“سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بيـن الإشهـار العقاري و التخطيـط الاجتماعي الاقتصادي”
إن موضـوع التقرير ينصب على رسالـة محمد بن الحاج السلمي المتعلقة " بسياسة التحفيظ العقاري في المغرب بيـن الإشهـار العقاري و التخطيـط الاجتماعي الاقتصادي " وهذه الرسالـة نشرت في سنـة 2002 بعد تنقيحها و تحيينها، وقد نوقشت هذه الرسالة في سنة 1978، والتي قدمـت لنيل دبلوم السلك العالي من المدرسة الوطنية للإدارة العمومية.
وسنحاول في هذا التقرير أن نبرز أهم الإشكاليات التي طرحها الباحث في رسالته وكيفية معالجته لها و الاستنتاجات التي توصل إليها و الحلول التـي اقترحها لمعالجتها وذلك في مبحث أول ، على أن نخصص المبحث الثانـي لتقييم الاستنتاجات التي توصل إليها و الحلول التي اقترحها.
المبحث الأول: الإشكاليات المطروحة في الرسالة وكيفية معالجتها:
لقد اعتمد الباحث في رسالته من جهة على أسلوب تحليلي لبعـض فصول ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بنظام التحفيظ العقاري ، وكذا بعض فصول ظهير 2 يونيو 1915 المحـدد للتشـريع المطـبق على العقارات المحفظـة خصوصا في القسم الأول من هذا الكتاب. كما اعتمد مـن جهـة أخرى على أسلوب آخر ارتكز أساسا على إبراز المكاسب الاجتماعية و الاقتصادية التي يحققـها نظام التحفيظ العقاري ، مع إثارتـه لأهـم الإشكاليات التي تعتري تحقيق الأهداف المنوطة بهذا النظام ، كما عزز رسالتـه بكثير مـن الأحكام و الاجتهادات القضائية في الميدان العقاري ،هذا ولم يهمـل الباحـث جانب الدراسة المقارنة وذلك على سبيـل الاستئناس لإيجاد حلول لبعـض المشاكل التي يثيرها هذا النظام في بلادنا.
لقد طرح الباحث في كتابه عدة إشكاليات حاول الإجابة عنها و أهمها:
– مدى مطابقة مسطرة التحفيظ العقاري للواقع الاجتماعي للمغرب؟
– ما هي طبيعـة قرارات التحفيظ على اعتبار أنـها غير خاضعة لمراقبة المشروعية من طرف المجلس الأعلى و غير قابلة للطعن و لأنها غير معللة؟
– ما هي الأهداف القانونيـة و الاجتماعيـة و الاقتصاديـة و مدى تحققها و الوسائل المستعملة في سبيل ذلك؟
– هل يمكن الحديث عـن سياسـة تخطيطيـة في هذا المـجال في غياب مجموعة من العناصر الأساسية ( كالتعميم و الإجبارية و غياب بنك معطياتي عقاري و سجل هندسي وطني….)
لقد أشار الباحث إلى المنهجية التي اتبعها في بحثه لمعالجة هذه الإشكاليات حيث ورد في مقدمـة رسالتـه ما يلي :« …وذلك مـن خلال تحديد إطار التطور التاريخي للنظام العقاري المغربي ( باب تمهيدي).
بعد ذلك ستنصب دراستـنا هذه من الوجهـة القانونيـة على تحليل نـظام السجلات العقارية أو التحفيظ كتقنية قانونية للإشهار العقاري ( القسم الأول)، حيث سندرس مسطرة التحفيـظ ( في باب أول) و التقييدات ( في باب ثاني) متعرضين من خلالهما لأهم مبادئ النظام و آثاره و مشاكله العملية الأساسية، وذلك دون الدخول في جزئياته من جهة نظر القانون الخاص المحضـة، لكن مع الإشارة إلى بعض الاجتهادات القضائيـة وبعض المقارنات مـع بعـض الأنظمة المعمول بها في دول أخرى.
أما من حيث علاقـة التحفيـظ العقاري بالتخطيـط الاجتماعي الاقتصادي ( القسم الثاني) فإننا سنحاول ( في باب أول) أن نبرز أهم الأهداف القانونيـة و الاجتماعية الاقتصاديـة للتحفـيظ، وتقييم النتائج المحصل عليـها في هذا المجال، ( وفي باب ثاني) أن نتلمـس ضرورات أو مستلزمات التخطيط في هذا الميدان، وذلك حتى نستطيع أخيرا أن نرسم آفاق سياسة واقعيـة في هذا المجال.»
إذن التقسيم الذي اعتمده المؤلف في بحثـه هو كالتالي:
– باب تمهيدي: إطار التطور التاريخي للنظام العقاري المغربي.
– القسم الأول: تقنية قانونية للإشهار العقاري.
– القسم الثاني: التحفيظ العقاري و التخطيط الاجتماعي – الاقتصادي.
وعند تحليل جميع هذه العناصر توصل الباحث إلى الاستنتاجات التاليــة:
+ أن تقنيات نظام الإشهار العقاري الحالي غير مطابقة للواقع الاجتماعي و المفاهيم الاجتماعية للمستفيدين منـه ، وان هذه التقنيات معقدة جدا ومتعددة ومتشعبة، وتستغرق وقتا طويلا يضيع إمكانيات ومجهودات بشريـة وماليـة ضخمة ينبغي استغلالها بكيفية منظمة و معقلنة.
+ أن قرار التحفيظ قد يكون في حالات معينة قرارا تعسفيا غير مشروع ويضفي الشرعية على حقوق غير مشروعة.
+ أن قرار التحفيظ حسب الاجتهاد القضائي هـو قرار إداري من حيـث السلطة المختصة بإصداره رغم انه يفصل في قضايا ذات مصلحة خاصة من حيث مادتـه وموضوعـه.
+ تعدد الآجال التي تعتمد عليها المسطرة و عدم احترامها في كثير مـن الحالات لا يزيد سوى من تعقيد هذه المسطرة و يطيل حتما من عمرها الأمر الذي يجب أن يعمل على تلافيه.
+ التأكيد على مدى خطورة التعقيد الذي تخلقه المشاكل الناتجة عن إهمال التقييدات و عدم احترام اجباريتها و الذي يؤدي إلى ضياع كثير من الحقـوق و تأرجحها على الأقل بين وجودها الفعلي و انعدامها القانوني.
+ نظام التحفيـظ العقاري يشكل بحد ذاته سياسة تهدف إلى القضاء على مفهوم الملكية الإسلامي أو التقليدي و على الملكية الجماعية ، و إلى محاولة التحكـم في الأنظمـة المتعدد و المتشعبـة التي تطبـع الملكية العقارية في المغرب، وتطويرها لأجل فسـح المجال لإرساء أسس الملكيـة الخاصـة بالمفهوم العصري.
+ أن المغرب لا زال بعيدا عن أن يحقق أرضيـة قانونية هندسية صلبة للملكية العقاريـة على مستوى شمولي و على صعيد الاستقرار العقاري العام قصـد قطـع الطريق في وجـه الاغتصاب و السطو و العمليات العقاريـة اللامشروعة ( المغرب لم يحقق هذا الهدف الذي هو خلق هذه الأرضية رغم انه وضع رهن إشارة الملاكين و مؤسسات السلف و الدولة رسوما تشكل بحد ذاتها دليلا كافيا و قاطعا لحق الملكية و الحقوق العينية و التحملات العقاريـة المتعلقة بالعقار المحفظ و تطلع الكل بكيفيـة سهلـة و بسيطة على وضعيته القانونية و المادية).
+ إن هدف توحيد الأنظمة العقارية التي يسعى نظام التحفيظ العقاري إلى إقراره يظل بعيد المنال لأنه مرتبط بتعميم التحفيظ.
+ لا يمكن للسجلات العقارية أن تلعب وحدها دورا فعالا في تنمية السلف الرهني إن لم تكن الشروط الاقتصادية المتعلقـة مباشرة بالقرض في متناول الجميع.
+ التحفيظ الإجمالي أو الجماعي يشكل خطوة عملاقة نحو تعميم التحفيظ ويشكل أساسا قاعديا للتخطيط المعقلن و المحكـم في هذا الميدان.
+ التخطيط بدون معرفة كافيـة تامـة بالواقـع العقاري و بدون توضيح لوضعيته على المستوى الشمولي و بدون أرضية قانونية هندسيـة صلبة غير ممكن و سيكون بدون جدوى.
+ إن اختيارية النظام تشكل عائقا كبيرا في وجه وضع سياسة تخطيطية واضحة المعالم و الأهداف و الوسائل في هذا الميدان.
واقترح الباحث بعض الحلول لهذه الإشكاليات ومنها:
+ إعادة النظر في تقنيات نظام التحفيظ الأساسيـة و تبسيطـها و جعلها أكثر مطابقة و أكثر ملاءمـة مع الواقـع الاجتماعي للمستفيدين منـه و مفاهيمهم الاجتماعية و إمكانياتهم الثقافية و المادية ن جهة ، ومن جهـة أخرى ، على ضرورة إعادة النظر في مبادئـه الرئيسـة حتى يصبـح في مقدورها حصر إمكانية هدر الحقوق المشروعة في حد أدنى ما يمكـن، و بالتالي عدم إصباغ المشروعية و عدم الاعتراف سوى بالحقوق المشروعة فعلا و تمتعها وحدها بحماية الدولة
+ جعل التعويـض مـن طرف الدولـة في كل الحالات سواء كان هناك تدليس أم لا ولا يخشى في هذه الحالـة إعسار الطرف الآخر مادام بامكانـه متابعة صندوق التامين في كل الحالات.
+ جعل التحفيظ قضائيا وخلق جهاز قضائي خاص بالتحفيظ.