبية لكثرته أو تعدده أو ثِقله وبالتالي عدم سهولة عدّه أو كيله أو وزنه. وهو ما يُسمى بالبيع الجزاف الذي أجمعت المذاهب الفقهية على صحته كما نظمته مجلة الالتزامات والعقود التونسية. وتتوقف صحة هذا البيع على بعض الشروط، أهمها شرط الرؤية أو ما يقوم مقامها كالإشارة أو الوصف المُجمل. بحيث يتمكن المتعاقدان من تخمين قدر المبيع.

وإذا اكتملت شروط صحة هذا البيع فإن له مميزات تميزه عن سائر بيوع الأموال المثلية المعينة بالنوع، وتتمثل خاصة في انتقال الملكية والمخاطر بمجرد ابرام العقد دون حاجة للإفراز والتخصيص.

ويتميز الفقه الإسلامي في تعرضه لبيع الجزاف بتفصيل شروط الصحة وذلك لدرء الموانع الشرعية كالربا والغرر دون تركيز على الآثار. أما القانون التونسي فإن تنظيمه ل بيع الجزاف تركز على إبراز خصوصية آثاره القانونية بالمقارنة بسائر البيوع.

كلمات مفتاحية: بيع، جزاف، شروط، انتقال الملكية، انتقال المخاطر.

 

Abstract

Some transactions require an approximate determination of the place of sale due to its abundance, plurality, or heaviness, and thus it is not easy to count, measure, or weigh it. This is what is called the off-sale sale, which the jurisprudential schools agreed on its validity, as it was approved by the Tunisian Code of Obligations and Contracts, provided that its conditions are met, including the special condition of vision or what replaces it, such as a reference or a general description. So that the two contracting parties can estimate the amount sold.

And if the conditions for the validity of this sale are complete, then it has advantages that distinguish it from other sales of homosexual funds specified by type, and are represented in particular in the transfer of ownership and risks once the contract is concluded without the need for division and allocation.

Key words:  Sale, risk, conditions, transfer of ownership, transfer of risk

 

 

 

 

 

 

مقدمة

تستوجب صحة المعاملات التعاقدية تحديد محل العقد تحديدا رافعًا للجهالة ومحققًا للرضى[1]، بحيث يقتضي التعامل في المكيلات أو المعدودات أو الموزونات مبدئيا ضبط وزنها أو كيلها أو عددها عند التعاقد أو أن تكون قابلة للتعيين مستقبلاً ليكون التعاقد على بينة ترفع عن الرضى كل شائبة تشوبه .وقد اشترط فقهاء المذاهب الأربعة تحديد محل العقد من حيث مقداره دفعًا للجهالة[2]، كما أوجبت ذلك القواعد العامة المنظمة للالتزامات و العقود في التشريع التونسي ثم خصصت  أحكام عقد البيع في مجلة الالتزامات و العقود التونسية هذا الشرط[3]. ويُسمى البيع الذي يتم ضبط محله كيلاً ووزنًا وعدّا “بالبيع بالتقدير”[4] .و هو الأصل في البيوع الذي لا خلاف فيه  بين مختلف المذاهب .  وينقل هذا الأصل عن  الحنفية ابن عابدين[5]، و يؤكده عند الشافعية الإمام  النووي” قال الشافعي و أصحابه :يُشترط العلم بمقدار المبيع و هذا لا خلاف فيه”.[6]

غير أن مقتضيات التعامل في بعض البيوع التي قد يشق معها الكيل أو العدّ أو الوزن أوجبت تجاوز هذا الشرط، حيث يتمّ الرضى بمحل العقد تخمينًا دون ضبط قدره على التفصيل وهو ما يُعرف بالبيع جُزافًا[7].

تعريف المفهوم وتطوره

ويُطلق الجزاف[8]  والمجازفة لغةً على الحدس والتخمين في البيع والشراء[9]أما اصطلاحًا فقد أجمع فقهاء الأئمة الأربعة على اعتبار بيع الجزاف بيعُ الشيء لا يعلم كيله و لا وزنه و لا عدده و هو مبني على المساهلة من حيث الاعتماد على التخمين [10].و قد ورد في المادة141 من مجلة الأحكام العدلية بأن “الْجُزَافُ وَالْمُجَازَفَةُ: بَيْعُ مَجْمُوعٍ بِلَا تَقْدِيرٍ.”

و يرجع تاريخ تشريع هذا  البيع لعهد الرسول   حيث قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما” رأيت الناس في عهد الرسول يبتاعون جزافًا” [11] .و قد نقل ابن عبد البرّ الإجماع على صحة هذا البيع[12] الذي كان في العهد الأول للإسلام يأخذ شكل بيع الصبرة[13] من الطعام كنوع من أنواع الجزاف[14] .و لكن تنوعت اليوم أشكاله و أصبح يعرف عديدة التطبيقات المعاصرة في مختلف فروع المعاملات[15].

ولم يخرج القانون التونسي عن تعريف الفقه الإسلامي لبيع الجزاف[16] حيث عرّفه في الفصل582 من مجلة الالتزامات و العقود على أنه “بيع جملة أشياء بثمن واحد وفي هذه الحالة لا يعتبر عدها أو وزنها أو قيسها إلا لتقدير ثمن جميعها”[17]. و مثاله أن يبيع مالك قمحٍ كل ما يوجد في مخزنه أو جزء شائع منه. فما دام المبيع لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير فالبيع جزاف حتى لو احتاج  تحديد الثمن إلى تقدير هذا المبيع[18]. غير أنه وإن لم تتعرض المادة 582من مجلة الالتزامات والعقود إلا لحالة تعدد المبيعات فإن الجزاف قد يُداخل بعض البيوع ومن ذلك أن يشترى المشتري مالاً دون أن يتمكن من الإحاطة بكل ما فيه كبيع المركب الذي أوردته المادة 619 من نفس المجلة، حيث يشمل هذا البيع كل ما في المركب من” آلات وأدوات كالمخاطف والسواري ….” وسائر الأموال التي قد لا يكون المشتري قد عاين أفرادها.

ولكن يجب تمييز الجزاف عن قاعدة ” التابع تابعٌ” التي يأخذ فيها المال التابع حكم المتبوع المتصل به كالمال الذي لا يوجد بنفسه حقيقة أو حكمًا فلا يُباع بذاته منفصلاً ومثاله الحمل في بطن أمه مما لا يمكن بيعه منفردًا. إذ ليس هذا من بيع الجزاف و إنما الجزاف يتعلق بكل معدود أو مكيل له في ذاته قيمة و يمكن بيعه استقلالاً أو مع غيره تقديرًا، و لكن بِيع جملةً واحدةً جزافًا و دون تقدير[19].

يختلف الجزاف بهذا التعريف عن المخاطرة -التي تُعتبر من المعاني اللغوية للجزاف[20]-من  حيث أن المخاطرة هي كل ما كان مستور العاقبة، أما بيع الجزاف فيتعلق بتخمين مقدار المبيع، و هو ما يميزه من جهة أخرى عن المقامرة التي تفترض الربح أو الخسارة مطلقًا لا مجرد تخمين المقدار. أما في الغرر المُعيب للبيع فإن المبيع قد يوجد و قد لا يوجد أي أنه “شكٌ في وجود المبيع”[21]، خلافًا للجزاف حيث يكون المبيع موجودًا بالضرورة.

أخيرًا يتميز بيع الجزاف عن بيع المجهول من حيث أن محل العقد محدّد و ليس مجهولاً[22] غير أن تحديده لم يكن تقديرًا مثلما هو شأن بيع المُقدّر عدًا أو وزنًا أو كيلاً وإنما تحديده يكون بالتخمين و الحزر[23]، بحيث تتوفر في محل المبيع جزافًا كل الشروط  الشرعية و القانونية من حيث الوجود و التعيين ،و إنما يتميز فقط بطريقة تعيين المبيع .و هو ما تبرزه جليًا المادة 217من مجلة الأحكام العدلية التي تعرضت بوضوح لتمييز الجزاف عن بيع المقدّر حيث نصت” كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ وَ الْمَذْرُوعَاتِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَعَدَدًا وَذَرْعًا يَصِحُّ بَيْعُهَا جُزَافًا أَيْضًا مَثَلًا: لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ أَوْ كَوْمَ تِبْنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ حِمْلَ قُمَاشٍ جُزَافًا صَحَّ الْبَيْعُ”.

