خصوصيات مسطرة الانقاذ وفق اخر المستجدات التي جاء بها قانون 73.17
سكينة ادريسي
طالبة باحثة بسلك الماستر القانون المدني و الأعمال
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة
خصوصيات مسطرة الانقاذ وفق اخر المستجدات التي جاء بها قانون 73.17
مقدمة :
مما لا شك فيه أن مسطرة الإنقاذ تعتبر من أهم المستجدات التي جاء بها قانون رقم 73.17 المعدل و المغير لمقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة، بحيث تم التنصيص لأول مرة على مسطرة الإنقاذ، و هي مسطرة جديدة خصص لها المشرع المغربي القسم الثالث من الكتاب الخامس لمدونة التجارة ( المواد من 560 إلى 574 )، كما أنه و زيادة على ذلك فقد نظم العديد من مقتضياتها في القسم السادس من الكتاب الخامس لمدونة التجارة، و الذي خصصه المشرع المغربي لتنظيم القواعد المشتركة لمساطر الإنقاذ و التسوية القضائية و التصفية القضائية.
كل هذا يندرج في إطار الإصلاحات الكبرى التي نهجها المغرب من أجل توفير مناخ ملائم للأعمال ، و تم سن هذه المسطرة على ضوء التراكمات السلبية الناتجة عن تطبيق نظام المعالجة الذي أدى إلى تصفية غالبية المقاولات الخاضعة لهذه المسطرة، و ترتب عن ذلك احتلال المغرب لمرتبة غير مشرفة في مؤشر مناخ الأعمال، و يكمن السبب الرئيسي لهذه النتيجة في عدم الرصد المبكر للصعوبات و التصدي لها في مهدها و بداية نشوئها و التأخر في التصريح بالتوقف عن الدفع، الأمر الذي فرض اعتماد مقاربة مبكرة أقرب منها للوقاية من العلاج.
و نجد حسب المادة 560 من مدونة التجارة أنها أشارت إلى أهداف مسطرة الإنقاذ ، و لكن لم تشر بصريح العبارة إلى تعريف هذه المسطرة. إلا أنه يمكن استنباط تعريف لها بأنها مسطرة هدفها تجاوز الصعوبات التي تعاني منها المقاولة دون أن تكون متوقفة عن الدفع بحيث لا تكون قادرة على تجاوز وضعها المتعثر بما لها من إمكانات، و هذا التدخل يسعى إلى ضمان استمرارية نشاطها و الحفاظ على مناصب الشغل بها و تسديد ما عليها من ديونها. و من هذا المنطلق يمكن القول بأن مسطرة الإنقاذ هي إجراء وقائي و علاجي منح لرئيس المقاولة أن يلجأ إليه كلما تبين له أن المقاولة في وضعية حرجة و ستؤدي بها في القريب العاجل إلى التوقف عن الدفع.
و باستقرائنا للمقتضيات القانونية المنظمة لمسطرة الإنقاذ، فنجد أنها تثير إشكالات تهم أساسا في البحث عن فلسفة المشرع المغربي إزاء هذه المسطرة. و بالرجوع إلى القانون الفرنسي نجده قد قام باتخاذ العديد من التدابير من خلال إقراره لمؤسسات متعددة تعمل على إنجاح مخطط الإنقاذ، بالإضافة إلى تعديلات تشريعية حيث حاول من خلالها توفير فرص أكبر من أجل إنقاذ المقاولة و مساعدتها على تخطي الصعوبات التي تواجهها.
و على هذا الأساس فان مسطرة الإنقاذ تعتبر مزيجا من الوقاية و التسوية القضائية، و تتميز بعدة خصائص، كما أن المشرع حدد شروطا لفتح هذه المسطرة، كما أن الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ يترتب عنه عدة آثار.
تتجلى أهمية مسطرة الإنقاذ في كونها تحضى بأهمية كبيرة على المستوى النظري في تقديرها لوقاية المقاولة رغم كونها مسطرة قضائية إلا أنها مزيج بين مساطر الوقاية و بين مساطر المعالجة، بحيث يمكن اعتبارها امتداد للمساطر الوقائية، فالمحكمة بمقتضى هذه المسطرة هي ليست فقط جهة تفرض الردع، بل هي من ناحية أخرى تعمل على اتخاذ تدابير وقائية للحفاظ على المقاولة المعنية ، بحيث تحاول أيضا تحقيق التوازن بين القوى المتمثلة في المدين و دائنه عن طريق حماية المدين من قبل المحكمة من أجل ضمان استمرارية نشاطها، و الحفاظ على فرص الشغل، مع ضمان أداء الديون .
و من خلال ما تم تقديمه يبقى الاشكال الأساسي في هذا الصدد
الى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال قانون 73.17 تنظيم مسطرة الإنقاذ، و وضع ترسانة قانونية من أجل إنقاذ المقاولة من الصعوبات التي تواجهها و ضمان استمرار مزاولة نشاطها ؟
الفصل الأول: خصائص مسطرة الإنقاذ و شروط فتحها
نص المشرع المغربي على أهداف مسطرة الإنقاذ و حدد خصائصها ، كما أنه عمل على شروط تقديم طلب فتح هذه المسطرة و الأدوار المنوطة بالمحكمة المختصة .
المبحث الأول: خصائص و أهداف مسطرة الإنقاذ
تعتبر مسطرة الإنقاذ من بين المستجدات الرئيسية و الأساسية التي جاء بها القانون 73.17، لما ستوفره من آلية فعالة من شأنها تعزيز قدرات المقاولة على تخطي الصعوبات التي تعترضها .[1]
و بالرغم من استلهام المشرع المغربي لمسطرة الإنقاذ من المشرع الفرنسي ، فلقد كان المشرع المغربي واضحا في تحديد الأهداف المرجوة من وراء إحداث هذه المسطرة الجديدة ، هذه الأهداف التي جاءت متكاملة مع خصائصها.
المطلب الأول: خصائص مسطرة الإنقاذ
تعتبر مسألة استلهام المشرع المغربي لمسطرة الإنقاذ من المشرع الفرنسي أهم خاصية لمسطرة الإنقاذ التي أخذ بها قانون 73.17 ، ثم هناك خصائص تتعلق بمضمون هذه المسطرة و مميزاتها عن المساطر الأخرى، و التي من خلال معرفتها يتضح مدى جدوى المشرع لإقرار مسطرة جديدة بجانب المساطر الأخرى.
الفقرة الأولى: استلهام المشرع المغربي لمسطرة الإنقاذ من المشرع الفرنسي
عمل المشرع المغربي على استلهام مسطرة الإنقاذ من القانون الفرنسي لسنة 2005[2] ، هذا الأخير الذي كان قد استلهمها بدوره من المشرع الأمريكي[3] .و لعل أخد المشرع الفرنسي من المشرع الأمريكي للأسس الفلسفية لمسطرة الإنقاذ، لم يأتي من باب التعديلات التقنية المدخلة على مساطر صعوبات المقاولة فقط، بل هو تحول جدري لتعامل المشرع الفرنسي مع هذا النوع من المساطر[4]. ذلك أن فلسفة المشرع الأمريكي تقوم على حماية الدائنين أساسا و في ذلك حماية للاقتصاد برمته، و مادام أن هذا الاقتصاد قائم على القروض فانه يتعين إشراك الدائنين في إعادة إدماج المقاولة المدينة في الدورة الاقتصادية[5]. و منذ إدخال مسطرة الإنقاذ إلى النظام القانوني الفرنسي، ما فتئ المشرع الفرنسي على تطوير هذه المسطرة، ذلك أن المشرع الفرنسي و زيادة على احتفاظه بمسطرة الإنقاذ لسنة 2005، عمل على خلق مسطرة الإنقاذ السريعة و الهدف منها يتمثل في إتاحة الفرصة للمدين للاستفادة من مخطط متفق عليه خلال مرحلة المصالحة، غير أن تطبيقه يعرف تعثرات بسبب أقلية الدائنين، و تخضع هذه المسطرة للمقتضيات العامة المنظمة لمسطرة الإنقاذ، مع مراعاة الأحكام الخاصة المتعلقة بها[6]. أما فيما يتعلق بمسطرة الإنقاذ المالي فالغاية منها معالجة المقاولة بهدف استمراريتها، و الحفاظ على مناصب الشغل فيها، و أداء الخصوم، و كل ذلك عبر مخطط تحدده المحكمة عقب فترة الملاحظة، الشيء الذي أثار الكثير من النقاشات الفقهية حول تحديد طبيعتها القانونية، فهناك من اعتبرها مسطرة شبه تعاقدية، في حين اعتبر جانب اخر من الفقه بأنها ذات طبيعة شبه قضائية[7] .
