في الواجهةمقالات قانونية

حماية مبدأ المساواة بين المساهمين في شركات المساهمة – ايوب المكناسي

مقال بعنوان : حماية مبدأ المساواة بين المساهمين في شركات المساهمة

 

من اعداد الطالب الباحث : ايوب المكناسي

مقدمة:

إذا كان المشرع نفسه هو الذي كرس مبدأ المساواة بين المساهمين أو اعترف بوجوده تصريحا أو تلميحا، وهو الذي رسم حدوده المتمثلة أساسا في هامش الحرية الضروري الذي يظهر الطابع غير الإلزامي لهذا المبدأ وقانون الأغلبية وكذا أولوية المصلحة الجماعية، فإنه هو نفسه الذي حاول رسم آليات داخلية تضمن حماية المبدأ وبالتبعية حماية المساهمين من الآثار السلبية التي تنتج عن المساس به مهما كان مصدر هذا الخرق[1].

ولأجل ذلك، سخر المشرع المغربي آليات حمائية لمبدأ المساواة داخل شركات المساهمة ويتعلق الأمر بمراقب الحسابات الذي جاء ليملأ الفراغ الذي يفترض أنه يمارس هذه الرقابة.

وتتحلى أهمية الموضوع في كون ان  استحالة قيام المساهمين بأنفسهم بمهام مراقبة حسابات الشركة بالنظر للطابع التقني للمحاسبة وصعوبة ممارسة الاطلاع العقلاني على وثائق الشركة لما يتطلب ذلك من إلمام بعلم المحاسبة، وبالنظر لصعوبة الحصول على وسائل التأكد من صحة وصدقية هذه الوثائق هو ما فرض إسناد هذه المراقبة لجهاز مستقل هو مراقب الحسابات، وذلك بمقتضى مواد محددة في القسم السادس من قانون رقم  17.95[2] المتعلق بشركات المساهمة.

وإذا كانت المهام الأساسية المسندة عادة لمراقبي الحسابات تختزل في مراقبة الوضعية المحاسبية والمالية للشركة، إلا أن المشرع أضاف إلى ذلك مهمة أخرى غير ذات طبيعة محاسبية، حيث وضع على عاتق هذا الجهاز مسؤولية التحقق من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين بصريح الفقرة الأخيرة من المادة 166 من ق. ش. م[3].

وتشكل تقارير مراقب الحسابات الوسيلة العملية لتدخله الرقابي، وضمانة أساسية لتحقيق المساواة بين المساهمين في بعض العمليات.

ومن هذا، سنحاول من خلال هذا الموضوع أن نعالج في مطلبه الأول دور مراقب الحسابات في حماية مبدأ المساواة بين المساهمين من خلال اختصاصه الرقابي، على أن نتناول في المطلب الثاني دور تقارير مراقب الحسابات في حماية مبدأ المساواة بين المساهمين.

 

المطلب الأول: الاختصاص الرقابي لمراقب الحسابات كآلية لحماية قاعدة المساواة بين المساهمين

تلعب مؤسسة مراقب الحسابات دورا طلائعيا في مجال تحقيق وترسيخ مبدأ المساواة بين المساهمين، وهذا ما نصت عليه المادة 166 من ق. ش. م. وهو ما يشكل إحدى ضمانات المساهمين مهما صغر حجم تمثيلهم في رأس مال الشركة، ويتأكد هذا الدور بالخصوص على مستوى الوظيفة الإعلامية لتقرير مراقب الحسابات حول التسيير والذي يتضمن نتائج لمراقبة التحريات التي قام بها حول حسابات الشركة ووضعيتها وذمتها المالية، والذي يوضع رهن إشارة المساهمين لتمكينهم من الحكم على مدى شفافية وصدق الوثائق المحاسبية وتقرير التسيير المنجز من طرف جهاز التسيير[4].

إن التحولات الطارئة على شركات المساهمة والتي اقتربت من فكرة النظام، دفعت في اتجاه تخويل جهاز مراقب الحساب مزيدا من الصلاحيات مع تحصين نزاهته واستقلاليته بمزيد من الضمانات والتخلي عن المفهوم التقليدي للمراقبة المفوضة، وجعل أعمال المراقبة والتحقق دائمة لا مؤقتة كما كان عليه الحال في ظل الأحكام الملغاة، لكن مع الحرص على الاحتفاظ للجمعية العامة بالسلطة الرئاسية كهيئة جماعية تحتكر السلطة العليا في الشركة[5].

ومن هنا يتضح أن الدور الرقابي لمؤسسة مراقب الحسابات من شأنه أن يؤدي الى الوقاية من تعسف الأغلبية ودعم تحقيق التوازن بين المساهمين إن هي توفرت بعض الضمانات التي تدعم هذا الدور.

وهذا ما يجعلنا نتساءل عن نطاق الاختصاص الرقابي لمراقب الحسابات بخصوص احترام قاعده المساواة بين المساهمين (الفقرة الأولى) وعن ضمانات نجاح الدور الرقابي لهذا الجهاز (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى: نطاق رقابة مراقب الحسابات بخصوص احترام قاعدة المساواة بين المساهمين

لا يعد التحقق من احترام مبدأ المساواة بين المساهمين أمرا هينا أو مأمورية سهلة، فإذا كانت المهام المحاسبية لمراقب الحسابات متعددة الملامح وتتلاءم مع تكوينه العلمي، فإن مراقبة مدى احترام مبدأ المساواة بين المساهمين يظل أمرا في غاية الصعوبة لأن هذا لا يهم عملية أو عددا من العمليات بعينها بل يطال كل مناحي حياة الشركة، وهو ما يجعل هذا المراقب ملزما بالتحقق في مدى صحة جميع الأعمال التي قد تكون لها قابلية إحداث إخلال بالمساواة بين المساهمين الأمر الذي يبقيه مطالبا بتتبع أعمال الفقه والاجتهاد القضائي لرصد المستجدات التي يمكن أن تعينه في الكشف عن هذا الاخلال، خصوصا إذا علمنا أن مبدأ المساواة هو مبدأ نسبي ومتجدد وغير دقيق وأن تدخل جهاز مراقب الحسابات في وظيفة بعض الأجهزة من أجل رصد الإخلال لهذا المبدأ من شأنه أن يتعارض مع مبدأ فصل السلط داخل شركة المساهمين التي تستلهم مبادئ التسيير من النموذج الديمقراطي المتعارف عليه في أنظمة الحكم الحديثة.

وإذا كنا نسلم، بأن التحقق في مدى احترام قاعدة المساواة بين المساهمين كما هي مقررة من قبل المشرع بموجب الفقرة الثانية من المادة 165 من القانون رقم 17.95، لا ينحصر في مراقبة قرارات الجمعية العامة الاستثنائية المعدلة للأنظمة الأساسية والتي قد تحمل بين طياتها ما يمس مبدأ المساواة بين المساهمين وإنما تفرض التحقق من كل القرارات التي تتخذ أثناء حياة الشركة بصفة عامة للتأكد من خلوها من أي طابع تعسفي يطال أحد المساهمين أو بعضهم أو فئة منهم، فإن تحقيق هذه الغاية يبدو أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا ما لم يسمح لهذا المراقب بأن يقوم بعملية تقييم لتسيير الشركة[6] علما أن التدخل في التسيير يعد خطا أحمرا لمراقب الحسابات لا يمكن تجاوزه.

وبخصوص أبعاد وحدود تدخل مراقب الحسابات في النظر في مدى احترام قاعدة المساواة فإن المشرع ظل صامتا بشأن ذلك ولم يتجاوز التنصيص على أنه: “يتحقق مراقب الحسابات من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين” وهو ما فتح الباب أمام تعدد الآراء بشأن حدود ونطاق هذا التحقق وفي هذا الإطار تبلور اتجاهان، أحدهما حصر هذه المهمة في حدود مراقبة شرعية القرارات الجماعية الصادرة عن الشركة (أولا) وآخر كان أكثر جرأة حيث وضع على عاتق مراقب الحسابات مهمة المراقبة النوعية لهذه القرارات (ثانيا).

أولا: مراقبة شرعية القرارات الجماعية الصادرة عن الشركة

تسمى هذه المراقبة بالمراقبة الضيقة وهي التي تبناها جانب من الفقه في فرنسا، حيث تجعل مراقب الحسابات مجرد حارس على مدى قانونية القرارات الجماعية، إذ يقع على عاتقه التأكد من أن الأسهم المنتمية إلى نفس الفئة تستفيد من نفس الحقوق خاصة على مستوى اقتسام الأرباح أو التصويت…، وبمفهوم آخر فإن مراقب الحسابات يتعين عليه أن يبحث فقط عن حالات اللامساواة التي يمنعها القانون والمرتبطة بمنح بعض الحقوق لبعض المساهمين أو الإلغاء الغير المشروع لحق التصويت أو المشاركة في الجمعية العامة أو توزيع الأرباح أو خرق القواعد المرتبطة بممارسة حق الأفضلية في الاكتتاب عند الزيادة في رأس المال فدوره يقف عند هذا الحد ولا يتجاوزه إلى مراقبة تبرير المساس بالمساواة وإلا اعتبر متدخل في التسيير الذي هو خط أحمر لا يحق له تجاوزه [7] بصريح المادة 166 من ق17.95[8].

إن السماح لمراقب الحسابات بالبت في مدى ملائمة القرارات لا يكون مقبولا إلا إذا كان بناء على رخصة صريحة من المشرع كما هو الحال مثلا بالنسبة لعملية التخفيض من رأس مال الشركة حيث تبت الجمعية العامة غير العادية في قرار التخفيض هذا عقب تقرير مراقب الحسابات الذي يبين فيه تقييمه لأسباب التخفيض وشروطه[9].

والانتقاد الموجه لهذا الاتجاه يتمثل في كون أنه ضيق من مهام مراقب الحسابات وجعله مجرد جهاز يقوم بالمراقبة الشكلية وهو ما لا يسمح بتوفير حماية فعالة لقاعدة المساواة بين المساهمين تجاه كل تعسف، وتجاوزا لهذا النقص ظهر توجه جديد يتبنى قراءة موسعة لدور مراقب الحسابات في التحقق من مبدأ المساواة بين المساهمين.

ثانيا: المراقبة الموسعة لمراقب الحسابات كضمانة لسيادة المساواة بين المساهمين

إن حماية مبدأ المساواة بين المساهمين تظل غير مكتملة التحقيق إذا ما انحصرت في مراقبة الشرعية الشكلية للقرارات الجماعية، فالقرارات التي تتخذ بالأغلبية التي تنطوي على تفضيل فئة الأغلبية على فئة الأقلية غالبا ما تكون قانونية على مستوى الشكل واللامساواة التي تنتج عنها تكون مشروعة، إلا أن تقدير القضاء وحده من خلال سلطته التقديرية ومن خلال تقييم مدى ملائمة هذه القرارات المتنازع فيها للمصلحة الجماعية للشركة هو الذي يسمح باكتشاف مدى وجود التعسف من عدمه والذي يعد مبررا لبطلان مثل هذه القرارات[10].

إن دورا من هذا القبيل لا يجب أن يبقى حكرا على القضاء، إذ لا شيء يمنع من الاعتراف به لمراقب الحسابات في خضم ممارسته لمهامه الرقابية على احترام قاعدة المساواة بين المساهمين، فالفقرة الأخيرة من المادة 166 من ق  17.95 المكرسة لهذا الدور تندرج بصفة عامة ضمن مختلف الإجراءات الرامية إلى اتقاء تعسفات الأغلبية.

انطلاقا من هذا التحليل او التأويل، فإنه يتعين على مراقب الحسابات أن يبحث في مرحلة أولى عما إذا كانت القرارات المتخذة تمس بمبدأ المساواة بين المساهمين، وفي حالة ما إذا كانت كذلك وجب عليه في مرحلة ثانية أن يبحث عما إذا كانت مقبولة بالنظر للمصلحة الجماعية للشركة ثم يصوغ خلاصته على ضوء ذلك وهو يماثل دور القضاء نفسه بخصوص تعسف الأغلبية الذي يوسم هذا العمل المزدوج المتمثل في معاينة خرق مبدأ المساواة والبحث عما إذا كان الخرق تبرره المصلحة الجماعية للشركة.

ومن وجهه نظرنا بخصوص تحليل المادة 166 من قانون رقم 17.95 نقول برأي متواضع على أن المشرع مادام نص في فقرة مستقلة على كون مراقب الحسابات يتحقق من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين دون أن يحدد مجال تدخله في هذا الشأن فإننا نسير في اتجاه القول بالمراقبة الموسعة لمراقب الحسابات الذي يهدف من خلالها إلى معاينة خرق مبدأ المساواة والبحث عما إذا كان هذا الخرق تبرره المصلحة الجماعية للشركة.

لكن الإشكال الذي يبقى مطروحا بهذا الخصوص، هو ما المقصود بالمصلحة الجماعية للشركة لكي تستعمل كمبرر للقفز على مبدأ المساواة؟

إن أهمية هذا الاشكال تتمثل في العلاقة القائمة بين المصلحة الجماعية للشركة وبين قاعدة المساواة بين المساهمين، وكما تكون المصلحة الجماعية أداة حمائية يمكنها أن تكون في نفس الآن ذريعة للمس بمبدأ المساواة وذلك من خلال إحداث تمييزات بين المساهمين في العديد من المناسبات.

والإجابة عن الاشكال أعلاه اختلف بشأنها تياران فقهيان، تيار ذهب إلى اختزال معالم المصلحة الجماعية  في مصلحة الشركاء وآخر اعتبر على أن مصلحة الشركة هي مصلحة المقاولة أو المشروع.

ومن وجهة نظرنا المتواضعة فإن المصلحة الجماعية ليست في المصلحة الفردية للمساهمين ولاهي المصلحة الجماعية لمصالح الشركاء، وإنما البحث عن المصلحة الجماعية  يجب أن يتم على مستوى الشركة لكن دون اختزاله في هذا التنظيم بشكل منفصل بل يتعين دائما استحضار مصالح كل مكون من مكوناته.

وباستقرائنا للأحكام الجديدة لقانون شركات المساهمة يظهر لنا أن صلاحيات مراقبي الحسابات لا زالت سجينة بعض مضامين المفهوم التقليدي للمراقبة التي لا تسمح لهم بالتدخل في تسيير الشركة، لكن رغم هذا المنع فإن المشرع المغربي لم يأخذ بشكله المطلق وإنما منح لمراقب الحسابات إمكانية التقييم الإضافي للتسيير كأداة للتحقق من المساواة، ويظهر ذلك من خلال الالتزامات الملقاة على عاتق مراقب الحسابات والتي يتوقف أداؤها على ضرورة التحقق من كل العمليات داخل الشركة[11]، كما يستفاد من منطوق المادة 175 من ق  17.95.

إذن فبالرغم من محدودية الآثار الإيجابية للمهام الرقابية المتعلقة بالتحقق من احترام مبدأ المساواة بين المساهمين بالنظر للقيود التي فرضها المشرع والمتعلقة بالخصوص بمنع مراقبي الحسابات من التدخل في التسيير، إلا أن دورهم يظل مع ذلك طلائعيا على الأقل على مستوى الكشف عن كل إخلال لا يستطيع المساهم العادي اكتشافه، وهو ما يشكل في حد ذاته ضمانة إضافية للمساهمين مهما صغر حجم تمثيلهم في رأس مال الشركة، وما يزيد من قوة مؤسسة مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة هو أن المشرع أحاطها بمجموعة من الضمانات لتفعيل دورها الرقابي.

الفقرة الثانية: ضمانات فعالية الدور الرقابي لمراقب الحسابات لحماية قاعدة المساواة بين المساهمين

خلافا لما كان معمولا به في ظهير 11 غشت 1922[12]، حيث لم يكن من الممكن تصور قيام مراقب الحسابات بمراقبة فعالة، ذلك أن القانون لم يكن يمنحه الظروف الملائمة لمزاولة عمله، كما لم يتطلب أية شروط تضمن كفاءته أو استقلاليته، فإن قانون 30 غشت لسنة 1996 وجميع التعديلات والتتميمات التي طرأت عليه من قانون رقم 20.05 وقانون رقم  78.12، والتعديل الأخير المتعلق بالقانون رقم 20. 19 تهدف أساسا إلى توفير حماية فعالة للمساهمين والمكتتبين المرتقبين الذي قد يقعون ضحايا تصرفات المسيرين، مع تعزيز وضمان فعالية عمل مراقب الحسابات عن طريق توفير الاستقلالية لهذا الجهاز ( أولا) مع ضمان استقراره لضمان مراقبة مستمرة لمبدأ المساواة ( ثانيا) بحيث لا يمكن التخلص منه دون ضوابط.

