تعديل المقتضيات المنظمة لمساطر صعوبات المقاولة :المستجدات و الرهانات / تقرير حول أشغال المؤتمر الدولي المنظم من طرف مختبر البحث قانون الأعمال جامعة الحسن الأول سطات
تقرير حول أشغال المؤتمر الدولي المنظم من طرف مختبر البحث قانون الأعمال جامعة الحسن الأول سطات، حول موضوع:
” تعديل المقتضيات المنظمة لمساطر صعوبات المقاولة :
المستجدات و الرهانات”
يوم الأربعاء 27 دجنبر 2017
بقلم: عالي طوير
دكتور في القانون الخاص
عضو هيئة تحرير مجلة القانون والأعمال
برحاب بيت علوم الإنسان جامعة الحسن الأول سطات ،وبحضور خبراء مغاربة وعرب و أجانب في قانون الأعمال،نظم مختبر البحث قانون الأعمال سطات، بتعاون مع مختبر الأبحاث في القانون والحكامة والتنمية بكلية الحقوق جامعة ابن زهر أكادير،وبشراكة مع مكتب فهد الرفاعي وشركاؤه للمحاماة و التحكيم التجاري بالمملكة العربية السعودية ومركز الخطايبة للتحكيم و المحاماة وتصفية الشركات والتدريب بالمملكة الأردنية الهاشمية،يوم الأربعاء 27 دجنبر2017، مؤتمرا دوليا في موضوع:
” تعديل المقتضيات المنظمة لمساطر صعوبات المقاولة :
المستجدات و الرهانات”
افتتح المؤتمر بجلسة افتتاحية تضمنت كلمات ترحيبية،استهلها السيد رشيد السعيد عميد كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية بسطات الذي ثمن المجهودات المتواصلة والمتجددة لمختبر البحث قانون الأعمال في تعميق النقاش حول قوانين الأعمال و ريادته على المستوى الوطني في هذا المجال،متمنيا لأشغال هذا المؤتمر الدولي النجاح،والخروج بنتائج وتوصيات تخدم صناعة التشريع ببلادنا.
مدير مختبر البحث قانون الأعمال ومنسق المؤتمر الدكتور رياض فخري أعرب في كلمته عن اعتزاز المختبر بريادته وطنيا في سبق مناقشة مختلف قوانين الأعمال،وافتخاره بالتأسيس لأعراف وتقاليد أكاديمية علمية أصبحت قارة و مستمرة ومستدامة سنويا منذ 2009 ،سواء عبر تنظيم الندوات الوطنية والدولية أو المنشورات العلمية التي يصدرها المختبر،إضافة إلى تسيير أقوى موقع إلكتروني قانوني في العالمين المغاربي والعربي يصدر عن المختبر مواكبة للتطورات التكنولوجية الحاصلة في إيصال المعلومات القانونية وتداولها، مؤكدا في الوقت نفسه على عزم المختبر مواصلة نفس النهج في مواكبة النقاش العلمي القانوني عبر الاشتغال على مشاريع أفكار بحثية أخرى تكريسا لهذه الريادة.
الكلمات الافتتاحية تواصلت بكلمة السيد مدير مختبر الأبحاث في القانون الحكامة والتنمية بجامعة ابن زهر أكادير،حيث عبر عن سعادته بالشراكة مع مختبر البحث قانون الأعمال في إخراج هذا المؤتمر إلى حيز الوجود، معبرا في الآن نفسه عن الراهنية الكبيرة لموضوع مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة.
الشركاء الأجانب للمؤتمر ،وهم مدراء كل من المركز الليبي للتحكيم التجاري الدولي،ومركز الخطايبة للمحاماة والتحكيم والتدريب بالمملكة الأردنية الهاشمية، فضلا عن ممثل lexis nexis ،عبروا من جهتهم عن اعتزازهم بتنفيذ بنود هذه الشراكة مع مختبر البحث قانون الأعمال على مستوى تنظيم المؤتمر،خصوصا مع الجدوى الكبيرة لتداول وتبادل الأفكار القانونية بين مختلف التشريعات المقارنة.