الفقرة الثانية : الخصائص المتعلقة بمضمون مسطرة الإنقاذ
تتميز مسطرة الإنقاذ بعدة مميزات و التي تتمثل فيما:
أولا: مسطرة الإنقاذ هي مسطرة إرادية
ذلك أنه لا يجوز فتحها إلا بناء على طلب مقدم من قبل رئيس المقاولة، و ذلك خلافا لمسطرة التسوية و التصفية القضائية.
و إذا كانت المادة 561 نصت على أنه يمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة، فانه يجب التذكير بمقتضيات المادة 546 التي حددت المقصود بالمقاولة في الشخص الذاتي التاجر أو الشركة التجارية، كما أنها حددت المقصود برئيس المقاولة في الشخص الذاتي المدين أو الممثل القانوني للشخص الاعتباري المدين [8].
ثانيا: مسطرة الإنقاذ هي مسطرة وقائية بأجهزة قضائية
ذلك أن الغاية منها هو الرصد المبكر للاختلالات التي تعاني منها المقاولة قبل الوصول الى مرحلة التوقف عن الدفع، الشيء الذي يفسر عدم وجود فترة الريبة و استثناء المشرع لمسطرة الإنقاذ من أحكام الباب الحادي عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس لمدونة التجارة[9] . و نجد أن مسطرة الإنقاذ هي مسطرة وقائية على اعتبار أنها تخول للمدين حماية مقاولته فمما لا شك فيه أن تراكم الخصوم على المقاولة و وصولها إلى مرحلة التوقف عن الدفع يؤدي بها لا محالة الى تسويتها أو تصفيتها حسب الأحوال لكن يمكنها تجاوز هذه الواقعة في إطار هذه المسطرة بوصفها مسطرة وقائية جماعية[10] .
و قد جاء بالحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش ما يلي : و لما كانت الغاية من المساطر الجماعية هو منح فرصة للمقاولة من أجل تجاوز تعثرها و مواصلة نشاطها حفاظا على مناصب الشغل، فان المحكمة ارتأت تمتيعها بفترة ملاحظة من أجل تشخيص وضعيتها و تدبير سبل تدليل الصعوبات التي تعتري استمرارية استغلاليتها و ذلك بالحكم بتحويل فتح مسطرة التسوية القضائية في حقها. و حيث أنه يتعين تحديد تاريخ التوقف عن الدفع في الثمانية عشرا شهرا السابقة لتاريخ هذا الحكم. و حيث أنه يتعين تعيين أجهزة المسطرة…..لهذه الأسباب حكمت المحكمة في جلستها العلنية ابتدائيا و حضوريا بتحويل مسطرة الإنقاذ المقترحة في حق السيد س إلى مسطرة التسوية القضائية مع تحديد تاريخ التوقف عن الدفع في الثمانية عشر شهرا السابقة لهذا الحكم، مع الإبقاء على نفس أجهزة المسطرة و تكليف السنديك بمراقبة عمليات التسيير مع باقي الصلاحيات المخولة له قانونا مع إعداد تقرير عن الموازنة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة، و اقتراح الحل الملائم لتصحيح وضعية الشركة أمر كتابة الضبط بتسجيل ملخص بهذا الحكم بالسجل التجاري المدعي و نشر اشعار به في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و في الجريدة الرسمية داخل أجل 8 أيام من صدوره مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل[11] .
ثالثا: احتفاظ رئيس المقاولة بكافة صلاحياته في التسيير
و ذلك لطمأنة المتعاملين مع المقاولة بخصوص استمرار الروابط التجارية فيما بينهم و بين المقاولة من خلال الحفاظ على نفس طاقم التسيير من جهة، و من جهة أخرى طمأنة رئيس المقاولة بخصوص وضعه القانوني داخل المقاولة و تشجعيه على مواصلة جهوده لإنقاذ المقاولة .
رابعا: استفادة الكفلاء الأشخاص الطبيعيين من قاعدة وقف المتابعات الفردية، و من وقف سريان الفوائد
و ذلك طبقا لما نصت عليه المادة 572 من مدونة التجارة الجديدة[12] ،و يتمثل الهدف من هذا المقتضى هو تجاوز الإشكالات الناجمة عن قيام بعض الدائنين، بالموازاة مع المسطرة المفتوحة، بمطالبة الكفلاء بسداد ديون المقاولة.
خامسا: عدم تعرض تصرفات رئيس المقاولة السابقة لتاريخ فتح المسطرة للبطلان
ذلك على اعتبار أن الفترة السابقة لتاريخ الحكم بفتح المسطرة لا تسبقها فترة الريبة كما هو الشأن بالنسبة لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية.
سادسا: عدم تعرض رئيس المقاولة للعقوبات المالية أو المهنية الجنائية
و هو عكس ما هو عليه الشأن فيما يتعلق بمسطرتي التسوية و التصفية القضائية، ذلك أن القانون 73.17 و إن كان قد نص على عقوبات مدنية و جنائية في حق مسيري المقاولة موضوع التسوية القضائية أو التصفية القضائية في حالات محددة، فانه رفعا من جاذبية مسطرة الإنقاذ، و تشجيعا من المشرع لرؤساء المقاولة على سلوك هذه المسطرة، قبل الوصول الى مرحلة التوقف عن الدفع، فانه لم يتم إقرار عقوبات في مواجهة رؤساء هذه المقاولات متى تعلق الأمر بمسطرة الإنقاذ[13] .
المطلب الثاني: الأهداف المرجوة من وراء إحداث مسطرة الإنقاذ
انطلاقا من مقتضيات المادة 560 من مدونة التجارة فان مسطرة الإنقاذ تهدف إلى تحقيق ثلاث غايات، و هي ( ضمان استمرارية المقاولة ، الحفاظ على مناصب الشغل ، تسديد خصوم[14] ).
فالغاية من إحداث هذه المسطرة تتمثل في تمكين المحكمة من التشخيص المبكر للمقاولات التي تعاني من الصعوبات.
ذلك وأن هذه المسطرة تتميز بكونها من جهة، ستتيح التشخيص المبكر لوضعية المقاولة باعتبار أن الاستفادة منها لا يستلزم توقف المقاولة عن الدفع، بل يمكن أن تؤدي إلى التوقف عن الدفع في وقت قريب. و من جهة ثانية، تتميز هذه المسطرة بكون رئيس المقاولة يبقى محتفظا بكامل صلاحياته فيما يخص التسيير، و اتخاذ القرارات داخل المقاولة. و هذه القاعدة على درجة عالية من الأهمية على اعتبار أن إقرارها من شأنه طمأنة رؤساء المقاولة بخصوص وضعهم القانوني داخل المقاولة، و بالتالي تشجيعهم على سلوك هذه المسطرة، هذا فضلا على أن تجديد الثقة في المسيرين من شأنه أن يدفعهم إلى الانخراط بصفة إيجابية في المسطرة لإيجاد الحلول المناسبة و العملية لتخطي تلك الصعوبات[15] .
المبحث الثاني : شروط تقديم طلب فتح المسطرة و الأدوار المنوطة بالمحكمة المختصة
حدد المشرع الشروط الشكلية و الموضوعية لافتتاح مسطرة الإنقاذ ، كما أنه حدد الأدوار المنوطة بالمحكمة المختصة و النظرة في هذا الطلب .
المطلب الأول: الشروط الشكلية و الموضوعية لافتتاح مسطرة الإنقاذ
يجب الوقوف بداية عند الشروط الشكلية الموجبة لفتح مسطرة الإنقاذ ، ثم الشروط الموضوعية لذلك.
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية
يستلزم فتح مسطرة الإنقاذ مجموعة من الشروط :
أولا: من حيث الصفة في تقديم طلب افتتاح مسطرة الإنقاذ
نجد حسب المادة 561 في فقرتها الأولى من مدونة التجارة أنها حددت نطاق تطبيق مسطرة الإنقاذ بالاعتماد على ضابط الصفة التجارية في تقديم طلب افتتاح هذه المسطرة[16]. بحيث يقدم طلب فتح المسطرة فقط من قبل رئيس المقاولة طبقا للمادة 561 من المقتضيات الجديدة لمدونة التجارة ذلك أنه لا يجوز فتحها إلا بناءا على طلب مقدم من قبل رئيس المقاولة، خلافا لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية[17]. و إذا كانت المادة 561 من مدونة التجارة قد نصت على أنه يمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة…، فان المادة 546 من مدونة التجارة قد نصت بأنه يقصد بالمقاولة في مدلول هذا الكتاب الشخص الذاتي التاجر او الشركة التجارية، و يقصد برئيس المقاولة في مدلول هذا الكتاب الشخص الذاتي المدين أو الممثل القانوني للشخص الاعتباري المدين، و بذلك يكون المشرع قد اقتصر فتح هذه المسطرة في وجه الأنشطة التجارية دون غيرها[18]. إلا أنه بالرجوع إلى المشرع الفرنسي فإننا نجده يعتبر المزارعين من الأشخاص المعنيين بمسطرة الإنقاذ لكونهم يدخلون ضمن لائحة التجار، في حين أن المشرع المغربي لازال يعتبر الزراعة بكل ما يتعلق بها سواء كانت زراعة معيشية أو تسويقية عملا مدنيا[19]. نفس الشيء بخصوص الأعمال الحرة كعيادة الأطباء و المحامين و الموثقين و التي أخضعها المشرع الفرنسي بدورها حسب مقتضيات المادة 2…لمسطرة الإنقاذ مع أن المشرع المغربي لم يخضعها لذلك بل لازال يعتبرها أعمالا مدنية.
ثانيا: من حيث المحكمة المختصة
تطبق نفس قواعد الاختصاص النوعي و المحلي بالنسبة لمسطرة التسوية القضائية، لتكون المحكمة المختصة هي محكمة مكان وجود مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة و تبقى هذه المحكمة مختصة للنظر في جميع الدعاوى المتصلة بمسطرة المعالجة المفتوحة أمامها. و من ثم فبالوقوف عند مقتضيات المادة 581 من مدونة التجارة نصت على ما يلي :
ينعقد الاختصاص للمحكمة التابع لدائرة نفوذها مكان مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة. تكون المحكمة المفتوحة مسطرة التسوية أمامها مختصة للنظر في جميع الدعاوى المتصلة بها.
تدخل في إطار اختصاص المحكمة بصفة خاصة الدعوى المتعلقة بتسيير المسطرة أو التي يقتضي حلها تطبيق مقتضيات هذا القسم[20] . و من ثم فان الاختصاص النوعي يتمثل في اختصاص المحكمة التجارية في الحكم بفتح المسطرة القضائية عموما بما فيها مسطرة الإنقاذ ، طبقا للمادة 581 من هذا القانون.
و انطلاقا كذلك من التحديد الوارد بالمادة 11 من قانون 53.95 المتعلق باحداث المحاكم التجارية الذي بين صراحة الاختصاص الحصري للمحكمة التجارية بالنسبة لمساطر صعوبات المقاولة عند تحديده للاختصاص المحلي لهذه المحكمة. حيث جاءت المادة 11 من هذا القانون تنص على ما يلي ” استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية، ترفع الدعاوى : …فيما يتعلق بصعوبات المقاولة الى المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة…”.
ثالثا: من حيث الوثائق الواجب الإدلاء بها عند تقديم الطلب
عند تقديم طلب فتح المسطرة من قبل رئيس المقاولة، يتعين أن يتضمن هذا الطلب تحديدا لنوع الصعوبات التي من شأنها أن تخل بنشاط المقاولة، كما أنه يتوجب عليه إرفاق طلبه بالوثائق المشار إليها في المادة 577 [21]المتعلقة بالتسوية القضائية ( القوائم التركيبية لآخر سنة مالية، قائمة بالمدينين و بالدائنين، قائمة بالأجراء و ممثيليهم ان وجدوا، وضعية الموازنة الخاصة بالمقاولة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ). و في حالة تعذر تقديم إحدى هذه الوثائق أو الإدلاء بها بشكل غير كامل، يجب على رئيس المقاولة أن يبين الأسباب التي حالت دون ذلك، كما يمكن لرئيس المقاولة إضافة إلى الوثائق المذكورة أعلاه الإدلاء بكل وثيقة معززة لطلبه، تبين بشكل واضح نوع الصعوبات التي تعتري نشاط المقاولة. و زيادة على الوثائق المنصوص عليها بموجب المادة 577 المذكورة فانه يتوجب إرفاق الطلب بمشروع مخطط الإنقاذ، ذلك أن المادة 562 من مدونة التجارة كذلك نصت على أنه ” يجب على رئيس المقاولة تحت طائلة عدم القبول أن يرفق طلبه بمشروع مخطط الإنقاذ. ويحدد مشروع مخطط الإنقاذ جميع الالتزامات الضرورية لإنقاذ المقاولة و طريقة الحفاظ على نشاطها و على تمويله، بالإضافة إلى كيفيات تصفية الخصوم، و الضمانات الممنوحة قصد تنفيذ مشروع المخطط المذكور”.
الفقرة الثانية : الشروط الموضوعية
بالنسبة للشروط الموضوعية فتتمثل في عدم وجود المقاولة المقدمة للطلب في حالة التوقف عن الدفع، فالمادة 561 من مدونة التجارة نصت على أنه ” يمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كل مقاولة دون أن تكون في حالة التوقف عن الدفع، تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها و من شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن الدفع”. و قد جاء في الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش ، حيث أن المحكمة و بموجب الحكم رقم 90 الصادر بتاريخ 2018/08/02 في الملف عدد 2018/8315/92 القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ في حق السيد س و استنادا للمادة 564من مدونة التجارة ، فانه تبين بعد فتح مسطرة الإنقاذ أن المقاولة كانت في حالة التوقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح هذه المسطرة، تعاين المحكمة حالة التوقف و تحدد تاريخه وفق مقتضيات المادة 713 أدناه، و تقضي بتحويل مسطرة الإنقاذ الى تسوية قضائية أو تصفية قضائية وفق مقتضيات المادة 583 أدناه. و لما تثبت للمحكمة من خلال كتاب السنديك أن التوقف عن الدفع ثابت في حق المقاولة منذ بداية 2017 نظرا لأن هناك توقف عن الدفع تجاه البنك الشعبي لمراكش بني ملال، ذلك أن القرض سجل قسطا حاليا غير مؤدى بمبلغ 780.000 درهما بالإضافة الى تجاوز الرصيد المدين للمقاولة بحوالي 700.000 درهم، كما أن الوضعية تجاه الموردين جد صعبة لوجود ديون حالة و مستحقة بمقتضى شيكات رجعت بدون أداء، و انخفاض رقم المعاملات بنسبة مهمة و إغلاق محلي سوق السبت و الفقيه بنصالح، و بالتالي فان المقاولة عاجزة عن تغطية ديونها الحالة في حالة المطالبة بها. و لما كان التوقف عن الدفع كشرط موضوعي لفتح مسطرة التسوية القضائية في حق المقاولة يثبت في حالة عجزها عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة بما في ذلك الديون الناتجة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556 أعلاه وفقا للمادة 575 من مدونة التجارة، فانه استنادا للمعطيات أعلاه تكون المقاولة متوقفة عن الدفع، إلا أن الاختلال الذي تعاني منه المقاولة قابل للتصحيح بالنظر إلى توفرها على إمكانيات تجعلها قادرة على مواجهة الديون المتراكمة عليها، خاصة توفرها على عنصر مهم من الأصول المتداولة و قيمة مهمة من الموجودات بالإضافة إلى أصول جارية التي من شأنها أن تمكنها من استمرارية نشاطها، خاصة و أنها عبرت عن رغبتها في مواصلة نشاطها و تشغيلها لعدد مهم من العمال يتقاضون أجورهم بانتضام[22].
المطلب الثاني : الدور المنوط بالمحكمة المختصة في فتح مسطرة الإنقاذ
يتعين على المحكمة المختصة المعروض عليها طلب فتح هذه المسطرة الوقوف على مجموعة من الإجراءات الأولية قبل النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ.
الفقرة الأولى : الإجراءات الأولية قبل الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ
طبقا للمادة 561 من مقتضيات مدونة التجارة الجديدة فانه يتعين على رئيس المقاولة المعني بفتح مسطرة الإنقاذ أن يودع طلبه، لدى كتابة الضبط بالمحكمة المختصة، و يبين فيه نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة و يرفقه بالوثائق المنصوص عليها في المادة 577 و 562 من مدونة التجارة، و يحدد رئيس المحكمة، عند تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، مبلغا لتغطية مصاريف الإشهار و تسيير هذه المسطرة، يودع فورا بصندوق المحكمة من طرف رئيس المقاولة[23]. و بمجرد تقديم هذا الطلب تستمع المحكمة إلى رئيس المقاولة بغرفة المشورة حول وضعية المقاولة، وتبث في الطلب داخل أجل لا يتعدى خمسة عشر يوما تحسب من تاريخ تقديمه، و يمكن للمحكمة تجميع كافة المعلومات الضرورية بما في ذلك استطلاع رأي الخبراء و لا تواجه في هذا الشأن بالسر المهني[24] .
الفقرة الثانية : النطق بالحكم
ان تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ يترتب عنه الحكم بفتح هذه المسطرة متى كان الطلب مستجمعا لجميع شروطه الشكلية و الموضوعية و يرتب هذا الحكم عدة اثار ، و هذا ما سنتناوله بتفصيل في الفصل الثاني من هذا الباب . غير أنه و زيادة على فرضية هذا المسار الطبيعي لطلب فتح مسطرة الإنقاذ، فان المشرع حدد فرضيات أخرى للحكم الصادر عقب تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ فيما يلي :
أولا : فرضية الحكم بعدم قبول الطلب
بالرغم من أن الفقرة الأولى من المادة 562 من مدونة التجارة الجديدة نصت على أنه يجب على رئيس المقاولة تحت طائلة عدم القبول، أن يرفق طلبه بمشروع مخطط الإنقاذ، فان فرضية تحقق الحكم بعدم القبول تكون في حالة عدم احترام الطلب المقدم لجميع الشروط الشكلية المتطلبة في الطلب.
ثانيا : فرضية الحكم بتحويل مسطرة الإنقاذ الى تسوية قضائية أو تصفية قضائية
نصت الفقرة الأولى من المادة 564 من المدونة التجارة على فرضية تحويل مسطرة الإنقاذ الى تسوية قضائية أو تصفية قضائية ، فإذا تبين بعد فتح مسطرة الإنقاذ ، أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح هذه المسطرة، تعاين المحكمة حالة التوقف عن الدفع و تحدد تاريخه وفق مقتضيات المادة 713[25]. فالمحكمة تقضي بتحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية أو تصفية قضائية وفقا لمقتضيات المادة 583 من مدونة التجارة، هذه المادة و التي نصت على أن المحكمة تقضي بالتسوية القضائية إذا تبين لها أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه، و الا فتقضي بالتصفية القضائية. و عملا بمقتضيات المادة 713 من مدونة التجارة و عند تنظيمها لتحديد تاريخ التوقف عن الدفع فان حكم فتح المسطرة يعين تاريخ التوقف عن الدفع الذي يجب أن لا يتجاوز في جميع الأحوال ثمانية عشر شهرا قبل فتح المسطرة ، يمكن تغيير تاريخ التوقف عن الدفع مرة أو عدة مرات و ذلك بطلب من السنديك، غير أنه يجب تقديم الى المحكمة قبل انتهاء أجل الخمسة عشر يوما التالية للحكم الذي يحدد مخطط الاستمرارية أو مخطط التفويت أو التالية لإيداع لقائمة الديون إذا تم الحكم بالتصفية القضائية، و في حالة عدم تعيين الحكم لتاريخ التوقف عن الدفع، فان بداية التوقف عن الدفع من تاريخ الحكم. و قد جاء في الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش * و لما كان التوقف عن الدفع كشرط موضوعي لفتح مسطرة التسوية القضائية في حق المقاولة يثبت في حالة عجزها عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة بما في ذلك الديون الناتجة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556 أعلاه وفقا للمادة 575 من مدونة التجارة، فانه استنادا للمعطيات أعلاه تكون المقاولة متوقفة عن الدفع إلا أن الاختلال الذي تعاني منه المقاولة قابل للتصحيح بالنظر إلى توفرها على إمكانيات تجعلها قادرة على مواجهة الديون المتراكمة عليها، خاصة توفرها على عنصر مهم من الأصول المتداولة و قيمة مهمة من الموجودات بالإضافة إلى أصول جارية التي من شأنها أن تمكنها من استمرارية نشاطها ، خاصة و أنها عبرت عن رغبتها في مواصلة نشاطها و تشغيلها للعدد مهم من العمال يتقاضون أجورهم بانتظام . و لما كانت الغاية من المساطر الجماعية هو منح فرصة للمقاولة من أجل تجاوز تعثرها و مواصلة نشاطها حفاظا على مناصب الشغل ، فان المحكمة ارتأت تمتيعها بفترة ملاحظة من أجل تشخيص وضعيتها و تدبير سبل تدليل الصعوبات التي تعتري استمرارية استغلالها و ذلك بالحكم بتحويل فتح مسطرة التسوية القضائية في حقها[26] .
و تبعا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 564 من المدونة التجارة الجديدة فانه و في حالة تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية يمكن للمحكمة تمديد المدة المتبقية من إعداد الحل كلما اقتضت الضرورة الى ذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 595 ، ذلك أنه و على ضوء هذه الموازنة يقترح السنديك إما مخططا للتسوية يضمن استمرارية المقاولة أو تفويتها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية[27] .و طبقا لمقتضيات المادة 762 من مدونة التجارة فان المقررات الصادرة بشان تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة تسوية قضائية أو تصفية قضائية من طرف المدين و السنديك و من طرف النيابة العامة. كما انه و عملا بالمادة 764 من مدونة التجارة فان هذه المقررات يتم استئنافها بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل اجل عشرة أيام ابتداءا من تاريخ تبليغ المقرر القضائي، غير أنه يسري الأجل في مواجهة السنديك و بالنسبة للنيابة العامة ابتداءا من تاريخ النطق بالمقرر.
الفصل الثاني: آثار الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ
يترتب عن صدور الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ ، مباشرة الإجراءات المتعلقة بمسطرة الإنقاذ، هاته الإجراءات التي تتمثل في إعداد مخطط الإنقاذ ، لتقرر المحكمة في الأخير اعتماد هذا المخطط.
و الملاحظ أنه و بالرغم من أن المشرع المغربي قد خص مسطرة الإنقاذ بتنظيم مستقل عن باقي المساطر القضائية الأخرى الا أن القانون رقم 73.17 اعتمد على تقنية الإحالة على عدة مقتضيات تتعلق بمسطرة التسوية القضائية ، مبرزا في الوقت ذاته المقتضيات الخاصة بمسطرة الإنقاذ دون مسطرة التسوية القضائية.
المبحث الأول: إعداد مخطط الإنقاذ
تعتبر مرحلة إعداد مخطط الإنقاذ أو إعداد الحل كما سمتها مدونة التجارة بفترة الملاحظة ، و كما سماها المشرع الفرنسي بمرحلة انتقالية ، هذه المرحلة التي يتم من خلالها تحريك مسطرة إنقاذ المقاولة. و لعل أهم ما يميز فترة إعداد الحل أنها تضمن استمرارية المقاولة و الحفاظ على مناصب قدراتها الإنتاجية ، إلا أن هذه الاستمرارية تعتبر انتقالية و محدودة سواء فيما يتعلق بالزمن المحدد لها أو فيما يتعلق بالآثار المترتبة عنها. و من أهم التدابير التي ركز عليها القانون رقم 73.17 و التي يجب اعتمادها أثناء فترة إعداد الحل، تتمثل في ضرورة التشخيص الدقيق للمقاولة الذي يعتمد على موازنة دقيقة للمقاولة و ليتم على ضوئها الوصول إلى اقتراح لمشروع مخطط الإنقاذ في حالة توفر المقاولة على إمكانات جدية لإنقاذها، كما أنه إذا ما تم اقتراح مخطط لإنقاذ المقاولة، فيجب إشراك باقي الفاعلين من الدائنين و رئيس المقاولة و المراقبين، و من جهة أخرى فان المشرع و ان كان قد نظم فترة إعداد الحل من الناحية التقنية فانه لم يغفل تحديد الآثار المترتبة على تسيير المقاولة في هذه الفترة ، و كذلك تنظيم وضعية الديون الناشئة بعد فتح مسطرة الإنقاذ.
المطلب الأول : إعداد السنديك تقرير الموازنة للمقاولة
يتطلب إعداد الحل إجراء تشخيص دقيق للمقاولة، و ذلك لمعرفة مصادر و أسباب هذه الصعوبات و طبيعتها و تحديد الوسائل و الأدوات المناسبة للخروج من هذه الصعوبات. فقد جاء بحكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش ان بقراءة متمعنة للمادة المذكورة ، يتضح أن مدة 18 شهرا السابقة لفتح المسطرة لا تكون الا في الحكم القاضي بفتح المسطرة، و العلة واضحة من هذا التحديد نظرا لكون المحكمة لا تكون على بينة من وضعية الشركة الا بعد إيداع تقرير السنديك عن فترة الملاحظة، و بعد ذلك أتاح المشرع للمحكمة إمكانية تغيير تاريخ التوقف عن الدفع مرة أو عدة مرات كلما ظهرت لها عناصر جديدة تبرر ذلك كما هو في نازلة الحال اذا أن تاريخ التوقف الفعلي للشركة المعنية بالأمر لم تبين الا بعد الامر باجراء افتحاص دقيق لوضعيتها من طرف خبير مختص و استنادا الى طلب السنديك الذي وقف على مجموعة من المعطيات خلال إعداد تقريره، و بالتالي فان القول أن مدة 18 شهرا تعتبر حدا أقصى لا يمكن تجاوزه و يبقى مردودا و تفسيرا معيبا لبنود المادة أعلاه بدليل أن المشرع و بمقتضى الفقرة اللاحقة قد أجاز للمحكمة مراجعة تاريخ التوقف عن الدفع مما يكون معه ما أثاره البنك بهذا الخصوص على غير أساس و جديرا بعدم الاعتبار[28]. و يتخذ هذا التشخيص حسب ما تم التنصيص عليه في المادة 569 من مدونة التجارة الجديدة شكل تقرير تفصيلي يتضمن إعداد موازنة مالية و اقتصادية و اجتماعية للمقاولة ، حيث ألزمت المادة المذكورة أن السنديك عليه أن يبين في تقريره التفصيلي الموازنة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة . و لتحقيق هذه الغاية فالسنديك يقوم باستجماع كافة المعطيات المتعلقة بالمقاولة التي من شأنها أن تدله على اقتراح الحل المناسب، كما يمكن له الحصول على كل المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية و المالية للمقاولة، سواء عن طريق مراقب الحسابات ان وجد، أو عن طريق الإدارات العمومية أو أي شخص أو جهة أخرى دون إمكانية الاحتجاج في مواجهته بالسر المهني عند القيام بمهمته، و إلا فيمكنه الاستعانة بطلب أمر من القاضي المنتدب لإلزام الجهة الممتنعة عن تقديم المعلومة أو مده بوثيقة معينة[29] .
و بناءا على مقتضيات المادة 597 من مدونة التجارة المحال عليها بموجب المادة 569 من مدونة التجارة، فانه يمكن للسنديك الحصول على المعلومات التي من شأنها ان تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية و المالية للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات ان وجد، و إدارات الدولة و باقي أشخاص القانون العام، أو عن طريق أي جهة أخرى و ذلك على الرغم من أي مقتضى تشريعي مخالف، كما يطلع السنديك القاضي المنتدب على المعلومات المتحصل عليها.
المطلب الثاني : تبليغ السنديك المقترحات للمراقبين
في إطار استشاراته يعمل السنديك على استشارة رئيس المقاولة ، و تبليغ المراقبين بالمقترحات ، و كذلك استشارة الدائنين .
الفقرة الأولى: استشارة رئيس المقاولة
لم تشر المادة 601 من مدونة التجارة الجديدة إلى استشارة رئيس المقاولة[30] ، غير أنه و بالوقوف عند مقتضيات المادة 602 الموالية من هذا القانون، يتضح من خلال البيانات المرفقة بالرسالة التي يتعين على السنديك استشارة رئيس المقاولة و معرفة مقترحاته[31]. و لهذه الغاية قررت المادة 605 من مدونة التجارة الجديدة فضلا عن استشارة المراقبين، ضرورة استشارة السنديك لرئيس المقاولة أيضا بعد الانتهاء من إعداد تقريره المتعلق بالموازنة المنصوص عليها بالمادة 595من مدونة التجارة، و الذي يبلغه السنديك له و للمراقبين حتى يتمكن رئيس المقاولة من إبداء ملاحظاته بخصوصه و ذلك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ توصله برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل من السنديك تكون مرفقة بالتقرير المنجز من طرفه[32] .
الفقرة الثانية : تبليغ المراقبين بالمقترحات
انطلاقا من مقتضيات المادة 601 من مدونة التجارة ، يكون السنديك ملزما بتبليغ المراقبين بالمقترحات التي يتم التقدم بها من أجل تسديد الخصوم ، و ذلك تبعا لإعدادها و تحت مراقبة القاضي المنتدب. و ترجع أهمية استشارة هؤلاء المراقبين قبل استشارة الدائنين، في كون هؤلاء يمثلون في غالب الأحوال جميع أنواع الدائنين و يساعدون السنديك و القاضي المنتدب في مراقبة إدارة و تسيير المقاولة و كذا في إقناع الدائنين بأهمية الرسالة الموجهة للدائنين يكون ذو أهمية بالغة في تحديد مواقف الدائنين خاصة متى كان يوافق توجهات السنديك و مقترحاته[33] . كما يتعين على السنديك عند الانتهاء من إعداد تقريره و إعداد قائمة الأجوبة التي قدمها الدائنون طبقا للمادة 604 من مدونة التجارة، أن يبلغ المراقبين بهاتين الوثيقتين برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، و ذلك حتى يتمكنوا من تقديم ملاحظاتهم و مستنتجاتهم النهائية بخصوص الاقتراحات المقدمة و مواقف الدائنين منها[34] .
الفقرة الثالثة: استشارة الدائنين
يقوم السنديك كذلك من أجل معرفة موقف الدائنين من الآجال أو التخفيضات التي سيقترحها في المخطط ، باستشارتهم سواء بشكل فردي أو جماعي. و سواء تعلق الأمر باستشارة فردية أو باستشارة جماعية للدائنين، فان السنديك يكون ملزما بإلحاق الرسالة أو الاستدعاء الموجه لهم بعدة بيانات نصت عليها المادة 602 من مدونة التجارة ، و هي :
بيان لوضعية أصول و خصوم المقاولة مع بيان تفصيلي للخصوم ذات الامتياز و الخصوم العادية ، اقتراحات السنديك و رئيس المقاولات مع الإشارة الى الضمانات الممنوحة ، و رأي المراقبين. و عندما يعتزم السنديك تحديد موقف دائن ما بشكل فردي، فهو يقوم بتوجيه رسالة اليه تتضمن مقترحاته، و يكون هذا الدائن ملزما بالاجابة على تلك المقترحات داخل أجل ثلاثين يوما من تلقيه للرسالة تحت طائلة اعتبار عدم جوابه بمثابة موافقة على مقترحات السنديك[35]. و في هذا الاطار ذهبت محكمة النقض سابقا الى أنه في اطار الاستشارة الفردية للدائن بشأن التخفيضات من الدين و أجل الأداء، يجب أن يقع التوصل بالرسالة الموجهة الى الدائن بصفة قانونية تحت طائلة عدم الاعتداد بالأجل[36] .أما اذا ارتأى السنديك استشارة الدائنين بصفة جماعية بخصوص مقترحاته، فانه يوجه استدعاء لهؤلاء من أجل عقد اجتماع معهم تحت رئاسته، و قد أعطت المادة 603 من مدونة التجارة للسنديك إمكانية نشر هذا الاستدعاء بجريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و تعليقه في اللوحة المخصصة لهذا الغرض في المحكمة. و يتعين أن ينعقد هذا الاجتماع ما بين اليوم الخامس عشر و الواحد و العشرين من توصلهم بالاستدعاء، و يقدم السنديك للدائنين تقريرا عن وضعية الإنقاذ و عن سير نشاط المقاولة منذ فتح المسطرة، كما يطلب من هؤلاء مواقفهم من الاقتراحات التي يقدمها بخصوص تسديد الخصوم[37] .
و في هذا الصدد ألزمت المادة 603 من مدونة التجارة كل دائن حاضر أو ممثل وافق على تلك المقترحات أو رفضها أن يعبر عن ذلك كتابة، كما نصت الفقرة الأخيرة من نفس المادة على أن عدم مشاركة الدائنين في الاستشارة الجماعية يعد بمثابة موافقة على الاقتراحات المقدمة من طرف السنديك ، كما يتعين على السنديك بعد ذلك أن يعد قائمة بالأجوبة التي قدمها الدائنون عند نهاية استشارتهم الفردية أو الجماعية[38] .
المطلب الثالث: الآثار المترتبة عن فترة إعداد الحل
يترتب عن إعداد الحل اختلاف في وضعية كل من المقاولة المدينة من جهة ، و وضعية الدائنين من جهة أخرى.
الفقرة الأولى: وضعية المقاولة أثناء فترة إعداد الحل
الملاحظ من خلال مقتضيات المادة 566 من مدونة التجارة الجديدة، أن المشرع لم يمنع أثناء فترة إعداد الحل رئيس المقاولة من تسيير المقاولة، بل يحتفظ هذا الأخير بكامل صلاحياته في مباشرة مهام التسيير بصفة اعتيادية. و في هذا الإطار يكلف السنديك بمراقبة أعمال التصرف و يرفع تقريرا بذلك الى القاضي المنتدب. و هذا ما جاء في نص المادة 566 المذكورة : يختص رئيس المقاولة بعمليات التسيير و يبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف و تنفيذ مخطط الإنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقريرا بذلك إلى القاضي المنتدب.
كما أنه بالرجوع إلى المادتين 594 و 595 من مدونة التجارة فان القاضي المنتدب يرخص لرئيس المقاولة أو للسنديك بتقديم رهن أو رهن رسمي و بالتوصل الى صلح أو تراض ، كما أنه يجب أن تعرض اقتراحات السنديك على القاضي المنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر تلي صدور حكم فتح المسطرة. و يمكن تجديد الأجل المذكور عند الاقتضاء مرة واحدة من طرف المحكمة بناء على طلب من السنديك ، كما يدرج الملف بالجلسة بعد عشرة أيام من تاريخ عرض التقرير على القاضي المنتدب أو من تاريخ انقضاء الأجل المحدد لذلك.
الفقرة الثانية: وضعية الديون الناشئة أثناء فترة إعداد الحل
للرفع من جاذبية هذه المسطرة و دفع الدائنين الى المساهمة بصفة فعلية في تمويل المقاولة فان المادة 565 من مدونة التجارة قد أضفت على الديون الناشئة أثناء فترة إعداد الحل طابع الأفضلية في الأداء.
فهذه الديون تتمتع بالأولوية في الأداء و لو كانت الديون المزاحمة لها مقرونة بامتيازات أو بضمانات أو تستفيد من حق الأفضلية المنصوص عليه في المادة 590 من مدونة التجارة، باستثناء الديون الناشئة أثناء مسطرة المصالحة.
و يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة الإنقاذ ، و المتعلقة بحاجيات سير هذه المسطرة أو بنشاط المقاولة، و كذلك خلال فترة إعداد الحل ، في تاريخ استحقاقها ، أما في حالة تعذر أدائها في تواريخ استحقاقها فإنها تؤدى بالأسبقية على كل الديون الأخرى ، سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو بضمانات ، باستثناء الأفضلية المنصوص عليها في المادة 558 من مدونة التجارة.
كما تؤدى الديون المشار اليها في الفقرة الأولى من المادة 565 من مدونة التجارة عند تزاحمها وفقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل[39] .
المبحث الثاني: اعتماد و فسخ مخطط الإنقاذ
إن اختيار الحل يتمثل في اعتماد المحكمة لمخطط الإنقاذ إذا تبين لها توفر إمكانات جدية لإنقاذ المقاولة، بناء على تقرير السنديك و بعد الاستماع لرئيس المقاولة و المراقبين، كما أنه و في حالة عدم تنفيذ المقاولة لالتزاماتها المحددة بمخطط الإنقاذ، فالمحكمة تقضي بفسخ المخطط مع ترتيب الآثار القانونية لذلك.
المطلب الأول: اعتماد المحكمة لمخطط الإنقاذ
بداية سيتم التطرق إلى اعتماد المحكمة لمخطط الإنقاذ، ثم الى اثار اعتماد مخطط التفويت.
الفقرة الأولى: اعتماد المحكمة لمخطط الإنقاذ
بناءا على مقتضيات المادة 570 من مدونة التجارة فانه إذا تبين توفر إمكانات جدية لإنقاذ المقاولة، بناءا على تقرير السنديك و بعد الاستماع لرئيس المقاولة و المراقبين ، تقرر المحكمة اعتماد مخطط الإنقاذ .
أولا : شروط اعتماد المحكمة لمخطط الإنقاذ
نص المشرع على وجوب توفر المقاولة على إمكانات جدية لإنقاذها ، حتى يتأتى اعتماد مخطط الإنقاذ ، فبمجرد رغبة المقاولة في الإبقاء على نشاطها لا تكفي لوحدها في غياب وسائل التنفيذ و كذا الإمكانيات الجدية و الحقيقية للوفاء بديونها و إنقاذها ، و هذا ما سبق لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس أن قررته ، حينما قضت بأنه (متى ثبت للمحكمة من خلال اطلاعها على التقارير التي أعدها السنديك في إطار إعداد الحل طبقا لمقتضيات المادة 579 من مدونة التجارة ، أن المقاولة المستأنفة باتت في مركز مالي ميؤوس منه مرتكزا في ذلك على تقييم لوضعيتها المالية و الاقتصادية اذ تبين ان موجودات المقاولة تتحدد في 51، 555762 درهم فيما تصل مديونيتها إلى 16، 4067449 درهم و هو ما خلف عجزا الى حدود 31/12/2002 بمبلغ 3511686.65 درهم و بان ما تعهد به رئيس المقاولة من توفير سيولة بمبلغ 50000.00 درهم شهريا لسداد دين الدائن الرئيسي مغرب ليزينك يصطدم بمحدودية قدرة المقاولة على تحقيق الأرباح، و انه لا أثر للآليات التي أعرب رئيس المقاولة بغرفة المشورة على نيته في اقتنائها و ان الخلاصة المحاسبية لستة أشهر الأولى من سنة 2003 أفضت الى أنه و على فرض تنفيذ رئيس المقاولة لتعهده لا بتوفير مبلغ 50000.00 درهم شهريا فان هامش الربح المحقق لا يتجاوز 33500.00 درهم و استخلصت من هذه التقارير أن المقاولة توجد في ضائقة مالية مستحكمة لغياب إمكانيات جدية لسداد خصومها و تصحيح و ضعيتها و ان مجرد رغبة رئيس المقاولة في الإبقاء على نشاطها لا تكفي لوحدها لان القيام بإعطاء آجال أو تخفيضات للديون دون وضع خطة مدروسة بذلك و في ظل غياب وسائل التنفيذ و كذا الإمكانيات الجدية و الحقيقية للوفاء سيشجع على اندثار أصول المقاولة و يهدد مصالح الدائنين الذين سيباغتون بعدم تحصيل ديونهم في مواعيد استحقاقها الأمر الذي يهدد بشل معاملاتهم و رتبت الحكم على ذلك تحويل مسطرة التسوية القضائية المفتوحة في حق مقاولة مقلع الصخور و الرمال إلى مسطرة التصفية القضائية فإنها تكون قد عللت المبدأ الذي استندت عليه في قضائها بما فيه الكفاية لتبريره مما تكون معه الوسيلة على غير أساس. وحيث انه خلافا لطروحات المستأنفة فان المشرع وضع معيارا عاما ماديا و ماليا قصد اختيار الحل الملائم لإخراج المقاولة من صعوبتها أي أن وجه المحكمة أن تقرر حل الاستمرارية اذا كانت هناك إمكانات جدية لتسوية وضعها و سداد خصومها إعمالا للمادة 592 من مدونة التجارة، و انه لا دليل بالملف يفيد بشكل قاطع أن هناك إمكانات جدية لتسوية وضعية المستأنفة و سداد ديونها أو خصومها و ان التقويم الشامل لموازنتها و وضعيتها المالية بأصولها و خصومها يفضي إلى أن وضعيتها مختلة بشكل لا رجعة فيه و هو ما أكده السنديك في مذكرته الجوابية[40] .
ثانيا :مضمون مخطط الإنقاذ
يتمثل مضمون مخطط الإنقاذ في تحديد كيفية تصفية خصوم المقاولة، و وضعية العقود التي ترتبط بها المقاولة ، كما انه و اذا كانت المقاولة تتخذ شكل شركة تجارية فان الأمر يتطلب إدخال بعض التعديلات على قانونها الأساسي.
فبالنسبة لتصفية خصوم المقاولة نجد بناءا على مقتضيات المادة 630 من مدونة التجارة الجديدة، تشهد المحكمة على الآجال و التخفيضات الممنوحة من الدائنين خلال الاستشارة. و يمكن لها ان تخفض هذه الآجال و التخفيضات ان اقتضى الحال[41].
و فيما يتعلق بوضعية العقود التي ترتبط بها المقاولة نجد بأنه و طبقا للمادة 638 من مدونة التجارة الجديدة ، تحدد المحكمة عقود الائتمان الايجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط المقاولة بناء على ملاحظات الأطراف المتعاقدة مع المقاولة التي يقوم السنديك بالإبلاغ بها ، كما يكون الحكم الذي يحصر المخطط بمثابة تفويت لهذه العقود. و يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة[42].
أما فيما يخص إدخال بعض التعديلات على القانون الأساسي للشركة فنجد أنه طبقا للمادة 599 المحال عليها، فانه حينما يعتزم السنديك اقتراح المخطط لصالح المقاولة يهدف الى تغيير في رأس المال، يطلب من مجلس الإدارة أو من مجلس الإدارة الجماعية أو من المسير حسب الأحوال، استدعاء الجمعية العامة غير العادية أو جمعية الشركاء، كما أن الجمعية العامة مدعوة في البداية الى العمل على إعادة تأسيس رأس المال إلى حدود المبلغ الذي يقترحه السنديك، و الذي يجب ألا يقل عن ربع رأسمال الشركة إذا كانت رؤوس الأموال الذاتية تقل عن ربع رأسمال الشركة بفعل الخسارات المثبتة في الوثائق المحاسبية[43].
الفقرة الثانية : الحكم القاضي بحصر مخطط الإنقاذ
يصدر الحكم القاضي بحصر مخطط الاستمرارية و يكون هذا الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون، و قابلا للطعن بالاستئناف بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل أجل عشرة أيام ابتداءا من تاريخ تبليغ المقرر القضائي، ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في هذا القانون، و يسري الأجل في مواجهة السنديك في الأحوال الذي يحقله الطعن فيها بالاستئناف، و النيابة العامة ابتداء من تاريخ النطق بالمقرر. و يتحدد في هذا الحكم مدة لتنفيذ مخطط الإنقاذ على ألا تتجاوز خمس سنوات ، كما أن هذا الحكم يرتب اثار بقوة القانون ، و كذلك يمكن أن يرتب اثار جوازية .
أولا : تنفيذ مخطط الإنقاذ و إمكانية تغييره
و بموجب المادة 629 المحال عليها، لا يمكن تغيير أهداف و وسائل مخطط الإنقاذ الا بحكم من المحكمة، و ذلك بطلب من رئيس المقاولة و بناءا على تقرير السنديك. و اذا كان من شأن تغيير أهداف و وسائل مخطط الإنقاذ التأثير سلبا على التخفيضات او الآجال التي وافق عليها الدائنون، و جب على السنديك استدعاء الجمعية وفق مقتضيات المادتين 609 و 610 من مدونة التجارة.
و بناءا على ذلك ، تبت المحكمة بعد الاستماع للأطراف و لأي شخص يعنيه الأمر أو بعد استدعائهم بشكل قانوني. كما يمكن للمحكمة ان تقضي بفسخ مخطط وفقا للشكليات و الآثار المنصوص عليها في المادة 634 من مدونة التجارة.
و تجدر الإشارة إلى أن المقررات الصادرة بشأن تغيير أهداف و وسائل مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية، تكون قابلة للطعن بالاستئناف بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل اجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي ، ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في هذا القانون، و يسري هذا الأجل في مواجهة السنديك في الأحوال الذي يحق له الطعن فيها بالاستئناف، و النيابة العامة ابتداء من تاريخ النطق بالمقرر[44].
ثانيا : الآثار المترتبة عنه بقوة القانون
طبقا لمقتضيات المادة 572 من مدونة التجارة ، فان المشرع خول لكفلاء المقاولة موضوع مخطط الإنقاذ ، متضامنين كانوا أم لا حق الاستفادة و متى كانوا أشخاصا ذاتيين من : مقتضيات مخطط الإنقاذ، و وقف سريان الفوائد القانونية و الاتفاقية و كذا كل فوائد التأخير[45].
ثالثا : الآثار الجوازية المترتبة على حكم حصر المخطط
فطبقا لمقتضيات المادة 625 من مدونة التجارة، فانه حينما تكون المقاولة موضوع منع إصدار شيكات عن وقائع سابقة لحكم فتح المخطط، يمكن للمحكمة أن تأمر بوقف آثار المنع خلال مدة تنفيذ المخطط و سداد خصوم هذه المقاولة، و يضع فسخ المخطط حدا لوقف المنع بقوة القانون، كما انه يعتبر احترام الاستحقاقات و الكيفيات الواردة في مخطط الاستمرارية تقويما للاختلالات.
كما ان المحكمة يمكن لها ان تقرر في الحكم الذي يحصر مخطط الإنقاذ أو يغيره، عدم إمكانية تفويت الأموال التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص من المحكمة و لمدة تحددها، و يبطل كل عقد أبرم خرقا لقاعدة عدم قابلية التفويت المذكورة في الفقرة السابقة بطلب من كل ذي مصلحة قدم داخل أجل ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ إبرام العقد أو من تاريخ إشهاره حينما يستلزم القانون ذلك.
و بالتالي فانه يتم تقييد الحكم القاضي بعم إمكانية تفويت الأموال بالسجل التجاري للمقاولة، و عند الاقتضاء بسجلات المحافظة على الأملاك العقارية، و كذا بالسجلات الخاصة بتسجيل السفن و الطائرات ، و باقي السجلات المعدة لهذا الغرض حسب الحالة ، غير أنه لا يواجه المشتري حسن النية بالبطلان في حالة عدم تسجيل شراءه[46] .
المطلب الثاني: فسخ المخطط و الآثار القانونية المترتبة عن ذلك
طبقا للمادة 573 من مدونة التجارة ، فإذا لم تنفذ المقاولة التزاماتها المحددة في المخطط، يمكن للمحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من احد الدائنين و بعد الاستماع إلى رئيس المقاولة و السنديك، بفسخ مخطط الإنقاذ و تقرر تبعا لذلك التسوية القضائية ، أو التصفية القضائية .
الفقرة الأولى : تحويل مسطرة الإنقاذ الى تسوية قضائية
إذا تم تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية، يصرح الدائنون الخاضعون للمخطط بديونهم و ضماناتهم كما وردت في المخطط، بعد خصم المبالغ التي تم استيفاؤها[47] . و قد جاء بالحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش بتحويل مسطرة الإنقاذ المقترحة في حق السيد س إلى مسطرة التسوية القضائية مع تحديد تاريخ التوقف عن الدفع في الثمانية عشر شهرا السابقة لهذا الحكم مع الإبقاء على نفس أجهزة المسطرة و تكليف السنديك بمراقبة عمليات التسيير مع باقي الصلاحيات المخولة له قانونا مع إعداد تقرير عن الموازنة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة و اقتراح الحل الملائم لتصحيح وضعية الشركة من أمر كتابة الضبط بتسجيل ملخص بهذا الحكم بالسجل التجاري المدعي و نشر إشعار به في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و في الجريدة الرسمية داخل أجل 8 أيام من صدوره مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل[48] .
الفقرة الثانية : تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تصفية قضائية
في حالة تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تصفية قضائية ، يصرح الدائنون الخاضعون للمخطط بكامل ديونهم و ضماناتهم، بعد خصم المبالغ التي تم استيفاؤها، و يصرح الدائنون الذين نشأ حقهم بعد الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ بما لهم من ديون، و تطبق بهذا الخصوص القواعد المتعلقة بالتصريح بالديون المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس لمدونة التجارة[49] .
و في الختام يمكننا القول بأن مسطرة الإنقاذ لما لها من أهمية كبيرة في مجال المال و الأعمال، فإن لها خصوصيات تميزها عن باقي المساطر الأخرى.
و عليه فإن التعديل الذي جاء به القانون 73.17 فيما يخص إحداث المشرع لمسطرة الإنقاذ هو يؤسس لمرحلة مهمة في تطور قانون صعوبات المقاولة المغربي، إذ بتعدد المساطر نجده يتيح لمدينه اختيار أنسبها و التي تلائم وضعيته الراهنة.
و على هذا الأساس فإن تجاوز المقاولة للصعوبات التي تعترضها يستتبع إيجاد المصادر التمويلية الكافية و الضرورية لجعلها قادرة على استعادة قوتها و متابعة نشاطها.
لذا نقترح أن تساهم الدولة من جانبها لمساعدة هذه المقاولات، و ذلك بإنشاء بنوك متخصصة في هذه الحالات إسوة بالمشرع الفرنسي، و التي يكون هدفها الأساسي هو دعم المقاولات التي تعتريها صعوبات، و في انتظار ما سيسفر عنه العمل القضائي من الناحيتين العلمية و العملية، و الذي يتمثل في مدى نجاعة و قدرة مسطرة الإنقاذ على تجاوز الإشكالات بشكل يمكنها من إنقاذ المقاولة، و تحقيق غايات و أهداف المساطر الجماعية.
كما أنه و على اعتبار أن من الانعكاسات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا كوفيد 19 أن عددا كبيرا من المقاولات عاشت صعوبات كبيرة قد أثرت على استغلالها و هددت مناصب الشغل بها… مما يتعين التدخل من أجل انقاذها و مساعدتها على استرجاع عافيتها.
و بالتالي فانه من بين التدابير التي يمكن اتخاذها في هذا الاطار هو النظر في توفير الامكانية القانونية للمقاولات التي تعيش حاليا صعوبات، و الاستفادة من ما توفره مسطرة الانقاذ من صلاحيات مهمة، و اعطائها الفرصة لكي تقوم بنفسها و دون تدخل جهة خارجية بمعالجة اختلالاتها و أداء ديونها و المحافظة على مناصب الشغل بها.
قائمة المراجع
الكتب :
– الدكتورة نهال اللواح، و الدكتور مصطفى بونجة ” مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون 73.17 دراسة عملية تحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة في ظل مستجدات القانون 73.17 الصادر بتاريخ 2018/04/23 ” ، الطبعة الأولى لسنة 2018، منشورات المركز المغربي للتحكيم و منازعات الأعمال.
– الدكتور عبد اللطيف كرازي ” مسطرة الإنقاذ “، نسخة محينة لسنة 2019.
– الأستاذة لوبنى بومهتاين ” المسطرة لإنقاذ المقاولة “، لسنة 2019.
– الدكتور فؤاد معلال” شرح القانون التجاري المغربي الجديد، نظرية التاجر و النشاط التجاري الجزء الأول “، الطبعة الثالثة، دار الآفاق للنشر و التوزيع لسنة 2009.
المقالات :
– المقال بعنوان ” مسطرة الإنقاذ وفق اخر المستجدات لسنة 2019 ” ، عبر الموقع Universitylifestyle.net، تاريخ الاطلاع 2020/04/13، على الساعة 23:19 ليلا.
الأحكام و القرارات غير المنشورة :
– حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 91 الصادر بتاريخ 2018/9/27 في الملف التجاري رقم 2018/8302/120، (غير منشور).
– حكم المحكمة التجارية بمراكش الصادر بتاريخ 2015/02/10،(غير منشور).
– قرار محكمة النقض عدد 245 المؤرخ في 2008/2/5، ملف تجاري عدد 2007/1/3/845-2007/1/3-927، (غير منشور).
– قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 36 الصادر بتاريخ 2004/6/16 في الملف عدد 2003/86،(غير منشور).
الأحكام و القرارات المنشورة :
– القرار عدد58 لمحكمة النقض الصادر بتاريخ 2006/1/18 في الملف التجاري عدد 190، 2004/1/3،(منشور بمجلة القضاء بالمجلس الأعلى العدد 66، مارس 2007.
القوانين :
– مدونة التجارة وفق آخر التعديلات المدخلة بالقانون رقم 73.17 القاضي بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة.
– قانون 53.95 المتعلق باحداث المحاكم التجارية.