أهمية موضوع البحث

ويكتسي مفهوم بيع الجزاف أهمية متجددة مع تجدد المعاملات وتفرعها مما اقتضى التساهل في شرط تقدير المبيع في المعاملات منذ القديم كبيع السمك مباشرة بعد صيده أو بيع الصوف على ظهر الغنم وما كان يُعرف بالدخول للحمامات دون تقدير للماء المُستعمل وكذلك الشرب من الساقي حتى يكتفي المستسقي.  ويقتضي الحال كذلك في المعاملات المعاصرة البيع جزافًا لما يرتبه التقدير أحيانا من ضياع للوقت والمجهود ومنه بيع الخشب و النحاس و الخردوات المستعملة و كذلك بيع متبقى موجودات الشركة عند تصفيتها[24].

و لئن بدا تعريف الجزاف واضحًا و متمايزًا عن ما يشابهه من المفاهيم إلا أن  القانون التونسي – مثله مثل سائر التشريعات المعاصرة-  لم يتعرض في تعريفه لبيع الجزاف لطريقة تحديد المحل[25] رغم أنه استثناءٌ من مبدأ تقدير محلّ العقد، كما يُثار التساؤل حول ما إذا كان المحل المحدد جزافًا في حكم  المحدد عند التعاقد أم أنه فقط قابل للتعيين مستقبلاً .من جهة أخرى  لم يتعرض القانون التونسي لمحل الجزاف و ما إذا يتعلق الجزاف بالمبيع فقط أم جوز كذلك في الثمن. إضافةً لكل ذلك لا يبدو الجزاف كما ورد تنظيم شروطه في مجلة الالتزامات والعقود متمايزًا بوضوح عن عيب الغرر المُفسد للعقد، باعتبار أن المحل محددٌ تخمينًا وليس منضبطًا، وهو مما يثير إشكالاً إضافيًا يبرر البحث في هذا المفهوم.

إن ما  يطرحه بيع الجزاف من إشكالات عدة تتعلق بضبط المفهوم و نظامه القانوني قد لا تجيب عنه بوضوح   قواعد البيع في مجلة الالتزامات و العقود إذ اكتفى المشرع ببعض الأحكام المتفرقة [26]، كما اقتصر من قبل ذلك الفقه الإسلامي على مسائل متناثرة تتعلق بالجزاف في إطار شروط البيع تارةً وباب السّلم تارة أخرى، و لم يُفرد بيع الجزاف بباب مستقل إلا علماء المالكية[27]، رغم أن طبيعة هذا البيع ونظامه وردا خلاف الأصل الموجب لضبط محل العقد عددًا و كيلاً ووزنًا.

 

الاشكالية

يتمحور البحث في بيع الجزاف حول النظر في فرادته وتمايزه عن سائر البيوع من حيث شروطه عند تحديد المبيع. وهو ما ينعكس ضرورةً على آثاره كانتقال الملكية وتحمل تبعة الهلاك، وهي آثارٌ تخرج بدورها عن سائر أنواع البيع.

 

للنظر في خصوصية بيع الجزاف من حيث مفهومه وآثاره القانونية ينقسم البحث في إطار منهج تحليلي إلى بابين أولهما يتعرض لخصوصية بيع الجزاف من حيث شروطه (الباب الأول) وثانيهما يتعرض لخصوصية بيع الجزاف من حيث الآثار (الباب الثاني).

 

 

 

الباب الأول: خصوصية بيع الجزاف من حيث شروطه

يتميز نظام بيع الجزاف باعتباره يتعلق ببيع محلٍ متعدد الأفراد بثمن واحد دون تقدير، بمجموعة شروط أملاها المقصد الشرعي والقانوني لدرء الجهالة والغرر وضمان سلامة رضى المتعاقدين. وقد فصّل الفقه المالكي هذه الشروط و حصرها في سبعة[28] يمكن ردّها إلى مجموعتين أولها تتعلق بطبيعة المبيع جزافا و ثانيها تتعلق بالعلم بالمبيع جزافًا.

المطلب الأول: طبيعة المبيع جزافًا

لم يتعرض تعريف القانون التونسي لبيع الجزاف في المادة 582من مجلة الالتزامات والعقود لأي شرط يتعلق بطبيعة المال المبيع جزافًا حيث اكتفى المشرع بعبارة ” كل شيء” التي تفيد الإطلاق[29]، بحيث يُفهم أن القيميات  كالمثليات يمكن أن تُباع جزافًا و لا عبرة مبدئيًا بتفاوت قيمة أفراد المال المبيع.

غير أن هذه القراءة الأولية تعارضها المادة 624 من ذات المجلة التي أوجبت أن يكون عدد المبيع متطابقًا مع إرادة المتعاقدين وإلا فسد العقد إذ نصت المادة على أن “المعدودات المتفاوتة في القيمة إذا سُمي ثمنُها للجملة من غير تفصيل إن وُجدت زائدة أو ناقصة فسد البيع”.  مما يُستفادُ منه أن هذه المادة أوجبت تقدير المبيع الذي تكون أفراده متفاوتة القيمة، حتى ولو كان هذا التقدير بصفة لاحقة للبيع، ورتبت عن سوء التقدير فساد العقد وهو ما يُخرج هذا العقد عن أن يكون بيع جزاف.

ويلتقي هذا الخيار التشريعي مع قول الحنفية والمالكية  في فساد بيع الأشياء المتفاوتة القيمة إذا كان هذا التفاوت مُعتبرًا، لما يلحق البيع في هذه الصورة من غرر بيّن مفسد للعقد[30].ضرورة أن الأشياء المتفاوتة لا يمكن تحديدها إجماليًا و إنما وجب تفريدها.

من جهة أخرى يبقى السؤال قائمًا فيما إذا كان يُشترط أن يتعلق الجزاف ضرورة ًبالمبيع أم يجوز أن يتعلق كذلك بالثمن الذي يمكن أن يقع تحديده جزافًا.

إجابةً على ذلك يجوّز جمهور الفقهاء تعلق الجزاف بالثمن كتعلقه بالمبيع إذ يقول النووي ” لو باع بصبرةٍ من الدراهم جزافًا لا يعلم واحد منهما قدرها لكنها مشاهدة لهما صحّ البيع بلا خلاف ٍعندنا”[31]. وورد في مختصر الخليل ” و يجوز جزافان”[32].

أما المادة 582 من مجلة الالتزامات والعقود التونسية فليس فيها ما يفيد المنع أو الإباحة، غاية ما تنص عليه هذه المادة أن العبرة في اعتبار البيع جزافًا بالمبيع لا بالثمن فتقدير المبيع كيلاً أو وزنا أو عدّا لضبط الثمن لا يمنع البيع أن يكون جزافًا وفق صريح التعريف الوارد في هذه المادة. لهذا فإن الأصل يبقى الإباحة ولا شيء يمنع من أن يتعلق الجزاف كذلك بالثمن[33]، على أن يكون تحديد المبيع جزافًا لأن العبرة في تكييف البيع بأنه بيع جزاف أو بيع  تقدير تتعلق بالمبيع لا بالثمن[34]. فالمعيار في البيع  الجزاف أن لا يحتاج المبيع في تعيينه إلى تقدير و لو احتاج الثمن نفسه إلى تقدير بعد تحديد ثمن الوحدة[35].

على صعيد آخر لم يفرق القانون التونسي ولا الفقه الإسلامي بشتى مذاهبه بين العقار والمنقول من حيث جواز الجزاف، ومثاله بالنسبة للعقار بيع أرض فيها نخيل دون عدّها أو كيل مساحتها. وقد أقرت في هذا المضمار محكمة التعقيب التونسية صحة بيع عقار تم عدّ مساحته تقريبيا مع الاقتصار على ذكر حدوده اعتمادًا على عرف الجهة[36].

وخلافًا للقانون التونسي الذي لم يفرق بين المكيل والموزون من جهة والمعدود من جهة ثانية،  فقد أجاز الفقه الإسلامي الجزاف في المكيل أو الموزون مطلقًا ودون تمييز باعتبار مشقة الوزن أو الكيل الذي لا يتأتى لكل الناس. أما المعدودات فلم يجوّز المالكية الجزاف فيها باعتبار إمكان العدّ بحيث يكون الجزاف في المعدودات مشوبًا بالغرر[37] إلا إذا كان في العدّ مشقة تجيز الالتجاء للتخمين[38]. يقول مالك في ” الموطأ” “ولا بأس أن يشتري الرجل الذهب بالفضة، والفضة بالذهب جزافًا إذا كان تبرًا أو حليًا قد صيغ، فأما الدراهم المعدودة والدنانير المعدودة فلا ينبغي لأحد أن يشتري شيئًا من ذلك جزافًا، حتى يعلم أو يعدّ، فإن اشترى ذلك جزافًا فإنما يُراد به الغرر حين يترك عدده ويشتري جزافًا، وليس هذا من بيوع المسلمين. فأما ما كان يوزن من التبر والحلي فلا بأس أن يُباع جزافًا، وإنما ابتياع ذلك جزافًا كهيئة الحنطة والتمر ونحوهما من الأطعمة التي تباع جزافًا، ومثلها يُكال فليس بابتياع ذلك جزافًا بأس”[39].

و يجيز الجمهور بيع الذهب بالفضة جزافًا لاختلاف أجناسهما بحيث لا تُعتبر متماثلة لهذا  يجب فقط الحلول و التقابض في المجلس، فلا حرج في الجزاف طالما سقط شرط المماثلة[40].

و قد استثنى الفقه الإسلامي من بيع المنقولات جزافا بيع الأطعمة و ذلك لما روى عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما  عن الرسول “من ابتاع طعامًا فلا يبتعه حتى يكتله”[41].

و المُلاحظ  بصفة عامة أن الفقه الإسلامي تعرض لعديد التفصيلات التي تجاوزت عنها القوانين الوضعية[42]،حيث أجاز الجمهور بيع الجزاف بالجزاف ما لم يتعلق الأمر بتفاضل بين شيئين من جنسٍ واحد حتى لا نقع في ربا الفضل . يقول مالك ” و لا بأس بصبرة الحنطة بصبرة التمر يدًا بيد”[43] .

كما نهى الرسول عن بيع الصبرة في الأموال التي يجري فيها الربا  بحيث يتعين العلم بالتماثل بين العوضين في هذا البيع عملا بالقاعدة التي تقضي بأن ” الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل”. ومن ذلك  ما نقله جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن الرسول نهى عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم البائع مكيلتها بالكيل المُسمى من التمر[44]. و هو ما رواه سعيد بن المسيب عن نهيه لعثمان بن عفان رضي الله عنه بيع التمر صبرةً قائلاً” يا عثمان إذا اشتريت فاكتل و إذا بعت فكِل”[45].

كما نهى جمهور الفقهاء عن دخول بيع الجزاف على المكيل أو الموزون في عقد واحد لأن انضمام المجهول للمعلوم يجعله مجهولاً فيكون فيه غرر[46]،  حيث أورد الخليل ” و لا يُضاف لجزافٍ على كيلٍ”[47].

وهو ما يُدخله مالك ابن أنس مدخل المزابنة التي نهى عنها الرسول  حيث يعرفها في الموطأ بأنها ” كلُّ شيء من الجزاف الذي لا يُعلم كيله و لا وزنه و لا عدده ابتيع بشيءٍ مسمىّ من الكيل أو الوزن أو العدد”[48].

يُلاحظ أخيرا أن شروط وموانع البيع الجزاف وردت في الفقه الإسلامي مفصلة، وذلك لتجاوز المحاذير الشرعية التي قد تدخل على بيع الجواف وهي تفصيلات غابت عن مجلة الالتزامات والعقود.

المطلب الثاني: العلم بالمبيع جزافًا

يُعرف الصنعاني العلم بالموضوع بأنه” الاعتقاد الجازم المطابق الثابت”[49] و يعرفه الشوكاني بأنه” صفةٌ توجب تمييزًا لمحلّها لا يحتمل النقيض بوجه …و يتجلى بها المدرَك للمدرِك”[50].و الغاية من اشتراط العلم بالمبيع انتفاء الجهالة المُفضية للمنازعة[51]. ولعمومية هذا الشرط فإن الجزاف لا يخرج عنه. غير أن لبيع الجزاف خصوصية عدم ضبط مقدار المبيع، لهذا وجبت رؤية محل العقد في مقام أول كشرط موضوعي يفضي لشرط ذاتي يتعلق بإمكانية حزر المتعاقدين لمحل البيع أي القدرة على تخمين قدر المبيع كيلاً ووزنا وعداًّ دون تقدير محل البيع فعليًا، وإلا أصبح البيع بيع تقدير وخرج عن بيع الجزاف. لهذا لا يخرج بيع الجزاف عن شرط العلم الكافي الرافع للجهالة[52] و إنما يتميز بالصيغة المخصوصة للعلم بالمبيع حيث لا مجال فيها للتعيين أو التقدير المنضبط.

يتبين من ذلك إذًا أن بيع الجزاف من حيث شرط العلم يقع بين حدّين، بين بيع المعلوم قدرًا وبين بيع المجهول.

الفقرة الأولى: الشرط الموضوعي للعلم: الرؤية أو ما يقوم مقامها.

يُشترط لصحة البيع جزافًا أن يكون المبيع مرئيا للعاقدين ويُشار إليه، بحيث يقوم العلم على المشاهدة لا على التقدير. وقد اشترط جمهور فقهاء المذاهب الأربع هذا الشرط نفيًا لشبهة الغرر التي قد تشوب بيع الجزاف[53]. و لا يُستثنى من ذلك إلا الأموال الربوية التي يجب تقديرها عند معاوضتها لأن معاوضتها ببعضها جزافا يحتمل التفاوت و الربا و الاحتمال مفسد للمعاوضة كحقيقته فعلا[54].

و تكون رؤية المال المبيع وفق ما يليق به عرفًا ،و تكفي رؤية بعضه إن دل على باقيه كظاهر الصبرة من قمح أو أرز و غير ذلك مما كانت أفراده و أجزاؤه متماثلة أو متقاربة، أما ما كانت أفراده مختلفة الحجم أو الوزن كالبطيخ مثلاً فوجبت رؤيتها كلها[55].

و يترتب عن هذا الشرط عدم جواز بيع العين الغائبة لعدم تحقق الرؤية فيها حيث أبطل مالك بن أنس مثل هذا البيع[56] و قال بذلك الإمام الشافعي[57]. كما ذهب الجمهور إلى بطلان بيع الأعمى إذا كان جزافًا حيث قال الرملي من الشافعية” و عُلم مما تقرر أن كل عقد اشترطت فيه الرؤية لا يصح من أعمى”[58].

و يتعارض الجزاف مع بيع السّلم الذي لا رؤية فيه باعتباره بيع آجل ، حيث  يُجمع أهل العلم  على عدم جواز الجزاف في السّلم   لضرورة أن يكون المبيع في السّلم معلوم المقدار لقول الرسول  ” من أسلف في تمرٍ فليسلف في كيل معلومٍ ووزن معلومٍ و أجلٍ معلومٍ”[59].يقول القرافي في تعداده لشروط السّلم في “الذخيرة” ،” الشرط السابع: أن يكون معلوم المقدار بالكيل أو الوزن أو العدد احترازًا من الجزاف”[60].باعتبار أن  الجزاف المقترن ببيع الآجل مفضي للغرر الفاحش.

غير أن الاختلاف قام بين الفقهاء حول ما إذا كانت الرؤية المتقدمة عن مجلس العقد تكفي، فقال الدردير بأن هذه الرؤية مُجزئة لحصول العلم بها وهو مناط الحكم بالجواز[61]، في حين ذهب القرافي في الذخيرة إلى أن الرؤية مُشترطة لصحة البيع هنا وما تقدم منها عن مجلس العقد لا يُذهب الجهل بالمبيع لإمكان تغير  هذا المبيع[62]. والأرجح القول الأول لأن العبرة في الجزاف بقدرة تخمين قدر المبيع فهي التي يحصل بها العلم بالمبيع وليس العبرة بالرؤية المزامنة لمجلس العقد. و هو ما يجوزه الخليل في مختصره قائلاً” و يجوز برؤية بعض المثلي ..و برؤية لا يتغير بعدها”[63].

ويطرح العلم بمقدار المبيع جزافًا حالة ما إذا كان أحد المتعاقدين قد علم بالمقدار دون المتعاقد الآخر. و قد نهى مالك عن ذلك[64] لما تقوم به القرينة على قصد المتعاقد العالم بقدر العين خداع المتعاقد الآخر ، حيث يقول في الموطأ” من صبر صبرةً و قد علم كيلها ، ثم باعها جزافا و كتم على المشتري كيلها، فإن ذلك لا يصلح”[65]. كما تفضي هذه الحالة في نظر الإمام مالك  إلى المخاطرة و القمار[66]. في حين ذهب الحنفية و الشافعية إلى الجواز حيث اعتبرا أنه طالما كان بيع الجزاف جائزًا مع جهل البائع و المشتري بالمقدار فإن علم أحدهما مع جهل الآخر أولى بالجواز[67].و يبدو هذا القول الأخير أرجح باعتبار أن لا دليل على اشتراط جهل المتعاقدين الاثنين بالمقدار[68]، كما أن الغرر أو المخاطرة لا تقوم و لو مع جهل أحد المتعاقدين بالمقدار المنضبط لأنه سيعلم بالمبيع تخمينًا و حزرًا أي دون معرفة قدره على التفصيل ، و هذا ما يُقيم الفرق بين بيع الجزاف و بيع المجهول الذي يتلبس به الغرر و المخاطرة.

