تقرير عن مناقشةرسالة لنيل الماستر تقدم بها الطالب يونس مرزوك حول الإمهال القضائي بين قانون الإلتزامات والعقود والقانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
تقرير عن مناقشةرسالة لنيل الماستر تقدم بها الطالب يونس مرزوك حول الإمهال القضائي بين قانون الإلتزامات والعقود والقانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين وعلى أله
وصحبه أجمعين.
وبعد:
ناقش الطالب الباحث مرزوك يونس بتاريخ 8 مارس 2023 رسالته لنيل شهادة الماستر في قانون المنازعات بالكلية المتعددة التخصصات بالراشيدية وذلك في موضوع: “الإمهال القضائي بين قانون الإلتزامات والعقود والقانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك“
هذا وقد تشكلت لجنة المناقشة من:
- الدكتورة فاطمة الزهراء علاوي أستاذة التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالراشيدية رئيسة ومشرفة.
- الدكتور زكرياء ميميح أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بالراشيدية مشرفا
- الدكتور يونس الصالحي أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بالراشيدية عضوا
أما في الموضوع:
فلا جدال أنه من الأسس والثوابت الراسخة في القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، وتفيد هذه القاعدة أن الالتزام الناشئ عن العقد يعادل في قوته الالتزام الذي يرتبه القانون، وبالتالي ليس لأي طرف أن يستقل بإلغاء أو تعديل بنود العقد أو أن يتحلل من التزاماته بطريقة منفردة إلا ما تم استثناءه بنص قانوني، ومن ثم يجب على المدين أن يؤدي التزامه كلما كان هذا الالتزام مستحق الأداء، وإذا حدد له ميعاد للوفاء وجب التنفيذ حين حلول ذلك الأجل وفقا لمضمون الفصل 127 من قانون الالتزامات والعقود، ويجوز للدائن إذا امتنع المدين عن الوفاء طواعية أن يجبره على ذلك عن طريق القضاء، فنشؤ الالتزام صحيحا مستوفيا لكافة شروطه يقتضي بالضرورة تنفيذ المدين له طبقا لمبدأ سلطان الإرادة وحسن النية في تنفيذه.
غير أن الوفاء بالدين أو تنفيذ الالتزام بشكل عام في الوقت المتفق عليه قد لا يتحقق في الكثير من الحالات، ذلك أن العقود الزمنية أو عقود المدة والتي تكون مهددة بظروف وحوادث طارئة غالبا ما تمنع المدين من الوفاء بالتزاماته، من هذا المنطلق تضمنت التشريعات الحديثة نصوصا تسمح بموجبها للقاضي بالتدخل في العقد إلى جانب الطرف المدين عاثر الحظ الذي يمر بوضعية مالية ضيقة لا تسعفه في الوفاء بدينه خلال موعد استحقاقه، وذلك عن طريق إمهاله مدة معينة يتدبر خلالها أمره ليستعيد قدرته على أداء دينه، والإمهال الممنوح في هذه الحالة يعتبر إمهالا قضائيا تميزا له عن الإمهال القانوني أو الاتفاقي.
وبالرجوع إلى الى الجذور التاريخية لمنشأ الإمهال القضائي نجد أن الشريعة الإسلامية كانت سباقة في وضع الأحكام الشرعية المنظمة لمهلة الميسرة وذلك لما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمان، ومن ضمن ما جاء في القرآن الكريم نذكر قوله سبحانه وتعالى في محكم كتابه ” وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون” الآية 280 من سورة البقرة.
أما بالنسبة للتنظيم القانوني للإمهال القضائي، نجد أن جل التشريعات الحديثة قد عملت على تقنينه بموجب نصوص صريحة من بينها المشرع المغربي، حيث أنه بالرجوع إلى مقتضيات قانون الالتزامات والعقود نجد أن التأسيس القانوني للإمهال القضائي قد تم بموجب التعديل الذي عرفه الفصل 243 من ق ل ع بتاريخ 18 مارس1917 ، حيث تمت إضافة فقرة ثانية لهذا الفصل والتي جاء فيها “… ومع ذلك، يسوغ للقضاة، مراعاة منهم لمركز المدين، مع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق، أن يمنحوه آجالا معتدلة للوفاء، وأن يوقفوا إجراءات المطالبة، مع إبقاء الأشياء على حالها”.
ونظرا للأهمية التي يحظى بها الإمهال القضائي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ورغبة المشرع في الحفاظ على استمرارية العقد وتفادي فسخه، فقد عمل هذا الأخير على تبني هذه الآلية في القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك بتصور حديث وبسلطة تقديرية أكثر، وتوظيف إمكانات القضاء الاستعجالي في حالات معينة الإمهال القضائي بين قانون الالتزامات والعقود والقانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك لتوفير حماية قضائية للمستهلك في أوضاع تتطلب تدخلا قضائيا استعجاليا، وذلك من خلال تنصيصه في الباب الثاني المتعلق بالقرض العقاري في الفصل 149 على إمهال المستهلك المقترض الذي يجد نفسه أمام وقائع لم يكن يتوقع حصولها كالفصل عن العمل، أو حالة اجتماعية غير متوقعة تحول دون أداء الدين المترتب في ذمته بموجب هذا القرض.
وبالتالي يمكن القول بأن هذا القانون جاء بقيمة مضافة للقواعد العامة، تهدف إلى ضمان التوازن في العلاقة بين المستهلك والمهني، وذلك من خلال تنظيم هذه العلاقة بقواعد من النظام العام، قصد حماية الطرف الضعيف في هذا العقد، وحماية حقوقه الاقتصادية
والاجتماعية.
انطلاقا مما ذكر أعلاه فإن موضوع الإمهال القضائي بين قانون الإلتزامات والعقود والقانون المتعلق بتدابير حماية المستهلك، يكتسي أهمية بالغة سواء على المستوى العلمي الأكاديمي أو العملي التطبيقي، كما أنه يثير جملة من الإشكالات شق منها مرتبط بما هو اقتصادي اجتماعي والشق الآخر ذو اتصال بما هو قانوني قضائي.
الأمر الذي دفعنا إلى طرح إشكالية رئيسية، نحاول من خلالها ملامسة كافة جوانب الموضوع وهي كالآتي: ما مدى توفق كل من المشرع والقضاء المغربيين من خلال قانون الالتزامات والعقود والقانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك تنظيم وضبط قواعد الإمهال القضائي على النحو الذي يراعي تحقيق التوازن العقدي؟.
وقصد الإجابة على هذه الإشكالية حاولنا مقاربتها وفق تصميم ثنائي يتناول
موضوعات هذا البحث في فصلين:
الفصل الأول: عنونته ب ” الإمهال القضائي بين إنصاف النص وتباين التطبيق”
وذلك من أجل الإجابة على عدة تساؤلات، والتي تنصب بالأساس حول تحديد ماهية
الإمهال القضائي، وكذا الأساس القانوني المنظم للإمهال القضائي، وأيضا الشروط المتطلبة
للاستفادة من هذه المكنة، وذلك وفق الآتي:
4المبحث الأول: مضمون المهلة القضائية وأساسها القانوني
المطلب الأول: ماهية المهلة القضائية وتميزها عن الأنظمة المشابهة لها
المطلب الثاني: االأساس القانوني للإمهال القضائي وعلاقته بالنظام العام
المبحث الثاني: الشروط المتطلبة لمنح الإمهال القضائي
المطلب الأول: الشروط الخاصة بطرفي العلاقة التعاقدية
المطلب الثاني: الشروط الموضوعية لمنح المهلة القضائية
أما الفصل الثاني فقد عنونته ب قواعد إعمال الإمهال القضائي والآثار المترتبة عليه
والذي من خلاله حاولنا الإجابة على مجموعة من التساؤلات أهمها:
ما هو القضاء المختص في منح المهلة القضائية؟
كيف تعامل القضاء مع النص التشريعي المقرر للإمهال القضائي سواء في قانون
الالتزامات والعقود أو قانون حماية المستهلك؟
5ما لآثار المترتبة عن منح المدين آجالا لتنفيذ التزامه؟
ما أسباب انقضاء المهلة القضائية؟
لذلك حاولنا تقسيم هذا الفصل على النحو الآتي:
المبحث الأول: القواعد الإجرائية لمنح الإمهال القضائي
المطلب الأول: الجهة القضائية المختصة بمنح الإمهال القضائي
المطلب الثاني: إجراءات سير دعوى الإمهال القضائي
المبحث الثاني: اثار اعتماد نظرية الامهال القضائي وأسباب سقوطها
المطلب الأول: آثار استجابة المحكمة لطلب الإمهال القضائي
المطلب الثاني: أسباب سقوط الامهال القضائي
وفي ختام هذا الموضوع، فقد توصلنا إلى مجموعة من الخلاصات وهي كالآتي:
- أن آلية الإمهال القضائي تعد استثناء وخروجا عن القاعدة التي تفيد بأن العقد شريعة المتعاقدين، والتي من خلالها أجاز المشرع المغربي للقاضي سلطة التدخل في تعديل العقد في مرحلة تنفيذه، وذلك بمنح المدين المعسر بصفة عامة والمستهلك المقترض بصفة خاصة، أجلا لتنفيذ التزامه في حدود المدة المنصوص عليها قانونا بموجب الفصل 243 من ق ل ع والمادة 149 من ق ح م، مراعيا في ذلك مصلحة الدائن ومستندا إلى جملة من الضوابط والشروط القانونية التي ينبغي مراعاتها في منح الأجل؛
- أن مجال إعمال المهلة القضائية في ق ل ع واسع من حيث مدى إمكانية تطبيقها على جميع المعاملات بغض النظر عن مصدر الدين أو محله، على خلاف ق ح م الذي حصر مجال تطبيق الإمهال القضائي في القروض العقارية والاستهلاكية؛
- أن المقتضيات المنظمة للإمهال القضائي سواء في ق ل ع أو في ق ح م تعتبر من النظام العام، بحيث لا يصح مطلقا الاتفاق على مخالفتها؛
- أن إذا كان المشرع قد حدد من خلال الفصل 149 من ق ح م الجهة القضائية المختصة بمنح المهلة القضائية في رئيس المحكمة باعتباره قاضيا للمستعجلات، فإنه على خلاف ذلك في القواعد العامة حيث يثير الفصل 243 من ق ل ع مجموعة من التأويلات والتضارب في الآراء سواء على المستوى الفقه أو القضاء حول الجهة القضائية المختصة في منح الإمهال؛
- أنه في حالة استجابة المحكمة لطلب الإمهال القضائي، فالحكم ينتج عنه إيقاف إجراءات المطالبة وإبقاء الأشياء على حالها مع إمكانية تجزئة الالتزام الذي يكون محله مبلغ من النقود إلى أقساط تؤدى كل فترة زمنية معينة، كما يحق للدائن اتخاذ الإجراءات التحفظية على أموال المدين خوفا من التصرف فيها يضر بضمانه العام أو القيام بتهريبها إلى وجهة مجهولة.