تنفيذ الأحكام أمام القضاء التجاري
ابتسام الهاشمي
طالبة باحثة بسلك الماستر المقاولة والقانون
جامعة الحسن الأول
سطات
مقدمة:
يعتبر التنفيذ مظهرا من مظاهر الحماية القضائية للحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن خلاله تبرز قوة القضاء والتي لا تتحقق فقط بالفصل في النزاعات وإقرار الحقوق وإنما في إيصال هذه الحقوق إلى أصحابها، فالمتقاضي لا يلجأ إلى القضاء من أجل إقرار حقه فقط وإنما من أجل التمتع به كذلك.
فمصداقية القضاء وهيبته وقوته لا تتحقق إلا بتنفيذ أحكامه، فعدم التنفيذ يؤدي إلى ضرب دولة الحق والقانون، وانعدام الثقة في الجهاز القضائي، وتنفيذ الأحكام من دون شك مناط العدالة ومصدر هيبة القضاء ومدعاة ثقة المتقاضين فيه لذا كان من اللازم وضع استراتيجية لتدبير هذا الموضوع، اعتبارا لما يشكله الامتناع عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية من خروج سافر عن القانون ومساس بهيبة السلطة القضائية وحقوق الأشخاص[1].
والتنفيذ بوجه عام هو الوفاء بالالتزام عينا أو بما يقابله، وهو إما أن يكون اختياريا لا يثير أي مشكل وإما أن يكون إجباريا تقوم به السلطة العامة، فالأصل هو قيام المدين بتنفيذ التزاماته اختياريا وبصفة تلقائية وذلك دون لجوء الدائن إلى الاستعانة بأي سلطة لإجباره على ذلك، وهذا ما يسمى بالتنفيذ الإجباري[2]، وقد يمتنع المدين عن تنفيذ التزامه اختياريا حينها تدخل السلطة القضائية أو الإدارية في التنفيذ وهو ما يسمى بالتنفيذ الجبري، من هنا سنطرح الإشكالية التالية: إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من تحقيق الحماية القانونية لتنفيذ الأحكام أمام القضاء التجاري؟
الأمر الذي يطرح بعض الأسئلة المحورية من قبيل:
- ما هي خصوصية التنفيذ أمام القضاء التجاري؟
- ما هي الإشكالات التي يطرحها التنفيذ أمام الجهة المختصة؟
للإجابة عن هذه الإشكالية سنقوم بتقسيم الموضوع إلى مطلبين.
المطلب الأول: صعوبات التنفيذ
المطلب الثاني: الإشكالات المتعلقة بتنفيذ الأحكام أمام المحاكم التجارية
المطلب الأول: صعوبة التنفيذ
تعرض المشرع المغربي للصعوبات في تنفيذ الأحكام القضائية في الفصل 26 و149 و436 و468 و491 من قانون المسطرة المدنية ويقصد بالصعوبات في التنفيذ كل المسائل التي تعترض تنفيذ الحكم القضائي سواء كانت ذات طابع واقعي أو كانت ذات صبغة قانونية محضة[3]، ويميز عادة بين الصعوبات الوقتية التي تتعلق بجوهر النزاع (الفقرة الأولى) والصعوبات الموضوعية التي تعترض أحكام المحاكم التي أصدرت الحكم المتعرض على التنفيذ (فقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الصعوبات الوقتية والاستعجالية
الصعوبات الوقتية في التنفيذ هي المنازعات التي يثيرها الأطراف المنفذ لهم أو المحكوم عليهم أو العون المكلف بالتنفيذ وذلك بهدف إيقاف عملية وإجراءات التنفيذ وقد نظمها المشرع المغربي في الفصلين 149 و436 من ق.م.م. ويميز عادة بين الصعوبات الوقتية التي لا تتعلق بجوهر النزاع والصعوبات الموضوعية التي تعترض أمام المحاكم التي أصدرت الحكم المتعرض على تنفيذه أمام الجهة المختصة في صعوبات التنفيذ ويشترط لقبول الصعوبات الوقتية أو الاستعجالية الشروط التالية[4]:
- ضرورة توفر عنصر الاستعجال
ينص الفصل 149 من ق.م.م على أنه “يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات الوقتية بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية، أو أي إجراء آخر تحفظي…” وترجع أهمية هذا الشرط في كونه يهدف إلى تجنب المحكوم عليه الآثار السلبية التي تمس بمصالحه إذا ثم تنفيذ الحكم الصادر ضده ويبقى إثبات توفر عنصر الاستعجال وافقا على مثير الصعوبة، وإن صاغ للطرف الآخر أن يدفع بانعدامه وباختصاص محكمة الموضوع بالبث في الصعوبة المثارة على أن لقاضي المستعجلات أن يثير توافر العنصر المذكور بصورة تلقائية ودون أن يخضع لرقابة محكمة النقض.
- عدم المساس بالجوهر
يستنتج من الفصل 152 من ق.م.م الذي ينص على أنه: “لا تبث الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر”.
ولما كان الأمر يتعلق بالصعوبة في التنفيذ، فإن رئيس المحكمة المختصة يتخذ إجراءا مؤقتا أو تحفظيا لا يمس بموضوع النزاع يتمثل في وقف التنفيذ مؤقتا والاستمرار فيه إلى حين صدور الحكم بشأنه موضوعيا على أنه “يمكن لقاضي الأمور المستعجلة البحث في المستندات المقدمة إليه بحثا عرضيا، ويستخلص من مظاهر الحجج المعروضة عليه ما إذا كان النزاع جديا أم لا”.
وقد جاء في قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ما يلي: “إن مبدأ عدم اختصاص قاضي المستعجلات بالمس بجوهر لا يحول دون أن يبحث ظاهر المستندات المقدمة إليه توصلا للقضاء في الإجراء الوقتي المرغوب فيه دون مساس الموضوع”[5].
- تكون الصعوبة جدية
حسب مقتضيات الفصل 436 من ق.م.م ينبغي أن يقوم رئيس المحكمة بتقدير مدى جدية الصعوبة في التنفيذ التي يثيرها إما المنفذ له أو المحكوم عليه أو العون المكلف بالتبليغ أو التنفيذ، فإذا تبين له أن الادعاءات التي تقدم بها مثير الصعوبة لا تهدف إلى تعطيل التنفيذ والمماطلة والتسويف والمساس بالشيء المقضي به، فإن الرئيس يقوم والحالة هذه بصرف النظر وعدم الاستجابة للادعاءات المذكورة، أما إذا اتضح للرئيس بان الصعوبات جدية قام بإيقاف التنفيذ.
ويتعين أن نشير إلى أن القضاء في بعض قراراته يميز بين إيقاف التنفيذ والصعوبة في التنفيذ، ومما جاء في هذا الإطار ما يلي:
“وحيث أن هناك اختلاف بينها وأساسيا بين الأساس القانوني للصعوبة في التنفيذ وإيقاف التنفيذ، وحيث إن الأحكام بالنفقة إن كانت مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ولا يمكن إيقاف تنفيذها طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 147 من ق.م.م فإن ذلك لا يمنع من تقديم طلب الصعوبة في لتنفيذ بشأنها في حالة ما إذا كانت هناك أسباب جدية يمكن اعتمادها بتقديم هذا الطلب”[6].
ويمكن إضافة شرط آخر يضاف إلى الشروط أعلاه وهو إثارة الصعوبة في التنفيذ قبل تمام التنفيذ وإجرائه، أما إذا انتهت إجراءاته فلا محل للنظر في مثل هذه الادعاءات وعلى رئيس المحكمة أن يصرح بأن الطلب غير ذي موضوع.
الفقرة الثانية: الصعوبات الموضوعية
نظم المشرع المغربي الصعوبات الموضوعية في التنفيذ بمقتضى الفصل 26 من ق.م.م الذي جاء فيه “تختص كل محكمة مع مراعاة مقتضيات الفصل 149 بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل أو تنفيذ أحكامها أو قراراتها وخاصة في الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤداة أمامها.
لا تستأنف الأحكام الصادرة طبق الفقرة السالفة إلا إذا كانت الأحكام في الدعاوى الأصلية قابلة في نفسها للاستئناف”.
ويقصد بالصعوبات الموضوعية هي النزاعات التي يثيرها الأطراف أو الغير قبل التنفيذ والتي يثيرها الأطراف أو الغير أو عون التنفيذ أثناء التنفيذ بإجراءاته وبوقائع حدثت بعد صدور الحكم بحيث لو صح لأثرت في التنفيذ ونتج عنها إيقافه أو تأجيله[7]، وتنعت هذه الصعوبات الموضوعية بهدف تمييزها عن الصعوبات التي يمكن أن تثار أمام قضاء الأمور المستعجلة وهي –وعلى خلاف الصعوبات الوقتية- تعرض على ذات المحكمة التي أصدرت الحكم حسب ما يقضي به الفصل 26.
وتجدر الملاحظة أن الصعوبات الموضوعية تثار أمام محكمة الموضوع قبل مباشرة إجراءات التنفيذ في غالب الأحيان، وذلك لأن الصعوبات الوقتية هي التي يتمسك بها قبل التنفيذ أثناءه أما بعد تمام التنفيذ فلا الصعوبات الوقتية ولا الموضوعية يمكن أن تكون موضوعا للإثارة أمام الجهة المختصة.
تثار دعوى الاستحقاق الشرعية بمناسبة إجراء حجز تنفيذي على الأصل التجاري بعدما حصل البائع صاحب الامتياز أو الدائن المرتهن على حكم القاضي ببيعه أو الدائن العادي بعدما يكون بيده حكم نهائي بالأداء ليتم بيعه بالمزاد العلني، نظرا إلى طبيعة بعض الأصول التجارية التي تتطلب مجموعة من الأجهزة التي يتم توريدها وتأجيرها في إطار عملية الائتمان الإيجاري فيكون المدين المنفذ لديه غير المالك لها، فإجراء الحجز عليها سيلحق أضرارا بمالكيها باعتبارهم ليسو أطرافا في الحكم المراد تنفيذه لأجل ذلك وجدة مقتضيات المادة 468 وما يليها من ق.م.م لحماية هؤلاء الأغيار عن طريق دعوى الاستحقاق الفرعي، أمام قضاء الموضوع داخل أجل 8 أيام ابتداء من يوم صدور الأمر، هذا إلى جانب دعوى بطلان الإجراءات المسطرية للتنفيذ المرفوعة إلى محكمة الموضوع والرامية إلى بطلان إجراءات التنفيذ التي لم تحترم الشكل القانوني المسطر وقد يتعلق الأمر بالإخلالات التي تشوب مسطرة الحجز أو الإجراءات المسطرية للإستدعاءات والإشهار كما تتعلق بالحكم القضائي نفسه[8].
ومع ذلك فلو قارنا بين الصعوبات الوقتية والصعوبات الموضوعية لوجدنا أن للأولى أهمية قصوى من الناحية العملية وهو ربما ما قد يلاحظ من خلال عدد الصفحات المخصصة لكل منها[9].
المطلب الثاني: الإشكالات المتعلقة بتنفيذ الأحكام أمام المحاكم التجارية
إن تنفيذ الأحكام والأوامر القضائية هو الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء إذ لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له، كما أن عدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم له،ويضرب على عرض الحائط ثقة المتقاضين في الجهاز القضائي، والجدير بالذكر أن هناك مجموعة من الإشكالات التي تعيق تنفيذ الأحكام والأوامر أمام القضاء التجاري وهو ما سيتم التطرق إليه عبر فقرتين:
إشكالات تنفيذ الأحكام والأوامر التجارية (الفقرة الأولى)، خصوصية تنفيذ الأحكام والأوامر أمام المحاكم التجارية بمقتضى نصوص خاصة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إشكالات تنفيذ الأحكام والأوامر التجارية
أولا: إشكالية تحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي
إذا كان المشرع قد أكد على أن المحجوز عليه يبقى حائزا للأموال المحجوزة إلى أن يتحول الحجز التحفظي إلى حجز آخر. فإنه في هذه الحالة تطرح إشكالية القواعد القانونية الواجبة التطبيق بعد الأمر بتحويل الحجز التحفظي، فهل يمكن التقدم بطلب رفع الحجز التحفظي في الوقت الذي تحول فيه هذا الحجز إلى حجز تنفيذي؟
جوابا على هذا التساؤل يذهب المجلس الأعلى إلى اعتبار أن الحجز التحفظي يعد إجراءا احترازيا، يلجأ إليه الدائن لضمان حقه في مواجهة مدينه وينتهي مفعوله بمجرد تحويله لحجز تنفيذي، إذ يتم الانتقال من مرحلة وضع يد القضاء على الشيء المحجوز عليه إلى التنفيذ عليه، وطالما يتعلق الأمر برفع الحجز في هذه المرحلة فإن القواعد القانونية الواجبة التطبيق هي تلك المتعلقة بالحجز التنفيذي وليس الحجز التحفظي[10]ـ كما يطرح تحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي إشكال آخر يتعلق حول ما إذا كان الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية الودية يؤدي إلى رفع الحجز التحفظي والحجز التنفيذي معا، يذهب القضاء[11] في هذا الصدد إلى تقرير أن الحجز التحفظي لا يعد إجراءا تنفيذيا ولو تم التنصيص عيه في الكتاب الرابع من القسم التاسع من ق.م.م المخصص لطرق التنفيذ، لأنه مجرد إجراء تحفظي لا أثر له على المسطرة الجماعية الخاصة بالدائنين ولا على المحجوز عليه، وإنما شرع لحفظ حقوق الدائنين، وبالتالي فإن الحكم يفتح المسطرة الودية وإن كان لا يؤدي إلى رفع الحجز التحفظي، فإنه بخلاف ذلك يؤدي الحكم المذكور إلى رفع الحجز التنفيذي، تطبيقا دائما لنفس المبدأ.
ثانيا: الإشكالية المتعلقة بحجز وبيع الأصل التجاري بين مدونة تحصيل الديون العمومية ومدونة التجارة
كما هو معلوم فالأصل التجاري يدرج ضمن المنقولات والمنقول هو الشيء الذي يمكن نقله من مكان لآخر، شريطة ألا يكون مرصودا على استغلال عقار بطبيعته، أو مرتبطا بصفة دائمة[12]، وبالرجوع للمادة 448 من مدونة تحصيل الديون العمومية جاء فيها “، وبالرجوع للمادة 448 من مدونة تحصيل الديون العمومية جاء فيها ” يتم حجز الأثاث والأمتعة المنقولة والمحاصيل والثمار تنفيذا للترخيص المشار إليه في المادة 37 بطلب من المحاسب المكلف بالتحصيل وطبقا لأحكام قانون المسطرة المدنية، وبما أن الأصل التجاري يعتبر منقولا فحجزه من المحاسب لا يتطلب استصدار أمر قضائي من طرف القابض[13]، في حين أن حجزه من غير المحاسب يتطلب استصدار أمر قضائي، يقضي بالحجز على الأصل التجاري، وحجزه يتم كليا أو جزئيا وفقا لما جاء بالمادة 455 من ق.م.م التي نصت أنه “إذا تعلق الأمر بأصل تجاري تضمن المحضر وصف العناصر المادية وتقدير قيمتها وتتخذ نفس الإجراءات إذا اقتصر الحجز على أحد عناصره”.
ويجب عليه إذا تم تبليغ الإنذار أن يجري مباشرة بواسطته حجزا تنفيذيا، دونما ترخيص حسب المادة 37 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
إذا كان المشرع جعل الإنذار أول إجراء من إجراءات التحصيل الجبري بجائز، فإن الإنذار القانوني فإن الإنذار يبلغ إلى المدين بعد انصرام أجل 30 يوما من تاريخ استحقاق الدين، ومضي 20 يوما على توجيه الإنذار بدون صائر، عند الانتهاء من تحرير محضر الحجز وتضمينه البيانات اللازمة وتوقيعه من طرف مأمور التنفيذ وتبليغ نسخة من محضر الحجز إلى المدين المحجوز عليه، يجب تقييد محضر الحجز بالسجل التجاري بالمحكمة التجارية الموجودة بدائرة نفوذها الأصل التجاري، بعد الانتهاء من هذه الإجراءات يتم سحب نسخة من النموذج تتضمن تقييد حجز يتم المطالبة ببيع الأصل التجاري.
واستكمالا لما بدأناه يمكن حجز الأصل التجاري قبل اللجوء إلى المحكمة التجارية بعد اتخاذ مجموعة من الإجراءات، فحسب مدونة تحصيل الديون العمومية فإن الحجز الذي هو إجراء تنفيذي جبري على أموال المدين المنقولة لا يتم إلا بعد مرور 30 يوما على تبليغ الإنذار ويحق للمحاسب المكلف بالتحصيل مباشرة إجراء الحجز على جميع منقولات المدين ما عدا الاستثناءات غير القابلة للحجز المنصوص عليها في المادة 44 من مدونة تحصيل الديون العمومية، ويجب مراعاة عدة شروط قبل مباشرة إجراء الحجز منها:
- تبليغ الإنذار الذي يعذر فيه المدين أنه في حالة عدم الأداء سيتم حجز أصله التجاري، لأنه لا يمكن الشروع في إجراءات حجز الأصل التجاري.
- الترخيص بإجراء الحجز الممنوح من طرف رئيس الإدارة للمحاسب المكلف بإجراءات الحجز على أموال المدين المادة 443 و37 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
- احترام الآجال القانونية: لأن التحصيل الجبري عن طريق الحجز لا يمكن إلا إذا تم احترام الآجال المتعلقة به، فلا يشرع في الحجز إلا بعد مضي 30 يوما على توجيه الإنذار حسب المادة 44 من مدونة تحصيل الديون العمومية في حالة ما إذا صادف هذا الأجل يوم عطلة أو يوما معطلا فإن الشروع في الحجز لا يمكن أن يتم إلا في اليوم الموالي.
يستثنى من قاعدة مرور 30 يوما بعد توجيه الإنذار عندما يعق اختيار المحاسب المكلف بالتحصيل ببداية أخر الأثاث أو الثمار الخفية.
جاء في قرار المجلس الأعلى[14]، من نصه “وحيث إن الحجز التحفظي وإن تحدثت عنه نصوص قانون المسطرة المدنية في القسم المخصص لطرق التنفيذ فإنه حسب مفهوم المادة 653 من ق.ت التي تمنع وتوقف على إجراء التنفيذ بعد الحكم بالتسوية، لا يعد إجراءا تنفيذيا وإنما هو مجرد إجراء تحفظي لا تأثير له على سير المسطرة الجماعية وعلى المحجوز عليه بل فيه حفظ لحقوق جميع الدائنين…”
بعد استنفاذ الوسائل الرضائية يتم اللجوء إلى البيع القضائي أو ما يعرف بالبيع الجبري للأصل التجاري، الذي يتم بواسطة حكم التنفيذ بالمحكمة فإجراءات البيع منصوص عليها في المادة 113 من م.ت التي نصت على أنه “يجوز لكل دائن أن يطلب من المحكمة التي يقع بدائرتها الأصل التجاري بيع أصل المدين المحجوز جملة مع المعدات والبضائع التابعة له، تقرر المحكمة أنه في حالة لم يدفع المدين ما عليه في الأجل المضروب يقع بيع الأصل التجاري استجابة لعريضة الدائن نفسه وذلك بعد القيام بالإجراءات المنصوص عليها في المواد 115 و117، وإذا تخلف المدين عن إجراء البيع في الأجل المضروب تأمر المحكمة بمتابعة لإجراءات الحجز التنفيذي واستمرارها ابتداء من آخر أجل وقفت عنده.
تعين المحكمة عند الاقتضاء مسيرا مؤقتا لإدارة الأصل التجاري وتقييمه ووصف عناصره، ويحدد الثمن الافتتاحي للمزاد والشروط الأساسية للبيع.
يعهد القيام بالبيع إلى كاتب الضبط، ويتعين عليه تسلم الرسوم والوثائق المتعلقة بالأصل التجاري، وأن يحرر التحملات ويأذن للمزايدين للإطلاع عليها يصدر الحكم خلال 15 يوما التي تلي أول جلسة يكون الحكم قابل للتعرض مشمول بالنفاذ على الأصل، ويكون للاستئناف الحكم آخر موقف ويصدر قرار المحكمة خلال 30 يوما ويكون قرارها قابل للتنفيذ على الأصل.
كما يمكن أن نطرح التساؤل يهدف إلى معرفة قيمة الأصل في حالة حجز عنصر أو عنصرين منه، ويمكن صياغة السؤال على النحو التالي: ما قيمة الأصل التجاري إذا تم حجز عنصر أو عنصرين منه؟
للجواب على هذا التساؤل تجيب الحياة العملية على أن الحجز الجزئي للأصل التجاري إجراء قانوني من شأنه يلحق ضررا كبيرا بقيمة الأصل التجاري وقد نصت المادة 120 من م.ت “أنه لا يجوز بيع واحد أو أكثر من العناصر المكونة للأصل التجاري المثقل بتقييدات كل على حدة متى كان البيع بموجب حجز تنفيذي” وفي هذا الصدد هناك حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط تحت عدد 704 في الملف رقم 18/171/93 بتاريخ 29/11/1993 جاء فيه “حيث أنه بالرجوع إلى محضر الحجز المنجز ضد المدعية نجد أنه شمل عناصر أصلها التجاري دون البعض الآخر الشيء الذي من شأنه أن ينقص من قيمة الأصل التجاري مما يتعين معه استجابة لطلب البيع الإجمالي لهذا الأخير”.
الفقرة الثانية: خصوصيات تنفيذ الأحكام والأوامر أمام المحاكم التجارية بمقتضى نصوص خاصة
أولا: خصوصيات التنفيذ في قانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية.
- الحجز الوصفي للمنتجات المدعى تزييفها.
خول القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية (تم تعديله بمقتضى القانون رقم 23.13 المؤرخ في 2014/11/21) لصاحب طلب البراءة اختراع أو صاحب براءة أو صاحب الرسم أو النموذج الصناعي أن تثبت لجميع الوسائل التزييف الذي يدعي أنه ضحية له، ويحق له أن يقوم بناء على أمر من رئيس المحكمة بواسطة مفوض قضائي بوصف المنتجات المدعى تزييفها سواء أكان الوصف مجردا أو وصفا وحجز عينة وهكذا تنص المادة 211 من قانون 17.97 على ما يلي: “يجوز لصاحب طلب براءة اختراع أو صاحب براءة أن يثبت بجميع وسائل التزييف الذي يدعي أنه ضحية له من جهة أخرى أن يقوم بناء على أمر من رئيس المحكمة التي ارتكب التزييف بدائرتها الترابية بواسطة مفوض قضائي، بوصف مفصل للمنتجات أو الطرائق المدعى تزييفها، سواء من خلال حجز هذه الأخيرة أو بدونه يمكن أن ينجز هذا الإجراء بمساعدة خبير مؤهل، يمكن لتنفيذ الأمر المذكور إيداع المدعي لمبلغ على سبيل الضمان يجوز لرئيس المحكمة أن يأذن بموجب نفس الأمر لمفوض قضائي للقيام بمؤازرة خبير مؤهل بأية معاينة مفيدة لأجل تحديد أصل التزييف ومحتواه ومداه.
يخول نفس الحق لصاحب الامتياز في حق استغلال استئثاره تحت قيد الشرط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 202 من القانون السالف الذكر، وإلى صاحب ترخيص إجباري أو ترخيص تلقائي تحت قيد الشرط المنصوص عليه في المادة 210 إذا لم يرفع المدعي القضية إلى المحكمة داخل أجل لا يزيد على 30 يوما تبتدئ من يوم تنفيذ الأمر أعلاه، ويعتبر الوصف المفصل سواء أكان ذلك بالحجز أم بدونه باطلا بقوة القانون دون الإخلال بما يحتمل منه من تعويضات، كما تنص المادة 219 من ذات القانون على ما يلي “يجوز لصاحب الرسم أو النموذج الصناعي أن يثبت بجميع الوسائل التزييف الذي يدعي أنه ضحية له، ويحق له من جهة أخرى أن يقوم بناء على أمر من رئيس المحكمة التي ارتكب التزييف في دائرتها الترابية بواسطة مفوض قضائي بوصف مفصل للمنتجات المدعى تزييفها، سواء من خلال حجز هذه الأخيرة أو بدونه”.
يمكن أن يوقف تنفيذ الأمر المذكور على إيداع المدعي لمبلغ على سبيل الضمان يجوز لرئيس المحكمة أن يأذن بموجب نفس الأمر لمفوض قضائي للقيام بمؤازرة خبير مؤهل بأية معاينة مفيدة لأجل تحديد أصل التزييف ومحتواه ومداه.
كما يجوز لرئيس المحكمة أن يأذن بنفس الأمر الحجز أو أي شكل آخر من أشكال التحفظ على المواد والأدوات وعناصر الإثبات الوثائقية في شكل أصول أو نسخ ترتبط بإلحاق الضرر وأية معاينة مفيدة للوصول إلى أصل المخالفة وطبيعتها ومداها، كما يمكن أن يوقف التنفيذ الأمر المذكور على إيداع المدعي لمبلغ على سبيل الضمانات لتأمين منح التعويض المحتمل عن الضرر اللاحق بالمدعى عليه إذا صدر فيما بعد حكم يقضي بعدم ارتكاز دعوى التزييف على أساس، إذا لم يرفع المدعي القضية إلى المحكمة داخل أجل لا يزيد عن ثلاثين يوما تبتدئ يوم تنفيذ الأمر أعلاه، اعتبر الوصف المفصل أو الحجز باطلا بقوة القانون دون إخلال بما يحتمل منحه من تعويضات، في هذا الصدد ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء[15] “إلى أن استصدار أمر رئاسي قضائي من أجل وصف المنتجات المتنازع حولها وحجز عينة لا يرقى إلى درجة الإجراء التحفظي ويعد من قبل معاينة المنتج ووصفه يساعد في إثبات واقعة التزييف أثناء دعوى الموضوع، واعتبار محضر الحجز الوصفي يعد من قبيل الإجراءات التحفظية المنصوص عليها في الفصل 179-2 من القانون رقم 17.97 في غير محله”.
إذا كان رئيس المحكمة يصدر أمره بإجراء وصف للمنتجات المدعى تزييفها فهو يأمر كذلك بالقيام بالإجراءات التحفظية الهادفة إلى حجز هذه المنتجات ومنعها من التداول.
ثانيا: الإشكال المتعلق بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية
إن الأحكام التحكيمية تبقى بدون فعالية في مواجهة الأطراف إذا لم يتم تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف القضاء، وتختلف مسطرة تذييل المقررات التحكيمية الوطنية عن تلك المقررات التحكيمية الأجنبية وفي هذا الصدد يطرح التساؤل حول: ما هي المسطرة المتبعة لمنح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية الوطنية في المادة التجارية؟ إن حكم المحكم الصادر داخل المغرب في الميدان التجاري لا يصبح نافذ المفعول إلا بإعطائه الصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة التجارية المختصة والتي ينفذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو الرئيس الأول للمحكمة الاستئناف التجارية إذا كان النزاع التجاري معروضا على محكمة الاستئناف التجارية وتم عرضه على المحكمين بناء على اتفاق الأطراف[16]، كما أن اختصاص رئيس المحكمة التجارية بهذا الشأن يخضع لنفس الشروط المضمنة في الفصل 320 وما يليه من ق.م.م وفي هذا الإطار يودع طلب حكم المحكمين، ولا يصدر الرئيس أمره إلا بعد التأكد من أن حكم المحكمين غير معيب ببطلان يتعلق بالنظام العام أو مشوب بخرق شكليات التحكيم[17]، كما ينص الفصل 327-31 من ق.م.م على أنه “لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها، يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن أحد المحكمين أو الطرف الأكثر استعجالا داخل أجل 7 أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره، إذا تعلق التحكيم باستئناف حكم، وجب إيداع الحكم التحكيمي لدى كتابة ضبط محكمة الاستئناف وفقا لمقتضيات الفقرة السابقة، ويصدر الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية عن الرئيس الأول لهذه المحكمة”.
وللتوفيق بين ضمان حقوق الدفاع المتمثلة في تعدد درجات التقاضي، وبين اعتبارات السرعة في فض المنازعات التجارية، جعل المشرع المغربي خضوع الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين للاستئناف عن تعيين المحكمين أو بعد تعيينهم وقبل صدور الحكم، وفي حالة ما إذا لم يتفق الأطراف مسبقا على التخلي عن استئناف الأمر القضائي بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، فإن هذا الأمر يكون قابلا للاستئناف ضمن الإجراءات العادية، كما أن القرارات الاستئنافية الصادرة في هذا الإطار تكون قابلة للطعن فيها بالنفض أمام الغرفة التجارية بمحكمة النقض، كما ينص على ذلك الفصل 327 من ق.م.م[18]، وبخلاف ما كان منصوص عليه في الفصل 322 من ق.م.م المعدل الذي كان يسمح للأطراف الطعن بالاستئناف أو النقض في الأوامر الرئاسية القاضية بمنح الصيغة التنفيذية فإن القانون الحالي بمقتضى الفصل 327-32 من ق.م.م لم يعد بإمكان الأطراف الطعن في الأوامر القاضية بمنح الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، وإنما فتح لهم باب الطعن بالبطلان إذا توفرت شروطه المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 327-36 من القانون السالف الذكر، ومن بين المستجدات التي جاء بها القانون الجديد أيضا أن الأمر القاضي برفض الصيغة التنفيذية يجب أن يكون معلل، ويكون هذا الأمر قابلا للطعن بالاستئناف وفق القواعد العامة داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ[19].
أما التساؤل الثاني فيتخذ القالب الآتي ذكره: أي خصوصية لمنح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية الأجنبية في المادة التجارية؟
إن الجديد في القانون 08.05 المعدل لمقتضيات الفصول 306 إلى 327 من ق.م.م أتى بتنظيم جديد لما يعرف بالتحكيم التجاري الدولي ليسد الفراغ التشريعي في هذا الباب، وبالتالي أصبح هناك تنظيم خاص بالتحكيم الدولي[20].
وفي نطاق المجهودات التي تبدلها المنظمات والهيئات الدولية لإقرار نظام التحكيم الدولي حتى يكون هذا الأخير مفعوله وأهميته صدرت معاهدات واتفاقيات من أجل الاعتراف بالمقررات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها، وتتجلى هذه الأهمية المبذولة من أجل الاتفاقيات والمعاهدات التي يفوق عددها تلك التي أبرمت من اجل الاعتراف وتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية[21]، وفي هذا السياق نشير إلى معاهدة نيويورك التي وقعت سنة 1958 تحت رعاية الأمم المتحدة، والتي صادق عليها المغرب بموجب ظهير 19/2/1960 وإلى جانب هذه المعاهدة هناك اتفاقية جنيف ل 21 أبريل 1961، وقد أكدت محكمة النقض على أن المقررات التحكيمية الأجنبية تخضع فيما يهم صيرورتها قابلة للتنفيذ بالمغرب إلى أحكام الفصل الثالث من اتفاقية نيويورك الصادرة بتاريخ 9/6/1958 المصادق عليها من طرف المغرب بمقتضى ظهير 19/2/1960 والتي تجعل تنفيذ المقرر التحكيمي الأجنبي خاضعا لقواعد المسطرة المتبعة في التراب المستقبل فيه المقرر، مما يدل على إسناد الاختصاص في هذه الحالة للقانون الوطني موضوع الفصل 320 من ق.م.م يهم التحكيم الداخلي والدولي[22].
يرى الأستاذ عز الدين الكتاني بأنه كلما عرض أحكام المحكمين الدوليين على المحاكم المغربية للحصول على الصيغة التنفيذية وإلا وقوبلت بالترحاب[23].
ثالثا: خصوصية التنفيذ المعجل في الأحكام الصادرة في مساطر صعوبات المقاولة
إن تسوية وصيغة المقاولة تتطلب أن تسير الإجراءات وفقها بالسرعة اللازمة فبمجرد الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية يلزم المشرع في كل الإجراءات والتدابير المقررة في الحكم القضائي حتى يتم الحفاظ على حظوظ إنقاذ المقاولة، لذلك قرر المشرع التنفيذ المعجل بقوة القانون في الأحكام الصادرة في المساطر الجماعية، ويطرح التساؤل حول مدى إمكانية وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون بفتح مسطرة المعالجة القضائية أو بحصر أحد المخططين (الاستمرارية والتفويت) كأحد الحلول التي يتم اقتراحها في إطار مسطرة التسوية القضائية أو بخصوص تعديل المخطط أو فسخه مثلا، خصوصا عندما تكون طلبات وقف التنفيذ وجيهة ومعقولة؟
للإجابة على هذا التساؤل سننطلق من مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 147 من ق.م.م لنقول بأن الأحكام والأوامر الصادرة في إطار مسطرة المعالجة القضائية لها طبيعة النفاذ المعجل بقوة القانون وبالتالي لا يمكن إيقاف تنفيذها، والهدف من إقرار هذه القاعدة في إطار الأحكام والأوامر الصادرة في مادة مساطر المعالجة هو تفادي الأثر الواقف الذي ينتج عادة الطعن في المقررات الصادرة عن المحكمة، والذي لا يتوفر وطبيعة مسطرة المعالجة، والتي تتميز بالسرعة في تنفيذ الأحكام قبل اكتسابها قوة الشيء المقضي به، في محاولة للحفاظ على ما تبقى من أصول المقاولة[24]، وهكذا فالوضع بالنسبة للتشريع المغربي يسوده الغموض، لغياب مقتضيات تشريعية من شأنها أن تساهم في تفادي بعض الآثار السلبية التي قد تنجم عن التنفيذ المعجل للأحكام والأوامر الصادرة بمناسبة بث المحكمة في مسطرة المعالجة.
وعلى العكس من مدونة التجارة، نجد المشرع نص على بعض الاستثناءات من خلال مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 5 التي حددت صنفين من الاستثناءات.
- صنف يعيد الاستئناف أثره الواقف بقوة القانون كالأحكام التي تسمح ببيع أموال مثقلة بضمان خاص أو الأحكام التي تقضي بالمنع من صلاحية التسيير أو مراقبة المقاولة.
- الصنف الأخير يتعلق بتلك الأحكام التي تبقى خاضعة لتقدير الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وهو يبث كقاضي للمستعجلات في استئنافها أو الأحكام التي تحمل المسيرين، جزء من الخصوم أو تخصصهم لمسطرة التسوية ففي مثل هذه الأحكام يمكن لرئيس المحكمة إذا تبينت له جدية الوسائل المثارة في الطعن أن بأمر إيقافها، ويتميز التنفيذ المعجل بقوة القانون والذي يعتبر من النظام العام لأنه امتياز يأتي على سبيل حصر حالات يعينها المشرع[25]، في مادة صعوبات المقاولة عن ذلك المعروف في القواعد العامة في كونه مقرر كأصل وقاعدة في الأحكام والأوامر الصادرة فيها دون تعداد وتحديد حصري ما عدا استثناء المشرع نفسه، بخلاف الوضع في القواعد العامة حيث لا يجوز الحكم بالتنفيذ المعجل بقوة القانون والحالات التي ينص عليها المشرع وسيما المادة 728 من م.ت التي تنص صراحة على أنه: “تكون الأحكام والأوامر الصادرة في مادة مساطر صعوبة المقاولة والتصفية القضائية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ما عدا تلك المشار إليها في البابين الثاني والثالث من القسم الخامس المتعلق بسقوط الأهلية والتفالس والجرائم الأخرى”.
إذن هذا الفصل قلب المبادئ العامة فأصبح الاستثناء هو القاعدة في إطار نظام يفرض على الجميع ولا يمكن التنازل عنه فالطرف الذي طلب قضائيا فتح المسطرة لا يتحكم في الآثار الناتجة عن الحكم الصادر لأنها لا تكون حتما في صالحه، بحيث قد يكون المدين هو الذي طالب بفتح المسطرة ومع ذلك يطبق النفاذ المعجل على الحكم إضافة إلى ذلك، وبخلاف ما هو مقرر في القواعد العامة حيث يتحمل الطرف الذي يستفيد من التنفيذ المعجل مسؤولية هذا التنفيذ، فإن الحكم الصادر بفتح المسطرة والمشمول بالنفاذ المعجل تتولى تنفيذه الأجهزة التي يعينها الحكم ذاته.
خاتمة:
استنتاجا لما سبق وقفنا على فكرة مفادها أن التنفيذ في الواقع العملي مازال يطرح مجموعة من المشاكل والإكراهات، فأصبح من اللازم تبني مجموعة من الحلول من أجل تحسين عمل هذه المؤسسة وذلك عن طريق إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ لدى كل المحاكم تسند إليه جميع الاختصاصات المتعلقة بالبث في الأحكام سواء الولائية أو القضائية ويقوم بمراقبة ملف التنفيذ، ومعاينة كل إجراءات التنفيذ قبل وبعد إنجازه، كما يتعين تحسين مستوى الأعوان المكلفين بإجراءات التنفيذ ناهيك على تنظيم تداريب عملية مكثفة من أجل القيام بعمليات التنفيذ ومناقشة العراقيل والبحث عن الحلول الكفيلة، وجعل تنفيذ الأحكام من اختصاص محكمة مكان التنفيذ نظرا لما تطرح الإنابة من تعطيل وطول إجراءات التنفيذ.
لائحة المراجع
- نورة غزلان الشينوي: “التوجهات الأساسية للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة”، “التنظيم القضائي للمملكة”، الطبعة الأولى 2006، مطبعة الأمنية الرباط.
- الطيب برادة: “التنفيذ الجبري في التشريع المغربي”، عن شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى سنة 1988.
- عبد الكريم الطالب: “الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية”، الطبعة الثامنة، ماي 2017، مكتبة المعارف.
- هدى بو الهند: ” اختصاصات رؤساء المحاكم الاجتماعية/الزجرية/التجارية/الإدارية”، مطبعة الأمنية، الرباط.
- محمد بولمان: “الصعوبات الواقعية والقانونية المثارة في إطار الفصل 436″، مقال منشور في مجلة المحاكم المغربية عدد 75.
- مأمون الكزيري: “التشريع العقاري والضمانات العينية”، مطبعة العرفان، الرباط 1977/1976.
- عبد الرحيم نجار: “القضاء التجاري والمنازعات التجارية”، دون ذكر الطبعة والسنة.
- حميد الأندلسي: “التحكيم التجاري الدولي:، مقال منشور بدفاتر المجلس الأعلى، العدد 2 سنة 2002.
- عبد الكريم عباد: “دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، الموسم الجامعي 2003/2004.
- محمد السماحي: “نظام التنفيذ المعجل للأحكام المدنية في القانون المغربي، دراسة مقارنة”، مؤسسة عبور للطباعة، الرباط، الطبعة الثانية.
الفهرس
مقدمة:…………………………………………………………………….1
المطلب الأول: صعوبة التنفيذ…………………………………………………3
الفقرة الأولى: الصعوبات الوقتية والاستعجالية……………………………………3
الفقرة الثانية: الصعوبات الموضوعية…………………………………………..5
المطلب الثاني: الإشكالات المتعلقة بتنفيذ الأحكام أمام المحاكم التجارية…………….7
الفقرة الأولى: إشكالات تنفيذ الأحكام والأوامر التجارية……………………………8
أولا: إشكالية تحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي……………………………8
ثانيا: الإشكالية المتعلقة بحجز وبيع الأصل التجاري بين مدونة تحصيل الديون العمومية ومدونة التجارة……………………………………………………………..9
الفقرة الثانية: خصوصيات تنفيذ الأحكام والأوامر أمام المحاكم التجارية بمقتضى نصوص خاصة……………………………………………………………………12
أولا: خصوصيات التنفيذ في قانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية……….12
ثانيا: الإشكال المتعلق بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية…………………..15
ثالثا: خصوصية التنفيذ المعجل في الأحكام الصادرة في مساطر صعوبات المقاولة…..18
خاتمة:……………………………………………………………………20
لائحة المراجع
[1] – نورة غزلان الشينوي: “التوجهات الأساسية للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة”، “التنظيم القضائي للمملكة”، الطبعة الأولى 2006، مطبعة الأمنية الرباط، ص: 103.
[2] – الطيب برادة: “التنفيذ الجبري في التشريع المغربي”، عن شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى سنة 1988، ص: 269.
[3] – عبد الكريم الطالب: “الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية”، الطبعة الثامنة، ماي 2017، مكتبة المعارف، ص: 378.
[4] – هدى بو الهند: ” اختصاصات رؤساء المحاكم الاجتماعية/الزجرية/التجارية/الإدارية”، مطبعة الأمنية، الرباط 2019، ص: 99.
[5] – قرار عدد 1716 بتاريخ 24/12/1983 منشور بمجلة رابطة القضاة، عدد 12/13/85، ص: 100. أورده عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، ص: 380.
[6] – قرار محكمة الاستئناف بالرباط صادر بتاريخ 14/05/1992 الملف الاستعجالي عدد 1950/92، منشور بمجلة الإشعاع، دجنبر 1992، عدد 8، ص: 109. أورده عبد الكريم الطالب: مرجع سابق، ص: 381.
[7] – هدى بو الهند: مرجع سابق، ص: 101.
[8] – محمد بولمان: “الصعوبات الواقعية والقانونية المثارة في إطار الفصل 436″، مقال منشور في مجلة المحاكم المغربية عدد 75، ص: 39.
[9] – تجدر الإشارة إلى أن المشرع أحدث قاضيا لمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من قبل رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العمومية، وذلك بموجب تعديل الفصل 429 من ق.م.م بتاريخ 3 فبراير 2004.
[10] – قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 488 المؤرخ في 2007/5/2 في الملف التجاري عدد 2006/1/3/959 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 65 ص: 195. أورده هائج عبد الإله: “التنفيذ الجبري للأحكام التجارية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات الجامعية، جامعة الحسن الأول سطات 2013/2012، ص: 82.81.
[11] – قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 499 في الملف عدد 2006/2/4/2336 الصادر بتاريخ 2008/5/28، منشور بمجلة الملف عدد 14، ص: 322. أورده عبد الإله هائج: مرجع سابق، ص: 82.
[12] – مأمون الكزيري: “التشريع العقاري والضمانات العينية”، مطبعة العرفان، الرباط 1977/1976، ص: 34.
[13] – جاء في المادة الثالثة وم مدونة تحصيل الديون العمومية بأنه “يكلف بتحصيل الديون العمومية المحاسبون الآتي ذكرهم: الخازن العام .الخزينة الجهوية وخزينة العمالات والخزنة الاقليميون. القابض وقابض الجهة والقباض الجماعيون. قابض الجمارك والضرائب غير المباشرة. قابض التسجيل. كتابة الضبط بمحاكم المملكة.
[14] – قرار عدد 2004/1/3/1309 منشور بمجلة مبادئ القرارات الصادرة بهيئة مشكلة من غرفتين أو من جميع غرف المجلس الأعلى 2009، ص: 121. أورده عبد الإله هائج: مرجع سابق، ص: 182.
[15] – قرار عدد 2010/3769، الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء بتاريخ 2010/07/27، في الملف رقم 2010/4/3034، منشور بمجلة رحاب المحاكم عدد 6 يونيو 2010، ص: 6 وما يليها. أوردته هدى بو الهند: مرجع سابق، ص:36.
[16] – الفصل 327-31 من قانون المسطرة المدنية في فقرته 43.
[17] – عبد الرحيم نجار: “القضاء التجاري والمنازعات التجارية”، دون ذكر الطبعة والسنة، ص: 48.
[18] – عبد الرحيم نجار: مرجع سابق، ص: 49.
[19] – الفقرة الأولى من الفصل 327-33 من ق.م.م.
[20] – الفرع الثالث من القانون رقم 08.05 الذي حدد مفهوم التحكيم الدولي ومسطرته.
[21] – عبد الرحيم نجار: مرجع سابق، ص: 50. (ونشير بأن هناك اتفاقية بروكسيل المؤرخة في 27 شتنبر 1968 تتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية).
[22] – قرار عدد 60 صادر بتاريخ 19/01/2000 في الملف التجاري عدد 709/98، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 56، ص: 425. أورده عبد الرحيم نجار: مرجع سابق، ص: 60.
[23] – حميد الأندلسي: “التحكيم التجاري الدولي:، مقال منشور بدفاتر المجلس الأعلى، العدد 2 سنة 2002، ص: 433.
[24] – عبد الكريم عباد: “دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، الموسم الجامعي 2003/2004، ص: 488.
[25] – محمد السماحي: “نظام التنفيذ المعجل للأحكام المدنية في القانون المغربي، دراسة مقارنة”، مؤسسة عبور للطباعة، الرباط، الطبعة الثانية، ص: 112، 264.