غير أن اشتراط الرؤية قد يترتب عليه ضرر أو فساد المبيع كبيع حمولة شاحنة بما يرتبه تنزيلها لمعاينتها من خسارة لصاحبها و كذلك فتح المعلبات، لهذا فإن المتفق عليه لدى الفقه على أنه قد يُستعاض عن الرؤية بغيرها من طرُق العلم ،إذ تقوم مقامها الإشارة للمبيع جزافًا كأن يقول البائع للمشتري بعتك ملء هذا الكيس قمحًا أو بعتك بوزن هذا الحَجرِ لحمًا[69].

لهذا يجيز الجمهور مراعاةً للمصلحة ودرءً للمفسدة بيع ما في الإناء أو في الظرف دون فتحه، باعتبار أن معاينة الظرف أو الوعاء الخارجي تُغني عن معاينة المحتوى و تكفي للإحاطة بجرمه و قدره[70].كما أقرّ فقه القضاء الفرنسي تحديد المبيع في قائمة عامة نظر فيها المشتري بصفة مجملة و غير تفصيلية[71].حيث تم تحديد المبيع بصفة تقريبية ودون جرد مفصل، مما يُلزم المشتري بدفع الثمن المتفق عليه و لو تبين أن العدد أقل مما ورد في العقد[72]. و قد تتعلق المعاينة بمكان المبيع كتعيين المخزن الذي فيه البضاعة ، و يُعتبر هذا التعيين كافيًا، و لا يلزم ليكون البيع جزافًا بيع كل ما في المخزن بل قد يتعلق البيع بربع أو نصف ما في المخزن[73].

كما تُغني الإشارة في مثل هذه الحالة عن الرؤية باعتبارها نافية للجهالة ، و لكن اختلف الفقهاء  فيما إذا كان الوصف المنضبط للمبيع الغائب يغني عن الرؤية  بحيث يصح به بيع الجزاف، حيث  نهى الشافعي في قوله الجديد عن بيع الغائب مطلقًا سوى وُصف أم لا . في حين أجاز مالك[74] ذلك إذا اقترن بخيار الرؤية بحيث يجوز للمشتري رد المبيع في حال عدم المطابقة مع الوصف. وهو القول الأرجح باعتبار تحقق العلم بالمبيع من الوصف.

الفقرة الثانية: الشرط الذاتي للعلم: تخمين مقدار المبيع

لا يحصل العلم بالمبيع في بيع الجزاف بمجرد الرؤية أو ما يقوم مقامها وإنما بالتخمين و الحزر[75] أي التقدير التقريبي لمحل العقد و هو ما يميز بيع الجزاف عن بيع التقدير. فلا يُعتد بالرؤية أو ما يقوم مقامها كالإشارة إذا لم يتمكن بها المتعاقد من تخمين مقدار المبيع.

ويقوم التخمين الذي يقوم عليه العلم بالمبيع جزافًا والمُغني عن التقدير عل وجود مقتضياته وانتفاء موانعه.

1-وجود مقتضيات التخمين وأولها أن يكون المتعاقدان من أهل التخمين لأن سلامة الرضا بالعقد لا تكفي لصحة الجزاف الذي يقتضي تحديدًا القدرة على تخمين الكيل أو العدد أو الوزن.

كما يجب أن يكون المبيع مما يستوجب التخمين والحزرلا التقدير، ومعنى ذلك أن يكون كثيرًا كثرةً مستعصية على العدّ والكيل السريع فلو كان المبيع قليلا أو خفيفا يسهل عدّه أو كيله في الحين لانتفى مقتضى التخمين ولفسد البيع من حيث هو بيع جزاف، ولاستوجب الحال تقدير المبيع بعدّه أو كيله أو وزنه في مجلس العقد. فلا يجوز مثلا مبادلة الدراهم و الدنانير المعدودة لإمكان عدّها [76].

2-انتفاء موانع التخمين وهي أن يكون المبيع كثيرًا كثرةً هائلة مستعصية على التخمين فلا يصح بيع عصافير كثيرة لتداخلها في بعضها و صعوبة حصرها بالعين و هو شأن حمام في برج و النحل في المنحلة و صغار الدجاج في مدجنة كبرى. يقول الدردير” و لا عصافير و نحوها مما يتداخل مع الطير حيةً لعدم تيسّر حزره بخلاف المذبوحة فيجوز “[77].

ويجب ألا يكون المبيع جزافًا قليلاً بحيث يتيسر معرفة مبلغه ومقداره على التفصيل وسبب ذلك أن الجزاف بيعٌ ورد خلافًا للأصل، وهو وجوب التقدير وذلك لوجود المشقة في العلم بالمبيع. فحيث أمكن العلم بسهولة لم يكن للجزاف حاجة ووجب من ثمة تقدير المبيع أو أن يُعلم المشتري بقدره.

وسواء كان التخمين مبنيا على الرؤية أو الإشارة فإن عدم استواء الأرض التي عليها الصبرة يحول دون تخمين قدره، فإذا جعل البائع تحت الصبرة دكةً أو مرتفعًا فإنه يعتبر قد غش المشتري. وإذا كان الأمر يتعلق بالمكيال ألا يكون المبيع في جلدٍ لا ينضبط أو وعاءٍ غير مستوٍ من حيث حيّزه.

ويشترط هنا الفقه لإمكان التخمين في حال بيع الجزاف في وعاء أو ظرف ألا تختلف أجزاء الظرف أو الوعاء من جهة وألا تختلف أجزاء المبيع من حيث الثقل والخفة أو من حيث الميوعة والثخانة من جهة أخرى.

ينتهي التخمين في بيع الجزاف إلى انتفاء الغرر المفسد للعقد وهو المؤثر على الرضى بالمبيع والذي يجعل المبيع محتمل المقدار. كما يجب أن يؤدي التخمين المعتبر لصحة الجزاف في العقد إلى انتفاء الجهالة الفاحشة أي التي لا تكون يسيرة معفو عنها. بحيث لو أدى التخمين إلى جهالةٍ مفضيةٍ للنزاع لوقع العقد باطلاً. ويدلّ على ما تضمنته المادة626من مجلة الالتزامات و العقود التونسية التي أقامت التحديد الجزافي مقام تحديد الكيل و العد و الوزن بحيث ساوت بينهما من حيث الآثار القانونية، مما يفترض معه أن الجزاف يجب أن يؤول لانتفاء الجهالة أما إذا تلبس بها فلا يكون بيع جزاف بل بيع غرر[78].

الباب الثاني: خصوصية بيع الجزاف من حيث آثاره

يخضع بيع الجزاف لنظام البيوع في جانب منه باعتبار طبيعته القانونية كغيره من أنواع البيع، ومنها التزام البائع بالتسليم وضمان العيوب الخفية وضمان الاستحقاق والتزام المشتري بدفع الثمن والتحقق من المطابقة، وغير ذلك من الالتزامات الشخصية المتبادلة بين المتعاقدين والتي تترتب عن سائر البيوع[79]. غير أن بيع الجزاف يخرج عن نظام بيع المثليات في جوانب أخرى تبرز خصوصيته.

المطلب الأول: خصوصية بيع الجزاف من حيث لزومه

ينفذ العقد بمجرد اتفاق الطرفين على الثمن والمثمن، غير أنه وباعتبار أن الأمر يتعلق ببيع الصبرة أو جمع من الأشياء بثمن واحد فقد يزيد المبيع أو ينقص عمّا تم الاتفاق عليه بين المتعاقدين. وهو ما يطرح إشكالية لزوم البيع للطرفين[80].

في مثل هذه الحالة تقتضي القاعدة المنصوص عليها في المادة623من مجلة الالتزامات و العقود بأن المبيعات التي لا يضرها التبعيض و يمكن فيها تفريق الصفقة أنه  ” إن وُجد فرق بالزيادة أو النقصان سواء كان البيع بثمن واحد أو بثمن مفصل فالقاعدة أن يرجع الزائد للبائع وأن يخير المشتري عند النقصان بين فسخ البيع في الكل وبين قبول المبيع على ما هو عليه واعتبار النقصان في الثمن على نسبته” .و هي القاعدة التي أقرها الحنفية و المالكية و الشافعية و هي رواية عند الحنابلة[81] وفي ذلك تحقيق للتوازن العقدي من جهة و مراعاة لاتفاق الطرفين من جهة ثانية [82].و تعتبر هذه القاعدة منطقيةً من حيث أن سبب الثمن هو المبيع فيصبح نقص المبيع يعني نقصًا في سبب التعاقد و من ثمة أصبح العقد غير لازم .

و يتجه الفقه الحديث نفس الاتجاه حيث  دلّل الفقيه الفرنسي ” جاك موري” في أطروحته عند تعرضه لمفهوم” المقابل المقصود””L’equivalent voulu “إلى أن نقص المقابل المتفق عليه في العقد يؤول لعدم لزوم الالتزامات العقدية [83].

أما بالنسبة لبيع الجزاف فباعتباره يقوم على التخمين و الحزر فإنه يخرج عن القاعدة المقررة فقها وقانونًا لبيع التقدير، حيث لا يؤثر على لزومه بين المتعاقدين تفاوت القدر الحقيقي للمبيع زيادة ونقصانا مع ما اتفق عليه المتعاقدان و الا لم يعد للتخمين معنى إذا كان لزوم العقد مرتبطًا بالتقدير النهائي للمبيع. إذ نصت المادة 626من مجلة الالتزامات والعقود على أنه “إذا كان المبيع جزافا …….. فليس للبائع أن يطلب الزيادة في الثمن إذا ظهر أن المبيع زائد في قدره عن القدر المسمى في العقد ولا للمشتري أن يطلب التنقيص من الثمن إذا ظهر أن المبيع بعكس ذلك إلا إذا كان الفرق زيادة أو نقصا مما يبلغ نصف العشر وهذا الشرط يعمل به إن لم يكن منافيا للعرف ولم يحصل تراض بين البائع والمشتري على خلافه.”

تُحقق من ثمة هذه المادة الاستثناء الذي لأجله عمد المتعاقدان لبيع الجزاف. غير أن التفاوت الواقعي لقدر المبيع ما اتفق عليه المتعاقدان يسقط لزوم العقد إذا بلغ النقص أو الزيادة نصف العشر[84].  ويُستفاد من مضمون المادة 626المذكورة أن القانون التونسي أخرج الزيادة بنصف العشر مخرج الغبن الفاحش الذي يصبح معه المتعاقد المغبون جديرا بالحماية القانونية ولو لم يشترط خيار الفسخ أو الرؤية.

ولا يبدو الاختيار التشريعي في هذا المضمار متوائمًا مع الفقه الإسلامي وذلك على مستويين. أما المستوى الأول فإن تفاوت نصف العشر زيادةً أو نقصًا في قدر المبيع لا يعتبر في المكيلات والموزونات والمعدودات تفاوتًا كبيرًا يصير معه الغبن فاحشًا، علمًا بأن جمهور الفقه يذهب إلى أن الغبن يكون “على قدر من الجسامة” إذا تجاوز خمس قيمة المبيع[85]. وأما المستوى الثاني فإننا ولو افترضنا أن الغبن كان فاحشًا فإن الجمهور على أن الغبن الفاحش الخالي عن التغرير لا يترتب عليه الخيار للمغبون، لأن نقصان قيمة السلعة مع سلامتها من العيوب لا يمنع لزوم العقد، والمشتري هو المفرط في ترك التأمل والتقدير.

إن استثناء زيادة أو نقص المبيع عما اتفق عليه الأطراف بهذا القدر اليسير-نصف العشر- من مبدأ لزوم بيع الجزاف سيُفرغ مفهوم الجزاف من محتواه. لأن الغاية من الالتجاء لهذا البيع كانت اتفاق الطرفان مبدئيا على أن العقد لازم بقطع النظر عن عده وكيله ووزنه وهي مقادير لا يُصار إلى ضبطها الا لتحديد الثمن، لا لجعل العقد لازما بين المتعاقدين.

المطلب الثاني: خصوصية بيع الجزاف من حيث انتقال الملكية وتبعة الهلاك

لئن اعتمدت بعض التشريعات خيار فصل عقد البيع عن انتقال الملكية باعتبار نقل الملكية التزامًا يتحمله البائع و منها القانون الألماني[86] و السويسري[87] فإن الفقه الإسلامي يعتبر انتقال الملكية أثرا مباشرا للعقد[88]و ليس مجرد التزام يخضع لإرادة البائع في إتمامه. و هو ما اتجه إليه صراحةً القانون التونسي  في المادة583من مجلة الالتزامات و العقود التي جعلت من انتقال الملكية أثرًا مباشرًا للعقد يترتب عن تراضي الطرفين[89].وكذلك الأمر بالنسبة لانتقال تبعة الهلاك أو مخاطر المبيع من البائع الى المشتري، باعتبار أن هذه التبعة تتبع الملكية[90] عملاً بالمبدأ الفقهي القاضي بأن “الغرم بالغنم”[91].

غير أن هذه القاعدة لا تسري على المكيلات والمعدودات والموزونات باعتبارها مثليات يتوقف انتقال ملكيتها على الإفراز. والمقصود بالإفراز هو تمييز المبيع عما يماثله وذلك بعدّه أو كيله أو وزنه ليصبح محلاً معينًا لانتقال الملكية و انتقال المخاطر[92] . يحل من ثمة الإفراز محل التعيين في القيميات – أي الأشياء المعينة بالذات-[93] .و هو المبدأ الذي كرسه القانون المدني التونسي[94] و الفرنسي[95].

ويحل التخمين في الجزاف محل كل من الافراز في المثليات والتعيين في القيميات بحيث تنتقل بموجبه الملكية والمخاطر منذ إبرام العقد.

1-التعيين جزافًا ينقل الملكية قبل الإفراز: استثناءً من القاعدة التي تقضي بأن انتقال الملكية في الأشياء المعينة بالنوع يتوقف على الإفراز فإنه في بيع الجزاف تنتقل الملكية منذ ابرام العقد، و مفاد هذا الاستثناء أن مناط انتقال الملكية في بيع الجزاف هو التخمين المزامن لإبرام العقد و ليس الإفراز. إلا أنه لم يقع التنصيص صراحةً على هذا الاستثناء في القانون التونسي، وإنما يُستفاد من الجمع بين المادتين 582و583من مجلة الالتزامات والعقود. حيث تنص المادة الأولى على أن بيع الجزاف يتم بمجرد التعاقد، أما المادة الموالية فتنص على انتقال الملكية يتم بمجرد تمام العقد.

ويُستخلص من ذلك أن دائني البائع لم يعد لهم منذ ابرام العقد أي حق في تتبع الأموال التي بيعت جُزافًا ولو لم يتم فرزها وتسليمها. كما يترتب عن ذلك انتقال ملكية ثمار المبيع جزافًا للمشتري منذ تمام العقد[96] .و لا يحق للبائع من تاريخ انعقاد العقد ابرام أي تصرف يكون محله  المال المبيع جزافًا. إلا أنه يجوز له بالمقابل- إذا لم يقبض الثمن -حبس المبيع من تاريخ انعقاد العقد باعتبار أنه أصبح على ملك المشتري[97].

من جهة المشتري يجوز له بالنتيجة لذلك بيع المال الذي اشتراه جُزافًا حتى قبل كيله أو عده أو وزنه[98]. غير أن هذا التصرف يبطله الفقه الإسلامي إلا في العقارات[99]، عملا بحديث الرسول ” لا تبع ما ليس عندك”[100]. و قد ورد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال” رأيت الناس في عهد  الرسول يبتاعون جزافًا –يعني الطعام- يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يُؤوه إلى رحالهم”[101].      

2-التعيين جزافًا ينقل تبعة الهلاك قبل الإفراز: لا تنتقل مخاطر المبيع وتبعة هلاكه للمشتري في بيع التقدير إلا بعد إفرازه وتمييزه عن مثله في الأشياء المعينة بالنوع. وقد نصت المادة586من مجلة الالتزامات و العقود على هذه القاعدة باعتبار أن تبعة المخاطر متلازمة تلازما شرطيا مع انتقال الملكية و هو المبدأ الذي عملت به كذلك المجلة المدنية الفرنسية[102] .في حين قرن الفقه الإسلامي و كذلك أنظمة تشريعية أخرى انتقال تبعة الهلاك بالتسليم و القبض كالمجلة المدنية المصرية [103]و مجلة الالتزامات و العقود المغربية[104] .جاء في روضة الطالبين ” للقبض حكمان أحدهما انتقال الضمان إلى المشتري” [105].

أما في بيع الجزاف و باعتبار أن الملكية تنتقل بمجرد إبرام العقد فإن تبعة الهلاك تنتقل بالتزامن مع ابرام العقد و لا حاجة لإفراز المبيع أو عده أو وزنه .فإذا باع صاحب المخزن جميع القمح الذي في مخزنه جزافا ثم احترق القمح قبل التسليم ، فإنه يهلك على المشتري لا على البائع[106].

وقد أقرت في هذا الإطار محكمة التعقيب الفرنسية أن بيع اثنا عشر ثورا بثمن جملي انطلاقا من ثمن الكيلوغرام الواحد ثم هلاك أحد هذه الثيران المبيعة قبل التسليم لا يلزم البائع بتخفيض الثمن، ذلك أن تبعة الهلاك تقع على المشتري لا على البائع وذلك منذ ابرام العقد ومن ثمة لا تأثير للتسليم على انتقال التبعة[107].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 الخاتمة

 

يتميز بيع الجزاف عن بيع الأموال المعينة بالنوع ببعض الشروط وذلك لخصوصيته باعتبار أن المال المبيع محددٌ بصفة مجملة وتقريبية، لهذا فإن صحته ترتبط بشرط موضوعي وهو الرؤية أو ما يقوم مقامها من إشارة أو وصفٍ. ويجب أن تؤول هذه الرؤية إلى تخمين قدر المبيع ممن يستطيع الحزر و التخمين. وبالتالي فإن التخمين يحل في بيع الجزاف محل التعيين في بيع التقدير.

وتبرز خصوصية شروط بيع الجزاف مع الفقه الإسلامي بشتى مذاهبه وذلك سعيًا منه إلى تجنب المحاذير الشرعية التي قد تتلبس ببيع المال غير المعين ومنها خاصةً الغرر والجهالة والربا. أما مجلة الالتزامات والعقود فلم تتعرض لهذه الشروط بصفة تفصيلية، مما يبقي عقد بيع الجزاف مهددا بخطر البطلان لغياب الحدود الفاصلة بين الجزاف والجهالة المُفسدة للعقد. وهو ما قد يدعو المشرع إلى إضافة هذه الشروط خاصة مع تنوع تطبيقات البيع الجزاف في المعاملات المعاصرة، وما تستدعيه هذه المعاملات من استعاضة عن التقدير بالتخمين الجزافي في عديد العقود.

وإذا اكتملت شروط بيع الجزاف فإن خصوصيته من حيث الآثار تتمثل خاصةً في الانتقال الفوري للملكية وتبعة الهلاك إلى المُشتري منذ إبرام العقد، بحيث لا يتأثر انتقال الملكية ومخاطر المبيع لا بالإفراز ولا بالتسليم، وذلك استثناءً من عموم بيع الأموال المعينة بالنوع الذي ترتبط فيه هذه الآثار بتمييز محلّ العقد بفرزه وتمييزه عن مثله.

 

 

   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-المصادر والمراجع

  -الأحمدي، عبد الله، قانون مدني، العقود الخاصة:1-البيع، تونس1997.

   – الأزهري، صالح عبد السميع جواهر الإكليل في شرح مختصر الخليل، المكتبة الثقافية، بيروت، د.ت.

-إغبارية، أسامة موسى سليمان، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني، جامعة النجاح الوطنية، نابلس –فلسطين 2013.

   -بدران، بدران أبو العينين، الشريعة الإسلامية: تاريخها ونظرية الملكية والعقود، مؤسسة شباب الجامعة د.ت.

بن أنس، مالك، الموطأ، دار الحديث، القاهرة1992.

    بن حزم الأندلسي، أبو محمد سعيد، المحلى في شرح المجلي بالحجج والآثار، تحقيق محمد منير الدمشقي، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى 2015، المجلد التاسع.

 

بن حنبل، أحمد في المسند، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة،1/497.

-بن رشد، محمد ابن أحمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار ابن حزم، ط1، بيروت 1999.

بن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، تحقيق حمد صبحي حلاق، دار إحياء التراث العربي، بيروت، دون تاريخ، ج.7 .

بن عبد البرّ، يوسف ابن عبد الله، التمهيد في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت1999.     

بن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستذكار، تحقيق محمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت 2000.

    -بن العربي، أبو بكر، كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، دراسة وتحقيق د. محمد عبد الله ولد كريم، دار الغرب الإسلامي، لبنان، الطبعة الأولى، 1992، جزء1.

  -بن عمو، نذير، قانون مدني، العقود الخاصة: البيع والمعاوضة، مركز النشر الجامعي، تونس2007.

-بن نجيم، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة بيروت.

-البهوتي، منصور، كشاف القناع دار الكتب العلمية، ط1 ،1997،3.

-الحداد، يوسف أحمد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مكتبة الإمام الذهبي، ط1، الكويت 2015.

 

-حيدر، علي، درر الحكام شرح مجلة الأحكام، تعريب فهمي الحسيني، دار الكتب العلمية، بيروت 1991.

  الدردير، أحمد بن محمد بن أحمد، الشرح الصغير، دار الفكر، بيروت.د.ت.

الدردير، أحمد بن محمد بن أحمد، الشرح الكبير، تحقيق محمد عليش، دار الفكر، بيروت.

الدمشقي، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين، رد المحتار على الدر المختار، تحقيق محمد صبحي حلاق، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت.

الدسوقي، محمد بن أحمد، حاشية على الشرح الكبير، مطبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، د.ت ج.3.

الرملي، أبو عبد الله، نهاية المحتاج، دار الكتب العلمية، بيروت 1993.

الزحيلي، محمد، المعتمد في الفقه الشافعي، دار القلم، دمشق2007.

-الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، الطبعة الرابعة، دمشق1997، ج5.

-الزين، محمد، النظرية العامة للالتزامات،1-العقد، طبعة خاصة، تونس 1993.

-السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، منشورات الحلبي الحقوقية، ط3، بيروت 2011.

الشوكاني، محمد بن علي إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، دار ابن كثير، دمشق ط4.

الصاوي، أحمد بن محمد، بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير، دار المعارف، القاهرة.

الصيفي، عبد الله علي الجهالة وأثرها في عقود المعاوضات، دار النفائس، الطبعة الأولى، 2006، المجلد الأول.

-الغرياني، الصادق، مدونة الفقه المالكي وأدلته، نشر مؤسسة الريان، بيروت 2002.

– فرج، محمد حسن عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية 1985.

-الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، دار الكتب العلمية، بيروت.

– القرافي، شهاب الدين، الذخيرة في فروع المالكية، مطبعة كلية الشريعة بالأزهر، القاهرة 1961.

-المالكي، خليل بن إسحاق، مختصر العلامة خليل، تحقيق أحمد جاد، دار الحديث، القاهرة 2005.

المرغياني، أبو الحسن علي بن عبد الجليل، شرح فتح القدير على الهداية، دار إحياء التراث العربي، بيروت2004.

-المقدسي، ابن قدامة، المغني، دار الفكر، بيروت، مجلد12.

النووي، أبو زكريا، المجموع شرح المهذب، مطبعة التضامن الأخوي، القاهرة.

 

2-مراجع ومقالات باللغة الفرنسية

Encyclopédie Dalloz, “Vente“. –

– GORÉ(F.), « Le transfert de propriété dans les ventes de choses de genre », D. 1954, chron. 176 .

– GORÉ(F.), « Le moment du transfert de propriété dans la vente à livrer », RTD. civ. 1947.161.

-MALAURIE(PH.)  AYNÈS(L.) P. Yves GAUTIER(P.), Droit des contrats spéciaux, LGDJ 2016.

– Marty(G.) et Raynaud(P.), Les obligations, T.1: Les sources, Sirey1988.

-Maury(J.), Essai sur le rôle de la notion d’équivalence en droit civil français, thèse Toulouse ,1920.

 

 

[1]  راجع محمد الزين، النظرية العامة للالتزامات،1-العقد، طبعة خاصة، تونس 1993، فقرة208وما يليها، ص.172.

راجع كذلك: G. Marty et P. Raynaud ,Les obligations, T.1:Les sources,  Sirey1988, p.172, n°173

[2] يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مكتبة الإمام الذهبي، ط1، الكويت 2015، ص.39و ما يليها.

[3]يُعتبر عقد البيع أهم العقود الخاصة المسماة على الإطلاق لهذا كانت أحكامه نظامًا ساريًا على سائر العقود فيما لا يخالف طبيعتها وخصوصيتها، راجع: عبد الله الأحمدي: قانون مدني، العقود الخاصة:1-البيع، تونس1997، ص.13.

[4]عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، منشورات الحلبي الحقوقية، ط3، بيروت 2011، ص.226، فقرة عدد118.

[5]محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي، رد المحتار على الدر المختار، تحقيق محمد صبحي حلاق، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت. ،7/37.

[6]أبو زكريا النووي، المجموع شرح المهذب، مطبعة التضامن الأخوي، القاهرة،9/295.

[7]تصحّ عبارة الجزاف بضم الجيم وكسرها وفتحها، ذكر النووي “أن الجزاف بكسر الجيم وضمّها وفتحها ثلاث لغات، والكسر أفصح وأشهر” راجع “شرح صحيح مسلم” للنووي، باب بيع المصراة، تحقيق خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت ،10/411.

[8]لا يعود أصل لفظ “جزاف” للغة العربية بل هو تعريف للفظ الفارسي” كزاف” الذي يفيد البيع بالتخمين، راجع في أصل اللفظ : علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام، تعريب فهمي الحسيني، دار الكتب العلمية ، بيروت 1991،1/104.

[9]أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، دار الكتب العلمية، بيروت 1/99

 [10]أحمد بن محمد بن أحمد الدردير، الشرح الصغير، دار الفكر، بيروت،3/35و36.

[11] رواه البخاري في صحيحه في كتاب البيوع، باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا ألا يبيعه حتى يُؤويه إلى رحله والأدب في ذلك، رقم2137.

[12] يوسف ابن عبد الله ابن عبد البرّ، التمهيد في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت1999  ،5/313.

[13] الصبرة هي” الطعام المجتمع كالكومة، وجمعها صُبر، سُميت بذلك لإفراغ بعضها على بعض” راجع: محمد أبي الفتح البعلي، المطلع على أبواب المقنع، نشر المكتب الإسلامي، بيروت، د.ت.، ص.231.

[14] يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مرجع مذكور، ص.40

[15]يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، نفس المرجع، الصفحة 195 وما يليها

 [16]نذير بن عمو: قانون مدني، العقود الخاصة: البيع و المعاوضة، مركز النشر الجامعي، تونس2007، فقرة171، ص.197.

[17]يتطابق هذا التعريف مع ما ورد في المادة 374من قانون الموجبات و العقود اللبناني الذي عرف بيع الجزاف بأنه ذاك” الذي يكون موضوعه مجمل أشياء مقابل ثمن واحد ، مع قطع النظر عن العدد و الوزن و القياس. إلا إذا كان المراد منها تعيين مجموع الثمن”.و كذلك المادة 490من مجلة الالتزامات و العقود المغربية التي تضمنت نفس التعريف.

[18]عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.229، فقرة عدد119.

[19] يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مرجع مذكور سابقًا، ص.210.

[20] إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، تحقيق مجمع اللغة العربية ،1/142، مادة جزف.

[21]الصديق محمد الأمين الضرير، الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي: دراسة مقارنة، دار الجيل ط2، بيروت 1990، ص.28.

[22] راجع في مفهوم بيع المجهول ضو أبو غرارة، بيع المجهول أحكامه وآثاره وإشكالية عقود النفط الليبية، منشورات جامعة7أكتوبر، ط1، مصراتة2010، ص.49.

[23]راجع في أن معنى الجزاف هو التخمين، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، القاموس المحيط، تحقيق خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، ط2، بيروت 2007، مادة جزف.

[24]راجع في التطبيقات المعاصرة لبيع الجزاف: أسامة موسى سليمان إغبارية، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني ،جامعة النجاح الوطنية، نابلس –فلسطين2013.

 [25]نفس المُلاحظة نسوقها في شأن تعريف القانون المغربي حيث يتطابق تعريف القانون التونسي للبيع الجزاف مع التعريف الوارد في المادة 501من مجلة الالتزامات والعقود المغربية، راجع كذلك نفس التمشي التشريعي في المادة 429 من القانون المدني المصري والمادة1586  من المجلة المدنية الفرنسية:

Ph. MALAURIE  L. AYNÈS P. Yves GAUTIER, Droit des contrats spéciaux , LGDJ 2016, n°170.

 [26]ومثال الأحكام المتفرقة التي نظمت البيع الجزاف في مجلة الالتزامات والعقود المادة 626 حيث نصت على أنه ” إذا كان المبيع جزافا أو عينا معينة وبيّن في العقد قدره كيلا أو عدا أو وزنا فليس للبائع أن يطلب الزيادة في الثمن إذا ظهر أن المبيع زائد في قدره عن القدر المسمى في العقد ولا للمشتري أن يطلب التنقيص من الثمن إذا ظهر أن المبيع بعكس ذلك”.

[27]راجع في باب “شروط الجزاف”: خليل بن إسحاق المالكي، مختصر العلامة خليل، تحقيق أحمد جاد، دار الحديث، القاهرة 2005، ص.144.  و كذلك صالح عبد السميع الأزهري، جواهر الإكليل في شرح مختصر الخليل، المكتبة الثقافية، بيروت، د.ت. ، ج2، ص8.

 

[28]راجع في تفصيل شروط بيع الجزاف: وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، الطبعة الرابعة، دمشق1997، ج5، ص3675و ما يليها.

[29]تنص المادة 533من مجلة الالتزامات والعقود على أنه “إذا كانت عبارة القانون مطلقة جرت على إطلاقها”.

[30]أحمد بن محمد الصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير، دار المعارف، القاهرة، 3/37. وكذلك الصادق الغرياني، مدونة الفقه المالكي وأدلته، نشر مؤسسة الريان، بيروت 2002، 3/305.

قارن مثلاً في تجويز الحنابلة للجزاف مطلقًا دون تمييز بين المثليات والقيميات، منصور البهوتي، كشاف القناع دار الكتب العلمية، ط1 ،1997،3/195.

[31]أبو زكريا النووي، المجموع شرح المهذب، مذكور سابقًا ،9/312

[32] خليل بن إسحاق المالكي، مختصر العلامة خليل، مرجع مذكور سابقًا، ص.145.  وكذلك صالح عبد السميع الأزهري، جواهر الإكليل في شرح مختصر الخليل، ج2، ص8.

[33]يذهب اتجاه فقهيٌ إلى نفي تكييف البيع عن العقد الذي لا يكون الثمن فيه محددا عند انعقاده، بحيث يكون العقد الذي يُحدد الثمن فيه جزافًا عقدًا غير مسمى وليس بيعًا، راجع عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.228، فقرة عدد119.

[34]عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.228، فقرة عدد119.

[35]راجع المادتين 429من المجلة المدنية المصرية والمادة 374من قانون الموجبات والعقود اللبناني اللتين أقرتا نفس معيار بيع الجزاف المنصوص عليه في المادة 582 من مجلة الالتزامات والعقود التونسية، محمد حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية1985 ، ص.99.

[36]محكمة التعقيب، قرار مدني عدد6748مؤرخ في 21ديسمبر1981 نشرية 1981، ج.4، ص.273.

[37]أبو بكر بن العربي، كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، دراسة وتحقيق د. محمد عبد الله ولد كريم، دار الغرب الإسلامي، لبنان، الطبعة الأولى، 1992، جزء1 ص.822.

[38]محمد بن أحمد الدسوقي، حاشية على الشرح الكبير، مطبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، د.ت ج.3 ص.17و18

[39]مالك ابن أنس، الموطأ، دار الحديث، القاهرة1992، ص.321.

[40] يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مرجع مذكور، ص.174.

[41]أخرجه مسلم1525 .

[42] قارن مع القانون المدني العراقي في المادة 531 والقانون المصري في المادة 429 من المجلة المدنية والمادة 374 من قانون الموجبات والعقود اللبناني.

[43]مالك ابن أنس، الموطأ، مذكور سابقًا، ص.322.

[44]أخرجه مسلم1530 .

[45]رواه أحمد ابن حنبل في المسند، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة،1/497 ، حديث 444 .

[46]الصديق محمد الأمين الضرير، الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي: دراسة مقارنة، مذكور سابقًا، ص.246.

[47] خليل بن إسحاق المالكي، مختصر العلامة خليل، مرجع مذكور سابقًا، ص.145.

[48]مالك ابن أنس، الموطأ، مذكور سابقًا، ص.316

[49]الصنعاني، إجابة السائل شرح بغية الأمل، 1/22.

 [50]محمد بن علي الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، دار ابن كثير، دمشق ط4، 2011، ص50.

[51] عبد الله علي الصيفي، الجهالة وأثرها في عقود المعاوضات، دار النفائس، الطبعة الأولى، 2006، المجلد الأول، ص.135.

[52] راجع في مفهوم العلم الكافي ضو أبو غرارة، بيع المجهول أحكامه وآثاره وإشكالية عقود النفط الليبية، مرجع مذكور سابقًا، ص.252.

[53]الصديق محمد الأمين الضرير، الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي: دراسة مقارنة، مرجع مذكور سابقًا، ص.28.

[54]ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، تحقيق حمد صبحي حلاق، دار إحياء التراث العربي، بيروت، دون تاريخ، ج.7 ص.38.

[55] أبو عبد الله الرملي، نهاية المحتاج، دار الكتب العلمية، بيروت 1993، 3/418.

[56] يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مرجع مذكور، ص.99.

[57] محمد الزحيلي، المعتمد في الفقه الشافعي، دار القلم، دمشق2007، 3/93.

[58] أبو عبد الله الرملي، نهاية المحتاج، مذكور سابقًا، 3/422.

[59]رواه البخاري في صحيحه كتاب السلم، باب السلم في وزن معلوم. كما رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة رقم1604.

[60] شهاب الدين القرافي، الذخيرة في فروع المالكية، مطبعة كلية الشريعة بالأزهر، القاهرة 1961.

[61] أحمد بن محمد بن أحمد الدردير، الشرح الكبير، تحقيق محمد عليش، دار الفكر، بيروت 3/20.

[62] شهاب الدين القرافي، الذخيرة في فروع المالكية، مذكور سابقا، 1/385.

[63] خليل بن إسحاق المالكي، مختصر العلامة خليل، مرجع مذكور سابقًا، ص.145.

[64] راجع في أقوال ابن رشد و اللخمي و غيرهما في عدم جواز بيع الجزاف إذا انفرد أحد المتعاقدين بالعلم ، محمد بن يوسف الغرناطي ،التاج و الاكليل لمختصر الخليل، مرجع مذكور سابقًا، ج3ص.298.

[65]مالك ابن أنس، الموطأ، مذكور سابقًا، ص.328.

[66] ابن قدامة المقدسي، المغني، دار الفكر، بيروت، مجلد12، 4/247. ذهب الحنابلة إلى أن بيع الجزاف جائز إذا جهل المتعاقدان المقدار أو أن يكون المتعاقد العالم بالمقدار هو المشتري.

[67] خليل بن إسحاق المالكي، مختصر العلامة خليل، مرجع مذكور سابقًا، ص.145.

[68] راجع في ذلك أبو محمد سعيد بن حزم الأندلسي، المحلى في شرح المجلي بالحجج والآثار، تحقيق محمد منير الدمشقي، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى 2015، المجلد التاسع، ص.36. يقول ابن حزم” ومن باع شيئا جزافاً يعلم كيله أو وزنها أو زرعه أو عدده، و لم يعرف المشتري بذلك، فهو جائز لا كراهة فيه، لأانه لم يأت عن هذا البيع نهي في نص أصلاً، و لا فيه غش و لا خديعة، و منع منه طاوس و مالك، و أجازه أبو حنيفة و الشافعي و أبو سليمان”.

[69] أبو عبد الله الرملي، نهاية المحتاج، دار الكتب العلمية، بيروت 1993، 3/416.

[70] أبو الحسن علي بن عبد الجليل المرغياني، شرح فتح القدير على الهداية، دار إحياء التراث العربي، بيروت2004، 5/86.

[71]محكمة الاستئناف بباريس 22سبتمبر 1995 ، دالوز1995، معلومات سريعة(IR.) ،ص.230.

[72]محكمة الاستئناف بباريس 22سبتمبر 1995 ، نفس القرار المذكور أعلاه .

[73]عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.227، فقرة عدد119.

[74] محمد بن أحمد ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار ابن حزم، ط1، بيروت 1999، 520.

[75] الحزر هو التخمين و التقدير تقريبيا يقول ابن فارس ” يحزر، فيعمل رأيه فيأخذ الخيار”، راجع مادة “حزر”، معجم مقاييس اللغة ” تحقيق محمد عوض مرعب و فاطمة أصلان، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2/708.

[76] يوسف بن عبد الله ابن عبد البر، الاستذكار، تحقيق محمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت2000، 19/225.

[77] أحمد بن محمد بن أحمد الدردير، الشرح الكبير، مذكور سابقًا 3/21.

[78] يوسف أحمد الحداد، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة، مرجع مذكور، ص.95و96.

[79]راجع في جوانب تماثل بيع الجزاف وبيع التقدير من حيث الآثار عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.231و ما يليها، فقرة عدد120.

[80]راجع في مفهوم العقد اللازم و غير اللازم:بدران أبو العينين بدران، الشريعة الإسلامية:تاريخها و نظرية الملكية و العقود ،مؤسسة شباب الجامعة،د.ت، ص504.

[81]راجع بالنسبة للحنفية مثلا زين الدين ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة بيروت،5/311.وبالنسبة للحنابلة ابن قدامة، المغني، مذكور سابقًا،4/250. راجع كذلك وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، الطبعة الرابعة، دمشق1997، ج5، ص3680.

[82]يرى جانب من الحنابلة بطلان العقد في حال زيادة المبيع أو نقصه عما تم الاتفاق عليه، حيث لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة كما لا يمكن إجبار المشتري على قبول البعض من المبيع. راجع أسامة موسى سليمان إجبارية، بيع الجزاف وتطبيقاته المعاصرة في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني، مذكور سابقًا، ص.84.

[83] J.Maury “Essai sur le rôle de la notion d’équivalence en droit civil français” thèse Toulouse 1920.

[84]نفس الاتجاه سلكه القانون المغربي الذي اعتمد نسبة نصف العشر كحد لجواز مراجعة العقد أو فسخه ، راجع المادة526من مجلة الالتزامات و العقود المغربية.

[85]توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية،1985، ص1630.

[86] الفقرة873 ،925،929 من المجلة المدنية الألمانية.

[87] المادة655 و714 من المجلة السويسرية.

[88] نذير بن عمو: قانون مدني، العقود الخاصة: البيع والمعاوضة، مذكور سابقًا، فقرة162، ص.192.

[89] نفس المبدأ تكرسه المادة 1583من المجلة المدنية الفرنسية. و المادة 66 من اتفاقية فيينا المتعلقة بالبيع الدولي للبضائع. و ترجع هذه القاعدة للقانون الروماني الذي يعمل بمبدأ periculum est emptoris”.”

[90] ترجع هذه القاعدة بالنسبة للقوانين الأوروبية للقانون الروماني الذي يعمل بمبدأ periculum est emptoris”.”

[91] الفصل554من مجلة الالتزامات و العقود.

[92] نذير بن عمو: قانون مدني، العقود الخاصة: البيع والمعاوضة، مذكور سابقًا، فقرة172، ص.198. راجع في نفس المعنى الفقرة الخامسة من المادة228من مجلة التجارة البحرية  التي عرفت الإفراز –أو ما سمته بالتمييز- بأنه العملية التي تتمثل في فرز تلك الأشياء المعينة بالنوع من مجموع شاملٍ توصلاً لانطباق ما وقع فرزه على الأشياء المبيعة.

[93] توفيق حسن فرج: عقد البيع والمعاوضة، مذكور سابقًا، فقرة110، ص.183.

[94]الفصل586من مجلة الالتزامات و العقود. نذير بن عمو: قانون مدني، العقود الخاصة: البيع والمعاوضة، مذكور سابقًا، فقرة173، ص.199

[95]راجع في الفقه الفرنسي:

  1. GORÉ: « Le transfert de propriété dans les ventes de choses de genre », D. 1954, chron. 176 ; F. GORÉ :« Le moment du transfert de propriété dans la vente à livrer », RTD civ. 1947.161.

[96]المادة609 من مجلة الالتزامات و العقود.

[97]عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.801، فقرة عدد402.

[98]المادة584من مجلة الالتزامات و العقود.

[99]راجع في منع التصرف في المال قيل قبضه: ابن قدامة ، المغني ، مذكور سابقًا،4/236.و كذلك  المادة253 من المجلة العثمانية.

[100]رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود. صحيح أبي داود3503.

[101]رواه البخاري في صحيحه كتاب البيوع ، باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافًا أن لا يبيعه حتى يُؤويه إلى رحله و الأدب في ذلك رقم2137. كما رواه مسلم في صحيحه كتاب البيوع باب بيع المبيع قبل القبض رقم1527 .

[102]المادة1585و 1586من المجلة المدنية الفرنسية.   Encyclopédie Dalloz , “Vente, n° 85

[103]راجع عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.232، فقرة عدد121.

[104]المادة 496من مجلة الالتزامات والعقود المغربية.

[105]أبو زكريا النووي، روضة الطالبين، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض، دار عالم الكتب، الرياض،2003، 3/159.

[106]قارن مع القانون المدني المصري الذي لا يفرق في خصوص انتقال تبعة الهلاك بين بيع التقدير وبيع الجزاف حيث تنتقل التبعة في الحالتين بعد التسليم إلا إذا هلك المبيع بعد إنذار المشتري. راجع عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، البيع والمقايضة، مذكور سابقًا، ص.227، فقرة عدد119.

[107]Cass. civ. 1re, 1er février 1983, Bull. civ. I, no 49 ; JCP G. 1984.II.20241, note J. Hémard.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى