في الواجهةمقالات قانونية

دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي – خالد الدك دكتور في القانون الخاص

دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي

خالد الدك دكتور في القانون الخاص

مقدمة

يعتبر حق الملكية العقارية من الحقوق الطبيعية للأفراد وقد نصت عل احترامه معظم القوانين والدساتيروالمواثيق الدولية، وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10/12/1948 على أن لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا، كما ينص الفصل 35 من الدستور المغربي لسنة 2011 على أن القانون يضمن حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون.

وإذا أرادت الإدارة إقامة مشروع يهدف إلى تحقيق المنفعة العامة، فينبغي عليها طلب نزع الملكية من أجل المنفعة العامة في إطار القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت[1]، الذي يعتبر ضمانة لحماية حق الملكية العقارية بسبب ما قرره في فصله الأول من أن نزع ملكية العقارات لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة، ولا يمكن إجراؤه إلا طبقا للكيفيات المقررة في هذا القانون.

وقد أكد على ذلك الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية للبرلمان بتاريخ 14 أكتوبر 2016 أن نزع الملكية يجب أن يتم لضرورة المصلحة العامة القصوى، وأن يتم التعويض طبقا للأسعار المعمول بها في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط مساطر الحصول عليه. ولا ينبغي أن يتم تغيير وضعية الأرض التي تم نزعها، وتحويلها لأغراض تجارية، أو تفويتها من أجل المضاربة العقارية.

إن نزع الملكية يقتضي إحاطته بمجموعة من الضمانات والقيود تحد من لجوء الإدارة إليه إلا في حدود الشرعية التي تقتضي سلوكها لمجموعة من الإجراءات الإدارية والمساطر القضائية من خلال منح القضاء الاختصاص في الإذن بالحيازة والحكم بنقل الملكية وتحديد التعويض النهائي المقابل لنزع الملكية وتمكينه من بسط رقابته على مدى احترام الإدارة نازعة الملكية للمقتضيات المطلوب منها سلوكها وتطبيقها للوصول إلى نزع الملكية لفائدتها.

إن استيلاء الإدارة على عقار مملوك للغير خارج مقتضيات قانون نزع الملكية يعتبر من قبيل الاعتداء المادي لخرقه مبدأ حق الملكية العقارية، ويتحقق هذا الاعتداء في حالة عدم قيام الإدارة بالإجراءات الإدارية والقضائية الواجبة بمقتضى قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، كما يندرج ضمن الاعتداء المادي لجوء الإدارة إلى حيازة عقار مملوك للغير بدون سند قانوني، من أجل إنجاز مشاريع تنموية أو اقتصادية أو اجتماعية.

فإذا كان من حق الإدارة تنفيذ قرارها بإجراءاتها المنفردة في إطار ما تتمتع به من سلطة التنفيذ المباشر، فإنه يتعين عليها في المقابل أن تقوم بذلك في إطار المشروعية، وبدون الخروج عن الحدود التي يسمح بها القانون، وإلا اعتبر عملها اعتداء ماديا تتحمل فيه مسؤولية الضرر الناجم عنه، فالإدارة عندما تخالف المشروعية وتتملص من تطبيق القانون ومن سلوك المسطرة التي حددها القانون، تكون بذلك قد أساءت لمبدأ الشرعية وسيادة القانون.

إن قيام بعض الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بوضع يدها على بعض العقارات لإنجاز مشاريعها التنموية وتشييد المرافق العمومية دون سلوك المسطرة القانونية المنصوص عليها في قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، تحت ذريعة حالة الاستعجال وطول الإجراءات التي تتطلبها مسطرة نزع الملكية بشقيها الإداري والقضائي، يجعلها في وضعية المعتدي ماديا على ملك الغير.

إن عدم سلوك الإدارة لمسطرة نزع الملكية يتسبب في تصاعد حجم الأحكام القضائية المتعلقة بالتعويضات المحكوم بها ضد الإدارة، وفي ارتفاع مبالغ تلك التعويضات، مما يؤدي إلى عدم قدرة الدولة على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها.

فكيف استطاع القضاء الإداري حماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي الإداري؟ وما هي الحلول الكفيلة بحماية الملكية العقارية من هذا الاعتداء؟

هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين، نخصص المبحث الأول لمظاهر ضعف وقوة الحماية القضائية للملكية العقارية من الاعتداء المادي للإدارة، بينما نتطرق في المبحث الثاني إلى الحلول الكفيلة بحماية الملكية العقارية من هذا الاعتداء.

المبحث الأول: مظاهر ضعف وقوة الحماية القضائية للملكية العقارية من الاعتداء المادي الإداري

سنتناول من خلال هذا المبحث مظاهر ضعف الحماية القضائية للملكية العقارية من الاعتداء المادي (المطلب الأول)، ثم بعد ذلك نتطرق إلى مظاهر قوة الحماية القضائية للملكية العقارية من هذا الاعتداء (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مظاهر ضعف الحماية القضائية للملكية العقارية

يتجلى ضعف الحماية القضائية للملكية العقارية في تكريس واقعة الاعتداء المادي من خلال الحكم بنقل الملكية العقارية للإدارة وتعويض المعتدى على ملكيته،  واعتبار واقعة الاعتداء المادي على الملكية العقارية بمثابة نزع الملكية غير المباشر (الفقرة الأولى) والحكم بعدم طرد الإدارة من الملكية العقارية المعتدى عليها نظرا لقيام المنشأة العامة على الأرض المعتدى عليها ولتحقق انتفاع العموم بخدماتها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تكريس واقعة الاعتداء المادي  من خلال الحكم بنقل الملكية العقارية وتعويض المعتدى على ملكيته

سنتدارس من خلال هذه الفقرة كيف كرس القضاء واقعة الاعتداء المادي من خلال الحكم بالتعويض عن الرقبة رغم  الاعتداء المادي على الملكية العقارية (أولا)، والحكم  بالتعويض عن الاستغلال  على أساس معايير تعجيزية (ثانيا).

أولا: الحكم  بالتعويض عن الرقبة رغم  الاعتداء المادي على الملكية العقارية

اعتمد القضاء على مجموعة من المبادىء التي تكرس الاعتداء المادي على الملكية العقارية من قبل الإدارة، منها اعتبار واقعة الاعتداء المادي على الملكية العقارية بمثابة نزع الملكية غير المباشر وأحقية المعتدى على ملكيته من الاستفادة من التعويض عن الرقبة، وأن الحكم بنقل ملكية العقار للإدارة المعتدية على الملكية أساسه حدوث إثراء بلا سبب من خلال حصول المالك على تعويض مادي دون فقده ملكية عقاره، وأن تعويض المعتدى على ملكيته ماديا يتم رغم عدم سلوك الإدارة للإجراءات القانونية لنزع الملكية، كما أن أساس الحكم بالتعويض لصالح المعتدى على ملكيته أساسه تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات.

1-اعتبار واقعة الاعتداء المادي على الملكية العقارية بمثابة نزع الملكية غير المباشر

 

يلاحظ أن الإدارة تعتدي ماديا على الملكية العقارية الخاصة وتستفيد من خطئها الجسيم فتتملك ما اعتدت عليه مقابل تعويض كامل لفائدة المعتدى على ملكيته ماديا، وهو المبدأ الذي أقرته المحكمة الإدارية بأكادير التي اعتبرت أن الطرف المدعى عليه لا ينازع في إقامة مؤسسة تعليمية فوق عقار المدعية دون سلوك المسطرة القانونية، مما تكون معه واقعة الاحتلال ثابتة وتشكل بذلك اعتداء ماديا على أرض الغير، وإن ملكية العقار موضوع النزاع قد انتقلت إلى الدولة المغربية عن طريق ما اصطلح القضاء على تسميته بنزع الملكية غير المباشر ويكون من حق المدعية الاستفادة من التعويض الكامل[2].

كما أن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء لم يثبت لها تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق حتى يتسنى تحديد مدة الاحتلال المبررة للتعويض عن الحرمان من الاستغلال ويبقى للمدعي فقط حق التعويض عن الفقد الجبري للأرض[3].

وبذلك يكون القضاء المغربي قد ساهم في إفراغ القانون المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة من محتواه، وساهم في ضرب مبدأ المشروعية[4].

ونرى أنه كان على المحكمة الإدارية بأكادير أن تلزم الإدارة المعتدية على الملكية العقارية بتطبيق المسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، على اعتبار أن أحكام الدستور تقضي بأن حق الملكية مضمون وأن القانون وحده هو الذي يحد من مداه، وأن الإدارة حينما تقوم بالاستيلاء على ملك الغير خارج الإطار القانوني المشروع، فإنه لا يمكن للقضاء أن يضفي المشروعية على هذا الاعتداء المادي، وأن يحكم بنقل ملكية العقار المستولى عليه لفائدة الإدارة، على أساس نظرية نزع الملكية غير المباشر.

2- الحكم بنقل ملكية العقار لحدوث إثراء بلا سبب بحصول المالك على تعويض مادي دون فقده ملكية العقار

تعتبر نظرية الإثراء بلا سبب من صور المسؤولية شبه العقدية[5]، وقد اعتبر القانون الروماني أن كل من أثري على حساب الغير دون سبب قانوني يلتزم بأن يرد لهذا الغير قدر ما أثري به في حدود ما لحق بالغير من خسارة[6]، وقد نص على هذه النظرية المشرع المغربي في الفصلين 66 و67 من قانون الالتزامات والعقود، حيث ينص الفصل 66 منه على أنه من تسلم أو حاز شيئا أو أي قيمة أخرى مما هو مملوك للغير بدون سبب يبرر هذا الإثراء التزم برده لمن أثرى على حسابه، كما ينص الفصل 67 منه على أنه من استخلص بحسن نية نفعا من شغل الغير أو شيئه بدون سبب يبرر هذا النفع، التزم بتعويض من أثرى على حسابه، في حدود ما أثرى به من فعله أو شيئه[7].

وقد اعتبر القضاء أن الحكم بالتعويض عن فقدان ملكية العقار المعتدى عليه ماديا من قبل الإدارة، ينبغي أن يقابله الحكم بنقل ملكيته لهذه الأخيرة، على اعتبار أن الحكم بالتعويض لفائدة المعتدى على ملكيته مع احتفاظه بملكية عقاره، يشكل افتقارا للإدارة يقابله إثراء مباشر للمعتدى على ملكيته.

وفي هذا الإطار درجت محكمة النقض على إلزام المحاكم بأن تحكم بنقل الملكية العقارية لصالح الإدارة المعتدية ماديا عليها مقابل الحكم بمبلغ التعويض لفائدة المعتدى على ملكيته، حيث جاء في قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض أنه صح ما يعيبه الطاعنون على القرار المطعون فيه، ذلك أن المحكمة قضت بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعنة، ومع ذلك رفضت الحكم بنقل ملكيته لهذه الأخيرة، خلافا لأحكام الإثراء بلا سبب، المتمثلة في نازلة الحال في إثراء المطلوبة عندما قضي لها بالتعويض المذكور مع احتفاظها بملكية نفس العقار مما يشكل افتقارا مباشرا يقابله إثراء مباشر وتقوم بينهما علاقة سببية مباشرة تتمثل في واقعة واحدة هي السبب المباشر لكل منهما، وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم تنتقل ملكيته إلى من حكم عليه بدفعه وهو الطالبة المفتقرة، فكان بذلك القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه الأخيرة والحال ما ذكر فاسد التعليل ومعرضا للنقض[8].

ونرى أنه كان على محكمة النقض أن تعمل على توجيه المحاكم الإدارية لإصدار أحكام قضائية تلزم الإدارة المعتدية على الملكية العقارية بتطبيق المسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، وذلك للحد من ظاهرة استيلاء الإدارة على ملك الغير خارج الإطار القانوني، وتجنيب المحاكم الإدارية إضفاء المشروعية على هذا الاعتداء المادي من خلال الحكم بنقل ملكية العقار لهذه الأخيرة وفقا لأحكام الإثراء بلا سبب.

3- تعويض المعتدى على ملكيته ماديا رغم  عدم سلوك الإدارة للإجراءات القانونية لنزع الملكية

يلاحظ أن المحكمة الإدارية بفاس حكمت بالتعويض لفائدة المدعية رغم أن الإدارة لم تسلك الإجراءات القانونية لنزع الملكية ، حيث اعتبرت أن غصب عقار المدعية قد ترتب عنه ضرر حال ومحقق ودائم بالمدعية التي حرمت من عقارها ومن حق ملكيتها له ومن التصرف فيه بمختلف أنواع التصرفات القانونية واستغلاله فيما أعد له، وهو ما فوت عليها كسبا حقيقيا يتمثل في قيمة العقار ومردوديته الشيء الذي تكون معه المدعية محقة في طلب التعويض ما دام التعويض هو الوسيلة الوحيدة لجبرها[9].

4- أداء التعويض لصالح المعتدى على ملكيته لتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات

اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن تعويض المالك عن فقدانه رقبة عقاره يقتضي بالضرورة خروج ملكية هذه الرقبة عن ملكه ونقلها إلى جهة الإدارة الملزمة بأداء التعويض المذكور تطبيقا لمبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية للمراكز القانونية للطرفين المنبثقة عن الوضعية التي ترتبت عن وضع اليد على العقار واستعماله كمنشأة عامة مملوكة بقوة القانون للدولة (الملك العام)، والمحكمة لما قضت برفض طلب نقل ملكية العقار محل النزاع لفائدة الإدارة المعنية مقابل التعويض المحكوم به للمطلوبين في النقض لم تجعل لما قضت به من أساس في هذا الشأن وعرضت قرارها للنقض جزئيا[10].

ونرى أنه كان على محكمة النقض أن تعمل على ابتكار اجتهاد قضائي تلزم من خلاله الإدارة المعتدية على الملكية العقارية بتطبيق المسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، بدلا من إلزام المحاكم الإدارية بإصدار أحكام بنقل ملكية العقار إلى الإدارة مع إلزامها بأداء تعويض للمالك جراء فقدانه رقبة عقاره، وذلك طبقا لمبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات.

ثانيا : ربط الحكم  بالتعويض عن الاستغلال  على أساس معايير تعجيزية

اعتمد القضاء الإداري في الحكم بالتعويض عن استغلال الملكية العقارية المعتدى عليها على مجموعة من المعايير التعجيزية منها ربط التعويض على أساس الحرمان من الاستغلال وفوات الكسب والحرمان من النفع، وأن التعويض عن الاستغلال مرتبط بتجاوز أكثر من سنة بين تاريخ وضع اليد على العقار وتاريخ إنشاء المرفق العام، والحكم بالتعويض عن الاستغلال مرتبط بإثبات نوعية وطبيعة الاستغلال، والحكم بالتعويض عن الاستغلال مرتبط بتحديد تاريخ وضع اليد على العقار وتاريخ إنشاء المرفق.

1- ربط الحكم بالتعويض على أساس الحرمان من الاستغلال وفوات الكسب والحرمان من النفع

عمل القضاء على تكريس قاعدة مفادها وجوب استفادة المنزوعة ملكيته جبرا من تعويض عن حرمانه من الانتفاع بأرضه المعتدى عليها من قبل الإدارة، حيث اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن التعويض المحكوم به على أساس الحرمان من الاستغلال، هو تعويض على ما فات المستأنف عليهم من كسب وما حرموا منه من نفع في حالة ما إذا بقي العقار في حوزتهم[11]، كما أن القضاء فيما يخص الحكم بالتعويض عن الاستغلال يربطه بفوات الكسب خلال فترة زمنية تمتد ابتداء من وقوع احتلال الملك من قبل الإدارة إلى غاية تاريخ إنشاء المرفق العام، حيث اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أنه لئن كان يحق للمالك بأن يطلب تعويضا عن حرمانه من استغلال ملكه المعتدى عليه اعتداء ماديا وإزالة هذا الاعتداء، فإن ذلك مقيد بعدم إتمام مرفق عمومي عليه، حيث لا يمكن حينئذ إلا المطالبة بالتعويض عن رقبة ما انتزع منه بصفة غير مباشرة حماية للمال العام مع تعويض عن الحرمان من استغلال عقاره منذ الاعتداء المادي إلى إتمام إحداث المرفق العام عليه[12].

2- الحكم بالتعويض عن الاستغلال مرتبط بتجاوز أكثر من سنة بين تاريخ وضع اليد على العقار وتاريخ إنشاء المرفق العام

 

كرس القضاء قاعدة مفادها أن الحكم بالتعويض عن الاستغلال مرتبط بتجاوز أكثر من سنة بين تاريخ وضع الإدارة يدها على العقار المعتدى عليه وتاريخ إنشاء المرفق العام على العقار المذكور، حيث اعتبرت محكمة النقض أنه من خلال الخبرة المأمور بها أن تاريخ الاحتلال يرجع إلى سنة 1974 وأن البناء قد تم الشروع فيه خلال السنة الموالية أي سنة 1975، وأن المحكمة الإدارية عندما قضت للمستأنفين بالتعويض عن فقد الرقبة دون التعويض عن الحرمان من الاستغلال يكون قضاؤها مؤسسا ما دامت عملية البناء قد تم الشروع فيها مباشرة عقب الاحتلال، وأن المطالبة بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال لا يكون لها محل إلا إذا كانت الفترة الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق العام قد تجاوزت سنة[13].

3-الحكم بالتعويض عن الاستغلال مرتبط بإثبات نوعية وطبيعة الاستغلال

فيما يخص الحكم بالتعويض عن الاستغلال كرس القضاء قاعدة أخرى مفادها وجوب إثبات نوعية وطبيعة الاستغلال الذي حرم منه المعني بالأمر، حيث جاء في قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض مفاده أن الاجتهاد القضائي للغرفة الإدارية بمحكمة النقض ومن خلال عدد من القرارات الصادرة عنها من ضمنها القرار عدد 886 الصادر بتاريخ 22/12/2004 في الملف الإداري عدد 3047/4/3/2005، أصبح متواترا على أنه يشترط للمطالبة بأي تعويض عن هذا الحرمان بالإضافة إلى بيان الفترة التي تحقق فيها، إثبات نوعية وطبيعة الاستغلال الذي حرم منه المعني بالأمر، وبالتالي وفي ظل عدم بيان المستأنفة لهذه الفترة والتي تمتد من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ إحداث المنشأة، فضلا عن عدم إثباتها لنوعية الاستغلال الذي كان مخصصا له عقارها بموجب وثائق التعمير التي كانت سارية المفعول والذي حرمت منه فعلا، فإن ذلك يعني أن طلبها الرامي إلى التعويض عن هذا الحرمان يبقى غير مؤسس قانونا[14].

4-الحكم بالتعويض عن الاستغلال مرتبط بتحديد تاريخ وضع اليد على العقار وتاريخ إنشاء المرفق

يعتبر القضاء أن إثبات المالك لتاريخ وضع اليد على عقاره أساسي لتبرير الحكم له بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال، فقد جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 11 فبراير 2010 أنه لم يثبت لها تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق حتى يتسنى تحديد مدة الاحتلال المبررة للتعويض عن الحرمان من الاستغلال ويبقى للمدعي فقط حق التعويض عن الفقد الجبري للأرض[15]، كما اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط أنه فيما يخص طلب التعويض عن الحرمان من الاستغلال فإن هذا النوع من التعويض يقتضي تحديد تاريخ وضع الإدارة يدها على العقار وتاريخ انتهاء الأشغال وافتتاح المرفق أو المنشأة العمومية وتقديم خدماتها للجمهور وكذا نوع الاستغلال الذي تم حرمان المدعي منه[16].

في حين اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس في حكمها الصادر بتاريخ 14 دجنبر 2005 أن الطرف المدعى عليه وبالرغم من منازعته في تاريخ إحداث هذه المنشأة والذي كان من بين الوسائل التي ركز عليها استئنافه، فقد تخلف عن الإدلاء بما يفيد تاريخ إحداث هذه المنشأة رغم سبق تكليفه بذلك من طرف السيد القاضي المقرر وإنذاره، وحيث إنه لذلك وفي غياب ما يفيد تاريخ هذه المنشأة وبداية اشتغالها فإن ذلك يعطي للطرف المدعي الحق في الحصول على التعويض عن الحرمان من الاستغلال برسم الفترة من سنة 2000 إلى 12 يناير 2002 كاملة[17].

ومجمل القول يلاحظ أن محكمة الاستئناف بباريس اعتبرت أنه إذا حالت واقعة الاعتداء المادي فعلا بين المالك وانتفاعه بأرضه واستعمالها فيما أعدت له، فإن من حقه التعويض بصفة تلقائية، وأن الشركاء على الشياع ليسوا ملزمين بإثبات ما ضاع لهم من مداخيل، كما أن فعل الحرمان من الملك المشاع يرتب لهم التعويض بقوة القانون[18].

الفقرة الثانية: عدم الحكم بطرد الإدارة من الملكية العقارية المعتدى عليها

من المبادئ المجمع عليها فقها وقضاء أن المنشأة العامة متى أحدثت فعلا دون تدخل من المالك للعقار لحماية عقاره قبل إحداثها، فإنه لا يجوز إزالتها مطلقا، لأنها تصبح ملكا عاما ولا يؤثر فيها ما يمكن أن ينسب للإدارة من غصب واعتداء على العقار المقامة عليه.

في هذا الإطار اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس أن الاستجابة لطلب رفع اليد رهين بعدم قيام المنشأة العامة وتحقق انتفاع العموم بخدماتها، أما وقد ثبت وجود مرفق عام بالعقار المطلوب رفع اليد عنه، فإن رفع اليد هذا يستتبع لا محالة إزالة تواجد الإدارة به، والمتمثل في المرفق المحدث به، وهو ما لا يستقيم ومبدأ عدم إمكانية إزالة أو هدم المنشأة العامة المنجزة فعلا ومما يتعذر تنفيذه، ومعلوم أن الغاية من إصدار الأحكام هو إمكانية تنفيذها، وما دام أن تنفيذ الحكم برفع اليد عن عقار يحتوي على منشأة عامة متمثلة في مرفق يؤدي خدماته يعتبر مستحيلا بالضرورة، فإن طلب رفع اليد يكون غير مؤسس وحليف الرفض[19].

كما اعتبرت الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى أن الاستجابة للطالبة لطلبها القاضي بطرد الدولة من أرض النزاع من شأنه تعطيل مرفق عمومي يسهر على تحقيق منفعة عامة تتمثل في تعليم أبناء الشعب، حيث تبين لها من خلال تصريحات المدعي المطلوب ضده النقض في مقاله الافتتاحي للدعوى أن القطعة الأرضية المملوكة له بمقتضى الصك العقاري رقم 3928/س قد شيدت عليها الإدارة مدرسة لتعليم الأطفال، فأضحت بذلك مرفقا عموميا يهدف إلى تحقيق منفعة عامة، ومن شأن الاستجابة لطلب المالك الرامي إلى طرد الدولة المغربية منها، أن يعرقل عمل الإدارة العمومية للدولة، وهو ما يمنع على محاكم المملكة النظر فيه ولو بصفة تبعية بمقتضى الفصل 25 من ق. م. م، وبذلك فإن القرار المطعون فيه بتأييده للأمر الاستعجالي القاضي بطرد الدولة المغربية من أرض النزاع من شخصها وأمتعتها ومن يقوم مقامها، والذي يستلزم حتما تعطيل مرفق عمومي، هو من صميم عمل الإدارة العمومية، يكون قد خرق مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية، مما يعرضه للنقض[20].

ونحن نرى أن ما قصده المشرع من مضمون الفقرة الأولى من الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية من أن عمل الإدارات العمومية الذي لا يجوز للمحاكم تعطيله هو العمل المؤسس على المشروعية، والمرتكز على تصرف الإدارة في العقار المنزوعة ملكيته في إطار القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، والتي لا يمكن للقضاء القيام بعرقلتها تحقيقا للصالح العام، أما إذا قامت الإدارة بالاعتداء المادي على ملك الغير بدون سند قانوني، فإنه لا يمكن الحد من صلاحية القضاء من أجل وضع حد لهذا العمل غير المشروع.

المطلب الثاني: الدور الريادي للقضاء في حماية الملكية العقارية في مواجهة الإدارة

يتجلى الدور الريادي للقضاء في حماية الملكية العقارية في مواجهة الإدارة من خلال اعتبار أن نقل ملكية العقار ينبغي أن يتم في إطار القانون المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة (الفقرة الأولى)، كما أن دعوى التعويض عن الاعتداء المادي تسري عليها القواعد العامة المتعلقة بمسؤولية الدولة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:  نقل ملكية العقار ينبغي أن يتم في إطار القانون المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة

سنتناول من خلال هذه الفقرة كيف استطاع القضاء حماية الملكية العقارية من خلال عدم الحكم بسقوط دعوى التعويض عن الاعتداء المادي بالتقادم (أولا)، ومن خلال الحكم بالتعويض العيني (ثانيا).

أولا: عدم سقوط دعوى التعويض عن  الاعتداء المادي بالتقادم

إن سقوط الحق في التعويض عن الأضرار الناتجة عن الاعتداء المادي بالتقادم طبقا لمقتضيات المادة 106 من قانون الالتزامات والعقود لا يكون له محل طالما أن الاعتداء المادي قائم بسبب تواجد الإدارة الدائم على العقار المعتدى عليه، ذلك أن دعوى التعويض تقوم على أساس الحرمان الدائم من العقار المعتدى عليه وليس على أساس الحرمان من الاستغلال الذي قد يكون خاضعا لاحتساب أمد التقادم الخمسي[21]، وهو ما أقرته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض التي اعتبرت أن المستأنف ركز في استئنافه على أن التعويض المحكوم به قد طاله التقادم لأن عملية الاحتلال كما يقر بذلك المدعي ترجع إلى سنة 1984، لكن حيث أن الأمر يتعلق باعتداء مادي ظل قائما طيلة سنوات، ومن المعلوم أن عملا غير مشروع من هذا النوع يرتب دائما الحق في التعويض وأن الأمر لا يتعلق بديون في ذمة الدولة للحديث عن التقادم الرباعي أو غيره من أنواع التقادم المتعلق بالديون مما يعني أن دعوى التعويض في مثل هذه الأحوال تظل واردة ولا يمكن التمسك بأي حال من الأحوال بالتقادم المسقط المستدل به مما يتعين اعتبار السبب غير منتج[22].

ثانيا:  الحكم بالتعويض العيني

استقر القضاء على الحكم برفع الاعتداء المادي على العقار كلما ثبت لديه أن الإدارة لم تسلك المسطرة القانونية الواجبة لحيازة العقار، أوعدم استناد الاعتداء المادي على أي مقتضى قانوني أو تنظيمي، أوالحكم بإيقاف أشغال البناء فوق الملكية العقارية المعتدى عليها خصوصا إذا كانت تلك الأشغال لازالت في بدايتها.

وهو ما ذهب إليه قرار المجلس الأعلى بتاريخ 1 يوليوز 1983 الذي قضى بأن: ” احتلال ملك الغير بدون حق ولا سند من طرف الجماعة المحلية وبناءها فيه بناءات تجارية واجتماعية يشكل وضعا غير قانوني تقتضي المصلحة العامة، وكذلك مصلحة المالك جعل حد له في أقرب وقت، الأمر الذي يعطي لدعوة الإفراغ صبغة استعجالية يختص قاضي المستعجلات بالنظر فيها[23].

كما اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن المستأنفة لم تدل بما يفيد سلوك مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة أو مسطرة الاقتناء بالتراضي أو غير ذلك، مما لا يضفي على عملها الشرعية القانونية لذلك تكون أشغال البناء التي تقوم بها فوق أرض المستأنف عليهم خالية من أي سند قانوني ويتوجب الأمر بإيقافها[24].

ويعتبر التعويض العيني أكثر نجاعة من التعويض المالي، لأنه يرتب إرجاع الحالة إلى ماكانت عليه ويساهم في حماية المال العام لأن رد العقار المعتدى عليه إلى مالكه سيوفر للإدارة مبالغ مالية باهضة كانت ستؤدى كتعويض عن الإعتداء المادي[25]، وفي هذا الإطار أصدرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قرارها القاضي بإلغاء حكم ابتدائي لكونه قضى بالتعويض في مواجهة الإدارة، مع أن هذه الأخيرة أبدت استعدادها لإفراغ العقار المدعى فيه[26].

كما اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر سنة 2003 أنه متى طالب المالك بهدم الأشغال التي تمت من الإدارة داخل ملكه وبدون موافقته وجب على محكمة الموضوع أن تستجيب لطلبه لا أن تحكم له بتعويض لم يطلبه[27].

1-الحكم برفع الاعتداء المادي على العقار  لعدم استناده على أي مقتضى قانوني أو تنظيمي

اعتبرت المحكمة الادارية بالرباط أن المطلوب ضدها وزارة التربية الوطنية التي سبق لها أن استفادت من تخصيص هذا العقار لمصلحتها بمقتضى تصميم التهيئة المشار إلى مراجعه أعلاه، والذي انتهى مفعوله منذ 18/01/2010 تاريخ انصرام أجل 10 سنوات المقرر بمقتضى الفصل 28 من قانون التعمير ودون أن تبادر الوزارة المذكورة إلى سلوك المسطرة القانونية لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، فإنه بمجرد حلول التاريخ المذكور تكون قد أضحت في حكم المعتدي ماديا على العقار المملوك للطالبة لعدم استناد إصرارها على الاستمرار في وضع يدها على ذلك العقار إلى أي مقتضى قانوني أو تنظيمي ولمساس هذا التصرف بحق الملكية المضمون بمقتضى الدستور[28].

إلا أن المحكمة الإدارية بفاس اعتبرت أن رفع الاعتداء المادي على العقار مرتبط بعدم قيام المنشأة العامة وتحقق انتفاع العموم بخدماتها، وإن طلب رفع اليد سيتبعه إزالة المرفق العمومي المحدث بالعقار المعتدى عليه وهو ما لا يستقيم ومبدأ عدم إمكانية إزالة أو هدم المنشأة العامة المنجزة فعلا ومما يتعذر تنفيذه، ومعلوم أن الغاية من إصدار الأحكام هو إمكانية تنفيذها، وما دام أن تنفيذ الحكم برفع اليد عن عقار يحتوي على منشأة عامة متمثلة في مرفق يؤدي خدماته يعتبر مستحيلا بالضرورة، فإن طلب رفع اليد يكون غير مؤسس وحليف الرفض[29].

2- الحكم بإيقاف أشغال البناء فوق الملكية العقارية المعتدى عليها

إن القضاء الاستعجالي للمحكمة الإدارية يملك حق الأمر برفع الاعتداء المادي وذلك بطرد الإدارة من العقار المعتدى عليه وبإفراغه وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وتطبق على الطلبات المرفوعة إلى القضاء الاستعجالي الإداري في مجال الاعتداء المادي القواعد العامة التي يخضع لها القضاء الاستعجالي عامة ومنها توفر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، لأن إيقاف الأشغال التي تقوم بها الإدارة يعتبر إجراءا وقتيا يهدف إلى حماية حق الملكية إلى حين صدور حكم نهائي في الموضوع أو حل النزاع بطريقة رضائية.

وقد اعتبرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، أن الخطر المحدق بصاحبة العقار يتمثل في قيام وزارة التربية الوطنية بالبناء فوق العقار المذكور دون سلوك المسطرة القانونية، مما يجعل الإجراء الوقتي المطلوب المتمثل في إيقاف الأشغال يتوفر فيه عنصر الاستعجال، لأن التمادي في البناء قد يزيد من الضرر اللاحق بصاحب الملك، كما أن الإجراء المطلوب لا مساس له بجوهر الحق، فيكون الاختصاص بالتالي منعقدا لقاضي المستعجلات للأمر بإيقاف أشغال البناء الجارية على أرض المستأنف عليها وله ما يبرره واقعا وقانونا، خصوصا وأن الظاهر من وثائق الملف أن الأشغال ما زالت جارية ولم تشرف على نهايتها[30].

3- آثار  الأحكام القضائية الرامية إلى وقف الأشغال على المستوى الاقتصادي والاجتماعي

إن الأحكم القضائية الصادرة بإيقاف أشغال البناء فوق الملكية العقارية المعتدى عليها، سيترتب عليه لا محالة آثارا سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي،  حيث ستؤدي بالإدارة إلى عدم إمكانية تنفيذ إلتزاماتها التعاقدية الناتجة عن تلك الصفقات التي أبرمتها مع الشركات والمقاولات، الشيء الذي سيدفع بالمقاولات المذكورة إلى رفع دعاوی قضائية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة عن عدم تنفيذ العقود المبرمة معها، وهي الدعاوى التي تنتهي بصدور أحكام بالتعويض وفق مبالغ جد مهمة تؤدى من المال العام[31].

ونحن نرى أنه إذا كان المشرع قد سمح للإدارة صاحبة المشروع بفسخ الصفقة بإرادتها المنفردة وفي إطار إعمال سلطتها التقديرية، فإن القضاء الإداري  يكفل الحماية للطرف المتعاقد مع الإدارة، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية بالدار البيضاء التي اعتبرت أنه: “إذا كان الفقه والقضاء قد استقر على أنه للإدارة الحق دائما في إنهاء عقودها حتى ولو لم يرتكب المتعاقد أي إخلال أو خطأ من جانبه، وأن للإدارة سلطتها في إنهاء العقد متى قدرت أن ذلك تقتضيه المصلحة العامة، فإن للطرف الآخر الحق في التعويضات إذا كان لها وجه، فإن ذلك رهين بوجود ظروف تستدعي هذا الإنهاء وأن يكون دافع الإدارة في الالتجاء إليه هو تحقيق المصلحة العامة المقصودة”[32]، كما أقرت نفس المبدأ المحكمة الإدارية بوجدة من خلال حكمها الآتي:” إن فسخ العقد من طرف الإدارة يعطي الحق للمقاولة للمطالبة بقيمة الأشغال المنجزة وإرجاع الضمانة ما دام لم يثبت بشكل قاطع وجود خطأ أو تقصير من طرفها”[33].

ولأجل الحد من المنازعات التي تعيق تنفيذ الصفقات العمومية على العقارات المعتدى عليها ماديا، وللحيلولة دون إهدار المال العام المترتب عن دعاوى قضائية مكلفة للإدارة نقترح تعديل المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية[34]، وذلك بالتنصيص على وجوب التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقار المخصص للمشروع قبل إبرام أي صفقة عمومية بشأنه.

كما نقترح أن تقوم المصالح المختصة بالخزينة العامة للمملكة قبل التأشيرعلى الصفقات العمومية المتعلقة بأشغال البناء وتشييد المرافق العمومية، بالتأكد من تسوية الوضعية القانونية للعقار المتعلق بالمشروع، وبأن الملكية العقارية قد تم نقلها إلى الإدارة إما بالتراضي بين الطرفين أو عن طريق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.

الفقرة الثانية: دعوى التعويض عن الاعتداء المادي تسري عليها القواعد العامة المتعلقة بمسؤولية الدولة

سنتناول من خلال هذه الفقرة كيف استطاع القضاء حماية الملكية العقارية من خلال حرمان الإدارة من استفادتها من قانون نزع الملكية فيما يتعلق بتحديد التعويض عن الاعتداء المادي (أولا)، والحكم بالتعويض عن الاعتداء المادي استنادا على قواعد المسؤولية التقصيرية (ثانيا)، وتقدير التعويض من تاريخ صدور الحكم (ثالثا)، والحكم بالفوائد القانونية عند تأخر الإدارة عن الوفاء بمبلغ التعويض المحكوم به (رابعا).

أولا:  عدم استفادة الإدارة من قانون نزع الملكية فيما يتعلق بتحديد التعويض عن الاعتداء المادي

اعتبرت محكمة النقض بأن قيام الإدارة بإجراءات نزع الملكية اللاحقة على عملية الاعتداء المادي يحول دون استفادتها من قانون نزع الملكية فيما يتعلق بتحديد التعويض عن ذلك الاعتداء، مادام أن المحكمة ثبت لها أن الإجراءات الممهدة لنزع الملكية لم تباشر إلا بعد تاريخ رفع عدوى الاعتداء المادي المتمثل في بناء مدرسة[35].

واعتبرت محكمة النقض أن التعويض عن نقل الملكية تحدده المحكمة وفقا للفصل 20 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، التي تقضي بأن لا يشمل التعويض المذكور إلا الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية، وعلى أن يحدد حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية، وأن المحكمة الإدارية حينما حددت التعويض عن نقل العقار موضوع الدعوى بالاستناد إلى ما تم تحديده بموجب حكم صادر في إطار دعوى التعويض عن الاعتداء المادي التي تسري عليها القواعد العامة المتعلقة بمسؤولية الدولة دون أن تتقيد بالمقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه تكون قد حرفت القواعد الآمرة الواجبة التطبيق في النازلة وعرضت حكمها للإلغاء[36].

وفي هذا الإطار  درج القضاء الإداري على الأخذ بمبدأ التعويض الكامل الذي يحكم به لفائدة المتضررين، وهو التعويض الذي يحدد على أساس القيمة الحقيقية والفعلية للعقار بتاريخ رفع الدعوى، وهو ما يجعل قيمة التعويض الذي تجبر الإدارة على أدائه مرتفعا جدا بالمقارنة مع الثمن الذي كان من الممكن أداؤه لو تم سلوك المسطرة القانونية، بالنظر أولا إلى طول المدة التي غالبا ما تفصل بين تاريخ وضع الإدارة يدها على العقار وتاريخ لجوء المعني بالأمر إلى القضاء، والتي قد تصل أحيانا إلى عشرين سنة أو أكثر، وبالنظر ثانيا إلى الامتيازات التي يخولها قانوني نزع الملكية والتعمير للإدارة والتي تجد نفسها محرومة منها بفعل عدم سلوكها للمسطرة القانونية[37].

ثانيا:  استناد الحكم بالتعويض عن الاعتداء المادي على قواعد المسؤولية التقصيرية

إن ثبوت الاعتداء المادي الممارس من قبل الإدارة على الملكية العقارية يخضعها على مستوى المسؤولية للقانون المدني وبالأخص لمقتضيات الفصل 77 من ق. ل. ع وبالتالي ينبغي استبعاد الفصلين 79 و 80 من نفس القانون والمتعلقين بالمسؤولية الإدارية[38]،    واعتبرت محكمة النقض أن المحكمة المطعون في حكمها كانت على صواب في اعتبار أن عمل الإدارة بالاستيلاء على عقار المطعون ضده، واستملاكها إياه دون تتبع إجراءات نزع الملكية إنما يدخل في نطاق المسؤولية التقصيرية، مما يكون معه المطعون ضده على كامل الحق في تعويضه عن ملكه في إطار القواعد العامة[39].

كما اعتبرت محكمة النقض أن الإدارة حينما تقوم بالاعتداء ماديا على ملك الغير تفتقد أساس المشروعية وتصبح مسؤولة في إطار قواعد المسؤولية المدنية، والتي من نتائجها أن الضرر يقدر بتاريخ الفعل الضار أو إقامة الدعوى بحسب مصلحة المضرور، شريطة إقامة دعوى المطالبة بالتعويض داخل أجل معقول يتم تقديمه أخذا بعين الاعتبار الظروف الملابسة لحدوث فعل الاعتداء المادي، وللأسباب التي حالت دون تقديم المضرور لدعواه بعد حصول الفعل الضار[40].

كما أن المحكمة الإدارية بالرباط سارت على نفس التوجه حيث اعتبرت أنه طبقا للفصل 79 من ق. ل. ع فإن الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناجمة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، ومن تم فإن الأضرار التي تلحق بالغير، والتي يكون مصدرها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، تكون موجبة لمساءلة الجهة الإدارية بالتعويض متى توافرت عناصر الخطأ والضرر والعلاقة السببية، وحيث إن الخطأ الموجب للمسؤولية حسب مضمون الفصل 78 من ق. ل. ع هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه، ومؤدى ذلك أن مساءلة الجهة الإدارية بالتعويض تتحقق كلما ثبت تقصيرها في أداء الوظيفة المنوطة بها على الوجه المطلوب، أو كلما تسببت بفعلها الإيجابي بإلحاق الضرر بالغير[41].

وهذا ما أقرته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى التي اعتبرت أن الفصلين 79 و 80 من ق. ل. ع الذين تمسك بهما المستأنف لتأكيد اختصاص المحاكم العادية للبت في النزاع الحالي المتعلق برفع الاعتداء المادي لا مجال لهما في النازلة الحالية إذ أن الفصل 79 المذكور يتعلق بترتيب مسؤولية الدولة والبلديات عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها بينما الفصل 80 المذكور يتعلق بالمسؤولية الشخصية لمستخدمي الدولة والبلديات[42].

ثالثا: تقدير التعويض من تاريخ صدور الحكم

إن الهدف من التعويض هو جبر الضرر كله بحيث يلتزم المسؤول بتحمل نتائج فعله الخاطئ، إن تقدير التعويض من قبل القاضي يكون وقت حكمه بالتعويض لطالبه حكما نهائيا، والعلة في ذلك أن مقدار التعويض وقت إصدار الحكم قد يزيد عن تقديره وقت حدوث الضرر.

ويرى بعض الفقه أن تاريخ تحقق الضرر هو المعتبر في تحديد التعويض عنه وليس تاريخ صدور الحكم، لأن الحكم ليس له سوى طابع تصريحي، فهو لا ينشئ أي حق وإنما يعترف بحق له وجود سابق[43]، في حين يرى البعض الآخر أن تقدير التعويض وفقا لقيمة الضرر ينبغي أن يتم من تاريخ صدور الحكم وذلك تفاديا لتأثير تغير الظروف الاقتصادية التي قد تحدث ما بين وقوع الضرر وتاريخ صدور الحكم[44].

رابعا: الحكم بالفوائد القانونية عن تأخر الإدارة بالوفاء بمبلغ التعويض المحكوم به

دأب الاجتهاد القضائي على الحكم بالفوائد القانونية في دعاوى المسؤولية التقصيرية والتي تندرج تحتها أعمال الاعتداء المادي، والفوائد القانونية هي عبارة عن تعويض قانوني عن تأخر المدين في الوفاء بمبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب[45]، وتصبح هذه الفوائد مستحقة ابتداء من تاريخ الحكم النهائي بالتعويض، وهو ما أكدته الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى التي اعتبرت أنه إذا كانت الأحكام مقررة للحق وغير منشئة له، فإن ذلك يتعلق بما ينشأ عن تلك الحقوق من التزام، وهو في هذه النازلة حق الطالب في مبدأ التعويض، أما مبلغ التعويض وما يترتب عنه فإن الحكم هو الذي ينشئه، ولذلك فالفوائد القانونية وهي فوائد تأخيرية، لا يسري أثرها إلا من يوم وجود المدين في حالة امتناع، أي بعد صدور الحكم النهائي الملزم له بالأداء، لا من تاريخ الطلب[46].

كما أكدت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء أن الفوائد القانونية تعتبر مكملا عادلا للتعويض يحول دون الإضرار بالمحكوم عند حصول تأخير في التنفيذ، وليس في القانون ما يمنع تقديم طلب الفوائد بصورة مستقلة عن الطلب الأصلي الرامي إلى التعويض لكن دون احتسابها من تاريخ رفع الدعوى الأصلية الرامية إلى التعويض عن الاعتداء المادي، لأن التعويض لم يكن معلوم المقدار في ذلك التاريخ، وأنه تأسيسا على ذلك يتعين الحكم بجعل التعويض المحكوم به مشمولا بالفوائد القانونية ابتداء من تاريخ تبليغ هذا الحكم[47].

وفي هذا الإطار ورغم مظاهر القوة الحمائية التي أبان عنها القضاء الإداري للحد من اعتداء الإدارة على الملكية العقارية، فإننا نرى وجوب البحث عن حلول أخرى كفيلة بحماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي ، وهذا ما سنناقشه من خلال المبحث الثاني من هذه الدراسة.

المبحث الثاني: الحلول الكفيلة بحماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي

سنتعرض من خلال هذا المبحث للحلول الكفيلة بحماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي من خلال دراسة مسؤولية الموظف العمومي على فعل الاعتداء المادي على الملكية العقارية (المطلب الأول)، والتعرض لدور القضاء في تكريس المشروعية للحد من فعل الاعتداء المادي على الملكية العقارية الخاصة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مسؤولية الموظف العمومي عن فعل الاعتداء المادي على الملكية العقارية

سنتطرق من خلال هذا المطلب إلى المسؤولية الشخصية للموظف العمومي عن فعل الاعتداء المادي على الملكية العقارية (الفقرة الأولى)، والمسؤولية الجنائية للموظف العمومي على فعل الاعتداء المادي المذكور(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: المسؤولية الشخصية للموظف العمومي عن فعل الاعتداء المادي

يعتبر مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم، ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار، إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 80 من ق. ل. ع [48]، وفي هذا الإطار فإن الخطأ الذي ينسب للمصلحة الإدارية يبعد خطأ الموظف ويترتب عن ذلك استبعاد مسؤولية الموظف في حالة الخطأ المرفقي على اعتبار أن هذا الأخير لم يحقق أي مصلحة شخصية له، بل قد يكون مجبرا على تنفيذ تعليمات رؤسائه تحت طائلة العقوبات الإدارية[49].

كما أن موقف القضاء من فكرة الخطأ الشخصي، يقوم على أساس ربط الخطأ الشخصي بالأعمال التدليسية التي يرتكبها الموظف وهو يزاول عمله، أو كون الأخطاء التي تسبب فيها الموظف تعتبر أخطاء جسيمة، فإذا كان خطأ الموظف لا يتضمن أي تدليس أو خطأ جسيم، فإن الخطأ يعتبر مرفقيا بالتالي تتحمل الإدارة مسؤولية هذا الخطأ حيث اعتبرت محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 16 أبريل 1932 أنه بناء على عبارات الفصل 80 من ظهير الالتزامات والعقود فإن أعوان الدولة، لايسألون شخصيا إلا بسبب الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو أخطائهم الجسيمة أثناء ممارستهم لوظائفهم وأن الموظف إذا لم يرتكب أي تدليس أو خطأ جسيم، وإنما مجرد إهمال يكون خطأ مرفقيا يترتب عنه، بناء على الفصل 79 المسؤولية المباشرة للدولة[50].

ونحن نرى أن ارتفاع عدد الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية ضد المؤسسات والمقاولات العمومية بشأن الاعتداء المادي على الملكية سببه ضعف التأطير في الإدارة المغربية، وغياب الكفاءة الإدارية والقانونية والقانونية لدى المُعينين في المناصب العُليا، وهو ما أشار إليه خطاب الملك محمد السادس إثر افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، حيث جاء فيه أن نجاح خطة الإنعاش الاقتصادي، يقتضي تغييرا حقيقيا في العقليات، وفي مستوى أداء المؤسسات العمومية، وأنه ينبغي على الحكومة القيام بمراجعة معايير ومساطر التعيين في المناصب العليا، بما يحفز الكفاءات الوطنية على الانخراط في الوظيفة العمومية وجعلها أكثر جاذبية[51].

الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية للموظف العمومي

يعتبر الاعتداء المادي من التصرفات والإجراءات الإدارية غير المشروعة، ويصبح بالتالي عملا ماديا يتحمل مسؤوليته كل موظف أو مسؤول قام به ما دام لم يثبت سلوكه للمساطر القانونية أو خضوعه لرؤسائه بهذا الخصوص، وإن تجريم فعل الاعتداء المادي الذي يقوم به موظفو ومسؤولو مؤسسات الدولة وترتيب مسؤوليتهم الشخصية عن واقعة الاعتداء المادي، من شأنه تحصين الملكية العقارية وفق ما تنص عليه أحكام الدستور، وتجنيب مالية الدولة حجم التعويضات المحكوم بها، وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن عبر إخضاع المسؤولين للالتزام بالمساطر والإجراءات التي تنص عليها مقتضيات القانون المتعلق بنزع الملكية.

وفي هذا الإطار تقدم فريق العدالة والتنمية، وفريق التجمع الدستوري، والفريق الحركي، والفريق الاشتراكي بمجلس النواب بمقترح قانون يتعلق بتجريم الاعتداء المادي للسلطات العمومية على الممتلكات الخاصة، ويهدف المقترح إلى تجريم فعل الاعتداء المادي الذي يقوم به موظفو ومسؤولو مؤسسات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية وترتيب مسؤوليتهم الشخصية عن واقعة الاعتداء المادي[52].

كما يهدف المقترح المذكور إلى اعتبار كل موظف عمومي أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية، يأمر أو يباشر بنفسه عملا أو تصرفا او إجراء للاعتداء المادي على ممتلكات الخواص، ولم يسلك من أجل ذلك مسطرة نزع الملكية كما هو محدد قانون، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه بشكل صريح، يضيف الفصل المذكور، فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب، وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر الأمر وحده.

في هذا الإطار نرى أن الأمر يتعلق بخطأ مرفقي تتحمل الإدارة مسؤوليته على غرار الأخطاء المرفقية التي تترتب عن مباشرة أنشطتها العادية في إطار ممارسة اختصاصاتها، وهو التوجه الذي سار عليه العمل القضائي بالمملكة والذي يعتبرها مجرد دعوى للتعويض عن المسؤولية الإدارية، وبالتالي فإن القواعد العامة المنظمة للمسؤولية المدنية في ق.ل.ع. تفي بالغاية التي يهدف إليها مقترح القانون.

المطلب الثاني: دور القضاء في تكريس المشروعية للحد من فعل الاعتداء المادي على الملكية العقارية الخاصة

يقتضي مبدأ المشروعية احترام الدولة في جميع تصرفاتها أحكام القانون بمفهومه العام وألا تخرج عن حدوده، وإلا اعتبرت أعمالها غير مشروعة، واحترام الدولة للقانون هو الذي يعطي لأعمالها طابع الشرعية وبالتالي يجعل منها دولة القانون تحترم حقوق وحريات الأفراد، ويتجلى دور القضاء في تكريس المشروعية من خلال اعتماد مجموعة من المعايير للحد من الاعتداء المادي (الفقرة الأولى) واعتماد معايير عادلة للحكم بالتعويض للحد من هذا الاعتداء (الفقرة الثانية) واعتماد آلية الحجز على أموال الدولة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بشأن الاعتداء المادي (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: المعايير القضائية المعتمدة للحد من الاعتداء المادي الإداري

سنناقش من خلال هذه الفقرة المعايير القضائية المعتمدة للحد من الاعتداء المادي الإداري والمتمثلة في أن الحكم بنقل الملكية العقارية المعتدى عليها ينبغي أن يتم وفقا للقانون رقم 7.81 (أولا)، ووجوب تصحيح الإجراءات القانونية من قبل الإدارة لنقل الملكية العقارية لصالحها (ثانيا)، عدم سريان مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية في حالة الاعتداء المادي على الملكية العقارية (ثالثا)، وعدم استفادة الإدارة من المساهمة المجانية على احتلال الأراضي المجاورة للطريق العام (رابعا).

أولا: الحكم بنقل الملكية العقارية المعتدى عليها ينبغي أن يتم وفقا للقانون رقم 7.81

اعتبرت محكمة النقض أن نقل ملكية عقار إلى الإدارة في إطار نزع الملكية الجبري لا يتم إلا في إطار المسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، استنادا إلى أحكام الدستور التي تقضي بأن حق الملكية مضمون، وأن القانون وحده هو الذي يحد من مداه، وأن الإدارة حينما تقوم بالاستيلاء على ملك الغير خارج الإطار القانوني المشروع، فإن عملها هذا يشكل اعتداء ماديا لا يمكن للقضاء أن يكرسه ويضفي المشروعية عليه وذلك بنقل ملكية العقار المستولى عليه إلى الإدارة المسؤولة عن هذا العمل المادي على إثر الحكم بالتعويض عن الرقبة لفائدة المالك إلا إذا تم ذلك وفقا للمسطرة والإجراءات القانونية الجاري بها العمل[53].

كما أن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى لم تخول الإدارة المعتدية على الملكية العقارية الاستفادة من نقل الملكية إليها مقابل تعويض، حيث اعتبرت: ” أن نقل ملكية عقار إلى الإدارة في إطار نزع الملكية الجبري لا يتم إلا في إطار المسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت استنادا إلى أحكام الدستور التي تقضي بأن حق الملكية مضمون وأن القانون وحده هو الذي يحد من مداه وأن الإدارة حينما تقوم بالاستيلاء على ملك الغير خارج الإطار القانوني المشروع فإن عملها هذا يشكل اعتداء ماديا لا يمكن للقضاء أن يكرسه ويضفي المشروعية عليه وذلك من خلال نقل ملكية العقار المستولى عليه إلى الإدارة المسؤولة عن هذا العمل المادي على إثر الحكم بالتعويض عن الرقبة لفائدة المالك…”[54].

كما اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أنه:” وحيث يستنتج مما ذكر أن الحيازة المادية للعقار موضوع النزاع قد انتقلت إلى الإدارة المستأنفة بفعل اعتدائها المادي عليه وأصبحت تملكه فعليا بعد أن أنشأت مرفقا عموميا عليه، إلا أنه لا يمكن الحكم لها بنقل ملكيته إليها مقابل التعويض عن الرقبة المحكوم به لفائدة مالك العقار إلا إذا تم ذلك وفقا للمسطرة والإجراءات القانونية الجاري بها العمل والمشار إليها أعلاه، وأن المحكمة الإدارية حينما لم تلتفت للطلب الاحتياطي المقدم من قبل الإدارة المستأنفة في مذكرتها بعد الخبرة تكون وكأنها سارت في هذا الاتجاه بصفة ضمنية، مما يجعل السبب غير جدير بالاعتبار”[55].

ثانيا: وجوب تصحيح الإجراءات القانونية من قبل الإدارة لنقل الملكية العقارية لصالحها

إذا كان الاعتداء المادي على الملكية العقارية ينشأ عن عدم سلوك الإدارة للمسطرة القانونية، فإنه لا شيء يمنع الإدارة من تصحيح تصرفها المخالف للقانون لكي ينسجم مع قواعد المشروعية[56]، وهو ما سارت عليه الغرفة الإدارية حيث جاء في قرارها: ” لكن حيث إن نقل ملكية عقار إلى الإدارة في إطار نزع الملكية الجبري لا يتم إلا في إطار المسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت استنادا إلى أحكام الدستور التي تقضي بأن حق الملكية مضمون وأن القانون وحده هو الذي يحد من مداه، وأن الإدارة حينما تقوم بالاستيلاء على ملك الغير خارج الإطار القانوني المشروع، فإن عملها هذا يشكل اعتداء ماديا لا يمكن للقضاء أن يكرسه ويضفي المشروعية عليه، وذلك من خلال نقل ملكية العقار المستولى عليه إلى الإدارة المسؤولة عن هذا العمل المادي على إثر الحكم بالتعويض عن الرقبة لفائدة المالك، الذي هو في الأصل تعويض عن فقدانه لعقاره بعد أن خرج من حيازته القانونية وانتقل إلى الإدارة التي أصبحت تملك فقط حيازته المادية والفعلية.. وحيث يستنتج مما ذكر أن الحيازة المادية للعقار موضوع النزاع قد انتقلت إلى الإدارة المستأنفة بفعل اعتدائها المادي عليه وأصبحت تملكه فعليا بعد أن أنشأت مرفقا عموميا عليه، إلا أنه لا يمكن الحكم لها بنقل ملكيته إليها مقابل التعويض عن الرقبة المحكوم به لفائدة مالك العقار إلا إذا تم ذلك وفقا للمسطرة والإجراءات القانونية الجاري بها العمل والمشار إليها أعلاه، وأن المحكمة الإدارية حينما لم تلتفت للطلب الاحتياطي المقدم من قبل الإدارة المستأنفة في مذكرتها بعد الخبرة تكون وكأنها سارت في هذا الاتجاه بصفة ضمنية، مما يجعل السبب غير جدير بالاعتبار”[57].

كما اعتبرت محكمة النقض بأن “احترام الإدارة نازعة الملكية لكل الإجراءات القانونية المتعلقة بمسطرة نزع الملكية يجعل طلبها الرامي إلى نقل ملكية العقار موضوع مقرر التخلي سليما ومرتكزا على أساس ولا يحول الاستجابة له سبق الحكم للمنزوعة ملكيته بالتعويض عن قيمة العقار في إطار دعوى الاعتداء المادي لاختلاف الدعويين من حيث الموضوع والسبب، والمحكمة لما قضت برفض دعوى المستأنفة بنقل الملكية بعلة كون الإدارة احتلت العقار وشيدت عليه مرفقا عموميا قبل سلوك مسطرة نزع الملكية لم تجعل لقضائها من أساس وخرقت المقتضيات القانونية المنصوص عليها في الفصل 18 وما بعده من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت وعرضت حكمها للإلغاء”[58].

ثالثا:  عدم سريان مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية في حالة الاعتداء المادي على الملكية العقارية

تنص الفقرة الأولى من الفصل 25 من ق.م.م على أنه يمنع على المحاكم عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة أن تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل الإدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية الأخرى أو أن تلغي إحدى قراراتها، والسؤال المطروح هل تتقيد المحاكم الإدارية بمقتضيات الفصل 25 المذكور أثناء البت في القضايا المتعلقة بموضوع الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية الخاصة؟

في هذا الإطار اعتبرت المحكمة الإدارية بمكناس في أمر صادر عنها بتاريخ 13 شتنبر 1994 “أن الاحتجاج بالفقرة الأولى من الفصل 25 من ق. م. م لا تعني المحاكم الإدارية في شيء بل هي تهم المحاكم العادية التي لا تطبقها حسب الاجتهاد القضائي إذا كان عمل الإدارة مشروعا”[59]، وفي نفس الاتجاه اعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة ” أن مضمون المادة 25 من ق. م. م يبقى محصورا على المحاكم العادية مادام الفصل 8 من قانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية أوجد مقتضيات مخالفة عندما أسند الاختصاص لهاته المحاكم قصد البت في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية وفي مجموعة من النزاعات الأخرى التي تكون الإدارة طرفا فيها”[60].

كما اعتبرت المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها الصادر بتاريخ فاتح يونيو 1995 ” أن مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لا يمكن سريانها إلا على القرارات الإدارية الصادرة في ظل القانون والمشروعية لا على الأعمال المادية للإدارة التي تفتقر إلى الشرعية وذلك تجسيدا لمبدأ المشروعية الذي يكرس سمو القانون بما يقتضيه من مساواة بين الأشخاص العاديين وأشخاص القانون العام”[61]، وهو ما أقرته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 12 مارس 2007 أنه “إذا كان الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية يمنع على المحاكم عرقلة عمل الإدارة، فإن هذا المنع يخص الأعمال المشروعة التي تقوم بها الإدارة والتي لا يمكن للقضاء القيام بعرقلتها تحقيقا للصالح العام، أما إذا قامت الإدارة بعمل غير مشروع يتمثل في الاعتداء المادي على ملك الغير بدون سند قانوني، فإن الفصل أعلاه لا يمكن أن يحد من صلاحية القضاء من أجل وضع حد لهذا العمل غير المشروع”[62].

وقد كرست محكمة النقض في مجموعة من قراراتها اجتهادا يتعلق بمضمون الفقرة الأولى من الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية، حيث جاء في قرارها الصادر بتاريخ 06 مارس 1995 “أن ما قصده المشرع في الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية بعمل الإدارات العمومية الذي لا يجوز للمحاكم تعطيله هو العمل المؤسس على حد أدنى من المشروعية، وفيما يخص التصرف في العقارات وبالذات أن يكون التصرف الإداري يعتمد إما على سند غير منازع فيه جديا وإما على حق تخوله المسطرة القانونية المحددة لنزع الملكية للمنفعة العامة ولا شيء في ذلك في النازلة”[63].

رابعا:  عدم استفادة الإدارة من المساهمة المجانية على احتلال الأراضي المجاورة للطريق العام

ينص البند الأول من المادة 37 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير[64] على أن الجماعة تقوم بتملك العقارات الواقعة في مساحة الطرق العامة الجماعية، وذلك إما برضى ملاكها وإما بنزع ملكيتها منهم، ويكون مالك كل بقعة أرضية مجاورة للطريق العامة الجماعية المقرر إحداثها ملزما بالمساهمة مجانا في إنجازها إلى غاية مبلغ يساوي قيمة جزء من أرضه يعادل مستطيلا يكون عرضه عشرة أمتار وطوله مساويا لطول واجهة الأرض الواقعة على الطريق المراد إحداثها على أن لا تتعدى هذه المساهمة قيمة ربع البقعة الأرضية.

وفي هذا الإطار أكدت محكمة النقض في جل القرارات الصادرة عنها استحالة استفادة الإدارة المعتدية من مقتضيات  المادة 37 من قانون التعمير عندما يتعلق الأمر باعتداء مادي على الملكية العقارية، حيث جاء في حيثيات قرارها الصاد في 5 مارس 2008 أن تطبيق مقتضيات الفصل 37 من القانون المحتج بخرقه (قانون التعمير) الذي يفرض المساهمة المجانية على احتلال الأراضي التي تصير مجاورة للطريق العام يتطلب إما العمل على استملاك الأرض عن طريق التراضي أو نزع ملكيتها طبق القانون وبالتالي يبقى الاعتداء المادي غير مشمول بالمقتضى المذكور وهو ما طبقته المحكمة عن صواب مما يجعل ما أثير مرتكز على أساس”[65].

وجاء في قرارها الصادر في 14 يوليوز 2004 أن المعتدى على عقاره اعتداء ماديا غير معني بالمساهمة المجانية في الطريق العمومية التي تقررها المادة 37 من قانون 90.12 المتعلق بالتعمير حيث اعتبرت: “أن الأمر يتعلق باعتداء مادي صرف وبالتالي لا يمكن للجهة الإدارية المستأنف عليها الاستفادة من مقتضيات المادة 37 من قانون التعمير بشأن المساهمة الإجبارية لأرباب الأراضي المجاورة، الشيء الذي يتعين معه تعويض مالك العقار تعويضا كاملا عن المساحة المقتطعة من عقاره، وأن المحكمة الإدارية عندما اعتبرت أن المساحة المستولى عليها تقل عن ربع المساحة الإجمالية وهو ما يدخل في المساهمة الإجبارية المفروضة على أصحاب الأراضي المجاورة فاقدا لأساسه القانوني فكان ما قضى به الحكم المستأنف غير مؤسس وواجب الإلغاء”[66].

الفقرة الثانية: اعتماد معايير  عادلة أثناء الحكم بالتعويض للحد من الاعتداء المادي

دأب القضاء الإداري على اعتماد معايير منصفة عند الحكم بالتعويض من خلال تحديده  من تاريخ الاعتداء المادي على الملكية العقارية وليس من تاريخ نزع الملكية (أولا)، أو من خلال الحكم بالتعويض بناء على خبرة قضائية وليس بناء على السلطة التقديرية للقاضي (ثانيا)،  أو بالحكم بالتعويض الكامل عن الضرر المعنوي الناتج عن الاعتداء المادي الإداري (ثالثا).

أولا: الحكم بالتعويض من تاريخ الاعتداء المادي على الملكية العقارية وليس من تاريخ نزع الملكية

أكدت محكمة النقض هذا التوجه حيث اعتبرت أنه:”حيث إنه يتضح من تقرير الخبرة أن الخبير عاين الأرض وأشار إلى أهميتها، إذ صرح أنها تقع بموقع مهم بالنسبة لمنطقة تازة العليا، وأن المحكمة اعتبارا منها للمنفعة العامة خفضت قيمة المتر المربع، مصرحة أنه وقع إنشاء مدرستين فوق الأرض موضوع النزاع، علما أن النازلة تكتسي طابع الاعتداء المادي، وأن الدولة لم تسلك مسطرة نزع الملكية حتى يمكن القول بالأخذ بالثمن بتاريخ نزع الملكية، وبذلك تكون قد عللت حكمها تعليلا كافيا يبرر ما انتهت إليه”[67].

ثانيا: الحكم بالتعويض بناء على خبرة قضائية وليس بناء على السلطة التقديرية للقاضي

أكدت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى هذا المنحى حيث اعتبرت أن: ” المحكمة الإدارية استبعدت هذا التقرير على أساس أنه لم يعتمد عند تحديد قيمة العقار معطيات مادية موضوعية، وحددت هي التعويض على أساس ثمن الهكتار الواحد انطلاقا من سلطتها التقديرية، وعلى أساس أن الأمر يتعلق بأرض عارية غير مجهزة من غير أن تبين من أين استخلصت العناصر المذكورة، أو تسوق لذلك عللا مقبولة تبرر ما انتهت إليه، فجاء حكمها فاسد التعليل الموازي لانعدامه”[68].

وفي قرار آخر اعتبرت الغرفة الإدارية أنه:”حيث انتدبت المحكمة الخبير السيد… الذي حدد ثمن المتر المربع الواحد من العقار موضوع الدعوى في ثلاثمائة درهم، استبعدت المحكمة تقريره من غير تعليل، وحددت التعويض في مبلغ ستين درهما للمتر المربع الواحد، استنادا إلى سلطتها التقديرية، وإلى عناصر لم تبين من أين استخلصتها، علما بأن تقرير الخبرة المشار إليه، لم يورد أيا منها، فحالت بين المجلس الأعلى وبين مراقبة تعليلها، وعرضت حكمها للإلغاء”[69].

كما ذهبت الغرفة الإدارية إلى أن: “المحكمة اكتفت بتخفيض التعويض دون إبراز العناصر الموضوعية المعتمدة في عملية التقييم، وكان عليها حين استبعادها ضمنيا الخبرة المنجزة، إجراء خبرة ثانية، خاصة وأن الجماعة الحضرية سبق أن التمست الأمر بإجراء خبرة مضادة، فيكون حكمها قد جاء في غير محله”[70].

ثالثا: الحكم بالتعويض الكامل عن الضرر المادي والمعنوي الناتج عن الاعتداء المادي الإداري

اعتبارا لما يلحق مالكي العقارات المعتدى عليها ماديا من ضرر، فإنهم لا يترددون في رفع دعاوى في هذا الشأن لعرض الأمر على القضاء، هذا الأخير أصبح يتشدد أكثر في مواجهة الإدارة ويحملها المسؤولية عن الضرر الناتج عن فعلها، مع ما يستتبعه ذلك من إلزامها على تعويض المتضررين تعويضا كاملا، وهو ما يضر بالمال العام بالنظر إلى ضخامة المبالغ المالية التي يحكم بها ضد الإدارة بالمقارنة مع ما تؤديه الدولة في حالة سلوك مسطرة نزع الملكية[71].

وفي هذا الإطار فإن التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الاعتداء المادي الإداري ينبغي أن يكون كاملا، حيث جاء في أحد قرارات الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن التعويض عن الضرر المعنوي على غرار التعويض عن الضرر المادي، يجب أن يكون كاملا لا رمزيا، وحيث إن قضاة الاستئناف عندما اقتصروا على منح درهم رمزي للطاعن على أساس أن التعويض عن الضرر المعنوي ليس الغاية منه النفع المادي يكونوا قد خرقوا مقتضيات الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود وعرضوا قرارهم للنقض[72].

كما جاء في إحدى قرارات قرارات الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أنه: “حيث يتضح من مراجعة أوراق الملف وما لاحظه الخبير حول وضعية العقار موضوع النزاع والمنطقة التي يوجد بها ووجه استعماله ومساحته، وأنه نظرا لكل هذه العناصر، فإن التعويض المحدد من لدن المحكمة في ثلاثمائة درهم للمتر المربع الواحد لا يناسب قيمة العقار المنزوعة ملكيته، الشيء الذي يرى معه المجلس الأعلى رفع التعويض إلى خمسمائة درهم للمتر المربع الواحد”[73].

الفقرة الثالثة: الحجز على أموال الدولة لتنفيذ الأحكام القضائيةالصادرة بشأن الاعتداء المادي

يشكل تنفيذ الأحكام القضائية أسمى تعبير عن تمجيد القضاء وتكريم السلطة القضائية، وفي ذات الوقت اعترافا بحقوق المواطنين واحتراما وتكريسا لحقوق الإنسان،  طبقا لما أكد عليه الملك محمد السادس، خلال ترأسه لافتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15 دجنبر 1999 حيث أكد  أنه : ” … من البديهي أنه لن يحقق القضاء هذا المبتغى إلا إذا ضمنا لهيئته الحرمة اللازمة والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف الإنصاف وفورية البت والتنفيذ، وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر”[74].

وقد تطور مبدأ تنفيذ الأحكام القضائية إلى أن صار مبدأ دستوريا كرسته الفقرة الأولى من الفصل 126 من دستور يوليوز 2011 الذي ينص على أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع.

وإذا كانت الأموال العمومية تخضع لقاعدة عدم قابلية الحجز عليها حفاظا على السير العادي للمرافق العمومية، فإن القضاء الإداري المغربي حماية منه لحقوق المتقاضين ولتحقيق التوازن واستقرار المعاملات أجاز الحجز على أموال المؤسسات العمومية[75]  الموجودة بين يدي الغير لتسديد مستحقات أصحاب الأراضي المنزوعة ملكيتهم، وفي هذا الصدد عملت إدارية الرباط على حجز أموال الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق الموجود بحسابها لدى الخزينة العامة، وذلك لتنفيذ الحكم الصادر عن إدارية مكناس عدد 5/96 في إطار إنابة قضائية، ورغم دفع المحجوز عليها بكونها مؤسسة عمومية لا ينبغي الحجز على أموالها، إلا أن المحكمة أكدت أن الأموال التي يتشكل منها رأسمال المحجوز عليها على افتراض أنها أموال عمومية، فإن جزء منها رصد أصلا لتسديد مستحقات أصحاب الأراضي المنزوعة ملكيتهم، وهذا الحجز يشكل ضمانة بالنسبة لهؤلاء، ولا ضرر فيه على مصلحة المحجوز عليها [76].

كما  سمحت محكمة النقض  بالحجز على أموال المؤسسات العمومية إذا ثبت امتناعها عن التنفيذ وأن الحجز ليس من شأنه التأثير على سير المرفق العام، معتمدة الحيثيات الآتية:” إذا كان لا يجوز الحجز على أموال المؤسسات العمومية لكونها مليئة الذمة، ولا يخشى عسرها، فإنه إذا ثبت امتناعها عن التنفيذ فملاءة الذمة تصبح غير مجدية، علما أنه يجوز القيام بالتنفيذ الجبري في مواجهتها نظرا لصفة الإلزام التي تفرضها بحكم القانون الأحكام القضائية القابلة للتنفيذ ما دام لم يثبت أن التنفيذ الجبري له تأثير على سير المرفق العام “[77].

وقد اعتبر وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن الحجوزات على أموال الدولة بلغت، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، عشرة ملايير درهم، وأن من شأن هذا الارتفاع الكبير في الحجوزات تهديد التوازنات المالية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية[78]، وفي هذا الإطار أعدت الحكومة مشروع قانون المالية تنص المادة 9 منه على أن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة تندرج ضمن نفقات التسيير التي يتكلف قانون المالية للسنة بتحديدها وبيان كيفية أدائها، وذلك تنفيذا لمقتضيات المادة 14 من القانون التنظيمي لقانون المالية[79]، وأن التنصيص على عدم جواز الحجز على الأموال العمومية في إطار تنفيذ الاحكام الصادرة ضد الدولة ما هو إلا محصلة قانونية لاحترام تلك الإجراءات عند أداء هذه النفقة، كما أن المادة التاسعة من مشروع القانون سعت لحماية المال العام وتحقيق التوازن بين مقتضيات الدستور التي تنص على ضرورة حماية احترام الأحكام القضائية وكذا مسؤولية الحكومة في ضمان التوازنات المالية للميزانية والحفاظ على استمرارية المرفق العام[80].

إلا أن مقتضيات المادة 9 [81] من قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020[82] وإن تضمنت جملة من التدابير للحد من ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية، إلا أنها تفتقد للنظرة الشمولية إذ يقتصر تطبيقها على الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها متجاهلة المؤسسات العمومية والشركات العامة، وهو ما انتبه إليه الاجتهاد القضائي بعد نشر مقتضيات المادة 9 بالجريدة الرسمية، ليصدر أوامر قضائية تجيز الحجز على أموال المؤسسات العمومية، وفي هذا الإطار أصدرت المحكمة الإدارية بمدينة مكناس[83]، أمرا استعجاليا يقضي بالحجز على أموال الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة تافيلالت، باعتبارها مؤسسة عمومية، لفائدة شركة مدينة لها بقدر مالي يناهز 80 مليون سنتيم.

استنتاجات

إن القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت يخول لأشخاص القانون العام نزع الملك العقاري بهدف تشييد المشاريع ذات المنفعة العامة، إلا أن بطء مسطرة نزع الملكية، وتعقيد إجراءاتها الإدارية، وطول الأجال المرتبطة بنزع الملكية، أثر بشكل سلبي على تشييد المنشآت العمومية في الوقت القانوني المحدد لها، مما ساهم في تنامي ظاهرة الاعتداء المادي الإداري على الأملاك العقارية، وللحد من ممارسة الاعتداء المادي على الملكية العقارية يقترح مايلي:

– تعديل القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، وذلك من خلال تبسيط المسطرة القضائية المرتبطة بالحكم بنقل الملكية لفائدة الإدارة، وتقليص الآجال المتعلقة بالإجراءات الإدارية المرتبطة بالمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة؛

– تعديل المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، وذلك بالتنصيص على وجوب التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقار المخصص للمشروع قبل إبرام أي صفقة عمومية بشأنه؛

– وجوب تأكد المصالح المختصة بالخزينة العامة للمملكة من تسوية الوضعية القانونية للعقار المراد تشييد مرفق عمومي به، وذلك قبل التأشيرعلى الصفقات العمومية.

 

[1] – القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت- الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 (15 يونيه 1983)- ص 980.

[2]– حكم المحكمة الإدارية بأكادير رقم 58/2003 – بتاريخ13 مارس 2003- ملف عدد 995/2000- غير منشور.

[3]– حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 11/02/2010- ملف إداري عدد 07/13/2008- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 138.

[4]– محمد الكشبور – الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية- الطبعة الأولى 2015- ص 135.

[5] – محمد صقلي حسيني- المنازعات العقدية على ضوء الاجتهاد القضائي الإداري- مجلة لامحاكم الإدارية- عدد 4 يونيو 2011- ص 66.

[6] – عبد الرزاق أحمد السنهوري- الوسيط في شرح القانون المدني الجديد- المجلد الثاني- نظرية الالتزام بوجه عام- منشورات الحلبي الحقوقية بيروت- الطبعة الثالثة 2000- ص 1247 و 1248.

[7] – قانون الالتزامات والعقود، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة النصوص القانونية- عدد 14، يناير 2009- صيغة محينة بتاريخ 22 أبريل 2019 – بوابة عدالة- الموقع الالكتروني لوزارة العدل- https://www.justice.gov.ma.

 

[8]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 345- بتاريخ 28/4/2011- ملف إداري عدد 504/4/2/2009- منشور في مجلة المحاكم الإدارية- العدد الخامس- يناير 2017- ص 30.

-قرار محكمة النقض عدد 650- بتاريخ 26/10/2005- ملف إداري عدد 2633/4/3/2004- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 114 و 115.

-قرار المجلس الأعلى عدد 650- بتاريخ 26/10/2005- ملف إداري عدد 2633/4/3/2004- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 114 و 115.

[9]– حكم المحكمة الإدارية بفاس رقم 2137- بتاريخ 30 نوفمبر 2004- ملف إداري عدد 187/2002- غير منشور.

[10]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 316 – بتاريخ 21/4/2011- ملف إداري عدد 471/4/2/2009- منشور في مجلة المحاكم الإدارية- مرجع سابق- ص 151.

[11]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 32- بتاريخ 16/1/2003- ملف عدد 825/02- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 254.

[12]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 445- بتاريخ 18/4/2002- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 57.

[13]– قرار صادر عن المجلس الأعلى 446- بتاريخ 28/7/2004- ملفين عدد 1748/4/1/2001 و1053/4/1/2001- منشور في مجلة المحاكم الإدارية- العدد الخامس- يناير 2017- ص 51 و52.

[14]– قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 2946- بتاريخ 17/6/2015- ملف عدد 574/7206/2015- منشور في مجلة المحاكم الإدارية- العدد الخامس- يناير 2017- ص 31.

[15]– حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 11/02/2010- ملف إداري عدد 07/13/2008- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 138.

[16]– حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 2102- بتاريخ 4/6/2012- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 138.

[17]– حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 816/2005- بتاريخ 14/12/2005- ملف إداري عدد 76/2005- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 139.

[18] -Cour d’appel de Paris, deuxième chambre, 25 novembre 1984, – منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 55.

[19]– حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 132- بتاريخ 4/3/1998- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية- الطبعة الأولى 2010- ص 109.

[20]– قرار الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى عدد 117- بتاريخ 24/2/1982- ملف مدني عدد69038- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 108.

[21]– أنوار شقروني- الحماية القضائية لحق الملكية من خلال دعاوى الاعتداء المادي- مجلة المحاكم الإدارية- مرجع سابق – ص 31.

[22]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 692- بتاريخ 27/6/2002- ملف عدد 2203/4/1/2004- مجلة المحاكم الإدارية- مرجع سابق- ص 31.

[23] – قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 155 – ملف مدني عدد 85764 – بتاريخ 1 يوليوز 1983 – قرار غير منشور.

[24]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى صادر في 16 يناير 2008- مجلة قضاء المجلس الأعلى- العدد 70- ص 269.

[25]– عبد الحق أخو الزين- دور المحكمة الإدارية بالرباط في حماية المال العام- ص 26- https://adala.justice.gov.ma/.

[26]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 505- صادر في 12 أكتوبر 2005- ملف رقم  2101-4-3-2004-  منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية- الطبعة الأولى 2010- ص 99.

[27]– محمد الكشبور – الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية – مرجع سابق- ص 131.

[28]– أمر المحكمة الإدارية بالرباط عدد 7233- بتاريخ 22/10/2014- ملف عدد 7272/7101/2014- منشور في مجلة المحاكم الإدارية- مرجع سابق- ص 46.

[29]– حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 132- بتاريخ 4/3/1998- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية- الطبعة الأولى 2010- ص 109.

[30] –  قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1- بتاريخ 8 يناير 2007- ملف عدد 20/2006- مشار إليه في مقال – الاعتداء المادي على الملكية العقارية على ضوء العمل القضائي وتوصيات مؤسسة وسيط المملكة- العربي محمد مياد- المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- REMALD- عدد 150-151- يناير- أبريل 2020- ص 135.

[31]– المنازعات المتعلقة بالإعتداء المادي على الملكية العقارية- الوكالة القضائية للمملكة – تقرير النشاط السنوي 2018- ص 66- https://www.finances.gov.ma/Publication/ajr- اطلع على الموقع الإلكتروني بتاريخ 4 أكتوبر 2020.

[32] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء- تحت عدد 264 – بتاريخ 05/05/2003- منشور بالدليل العملي للاجتهاد القضائي في المادة الإدارية- الجزء الثالث.

[33] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة- تحت عدد 37- بتاريخ 02/8/98- ملف رقم 724/99.

[34] – المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 8 جمادى الأولى 1434 (20 مارس 2013) يتعلق بالصفقات العمومية- الجريدة الرسمية عدد 6140 – بتاريخ 23 جمادى 1434 ( 4 أبريل 2013)- ص3023.

[35] – قرار المجلس الأعلى عدد 475- بتاريخ 20 يونيو 1996- ملف إداري عدد 186/96- منشور بقرارات المجلس الأعلى- طبعة 1997- ص 411.

[36]– قرار المجلس الأعلى عدد 650- بتاريخ 26/10/2005- ملف إداري عدد 2633/4/3/2004- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 114 و 115.

[37]– المنازعات المتعلقة بالإعتداء المادي على الملكية العقارية- الوكالة القضائية للمملكة – تقرير النشاط السنوي 2018- ص 68- https://www.finances.gov.ma/Publication/ajr- اطلع على الموقع الإلكتروني بتاريخ 4 أكتوبر 2020.

[38]– محمد الكشبور – الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية – مرجع سابق- ص 101.

[39]– قرار المجلس الأعلى عدد 3224- بتاريخ 1/12/1993- ملف مدني عدد 3611/89- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 124.

[40] – قرار محكمة النقض عدد 525- بتاريخ 11 يونيو 2015- ملف إداري عدد 2225/4/2/2014- منشور بقضاء محكمة النقض عدد 80- ص 274.

[41]– حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط عدد 259 مكرر- بتاريخ 19/02/2007- ملف عدد 245/7/4- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 124.

[42]– قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 19 شتنبر 1996- منشور في كتاب محمد الكشبور – الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية – مرجع سابق- ص 102.

[43]– عبد الرزاق السنهوري- الوسيط في شرح القانون المدني الجديد- نظرية الالتزام بوجه عام-  مصادر الالتزام-  المجلد الأول- دار النهضة- بدون تاريخ- ص 961.

[44]– إبراهيم زعيم الماسي- تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية- مرجع سابق- ص 48.

[45]– قرار الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى عدد 379 – بتاريخ 26/3/2003- ملف تجاري عدد 2105/3/1/2000- مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 61- ص 428.

[46]– قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى عدد 250- بتاريخ 11/3/1985- ملف اجتماعي عدد 2216- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 79.

[47]– حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 1809- بتاريخ 27/09/2011- ملف عدد 69/11/6- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 142-

[48]قانون الالتزامات والعقود – ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) كما تم تغييره وتتميمه- صيغة محينة بتاريخ 22 أبريل 2019- منشور بموقع عدالة- الموقع الإلكتروني لوزارة العدل- https://www.justice.gov.ma/- أطلع على الموقع بتاريخ 04 أكتوبر 2020.

[49]– محمد الكشبور – الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية- مرجع سابق- ص 96.

[50]– قرار محكمة استئناف الرباط – رقم 1163 – بتاريخ 16 أبريل 1932 – منشور في الموقع الإلكتروني  http://ahmedkadiri.blogspot.com- تم الاطلاع عليه بتاريخ 4 أكتوبر 2020.

[51]– خطاب الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة – الجمعة 9 أكتوبر 2020- .www.facebook.com/khalid.douk

[52]– مقترح قانون يتعلق بتجريم الاعتداء المادي للسلطات العمومية- www.chambredesrepresentants.ma

[53]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 698- بتاريخ 28/12/2005- ملف عدد 2567/04 و 2889/04- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 150-

[54]– قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى – بتاريخ 28 دجنبر 2005- ملفين إداريين عدد 2567/3/4/2005 و 2889/3/4/2004- قرار مشار إليه في كتاب محمد الكشبور – الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية – مرجع سابق- ص 135.

[55]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 698 – بتاريخ 28/12/2005- منشور بمجلة محاكمة العدد 2- مارس – مايو 2007- ص 229.

[56]– إبراهيم زعيم الماسي- تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية- مرجع سابق- ص 112.

[57]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 698 – بتاريخ 28/12/2005- منشور بمجلة محاكمة العدد 2- مارس – مايو 2007- ص 229.

[58]– قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 503- بتاريخ 12/10/2005- ملف إداري عدد 1422/4/3/2004- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 145.

[59]-ملف استعجالي صادر عن المحكمة الإدارية بمكناس عدد 2/94- بتاريخ 13 شتنبر 1994-  مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- الاعتداء المادي على الملكية العقارية الإشكالات العملية والحلول القضائية- مطبعة المعارف الجديدة بالرباط- الطبعة الأولى 2015- ص 109.

[60]– أمر استعجالي صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة عدد 45/96- بتاريخ 25 يوليوز 1996- ملف عدد 44/96- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 109 و 110.

[61]– حكم المحكمة الإدارية بمكناس الصادر بتاريخ فاتح يونيو 1995- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق- ص 109.

[62]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 105- بتاريخ 12 مارس 2007- ملف عدد 80/06/02- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق ص 110.

[63]– قرار المجلس الأعلى عدد 127/95- بتاريخ 6 مارس 1995- ملف إداري عدد 10206/94- مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق ص 110.

[64] – القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992)- ج.ر عدد 4159- بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليو 1992)- ص 887- كما تم تغييره وتتميمه.

[65]– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 74- بتاريخ 5 مارس 2008- ملف إداري عدد 585/4/3/2007-  مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق ص 141.

[66]– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 331- بتاريخ 14 يوليوز 2004- ملف إداري عدد 1609/4/2/2001-  مشار إلى مراجعه في كتاب أحمد أجعون- مرجع سابق – ص 141 و 142.

[67]– قرار الغرفة الإدارية عدد 32- بتاريخ 16-1-2003- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي – مرجع سابق- ص 62.

[68]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 51 – بتاريخ 20/04/2004- ملفات عدد 133/4/2/03- و134/4/2/03 و135/4/2/03- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 194.

[69]– قرار الغرفة الإدارية عدد 187- بتاريخ 6/4/2005- ملف عدد 2363/4/3/2004- منشور في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية- مرجع سابق- ص 194.

[70]– قرار الغرفة الإدارية عدد 51- بتاريخ 7/2/2007- ملف عدد 1635/2005- وملف عدد 3262/2005- مشار إليه في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 195.

[71]– المنازعات المتعلقة بالإعتداء المادي على الملكية العقارية- الوكالة القضائية للمملكة – تقرير النشاط السنوي 2018- ص 64- https://www.finances.gov.ma/Publication/ajr- اطلع على الموقع الإلكتروني بتاريخ 4 أكتوبر 2020.

[72]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 125- بتاريخ 10/7/1986- ملف إداري عدد 89639- مشار إليه في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 42.

[73]– قرار الغرفة الإدارية عدد 130- بتاريخ 4/5/2004- ملف عدد 98/2003- وملف عدد 1253/2003- مشار إليه في كتاب إبراهيم زعيم الماسي- مرجع سابق- ص 72.

[74] – خطاب الملك محمد السادس- خلال ترأسه لافتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15 دجنبر 1999- منشور بموقع المجلس الأعلى للسلطةالقضائية-http://www.cspj.ma/.

[75]–  راجع يوسف ادريدو وخالد الدك – التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام في ضوء التشريع والقضاء بالمغرب- المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- REMALD- العدد 152- ماي ويونيو 2020- ص من 49 إلى 82.

[76]– أمر رئيس إدارية الرباط، عدد 99 بتاريخ 23-4-1997 مشار إليه بمقال مصطفى التراب، إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية- مجلة المحاكم الإدارية العدد 1- 2001- ص 37.

[77]– قرار المجلس الأعلى عدد 413 – بتاريخ 7 ماي 2008- ملف إداري عدد 756/06 – غير منشور.

[78]– الحجوزات على أموال الدولة بلغت 10 ملايير درهم- 31 أكتوبر 2019 – https://assabah.ma.

[79] –  الظهير الشريف رقم 1.15.62 الصادر في 14 من شعبان 1436 (2 يونيو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية- جريدة رسمية عدد 6370- بتاريخ فاتح رمضان 1436 (18 يونيو 2015)- ص 5810.

[80] – الحجوزات على أموال الدولة بلغت 10 ملايير درهم – 31 أكتوبر 2019  – https://assabah.ma

[81] – تنص المادة 9 من قانون المالية رقم 70.19 على أنه يتعين على الدائنين الحاملين لأحكام  قضائية تنفيذية  نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ومجموعاتها ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية أو الجماعات الترابية المعنية، ففي حالة صدور حكم قضائي  نهائي قابل للتنفيذ، يلزم الدولة أو جماعة ترابية أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون (90) يوما ابتداء من تاريخ تبليغ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية لهذا الغرض، وفق مبادئ وقواعد المحاسبة العمومية، وألا يتم الأداء تلقائيا من طرف المحاسب العمومي داخل الآجال المنصوص عليها بالأنظمة الجاري بها العمل في حالة تقاعس الآمر بالصرف عن الأداء بمجرد انصرام الأجل أعلاه. وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ  تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة  بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف وجوبا بتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع (4) سنوات ووفق الشروط المشار إليها أعلاه، دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها للحجز لهذه الغاية.

 

[82] – ظهير شريف رقم 1.19.125 صادر في 16 من ربيع الآخر 1441 (13 ديسمبر 2019) بتنفيذ قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020- ج. ر عدد 6838 مكرر- بتاريخ 17 ربيع الآخر 1441 (14 ديسمبر 2019- ص 11086.

[83] – أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بمكناس في يناير 2020، https://m.al3omk.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى