أطروحات و رسائل

سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية : رسالة لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم

مقدمة:

إن التحكيم مؤسسة اختيارية قضائية تتعايش مع قضاء الدولة، اهتمت به مختلف الثقافات والحضارات منذ القدم، حيث كان معروفا في العصور القديمة، يقال بأن القانون الرومانَي كان يعرف التحكيم الاختياري ولكن صفة الاختيارية كانت تمتد إلى قرار المحكم نفسه، فلا يعتبر واجب التنفيذ، ولا يترتب على عدم تنفيذه سوى متابعة الممتنع عن التنفيذ عن طريق دعوى أداء غرامة[1].

وقد أصبح التحكيم في الوقت الحالي أمرا مفروضا، لفض الكثير من المنازعات الداخلية منها والدولية، خصوصا المنازعات التجارية والعقود الدولية، والسبب في ذلك راجع إلى التطورات العديدة التي مست مؤسسة التحكيم، فبعد أن كان يعتبر قضاء استثنائيا إلى جانب قضاء الدولة الذي يعد قضاء رسميا، أوشك أن يصبح التحكيم قضاء أساسيا، بل إن البعض[2] اعتبره في مضمار التجارة الدولية هو الأصل بينما بات قضاء الدولة هو الاستثناء، هكذا أصبح يحضى التحكيم بإقبال واهتمام متزايدين في عصر اهتزت فيه الحدود الثقافية والاقتصادية، واهتزت معها النظم القانونية لعديد من البلدان مما أدى إلى انحصار خصوصية القوانين وظهور القوانين المعولمة، ومرد هذا الاهتمام الذي حضي به التحكيم إلى المزايا التي يقدمها هذا النوع من القضاء، والتي لا مثيل لها في قضاء الدولة ذاته، كمرونة وبساطة الإجراءات وسرعة البت في القضايا وكذا الاقتصاد في النفقات، تجنبا لإهدار الوقت والجهد.

[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]

فالتحكيم كآلية بديلة لتسوية المنازعات وحماية الحقوق والمراكز القانونية واستقرار المعاملات بالتالي بين الأفراد[3]. وعندما نتحدث عن الحماية القانونية فهي تختلف باختلاف صور الاعتداء عليها، فإلى جانب الحماية الموضوعية للحق وما تتطلب من إجراءات معقدة وطويلة، واستدعاء الأطراف المتنازعة وتمحيص لوسائل الإثبات، وما يقتضي من وقت للبت في جوهر الحق، هناك الحماية الوقتية وهي حماية لمواجهة خطر التأخير في توفير الحماية الموضوعية للحقوق والمراكز القانونية، وذلك عن طريق اتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية، ولهذا فإن الحماية الوقتية تحتاج إلى بت سريع وبساطة في الإجراءات، كما أن هذا النوع من الحماية تسعف المتقاضين بحلول وقتية وذلك بدفع الخطر عن الحق دون البت في أصل الحقوق والالتزامات والاتفاقات، وذلك بإصدار أحكام  وقتية عاجلة في انتظار البت في موضوع الدعوى وتحديد من هو صاحب الحق.

انطلاقا مما سبق قد تقتضي طبيعة وظروف النزاع المتفق بشأنه على التحكيم، اتخاذ بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية سواء كان ذلك قبل تشكيل الهيئة التحكمية أو أثناء سير مسطرة التحكيم، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الحقوق والمراكز القانونية.

 فإذا كانت مرحلة قبل تشكيل الهيئة التحكمية لا تثير أدنى إشكالية في تحديد الجهة المختصة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المرتبطة بالتحكيم، حيث أجمع الفقه ومعه التشريع[4] على أن مجرد الاتفاق على التحكيم لا يمنع أطرافه من اللجوء إلى قاضي الأموال المستعجلة، لاتخاذ كل إجراء وقتي أو تحفظي طالما لم يقع تشكيل هيئة التحكيم، فإن مرحلة ما بعد تشكيلها أثارت اختلافا فقهيا واضحا.

فمن المعلوم أن اتفاق التحكيم في جميع أنماطه وأيا كانت صورته سواء كان شرطا أو مشارطة، وسواء تعلق بتحكيم خاص أو تحكيم مؤسساتي يترتب عنه أثران هامان: الأثر الأول هو ما يطلق عليه بالأثر الإيجابي وفقا له تختص الهيئة التحكمية بالبت في النزاع، أما الأثر الثاني فيتمثل في الأثر السلبي بموجبه يسلب الاختصاص من قضاء الدولة.

 وهنا يطرح تساؤل حول ما إذا كان الأثر السلبي الناتج عن اتفاق التحكيم يمتد ليشمل حتى المنازعات الوقتية أو ما يسمى بالإجراءات الوقتية والتحفظية المتعلقة بموضوع النزاع والمتفق بشأنه على التحكيم؟

أم أن اختصاص قضاء الدولة في هذا الصدد يعد اختصاصا أصيلا، ولا يمكن أن يسلب منه، حتى ولو اتفق أطراف النزاع على التحكيم، في مقابل هذا الافتراض ألا يعد القول باختصاص قضاء الدولة بالنظر في المسائل الوقتية والتحفظية في النزاعات المرتبطة بالتحكيم بمثابة إهدار للأثر السالب الناتج عن اتفاق التحكيم؟

إن مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، تطرح إشكالية تنازع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم، فإذا ما اعتبرنا أن مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، هي مجرد حماية وقتية لا تمس أصل الحقوق، وبالتالي يحق لقضاء الدولة اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي تحت ذريعة أن آثار اتفاق التحكيم قاصر على موضوع النزاع فلا يشمل المسائل الأخرى التي قد تطفو على السطح بشكل تبعي كالإجراءات الوقتية والتحفظية.

فإنه في مقابل هذا الرأي يرى جانب من الفقه المدافعين على اختصاص هيئة التحكيم، على انه مادام أن أطراف المتنازعة قد اختاروا اللجوء إلى قضاء التحكيم بدلا من قضاء الدولة، فإن جميع المسائل المتعلقة بالنزاع سواء كان ذلك في أصل الحق المتنازع عليه أو حماية مؤقتة يبقى من اختصاص الهيئة التحكمية وحدها.

فيما يرى رأي ثالث أن مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يخضع للاختصاص المشترك بين قضاء الدولة والتحكيم، حيث يمكن للأطراف اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لاتخاذ كل إجراء وقتي أو تحفظي وأن لجوئهم هذا لا يعد تنازلا عن اتفاق التحكيم، كما أنه يمكن للهيئة التحكمية اتخاذ كل تدبير مؤقت تراه مناسبا ولازما في سير الخصومة التحكمية.

بما أن موضوع الإجراءات الوقتية والتحفظية يندرج ضمن قرارات الأذن والأمر وهي من اختصاصات وسلطة رئيس المحكمة، والتي تعد من أعماله الولائية، وما يمتلك في هذا الصدد من سلطة أمرية.

اخترنا دراسة موضوع سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، لاعتبارات عديدة من أهمها كون الإجراءات الوقتية والتحفظية تحضى بأهمية كبيرة في سير الخصومة التحكمية حيث من خلال هذه الإجراءات يتم الحفاظ وحماية الحقوق والمراكز القانونية لأطراف اتفاق التحكيم في أفق الفصل النهائي في أصل هذه الحقوق.

يطرح هذا الموضوع كسائر المواضيع القانونية الإجرائية إشكالات قانونية من بينها ما يلي:

– من آثار اتفاق التحكيم نزع الاختصاص من قضاء الدولة، فهل هذا الأثر يمتد ليشمل حتى الإجراءات الوقتية والتحفظية؟

– ما مدى سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية؟

– كون الإجراءات الوقتية والتحفظية تتسم بطابع المؤقت فهل الأحكام الصادرة بمناسبة اتخاذ أي  إجراء وقتي أو تحفظي تحوز حجية الأمر المقضي به، سواء كانت الجهة المصدرة للحكم هي قضاء الدولة أم قضاء التحكيم؟ وما هي الآثار الناجمة عن صدور مثل هذه الأحكام؟

– ما موقف المشرع المغربي وباقي التشريعات المقارنة من موضوع الإجراءات الوقتية والتحفظية التي يتم اتخاذها في شأن النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم؟

قصد الإجابة عن هذه الأسئلة والوقوف عند كل إشكالية يطرحها هذا الموضوع، سوف يتم التطرق إلى ماهية سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وذلك من خلال التصدي لمفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية وتحديد أهميتها في الخصومة التحكمية وكذا تحديد شروط اتخاذ هذه الإجراءات، مع الإشارة إلى أهم مظاهر الإجراءات الوقتية والتحفظية.

ثم يتم التطرق بعد ذلك إلى موقف التشريعات الوطنية والدولية من جهة وكذا موقف القضاء و الفقه مع تقييم لأراء ها.

و في الأخير سوف نتحدث عن طبيعة الحكم الوقتي مع تحديد الآثار الناجمة عليه وفق منهج وصفي تحليلي مقارن معتمدين على التقسيم الآتي:

الفصل الأول: ماهية سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية التحفظية

الفصل الثاني: توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

 

الفصل الأول:

ماهية سلطة المحكم الآمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية

 

 بالرغم ما يتسم به التحكيم من مزايا لا نظير لها في قضاء الدولة لا من حيث سرعة البت والحسم في النزاع، وتفادي معضلة البطء والتأخير التي تلازم الدعوى القضائية، إلا أن هناك ظروف وملابسات تقتضي سرعة اتخاذ بعض التدابير المؤقتة أو التحفظية أو إصدار بعض الأحكام الوقتية تجنبا لأضرار بالغة قد تلحق بأحد الخصوم نتيجة الانتظار حتى صدور حكم التحكيمي المنهي للخصومة، أو التي تجعل بعد صدوره عديم الجدوى.[5]

وللإجراءات الوقتية والتحفظية أهمية في حماية حقوق أطراف اتفاق التحكيم من كل الأخطار المحدقة بها، نظرا لكونها تتميز بطابع سرعة البت،كما أن الحكم الصادر بصدد اتخاذ هذا الإجراء ذو طابع مؤقت يمكن للجهة التي أصدرته أن تعدله أو تلغيه كلما كان ذلك ممكنا.

وبما أن الهيئة التحكمية هي المختصة لنظر في جوهر النزاع بمقتضى اتفاق التحكيم، يتبادر إلى الذهن، مدى سلطة المحكم الآمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وما هي مظاهر وصور الإجراءات الوقتية والتحفظية التي يمكن للمحكم اتخاذها؟

قصد توضيح مفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية وتحديد خصائصها و شروط اتخاذها، وكذا تحديد مدى سلطة المحكم في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين:

 

المبحث الأول: مفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية

المبحث الثاني: سلطة المحكم الآمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية

 

المبحث الأول: مفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية

للإجراءات الوقتية والتحفظية أهمية في الخصومة التحكمية والتي تسعى إلى حفظ أو توازن العلاقات القانونية بين الأطراف وكذا حفظ الأدلة اللازمة للفصل في النزاع وكذا اتخاذ إجراء تحفظي تمهيدا لتنفيذ الحكم التحكمي المرتقب الصدور. 

وبما أن موضوع هذا البحث يدور حول الإجراءات الوقتية والتحفظية، كان لزاما علينا البحث عن مفهوم هذه الإجراءات (المطلب الأول) إضافة إلى تحديد خصائص هذه الإجراءات و شروط اتخاذها(المطلب الثاني).

المطلب الأول: تعريف الإجراءات الوقتية والتحفظية وأهميتها

لم يقم المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة تحديد ما المقصود بالاجراءات الوقتية والتحفظية، لا في قانون المسطرة المدنية ولا في القوانين الأخرى المهتمة بهذا الموضوع. ولهذا حولنا تحديد مفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية من خلال آراء الفقهاء وذلك ضمن (الفقرة الأولى) وبعده تطرقنا إلى تحديد أهمية الإجراءات الوقتية والتحفظية في خصومة التحكيم من خلال (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف الإجراءات الوقتية والتحفظية

اختلف الفقهاء حول المقصود بالإجراءات الوقتية والتحفظية، ولاحظ جانب من الفقه[6] أن المصطلحات والألفاظ المستخدمة عموما في هذا الموضوع لا تسهل على الفهم، فمصطلحي الإجراءات الوقتية والتحفظية يستخدمان دون تمييز بينهما باعتبارهما مترادفين وذلك على رغم من أنهما يشيران إلى أمور مختلفة.

وهكذا قسم الفقهاء المقصود بالاجراءات الوقتية والتحفظية، وتم تحديد مدلول كل إجراء على حدة، حيث قسمها بعض الفقه[7] وميز بين الإجراءين على أساس الغرض منهما. حيث اعتبر الإجراءات الوقتية هي إجراءات تحقيق حيث تهدف إلى حفظ الأدلة اللازمة بين الخصوم أثناء الخصومة، بينما الإجراءات التحفظية هي إجراءات تهدف إلى منع أو إحداث حالة واقعية أو قانونية لضمان تنفيذ الحكم الذي سيصدر فيما بعد.

في حين يرى جانب من الفقه[8]، أن في الإجراءات الوقتية يكون القرار الصادر بشأنها قرار مؤقت أو قرار وقتي، وهو قرار ذو حجية مؤقتة لا يلزم لا القاضي ولا المحكم عند تعرضه للفصل في جوهر النزاع نفسه، بينما بالنسبة للإجراءات التحفظية فإن موضوع القرار ينصب على المحافظة والتحفظ على المراكز القانونية أو الحقوق أو أدلة الإثبات، وبلاشك فإن القرارات التحفظية لها دائما طابع وقتي، ولكن ليس ذلك بالضرورة، فالإجراء التحفظي يمكنه أن يستنفذ آثاره لحظة صدوره أو يمكن الاعتداد به منذ البداية على اعتبار أنه قطعي ونهائي كالقرار الصادر بوضع أحد المواقع تحت رقابة شركة حراسة.

وعلى العكس من ذلك فإن القرار الوقتي أو المؤقت لا يتمتع بالضرورة بالطابع التحفظي وذلك ما يتحقق بشأن دفع النفقة المؤقتة المنصوص عليها في القانون الفرنسي والذي يهدف إلى الوفاء بشكل تام أو جزئي للدائن غير المنازع في حقوقه بشكل جدي، من خلال إصدار قرار بإتباع إجراءات الاستعجال وذلك دون المساس بالقرار الذي سوف يصدر في الموضوع.

وقد قسمها البعض الآخر[9]، بحسب مفهومها إلى اتجاه موسع حيث يعد إجراء وقتيا كل إجراء يهدف إلى تأمين السير الطبيعي لإجراءات الخصومة. أو إلى اتجاه ضيق، وهي الإجراءات التي تسبق تنفيذ الحكم ويكون الغرض منها ضمان تنفيذ الحكم.

وقد عرف بعض الفقه[10] الإجراءات الوقتية والتحفظية دون تمييز بينهما، بأنها تدابير مؤقتة تتم بصفة مستعجلة ولا تمس أصل الحق، وتكون في صورة طلب تحفظي للحفاظ على إمكانية تنفيذ الحق في المستقبل، أو طلب مستعجل لتحقيق مصلحة آنية للطالب أو حمايتها.

ويرى أحد الفقهاء[11] أن مفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية مرتبط بالغاية المتوخاة من هذه الإجراءات، وهي إجراءات يقضى  بها من أجل إسعاف المتقاضي وإشباع حاجته الملحة في وقت لا يجدي فيه اللجوء إلى إجراءات التقاضي العادية.

هذا وقد ميز الأستاذ عبد اللطيف هداية الله، بين الإجراء الوقتي والإجراء المستعجل، حيث اعتبر ركنا الاستعجال وعدم المساس بالموضوع كأساس في اتخاذ إجراء مستعجل، بينما الإجراء الوقتي يكون إذا كان لا يقيد قاضي الأمور الوقتية أو قاضي الموضوع حسب الأحوال وكان قابلا للعدول عنه دون حدوث ضرر يصعب تلافيه، مما يعني أن الإجراء المستعجل يقتضي حتما أن يكون إجراء وقتيا لارتباطه بشرط عدم المساس بالموضوع، بينما الإجراء الوقتي لا يكون بالضرورة إجراء مستعجلا، لأنه قد لا يقترن بركن الاستعجال، هذا ويصدق القول على أن كل حكم مستعجل هو حكم وقتي وإنما ليس كل حكم وقتي يعتبر مستعجلا.[12]  

هكذا وإذا اعتبرنا أن كل إجراء مستعجل فهو وقتي بالضرورة، بينما الإجراء الوقتي لا يكون بالضرورة إجراء مستعجلا، مما يعني أن نطاق الإجراءات الوقتية أوسع من نطاق الإجراءات المستعجلة.

للإجراءات الوقتية تطبيقات عديدة ومن أهمها:

-طلب إثبات حال أو توجيه إنذار,حيث ينص الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية على أنه"يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار…"

-طلب تنفيذ أحكام المحكمين وفقا للفصل 31- 327 من قانون 05- 08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

-طلب تعيين محكم ثالث في حالة رفض الأطراف ونشوب خلاف بينهم بهذا الخصوص وذلك وفقا للفقرة الأولى من الفصل 5-327 من قانون 05- 08 والذي ينص " إذا لم يتم تعيين الهيئة التحكمية مسبقا وكيفية وتاريخ اختيار المحكمين أو لم يتفق الأطراف على ذلك، تتبع الإجراءات التالية:

1- إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الأطراف

2- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين يعين كل طرف محكما ويتفق المحكمان المعينان على تعيين المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال 15 يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال 15 يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولى رئيس المحكمة المختصة تعينه بناء على طلب أحد من الطرفين، وتكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي عينه رئيس المحكمة…", وفي هذا الشأن صدرت عدة أوامر تقضي بتعيين محكم ومن بينها نجد أمر[13]الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء والذي يقضي بتعيين محكم ثالث إلى جانب المحكمين الذين تم اختيارهم من قبل أطراف اتفاق التحكيم"                                                                                                                      

أما أهم تطبيقات الإجراء التحفظي، نجد هناك الحراسة القضائية أو الحجز التحفظي على المنقولات أو العقارات، أو صعوبات تنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ…

وخلاصة القول فإن للإجراءات الوقتية والتحفظية ضوابط وشروط تكون ضرورية توفر في الدعوى الوقتية وهي شرط الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق، حتى يمكن لشخص الاستفادة من مسطرة طلب إجراء وقتي أو تحفظي، ويبقى للإجراءات الوقتية والتحفظية أهمية كبيرة في الخصومة سواء كانت قد عرضت على القضاء الرسمي أو التحكيم. هذا ما نتناوله في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: أهمية الإجراءات الوقتية والتحفظية

إن الإجراءات الوقتية والتحفظية المرتبطة بإجراءات التحكيم تعد من المسائل الدقيقة التي تتعاظم أهميتها في قضاء التحكيم وقضاء الدولة كذلك،وتظهر هذه الأهمية من خلال عدة جوانب، كطول إجراءات التقاضي، فرغم أن مسطرة التحكيم تتسم بالسرعة البت في النزاعات المعروضة عليها إلا أن هناك حالات تعجز إجراءات العادية المتبعة أمام هيئة التحكيم الفصل فيها، وبالتالي تعجز على حماية الحق المعرض لخطر، مما تكون التدابير الوقتية والتحفظية هي السبيل الوحيد لحماية هذا الحق، وهنا تتجلى أهميتها مقارنة مع وسائل الحماية العادية.

هكذا فدور الإجراءات الوقتية والتحفظية أهمية في رد العدوان البادي لأول وهلة من ظاهر المستندات بإجراءات وقتية تتغير كلما جد جديد في ظروف نزاع، حيث تتميز الإجراءات الوقتية والتحفظية بالبساطة والمرونة وقلة النفقات مع الاقتصاد في الوقت واختصار في الإجراءات وبذلك تكون الإجراءات الوقتية والتحفظية المتخذة سواء من قبل القضاء الاستعجالي أو قضاء التحكيم، عامل توفيق بين الأداة اللازمة لحسن سير العدالة وبين نتائج هذه الأداة التي قد تعصف أحيانا بحقوق الخصوم[14].

ويتجلى دور الإجراءات التحفظية كذلك، في ضمان تنفيذ حكم التحكيم الصادر، نتيجة تغير المركز المالي للمدعى عليه مع مرور الوقت[15].

كما تحضى كذلك باهتمام متزايد لأسباب متعددة لعل الأهم منها، أنها تقع في مواجهة مباشرة مع مفاعيل الزمن الذي لا يخفى على أحد أن مدى امتداد انعكاسه، يترك آثارا قد تكون صعبة التدارك لاحقا إن لم يكن مستحيلا، ذلك متى لم يكن في إمكان الأطراف المتنازعة الحصول على حماية فعالة وسريعة لحقوقهم بمقتضى الإجراءات العادية[16].

من المعلوم أن العملية التحكمية تمر بمراحل متعددة، تبدأ بالاتفاق بين الأطراف حول التحكيم كوسيلة بديلة لتسوية نزاعاتهم سواء المستقبلية منها عن طريق ما يسمى بشرط التحكيم[17]، أو لحل وفض نزاعاتهم القائمة أو الآنية، بواسطة مشارطة التحكيم[18]، وغير خاف أنه يمكن أن يتعرض الحق المتنازع عليه لخطر داهم، قد يعصف بمصالح أحد الأطراف ولو قبل تشكيل الهيئة التحكمية، مما يكون معه القضاء المستعجل في شخص رئيس المحكمة[19]، المؤسسة الوحيدة التي تحمي الحق من أي خطر قادم،عن طريق اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وهنا تتجلى أهمية الإجراءات المتخذة من القضاء الاستعجالي، وفي هذا الإطار يمكن القول بأن هناك إجماع تشريعي[20] وقضائي[21] وفقهي[22]، على أن مجرد الاتفاق على التحكيم لا يحول دون إمكانية مطالبة قاضي الأمور المستعجلة قصد اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي حماية للحق المعرض للخطر في أفق تشكيل الهيئة التحكمية، لتفصل في جوهر هذا الحق، حيث أن اللجوء إلى القضاء الاستعجالي هو الأصل ما دامت الهيئة التحكمية لم تتشكل بعد.

هكذا فدور الإجراءات الوقتية والتحفظية وضعتا أساسا لحماية الحقوق المعرضة للأخطار، كما أن دور الإجراء التحفظي خصوصا بعد انتهاء المهمة التحكمية وصدور الحكم التحكمي، تتعاظم أهميته حيث عن طريق اتخاذ الحجوزات التحفظية وهي أهم صور الإجراء التحفظي كضرورة لتنفيذ الحكم التحكمي، أو إصدار أوامر متعلقة مثلا بمنع المدين من السفر أو بحبس بعض أملاكه وفقا للقانون.

المطلب الثاني: خصائص الإجراءات الوقتية والتحفظية وشروط

                     اتخاذها                                              

للإجراءات الوقتية والتحفظية خصائص متعددة كالبساطة في المسطرة ومرونتها كما أنها تتسم بطابع المؤقت (الفقرة الأولى) بالإضافة إلى كل هذا وقصد اتخاذ مثل هذه الإجراءات لابد من توفر جملة من الشروط سواء كانت الجهة المختصة هي هيئة التحكيم أو قضاء الدولة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: خصائص الإجراءات الوقتية والتحفظية

لما كانت إجراءات رفع الدعوى أمام قضاء الموضوع تتسم بالبطء ومساطر معقدة وطويلة نسبيا على نحو قد يتعارض مع مصلحة الأطراف مما يطول معها أمد النزاع ويطمس أحيانا وجه الحق، ظهر القضاء المستعجل بفكرة إسعاف الخصوم بحلول سريعة لا تحتمل سلوك مساطر المتبعة أمام قضاء الموضوع، ولهذه الأسباب تختلف الإجراءات الوقتية والتحفظية عن الإجراءات المتبعة أمام قضاء الموضوع، وتتسم بخصائص عديدة ومن أهمها ما يلي:

أولا: البساطة في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وسرعة البت فيها:

كما قلنا سلفا أن اتفاق التحكيم لا يمنع أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة، سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي، ومن سمات القضاء المستعجل، البساطة والمرونة التي تتفق مع طبيعة القضايا الاستعجالية التي لا تحتمل تعقيدات المسطرة العادية.

وتتجلى بساطة ومرونة المسطرة الاستعجالية في خاصتين أساسيتين وهما:

– كيفية تقديم الدعوى:

سمح المشرع بتقديم الدعوى الاستعجالية إما لدى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة، طيلة أيام الأسبوع وحتى في أيام الأعياد والعطل، بل يمكن اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة حتى في بيته والحصول على تعيين أقرب جلسة للنظر في الدعوى الاستعجالية.

ويرى الفقه إنه إذا كان التقاضي لا يصح إلا ممن تتوافر فيه شروط الصفة و المصلحة والأهلية، فإنه يجب تفسير هذه القاعدة تفسيرا مرنا، والسماح للشخص المميز بتسجيل هذه الدعوى، وكذا بإعفاء الأوصياء والأولياء من الحصول مسبقا على إذن بإقامة الدعوى[23].               

  –  سرعة البت في الإجراءات الوقتية والتحفظية:                                                                                    

إن الغاية من اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، هو حماية الحق من كل خطر محذق لا يحتمل الإجراءات العادية. مما يعني أن السرعة البت في الإجراءات الوقتية والتحفظية أمر ضروري لحماية الحق المتنازع عليه إلى أن يصدر الحكم في جوهر هذا الحق.

وعبر المشرع المغربي عن فكرة سرعة البت في الإجراءات الوقتية والتحفظية في الفصلين 150/2 و152  من ق.م.م حيث ينص الفصل 150/2 على أنه " يمكن له أن يبت حتى في أيام الأحد وأيام العطل". وينص الفصل 151 " يأمر قاضي باستدعاء الطرف المدعى عليه طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصول 37- 38- 39 عدا إذا كانت هناك حالة الاستعجال القصوى" وباستقراء نصوص الفصلين السابقين يتضح أن المشرع المغربي، أعطى سلطة تقديرية واسعة لرئيس المحكمة في كيفية البت في الإجراءات الوقتية والتحفظية مراعيا في ذلك عنصر الاستعجال القصوى.

فإذا كانت خصائص الإجراءات الوقتية والتحفظية التي يتخذها القضاء الاستعجالي تتسم بسرعة البت والبساطة في الإجراءات، فإن الإجراءات المتبعة أمام هيئة التحكيم تتمتع بنفس الخصائص، بل يتم تكريس هذه الخصائص بشكل أكبر في الحالة التي تكون فيها الهيئة التحكمية هي المختصة، على اعتبار أنها تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في تقديرها لشروط  اتخاذ تلك الإجراءات وآجال البت فيها.

هذا مع العلم أن التحكيم يتميز بسرعة الإجراءات وسرعة البت في الموضوع أي أن الهيئة التحكمية ملزمة بالبت في مدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر فما بالك عندما يكون الأمر مستعجلا[24].

ثانيا: الطابع المؤقت للإجراءات الوقتية والتحفظية

نص الفصل 152 من ق.م.م على أنه: " لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية، ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر" انطلاقا من هذا الفصل يمكن القول بأن هذه الإجراءات تدخل في طائفة الأحكام الوقتية.

وقد عرف بعض الفقه[25]  الحكم الوقتي بأنه " الحكم الذي يصدر في طلب وقتي ويكون الغرض منه الأمر بإجراء تحفظي أو تحديد مركز الخصومة بالنسبة لموضوع النزاع تحديدا مؤقتا إلى أن يتم الفصل في النزاع بحكم يصدر في الموضوع. من خلال هذا التعريف يتضح أن الحكم الوقتي هو حكم غير نهائي، على اعتبار أنه لا يعطي حل نهائي لنزاع ولا يبت في جوهر الحق، مما يعني أن الإجراءات الوقتية والتحفظية تتسم بطابعها المؤقت، حيث إنها تهدف إلى حماية الحقوق بشكل مؤقت في أفق البت في الجوهر، وتبقى حجية الحكم الوقتي[26] نسبية أمام القاضي الذي أصدره ولا يلزم المحكم عند النظر في جوهر النزاع.

والحكم الوقتي بحكم حجيته النسبية يمكن العدول عنه، عن طريق استصدار حكم يقضي بإلغاء الإجراء الوقتي أو التحفظي السابق أو تعديله متى تغيرت الظروف، وهذا ما أقره المجلس الأعلى[27] في أحد قراراته " فالقاضي الاستعجالي واعتبارا للصفة الوقتية للحكم المستعجل يملك دائما حق تعديل أو تغيير الحكم الذي أصدره أو التراجع عنه كليا إذا برزت ظروف واقعية أو قانونية جديدة تبرر هذا التعديل أو الإلغاء، وهي سلطات لا يملكها عادة قاضي الموضوع الذي تنتهي ولايته بمجرد صدور الحكم.

وفي قرار[28]مماثل، ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الذي جاء فيه " حيث إن الحجز التحفظي يفترض وجود دين محقق في ذمة المحجوز عليه قبل الدائن، وأن يكون دينا له ما يرجح جديته وتحققه.

وحيث أنه بالاطلاع على ظاهر وثائق الملف تبين للمحكمة صحة ما ذهب إليه الأمر الاستعجالي المستأنف، وذلك لكون الظروف التي أدت إلى صدور القرار ألاستئنافي المذكور أعلاه والقاضي بتأييد الأمر الابتدائي لم تتغير وبالتالي فلا يحق للمستأنفة التقدم بطلب جديد أمام المحكمة التجارية. بالإضافة إلى ذلك فإن الوثائق المتمسك بها من طرفها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعطي للمستأنفة الحق في التقدم بطلب إيقاع الحجز مرة أخرى لعدم توفر الدين على الشروط المذكورة أعلاه. ولعدم تغير الظروف مما يكون معه الأمر الابتدائي جاء مصادفا للصواب وتفيد الحكم بتأييده".

 إلى جانب كل هذه الخصائص تتسم الإجراءات الوقتية والتحفظية بطابع التبعي حيث لا توجد إلا بصدد نزاع موجود أو سيوجد حول الموضوع الأصلي الذي أتفق بشأنه على التحكيم، وأن الغاية من الإجراءات الوقتية والتحفظية هو تسهيل تحقيق غرض الخصومة الأصلية وهو إصدار الحكم وضمان تنفيذه مستقبلا، ولدا فإن إجراءات إصدارها مختلفة عن الإجراءات التي تتم أثناء نظر موضوع النزاع[29].

وهكذا وانطلاقا من الخصائص السابقة فإن الإجراءات الوقتية والتحفظية، تهدف إلى توفير الحماية القضائية الوقتية للحقوق والمراكز القانونية في انتظار الفصل النهائي في النزاع عندما يكون الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته معرضا للخطر، وقد سماها بعض الفقه بمثابة الدعوى الوقتية[30].

 الفقرة الثانية:شروط اختصاص قضاء الدولة وقضاء التحكيم

يلعب القضاء دورا مهما في مساعدة التحكيم، فرغم أن هذا الأخير مؤسسة مستقلة عن القضاء لا من حيث الإجراءات المتبعة أمامه، ولا من حيث قدرة المحكم على تسيير الخصومة التحكمية، إلا أنه يبقى المحكم قاضيا من نوع خاص يفتقد إلى سلطة الإجبار والإلزام في مواجهة الأطراف وكذا في مواجهة الأغيار، مما يعني أن تدخل القضاء الذي تستأثر الدولة بتنظيمه أمر حتمي لابد منه، ليس فقط من أجل تشكيل الهيئة التحكمية، حالة عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكم، بل إن قضاء الدولة في تفعيل ومساعدة الهيئة التحكمية ينسحب على المراحل التحكمية كلها، سواء قبل بدء إجراءات التحكيم أو أثنائها أو بعد صدور الحكم التحكمي، ولعل من أهمها سلطة القضاء باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، حيث لا مناص من لجوء الأطراف إلى قضاء الدولة لاتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي في المرحلة السابقة لتعيين المحكمين أو بسبب تعذر عقدها ووجدت ظروف استعجال لا تحتمل التأخير، حيث لا توجد أي جهة دون القضاء لتوفير الحماية الوقتية.

لكن رغم كل هذا فيبقى في بعض الحالات لهيئة التحكمية دور فعال باتخاذها للإجراءات الوقتية والتحفظية.

فما هي شروط اختصاص قضاء الدولة وقضاء التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم؟.

للإجابة عن هذا السؤال نقسم هذه الفقرة إلى مايلي:

–                   أولا: شروط اختصاص قضاء الدولة.

–                   ثانيا: شروط اختصاص قضاء التحكيم.

أولا: شروط اختصاص قضاء الدولة

يشترط لانعقاد الاختصاص لقضاء الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية على نحو ما يظهر من النصوص التشريعية والأحكام القضائية التي تعرضت لهذا الموضوع، وعلى النحو ما تتجه إليه الآراء الفقهية التي أدلت بدلوها في هذا الصدد.

وقصد الاستفادة من الإجراءات القضاء المستعجل ومزاياه لابد من توفر مجموعة من الشروط ويمكن حصرها في ثلاثة شروط أساسية وهما كالآتي: شرطين من هذه الشروط لا تختلف في مجملها عن الشروط المتطلبة لانعقاد الاختصاص للقاضي الوطني في القضاء المستعجل في الأحوال العادية وكما هو منصوص عليها في القانون الداخلي، وهما شرط الاستعجال وشرط عدم المساس بالموضوع.

إضافة إلى هذين الشرطين يمكن إضافة شرط ثالث وهو ألا يكون الأطراف قد اتفقوا مسبقا على أن يكون المحكم هو نفسه من يتخذ هذه الإجراءات.

-أ: شرط الاستعجال: لم يضع المشرع المغربي وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة تعريفا لعنصر الاستعجال ولم يحدد ماهيته، وإنما اكتفى الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية بالقول بأنه "يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال…"، دون أن يحدد ضابط أو معيار يوضح شروط قيام هذا الاستعجال أو يضع له معايير ثابتة يستقر عليها الجميع في تحديد معنى الاستعجال بل ترك الأمر لسلطة القاضي المستعجلات التقديرية ولا يشاركه أحد في هذا التقدير بل أكثر من ذلك لا تخضع سلطته التقديرية هاته لرقابة مجلس الأعلى[31]، والواقع أنه لا يخلو الأمر من صعوبات في وضع تعريف دقيق للاستعجال يستقر عليه الجميع، لأن الاستعجال حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان المحيطة بالدعوى، وترجع إلى طبيعة الحق المراد المحافظة عليه، وهكذا فإن المشرع المغربي قد أحسن صنعا لتغاضيه عن مسألة تعريف عنصر الاستعجال، حيث الأمر متروكا  للفقه والقضاء، لأن مسائل المستعجلة غير قابلة للتحديد أو الحصر، فالاستعجال حالة مؤقتة غير محددة وليست معيارا واحدا يمكن تطبيقه في كل الأحوال بل ظواهر الاستعجال متعددة، وقد تبرر في حالات ويختلف التبرير في حالات أخرى.

لكن رغم كل هذه الصعوبات لم تقعد رجال الفقه والقضاء في وضع تعريف للاستعجال وتحديد مفهومه القانوني.

ومن تعريفات المقترحة لمفهوم الاستعجال، نجد أنه عرف ب "الخطر الحقيقي المحذق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درءه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده[32].

وقد عرفه البعض الآخر من الفقه إلى أن حالة الاستعجال التي تبرر انعقاد الاختصاص لقاضي الأمور الوقتية هي التي يكون فيها من المستحيل الوصول في الوقت المناسب إلى حل المنازعة بإتباع الإجراءات المعتادة[33].

كما عرفه عبد الباسط جميعي بأن الاستعجال هو الخطر المحذق بالحقوق أو المصالح التي يراد المحافظة عليها وهو يتوافر كلما وجدت حالة يترتب على فوات الوقت حصول ضرر فيها يتعذر تداركه وإصلاحه[34].

ويلاحظ من خلال التعريفات السابقة أنها كثيرا ما تركز على عنصر الخطر الذي يحاط بالحق المراد المحافظة عليه وأن هذا الخطر لا يحتمل القواعد العادية والمسطرة المتبعة أمام القضاء الموضوع، وبالتالي تم التفكير في ابتكار وسيلة فعالة وسريعة وهو ما يسمى بالقضاء المستعجل[35].

وقد أثار بعض الفقه مسألة وقت توفر عنصر الاستعجال لاستفادة من مزايا مسطرة القضاء الاستعجالي، هل وقت رفع الدعوى أو وقت صدور القرار؟

 فذهب جانب من الفقه إلى أن عنصر الاستعجال يجب أن يتحقق وقت رفع الدعوى لا وقت الحكم فيها، بينما ذهب فريق آخر إلى القول بأن العبرة هي الوقت الحكم لا وقت رفع الدعوى، ونادى فريق ثالث بضرورة استمرار عنصر الاستعجال من وقت رفع الدعوى إلى الحكم فيها.

-ب: شرط عدم المساس بجوهر الحق: ويقصد من وراء هذا الشرط أن اختصاص قاضي المستعجلات عند توفر شرط الاستعجال هو إسعاف المتقاضين بحماية مؤقتة للحق ووقايته بدفع الخطر عنه، ولذا فإن مهمة قاضي المستعجلات ليست هي الفصل في أصل الحقوق والالتزامات والاتفاقيات، بل هي إصدار أحكام وقتية عاجلة لدفع الأخطار أو صد العدوان المحذق بالحق في انتظار البت في صحته ومداه وصاحبه[36]، الذي يبقى من اختصاص المحكم احتراما للأثر السالب لشرط التحكيم.

وعبر المشرع المغربي عن فكرة عدم المساس بالموضوع في الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية حيث ينص على أنه "لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر". وهكذا فإن فكرة عدم المساس بالموضوع هي التي بموجبها يمنح الاختصاص للقضاء المستعجل حيث يمنع على هذا الأخير النظر في جوهر النزاع الذي يبقى من اختصاص المحكم وحده نظرا لوجود اتفاقا التحكيم شرطا كان أو مشارطة، حيث يمنع على القضاء المستعجل المساس بأصل الحق الذي تدور حوله حقوق والتزامات الأطراف وجودا وعدما فيدخل في ذلك مما يمس بصحتها أو يؤثر في كيانها أو تغيير فيها أو في آثارها القانونية[37].

وعلى هذا الأساس إذا رفعت الدعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القاضي الاستعجالي الذي يشترط لاختصاصه بنظر المسائل المستعجلة طبقا لنص المادة 152 من قانون المسطرة المدنية "لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر".

ولو طلب أحد من أطراف اتفاق التحكيم من القضاء الاستعجالي وضع شيء المتنازع فيه تحت الحراسة القضائية، فعليه أن يبت في هذه النقطة وحدها ومدى توفر شرط الاستعجال ولا يمكن له أن ينظر في دعوى لمن تعود ملكية هذا الشيء الذي يبقى من اختصاص الهيئة التحكمية.

لذلك يتعين على القاضي المختص بالأمر بالحراسة القضائية عند إصداره لهذا الأمر الوقتي، أن يترك الحكم النهائي في الموضوع للمحكم الذي يبت في الجوهر، وأن يترك حقوق الطرفين المتخاصمين كما هي من غير أن ينظر فيها[38].

 

-ج: عدم اتفاق الأطراف على استبعاد ولاية القضاء في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

إذا كان الأصل باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يعود لقضاء الدولة فإنه في المقابل أعطى القانون لإرادة الأطراف حرية استبعاد هذا الاختصاص المقرر لقضاء الدولة، بشأن هذه الإجراءات ومنحه لقضاء التحكيم وبالتالي فإنه بالإضافة إلى شرطي الاستعجال وعدم المساس بالموضوع ألا يكون أطراف اتفاق التحكيم قد استبعدوا صلاحية المحاكم الوطنية بإصدار القرارات الوقتية والمستعجلة.

لكن الإشكالية المطروحة في هذا الصدد هل يمكن للأطراف اتفاق التحكيم أن يتفقوا على استبعاد ولاية القضاء كليا في اتخاذ القرارات الوقتية والتحفظية؟

إن الإجابة عن هذا السؤال يتوقف على طبيعة الإجراءات الوقتية والتحفظية الملتمس اتخاذه وهل لهما ارتباط بفكرة النظام العام.

 أو يعد من المسائل التي تتطلب فكرة الفعالية والنفاذ والتي تقتضي الاعتراف بالاختصاص باتخاذها من طرف القضاء، كما يقرر جانب آخر من الفقه،على أنه إذا كان الإجراء الملتمس اتخاذه يعد من المسائل المتصلة بفكرة النظام العام أو لا تقدر هيئة التحكيم في حالة تمسكها بإصدار الأمر باتخاذه على كفالة احترام تنفيذه لأنه يتطلب اتخاذ إجراء من إجراءات التنفيذ الجبري وهي إجراءات تحتكر الدولة وقضاؤها القيام به فإنه يتعين القول باختصاص القضاء في هذا الشأن على الرغم من وجود الاتفاق السالب لاختصاص هذا القضاء والمتمثل في اتفاق التحكيم، فاحترام الاتفاق على منح الاختصاص للمحكم على نحو قاصر عليه بشأن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية مرهون بأن يكون الإجراء الملتمس اتخاذه من قبل القضاء تقدر هيئة التحكيم على إصدار الأمر باتخاذه وكفالة احترام تنفيذه دون حاجة على التدخل من هذا القضاء وبالتالي فإن الاتفاق في هذا الغرض يرتب أثره كاملا، أما في الفرض الآخر التي تكون الإجراءات الملتمس اتخاذها لا يقدر سوى القضاء على كفالة احترامها وتنفيذها فإن الاتفاق على إعطاء الاختصاص للمحكم في هذا الغرض لا أثر له ولا قيمة[39].

بالإضافة إلى الشروط السابقة لينعقد الاختصاص للقضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفقة بشأنها على التحكيم هناك من يضيف شرط رابع خصوصا عندما يكون النزاع يشتمل على عنصر أجنبي أو في النزاعات التي لها ارتباط بالتحكيم الدولي أو ما يسمى بالمنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم، وهذا الشرط يتمثل في أن يكون الإجراء الوقتي أو التحفظي المطلوب اتخاذه واجب التنفيذ في إقليم الدولة ومفاد هذا الشرط أنه يجب تمديد الجهة المختصة في إصدار هذه الأوامر المتعلقة بالإجراءات الوقتية والتحفظية عندما يكون النزاع يشتمل على عنصر أجنبي فهل يعود الاختصاص للقضاء الوطني أو إلى مكان انعقاد جلسات التحكيم أو أن اتخاذ هذا الإجراء يجب أن ينعقد الاختصاص للقضاء المستعجل المطلوب اتخاذ واجب التنفيذ في إقليمه؟.

في ظل عدم وجود ضابط قضائي مستقل في تحديد الجهة المختصة في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، هناك من يرى أنه وبما أن غاية القضاء المستعجل هو الحفاظ على الحقوق وحمايتها وأن هذه الحماية لها ارتباط بالسرعة لتنفيذ الإجراء المطلوب اتخاذه، إذ أن التأخير في التنفيذ يضيع دون أدنى شك، الهدف من اللجوء إلى القضاء المستعجل لاتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وهو أمر مستبعد إذا كان الإجراء العاجل المطلوب اتخاذه واجب التنفيذ في إقليم الدولة الأخرى، مما يعني أن القاضي الوطني لا يكون مختصا إذا كان الإجراء المستعجل المطلوب اتخاذه واجب التنفيذ في الخارج[40].

هكذا ومن خلال ما سبق يمكن القول أنه عندما يكون لأطراف التحكيم نفس الموطن أو محل الإقامة وأن الحق الذي اتخذ الإجراء التحفظي أو الوقتي من أجل حمايته موجود في إقليم دولة القاضي يعني أن الاختصاص ينعقد للقاضي الوطني.

لكنه في حالة العكس أو أن الأطراف ليس لها موطن أو محل إقامة في إقليم دولة القاضي، أو كان المال محل الحماية المستعجلة لا يوجد في إقليم دولة القاضي، فإنه من الصعوبة بمكان تقرير اختصاص المحاكم الوطنية بنظر الإجراءات الوقتية والتحفظية حتى ولو تحقق عنصر الاستعجال وهذا ما ينص عليه المشرع المصري في المادة 34 من قانون المرافعات على " أن تختص محاكم الجمهورية بالأمر بالاجراءات الوقتية والتحفظية التي تنفذ في الجمهورية".

وذهب جانب آخر من الفقه في تحديد لمن يعود الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية بشأن المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم إلى القول بأن القضاء المختص بإصدار مثل هذه الإجراءات هو قضاء الدولة التي تعقد على إقليمها هيئة التحكم جلساتها وتتخذ من هذه الدولة مقرا لها،إذ إن محاكم هذه الدولة تعد القاضي الطبيعي بالنسبة لجميع المسائل المتصلة بالتحكيم.[41]

أعتقد في هذا الصدد، وبما أن جلسات هيئة التحكيم يمكن أن تنعقد في أكثر من دولة فإن الضابط الوحيد الذي يحدد الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية ليس هو مكان انعقاد جلسات هيئة التحكيم بل هو سلطة الدولة في تنفيذ هذا الإجراء على وجه السرعة انسجاما مع الأهداف المتوخاة من القضاء المستعجل والمتمثل أساسا في حماية الحق من الخطر المحدق به إلى غاية الفصل في جوهر هذا الحق وإصدار فيه حكم تحكمي منهيا لهذا النزاع.

ثانيا: شروط اختصاص الهيئة التحكمية

ينص الفصل 15- 327 من قانون 05- 08 " يجوز للهيئة التحكمية ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك أن تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها.

إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، يجوز للطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ".

باستقراء نص هذا الفصل يلاحظ أن المشرع المغربي قد اسند الاختصاص إلى الهيئة التحكمية وبشكل صريح باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية دون أن يشير إلى شروط هذا الاختصاص.

لكن رغم ذلك وحتى يكون القرار الوقتي الصادر عن الهيئة التحكمية قابلا لتنفيذ خصوصا عند امتناع الطرف الذي صدر الأمر ضده. ضرورة من توفر جملة من الشروط الموضوعية والشكلية ونوجزها فيما يلي:

-أ: الشروط الموضوعية:

1- يجب أن يكون القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم في نزاع يختص برؤيته بموجب اتفاق تحكيم سواء كان مشارطة أو شرط، كما يجب أن يكون هذا الاتفاق كامل الأركان والشروط الموضوعية العامة الواجبة التوفر في العقد، من رضا وأهلية ومحل دون أن يشمل النزاعات التي منع المشرع التحكيم البت فبها، كمسائل التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة، كما يجب ألا تكون محل التحكيم نزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.[42]

كما يجب أن يكون اتفاق التحكيم متناهي الدقة في تحديد النزاعات المراد النظر فيها من قبل الهيئة التحكمية تحت طائلة رفض الصيغة لقرار المؤقت من قبل رئيس المحكمة المختصة، في حالة امتناع الطرف المطالب بتنفيذ هذا الأمر الوقتي.[43]

بالإضافة إلى كل هذا يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وأن يكون عدد الهيئة التحكمية وترا.[44]

ويجب أن يكون القرار المستعجل له علاقة بالحق المراد حمايته أو الحفاظ على دليل له علاقة بالحق موضوع التحكيم مثال ذلك طلب الحجز التحفظي على أموال وبضائع ضمانا لما قد يحكم به، أو سماع شاهد يخشى سفره أو إثبات حالة إجراء الكشف المستعجل على بطاقة موضوع النزاع، أما إذا كانت البضاعة المراد إثبات حالتها ليست موضوع النزاع وليست من اختصاص هيئة التحكيم فتمتنع المحكمة حينئذ من إعطاء أمر التنفيذ.

كما يجب أن تتوفر الشروط العامة المعروفة في القضاء المستعجل وهي الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق، حيث الإجراء المؤقت أو التحفظي يعدان حماية وقتية تسعف الخصوم بحلول أنية في انتظار الحسم في جوهر الحق، وتبقى للمحكم سلطة تقديرية واسعة في مدى صحة توفر شرط الاستعجال، ولا معقب له من طرف المحكمة في التعرض لسلطته التقديرية.

ضرورة اتفاق الأطراف على إسناد الاختصاص للهيئة التحكمية باتخاذ بالاجراءات الوقتية والتحفظية، سواء جاء هذا الاتفاق بشكل صريح أو ضمني.

هناك من يثير تساؤل حول حالة ما إذا كانت الهيئة التحكمية هي المختصة هل يمكن لها اتخاذ تلك الإجراءات من تلقاء نفسها متى تبين لها ضرورة اتخاذها من أجل حماية مركز قانوني لأحد الأطراف أو لكليهما؟.[45]

يرى بعض الفقه[46] بصدد الإجابة عن هذا التساؤل بأنه يمكن للهيئة التحكمية أن تأمر من تلقاء نفسها باتخاذ ما تراه مناسبا إجراءات كلما كانت تخدم مبدأ الفصل في خصومة التحكيم وتسعف الخصوم بحلول مؤقتة من الأخطار التي تداهم الحق الذي هو موضوع الخصومة التحكمية مستندا في ذلك على ما جاءت به المادة 47 من معاهدة واشنطن التي تنص " بخلاف ما يتفق عليه الطرفان يجوز للمحكمة، أن توصي باتخاذ الإجراءات التحفظية المتعلقة بحماية الطرفين إذا رأت أن الظروف تحتم ذلك".

فيما يرى جانب آخر أن هذه الإمكانية تجوز في حالة عد إتفاق الأطراف على ما يخالف ذلك.

انسجاما مع مواقف بعض الفقه[47] أرى أنه يمكن للمحكم اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من تلقاء نفسه، متى رأى ذلك ضروريا ولو لم يتفق الأطراف على اتخاذها، ومع اختصاص تلقائي للمحكم باتخاذ مثل هذه التدابير والإجراءات في بعض المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت أو التلف فإنه يفعل ذلك حفاظا على حقوق أي من طرفين.

فرغم المبادرة الحسنة التي قام بها المشرع المغربي في قانون 05- 08، وذلك بتنصيصه في الفصل 15- 327 على اختصاص الهيئة التحكمية بالنظر في الإجراءات الوقتية والتحفظية ولو لم يتفق الأطراف على ذلك، إلا أنه جعل هذا الاختصاص مرهون بطلب من أحد الأطراف، فكان على المشرع المغربي أن يترك المجال واسعا للمحكم في اتخاذ مثل هذه التدابير ومتى تكون ضرورية بالنسبة لموضوع النزاع.

-ب: الشروط الشكلية:

عندما يفصل المحكم أو يتخذ تدبيرا أو إجراءا تحفظيا فإنه يصدره في صورة حكم تحكيمي مؤقت، وحتى يكون هذا الحكم صحيحا من حيث الشكل وقابلا لتنفيذ، لابد من توفر مجموعة من الشروط الشكلية.

1- يجب أن يكون قد صدر قرار من هيئة التحكيم باتخاذ الإجراء الوقتي والتحفظي، ويتم إثبات ذلك بواسطة إبراز السند الخطي الذي يحتوي على قرار هيئة التحكيم وأسماء أعضاء الهيئة التحكمية وجنسياتهم وصفاتهم وعناوينهم وتاريخ صدور القرار ومكان صدوره وكذا الأسماء العائلية والشخصية للأطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو مقرهم الاجتماعي وإذا اقتضى الحال أسماء المحامين أو أي شخص مثل الأطراف أومن آزرهم.[48]

2- يجب الحصول على إذن هيئة التحكيم للطرف طالب الأمر بالتنفيذ باللجوء إلى المحكمة للحصول على أمر التنفيذ فإن لم يحصل على الإذن يمنع أمر التنفيذ.

3- يجب أن يكون نفذ أي التزام تضمنه قرار هيئة التحكيم في صدد الموافقة على طلب اتخاذ القرار المستعجل أو الوقتي مثل تكليفه بتقديم ضمان كاف لتغطية هذا التدبير.[49]

 

المبحث الثاني: سلطة المحكم الآمرية في اتخاذ الإجراءات

                    الوقتية والتحفظية

 

فمن المعروف أن اتفاق التحكيم أيا كانت صورته سواء كان في صورة شرط أو مشارطة، يرتب أثرين هامين؛ الأثر الأول، هو ما يطلق عليه الأثر الإيجابي ووفقا له يختص المحكم أو هيئة التحكيم في الفصل في النزاع المعروض عليه والأثر الثاني: فهو يعرف بالأثر السلبي والذي يعني عدم اختصاص قضاء الدولة بالنظر في المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم.

وبما أن الإجراءات الوقتية والتحفظية وضعتا أساسا للحماية المؤقتة للحق المعرض للخطر دون المساس بالجوهر.

فإنه يطرح سؤال هل تسري آثار اتفاق التحكيم لتشمل حتى الإجراءات الوقتية والتحفظية؟ رغم أن دورها هو الحماية المؤقتة فقط.

وما هي مبررات الاعتراف للمحكم بالسلطة الآمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية؟ وما هي أهم مظاهر هذه الإجراءات حاولنا الإجابة عن هذه الأسئلة وفق التقسيم الآتي:

المطلب الأول: مبررات الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

المطلب الثاني: مظاهر سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

 

المطلب الأول: مبررات الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في

                  اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية

بما أن الحديث يدور حول السلطة الأمرية للمحكم، كان من اللازم تحديد مفهوم السلطة الأمرية (الفقرة الأولى) وبعده سيتم الخوض في جدلية الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في ميدان الإجراءات الوقتية والتحفظية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف السلطة الأمرية

يقصد بالسلطة الأمرية أو الولائية، سلطة إصدار الأوامر على العرائض أو سلطة اتخاذ القرار في غيبة الخصومة أو الخصوم ومباشرة النشاط دون وجود منازعة بين خصمين[50]. وهي تأخذ مظاهر متعددة أهمها:

أولا: التوفيق والتصديق، حيث يكون عمل القاضي إثبات ما تم أمامه.

ثانيا: الرقابة والضبط، حيث يكون عمل القاضي مراقبة بعض التصرفات أو ضبط المسائل مما يؤدي إلى التحقق من سلامتها ومطابقتها للقانون كمراقبة الأوصياء.

ثالثا: الإذن والأمر، ويدخل فيها مختلف ما يقوم به القضاء بإصدار الأوامر لاتخاذ إجراءات تحفظية لحماية الحقوق المعرضة للخطر أو الضياع كالأمر بوضع الأختام على التركات أو محلات التجارة وإقامة حراس للمحافظة على الحقوق[51].

ويبقى النوع الأخير من مظاهر السلطة الأمرية هي التي تهمنا في هذا البحث، فما مدى سلطة المحكم الأمرية بشأن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية؟[52]

ذهب جانب من الفقه إلى عدم إمكانية المحكم اتخاذ تدابير وقتية احتياطية، كونها تصدر إعمالا لسلطة الأمرية التي لا يتمتع بها[53]، بل اعتبر البعض[54] أن المشرع لم يكن موفقا عندما منح المحكم حق اتخاذها لعدم ملاءمتها مع طبيعة سلطته مما يجعل منها عديمة الفاعلية.

الفقرة الثانية: جدلية الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في اتخاذ

                     الإجراءات الوقتية والتحفظية

إن فكرة سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية لدى كثير من الفقهاء، مسألة محل نظر ولعل الأمر في ذلك، راجع إلى كون المحكم شخص دخيل في الجسم القضائي، فحتى لو تم الاعتراف للمحكم الفصل في بعض الخصومات والنزاعات بمقتضى اتفاق التحكيم، فلا يشمل المسائل الأخرى التي قد تطفوا على السطح بشكل تبعي كالإجراءات الوقتية والتحفظية، كما أن الاتفاق على التحكيم شأنه في ذلك شأن أي أتفاق آخر يتمتع بما يعرف بالأثر النسبي بمعنى عدم قدرة الاتفاق على إنشاء حقوق والتزامات في مواجهة الغير[55].

ولا ريب في أن الإجراءات التحفظية تتميز بأنها تساهم في التنفيذ الجبري ولها أثرها الفوري والوقتي، ونظرا لأن التنفيذ الجبري قاصر على قضاء الدولة كأثر لقيامها بأعباء إقامة العدالة، فلأجل هذا فإن مسألة معرفة ما إذا كان المحكم يملك سلطة اتخاذ التدابير التحفظية مسألة لا طائل من ورائها لأول وهلة لا افتقاره لسلطة الأمر[56].

إلى جانب كل هذه الاعتبارات يرى أحد الباحثين[57] أن المحكم قاضي خاص لا يملك سلطة الإجبار سواء في مواجهة الأطراف أو الغير وبالتالي فلا مناص من اللجوء إلى الدولة لإكمال عدالة التحكيم.

كما أن الهيئة  التحكمية لا تعقد جلساتها بصورة دائمة وإنما قد تجتمع على فترات متقاربة أو متباعدة، ومن ثم فقد يجد من الأحداث ما يبرر اتخاذ إجراء تحفظي أو وقتي في غير أوقات انعقادها، كما أن الهيئة التحكمية بحكم تشكيلها من أكثر من محكم مما يصعب اجتماع أعضائها بالسرعة الكافية لاتخاذ الإجراءات المطلوبة.

كما أن نظام التحكيم يتطلب احترام المواجهة في حين أن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يستوجب إضافة إلى السرعة، عنصر المفاجأة فاحترام مبدأ المواجهة فيها يضيع الغرض من هذا الإجراء ويعطي الخصم سيء النية الفرصة لتعطيل اتخاذه، فمثلا إذا رغب أحد الخصوم الحصول على قرار الحجز التحفظي على مال الطرف الآخر ضمانا لما قد يحكم له على الطرف الآخر، فعليه الانتظار إلى حين عقد هيئة التحكيم لجلساتها وفي حضور الطرف المنوي الحصول على القرار ضده مما يكون لهذا الأخير الوقت الكافي من التصرف بالمال وبيعه للحيلولة دون إجراء الحجز[58].

من كل ما سبق يبقى المحكم في وجهة نظر هذا الاتجاه شخص يفتقد إلى سلطة الإلزام، مما يعني يتصف بعيب خلقي منذ البداية يؤدي إلى الحد من السلطات التي يتمتع بها ويقلل من فعالية التحكيم الذي يترتب عنه وجوبا اعتماد المحكم على جهاز عدالة الدولة[59].

ولهذا فإن المحكم شخص عادي لا يمكن موازاته ومساواته بالقاضي الرسمي[60].

لكن رغم كل المبررات التي اعتمدها الإتجاه الرافض لتمتع المحكم بالسلطة الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، إلا أنه لا يجب أن ننكر دور المحكم في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، خصوصا في ظل تطورات التي يشهدها التحكيم، فبعدما كان يعتبر قضاءا استثنائيا أوشك أن يصبح قضاء أساسيا إلى جانب قضاء الدولة، بل إن البعض اعتبر أن قضاء التحكيم في مضمار التجارة الدولية هو الأصل بينما بات قضاء الدولة هو الاستثناء.

في خضم هذه التطورات التي طرأت على مؤسسة التحكيم، بات الأمر لزاما الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذا الصدد، ما مصدر هذه السلطة التي تمكن المحكم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية؟

وما هي المبررات التي يمكن اعتمادها حتى تمنح للمحكم هذه السلطة؟

بالنسبة للسؤال الأول: إذا كان القاضي الرسمي أو قضاء الدولة يستمد سلطته الأمرية في إصدار الأوامر واتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من القانون[61]، فإن المحكم يستمد سلطته في اتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية أولا من اتفاق الأطراف على أن يكون التحكيم هو الوسيلة لفض نزاعاتهم، خصوصا إذا اتفق الأطراف على استبعاد قضاء الدولة كليا والاتفاق على التحكيم لاتخاذ كل إجراء مناسب لسير الخصومة التحكمية، مما يعني أن هيئة التحكيم هي الأقدر من غيرها على تقدير مدى ملاءمة اتخاذ هذه الإجراءات، ما دام أنها تملك الفصل النهائي في موضوع النزاع ومن باب أولى تستطيع اتخاذ إجراءات وقتية وتحفظية لا تمس هذا الموضوع[62].

كما أنه وفي نفس الوقت يستمد المحكم سلطته الأمرية من القانون حيث نجد مجموعة من التشريعات، منحت الاختصاص للمحكم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، فالمشرع المغربي مثلا نجد وبنص صريح منح الاختصاص للهيئة التحكمية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، حيث نص الفصل 15- 327من قانون05-08 على أنه " يجوز للهيئة التحكمية، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، أن تتخذ بطلب أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها…" 

إذن السلطة الأمرية للمحكم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية معترف بها حتى من قبل المشرع، لكن في الواقع لابد من إجراء التمييز بين السلطة الأمرية لازمة لكل من يمارس مهمة القضاء،[63] وبين إجراءات التنفيذ ضد الأوامر التي تبقى من اختصاص قضاء الدولة . وهذا ما عبر عنه المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 15- 327 من قانون 05- 08 حيث ينص على أنه " إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، يجوز للطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ".

ومن المبررات التي يمكن الاستناد عليها لاعتراف المحكم بالسلطة الأمرية، في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، فهي مبنية أساسا على مبدأ سلطان الإرادة، أي إن أطراف اتفاق التحكيم، ما دام قد فظلوا قضاء التحكيم على قضاء الدولة فإن المحكم يملك سلطة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، ذات الصلة بالمنازعات المتفق بشأنها على التحكيم. ولقد أخدت محكمة النقض الفرنسية بهذا الرأي في بعض أحكامها وقضت بأنه لا يجوز للدائن بعد تشكيل هيئة التحكيم أن يلجأ إلى القضاء طلبا لنفقة وقتية، وإنما تملك هيئة التحكيم وحدها الفصل في هذا الطلب[64]. فالهيئة التحكمية هي الأقدر في تقدير مدى ملاءمة اتخاذ مثل هذه الإجراءات، مادام لها حق النظر في جوهر الموضوع، فيكون لها من باب أولى الأمر باتخاذ إجراءات تمس هذا الموضوع، لأن توحيد الجهة النظر في النزاع يحقق اقتصاد في النفقات وتوفير في الجهد.

هكذا فإن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، ومن ثم فمحكم الأصل هو محكم الفرع، فمتى كان يباح له الفصل في النزاع، فيكون من باب أولى مسموحا له بإصدار الأوامر المرتبطة بموضوع النزاع هذا من جهة ومن جهة أخرى، يقال من يملك الكل يملك الجزء[65].

فرغم وجود نوع من التعارض أو عدم التوافق بين طبيعة الإجراءات التحفظية والوقتية، وطبيعة التحكيم كنظام خاص لتقاضي، إذ أن الأطراف اختاروا في ظله قضاء التحكيم الذي هو المختص بالفصل في النزاع بكافة جوانبه مستعملا كل الوسائل الإجرائية المناسبة، بينما الإجراءات التحفظية والوقتية وضع المشرع بشأنها قواعد خاصة لتطبق أمام المحاكم الوطنية، كما أن القاضي الاستعجالي، سيجد نفسه أمام نزاع اتفق أطرافه على إخراجه من سلطة القضاء، الأمر الذي يترتب عنه قيام رغبتين مشروعتين الأولى رغبة الأطراف في اللجوء إلى التحكيم والابتعاد عن القضاء، والثانية هي رغبتهم في الاستفادة من مزايا الإجراءات التحفظية والوقتية[66]. فإنه بوسع المحكم أن يتخذ هذه الإجراءات ولو أنه شخص ذاتي يفتقد إلى سلطة الإجبار والإلزام فإذ ذاك حالة امتناع الطرف الذي اتخذ الإجراء ضده، حق لطرف المستفيد من الإجراء اللجوء إلى قضاء الدولة قصد تنفيذ الحكم التحكمي الوقتي.

 لكن رغم كل ما قيل أعتقد أن سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية نسبية من جهة، حيث لا يمكنه إلزام إلا من كان فريقا وطرفا في اتفاق التحكيم دون أن تمتد سلطته لتشمل من لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم، كما أنه لا يمكنه اتخاذ بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية التي تحتاج إلى سلطة الإجبار كالحجوزات التحفظية وتنفيذ الأحكام، كما أن سلطته هاته مؤقتة من جهة أخرى، فهو قاضي مؤقت وعليه احترام المهلة المعطاة له للقيام بواجبه المتمثل بإنهاء الخصومة في أسرع وقت وإصدار الحكم التحكمي، عكس قضاء الدولة الذي يمتلك سلطة أمرية مطلقة ودائمة، حيث بوسع القاضي إصدار قرارات تشمل أشخاص خارج الخصومة القضائية، كإدخال شخص ثالث، كما أن سلطته تبقى مستمرة في الزمن .

 

المطلب الثاني: مظاهر سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ

                   الإجراءات الوقتية والتحفظية

إن لأهمية العملية الإجراءات الوقتية والتحفظية في مجال التحكيم، فرضته الحاجة إلى السرعة في بعض القضايا التي تتطلب إجراء فوريا وسريعا من أجل حماية صاحب الحق من ضرر محتمل[67].

فإذا كان دور الإجراءات الوقتية والتحفظية يهم كل مراحل العملية التحكمية سواء قبل تشكيل الهيئة التحكمية أو بعد تشكيلها، فإن دور المحكم في مختلف كل هذه المراحل، ينحصر في مرحلة بعد تشكيل الهيئة التحكمية وقبل صدور الحكم التحكمي القطعي المنهي لخصومة التحكيم.

ويبقى السؤال المطروح في هذا الصدد، ما هو نطاق سلطة المحكم الأمرية في ميدان الإجراءات الوقتية والتحفظية؟ وهل بوسع المحكم اتخاذ ما شاء من الإجراءات الوقتية والتحفظية؟ أم سلطته هذه تتوقف إلى حدود الإجراءات التي لا تحتاج إلى إلزام الخصوم؟

إذ يرى بعض من الفقه[68] أن من غير المتصور اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية من قبل هيئة التحكيم كلما كان الإجراء المطلوب يحتاج إلى سلطة الإجبار التي تفتقر إليها هيئة التحكيم ويقتصر التمتع بها على القضاء وحده.

في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى أن سلطة المحكم الأمرية تشمل كل الأمور المستعجلة عموما.

قصد توضيح فكرة مدى تمتع المحكم بالسلطة الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، سنقسم هذا المطلب إلى ثلاث فقرات على الشكل الآتي:

الفقرة الأولى: إجراءات حفظ الأدلة للفصل في النزاع

الفقرة الثانية: إجراءات حفظ توازن العلاقات القانونية بين الأطراف أثناء النزاع

الفقرة الثالثة: إجراء خلق حالة واقعية لضمان تنفيذ الحكم المزمع إصداره.

الفقرة الأولى: إجراءات حفظ الأدلة للفصل في النزاع

من خلال ما جاء به الفصل 15- 327 الفقرة الأولى من قانون 05- 08 المعدل للباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية والمتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والذي ينص على أنه " يجوز للهيئة التحكمية، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، أن تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها"، يبدو أن المشرع أعطى سلطة للمحكم في اتخاذ أي إجراء مؤقت أو تحفظي يراه لازما لسير الخصومة، دون أن يحدد نوع هذه الإجراءات بشكل حصري.                                  

 فماهي سلطة المحكم في دعوى إثبات حال؟

قصد الإجابة عن هذا السؤال لابد من تعريف دعوى إثبات حال (أولا) وبعده نقوم بدراسة مدى سلطة المحكم في اتخاذ مثل هذا الإجراء (ثانيا).

 

أولا: تعريف دعوى إثبات حال

تعرف دعوى إثبات حال بأنها إجراء تحفظي ووقتي يصور حالة مادية يتعذر إثباتها مستقبلا صيانة للدليل المثبت للحق من خطر الضياع[69] ، ودعوى إثبات حال هي بمثابة تهيئة الدليل في النزاع موضوعي سواء كان قد أحيل على الهيئة التحكمية أم لا وذلك عندما تحدث واقعة يخشى زوال معالمها، أو تغييرها بمرور الوقت صيانة للحق من الخطر الاندثار، كدعوى إثبات حال جدار مهدد بالانهيار، ووصف حالة بضاعة وردت معطوبة أو سماع شاهد يخشى سفره أو موته[70].

ثانيا: مدى سلطة المحكم في دعوى إثبات حال

بداية لابد من الإشارة إلى إنه قبل تشكيل الهيئة التحكمية، رغم اتفاق الأطراف على التحكيم، ففي حالة خوف أحد الأطراف من اندثار دليل من أدلة الإثبات، فلا يمنع اتفاق التحكيم من اللجوء إلى القضاء المستعجل قصد حماية الدليل من الاندثار، في أفق تشكيل الهيئة التحكمية مستقبلا، وهذا ما عبر عنه المشرع المغربي 1-327 من قانون 05- 08 من قانون المسطرة المدنية والذي ينص: " لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ويجوز التراجع عن تلك الإجراءات بالطريقة ذاتها".

أما بعد تشكيل الهيئة التحكمية، وإذا لم يتفق الأطراف على استبعاد الإجراءات الوقتية والتحفظية من اختصاص هذه الهيئة، فيمكن في هذه الحالة أن يلجأ أي طرف إلى هيئة التحكيم قصد إثبات حال، بل هناك بعض من الفقه[71] يرى من حق هيئة التحكيم الآمر بإثبات حالة بواسطة خبير تعينه هيئة التحكيم دون توقف على اتفاق أطراف اتفاق التحكيم.

لكن مادام التحكيم يتطلب احترام المواجهة في حين أن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يستوجب إضافة إلى السرعة عنصر المفاجأة فاحترام مبدأ المواجهة فيها يضيع الغرض من هذا الإجراء ويعطي للخصم سيء النية الفرصة لتعطيل اتخاذه، مما يعني أن المحكم حتى ولو سلمنا أنه يحق له النظر في دعوى إثبات حال وما تتطلب هذه الأخيرة من السرعة قصد تقصي الحقائق واثبات حال الشيء المتنازع عليه، مما قد يقتضي عدم إتباع الإجراءات العادية واستدعاء الأطراف لاتخاذ مثل هذا الإجراء، وهذا فيه مساس لمبدأ حياد المحكم، لأن التحكيم يقوم على مبدأ المساواة بين الأطراف، واعتقد أن دعوى إثبات حال يبقى من اختصاص قضاء الدولة تفاديا لضياع دليل من أدلة الإثبات من يد أحد الخصوم وكذا حفاظا على مبدأ حياد المحكم في تهيئة وإعداد الأدلة وتحقيق بالتالي المساواة بين الأطراف، ولعل الفصل 148 من ق.م. يؤكد ما قلناه حيث ينص " يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر إثبات حال…"

 إن ذكر المشرع لمصطلح وحدهم يفيد أن اختصاص قاضي المستعجلات في دعوى إثبات حال قاصر عليه

 

الفقرة الثانية: إجراءات حفظ توازن العلاقات القانونية بين الأطراف                                   أثناء النزاع

قد تقتضي طبيعة وظروف النزاع المطروح على هيئة التحكيم ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية حفاظا على توازن العلاقات القانونية بين الأطراف أثناء عرض النزاع على هيئة التحكيم. وترتيبا على ذلك فإنه يمكن لهيئة التحكيم بناء على طلب من أحد الأطراف بتعيين حارس على الحق المتنازع عليه، أو إيداع البضائع المتنازع عليها في يد أمين، أو في أحد المخازن العامة، أو بالتحفظ على دفاتر ومستندات يحوزها أحد الطرفين، وتسليمها لخبير تنتدبه[72]

لكن نظرا لافتقاد المحكم لسلطة الإجبار والإلزام، فإنه من المتصور تجاهل من صدر ضده الأمر، وامتناعه على التنفيذ، وبمواجهة ذلك فقد أكدت الفقرة الثانية من الفصل 15- 327 من قانون 05- 08 أنه "…إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، يجوز للطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ" ونفس  الشيء أكده المشرع المصري في قانون رقم 27 لسنة 1994على أنه " للهيئة بناء على طلب الطرف الذي صدر الأمر لصالحه أن تأذن له في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأمر بما في ذلك حقه في الالتجاء لرئيس المحكمة المختصة بنظر النزاع للحصول على أمر بالتنفيذ، وذلك إذا تعلق الأمر بتحكيم غير دولي، أو رئيس محكمة استئناف القاهرة محكمة، أو محكمة الاستئناف المتفق على اختصاصها إذا تعلق الأمر بتحكيم دولي. ويقتصر دور رئيس المحكمة على إصدار الأمر بالتنفيذ…"

هكذا ومن خلال ما سبق يبدوا أن من حق هيئة التحكيم أن تأمر بوضع الشيء المتنازع عليه تحت حراسة كلما رأت أن الإجراء ضروري للحفاظ على حقوق الأطراف المتنازعة من ضياع. وهذا ما نراه يؤكده الحكم التحكمي الوقتي[73] الصادر عن مركز التحكمي المحلي والدولي " الإنصاف" الموجود في الجمهورية التونسية، حيث يقضي " حيث ثبت من الإطلاع على مظروفات الملف وخاصة الاتفاق المبرم بين طرفي التداعي لدى هذا المركز بتاريخ 10 أكتوبر 2005 " المتضمن" الاتفاق على فض جميع النزاعات التي قد تتولد عن علاقة الشركة المحدودة المسؤولية الملزم إنشاؤها بينهما عن طريق مركز التحكيم "الإنصاف" طبق الطرق القانونية وأحكامه النظامية. كلما لم يتوصل الطرفان إلى حل يقبلان به طوعا"  

وحيث تضمن الفصل 16 من مجلة التحكيم إمكانية الاتفاق على فض النزاعات التي قد تثور بشأن الالتزامات والمبادلات والالتزامات المدنية والنزاعات بين الشركاء في شأن الشركة، وظل بذلك الاتفاق على التحكيم قائما بين الجانبين طبق الفصول 3 و6 و16 من مجلة التحكيم، وما يترتب من إطلاق لولاية قضاء هذا المركز في جميع ما يترتب عن تلك العلاقة التعاقدية من نزاعات عدا ما خرج عن نظره بنص خاص طبق الفصلين 242 و513 من مجلة الالتزامات والعقود، وجاز بالتالي لهيئة التحكيم مواصلة النظر في النزاع وقول كلمة الفصل فيه وفقا للمقتضيات القانونية والإجراءات الأساسية المتبعة في المادة الاستعجالية المنصوص عليها بالفصل 201 من م.م.م.ق، تطبيقا لأحكام الفصل 46 من مجلة التحكيم.

وعملا بما تقدم وأحكام الفصول 3 و6 و13 و 16و19 و39 و46 وما بعدها من مجلة التحكيم، ومقتضيات الفصول 242-23-513 وما بعدها من مجلة العقود والفصول 202-203-201 من م.م.م.ت والفصل 14 وما بعده من القانون 71 لسنة 1997 مؤرخ في نوفمبر 1997 المتعلق بالمصفين والمؤتمنين وأمناء العدليين والمتصرفين القضائيين ثم تعيين متصرف قضائي على الأصل التجاري قصد تسييره وإدارته إلى أن يتم الفصل في جوهر الحق".

الفقرة الثالثة: إجراء أو إحداث حالة واقعية لضمان تنفيذ الحكم

                    المزمع إصداره

لضمان تنفيذ الحكم التحكمي المرتقب الصدور لابد من القيام بمجموعة من الإجراءات، مثلا كالأمر بإيداع البضائع المتنازع عليها لدى الغير للمحافظة عليها، أو توقيع الحجز التحفظي على أموال الطرف المحكوم ضده…

 فهل يجوز للمحكم الأمر بإجراء الحجز التحفظي مثلا؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من تعريف مفهوم الحجز التحفظي وتحديد إطاره القانوني                                                 

-تعريف الحجز التحفظي:

نظم المشرع المغربي مسطرة الحجز التحفظي في الفرع الأول من باب الرابع من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية وذلك في الفصول 452 إلى 548 ويمكن تعريفه بأنه إجراء وقتي غايته التحفظ على مال أو حق للمدين وذلك بوضعه تحت يد القضاء حماية لمصلحة الدائن الحاجز التي قد تكون مهددة بقيام المدين بتصرفات تنقص من الضمان العام المخول للدائنين[74].

وبالرجوع إلى الفصل 452 من ق.م.م " يصدر الأمر المبني على طلب بالحجز التحفظي من رئيس المحكمة الابتدائية ويحدد هذا الأمر ولو على وجه التقريب مبلغ الدين الذي رخص الحجز بسببه ويبلغ هذا الأمر وينفذ دون تأخر"، فمن خلال مقتضيات هذا الفصل يبدوا أن اتخاذ الحجز التحفظي من اختصاص القضاء وحده، نظر لفقدان المحكم لسلطة الإجبار هكذا وفي حالة صدور حكم تحكيمي في هذا المجال يتعين استبعاده بسبب خروج هذه الأعمال من اختصاص هيئات التحكيم أو ولايتها[75].

بالإضافة إلى ما سبق لا يجوز لهيئة التحكيم النظر في صحة إجراءات التنفيذ أو بطلانها، فهذه الأخيرة لا يحكم في مصيرها إلا القضاء المختص لأن القاعدة أن إجراءات التنفيذ إنما تجري تحت إشراف القضاء ورقابته فلا يتصور مثلا أن يحكم محكم في صحة أو بطلان إجراءات التنفيذ على العقار التي تتم بواسطة قاض التنفيذ أو يحكم ببطلان تسجيل تنبيه نزع الملكية دون محكمة التنفيذ التي حدد لها المشرع أوضاع وإجراءات ومواعيد خاصة في هذا الصدد[76].

وفي سياق الحديث عن إجراءات تنفيذ الأحكام التحكمية، نستحضر حكم[77] لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بين شركة أجنبية وأخرى مغربية، حيث حكم على الشركة المغربية بمقتضى قرار تحكمي صدر عن المحكمة العليا للتحكيم بباريس (فرنسا) بتاريخ 13-9-1996 بأداء مبلغ دين قدره 29.17.9027.10 درهم لصالح الشركة الأجنبية وهذه الأخيرة التمست من المحكمة الأمر بإجراء حجز ما لمدين لدى الغير على جميع المبالغ التي بحوزتها. ووضعها بين يدي الخازن العام للمملكة المغربية . ".

هكذا فإجراءات تنفيذ الأحكام هي من اختصاص قضاء الدولة وحدها ولا يشاركها في ذلك المحكم نضرا لكونه شخص عادي لا يتوفر على سلطة الإلزام والإجبار عكس قضاء الدولة التي تكون له صلاحيات واسعة في هذا المجال.

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني:

توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وآثارها.

 

بالرغم مما تتسم به إجراءات خصومة التحكيم من المرونة والسرعة والبساطة، فإن الأمر قد يستدعي اتخاذ بعض الإجراءات الوقتية أو التحفيظية، سواء قبل تشكيل الهيئة التحكمية أو أثناء سير إجراءات التحكيم أو بعد صدور الحكم التحكمي كبداية لاستنفاذ الهيئة التحكمية لولايتها، لذا نتساءل ما هي الجهة المختصة باتخاذ تلك الإجراءات الخاصة أو الحلول الوقتية التي تسعف المتقاضين حماية للحق المتنازع عليه إلى غاية صدور الحكم في جوهر الحق؟

قد تصدى الفقه ومعه القضاء بآراء متباينة في تحديد الجهة المختصة قصد اتخاذ تلك الإجراءات، فإن كانت المرحلة قبل تشكيل الهيئة التحكمية، لا تثير أدنى إشكالية، حيث أجمع الفقه والقضاء على أن مجرد الاتفاق على التحكم لا يمنع أطرافه من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة، فإن مرحلة ما بعد تشكيل الهيئة التحكمية أثارت نقاشا فقهيا حادا، حيث أفرزت ثلاث اتجاهات رئيسية وهي:

الاتجاه الأول: مدافع على اختصاص قضاء الدولة.

الاتجاه الثاني: مدافع على اختصاص الهيئة التحكمية.

الاتجاه الثالث: مدافع على الاختصاص المشترك.

كما أن التشريعات الوطنية والدولية المهتمة بالتحكيم قد تصدت هي الأخرى للموضوع. بوضع نصوص تحديد الجهة المختصة، في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

وإن اتخاذ مثل هذه الإجراءات تترتب عنها مجموعة من الآثار القانونية، سواء في مواجهة الأطراف أو الهيئة التحكمية.

وفي ضوء كل ما سبق، سنعمد في عرض وتقييم مختلف الاتجاهات المشار إليها وكذا دراسة الآثار الناتجة عنها وفق التقسيم الآتي:

– المبحث الأول: موقف التشريع والفقه والقضاء في توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم.

– المبحث الثاني: طبيعة الأحكام الوقتية وأثارها.

 

المبحث الأول: موقف التشريع والفقه والقضاء في توزيع

                   الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم.

 

مما لاشك فيه أن مسألة الإجراءات الوقتية والتحفظية، حضيت باهتمام كبير، سواء عن طريق دراسات فقهية وكذا اجتهادات قضائية، كما أن التشريع قام بتنظيمها، ومرد ذلك لدورها الهام في الحماية المؤقتة للحق المتنازع عليه، من أي خطر قد يداهمه. قد يؤدي إلى انعدام استقرار المراكز القانونية.

فمن المعروف أن اتفاق التحكيم أيا كانت صورته سواء جاء في صورة شرط أو مشارطة، يرتب أثرين هامين: الأثر الأول هو ما يطلق عليه الأثر الإيجابي، وفقا له يختص المحكم أو هيئة التحكيم في الفصل في النزاع المعروض عليه بمقتضى اتفاق التحكيم، أما الأثر الثاني، فهو ما يعرف بالأثر السالب أو السلبي والذي يعني عدم اختصاص قضاء الدولة بالنظر في المنازعة المتفق بصددها على التحكيم.

فهل هذين الأثرين ينسحبان حتى على الإجراءات الوقتية والتحفظية؟

هذا ما سنعرض له وذلك بدراسة مواقف التشريع و الفقه والقضاء وذلك وفق التقسيم الآتي:

– المطلب الأول: موقف التشريعات الوطنية والدولية

– المطلب الثاني: موقف الفقه والقضاء

 

المطلب الأول: موقف التشريعات الوطنية والدولية من توزيع

                     الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم.

 

عالجت القوانين الحديثة الصادرة في العديد من الدول والمنظمة لتحكيم مسألة تحديد الجهة المختصة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، فهناك من التشريعات جعلت الاختصاص قاصرعلى جهة القضاء، في حين هناك من التشريعات جعلت الاختصاص مشترك بين كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم.

وقصد معرفة موقف التشريع المغربي وموقف باقي التشريعات المقارنة نقسم هذا المطلب إلى فقرتين:

– الفقرة الأولى: موقف المشرع المغربي

– الفقرة الثاني: موقف باقي التشريعات المقارنة

الفقرة الأولى: موقف المشرع المغربي

بعد ما كان يسود الفراغ التشريعي في قانون المسطرة المدنية حول مسألة الجهة المختصة بإصدار الأوامر الوقتية أو التحفظية بخصوص نزاع المتفق بشأنه على التحكيم، جاء قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية،[78] فحسم الجدال الذي كان سائدا بين الفقه المغربي[79] من جهة وتضارب في القرارات القضائية من جهة أخرى. كما أن التعديل الذي طال الفصول 306 إلى 327 من ق.م.م بموجب قانون 05-08، قد ساير موقف التشريعات الحديثة لتوزيع الاختصاص في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية بين كل من القضاء الاستعجالي وهيئة التحكيم جاعلا الاختصاص في الأصل لفائدة قضاء الدولة حيث نص الفصل 1-327 من القانون 05-08 " لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا للأحكام المنصوص عليها، في هذا القانون ويجوز التراجع عن تلك الإجراءات بالطريقة ذاتها".

وبهذا يكون المشرع المغربي قد مكنا الأطراف الاستفادة من مزايا القضاء الاستعجالي رغم اتفاقهم على أن يكون التحكيم هو الأداة لفض نزاعاتهم إلا أن هذا الاتفاق لا يتناقض والقضاء الاستعجالي ولا يعد نزولا عنه لان القضاء الاستعجالي لا يمس أصل الحق الذي يبقى من اختصاص هيئة التحكيم، واستبعاد قضاء الدولة لوجود اتفاق التحكيم ينصب على القضاء الموضوعي دون القضاء الاستعجالي".

كما أن قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية قد سد الفراغ التشريعي بخصوص مسألة اختصاص المحكمين للبت في الإجراءات الوقتية والتحفظية بمقتضى نص الفصل 15- 327 حيث ينص " يجوز للهيئة التحكمية، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، أن تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها.

إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، يجوز للطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ".

ومن خلال مقتضيات الفصلين السابقين يتضح أن المشرع المغربي قد جعل من قضاء الدولة الاستعجالي هو الأصل، حيت خول لرئيس المحكمة صلاحيات اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية سوء قبل تشكيل الهيئة التحكمية وأثناء تشكيلها. كما منح في المقابل للهيئة التحكمية إمكانية اتخاذ هذه الإجراءات والتي تراها ضرورية وذلك في حدود مهمتها التحكمية، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

إلا أنه رغم ذلك يلاحظ أن المشرع المغربي لم يكن جريئا في هذا التنصيص بحيث نص فقط على صيغة الجواز، كما أنه لم يخول للمحكم تلقائيا الالتجاء إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات أحيانا في حسم النزاع وإنما علق ذلك على ضرورة وجود طلب من أحد الطرفين مما يشكل قيدا على حرية المحكم في اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة[80].

بالإضافة إلى كل هذا، ورغم المبادرة التي قام بها المشرع المغربي والتي من خلالها منح للهيئة التحكمية اتخاذ إجراءات تحفظية، فإنه يتعين تعزيز هذه المبادرة بالإشارة إلى تحمل الطالب بتغطية مصاريف الإجراء لضمان تنفيذه وكذا إمكانية طلب تقديم ضمانات عند تقديم طلب الإجراء[81].

الفقرة الثانية: موقف باقي التشريعات المقارنة والمعاهدات الدولية

                    ومراكز التحكيم

أتناول الحديث في تحديد موقف باقي التشريعات المقارنة (أولا) ثم أتطرق بعد ذلك إلى موقف المعاهدات الدولية ومراكز التحكيم (ثانيا).

 أولا: موقف باقي التشريعات المقارنة

لقد انقسمت التشريعات المقارنة بخصوص موقفها من مسألة توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم إلى اتجاهين رئيسين:

الاتجاه الأول: هناك بعض من التشريعات حاولت التوفيق في تحديد لمن يعود الاختصاص في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم، ومن بين هذه التشريعات، نجد المشرع المصري والذي تعرض القانون رقم 27 لسنة 1994 لموضوع الإجراءات الوقتية والتحفظية في المواد 14 و24/1-2، حيث تنص المادة 14 على أنه "يجوز للمحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون أن تأمر بناءا على طلب أحد طرفي التحكيم، باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها". و تنص المادة 9 من نفس القانون على أن "يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أهلا بنظر النزاع.

أما إذا كان التحكيم تجاريا دوليا، سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر".

و تنص المادة 24 من القانون المذكور "يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم بناء على طلب أحدهما، أن تأمر منهما باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة أو تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع، وأن تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به.

وإذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، جاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف الآخر، إن تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، وذلك دون إخلال بحق هذا الطرف في أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليه في المادة 9 من هذا القانون الأمر بالتنفيذ".

هكذا من خلال مقتضيات المواد السابقة، يلاحظ أن المشرع المصري قد سلك مسلك، أغلب التشريعات المقارنة في توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم في مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وجعله اختصاص مشترك بينهما، وقد أثار بعض فقهاء مصر إشكالية مدى إمكانية أطراف اتفاق التحكيم استبعاد قضاء الدولة من اتخاذ هذه الإجراءات.

يرى عاشور مبروك "أنه بالرغم مما ذهب إليه بعض الفقهاء من القول بأنه متى تشكلت هيئة التحكيم فإنها تصبح المختصة وحدها بنظر الطلبات الوقتية أو المستعجلة وذلك لأنها أقدر من غيرها على تحديد الإجراء الملائم… فإن الإجابة على هذا التساؤل تتطلب التمييز بين الفروض التالية:

–                  بالنسبة للفترة ما بين إبرام الاتفاق على التحكيم وبين تشكيل هيئة التحكيم واتصالها بموضوع النزاع فلا مناص في تلك الفترة من الاستعانة بقضاء الدولة صاحب الولاية العامة والتي تعتبر من النظام العام، وتلك مسألة متروكة لتقدير المحكمة المختصة بالتصدي للحماية الوقتية المطلوبة.

بعد تشكيل هيئة التحكيم فإنها تكون وحدها المختصة بالتصدي للطلبات الوقتية أو التحفظية، وذلك إعمالا لإرادة الطرفين التي تمنع القضاء من نظر طلب اتخاذ هذه التدابير تماما كما يمنعه اتفاق التحكيم من نظر الموضوع، اللهم إلا إذا تطلب الحال استخدام سلطة الجبر التي يفتقدها قضاء التحكيم فإنه لا مناص في تلك الحالة سوى وقف الإجراءات واللجوء إلى قضاء الدولة، كما هو الحال في امتناع أحد الخصوم من تنفيذ الآمر الصادر إليه بتسليم محرر تحت يده أو الإلزام الغير بتقديم مستندات تحت يده[82].

-إذا كان الإجراء المطلوب اتخاذه تحفظيا كان أم وقتيا سيجري خارج حدود الدولة التي توجد بها محكمة التحكيم فإنه لا مناص في تلك الحالة من الاستعانة بقضاء الدولة المطلوب اتخاذ الإجراء فيها لتدليل الصعوبات التي تواجه التحكيم[83]..

ولما كان تدخل القضاء الوقتي أو المستعجل في الحالات السابقة يعد أمرا ضروريا لا غنى عنه، مما جعل الفقه والقضاء يؤكد على مبدأ أن اللجوء إلى التحكيم لا يصادر حق كل من الأطراف وهيئة التحكيم في الاستعانة بقضاء الدولة للأمر باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وتنفيذها إذا ما تطلبت الظروف ذلك لأنه لا يقلل من شأن تنظيم التحكيم واللجوء إليه بل يكسبه قوة وفعالية.

ومن التشريعات التي أقرت بالاختصاص المشترك كذلك نجد المشرع اليمني والذي ينص في المادة 43 من قانون التحكيم على أن "لجنة التحكيم أو لأي من الطرفين طلب المساعدة من المحكمة المختصة لاتخاذ ما تراه ملائما من الإجراءات الوقتية أو التحفظية".

وهذه الحالة من حالات تدخل القضاء أثناء مسطرة التحكيم وهي قيام القاضي بإصدار قرارات مستعجلة لها طبيعة مؤقتة لحماية حق أو مال من وقوع ضرر قبل فوات الأوان وقبل البت في أصل الحق، وأساس هذا التدخل هو عدم امتلاك المحكم سلطة الأمر لاقتصارها على السلطة العامة للدولة وبالتالي تصدر من قبل الدولة.

أما بعد تشكيل هيئة التحكيم فإن لأي طرف في اتفاق التحكيم أن يلجأ إلى القضاء لطلب إصدار أمر باتخاذ الإجراءات المذكورة كما يحق لهيئة التحكيم التقدم إلى القضاء لنفس الطلب[84].

وللهيئة التحكمية حق اتخاذ إجراءات وقتية وتحفظية، ولها أن تأمر أيا من طرفي النزاع بتقديم أي ضمانات تراها ضرورية ومتاحة لتنفيذ هذا الإجراء[85].

من خلال استقراء النصوص القانونية السابقة يرى أحد الباحثين[86] أن قانون التحكيم اليمني يجيز لهيئة التحكيم اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وأن ظلت محاكم الدولة لها الاختصاص الأصيل لإصدارها، مما يفضي إلى القول بأن القانون اليمني ساير التشريعات الحديثة وأخذ بمبدأ الاختصاص المشترك.

ونفس الاتجاه نهجه القانون التونسي الذي نص في المادة 54 من مجلة التحكيم التونسية على أنه "لا يعتبر مناقضا لا تفاق التحكيم أن يطلب أحد الأطراف قبل بدء إجراءات التحكيم أو أثنائها من القاضي الاستعجالي أن ينفذ إجراءا وقتيا وقائيا.

وللقاضي الاستعجالي أن يتخذ وسيلة وقتية بناء على هذا الطلب".

وبالنسبة للقانون الجزائري، فإن المادة 458 مكرر الفقرة التاسعة تنص على أنه "يمكن لمحكمة التحكيم أن تأمر بتدابير مؤقتة أو تدابير تحفظية بطلب من أحد الأطراف إلا إذا كانت هناك اتفاقية مخالفة.

وإذا لم يخضع المعني بالآمر بمحض إرادته لهذه التدابير جاز لمحكمة التحكيم أن تطلب مساعدة القاضي المختص ويطبق هذا الأخير قانونه الخاص".

لقد خول المشرع الجزائري بمقتضى المادة المذكورة إمكانية المحكم اتخاذ الإجراءات التحفظية في حالة اتفاق الأطراف على ذلك وبالتالي فإن مسألة اختصاص المحكم للبت في تلك الإجراءات رهين باتفاق الأطراف بحيث إذا كانت هناك اتفاقية تنص على عدم إمكانية المحكم اتخاذ الإجراءات التحفظية، فإنه لا يمكن اتخاذها أما إذا لم ينص اتفاق التحكيم على ذلك، فيمكن للمحكم بطلب من أحد الأطراف الحق في اللجوء إلى القاضي من أجل اتخاذ الإجراءات التحفظية[87].

أما المشرع الكويتي فقد جعل مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من اختصاص قضاء الدولة، وأن اختصاص هيئة التحكيم رهين باتفاق أطراف اتفاق التحكيم.

حيث نصت المادة 173/1 من قانون المرافعات الكويتي على أن "لا يشمل التحكيم المسائل المستعجلة ما لم يتفق صراحة على خلاف ذلك". ومن ثم اختصاص هيئة التحكيم في المسائل المستعجلة استثنائيا وبالاتفاق الصريح على ذلك وإلا ينعقد الاختصاص بحسب الأصل لقضاء الدولة في المسائل المستعجلة[88].

أما القانون الفرنسي الجديد المتعلق بالتحكيم فلم يشتمل على أحكام صريحة تمنح القضاء الفرنسي سلطة إصدار الأوامر الوقتية أو التحفظية بخصوص المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم. مما جعل القضاء الفرنسي يستند على المادة 809/1 من قانون م.م..ف في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية حيث تنص هذه المادة على أنه "يجوز رغم شرط التحكيم اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة ولو خلال إجراءات التحكيم للأمر بالمسائل الآتية:

–                  استرداد البضاعة.

–                  إلغاء إعلان كاذب.

–                  ضبط الأشياء المزورة.

–                  الوقف الفوري للأعمال أو بعض الأنشطة المهنية.

–                  طرد واضع اليد دون سبب.

–                  رفع الحجز الموقع دون سند[89].

الاتجاه الثاني: هناك من التشريعات جعلت الإجراءات الوقتية والتحفظية من اختصاص قضاء الدولة وحده، ومن بينها نجد القانون اليوناني حيث جاء في المادة 685 من ق.م اليوناني على أن "القضاء المستعجل هو الذي يختص وحده باتخاذ الإجراءات الوقتية" ونفس الاتجاه سلكه القانون الإيطالي سنة 1944[90]، حيث تنص المادة 218 من القانون الإيطالي "لا يمكن للمحكمين أن يأذنوا باتخاذ الحجوز ولا أية إجراءات تحفظية أخرى".

ومن التشريعات التي جعلت مسألة الاختصاص في اتخاذ الإجراءات  الوقتية والتحفظية لقضاء الدولة وحده، نجد كذلك القانون السويسري الذي نص في المادة 26 على أن السلطات الوطنية هي المختصة وحدها باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وأن الأطراف يمكنهم فقط الخضوع إراديا للإجراءات الوقتية المقترحة محكمة التحكيم ويمكن للمحكمين أن يلعنوا عدم اختصاصهم للأمر بالإجراءات الوقتية"[91].

 

ثانيا: موقف المعاهدات الدولية ومراكز التحكيم

أ‌-                   موقف المعاهدات الدولية:

اتسم موقف المعاهدات الدولية المرتبطة بالتحكيم من مسألة توزيع الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم بتفاوت، ولهذا نستعرض موقف كل من معاهدة جنيف ومعاهدة نيويورك ثم موقف معاهدة واشنطن التي أنشأت المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار.

1-             موقف معاهدة جنيف الموقعة في 21 أبريل 1961:

إن موقف معاهدة جنيف الموقعة في 21 أبريل 1961 كان صريحا من مسألة توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم في النزاعات المحالة على التحكيم حيث نصت المادة 416 على أن "طلب اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية الموجهة إلى السلطة القضائية في الدول لا يعتبر متعارضا مع اتفاق التحكيم". وهكذا يتضح من نص هذه المادة أن لجوء أطرف اتفاق التحكيم إلى قضاء الدولة للحصول على إجراء تحفظي لا يعتبر بمثابة تنازل عن اتفاق التحكيم أو مساسا به.

هكذا وبمقارنة نص المادة 416 من معاهدة جنيف والفصل 1-327 من قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والذي بموجبه نسخ وعوض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية حيث نجد أن المشرع المغربي أخذ بموقف معاهدة جنيف، حيث ينص هذا الفصل على أنه "لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ويجوز التراجع عن تلك الإجراءات بالطريقة ذاتها" وقد أحسن المشرع المغربي صنعا عندما أورد هذا الفصل سدا لكل دفع يمكن أن يتقدم به أطراف التحكيم بدعوى عدم اختصاص قضاء الدولة نظرا لوجود اتفاق التحكيم، وتفاديا لكل تمديد لأمد النزاع.

2-            موقف معاهدة نيويورك الصادرة بتاريخ 10 يونيو 1958 والمتعلقة بالاعتراف وتنفيذ الأحكام التحكمية الأجنبية في مسألة توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية حيث نجد المادة 2-3 من هذه المعاهدة تنص على أنه "على محكمة الدولية المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل، لا أثر له أو غير قابل للتطبيق".

يبدو من محتوى هذا النص أن موقف معاهدة نيويورك جاء غامضا، من حيث موقفها باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية ومدى سريانها أو عدم سريانها على الإجراءات الوقتية والتحفظية، مما جعل موقف القضاء يختلف من دولة إلى أخرى بل ويختلف في الدولة الواحدة في تفسير نص المادة 312 من معاهدة نيويورك.

حيث نجد موقف القضاء الأمريكي من مدى إعمال نص المادة 312 من معاهدة نيويورك على الإجراءات الوقتية والتحفظية يختلف من محكمة إلى أخرى، حيث ذهبت العديد من المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة إلى عدم قبول الطلبات المقدمة إليها بشأن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وذلك استنادا إلى مثل هذه الإجراءات تتعارض مع اتفاق الأطراف على التحكيم وبالتالي مع معاهدة نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وعلى رغم من هذا الاتجاه الواضح في جانب من الأحكام الصادرة عن جانب القضاء الأمريكي، فإن جانب آخر من القضاء الأمريكي قضى عكس ما ذهب إليه القضاء الأول، حيث اعتبر الإجراءات الوقتية والتحفظية التي يتخذها قضاء الدولة لا تتعارض مع معاهدة نيويورك وخصوصا المادة 213 من هذه المعاهدة[92]، في حين أن موقف القضاء الفرنسي باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية واضحا رغم أن الحكومة الفرنسية صادقت على معاهدة نيويورك في 29 يونيو 1959 وأن دستور فرنسا تعتبر المعاهدات واجبة التطبيق لمجرد التصديق عليها ودون حاجة إلى إصدار تشريع يتبنى أحكامها بمقتضى قانون داخلي فإن القضاء الفرنسي لم يعير الاهتمام إلى تفسير المادة 312 من معاهدة نيويورك.

وبهذا جعل الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من نصيب قضاء الدولة رغم وجود شرط التحكيم وهذا ما يؤكده الحكم الصادر في 9 يوليوز 1979 "إلى أن وجود شرط التحكيم لا يحول دون ممارسة قاضي الأمور الوقتية للاختصاص المقرر له قانونا، طالما تعلق الأمر بمنازعة تتوافر فيها حالة من حالات الاستعجال"[93].

وبالتالي وعلى الرغم من أن القانون الفرنسي الجديد بشأن التحكيم لا يتضمن نصوصا صريحة تخول لقضاء الدولة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية المتفق بشأنها على التحكيم، فإن القضاء ذهب في اتجاه تشجيع الاختصاص المنعقد للقضاء الوطني بإصدار هذه الإجراءات[94].

أما القضاء المغربي قبل صدور قانون 05-08 حيث لم يكن هناك أي مقتضى قانوني يخول لأي جهة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم صراحة. والمغرب كما هو معلوم قد صادق على اتفاقية نيويورك بمقتضى الظهير الشريف 266-1-59 بتاريخ 19 يناير 1960 فإنه لم يأخذ أي موقف من تفسير المادة 312 من هذه الاتفاقية وقضى في العديد من المرات باختصاص قاضي المستعجلات بدعوى أن أوامر القاضي الاستعجالي لا تمس الجوهر ولا تكتسب بالتالي أية حجية أمام محكمة التحكيم.

وعلى الرغم من النقاش الدائر حول اتفاقية نيويورك وأن نصوص هذه الاتفاقية لم تتناول مسألة تحديد أثر اتفاق التحكيم على الإجراءات الوقتية والتحفظية والتي قد يرى أحد الأطراف مناسبة للجوء إليها تحوطا للمحافظة على الحقوق أو لدواعي الاستعجال، وأنها كذلك لم تحدد وبشكل صريح مدى اختصاص هيئة التحكيم باتخاذ هذه الإجراءات وهل يشملها اتفاق التحكيم ولو لم يشيروا الأطراف إلى ذلك بشكل صريح، أم أن الاختصاص يعود لقضاء الدولة؟

إن الرأي الراجح في هذا الصدد فقها وقضاء كما أشرنا سالفا أنه رغم الإغفال الذي طال اتفاقية نيويورك من مسألة مدى شمولية اتفاق التحكيم للإجراءات الوقتية والتحفظية فإن القاعدة المستقرة عليها أنه يبقى الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية لقضاء الدولة وأن هذا الاختصاص لا يمس اتفاق التحكيم في شيء ولا يعد تنازل عنه.

فالطرف الذي يتقدم بطلب الإجراء الوقتي أو التحفظي أمام القضاء يجوز له ذلك حتى ولو كان قد قام سابقا باللجوء إلى التحكيم طالبا حسم النزاع حول الحق الموضوعي، كما أنه من الممكن مفاجأة الطرف الآخر بالطلب الوقتي أو التحفظي قبل الشروع في تحريك إجراءات التحكيم بحيث يحق لطالب أن يبدأ في تاريخ لاحق تحريك إجراءات التحكيم، ولا يسقط حقه في سلوك هذا السبيل كنتيجة لتقديم طلب الحصول على أمر وقتي بتقدير قيمة الدين والإذن بتوقيع الحجز التحفظي في حدود ذلك المبلغ سواء تحت يد المدين ذاته أو تحت يد الغير[95].

3-موقف اتفاقية واشنطن الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار: كما هو معلوم أن اتفاقية واشنطن الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة بين الدول والناتجة عن الاستثمارات والموقعة في 18 مارس 1965 والمصادق عليها من قبل المغرب في 31-10-1966[96]، قد خلقت نظاما تحكميا منفصلا فيما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بالتحكيم عن كل قانون وطني.

فمسألة تعيين المحكمين، أو إبطال أحكام التحكيم الصادرة عن المركز، عهد بها إلى جهاز تابع للمركز أنشأته الاتفاقية، كما أن هذه الاتفاقية تلزم الدول المتعاقدة بالاعتراف وتنفيذ كل حكم صادر عن المركز الدولي الذي انبثق عن هذه الاتفاقية والمتخصص في تسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار[97].

فما موقف هذه المعاهدة من مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية فهل المركز الذي أنشأته والمنبثق عن اتفاقية واشنطن يختص باتخاذ مثل هذه الإجراءات؟.

يرى جانب من الفقه واستنادا إلى المادة 26 من هذه الاتفاقية والتي تنص على أنه "تعتبر موافقة الأطراف على التحكيم في ظل هذه الاتفاقية موافقة على استبعاد أي وسيلة أخرى من وسائل الرجوع، ما لم ينص على خلاف ذلك ويجوز لأي طرف متعاقد المطالبة باستبعاد كافة سبل التسوية القانونية المحلية والإدارية كشرط لازم لقبول التحكيم في ظل هذه الاتفاقية".

انطلاقا من نص هذه المادة يرى هذا الجانب من الفقه أنه مادام الأطراف قد ارتضوا بالخضوع للتحكيم وفقا لقواعد المركز الدولي لفض النزاعات الناشئة عن الاستثمار قد تنازلوا وبشكل تلقائي على أية وسيلة من وسائل الرجوع وبالتالي فيظل المركز هو المختص الوحيد في حسم النزاع سواء تعلق الأمر بالجانب الموضوعي أو الإجرائي مما يعني أنه يشتمل حتى الإجراءات الوقتية والتحفظية[98]، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

في حين يرى جانب آخر من الفقه، أن معاهدة واشنطن التي أنشأت المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار لا تحول دون اختصاص القضاء الوطني في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وسنده في ذلك هو المادة 47 من ذلك الاتفاقية والتي تنص على أنه "بخلاف ما قد يتفق عليه الطرفان يجوز للمحكمة أن توصي باتخاذ إجراءات تحفظية متعلقة بحماية حقوق الطرفين رأت أن الظروف تحتم ذلك".

كما أن المادة 39 من لائحة التحكيم الخاصة بالمركز تشير إلى اختصاص هيئة التحكيم بنظر في الإجراءات الوقتية والتحفظية والتي تنص على أنه "يحق للطرف في أية لحظة أثناء الإجراءات أن يطلب من محكمة التحكيم اتخاذ الإجراءات التحفظية من أجل المحافظة على حقوقه.

ويتعين أن يحدد في الطلب الحقوق المطلوبة المحافظة عليها والإجراءات الملتمس اتخاذها والظروف التي تحتم اتخاذ هذه الإجراءات".

ب‌-             موقف لوائح ومراكز التحكيم:

   إن موقف لوائح التحكيم تمنح لهيئة التحكيم سلطة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، ومن بينها موقف قواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (قواعد اليونسترال) حيث تنص المادة 26 على أنه "لهيئة التحكيم أن تتخذ بناء على طلب أحد الطرفين، ما تراه ضروريا من تدابير مؤقتة بشأن الموضوع محل النزاع، بما في ذلك إجراءات المحافظة على البضائع المتنازع عليها كالأمر بإيداعها لدى الغير أو بيع السلع القابلة للتلف.

1– يجوز أن تتخذ التدابير المؤقتة في صورة قرار تحكيم مؤقت، ولهيئة التحكيم أن تشترط تقديم كفالة لتغطية نفقات التدبير المؤقت.

2– الطلب الذي يقدمه أحد الطرفين إلى سلطة قضائية باتخاذ تدابير مؤقتة لا يعتبر مناقضا لاتفاق التحكيم أو نزولا عن الحق في التمسك به[99].

ونفس الأمر اتبعه نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس الذي نص في المادة 23 منه على أنه "ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك يجوز لمحكمة التحكيم حال تحويل الملف إليها أن تأمر بناء على طلب أحد الأطراف باتخاذ أي إجراء تحفظي أو وقتي تراه مناسبا. ويجوز لها أن تشترط لاتخاذ مثل هذا الإجراء أن يقدم طالبه تأمينا مناسبا وتصدر هذه الإجراءات بأمر مسبب أو بقرار تحكيم إذا اعتبرت محكمة التحكيم ذلك مناسبا.

3-            يحق للأطراف قبل تحويل الملف إلى محكمة التحكيم إذا اقتضت الأمور فيما بعد أن يلجئوا إلى أية سلطة قضائية مختصة لطلب اتخاذ إجراءات تحفظية أو مرحلية، ولا يعتبر طلب أي من الأطراف من سلطة القضاء اتخاذ مثل هذه الإجراءات أو تنفيذ الإجراءات التي أمرت بها محكمة التحكيم خرقا لاتفاق التحكيم أو تنازلا عنه ولا يمس بصلاحية محكمة التحكيم، ويجب إعلام الأمانة العامة بأي طلب يقدم إلى السلطة القضائية أو أية إجراءات تمررها.

المطلب الثاني: موقف الفقه والقضاء

انقسم موقف الفقه في تحديد الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، إلى ثلاث اتجاهات رئيسية، وهي كما يلي:

الاتجاه الأول: المدافع على اختصاص قضاء الدولة

الاتجاه الثاني: المدافع على اختصاص هيئة التحكيم

الاتجاه الثالث: المدافع على الاختصاص المشترك.

كما أن القضاء هو الآخر تصدى لموضوع تحديد الجهة المختصة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم.

وقصد معرفة موقف الفقه والمبررات التي اعتمدها كل اتجاه من الاتجاهات الفقهية السابقة من جهة وموقف القضاء من جهة أخرى ارتأينا اتباع المنهج الآتي:

– الفقرة الأولى: موقف الفقه

– الفقرة الثانية: موقف القضاء

 

الفقرة الأولى: موقف الفقه

بداية ولدراسة الموقف الفقهي في توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم في مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، لا بد من دراسة الموضوع من زاويتين أو فرضيتين:

– الفرضية الأولى: اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية قبل تكوين هيئة التحكيم:

لا تثير هذه الحالة أدنى إشكالية، لأن المعول عليه بإجماع الفقه أن مجرد الاتفاق على التحكيم، لا يمنع أطرفه من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لاتخاذ كل إجراء وقتي أو تحفظي طالما لم يقع تكوين هيئة التحكيم.[100]

فإذا كان من آثار اتفاق التحكيم، الأثر السالب والذي يعني عدم اختصاص قضاء الدولة بالنظر في المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم، فإن نطاق هذا الأثر مرهون بالفصل في جوهر النزاع ذاته محل الاتفاق على التحكيم ولا يشمل بالتالي المسائل الأخرى التي قد تثور بشكل تبعي كالإجراءات الوقتية والتحفظية.[101]

وهذا رأي منطقي ما دام أن القاضي أو القضاء لاستعجالي من شروط اختصاصه عدم المساس بجوهر النزاع، ولا تكتسب بالتالي الأحكام الصادرة بمناسبة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية أي حجية أمام هيئة التحكيم.

هكذا إذن وانطلاقا مما سبق، فإن القضاء المستعجل هو الأصل ما دامت هيئة التحكيم لم تتشكل بعد، ولم يوجد بعد انعقادها اتفاق صريح على تخويلها هذا الأمر، حيث أن اختصاص القضاء هو اختصاص أصيل مستمد من القانون.[102]

ولأن الاتفاق على التحكيم كما قلنا سلفا لا ينتج أثره إلا فيما يتعلق بموضوع الحقوق المتفق عليها بين طرفيه، بحيث لا وجود لأي تعارض في نظر القضاء الاستعجالي في الإجراء الوقتي وبين الموضوع الذي هو من اختصاص الهيئة التحكمية، ولأن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى حرمان الطرف المهدد بضياع وسائل إثباته أو مستنداته أو المعرض لمواجهة خطر محدق للحق المتنازع بشأنه. مما يعني تدخل القضاء الاستعجالي في شخص رئيس المحكمة أمر حتمي وأن تدخله هذا يكون بنفس الشروط التي يتدخل بها طبقا للقواعد العامة.[103]

وتجدر الإشارة إلى أن المحكمين أو هيئة التحكيم تستنفذ سلطتها كقاعدة عامة، بمجرد إصدارها لحكم موضوعي قطعي منهيا للنزاع بين الطرفين المتخاصمين،[104]مما يعني كذلك، أن بعد انتهاء مهمة الهيئة التحكمية فمن حق صاحب المصلحة اللجوء إلى قضاء الدولة باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل في هذا الصدد، وذلك لاتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية قصد تفعيل حكم المحكمين على أرض الواقع وتنفيذه، وما يتطلب ذلك من اتخاذ حجوزات تحفيظية وكذا منع المدين من السفر أو بحجز أملاكه.[105]

– الفرضية الثانية: اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية بعد تكوين هيئة التحكيم:                     يختلف موقف الفقه في شأن تقديره لمسألة توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم، بشأن نظر في الإجراءات الوقتية والتحفظية بعد تشكيل الهيئة التحكمية، مما يطرح معها إشكالية لمن يعود الاختصاص في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، هل لقضاء الدولة أم لقضاء التحكيم أم أن الاختصاص مشترك بينهما؟

إن موقف الفقه في هذا الصدد انقسم إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية ولكل اتجاه فقهي مبرراته .

– الاتجاه الأول: المدافع على اختصاص قضاء الدولة.

يذهب هذا الجانب من الفقه إلى أن اختصاص قضاء الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يكون قاصر عليه. ولا يشاركه في ذلك المحكم، ويستند في ذلك إلى عدة اعتبارات علمية وحجج تبرر رأيهم. ومن بينها ما يلي:

-إذا كان صحيحا أن من آثار اتفاق التحكيم حجب الاختصاص على قضاء الدولة بالفصل في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم أو ما يعرف بالأثر السالب،فإن نطاق هذا الأثر مرهون بالفصل في موضوع النزاع ذاته محل الاتفاق على التحكيم ولا يشمل بالتالي المسائل الأخرى التي قد تثور بشكل تبعي كالإجراءات الوقتية والتحفظية.[106]

-أن قضاء الدولة بحكم درايتهم ومعرفتهم بالقانون والخبرة في تطبيقه، مما يوفر ضمانات للمتقاضين في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية،عكس قضاء التحكيم.[107]

-كما أن المحكم لا يملك سلطة الإجبار لا في مواجهة الأطراف ولا في مواجهة الغير، وأن الهيئة التحكمية لا تعقد جلساتها بصورة دائمة، وإنما قد تجتمع على فترات متقاربة أو متباعدة، ومن ثم فقد يطرأ من الأحداث ما يبرر اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي في غير أوقات انعقادها ويصعب اجتماع أعضائها بالسرعة الكافية لاتخاذ الإجراء المطلوب.[108]

وعلى هذا الأساس، فإن قضاء الدولة له دور هام في نطاق نظام التحكيم، ولم يعد دور هذا القضاء يقتصر على الرقابة، ولكنه أصبح دوره مزدوجا، حيث يمتد أيضا ليشمل المساعدة من أجل سد العجز الناتج عن كون المحكم شخصا عاديا لا يتمتع بسلطة الأمر،[109] وهكذا ولما كانت الإجراءات الجبرية تندرج في الاختصاص الحصري لمحاكم الدولة بسبب احتكارها للإجراءات التنفيذ وبالتالي فلا يمكن أن يحول اتفاق التحكيم دون ممارسة المحاكم المذكورة سلطتها في ميدان تلك الإجراءات ولو تشكلت محكمة التحكيم وهي قاعدة في القانون العام للتحكيم.[110]

 إلا انه رغم كل هذه الحجج التي استند عليه هذا الاتجاه، في منح الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية لقضاء الدولة وحده، ودون أن يكون أي حق لهيئة التحكيم في ممارسة هذا الاختصاص، فإن بعض من الفقه يرى ضرورة تقدير هذا الاتجاه بنوع من التحفظ.

ويرى هذا الجانب انه، وإذا كان من الأفضل، ومن أجل وحدة المنازعات وعدم تجزئتها أن تعرض المسائل المتعلقة بالإجراءات الوقتية والتحفظية على محكمة التحكيم بقدر الإمكان، على اعتبار أن هذا يتماشى مع الإرادة التي تهدف إلى خضوع المنازعة لاختصاص التحكيم كلما كان ذلك ممكنا.[111]

انسجاما مع هذا الموقف، أعتقد أنه وما دام أن النزاع معروض أصلا على هيئة التحكيم، وأن هذه الأخيرة وما لها من قدرة وسلطة النظر في جوهر النزاع، فكان الأفيد منح الاختصاص لهيئة التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وذلك على اعتبار أنها هي التي تملك مفاتيح فض النزاع، وبالتالي لها من المعلومات حول النزاع أكثر من أي جهة أخرى، وبالتالي تكون قادرة على معرفة جدوى اتخاذ الإجراء من عدم اتخاذه.

تقودنا هذه الملاحظة إلى التطرق للاتجاه الثاني، والذي يجيز خضوع الإجراءات الوقتية والتحفظية لاختصاص هيئة التحكيم.

الاتجاه الثاني: المدافع على اختصاص الهيئة التحكمية.

يعتمد أصحاب هذه النظرية على مبدأ إرادة الأطراف، حيث يؤكدون على أنه ما دام أن الأطراف اتفقوا على أن يكون التحكيم هو الأداة أو الوسيلة الوحيدة لفض نزاعاتهم، سواء كانت ذات طابع موضوعي أي في جوهر الحق المتنازع بشأنه أو ذات طابع وقتي أو تحفظي غايته إسعاف الخصوم بحلول وقتية تحافظ على الحق من خطر محدق إلى غاية صدور الحكم التحكمي في جوهر النزاع.

ومهما كانت الكيفية التي عبر بها الأطراف عن هذه الإرادة، أي سواء كانت إرادة الأطراف صريحة أو ضمنية وذلك من خلال الإشارة إلى لائحة من اللوائح التحكيم، التي تجيز للهيئة التحكمية حق اتخاذ إجراءات وقتية وتحفظية.[112] 

وبالتالي فإن مصدر سلطة هيئة التحكيم في اتخاذ هذه الإجراءات هو إرادة الأطراف، مما يعني أن من حق هذه الهيئة اتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات وقتية وتحفيظية حفاظا على مراكز الحقوق.

ومن الاعتبارات التي اعتمدها هذا الاتجاه كذلك، أن الهيئة التحكمية هي الأقدر من أي جهة أخرى، على تقدير مدى ملاءمة اتخاذ مثل هذه الإجراءات، وأنها تملك الفصل النهائي في موضوع النزاع، ومن باب أولى تستطيع اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تمس جوهر الحق.

بالإضافة إلى كل هذه المبررات، فإن عرض النزاع على هيئة التحكيم سواء في جوهره أو أي إجراء تبعي آخر، يحقق اقتصاد في النفقات، وسهولة تنفيذ ما تأمر به من إجراءات وقتية أو تحفظية وتوحيد بالتالي جهة الفصل في النزاع، وأن فلسفة نظام التحكيم تسمح بهذا الحل، فالخصوم قد اختاروا طريق التحكيم بإرادتهم وارتضوا به بديلا عن اللجوء إلى القضاء ومن ثم فإنهم لن يمتنعوا عن تنفيذ ما يتخذه المحكم من إجراءات وقتية أو تحفظية.[113]

لكن في مقابل كل هذا، ذهب أحد الفقه[114]، إلى أنه رغم السماح لهيئة التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، إلا أن هناك بعض الإجراءات الوقتية والتحفيظية التي لا يمكن أن تختص بها سوى محاكم دولة مقر انعقاد جلسات التحكيم وحدها، وذلك لفقدان عنصر الإلزام والإجبار لدى هيئة التحكيم، كالأمر بتوقيع الحجز التحفظي أو الحكم بصحته وتحويله إلى حجز تنفيذي، فرغم وجود أمر هيئة التحكيم بذلك فإنه من الصعب تنفيذ هذا الأمر. مما يحتم على صاحب المصلحة التوجه إلى قضاء الدولة للحصول على ذلك.

وهذا ما جعل الفقه[115] ينتقد الاتجاه الذي يدافع على اختصاص هيئة التحكيم وحدها في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، بعد تشكيلها.

وفي حقيقة الأمر أن ما أبداه الفقه من الانتقادات لهذا الاتجاه، انتقادات في محلها كون أنه رغم اتفاق الأطراف على تخويل الهيئة التحكمية النظر في النزاع بكل محتوياته، سواء في جوهر النزاع أو اتخاذ إجراء وقتي، فإن هناك من الإجراءات الوقتية والتحفظية ما لا يمكن للهيئة التحكمية اتخاذها، حيث تظل من اختصاص قضاء الدولة، وفي هذا الصدد يرى الأستاذ أحمد شكري السباعي أن اتفاق التحكيم شرط كان أو مشارطة لا يمنع من اللجوء إلى القضاء فيما يتعلق بالإجراءات التحفظية كالحجوز وغيرها، كما أن صحة إجراءات التنفيذ وبطلانها تخرج عن نطاق التحكيم لارتباط التنفيذ بسيادة الدولة ولا يمكن أن يقع إلا تحت أجهزتها وقضائها.[116]

الاتجاه الثالث: المدافع عن الاختصاص المشترك.

نظرا للانتقادات التي وجهت إلى الاتجاهين السابقين، ظهر اتجاه ثالث والذي يرى أن مسألة اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يحكمها مبدأ الاختصاص المشترك بين قضاء الدولة وهيئة التحكيم، ويجمع هذا الاتجاه على أن مجرد الاتفاق على التحكيم لا يمنع أطرافه من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لاتخاذ كل إجراء وقتي وتحفظي طالما لم يقع تشكيل هيئة التحكيم، وأعتمد أصحاب هذا الرأي على فكرة مفادها أن الاتفاق على التحكم لا ينتج أثره إلا فيما يتعلق بموضوع الحقوق المتفق على طرحها على هيئة التحكيم، وعلى أن اختصاص محاكم الموضوع في نظر الدعوى لا تأثير على مسار وظيفة قضاء المستعجلات، فتبقى عالقة به عند حلول هيئة تحكمية محل محاكم الموضوع. ثم أن دواعي العلمية المرتبة عن حالة الاستعجال تبرر الإبقاء على قيام سلطة قاضي المستعجلات فضلا عن كون أوامر هذا الأخير لا تمس الجوهر ولا تكسب أي حجية أمام محكمة التحكيم.[117]

وقد تترتب وحسب هذا الاتجاه القاضي بفكرة الاختصاص المشترك ثلاث نتائج مهمة وهي:

– النتيجة الأولى: اختصاص قضاء الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية:

إن هذه النتيجة تتجسد في إمكانية تقديم الأطراف طلب إلى قضاء الدولة قصد الحصول على تدابير أو إجراءات استعجالية ووقتية رغم قيام اتفاق التحكيم باعتبار فعالية هذه الإجراءات التي يمكن الأمر بها بسرعة وقابليتها لنفاذ المعجل.

النتيجة الثانية: عدم ترتيب تنازل الأطراف عن اتفاق التحكيم:

ومن جهة أخرى، فإنه يترتب عن قبول مبدأ الاختصاص المشترك المذكور نتيجة أساسية تتمثل في أن لجوء الأطراف إلى القضاء الاستعجالي لا يمكن أن يفيد حصول تنازل عن اتفاق التحكيم، وهو ما نصت عليه المادة التاسعة من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة الأمم المتحدة، والمادة الثامنة في فقرتها الخامسة من لائحة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس والمادة 29/3 من لائحة التحكيم الدولي.

النتيجة الثالثة: اختصاص المحكمين بالبت في الإجراءات الوقتية والتحفظية يترتب عن إعمال مبدأ الاختصاص المشترك، قيام اختصاص المحكمين أنفسهم بالفصل في الإجراءات الوقتية والتحفظية التي يرغب الأطراف في الوصول إليها، وذلك بناء على اتفاق الأطراف أو الإحالة على أحد لوائح التحكيم التي تنظم إجراءات خاصة بالمسائل الاستعجالية.[118]

أما أساس الاختصاص المشترك فمبعثه فكرة الفعالية والنفاذ التي يتعين أن تتحقق للتحكيم وما يصدر عنه من قضاء، ويتجلى ذلك في تقدير أي من هذين القضائين أكثر قدرة على كفالة الإجراء الوقتي أو التحفظي. المطلوب اتخاذه وضمانا لتنفيذه على وجه السرعة نظرا لحالة الاستعجال التي تقتضيها هذه الإجراءات.[119]

ويؤخذ على هذا الاتجاه أنه يبالغ في الدور الذي تتمتع به إرادة الأطراف في عملية إعادة توزيع الاختصاص المقرر لمحاكم الدولة ومنحه للمحكم إما صراحة أو ضمنا.[120]

وترى الأستاذة حفيظة السيد الحداد، أنه يفترض لصحة هذه المقولة أن تكون القواعد المتعلقة بالإجراءات الوقتية أو التحفظية قواعد مكملة غير متعلقة بالنظام العام، أما إذا ثبت العكس فإن هذه المقولة تتقوض أركانها.[121]

وتجدر الإشارة إلى أنه رغم ما استقر عليه هذا الاتجاه فيما يخص الاختصاص المشترك، فإن هذا الاختصاص ترد عليه بعض القيود وهي كما يلي:

أولا: القيود المستمدة من إرادة الأطراف:

يحكم هذا القيد مبدأ سلطان الإرادة أي للأطراف أن يحدد مسبقا في اتفاق التحكيم نوع الإجراءات الوقتية والتحفظية التي يمكن للمحكم اتخاذها، تفاديا لتعايش الاختصاص المزدوج بين كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم لعدم تعلق الأمر بالنظام العام. ومن ثم يجوز لهم بطبيعة الحال التنصيص في الاتفاق على منح الاختصاص لمحاكم الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية أو حتى قصر هذا الاختصاص لها وحدها، كما يجوز لهم في حالة العكس في ذلك الاتفاق على حرمان قضاء الدولة من اتخاذ تلك الإجراء طيلة استمرار  فكرة التحكيم.[122]

لكن الإشكال المطروح في هذا الصدد، هو هل فعلا يمكن استبعاد كل إجراء وقتي أو تحفظي من اختصاص قضاء الدولة أم الأمر له علاقة بالنظام العام خصوصا في بعض الحالات، منها كالاختصاص في تنفيذ واتخاذ حجز تحفظي مثلا؟

كما يطرح إشكال ثاني في حالة عدم التحديد الصريح للأطراف في اتفاق التحكيم حول لمن يعود الاختصاص في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفيظية؟

وما هو القانون الواجب التطبيق لتحديد هذا الاختصاص، وتفسير إرادة الأطراف الضمنية؟

بالنسبة للإشكالية الأولى: يرى جانب من الفقه أن للأطراف إمكانية الاتفاق على استبعاد اختصاص قضاء الدولة في ميدان الإجراءات الوقتية والتحفظية على غرار استبعاد القضاء من النظر في جوهر النزاع. وما يؤكد وجهة نظر هذا الجانب من الفقه أن اتفاق التحكيم مبني على مبدأ سلطان الإرادة، من حق الأطراف الاتفاق على استبعاد القضاء كليا، وهذا ما ذهب إليه حكم محكمة النقض الفرنسية الصادر في 18 نونبر 1986،[123] إذ ذهبت محكمة النقض الفرنسية في الحكم المذكور إلى أنه لا يمكن استبعاد محاكم الدولة في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية إلا بناء على اتفاق صريح من الأطراف، أو بناء على اتفاق ضمني يستشف من تبني لائحة تحكيم تفيد ذلك الاستبعاد وهو ما يتحقق عندما يقوم الأطراف، بشرط عدم وجود اتفاق مخالف، على قبول التحكيم وفقا لقواعد المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار.

إلا أنه إذا كان مجال مبدأ سلطان الإرادة في اتفاق التحكيم يأخذ كل هذا المجال حتى يصل الأمر إلى استبعاد القضاء الذي تستأثر الدولة بتنظيمه من كل الخدمات القضائية التي يقدمها لمتقاضين فإنه في بعض الأحياء أعتقد أنه من الصعب استبعاد قضاء الدولة كاتخاذ الحجوزات مثلا وتنفيذ الأحكام لتعلق هذه الإجراءات بالنظام العام من جهة، وفقدان صفة الإلزام والإجبار في شخصية المحكم من جهة ثانية.

أما الإشكالية الثانية، فيذهب جانب من الفقه إلى أن المحكم يستمد سلطته في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم، وهو قانون الدولة التي تعقد على إقليمها جلسات التحكيم ويتخذ التحكيم فيها مقرا له. وبالتالي ومن خلال هذا القانون يمكن تفسير إرادة أطراف اتفاق التحكيم الضمنية.

ثانيا: القيود الواردة على الاختصاص المشترك بفعل طبيعة الإجراء:

 كما قلنا سالفا أن هناك بعض من  الإجراءات الوقتية والتحفظية لا يمكن للمحكم اتخاذها نظرا لطبيعتها القانونية، وأن المحكم لا يتوفر على سلطة الإجبار لتنفيذ هذا الإجراء، مما يعني أن قضاء الدولة يظل هو الجهة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ مثل هذه الإجراءات كتنفيذ الأحكام والأمر باتخاذ حجز تنفيذي مثلا.

من خلال دراستنا للاتجاهات الفقهية السابقة يمكن أن نخلص إلى نتيجة هامة، وهي أن مبدأ الاختصاص المشترك بين كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، هو الأنسب لفعالية التحكيم من جهة وخدمة روح التعاون بين كل من القضائيين، – التحكيم وقضاء الدولة-، من جهة ثانية، حيث أن مبدأ الاختصاص المشترك يعطي للمحكم حق اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، إذا كان بمقدوره ضمان كفالة هذا الإجراء وتنفيذه في الوقت المناسب وبالسرعة الممكنة، وإلا فإن السبيل الوحيد لضمان وكفالة هذا الإجراء يتوفر في قضاء الدولة لقدرتها على تنفيذ الإجراء الذي تتخذه.

إذا كان موقف الفقه في تحديده لمن يعود الاختصاص بين كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، قد انقسم إلى  ثلاث اتجاهات رئيسية، خصوصا عند تشكيل الهيئة التحكمية.

فما موقف القضاء في تحديد هذا الاختصاص؟

هذا ما سنتطرق له في الفقرة الثانية:

الفقرة الثانية: موقف القضاء من النظريات الفقهية السابقة.

لم يتردد القضاء في تحديد موقفه من مسألة توزيع الاختصاص بين كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم، باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، في شأن النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم.

فقبل تشكيل الهيئة التحكمية، لم يختلف القضاء عما جاء به الفقه، ونجد في هذا الصدد، قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء[124] " أن اتخاذ تدبير تحفظي وقائي لا يتعارض مع شرط التحكيم لفض المنازعات بين الطرفين، ويعود الاختصاص إلى قاضي المستعجلات"، وفي قرار آخر حديث أكدت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء أن " اختيار مسطرة التحكيم لا تمنع أحد طرفي التحكيم من اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لطلب اتخاذ إجراء أو تدبير تحفظي سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها".[125]

أما بعد تشكيل الهيئة التحكمية، وبدأت في إجراءات التحكيم، فقد عرضت على القضاء عدة قضايا غالبا ما يكون الطرف الذي يلجأ إليه يرغب في اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي رغم وجود شرط التحكيم ورغم أن الهيئة التحكمية قد بدأت في النظر في جوهر الحق، ومن بين القرارات الصادرة في هذا الصدد نجد قرار[126] محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قضية القرض العقاري والسياحي ضد شركة هوليدا لاين إذا أقرت المحكمة باختصاص قاضي المستعجلات في اصدرا أمر وقتي يقضي بمواصلة إجراءات البناء بعلة أن النزاع لا يمس جوهر الخلاف، فهذا إجراء وقتي، يهدف إلى حماية مصالح الأطراف والمحافظة على حقوق الدائن ووضع مشروع البناء في حالة يقبل على استغلال على الوجه المطلوب وليس من هذا الإجراء التأثير على أشغال محكمة التحكيم بلاهاي التي تنظر في الخلاف على مستوى عال توجد فيه الدولة المغربية وأن المحكمة في النازلة لا تبحث عن السبب الذي من أجله توقفت أشغال البناء، ولكنها تنظر إلى الحالة الواقعية وهي توقف الأعمال لتأذن بمتابعتها وتترك لمحكمة الموضوع النظر فيما يتعلق بغير ذلك. ولهذا لا يتحقق في الدعوى الازدواج الذي يراه المستأنف بين الاستعجال والموضوع. وفي قرار[127] آخر نجد " أن اتفاق التحكيم لا ينفي اختصاص قاضي المستعجلات ليقضي بصفة مؤقتة في الإجراءات التحفظية".

وهو الاتجاه الذي سلكه القضاء كذلك في العديد من الدول العربية ففي الكويت قضت محكمة التميز الكويتية بأنه " لا يجدي الطاعنة في هذا المجال ما تذرعت به من أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تتمسك بشرط التحكيم في دعوى مستعجلة قامت فيها، ذلك أنه من المقرر طبقا لما تقضي به المادة 173 من قانون المرافعات، أن التحكيم لا يشمل المسائل المستعجلة ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، بمعنى الاتفاق على التحكيم إنما ينصرف إلى موضوع المنازعات دون شقها المستعجل، ولا يمتد إلى المسائل المستعجلة إلا إذا نص صراحة على امتدادها إليها".[128] وفي مصر قضت محكمة الجزئية " بأن مشارطة التحكيم لا تمنع القضاء الاستعجالي من الحكم في الإجراءات الوقتية والتحفظية، لأنه ليس من العدالة في شيء أن يقف القضاء المستعجل مكتوف اليدين أمام خطر داهم، يستوجب اتخاذ إجراء وقتي حتى يفصل في موضوع الحق لا لشيء إلا لأن طرفي الخصومة قد عهدا بالفصل في هذا النزاع إلى هيئة التحكيم، كما أن منطق القانون لا يمنع من ذلك لأن مناط اختصاص القضاء الاستعجالي يقوم بصفة عامة على توافر ركني الخطر، وعدم المساس بأصل الحق فإذا ما استوفى هذين الركنين كان لزاما على القضاء المستعجل أن يأمر بما يراه حفاظا للحقوق،وهو بذلك يصون من كل عبث حتى تقول هيئة التحكيم كلمتها".[129]

وفي نفس المنحى سلكه الاجتهاد القضائي الفرنسي، حيث نجد يؤكد على أن شرط التحكيم لا يحول دون بقاء الولاية منعقدة للقضاء في الأمور المستعجلة.[130] حتى ولو كانت خصومة التحكيم قد افتتحت بالفعل.[131]

فالمحكم كما قلنا سالفا يفتقد إلى سلطة الإجبار لا في مواجهة الأطراف ولا في مواجهة الغير، وافتقاد المحكم إلى هذه السلطة أشار إليها قضاء التحكيم ذاته، ففي القضية رقم 6653 لسنة 1993 الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس بين إحدى الشركات السورية وشركة ألمانية، وردا على الطلب المقدم من الشركة الطالبة (الشركة السورية) إلى محكمة التحكيم، بأن تقوم هذه الأخيرة بتأكيد الحجر الوقتي الصادر عن القضاء السوري بجعله حجز تنفيذي، والذي رأت الشركة المدعى عليها (الشركة الألمانية) إن هذا الطلب لا يدخل في سلطة محكمة التحكيم، ذهبت محكمة التحكيم إلى أنه ليس في مقدورها سوى رفض هذا الطلب غير المألوف.

فالمحكمين في المنازعات المتصلة بالتجارة الدولية لا يقومون بإصدار أحكامهم إلا بناء على اتفاق المسبق للأطراف والمعبر عنه من خلال اتفاق التحكيم، وبالتالي فإنه، إذا كان المحكمين يتمتعون بسلطة قضائية حقيقية، فإنهم يقومون بممارسة هذه السلطة دون أن يستمدوها من أية سلطة وطنية أو دولية.

من هنا فإن محكمة التحكيم ليست لها سلطة الفصل في قرار صادر عن قاض وطني يستمد سلطانه في الحكم من القانون الذي أعطى له هذا السلطان. وعلاوة على ذلك، فإن محكمة التحكيم لا يمكنها أن تضفي على حكم صادر عن قضاء الدولة، الصيغة التنفيذية.

فالواقع أن سلطة منح الصيغة التنفيذية لتصرف أو حكم تعد التعبير الأمثل عن سلطة الإجبار تلك السلطة التي يفتقدها المحكم.[132]

لكن رغم كل هذا لا يجب أن ننكر عن قضاء التحكيم دوره في مجال اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، خصوصا وأن الأطراف قد اختاروا بمحض إرادتهم اللجوء إلى التحكيم بدلا من اللجوء للقضاء ومن ثم فإنهم لن يمتنعوا عن تنفيذ ما يتخذه المحكم من إجراءات وقتية وتحفظية، وهو ما نحت إليه محكمة النقض الفرنسية في بعض أحكامها وقضت بأنه " لا يجوز للدائن بعد تشكيل هيئة التحكيم أن يلجأ إلى القضاء طالبا لنفقة وقتية وإنما تملك هيئة التحكيم وحدها الفصل في هذا الطلب".[133] وهذا ما نراه يؤكده الحكم التحكمي الصادر عن مركز التحكيم المحلي والدولي "الإنصاف" بالجمهورية التونسية، عندما اتفق طرفي النزاع على فض ما يشكل الأمر فيه بينهما ومن الخلافات التي قد تتولد عن علاقة قضية الحال، عن طريق هذا المركز، طبق الطرق القانونية وأحكامه النظامية كلما لم يتوصل الطرفان إلى حل يقبلان به طوعا.

مما جعل المركز يصدر حكمه الاستعجالي بتعيين متصرف قضائي لإدارة الأصل التجاري وتسييره على الوجه الأفضل ريثما يتم البت في الأصل من حيث نسبة الاستحقاق في تلك الحقوق من عدمه، ضمن القضية التحكمية المدنية المعين النظر فيها، لدا هذا المركز.[134]

هكذا ومن خلال التوجه القضائي في تحديد موقفه من مسألة توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة والهيئة التحكمية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، رأينا أن هناك اجتهادات قضائية تؤكد على اختصاص قضاء الدولة رغم تشكيل الهيئة التحكمية، كما لا يخفى على أحد الدور الذي يقوم به في هذا الصدد، لكن رغم كل هذا فإنه يمكن للمحكم اتخاذ بعض الإجراءات التي يكون في مقدوره كفالتها وضمان تنفيذها على وجه السرعة.

 

  المبحث الثاني: طبيعة الأحكام الوقتية وأثارها

بما أن غاية الإجراءات الوقتية والتحفظية هي معالجة القضايا التي تحتاج إلى بت سريع، قصد حماية الحقوق من كل الأخطار المحذق بها، فإن المشرع قد وضع لها مسطرة خاصة بها حيث تتسم بالبساطة والمرونة،.

وبعد صدور القرار المؤقت تترتب عنه مجموعة من الآثار القانونية المهمة والتي تمس بمصالح أطراف نزاع كما تعديل المراكز والمواضع القانونية، كما أن الإجراء المؤقت الصادر عن القضاء أثناء سريان مسطرة التحكيم قد يؤثر على عمل الهيئة التحكمية.

فما هي طبيعة الحكم الوقتي وهل يكتسب حجية الشيء المقضي به؟

وما هي الآثار الناتجة عن إصدار الأحكام الوقتية؟

للإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مطلبين وفق التصميم الآتي:

المطلب الأول: طبيعة الأحكام الوقتية.

المطلب الثاني: الآثار الناجمة عن إصدار الأحكام الوقتية.

  المطلب الأول: طبيعة الأحكام الوقتية

لما كانت الأحكام والقرارات الصادرة بمناسبة اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي تقوم على ظروف طارئة وهي مرتبطة أساسا بعنصر الاستعجال وبوقائع ومستجدات جديدة لا تحتمل البطء، لأنها جاءت خصيصا لحماية الحقوق والمراكز القانونية المعرضة للأخطار، فإن هذه الأحكام سواء كان الجهة المصدرة هي القضاء الاستعجالي أو الهيئة التحكمية تتسم بطابع الوقتي.

فهل الأحكام الصادرة سواء عن قاضي الأمور المستعجلة أم الهيئة التحكمية حسب الأحوال تحوز حجية الأمر المقضي به أم لا؟.

وقصد الإجابة عن هذا السؤال، سنقوم بدراسة حجية الأمر الوقتي الصادر عن القضاء الاستعجالي أو قضاء الدولة في نزاع مرتبط بالتحكيم (الفقرة الأولى) وكذا حجية الحكم التحكمي الوقتي الصادر عن الهيئة التحكمية (الفقرة الثانية).

 الفقرة الأولى: حجية الحكم الوقتي الصادر عن قضاء الدولة

من خلال مقتضيات الفصل 153 من ق.م.م والذي ينص على أنه " لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر" فإن الأحكام الصادرة عن القضاء الاستعجالي هي أحكام وقتية لا تمس جوهر الحق، وهي بذلك أحكام غير قطعية.

ويعرف الحكم الغير القطعي:بأنه الحكم الذي لا يحسم نزاعا ما لا في تمام موضوع الدعوى ولا في جزئية من جزئياتها، ولكنه يتعلق فقط بسير الدعوى وإجراءاتها أو المحافظة على حقوق الأطراف في انتظار الفصل في موضوع الدعوى[135].

وتنقسم الأحكام الغير القطعية إلى نوعين:

النوع الأول: يتعلق بسير الدعوى أو بإجراءات الإثبات وهذا النوع يعرف بالأحكام التمهيدية أو التحضيرية، حيث الهدف من وراءها هي تجهيز الدعوى والمرتبطة أساسا بإجراءات الإثبات، كالانتقال لمعاينة مكان النزاع أو بتوجيه اليمين، ندب خبير…

النوع الثاني: يتعلق بالأحكام الوقتية: والحكم المستعجل لا يبت إلا في الإجراءات الوقتية التي يكون الغرض منها الأمر بإجراء تحفظي أو تحديد مركز الأطراف بالنسبة لموضوع النزاع تحديد مؤقتا أو أي إجراء آخر، ومن ثم فهو حكم وقتي غير قطعي.

فإذا كان الحكم القطعي الذي يصدر في جوهر النزاع يحوز حجية الأمر المقضي به، حيث لا يمكن للجهة التي أصدرته الرجوع فيه بحكم آخر، وإنما يمكن ذلك لمحكمة أعلى درجة عن طريق الطعون المعروفة، فإن الحكم الوقتي الذي يوصف بأنه غير قطعي لا يحوز حجية الأمر المقضي، حيث يمكن للمحكمة التي أصدرته أن تعديله أو تلغيه بحكم وقتي آخر، كما أن الحكم الوقتي لا يلزم محكمة الموضوع في شيء. ونجد أن المشرع الفرنسي في الفصل 488 من ق.م.م.ف يأخذ بهذا الاتجاه حيث ينص الفصل على أن الأمر الاستعجالي ليست له مبدئيا حجية الشيء المقضي به.

فيما يرى اتجاه آخر، أن الحكم الوقتي يمكن أن يحوز حجية الأمر المقضي به، فالحكم الوقتي ولو أنه يتسم بالطابع المؤقت وعدم المساس بالجوهر، إلا أنه يمكن أن يجوز الحجية أمام الجهة التي أصدرته وكذا بين أطرافه، طالما لم تتغير الظروف التي قام عليها[136].

فالحكم الوقتي شأنه في ذلك شأن الحكم القطعي له حجية الأمر المقضي به طالما أن الظروف لم تتغير. لكن في حالة حدوث وقائع أو عناصر جديدة في حالة تغيير في العلاقات التي تربط الأطراف فإذ ذاك يجوز للقاضي الذي أصدر الحكم أن يعدله أو يلغيه حسب الأحوال.

الحكم الوقتي كما يبدوا أنه يكسب حجية وقتية ونسبية في نفس الوقت، وعندما نقول أنه يكسب حجية وقتية نعني به أنه يقيد القاضي الذي أصدره حيث لا يمكن له أن يغيره أو يلغيه ما دام لم يحصل تغيير في حالة الأشخاص أو ظروف الدعوى ووقائعها ونقول أن الحكم الوقتي له حجية نسبية نعني به أن هذا الحكم لا تكون له حجية إلا على أطرافه، ولا تمتد إلى الغير الذي لم يكن طرفا في الدعوى التي صدر فيها طبقا للمبدأ القاضي بأن حجية الأحكام نسبية، لا تلزم إلا من صدرت له أو عليه.

فمثلا لو رفع أحد الشركاء في شركة دعوى بطلب وضع عقار مشترك تحت الحراسة القضائية واكتفى بمخاصمة فريق من الشركاء دون مخاصمة الباقين فإن الحكم الذي يصدر بالحراسة في هذه الحالة لا يمتد أثره بالنسبة لمن لم يكن خصما في الدعوى.

والتساؤل الذي يبقى مطروحا في هذا الصدد، فإذا كان النزاع قد عرض على التحكيم فهل تملك هيئة التحكيم سلطة إلغاء أو تعديل الحكم الوقتي الصادر عن قضاء الدولة؟

الأصل أن قضاء الدولة هو الذي يمارس رقابة على قضاء التحكيم سواء قبل تشكيل الهيئة التحكمية أو بعد صدور الحكم التحكمي[137]، حيث تدخل قضاء الدولة في شؤون التحكيم يبدوا واضحا من خلال تشكيل الهيئة التحكمية واتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وتنفيذ الحكم التحكمي…لكن أن يمارس قضاء التحكيم الرقابة على الإجراءات الوقتية والتحفظية الصادرة عن قضاء الدولة فهي محل نظر.

إذ يذهب جانب من الفقه إلى القول بأنه إذا كانت الأطراف قد اختارت التحكيم كوسيلة لفض المنازعات الناشئة بينهما فإنه يبدوا من الملائم، ومحققا أيضا لرغبات الأطراف أن يكون للمحكمين أيضا السلطة في تحدي الاختصاص المقرر للجهات القضائية، وإن وصل الأمر بالمحكمين إلى تعديل القرارات الصادرة عن الجهات القضائية.

فالاختصاص المعترف به لقاضي الأمور الوقتية لن يحرم في نهاية المطاف المحكمين من سلطتهم في الفصل في المسألة المعنية، فالطابع المؤقت أو الوقتي للأوامر الصادرة عن قاضي الأمور الوقتية، من شأنه أن يعطي للمحكمين الفرصة في الرجوع عن هذه الإجراءات المتخذة من قبل القضاء[138].

وانسجاما مع الموقف الفقهي السابق، يرى جانب من الفقه أنه يمكن للهيئة التحكمية العدول عن حكم وقتي صادر عن قضاء الدولة كلما رأت أن هذا الحكم لا يقوم على أساس، بل أكثر من ذلك لها أن تأمر الأطراف بالتنازل عن الإجراء المتخذ مسبقا من قاضي الأمور المستعجلة[139].

إلا أنه رغم وجاهة الرأي الفقهي السابق، فإنه من صعوبة بمكان منح سلطة للمحكم لتعديل أو إلغاء الأحكام الوقتية الصادرة عن جهاز قضاء الدولة، الذي يظل الجهة الأصلية في إصدار مثل هذه الأحكام كون بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية متصلة بالنظام العام كما هو شأن بتنفيذ الأحكام وبالتالي لا سلطة ولا تعقيب لقضاء التحكيم على ما صدر من قضاء الدولة من أحكام في هذا الشأن.

الفقرة الثانية: حجية الحكم الوقتي الصادر عن الهيئة التحكمية

ينص الفصل 15- 327 من قانون 05- 08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية " يجوز للهيئة التحكمية، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك أن تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها. إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، يجوز للطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ " 

من خلال مقتضيات هذا الفصل نجد أن المشرع المغربي قد منح الاختصاص للهيئة التحكمية باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية دون أن يشير إلى مسألة حجية الأمر الوقتي أو التحفظي الصادر عن الهيئة التحكمية.

في حين نجد بعض التشريعات المقارنة قد اهتمت بهذا الجانب كالتشريع الهولندي الذي ينص في المادة 1051 على أن الأحكام الصادرة في مادة المستعجلات التحكمية لها قوة الحكم التحكمي، وكذا المادة 26/2 من القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية حيث اعتبرت أن الإجراءات الوقتية يمكن أن تصدر في شكل طابع حكم تحكمي وقتي وهو ما يقره أيضا نظام التحكيم للمنظمة العالمية للملكية الأدبية في حين أنه لا يمكن في منظور القانون الدولي الخاص السويسري أن يتخذ قرار تحكمي وقتي طابع حكم تحكمي[140].

أما موقف الفقه من طبيعة الحكم التحكمي الوقتي، فلا يختلف في نظرهم عن طبيعة الأحكام القضائية المستعجلة، حيث تحوز حجية قضائية مؤقتة تجيز للقاضي الذي أصدرها أن يعيد النظر فيها، على ضوء الظروف الجديدة، فيجوز للقاضي المستعجل أن يرجع في قراراته، أو أن يعدل فيها، على ضوء فإذا كان أصدر قرارا بتعيين حارس على المال المتنازع عليه، فإنه يستطيع أن يصدر قرارا بإنهاء الحراسة على هذا المال، إذ زال الخطر الذي يهدده، وينطبق ذلك على القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم فهو لا يحوز حجية الأمر المقضي به سواء قبل اكتساب الصبغة التنفيذية أو بعده حيث لا ترتبط الحجية بأمر التنفيذ[141].

والسؤال الذي يبقى مطروحا في هذا الصدد، لمن يعود الاختصاص بنظر تعديل أو إلغاء القرار الصادر عن هيئة التحكيم والمقترن بأمر التنفيذ هل هو هيئة التحكيم أم المحكمة التي أصدرت أمر التنفيذ أم الاختصاص مشترك بينهما؟

يرى أحد الفقه[142] بأن الهيئة التحكمية وحدها لها الحق في تعديل أو إلغاء القرار الصادر بمناسبة اتخاذ الإجراء الوقتي أو التحفظي، ذلك أن هذا القرار قد صدر عن تلك الهيئة ووفقا لقناعتها و على ضوء الظروف المحيطة بالنزاع مثل وجود الخطر المحذق بالحق واحتمال ضياع الدليل يستشف من خلال أوراق الدعوى والمستندات، والتي لا معقب عليها من محكمة الاستئناف مصدرة أمر التنفيذ فيها يتعلق بالسلطة التقديرية لاتخاذ هذا القرار.

فيما يرى أحد الباحثين[143] وتفاديا لتعارض الأحكام الصادرة من الجهتين، فإنه ليس هناك ما يمنع قضاء الدولة من إمكانية التدخل من أجل تعديل أو إلغاء حكم تحكمي صادر بشأن اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي وما يدعم ذلك أيضا، أن هذه الإجراءات يأمر بتنفيذها من قبل القضاء، فحتى على الفرض أن الهيئة أمرت بها، فإن القضاء من جهة قد يرتئي أن لا يأمر بتنفيذها، ومن ثم يقضي برفض طلب.

المطلب الثاني: الآثار الناجمة عن إصدار الأحكام الوقتية

تترتب على القرارات الصادرة بمناسبة اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية آثار قانونية مهمة حيث تمس بمصالح الأطراف سواء كانت هذه القرارات أو الأوامر صادرة عن قضاء الدولة أو قضاء التحكيم.

وهذه الآثار تمس بالأساس مصالح الأطراف المتفقة على أن يكون التحكيم هو الأداة لفض نزاعاتهم. كما أن الأوامر الصادرة عن القضاء الاستعجالي في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، تؤثر على عمل هيئة التحكيم.

فما هي هذه الآثار؟

سنتطرق إلى هذه الآثار وفق التقسيم الآتي:

– الفقرة الأولى: الآثار القانونية الناشئة في مواجهة أطراف نزاع

– الفقرة الثانية: الآثار القانونية الناشئة في مواجهة هيئة التحكيم

 

الفقرة الأولى: الآثار القانونية الناشئة في مواجهة أطراف نزاع

تترتب على اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية آثار قانونية مهمة حيث تمس بمصالح الأطراف سواء كانت صادرة من قبل القضاء المستعجل أو الهيئة التحكمية وعندما نتحدث عن الآثار، فالقصد من وراءها، هو تنفيذ القرار الوقتي سواء كان ذلك طواعية أو جبرا من قبل السلطة المختصة، لكن ولتفادي تعسف الطرف المستفيد في هذا الإجراء، أقرت بعض التشريعات المقارنة[144] ضرورة اشترط تقديم كفالة لتغطية التدبير المؤقت كما هو الشأن في المادة 23/1 من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001.

من خلال ما سبق فإن الآثار القانونية الناجمة عن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية والتي لها تأثير عن مصالح الأطراف تتجلى في تنفيذ الإجراء المؤقت وكذا تقديم ضمان لكفالة الإجراء المؤقت.

أولا: تنفيذ الإجراء الوقتي أو التحفظي حماية للحق المعرض للخطر.

حماية للحق المتنازع عليه والمعرض لخطر داهم، أجاز المشرع إمكانية طلب اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي سواء من قبل قاضي الأمور المستعجلة أو الهيئة التحكمية لكن لا تكتمل هذه الحماية إلا بتحريك أجهزة  مصلحة التنفيذ قصد تنفيذ الإجراء المؤقت، إذ أنه كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له،[145] فعدم التنفيذ أو التماطل فيه يدفع المستفيد من الإجراء الوقتي أو التحفظي إلى الإحساس بظلم اشد هو ظلم العدالة بل أكثر من ذلك قد تضيع حقوقه دون أن يعرف صاحب الحق لأن الإجراء الوقتي أو التحفظي هو بمثابة إسعاف المتقاضين لحماية مؤقتة للحق.

ونجد المشرع المغربي في قانون 05- 08 قد نص في الفصل 15- 327/ 2 على إمكانية الطرف الذي صدر الأمر لصالحه الالتجاء إلى رئيس المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ في حالة تخلف من صدر إليه الأمر عند تنفيذه.

كما نجد الفقرة الثانية من المادة 6 في بندها الأول من قواعد غرفة التجارة الدولية قد نحت نفس المنحى حيث تنص على أنه " للجهة القضائية المختصة أن تقرر ما إذا كان الطرف الذي يرفض أو يخفف في تنفيذ أمر المحكم مسؤولا تجاه الطرف الآخر عن فقدان أو خسارة نتجت عن هذا الرفض أو الاخفاق".

انطلاقا من هذه المادة فإن تقرير مسؤولية الطرف الذي يتخلف أو يرفض تنفيذ الإجراءات الصادرة من شأنها أن تجعل الطرف الذي صدرت ضده هذه الإجراءات ينفذ مباشرة بعد صدور الأمر وذلك مخافة تقديم تعويض للطرف الآخر عن التأخير في التنفيذ أو أن يدلي الطرف الآخر بمسؤولية عن فوات كسب بسبب التأخر في التنفيذ، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى توفير الوقت والنفقات.[146]

ونفس النهج اتبعه المشرع المصري حيث نص في المادة 24/ 2 " إذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه جاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف الآخر أن تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه وذلك دون الإخلال بحق هذا الطرف في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، وذلك دون الإخلال بحق هذا الطرف في أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون الآمر بالتنفيذ".

لكن إذا كان الطرف المحكوم ضده ملزما بالتنفيذ الإجراء الوقتي أو التحفظي جبرا فهل يحق له في المقابل الطعن في الحكم المؤقت؟

أمام غياب أي مقتضى قانوني في قانون 05- 08 يخول الطرف المحكوم ضده الطعن في القرار المؤقت سواء كان صادر عن القضاء الاستعجالي أو الهيئة التحكمية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، لا يسعنا إلا الرجوع إلى القواعد العامة في قانون المسطرة المدنية حيث نجد أن المشرع المغربي قد أجاز إمكانية الطعن بالاستئناف في الأوامر الاستعجالية حيث ينص في المادة 153 " يجب تقديم الاستئناف داخل خمسة عشر يوما من تبليغ الأمر عدا في الحالات التي يقرر فيها الحق ممكنا إذا كان القرار المؤقت صادر عن القضاء الاستعجالي.

فما هو السبيل في حالة ما إذا كان الإجراء قد اتخذته الهيئة التحكمية؟ بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 34- 327 ينص على أنه " لا يقبل الحكم التحكمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 53- 327 و 36- 327 بعده…"، فهل يشمل هذا الفصل حتى الأحكام الصادرة بمناسبة اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية.

اعتقد أنه ما دام أن الأمور المستعجلة تحوز حجية مؤقتة حيث يمكن تعديلها أو إلغاؤها كلما استجدت ظروف جديدة وذلك بناء على ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 39 من لائحة التحكيم الخاصة بالمركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات (C.I.R.D.I) إذ جاء فيها " إن لمحكمة التحكيم أن توصي باتخاذ إجراءات تحفظية أو إجراءات أخرى غير تلك المذكورة في الطلب المقدم إليها، يمكنها في أي لحظة تعديل أو إبطال ما يصدر عنها من توصيات" حيث يمكن الطرف المتضرر من الإجراء الوقتي أو التحفظي طلب إلغاء هذا القرار المؤقت".

ثانيا: تقديم ضمانة لكفالة الإجراء المؤقت.

تفاديا لأي تعسف يمكن أن يصدر عن أحد الأطراف في استعمال حق طلب اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية ضد الطرف الآخر، احتاطت بعض التشريعات المقارنة كالمشرع المصري،[147] مثلا إلى ضرورة كفالة وتأمين الإجراء المؤقت، قصد تصدي لذوي سيء النية في استعمال حق طلب اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي، وقد نهج نظام القضاء المستعجل لقواعد التجارة الدولية مبدأ تأمين وكفالة الإجراء المؤقت من قبل طالب هذا الإجراء أو المستفيد منه، حيث نصت المادة 6 الفقرة 8 " للجهة القضائية أن تقرر ما إذا كان الطرف الذي طلب إلي المحكم إصدار أمر، نتج من تنفيذه خسارة للطرف الآخر مسؤولا تجاه الطرف الآخر" قصد جبر الطرف عن طريق الكفالة أو التأمين هذا الإجراء .

ويبقى التساؤل المطروح في هذا الصدد حالة ما إذا تبين عدم صحة الإجراء المتخذ، هل يمكن إعادة الوضع إلى الحالة الأولى التي كان عليه أم تكتفي المحكمة بالتعويض؟ وماهي الجهة المختصة في الحكم بالتعويض؟

أمام صعوبة إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل اتخاذ الإجراء الوقتي أو التحفظي حيث لا يبقى أمام المتضرر سوى المطالبة بالتعويض لجبر الضرر الذي لحقه من جراء تنفيذ ذلك الإجراء.[148]

وقصد تحديد الجهة المختصة لابد من معرفة الجهة المصدرة للإجراء، حيث إذا كان قضاء الدولة هو الجهة المصدرة للإجراء الوقتي أو التحفظي، فإن طلب الحكم بالتعويض عن الأضرار الناتجة جراء تنفيذ الإجراء المؤقت يقدم إلى ذات المحكمة التي أمر به، إذا كانت الهيئة التحكمية هي المختصة وفقا لاتفاق التحكيم بإصدار هذا الإجراء، فإن لها أن تبت في كافة الآثار المترتبة على صدور هذا الإجراء دون شرط جديد أو اتفاق الأطراف من جديد على ذلك بشرط احترام مبدأ التواجهية بين الأطراف.[149]

الفقرة الثانية: الآثار القانونية الناشئة في مواجهة الهيئة التحكمية.

كمبدأ عام أن العلاقة التي تحكم بين قضاء التحكيم وقضاء الدولة هو خضوع القضاء الأول لرقابة القضاء الأخير، حيث يعد قضاء الدولة مساعد لقضاء التحكيم سواء في تشكيل الهيئة التحكمية عند عدم الاتفاق الأطراف على ذلك أو تنفيذ الحكم التحكيمي الصادر على الهيئة التحكمية، أو اتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية من قبل القضاء المستعجل رغم أن جوهر النزاع قد ثم عرضه على الهيئة التحكمية، فما هي آثار هذه الإجراءات في سير الخصومة التحكمية؟ وما مدى قدرة قضاء التحكيم على ممارسة أي نوع من الرقابة أي كانت الصورة التي تتخذها هذه الرقابة على القرارات الوقتية والتحفظية الصادرة عن قضاء الدولة؟

جاء في الفصل 153 من ق.م.م أنه " لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر، يستشف من هذا النص أن قاضي المستعجلات لا ينظر في جوهر الحق، مما يعني أن القرار الصادر عن القضاء المستعجل بمناسبة اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي لا يؤثر على عمل الهيئة التحكمية في شيء. ولا يلزمها أن تتبع ما قضى بها القضاء المستعجل. و أن الاختصاص المعترف به لقاضي الأمور الوقتية لن يحرم في نهاية المطاف من سلطتهم في الفصل في جوهر الحق لكن هل يمكن لهيئة إلغاء أو تعديل الإجراء المؤقت أو التحفظي الصادر عن قضاء الدولة؟.

يرى جانب من الفقه بأنه إذا كانت الأطراف قد اختارت التحكيم كوسيلة  لفض المنازعات الناشئة بينهما فإنه يبدوا من الملائم وتحقيقا أيضا لرغبات الأطراف أن يكون للمحكم أيضا السلطة في تحدي الاختصاص المقرر للجهات القضائية، وإن وصل الأمر بالمحكمين إلى تبديل القرارات الصادرة عن الجهات القضائية.

ومقابل هذا الاتجاه هناك اتجاه ثاني يرى أنه ليس للمحكم ولا لهيئة التحكيم أن تمس الإجراءات التي تصدر عن القضاء الدولة.[150]

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

من خلال الدراسة التي قمنا بها والمتعلقة بسلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية حاولنا الإحاطة الشاملة بالموضوع وذلك من خلال التصدي لمفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية مع تحديد شروط اتخاذها وتحديد خصائصها.

ويبقى العنوان البارز في هذه الدراسة والذي هو عبارة عن تساؤل، حول مدى سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية حيث حاولنا الإجابة عن هذا السؤال من خلال الوقوف على مكامن القصور التي تشوب شخصية المحكم الذي يعد شخصا عاديا. وبمثابة قاضي خاص يفتقر إلى سلطة الإجبار والإلزام كما أنه ولو تم الاعتراف له بسلطة أمرية في ميدان الإجراءات الوقتية والتحفظية فتبقى سلطة أمرية نسبية ومؤقتة حيث لا يمكن أن تلزم إلا من كان طرفا في اتفاق التحكيم ، كما أنها سلطة مؤقتة حيث تبتدئ منذ تشكيل الهيئة التحكمية إلى غاية صدور الحكم التحكمي المنهي لخصومة التحكيم .

بالإضافة إلى ما سبق تبقى بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية من اختصاص قاصر على قضاء الدولة كالحجوزات وإجراءات تنفيذ الأحكام، كون المحكم كما قلنا يفتقر إلى سلطة الإجبار والإلزام.

كما حاولنا من خلال هذه الدراسة الوقوف إلى موقف كل من التشريعات الوطنية والدولية، وكذا موقف الفقه والقضاء من مسألة توزيع الاختصاص.

ولاحظنا من خلال تقييم ودراسة الاتجاهات الفقهية الثلاث والتي هي على التوالي:

 

الاتجاه الأول: المدافع عن اختصاص قضاء الدولة

الإتجاه الثاني: المدافع عن اختصاص هيئة التحكيم

الإتجاه الثالث: المدافع عن الاختصاص المشترك

أن الإتجاه المدافع عن الاختصاص المشترك هو الأنسب وأكثر فعالية وملائمة لنظام التحكيم كطريق خاص لتسوية المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، كون هذا الإتجاه يبقي من جهة على  اختصاص قضاء الدولة رغم الاتفاق على التحكيم، وأن اختصاصه هذا لا يعد تنازلا عن هذا الاتفاق من جهة أخرى ، كما أن هذا الاتجاه يمنح للهيئة التحكمية حق اتخاذ كل إجراء وقتي أو تحفظي تراه لازما لخصومة التحكيم.

أعتقد أن الاختصاص ينعقد وانسجاما مع هذا الاتجاه للجهة التي لها أكثر قدرة على كفالة الإجراء الوقتي أو التحفظي المطلوب اتخاذه وضمانا لتنفيذه على درجة السرعة نظرا لحالة الاستعجال التي تقتضيها هذه الإجراءات.

هكذا فإن معظم التشريعات تتبنى الاختصاص المشترك بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم، ويبدوا أن المشرع المغربي قد ذهب في هذا الإتجاه من خلال قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، حيث جعل الاختصاص في الأصل ينعقد لقضاء الدولة، (الفصل 1-327 من قانون 05-08)، كما يجيز للأطراف اللجوء إلى هيئة التحكيم لاتخاذ كل تدبير موقف تراه لازما(الفصل 15-327).

ومن خلال مقتضيات الفصلين السابقين يتضح أن المشرع المغربي قد جعل من قضاء الدولة الاستعجالي هو الأصل، حيت خول لرئيس المحكمة صلاحيات اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية سوء قبل تشكيل الهيئة التحكمية وأثناء تشكيلها. كما منح في المقابل للهيئة التحكمية إمكانية اتخاذ هذه الإجراءات والتي تراها ضرورية وذلك في حدود مهمتها التحكمية، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

إلا أنه رغم ذلك يلاحظ أن المشرع المغربي لم يكن جريئا في هذا التنصيص بحيث نص فقط على صيغة الجواز، كما أنه لم يخول للمحكم تلقائيا الالتجاء إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات أحيانا في حسم النزاع وإنما علق ذلك على ضرورة وجود طلب من أحد الطرفين مما يشكل قيدا على حرية المحكم في اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة.

بالإضافة إلى كل هذا، ورغم المبادرة التي قام بها المشرع المغربي والتي من خلالها منح للهيئة التحكمية اتخاذ إجراءات تحفظية، فإنه يتعين تعزيز هذه المبادرة بالإشارة إلى تحمل الطالب بتغطية مصاريف الإجراء لضمان تنفيذه وكذا إمكانية طلب تقديم ضمانات عند تقديم طلب الإجراء

وفي الأخير ومن خلال هذه الدراسة يتضح لنا عدة نتائج هي:

1- أن التشريعات الحديثة قد اعترفت لهيئة التحكيم باختصاصها باتخاذ قرارات مستعجلة وأوامر وقتية.

2- أن السلطة القضائية هي صاحبة الاختصاص الأصيل بنظر الطلبات المستعجلة والوقتية.

3- أن اللجوء إلى القضاء المستعجل لا يعني التنازل عن اتفاق التحكيم.

4- أن الحكم الوقتي الصادر عن القضاء المستعجل لا يقيد الهيئة التحكمية في شيء عند النظر في جوهر الحق.

5- أن بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية تبقى من اختصاص قضاء الدولة ولو اتفق الأطراف على منح الاختصاص فيها للهيئة التحكمية.

                                                      

 

 

تم بحمد الله.

 

 

لائحة المراجع :

 

 

المراجع باللغة العربية:

 

v  المراجع العامة :

 

·        أبو زيد رضوان " الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي 1981 .

·        أحمد أبو الوفاء، التحكيم الاختياري والإجباري، منشأة المعارف الإسكندرية الطبعة الثالثة 1987.

·        أحمد أبو الوفاء، التحكيم الاختياري والإجباري، منشأة المعارف الطبعة الخامسة

·        أحمد محمد علي اللهبي، المحكم في التحكيم التجاري الدولي، الطبعة الأولى 2001- 2002.

·        إدريس العلوي العبدلاوي، القانون القضائي الخاص، الجزء الأول.

·        إدريس العلوي العبدلاوي، الوسيط في شرح المسطرة المدنية الطبعة الأولى 1998 مطبعة النجاح الجديدة .

·        أمحمد الفروجي، التاجر، وقانون التجارة بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 1418-1997.

·        بحار عبد الرحيم، الإجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و الاقتصادية العدد  8 فبراير 2005.

·        بلحرش كريم، القضاء الاستعجالي دار النشر الأحمدية، الدار البيضاء الطبعة الأولى .

·        حفيظة السيد الحداد، القانون القضائي الخاص.

·        سامية راشيد، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة ، الكتاب الأول، اتفاق التحكيم، طبعة 1984، دار النهضة العربية، القاهرة.

·        عاشور مبروك، النظام الإجرائي لخصومة التحكيم، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، الطبعة الثانية 1998.

·        عبد الباسط جميعي، المرافعات في قانون المرافعات الجديد، دار الفكر العربي، طبعة 1973.

·        عبد السلام زوير، الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالية العملية، مطبعة مكتبة دار السلام – الرباط، طبعة 2004.

·        عبد العالي العضروي، أحدث دليل تطبيقي للقضاء الاستعجالي المغربي في المادة التجارية الطبعة الأولى 2001.

·        عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو، التنظيم القضائي والاختصاص، مكتبة طه حسين، طبعة 2006 .

·        عبد العزيز حضري، المسطرة المدنية، مكتبة طه حسين طبعة 2006 .

·        عبد الفتاح مراد، المشكلات العملية في القضاء المستعجل، دون ذكر طبعة ولا المطبعة .

·        عبد اللطيف هداية الله، القضاء المستعجل في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998.

·        عز الدين بنستي، دراسات في القانون التجاري الجزء الأول.

·        علي بركات، خصومة التحكيم في القانون المصري والقانون المقارن، مطبعة دار النهضة العربية، طبعة 1996 .

·        عليوش فريوع كمال، التحكيم التجاري الدولي في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية 2001.

·        محمد السيد عمر التحيوي، التحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوازه في منازعات العقود الإدارية مطبعة دار الجامعة الجديدة للنشر، طبعة 1999 .

·        محمد المجدوبي الإدريسي، المحاكم التجارية بالمغرب.

·        محمد شحاتة، النشأة الاتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين دار النهضة العربية 1993.

·        محمد علي راتب، قضاء الأمور المستعجلة، طبعة سادسة.

·        مختار بربري، التحكيم التجاري الدولي.

·        منير عبد المجيد، التنظيم القانوني للتحكيم الدولي والداخلي، منشأة المعارف الإسكندرية .

·        الوجيز في الاجراءات التحكمية والصلحية لفظا ومدلولا، بحوث ودراسات.

·        يونس الزهري، الحجز لدى الغير في القانون المغربي، طبعة الثانية 2005.

 

v    المراجع الخاصة

·        حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية  والتحفيظية في المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم.

·        خليل عمر غصن، سلطة المحكم الأمرية في التحكيم الداخلي، منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى 2005.

·        مهند أحمد الصانوري، دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص، رسالة دكتوراه دار الثقافة الطبعة الأولى 2005.

v          الرسائل:

·        إلهام علالي، واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث أنظمة التحكيم كلية الحقوق جامعة محمد الخامس سلا، السنة الجامعية 2008- 2009 .

·        أمعمر نعمان محمد النظاري، الرقابة القضائية على التحكيم في التشريعين المغربي واليمني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول الموسم الجامعي 2006- 2007 .

·        خديجة فكاك، سلطة المحكم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق جامعة الحسن الأول: السنة الجامعية 2007- 2008.

·        عبد الحكيم عودى، التحكيم التجاري الدولي علة ضوء القانون المغربي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث قانون التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي الرباط السنة الجامعية 2003- 2004 .

·        عبد الرحمان بهوش، دور اتفاق التحكيم في تسوية المنازعات عقود التجارة الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق السنة الجامعية 2000- 2009.

·        عبد الله درميش التحكيم الدولي في المواد التجارية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 1982-1483.

·        عمر لاسكرومي المرابط سلطة القاضي على المقررات التحكمية ومساطرها، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين قانون التجارة والأعمال جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، السنة الجامعية 2003-2004.

·        فاطمة الدحاني، دور رئيس المحكمة في التحكيم الداخلي بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وجدة البحث والتكوين، أنظمة التحكيم، كلية الحقوق جامعة محمد الخامس السويسي سلا، السنة الجامعية 2006-2007.

 

v  المقالات :

 

·        أحمد السيد صاوي، مدى سلطة هيئة التحكيم في اتخاذ تدابير، مقال منشور في الموقع الإلكتروني الآتي:www.alassy.net  

·        أحمد شكري السباعي، التحكيم التجاري في النظام القانوني المغربي مجلة دفاتر مجلس الأعلى عدد 2، سنة 2002.

·        أحمد صدقي محمود، التدابير اللازمة للفصل في خصومة التحكيم، الجزء الثاني مجلة التحكيم العربي العدد 10 سنة 2007.

·        سيد أحمد محمود أحمد، سلطة المحكم في إصدار الأحكام الوقتية والأوامر في القانون المقارن والكوبتي والمصري،مجلة الحقوق العدد الثالث السنة الخامسة والعشرون دجنبر2001 م .

·       شمس الدين عبداتي، سلطات محاكم الدولة ومراكز التحكيم التجاري بالمغرب في إصدار الأوامر التحفظية والأوامر بتنفيذها في النظام القضائي المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية 68 ماي 2006 .

·        عبد اللطيف مشبال، الإجراءات الوقتية والتحفظية والتحكيم التجاري الدولي، ندوة التحكيم الدولي التي نظمت بمدينة الدار البيضاء يومي 3 و 4 مارس 2004، دفاتر المجلس الأعلى العدد 6.

·        عبد اللطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي.

·        عبد الله درميش، اهتمام المغرب بالتحكيم إلى أين، مجلة المحاكم المغربية عدد 73.

·        عبد للطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي، دفاتر مجلس الأعلى العدد 2/ 2002.

·        عزمي عبد الفتاح، سلطة المحكمين في تقسيم وتصحيح أحكامه، مجلة الحقوق الكويتية العدد الرابع ديسمبر 1984.

·        محمد أخياظ، التحكيم البحري، مجلة القصر العدد الأول

·        محمد المختار الراشدي، إجراءات التحكيم، مجلة المحاكم المغربية العدد 117.

·        محيي الدين إسماعيل علم الدين، أفكار حول التحكيم التجاري الدولي مجلة الميادين العدد الأول 1986

·        معتز نابغ كنعان، دراسة في أحكام القرارات المستعجلة والوقتية في النزاعات المعروضة على التحكيم وفق أحكام قانون التحكم الأردني رقم 31 سنة 2001 مقال منشور في الموقع الإلكتروني: www.droitcivil.over.blog.com  بتاريخ 12-09-2009.

·        يونس الزهري، مسطرة وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل القضائي مجلة محاكمة العدد 2 مارس/ ماي / 2007.

 

v          الندوات

 

·         عزيز الفتح، الهيئة التحكمية في ظل مشروع قانون 05-08 للوساطة والتحكيم ندوة عقدها الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب بمشاركة وحدة التكوين والبحث (أنظمة التحكيم كلية الحقوق بسلا) بالبرلمان في إطار المائدة المستديرة حول موضوع مشروع قانون الوساطة والتحكيم بتاريخ 27-06-2007، مجلة القانون المغربي العدد 12 سنة 20             

·  محمد بوشيبة، صياغة شرط التحكيم في عقود الاستثمار بين القواعد الخاصة التقليدية والقواعد الحديثة، الندوة الجهوية الرابعة، محكمة الاستئناف التجارية، الدار البيضاء 18-19 أبريل 2007 في "قضايا الاستثمار والتحكيم من خلال توجهات المجلس الأعلى" ، مطبعة الأمنية، الرباط 2007.

 

 

 

المراجع باللغة الفرنسية

 

v Ouvrages:

 

·        Georges Deloume, « Le centre international pour le règlement des différentesrelatifs aux investissements (C.I.R.D.I) 1982.

·        Jolivet les mesures provisoires dans l’arbitrage commercial : Evaluations, lite 2007.

·        Ph.OUKRAT, l’arbitrage commercial international et les mesures provisoires, dr.part.com.int, 1982

·        Philippe fouchard, Gallard.B Goldman : traité de l’arbitrage commercial international, litec, 1996, N° 133.

                                                                                         

 

v Revues

                                                                    

 

·        ALEXANDRE HORY : Mesures d’instructions. REVUE ARBITRAGE 

·        F.R Mendez : l’arbitrage international et mesures conservatoires , Rev.Ard. 1985

·        Jean Robert, « Le juge et l’arbitrage » Rev, Arb, 1980

·        P.Berlin , L’intervention des juridictions au cas de la procédure arbitrale ,Rev,arb

 

v  المواقع الالكترونية

 

·        www.droitcivil.over.blog.com  

·       www.alassy.net.

………………………………


الفهرس

مقدمة: ……………………………………………………….

1

الفصل الأول:

ماهية سلطة المحكم الآمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية

 

6

المبحث الأول: مفهوم الإجراءات الوقتية والتحفظية……………….

8

المطلب الأول: تعريف الإجراءات الوقتية والتحفظية وأهميتها…

8

الفقرة الأولى: تعريف الإجراءات الوقتية والتحفظية……….

8

الفقرة الثانية: أهمية الإجراءات الوقتية والتحفظية…………

12

المطلب الثاني: خصائص الإجراءات الوقتية والتحفظية وشروط

                اتخاذها…………………………………..                                             

 

15

الفقرة الأولى: خصائص الإجراءات الوقتية والتحفظية…….

15

 الفقرة الثانية:شروط اختصاص قضاء الدولة وقضاء التحكيم

19

المبحث الثاني: سلطة المحكم الآمرية في اتخاذ الإجراءات الوقتية

                 والتحفظية……………………………………

 

33

المطلب الأول: مبررات الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في

               اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية……………

 

34

الفقرة الأولى: تعريف السلطة الأمرية…………………..

34

الفقرة الثانية: جدلية الاعتراف للمحكم بالسلطة الأمرية في

              اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية…………

 

35

المطلب الثاني: مظاهر سلطة المحكم الأمرية في اتخاذ

الإجراءات الوقتية والتحفظية……………………………..

 

41

الفقرة الأولى: إجراءات حفظ الأدلة للفصل في النزاع…….

42

الفقرة الثانية: إجراءات حفظ توازن العلاقات القانونية بين

              الأطراف أثناء النزاع…………………….

 

45

الفقرة الثالثة: إجراء أو إحداث حالة واقعية لضمان تنفيذ

              الحكم المزمع إصداره…………………….

 

47

الفصل الثاني:

توزيع الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وآثارها.

 

 

50

المبحث الأول: موقف التشريع والفقه والقضاء في توزيع الاختصاص

               بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم………………….

 

52

المطلب الأول: موقف التشريعات الوطنية والدولية من توزيع

                الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم…

 

53

الفقرة الأولى: موقف المشرع المغربي………………….

53

الفقرة الثانية: موقف باقي التشريعات المقارنة والمعاهدات

               الدولية ومراكز التحكيم…………………..

 

56

المطلب الثاني: موقف الفقه والقضاء……………………….

70

الفقرة الأولى: موقف الفقه……………………………..

71

الفقرة الثانية: موقف القضاء من النظريات الفقهية السابقة….

83

المبحث الثاني: طبيعة الأحكام الوقتية وأثارها……………………

88

 المطلب الأول: طبيعة الأحكام الوقتية……………………..

88

الفقرة الأولى: حجية الحكم الوقتي الصادر عن قضاء الدولة.

89

الفقرة الثانية: حجية الحكم الوقتي الصادر عن الهيئة التحكمية

93

المطلب الثاني: الآثار الناجمة عن إصدار الأحكام الوقتية……..

95

الفقرة الأولى: الآثار القانونية الناشئة في مواجهة أطراف

               نزاع…………………………………..

 

96

الفقرة الثانية: الآثار القانونية الناشئة في مواجهة الهيئة

                التحكمي………………………………

 

100

خاتمة: ………………………………………………………..

102

لائحة المراجع : …………………………………………………

106

الفهرس: ………………………………………………………..

115

 

 

 

 


[1] – محيي الدين إسماعيل علم الدين، أفكار حول التحكيم التجاري الدولي مجلة الميادين العدد الأول 1986 ص: 133.

 

[2] – خليل عمر غصن، سلطة المحكم الأمرية في التحكيم الداخلي، منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى 2005، ص: 4.

 

[3] – محمد أخياظ، التحكيم البحري، مجلة القصر العدد الأول، ص: 13.

 

[4] – ينص الفصل 1-327 من قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية على أنه " لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي…".

 

[5] – أحمد السيد صاوي، مدى سلطة هيئة التحكيم في اتخاذ تدابير، مقال منشور في الموقع الإلكتروني الآتي: www.alassy.net   تاريخ الولوج 12- 09– 2009.

 

[6] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، مطبعة الانتصار لطباعة الأوفست، دون ذكر الطبعة، ص: 181.

 

[7]– Ph.OUKRAT, l’arbitrage commercial international et les mesures provisoires dr.part.com.int, 1982 p : 292

 

[8] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، مطبعة الانتصار لطباعة الأوفست، دون ذكر الطبعة، مرجع سابق، ص: 182.

 

[9] – F.R Mendez : l’arbitrage international et mesures conservatoires Rev.Ard. 1985, p : 53.

 

[10] – علي بركات، خصومة التحكيم في القانون المصري والقانون المقارن، مطبعة دار النهضة العربية، طبعة 1996 ص: 404.

 

[11] – عبد اللطيف هداية الله، القضاء المستعجل في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998، ص: 231.

 

[12] – عبد اللطيف هداية الله، مرجع سابق. ص: 245.

 

[13] – أمر محكمة التجارة بالدار البيضاء، رقم 306/08 في ملف رقم 2788- 1- 2007 الصادر بتاريخ 06- 02- 2008 ، أمر غير منشور.

 

[14] – بلحرش كريم، القضاء الاستعجالي دار النشر الأحمدية، الدار البيضاء الطبعة الأولى ص: 14.

 

[15] – مهند أحمد الصانوري، دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص، رسالة دكتوراه دار الثقافة الطبعة الأولى 2005- ص: 103.

– إلهام علالي، واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث أنظمة التحكيم كلية الحقوق جامعة محمد الخامس سلا، السنة الجامعية 2008- 2009 ص: 98.

 

[16] – عبد اللطيف مشمبال، الإجراءات الوقتية والتحفظية في التحكيم التجاري والدولي، دفاتر المجلس الأعلى عدد 6، 2005، ص: 145.

 

[17] – عرف المشرع المغربي شرط التحكيم في الفصل 316 من قانون 05- 08 حيث ينص " شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور".

 

[18] – عرف المشرع المغربي مشارطة التحكيم في الفصل 314 من قانون 05- 08 حيث ينص " عقد التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض النزاع على هيئة تحكمية.

 

[19] – ينص الفصل 312/3 " رئيس المحكمة" رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خلاف ذلك…"

 

[20] ينص الفصل 1- 327 من قانون 05- 08 " لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في اجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ويجوز التراجع عن تلك الإجراءات بالطريقة ذاتها".

 

[21] – أنظر الموقف القضائي في المطلب الثاني من الفصل الثاني من هذه الدراسة.

 

[22] – أنظر الموقف الفقهي في المطلب الثاني من الفصل الثاني من هذه الدراسة.

 

[23] – عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو، التنظيم القضائي والاختصاص، مكتبة طه حسين ،طبعة 2006 ص:62

 

[24] – خديجة فكاك، سلطة المحكم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق جامعة الحسن الأول سطات: السنة الجامعية 2007- 2008،

ص: 26.

 

[25] – إدريس العلوي العبدلاوي، الوسيط في شرح المسطرة المدنية الطبعة الأولى 1998 مطبعة النجاح الجديدة ص: 516.

 

[26] – سنناقش فكرة طبيعة الحكم المؤقت في المطلب الأول المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذه الدراسة

 

[27] – قرار المجلس الأعلى عدد 787 الصادر بتاريخ 14/6/1976 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 25 ماي 1980.

 

[28] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 510/98 الملف عدد 562/98/4 بتاريخ 15- 12- 1998 أوردته خديجة فكاك، م.س ص: 25.

 

[29] – سيد أحمد محمود أحمد، سلطة المحكم في إصدار الأحكام الوقتية والأوامر في القانون المقارن والكوبتي والمصري،مجلة الحقوق العدد الثالث السنة الخامسة والعشرون دجنبر2001 م . ص: 83.

 

[30] – عبد العزيز حضري، المسطرة المدنية، مكتبة طه حسين طبعة 2006 ص: 26.

 

[31] – قرار عدد 248 صادر بتاريخ 27-05-1970 عن قضاء مجلس الأعلى أورده عبد العزيز حضري وسعيد الروبيوا، مرجع سابق، ص:57.

 

[32] – محمد علي راتب، قضاء الأمور المستعجلة، طبعة سادسة، ص:30.

 

[33] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، مطبعة الانتصار لطباعة الأوفست، دون ذكر الطبعة ،مرجع سابق، ص:184.

 

[34] – عبد الباسط جميعي، المرافعات في قانون المرافعات الجديد، دار الفكر العربي، طبعة 1973، ص:128-129.

 

[35] – لقد أشار بعض الفقه إلى أن القضاء الاستعجالي ابتكار حديث نسبيا، إذ يرجع الفقهاء الأوروبيون ظهوره إلى اجتهادات قضائية صادرة عن رئيس محكمة Paris  في أواخر القرن السابع عشر.

 

[36] – عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو،مرجع سابق، ص:58.

 

[37] – عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو،مرجع سابق ، ص:54.

 

[38] – إدريس العلاوي العبدلاوي، القانون القضائي الخاص، الجزء الأول، ص:37

 

[39] – معتز نابغ كنعان، دراسة في أحكام القرارات المستعجلة والوقتية في القرارات المعروضة على التحكيم وفق أحكام التحكيم، قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 منشور في الموقع الالكتروني الأتي:

civil.over-blog.com www.droit تاريخ الولوج: 12-09-2009.

 

[40] – حفيظة السيد الحداد، القانون القضائي الخاص ، ص:314

 

[41] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، م.مرجع سابق: 215.

 

[42] – الفصول 309- 310 من قانون 05- 08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.

 

[43] – معتز نابغ كنعان، مرجع سابق. منشور في الموقع الالكتروني الأتي:

civil.over-blog.com www.droit تاريخ الولوج: 12-09-2009.

 

[44] – الفصول 313 و 2- 327/ 2 من قانون 05- 08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.

 

[45] – خديجة فكاك، مرجع سابق، ص: 35.

 

[46] – أحمد صدقي محمود، التدابير اللازمة للفصل في خصومة التحكيم، الجزء الثاني مجلة التحكيم العربي العدد 10 سنة 2007، ص: 119.

 

[47] – أحمد محمد علي اللهبي، المحكم في التحكيم التجاري الدولي، الطبعة الأولى 2001- 2002، ص: 168.

 

[48] – الفصول 22- 327، 23- 327- 24- 327 و 25- 327 من قانون 05 08.

 

[49] – معتز نابغ كنعان، مرجع سابق.مقال ، منشور في الموقع الالكتروني الأتي:

civil.over-blog.com www.droit تاريخ الولوج: 12-09-2009.

 

 

[50] – سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص: 89.

 

[51] – خليل عمر غصن، مرجع سابق، ص: 27.

  – عبد العزيز حضري، مرجع سابق، ص: 58.

 

[52] – سنناقش هذه الفكرة أكثر في الفقرة الثانية من هذا المطلب.

 

[53] – Bruno OPPETET : « justice étatique et justice arbitrale » p : 433.

 

[54] – خليل عمر غصن،مرجع سابق، ص: 118.

 

[55] – أبو زيد رضوان " الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي 1981 ص: 7.

 

[56] – محمد شحاتة، النشأة الاتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين دار النهضة العربية 1993 ص: 180.

 

[57] – عبد الحكيم عودى، التحكيم التجاري الدولي على ضوء القانون المغربي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث قانون التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي الرباط السنة الجامعية 2003- 2004 ص: 62.

 

[58] – معتز نابغ كنعان، مرجع سابق، مقال منشور في الموقع الالكتروني الأتي:    www.droitcivil.over.blog.com تاريخ الولوج 02-09-2009 

 

[59] – سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص: 97.

 

[60] – ALEXANDRE HORY : Mesures d’instructions . REVUE ARBITRAGE : 96 p : 192.

 

[61] – الفصل 149 من ق.م.م

 

[62] – سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص: 100

  – مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية الجزء الأول الطبعة الأولى 1998 ص: 200.

 

[63] – خليل عمر غصن، مرجع سابق، ص: 118.

 

[64] -Cass.civl.14 mars, 1984, Rev.ard.1985, 69.cass. 6 mars 1990, Rev.arb 1990, 633.

 

[65] – سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص: 118.

 

[66] – عبد الرحمان بهوش، دور اتفاق التحكيم في تسوية المنازعات عقود التجارة الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق السنة الجامعية 2008- 2009 ص: 101.

 

[67] – مهند أحمد الصانوري، مرجع سابق، ص: 103.

 

[68] – محمد السيد عمر التحيوي، التحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوازه في منازعات العقود الإدارية مطبعة دار الجامعة الجديدة للنشر، طبعة 1999 ص: 120.

 

[69] – عبد الفتاح مراد، المشكلات العملية في القضاء المستعجل، دون ذكر طبعة ولا المطبعة ص: 70.

 

[70] – عبد العزيز حضري، وسعيد الروبيو، مرجع سابق، ص: 65.

 

[71] – ناريمان عبد القادر، اتفاق التحكيم، دار النهضة العربية الطبعة الأولى 1996 ص: 302.

 

[72] – محمود عمر السيد التحيوي، التحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوازه في منازعات العقود الإدارية مطبعة دار الجامعة الجديدة للنشر، طبعة 1999 ، ص: 120.

 

[73] – حكم تحكمي وقتي عدد 181 الصادر عن مركز التحكمي المحلي ودولي  " الإنصاف" الجمهورية التونسية بتاريخ 12-12-2005 منشور في"الوجيز في الإجراءات التحكمية والصلحية لفظا ومدلولا"، ص: 292.

 

[74] – يونس الزهري، الحجز لدى الغير في القانون المغربي، طبعة الثانية 2005، ص: 44.

 

[75] – منير عبد المجيد، التنظيم القانوني للتحكيم الدولي والداخلي، منشأة المعارف الإسكندرية ص: 265.

 

[76] – أحمد أبو الوفاء، التحكيم الاختياري والإجباري، منشأة المعارف الطبعة الخامسة، ص: 83.

 

[77] – حكم ملف عدد 1784/91 صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 4 نوفمبر 1997 أشار إليه شمس الدين عبداتي، سلطات محاكم الدولة ومراكز التحكيم التجاري بالمغرب في إصدار الأوامر التحفظية والأوامر بتنفيذها في النظام القضائي المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية 68 ماي 2006 ص: 45.

 

[78] – قانون 05-08 الصادر بظهير الشريف رقم 169-07-1، صادر في 19 من ذي القعدة 1428 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5584، بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007) ص: 3894- 3905.

 

[79] – ونجد بالنسبة للفقه المغربي الذي تعرض لهذا الموضوع ورغم توحد رأيهم في منح الاختصاص لقضاء الدولة وذلك قبل تشكيل الهيئة التحكمية إلا أنهم اختلفوا بعد تشكيل بين مؤيد باختصاص هيئة التحكيم وبين معارض لهذا الاختصاص: ففي نظر عبد السلام زوير: أن الاتفاق على التحكيم بمقتضى عقد أو شرط لا يمنع من الالتجاء إلى القضاء التجاري الاستعجالي، من أجل اتخاذ الإجراءات المستعجلة الضرورية كالوضع تحت=       =الحراسة أو إجراء بعض الحجوز التحفيظية أو إجراء تحفظي آخر وذلك أن المحكمين ليست لهم الصلاحية لاتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية والتي تبقى من اختصاص رئيس المحكمة التجارية المختصة، ما دام أن قاضي الأمور المستعجلة لا يبت إلا في الإجراءات الاستعجالية من خلال التدابير التحفظية ودون المساس بجوهر النزاع.

كما يصب في نفس الاتجاه موقف عبد الله درميش وكذا موقف بلحرش كريم حيث يرى أن القضاء الاستعجالي لا يمكن سلبه من صلاحيات قضاء الدولة لتعلقه بالنظام العام ونفس رأي الذي عبر عنه المجدوبي الإدريسي  حيث اعتبر أن الاتفاق على التحكيم لا يمنع الأطراف من اللجوء إلى القضاء الرسمي وتحديدا قضاء الأمور المستعجلة من أجل اتخاذ الإجراءات التحفظية معللا موقفه بأن للمحكمين ليست لهم الصلاحية لاتخاذ الإجراءات الوقتية التي تبقى من اختصاص رئيس المحكمة التجارية المختصة ويرجع السبب في نظره إلى أن قاضي الأمور المستعجلة لا يبت في جوهر النزاع. وإنما فقط في التدابير التحفظية كلما توفر عنصر الاستعجال.

ف يحين يرى عبد اللطيف مشبال أن للأطراف أن يضمنوا في اتفاق التحكيم ما يرونه صالحا لهم لتفادي تعايش الاختصاص المزدوج لعدم تعلق الأمر بالنظام العام، ومن ثم يجوز لهم بطبيعة الحال التنصيص في الاتفاق على منح الاختصاص لمحاكم الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية أو حتى قصر هذا الاختصاص لها وحدها، كما يجوز لهم في حالة العكس من ذلك الاتفاق على حرمان قضاء الدولة من اتخاذ تلك الإجراءات طيلة استمرار فترة التحكيم.

انظر بهذا الخصوص:

–          عبد السلام زوير، الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالية العملية، مطبعة مكتبة دار السلام – الرباط، طبعة 2004 ص: 144- 145.

–          عبد الله درميش، اهتمام المغرب بالتحكيم إلى أين، مجلة المحاكم المغربية عدد 73 ص: 15.

–          محمد المجدوبي الإدريسي، المحاكم التجارية بالمغرب، ص: 149.

–          عز الدين بنستي، دراسات في القانون التجاري الجزء الأول، ص: 85.

–          عبد اللطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي، دفاتر مجلس الأعلى العدد 2/ 2002، ص: 354- 355.

 

[80] –  محمد المختار الراشدي، إجراءات التحكيم، مجلة المحاكم المغربية العدد 117، ص:99.

 

[81] – عزيز الفتح، الهيئة التحكمية في ظل مشروع قانون 05-08 للوساطة والتحكيم ندوة عقدها الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب بمشاركة وحدة التكوين والبحث (أنظمة التحكيم كلية الحقوق بسلا) بالبرلمان في إطار المائدة المستديرة حول موضوع مشروع قانون الوساطة والتحكيم بتاريخ 27-06-2007، مجلة القانون المغربي العدد 12 سنة 2008 ص:166.

 

[82] – عاشور مبروك، النظام الإجرائي لخصومة التحكيم، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، الطبعة الثانية 1998، ص:280-281.

 

[83] – مختار بربري، التحكيم التجاري الدولي، ص:159.

 

[84] – المواد 18-43 قانون التحكيم يمني.

 

[85] – المادة 30 من قانون التحكيم اليمني.

 

[86]– امعمر نعمان محمد النظاري، الرقابة القضائية على التحكيم في التشريعين المغربي واليمني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول الموسم الجامعي 2006- 2007 ، ص:85

 

[87] – عليوش فريوع كمال، التحكيم التجاري الدولي في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية 2001، ص:50.

 

[88] – سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص:104.

 

[89]– بحار عبد الرحيم، الإجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و الاقتصادية العدد 8فبراير 2005.، ص:329.

 

[90] – عبد الحكيم عودى، مرجع سابق، ص:63.

 

[91] – بحار عبد الرحيم، مرجع سابق، ص:328.

 

[92] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، مطبعة الانتصار لطباعة الأوفست، دون ذكر الطبعة، مرجع سابق، ص:66.

 

[93]– C.cass, (3 chambre civile), 7 Juin et Juillet 1979, Rev.arb 1980, p :78 note

أشارت إليه حفيظة السيد الحداد، مرجع سابق، ص:85.

 

[94]– P.Berlin « L’intervention des juridictions au cas de la procédure arbitrale » arb, 1982, p :331

 

[95] – سامية راشيد، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة ، الكتاب الأول، اتفاق التحكيم، طبعة 1984، دار النهضة العربية، القاهرة، ص:453.

 

[96] – محمد بوشيبة، صياغة شرط التحكيم في عقود الاستثمار بين القواعد الخاصة التقليدية والقواعد الحديثة، الندوة الجهوية الرابعة، محكمة الاستئناف التجارية، الدار البيضاء 18-19 أبريل 2007 في "قضايا الاستثمار والتحكيم من خلال توجهات المجلس الأعلى" ، مطبعة الأمنية، الرباط 2007، ص:90.

 

[97] Jean Robert, « Le juge et l’arbitrage » Rev, Arb, 1980, p :233.

 

[98]– Georges Deloume, « Le centre international pour le règlement des différentes relatifs aux investissements (C.I.R.D.I) 1982, p :775.

 

[99] – أحمد السيد صاوي، مدى سلطة هيئة التحكيم في اتخاذ تدابير، مقال منشور في الموقع الإلكتروني الآتي:www.alassy.net  تاريخ الولوج: 12-09-2009.

 

 

[100] – عبد للطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق،ص: 352.

  – أنظر كذلك أحمد أبو الوفاء، التحكيم الاختياري والإجباري، منشأة المعارف الإسكندرية الطبعة الثالثة 1987،مرجع سابق، ص: 323.

 

[101] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية  والتحفيظية في المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم، مرجع سابق، ص 18.

 

[102] – الفصول 148 إلى 154 من قانون المسطرة المدنية.

 

[103] – فاطمة الدحاني، دور رئيس المحكمة في التحكيم الداخلي بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وجدة البحث والتكوين، أنظمة التحكيم، كلية الحقوق جامعة محمد الخامس السويسي سلا، السنة الجامعية 2006-2007، ص: 52- 53.

 

[104] – عزمي عبد الفتاح، سلطة المحكمين في تقسيم وتصحيح أحكامه، مجلة الحقوق الكويتية العدد الرابع ديسمبر 1984، ص: 113.

 

[105] – امعمر نعمان النظاري، مرجع سابق، ص: 83.

 

[106] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، مرجع سابق، ص: 18.

 – عاشور مبروك، مرجع سابق ، ص: 281.

 

[107] – معتز نابغ كنعان، دراسة في أحكام القرارات المستعجلة والوقتية في النزاعات المعروضة على التحكيم وفق أحكام قانون التحكم الأردني رقم 31 سنة 2001 مقال منشور في الموقع الإلكتروني: www.droitcivil.over.blog.com  بتاريخ 12-09-2009.

 

[108] –  سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص: 98.

 

[109] –  ناريمان عبد القادر، مرجع سابق، ص: 291.

 

[110] – عبد اللطيف مشبال، الإجراءات الوقتية والتحفظية والتحكيم التجاري الدولي، ندوة التحكيم الدولي التي نظمت بمدينة الدار البيضاء يومي 3 و 4 مارس 2004، دفاتر المجلس الأعلى العدد 6،مرجع سابق،ص 148.

 

[111] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، ،مرجع سابق، ص: 23.

 

[112] – منير عبد المجيد، مرجع سابق، ص: 164.

 

[113] – سيد أحمد محمود أحمد، مرجع سابق، ص: 100.

 

[114] – عبد اللطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص: 358.

 – منير عبد المجيد، مرجع سابق، ص: 149.

 

[115] – خليل عمر غصن،مرجع سابق ، ص: 119.

 

 

[116] – أحمد شكري السباعي، التحكيم التجاري في النظام القانوني المغربي مجلة دفاتر مجلس الأعلى عدد 2، سنة 2002، ص: 225.

 

[117] – عبد اللطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص: 352.

 

[118] – عبد اللطيف مشيال، القاضي الوطني التجاري الدولي، مرجع سابق، ص: 350- 351.

  – بحار عبد الرحيم،مرجع سابق، ص: 326- 327.

 

[119] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم،  مرجع سابق، ص: 46.

 

[120] – معمر نعمان محمد النظاري، مرجع سابق، ص: 82.

 

[121] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، مرجع سابق، ص: 47.

 

[122] – عبد اللطيف مشبال، القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي،مرجع سابق، ص: 354- 355.

 

[123] – Cass.Cass, 18 novembre 1986.

أشارت إليه حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم ،مرجع سابق، ص: 40.

 

[124] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 07 الصادر بتاريخ 07-11-2000 في الملف رقم 1387/1999 والمنشور في كتاب، عبد العالي العضروي، أحدث دليل تطبيقي للقضاء الاستعجالي المغربي في المادة التجارية الطبعة الأولى 2001.

 

[125] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 503 الصادر بتاريخ 27-03-2008 رقم الملف 41/2008،قرار غير منشور.

 

[126] – قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 1905 في الملف 47342أشار إليه عبد اللطيف مشبال القاضي الوطني والتحكيم التجار الدولي،مرجع سابق،ص:353

 

[127] – قرار محكمة الاستئناف بالبيضاء عدد 1177/95 بتاريخ 18-1-1996، ملف تجاري أشار إليه أمحمد الفروجي، التاجر، وقانون التجارة بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 1418-1997، ص: 356.

 

[128] – قرار محكمة التمييز الكويتية عدد 1905 في ملف رقم 47342 أشار إليه عبد الله درميش التحكيم الدولي في المواد التجارية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 1982-1483، ص: 227.

 

[129] – استئناف مختلط رقم 218 الصادر بتاريخ 22/4/1988، أورده عمر لاسكرومي المرابط سلطة القاضي على المقررات التحكمية ومساطرها، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين قانون التجارة والأعمال جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، السنة الجامعية 2003-2004، ص: 45

 

[130] – نقض مدني فرنسي 7-6-1979 و 9-7-1997 أشار إليه مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال، مرجع سابق، ص : 203.

 

[131] – نقض مدني فرنسي 9-8-1979، مصطفى محمد الجمال وعكاشة عبد العال، مرجع سابق، ص: 203.

 

[132] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الاجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم، مرجع سابق، ص: 19-20.

 

[133] Cass.Sivl . 14 mars 1984, Rev. Arb 1985, p 69 not,philippe fouchard.Gallard Bernard.Goldman, traité de l’arbitrage commercial international, litec, 1996, N° 1330. p : 66.

 

[134] – حكم تحكيمي داخلي عدد 181 الصادر بتاريخ 12-12-2005 من المركز التحكم المحلي والدولي " الإنصاف" منشور في الوجيز في الاجراءات التحكمية والصلحية لفظا ومدلولا، بحوث ودراسات، ص: 292.

 

[135] – عبد العزيز حضري،مرجع سابق، ص: 56.

 

[136] – خديجة فكاك، مرجع سابق، ص: 47.

 

[137] – أمعمر نعمان محمد النظاري، مرجع سابق، ص: 3- 4.

 

[138] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكم، مرجع سابق، ص: 24.

 

[139]– Philippe fouchard, Gallard.B Goldman , traité de l’arbitrage commercial international, litec, 1996, N° 1330, p 736.

 

[140] – عبد اللطيف مشبال، الإجراءات الوقتية والتحفظية في التحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص: 168.

 

[141] – وفي هذا الإطار حكم لقاضي الأمور المستعجلة في بيروت رقم 443، الصادر بتاريخ 12 نونبر 2002 حيث جاء فيه " وحيث من المعلوم أن القرارات التي يصدرها قاضي الأمور المستعجلة هي قرارات مؤقتة ولا تتمتع بحجة القضية المحكوم بها و هذه الصفة لا تلزم أو يمكن تعديله من قبل من ينظرها بالأساس سواء أكان محكمة الأساس محكما اتفق عليه في العقد وهي بالتالي لا تتناقض مع إرادة  الفرقاء بإخضاع نزاعاتهم للتحكيم " منشور في المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي 2004 العدد الثلاثون ص: 59.

 

[142] – معتز نابغ كنعان، مرجع سابق، مقال ، منشور في الموقع الالكتروني الأتي:

civil.over-blog.com www.droit، تاريخ الولوج: 12-09-2009.

 

 

[143] – خديجة فكاك، مرجع سابق، ص: 49.

 

[144] كم كنا نتمنى أن يحذوا المشرع المغربي حذوا باقي التشريعات المقارنة في اشتراطه ضرورة تقديم ضمانة لكفالة الإجراء المؤقت، خصوصا أنه جاء بتعديل حديث للباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية بمقتضى القانون رقم 05- 08.

 

[145] – يونس الزهري، مسطرة وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل القضائي مجلة محاكمة العدد 2 مارس/ ماي / 2007، ص: 81.

 

[146] – Jolivet les mesures provisoires dans l’arbitrage commercial : Evaluations, lite

 2007 p : 43.

 

[147] – المادة 24/ 2 من القانون المصري حيث تنص " يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم بناء على طلب أحدهما أن تأمر أي منهما باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة وتحفظية تقتضيها طبيعة النزاع أو أن تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدابير التي تأمر به."

 

[148] – خديجة فكاك، مرجع سابق، ص: 39.

 

[149] Mendez (F.R), l’arbitrage international et les mesures conservatoires  Rev.Arb.Op.Cit. p : 67.

 

[150] – حفيظة السيد الحداد، مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم ، مرجع سابق، ص: 242.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى