توظيف النظم الذكية في تدبير إدارة المشتريات – الدكتورة بدرية علي الحوسني دولة الامارات العربية المتحدة
توظيف النظم الذكية في تدبير إدارة المشتريات
Smart systems for procurement management
الدكتورة بدرية علي الحوسني
دولة الامارات العربية المتحدة
الملخص
أصبح توظيف النظم الذكية والذكاء الاصطناعي واقعا حتميا ومؤكدا، باعتباره تمظهرا من تمظهرات التجديد المنصبّ على إدارة المنظمات، سعيا نحو تحقيق مواءمة وتكامُل بينهما، مما يستدعي تسطير استراتيجيات للنهوض بهذا المجال الحيوي؛ خدمة للمواطن.
وتواكب الهيئات الحكومية هذه التطورات التكنولوجية الذكية التي يشهدها العصر الحديث، وفي صلب هذه الهيئات الحكومية تظهر إدارة المشتريات التي تنخرط في هذا التطور المؤدي إلى رضا المواطن، والمُسهم في تحقيق الشفافية والنزاهة وسرعة التنفيذ.
وعليه؛ ستنصبّ هذه الدراسة على الإحاطة بمكوّنين اثنين هما إدارة المشتريات والنظم الذكية، والنظر إلى سبُل توظيف إدارة المشتريات للنظم الذكية على امتداد كافة عمليات إدارة المشتريات وأقسامها المختلفة؛ انتهاء إلى عرْض تجربة عربية في هذا السياق.
الكلمات المفتاحية: إدارة المشتريات- النظم الذكية
Abstract
The use of smart systems and artificial intelligence has become an inevitable and certain reality. They are the expression of an organizational management innovation aimed at harmonization and integration, requiring strategies to advance this important area in the service of the citizen. Consequently, public authorities are keeping pace with these smart technological developments in the modern age. At the heart of these authorities is procurement management, which participates in this development, contributes to citizen satisfaction, and helps to achieve transparency, integrity, and speed in implementation. This research aims to better understand the two components of procurement management and smart systems, and how to use procurement management for smart systems in all its processes and those of its different departments. Finally, we present an Arab experience in this framework.
Keywords: Purchasing management, smart systems
المقدمة
تواجه المنظمات في جميع مجالات الأعمال – سواء الإنتاجية أو الخدمية، وعلى المستويين المحلي والدولي- تحديات وتغيرات في ظروف العمل، وكذا في البيئة المحيطة، المتمثلة في العوامل البيئية والتكنولوجية والفنية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية المؤثرة على الأداء.
وقد أصبح الأمر يتطلب في الآونة الأخيرة من المنظمات الحكومية أن يصبح لديها فكر استراتيجي شامل حتى تنجح في تحقيق أهدافها، يربط بين استراتيجية المنظمة وجميع الإدارات، لكي يتم تنفيذ استراتيجيتها بكفاءة وفعالية.
من هذا المنطلق، فقد تزايدت أهمية إدارة الشراء، وأصبحت تؤثر تأثيرا ملموسا على كفاءة وفعالية المنظمات، باعتبارها نتيجة لعدد من المتغيرات، من بينها كِبر حجم وتعقد المنظمات التي تحتاج إلى الشراء، والتطور التكنولوجي الهائل.
ولا جدال في أن العالم قد شهد منذ العقد الماضي ثورة تكنولوجيا المعلومات التي لا تقلّ آثارها عن نتائج الثورة الصناعية، حيث اتسع حجم التقدم التكنولوجي ليشمل العديد من المجالات، وانعكست آثاره على الإنتاج وتبادُل السلع والخدمات.
ومما لاشك فيه، أن توظيف تكنولوجيا المعلومات والنظم الذكية في تقديم الخدمات الحكومية للجمهور سوف ينعكس بشكل إيجابي على زيادة وسرعة التنفيذ، ورفع مستوى الشفافية والكفاءة، والتقليل من التكاليف… وسيؤثر كل ذلك بصورة إيجابية على رضا المجتمع عن هذه الخدمات.
وقد جاءت هذه الدراسة لتقدم الحلول العملية لتطوير السيرورة الإدارية والمالية باستخدام التكنولوجيا والنظم الذكية على مستوى كافة عمليات إدارة المشتريات وأقسامها المختلفة (المشتريات، العقود، التدقيق والمتابعة، المستودعات، الدعم والتأهيل) سعيا نحو تطوير هذه الأقسام، وربطها بنظام إلكتروني موحد.
وعليه؛ تتركز أهمية البحث حول المعرفة الجيدة والدقيقة بطبيعة استخدام تكنولوجيا المعلومات والنظم الذكية، وما يمكن أن تقدمه في ظل العولمة، إذ أصبح ضروريا استخدامها من لدن المؤسسات الحكومية في معاملاتها من أجل تحقيق أهدافها التي تسعى إليها، وتحقيق استراتيجياتها التي تسعى إلى إرضاء أفراد المجتمع والمتعاملين.
كما تتمظهر أهمية الدراسة في التعرف على المبتغى المنشود من توظيف النظم الذكية في نظام المشتريات والمستودعات، المتجلي في سرعة الإجراءات في العمل؛ مما يسهّل سرعة طرح الممارسات والمناقصات، وتسهل هذه السرعة الإجراءات على المورّدين، وتزيد كفاءة الكادر البشري في أداء المهام والواجبات المناطة به، كما تسهم في تخفيض النفقات، وتعزيز مكانة الوزارات، وتحفيز الشركات والموردين على تقديم أفضل الخدمات للمؤسسات الحكومية.
أسئلة الدراسة:
لقد أصبحت المنظمات ذات الجودة والكفاءة والفعالية في أداء أعمالها هي المنظمات الوحيدة القادرة على تقديم أفضل خدمة للمجتمع. كما أصبح مفهوم الجودة من المفاهيم الوثيقة الارتباط بالأداء، وإضافة إلى ما يشهده العالم منذ العقد الماضي من ثورة تكنولوجية هائلة، حيث اتسع نطاق التقدم التكنولوجي ليشمل العديد من المجالات مثل الإنتاج الصناعي والمعلوميات وتقديم الخدمات للمجتمع، وانعكست تلك التطورات التكنولوجية الهائلة على أداء المنظمات الخاصة والحكومية على حد سواء.
انطلاقا مما سبق تطرح الباحثة الأسئلة التالية:
– ما حقيقة أهمية توظيف النظم الذكية في الارتقاء بمردودية إدارة المشتريات ؟
– ما مدى تجاوُب ومسايَرة هذه الإدارة والموردين لهذا المعطى التكنولوجي المتطور ولكثافة التحولات الرقمية ؟
– ما مدى إسهام التحولات الرقمية في تشكيل رؤية استشرافية للمستقبل ؟
أهمية الدراسة:
تتجلى أهمية الدراسة من خلال أهمية المتغيريْن اللذيْن تضطلع بدراستهما، وهما إدارة المشتريات والنظم الذكية، لتسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على تقنيات الثورة الرقمية، وإسهامها في معالجة المشكلات الحادثة في مختلف المعاملات، والتعرف على كافة الحلول الممكنة والبرامج الإلكترونية الحديثة، ومواكَبة التطور في استخدام النظم الذكية في نظام المشتريات والمستودعات.
وعليه، تتجلى أهمية هذه الدراسة من خلال أهمية هذه الأفكار التي طرحتها الباحثة، باعتبار النظم الذكية من سمات التطور خلال العصر الحديث، المتسم بشيوع إدارة وإرادة التغيير الذي يُعد من أهم مميزات بيئة العمل المعاصرة.
وظفت الباحثة المنهجَ الوصفي التحليلي، للإلمام بموضوع الدراسة وتقديم تفصيلات عن أهم جوانبها، وباستخدام الأدوات والمراجع المكتبية المتوفرة من كتب وبحوث ودراسات سابقة، وكذلك الاستفادة مما قدّمه نظام الجودة في إدارة المشتريات والمستودعات من أفكار وتصورات، وتمّ كذلك الاطلاع على المقالات الاقتصادية والتخصصية في مجال التكنولوجيا والنظم الذكية.
الدراسات السابقة:
من الضروري قبل كتابة الدراسة الاطلاعُ على الدراسات السابقة في موضوعها، واستقراؤها بهدف الانتهاء إلى تحبير خلاصة عنها، وتسطير أوجُه تجاوُزها.
وقد اطلعت الباحثة على الدراسات التي اهتمت بمجال النظم الذكية والأخرى المتعلقة بإدارة المشتريات؛ فبخصوص موضوع النظم الذكية رجعت الباحثة إلى دراسات منها الآتي:
– نظم المعلومات الحاسوبية: نظريات وتطبيقات عملية في الشركات الرقمية (سلطان، 2008)؛
– الإدارة الإلكترونية ودورها في تطوير الأداء الوظيفي وتحسينه (شواي، 2016)؛
– خصائص ومزايا النظم الذكية لخالد (بكرو، 2018)؛
– الإدارة الإلكترونية (ياسين، 2009).
وقد اهتمت هذه الدراسات بتعريف النظم الذكية وخصائصها، وفاعليتها التنظيمية، وفوائدها على مستويات عدة. كما ناقشت الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المنظومة المعلوماتية. وعرّجت على الإدارة الإلكترونية، فأشاد المؤلفون بفوائدها، خصوصا تلك المتعلقة بتسريع وتيرة الأعمال، وضمان المردودية والشفافية، ومحاربة الفساد.
أما الدراسات المتعلقة بموضوع إدارة المشتريات والمخازن، فنذكر منها على سبيل التمثيل:
– المشتريات والمخازن، (توفيق، 2016)؛
– إدارة المشتريات وأهدافها، (مسعود، 2007)؛
– إدارة المشتريات والمخازن، (زهير، 1995)؛
– إدارة المخازن، (الجنابي، 2014).
عرّفت هذه الدراسات بإدارة المشتريات والمخازن، مستعرضة أهم المصطلحات المنضوية تحتها، كما ناقشت أهدافها وفوائدها؛ باعتبارها من بين الإدارات المحورية على مستوى المؤسسات الوزارية والخاصة؛ إذ هي تضطلع بمهمة ذات حساسية، كما أنها خاضعة لسيرورة ممتدة من الشراء إلى الدفع.
وما سجلته الباحثة من ملاحظات عن هذه الدراسات السابقة أنها:
-على مستوى المضمون: لم تجمع بين النظم الذكية وإدارات المشتريات؛ وقد عملت الباحثة على المزاوجة بينهما في هذه الدراسة؛
-على مستوى حيز الدراسة: نجد أنها توقفت عند دول عربية أو غير عربية، بينما بقيت هذه الدراسة ذات حيز عام، لتنتهي في آخرها إلى نموذج تمثيلي.
تقسيم الدراسة:
تتوقف هذه الدراسة على جانبين؛ أولٌ نظري متعلق بمناقشة المفهوميْن المحوريين (إدارة المشتريات والنظم الذكية) وثانٍ تطبيقي متعلق بسبل تدبير إدارة المشتريات من خلال النظم الذكية. وعليه؛ فقد تم تقسيم الدراسة إلى مبحثين، ينصبّ المبحث الأول على المدخل النظري، وينقسم إلى مطلبين، يقف أولهما عند النظم الذكية، بينما يناقش المطلب الثاني إدارة المشتريات. أما المبحث الثاني فقد غاص في الجانب التطبيقي، ليبحث في واقع توظيف إدارة المشتريات للنظم الذكية، انتهاء إلى استحضار نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة. وسطرت الباحثة خاتمة، تضمنت نتائج الدراسة، والتوصيات.
المبحث الأول: المدخل النظري
ستحاول الباحثة من خلال هذا المدخل النظري استجلاء المتغيريْن الجوهريين للدراسة، هما النظم الذكية وإدارة المشتريات.
المطلب الأول: مفهوم النظم الذكية والحكومة الإلكترونية
تعرَّف النظم الذكية بأنها مجموعة من العناصر المترابطة، يمكن أن تكون متصلة بالشبكة الإلكترونية، تتعامل مع معطيات مؤقتة بالزمن الحقيقي، وتهدف إلى تحقيق هدف معين.
وتعتمد النظم الذكية في عملها أحد فروع الذكاء الاصطناعي هو النظم الخبيرة (Expert Systems) وهي برامج تُحاكي خبرة الإنسان في مجال خبرة معينة، وذلك بتجميع المعلومات والخبرات من أكثر من خبير حول مجال معين، وقد ظهرت، لتساعد في نقل هذه الخبرات لأناس آخرين، ولتحل مكان الإنسان في بعض الأماكن (بونيه، 2014).
تستخدم النظم الذكية بيانات في الزمن الحقيقي كمدخلات من الآلات، وترتبط بأجهزة الاستشعار التي تكون قادرة على التمييز والإدراك، وتتصل بالويب الذكي، الذي يعتمد على فهْم معاني الكلمات وتحويل دور الآلة من مجرد عارض للمدخلات، أو باحث عن المعلومات، إلى مستوعب للمعلومات، منتج لها بذكاء، وبالتالي تكون أكثر إنتاجية، إذ يستخدم في البحث فروع الذكاء الاصطناعي، كتقنيات معالجة اللغة الطبيعية، والتنقيب عن البيانات، وتعليم الآلة.
وتستجيب النظم الذكية لاحتياجات الناس ومشاعرهم وعاداتهم، وتركز على دمج الناس والمعرفة والعمليات لتمكين الوعي الجماعي، وإيجاد الحل الأنسب في مجال معين.
وتأخذ النظم الذكية في الاعتبار التفكير المستقل والعمل بطريقة تعاونية، فهي تشير إلى نموذج جديد ومثير في مجال تقنية المعلومات، تتفاعل مع الأفراد، وتجعلهم يتفاعلون بحيوية مع البيئة. وكل ما ذكرنا ينبئ عن التطور الهائل الذي لحق النظم الذكية، وقدراتها الفائقة على التفكير والذكاء.
ويحيلنا مفهوم النظم الذكية عند ربْطه بالمفهوم الإداري على مفهوم الحكومة الإلكترونية، فهي تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الوظائف والإجراءات الحكومية؛ بهدف زيادة الكفاءة والشفافيّة، وتعزيز مُشاركة المواطنين (شواي، 2016).
ويوضّح هذا التعريف كيفيّة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كأداة دعمٍ، حيث يُتيح التطبيق المُلائم للحكومة الإلكترونيّة زيادة مستويات الفعاليّة والكفاءة في إنجاز المهام الحكوميّة، بالإضافة إلى تحسين وتسريع العمليات والإجراءات الإدارية، وزيادة جودة الخدمات العامّة، كما يُؤدي إلى تطوير عمليات صنع القرار، وإتاحة فرص التواصل بسلاسة بين المكاتب الحكوميّة المُختلفة.
كما يعني مصطلح الإدارة الإلكترونية تحويلَ الأعمال والخدمات الإدارية التقليدية كافة (الإجراءات الطويلة باستخدام الأوراق) إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية، باستخدام تقنيات الإدارة، وهو ما يطلق عليه إدارة بلا أوراق. وهي الإدارة التي تقوم على استخدام الإنترنت وشبكات الأعمال في إنجاز وظائف الإدارة من تخطيط إلكتروني، تنظيم إلكتروني، قيادة إلكترونية، رقابة إلكترونية. وتعرّف أيضا بأنها عملية مكننة أعمال ونشاطات الإدارة؛ بالاعتماد على تقنيات المعلومات الضرورية كافة، وصولا إلى تحقيق أهداف الإدارة في التقليل من استخدام الورق وتبسيط الإجراءات والقضاء على الروتين، وذلك اعتمادا على الأرشيف الإلكتروني والبريد الإلكتروني والمفكرات الإلكترونية والرسائل الصوتية. وكتعريف أمثل وأشمل للإدارة الإلكترونية نقول هي استراتيجية إدارية لعصر المعلومات، تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين وللمؤسسات ولزبائنها، مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات، وذلك عبر توظيف الموارد المادية والبشرية والمعنوية المتاحة في إطار إلكتروني حديث؛ من أجل استغلال أمثل للوقت والمال والجهد، وتحقيقاً للمطالب المستهدفة وبالجودة المطلوبة (About e-Government, 2018)
ومن بين التعاريف الأخرى للإدارة الإلكترونية أنها منظومة الأعمال والأنشطة التي يتم تنفيذها إلكترونيا وعبر الشبكات. وهي تتصف بالديناميكية، وتقوم بإنجاز الأعمال والوظائف الإدارية، من تخطيط وتنظيم ورقابة واتخاذ القرار، ويتم ذلك عبر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما تقوم بعملية ربط المنظمة بفئة المؤثرين (الموردين، مشترين، عملاء، منافسين، أجهزة وهيئات حكومية) وذلك بهدف تطوير علاقات المنظمة مع بيئتها من ناحية أخرى (ياسين، 2009). وقريبا من هذا التعريف نجد آخر يشير إلى أن الإدارة الإلكترونية هي حكومة تملك أو تشغل أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تحوّل العلاقات مع المواطنين، القطاع الخاص و/ أو الوكالات الحكومية الأخرى من أجل ترقية تمكين المواطنين، وتحسين تقديم الخدمات، وتعزيز المساءلة، وزيادة الشفافية، وتحسين كفاءة الحكومة (Roberto panzanti 2002).
المطلب الثاني: إدارة المشتريات
بعد تعريف الباحثة بمفهوم إدارة المشتريات، ستعرّف بمجموعة من المصطلحات المرتبطة به والمنضوية تحت لوائه، ويتم ذلك من خلال ما يلي:
– إدارة المشتريات: هي الإدارة التي تتولى القيام بالمهام والاختصاصات المتعلقة بالمشتريات، والإشراف على المستودعات في الإدارة العامة للمالية والخدمات المساندة. كما أنها هي التي تقوم بمسؤولية التخطيط وبتأدية النشاط اللازم لتوفير احتياجات المنشأة من المواد والآلات والخدمات، وضمان تدفقها للمخازن ومواقع الإنتاج بالكمية التي تحتاجها المنشأة، وبأقل تكلفة تتناسب مع المواصفات المطلوبة وفي الوقت المناسب من المصادر المناسبة، وبما يضمن استمرار الإنتاج والمساهمة في تخفيض التكاليف الكلية للمنشأة (زهير، 2010، وكارتر، 2014).
وتتكون عملية إدارة المشتريات من ثلاثة مراحل أساسية، تشمل المرحلة الأولى التخطيط للشراء، وتشمل المرحلة الثانية المتابعة الدقيقة والدورية لعملية الشراء، بينما تشمل المرحلة الثالثة القيام بتقديم التقارير المتعلقة بالمشتريات.
– العمليات والإجراءات: هي العمليات والخطوات التفصيلية التي يجب اتباعها لتنفيذ السياسات. وهي كذلك سلسلة من العمليات التي يشترك فيها عدد من الناس في إدارة ما أو في عدة إدارات، وتصمَّم لأجل التأكد من أن العمليات المتكررة تعالَج بطريقة واحدة.
– المورّد: التوريد مأخوذ من الفعل ورَد يرد وُروداً. وللفعل ورد عدة معانٍ منها حضر، وأورده واستورده بمعنى أحضره (ابن منظور. د. ت.). والمورّد هو الجهة الخارجية التي تقوم بتزويد الجهة الحكومية بما تحتاج إليه من أصناف المواد. وللتوريد سلسلة(Supply Chain) وهي شبكة بين الشركة ومورّديها لإنتاج وتوزيع منتج معين (مجموعة من الباحثين، 2015).
– أمر الشراء: اتفاقٌ بين الجهة الحكومية والمورّد لتوريد أصناف أو مواد تم الاتفاق عليها، ويَصدر أمر الشراء عن الجهة الحكومية. ويعد أمر الشراء مستندا تعاقديا يصدر من الوحدة التنظيمية للمشتريات، بناء على طلب الشراء أو من خلال اتفاقية سعرية سارية المفعول، يحدد الأسعار والمواصفات الواجب توفرها في عملية الشراء ومدة التوريد المتفق عليه (عصفور، 1999).
– أمر التوريد: أمرٌ يُصدَر لتوريد أصناف أو مواد معينة من خلال اتفاقية أسعار يتم إبرامها، وهي سارية المفعول بسقف مالي وزمني محددين، ويصدر أمر التوريد مباشرة من الإدارات المستخدمة بالجهة الحكومية إلى المورّدين. ويرتبط هذا المفهوم أيما ارتباط بمفهوم سلسلة التوريد التي تعني عملية تدفق المواد والمنتجات من الموردين إلى المستهلكين، وذلك من خلال سلسلةٍ من أنشطة الصنع والتخزين والتوزيع على مدار نقاط تصنيع وتخزين وتوزيع مختلفة (Institute of management accounting 1999).
– الشراء بالأمر المباشر: هو أسلوب الشراء الذي تتم بموجبه عملية التعاقد من خلال اللجوء مباشرة إلى مورّد أو مقاول واحد دون الحاجة إلى الاتصال بعدة مورّدين لاستدراج العروض منهم.
– الشراء بالممارسة: هو أسلوب الشراء الذي يتم بموجبه تنفيذ عملية الشراء لمواد وخدمات من خلال استدراج العروض من عدة مصادر، وتتم هذه العملية بواسطة الفاكس أو إلكترونيا أو بظرف مغلق بحيث تتم المفاضلة فيما بينها، واختيار أفضل العروض فنيا وماليا، مع مراعاة مصلحة الجهة الحكومية وتحقيق أفضل قيمة لها.
– الشراء بالمناقصة: هو أسلوب الشراء الذي يتم فيه تنفيذ عملية الشراء التي تتناول أصنافا بمواصفات محددة، وذلك من خلال استدراج العروض من عدة مصادر توريد إلكترونيا أو بمظاريف مغلقة تفتَح من لدن لجنة فتح المظاريف، ومن ثمّ اختيارُ العرض الذي يقدم أفضل العروض فنيا وماليا، مع مراعاة متطلبات الجهة الحكومية. ويُلزَم المورّد بدفع قيمة المقابل النقدي لوثائق ومستندات المناقصة (مسعود، 2017).
– المناقصة العامة: هي التي يتم الإعلان عنها في الصحف والمجلات والوسائل الإعلامية الأخرى، بهدف إتاحة الفرصة لكافة المورّدين الذين يرغبون في تقديم الرغبات لتوريد الأصناف المطلوبة ضمن الشروط والضوابط التي تحددها الجهة الحكومية. وإلى جانب هذه المناقصة العامة، هناك المناقصة الخاصة وهي التي يتم طرحها على عدد محدود من الموردين والمقاولين المسجلين.
– المستودع: هو المكان المخصص لحفظ المواد المصنفة “موادا معدة للتخزين” و”المواد المعدة للتصرف”، ويجوز أن يُنشأ مستودعٌ رئيس مركزي ومستودعات فرعية أخرى عند الحاجة، وكلُّها تموَّن من المستودع الرئيس، ويجوز أن تستلم المستودعات الفرعية مباشرة مشتريات المواد. وفي جميع الأحوال يُشترط أن يتم الشراء من جهات الاختصاص وبموجب النظم المعتمَدة.
– المشتريات المباشرة: هي مواد مصنفة باعتبارها “موادا للاستهلاك المباشر”، وتخصم قيمتها من بند الصرف المخصص، ولا تضاف قيمتها إلى عهدة المستودعات.
هكذا تنتهي الباحثة في هذا الشق النظري من الدراسة إلى التأكيد على محورية وجوهرية المفهومين الجوهريين في الدراسة (النظم الذكية وإدارة المشتريات) وكيف أن النظم الذكية أصبحت ضرورة مُلحة تفرض نفسها على الحكومات على امتداد العالم، بالنظر إلى دورها الفعال المبدع في تجويد الخدمات وتسهيل تدبيرها بأقل التكاليف وفي فترة زمنية قصيرة. تماما كما أن لإدارة المشتريات دور بالغ الأهمية لدى الوزارات والمؤسسات، إذ أنها تتولى تدبير الشأن المالي، كما أنها تفعّل التواصل مع مختلف المتعاملين مع المنظمة أو الوزارة، ومن شأن ترشيد أعمالها تحقيق مزايا عالية، وذاك ما يتحقق عبر النظم الذكية، وذاك ما ستقف عليه الباحثة في المبحث الثاني.
المبحث الثاني: الإطار التطبيقي
تزايدت أهمية إدارة المشتريات، فأصبحت تؤثر تأثيرا ملموسا على كفاءة وفعالية المنظمات، إذ أشار كثير من الكُتاب والباحثين إلى أهمية وظيفة الشراء، وأبعادها الاستراتيجية في العصر الحديث، نتيجة لعدد من المتغيرات، من بينها كِبر حجم المنظمات التي تحتاج إلى الشراء، والتطور التكنولوجي الهائل، إضافة إلى تنوع المنتجات والخدمات التي تؤديها المنظمة وزيادة الأسعار (الحيارى، 2018).
الأمر الذي استدعى المزيد من الاهتمام بإدارة المشتريات بصفة عامة في المنظمات الإنتاجية والخدمية في جميع مجالات الأعمال، على اعتبار أنها تواجه العديد من التحديات والتغيرات في ظروف العمل، وفي البيئة المحيطة المتمثلة في العوامل البيئية والتكنولوجية والفنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية المؤثرة على الأداء.
إلى جانب أهمية إدارة المشتريات تستجلي الباحثة أهمية توظيف النظم الذكية بالمؤسسات الحكومية وخصائصها، إذ تتمثل فوائد توظيف النظم الذكية في التالي:
– توظيف التقنية في تلبية متطلبات وحاجات ورغبات الإنسان بأفضل الطرق وأسرعها؛
– تلبية متطلبات الحفاظ على البيئة والطاقة وتوفيرها؛
– توفير الأمان والسلامة وتحقيق قيم الاستدامة؛
– التقليل من دور الإنسان في اتخاذ القرارات والعمل (فاضل، 2016).
أما خصائص النظم الذكية ومزاياها، فيمكن إجمالها في الآتي:
– تتميز بالقوة والمتانة وسرعة التعلم وسرعة الاستجابة، وقدرتها على التكيف؛
– تتميز بإمكانية الدمج في معظم الأجهزة التقنية وإمكانية التوزيع في البيئة الطبيعية؛
– تتميز بإمكانية الوصول إليها من أي مكان متصل بالشبكة؛
– لها القدرة على التعامل مع بيانات الزمن الحقيقي بالتحليل والتنظيم والتوصيف؛
– لها القدرة على الاستقراء والتشخيص والتحليل لحالات معقدة، وعلى التعامل مع حالات غير متوقعة؛
– لها القدرة على الاستجابة واتخاذ القرار بشكل أسرع من الإنسان، والمبادرة باتخاذ القرار الأفضل لمعالجة الحالات الطارئة؛
– لها القدرة على التفاعل مع الأفراد ومساعدتهم، مع اتخاذ القرار.
تنتقل الباحثة بعد ما سبق إلى استجلاء أهمية توظيف النظم الذكية في تدبير أنظمة المشتريات؛ إذ أن النظام الإلكتروني الذي تعده وزارات المالية بغرض الإعلان عن عمليات الشراء الخاصة بها أو بالوزارات والمؤسسات الحكومية، بغرض تقديم العطاءات والإعلان عن نتيجة ترستيها؛ يُمكّن المورّدين من الاطلاع على كافة المناقصات والممارسات الحكومية، والمشاركة فيها بتقديم العروض ومتابعة أوامر الشراء وتقديم الفواتير الإلكترونية في إطار يضمن شفافية التعامل ويرفع كفاءة العمل بالحكومة (صادق، 2016).
وعليه، فإن التمكين للنظم الإلكترونية يسهم في تفعيل البوابة الإلكترونية لكافة الموردين، لتسهيل تقديم العروض وطلبات عرض الأسعار والمناقصات، واستلام العروض والاستفسارات عن المناقصات من خلال التسجيل في صفحة إلكترونية، وكذا تفعيل صفحة الفوترة الإلكترونية وإتاحتها لكافة الموردين، لتسهيل إجراءات تقديم الفواتير، وإتمام الاعتمادات والموافقات، والحصول على أجوبة الاستفسارات إلكترونيا.
كما أن من شأن تبني نظام توريد إلكتروني توفير قدر وافٍ من الزمن المستغرَق للتوريد، وهو ما من شأنه أيضا أن يؤدي إلى خفض التكاليف، وجعْل إجراءات التوريد أكثر كفاءة وتنافسية. ومن الممكن تسهيل مشاركة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تبنّي منصة إلكترونية فاعلة. وتستخدم اقتصادات 97 في المئة من الدول – التي تم تحليلها في دراسة البنك الدولي عن التوريد العام – منصة إلكترونية أو أكثر للتوريد العام (مارمور مينا إنتليجنس، 2021).
وتكمن عملية أتمتة المعاملات الإلكترونية في الجهات الحكومية في ربط كافة الإدارات المعنية بالعقود والمشتريات بنظام موحد، وذلك بهدف تنظيم دورة الشراء، بدءا من طلب الجهة المستفيدة وانتهاءً إلى إصدار أمر الصرف للجهة المنفذة.
كما أكدت دراسة جديدة الفوائد الاستراتيجية للأتمتة أثناء التحول الرقمي، مؤكدة على أن اعتماد أتمتة الشبكات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا سيحقق الكفاءة والأمن والابتكار في الخدمة (سليمان، 2021، والبيان، 2017).
ورصد استطلاع تضمنته هذه الدراسة برعاية “جونيبر نتوركس” الشركة المتخصصة في مجال صناعة الشبكات المؤتمتة الآمنة والقابلة للتوسعة والتطوير، إنجازات الأتمتة وطريقة تطبيقها وخططها في مجموعة متنوعة من المؤسسات في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية.
يضاف إلى ما سبق أهمية التوقيع الإلكتروني للعقد، إذ يتطلب توقيع العقد إلكترونيا تبنّي الدولة نظام توريد إلكتروني متقدم يسهل إجراءات إنفاذ العقود بشكل كبير، وخفض تكاليف إجراءات التوريد.
إضافة إلى تكنولوجيا سلسلة الكتل المعروفة بـ”البلوك تشين” التي تُستخدَم في العقود الذكية، وفي تخزين المعلومات، وتسجيل الصفقات، وهو ما قد يجعل هذه التكنولوجيا أداة فاعلة لتعزيز الثقة الرقمية في مجال المشتريات.
تتكون هذه التكنولوجيا من نظام قاعدة بيانات موزع، حيث تخزن كل قاعدة بيانات كعقدة في الشبكة سجلا كاملا للمعاملات، وفي كل عقدة يتم تخزين المعلومات في كتل، وتكون كل كتلة مرتبطة بكل من الكتل السابقة واللاحقة. ويتم ضمان أمن المعلومات من خلال تقنية التجزئة والتوقيع الرقمي. وتشمل المزايا الرئيسية لهذه التكنولوجيا ما يلي:
– التحقق من المعاملات الجديدة من خلال بناء الإجماع بين العقد، وتجزئة المعاملات والتوقيع الرقمي لضمان نظام موثوق وجدير بالثقة.
– إذا تم تغيير سجل المعاملة في عقدة واحدة، فإنه ينشئ توقيعا جديدا وتجزئة، مما يسهل تحديد مصدر التلاعب، ما يجعل البيانات في هذا النظام غير قابلة للتغيير.
– تمكين جميع مستخدمي هذا النظام من الاطلاع على جميع المعاملات، وهو ما يعزز الشفافية.
– إبرام العقد الذكي، وهو عبارة عن مجموعة من التعليمات البرمجية التي يتم تنفيذها بمفردها عند استيفاء الشروط المحددة، ويمكن تخزينها وتنفيذها في “بلوك تشين” (مارمور مينا إنتليجنس، 2021).
وحتى لا تبقى هذه الدراسة مراوحة مكانها في الإطار النظري، ستقدم الباحثة نموذجا لتوظيف النظم الذكية في إدارة المشتريات، هو دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر تقديم أمثلة متجلية فيما يلي:
- نظام أوراكل للشراء الإلكتروني:
قامت وزارة المالية، وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (32) لسنة 2014 بشأن لائحة المشتريات وإدارة المخازن في الحكومة الاتحادية، بتطوير نظام أوراكل للمشتريات الإلكترونية خاص بالجهات الحكومية، وهو مدرَج على الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة المالية.
يهدف هذا النظام إلى رفع كفاءة وسرعة العمل في الحكومة الاتحادية، وذلك من خلال الإعلان عن عمليات الشراء الخاصة بالجهات الحكومية، وتقديم العطاءات والإعلان عن نتيجة ترسيتها إلكترونيا، وتمكين المورّدين ومقدمي الخدمات من الاطلاع على كافة المناقصات والممارسات الحكومية، والمشارَكة فيها بتقديم العروض ومتابعة أوامر الشراء وتقديم الفواتير الإلكترونية في إطار يضمن شفافية التعامل، ويرفع كفاءة العمل بالحكومة. وقد جاء كل ذلك على الشكل التالي:
- طباعة كافة الكشوف المطلوبة، ومقارنة الأسعار، وترسية العقود، مع إمكانية إلغاء طلبات الشراء، وتمديد عطاءات المعاملات؛
- إمكانية الاستعلام عن المناقصات والممارسات والأمر المباشر؛
- إمكانية تعديل السجل الخاص بالمورّدين؛
- أتمتة كاملة لدورة الشراء حتى إتمام عملية الدفع؛
- إمكانية قيام الموردين بمتابعة أوامر الشراء وتقديم الفواتير إلكترونيا (اقتصادية دبي، 2018).
ولا جدال في الدور التي تؤديه عملية الأتمتة على امتداد مسار طويل وشاقّ، إذ تسعى إلى أن تجعله هيّنا ويسيرا “من الشراء إلى الدفع”، وهي بذلك تستهدف استخدام التطبيقات التكنولوجية الحديثة لضبط جزء أو كل عمليات الشراء، بدءا من تقديم طلبات الشراء من وحدات العمل، مرورا بإصدار أوامر الشراء أو دعوات لتقديم عروض الأسعار الإلكترونية واستلام البضائع أو الخدمات المبتاعة، إلى استلام الإيصالات وفواتير الدفع، وانتهاءً بتقديم إشعار التحويل النقدي (هيئة مياه وكهرباء أبوظبي، 2016).
- نظام أوراكل للممارسات والمناقصات:
يعد هذا النظام بمثابة خدمة مدرَجة ضمن الموقع الإلكتروني لوزارة المالية، ويستهدف إنجاح عمليات الشراء التي تمارسها الجهات الحكومية، لتحقيق أغراضها وتنفيذ خدماتها، والمساعدة في تخفيض تكاليفها المالية والإدارية؛ يتحقق كل ذلك من خلال تأهيل المورّدين للمشاركة في الممارسات والمناقصات والمزايدات وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم(32) لسنة2014 ، وإرشادات دليل الإجراءات المالية الموحد الخاص بالمشتريات العامة، حيث تختص الخدمة بعرض المعلومات المتعلقة بالمناقصات والممارسات والمزايدات وطلبات التوريد الخاصة بمختلف الجهات الحكومية بما فيها القطاع الخاص والشركات، وعلى الأخص المورّدين المسجلين في سجل الموردين بوزارة المالية.
وفي هذا السياق، نذكر أن مختلف الجهات الحكومية تقوم بطرح مناقصاتها وممارساتها بشكل دوري في “سجل المورّدين “التابع لوزارة المالية الذي يضم كافة الجهات الحكومية. ويمكن للمورّدين الاطلاع على تلك المناقصات والمشاركة والممارسات من خلال:
- إمكانية التعامل مع كافة الجهات الحكومية في دولة الإمارات، وذلك عن طريق الاطلاع على كافة المناقصات والممارسات الجديدة الصادرة عنها؛
- إمكانية شراء كراسات المناقصات مباشرة عن طريق الإنترنت؛
- إمكانية استعراض الممارسات والمناقصات التي تمت الموافقة عليها، وإلغاء أو تعديل الممارسات والمناقصات (اقتصادية دبي، 2018).
كما تشير الباحثة في نفس السياق إلى أن هيئة مياه وكهرباء أبوظبي ومجموعة شركاتها أطلقت نظام الطرح الإلكتروني للمناقصات، والذي يُعد من أحدث النظم المسهمة في إدارة مناقصات الهيئة وشركاتها بطريقة فاعلة وشفافة. وتعد المناقصات الإلكترونية إضافة نوعية للأنظمة المستخدَمة حاليا في إدارة التوريد في الهيئة ومجموعة شركاتها، ويعود هذا النظام بفوائد عديدة على الهيئة والموردين في آن معاً، حيث يتيح للمقاولين والمورّدين الوصول الآمن إلى التطبيق عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم وعلى مدار الساعة، مما يؤدي إلى تقليص الوقت المستغرق لدورة العقد وطلب الشراء، وتحسين إنتاجية الموردين، وسرعة توصيل الخدمات والمواد اللازمة للهيئة ومجموعة شركاتها، بالإضافة إلى تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد البشرية العاملة في إدارة التوريد. كما يتيح هذا النظام للهيئة طرح العقود والمناقصات وأوامر الشراء الخاصة بها إلكترونيا، من خلال دعوة الشركات المؤهلة لإبداء الرغبة في تنفيذ العقود، ومن ثم دعوتها رسميا للمشاركة واستقبال العروض الفنية والمالية إلكترونيا، دون الحاجة إلى الحضور لمبنى الهيئة أو شركاتها في جميع مراحل المناقصة.
وفي السياق نفسه، فإن تطبيق المناقصات الإلكترونية قد أسهم في تفعيل إمكانية المشاركة في تنفيذ العقود والطلبات إلكترونيا، على مدار الساعة، وذلك من خلال استضافة البيانات على أحدث النظم المتاحة، وتوفير البيانات في صيغة مركزية متكاملة، وتقديم الإيضاحات الإلكترونية، وإجراء التدقيق على عمليات المشاركة في المناقصات، وتقليص زمن عمليات المناقصات وطلبات الشراء، بالإضافة إلى تشفير البيانات لضمان السرية والحد من الدخول للبيانات لغير المصرح لهم، وكذلك الحدّ من استخدام الورق. كما يسمح هذا النظام بتنظيم المراسلات والإيضاحات ما بين الهيئة والموردين والمقاولين ومراقبة أنشطة المشاركين في العطاءات، إضافة إلى تنظيم عمليات فتح العطاءات والعروض الفنية والمالية، وتقديم المساعدة في تقييم العروض (أفضل الممارسات المؤسسية في حكومة أبوظبي، 2016).
- نظام أوراكل بوابة المورّدين:
هو نظام خاص بالموردين، يتيح لهم التحكمَ بأمان في حسابهم الشخصي من خلال نظام أوراكل على الإنترنت، حيث يساعد هذا النظام المورّدين على التعامل مع الجهة الحكومية بشكل أكثر فعالية وكفاءة.
ويمكّن هذا النظامُ المورّد من الوصول إلى كافة المعلومات والبيانات الخاصة بشركته، والتحكم بها، وكذا معرفة جميع أوامر الشراء القديمة والحديثة، ومواعيد الشحنات، إضافة إلى تقديم طلب تعديل في أوامر الشراء وإنشاء الفواتير ومتابعة الدفعات (ديوان المحاسَبة أبوظبي، 2018).
ينص نظام الموردين على القيام بالعمليات التالية:
- تسجيل الموردين الجدد غير المسجلين مسبقاً على نظام أوراكل، ويكون هذا التسجيل سنويا؛
- صيانة سجلّ المورّد؛
- شراء كراسات المناقصات، وتقديم عروض الأسعار؛
- استلام أمر الشراء؛
- إنشاء فاتورة المورد (سلطان، 2008).
إلى جانب هذا المنجز المعرفي، نطّلع على تجربة دائرة القضاء بأبوظبي في الحفاظ على الملفات بالمخزون عبر إنشاء نظام تتبع الملفات الورقية عن طريق نظام الترددات اللاسلكية (RFID) وهو نظام قائم على استخدام ترددات موجات الراديو (RFID) وشريحة (RFID Tag) لضبط مسار الملفات الورقية، وتحديد أماكن وجودها وتحركاتها، وعدم السماح بإخراجها عن النطاق المخصص لها إلا للمخولين بذلك أو بموجب تصريح إلكتروني خاص.
إضافة إلى ما سبق، وبالنظر إلى كثرة التجارب المتعلقة باستخدام النظم الإلكترونية للارتقاء بإدارة المشتريات التي يضيق عنها هذا البحث؛ تسرد الباحثة بعض الممارسات دون التفصيل فيها؛ لتذكر منها:
- الصيانة الرقمية بشركة العين للتوزيع؛
- نظام إلكتروني لمحاضر الاجتماع. تبنته دائرة الشؤون البلدية والنقل؛
- أتمتة آليات العمل الرئيسية. تبنتها شركة أبوظبي للخدمات العامة (مساندة)؛
- أنظمة تقنية المعلوميات والحوسبة السحابية. تبنتها شركة أبوظبي للخدمات العامة (مساندة)؛
- نظام أرشفة ومراقبة ومتابعة الأصول. تبنتها شركة أبوظبي للخدمات العامة (مساندة)؛
- أتمتة تقارير نظام المعلومات الإداري. تبنتها موانئ أبوظبي…
هذا غيض من فيض التجربة الحكومية الإماراتية على مستوى توظيف النظم الذكية للارتقاء بالأداء الحكومي ولإرضاء المواطن.
هكذا تنتهي الباحثة في نهاية هذا المبحث إلى التأكيد على الدور الذي تضطلع به النظم الذكية لتحسين جودة الخدمات التي تقدّمها إدارة المشتريات للموردين وللمواطنين، سعيا نحو تحقيق الرضى الوظيفي، وتدبير مجموعة من العمليات بسرعة وإيجابية ووفق صورة تشارُكية؛ وقد كان النموذج المقترح شاهدا على ذلك، إذ راكمت دولة الإمارات العربية المتحدة تجربة على مستوى توظيف النظم الإلكترونية في إدارة المشتريات بشكل خاص، وعلى مستوى جل إدارات الوزارات والمؤسسات الحكومية.
الخاتمة
تنتهي الباحثة إلى تسطير خاتمة تؤكد من خلالها على أن للنظم الذكية دور في الارتقاء بأداء إدارة المشتريات والمستودعات، وتخفيض التكليف بشتى تمظهراته المادية والبشرية والزمنية.
وقد كان السعي على امتداد هذه الدراسة حثيثا نحو الإجابة عن تساؤلات الدراسة؛ عبر النبش في حقلين معرفيين للبحث هما حقل المشتريات والمستودعات وحقل النظم الذكية، وقد كان الثاني خادما للأول، ومحفزا له ومساعدا على تطوير إدارته والرقي بأدائه على شتى المستويات.
كما توصلت الباحثة إلى تحقيق أهداف البحث، لعل أبرزها تأكيدُ فرضية خدمة النظم الذكية لإدارة المشتريات.
تسرد الباحثة أخيرا نتائج الدراسة وتوصياتها بشأنها كالتالي:
أولا: النتائج
– سعْي إدارة المشتريات إلى تحسين جودة خدماتها تجاه الوحدات التنظيمية، وكسْب ثقة المورّدين والشركاء الاستراتيجيين، إيمانا بأن التميز في تقديم خدمات عالية الجودة والثقة المتبادلة تحقق منفعة متبادلة بين طرفي معادلة الشراء؛
– اهتمام إدارة المشتريات والمستودعات باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال المواقع الإلكترونية وتطبيقات النظم الذكية، باعتبارهما من الوسائل والتدابير المهمة في تعزيز النزاهة والشفافية وضمان المنافسة ومعايير الموضوعية فيما يتعلق بالمشتريات، حيث تتم إدارة كل ما يتعلق بالمشتريات، ابتداء من مراحلها الأولى وانتهاء بمراحلها الأخيرة، إلكترونيا بالنسبة لجميع أصحاب العلاقة، بما فيهم القطاع الخاص والمورّدين والمعنيين بالشراء؛
– استخدام تكنولوجيا المعلومات وتطبيقات النظم الذكية في عمليات الشراء والتخزين تحقق جودة عالية في الحصول على المنتج والخدمة المطلوبة لإدارة المشتريات بمختلف المؤسسات الحكومية، وذلك لتحقيق المزايا التنافسية للشركات الموردة؛ مما يؤثر على جودة المنتج وتخفيض الأسعار؛
– توظيف النظم الذكية في عمليات الشراء بالإدارة العامة للمالية والخدمات المساندة تؤدي إلى زيادة الكفاءة والشفافية، وخلق بيئة أفضل للأعمال، وكذلك تبسيط التفاعل والتعاملات بين الحكومة ممثلة بمختلف الهيئات الحكومية وقطاع الأعمال.
– باستحضار النموذج المقدَّم فإن توجُّه إدارة المشتريات إلى استخدام النظم الذكية في كافة عمليات الشراء، تنسجم مع استراتيجية الحكومة الذكية التي تهدف إلى أن تكون المؤسسات الحكومية بدولة الإمارات العربية المتحدة متميزة بخدماتها، وتعمل على توحيد الجهود وتحقيق رؤية القيادة في إسعاد المتعاملين بكافة فئاتهم من خلال تقديم خدمات ذكية.
ثانيا: التوصيات
استنادا إلى نتائج البحث، تقدم الباحثة التوصيات التالية:
– الإصرار على المضيّ قدُما في استشراف المستقبل الواعد للتحولات الرقمية وآثارها العظيمة على الأداء المؤسسي الحكومي وعلى كافة المؤسسات؛
– ضرورة الاهتمام بتطبيق المبادرات الخاصة باستخدام المبادرات الذكية في عمليات الشراء في كافة مراحلها، وتحفيزها وتوفير الدعم الكافي لها، لكي تحقق الأهداف المرجوة منها؛
– إعداد الكوادر البشرية المتخصصة في التعامل، واستخدام النظم الذكية، سعيا نحو تطبيق مخرجات المبادرات، مما يحقق التفاعل الإيجابي والرضا الوظيفي للمستخدِمين للنظم الذكية في إدارة المشتريات بالوزارات؛
– ضرورة متابعة كل ما هو جديد ومستحدَث في مجال تطبيقات النظم الذكية في عمليات إدارة المشتريات والإدارة المالية، بهدف الاستفادة منها في تحسين وكفاءة الأداء، لتحقيق التميز والريادة في استخدام تكنولوجيا المعلومات والنظم الذكية.
المراجع:
– المراجع العربية:
أولا: الكتب
– رياض سلطان علي (2008)، نظم المعلومات الحاسوبية: نظريات وتطبيقات عملية في الشركات الرقمية. دار زهران للنشر والتوزيع، المملكة الأردنية الهاشمية، عمان، الأردن.
– سعيد غالب ياسين (2009)، الإدارة الإلكترونية. دار اليازوري العلمية، عمان، الأردن.
– عبد الرحمن توفيق (2016)، المشتريات والمخازن. دار النهضة العربية للنشر، القاهرة، مصر.
– آلان بونيه (2014)، الذكاء الاصطناعي، واقعه ومستقبله. ترجمة علي صبري فرغلي، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
– هاجر مسعود (2007)، إدارة المشتريات وأهدافها. المرسال للتوزيع، القاهرة، مصر.
– مصطفى زهير (1995)، إدارة المشتريات والمخازن. دار النهضة العربية للنشر، القاهرة، مصر.
– كارتر ستيفن (2014)، إدارة المشتريات الناجحة. ترجمة الدار العربية للعلوم، بيروت، لبنان.
– مجموعة من الباحثين (2015)، إدارة التسويق، أسس ومفاهيم معاصرة. دار غيداء، عمان، الأردن.
– محمد شاكر عصفور (1999)، أصول التنظيم والأساليب. دار المسيرة للنشر، عمان، الأردن.
– إيمان الحيارى (2018)، مفهوم إدارة المشتريات والمخازن. جريدة البيان، الإمارات العربية المتحدة.
– طارق أحمد صادق (2016)، الأنظمة الذكية وتعلم الماكنة. الذاكرة للنشر والتوزيع، العراق.
ثانيا: المقالات والبحوث
– أحلام محمد شواي (2016)، الإدارة الإلكترونية ودورها في تطوير الأداء الوظيفي وتحسينه. مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 24 العدد 4.
– خالد بكرو (2018)، خصائص ومزايا النظم الذكية. كلية الهندسة، الجامعة العالمية للتجديد، تركيا.
– ثامر هادي عبود الجنابي (2014)، إدارة المخازن. كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة بابل، العراق.
– عبد العظيم فاضل (2016)، منهج الأنظمة الذكية هندسة البرمجيات. الكورس الثاني، مجلة الكتاب العربي.
– حنان حسن سليمان (2021)، التخطيط للتحول التنظيمي الرقمي. مجلة دراسات في التعليم الجامعي، العدد 52، مصر.
– البيان (2017)، فوائد استراتيجية للأتمتة أثناء التحول الرقمي. الأدبي- البيان، الإمارات العربية المتحدة، 2 دسمبر.
– مارمور مينا إنتليجنس (2021)، أثر التحول الرقمي في تحسين إجراءات تعاقدات التوريد الحكومية. مؤسسة الكويت للتقدم الاجتماعي. على الرابط الإلكتروني التالي: ile:///C:/Users/WALLADA/Downloads/1638790556_Harnessing%20Value%20through%20Procurement%20Transformation_AR.pdf
ثالثا: التقارير والوثائق
– اقتصادية دبي (2018)، اتفاقية تعاون مع “تجاري” لأتمتة إجراءات إدارة فواتير العقود. جريدة الاتحاد، دولة الإمارات العربية المتحدة.
– هيئة مياه وكهرباء أبوظبي (2016)، أفضل الممارسات المؤسسية في حكومة أبوظبي.
– ديوان المحاسَبة أبوظبي (2018)، المعلومات بشأن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في القطاع العام. حكومة الإمارات الذكية.
– المراجع الأجنبية:
– About e-Government, organization of American states, 2010, Edited 2018.
– Institute of management accounting, Implementing integrated supply chain management for competitive advantage, statment of management accounting statement, N’ 411, Augest 1999, Arthur Andersen.
-Roberto panzanti and Carlos calcopietro, New economy sector and study: electronic government and governance; Washington DC: World bank; 2002
للاطلاع على الاصدار كاملا
للتوثيق