أولا: ضمانات استقلال مراقب الحسابات

لقد شكلت القواعد المنظمة لتعيين مراقب الحسابات وعزلهم وتلك التي تحدد مهامهم أرضية قانونية صالحة لأن تجعل من هذا الجهاز كيانا مستقلا عن باقي أجهزة الشركة الأخرى[13] بما يمنع عنه مختلف صور الإحراج والمضايقة ويقيه من شر الضغوط.

إن استقلالية مراقب الحسابات تعتبر شرطا ضروريا لممارسة مختلف صلاحياته بصفة عامة وعلى الأخص مراقبة مدى احترام قاعدة المساواة، فهو مجبر على أن يقف على مسافة واحدة من كافة المتدخلين في حياة الشركة، كالمساهمين وأجهزة التسيير وأن يحافظ على عنصر الحياد الذي يفترض أن يتحلى به كل جهاز يتولى مهام رقابية[14].

ولتحقيق هذه الاستقلالية كان لزاما على المشرع بأن يحكم تنظيم مؤسسة مراقب الحسابات وعلاقتها بباقي أجهزة الشركة وذلك بتنظيم حالات تنافي هذا الجهاز (أ) مع استقلالية المتصرفين والفئة المسيطرة على المراقبة داخل الشركة وفق ما جاء به القانون الجديد رقم 20. 19 المغير والمتمم للقانون 17.95 المتعلق بشركات المساهمة (ب).

  • النظام القانوني لحالات التنافي

إن أول ما تستلزمه أية عملية مراقبة مهما كان مجالها هو تأمين الاستقلالية في تنفيذ هذه المهمة، أي استقلال الرقيب عن المراقب وفك أي ارتباط بينهما يكون مطية لتأثير الثاني على الأول، ولهذه الأسباب حرصت جل التشريعات على إعطاء مراقب الحسابات مركزا متميزا وكيانا مستقلا عن باقي كيانات الشركة بصورة تمنع عنه مختلف صور الإحراج والمضايقة وتقيه نشر الضغوط[15].

لذلك، عمل المشرع في هذا الإطار على منع مزاولة مهنة مراقب الحسابات من طرف مجموعة من الأشخاص[16]، لكي لا يتم الجمع بين مراكز قانونية متعارضة مع استبعاد الروابط العائلية التي غالبا ما تكون هي السبب في المس بقاعدة المساواة، كما عمل على منع مراقب الحسابات من مزاولة مجموعة من الوظائف ضمانا لاستقلاليته بمقتضى المادة 162 من قانون شركات المساهمة رقم 17.95 التي جاء فيها “لا يمكن لمراقبي الحسابات أن يعينوا كمتصرفين أو مديرين عامين أوأعضاء في مجلس الإدارة في الشركات التي يراقبوها إلا بعد انصرام أجل خمس سنوات على الأقل منذ انتهاء مهمتهم بها كمراقبين للحسابات ولا يمكنهم خلال نفس الآجال أن يمارسوا نفس المهام في الشركة التي تملك 10% أو أكثر من رأسمال الشركة التي يراقبون حساباتها، ولا يمكن للأشخاص الذين كانوا متصرفين أو مديرين عامين أو أعضاء في مجلس الإدارة الجماعية لشركة مساهمة أن يعينوا مراقبين لحسابات تلك الشركة خلال الخمس سنوات على الأقل التي تلي تاريخ انتهاء مهامهم…”.

وما يلاحظ على المادة أعلاه، هو أن المشرع حاول الحؤول دون إتمام صفقات مشبوهة بين الشركة ومراقبيها المنتهية وذلك من خلال مكاناتهم اللاحقة عن كل تغاضي أو تساهل في عمليات المراقبة بما يخدم مصالح الفئة المسيطرة على مقاليد الشركة والإضرار بفئة مساهمي الأقلية، مع ما ينطوي عليه هذا الأمر من إخلال بمبدأ المساواة بينهم، لكن ما يعاب على المشرع هو أنه لم يشمل العضوية في مجلس الرقابة ضمن حالات المنع المذكورة وهو ما يسمح لمراقب الحسابات أن يعين فور انتهاء مهمته كمراقب للحسابات في مجلس الرقابة دون ضرورة انصرام مدة خمس سنوات[17].

وإذا كانت استقلالية مراقبي الحسابات قد تعتبر مضمونة باعتبار أن تعيينه يتم من قبل الجمعية العامة العادية[18]، إلا أن الواقع العملي يبين أن المسيرين هم الذين يقترحون على الجمعية العامة تعيين مراقب الحسابات أو ذاك، الأمر الذي يكون من شأنه أن يمس بهذه الاستقلالية، وبالتالي المس بقاعدة المساواة بين المساهمين، عن طريق خلق نوع من المحاباة والتغاضي عن بعض الاختلالات التي سيرصدها عند ممارسته لمهامه الرقابية، وعدم استقلالية مراقب الحسابات لا يمس فقط بمبدأ المساواة وإنما يضر أيضا بسمعة الشركة.

وفي هذا الصدد نجد أمر استعجالي للمحكمة التجارية بفاس بتاريخ 19\04\2017[19] الذي يحدد معيارين للقول بوجود حالات التنافي في تعيين مراقب الحسابات وهما انعدام الاستقلالية وتلقي أجر عن الوظائف.

  • مساهمة القانون رقم 19.20 في دعم استقلالية مراقب الحسابات

إن اعتبار القانون مصدرا لصلاحيات جهاز مراقب الحسابات التي لا يمكن التفاوض بشأنها بالزيادة أو بالنقصان ولا تشبه تلك المسندة لوكيل الشركة[20] تجعل مراقب الحسابات جهاز قائم الذات داخل الشركة تربطه بها علاقة مؤسساتية، أو كما عبرت عنها المحكمة التجارية بباريس بتاريخ 9 ماي 1969 بأنه جهاز عضوي من هياكل الشركة يترتب عن غيابه استحالة قيامها، وعن الإخلال بمقتضيات نظامه عقوبات زجرية تطال المسؤولين عنها[21].

وحتى يؤدي مراقب الحسابات مهامه على الوجه المنشود يتعين أن يتمتع باستقلالية تامة عن أجهزة الإدارة والتسيير داخل شركات المساهمة، ويشكل هذا الاستقلال ضمانة مهمة بالنسبة لمساهمي الأقلية. وفي كل مناسبة تعديل لقانون 17.95 يسعى المشرع المغربي إلى تعزيز هذه الاستقلالية، إذ نجده في القانون رقم 78.12 عزز نظام التنافي عن طريق توسيع حالاته بمقتضى المادة 161 في صيغتها الجديدة.

لكن إذا كان القانون رقم 78.12 ساهم في تعزيز استقلالية جهاز مراقب الحسابات عن طريق توسيع حالات التنافي، فما تجليات مساهمة القانون الجديد لشركات المساهمة رقم 20. 19 في دعم استقلالية هذا الجهاز؟

لقد عمل المشرع من خلال القانون الجديد لشركات المساهمة رقم 20. 19 على تتميم وتعديل مجموعة من المواد في سبيل مواكبة الركب الاقتصادي وتطوير مجال المال والأعمال، وكانت معظم التعديلات تصب في اتجاه تحقيق الحكامة داخل شركات المساهمة ولا حكامة دون استقلال بين أجهزة الشركة، ولما كان مراقب الحسابات هو الرقيب الشرعي على إدارة الشركة، فإن التعديل الأخير لقانون شركات المساهمة أحدث بعض المواد التي تقضي بدعم هذه الاستقلالية وإن لم تكن بشكل مباشر، ويتعلق الأمر بالمادتين 41 مكررة و 41 مكررة مرتين التي أحدثها، المشرع وضمن فيها استقلالية المتصرفين، وذلك بوضع جملة من الشروط التي يجب أن يستجيب لها المتصرف المستقل، فبالرجوع إلى المادة 41 مكررة نجدها تنص على أنه:

  • يجب على الشركات التي تدعو الجمهور للاكتتاب أن تعين في حظيرة مجلس إدارتها متصرفا مستقلا أو أكثر.
  • يجب ألا يتعدى عدد المتصرفين المستقلين ثلث العدد الاجمالي للمتصرفين
  • يجب أن يستجيب المتصرف المستقل للشروط التالية:
  • ألا تكون قد سبق له خلال الست سنوات السابقة لتعيينه، أن زوال مهنة مراقب الحسابات للشركة”.

من المادة أعلاه نستنتج أن المشرع المغربي وسع من مجال استقلالية مراقب الحسابات وهو ينص على شروط المتصرف المستقل[22]، ولا يتعلق الأمر فقط فيما يخص الشركات التي تدعو الجمهور للإكتتاب وإنما حتى بالنسبة للشركات المغلقة وهذا ما يستفاد من المادة 41 المكررة مرتين والتي تنص على أنه ” يمكن لشركات المساهمة غير تلك التي تدعو الجمهور للإكتتاب أن تعين في حظيرة مجل إدارتها متصرفا مستقلا أو أكثر أن تتقيد بالشروط المنصوص عليها في المادة 41 المكررة أعلاه”، بمعنى أن المشرع أوجب على شركات المساهمة بنوعيها بأن تعينا في حظيرة مجلس إدارتها متصرف مستقل أوأكثر، وأوجب على هذا المتصرف بأن يخضع لجملة من الشروط ضمنها أن لا تكون قد سبق له خلال الست سنوات السابقة لتعيينه أن زاول مهنة مراقب الحسابات للشركة.

وما يبين تأكيد استقلالية مراقب الحسابات من طرف المشرع هو كون أن المادتين 41 مكررة و 41 مكررة مرتين جاءت آمرتان باستعمال عبارة ” يجب” بشكل متكرر، كما أن المشرع إذا كان قد اشترط في المتصرف المستقل أن لا يكون قد سبق له خلال الثلاث السنوات السابقة أن كان أجيرا أو عضوا في جهاز الإدارة أو الرقابة أو التسيير في شركات المساهمة، فإنه وضمانا لفعالية استقلالية مؤسسة مراقب الحسابات اشترط على أن لا تكون قد سبق له خلال الست سنوات السابقة لتعيينه أن زاول مهنة مراقب الحسابات للشركة، بمعنى نلاحظ طول المدة بين إمكانية مزاولة المتصرف المستقل لمهنة مراقب الحسابات مقارنة بباقي أجهزة الشركة.

ثانيا: استقرار مراقب الحسابات لضمان مراقبة مستمرة لقاعدة المساواة

يقتضي توفير الاستقرار لمراقب الحسابات، جعله بمنأى عن رغبات ومزاجية أجهزة الإدارة والتسيير أو المساهمين، وذلك حتى يستطيع أداء مهامه بنزاهة وجدية الشيء الذي لن يتوفر له بالرغم من إحاطته بسياج من حالات التنافي والمنع، وفي الحالة التي يكون فيها من حق الجمعية العامة إنهاء مهامه في أي وقت، أو من حق المساهمين أو أجهزة الإدارة والتسيير تجريحه لأي سبب كان وفي أي فترة[23] ، فهذه الوضعية ستجعل مراقب الحسابات يساير أهواء الفئة المستقوية داخل الشركة الرامية إلى هدم روابط المساواة بينها وبين فئة الأقلية خوفا من فقدان عمله، وفي محاولة من المشرع لإخراج مراقب الحسابات من هذه الوضعية وإعطائه حصانة أثناء قيامه بمهمة التحقق من قاعدة المساواة بين المساهمين، نص في قانون شركات المساهمة على مسطرة خاصة لتجريحه ( أ) مع النص على تحصينه من تبعات أي عزل ذي طابع تعسفي ( ب).

أ-إقرار مسطرة التجريح كضمانة لمراقبة جدية

تتأطر مسطرة التجريح بشكل خاص في المادة 164 من ق. ش. م والتي تحدد أطراف عملية التجريح وأسبابها وأجلها بحيث تنص على أنه ” يمكن لمساهم أوعدة مساهمين يمثلون ما لا يقل عن 5 في المائة من رأسمال الشركة توجيه طلب لرئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات، بتجريح مراقب أو مراقبي الحسابات التي عينتهم الجمعية العامة على أن يكون هذا التجريح لأسباب صحيحة… وبالنسبة للشركات التي تدعو الجمهور للإكتتاب يمكن لمجلس القيم المنقولة[24] أن يقدم نفس الطلب المذكور. ويتم تقديم طلب معلل إلى الرئيس، تحت طائلة عدم القبول، داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ التعيين موضوع الخلاف”.

وبناء على المادة أعلاه، فإن مسطرة التجريح تبدأ بتقديم طلب التجريح من طرف المساهم أو من طرف مجلس القيم المنقولة حسب الحالة إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ التعيين موضوع الخلاف، وبالمقارنة بين التشريع المغربي والتشريع الفرنسي بخصوص الجهات التي يحق لها تقديم طلب التجريح، نجد أن المشرع الفرنسي وسع من دائرة الأشخاص الذين يحق لهم تجريح مراقب الحسابات بناء على L823-6 من مدونة التجارة الفرنسية، حيث أعطى إمكانية تجريح مراقب الحسابات لأي مساهم أو عدة مساهمين يملكون 5% على الأقل من رأسمال الشركة المراقبة، ومن طرف لجنة المقاولة والنيابة العامة والسلطة المكلفة بالأسواق المالية، لذلك كان على المشرع المغربي توسيع لائحة الأشخاص المخول لهم تجريح مراقب الحسابات بإدخال لجنة المقاولة والنيابة العامة[25].

وهناك انتقاد آخر موجه للمشرع، بخصوص مسطرة التجريح، والذي يتمثل في كون أن طلب التجريح لا يقدم إلا ضد مراقب الحسابات المعين من طرف الجمعية العامة كما جاء في المادة 164 من قانون شركات المساهمة، وبالتالي يستثنى مراقب الحسابات المعين في النظام الأساسي، أو في عقد منفصل أو المعين من طرف القاضي، وربما يرجع سبب استثناء هؤلاء المراقبين من مسطرة التجريح، لقصر الفترة التي يمارسون خلالها مهامهم والمتمثلة في سنة مالية واحدة[26] أما مراقب الحسابات الذي يعينه القضاء بطلب من أي مساهم عند إهمال الجمعية العامة القيام بذلك، فيستمر في مهامه إلى حين تعيين الجمعية العامة مراقب حسابات آخر[27]. ويمكن تسجيل ملاحظة أخرى بخصوص المادة 164 والتي تتمثل في كون أن المشرع لم يحدد بشكل دقيق أسباب تجريح مراقب الحسابات وهي نفس الملاحظة بالنسبة للمشرع الفرنسي، حيث أوردا كل منهما عبارة فضفاضة وهي تجريح مراقب الحسابات لأسباب صحيحة وبالتالي فإن تحديد هذه الأسباب يخضع للسلطة التقديرية للقضاء.

وبالرغم من الانتقادات التي وجهت للمشرع بمناسبة تحديد أجل 30 يوم المنصوص عليه في المادة 164 والمرتبطة أساسا بكون أسباب التجريح غالبا ما تظهر مع مرور الوقت وهو ما يستدعي عدم تحديد أي أجل لممارسة هذا الحق[28]، فإن ربط ممارسة هذا الحق بالأجل المذكور يسهم في دعم الإستقرار النفسي لمراقب الحسابات والسماح له بالتفرغ لمباشرة مهمته وتحصينه بعد مرور هذا الأجل من كل طلبات تجريح ترفع بين الفينة والأخرى قد تشغله عن التركيز في أداء دوره[29].

ومن الحسنات التي تحسب للمشرع المغربي والتي جاء بها بمقتضى القانون 20.05 هي أنه إذا كان يحق للمساهم طلب تجريح مراقب الحسابات فإن هذا الحق لا يمارس على إطلاقه ذلك أنه يبقى قصرا على المساهم أو المساهمين الذين يمثلون ما لا يقل عن 5 في المائة من رأسمال الشركة عوض نسبة 10% التي كانت في القانون القديم، وهو التقليص الذي يسمح لفئة الأقلية من الاستفادة من ممارسة هذا الحق ومقاومة كل فرض لمراقب الحسابات من قبل الأغلبية المهيمنة مما يشجع على إعادة التوازن في تعيين هذا الجهاز الحساس داخل الشركة التي سيصبح فيها ضامنا للمساواة من كل أصحاب المصالح المتواجدة بالشركة.

ومن هذا كله يجب القول أن التجريح يعد آلية قانونية حمائية تهدف إلى حماية حياد مراقب الحسابات بحيث تسمح للمساهمين الذين يشكون في غياب هذه الصفة باللجوء إلى القضاء للمطالبة بتجريحه وهو ما ينعكس على ضمان حماية فعالة لقاعدة المساواة بين مصالح الشركاء والمساهمين بهذه الحماية التي لا تكتمل إلا من خلال تنظيم مسألة عزل مراقب الحسابات.

  • تحصين مراقب الحسابات من أي عزل تعسفي

إنه لا يمكن الحديث عن أيه استقلالية حقيقية لمراقبي الحسابات وبالتالي أيه مراقبة واقعية وحقيقية ممارسة من طرفهم، دون أن يتم ضمان الاستقرار في أداء المهمة الخاصة بهم، حيث أنه لن نستفيد من شيء إذا ما أحطنا تعيينهم فقط بمجموعة من القواعد المضبوطة خاصة إذا كنا وبعد ذلك قد نترك للمسيرين عن طريق الجمعية العامة إمكانية عزلهم لمراقبي الحسابات ودون تبرير لهذا العزل، حيث في بعض الأحيان يتم ذلك فقط لأن هؤلاء قد يمارسون رقابة صارمة وحقيقية لا تروق للمسيرين، ولهذا فاستقلال مراقب الحسابات هو لصيق بالنطاق القانوني الخاص بعزلهم أو إعفاءهم[30] ، ومن ذلك تدخل المشرع ليقر قاعدة في غاية الأهمية راهن من خلالها على ضمان استمرارية مراقب الحسابات في مزاولة مهامه إذا ما كان أداؤه في مراقبة الأغلبية هو ما أدى بهذه الأخيرة إلى التفكير في التخلص منه، وهي القاعدة التي نص عليها في المادة 175 من القانون رقم  17.95 التي جاء فيها أنه: ” يمكن إعفاء مراقب أو عدة مراقبين للحسابات من مهامهم في حالة ارتكابهم خطأ أو إذا عاقهم عائق مهما كان سببه قبل انقضاء المدة العادية لمهامهم من طرف رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات وذلك بطلب من مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة أو من مساهم أو عدة مساهمين يمثلون ما لا يقل عن خمسة في المائة من رأسمال الشركة أو من الجمعية العامة في كل الحالات.

ومن هذه المادة نلاحظ أن المشرع المغربي في قانون 24 يونيو1996 قلص من سلطات الجمعية العامة وأحدث القطيعة مع حق الجمعية العامة في عزل مراقب الحسابات وسلم هذه المهمة لجهاز القضاء.

كما أن المشرع منح حق طلب عزل مراقب الحسابات حتى إلى أقلية المساهمين، ويعد هذا من مظاهر المساواة بين الأقلية والأغلبية مادام هذا الحق يثبت للجمعية العامة كذلك[31].

إن أكبر ضمانة يمكن أن يتحصن بها مراقب الحسابات ضد كل انتقام من أجهزة الإدارة أو من الأغلبية الممثلة في الجمعيات العامة هو إسناد اتخاذ قرار عزله من مهامه للقضاء وحده[32] لأن هذا يعد حصانه تجاه قرارات العزل التي قد تتخذها الجمعية العامة والتي قد تكون تعسفية أو انتقامية أحيانا.

ومن أجل منع عزل مراقبي الحسابات لأي سبب فقد حدد المشرع مبررات عزله وذلك إما في حالة ارتكابهم خطأ أو إذا عاقهم عائق يحول دون استمرارهم في ممارسة مهامهم الرقابية ومن غير ذلك فلا يمكن عزلهم.

ويبقى تحديد مفهوم الخطأ أو العائق المبرر للإعفاء خاضعا لسلطة تقدير رئيس المحكمة، وفي هذا الإتجاه فقد اعتبر القضاء الفرنسي أن رفض مراقب الحسابات إيداع التقرير العام معطلا بذلك انعقاد الجمعية العامة بحجة قيام اختلالات في حسابات الشركة خطأ يبرر إعفاءه من مزاولة مهامه قبل الأوان، لكن دون أن يتوقف ذلك على إثبات سوء نية هذا المراقب، كما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها[33].

وضحنا من خلال هذا المطلب مظاهر تدخل مراقب الحسابات فيما يخص اختصاصه الرقابي من خلال تحديد نطاق هذه الرقابة والضمانات الفعالة لتحقيقها والتي تتمثل في ضمان استقلال مراقب الحسابات وضمان استقراره النفسي عن طريق تنظيم آليات التنافي والتجريح والعزل، إلا أن افتقار مراقب الحسابات لسلطة التقرير تجعل من الصعب الجزم بأن صلاحياته ترقى إلى مستوى السلطة الرقابية التي من شأنها أن تضمن تحقق مبدأ المساواة بين المساهمين.

المطلب الثاني: دور تقارير مراقب الحسابات في حماية قاعدة المساواة

تشكل تقارير مراقب الحسابات الوسيلة العملية لتدخله الرقابي والتي من خلالها يقوم مراقب الحسابات بدور إعلامي تجاه المساهمين، حيث ألزمه المشرع المغربي بإعداد مجموعة من التقارير تختلف حسب الجهة المقدمة لها، وحسب ظروف تقديمها، حيث هناك تقرير عام يقدم إلى الجمعية العامة للمساهمين عند نهاية كل سنة محاسبية يضمن من خلاله المساواة في الإعلام بين المساهمين (الفقرة الأولى)، وتقارير خاصة التي تهدف إلى حماية هذه المساواة في بعض العمليات غير المعتادة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التقرير العام كوسيلة لتحقيق المساواة في الإعلام بين المساهمين

يعتبر التقرير العام الذي يعده مراقب الحسابات ويقدمه للجمعية العامة أهم مصدر لإعلام المساهمين وحتى الأغيار سواء كانوا مستثمرين جدد أو موردين أو دائنين لمعرفة الوضعية المالية للشركة، فهو تقرير صادر عن مهني متخصص ومستقل على خلاف تقرير التسيير الذي يعده مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية والذي يقتصر على تقديم المعلومات المتعلقة بنشاط الشركة والنتائج التي حصلت عليها وبالإضافة إلى آفاقها في المستقبل[34].

إن تدخل مراقب الحسابات في هذا المجال من أجل التحقق من صحة وصدق حسابات الشركة تشكل ضمانة هامة تسمح بتحقق المساواة بين المساهمين في الحصول على المعلومة المرتبطة بهذه الحسابات بحيث يكون من حق كل مساهم أن يتوفر على نفس المعلومة وبنفس الطريقة. وسنحاول من خلال هذه الفقرة بأن نبين موضوع التقرير العام (أولا) ثم سلطات تدخل مراقب الحسابات بشأن المصادقة على القوائم التركيبية أو رفضها (ثانيا) المتعلقة  بهذا التقرير.

أولا: مضمون التقرير العام

لم يحدد المشرع المغربي صراحة مضمون التقرير العام، بالرغم من أهميته على خلاف ما اتبعه بشأن التقرير الذي يقدمه مراقب الحسابات لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة، حيث بالغ في سرد تفاصيل هذا التقرير في المادة 169 من ق. ش. م، على خلاف المشرع المصري الذي حدد مضمون هذا التقرير بالتفصيل بموجب المادة 106 من قانون الشركات الصادر بتاريخ 1981[35]، ولكن يمكن استشاف هذا المضمون بناء على المادة 172 من ق. ش. م والتي تنص على أنه :” يعد مراقب أو مراقبي الحسابات تقريرا يقدمونه للجمعية العامة يتضمن نتائج قيامهم بالمهمة التي أوكلتها الجمعية العامة لهم”.

من المادة أعلاه يتضح بأن القرير العام يجب أن يتضمن جميع نتائج المهام التي أوكلتها الجمعية العامة لمراقب الحسابات، ومن أجل معرفة مضمون هذا التقرير ينبغي إجراء جرد لمهام مراقب الحسابات، وبالتالي يجب أن يتضمن التقرير العام نتائج عمليات الرقابة المنصوص عليها في المادة 166 من ق. ش. م، أي تحديد ما إذا كان المراقب قد اكتشف اختلالات أو أخطاء بخصوص قيم الشركة والدفاتر والوثائق المحاسبية، ومدى مطابقة المحاسبة للقواعد المعمول بها، كما يجب أن يتضمن التقرير أيضا رأيه حول صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية، وفي الوثائق الموجهة للمساهمين والمتعلقة بالوضعية المالية للشركة وبنتائجها ومن تطابقها مع القوائم التركيبية[36]. كما يجب أن يتضمن التقرير العام ما إذا كان هناك خرق لقاعدة المساواة بين المساهمين.

إن نتائج المراقبة والتحريات التي يقوم بها مراقب الحسابات حول حسابات الشركة ووضعيتها المالية والذي يوضع رهن إشارة المساهمين يمكنهم من الحكم على مدى شفافية وصدق الوثائق المحاسبية وتقرير التسيير المنجز من طرف جهاز التسيير[37].

ويمكن لمراقب الحسابات من أجل تنوير المساهمين أن يطعم تقريره السنوي بملاحظات خاصة وتوضيحات حيث يحتمل أن يكون هذا التقرير هو منبع لقيام مؤشرات على احتمال وجود مساس محتمل بمبدأ المساواة بين المساهمين[38].

إضافة إلى مضمون التقرير العام والذي يشكل مصدرا أساسيا للمساواة أمام المعلومة، فإن المشرع المغربي عزز الدور الرقابي لمراقب الحسابات بمقتضى قانون 17.95 من خلال إعطائه سلطتي المصادقة ورفض المصادقة فيما يخص القوائم التركيبية وذلك في التقرير الموجه للجمعية العامة.

ثانيا: سلطات مراقب الحسابات بشأن التقرير العام

إن مراقب الحسابات وضمن التقرير الذي يتعين عليه أن يرفعه إلى الجمعية العامة يمكنه إما الإشهاد بصحة هذه الحسابات وهو ما قد يوجب مساءلته إذا ما ظهر أن هذه المصادقة لا تستند على أساس، وإما أن يشفع الإشهادات بتحفظات، أو أن يرفض أصلا المصادقة على هذه الحسابات[39]، بمعنى أن سلطات مراقب الحسابات بخصوص القوائم التركيبية تتثمل إما في المصادقة عليها (أ) سواء بتحفظ أن بدون تحفظ وإما رفض المصادقة (ب).

  • المصادقة على القوائم التركيبية:

تجدر الإشارة في هذا الصدد أن مراقب الحسابات كان إبان قانون الشركات لسنة 1867 يقوم فقط بإبداء رأيه في الحسابات السنوية وذلك في التقرير الموجه للجمعية العامة ولم تكن له سلطة المصادقة، إلى أن جاء قانون 17.95 الذي عزز من دوره الرقابي عن طريق مصادقته على القوائم التركيبية[40]، والمصادقة إما أن تكون بدون تحفظ أو بتحفظ.

بخصوص المصادقة بدون تحفظ فإن مرقب الحسابات يشدد على شفافية القوائم التركيبية في حالة مسك محاسبة موافقة للقواعد المحاسبية الجاري بها العمل والتي تقدم صورة صادقة عن الوضعية المالية للشركة، وقد تناول القانون رقم 9. 88 المتعلق بالقواعد المحاسبية مفهوم الصورة الصادقة[41]، من خلال المادة 11 من القانون المذكور التي ذهبت إلى أنه ” يجب أن تكون القوائم صادقة لأصول المنشأة وخصومها ولوضعيتها المالية ونتائجها”. كما يمكن لمراقب الحسابات أن يصادق على الحسابات السنوية وأن يورد التحفظات التي يراها لازمة، وذلك إذا اكتشف وجود اختلالات أو إهمال من قبل المسيرين يكون له تأثير على حسابات الشركة دون بلوغ درجة رفض الإشهاد عليها[42]، وما لهذا التأثير من اختلال للتوازن داخل عناصر شركات المساهمة وبالتالي غياب الثقة مما يستتبع هدم قاعدة المساواة بين المساهمين، خصوصا إذا علمنا أنه من بين أسباب التحفظ وجود بعض العراقيل التي تحول دون القيام بمهامه الرقابية وبالتالي عدم تحققه من قاعدة المساواة، وهذا ما انتبه له المشرع ومنح مراقب الحسابات سلطة المصادقة مع التحفظ، ولكي يعتد بهذه التحفظات يجب أن ترد في صلب التقرير العام ولا يجب أن تطال هذه التحفظات أي تغيير بعد إدراجها، وقد أدانت محكمة النقض الفرنسية في قرار صادر عنها بتاريخ 12 يناير 1921 مراقب الحسابات بارتكاب جريمة التزوير، لأنه ابتدل التقرير الذي أعده والذي كان يتضمن تحفظات بتقرير آخر خال من أي تحفظات مباشرة قبل اجتماع الجمعية العامة العادية[43].

  • رفض المصادقة

بالإضافة إلى سلطة المصادقة، فقد منح المشرع المغربي بمقتضى المادة 175 من القانون 17.95 سلطة رفض المصادقة على الحسابات السنوية إذا اكتشف وجود أخطاء واختلالات جسيمة تعيق تقديم صورة صادقة عن الوضعية المالية للشركة، أو إذا كانت هناك عراقيل حالت دون قيامه بالرقابة اللازمة.

وتطبيقا للمادة 175 من القانون رقم 17.95 فإنه يجب على مراقب الحسابات أن يسبب رفضه للمصادقة ويسبب تحفظاته أيضا، بينما المشرع الفرنسي يلزم مراقب الحسابات بتسبيب قراره في جميع الحالات حتى في حالة المصادقة[44]. وتجب الإشارة إلى أن عدم مصادقة مراقب الحسابات على الحسابات السنوية لا يلزم الجمعية العامة، إذ يمكنها قبولها، مما يدل على أن مراقب الحسابات يفتقد لسلطة التقرير.

الفقرة الثانية: التقارير الخاصة كضمانة لمساهمي الأقلية

لم يكتف المشرع بإلزام مراقب الحسابات بإيداع تقريره العام الذي يتعلق بمختلف مناحي نشاط الشركة بل فرض عليه إنجاز تقارير خاصة تهم بعض الحالات التي حددها القانون على سبيل الحصر بالنظر لأهميتها وآثارها المحتملة على مبدأ المساواة، لذلك فهي تشكل ضمانة هامة لمساهمي الأقلية تسمح لهم بالوقوف على الأسباب الكامنة وراء اتخاذ الشركة للإجراء المقترح على الجمعية للتصويت عليه ومدى فائدته بالنسبة لها على ضوء المعالجة الجماعية للشركة [45].

وإذا كانت التقارير الخاصة التي يتعين على مراقب الحسابات أن يعدها متعددة بتعدد الحالات التي نص عليها المشرع فإننا سنركز على التقارير الخاصة ببعض العمليات التي غالبا ما تنطوي على مساس بمبدأ المساواة بين المساهمين، كتلك المتعلقة بالاتفاقات المقننة (أولا) وكذا المتعلقة بالزيادة في رأس المال وتخفيضه (ثانيا).

أولا: التقرير الخاص بالاتفاقات المقننة

إن هاجس تنازع المصالح داخل شركات المساهمة بمناسبة الاتفاقات المنظمة، وخوفا من كل تلاعب بمصالح المساهمين الذي لا يسيرون، فقد نص المشرع تحصينا لأموالهم التي قدموها حصة في الشركة على وجوب عرض هذه الاتفاقات على مراقب الحسابات، لكي يعد بشأنها تقريرا يعرضه على أقرب جمعية عمومية لتقول كلمتها في الأمر[46].

والاتفاقيات المقننة هي تلكم الاتفاقيات الواجب خضوعها لمسطرة المراقبة المنصوص عليها في المادتين 56[47] و95[48] من قانون رقم 17.95 والتي تنص على مبدأ عام هو أن كل اتفاق أبرم بين الشركة وإحدى متصرفيها يتعين أن يخضع لمسطرة المراقبة وأن يكون لزاما محل تقرير خاص لمراقب الحسابات عملا بمقتضيات المادتين 58 و97 من نفس القانون. وبذلك يكون تقرير مراقب الحسابات في هذا المجال مصدرا مهما وآلية مهمة لحماية حق المساهم في الإعلام.

وطبقا للمادة الثانية من المرسوم الصادر في 21 دجنبر 2000 والمتعلق بتطبيق القانون رقم 17.95، فإنه يجب أن يشتمل التقرير الخاص بمراقب الحسابات حول الاتفاقيات المنصوص عليها في المادتين 56 و95، طبيعة الاتفاقيات المذكورة وتحديد أطرافها وموضوعها وشروطها، إضافة إلى المقتضيات الرئيسية لهذه الاتفاقيات ولاسيما بيان الأثمنة والعمولات المتفق بشأنها وآجال الأداء والضمانات وكافة البيانات الأخرى التي من شأنها أن تساعد الجمعية العامة على تكوين رأيها[49]، واتخاذ قراراتها في إطار من الشفافية والوضوح.

وبناء على ما يتضمنه تقرير مراقب الحسابات من معلومات تتأكد الجمعية العامة من توافر التوازن في المصالح في الإتفاق موضوع التقرير بين المتصرف والشركة.

ثانيا: التقرير الخاص بالعمليات المنصبة على رأس المال

بغض النظر عن قاعدة ثبات رأس المال فإن الشركة قد تكون مجبرة أثناء حياتها على أن تعمل على رفعه أو بالمقابل على التخفيض منه وهي عمليات لها أهمية تفرضها المصلحة الجماعية للشركة، إلا أن هذه العمليات قد تؤدي إلى إحداث تغييرات غير منتظرة، لذلك فقد عمد المشرع إلى وضع ميكانيزمات لضمان قدر من المساواة بين المساهمين في كل واحدة منها بل إنه كان صريحا في جعل احترام هذه المساواة قاعدة موضوعية أثناء عملية التخفيض من الرأسمال من خلال مقتضيات المادة 210 من ق. ش. م حيث نصت على أنه ” لا يترتب عن تخفيض رأس المال في أي حال من الأحوال المساس بالمساواة بين المساهمين…”.

إلا أن تفعيل قاعدة المساواة بين المساهمين على أرض الواقع سيكشف أن المصلحة الجماعية قد تفرض قراءة نسبية لهذا المبدأ.

ونظرا لذلك، جعل المشرع المغربي من بين العمليات التي يقدم بشأنها مراقب الحسابات تقريرا خاصا للجمعية العامة غير العادية عملية الزيادة في رأسمال الشركة حيث أوجبت المادة 194 من قانون رقم 17.95 على مراقبي الحسابات أن يبينوا في تقريرهم ما إذا كانت أسس الحساب التي اعتمدها مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية تبدو لهم صحيحة وصادقة وكذا عملية التخفيض من الرأسمال التي علق المشرع بموجب المادة 211 اتخاذ قرار من قبل الجمعية العامة بشأنها على تقرير مراقب أو مراقبي الحسابات الين يبينون فيه تقييمهم لأسباب التخفيض وشروطه.

فالزيادة في رأس مال الشركة غالبا ما تكون محلا لانتهاك حقوق الأقلية، وهو ما يعد مسا بمبدأ المساواة قد لا يكون مبررا أحيانا بالمصلحة الجماعية، وذلك عن طريق إصدار أسهم جديدة التي تمس بطريقة مباشرة مبدأ المساواة بين المساهمين بحكم أن دخول مساهمين جدد على الشركة قد يحمل معه بوادر الإنتقاص والتخفيف من الحقوق المالية وتلك المرتبطة بالتسيير التي يملكها المساهمين القدامى، ويتعلق الأمر بالتحولات الطارئة على تركيبة الأغلبية داخل الجمعيات وامتلاك المساهمين الجدد حقوق مماثلة لتلك التي يملكها القدامى على الاحتياطات وزائد القيمة بما يؤدي إلى انخفاض في القيمة الحقيقية للسندات القديمة وبالمقابل إلى ارتفاع في قيمة السندات الجديدة[50]، ومن أجل المحافظة على مصالح المساهمين القدامى داخل الشركة تفاديا للإنتقاص من حقوقهم وضع المشرع المغربي آليات تتمثل في حق الأفضلية[51] في الإكتتاب ثم علاوة الإصدار، إضافة إلى آلية تدخل جهاز مراقب الحسابات عن طريق وسيلة حمائية تراهن على تأمين المساواة بين المساهمين القدامى ونظرائهم الجدد تتمثل في إعداد التقرير، ولعل ما دفع المشرع إلى فرض إعداد تقرير خاص بهذه العملية إن هذه الأخيرة قد تكون مقرونة بإلغاء حق أفضلية الإكتتاب بالنسبة لمجموع الزيادة في رأس المال أو بالنسبة لجزء أو عدة أجزاء من هذه الزيادة كما تنص على ذلك المادة 192 من القانون رقم 17.95، بل قد يتم إلغاء حق أفضلية الإكتتاب لفائدة شخص أو عدة أشخاص طبقا للمادة 193 من نفس القانون[52].

وبمقتضى الظهير الصادر بتاريخ 10 غشت 1955 الذي أسس لحق أفضلية الإكتتاب في الزيادة لم يكن المشرع يلزم تقديم هذا التقرير، بل كان يكتفي بمجرد تقرير يصدره مدير شؤون الشركة أو مجلسها الإداري يبين فيه دواعي الزيادة وهو ما لم يكن يوفر أية ضمانة ترتبط بالمساواة بين المساهمين خاصة في حالة التنازل عن حق الأفضلية طالما أن مصدر هذا التقرير يصبح خصما وحكما[53]. لذلك فإن مصداقية تقرير مراقب الحسابات على هذا المستوى تنطلق من خاصية الاستقلالية والكفاءة، إذ يتعين عليه إبداء رأيه بخصوص عملية الزيادة من جهة أي حول دواعيها وأن يبين في تقريره كل ملاحظة من شأنها أن تنور وجهة نظر المساهمين، كما عليه أن يبدي رأيه بشأن مقترح إلغاء حق الأفضلية[54].

إن كل عملية تطال رأسمال الشركة سواء بالزيادة أو التخفيض تعد من أخطر العمليات التي تتم داخل الشركة، إذ قد تستغل كمطية لإقصاء وتهميش بعض المساهمين مما ينعكس على الإخلال بقاعدة المساواة، لذا ألزم المشرع مراقب الحسابات بإعداد تقرير بشأن هذه العمليات.

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

وفي الختام ينبغي أن نقول أننا استعرضنا لأهم الآليات القانونية التي سخرها المشرع المغربي لحماية قاعدة المساواة بين المساهمين والمتمثلة في جهاز مراقب الحسابات ، وبيننا محدوديته في حماية مبدأ المساواة بين المساهمين.

وإن كان مجموعة من الفقهاء يرون بأن هذه المحدودية راجعة إلى ضعف تنظيم بعض المؤسسات القانونية داخل شركات المساهمة والتي تجعل بعض الأجهزة – أقصد الأغلبية-تتحرك كيفما شاءت مختبئة تحت سقف المصلحة الجماعية.

إلا أننا ومن وجهة نظر متواضعة، نرى بأن محدودية هذه الحماية راجعة بالأساس إلى عدم ضبط بعض المفاهيم على المستوى التشريعي وأقصد مفهوم المساواة ثم مفهوم المصلحة الجماعية، لأن ضبط هذه المفاهيم سيحدد حدود ودور كل جهاز داخل شركات المساهمة، وسيرسم النقط الحمراء التي لا يحق لأي كان المساس بها. لأنه أحيانا يمكن أن تكون المساواة التامة والمطلقة ظالمة لفئة معينة، ويمكن أن تكون الأغلبية تهدف من خلال بعض القرارات إلى حماية المصلحة الجماعية لكن تستغل ذلك وتعتمد على وسائل غير مشروعة ومن شانها المساس بحقوق بعض المساهمين، وذلك انطلاقا من القاعدة الميكيافيليا القائلة بأن ” الغاية تبرر الوسيلة”.

والمشرع المغربي كان عالما بضعف الأجهزة الداخلية في حماية المساواة بين المساهمين، لذلك راهن على أجهزة أخرى خارجية ويتعلق الأمر بالهيئة المغربية لسوق الرساميل والهيئة القضائية.

 

 

 

 

 

 

[1]  عبد الرحمان السباعي، ” مبدأ المساواة بين المساهمين في شركات المساهمة”، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية الرباط، 2018، ص 284.

[2] ظهير شريف رقم 124-96-1 صادر في 14 من ربيع الآخر 1417 بتنفيذ القانون رقم 95-17 المتعلق بشركات المساهمة (ج. ر. بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1417 – 17 أكتوبر 1996).

[3] تنص المادة 166 من ق ش م في فقرتها الثانية على أنه ” يتحقق مراقب أو مراقبو الحسابات من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين”.

[4] أحمد الحمومي، “مبدأ المساواة بين المساهمين في شركة المساهمة”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، 2009-2010، ص 25.

[5]  المرجع نفسه، ص 26

[6] Contin (R) : le contrat de la gestion de sociétés anonymes, librairies technique, Paris 1975, p 216.

[7]  عبد الرحمان السباعي، ” مبدأ المساواة بين المساهمين”، م س، ص 321.

[8] حيث جاء في الفقرة الأولى من المادة 166 من ق ش م على أنه: “يقوم مراقب الحسابات بصفة دائما باستثناء التدخل في التسيير”.

[9] حيث لا ينغي أن يترتب عن تخفيض رأس المال في أي حال من الأحوال المساس بالمساواة بين المساهمين بصريح المادة 210 من ق ش م، وأضافت المادة 211 في فقرتها الثانية على أنه:” تبث الجمعية عقب تقرير مراقب الحسابات أو مراقبي الحسابات الذين يبينون فيه تقييمهم لأسباب التخفيض وشروطه”.

[10]  عبد الرحمان السباعي، “مبدأ المساواة بين المساهمين في شركات المساهمة”، م س، ص 322.

[11] هذه المادة منحت لمراقبي الحسابات سلطة المصادقة والرفض والاشهاد بشأن القوائم التركيبية، مع منحه أيضا سلطة أن يدون ملاحظته في تقريره بشأن مدى مطابقة القوائم التركيبية مع المعلومات الواردة في تقرير التسيير للسنة المالية.

[12] – حمداوي عبد الواحد، ” دور مراقبي الحسابات في حماية أقلية المساهمين داخل شركة المساهمة”، مجلة المحاكمة، عدد 3، ص 108.

[13] –  عبد الرحمان السباعي، “مبدأ المساواة بين المساهمين في شركات المساهمة”، م س، ص 392.

[14] – عبد الرحمان السباعي، م س، ص 288.

[15] – عبد الوهاب المريني، “سلطة الأغلبية في شركة المساهمة في القانون المغربي”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، 1996-1997، ص 343.

[16] – وذلك بمقتضى المادة 161 من ق رقم 17.95 التي تنص على أنه” لا يمكن تعيين الأشخاص الآتية ذكرهم كمراقبي حسابات:

1-المؤسسون وأصحاب الحصص العينية والمستفيدون من امتيازات خاصة وكذا المتصرفون وأعضاء مجلس الرقابة أو مجلس الإدارة الجماعية بالشركة أو الشركات التابعة لها.

2-أزواج الأشخاص المشار إليهم في البند السابق وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية”.

[17] – عبد الرحمان السباعي، م س، ص 306.

[18] – جاء في المادة 163 من ق ش م:” يتم تعيين مراقب أو مراقبي الحسابات…. من قبل الجمعية العامة العادية”.

[19] – عبد الواحد حمداوي، م س، ص 312.

[20] – للإطلاع على الأمر الاستعجالي فهو موجود في بحث لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان “قراءة في مستجدات القانون رقم78.12″، بحث لنيل دبلوم الماستر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة مولاي اسماعيل، سنة 2017، ص 114.

[21] – محمد ديالي،” آليات مراقبة شركات المساهمة في ظل التشريع الجديد للشركات”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة 2012، ص 238.

[22] – المتصرف المستقل يمكن أن يكون مسير أو غير مسير، لكن المشرع استغنى عن تسمية المتصرفين غير المسيرين بالمتصرفين التنفيذيين بمقتضى القانون رقم 20.19 وعمل على تعريفهم بموجب المادة 67 من ق.ش.م.

[23] – زكية شعيبي، ” مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة في إطار القانون المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، سنة 2007، ص 134.

[24] – حلت محل مجلس القيم المنقولة الهيئة المغربية لسوق الرساميل.

[25] – زكية شعيبي، م س،  ص 136.

[26] – الفقرة الأولى من المادة 163 من قانون شركات المساهمة.

[27] – الفقرة الثانية من المادة 165 من قانون شركة المساهمة.

[28] – عزيز أطوبان، “حماية الحقوق الأساسية للمساهمين في شركة المساهمة في القانون المغربي”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، 2005، ص 415.

[29] – عبد الرحمان السباعي، ” مبدأ المساواة بين المساهمين في شركة المساهمة” م س،  ص 311.

[30] – محمد دبالي، ” آليات مراقبة شركات المساهمة في ظل التشريع الجديد للشركات”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، سنة 2007، ص 256.

[31] – هذا يعد من أهم الحسنات التي جاء بها القانون 20.05 الذي خول لكل مساهم أو مساهمين يمثلون ما لا يقل عن خمسة بالمائة من رأس مال الشركة تقديم طلب العزل، وهو ما يشكل مظهرا من مظاهر المساواة بين الأقلية والأغلبية.

[32] – Caparis 28/9/1989 Rev Soc. N :1. 1990. P: 75 note. Guyon

[33] – Cass com 3 dec 1991. Rev soc. N: 3:  1992.  P : 488.

[34] – راجع المادة 142 من ق.ش.م التي حددت مضمون تقرير التسيير.

[35] – زكية الشعيبي، م س،  ص 75.

[36] – زكية شعيبي، م س،  ص 75.

[37] – عبد الرحمان السباعي، م س،  ص 345.

[38] – عبد الرحمان السباعي، م س،  ص 345.

[39] – وهو ما تنص عليها المادة 175 من ق.ش.م:” يجب على مراقب أو مراقبي الحسابات في تقريرهم المقدم للجمعية العامة

– إما أن يشهدوا بصحة وصدق القوائم التركيبية.

– وإما أن يشفعوا هذا الإشهاد بتحفظات.

– وإما أن يرفضوا الإشهاد على الحسابات.

[40] – شكري الملواني، ” إعلام المساهمين في شركات المساهمة”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون والمقاولة، جامعة المولى اسماعيل، مكناس، سنة 2012، ص 125.

[41] –  إن مفهوم الصورة الصادقة الذي جاء به ق ر ق 9.88 يتجاوز مفهوم صحة الحسابات التقليدي لكون تطبيق القواعد المحاسبية قد يؤدي إلى حسابات سليمة لكن بعيدة عن الصورة الحقيقية  للوضع المالي للشركة.

[42] –  شكري الملواني، م س،  ص 126.

[43] – زكية الشعيبي، م س،  ص 80.

[44] –   l’ article L 823.9 du c com F.

[45] – عبد الرحمان السباعي، م س،  ص 348.

[46] – محمد موسى فارس، “قراءة في مستجدات القانون 78.12″، جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سنة 2017، ص 64.

[47] – تنص الفقرة 3 من المادة 58 على أنه ” يقدم مراقب أو مراقبو الحسابات تقرير خاص عن هذه الاتفاقات إلى الجمعية التي ثبت بناء على ذلك التقرير الذي يحدد مضمونه بمرسوم”ّ.

[48] – تنص الفقرة 4 من المادة 97 على أنه: ” يقدن مراقب أو مراقبو الحسابات تقريرا خاصا بشأن هذه الاتفاقات إلى الجمعية العامة التي تبث بناء على ذلك”.

[49] – محمد آيت موج،” أقلية المساهمين ومظاهر حمايتها”، مجلة القانون المغربي، العدد الخامس، 2003، ص 49.

[50] – JAUFRET(A), La modification du capital émis dans les sociétés anonymes notamment du point de vue des droits de souscription préférentielle, R.T.D com 1974, p : 187

[51] – وإن كان البعض اعتبر أن حق الأولوية مستقل عن مبدأ المساواة فإنه حق مرتبط بفكرة الإنصاف.

[52] – عبد الرحمان السباعي، م س،  ص 349.

[53] – عزيزة يمزع، ” حماية حقوق الأقلية في شركات المساهمة”، أطروحة لنيل الدكتوراه  في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعي، عين الشق الدار البيضاء، 2009، ص 64.

[54] – عبد الرحمان السباعي، م س،  ص 350.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى