رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص : الضرر كمعيار لفك الرابطة الزوجية
إن الزواج في الإسلام صلة مشروعة بين الرجل و المرأة فيها السكن و المودة و الرحمة و الألفة و الاندماج الذي يبعث على الاستقرار.و الزواج كمال روحانـي أراده الله لعلاقـة الرجل بالمـرأة فـوضع له أحـكاما تؤكد ذلـك، و جعـلها أصلا مـن الأصـول الاجتماعية.
و الرسول الكريم جعل الزواج نصف الدين في قوله تعالى " إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين" وينوه رسول الإسلام إلى أن " خياركم خياركم لنسائهم" و يقول " خيركم خيركم لأهله، و أنا خيركم لأهلي " لأن عقد الزواج ليس من عقود المعاملات بل هو بناء اجتماعي منوط به توفير روح الترابط و التكافل و حسن الخلق بين الزوجين.
و الله عز وجل يعلم أن نفس الإنسان متغيرة، يجد عليها ما لم يكن في حسبانها، و قد يجد عليها ما يستحكم به النفور بين الرجل و امرأته، بما لم يكن معه معاشرة بمعروف أو إمساك بإحسان، فأرشد رب الناس إلى الإصلاح، و بين وسائله.لكن إذا ساءت العلاقة بينهما إلى درجة تستحيل مواصلة الحياة فكان أبغض الحلال عند الله الطـلاق اسـتدلالا بما ذكـر فـي القـرآن الكريم و السـنة النـبوية الشـريفة، فإن الاجـتـهاد
و الفقه ابتدع صورة ثانية لا تقل أهمية عن الأولى من حيث طبيعتها و الآثار المتوخاة منهـا و بناء على هـذه الصورة، يمـكن للـزوجة أن تفـك زوجيتها ليـس بإرادة مـنفـردة،
و إنما عن طريق القاضي إذا ما أثبتت سببا مشروعا يجعل الحياة الزوجية مستحيلة، فأساس هذه الصورة و التي لم يرد بشأنها نص صريح صحيح هو التيسير على الناس تجنبا للحرج وتماشيا و روح الإسلام السمحة.
و بالتالي نلاحظ أن القانون منح للزوج الإرادة المطلقة لفك الرابطة الزوجية و لم يحرم المرأة هذا الحق بل فتح لها مجال الخلاص من زواج لم تسعد فيه، و معيار ذلك هو الضرر و استمد ذلك من الشريعة الإسلامية و كان المذهب المالكي الأرض الخصبة التي استمدت منه جميع قوانين الأسرة في الأقطار العربية منهم القانون الجزائري، و هذا الموضوع يطرح إشكالات عديدة منها :
ما هي حالات الضرر التي تعد معيارا لفك الرابطة الزوجية في القانون الجزائري ؟ وهل توافق أحكام الشريعة الإسلامية ؟ ما هي سلطة القاضي في إثبات الضرر ؟ و ما هي سلطته في التعويض عن الضرر؟
فردا منا على الأقـاويل العـديـدة منهـا " لقد أعـطى الإسـلام للرجـل حـق الطـلاق
و ترك المرأة تتخبط في الظلام و الاستعباد، و هذا أمر غير عادل" و ما هذا إلا لتشويه و تحريف، فالإسلام هو أول من حرر المرأة، و اعتبرها إنسان كامل الحقوق، و مساوية للرجل لما له، و عليها ما عليه مع مراعاة الفوارق الطبيعية. فإن غرض هذا البحث هو محاولة لإزالة الغموض عن هذا الموضوع مع توضيح مدى انسجام القانون و الاجتهادات القضائية مع الشريعة الإسلامية.
هذه الإشكالات وأخرى نحاول الإجابة عنها في هذه الدراسة التحليلية النقدية في فصلين
و قد اتبعت الخطة التالية :
الفصل الأول: حالات الضرر في المادة 53 من قانون الأسرة
و قسمت الفصل إلى ثلاثة مباحث تتناول حالات الضرر حسب ترتيبها في المادة 53 من قانون الأسرة وتطرقت في كل مبحث إلي رأى الشريعة الإسلامية لأنه الأصل التشريعي ثم موقف القانون الجزائري.
الفصل الثاني: السلطة التقديرية للقاضي في إثبات الضرر و التعويض عنه
وقسمته إلى ثلاثة مباحث في المبحث الأول تناولت السلطة التقديرية المقيدة للقاضي في إثبات الضرر و في المبحث الثاني السلطة التقديرية المطلقة في إثبات الضرر و في المبحث الأخير السلطة التقديرية للقاضي في الحكم بالتعويض .
الخطة
الفصل الأول: حالات الضرر حسب المادة 53 من قانون الأسرة
المبحث الأول: عدم الإنفاق و للعيوب و الهجر في المضجع و الحكم على زوج.
المطلب الأول: عدم الإنفاق
المطلب الثاني:العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج
المطلب الثالث: الهجر في المضجع فوق أٍربعة أشهر.
المطلب الرابع : الحكم على الزوج بعقوبة
المبحث الثاني: الضرر للغيبة ومخالفة المادة 08 ق أ و الفاحشة المبينة .
المطلب الأول: الضرر للغيبة
المطلب الثاني: مخالفة الأحكام الواردة في المادة 08 قانون الأسرة
المطلب الثالث: ارتكاب الزوج الفاحشة المبينة
المبحث الثالث:الشقاق المستمر و مخالفة شروط عقد الزواج و الضرر المعتبر شرعا
المطلب الأول: الشقاق المستمر بين الزوجين
المطلب الثاني: مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج
المطلب الثالث: الضرر المعتبر شرعا
الفصل الثاني: السلطة التقديرية للقاضي في إثبات الضرر و الحكم بالتعويض.
المبحث الأول: السلطة التقديرية المقيدة في إثبات الضرر
المطلب الأول: عدم الإنفاق و صدور حكم على الزوج و نشوزه.
المطلب الثاني: العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج
المطلب الثالث: الغيبة بدون عذر و لا نفقة.
المطلب الرابع: مخالفة المادة 8 من قانون الأسرة و مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج
المبحث الثاني : السلطة التقديرية المطلقة للقاضي في إثبات الضرر
المطلب الأول: الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر
المطلب الثاني: الفاحشة المبينة
المطلب الثالث: الشقاق المستمر بين الزوجين
المطلب الرابع: الضرر المعتبر شرعا
المبحث الثالث: السلطة التقديرية للقاضي للحكم بالتعويض
المطلب الأول : قرارات المحكمة العليا
المطلب الثاني : سلطة القاضي في ظل القانون 05. 09
خاتمة
الفصــــــــــــــل الأول
حالات الضرر حسب المادة 53 من قانون الأسرة
قد جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل الذي سعى إلى بناء الزوجية، و في نفس الوقت شرع للمرأة فك الرابطة الزوجية بالتطليق و المقصود به هو التفريق بمعرفة القاضي. للأخذ بناصر من يلحق الأذى و الضرر من الزوجات إذا كانت الإساءة آتية من الزوج، حتى لا تقوم العلاقة الزوجية على الضرر، و التنافر، و يكون التفريق هو الخير، من الإمساك مع الضرر.[1]
قانون الأسرة الجزائري واكب هذا الرأي و جعل من مادته الثالثة و الخمسين تيسـيرا على الـزوجة فـي إمـكانـية طـلاقـها ولـو لم يـرغـب الزوج فـي ذلـك. [2]
تنـص المادة 53 " يجوز للزوجة أن تطلب التطليق للأسباب الآتية:
1ـ عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه ما لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج، مع مراعاة المواد 78و 79 من هذا القانون.
2ـ العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج،
3ـ الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر،
4 ـ الحكم على الزوج عن جريمة فيها مساس بشرف الأسرة و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية ،
5 ـ الغيبة بعد مرور سنة بدون عذر و لا نفقة ،
6 ـ مخالفة الأحكام الواردة في المادة 8 أعلاه،
7 ـ ارتكاب فاحشة مبينة،
8 ـ الشقاق المستمر بين الزوجين،
9 ـ مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج،
10 ـ كل ضرر معتبر شرعا.[3]
المبحث الأول : عدم الإنفاق و للعيوب و الهجر في المضجع و الحكم على زوج
المطلب الأول : عدم الإنفاق
إن النفقة تعتبر أثر من الآثار المترتبة على عقد الزواج الصحيح، المستوفي لجميع أركانه و شروطه، و عليه يترتب حق الزوجة على زوجها بأن ينفق عليها، و لو كانت غنية، لذلك لابد من معرفة ماهية النفقة ليتضح ضرر عدم الإنفاق.
الفرع الأول: ماهية النفقة
أولا : مفهوم النفقة و حكمها
أ ـ مفهوم النفقة
1 ـ لغة : مشتقة من النفوق (بضم النون) الهلاك أومن النفاق أي الرواج.[4]
2 ـ اصطلاحا : إخراج الشخص مئونة من تجب عليه نفقته وسمي المال الذي يصرف الإنسان على غيره نفقة لما في ذلك من هلاك المال.[5]
ب ـ حكمها
إن الـحكم الـذي توصــف به النفـقة هو الوجوب و ذلـك ما يدل عليـه القرآن الكريـم
و السنة النبوية و غالبية التشريعات العربية و الإسلامية.
1ـ الكتاب : قال تعالى "على المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف"[6] و المراد بالمولود له في الآية هو الزوج و قد فرض الله عليه للزوجة الإطعام و الكسوة.
و قوله تعالى: " اسكنوهن حيث سكنتم من وجدكم، ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن"[7]
أمر بإسكان الزوجة، فإذا أضيف الأمر بالإسكان إلى الإطعام و الكسوة يكون قد وجب للزوجة ثلاثة أنواع من النفقة وهي الإطعام و الكسوة و السكن.[8]
2 ـ السنة : قوله في حجة الوداع ،"اتقوا في النساء فإنكم أخذتموهن بأمر الله استحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف"
وعن الرسول أنه قال الدينار أربعة دنانير دينار تنفقه في سبيل الله ودينار تعطيه للمساكين، ودينار تعطيه في رقبة، ودينار تنفقه على أهلك، و أعضمها أجرا الدينار الذي تنفقه على أهلك.[9]
و روي أن رجلا جاء النبي فقال ما حق المرأة على زوجها؟ قال: أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا كسي. [10]
ثانيا:أنواع النفقة و سببها.
أـ أنواع النفقة
إن تعداد النفقة الزوجية، يتناسب مع حاجة الزوجة ويتفق مع مدلول قوله تعالى"وعلى المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا يكلف نفـس إلا وسعها "
في فقه المذاهب الأربعة نجد أن النـفقة الواجبة للــزوجة تنـحصر في الطعــام
و الشراب و الكسوة و السكن ومتاع البيت ووسائل التنظيف و الخدمة إن احتاجت إليها، وان كانت ممن تخدم، و قال الفقهاء الأربعة : بوجوب نفقة أدوات الزينة للمرأة، و إن اختلفوا في التفاصيل، فقالوا: بوجوب أدوات زينة تتضرر الزوجة بتركها ككحل و دهن من زيت و حناء و غيره.[11]
ب ـ سبب وجوب النفقة
عند المالكية و الشافعية أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج وهي صغيرة لا يجامع مثلها فلا تجب النفقة لها لأنه لم يوجد التمكين التام من الاستمتاع فلا تستحق العوض من النفقة، وإذا كان التمكين من جانبها وتعذر على الزوج استيفاء حقه لكبر أو غيره أو مرض أو غيره ، فلها النفقة لأنه هو الذي فوت حقه على نفسه وهو رأي أبي حنيفة.
وأن سبب وجود النفقة عليها هو جزاء احتباسها لحقه ومنفعته، لأن عقد الزواج متى وقع صحيحا صارت الزوجة حلالا للزوج ولا تحل لغيره أن يستمتع بها، صيانة لنسب أولاده من الاختلاط، وأن تقوم المقصود من الحياة الزوجية من تربية ورعاية الأولاد ورعاية شؤون البيت و القرار فيه وعليه نظير ذلك، إن يقوم بكفايتها و الإنفاق عليها مادامت الزوجية بينهما قائمة، ولم يوجد نشوز أو سبب يمنع من النفقة، فأعظم الشقاق أن يكون الخصام في النفقة، والاحتباس لا يتحقق إلا بتسليم الزوجة نفسها حقيقة أو حكما.[12]
رابعا : حكم التفريق لإعسار الزوج عن الإنفاق
قال الإمام القرطبي: إن الإمساك بالمعروف أن الزوج إذا لم يجد ما ينفق على زوجته أن يطلقها، فإن لم يفعل خرج عن المعروف فيطلق عليه الحاكم من أجل الضرر اللاحق بها من بقائها عند من لا يقدر على نفقتها، و الجوع لا صبر عليه. كما استدل الفقهاء على جواز التفريق للإعسار بقوله تعالى:"ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا"
ووجه الاستدلال أن الله نهى الأزواج من إمساك زوجاتهم للإضرار بهن، لأن في هذا الإمساك ضررا حيث يعتدي الزوج على زوجته حين يمسكها فلا هو يحسن إليها بالإنفاق ، ولا هو يتركها لتجد سواه، فالمعسر حين يمسك زوجته دون أن ينفق عليها ودون أن يطلقها هو ضار بها معتد عليها .
وقال فقهاء الحنفية بعدم التفريق للإعسار لقوله تعالى:"لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها" ومعنى ذلك أن الله لم يكلف المرء فوق طاقته، فالزوج لا يكلف بالإنفاق في حال إعساره و لا يجوز التفريق بين زوج وزوجته دون سبب جناه الزوج.
وقال ابن قيم الجوزية يفرق بين الزوجين في حالتين:
1ـ إذا كان الزوج قادرا على الإنفاق وامتنع ظلما وعدوانا على أن ينفق على زوجته.
2ـ إذا عز الزوج زوجته حين العقد بأن أظهر لها أنه غني و الحقيقة خلاف ذلك.[13]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
إن المادة 78من قانون الأسرة تنص على أنه "تشمل النفقة: الغذاء، الكسوة، العلاج السكن أو أجرته، وما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة "
إن النص القانوني واضح، فيجب على القاضي الذي سيحكم بالمثل هذه النفقة للزوجة في حالة النزاع، أن يأخذ بعين الاعتبار كل هذه العناصر مجتمعة عندما يقرر الحكم بالمبلغ المناسب للنفقة المطلوبة، كما أن تعداد أنواع النفقة الزوجية، يتناسب مع حاجة الزوجة و يتفق مع مدلول قوله تعالى "و على المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس بلا وسعها "
أولا: تقديرها
عند تقدير النفقة يجب مراعاة ما يلي :
1 ـ مراعاة ما هو الأيسر و الأسهل على الزوج في الدفع، حيث أن المقرر شرعا و قانونا أن تقدير النفقة يكون حسب وسع الزوج، مثلما عبرت المحكمة العليا في إحدى اجتهاداتها.[14]
2 ـ كفاية النفقة للزوجة مع مراعاة حال الزوج يسرا و عسرا وذلك ما نص عليه قانون الأسرة في المادة 79 عندما قال " يراعى القاضي في تقدير النفقة حال الطرفين و ظروف المعاش و لا يراجع تقديره قبل مضي سنة من الحكم".
ثانيا: مسقطات النفقة
أ ـ المعقود عليها بعقد فاسد، و كذالك المد خول بها بناء على شبهة بغير عقد، فهاتان لا نفقة لهما، لفقدان إحدى الشروط الأساسية لوجود النفقة وهو عقد الزواج الصحيح، وكذالك الاحتباس المشروع.
ب ـ الزوجة المريضة، قبل أن تزف و لم يدخل بها، و بالتالي انعدام الاحتباس المفضي إلى إسقاط النفقة، و على عكسها من ذلك الزوجة المريضة تستحق النفقة مع بقائها في بيت الزوجية، حسب قضاء المحكمة العليا، لأن المرض في بيت الزوجية طارئ و يأخذ حكم الحيض و النفاس، و ليس من المروءة ولا من حسن المعاشرة بين الزوجين أن يكون المرض الطارئ عائقا لعدم الإنفاق عليها.[15]
ثالثا : شروط التطليق لعدم الإنفاق
الشرط الأول: امتناع الزوج عن النفقة على زوجته عمدا وقصدا عن تقديم ما تحتاجه من غذاء ولباس وعلاج وسكن وغيره من الاحتياجات الأخرى، و أن الزوجة قد رفعت دعواها من قبل للمطالبة بالنفقة وصدور حكم من المحكمة يلزمه بذلك، ولكنه امتنع عن تنفيذ هذا الحكم.
الشرط الثاني : أن لا يكون امتناع الزوج عن النفقة بسبب عسره، فإن كان معسرا فلا ظلم لها ولا اعتداء منه كما لا يطلق القاضي للعسر، أما إذا كان موسرا وله مال ظاهر، وادعى العجز فالأمر هنا يختلف ويجب على المحكمة النظر فيه .
الشرط الثالث: ألا تكون الزوجة عالمة بحالة إعسار الزوج وقت إبرام عقد الزواج، كون حقها يسقط برضاها بحالة إعساره.[16]
وقد أخذ المشرع الجزائري بمذهب الجمهور فأجاز للقاضي التفريق بين الزوجين إذا امتنع الزوج عن الإنفاق أو أعسر بناء على طلب الزوجة.
لقد نالت المرأة حقها ولم تظلم منه شيئا، في شريعة الإسلام الحنيف وفسحت لها الشريعة طريق الخلاص من زواج لم تسعد فيه، بالترافع أمام القضاء المسلم ليقضي لها بالطلاق من كل حقوقها، إذا ثبت صدق دعواها، وقد جاء في شرح الدردير "وللزوجة التطليق على الزوج للضرر" و الضرر بمعناه الواسع يشمل انعدام النفقة الضرورية فمعيار فك الرابطة الزوجية في الشريعة الإسلامية في حالة عدم الإنفاق هو عدم قدرة المرأة الصبر مع زوجها. فالفقهاء توسعوا في النفقة فأنها تشمل الزينة وأجرة القابلة. و المشرع الجزائري اعتبر عدم الإنفاق على الزوجة ضرر و بالتالي يحق للزوجة طلب فك الرابطة الزوجية بما يسمى بالتطليق، حسب ما توصل إليه الفقهاء.
المطلب الثاني:العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج
إن الحياة الزوجية قوامها الألفة و المودة و التراحم و التعاون بين الزوجين، ولو لا الشعور المتبادل الذي يبعثه الله في نفوس الأزواج، لما استطاع أحدهما معاشرة الأخر زمنا قصيرا فكيف بمعاشرته طول الحياة، لكن قد يحدث ما يعكر صفو هذا الجو و يغيره، كأن يفاجأ أحد الزوجين عند أول لقاء بصاحبه أن به عيبا، أو يحدث هذا في فترة الحياة الزوجية بينهما، ويكون العيب صعب أو مستحيل الشفاء، أو عيبا منفرا أو مضرا وقد يكون مانعا من تحقيق المقصد الشرعي الذي لأجله شرع الزواج كالاستمتاع و إنجاب الأولاد وبناء أسرة منسجمة هل يبق السليم مع المريض يشاطره ألام الحياة كما شاطره سعادته وهناءه ولهم من الله الأجر و الثواب لأنه ساهم في تخفيف مصاب شريك حياته.
أما إذا كان الزوج سليما و خشي انتقال العدوى من زوجه إليه،أو ينفر عنه نفورا يكاد يخشي عليه من الفتنة إذا ما استمر على معاشرته، وكان يرغب بزوج أخر معافى غير مريض.[17]
الفرع الأول : العيب وجواز التفريق به
أولا: معنى العيب
العيب خلل أو نقص يكون في بدن الإنسان أو عقله، يخرج به عن أصل الفطرة السوية التي خلقه الله عليها، ومنه مقالة العبد الصالح "أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها " [18] أي حدث فيها خللا أو نقصا و النقص الذي يجده أحد الزوجين في الأخر قد يكون يسيرا لا يؤبه له، وقد يكون كبيرا ينفر الطرف الأخر السليم من المعيب أو يضره، أو يمنعه من الاستمتاع الذي هو أحد مقاصد النكاح.
متى رضي الطرف السليم بزوجه المعيب فلا إشكال في الأمر، ولكن الإشكال فيما لو اكتشف أحد الزوجين بعد العقد أو الدخول، أن الزوج الأخر معيب ولم يرضى بعيبه فما الحكم؟. [19]
ثانيا: أنواع العيوب
إن العيوب التي تصيب الإنسان متنوعة و مختلفة فقد تكون جنسية أو غير جنسية بل هي عيوب مرضية.
فالعيوب الجنسية هي التي تصيب الأعضاء التناسلية لكل من المرأة و الرجل وتسبب غالبا منع المعاشرة الجنسية ولكل جنس عيوبه الخاصة به .
ـ فعيوب الرجل مثل الجب و العنة، الخصاء.
أما عيوب المرأة فهي الرتق و القرن و العفل و الإفضاء [20]
في حين يشترك الجنسان في العيوب مرضية فقد تصيب المرأة أو تصيب الرجل مثل الجنون و الجذام و البرص و الأمراض المعدية الأخرى.
بما أن العصمة ملك للزوج إذا وجد عيب في الزوجة يحق له أن ينهي العلاقة الزوجية في أي وقت، وذلك حق شرعي و قانوني، أما المرأة لها حق التطليق.
ثالثا: جواز التفريق للعيوب
أ ـ السنة : ما روى عن الرسول (ص) تزوج امرأة من بني غفار فلما دخل عليها وضع ثوبه و قعد على الفراش فأبصر بكشحها(ما بين الخاصرة إلى الضلع) بياضا، فانحاز عن الفراش ثم قال خذي عليك ثيابك أو في رواية و إلحق بأهلك، و لم يأخذ مما أتاها شيئا. [21] و هذا الحديث يدل على جواز و مشروعية رد النكاح للعيب الذي يكون بالمرأة.
ب ـ الفقه : مذهب الأئمة الثلاثة: مالك،و الشافعي، و أحمد، و أتباعهم، أجازوا للقاضي التفريق بين الزوجين إذا وجد في الواحد منهما عيب جنسي يمنع من المعاشرة، أو وجد فيه مرض ضار كالجذام و البرص و الجنون، وهذه العيوب متفق عليها عند المذاهب الثلاثة.
أما أبو حنفية فقد أجاز للزوجة المطالبة بالتفريق بينها و بين زوجها إذا كان العيب جنسيا أما الأمراض الأخرى كالجذام و البرص و السل فلم يجزها.[22]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
تضح من الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون الأسرة بجواز التفريق للعيوب، حيث أعطى للزوجة حق التطليق للعيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج، أخذا بما ذهب إليه جمهور الفقهاء للعيوب شريطة توفر جملة من الشروط:
ـ أن يكون هناك عيب.
ـ أن يكون العيب من العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج.
ـ أن يكون العيب من العيوب المستمرة الدائمة التي لا يتوقع الشفاء منها .
ـ أن تقوم الزوجة برفع دعوى تطليق إلى القاضي.
ما يمكن ملاحظته بشان التطليق للعيوب أن المشرع أحسن صنعا عندما لم يحدد العيب ولم يذكر أمثلة العيوب بل اكتفى في الفقرة الثانية من المادة 53من قانون الأسرة على أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق بسبب العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج دون أن يفرق بين العيوب الجنسية و العيوب غير الجنسية .[23]
غير أنه و بما أن الزوج ليس هدفه الاستمتاع الجنسي فقط، بل الحياة الزوجية الهادئة المستقرة، فإنه يشترط ألا تكون الزوجة عالمة بالعيب عند العقد، فلو تزوجته وهي تعلم بحاله ليس لها الحق في طلب التفريق، لأن زواجها منه حينئذ يعتبر رضا منها بالعيب وإسقاط لحقها الجنسي، كما لو وجد منها رضا صراحة أو دلالة بعدم العلم بالعيب ورضيت بالبقاء معه لم يكن لها الحق في طلب التطليق.[24]
وفي المسائل الأخرى الرجوع إلى الشريعة الإسلامية فيما لم يفصل فيه القانون حسب المادة 222 من قانون الأسرة.
لعل المشرع الجزائري يقصد بعبارة" العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج "الغاية و المراد الذي من أجلـه شرع الزواج، وهو حـفظ النـسل، و الاسـتمـتاع
و بقاء الزوجة مع زوجها المعيب بعيب مادي جسمي أو معنوي عقلي نفسي يضرها أينما إضرار، حيث لا يعاشرها معاشرة الأزواج لزوجاتهم، وبالتالي يجب إعطائها وسيلة للتخلص مما هي فيه من المعانات بفك الرابطة الزوجية عن طريق التطليق.[25]
المطلب الثالث: الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر
الفرع الأول: موقف الشريعة الإسلامية
الواجب على الزوج أن يحصن زوجته بمعاشرتها ومجامعتها، لأن ذلك يعد من أهم الأسباب الدافعة له، وقال فقهاء الإسلام أن الرجل مفروض عليه مجامعة زوجته وأدنى ذلك مرة في كل طهر و إلا فهو عاص لله تعالى كما حدث بذلك الإمام ابن حزم في ذلك قوله تعالى "فإن تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله تعالى " وتبنى جمهور العلماء رأي الإمام إن حزم بوجوب الرجل معاشرة زوجته إذا لم يكن له عذر.
أما الشافعي ، فأعتبر معاشرة الرجل لزوجته ليس من قبيل الواجب بل من باب الحق الذي يتمتع به، وقال أحمد بن حنبل أنه مقدر بأربعة أشهر لأن الله قدره بهذه المدة، كذلك في حق غيره.
والمسألة فيها قصة إذ أن عمر ابن الخطاب سمع امرأة وهي تقول:
تطاول هذا الليل و اسود جانبه وطال علي أن لا خليل ألاعبه
و الله لو لا خشية الله وحده لحرك من هذا السرير جوانبه
ولكن ربي و الحياء يكسفني وأكرم بعلي أن توطأ مراكبه
فسأل عنها عمر فقيل له فلانة وزوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها تكون معه، فأرسل إلى زوجها (فأقفله) أي أرجعه، ثم دخل على حفصة فقال: يا بنية، كم تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقالت : سبحان الله مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال : لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك، فقالت: خمسة أشهر ……..ستة أشهر فوقت للناس في مغازلهم ستة أشهر يسيرون شهرا ويقيمون أربعة أشهر و يسيرون راجعين شهرا.
ومن هنا توارث أن الزوجة لا تستطيع الصبر عن زوجها أكثر من أربعة أشهر للدلالة التي ذكرناها سابقا، في فقه المالكية قال مالك: من يريد العبادة أو ترك الجماع لغير ضرر لولا علة، قيل له :" أما وطأت أو طلقت"
بل إن شيخ الإسلام يجعل ترك الوطء مبررا لفسخ النكاح في كل حال حتى ولو لم يقصد الزوج الإضرار بزوجته، فقال رحمه الله تعالى :"وحصول الضرر للزوجة بترك الوطء مقتضى للفسخ بكل حال، سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد، ولو مع قدرته و عجزه كالنفقة و أولى "[26]
ما ذهب إليه شيخ الإسلام هو الراجح و مرجعه في ذلك قوله عز وجل:" للذين يألون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم، و إن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" و الإلاء لا يكون إلا للتأديب، و لا يجوز استعماله للإضرار بالزوجة، ومدة الأربعة أشهر التي نص عليها القرآن، و تجاوزها بمقتضى إما عودة الحياة الزوجية وجوبا و إما التفريق للضرر، أو للهجر فوق أربعة أشهر. [27]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
تنص المادة 53 الفقرة الثالثة " يجوز للزوجة أن تطلب التطليق للهجر في المضجع فوق أربعة أشهر "
نلاحظ أن المشرع الجزائري من خلال هذه الفقرة نص فيه على المدة التي لا تستطيع فيها الزوجة الصبر على زوجها، وهي أربعة أشهر كأقصى حد، تطبيقا لما توصل إليه الفقهاء، نظرا للضرر الذي يصيبها من ترك الوطء و هذا حفاظا عليها من الوقوع في المحرمات.
أما إذا كان الهجر لعذر شرعي أو مبرر قانوني كوجود الزوج فـي المـستشفـي
أو الخدمة العسكرية أو في مكان أخر من أجل القيام بوظيفته أو كان الهجر تعبيرا عن غضب الزوج عن سلوك زوجته الطائش أو كان لا يتجاوز الأربعة أشهر أو كان لعدة مرات و لكن في أوقات مختلفة و متفرقة فلا يسمح القانون للزوجة في هذه الحالة طلب التطليق بسبب الهجر في المضجع و لو تجاوزت المدة أربعة أشهر.
غير أنه وجوبا علينا ألا نخلط بين الهـجر في المضـجع الذي يعد كسبـب قانونـي
و من الأسباب التي تمنح الزوجة حق طلب التطليق بإرادتها المنفردة وهو الهجر المتعمد الذي ليس له أي مبرر شرعي و لا يهدف إلا الإضرار بالزوجة و بين الهجر الذي لا يهدف إلى الإضرار بها و إنما إلى تأديبها و دفع ضرر نشوزها و تمردها إذ هجر شرعي و لا يكون سببا من الأسباب التي تمنح الزوجة حق طلب التطليق.[28]
ومن الأمور التي تتفق فيها أحكام الإيلاء مع الهجر هي ترك وطء الزوجة وعدم الاقتراب منها ولمدة 4 شهور فأكثر على رأي الإمام مالك، الشافعي وابن حنبل، وإلحاق الضرر بالزوجة بسبب هذا الهجر وهو حرام شرعا وغير مقبول قانونا لما يتضمنه من حرمان الزوجة من حق تملكه بموجب عقد الزواج ومقتضياته.
أما الأمور التي تختلف فيها أحكام الهجر عن أحكام الإيلاء فهي أن هذا الأخير يمين أو قسم على عدم الاقتراب من الزوجة وترك وطئها وجماعها، بينما الهجر في المضجع أو الفراش لا يفيد هذا المعنى صراحة بالقدر الذي يفيده معنى الإيلاء، وقانون الأسرة منح الزوجة حق طلب التطليق للهجر دون أن يشترط توفر نية الإضرار بالزوجة لدى الزوج [29].
المطلب الرابع : للحكم بعقوبة على الزوج
الفرع الأول : التطليق للحبس في الفقه
إن الفقهاء المسلمين قد اختلفوا في جواز تطليق الزوجة لحبس زوجها من عدمه منهم من أباح تطليقها و منهم مذهب إلى خلاف ذلك.
أولا: موقف الأحناف و الشافعية
ذهب الأحناف و الشافعية إلى أنه لا يجوز تطليق الزوجة لحبس الزوج مهما طالت مدة الحبس، ويبررون موقفهم هذا بعدم وجود دليل شرعي على ذلك.
ثانيا: موقف المالكية و الحنابلة
يقولون المالكية و الحنابلة بالتفريق بين الزوجين لغياب الزوج و صرح ابن تيمية من الحنابلة بحق امرأة الأسير و المحبوس و نحوهما، مما يتعذر انتفاع امرأته به إذا طلبت فرقته كالقول في امرأة المفقود .
و لكن المذهب المالكي، صرح بأن لزوجة الأسير الحق في طلب التفريق، لأن معيار و مناط التفريق عندهم هو بعد الزوج عن زوجته، سواء كان باختياره أو قهرا عنه، كما في الأسير، لأن الضرر يلحق الزوجة من هذا البعد، وهذا المعنى متحقق في زوجة المحبوس، ولأن الزوج الذي حكم عليه نهائيا بحبسه، و بعد مدة سنة فأكثر على تنفيذ حكم الحبس ما يعادل الغياب لأكثر من سنة.[30]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
لقد نصت المادة 53 من قانون الأسرة في فقرتها الرابعة على أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق، في حالة الحكم على الزوج عن جريمة فيها مساس بشرف الأسرة، وتستحيل معها مواصلة العشرة الزوجية.
فالمصدر التشريعي لهذه المادة هو المذهب المالكي فالضرر يتحقق ببعد الزوج عن زوجته لكن المشرع الجزائري أضاف شرط كون الجريمة المعاقب عليها تمس بشرف الأسرة و يمكن القول أن معظم الجرائم تمس بشرف الأسرة و هنا المشرع توسع في الضـرر لابـد أن يــمـس كل الأسـرة و الـمـقــصود بالأســـرة هنـا الزوجـيــن
و أقاربهما. و أضاف أن تكون الجريمة المحكوم عنها الزوج تستحيل معها مواصلة العشرة الزوجية .
ما يمكن ملاحظته من خلال هذه الشروط نجدها متنافرة غير منسجمة و يتضح هذا التنافر و عدم الانسجام في كثرة الأوصاف المضافة إلى العقوبة المحكوم بها من حيث كونها مساس بشرف الأسرة و من حيث كونها جريمة تستحيل معها مواصلة العشرة و استمرار الحياة الزوجية .
فالمذهب المالكي حدد مدة الحبس بسنة ما يعادل الغياب لأكثر من سنة فالعبرة بالمدة التي تستطيع الزوجة الصبر على زوجها، فالمشرع الجزائري قد نص على مدة السنة لكن في قانون05ـ09 المؤرخ في 4 مايو2005. حذف المشرع مدة السنة و لم يحددها بمدة معينة و أضاف أوصاف أخرى و هذا ما لا يتوافق مع توصل إليه الفقهاء من أن العبرة بالمدة التي لا تستطيع الزوجة الصبر على زوجها.
المبحث الثاني: الضرر للغيبة ومخالفة المادة 08 ق أ و الفاحشة المبينة
المطلب الأول: الضرر للغيبة
غياب الزوج عن زوجته نوع من أنواع الضرر الذي يقع بها، ووقوع الضرر مخالف للقاعدة الأصولية في الإسلام "لا ضرر و لا ضرار" و إنما معاشرة بالمعروف، و إمساك بالإحسان، و قال تعالى " و لا تضاروهن لتضيقوا عليهن" فمن استقام على ذلك فهو المسلم المقيم لحدود الله، ومن خالف ذلك فليس من الإسلام في شيء.[31]
الفرع الأول: أراء الفقهاء
أولا: رأي الحنبلية و الشافعية
قالوا بأن الغيبة لا تكون سببا للتفريق بين الرجل وزوجته و إن طالت المدة، لانعدام ما يصلح أن يبنى عليه التفريق بينهما،[32] و حجتهم عدم قيام الدليل الشرعي يثبت وجود هذا الحق.[33]
ثانيا: رأي المالكية و الحنابلة
يرون جواز التفريق لغيبة الزوج إذا طالت الغيبة، و تضررت الزوجة بسببها، و لو ترك الزوج الغائب مالا تنفق منه مدة غيبته لأن إقامة الزوجة بعيدة عن زوجها مدة طويلة مع محافظتها على الشرف و العفة أمر لا تتحمله الطبيعة البشرية في الغالب، وهو ضرر بالغ يجب رفعه إذ لا ضرر و لا ضرار في الإسلام، و ذلك بالتفريق بين الزوج الغائب و زوجته إن أبى أن يحظر إليها أو ينقلها إلى البلد الذي يقيم فيه.
فالمالكية أجازوا التفريق مطلقا، ولم يفرقوا بين الغيبة لعذر كطلب العلم و التجارة، التي لا تكون بعذر، وجعلوا حد الغيبة سنة على القول الراجح عندهم.
ويقول الدردير في الشرح الكبير" لكن الغائـب لابد من طـول غيـبته سـنة فأكـثـر
و لابد من الكتابة إليه إما أن يحضر أو ترحل امرأته أو يطلق، فإن امتنع تلوم له بالاجتهاد، و طلق عليه، و لا يجوز التطليق بغير الكتابة إليه إن علم محله، و أمكن الوصول إليه، و لابد من خوفها على نفسها الزنا و يعلم ذلك من جهتها، لا مجرد شهوتها للجماع .
و الحنابلة لا يجزون التطليق للغيبة إلا إذا كانت بدون عذر، فإن كانت غيبة الزوج لعذر فلا يجوز التطليق بسببها، و جعلوا حد الغيبة ستة أشهر.[34]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
تنص المادة 53 الفقرة الخامسة من قانون الأسرة على أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها في حالة غيابه بعد مضي سنة بدون عذر ولا نفقة، وفي تحليلنا للمادة نجد المشرع نص على جملة من الشروط ليتحقق الضرر وهي كما يلي:
أولا: الشرط الأول
أن تمضي مدة سنة فأكثر على غياب الزوج عن زوجته ابتداء من غيابه إلى يوم رفع الدعوى.[35] وهذا أخذا عن المذهب المالكي و هي أقصى مدة تستطيع الزوجة أن تصبر على زوجها صونا لعفة و شرفها.
ثانيا: الشرط الثاني
أن يكون الغياب قد وقع من الزوج بدون عذر مقبول و بدون سبب شرعي أي يكون متعمدا الأضرار بها. [36] و هذا ما استمده المشرع من مذهب الحنبلي الذين لا يجزون التطليق إلا إذا كان بدون عذر.
ثالثا: الشرط الثالث
أن يكون الزوج قد غاب عن الزوجة لمدة سنة كاملة بدون عذر ولم يترك لها مال تنفقه على نفسها أو الأولاد الناتج عن زواجهما.[37] هذا ما لم ينص عليه الفقهاء لأن الضرر يتحقق بمجرد الغيبة لأن الزوجة تشعر بالوحشة و نخاف على نفسها الوقوع في الحرام ولو ترك لها مال تنفقه. كونها المدة التي لا تستطيع المرأة فيها الصبر على غياب زوجها كما تقدم ذلك في حديثنا عن الهجر في المضجع لأكثر من أربعة أشهر.
المطلب الثاني : مخالفة الأحكام الواردة في المادة 08 قانون الأسرة
الفرع الأول: موقف الشريعة من التعدد
اتفق العلماء في القديم على تعدد الزوجات في حدود الأربعة، لقوله تعالى " وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ، فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع ، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تعدلوا "، و يوجد شرطان لإباحة التعدد هما:
أولا ـ العدل بين الزوجات : العدل المطلوب في هذه الآية هو العدل الظاهر، و هو القسم بين الزوجات و المساواة في الإنفاق و المساواة في المعاملة الظاهرة، و ليس هو العدل في المحبة الظاهرة ، لأن هذا أمر غير مستطاع، و الله تعالى يقول " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " و الرسول (ص) يقول " هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك و لا أملك " يعني المحبة لأن عائشة كانت أحب إليه. و لقوله تعالى " فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالملعقة"
ثانيا ـ القدرة على الإنفاق : و قد قيل بشرط أخر للتعدد هو كون من يريده قادر على الإنفاق ، و سند هذا القول آية " فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة……..ذلك أدنى ألا تعولوا "، فهناك من فسر عبارة " ألا تعولوا" بمعنى ألا تجوروا أو ألا تميلوا فيكون المعنى: ذلك أقرب إلى الجور. و على تفسير الإمام الشافعي يكون للتعدد شرط أخر، هو أن يكون راغب التعدد قادرا على الإنفاق على زوجاته بعد التعدد، و على ما يحتمل له من أولاد كثيرين بسببه فضلا عن قيامه بالنفقة على من تجب عليه نفقته من أقرباء بصفة كونه عضوا في الأسرة.[38]
الفرع ثاني: موقف المشرع الجزائري
حسب المادة 08 من قانون الأسرة المشرع يسمح للزوج بأكثر من زوجة واحدة متى وجد المبرر الشرعي في حدود الشريعة الإسلامية و توفرت نية العدل، و يشترط القانون إخبار الزوجة السابقة و التي يقبل على الزواج بها و لابد أن يقدم طلب الترخيص بالزواج إلى رئيس المحكمة مكان مسكن الزوجية.
أولا: شروط التعدد
المشرع الجزائري أباح التعدد كمبدأ عام، و لكنه قيد الأمر بضرورة توفر شروط معينة تتضح من خلال المادة 08 قانون الأسرة.
أ ـ الشرط الأول : وجود مبرر شرعي للزواج بأخرى
كأن يكون من باب التمثيل عقم الزوجة الأولى، و رغبة زوجها في الإنجاب، أو مرضها و عدم قدرتها على القيام بشؤون البيت.
ب ـ الشرط الثاني: ضرورة توفر شروط و نية العدل بين الزوجات في الحقوق و الواجبات
حيث قال الله تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيـمانـكم ذلك أدنـى لا تعـدلوا" أبـاح الله تعـدد الـزوجـات
و قصره على أربع، و أوجب العـدل بـينـهن في النفـقة أي الطعـام و السـكـن و الكسـوة
و المبيت، و سائر ما هو مادي من غير تفرقة بين الغنية و الفقيرة، و من خشي الجور و الظلم بزواج الثانية حرمت عليه.[39] ذلك ما يفهم من الآية القرآنية السابقة و أن الرسول قال : "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة و شقه مائل "[40]
ج ـ الشرط الثالث : ضرورة إخبار الزوجة السابقة و المرآة التي يقبل على الزواج بها.
ومعنى ذلك أن الزوج إذا لم يخبر الزوجة الأولى أو الثانية بأمر الزواج يكون قد ارتكب غشا. و المشرع الجزائري من خلال اشتراط ذلك يهدف إلى تقييد التعدد حتى لا تهضم حقوق الزوجات عند تعددهن، و تفادي الأضرار الناجمة عن التعدد.[41]
و من جهة أخرى فيمكن للزوجة أن تشترط عدم التزوج عليها و ذلك حق لها طبقا لما هو وارد في المادة 19ق أ " للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق كل الشروط التي يريانها ضرورية، و لاسيما شرط تعدد الزوجات و عمل المرأة ، ما لم تتنافى هذه الشروط مع أحكام هذا القانون"
و المشرع الجزائري أخذ في مضمون المادة هذه، ما هو معروف في الشريعة الإسلامية التي جعلت من حق المرآة أو وليها ألا يتزوج الرجل عليها.
و الرسول يقول " إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج" كما روي عن الرسول أنه قال إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أبي طالب، فلا أذن، ثم لا أذن إلا أن يريد بن أبي طالب أن يطلق ابنتي و ينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما أرابها، و يؤذيني ما أذاها. فالحديث تضمن أن اخبر أن زواج على بابنة بني هشام و هو زوج فاطمة رضي الله عنها يؤذيها و يؤذي رسول الله الذي زوج على بفاطمة رضي الله عنه على ألا يؤذيها.[42]
المطلب الثالث: ارتكاب الزوج الفاحشة المبينة
الفرع الأول: مفهوم الفاحشة
يثور التساؤل عن ماهية الفاحشة المبينة، فنقول عن الأمر أنه فاحش إذا زاد عن الحد المعقول، فيقال رجل فاحش أي معتد في القول، أو يقال خسارة فاحشة أي كبيرة، أو غبن فاحش أي إذا جاوزت الزيادة ما يعتاد مثله.[43]
وفي القرآن الكريم وردت آيات كريمة تصور الفاحشة في الأمور التي تخل بالأنظمة العامة و السلوكات الاجتماعية إخلالا كبيرا منها:
قوله تعالى "و لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيل " [44]
قوله تعالى: " لا تخرجوهن من بيوتهن و لا تخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة و تلك حدود الله و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه "[45]
و بقوله تعالى: " و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة "[46]و يقول" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن "[47]الواضح أنه ليس هناك خلاف كبير في القول أن الفاحشة هي الجريمة الأخلاقية التي تسيء لسمعة الإنسان .
و الفاحشة في مدلولها الشرعي لا تنحصر فقط في جريمة الزنا، وإنما تتعداها إلى الجرائم التي أقر لها الشارع الكريم عقوبات محددة و معينة تسمى الحدود و هي الجرائم التالية : الزنا، القذف، السرقة، السكر، الردة، و البغي و هي تسمى الفواحش جمع فاحشة .[48]
الفرع الثاني: أمثلة عن الفواحش
أولا: الزنا
أ ـ موقف الإسلام : لقد دعا الإسلام إلى الزواج لأنه نصف الدين، أباح التعدد عند الضرورة، و نظم تنظيما محكما الزواج، وهو آية من آيات الله الذي يعلم فطرته التي فطر الناس عليها، و يعلم غرائزهم و طباعهم.
ومن جهة أخرى، فإنه حرم أي اتصال جنسي غير مشروع، وشدد العقوبة إلى أقصى درجة، و اعـتبر الزنـا من أبشـع الجرائم التـي ترتـكب ضـد الشـرف و الأخلاق
و الفضيلة و الكرامة، و بل ضد الأسرة و المجـتمع كـكل، لأنها تقـوض بناء المجـتمـع،
و تفـتـت الأسـر و تخلـط الأنسـاب، و تقـطـع العلاقـات الزوجـيـة، و ضـيـاع الأولاد،
و تشردهم بالإهمال.
فجريمة الزنا من أخطر أمور الحياة كلها، بل أشـدها تعـلقا بنظامـها، و تـماسـكها
و ترابطها، و لذلك اهتم الشارع بهذا أكبر اهتمام، صونا للروابط الأسرية مما يهددها من بلاء و أخطار. إنه عنصر خبيث في المجتمع، و يجب استئصاله جذريا بقتله أو إعدامه حتى يكون عبرة لغيره و و يصبح المجتمع، بذلك نقيا، و هذا ما يجب أن يكون، حتى لا ينتشر الفسق و الدعارة، و البغاء و الانحلال حتى أصبح أكثر من أهل الجاهلية قبل الإسلام .[49]
إن كل اتصال جنسي قائم على أساس غير شرعي ، يعتبر زنا تترتب عليه العقوبة المقررة من حيث أنه جريمة من الجرائم التي حددت عقوبتها، شرعا بإقامة الحد،[50] .
الأصل أن الزوجة لا تطلب التطليق لأن زوجها سيعاقب و نهايته الموت بحكم دين الله، ولكن الأمر مختلف في القوانين الوضعية.
ب ـ القانون الجزائري:
حسب المادة 339 قانون العقوبات، فإنه " يقضي بالحبس كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا ، و تطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة.
ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين، و تطبق العقوبة ذاتها على شريكته .
و لا تتخذ الإجراءات إلا بناءا على شكوى الزوج المضرور، و أن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة"[51]
و إذا ما حدث أن ثبتت الجريمة، وطبقت العقوبة، فللزوجة حق مطلق في طلب التطليق طبقا للفقرة 7 من المادة 53 من قانون الأسرة، والقاضي يحكم بذلك،و المشرع الجزائري، يعاقب الزوج بتطليق زوجته جبرا عنه.
ثانيا: شرب الخمر
إن شرب الخمر يلحق بالفواحش، فـيـدفـع الـزوج إلى ارتكاب حماقـات مخـتلفـة
و إتيان تصرفات يسئ بها إلى الزوجة و الأولاد و إلى سمعة الأسرة ، و الإضرار باقتصادها، وأموالها وأمنها و راحتها و قد يؤدي في الغالب شرب الخمر إلى التخلي عن الواجبات الزوجية، أو لم يصفها الرسول (ص ) أنها أم الخبائث، فهو بذلك مفتاح كل البلايا و الانحراف. لنتصور الزوجة على أرض الواقع تنتظر كل مساء زوجها المخمور، و كيف تقاسي معه و تحاول جاهدة إسكاته وتهدئته، فكم تصبر على هذا الحال؟
بل و كيف يكون حال الولد الصغير، الذي يرى أباه يتولى سكران أمامه.فأضرار الخـمر كثـيرة و تحـريمها لـيس عبثا، إنما حفاظـا على البـشر من الأمراض الجـسـمية
و النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية،[52] فإن إلحاق شرب الخمر بالفاحـشة أمرا منـطقيا لما يـترتب عن ذلك من أضـرار، و لا ربما تقدم الزوجة إلى طلب التطليق يؤدي إلى تراجع الزوج المدمن عن سـلوكه عنـدما يلاحـظ أنه يفـقد الزوجـة و الأولاد،
و إلى إزالة الضرر الذي يصيب الزوجة.
المبحث الثالث: الشقاق المستمر و مخالفة شروط عقد الزواج و الضرر المعتبر شرعا
المطلب الأول : الشقاق المستمر بين الزوجين
الفرع الأول : الشقاق في الشريعة الإسلامية
الزواج ميثاق غليظ أحاطه الله بعنايته من حين قيامه إلى حين انتهائه، سواء بالمـوت أو بغـيـره، و لـم يـتركه لـلنـاس يقيـمون قواعـده و أصوله، ويضـعـون نـظمـه
و أحكامه، فالزواج عقد يتعلق بذات الإنسان و به و عليه سعادته و شقاؤه ، و المعاشرة بالمعروف، و الإمساك بالمعروف، من قواعد الزواج التي وضعها الله، فإن فاتت هذه القواعد، و دخل الشقاق بين الزوجين، و ضع الإسلام قواعده للصلح بينهما، و بدأ بتدخل الأهل إن يريد إصلاح يوفـق الله بينـهما، فإن لـم يـجد الصـلح نفـعا، قال تعـالى :
" و إن يتفرقا فيغن الله كلا من سعته"[53]
يقوم الضرر في هذه الحالة على عدم معرفة المتسبب فيه و ذلك بسبب سوء المعاشرة الزوجية بين الزوجين كما لو تبين لأحد الزوجين أنه أخطأ في اختيار شريك حياته و ظهر التباين بين الطباع و الأخلاق و أصبحت الحياة الزوجية لا يطاق مواصلتها في ظل الخلافات و النزاعات القائمة بين الزوجين.[54]
و الأصل في الشقاق بين الزوجين هو قوله تعالى:" و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينها "[55]
أولا: التحكيم
أ ـ شروط الحكمين
يشتـرط لصـحة الحـكمين: الإسـلام و الحـرية، و البـلوغ، و الذكـورة، والعـدالة،
و الرشد، و الفقه في ذلك، و أن يكونا من الأهل.
ب ـ واجب الحكمين
يجب على الحكمين الإصلاح بين الزوجين بكل وجه ممكن لقوله تعالى : " إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " أي أن يرد الحكمان الإصلاح يوفق الله تعالى بين الزوجين و المراد بالإصلاح هنا فعل ما هو أصلح للزوجين ، و ليس المراد بالإصلاح هنا ضد الافتراق فقد يكون الأصلح لهما الافتراق و قد يكون الأصلح البقاء على الزوجة.
ج ـ حكم المحكمين :
الحكمان حكمان لقوله تعالى " فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها"
قال القرطبي :هذا النص من الله سبحانه أنهما قاضيان لا وكيلان و لا شاهدان .
و تعيين المحكمة حكمين للتوفيق أو التفريق، فلا يشترط بعث الحكمين تكرر الشكوى، فهذا الشرط ليس في كتاب الله فلا وجه لتغيير نظام التحكيم به، و إن كان الأرجح في فقه المالكية أن القاضي ينظر بنفسه أولا في دعوى المضارة.
و بما أن الحوادث قد دلت على أن الحكمين يميل كل منهما غالبا إلى الطرف الذي يمثله، و قلما يتفقان على القاضي أن يأمرهما عند الاختلاف بمعاودة البحث و لا تنتج معاودة البحث إلا إصرار كل منهما موقفه، فيندب القاضي غيرهما.[56]
الفرع الثاني: موقف القانون الجزائري
استحدثت هذه الفقرة بموجب التعديل الأخير و أعتبر المشرع الجزائري أن الخصام و الشقاق المستمر بين الزوجين يعد سببا من الأسباب التي تجيز للزوجة طلب التطليق من القاضي، و مصدر مصطلح الشقاق مستمد من قوله تعالى: " و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها " و الشقاق هو استحكام العداء و الخلاف و الخصام الذي يعرض الحياة الزوجية للانهيار و الضياع.
مصدر هذه الفقرة المستحدثة في تعديل قانون الأسرة لسنة 2005 كان الاجتهاد القضائي لا سيما المحكمة العليا و تجسد ذلك فعليا في بعض القرارات منها القرار المؤرخ في 15/06/1999 و الذي جاء فيه ما يلي : " من المستقر عليه قضاء أنه يجوز تطليق للزوجة لاستفحال الخصام و طول مدته بين الزوجين باعتباره ضررا شرعا".
الاجتهاد هذا حضي بعناية المشرع و ارتقى لمرتبة القاعدة القانونية، إذ خصصت له المادة 53 الفقرة الثامنة و أضحت مستقلة عن فقرة الضرر المعتبر شرعا.[57]
المطلب الثاني: مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج
الفرع الأول : موقف الشريعة الإسلامية من الشروط في الزواج
يقيم الإسلام العلاقة الزوجية على أساس من الود و التراحم و المحبة التي بينها الله تعالى بقوله : " هو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، و جعل بينكم مودة و رحمة "[58]
ومع ذلك قد يشترط أحد الزوجين، شروطا عند العقد ليحقق لنفسه مصلحة خاصة، خوفا من أن الطرف الثاني قد يحرمه من هذه الميزة، أو المصلحة إذا لم يشترطها.
وقد أبيح الاشتراط في عقد الزواج بقول الرسول ص:"إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج" غير أن إباحة الاشتراط في عقد الزواج ليست على إطلاقها ، ومن هنا كان لفقهائنا مجال واسع في بحث تلك الشروط ، غير أننا يمكن تقسيم أراء الفقهاء بشكل عام في الشروط إلى قسمين رئيسيين ، قسم يضيق الشرط إلى حد كبير على اختلاف فيما بينهم وهم الشافعية و المالكية و الحنفية، و قسم يوسع في جواز الاشتراط و هم الحنبلية .
أولا ـ الشروط عند الشافعية : قسم الشافعية الشروط إلى ثلاثة أقسام
ـ شروط توافق مقتضى عقد النكاح كأن تشترط المرأة الإنفاق عليها أو معاملتها بالمعروف أو غير ذلك من مقتضيات النكاح و هذه الشروط جوازية.
ـ شروط تخالف مقتضى عقد النكاح، و لا تخالف بمقصوده الأصلي وهو الوطء ، كشرط أن لا يتزوج عليها فالنكاح صحيح و الشرط باطل.
ـ شروط تخالف مقتضى العقد ، كأن تشترط المرأة أن لا يطأها ففي هذه الشروط يؤدي إلى بطلان النكاح و الشرط معا.
ثانيا : الشروط عند المالكية
أ ـ شروط جائزة : وهي الشروط يقتضيها العقد ، كحسن العشرة ، النفقة.
ب ـ شروط مكروهة : وهي تكون مما لا يقتضيه العقد، و لا ينافيه، كأن لا يتزوج عليها ، فمثل هذه الشروط لا يفسخ الزواج بها لا قبل الدخول ولا بعده،لا يلزم الوفاء بها و إنما يستحب الوفاء بها، وهذه الشروط مكروهة، لما فيها من الحجر على الزوج و الحد من تصرفه .
ج ـ شروط منافية لمقتضى عقد الزواج وهي قسمان :
شروط يفسخ النكاح بها قبل الدخول وجوبا، و يثبت النكاح إذا حصل الدخول مثل : أن تشترط المرأة لا يأتيها الرجل إلا ليلا أو نهارا أو أن لا ترثه أو نفقتها عليها أو على أبيها.[59]
ثالثا: الشروط عند الحنفية
أ ـ شروط صحيحة :وهي ما كانت من مقتضيات العقد، أورد الشرع بجوازها
ب ـ الشروط الفاسدة :هي التي لا يقتضيها العقد و لم ينص بجوازها لا تلاءم عقد الزواج غير أنها تتضمن مصلحة لأحد العاقدين، و يكون العقد صحيح ، و يلغى الشرط الفاسد .
رابعا : الشروط عند الحنبلية
أـ شروط صحيحة: و هي نوعان
ـ وهي ما كانت من طبيعة العقد، و مقتضياته كالنفقة أو العشرة بالمعروف فهذه الشروط جائزة و لا تأثر في العقد.
ـ شروط ليست من مقتضيات العقد، و لكنها لا تنافيه كأن لا يخرجها من بيتها أو لا يتزوج عليها، فهذه الشروط صحيحة يجب الوفاء بها و إلا فللزوجة حق الفسخ وحجتهم في أنها لا تحل حراما و لا تحرم حلالا.[60]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
إن المشرع الجزائري استحدث فقرة بموجب تعديل قانون الأسرة 05ـ 9المؤرخ في 04/05/2005 و مصدرها في الأساس المادة 19 من قانون الأسرة المعدلة هي الأخرى و التي تنص على ما يلي : "للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق كل الشروط التي يريانها ضـرورية و لاسـيما شـرط عدم تعـدد الزوجـات
و عمل الزوجة ما لم تتناف هذه الشروط مع أحكام هذا القانون" الواضح أن المشرع لم يأت بجديد يذكر قياسا للمادة 19 القديمة لأنه أراد توضيح أن هذه الشروط التي يمكن أن تكون محل إبرام العقد، و أعطى مثالين كشرط عدم تعدد الزوجات و عمل المرأة. أبقت المادة المعدلة أي شرط يتعارض مع القانون المستمد أساسا من الشريعة الإسلامية، فإذا ما تم الاتفاق على شرط يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية في الزواج وصيرورته عد باطلا بطلانا مطلقا كون المسألة متعلقة بالنظام العام.[61]
إلا أنه نلاحظ أن دعاة التعديل أرادوا أن يجردوا قانون الأسرة الذي هو ذو طبيعة خاصة والمستمد أصله من الشريعة الإسلامية وإضفاء الأحكام المتعلقة بالعقد المدني إلا أنه تجدر الإشارة إلى أنه إذا أردنا تطبيق خصائص العقد المدني على عقد الزواج فلا بد من تطبيقه بحذافيره، ففي حالة إخلال أحد الزوجين بالالتزامات الواردة في العقد فإن له الحق في طلب فسخ عقد الزواج لا طلب التطليق بطلب من الزوجة، لأننا بهذا سوف نطلق العنان لكلا الزوجين في اشتراط ما يريدانه الأمر الذي يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية كاشتراط مثلا أن يكون عقد الزواج مؤقتا، عدم الإنفاق على الزوجة أو عدم الإنجاب.
المطلب الثالث : الضرر المعتبر شرعا
الفرع الأول : معنى الضرر المعتبر شرعا
لم يعرفوه الفقهاء وربما عرفوه بذكر بعض الأمثلة له و بقولهم : أنه لا يجوز شرعا ، فالفقيه الدردير المالكي يعرف الضرر، هو ما لا يجوز كهجرها بلا موجب شرعي و ضربها كذلك و سبها و سب أبيها.
أولا: الضرر المادي
هو كل ما يلحق الأذى ببدن المرأة، و منه ضربها باليد أو بآلة، و بإحداث جرح في بدنها أو كسر و نحو ذلك مما لا يجوز شرعا و يلحق الأذى ببدن المرأة.
ثانيا: الضرر المعنوي
هو كل ما يلحق الألم فـي نفـس الزوجـة، و منـه إسمـاعها الكـلام القبيح من سـب
و شتم لها و لولديها، أو تشبيهها بما يعتبر شتما لها مثل تشبيهها بالكلب أو الحمار أو تشبيه والديها بذلك . أو ترك الكلام معها أو ترك المبيت في فراشها دون وجه وهو ما يسـمـى بالـهجـر، ترك وطـئـها دون مـبرر شـرعي مـثل مرضـه، إظـهار العبـوس لـها
و تقطيب الحاجبين في مواجهتها و رفع الصوت عليها، و عدم الإصغاء لحديثها معه كأن يتشاغل عنها بشيء ما أو بتركها تتكلم و يمضي.
و لا يشترط تكرار الضرر لطلب التطليق إذا ثبت أضرار الزوج بزوجته بالبينة المعتبرة، فلا يشترط إثبات تكراره لطلب التفريق " و ذلك بأن يأمر الحاكم زوجها بطلاقها، فإن امتنع طلق عليه القاضي "
إن هذا التطليق يجوز أن يطلب أيضا قبل الدخول توحيدا لعمل المحاكم، لأن المضارة قد تتحقق قبل الدخول في صور عديدة، و من مصلحة أن تزول هذه الزوجية التي بدأت معتدلة قبل أن يمتد الإضرار إلى أولاد أبرياء.[62]
ثالثا : أمثلة عن الضرر المعتبر شرعا
ـ تعدي الزوج على الزوجة بالضرب أو السب ألا يضرب بقصد التأديب و في الحدود الشرعية لاستعمال هذا الحق.
ـ الهجر و المقصود هنا الغيبة عن بيت الزوجية مع الإقامة في بلد واحد، فهو هجر قصد به الأذى ، لأن الهجر من أشد أنواع الضرر،و لأنه يترك الزوجة بلا عشير يؤنسها تئن من الوحدة و الوحشة و تبقى كالمعلقة لا هي متزوجة لا هي مطلقة ، مما يعرضها للفتنة.[63]
ـ إتيان الزوجة كرها في غير موضع الحرث أو الولد، أي في الدبر، وهو أمر محرم شرعا فقد قال تعالى" فأتوهن من حيث أمركم الله " و يقول الرسول ملعون من أتى امرأة في دبرها. [64]
ـ تحريض الزوجة على ارتكاب المحرمات، مثل ممارسة الدعارة، شرب الخمر و هي تعد من الكبائر التي حرم الله القيام بها.
ـ اتهام الزوج لزوجته تهمة تخدش كرامتها و تمس شرفها، وتطعن في سـلوكـها
و أخلاقها.
ـ ممارسة الزوج لبعض السلوكيات الشنيعة الماسة بشرف و سمعة العائلة، يتعدى أثرها السيئ إلى الزوجة فتضرر أينما ضرر، كأن يضبط في شقة للقمار مرتكبا فعلا فاضحا.
ـ إفشاء الزوج للأسرار، التي بينه و بين زوجته، و لا يفعل ذلك من لا يبالي بما بينه و بين زوجته من علاقة مقدسة وميثاق غليظ.
ـ تبديد الزوج لجهاز زوجته و أخذ و سرقة و ابتزاز أموالها و في ذلك اعتداء على حقوقها القانونية و انتهاك حرمة التصرف في مالها و هي حرية محمية قانونا وتمليها مقتضيات العدالة و هي الهدف النهائي للقانون.
وهذه جملة من الأمثلة عن أنواع التي يمكن أن تلحق الزوجة و هو دافع للتطليق و هو يتغير حسب البيئة الاجتماعية و حتى من زوجة إلى أخرى.
رابعا: أحكام الضرر المعتبر شرعا
ـ وجوب وقوع الضرر من جانب الزوج و بعبارة أخرى فإنه يشترط أن يكون الضرر الواقع على الزوجة صادرا من الزوج، و من غير المعقول أن تطلب الزوجة التطليق إذا كان مصدر أجنبي عن الزوج.
مثل الوالدين الزوج و أقاربه، و عندها تطلب الزوجة من زوجها الحماية كما لا يمكن لها رفع دعوى التطليق إذا كانت هي المتسببة في الضرر.
ـ يجب أن يكون الضرر واقعا على الزوجة و تقوم بإثبات ذلك، حتى تسمع دعوها في طلب التطليق.
ـ يجب أن يكون الضرر متعمدا، أن التصرف الصادر من الزوج يكون مصدرا للضرر مربوط بإرادة الزوج، قام به عمدا و قصدا.
ـ لا يشترط وقوع الضرر بعد الدخول ، فيجوز إذن أن يقع الضرر قبل الدخول أبسط مثال على ذلك ترك الزوج لزوجته دون دخول، رغم العقد عليها كالمعلقة لا هي متزوجة و لاهي مطلقة حسب مذهب إمام مالك.[65]
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
فالأصل التشريعي للمادة 53 الفقرة الأخيرة هو المذهب المالكي الذي يبيح للزوجة طلب التفريق إذ ما ضارها زوجها بأي نوع من أنواع الإيذاء التي تتمخض كلها في أن للزوج مدخلا فيها و إرادة متحكمة في اتخاذها و بالتالي فالقاضي يتأكد من ضرر ناتج عن فعل الزوج العمدي المفضي إلى الإضرار بالزوجة وهو في مرتبة السلطان، و السلطان يطلق للضرر.
ـ المأخوذ عن الإمام مالك لا يفرق بين المدخول بها و غير المدخول بها في طلب التطليق للضرر و المثال الواقعي لذلك تعلل الزوج بعدم العثور على مسكن مناسب، فهو أمر لا دخل لها فيه، و من واجب توفير السكن، والتراخي عمدا يصيب الزوجة أبلغ الضرر.
الفصل الثاني
السلطة التقديرية للقاضي في إثبات الضرر و الحكم بالتعويض.
إن الحكم الصادر بالطلاق يعد حكما كاشفا لإرادة الزوج، تنعدم فيه إرادة القاضي، لأن الطلاق بيد الزوج و لكن لم تحرم الزوجة من حقها في فك الربطة الزوجية عن طريق التطليق، بحكم القاضي الذي يكون منشئا في الحالات الضرر الذي يصيب الزوجة و بالتالي المسألة تقديرية للقاضي للحكم بفك الرابطة الزوجية لثبوت الضرر و حسب المادة 57 من قانون الأسرة" تكون الأحكام الصادرة في دعاوى التطليق غير قابلة للاستئناف فيما عدا جوانبها المادية".
المبحث الأول: السلطة التقديرية المقيدة في إثبات الضرر
إن الضرر الذي حددته بعض الحالات المادة 53 من قانون الأسرة متى ثبت بالطرق الشرعية و القانونية يكون القاضي على إثرها ملزما الحكم بفك الرابطة الزوجية عن طريق التطليق تحقيقا للعدل و تطبيقا للقانون بالتالي: سلطة القاضي هنا تكون مقيدة في الحالات التالية:
ـ عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه ما لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج مع مراعاة المواد 78. 79. 80 من هذا القانون .
ـ العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج
ـ الحكم على الزوج عن جريمة فيها مساس بشرف الأسرة و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية.
ـ الغيبة بعد مرور سنة بدون عذر ولا نفقة.
ـ مخالفة الأحكام الواردة في المادة 8 أعلاه.
ـ مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج.
ـ نشوز الزوج (الضرر المعتبر شرعا).
المطلب الأول: عدم الإنفاق و صدور حكم على الزوج ونشوزه
إن المشرع الجزائري نص في الفقرتين الأولى و الثانية من المادة 53 على ضرورة صدور حكم قضائي يدين الزوج بعدم الإنفاق أو الحكم على الزوج بجريمــة و بالتالي القاضي هنا لا يحكم بفك الرابطة الزوجية عن طريق التطليق إلا بوجود حكم قضائي يدين الزوج. و كذلك في حالة رفع الزوجة طلب فك الرابطة الزوجية لنشوز الزوج فلا بد من صدور حكم يلزم الزوج بالرجوع إلى البيت الزوجية و هذا ما نتناوله في هذا المطلب الذي قسمناه إلى ثلاثة فروع.
الفرع الأول: عدم الإنفاق
حسب الفقرة الأولى من المادة 53 قانون الأسرة لكي تطلب الزوجة التطليق تأسيسا على هذه الحالة لابد لها من توافر شرطين أساسين هما:
1ـ أن يكون الزوج ملزما بالنفقة على زوجته بموجب حكم قضائي .
2ـ ألا تكون الزوجة عالمة بإعسار زوجها وقت الزواج.
أولا: أن يكون الزوج ملزما بالنفقة على زوجته بموجب حكم قضائي
فكي تثبت الزوجة عدم إنفاق زوجها عليها لابد من استصدار حكم قضائي سابق يلزم الزوج بالنفقة عليها، وسعى لتنفيذه وفقا للإجراءات و الشروط المنوه عنها قانونا، و في حالة امتناع الزوج عن تنفيذ ما ألزم به بموجب حكم النفقة، حكم القاضي بالتفريق بينها على أساس عدم الإنفاق.
و جاء في حكم صادر عن محكمة عنابة :"حيث انه تبين للمحكمة بان المدعية متمسكة بطلب التطليق لاستحالة العلاقة الزوجية و تركها في حالة إهمال و دون نفقة إلا أنها لم تقدم ما يثبت ادعاءاتها مما ينبغي معه رفض طلبها لعدم الإثبات".[66]
حسب القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 02/05/1995 " متى كان من المقرر فقها و قضاء في أحكام الشريعة الإسلامية أن عدم الإنفاق على الزوجة لمدة تزيد عن شهرين متتابعين يكون مبررا لطلبها التطليق عن زوجها ، الثابت أن المطعون ضده أدين جزائيا من محكمة الجنح بتهمة الإهمال العائلي و حكم عليه غيابيا بسنة حبس نافذة، فإن قضاة الاستئناف برفضهم طلب الطاعنة المتعلق بالتطليق خرجوا عن أحكام هذا المبدأ الشرعي" [67]
و في قرار أخر صدر في19/11/1984" من المقرر قانونا أن يتحمل المسؤولية الجزائية كل من امتنع عمدا و لمدة تفوق الشهرين عن تقديم المبالغ المالية المقررة قضاء لإعالة أسرته و يبقى الافتراض عن عدم الدفع العمدي ما لم يثبت العكس ومتى ثبت صدور أمر قضائي ـ استعجالي ـ يلزم المتهم بدفع النفقة فإن قضاة المجلس قد خرقوا القانون عندما قضوا بالبراءة لصالحه بدعوى أنه لا يوجد حكم و قرار نهائـي في النزاع ".[68]
و جاء في قرار أخر " لما كان من الثابت في قضية الحال أن الزوجة علقت طلب الطلاق في حالة ما إذا رفض زوجها توفير سكن منفرد لها بعيدا عن أهله، فإن قضاة المجلس بتأييدهم الحكم المستأنف لديهم القاضي على الزوجة بالرجوع إلى البيت الزوجية التي زفت إليه ورفـض الطـلبات الأخرى اعتمـادا على إظـهار الـزوج عجـزه و عدم قدرته على تلبية رغبتها طبقوا أحكام الشريعة الإسلامية تطبيقا صحيحا "[69]
و في معرض تأسيسه جعل القرار طلب الطاعنة السكن حالا و إلا التطليق، ما يجري على السكن يجري على النفقة باعتبار هذه الأخيرة تستغرق الأول، و بالتالي فلابد من وجود حكم يصدر بعد معرفة إمكانيات الزوج، وما مدى قدرته على توفيره، و الحصول عليه، و ما مدى استحقاق الزوجة له، فليست كل الزوجات لها حق السكن، فالوضعية الشريفة عند شرط زوجها عليها أن تسـكن مع أهله لا تشترط السـكن المنفرد
بناء عليه فهذا القرار اعتبر السكن من مشتملات النفقة و بالتالي فلا أساس لعدم الإنفاق ما دام ليس هناك حكم يلزم الزوج به، جعل طلب تطليق الزوجة في غير محله.
يعد هذا القرار أيضا من القرارات القليلة التي نوهت بوضوح على الفقرة الأولى من المادة 53 من قانون الأسرة، ذلك أن القرارات التي صدرت بعدها لم تكلف نفسها عناء التسبيب الذي حمله قرار 1987، كون المادة جعلت من الضرر المعتبر شرعا أساسا للتطليق و اعتمادا لكون المصطلح عام في لفظه و مدلوله، فإن غالبية القرارات الخائضة في مجال التطليق ورغم أنها أسست على عدم الإنفاق، إلا أنها تحولت جميعها على أساس الضرر المعتبر شرعا"
وهذا ما يتضح جليا لدى بعض العينات منها القرار 18/05/1999 الذي جاء فيه ما يلي:"من المقرر قانونا أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق لكل ضرر معتبر شرعا، و متى تبين من قضية الحال، أن الزوجة متضررة من عدم الإنفــــــــاق و الضرب الذي تعرضت له من طرف الزوج، فإن قضاة الموضوع بقضائهم بتطليق الزوجة لثبوت تضررها، فإن تقديرهم كان سليما و طبقوا صحيح القانون، و متى كان كذلك استوجب رفض الطعن "
و في القرار الصادر عن المحكمة العليا رغم أن أساس التطليق انطلق من عدم الإنفاق، إلا أن قضاة الموضوع و معهم قضاة المحكمة العليا تحاشوا الحديث عن الفقرة الأولى و ارتاحوا بتطرقهم للفقرة القائلة بكل ضرر معتبر شرعا لانطوائه على عموم اللفظ و الدلالة، و لذلك نلاحـظ غياب الدقة في التأسيس على الفقرة الأولى و الاكتفاء بما هو أسهل و أعم، وهو ما يجعلنا نكتشف فيما بعد أن الأسس المبنية عليها صورة التطليق أصبحت مع الوقت تزداد عمومية بالشكل الذي أضحت هذه الصورة تقترب إلى حد بعيد من مجرد طلب مشروط إلى حق أصيل.
رغم أن الفقرة الأولى من المادة 53 كذلك ضرر عدم الإنفاق لكن القضاة تحاشوا الحديث عن هذه الفقرة لأن القاضي مقيد هنا بوجود حكم قضائي لثبوت الضرر لعدم الإنفاق و راحوا القضاة يسببون على أساس الضرر المعتبر شرعا لحرية الإثبات.[70]
ثانيا: ألا تكون الزوجة عالمة بإعسار زوجها وقت الزواج
فإن كانت عالمة بإعساره فلا يجوز لها طلب التطليق على هذا الأساس، لأنه كان معسرا و تعلم به فإنه لم يقم منه ظلم لأن الله لا يكلف إلا ما أتاها، و تبقى مسألة الإثبات في علمها من عدمه مسألة موضوعية تخضع لقواعد الإثبات العامة،[71] لذلك السلطة التقديرية للقاضي مقيدة بمجرد صدور حكم يلزم الزوج بالنفقة .
وتوضيحا لهذا الشرط في ألا تكون الزوجة عالمة بإعسار الزوج وقت الزواج، نجد القرار 23/02/1987 " متى كان من المقرر شرعا أن للزوجة الحق في السكن المنفرد بعيدا عن الأهل، فليس معنى هذا أنها تطلق إذا لم تكن لها ذلك حالا بل يجري عليه ما يجري على النفقة "[72]
فالزوجة (الطاعنة) علمت أن زوجها معسر و لا يستطيع أن يؤسس لمسكن منفرد في بداية حياته، ومن ثم فشرط العلم بالإعسار و عدم وجود حكم يلزم الزوج بالسكن المنفرد (كونه من مشتملات النفقة)، جعل طلب تطليق الزوجة في غير محله، وبذلك عد القرار تطبيقا نموذجيا للفقرة الأولى من المادة 53 من قانون الأسرة، إن لم نقل أن القرار كان المصدر لنشوء القاعدة القانونية طالما أن تاريخه يعود إلى سنة 1987.
الفرع الثاني : الحكم بعقوبة على الزوج
المشرع الجزائري اشترط لفك الرابطة الزوجية عن طريق التطليق للحكم على الزوج بعقوبة فيها مساسا بشرف الأسرة و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية.
أ ـ الشرط الأول: الحكم بعقوبة على الزوج بحكم نهائي لا يقبل أي طريق من طرق الطعن .
ب ـ الشرط الثاني: أن تكون الجريمة التي حكم بها تمس بشرف الأسرة
رغم أن كل جريمة ترتكب فيها مساس بالمعني المرتكب لها في شرفه و نزاهته و اعتباره و هي بذلك مرشحة لأن تسبب الإساءة للأسرة بأكملها لاسيما الجرائم العمدية، و تظل في اعتقادنا الجرائم البسيطة التي لا تصل عقوبتها إلى أكثر من سنة حبسا لا تشكل مساسا بشرف الأسرة، لاسيما فيما يتعلق بالمخالفات أو حتى الجنح غير العمدية كالقتل الخطأ، أما فيما عداها فهي ماسة بشرف الجاني و كذا أسرته، و إذا ما تضررت الزوجة جراء ما قام به الزوج من فعل مجرم كان طلبها التطليق اعتمادا على الفقرة الرابعة مؤسسا و مستجابا له.
لأن المساس بشرف الأسرة و اعتبارها يؤدي بصورة آلية إلى وجه من أوجه الاستحالة في مواصلة الحياة الزوجية، و هو الشرط الذي اعتمدته هذه الفقرة لتحقيقها.[73]
صدر عن محكمة بسكرة في 15/01/2008" حيث ثبت للمحكمة أنه بتاريخ 15/06/2007 صدر حكم يقضي حضـوريا ابتـدائيا بـإدانة المدعى عليه بتهـمة حيـازة
و استهلاك المخدرات و أيده القرار النهائي الصادر في 14/08/2007.
حيث أنه من الثابت أن جريمة المخدرات ماسة بشرف الأسرة التي ينتمي إليها المدعى عليه و هي تمس بأخلاق و صحة المجتمع و منه فإن المدعية محقة بطلبها للتطليق طبقا للمادة 53/4"[74]
الفرع الثالث: حالة نشوز الزوج
لإثبات النشوز لابد من القيام بالإجراءات التالية:
أ ـ دعوى الرجوع للبيت الزوجية: محتوى هذه الدعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها، تدعوه لإرجاعها إلى مقر الزوجية. ترفع أمام المحكمة التي يقع دائرة اختصاصها مسكن الزوجية، و هذا وفقا للمادة 08 من قانون الإجراءات المدنية فقرة 04 و المحكمة إما تحكم برفض الدعوى لعدم التأسيس و إما بالحكم بالرجوع للبيت الزوجية.
ب ـ تبليغ الحكم : إذا صدر الحكم و أصبح نهائي حيث لا يقبل بالطرق العادية أو غير العادية ، تأتي مرحلة تنفيذه طبقا للمادة 42 من قانون الإجراءات المدنية ، يبلغ الحكم عن طريق المحضر القضائي.
ج ـ التنفيذ : إذا لم يستجب الزوج، امتنع عن إرجاع الزوجة ،جاز للزوجة أن تثبت ذلك بمحضر عدم التنفيذ.
د ـ الغاية من إثبات النشوز: إن الغاية من إثبات النشوز على أنه قرينة قاطعة على عدم امتثال الزوج للحكم القضائي الصادر ضده.
حيث يـرى أغلـبهم أن حضـور الزوج إلـى بيـت أهل الزوجة و طـلب رجـوعـها
إلى بيت الزوجية ردا لكرامتها ومع هذه الكرامة تبنى الحياة الزوجية الصحيحة، و هذا هو الاتجاه الذي سارت عليه المحكمة العليا، واعتبرت أن شرط الزوجة لرجوعها حضور الزوج إلى بيت أهلها كرد لكرامتها شرط ينفي النشوز عليها بأغلبية الفقهاء.
إثبات نشوز الزوج دليل على عدم استعداده مواصلة الحياة الزوجية و بالتالي للزوجة طلب التطليق و إذا كان تقدير الضرر خاضع لقضاة الموضوع وفقا للمادة 53 لكن نص المادة 55 صريح فالضرر ينشأ من النشوز و في هذا قررت المحكمة العليا " أن تطليق الزوجة المتضررة بسبب الضرب مع تعويضها حق لها، فالضرب الواقع عليها يجعلها في حالة متضررة و ليس في حالة نشوز لانعدام أحكام قضائية قضت عليها بالرجوع"
أصدرت محكمة آرزيو حكما قضت فيه بإلزام الزوج بأن يوفر لزوجته مسكنا منفردا، و بعد تبليغه بالحكم من طرف المحضر القضائي و إلزامه بالتنفيذ، أحجم الزوج عن توفير المسكن المنفرد، فحرر المحضر القضائي بتاريخ 10/06/1995 محضر امتناع عن التنفيذ.
ـ فرفعت الزوجة المحكوم لها دعوى أمام المحكمة نفسها طالبة الطلاق للنشوز. فأصدرت المحكمة في 17 يوليو 1996 حكما برفض طلبها.
ـ استأنفت الحكم أمام مجلس قضاء وهران، و الذي ألغى الحكم المستأنـــــــــــف
و قضي من جديد بطلاقها مع التعويض لها.
ـ فرفع الزوج طعنا بالنقض، وقضت المحكمة العليا برفض الطعن و أن القرار قد صدر بعد نشوز الطاعن بامتناعه عن توفير مسكن منفرد للمطعون ضدها بعد الحكم عليه بذلك طبقا لمحضر امتناع مؤرخ في 10/ 06 /1995.[75]
المطلب الثاني: العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج
الفرع الأول : إثبات العيوب
مسألة الإثبات في هذا النوع من العيوب أضحت لا تقتصر على إدعاء مقابل إقرار الزوج، لأن الطب الحديث أضحى قادرا على تحديد أي نوع من العيوب المذكورة، فالأمر علمي و العيب عضوي أو خلقي يتضح جليا من خلال الفحص أو الأشعة أو التحاليل الطبية، و الخبرة الطبية في هذا المجال تعد الحد الأقوم و الذي لا يختلف فيه اثنان.[76]
و بالتالي الرجوع إلى القواعد العامة في الإثبات و هي الخبرة حسب المادة 48 قانون الإجراءات المدنية " يعين القاضي الخبير إما من تلقاء نفسه أو بناء على اتفاق الخصوم "[77]
لأن المسألة فقهية فقانون الأسرة الجزائري يحيل إلى مبادئ الشريعة الإسلامية و اجتهاد الفقهاء في حال التفصيل في الجوانب التي أتاها .
على مستوى التقنين الجزائري،فالمشرع لم يحدد أي عيب من العيوب الحائلة لتحقيق الهدف من الزواج و اكتفى بفقرة موجزة جدا تحدث فيها عن العيوب بلفظ العام دون أي تدقيق أو شرح تاركا المسألة للاجتهادات الفقهية و التي لا تكون في الغالب على سكة واحدة.
جاء في قرار المحكمة العليا الصادر في 22/12/1992 " من المقرر قانونا و قضاء أنه يجوز للزوجة طلب التطليق استنادا إلى وجود عيب يحول دون تحقيق هدف الزواج كتكوين أسرة و تربية الأبناء.و لما أسس قضاة الموضوع قرار القاضي بالتطليق على عدم إمكانية إنجاب الأولاد.
استنادا لنتائج الخبرة الطبية التي خلصت إلى عقم الزوج فإنهم قد وفروا لقضائهم الأسباب الشرعية الكافية".[78]
و جاء في قرار أخر " من المقرر شرعا أنه لا يسوغ الحكم بفك العصمة الزوجين بطلب من الزوجة وحدها إلا إذا ثبت الإضرار بها، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لقواعد الشريعة الإسلامية، و أشارت الزوجة في مقالاتها المتعددة بعجز زوجها عن ممارسة العلاقات الجنسية معها ، فإنه كان من الواجب على قضاة الاستئناف إثبات ذلك بصفة شرعية و قانون قبل التصريح بحكمهم، غير أنهم خالفوا أحكام الشريعة الإسلامية"[79]
و جاء في قرار أخر الصادر عن المحكمة العليا في 16/02/1999"أن المعاشرة الزوجية كانت طويلة بين الزوجين و أن الطاعن لم ينجب أطفالا طيلة هذه المدة الطويلة مما أدى بالزوجة إلى أن تطلب التطليق لتضررها لعدم الإنجاب و عليه فإن قضاة الموضوع بقضائهم بتطليق الزوجة بسبب العيب الذي يحول دون تحقيق الهدف من الزواج طبقوا القانون تطبيقا سليما" [80]
الفرع الثاني: إعطاء مهلة للزوج
و يعاب على المشرع في هذه الفقرة أنه أهمل النص على ضرورة منح الزوج مهلة بشأن العيوب المرضية التي يمكن شفاؤها، وجاء في قرار المحكمة العليا الصادر في 19/11/1984" متى كان من المقرر في الفقه الإسلامي و على ما جرى به القضاء أنه كان الزوج عاجزا عن مباشرة زوجته يضرب له أجل سنة كاملة من أجل العــــلاج
و أن الاجتهاد القضائي استقر على أن تكون الزوجة أثناء تلك المدة بجانب بعلها و بعد انتهائها فإن لم تتحسن حالة مرضه حكم للزوجة بالتطليق فان القضاء بما يخالف أحكام هذه المبادئ يعد خرقا لقواعد الشريعة الإسلامية ".[81]
المطلب الثالث: الغيبة بدون عذر و لا نفقة
و تجدر الإشارة إلى أن التطليق للغياب يقوم على أساس الضرر الواقع و ليس الضرر المتوقع فقط، و من هنا يشترط قصد الزوج الإضرار بزوجته أو الإيذاء بتعنته لأنه غاب و لم يعلمها، فيجب معاقبته بإيقاع الطلاق عليه، فإن لم يقم به قام القاضي مقامه فيه.
إذا كان الغائب في مكان معروف و أمكن الاتصال به و وصول الرسائل إليه ضرب له القاضي أجلا و أعذر إليه بأن يطلقها عليه، إن لم يحضر للإقامة معها، أو ينقلها إليه أو يطلقها، فإذا انقضى الأجل و لم يفعل و يبد عذرا مقبولا تأكد القاضي من استمرارها على طلب التطليق فيحكم لها بذلك. [82]
فالمشرع الجزائري جعل لفك الرابطة الزوجية لابد من غيبة الزوج عن زوجته مدة السنة بدون عذر و لا نفقة فسلطة القاضي هنا مقيدة بتوفر هذه الشروط.
رغم أن ضرر الزوجة يقوم بمجرد غياب الزوج عن زوجته هذا ما جاء في المذهب المالكي لأن الزوجة هنا تخاف على نفسها الوقوع في الزنا رغم أنه توارث أن الزوجة لا تستطيع الصبر على زوجها أكثر من هذه المدة و لو كان لديها نفقة .
لكن عدم دفع الزوج النفقة للزوجة يعد حسب الفقرة الأولى من المادة 53 و حده كافي لرفع دعوى لفك الرابطة الزوجية.
المطلب الرابع: مخالفة المادة 8 من قانون الأسرة و مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج
الفرع الأول: مخالفة المادة 8من قانون الأسرة.
بمجرد مخالفة شروط المادة 8 من قانون الأسرة يجوز للزوجة المطالبة بفك الرابطة الزوجية و حسب المادة 8 مكرر منه " في حالة التدليس، يجوز لكل زوجة رفع دعوى قضائية ضد الزوج للمطالبة بالتطليق" و بالرغم من اقتصار نص المادة على طلب التطليق في حالة عدم رضا إحدى الزوجتين . فإنه باستطاعتهن أن يطلبن التطليق و التعويض معا لأننا أمام ضرر يجب أن يجبر بالتعويض،[83] إن القاضي هنا مقيد بمخالفة المادة 8 من قانون الأسرة،
رفعت السيدة ( أ .ج ) دعوى أمام المحكمة طالبة التطليق على أساس المادة الثامنة من قانون الأسرة لكون زوجها أعاد الزواج بأخرى. وبتاريخ 12ماي 1992 قضت المحكمة برفض دعواها لعدم التأسيس.
وبعد استأنفها لذلك الحكم أمام مجلس قضاء سطيف، قضى هذا الأخير بتأييد الحكم المستأنف بتاريخ 14/04/1993، معتبرا الزواج بامرأة ثانية لا ضرر فيه، رفعت السيدة ( أ.ج) طعنا بالنقض ضد القرار أعلاه أمام المحكمة العليا، و ذكرت فيه بأنها قدمت شهادة شهد فيها بأن الزوج أعاد الزواج بامرأة أخرى، بدون علمها و لا رضاها، وعلى ذلك فإن رفض المجلس الحكم بتطليقها جاء مخالفا للمادة الثامنة من قانون الأسرة.
و قد قضت المحكمة العليا بنقض القرار المطعون فيه و إحالة القضية و معها الطرفين إلى المجلس نفسه للفصل فيها طبقا للقانون، و لقد أسست المحكمة العليا قرارها على خرق قواعد الشريعة الإسلامية و المادة الثامنة أعلاه.
و يلاحظ بأن مجلس قضاء سطيف جانب الصواب عندما صرح بأن زواج المطعون ضده بثانية لا ضرر فيه بالنسبة للزوجة الأولى، و يكون بذلك قد حرم الزوجة من خيار التطليق الممنوح لها قانونا.
أولا : بالنسبة الزوجة السابقة
إذا لم يعلمها الزوج بنيته الزواج من أخرى، و قام فعلا بالزوج مرة ثانية، فإنه بعد علمها بطريق أو بأخر بذلك الزواج، فإننا نكون أمام حالة غش، فإن رضيت بتلك الوضعية لها ذلك، و إن لم ترض بها يكون لها الحق في التعويض عن الغش و التطليق عن عدم الرضا.1
وحسب اجتهاد المحكمة العليا الصادر في 26/09/1995 "تطليق كان للضرر بسبب زواج المطعون ضده ثانية دون علمها، إن المادة 08 من قانون الأسرة تعطي الحق للزوجة السابقة في طلب التطليق عندما يتزوج بثانية دون علمها يعتبر هذا ضررا أصابها ".[84]
ثانيا: بالنسبة للزوجة اللاحقة
إذا وصل إلى علمها بأن الزوج له امرأة سابقة، فإنها إن رضيت بالأمر الواقع، يكون لها الحق في طلب التعويض للغش، و إن لم ترضى و أكدت بأنها لو علمت بذلك لما وافقت على الزواج، فإن لها الحق في طلب التطليق و التعويض معا.
وأن مجلس قضاء سطيف ذهب مذهبا غالطا عندما اشترط لطلب التطليق وجود الضرر أو ثبوته لأن المادة الثامنة أعلاه جعلت الحق في طلب التطليق مقترنا بعدم الرضا، أي عدم رضا الزوجة اللاحقة أو السابقة بالزواج الثاني أو الأول و ليس طلب التطليق مقترنا بالضرر لكون التعويض عن الضرر إنما هو مقابل الغش و عدم إعلام الزوج للزوجتين أو إحداهما برغبته في التعدد.
أضف إلى ذلك، و حتى في حالة انعدام الغش فإن الزواج بثانية في حد ذاته يشكل ضررا بالنسبة للزوجة الأولى، و يكون الضرر ماديا و معنويا.
ثالثا : ترخص رئيس المحكمة
حسب المادة 8 الفقرة الثالثة لابد من ترخيص رئيس المحكمة بالزواج الجديد بشروط هي:
ـ التأكد من موافقة الزوجة السابقة و اللاحقة
ـ أثبت الزوج المبرر الشرعي و قدرته على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية
السلطة التقديرية للقاضي هنا مقيدة للحكم بفك الرابطة الزوجية بمجرد مخالفة الزوج لهذه الشروط. فإنه عسير الإثبات و يمكن للزوجة أن تدعي عدم العلم لطلب التطليق كأن يكون الإبلاغ عن طريق رسالة موصى عليها أو عن طريق محضر قضائـــــــــي
و ذلك بنص قانوني صريح، كي يضفي على علم الزوجة الطابع المادي و القانوني تفاديا لأي إنكار بعدم العلم .[85]
جاء في الحكم الصادر عن محكمة عنابة "حيث إن طلب المدعية الرامي للتطليق جاء مؤسسا طبقا للمادة 53 فقرة 06 من قانون الأسرة كون إن المدعية قدمت ما يثبت إعادة زواج المدعى عليه من امرأة ثانية بتاريخ 20/02/1991 بموجب عقد مسجل ببلدية عنابة تحت رقم 216 مما ينبغي معه الاستجابة إليه و الحكم بتطليقها للضرر"[86]
و جاء في قرار المحكمة العليا " حيث أن قضاة الأساس استنتجوا من وقائع الدعوى بما لهم من سلطة تقديرية مطلقة، بأن بقاء الزوج مع زوجته الثانية بعيدا عن الزوجة الأولى فيه ضرر، و أن بقاء الزوجة الأولى وحدها في الواحات بينما يسكن الزوج في العاصمة مع الزوجة الثانية، مخالفا لأحكام العدل المأمور بها شرعا"[87]
و جاء في قرار أخر " حيث أن الزوج لم يقم بواجباته اتجاه المدعية في الطعن بمعنى معظم أوقاته مع الزوجة الثانية، وبالتالي فإن الزوج لم يطبق قاعدة المساواة بين الزوجين طبقا للشريعة الإسلامية"[88]
ثالثا : اشتراط المرأة عدم التزوج عليها
فحق المرأة في اشتراط عدم التزوج عليها ثابت في الشريعة الإسلامية، وهذا ما ذهب إ ليه المشرع الجزائري في المادة 19.
وجاءت المحكمة العليا في اجتهاداتها القضائية بأحكام موافقة، حيث قالت في إحدى أحكامها " حيث أنه من المقرر فقها و قضاء جواز اشتراط الزوجة في عقد الزواج ما تشاء من الشروط التي لها فيها فائدة بشرط أن لا تحلل حراما أو تحرم حلالا، و بشرط أن لا تناقض روح العقد "[89]
الفرع الثاني : مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج
قد يتفق الزوجان في مجلس العقد و في عقد الزواج المكتوب على شروط تعد بمثابة التزام يقع على عاتق الطرفين و يكون كل طرف ملزم باحترام تنفيذ بنود العقد، فالمرأة مثلا قد تشترط التمسك بوظيفتها، مسكن منفرد، عدم الزواج عليها. بشرط لا تخالف الشريعة الإسلامية، لكن المحكمة العليا لها رأي في هذه النقطة.
وجاء في اجتهاداتها القضائية بأحكام موافقة، حيث قالت في إحدى أحكامها " حيث أنه من المقرر فقها و قضاء جواز اشتراط الزوجة في عقد الزواج ما تشاء من الشروط التي لها فيها فائدة بشرط أن لا تحلل حراما أو تحرم حلالا، و بشرط أن لا تناقض روح العقد "[90]
فالعقد شريعة المتعاقدين و على كلا الطرفين احترام بنود عقد الزواج و القاضي يراقب منصحة هذه البنود كما جاء في اجتهاد المحكمة العليا أن لا تكون مخالفة للشريعة الإسلامية و هي مصدر قانون الأسرة الجزائري. إذا السلطة التقديرية للقاضي هنا مقيدة و المادة 19 من قانون الأسرة تنص " للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق كل الشروط التي يريانها ضرورية و لاسيما شرط عدم تعدد الزوجات و عمل المرأة ما لم تتنافي هذه الشروط مع أحكام هذا القانون" الجديد الذي جاءت به المادة هو إمكانية إبرام عقد رسمي أمام ضابط عمومي (الموثق ) لسن هذه الشروط، و لو كان الأمر لاحقا عن عقد الزواج، و لو كانت الزوجية قائمة فعليا، و في ذلك ضمان أخر يمنح للزوجة قصد إعطائها فيما بعد الأحقية في طلب التطليق على أساس مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج.
و أبقت المادة المعدلة عن بطلان أي شرط يتعارض مع القانون المستمد أساسا من الشريعة الإسلامية، فإذا ما تم الاتفاق على شرط يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية في الزواج و صيرورته عد باطلا بطلانا مطلقا كون المسألة متعلقة بالنظام العام .
فهل يأخذ القاضي بمخالفة الشروط الواردة في العقد الرسمي اللاحق؟ أم يعزف عن ذلك تطبيقا لمبدأ حرفية النص التي تقضي الشروط المتفق عليها في العقد الرسمي اللاحق؟ [91]
المبحث الثاني : السلطة التقديرية المطلقة للقاضي في إثبات الضرر
إن المادة 53 من قانون الأسرة تنص على بعض حالات الضرر تجعل السلطة التقديرية القاضي مطلقة وواسعة راجع ذلك لصعوبة إثباتها من طرف الزوجة منها :
ـ الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر.
ـ الفاحشة المبينة
ـ الشقاق المستمر بين الزوجين.
ـ الضرر المعتبر شرعا.
المطلب الأول: الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر
إذا رفعت الزوجة دعوى تطليق للهجر في المضجع و تمكنت من إثبات هجر زوجها لها في المضجع أربعة أشهر فما فوق، و اقتنع القاضي من ثبوت واقعة الهجر لمدة أربعة أشهر على الأقل، فإنه يحكم بفك الرابطة الزوجية.
و إظهارا للحقيقة الواقعة بين الزوجين يتعين الرجوع إلى فقه المالكية الذي استمد منه القانون التطليق للضرر. فإذا ثبت أن الزوج هجر زوجته في الفراش لأكثر من أربعة أشهر جاز التطليق بينهما بناءا على طلب الزوجة للضرر الذي لحقها جراء عدم تحصينها، وعبء الإثبات يقع عليها.
و المالكية يقبلون الشهادة على الضرر بالسماع ـ الذي هو الشهرة في محيط الزوجين على ألسنة الجيران و النساء و الخدم و غيرهم بأن فلان يضر بزوجته فلانة.
و المالكية لا يشترطون معاينة الشاهد واقعة الضررـ مادية كانت أو معنوية متى كانت هذه الواقعة مما تخفي عادة على غير الزوجين حسب الظروف و الأوقات.
كما أن المالكية لم يتركوا أمر الضرر الذي يصعب على الزوجين إثباته بشهادة الشهود أو تقيم عليه بينة أمام القاضي، فأخذوا بمجرد ادعاء الزوجة الضرر، فإذا تضررت من ترك الزوج وطأها، و حرمانها مما تقتضيه دواعي الحياة الزوجية و تخشى على نفسها الفتنة، في هذه الحالة قال المالكية يطلق القاضي على الزوج بالاجتهاد، و لو لم يقصد الزوج الضرر، و تصدق الزوجة في تضررها من ترك الزوج وطأها إذا طالت مدته، و خشيت على نفسها الفتنة، و هذه الخشية لا تعلم إلا جهتها و تصدق فيما تدعيه.[92]
قد يكون الهجر بعذر شرعي و مبرر قانوني كوجود الزوج في المستشفي أو الخدمة العسكرية لذلك على القاضي التأكد من المبرر لذلك لا يجب على القاضي سماعها و الاستجابة لها إلا بعد التأكد من واقعة الهجر الحقيقية بوجود سبب شرعي مقبول و أن يتجاوز هذا الهجر أربعة أشهر ووجود العنصر المعنوي المتمثل في نية الإضرار بزوجته.
لكن إثبات هذا الهجر أمر عسير و في غير استطاعة الزوجة مما يصبح مآل طلبها هو الرفض لعدم الإثبات. وتجدر الإشارة أنه من الصعب جدا إثبات عناصر هذا السبب عند الحكم بالتطليق والمتمثلة في إثبات نية الهجر العمدي قصد الانتقام أو تأديب الزوجة. كذلك كيفية إثبات مدة أربعة أشهر متتالية غير متقطعة، فإذا عجزت الزوجة عن إثبات كل هذه العناصر فكيف للقاضي أن يحكم بتطليق الزوجة في غياب الدليل.
جاء في الحكم الصادر عن محكمة عنابة في 13/03/2007"حيث أن المدعية أسست طلبها للتطليق على قيام المدعى عليه بضربها وسبها وهجره لها في المضجع وتخليه عن واجباته الزوجية إلا أنها لم تقدم للمحكمة ما يثبت صحة أقوالها"[93]
و بالتالي يكون ممارسة القاضي لسلطته التقديرية في هذا الجانب ممارسة واسعة و مطلقة قائمة على مدى اقتناعه بوجود هذا السبب الذي تدعيه الزوجة خاصة ما إذا أنكره الزوج و كثيرا ما يحدث هذا ما يؤدي بالقاضي إلى رفض طلب التطليق.
المطلب الثاني : الفاحشة المبينة
إذا تبين للزوجة أن زوجها قد ارتكب فاحشة مبينة و أصبحت الحياة الزوجية لا تطاق، فإنه يجوز لها أن ترفع دعوى قضائية لتطلب الحكم بتطليقها من زوجها، و عليها أن تقدم الأدلة و الحجج لإثبات فعل الفاحشة و تقنع القاضي بذلك، حتى يحكم لها بما تريد طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 53 من قانون الأسرة .
و ارتكاب الزوج لفاحشة مبينة، كسبب لطلب التطليق، يكاد ينفرد بالنص عليها قانون الأسرة الجزائري دون سواه من قوانين البلاد العربية و الإسلامية.[94]
و على ذلك فإن القاضي حين ترفع إليه الزوجة طلب التطليق بناء على ارتكاب زوجها لفاحشة، فإنه لا يجيبها إلى طلبها إلا بعد أن يتأكد من أن الفعل المرتكب فاحش انطلاقا من سلطته التقديرية.
و السؤال الذي يفرض هنا نفسه هو، ما هو المعيار الذي يعتمد عليه القاضي ليقرر قياسا عليه و على ضوئه، ما إذا كان الفعل الذي ارتكبه الزوج فاحش أو غير فاحش؟
للإجابة على السؤال يجب على القاضي تقدير الفعل هل هو فاحش أو غير فاحش؟، أن يعتمد على عناصر أساسية هي مقتضيات العقل السليم، و نظرة الدين إلى الفعل، و كذا الإرادة الاجتماعية العامة.[95]
أولا ـ فالعقل السليم و مقتضى المنطق و الموضوعية يرفض الانحراف عن السلوك السوي، و ينفر من الخطأ المفضي إلى انحطاط الآداب و الأخلاق و الفساد، و يهتدي في أحكامه بقواعد إسلامية نزيهة طيبة على الشرف و الرحمة و الإباء وعزة النفس، إذن العقل السليم يرفض الزنا جملة وتفصيلا، لأنه فعل فاحش، خطير متهور، سواء تم في سرية أو علانية، يرفض اتخاذ الدعارة حرفة و سببا للعيش الشريف، يرفض الاتجار في الخمر و جعل مصدرا للرزق و غير ذلك.[96]
ثانيا ـ نظرة الدين إلى الفعل: حيث أن الحلال بين و الحرام بين في الإسلام، فيعتبر في نظر الدين فاحشة كل فعل كان من الكبائر، و الكبائر هي المعاصي التي فيها حد في الدنيا ووعيد في الآخرة ، و ورد فيها وعيد بنفي إيمان أو لعن.[97]
و بالتالي كما قلنا تبقى السلطة للقاضي في الحكم بفك الرابطة الزوجية بالتطليق.
المطلب الثالث: الشقاق المستمر بين الزوجين
يشترط القانون على الزوجة حين تقديم طلب التطليق إثبات الضرر الواقع عليها، و يكون هذا بكافة الطرق القانونية الممكنة ، حتى يتسنى للقاضي الحكم لها بالتطليق نتيجة الشقاق المستمر لكن بالرجوع إلى المادة 56 من قانون الأسرة تنص على حالة إذا اشتد الخصام بين الزوجين و لم يثبت الضرر وجب تعيين حكمين للتوفيق بينهما و بمفهوم المخالفة حالة عدم اشتداد الخصام و يثبت الضرر فهنا القاضي لا يلجأ إلى تعيين حكمين للتوفيق بينهما في الحالة العكسية فقط يعين القاضي الحكمين، حكما من أهل الزوج و حكما من أهل الزوجة، و على هذين الحكمين أن يقدما تقريرا عن مهمتهما في أجل شهرين، لكن الجاري به العمل هو الصلح من طرف القاضي .
جاء في قرار من المحكمة العليا " من المستقر عليه أن استفحال الشقاق بين الزوجين يقضي بالتفريق القضائي شرعا و لما كان ثبتا في قضية الحال أن المطعون ضدها تضررت من جراء استفحال الخصام مع زوجها لمدة طويلة مما نتج عن إصابتها بمرض الأعصاب و أصبحت الحياة مستحيلة بينهما فإن القضاة بقضائهم بتطليق الزوجة لهذا السبب كافي للتفريق القضائي طبقوا صحيح القانون "[98]
نجد أن السلطة التقديرية للقاضي مطلقة للحكم بفك الرابطة الزوجية، متى اقتنع القاضي بضرر الزوجة من جراء الشقاق المستمر بين الزوجين.
حيث نجد في هذا القرار ثبوت ضرر الزوجة من استفحال الخصام مع الزوج مما أدى إلى إصابتها بمرض الأعصاب و بالتالي حكم لها القاضي بالتطليق.
و جاء في قرار أخر " من المقرر فقها و قانونا أنه يجوز طلب التطليق في حالتي استحكام الخلاف الطويل بين الزوجين أو في حالة عدم الإنفاق و من ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بخرق أحكام الشريعة غير صحيح "[99]
و من القرارات العديدة للمحكمة العليا التي تؤكد أن ضرر الزوجة من الشقاق المستمر ما بين الزوجين يعتبر كمعيار لفك الرابطة الزوجية عن طريق التطليق منها .
و لما كان ثابتا في قضية الحال أن النزاع بين الطرفين طال أمده و بقي كل منهما مصرا على موقفه، فإن قضاة الموضوع بقضائهم بالتفريق بين الزوجين كان قرارهم سليما و غير مشوب بالقصور أو التناقض في الأسباب و غير مخالفين لأحكام الشريعة الإسلامية أو مبدأ حجية الشيء المقضي به.[100]
المطلب الرابع : الضرر المعتبر شرعا
مبدئيا للقاضي سلطة تقديرية واسعة و أنه لا حدود للضرر المعتبر شرعا الموجب للتفريق بل يخضع لتقدير و ظروف القاضي و الزوجين.
جاء في قرار المحكمة العليا " من المقرر أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق لكل ضرر معتبر شرعا، كما أن تقدير الضرر يخضع للسلطة التقديرية للقاضي" [101]
كما ورد عن مالك بن أنس أنه ليس عندنا في كمية الضرر شيء معروف لذلك لا حدود للضرر.
إن الباب مفتوحا للقاضي للبحث في الشريعة الإسلامية لأن الضرر لا يمكن حصره و يختلف من زمان ومكان حسب الظروف و الأمر تقديري للقاضي.
فالقاضي يتفحص مشروعية الضرر قبل تقديره فيشترط في الضرر أن يكون شرعا ومرده دائما إلى قواعد الشريعة الإسلامية و تقديره يجب أن لا يخرج عن دائرة الشرعية.
و رغم السلطة التقديرية للقاضي الواسعة في هذه الحالة إلا أنها مضبوطة بقواعد شرعية و لابد من وجود الضرر الذي هو معيار فك الرابطة الزوجة بالنسبة للمرأة.
كما جاء في قرار صادر في 25/02/1985 ما يلي : " من المبادئ المستقر عليها في أحكام الشريعة الإسلامية أن الزوجة لا تطلق جبرا عن زوجها إلا إذا أثبت الضرر الحاصل لها بالوسائل الشرعية و لا تعد عدم رغبتها في البقاء مع زوجها سببا لتطليقها منه، و القضاء بما يخالف أحكام هذا ا لمبدأ الشرعي، يستوجب نقض القرار الذي يقضي بتطليق الزوجة إذا ما تأسس على عدم رغبتها في البقاء مع زوجها"[102]
ومن أمثلة الضرر نجد ما يلي :
الفرع الأول: التطليق قبل الدخول
جاء في قرار عن المحكمة العليا " بتاريخ 13/06/1995 عقد الطاعن على المطعون ضدها، بموجب عقد رسمي غير أنه لم يقم بإتمام الزواج و لم يدخل بها.
فرفعت المطعون ضدها دعوى أمام محكمة بئر مراد رايس في سنة 1997 طالبة التطليق للضرر مع التعويض.
وبتاريخ 19/10/1997 أصدرت المحكمة حكما نهائيا فيما يخص الطلاق، بإلغاء عقد الزواج المبرم بين الطرفين قبل البناء. رفع الزوج طعنا بالنقض ضد الحكم أعلاه جاء فيه: أن الزوجة لم تقدم دليلا شرعيا لتطليقها، غير أن الحكم استجاب لها، و أن التعسف في الطلاق غير ثابت طبقا للمادة 52 من قانون الأسرة.
و قد أجابت المحكمة العليا عليه :"أن الطاعن عقد على المـــدعى عليهـــــا منـــذ 13/06/1995 و لم يقم بإتمام الزواج منذ ذلك التاريخ، وهذه المدة الطويلة ألحقت ضررا بها، و يكون الضرر المعتبر شرعا متوفرا طبقا للمادة 53 من قانون الأسرة.
و جاء في قرار أخر " لقد قضت محكمة بئر مراد رايس بتطليق الزوجة من الطاعن قبل الدخول على أساس الضرر المعتبر شرعا طبقا للفقرة السادسة من المادة 53 من قانون الأسرة، و يتمثل ذلك الضرر في إحجام الطاعن على إتمام الزواج بالدخول، بعد أن عقد عليها في 13/06/1995، أي أنه تركها معلقة لمدة تقارب العامين فالضرر كما يكون بعد الدخول "
و بما أن الزوج لم يدخل بزوجته بعد عقده عليها لمدة طويلة، فإنه يكون قد أخل بواجباته المتمثل في المحافظة على الروابط الزوجية إذ بتركه لزوجته في منزل أهلها لما يقارب العامين، فإنه يريد قطع الروابط الزوجية.
و المرأة التي تبقى بدون دخول لمدة طويلة تصاب بضرر مادي و معنوي، و قد يتساءل الأقارب و الجيران عن سبب ذلك و تقال في ذلك الأقاويل، كما أنها إذا طلقت فسوف تجد صعوبة في الزواج مرة أخرى بسبب تلك الحادثة. [103]
الفرع الثاني: الضرب
وجاء في قرار المحكمة العليا " من المقرر قانونا و فقها أن الضرب الواقع من الزوج على زوجته لا تثبت إلا بشهادة شرعا، و أن الشهادة الطبية لا مجال للاعتماد عليها شرعا، أن الطبيب شخص واحد لم يشاهد الضرب و إنما يشهد فقط بما يراه على جسم المضروب و من ثم فإن النعي على القرار سكوت قضاة الاستئناف في قرارهم المطعون عن مناقشة الشهـادة الطـبية المدلى بهـا، هو بسـبب أنه لا فائـدة منـها شرعـا،
و بذكرهم ان المدعية لم تأت بما يثبت دعواها، كانوا قد أعطوا الجواب الكافي، وطبقوا أحكام الشريعة التطبيق الصحيح ".[104]
صدر عن محكمة عنابة حكم بتاريخ 19/02/2008 "انه تبين للمحكمة بان المدعية متمسكة بالتطليق كطلب أصلي إلا أنها لم تقدم للمحكمة ما يثبت الضرر الذي تدعيه كون أن الشهادة الطبية التي استظهرت بها لا ترقى لمستوى الدليل الذي يثبت اعتداء المدعى عليه عليها مما ينبغي معه رفض طلبها لعدم التأسيس "[105]
و بالتالي القاضي لم يقتنع بالضرر الذي أصاب الزوجة كون الشهادة الطبية لا ترقى إلى الدليل الذي يثبت الضرر الواقع عليها.
الفرع الثالث : تماطل الزوج في إرجاع زوجته
و جاء في قرار أخر " من المقرر قانونا أنه يمكن للزوجة أن تطلب التطليق إذا توافرت أسبابه و من ثم فإن النعي على القرار المطعون بانعدام الأسباب و مخالفة القانون ليس في محله، و لما كان ثابتا في قضية الحال أن الزوج تماطل في إرجــــــاع
زوجته ووقف موقفا سلبيا فان المجلس بقضائه بتطليق الزوجة لتماطل الزوج في إرجاع زوجته صحيح القانون "[106]
و نجد أن الضرر المعتبر شرعا الفقرة المحبذة لدى القضاة لحرية الإثبات رغم أن كل حالات المادة 53 تعتبر ضرر لكن كل فقرة جعل لها المشرع وسائل إثبات محددة.هذه الفقرة التي تنص على الضرر المعتبر شرعا جاءت عامة و اعتبرت أي شيء أو واقعة أو وضعا يشكل ضررا شرعا يعد معيـــارا لفك الرابطــة الزوجيـــــــــة
و اعتبرت الفقرة هذه الملاذ و الملجأ المحبذ لقضاة المحاكم و حتى المحكمة العليا لنشر أي شيء في خانة الضرر المعتبر شرعا.
أما الانتقاد الأخر الثاني فقد وجه للفقرة السادسة و المتعلقة بطلب التطليق للضرر إذ جاء مصطلح الضرر واسع و غير محدد فالمشرع الجزائري لم يحدد المعيار الذي بواسطته يمكننا التمييز بين السلوك الضار و السلوك غير الضار إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها.[107]
المبحث الثالث: السلطة التقديرية للقاضي للحكم بالتعويض
إن العقوبة المالية لم يشرعها الإسلام، مقابل الأمور المعنوية إلا في أمور منصوص عليها، كبدل المتلفات، و إرش الأعضاء، و التعويض عن الضرر المادي الملحق بالغير، ودية القتل، فمثل هذه الأمور وردت بها نصوص، و ما عدا ذلك فالعقوبة في الإسلام بدنية لا مالية، والعقوبة المالية عن الأمور المعنوية هي من أثار الأنظمة الغربية.[108]
لكن بالرجوع إلى القاعدة العامة فإن التعويض يكون لجبر الضرر الحاصل للطرف المتضرر وانطلاقا من المادة 124 من القانون المدني الجزائري فإن كل من أحدث ضرر للغير بخطئه يلزم بالتعويض، أما بالنسبة للتطليق هناك من يرى أن القاضي يحكم بالتطليق متى توفرت حالات المادة 53 و بالتعويض و نجد من يرى أن التطليق كافي لجبر الضرر سنتطرق لقرارات المحكمة العليا قبل صدور قانون الأسرة ثم نتطرق للمادة التي فصلت المسألة.
المطلب الأول : قرارات المحكمة العليا
الفرع الأول: رفض طلب التعويض
جاء في قرار المحكمة العليا في 27/03/1989" كل زوجة بادرت بإقامة دعوى قصد تطليقها من زوجها ليس لها الحق في المطالبة بالتعويض، فعلى فرض أن زوجها أضر بها و طلبت تطليقها منه من أجل هذا الإضرار و طلقت فهذا الإضرار هو الذي أتاح فرصة التطليق و لا تأخذ شيئا غيره كي لا تستفيد مرتين.
و لقد حددت المادة 52 من قانون الأسرة أن التعويض يجب على الزوج الذي طلق زوجته و تعسف في طلاقه، و ينتج عن ذلك ضرر بمطلقته، و ليس الحال هنا كذلك فالزوجة هي التي طالبت بالتطليق".[109]
وجاء هذا الاجتهاد موفقا لأننا لا نجد في الشريعة الإسلامية ما يدل على حق المرأة في التعويض عن التطليق.و هو نفس القول بالنسبة للتعويض بسبب الطلاق التعسفي قول مبتدع محدث تأثرت فيه قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية بالقوانين الوضعية الغربية، و قد ظن الباحثين أن للطلاق التعسفي مستندا من الشريعة الإسلامية التي أمرت بتمتيع المطلقات غير المدخول بهن إذا لم يفرض لهن مهر، قال تعالى: " و متعوهن على الموسع قدره و على المقتدر قدره متاع بالمعروف حقا على المحسنين"[110] و قوله في المطلقات عموما: " و للمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين"[111]
وهذا القول ليس صحيح على إطلاقه، فإن فرض التعويض في الطلاق التعسفي نشأ عنه ضرر يفوق في كثير من الأحيان التعويض الذي تحصل عليه الزوجة،[112] نفس الشيء يقال حول التعويض عن التطليق.
الفرع الثاني: قبول طلب التعويض
و جاء في قرار في 23/12/1997 " من المقرر قانونا أنه يحق للزوجة أن تطلب التطليق لكل ضرر معتبر شرعا.
ومن المقرر أيضا أنه في حالة الطلاق يحكم القاضي بالتعويض للطرف المتضرر، ولما كان ثابتا أن الضرر اللاحق بالزوجة كان مبالغ فيه متعسفا من طرف الزوج، فإن تطليق الزوجة وحده لا يكفي لجبر الضرر و تعويضها مقابل الأضرار اللاحقة بها، فإن القضاة بقضائهم بتعويض الزوجة نتيجة إثبات الضرر من طرف الزوج طبق لأحكام المادة 55 من قانون الأسرة قد طبقوا القانون" [113]
وبتاريخ 19/10/1997 أصدرت المحكمة حكما نهائيا فيما يخص الطلاق، بإلغاء عقد الزواج المبرم بين الطرفين قبل البناء و إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية، تعويضا قدره ألف دينار عن جميع الأضرار.
رفع الزوج طعنا بالنقض ضد الحكم أعلاه و قد أجابت المحكمة العليا عليه :
1ـ مسألة التطليق:
ـ أن الطاعن عقد على المدعى عليها منذ 13/06/1995 و لم يقم بإتمام الزواج منذ ذلك التاريخ، وهذه المدة الطويلة ألحقت ضررا ماديا و معنويا بالزوجة، و يكون الضرر المعتبر شرعا متوفرا طبقا للمادة 53 من قانون الأسرة.
2ـ مسألة التعويض:
ـ طبقا للقواعد العامة، فإن من تسبب في الضرر يلزم بالتعويض عنه، و على ذلك فإنه بالإضافة إلى التطليق للضرر طبقا للمادة 53 من قانون الأسرة فإن المنطق السليم يجعل التعويض واجبا لجبر الضرر الحاصل للزوجة سواء كان ماديا أم معنويا، فلا يكفي الحكم بالتطليق معناه أن العشرة الزوجية غير ممكنة بسبب إضرار الزوج بزوجته و لا يمكن تركها في تلك الوضعية المزرية حفاظا على كرامتها، و أن الضرر الحاصل يستوجب التعويض، و بالتالي فإن حكم المحكمة به جاء مطابقا للقانون.
بخصوص طعن الزوج أمام المحكمة العليا في الشق الخاص بالتعويض فإنه جاء مخالفا للمادة 57 من قانون الأسرة و المادة 231/1 من قانون الإجراءات المدنية.
فقد نصت المادة 57 من قانون الأسرة على أنه:"الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبها المادية"
و يعتبر التعويض المحكوم به لصالح المطعون ضدها من الجوانب المادية للحكم القاضي بالطلاق بمفهوم النص أعلاه.
كما نصت المادة 231/1 من قانون الإجراءات المدنية على أنه:
" فيما عدا ما استثني بنص خاص و مع المساس بالباب الرابع من هذا الكتاب، تختص المحكمة العليا بالفصل في :
ـ الطعون بالنقض المرفوعة ضد القرارات و الأحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية و المحاكم بجميع أنواعها…."
و يفهم من هذا النص أن الأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم و القرارات الصادرة عن المجالس هي وحدها القابلة للطعن فيها بالنقض.
و بمفهوم المخالفة، فإن الأحكام الصادرة ابتدائيا من المحاكم، لا يجوز أن يطعن فيها بالنقض احتراما لمبدأ التقاضي على درجتين، أي أنها قابلة للاستئناف و ما على الطاعن إلا رفع استئناف ضد الشق المتعلق بالتعويض لكونه صدر ابتدائيا، و لو قبلت المحكمة العليا طعنه بالنقض بخصوص ذلك الشق لحرمت المطعون ضدها درجة من درجات التقاضي و هي جهة الاستئناف.[114]
جاء في قرار صادر عن المحكمة العليا " تطليق قبل البناء ـ تضررت الزوجة ماديا و معنويا ـ الحكم بتطليقها و بالتعويض ـ تطبيق صحيح القانون طبقا للمادة 53/6 من قانون الأسرة" [115]
و في القرار المؤرخ في 15/06/1999 و الذي جاء فيه ما يلي : " متى تبين في قضية الحال أن الزوجة تضررت لمدة طول الخصام مع الزوج، و أن الزوج هو المسؤول عن الضرر لأنه لم يمتثل للقضاء بتوفير سكن منفرد للزوجة، مما يجعل الزوجة متضررة و محقة في طلبها التعويض،وعليه فإن قضاة الموضوع لما قضوا بتطليق الزوجة لطول الخصام و بتظليم الزوج و تعويض الزوجة طبقوا صحيح القانون "[116]
جاء في القرار في الحكم الصادر عن محكمة عنابة في 15/01/2008 " حيث ثبت للمحكمة ان المدعية متضررة من تطليقها لأنه كان بسبب إدانة المدعى عليه بجرم ماس بشرف الأسرة و تضررها من ذلك واضـح و ثابـت و قد أساء لسمـعتها و شرفـها
و منه يتعين تعويضها بمبلغ خمسون ألف دينار عن كافة الأضرار"[117]
باستقراء مضمون هذه القرارات نستشف أن موقف المحكمة العليا غير مستقر بشأن قضية مدى جواز مطالبة الزوجة التي تمارس دعوى التطليق بحقها في التعويض.
فالقرار الأول ذهب إلى أن الزوجة التي تبادر بإقامة دعوى التطليق ليس لها الحق في المطالبة بالتعويض، تأسيسا على أن إضرار زوجها بها هو أتاح لها فرصة التطليق و لا تأخذ شيئا غيره كي لا تستفيد مرتين.
في حين نجد أن القرارات الأخرى أجاز للزوجة التي تمارس دعوى التطليق أن تطالب بالتعويض مقابل الأضرار اللاحقة بها تأسيسا على نص المادة 55 من قانون الأسرة".[118]
المطلب الثاني : صدور قانون الأسرة 05 ـ 09
إن المادة 53 مكرر من قانون رقم 05ـ09 الصادر في 4/05/2005 تنص "يجوز للقاضي في حالة الحكم بالتطليق أن يحكم للمطلقة عن الضرر اللاحق بهـــــا ".
و بالتالي نجد أن هذه المادة وليدة القرارات المختلفة للمحكمة العليا، حسب قرارات المحكمة العليا التي ذكرناها. فالمادة تركت السلطة التقديرية للقاضي لم تحسم الاختلاف بل كرسته، إذا رأى القاضي تطليق المرأة وحده كافي لجبر الضرر فلا يحكم بالتعويض. و إذا رأى القاضي أن التطليق وحده غير كافي لجبر الضرر فله أن يحكم بالتعويض المناسب.
جاء في الحكم الصادر عن محكمة عنابة بتاريخ 19/02/2008 "حيث انه ينبغي الاستجابة لطلب المدعية الرامي للتعويض عن الضرر تطبيقا للمادة 53 مكرر من قانون الأسرة مع تخفيض المبلغ المطالب به للحد المعقول"[119]
و جاء في الحكم الصادر عن محكمة الدرعان في 16/06/2008" ثبت للمحكمة أنه صدر حكم في 1/12/2007 يدين الزوج بجنحة الإهمال العائلي و يعاقبه ب 6 أشهر حبس نافذة و 20 ألف دج غرامة نافـذة و تم تأيـيد الحـكم بقرار فـي 6/5/2008
و تعديله إلى حذف عقوبة الحبس و إبقاء على الغرامة وفقا للإشهاد الصادر عن الغرفة الجزائية الثالثة بمجلس قضاء عنابة و المؤرخ في 18/05/2008 و بذلك تعد قد أثبتت ضررها وفقا للمادة 53 قانون الأسرة.
حيث أنه يتعين إلزامه بأن يدفع لها 60000 دج تعويض عن الضرر."[120]
ونجد كذلك بمجرد مخالفة شروط المادة 8 من قانون الأسرة يجوز للزوجة المطالبة بفك الرابطة الزوجية و حسب المادة 8 مكرر منه " في حالة التدليس، يجوز لكل زوجة رفع دعوى قضائية ضد الزوج للمطالبة بالتطليق" و بالرغم من اقتصار نص المادة على طلب التطليق في حالة عدم رضا إحدى الزوجتين . فإنه باستطاعتهن أن يطلبن التطليق و التعويض معا لأننا أمام ضرر يجب أن يجبر بالتعويض،[121] إن القاضي هنا مقيد بمخالفة المادة 8 من قانون الأسرة.
إن كان الطلاق من حق الرجل يتم بإرادته المنفردة متى شاء فللمرأة حق فك الرابطة الزوجية و يكون معيار ذلك الضرر المحدد في حالات المادة 53 من قانون الأسرة.
ليقوم القاضي بتطليق الزوجة و رفع الضرر عنها متى ثبت ذلك طبقا لما جاءت به أحكام الإسلام حيث جعلت للمرأة حقوق مثل ما للرجل و الله سبحانه و تعالى يقول: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ". و خاصة الفقه المالكي الذي توسع في الضرر الذي كان المرجع في الكثير من الحالات.
و ما يمكن أن نستنتجه في هذه الخاتمة من ملاحظات نختصرها فيما يلي :
أ ـ إن أحكام الأسرة في الإسلام واسعة ولا يمكن حصرها ضمن منظومة قانونية، فأحسن ما فعل المشرع الجزائري، و بهدف سد كل فراغ لجأ إلى الإحالة لأحكام الشريعة الإسلامية في كل ما يرد يصدده نص في المادة 222 من قانون الأسرة.
ب ـ إن مذهب الإمام مالك بن أنس هو الأصل التشريعي لقانون الأسرة في الغالب الأعم.
ج ـ إن المشرع الجزائري جعل الضرر معيارا فك الرابطة الزوجية من طرف الزوجة، في حالات المادة 53 من قانون الأسرة وهي كما يلي :
1ـ عدم الإنفاق هو ضرر يصيب الزوجة ، و قد اشترط المشرع الجزائري ضرورة وجود حكم قضائي يوجب الإنفاق و لم يحدد المدة التي لا ينفق الزوج عمدا و يقصد الإضرار بها، و إن كان قد ورد ذكرها في المادة 331 قانون عقوبات، لم يفرق المشرع بين :
أ ـ حالة عدم الإنفاق مع القدرة على ذلك عمدا.
ب ـ حالة عدم الإنفاق مع عجز الزوج.
ج ـ لم يفرق بين الزوجة الغنية و الفقيرة .
و جعل سلطة القاضي مقيدة بوجود حكم قضائي نهائي و لاحظنا توسع المذهب المالكي في النفقة الموجبة للتفريق.
2 ـ العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج حسنا فعل المشرع الجزائري عندما أباح للزوجة طلب التطليق لكل عيب يمنع من تحقيق الهدف من الزواج دون تحديد أنواعها، فما كان في السابق علة مستعصية أصبحت اليوم تعالج بسهولة، كما أن تطور المجتمع أفرز أمراض كانت غير معروفة في السابق و أهمل ضرورة منح مهلة للزوج للشفاء لكن للقضاء سلطة تأجيل الفصل في دعوى التطليق لمهلة معقولة.
3ـ الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر، لابد من التأكد من ثلاثة شروط و هي:
أـ الركن المادي و اللاشرعي وهو الهجر في المضجع.
ب ـ الركن الزمني وهو الهجر لمدة أربعة أشهر متتالية غير منقطعة.
ج ـ الركن المعنوي و هو نية الإضرار بالزوجة و ليس نية الإصلاح
وتبقي السلطة التقديرية للقاضي المطلقة في الضرر لصعوبة الإثبات.
4 ـ الحكم بعقوبة على الزوج :فالمذهب المالكي حدد مدة الحبس بسنة ما يعادل الغياب لأكثر من سنة فالعبرة بالمدة التي تستطيع الزوجة الصبر على زوجها ،فالمشرع الجزائري قد نص على مدة السنة لكن في قانون05ـ09 المؤرخ في 4مايو2005 .حذف المشرع مدة السنة و لم يحددها بمدة معينة و أضاف أوصاف أخرى و هذا ما لا يتوافق مع توصل إليه الفقهاء من أن العبرة بالمدة التي لا تستطيع الزوجة الصبر على زوجها.فالمشرع يرى الضرر من الجريمة التي تكون ماسة بشرف الأسرة و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجة، و بالتالي القاضي هنا مقيد بصدور حكم ضد الزوج.
5ـ غياب الزوج لمدة سنة بدون عذر ولا نفقة رغم أن فقه المالكي يرى أن مجرد غياب الزوج عن زوجته مدة سنة يقع الضرر لأن المرأة تخاف على نفسها الوقوع في الزنا حتى إذا كان ينفق عليها فهذا لا ينفي الضرر المعنوي من بعد الزوج عن زوجته، لذلك كان على المشرع الجزائري أن ينص أن غياب مدة سنة كافية لوقوع الضرر،و إثبات الغياب بكل الطرق القانونية.
6 ـ مخالفة الأحكام الواردة في المادة 08 من قانون الأسرة وبهذا المشرع أباح تعدد الزوجات و هو مطلب شرعي، شرعه الله سبحانه وتعالى، و من جهة قيده بشروط مذكورة في المادة أعلاه ، فالمشرع في هذه الحالة افترض الضرر رغم أنه يتأكد فيما بعد .
7ـ ارتكاب الفاحشة المبيتة فالمشرع الجزائري انفرد بنصه على هذه الحالة دون غيره من التشريعات العربية و الإسلامية، وعلى القاضي الاعتماد على معيار العقل السليم الذي يرفض الانحراف عن السلوك السوي و كذلك نظرة الدين و للقاضي هنا السلطة التقديرية في ذلك.
8ـ الشقاق المستمر بين الزوجين استحدثت هذه الفقرة في قانون 05. 09 المؤرخ في 04 مايو 2005 لم تكن فقرة مستقلة و جاءت نتيجة اجتهاد قضائي ولصعوبة معرفة الشخص المتضرر من الطرفين مما يجعل السلطة التقديرية للقاضي واسعة في إثبات الضرر.
9ـ مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج هذه الفقرة استحدثت بقانون 05. 09 و مصدرها الشريعة الإسلامية و سلطة القاضي هنا مقيدة بمخالفة شروط الموجودة في عقد.
10ـ الضرر المعتبر شرعا: إن الباب مفتوحا للقاضي للبحث في الشريعة الإسلامية لأن الضرر لا يمكن حصره و يختلف من زمان ومكان حسب الظروف و الأمر تقديري للقاضي و هذه الفقرة تعتبر متنفس القاضي
وفي الأخير يجوز للقاضي الحكم بالتعويض عند الحكم بالتطليق حسب المادة 53 مكرر و هذا ما جاء به التعديل الأخير 05/09 المؤرخ في04 مايو 2005 وهذه المادة كرست اختلاف قرارات المحكمة العليا .
ـ أحمد نصر الجندي ـ الطلاق و التطليق و أثارهما ـ دار الكتب القانونية ،مصر ـ ص 167[1]
2 ـ باديس ذيابي ـ صور فك الرابطة الزوجية على ضوء القانون و القضاء في الجزائر ـ 2007 ـ دار الهدى، عين مليلة ، الجزائر ـ ص 30.
1ـ قانـون رقم 05ـ09 المـؤرخ فـي 04 مايو 2005 المـعـدل و المتـمـم لقانون الأسـرة، الجـريدة الرسـمية رقم 3 المؤرخة في 22 يونيو 2005
ـ ابن منظور جمال الدين أبو الفضل ـ لسان العرب ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ ج 6 ـ ص 4507.[4]
[5] ـ بدران أبو العيـنين بدران ـ الفقـه المقارن للأحـوال الشخصيـة بين المذاهب الأربعة السنيـة و المذاهـب الجعفري
و القانون (الزواج و الطلاق) دار النهضة العربية ـ الجزء الأول ـ الطبعة 1967 ـ بيروت ـ لبنان ـ ص 232.
ـ الآية 233 ـ من سورة البقرة . [6]
ـ الأية 6 ـ سورة الطلاق.[7]
1 ـ د. محمد سمارة ـ أحكام و أثار الزوجية (شرح مقارن لقانون الأحوال الشخصية) ـ الدار العلمية الدولية للنشر و التوزيع و دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان ـ الأردن ـ ص 220.
2 ـ الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ـ إحياء علوم الدين ـ الجزء الثاني ـ الطبعة الثالثة ـ دار القلم بيروت ـ ص 46 .
ـ السيد سابق ـ فقه السنة ـ الجزء الثاني ـ الطبعة السابعة 1985 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ ص 169. [10]
ـ د. محمد سمارة ـ المرجع السابق ـ ص 221، 222[11]
ـ السيد سابق ـ فقه السنة ـ المرجع السابق ـ ص 171 و ما بعدها. [12]
1ـ د.عبد الرحمان الصابوني ـ نظام الأسرة و حل مشكلاتها في ضوء الإسلام ـ دار الفكر المعاصر ـ ص 152، 153.
2ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية في 16/ 01/ 1989 ـ ملف رقم 51715 ـ المجلة القضائية 1992 ـ عدد 2 ـ ص 55 .
1ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية في 10/ 02/ 1986 ـ ملف رقم 39394 ـ المجلة القضائية 1989 ـ عدد 1 ص 111.
2 ـ أ. بلحاج العربي ـ الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ـ الجزء الأول ـ طبعة 1999 ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ ص 277.
ـ د. عبد الرحمان الصابوني ـ نظام الأسرة و حل مشكلاتها في ضوء الإسلام ـ دارالفكر المعاصر ـ ص 149.[17]
2ـ الآية 79 ـ سورة الكهف.
3 ـ عمر سليمان الأشقر ـ الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني ـ دار النفائس للنشر و التوزيع ـ الأردن ـ ص282.
1 ـ أحمد نصر الجندي ـ المرجع السابق ـ ص 184. 185 ـ الجب: هو أي الرجل مقطوع الذكر ـ العنة: صغر الذكر بحيث لا يتأتى منه الجماع ول. ـ الخصاء : سل الخصيتين ونزعها .ـ الرتق : هو انسداد مسلك الذكر من قبل المرأة بحيث لا يمكن معه الجماع، فإذا كان هذا الانسداد لحم يمكن علاجه فلا يعد عيبا.ـ القرن : بفتح الراء، وهو شيء يبرز في فرج المرأة يشبه قرن الشاة، يكون من لحم غالبا، و تارة يكون من عظم فلا يمكن علاجه عادة.العفل: وهو لحم يبرز من قبل المرأة، و قيل أنه رغوة في الفرج تحدث عند الجماع . ـ الإفضاء: ويقصد به اختلاط مسلكي الذكر و البول في المرأة.
2 ـ محمد عزمي البكيري ـ موسوعة الفقه و القضاء في الأحوال الشخصية ـ الطبعة الثانية 1994 ـ دار محمود للنشر و التوزيع ـ مصر ـ ص 268 و ما بعدها ـ الجذام : داء ينقطع منه اللحم و يتساقط ـ البرص : بياض يظهر في ظاهر الجسم لفساد الدم .
ـ د. عمر سليمان الأشقر ـ المرجع السابق ـ ص 282،283 .[22]
2 ـ أ. فضيل سعد ـ شرح قانون الأسرة الجزائري "الزواج و الطلاق " ـ الجزء الأول 1985 ـ المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ـ ص 275، 276
3 ـ عبد العزيز سعد ـ الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري ـ الطبعة الثانية ـ دار البحث ـ قسنطينة 1989 ـ ص 94.
1 ـ أ. فضيل سعد ـ المرجع السابق ـ ص 276.
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 40 ، 41 . [26]
2 ـ نبيل صقر ـ قانون الأسرة ، نصا و فقها و تطبيقا ـ دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع ـ 2006 ـ ص 179 ، 180، 181 .
1 ـ أ. بلحاج العربي ـ المرجع السابق ـ ص 290 .
[29] ـ عبد العزيز سعد – المرجع السابق – ص 264، 265.
ـ محمد عزمي البكيري ـ المرجع السابق ـ ص 420 .[30]
ـ أحمد نصر الجندي ـ المرجع السابق ـ مصر ـ ص 330 ،331.[31]
ـ بدران أبو العينين بدران ـ المرجع السابق ـ ص 448[32]
ـ محمد عزمي البكيري ـ المرجع السابق ـ ص 403 . [33]
ـ أحمد نصر الجندي ـ المرجع السابق ـ ص 331 ، 332 ، 334 .[34]
ـ أ. بلحاج العربي ـ المرجع السابق ـ ص 298 . [35]
ـ أ. بحاج العربي ـ المرجع السابق ـ ص 298 . [36]
ـ أ. بحاج العربي ـ المرجع السابق ـ ص 298 . [37]
1 ـ لحسين بن الشيخ أث ملويا ـ المنتقي في قضاء الأحوال الشخصية ـ الجزء الأول ـ دار هومه للطباعة و النشر و التوزيع ، الجزائر 2006 ـ ص 390، 391 ، 392 .
ـ السيد سابق ـ المرجع السابق ـ ص 110 .[39]
ـ الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ـ المرجع السابق ـ ص 47 .[40]
ـ عبد العزيز سعد ـ المرجع السابق ـ ص 274 .[41]
ـ الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ـ المرجع السابق ـ ص 47 .[42]
ـ المنجد في اللغة و الإعلام ـ طبعة 22 ـ دار المشرق بيروت ـ ص 173، 570.[43]
ـ الآية 32 ـ سورة الإسراء .[44]
ـ جزء من الآية الأولى ـ سورة الطلاق . [45]
ـ الآية 22 ـ سورة النساء .[46]
ـ الآية 33 ـ سورة الأعراف . [47]
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 47 ، 48 . [48]
1 ـ د. عبد الرحمان الجز يري ـ كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ـ ج 5 ـ دار الفكر و دار الكتب العالمية ـ بيروت ص 49 و ما بعدها .
ـ السيد سابق ـ المرجع السبق ـ ص 405[50]
3 ـ الأمر رقم 66 – 156 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمّن قانون العقوبات الجريـــــدة الرسمية العدد 49 الصادرة بتاريخ 11 يونيو 1966 المعدل والمتمم.
1 ـ الشيخ أحمد ديدات ـ محمد الخليفة الطبيعي للمسيح عليه السلام ــ ترجمة، بوف غول ـ دار الهدى للطباعة و النشر ـ عين مليلة الجزائرـ طبعة 1991ـ ص 66 ، 67 .
2 ـ أحمد نصر الجندي ـ المرجع السابق ـ ص 302
3 ـ د. عبد الرحمان الصابوني ـ شرح قانون الأحوال الشخصية السوري ـ الجزء الثاني ـ الطلاق و أثاره ـ طبعة 5 ـ ص 76.
ـ جزء من الآية 35 ـ سورة النساء [55]
ـ نبيل صقر ـ المرجع السابق ـ ص 219، 220، 221.[56]
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 50 ،51 .[57]
ـ الآية 21 ـ سورة الروم.[58]
ـ د. محمد سمارة ـ المرجع السابق ـ ص 128، 129، 130.[59]
ـ د. محمد سمارة ـ المرجع السابق ـ ص 130، 131، 132.[60]
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 51، 52.[61]
ـ نبيل صقر ـ المرجع السابق ـ ص 186، 187 ، 188 ،198 . [62]
ـ محمد عزمي البكري ـ المرجع السابق ـ ص 304 .[63]
ـ د.عبد الرحمان الجزيري ـ المرجع السابق ـ ص147. [64]
ـ محمد عزمي البكري ـ المرجع السابق ـ ص 320 . [65]
[66] ـ حكم عن محكمة عنابة ـ مجلس قضاء عنابة في 17/06/2008 ـ رقم الفهرس3155.
1 ـ قرار المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ 19/11/1984 ملف 34791 ـ مجلة قضائية
لسنة 1989 العدد 03 ـ ص 76.
2 ـ قرارالمحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ 16/ 04/ 1995 ملف 124384 ـ مجلة قضائية
لسنة 1995 العدد 02 ـ ص192
3 ـ المجلة القضائية ،عدد 1990، قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا، ص 58
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص3ِ3 ،34، 35. [70]
2 ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 32
3 ـ المجلة القضائية، عدد 1990، قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا، ص 58.
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 44 .[73]
ـ الحكم الصادر في 15/01/2008 عن محكمة عنابة ـ مجلس قضاء عنابة ـ رقم الفهرس 0102/08.[74]
ـ لحسين بن الشيخ آث ملويا ـ المرجع السابق ـ 313، 314.[75]
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 36.[76]
ـ المادة 48 من قانون الإجراءات المدنية.[77]
1ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية في 22/ 12/ 1992 ملف رقم 87301 ـ مجلة قضائية سنة 1995 عدد 2.
2ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية في 14/ 05/ 1984 ـ ملف رقم 33275 ـ مجلة قضائية 1990 ـ عدد 2 ـ ص 75.
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 105. [80]
4 ـ قرار المحكمة العليا ،غرفة الأحوال الشخصية في 19/11/1984 ملف رقم 43784 مجلة قضائية سنة 1989 ـ العدد 3 .
ـ بلحاج العربي ـ المرجع السابق ـ ص 300[82]
ـ لحسين بن الشيخ أث ملويا ـ المرجع السايق ـ ص 395 ، 396 . [83]
1 ـ قرار عن المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ 26/09/1995 ـ ملف رقم 50519 ـ نشرة القضاة 55
ـ لحسين بن أث ملويا ـ المرجع السابق ـ ص 397، 398. [85]
ـ حكم صادر عن محكمة عنابة ـ مجلس قضاء عنابة في19/02/2008 ـ رقم الفهرس 92/08 .[86]
ـ قرار المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ـ 03/ 02 / 1971 ـ المجلة القضائية1972 عدد2 ـ ص 41 . [87]
4 ـ قرار المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ـ 05 /05/ 1986 ملف رقم 41445 (غير منشور ) بلحاج العربي ـ مبادئ الاجتهاد القضائي ـ مرجع سابق ـ ص44.
ـ قرار المحكمة العليا، غرفة القانون الخاص 03/03/1971 ـ نشرة القضاة 72 العدد ـ ص 39.[89]
ـ المحكمة العليا، غرفة القانون الخاص 03/03/1971 ـ نشرة القضاة 72 العدد 2 ـ ص 39.[90]
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 52، 53. [91]
ـ د. أحمد نصر الجندي ـ المرجع السابق ـ ص 224، 225.[92]
ـ حكم الصادر عن محكمة عنابة، مجلس قضاء عنابة في 13/03/2007 ـ رقم الفهرس 1554/07.[93]
ـ عبد العزيز سعد ـ المرجع السابق ـ ص 275.[94]
ـ فضيل سعد ـ المرجع السابق ـ ص 299. [95]
ـ شمس الدين الذهبي ـ الكبائر ـ دار الفكر بيروت ـ ص 8.[96]
ـ د. عبد الرحمان الجزيري ـ المرجع السابق ـ ص 48.[97]
1 ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ 24/ 09/1995 ـ ملف رقم 139353 ـ المجلة القضائية 1997 العدد02 .
2 ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ 26/ 01/ 1987 ملف 44457 ـ المجلة القضائية 1991 العدد 04 ـ ص88.
3 ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ20/05/1985ـ ملف رقم 36414 ـ المجلة القضائية 1990 العدد2
1ـ قرار18/05/1999 ـ رقم 222134 ـ الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص ـ عن قسم الوثائق للمحكمة العليا 2001.
2 ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية ـ بتاريخ 17/ 02/ 1985 ـ المجلة القضائية 1989 العدد 1 ـ ص 80.
ـ لحسين بن الشيخ أث ملويا ـ المرجع السابق ـ ص 355، 356، 357 .[103]
ـ قرار المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية 02/01/ 1989ـ المجلة القضائية 1991 العدد الرابع ـ ص95 . [104]
ـ حكم صادر عن محكمة عنابة ـ مجلس قضاء عنابة ـ في 19/02/2008 ـ رقم الفهرس 945/08.[105]
ـ قرار المحكمة العليا بتاريخ 26/09/1988 ـ ملف رقم 50519 ـ نبيل صقر ـ المرجع السابق ـ ص 195.[106]
ـ لوكيل محمد لمين ـ المركز القانوني للمرأة في قانون الأسرة الجزائري ـ ص 100.[107]
ـ د. محمد سمارة ـ المرجع السابق ـ ص 350.[108]
ـ حمدي باشا عمر ـ دراسات قانونية مختلفة ـ دار هومة ـ ص 168. [109]
ـ الآية 236 ـ سورة البقرة [110]
ـ الآية 241 ـ سورة البقرة [111]
ـ د. عمر سليمان الأشقر ـ المرجع السابق ـ ص 305.[112]
ـ حمدي باشا عمر ـ المرجع السابق ـ ص 168. [113]
ـ لحسين بن الشيخ آث ملويا ـ المرجع السابق ـ ص 347، 348. [114]
2 ـ قرار في 16/03/1999ـ ملف رقم 217179 ـ الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية ـ عدد خاص 2001.
ـ باديس ذيابي ـ المرجع السابق ـ ص 50 ،51 . [116]
ـ حكم صادر عن محكمة عنابة ـ مجلس قضاء عنابة ـ في 15/01/2008 ـ رقم الفهرس 0102/08.[117]
ـ حمدي باشا عمر ـ المرجع السابق ـ ص 169. [118]
ـ حكم صادر عن محكمة عنابة ـ مجلس قضاء عنابة ـ بتاريخ 19/02/2008 ـ رقم الفهرس 928/08 .[119]
ـ الحكم الصادر عن محكمة الدرعان ـ مجلس قضاء عنابة ـ في 16/06/2008 ـ رقم الفهرس 135/08 .[120]
ـ لحسين بن الشيخ أث ملويا ـ المرجع السابق ـ ص 395، 396 . [121]