تأثير الرقابة الإدارية القبلية التي تمارسها سلطات الوصاية على مالية الجماعات الترابية؟ – لحسن وهزيزي
لحسن وهزيزي
طالب باحث في القانون العام
الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية
تأثير الرقابة الإدارية القبلية التي تمارسها سلطات الوصاية على
مالية الجماعات الترابية؟
مقدمة:
إن الميزانية المحلية تعد أساس التدبير المالي الترابي، فهي تسطر مختلف العمليات والتصرفات المالية للجماعات الترابية المعنية، سواء تعلق الأمر بالسير العادي و الطبيعي لهذه الهيئات اللامركزية، أو تعلق الأمر بالتدبير التنموي و بتنزيل البرامج و المشاريع التنموية تندرج مسآلة الرقابة على المالية المحلية بشكل أساسي في سياق مناقشة الرقابة على الميزانية المحلية، سواء على مستوى آليات الرقابة، أو بخصوص آثارها أو تأثيرها على الإستقلال المالي المحلي أو قدرة الجماعات الترابية على تدبير مخططاتها أو مشاريعها التنموية. (1)
وهذا التصنيف الشكلي أو المرحلي للرقابة المالية والإدارية على أعمال وتصرفات الجماعات الترابية يختزل في طياته مختلف الآليات الرقابية والهيآت المختصة بإجرائها، فالرقابة القبلية تجريها بالدرجة الأولى وزارة الداخلية عبر الدوريات والتوجيهات، والتي تؤثر على مضامين الميزانية المحلية حتى قبل إعدادها، تم تأشيرتها التي تثير بدورها عددا من الإشكالات المرتبطة بماهيتها وعلاقة سلطات الوصاية متمثلة في وزارة الداخلية بأولويات النشاط المالي المحلى وإكراهات الميزانية بشكل خاص.
فوزارة الداخلية، بصفتها السلطة الوصية قانونيا على الشأن المحلي، تصدر مجموعة من الدوريات والتوجيهات المؤطرة والمنظمة للنشاط المالي المحلي ولإعداد الميزانية، وتراقب عند تأشيرها على مشروع البرمجة المالية مدى الإلتزام بهذه التوجيهات (2)
وعلى هذا الأساس فخضوع الميزانية الترابية للرقابة و الوصاية يعد في واقع الأمر تجسيدا لثقل الرقابة و إكراهاتها على مختلف أوجه النشاط المالي المحلي، فالميزانية تخضع للرقابة سابقة على غرار عدد من المقررات الصادرة عن الجماعات الترابية ومجالسها التداولية، بل إن الخضوع الميزانية لهذه الرقابة سابق حتى لإعداد مشاريعها، بحيت قد تتدخل سلطات الوصاية عبر دوريات توجيهية ترافق عملية إعداد التقديرات ومشاريع الميزانية، ومراقبة التدبير المالي و التنموي ومحاولة التحكم فيه أو حتى التأثير عليه و توجيهه، وتراقب سلطات الرقابة مدى إحترام الجماعات الترابية لمضامين هذه المدكرات و الدوريات التوجيهية عند إحالة المشاريع قصد التأشير عليها طبقا للقانون.
الرقابة القبلية يسميها البعض بالرقابة الوقائية أو المانعة و التي تتخد صورة الموافقة القبلية من سلطات الوصاية المتمثلة في الأجهزة الرقابية على القرارات المتعلقة بالتصرف بالأموال قبل تنفيذها. (3)
كإشارة لها انها رقابة تهدف إلى منع وقوع الأخطاء والمخالفات قبل صرف النفقات، والتي ما تعرف برقابة الإلتزام بالنفقات التي تعتبر شكلا من اشكال الرقابة القبلية.
إلى أحد أثرت الرقابة الإدارية القبلية التي تمارسها سلطات الوصاية على مالية الجماعات الترابية؟
من خلال ما سبق فإن سنعالج هاته الإشكالية وفق الشكل التالي:
المبحث الأول: الرقابة القبلية على مالية الجماعات الترابية
المبحث الثاني: تأثير الرقابة الإدارية القبلية على مالية الجماعات الترابية
المبحث الأول: الرقابة القبلية على مالية الجماعات الترابية
الرقابة القبلية هي مجموع من الأليات والمساطر المخولة لهيئات أو أجهزة سلطة إجراء نوع من الرقابة على النشاط المالي للجماعات الترابية قبل إعداد الميزانية بمختلف مراحلها إلى الغاية في تنفيذها وذلك لتفادي الوقوع في المخالفات والأخطاء قبل ترتيب الالتزام على الجهة المصدرة للعمليات المالية
وإن الهدف الأساسي من الرقابة بالأساس على ضمان احترام مجموعة من القواعد والضوابط والإجراءات القانونية والتنظيمية المؤطرة للمجال المالي المحلى(4)
الفرع الأول: الرقابة القبلية على إعداد الميزانية
تشمل الرقابة القبلية جميع مجالات المتعلقة بالنشاط المالي للجماعات الترابية، وبصفة خاصة إعداد الميزانيات. فكل عمليات المالية المدرجة في خانة الميزانية يتوجب إحالتها على سلطات الوصاية من آجل المصادقة عليها قبل التنفيذ.
المطلب الأول: مفهوم الرقابة القبلية على مالية الجماعات الترابية
الرقابة المالية في حد ذاتها هي مجموع من الأليات تتابع مراحل إعداد الميزانية أو تغيير الحسابات الخصوصية أو التعديلات التي تطرأ على بنود الميزانية أو حتى البرمجة المتعددة السنوات.
مضمون الرقابة المالية القبلية
لم تتضمن النصوص القانونية أو التنظيمية آية مقتضيات حول تعريف الرقابة وكذا سلطات الوصاية إلا أن في واقع الأمر لها تأثير فعلي وصائب.
لا تصبح ميزانيات الجماعات الترابية قابلة للتنفيذ إلا بمصادقة سلطات الوصاية بذلك في شخصها وزارة الداخلية، لم تتم النصوص التنظيمية بتعريف الرقابة القبلية بمختلف آلياتها المتعلقة بها، وخاصة معايير ومؤشرات الرقابة وحدودها وهو ما يمنح سلطة تقديرية واسعة لسلطة الوصاية(5)
بل أكتر من ذلك فهي تتدخل فعليا في صياغة الميزانية عن طريق التوجيهات والمذكرات والدوريات قصد دراستها من خلال وضع قواعد وتقديرات المداخيل والنفقات بشأن المصادقة عليها.
وتتمثل شروط إقرار المقررات في الرقابة القبلية للجماعات الترابية في مجالات متعددة(6)، كمراقبة سلامة وصحة العمليات المالية من خلال التأكد الالتزام بالمقتضيات القانونية والتنظيمية، وأيضا الرقابة على مضامين الميزانية، وذلك بمطابقة لقواعد إعداد الميزانية وأخيرا الرقابة الملائمة على مضامين مشاريع الميزانيات الذي يرتكز على مسألة تناسب الأهداف التي يمكن تحقيقها
المطلب الأول: أليات الرقابة القبلية على ميزانية الجماعات الترابية
تهدف أليات الرقابة القبلية على ميزانية الجماعات الترابية في التدخل في مجالات إعداد الميزانية المحلية من خلال وضع قواعد وشروط مسبقة لقبول المشروع المالي، المحال إلى أجهزة الوصاية من آجل المصادقة فتتأثر من خلال آلياتها على شكل ومضمون الميزانية.(7)
وسائل تطبيق الرقابة السابقة على إعداد الميزانية
لممارسة الاختصاصات الرقابة القبلية على إعداد الميزانية تتم من خلال مجموعة من الوسائل المتاحة لسلطات الوصاية قصد وضع قواعد أو معايير إعداد مضامين الميزانية المحلية، كالمذكرات والتوجيهات والدوريات.
- التوجيهات العامة المتعلقة بإعداد الميزانية
تتواصل الدولة مع الجماعات الترابية جميعا عن طريق توجيهات سواء أن كانت دوريات أو مذكرات، لتظافر الجهود في تنمية مخططات التنمية، أتناء تقدير ميزانيات المشاريع في عملية إعداد الميزانية، ويراعى مدى ملائمة التوجيهات لهذه الجماعات الترابية، من خلال تحقيق التوازن التنموي لها، سواء تعلق الأمر بالتنمية
الترابية أو البشرية، لإدراج نشاطها المالي لتنفيذ هذه الأهداف التنموية.
وتؤثر هذه التوجيهات في حالة عدم تطبيقها لاحتمال رفض المصادقة على مشروع الميزانية، فهذا التدخل يبين بوضوح مدى رقابة سلطات الوصاية.
والنتيجة إعاقة لسياسة التنمية المجالية للجماعات الترابية بفعل توجيهات تهم فقط مصالح الدولة لا غير. ففي المقابل حتى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية نفسها تركز على ملائمة الوضع الاقتصادي والاجتماعي بتوجيهات لهذه الجماعات الترابية، مع المخطط الوطني وسياسته العامة التي تخضع لها الدولة.(8)
عن التوجيهات العامة تحدد بشكل عام لصلاحيات الواسعة وهيئاتها لملائمة مقرراتها مع إعداد الميزانية، مع مراعاة الظروف الاقتصادية العامة قبل المصادقة عليها.
- التوجيهات التقنية المتعلقة بالميزانية
إن المراقبة التقنية التي تصدرها الهيئة الوصية كالتوجيهات غالبا ما تكون بالأساس شكلية يغلب عليها الطابع المسطري، وليس أهداف التوجيهات تدبير الميزانية لنشاط المالي.
تعمل التوجيهات التقنية بالأساس لتوجيه الميزانية بإحترام الضوابط الشكلية كإحترام قاعدة السنوية التي تصدر كرسم سنوي، ولتوازن بين المداخيل والنفقات بأصنافها وأنواعها مع إلزامية إدراج النفقات الإجبارية في الميزانية، كما تهدف رقابة مضامين الميزانية من تعليمات سلطات الوصاية لترشيد إستعمال الموارد وتدبير النفقات.
مسآلة إحترام المساطر تطبيق التبويب الميزانية الذي يصنف المداخيل والنفقات ومجالات آدائها وصرفها.
المطلب الثاني: التدخل لتوجيه برمجة الميزانية
الرقابة القبلية لإعداد ميزانية الجماعات الترابية المتمثلة في الدوريات والتوجيهات كألية تهدف تحديد المداخيل والنفقات، ليس ذلك فحسب بل تدقيق في أداء المداخيل والتي تكون في الغالب محولة من قبل الدولة أو الممنوحة لها أو الموارد المستخلصة وصرف النفقات
- قواعد تقدير المداخيل
تقوم سلطات الوصاية بتوجيهات وتوصيات للجماعات الترابية بمناسبة إعداد الميزانية، من خلال قواعد إحترام
الضوابط تضع بها الميزانية، مع مراعاة الموارد المتوفر كلها.
وتتأسس الضوابط لتقدير النفقات في قاعدة الموارد السنتين الماضية والتسعة أشهر الأولى من السنة الجارية(9)، كعملية تعتمد أساسا تقدير الموارد.
- قواعد تقدير النفقات
كمبدأ ترشيد النفقات، فقد أولت سلطة الوصاية إهتمام كبير لهذه العملية التي يكون فيها الإنفاق عبر مجموعة من التوجهات والتوصيات، فقد ضبطت سلطة الوصاية من خلال تقسيم النفقات لنفقات إجبارية التي يتعين صرفها في جه السرعة كنفقة الموظفين والأعوان(10)، بمختلف أصنافهم كنفقات ملزمة تدرج في برمجة إعداد الميزانية.
ونفقة تصفية الدين التي تحظى بأهمية أيضا من خلال الأثار المترتبة للجماعات الترابية في حالة إخلال بإلتزامات مالية أو الفوائد المرتبطة بها. ونفقة التسيير العادية من خلال الإستهلاكات الماء والكهرباء والتجهيزات المتعلقة باليات التي تعمل بها كالسيارات وقودها وإصلاحاتها والتجهيزات الإلكترونية للمكاتب لإستمرار عمل الجماعات الترابية بكل مكوناتها ومرافقها.
تبقى طبيعة تقديرها نفقات التجهيز لمساطر خاصة وطرق رقابتها، فهي بالأساس غالبا ما تكون فوائض تقديرية تم الفائض الحقيقي، لما يبقى من الميزانية التي تصرف نفقاتها على نفقات العادية فقط، دون فوائض في أغلب الأحيان.
الفرع الأول: تطبيقات الرقابة على مشروع الميزانية المحلية
إن كانت القوانين التنظيمية الحالية وأحكام دستور 2011 قد حصر تطبيقات الرقابة على مشروع الميزانية
المحلية في وزارة الداخلية وهيئاتها على أعمال وتصرفات ومقررات المجالس والمقررات التداولية(11). من خلال تأكيد على إحترام مضامين وقواعد مشروع الميزانية التي يتم تسطيرها بالمصادقة للجهات الوصية على مالية الجماعات الترابية.
المطلب الأول: التأشيرة المسبقة للمالية على الميزانية
على غرار حذف التأشيرة المسبقة لوزارة المالية في القوانين التنظيمية الحالية إلا أنه لإفادة مقارنتها بالمصادقة وزارة الداخلية وأوجه الإختلاف في الرقابة في نظامين السابق والحالي.
الأسس القانوني لتأشيرة المالية:
حسب مقتضيات الفصل 13 من ظهير التنظيم المالي السابق للجماعات المحلية، ’’ يصادق وزير الداخلية بعد تأشيرة المالية على ميزانية الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية…ويصادق على ميزانية الجماعات القروية العامل بعد تأشيرة قابض المالية ‘‘، وفق هذه المقتضيات لا تتم المصادقة إلا بتأشيرة أولا لوزارة المالية.(12)
المضمون الرقابي لتأشيرة المالية
إن مضمون رقابة التأشير وزارة المالية على المشاريع الميزانية المحلية تتم أساسا على الجانب الشكلي أو أن القالب الذي تصدر فيه الميزانية يتعلق بالتبويب ويضم فصولا وموارد ونفقات الفصل الخامس من ظهير التنظيم المالي لسنة 1976.
أما فيما يتعلق بمضمون التأشيرة المالية فهي تتميز بأنها لا تتدخل ولا تتعدى الإختصاصات الرقابية المخولة لوزارة الداخلية، مع أنها تشبه إلى التوجيهات وزارة الداخلية في مختلف القواعد وآليات إحتساب نفقات التسيير وتقدير النفقات وإحترام المقتضيات التنظيمية.(13)
يمتد التأشير المالية لعدد من المقررات والمجالس المحلية كتحويل الإعتمادات المفتوحة وإعادة تخصيص الإعتمادات التجهيز وتعديلها، وتأشير على كافة الجبايات والتقديرات المتعلقة بها وكافة العقود التدبير المفوض، تأشر من وزارة المالية مسبقا.
المطلب الثاني: التأشيرة أو المصادقة على ميزانية الجماعات الترابية
تعتبر المصادقة آلية قانونية وتنفيذية في ظل القوانين السابقة والميثاق الجماعي السابق للجماعات المحلية، والتي تختص بالمصادقة المسبقة لسلطة الوصاية قبل تنفيذها وبشكل خاص الميزانيات المحلية. وتبقى الحاجة ملحة لتفضيل في النظام القديم للمصادقة، ولو أن إستبدال المصادقة بالتأشيرة وذلك لأن الوظيفة تقريبا واحدة، أيضا لسبب أن التأشيرة في القوانين التنظيمية الجديدة لم تبدأ أساسا لعدم إصدار النصوص التنظيمية لمنظوماتها وفي أداة التأشير.
- مضمون المصادقة على الميزانيات المحلية
نظم القانون التنظيمي السابقة السلطات والهيئات المخولة لها المصادقة على الميزانية، وعلى مقررات المجلس المحلي قبل تنفيذ الميزانية والآجال القانونية للمصادقة.
- السلطات المختصة بالمصادقة
حدد الميثاق الجماعي السابق إختصاصات سلطات الوصاية المختصة بالمصادقة على ميزانية الجماعات المحلية أو بتعديلها أو تغييرها أو فيما يتعلق بكل التحويلات لميزانية التسيير أو إعادة تخصيص الإعتمادات
نفقات التجهيز(14).
فالعامل بالمصادقة على ميزانية الجماعات القروية، أما باقي الجماعات المحلية فيعود الإختصاص لوزير الداخلية. غير أن الرفع من مبالغ الإعتمادات أو فتح إعتمادات أخرى، لا يتم بنفس آليات المصادقة فيما يتعلق بالميزانية، بل برخصة من الداخلية أو الجهات الوصية بعد تأشيرة وزارة المالية، ففي هذا السياق وجود تناقض لمقتضيات الميثاق الجماعي السابق لسنة 2002 والظهير المنظم للمالية لسنة 1976 مع مبدأ تأشير المالية فيما يتعلق بين المصادقة على قرار المجلس وبين إصدار الإذن أو قرار بتحويل أو برمجة الميزانية.
- الآجال القانونية للمصادقة
حددت الآجال القانونية بإحالة مقررات المجالس المحلية ومجموعاتها إلا سلطات الوصاية، وذلك في آجال 15 يوما(15) غير أن هناك خرق لنص قانوني المحدد لأجال 15 يوما الذي ينتج عنه لجوء الجماعات المحلية لتعديلات أو تغييرات أو تحويلات لمقررات الميزانية أو للجوء بعقد دورات استثنائية عدة.
أما فيما يخص آجال المصادقة على المقررات بالنسبة للجماعات القروية حددت في 30 يوما، أما باقي الجماعات المحلية الأخرى حددت في 45 يوما، يمكن تجديد الأجال المصادقة بمرسوم صادر من وزير الداخلية. غير أن ينتهي أجال دون قرار المصادقة سلطات الوصاية بمثابة قبول ضمني لمقررات الميزانية.(16)
غير أنه يوجد إشكال في حد ذاته فيما يتعلق لمدة الآجال المصادقة من قبل سلطات الوصاية حيت لم يتم تناوله في أي نص قانوني.
المطلب الثالث: الرقابة على برمجة المشاريع التنموية
تشمل الرقابة أيضا حتى البرمجة المشاريع التنموية من قبل سلطات الوصاية من مختلف مراحل برمجتها لرقابة قبلية بالتوجيهات والدوريات التي تصدر برمجة فوائض الميزانية التقديرية والفوائض الحقيقية، وتتم برمجة الإعتمادات حسب مجالات إختصاصاتها القانونية والواقعية وإعتمادات الأشغال الجديدة والإصلاحات والتغيرات.
الرقابة على برمجة فوائض الميزانية
إن التدخل الرقابي لسلطات الوصاية في مجال برمجة الميزانية أو فوائض ميزانية التسيير من ميزانية التسيير ويطرح النفقات من المداخيل، والباقي تضاف إليه فوائض الميزانية الملحقة والخصوصية التي لم تنفق بعد.
ليتم البرمجة على شكل محدد من خلال نفس التوجيهات والدوريات، كما هو معمول به في مسطرة إعداد الميزانية التي تصدر بإذن خاص من وزير الداخلية بعد تأشيرة وزارة المالية. ويلاحظ مدى إحترام لهذه التوجيهات عند عرض المقرر عن المجلس والذي تصدر على شكل تبويب الميزانية المتعلق بالجزء الثاني المختص بالتجهيز.
فمن بين الأثار هذه التوجيهات تقييد عملية إقتناء السيارات أوبناء مقر أو توسيعها بإستثناء الجماعات القروية الجديدة، وتركز البرامج مشاريع تنموية بإجراء دراسات دقيقة قبل إصدار الترخيصات.
الترخيصات في البرامج-المشاريع المتعددة السنوات
تختص سلطات الوصاية في مجال إصدار الترخيصات برامج المشاريع التي تتجاوز تنفيذها سنة كاملة، بخاصية المبادرة الذاتية في أغلب الأحيان. ولاسيما أن أغلب الموارد التي تنفد بها هذه المشاريع من (تحويل الإعتمادات وحصص الإستثنائية من الضريبة الموجهة للتجهيز) هي موارد محولة من الدولة بالأساس، فأغلب الجماعات لاتستطيع تحقيق موارد النفقات الإستهلاكية وبل حتى موارد التجهيز من مواردها الذاتية.
إذن لسلطات الوصاية إختصاصات واسعة لمراقبة مضامين برمجة الفوائض الميزانيات، وبالتالي إصدار توجيهات وجوب تنفيذها من آجل قبول تراخيص وذلك بإدراج المشاريع في التبويب مقررات الميزانية وصولا إلى برمجة مشاريع السنوات المالية والأشطر المتعلق بكل جزء من المشروع وكل فترة زمنية بالإنجاز. (17)
المبحث الثاني: تأثير الرقابة الإدارية القبلية على مالية الجماعات الترابية
المطلب الأول: آثار الرقابة القبلية على مالية الجماعات الترابية
الرقابة القبلية على مالية الجماعات الترابية آثار قانونية حالة القبول أو الاعتراض. ففي حالة القبول تنتج عملية محددة وواضحة لمقرر الميزانية الجماعات الترابية تأشير على مشروع الميزانية وتصبح سارية المفعول.
أما حالة الاعتراض لسبب معين سواء شكلا أو مضمونا على وضع الميزانية، فإنها ترفض التأشير عليها. والملاحظ أن رفض المصادقة لم يتم التطرق في أي نص قانوني، لهذا القرار أو إجراء الرفض باستثناء إرجاعه من جديد لتلك الجماعة الترابية من أجل التداول في مشروع الميزانية والتصويت عليه وإعادته من آجل مصادقة سلطة الوصاية من أخرى ففي حالة الرفض التام لسلطات الوصاية سوء كانت هنالك أخطاء أتناء إعداد الميزانية أو أيضا في حالة عدم الالتزام بالتوجيهات و التوصيات التي تصدرها سلطات الوصاية في المرحلة الأولى من إعداد الميزانية.
المطلب الثاني: الأثار القانونية لتأشيرة المالية
تعتبر تأشيرة وزارة المالية مرحلة أساسيا من أجل إكمال لمسطرة المصادقة على مسطرة المصادقة لوزارة الداخلية، أما في حالة الرفض وزارة المالية التأشير على الميزانية فيحال إلى الوزير الأول للبث فيه بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية.
فمسألة الرفض التأشير يؤثر مضمونا وشكلا في مشروع إعداد الميزانية بالنسبة للمالية فهي تقوم مقام الداخلية في الوقت الحالي في التوجيهات والمدكرات والتوصيات لتأشير على مشاريع الميزانية الجماعات المحلية.
من خلال هذه المقتضيات يتبين بأن سلطة التأشير المسبق المخولة للمصالح المالية تعتبر ذات أهمية ويمكن أم تؤثر بشكل جدي في إعداد الميزانية المحلية ولو بدرجة أٌقل من حدة التأثير على مشاريع الميزانيات المحالة عليها. بمدى إحترام الجماعات الترابية لمضامين هذه المدكرات، إدا كانت المدكرات الصادرة عن سلطة الوصية تعني بشكل مباشر عملية إعداد الميزانية من قبل الجماعة المعنية، فغن مصالح المالية عادة ما تراقب مدى احترام المقتضيات التي تكون هي أساسا مدكرات الصادرة عن وزارة المالية. (18)
لقد كانت المطالبة ملحة لحذف أداة التأشير المالية، وذلك لتكرار عملية التي تقوم بها المالية والداخلية ولتدخل الوصاية الرقابة الإدارية في القانون الجديد وهيأته.
المطلب الثالث: آثار المصادقة على الميزانية المحلية
تترتب المصادقة على الميزانية آثار قانونية سواء بالقبول أو الرفض على مقررات الميزانية تصبح مقررات الميزانية بعد التأشير سلطات الوصاية على الميزانية المحلية، فهذه الآثار تصدر عن سلطات الوصاية كمقررات الإحالة مشروع ميزانية الجماعات الترابية.
هناك حالتين أولا في حالة قبول المصادقة على المشروع الميزانية من قبل سلطات الوصاية تصبح وثيقة الميزانية سارية المفعول وتنفد وفق القواعد والشكليات المصادق عليها من مقررات المشروع.
أما في حالة رفض المصادقة على مشروع الميزانية تعاد لدراستها من قبل المجلس من جديد لقيام بتعديلات أو تحويلات من أجل إحالتها من جديد، وإن تعذرت المصادقة لأي سبب كان فسلطات الوصاية تصدر مقرر المعمول به في آخر ميزانية على أساس إستمرار بإستخلاص المداخيل وأداء النفقات الإجبارية وفق الضوابط والمساطر المعمول بها في القانون السابق، (19) إلى حين المصادقة على الميزانية.
في غالب الأحيان لا تصادق سلطات الوصاية على الميزانية وذلك لغياب تعليمات التي تصدرها من خلال التوجيهات والدوريات من خلال عدم إحترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو اختلال في التوازن الحقيقي بين التقديرات والأنظمة الجاري بها العمل، يتم إعادة مشروع من آجل قراءة جديدة
في هذه الحالة يتم رفض سلطات الوصاية المصادقة على مشروع الميزانية يصدر قرار بإعادته للمجلس المحلي قصد دراسته من جديد، أما في حالة تشبه المجلس بمشروعه فيحال الأمر للوزير الأول قصد البث فيه بمرسوم معلل بإقتراح من وزير الداخلية في غضون ثلاثة أشهر. (20)
رفض المصادقة على الميزانية المحلية وإشكالية الفراغ القانوني
رفض المصادقة لم يتم تناوله في أي قانون ولم يتم التنصيص في مختلف الحالات التي تنتج عنه كآثار قانونية تدور إشكالات حول الفراغ القانوني التي تتحدث عن رفض المصادقة والأثار المترتبة عنه، وحتى النتيجة النهائية لهذا
المشروع الميزانية بالرغم من بث الوزير الأول بمرسوم معلل بإقتراح من وزير الداخلية.
هل يعتبر المرسوم رفض بشكل نهائي أو تعديلي لمقرر الميزانية، ولم تمنح الجماعات الترابية أي صيغة قانونية للجوء للقضاء الإداري للطعن بإسثتناء المجالس الجهوي التي لها الإمكانية. (21)
خاتمة:
إن كان العمل الرقابي أنواعه وآلياته القانونية والعملية وتدخلاته المتعددة في كل مراحله المختلفة يؤثر على النشاط المالي المحلي، فإن هذا التأثير الذي يختلف بمجالاته وبمضامينه يؤثر على الإستقلال المالي للجماعات الترابية.
فالرقابة على الميزانية حتى قبل برمجتها تمس بشكل مباشر في التدبير المالي للجماعات الترابية، وبشكل غير مباشر في التسيير الشؤون المحلية.
إن كان الإستقلال المالي والإداري للجماعات الترابية يعد من أهم المبادئ النظام اللامركزي، فإن المالية المحلية بشكل عام والميزانية وبرمجة المشاريع بشكل خاص يعد من أهم المجالات التي تتدخل السلطات المركزية فيها بشكل مباشر.
فخضوع الميزانية المحلية للرقابة والوصاية المركزية يعد في الواقع ثقلا رقابيا على مختلف أوجه النشاط المالي المحلي.
فالإشكالات المرتبطة في الرقابة والوصاية على المالية المحلية بحد ذاته إشكال، لأن مسألة الإستقلال المالي للجماعات الترابية يرتبط بالأساس بمدى قدرة الجماعات الترابية على التمويل الذاتي والتنمية المحلية. وبمدى قدرة الجماعات الترابية على إيجاد الموارد المالية لتغطية نفقاتها وتسيير برامجها ومخططاتها.
المراجع:
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، طبعة الثانية 2016، محينة ومنقحة
- محمد حيمود، مالية الجماعات الترابية، الطبعة الأولى سنة 2017، مطبعة المعارف الجديدة
- سناء حمر الراس، التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة، أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة 2016/2017، ص138
- لحسن وهزيزي، الرقابة الإدارية على مالية الجماعات الترابية، بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون العام، الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية، جامعة المولى إسماعيل مكناس، السنة 2021/2022
- القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات: ظهير شريف رقم 1.15.83 الصادر في 7 يوليوز 2015، ج.ر عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015.
- القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم: ظهير شريف رقم 1.15.84 الصادر في 7 يوليوز 2015، ج.ر عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015.
- القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات: ظهير شريف رقم 1.15.85 الصادر في 7 يوليوز 2015، ج.ر عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015.
الهواميش:
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص23
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص24
- لحسن وهزيزي، الرقابة الإدارية على مالية الجماعات الترابية، بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون العام، الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية، جامعة المولى إسماعيل مكناس، السنة 2021/2022 ص10
- “دورية وزير الداخلية حول إعداد الميزانية الجماعات الترابية لسنة 2007″دورية عدد 94/م.ع.ج.م.20 شتنبر 2006,ص.1
- دليل الرقابة النظامية المسبقة، مرجع سابق، ص. 20.
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص40
- ديلاوي (ل)، الجماعات الحضرية والقروية بالمغرب ومسألة التواصل، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، 2007، ص. 246.
- الكواري (ع.خ)، دور المشروعات العامة في التنمية الاقتصادية، مرجع سابق، ص .40.
- تنص جميع الدوريات الصادرة عن وزير الداخلية بخصوص إعداد الميزانية المحلية إعتماد هذه القاعدة، ومن أهممها دورية إعداد الميزانية لسنة 2006 السابق ذكره.
- دورية وزير الداخلية حول إعداد ميزانية الجماعات الترابية لسنة 2007″، مرجع سابق.ص.2.
- المادة 115 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية، والمادة 106 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، والمادة 112 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات. مراجع سابقة.
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص70
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص70
- المادة 15 من ظهير التنظيم المالي.
- المادة 69 من الميثاق الجماعي السابق، والمادة 59 من القانون السابق المنظم للعمالات والأقاليم، وكذا المادة 41 من القانون السابق المنظم للجهات.
- المادة 73 من الميثاق الجماعي السابق، والمادة 60 من القانون السابق المنظم للعمالات والأقاليم، وكذا المادة 43 من القانون السابق المنظم للجهات.
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص81
- لحسن وهزيزي، الرقابة الإدارية على مالية الجماعات الترابية، بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون العام، الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية، جامعة المولى إسماعيل مكناس، السنة 2021/2022 ص12
- عبد اللطيف بروحو مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، طبعة الثانية 2016 ، مجلة REMALD، ص72
- سناء حمر الراس، التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات الحكامة، أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سلا، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة 2016/2017، ص138
- المادة 43 من القانون السابق المنظم للجهات.