ختام الكلمات الافتتاحية كان مع كلمة الدكتور مصطفى الفوركي مدير مجلة القانون والأعمال الإلكترونية قدم فيها عرضا تضمن أرقاما وإحصائيات مختلفة،تؤكد الريادة الكبيرة للمجلة على المستويين الوطني والدولي في نسبة تصفحها خصوصا مع التجديد اليومي لمواد المجلة من مقالات وأعمال قضائية ورسائل جامعية،حيث أكد الدكتور الفوركي أن هذه الأرقام التي تبوأ الصدارة على مستوى المجلات القانونية تحفز على الاستمرار في نفس النهج بغية إيصال المعلومة القانونية لجميع المهتمين.
الجلسة العلمية العامة للمؤتمر،اتخذت موضوع لها ” البحث عن فلسفة لإصلاح نظام مساطر صعوبات المقاولة” تحت إدارة الدكتور رياض فخري،استهلها الأستاذ طارق مصدق عضو لجنة تعديل مشروع القانون الخاص بمساطر صعوبات المقاولة، تحدث فيها عن أبرز مستجدات هذا القانون وأبرز الإشكاليات التي حاول الإجابة عنها،فضلا عن مختلف المراحل التي تم المرور منها لغاية خروجه في صيغة مشروع.
ولتسليط الضوء عن التجربة التونسية في مجال نظام الإفلاس ،تحدث الدكتور لطفي الشاذلي – أستاذ بجامعة قرطاج تونس-عن أهم ميزات هذا النظام ،والإشكاليات التي اعترضت تطبيقه على مستوى تونس،خصوصا مع التعارض الحاصل بين البعد الدولي لهذه المسطرة و بين القوانين المحلية التي لا تأخذ غالبا بعين الاعتبار هذه الإستراتيجية الدولية.
بسط التجربة التونسية في مجال المساطر الجماعية تواصل مع مداخلة الدكتورة نجاة براهمي – أستاذة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة تونس المنار- قامت فيها بدراسة مقارنة بين هذا النظام وفقا لما هو مدرج في القانون التونسي وبين ماهو مضمن في القانون الفرنسي.
الأستاذ الدكتور عبد الكريم عباد– أستاذ بكلية الحقوق سطات-،تطرق في مداخلته إلى البعد الدولي لمساطر صعوبات المقاولة المغربية،عبر الحديث عن رهانات تعزيز الأمن القانوني و القضائي للمقاولة،و تحديد نطاق التطبيق الحدودي لهذا النوع من المساطر وسرد مختلف مواقف الفقه والقضاء بخصوص هذه الإشكالية،إضافة إلى الجديد الذي أتى به مشروع القانون الجديد في هذا الصدد.
التجارب المقارنة تواصلت بمداخلة الأستاذ خولة الزتايقي – من المركز الليبي للتحكيم- تحدثت فيها عن الإفلاس في نظام الجماعات المحلية،مقارنة بين القانونين الليبي والتونسي،ومختلف المراحل التي مر منها إقرار هذا النظام،وخصوصيات كل مرحلة منها.
الأستاذة الدكتورة صباح كوتو – أستاذة بكلية الحقوق أكادير- تطرقت للبعد الإجتماعي للمقاولة،عبر الحديث عن وضعية الأجراء في إطار مساطر صعوبات المقاولة،وأوجه الحماية التي يوفرها المشرع للأجراء خصوصا عندما تمر المقاولة بصعوبات،ومدى توفقه في خلق توازن بين استمرارية المقاولة وبين حماية هذه الفئة خصوصا عند التصريح بالديون.
ومن جانبه،تحدث كل من الدكتور عصمان فيلالي – أستاذ بجامعة فرانش كونطي بفرنسا- والدكتور شكيب كانوني حسني – محامي بهيئة الدار البيضاء عن التحكيم والمساطر الجماعية،حيث تطرق المتدخل الأول عن العمل القضائي في مجال التحكيم في علاقته بصعوبات المقاولة،خصوصا وأن هذه الأخيرة تتعلق بالنظام العام الاقتصادي و الاجتماعي.
واعتبر الأستاذ كنوني أن المنظومة القانونية المغربية الحالية مع التعديلات المرتقبة تبقى قاصرة في غياب الجزاءات التي تحمي الدائنين في معالجة صعوبات المقاولة.
ومن جهة أخرى،قدمت الدكتورة نادية قايدي- أستاذة بكلية الحقوق وجدة- عرضا بسطت فيه إشكالية استرجاع الديون في إطار نظام مساطر صعوبات المقاولة التي تعتبر مسألة جوهرية في حالة تعثر المقاولة،وذلك لتهديدها مصالح الدائنين سواء كانوا دائنين عاديين أو ذوي امتيازات،خصوصا مع تعطل القواعد العامة في استيفاء الدين عند فتح هذه المساطر.
وفي معرض المداخلة الموالية ،تحدث الأستاذ عمر الخطايبة مدير مركز الخطايبة للمحاماة و التحكيم والتدريب بالمملكة الأردنية الهاشمية عن مهارات المصفي في حل الإشكاليات العملية التي تواجه التصفية،عبر تشخيص مختلف مراحل التصفية ابتداء من إيداع نسخة قرار التصفية لدى دائرة مراقبة الشركات يتضمن مختلف المعلومات المتعلقة بالمصفي والشركة لغاية اكتمال إجراءات التصفية.
آخر مداخلة في الجلسة العامة للمؤتمر كانت للدكتور محمد لكريمي – خبير محاسب وعضو الخبراء المحاسبيين- تطرق فيها عن دور السنديك في مساطر صعوبات المقاولة،ومختلف الاختصاصات التي يمارسها في إطار هذه المساطر،وعلاقته بالمتدخلين الآخرين كالقاضي المنتدب والمقاولة المتعثرة.
وقد آثار الأستاذ إشكالية إمكانية تحكم القاضي المنتدب في عمل السنديك خصوصا في الدعوى الجارية .
جلسات المؤتمر المسائية قسمت إلى ورشتين إثنتين،الأولى أدارتها الدكتورة إيمان والجي رئيسة شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق سطات،وخصصت لقراءات متقاطعة لورش إصلاح قانون مساطر صعوبات المقاولة،حيث استهل مداخلاتها الدكتور عصام رجب التميمي – محام بفلسطين- تحدث فيها عن حكامة الشركات في دولة فلسطين ،ودورها في حماية المستثمرين،عبر حسن تدبير و إدارة المخاطر المحدقة بالشركات لتفادي الإفلاس،وتعزيز النظام الرقابي في الشق المالي للمقاولات وتوزيع السلطات بشكل معقلن داخلها.
الأستاذ أبو بكر مهم – أستاذ بكلية الحقوق سطات- بدأ مداخلته المتعلقة بتمديد مسطرة التصفية للمسيرين بالحديث عن الحوافز التي دفعت المشرع لوضع نظام مساطر صعوبات المقاولة من خلال مذكرة تقديم مشروع القانون،حيث ركز هذا الأخير على مسألة تحريك عجلة الاستثمار وتحفيزه في إطار الإصلاحات التشريعية الكبرى.
واعتبر الأستاذ مهم أن تعديل البند السابع من المادة 705 من مشروع القانون جاء للحد أو التقليص من حالات تمديد المسطرة للمسيرين،وهنا يتعين إثبات حسن أو سوء نية المسيرين لإعمال هذا التمديد.
بعد ذلك استعرض السيد العربي فريس – نائب رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء- الطابع العقابي في مساطر صعوبات المقاولة والخصوصية التي تميزه عبر بسط مختلف المساطر التي تبناها المشرع في هذا المجال سواء في ما يتعلق بالعقوبات المالية منها أو العقوبات الشخصية.
الدكتور نبيل أبو مسلم – محام بهيئة الدار البيضاء- تناول في مداخلته قاعدة وقف المتابعات الفردية في مساطر صعوبات المقاولة،وذلك تكريسا للطابع الجماعي لهذه المساطر،عبر التمييز بين نوعين من الدعاوى و الإجراءات الكفيلة باستخلاص الديون،الأولى يمنع على الدائنين ممارستها ،وأخرى يتم وقف ممارستها لحين استيفاء بعض الشروط الشكلية.
من جهته،تناول الكلمة الأستاذ محمد نشاط – محام بهيئة سطات ودكتور في الحقوق-،تحدث فيها عن بعض التطبيقات للتوجهات الحديثة للقضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة،مؤكدا على جنوح القضاء التجاري لترجيح الطابع الاقتصادي في تفعيل بنود هذا المساطر،بغية إيجاد الحل المناسب للمقاولة التي تعرف صعوبات.
وقد استعرض الأستاذ نشاط هذه التوجهات الحديثة من خلال شقين،الأول يخص حصر مخطط الاستمرارية،والثاني يتعلق بحماية أصول المقاولة المتعثرة المفتوحة في مواجهتها المسطرة.
الورشة الثانية للمؤتمر أدارتها الدكتورة منى المسلومي – أستاذة بكلية الحقوق سطات وعضو مختبر البحث قانون الاعمال-،جمعت الدكاترة خريجي مختبر البحث قانون الأعمال بسطات،استعرضوا فيها قراءتهم كمختصين في قانون الأعمال للتعديلات القانونية المرتقبة لمساطر صعوبات المقاولة.
في هذا الصدد،تحدث الدكتور رشيد الطاهر – أستاذ بالمدرسة العليا للتكنولوجيا برشيد- عن مسطرة الإنقاذ عبر عرض التجربة الفرنسية لهذه المسطرة،ونطاق تطبيق مساطر المعالجة في مرحلة الإنقاذ ومختلف الصعوبات التي تعترضها.
الدكتور سعد بهتي – أستاذ بكلية الشريعة السمارة- تناول في معرض مداخلته دعوى رفع أجل السقوط المنصوص عليها في المادة 690 من مدونة التجارة ،حيث عرض لكيفية تعامل القضاء المغربي مع هذه المادة عبر اقتباس بعض القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم التجارية في هذا الإطار،وخلص إلى أن المبررات الموضوعية التي يدلي بها غير المصرحين بالديون كالمرض و الأمية وتغيير شعار الشركات – هي مبررات- لا يتم قبولها من طرف أغلب قضاة المحاكم التجارية.
وفي معرض المداخلة الموالية،تطرق الدكتور هشام البخفاوي- أستاذ بكلية الحقوق أكادير- لواقع مردودية المقاولة المغربية ورهان تنافسيتها في ضوء اتفاقيات التجارة الحرة،عبر سرد مجموعة من الأرقام التي تبرر هذا الواقع خصوصا أن حوالي %97 من المقاولات المغربية هي مقاولات صغرى أو متوسطة.
وقد انتقد الأستاذ البخفاوي عدم إخضاع التعاونيات لمساطر صعوبات المقاولة،في تناقض واضح مع المشرع الفرنسي الذي استلهم منه التشريع المغربي العديد من مبادئه.
الدكتور يونس الأزرق الحسوني استعرض العلاقة الجدلية بين المساطر الجماعية وتحصيل الديون العمومية،لأن الهدف الأساسي من الكتاب الخامس هو إحياء الاقتصاد الوطني الذي يعتمد في جزء كبير من مداخيله على الضرائب.
وقد دعا الأستاذ الأزرق إلى الأخذ ببعض التطبيقات الإيجابية من القانون الفرنسي،كالنقطة المتعلقة بتشجيع استمرارية المقاولة عبر التنازل عن بعض الديون المترتبة عن المقاولات من أجل التنازل عن بعض الضرائب.
آخر مداخلة كانت للدكتور عمر السكتاني،تطرق فيها عن الدور الجديد للدائنين في مسودة مشروع قانون مساطر صعوبات المقاولة،ومدى نجاعة المنظومة الحمائية التي جاء بها المشروع،ودور الدائنين في تخليق هذه المساطر.
واعتبر ذ.السكتاني أنه مهما كانت جودة النص القانوني،فإن ذلك رهين بتنزيله وفق تطبيق سليم يراعي مصالح كافة المتدخلين.
الجلسة الختامية عرفت نقاشا عميقا بين جميع المتدخلين و الحضور من المتخصصين و الطلبة الباحثين والمهتمين، والتي انصبت على بعض الإشكالات التي سيطرحها مشروع القانون في حال المصادقة عليه،قبل أن يخرج المؤتمر في نهايته بجملة من التوصيات يبقى أهمها:
- ضرورة إنشاء معهد أو مركز لتكوين مؤسسة السنديك،وجعلها هيئة مستقلة.
- العمل على إنشاء مؤسسة مالية مستقلة لإيجاد حلول مالية ناجعة للمقاولات المتعثرة.
- الدعوة إلى توضيح موقف المشرع بدقة من مسألة تداخل الذمم.
- ضرورة إعادة النظر في المنظومة الجبائية في علاقتها مع المقاولة.
- الدعوة إلى إعادة تنظيم مهمة المصالح والاستئناس بالتجارب المقارنة الناجحة في هذا المجال.
- البحث عن آلية لتمويل المسطرة