
دور السنديك في مسطرة التصفية القضائية
لا مراء في ان القوانين هي مرآة المجتمع ومقياس حضارة ورقي اي دولة كيفما كان نوعها وبقدر ما تكون هذه القوانين متقدمة ومتطورة بقدر ما تحقق غايات وأهداف وطموحات شعوبها وهذا ما دفع بالمشرع الغربي الى تحديث ترسانته القانونية ومنها القانون التجاري الذي عمر طويلا من 12غشت 1913 الى حين صدور القانون رقم :15_95المتعلق بمدونة التجارة والمشرع المغربي بإصلاحه هذا جعله يتماشى مع العديد من التشريعات المقارنة في إطار عولمة الاقتصاد وفي إطار توحيد دولي للتشريعات والأنظمة التجارية الدولية. ومدونة التجارة المغربية عالجت مواضيع مهمة وفِي نهايتها وقفت عن موضوع هام يتعلق بموضوع معالجة صعوبات المقاولة كنظام بديل أخف وطأة من نظام الإفلاس على اعتبار ان هذا الاخير يعد داء أكثر منه دواء بخلاف ما جاء به الكتاب الخامس الذى حافظ على المقاولة كنسيج اقتصادي والاجراء لان لهم طابع معاشي وحقوق الدائنين الذين لهم ارتباط بمقاولات اخرى وبذلك يكون المشرع قد راعى مصالح مختلف الأطراف وقد استمر العمل بالكتاب الخامس منذ ماي 1998الى حين صدور القانون رقم:17-73 المتعلق بصعوبات المقاولة الذي ينص على انه يتعين على المقاولة ان تقوم عن طريق الوقاية الداخلية من الصعوبات التي تعترضها بتصحيح ما يخل باستمرارية استغلالها والا تم ذلك عن طريق الوقاية الخارجية. كما يتم اللجوء الى مسطرة انقاذ المقاولة من الصعوبات آلتي تعترضها من خلال مخطط الإنقاذ يعرض على المحكمة للمصادقة عليه وتتم معالجة صعوبات المقاولة عن طريق التسوية القضائية باعتماد مخطط للاستمرارية أو مخطط التفويت. ويمكن ان تؤدي الصعوبات المذكورة الى إنهاء استمرارية المقاولة بالتصفية القضائية إذا كانت مختلة بشكل لا رجعة فيه آنذاك تصدر المحكمة حكمًا بالتصفية القضائية وتعين فيه القاضي المنتدب والسنديك كمًا تعين نائبًا للقاضي المنتدب تسند اليه نفس المهام إذا عاق مانع هذا الأخير. ويمنع إسناد مهمة القاضي المنتدب أو السنديك الى أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو اصهارهم غير ان الذي يهمنا من هذا البحث هو دور السنديك باعتباره من أجهزة المسطرة التصفية القضائية.
دور السنديك في مسطرة التصفية القضائية :
يعتبر دور السنديك في مسطرة التصفية القضائية حجر الزاوية بالنسبة للمقاولة الخاضعة لمسطرة التصفية القضائية وذلك بعد ان تعاين المحكمة ان وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه اما بوضع المحكمة يدها تلقائيا والحكم بالتصفية القضائية او عن طريق تحويل مسطرة الإنقاذ او التسوية القضائية او فسخ مخطط الاستمرارية او مخطط التفويت الى تصفية قضائية.
وحفاظا على مصالح الدائنين وتنفيذا للحكم القاضي بفتح المسطرة يقوم السنديك بمجموعة من المهام نوردها على الشكل التالي:
الإجراءات التحفظية خلال التصفية القضائية :
اعتبارا لكون الاحكام الصادرة في مادة الصعوبات المقاولة من النظام العام ومشموله بالنفاذ المعجل فانه و فور تعين السنديك يعمل على الانتقال الشركة ة حيازة أصولها و جردها اما بشكل مباشر او بحضور رئيس المقاولة من تسنى له ذلك و بعد قيام كتابة الضبط بالإجراءات المتطلبة من اعلان و اشهار و نشر و تبليغ السجل التجاري المركزي و فور القيام بذلك يعمد السنديك على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ على أصول المقاولة من الضياع و الاندثار.
حيث يقوم بجرد أصولها بشكل مباشر او بمساعدة خبير يتم تعيينه لهذه الغاية كما يعمل على تعيين حراس المقاولة او التعاقد مع شركة الحراسة، الى انه تعترضه مشاكل تتعلق بسيولة خصوصا امام غياب رئيس المقاولة او الدفع بإعساره و بعدم قدرته على أداء واجبات الحراسة الشي الذي يتعين معه مراسلة الدائنين و مكاتبتهم.
اشعار الدائنين وتلقي التصريحات بالديون:
يقوم السنديك بعد تعيينه بالاطلاع الى قائمة الدائنين الملفاة بالملف والتي يتم تقديمها من طرف رئيس المقاولة حيث يعمل على تبليغ الدائنين و اشعارهم بجميع الطرق و الوسائل المتاحة بما فيها التبليغ بواسطة المفوض القضائي او البريد العادي او البريد المضمون , و اذا اقتضى الحال عبر الفاكس و الهاتف و البريد الالكتروني كما يعمل السنديك على اشعار الدائنين المعروفين لديه, و المسجلين بالسجل التجاري ,من عمال و شركات و اغيار كما يعمل على مكاتبة الدائنين الحاملين للضمانات , كالدائن المرتهن على العقار او الأصل التجاري ليستقبل تصريحات باقي الدائنين و الذين وصل الى علمهم فتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة الشركة, و ذلك بعد مراقبة الآجال المنصوص عليها في المادة 720 من مدونة التجارة , كما يقوم السنديك بمسك سجل التصريحات بالديون و تسجيل الدائنين بشكل تراتبي و حسب التصريح بعد التأشير على السجل من طرف القاضي المنتدب .
عرض الديون و تحقيقها:
يباشر السنديك التصفية القضائية بعد انتهاء مسطرة التصريح بالديون عملية تحقيقها، او المطالبة بإعفائه من تحقيق الديون العادية في حالة ما تبين له ان الديون الامتيازية، تفوق قيمة أصول الشركة الشيء الذي يتعين معه طلب الاعفاء من تحقيق الديون العادية حيث يصدر القاضي المنتدب امرا بشأنها.
يبث القاضي المنتدب في طلبات السنديك او الدائنين طبقا للمادة 729 من مدونة التجارة، سواء بالقبول والرفض او معاينة دعوى جارية او عدم الاختصاص مع اعمال مقتضيات المادة 731 من مدونة التجارة والاخذ بعين الاعتبار الاثار القانونية الناتجة على التبليغ والآجال المحددة تحت طائلة السقوط.
كما يأمر بإجراء خبرة لتحديد المديونية اذا اقتضت مصلحة المسطرة ذلك، خصوصا اذا اثار السنديك مدى ثبوت المديونية من عدمه، وفق وثائق تمت حيازتها او ادلى بما يقضي معه تعديل المديونية المصرح بها، و تبعا لذلك يتم إيداع و نشر قائمة الدائنين بالجريدة الرسمية للاطلاع عليها بكتابة ضبط المحكمة تطبيقا لمقتضيات المادة 732 من مدونة التجارة.
دور السنديك بخصوص تقويم أصول الشركة و بيعها بالمزاد العلني :
يقوم السنديك بتقديم طلبات تقويم أصول الشركة سواء العقارات او المنقولات او الأسهم او الانصبة و ذلك بعد جردها حيث يعمل على تحديدها و ضبطها و حمايتها و تعيين الحراس و القيام بالإجراءات القانونية و استرداد المنقولات ان وجدت لدى الغير، حيث يقوم السنديك بتقديم طلبات التقويم الى القاضي المنتدب. في اقرب الآجال, و تباشر عملية التقويم بحضور رئيس المقاولة او استدعائه، و بعد انجاز الخبرة يتم عرضها امام السيد القاضي المنتدب و مناقشتها مع ابداء الموقف بخصوصها من طرف السنديك ورئيس المقاولة او نائبه و يتم استدعاؤه و تسليمه نسخة من الخبرة سواء على العقار او المنقول او الأصل التجاري و بناء على ذلك يصدر القاضي المنتدب امرا بالإعلان عن البيع و تحديد تاريخ المعاينة و البيع بالمزاد العلني، يدرج بجلسة يحضرها العموم و يواكبها السنديك، تنتهي بتقديم عروض شراء أصول الشركة او تعثر عملية البيع بعدم تقديم عروض او عدم كفايتها حيث يتم إعادة عرضها للبيع لعدة المرات و عند الاقتضاء يمكن للسنديك ان يتقدم بطلب إعادة التقويم ينتدب لها خبير مختص و قد يتم سلوك نفس المسطرة المشار اليها أعلاه .
الصيغ القانونية لتفويت أصول المقاولة قيد التصفية القضائية :
تقوم التصفية القضائية على تحقيق أصول المقاولة من اجل تصفية خصومها وتوزيعها على دائنيها ويختار السنديك مسطرتين لتحقيق أصول المقاولة بشكل منفرد او بشكل اجمالي.
تفويت المقاولة كوحدة انتاج:
يمكن لوحدات انتاج مكونة من جزء او مجموع الأصول المنقولة او العقارية ان تكون موضوع تفويت شامل طبقا للمادة 655 من مدونة التجارة و سواء كانت هذه الوحدات أموال منقولة او عقارية و لكن المهم فيها هو قدرتها على تشكيل وحدات انتاج اقتصادية و بشرية مستقلة.
البيع الإجمالي:
حدد المشرع ثلاث طرق لتفويت أصول المقاولة محل التصفية اذ يمكن للقاضي المنتدب اللجوء الى احداها: وهي البيع عن طريق المزايدة العلنية او المزايدة الودية او التراضي .
المزايدة العلنية :
عادة ما يتم تفضيل هذه الطريقة لما تحقق من الناحية النظرية من إضفاء للشفافية على عمليات التفويت و الحصول على افضل الاثمنة حال اشتداد المنافسة بالمزاد العلني، لذلك اخضعها المشرع لقواعد الحجز العقاري المضمنة في قانون المسطرة المدنية، و التي تطبق في هذا المجال ما لم تتعارض مع مقتضيات نظام معالجة صعوبات المقاولة.
المزايدة الودية :
نصت الفقرة الثالثة من المادة 654 م ت على انه ( كما يمكن للقاضي المنتدب ان يأذن تحت نفس الشروط بالبيع اما بمزايدة ودية بالثمن الافتتاحي الذي يحدده ).
و يجب ان يعلل القاضي المنتدب لجوؤه لاختيار المزايدة الودية بان طبيعة محتوى العقارات و موقعها العروض المقدمة من شانها اتاحة التوصل الى تفويت ودي بأفضل الطرق.
البيع بالتراضي :
فقد نص المشرع المغربي في الفقرة الثالثة من المادة 654 من مدونة التجارة (انه يمكن للقاضي المنتدب ان يأذن تحت الشروط اما بمزايدة ودية بالثمن الافتتاحي الذي يحدده و اما بالتراضي وفقا للثمن و الشروط التي يحددها) الا ان هذا النوع من البيع مشروط بشرطيين رئيسيين و هما :
- موافقة القاضي معللة
- ان يكون مردوده المادي افضل للمقاولة
دور السنديك بخصوص الدعوى الجارية و حماية مصالح الشركة قيد التصفية القضائية:
يقوم سنديك التصفية القضائية بالتدخل في الدعاوى الجارية بعد علمه، او اشعار المحكمة بفتح مسطرة التصفية القضائية و التدخل في الدعوى و الادلاء بالوثائق اللازمة و ابداء رايه و تعيين محام للدفاع عن مصالح المسطرة، اذا اقتضت الضرورة ذلك و الطعن بالبطلان في العقود التي ابرمت خارج اطار القانون كتلك التي تنشئ ديونا غير حقيقية او العقود الصورية او التي تم ابرامها خلال فترة الريبة المنصوص عليها في المادة 712 من مدونة التجارة و التي تشمل 24 شهرا قبل فتح المسطرة، و كذا العقود التي ابرمت بدون مقابل طبقا للمادة 714 من مدونة التجارة، و يتنصب السنديك طرفا اصيلا في المنازعة الجنحية و المدنية و التجارية حماية لمصلحة الدائنين و المدين.
دور السنديك بخصوص ديون الاجراء :
يقوم السنديك بدور هام بخصوص تنفيذ الاحكام الاجتماعية لفائدة الاجراء سيما ان الاجير يتضرر بشكل كبير خصوصا ان المشرع جعل امتياز استيفاء دينه يرتبط ببيع المنقولات طبقا للمادة 382 من مدونة الشغل، وكذا تم التنصيص عليه بمقتضى الفصل 1248 من قانون الالتزامات العقود، كما يعد السنديك قائمة الاجراء و ديونهم المصرح بها من قبل رئيس المقاولة و بمساعدة مندوب الاجراء داخل اجل ستة اشهر طبقا للمادة 728 من مدونة التجارة، و ان هذه القائمة يتم ايداعها بعد التأشير عليها من طرف القاضي المنتدب و نشرها بالجريدة الرسمية و هي تحتفظ بالحد الأدنى لحقوق الاجير خصوصا من فاتته فرصة استصدار حكم اجتماعي لأي سبب من الأسباب.
بعد توصل السنديك بالأحكام الاجتماعية يتقدم في غالب الامر بطلب لأداء مسبق من دين ا العمال طبقا للمادة 662 من مدونة التجارة وكذلك بتوزيع نسبة من الدين حسب الرصيد المتوفر بحساب القضائية الأحوال .
ترتيب الدائنين وتوزيع منتوج .
يقوم السنديك بإعداد وتقديم مشروع التوزيع تراعى فيه نهائية أوامر تحقيق الديون واحترام الشروط الشكلية والموضوعية للبيع بالمزاد العلني واستدعاء رئيس المقاولة وقيمة أصول المقاولة بالنظر لخصومها.
حيث يعمد السنديك في مشروعه إلى تصنيف الدائنين وطبيعة الأصول التي تم بيعها، وبناء عليه يتم توزيع المنتوج بعد خصم مصاريف المسطرة التي تتعلق أساسا بأتعاب الخبراء والسنادكة وواجبات الحراسة وغيرها من المصاريف.
فور تحديد قيمة المنتوج وتحديد الرصيد القابل للتوزيع يقوم السنديك بالتوزيع مع احترام القواعد العامة للامتياز طبقا لمقتضيات المنصوص عليها سواء في مدونة تحصيل الديون العمومية والقانون الخاص بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو قانون الالتزامات والعقود أو مدونة التجارة ، مع مراعاة الأولوية الممنوحة للدائن المرتهن ، وكذا الاجراء بمقتضى المادة 382 من مدونة الشغل وغيرها وفور مصادقة القاضي المنتدب على ترتيب الدائنين والتوزيع طبقا للمادة 668 من مدونة التجارة يتم نشره بالجريدة الرسمية وانتظار نهائيته بعد سريان أجل خمسة عشرة يوما من تاريخ النشر ليتم توقيع أوراق المصروف وأداء الديون حسب الأولوية والامتياز .
دور السنديك في تمديد التصفية القضائية.
يتم تمديد التصفية القضائية للمسير أو الشركة أو عدة شركات بناء على الموجبات التي حددتها مدونة التجارة في مادتها 740 ، حيث ان موجبات التمديد وردت على سبيل الحصر وذلك حتى لا يساء استعمالها او التعسف في المطالبة بتمديد المسطرة إذ من الممكن اثارة تمديد المسطرة وفق صيغتين الأولى عن طريق خبرة حسابية أمام القاضي المنتدب يتنج عنها تدقيق حسابات الشركة وتحديد الأسباب التي قادت الشركة للتصفية القضائية أو عن طريق مخالفات تم رصدها من طرف السنديك تقدم على اثرها بطلب للغرفة قصد الاستماع الى رئيس المقاولة حيث تعمد غرفة المشورة الى الاستماع إلى رئيس المقاولة ومواجهته بالمخالفات المتوصل بها سواء من طرف السنديك او الدائنين او النيابة العامة أو الخبير المعين لهذه الغاية وتجدر الإشارة الى انه في حالات عديدة يقضى بتمديد المسطرة للمسير أو المسيرين او تمديدها لشركة أخرى لاختلاط الذمم والتصريح بسقوط الاهلية التجارية باعتبارها عقوبة تبعية لتمديد المسطرة .
صفوري سارة
طالبة باحثة في صف الدكتوراه
بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات





