بحوث قانونية

عقد النقل الجوي للركاب


 

مقدمة

 

يعتبر النقل الجوي الوسيلة الأسرع للربط بين الدول والقارات بحيث ساهم في ازدهار التجارة والتقاء الحضاري بين الشعوب، في وقت أصبح فيه العالم يقاس بتطور النقل الجوي وانتشار شبكة الخطوط الجوية المنتظمة لتغطي كل بقعة في اليابسة في زمن أصبحت السرعة سمته البارزة.

ولقد حلم الإنسان بركوب الفضاء من أزمنة سحيقة، ويقال أن أول محاولات تحقيق ذلك الحلم, ترجع إلى كل من أبي القاسم العباس بن فارناس وأبي نصر اسماعيل بن حماد، المعروف بالجوهري، اللذان حاولا الطيران بأجنحة من القماش في سماء قرطبة في القرنين  3 و4 للهجرة. وعلى هذا الأساس استمرت المحاولات وتعددت الدراسات في هذا المجال.

وفي أول القرن العشرين تمكن العالم أوريتaurhyte  من التحليق بطائرته تم جاء من بعده العالم السويسري أوسكار ييديهauscare yedehe  سنة 1913 فحلق بطائرته من سويسرا إلى إيطاليا.

لذا اتجهت الدول غذت ظهور الطائرات إلى تنظيم حركتها واستعمالها وما ينجم عنها من وقائع أو علاقات قانونية في معاهدات دولية، فاتخذ القانون الجوي دوليا كان أم وطنيا طباعاً لائحيا أمراً، لم يترك للمشرع الوطني الحرية الكاملة في سن التشريعات المنظمة لحركة واستعمال هذه الوسيلة، بل تدخلت المعاهدات الدولية واتفاقيات الثنائية لوضع قواعد تكفل سلامة الركاب والأمتعة، وكان المغرب سباقا إلى المصادقة على هذه المعاهدات واتفاقيات وذلك حماية للراكب سواء على مستوى الداخلي أو الخارجي .

تختلف القواعد القانونية التي تحكم النقل الجوي باختلاف النطاق الجغرافي للرحلة الجوية، فهناك النقل الجوي الدولي التي تسري عليه الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها المغرب  و لقد أشار المشرع المغربي إلى هذا النوع من النقل في الفقرة  الاولى من الفصل 214 من المرسوم الملاحة لبجوية المدنية المغربية[1]، الذي جاء فيه لأن الاتفاقيات الدولية مسؤولية مقاولات النقل العمومي بالطائرة مغربية أو الاجنبية وكذا مسؤولية كل مستغل للطائرة، إذا تعلق الامر بنقل دولي، فإن منظم بموجب الاتفاقيات الدولية الجاري بها العمل في المغرب.

وما تجدر الإشارة إليه أن المملكة المغربية قد انضمت إلى بعض الاتفاقيات ولم تنظم إلى بعض الاخر،  فالاتفاقيات التي انضمت إليها:

1)        الإتفاقية وارسو لعام 1929 والتي تم تعدليها عدة مرات حتى العام 1999.

2)        اتفاقية شيكاغو 1944 التي دخلت حيز التنفيد في 13 نوفمبر 1956 .

3)        اتفاقية فارسوفيا لعام 1929 التي دخلت حيز التنفيد في 5 يناير 1958.

4)        اتفاقية روما لعام 1952 بشأن الأضرار التي تصيب السطح.

4( اتفاقية لاهاي في 16 ديسمبر 1971 بشأن قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد من الطيران المدني التي دخلت حيز التنفيد في 12 سبتمبر 1974.

(5 اتفاقية مونتريال 1991 بشأن الكشف عن المتفجرات البلاستيكية وقد تم تعديلها في 28/ماي/1999 وذالك لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي الدولي للاشخاص و الامتعة أو البضائع، دخلت حيز التنفيد في 42003/11/  وصادق عليها المغرب في 2010.

وتعد  اتفاقية مونتريال  الوعاء الذي وحد  وطور عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات  والتي كان موضوعها الأساسي مسؤولية الناقل الجوي، حيث جمعت هذه الاتفاقية وطورت أحكام اتفاقية وارسوا 1929  وتعديلاتها في كل من لاهاي 1955 ومونتريال 1966 وجواتيمالا 1971 وبروتوكولات مونتريال 1975  رقم 1 ورقم 2 ورقم 3،  كما أدرجت ضمن أحكامها اتفاقية جوادلاخارا 1961 والتي كان موضوعها مسؤولية النقل المتتابع بين أكثر من ناقل .

كما نظم المشرع المغربي أحكام عقد النقل الجوي في مرسوم الملاحة الجوية المدنية  كما وقع تغييره وتتميمه، و قد أشار الى ذالك في الفصل 127 من نفس المرسوم ، و تنص الفقرة الثانية من الفصل 214 من المرسوم على أنه عند عدم وجود اتفاقية دولية سارية المفعول، فان مسؤولية الاشخاص المشار اليهم في الفقرة السابقة فيما يتعلق بالاضرار و الحوادث الحاصلة بالمغرب تنظم بموجب هذا المرسوم و كل القوانين المغربية الاخرى القابلة للتطبيق.

و نص عليه في مدونة التجارة المغربية [2] بصفة عامة ضمن الكتاب الاول في القسم الثاني بالمادة 6 البند 6، و بصفة خاصة بنفس الكتاب و القسم في المادة 7 "تكتسب صفة تاجر ايضا بالممارسة الاعتيادية او الاحترافية للانشطة التالية:

1-     كل عملية تتعلق بالسفن و الطائرات و توابعها.

2- كل عملية ترتبط باستغلال السفن و الطائرات و بالتجارة البحريى و الجوية."

كما نصت عليه في  القسم السادس من الكتاب الرابع  من المادة 443 إلى 486 على عقد النقل لكن لم تحدد لنا ما نوعه.

وتكمن أهمية هدا الموضوع في حماية ضحايا الوقائع المادية أو أطراف العلاقات القانونية الناشئة عن استعمال هذه الطائرة واستغلالها و أهمها حماية الطرف الضعيف في هذه العلاقة ألا و هو  الراكب.

ومن هنا يجدر بنا التساؤل إلى أي حد ساهم المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات واتفاقيات الدولية والمعاهدات على حماية الراكب؟

وما مدى مسؤولية الناقل الجوي وهل من إعفاءات في حالة إخلاله بالتزاماته؟

وللإجابة على هذه التساؤلات، سوف نتبع المنهج التحليلي الثنائي من خلال تقسيمنا لهذا الموضوع إلى فصلين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التصميم المعتمد:

مقدمة :

الفصل الأول: الإطار العام لعقد النقل الجوي للركاب

المبحث الأول:ماهية عقد النقل الجوي للركاب

المطلب الأول: تعريف و خصائص عقد النقل الجوي للركاب

الفقرة الأولى: تعريف عقد النقل الجوي للركاب

الفقرة الثانية: خصائص عقد النقل الجوي للركاب

المطلب الثاني: إثبات عقد النقل الجوي و حجيته

الفقرة الأولى: إثبات عقد النقل الجوي

الفقرة الثانية : حجية عقد النقل الجوي

المبحث الثاني: أنواع عقد النقل الجوي للركاب

المطلب الأول: عقد النقل الجو ي الدولي للركاب

الفقرة الأولى: تعريف عقد النقل الجوي الدولي

الفقرة الثانية: النقل الجوي الدولي  الخاضع لاتفاقية فارسوفيا وغير الخاضع لها

المطلب الثاني: عقد النقل الجوي الداخلي للركاب

الفقرة الأولى: تعريف النقل الجوي الداخلي

الفقرة الثانية: القانون الوطني المطبق على النقل الجوي الداخلي بالمغرب

الفصل الثاني: آثار عقد النقل الجوي للركاب

المبحث الأول: التزامات أطراف عقد النقل الجوي للركاب

المطلب الأول: التزامات الناقل الجوي

الفقرة الأولى: نقل الراكب و أمتعته

الفقرة الثانية: المحافظة على سلامة الركب

المطلب الثاني: التزامات الراكب

 الفقرة الأولى: التزام بدفع الأجرة

الفقرة الثانية: إتباع تعليمات الناقل

المبحث الثاني: مسؤولية الناقل الجوي للركاب وحالات الإعفاء منها

المطلب الأولى:مسؤولية الناقل الجوي للركاب

الفقرة الأولى: أساس مسؤولية الناقل الجوي

الفقرة الثانية : شروط مسؤولية الناقل الجوي و حالاتها

المطلب الثاني: حالات الإعفاء من مسؤولية الناقل الجوي

الفقرة الأولى: الإعفاءات القانونية

الفقرة الثانية: الإعفاءات الاتفاقية

 

خاتمة :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول

الإطار العام لعقد النقل الجوي للركاب

سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين، المبحث الأول نتناول فيه ماهية عقد النقل الجوي وذلك من خلال تعريفه وخصائصه (مطلب أول) واثبات عقد النقل الجوي و حجيته في (مطلب ثاني) أما المبحث الثاني نخصصه لأنواع النقل الجوي ففي (مطلب أول) نتحدث عن  النقل الجوي الداخلي للركاب اما في (مطلب ثاني) نخصصه للنقل الجوي الداخلي للركاب.

المبحث الأول

ماهية عقد النقل الجوي

سنعالج ضمن هذا المبحث تعريف وخصائص عقد النقل الجوي للركاب (مطلب أول) على أن نخصص (المطلب الثاني) اثبات عقد النقل الجوي و حجيته.

المطلب الأول: تعريف وخصائص عقد النقل الجوي للركاب

سنتناول فيه تعريف النقل الجوي  في فقرة أولى وخصائصه  في فقرة  ثانية.

الفقرة الأولى: تعريف عقد النقل الجوي

لا يختلف عقد النقل الجوي عن غيره من عقود النقل الأخرى، وبالتالي عرفه الفقه العربي بكونه "أنه اتفاق بين طرفين أحدهما الناقل الآخر، إما الراكب أو الشاحن يتعهد فيه الناقل بنقل الركاب أو بنقل بضاعته من نقطة القيام إلى نقطة الوصول بواسطة الطائرة خلال مدة لقاء أجر محدد"، أما المشرع المغربي لم يعرف عقد النقل الجوي بالمفهوم الدقيق و انما عرف عقد النقل في المادة 443 من مدونة التجارة كما يلي "عقد النقل اتفاق يتعهد بمقتضاه الناقل مقابل ثمن بأن ينقل شخصا أو شيئا الى مكان معين، مع مراعاة مقتضيات النصوص الخاصة في مادة النقل و الاتفاقيات الدولية التي تعد المملكة المغربية طرفا فيها.

تسري على عقد النقل كل من القواعد العامة المتلقة بعقد اجازة الصنعة و المقتضيات الاتية."

فمن خلال هذا التعريف نلاحظ ان عقد النقل هو :

 ذلك العقد الذي يتجه فيه الناقل إلى نقل البضائع بثمن محدد خلال مدة معينة.-1

 – هو ذالك الاتفاق الذي يلتزم فيه الناقل بنقل الاشخاص بمقابل محدد خلال مدة معينة.2

 كما عرفته المادة 353 من قانون المعاملات التجارية الإماراتية "نقل الأشخاص والأمتعة والبضائع بالطائرات مقابل أجر"[3].

وهكذا يمكن القول بأن عقد النقل الجوي هو الاتفاق الذي يبرم بين المسافر أو مرسل البضاعة أو نقل البضاعة بطائرة من مكان القيام الى مكان الوصول مقابل اجر.

  ويجب أن يتوافر في هذا العقد أركانه من الأهلية و الرضا والمحل والسبب وفق القواعد العامة وإلا كان العقد باطلا[4].

اما من حيث الشكلية فالكتابة تعد شرطا من شروط الاثبات عقد النقل الجوي، وذالك يتمثل في  التذكرة الممنوحة من طرف الناقل، و التي تعد من أحد التزامات التي تقع على عاتقه تجاه الراكب.

الفقرة الثانية: خصائص عقد لنقل الجوي للركاب

يتميز عقد النقل الجوي بأنه عقد رضائي غير أن رضائية هذا العقد لا تمنع من اعتباره من عقود الإذعان و قائم على الاعتبار الشخصي فلا خلاف على أنه تجاري ونوضح هذه الأمور تباعا.

1-                   الرضائية:

يعتبر عقد النقل الجوي من العقود الرضائية التي يتم انعقادها بمجرد تلاقي القبول والإيجاب وتطابقها سواء كان عقد نقل أشخاص أو بضائع، ويتفق الفقه على عدم توقف انعقاد العقد على تسليم تذكرة السفر للمسافر أو على تسليم البضاعة للناقل، وهذا ما أكدته  المادة 3/2 من اتفاقية وارسوا لسنة 1929 بما تنص عليه من أنه "لا يؤثر على قيام عقد النقل أو على صحة عدم وجود التذكرة أو خطاب نقل البضاعة، أو عدم صحتها أو ضياعها بل يظل العقد صحيحا وخاضعا لأحكام هذه الاتفاقية"، اذن فدور هذه الوثيقة ينحصر في كونها أداة لإثبات العقد ومضمونه.

2-                   الإذعان:

يعتبر عقد النقل الجوي من عقود الإذعان إذ أن شركات النقل الجوي، على حد تعبير محكمة الاستئناف القاهرة في حكمها الصادر في الحادي والعشرين من مايو 1957 "تعرض شروطها المطبوعة على كافة وهي الشروط واحدة ولا تقبل مناقشة فيها فلا يسع الراكب إلا أن يقبل…تلك الشروط… حتى لا يحرم نفسه من استعمال مرفق من المرافق العامة ولابد له من النقل والسفر ولذلك يكن القبول في هذه الحالة إذعانا…. [5].

بل إن الغالب أن المسافر أو مرسل البضاعة لا يعلم بشروط النقل إلا بعد تسلمه تذكرة[6] السفر أو خطاب نقل البضاعة وقد لا يتلفت إليها أصلا ولهذا فقد اتجهت بعض أحكام القضاء في العديد من الدول إلى حماية المسافرين من تعسف شركات الطيران وذلك بالتشدد في تطبيق بعض الشروط التي تضعها هذه الأخيرة.

إلا أنه لا يجرد العقد من طبيعة الرضائية نظرا لأن المساواة المطلقة بين المتعاقدين يكاد يكون أمرا مستحيلا فأحد الأطراف في مركز ضعيف )الراكب( لا يخوله الوقوف على قدم المساواة مع الطرف الآخر )الناقل ( ورغم وضوح صفة الإذعان في عقد النقل الجوي إلا أنه كغيره من العقود يتم انعقاده بمجرد تلاقي الإرادتين وتطابقهما.

 

 

3-              الاعتبار الشخصي لعقد النقل الجوي

يعد عقد النقل الجوي للركاب من العقود ذات الاعتبار الشخصي، فتذكرة السفر شخصية و لا يجوز لغير من ورد اسمه بها أن يستعملها و لا يجوز للمسافر أن يتنازل عنها للغير.

4-              الصفة التجارية لعقد النقل الجوي

وفقا للمادة السادسة و السابعة و المادة الثامنة من مدونة التجارية تعتبر الأعمال المتعلقة بالنقل أعمالا تجارية ويأتي النقل الجوي بطبيعة الحال، على قائمة هذه الأعمال ولهذا يتفق الفقه على اعتباره عملا تجاريا ولو وقع مرة واحدة، وإن كان الغالب ان يمارسه ناقل محترف.

أما بالنسبة للمسافر فالأمر يختلف بحيث لا يكون النقل تجاريا بالنسبة له إلا إذا كان تاجرا وتعلق النقل بتجارته وكما هو معلوم فإنه يترتب على اعتبار الأقل تجاريا ذات الآثار الخاصة بالعمل التجاري من قواعد خاصة بالالتزامات التجارية كالتضامن والفوائد والإثبات وغير ذلك[7].

المطلب الثاني: إثبات عقد النقل الجوي و حجيته

سوف نقسم هذا المطلب الى فقرتين،  نتناول إثبات عقد النقل الجوي في االفقرة الأولى و حجيته في الفقرة التانية.

الفقرة الأولى: إثبات عقد النقل الجوي

رأينا أن عقد النقل الجوي يعد من العقود الرضائية و من العقود التجارية دائما بالنسبة للناقل، فالقاعدة اذا أن يتم اثباته بكافة طرق الاثبات بما فيها البينة و القرائن، و على ذالك يجوزللمسافر أو الشاحن أن يثبت هذا العقد في مواجهة الناقل بكافة طرق الاثبات تطبيقا لمبدأ حرية الاثبات في المواد التجارية، أما اذا كان عقد النقل الجوي مدنيا بالنسبة للراكب أو الشاحن فلا يستطيع الناقل اثبات العقد في مواجتهم الا بالكتابة

لكن الكتابة فيما يتعلق بعقد النقل تحتملها الضرورات التي تحيط بعملية النقل دائما، ذالك أن الاثبات بالنسبة لهذا العقد تصل الى درجة من الأهمية لا تصل اليه من العقود الأخرى إذ يتضمن العقد بيانات هامة متعلقة بممواعيد القيام و الوصول و محطات الهبوط و تعليمات الناقل و هذا ماسوف نتطرق إليه من بعد. [8]

وثائق عقد النقل الجوي :

يلتزم الناقل بيسليم ذوي الشأن و ثائق النقل التي نصت عليها الإتفاقية وارسو  وخصتها بتنظيم متكامل ، وهي تذكرة السفر وإستمارة الأمتعة بالنسبة لنقل الركاب ، وخطاب النقل الجوي بالنسبة لنقل البضاعة.

1- تذكرة السفر:
تلزم إتفاقية وارسو الناقل الجوي،  بإستخراج تذكرة سفر للراكب و تسليمها إلية ويفي الناقل بهذا الإلتزام،  من ثم فلا مسؤولية عليه تجاه المسافر، و لو قام بتسليم التذكرة لممثل هذا الأخيرأو لمن إبتاعها لحسابه، أو بتسليمها لممثل المجموعة التي تنوي السفر وذالك في الرحلات الجماعية .
ويجب وفقا لنص المادة الثالثةمن الفقرة أولى من الإتفاقية ، أن تشمل تذكرة السفرعلى البيانات الآتية
ـ مكان وتاريخ إصدارها .
ـ نقطتا القيام والوصول ,ويفيد هذا البيات مدى معرفة مدى إنطباق معاهدة وارسو على عقد النقل دوليا.
ـ المحطات المنصوص عليها مع الإحتفاظ للناقل بحقه في النص على إمكان تعديلها عند الضرورة و ذالك دون أن يؤدي هذا التعديل إلى زوال الصفة الدولية للنقل .

ويلاحظ على هذا البيان، أنه تطبيق لما سبق أن قلنا بشأن الصفة الدولية للنقل تتحدد بما جاء في عقد النقل، و ليس بما تم تنفيده فعلا.

ـ إسم وعنوان الناقل أو الناقلين .
ـ النص على أن  النقل يخضع لنظام المسؤولية المقرر في إتفاقية وارسو .

و يترتب عن هذا البيان خضوع النقل الجوي لأحكام إتفاقية وارسو الخاصة بالمسؤولية حتى و لو لم تتوافر شروط إنطباقها قانونيا، كما تؤدي الى تطبيق أحكام اتفاقية من جانب القضاء إذا كانت لا تخالف نصوصا امرة في قوانبن هذه الدول، أو النظام العام فيها، اذ تعتبر أحكام معاهدة وارسو من الشروط الاتفاقية في العقد في هذه الحالة. [9]

وقد جاء بروتوكول لاهاي وعدل البيانات السالفة وحصرها في ثلاثة بيانات أولها ذكر نقطتي القيام والوصول، وثانيها انه اذا وقعت نقطتا القيام والوصول في اقليم الدولة المتعاقدة نفسها وكانت هناك محطة رسو جوي أو أكثر في اقليم دولة أخرى وجب ذكر إحدى هذه المحطات، وثالث هذه البيانات انه في حالة قيام المسافرين برحلة تقع فيها نقطة الوصول او احدى محطات الرسو في دولة أخرى غير دولة القيام فان النقل الجوي في هذه الحالة تنطبق عليه اتفاقية وارسو التي تضع حدا أقصى للتعويض المستحق في الاصابة بأذى بدني أو الوفاة، لا قدر الله

وقد عدل البروتوكول السالف الذكر الجزاء المقرر بموجب اتفاقية وارسومن حرمان الناقل من التمسك بالحد الأقصى للتعويض اذا ارتضى نقل الراكب دون تزويده بتذكرة السفر أو اذا لم تشمل التذكرة البيان الأخير. [10]

 أما منظمة النقل الجوي العالمية "أياتا" فرضت على جميع شركات الطيران في العالم إيقاف العمل بتذاكر الطيران الورقية (اليدوية والآلية) والعمل بالتذاكر الإلكترونية بنهاية أيار من العام 2008.

ـ إستمارة نقل الأمتعة2
الأمتعةعلى نوعين: أمتعة تكون بصحبة الراكب و يحتفظ بحراستها وحيازها ويطلق عليها إسم "حقائب اليد" وأمتعة بصحبة الراكب ولكنه يتخلص من حراستها بتسليمها إلى الناقل ، ويطلق عليها إسم " الأمتعة المسجلة " فإذا لم تكن هذه الأخيرة بصحبة الراكب وثم شحنها فإنها تعتبر من البضاعة ، وليست من الأمتعة المسجلة و بالتالي وتخضع للقواعد الخاصة بنقل البضاعة .

 ولقد إهتمت الإتفاقية والبروتوكولات المعدلة لها بالأمتعة المسجلة فقط وهي بصدد تنظيم

 وثائق النقل.
بيانات إستمارة الأمتعة في إتفاقية وارسو

الزمت اتفاقية وارسو الناقل اصدار إستمارة للأمتعة من نسختين ، إحداهما للراكب والأخرى يحتفظ بها الناقل ، ونصت على البيانات الإلزامية التي يجب أن تشتمل عليها الاستمارة  هي: 
مكان وتاريخ إدارها
نقطتا لقيام والوصول
إسم وعنوان الناقل أو الناقلين
 رقم تذكرة السفر

 النص على أن يكون تسليم الأمتعة إلى حامل الإستمارة

                                                           عدد الطرود ووزنها

مقدار القيمة المبينة في الإقرار بالتطبيق لأحكام الفقرة بالثانية من المادة 22 الخاصة بمقدار التعويض المستحق وحده الأقصى.

النص على أن النقل يخضع لنظام المسؤولية المقرر في هذه الإتفاقية.

أما اتفاقية مونتر يال الجديدة فقد اقتصدت كثيراً بالنسبة لاستمارة نقل الأمتعة، وذلك انسجاماً مع سهولة النقل الجوي ، وعدم ارهاق كاهل الناقل بمثل هذه البيانات ففي المادة 3 /3 نصَت على أنه" على الناقل أن يسلم بطاقة تعريف عن كل قطعة من الأمتعة "
وقد تضَمنت الشروط العامة للاياتا أحكام نقل أمتعة المسافر المسجلة في المادة 9منها والبيانات اللازم ذكرها في بطاقة الأمتعة، وقد أوضحت ضرورة نقل الأمتعة على نفس الطائرة ،التي تقل المسافر والا فيجب أن يتم النقل على أول طائرة تسبق أو تلحق الطائرة التي تنقل ،أو نقلت المسافر واستلزمت أن تكون هذه الأمتعة محكمة الربط والتغليف ،كما استبعدت من تعبير "الأمتعة" الأشياء الهشة أو القابلة للتلف ، وأوراق النقد والحلي والفضيات والقيم ، ونصَت شروط الاياتا على ألا تحتوي أمتعة المسافر على مواد متفجرة أو سوائل أو حيوانات حية ،بما فيها الطيور والزواحف الا اذا وافق عليها الناقل الجوي بشروط منفصلة. [11]

3- خطاب النقل الجوي

نصت إتفاقية وارسو في مادتها السادسة فقرة أولى " يعد المرسل منه خطاب النقل الجوي……..و يسلمه مع البضاعة".

هذا المستند يسمى (خطاب النقل الجوي) أو (بوليصة الشحن الجوي) ويجب على الراسل (شاحن البضائع) إعداده والتوقيع عليه وتقديمه مع البضائع للناقل الذى يقوم بالتوقيع عليه عند استلامه البضائع لنقلها بالطائرات من مطار القيام (الشحن)  إلى مطار الوصول لتسليمها للمرسل إليه.

أ  – نسخ الخطاب :

يتم إعداد هذا المستند من ثلاث نسخ أصلية هى :

§                      نسخة للراسل : وهى موقعه من الراسل ويقوم الناقل بالتوقيع عليها عند قبوله البضائع واستلامها لنقلها ويحتفظ بها الراسل (شاحن البضائع) .

§                      نسخة الناقل : وهى موقعة من الراسل و يوقع عليها الناقل عند قبوله واستلامه البضائع ويوقع المرسل إليه عليها عند استلامه البضائع ويحتفظ الناقل بهذه النسخة لنفسه.

§                      نسخة للمرسل إليه : وهى موقعه من الراسل والناقل الجوى بعد قبوله واستلامه البضائع لنقلها وترافق البضائع وتسلم للمرسل إليه عقب وصول البضائع إلى مطار الوصول لكى يتسلم البضائع وفقا لبنودها وبياناتها.

ب- بيانات الخطاب :

يتضمن خطاب النقل الجوى للبضائع العديد من البيانات الآتية :

1-              بيانات خاصة بالراسل لتبين اسمه وعنوانه

2-              بيانات خاصة بالناقل الجوي الذى استلم البضاعة والناقلين المتتابعين لنقل البضائع تبين أسمائهم وعناوينهم.

3-              بيانانت خاصة بالمرسل إليه لتبين اسمه وعنوانه للاتصال به عند وصول البضاعة إلى مطار الوصول لاستلام نسخة المستند ثم البضائع .

4-              بيانات خاصة بالبضائع لتبين نوعها وحجمها ووزنها وقيمتها وعدد طرودها أو بألاتها أو أوعية نقلها وحجمها ووزنها و طريقة تغليفها و علاماتها المميزة و أرقامها .

5-              بيانات خاصة بمطار الشحن ومطار الوصول وخط سير الرحلة وأي مطار متوسط للهبوط وأسباب ذلك عند الحاجة .

6-              بيانات خاصة بسعر النقل الجوى للبضائع لتبين مقدار السعر بالعملة الوطنية وطريقة الدفع وهل تم دفعه من الراسل أو سيتم تحصيله من المرسل إليه في مطار الوصول عند الاستلام.

7-                وقت النقل لبيان تاريخ استلام الناقل للبضائع والوقت المحدد أو الفترة المحددة لإتمام عملية النقل وتسليم البضائع للمرسل إليه في مطار الوصول. [12]

 

الفقرة الثانية : حجية عقد النقل الجوي

 

نصت إتفاقية وارسو و البروتوكولات المعدلة لها على أن يكون من تذكرة السفر و إستمارة الأمتعة  حجة من حيث إنعقاد عقد النقل الجوي و شروطه مالم يقم الدليل على عكس ذالك، بمعنى أن حجية هذين المستفيدين في الاثبات ليست قاطعة، بل هي قرينة بسيطة يجوزإثبات عكسها.

إما فيما يتعلق بخطاب نقل البضاعة، فلقد حددت المادة الحادية عشر من الإتفاقية وارسو قوته في الإتبات و حصرها في القاعتين التاليتين:

–                     القاعة الأولى :

و فيها وضعت الفقرة الأولى من المادة المذكورة المبدأ العام و الممثل في إعتبار خطاب النقل حجة فيما يتعلق بإبرام العقد و إستلام البضاعة و شروط النقل مالم يقم الدليل على عكس ذالك، و على من يدعي العكس، سواء كان الناقل أو الشاحن أن يثبت إدعائه بكافة طرق الإثبات.

– القاعة الثانية :

أما الفقرة الثانية من المادة الحادي عشر بينت نوعين من البيانات الخاصة بالبضاعة من حيث الحجية:

* النوع الأول : البيانات المثمثلة في وزن البضاعة و أبعادها و تغليفها و كذالك عدد الطرود و في هذه  الحالة  يعتبر الخطاب حجة مالم يقيم الدليل على عكس ذالك.

* النوع الثاني : البيانات المتمثلة بكمية البضاعة وحجمها وحالتها ، وهنا لا يحتج بالخطاب على الناقل مالم يكن قد تحقق بنفسه من صحتها بحضور المرسل منه وتم إثبات ذالك في خطاب النقل الجوي، أو إذا تعلق الأمر بالحالة الظاهرة للبضاعة.
ويلاحظ على القاعدة الثانية أنها تضع حلولا يناقض بعضها البعض الأخر، فهي تقرر حلا للبيان المتعلق "بعدد الطرود" يناقض الحل الخاص "بكمية البضاعة" فما المقصود إذا بالكمية ؟

 كما تضع حلا ببايان المتعلق " بأبعاد البضاعة " يناقص الحل المرصود للبيان الخاص "بحجم البضاعة" فما المقصود إدا بالحجم ؟ وكيف يمكن التوفيق بين هذه الحلول المتعارضة؟
يرى الأستاد رودبير Rodiere أن حل التناقض يمكن في تسليط الضوء على الشطر الأخيرمن الفقرة الثانية للمادة الحادية عشرة، والتي تنص على أن "البيانات الخاصة بالكمية والحجم والحالة لايحتج بهاعلى الناقل …إلخ ".
ولما كان الأمر يتعلق بالبيانات بضاعة يعلم الشاحن أوصافها وطبيعتها، لأنه هو الذي يدلي إلى الناقل بكل ما يخصها ، فمن السهولة بإمكان التوفيق بين الحلول الواردة في القاعـدة الثـانية بشرطيـها، والتـي تبـدو متنـاقضة، ودلك على النحـو التالي:
 -1   
يعتبر البيان الخاص بالحالة الظاهرة للبضاعة حجة ليس فقط على الناقل ، بل وكذلك علـى المرسل وخلفائـه لأنه هـو مصـدر البضاعـة وبيـان المتـعلـق بحالتها .
 -2    
تعد البيانات المتعلقة بوزن البضاعة وعددها وحجمها وأبعادها حجة على المرسل وخلافائه ، ولكنها لاتعتبر كذلك في مواجهة الناقل إلا إذا قام بتحقق منها أو إلا إذا كان وزنها قد أدرج في خطاب النقل .
 -3  
يكون البيان الخاص بتغليف حجة على كل من المرسل والناقل.
ويلاحظ أن البيانات التي يحتج بها على طرفي العقد معا أنها خاصة بأوصاف في البضاعة يمكن إدراكها بالرؤية، كحالة البضاعة الظاهرة والتغليف .
كما ذهب البعض فـي محاولـة أخـرى للتوفيق بـين شطري قاعـدة الثانـية إلـى ضرورة فصل الحلول الخاصة بالحجم والأبعاد عن تلك المتعلقة بالكمية والعدد، ففي الحالة الأولى يعبر الحجم عن فكرة الحيز المشغـول، بينمـا يشـير البعـد إلـى مساحة الشيئ وما إذا كان من الممكن إدخاله إلى جوف الطائرة مـن عدمـه،  إذا لا ترادف بين المصطلحين، من ثم فلا تناقض بين الحلول القررة بصددها،  وفي الحالة الثانية يعبر العدد عن الوحدة أو الطرد، أما الكمية فهي عـبارة عن مقيـاس الحجم أو الكتلة وطالما أن المصطلحين غير مترادفين، فلا يوجد بالتالي تعارض بين الحلول الرصمدة لكل منها .
وبذلك يتم التوفيق بين الحلول المنصوص عليها في القاعدة الثانية بشطريها ، مع ملاحظة أن حجية البيانات على النحـو المتـقدم يمكـن إثباتها بالدلـيل العكسـي فـي مواجهة المرسل إليه على خلاف الأمر في سند الشحن البحري. [13]

المبحث الثاني

أنواع عقد النقل الجوي للركاب

نتناول في هذا المبحث أنواع النقل الجوي باختلاف النطاق الجغرافي للرحلة فهناك نقل جوي دولي تطبق عليه الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها المغرب في (مطلب أول) وكذلك النقل الجوي الداخلي للمغرب الذي نطبق عليه القوانين المغربية داخل الدولة (مطلب ثاني).

المطلب الأول: عقد النقل الجوي لركاب

نقسم هذا المطلب إلى فقرتين الفقرة الأولى تعريف عقد النقل الجوي والفقر الثانية نتناول فيها عقد النقل الجوي الدولي.

الفقرة الأولى: تعريف عقد النقل الجوي الدولي

النقل الجوي الدولي هو النقل الذي يتجاوز تنفيذه الحدود الإقليمية للدولة الواحدة، وهذا الفصل يثير صعوبات من حيث تحديد القانون الذي يحكمه لعبور طائرة من دولة إلى أخرى ، لذا كان من الضروري توحيد القواعد القانونية المنظمة لهذا النوع لمنع تنازع القوانين وتم هذا التوحيد بمقتضى اتفاقية فارسوفيا الصادرة سنة [14]1929حيث عرفت الاتفاقية النقل الجوي في المادة الأولى منالفقرة الثانية، "يعتبر نقل دوليا في عرف هذه الاتفاقية كل نشاط يشترط فيه الأطراف المتعاقدة أن تكون نقطا القيام والوصول، سواء كان هناك انقطاع للنقل أو كان هناك نقل من طائرة إلى أخرى أو لم يكن واقعين في إقليم طرفين سامين متعاقدين، وأما في إقليم واحد من الأطراف المتعاقدة، إذا اتفق على حصول رسو في إقليم خاضع لسيادة دولة أخرى، ولو كانت هذه الدولة غير متعاقدة"، ولا يعتبر نقلا دوليا في عرف هذه الاتفاقية النقل بغير وجود مثل الرس بين الأقاليم الخاضعة لسيادة أو الإمارة أو للانتداب أو لسلطة نفس الطرف السامي المتعاقد[15].

الفقرة الثانية: النقل الجوي الدولي الخاضع للاتفاقية فارسوفيا وغير الخاضع لها

 

أولا: النقل الجوي الخاضع للاتفاقية فارسوفيا

يجب توافر شرطين لكي يكون النقل الجوي دوليا في مفهوم الاتفاقية وهذين الشرطين هما، أن يكون النقل دوليا وأن يكون بمقابل.

الشرط الأول: أن يكون النقل دوليا

لكي يكون النقل دوليا في حكم الاتفاقية يجب أن يتم بين إقليمي دوليتين متعاقدين ويكفي لتحقيق ذلك أن تقع نقطة القيام في إقليم إحدى دول المتعاقدة ونقطة الوصول في إقليم دولة أخرى ومن تم لا يعتبر نقلا دوليا في مفهوم الاتفاقية، ويستثنى بالتالي من نطاق تطبيقها النقل الذي تقع نقطة القيام فيه في إقليم دولة متعاقدة، وتقع نقطة الوصول في دولة غير متعاقدة أو العكس، و يعتبر أيضا نقلا دوليا في مفهوم الاتفاقية النقل الذي يتم بين نقطتين تقعان في اقليم دولة واحدة بشرط الرسو في دولة أخرى حتى و لو لم تكن متعاقدة[16].

 فادا وقع بين دولتين إحداهما طرف في الاتفاقية دون الأخرى فلا تخضع للاحكامها بل ينضمه القانون الذي تحدده قاعدة الاسناد في قانون المحكمة المختصة الفصل في نزاع والحكمة من تقرير مثل هذا الشرط، واضحة إذا لا فائدة ترجى من مدى نطاق الاتفاقية إلى دول غير ملزمة بها لأن محاكم هذه الدول قد تمتنع عن تطبيقها أو قد تستبعده رغم وجوبه بحجة مخالفة الاتفاقية للنظام العام في قانونها الداخلي، ولقد استقر فقه القانون الدولي العام، منذ بنكر شوك bynkerchack ومابلي mably على أنه يقصد بالطرف السامي المتعاقد: الدولة التي قامت بالتصديق على المعاهدة أو الانضمام إليها[17].

الشرط الثاني :أن يكون النقل بمقابل

تشترط اتفاقية فارسوفيا أن يكون النقل بمقابل ولكنها لم تحدد المقصود بالمقابل على أن المقابل قد يكون في صورة نقدية أو في صورة عينية  أو في صورة أعمال وخدمات قبل بها الناقل مقابل نقل المسافر أو الأمتعة وبدفع هذا المقابل من المسافر أو من ينوب عنه إلى الناقل، وقد جرت العادة ان يدفع المقابل وقت إبرام العقد إلا أنه ليس هناك ما يمنع الطرفين من الاتفاق على دفع في وقت لاحق طالما أنه قد اتفق عليه وحدد مصدره في العقد، بحيث يعتبر جزءا من مضمونه، و بناءا على ذالك لا يعتبر من قبيل أجرة النقل الهدية التي يقدمها المسافر بعد وصوله الى الناقل.[18]

 ولم تعرف الاتفاقية المقصود بالأجر بل تركت ذلك للفقه والقضاء، ويذهب الرأي الراجح في الفقه إلى تعريف الأجر "بكونه مكافأة أو مقابل الخدمة التي يؤديها الناقل بقصد الحصول على الربح" فإذا انتفى عنصر الأجر اعتبر النقل من قبيل المجان ولا يخضع مثل هذا النقل للاتفاقية فارسوفيا[19].

هل النقل المجاني خاضع لاتفاقية فارسةفيا?

الجواب لا باستثناء حالة واحدة عندما يتعلق الامر بنقل اشخاص مشهورين كالفنانين او رياضيين او ممثلين او موظفين تابعين لها .

اما النقل الذي تبرمه الدولة بنفسها كالبعثات الديبلوماسية أو حمولة عسكرية او أسلحة لا تسري عليها هذه الاتفاقية.

ثانيا: النقل الجوي غير الخاضع للاتفاقية فارسوفيا

سبقا وتطرقنا أن الاتفاقية تطبق على النقل الجوي الدولي إلا أن الاتفاقية قد استبعدت بعض أنواع النقل الجوي منذ تطبيقها.

 1 – نقل الرسائل والطرود البريدية

نصت المادة الثانية من الاتفاقية على استثناء النقل الذي يتم بشأن الرسائل والطورد البريدية والخدمة من استبعاد هذا النقل من نطاق الاتفاقية هي منع التعارض بين اتفاقية وارسوا والاتفاقيات الدولية المنظمة لنقل البريد،[20] في هذا الإطار قررت محكمة الاستئناف فرساي بأن نقل الطرود البريدية لا تسري عليه أحكام اتفاقية وإنما تسري عليه أحكام قانون البريد وتتلخص وقائع هذه القضية في أن المتضررين شاركوا في مباراة للهندسة عبر البريد، فبعثوا بالتصاميم والوثائق إلى مكتب البريد بواسطة طرد بريدي جوي، وقد لجأ مكتب البريد إلى خدمات الناقل الجوي فكلفه بنقل الطرد إلى المكان المقصود إلا أن الطرد وصل متأخرا مما ضاع على المشاركين فرصة كسب المبارة، ولهذا فقد قاموا برفع دعوى المسؤولية على الناقل الجوي يجبر الاضرار التي لحقتهم إلى أن المحكمة قضت بتطبيق أحكام القانون البريد لا لأحكام اتفاقية فارسوفيا[21].

2 – اذا تعلق الأمر بإجراء تجارب بهدف إنشاء خطوط ملاحية منتظمة

تجارب النقل  الجوية وهي التجارب التي تقوم بها منشأت الطيران لدراسة اقتصاديات النقل قبل إنشاء خطأ جوي، وقد كان هذا النوع من العمليات منتشرا في بدء عهد الطيران التجاري حيث كانت معظم المناطق مجهولة لشركات الطيران وتحتاج إلى دراسة مسبقة بواسطة عمليات استكشافية[22]، حيث نصت المادة 34 من اتفاقية فارسوفيا التي تقول "لا تسري هذه الاتفاقية على عمليات النقل الجوية الدولية التي تقوم بها مؤسسات الملاحة الجوية على سبيل التجارب الأولى بقصد إنشاء خطوط جوية منتظمة".

 أما اليوم تم الغاء هذا الشرط لان الطائرة أصبحت تصل الى كل خط في العالم.

3– النقل في ظروف غير عادية

لقد نصت على هذا الاستثناء الجملة الثانية من المادة 34 من اتفاقية فارسوفيا حيث قررت ما يلي" وكذلك لا تسري على عمليات النقل التي تتم في ظروف غير عادية وتخرج عن نطاق كل عملية مألوفة في الاستغلال الجوي".

ويشمل هذا النقل جميع العمليات التي تتم في ظروف خاصة واستثنائية كعمليات إنقاذ الطائرات أو السفن التي تشهد خطر أو هلاك، أو عمليات الابحات العلمية التي تتم في مناطق ذات طبيعة جغرافية قاسية.

ولا يكفي أن يتم النقل في ظروف غير عادية بل يجب أيضا أن يكون خارج النطاق المألوف للاستغلال الجوي، مثال "كنقل شخصية شهيرة أصيبت بوعكة صحية الى دولة الاخرى ."

وقد قام بروتوكول لاهاي بإلغاء المادة 34 من الاتفاقية واستعاض عنها بالنص الأتي: "لا تطبق أحكام المواد من 3 إلى 9 المتعلقة بمستندات النقل الذي يتم في ظروف غير عادية لا تدخل في النطاق المألوف للاستغلال" فبمقتضى هذا التعديل أصبح هذا النوع من النقل يخضع للأحكام اتفاقية فارسوفيا كلما توفرت له الصفة الدولية بالمعنى الذي حددته هذه المادة، ولكن لا تسري بشأنه الإجراءات الخاصة بمستندات النقل الخاصة التي أشارت إليها المواد من 3 إلى 9.

مستخلص مما تقدم، وبعد التعديلات التي أجراها بروتوكول لاهاي على اتفاقية فارسوفيا أن النقل على سبيل التجارب الدولي والنقل الذي يتم في ظروف غير عادية خارج النطاق المألوف للاستغلال الجوي أصبح يخضع للاتفاقية فارسوفيا إذا ما توافرت لهما الصفة الدولية بالمعنى الذي حددته المادة الأولى منها، ولم يبقى إلا استثناء واحد وهو الخاص بنقل الرسائل والطرود البريدية[23].

 

 

المطلب الثاني: عقد النقل الجوي الداخلي للركاب

نتناول في هذا المطلب تعريف النقل الجوي الداخلي للركاب في (الفقرة الأولى) و القانون الوطني المطبق على النقل الجوي الداخلي المغربي للركاب في (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: النقل الجوي الداخلي

يقصد بالنقل الجوي الداخلي الذي يتم بين نقطتين واقعتين في إقليم دولة واحدة ومثال ذلك النقل الذي يتم بين الدار البيضاء وفاس بشرط ألا تكون الطائرة قد رست في إقليم دولة أخرى لأنه في مثل هذه الحالة يفقد النقل طابعه الداخلي ويصبح نقلا بالمفهوم الذي حددته المادة الأولى من اتفاقية فارسوفيا[24].

وقد تعرض المشرع المغربي لهذا النوع من النقل في الفصل 127 من مرسوم الملاحة الجوية الذي جاء فيه: "خدمات النقل العمومي بين نقطتين في الإقليم المغربي تقوم به مقاولات مغربية".

 فالمشرع المصري عرفه في المادة 284 من الأحكام العامة قانون مصري "يقصد بالنقل الجوي نقل الأشخاص والأمتعة أو البضائع بالطائرات بهدف تحقيق الربح" وعرفه الفقه هو ذلك النقل الذي يتم تنفيذه باسره داخل الحدود الإقليمية للدولة[25].

الفقرة الثانية: القانون الوطني المطبق على النقل الجوي الداخلي بالمغرب

تنص الفقرة الثالثة من الفصل 214 من مرسوم الملاحة الجوية المغربي على ما يلي "عند عدم وجود اتفاقية دولية مطبقة بالمغرب فإن الأشخاص المذكورين في الفقرة السابقة تكون مسؤوليتهم عما يتعلق بالأضرار والحوادث الحاصلة بالمغرب منظمة بمقتضى المرسوم وكل القوانين المغربية الأخرى القابلة للتطبيق".

أولا:  مرسوم الملاحة الجوية

انه أول تشريع نظم وعقد بالمغرب بظهير فاتح أكتوبر 1928 وقد جاء مطابقا لقانون الملاحة الفرنسي لسنة 1924.

أما أول تشريع نظم الملاحة الجوية بعد حصول المغرب على الاستقلال فهو المرسوم الصادر 10 يوليوز 1962.

وقد جاء هذا المرسوم متأثر بقواعد اتفاقية فارسوفيا بعد تعديلها ببرتوكول لاهاي بل أن المرسوم قد تبنى قواعد هذا البرتوكول حتى قبل أن يدخل حيز التنفيذ في 1963.

وقد قام المشرع المغربي بتعديل هذا المرسوم سنة 1997 إلا ان التعديلات التي تمت بموجب هذا المرسوم كانت طفيفة[26].

ثانيا: القوانين الأخرى

رأينا بأن الفصل 214 من مرسوم الملاحة الجوية ينص على أنه في حالة عدم وجود اتفاقية دولية مطبقة في المغرب فإن المسؤولية على الأضرار الحاصلة بالمغرب يسري عليها المرسوم وكل القوانين المغربية القابلة للتطبيق بالمغرب ولكن ما هو المقصود بالقوانين الأخرى؟

يقصد المشرع المغربي بهذه القوانين القانون التجاري وقانون الالتزامات والعقود

1-               القانون التجاري

أحال الفصل 138 من مرسوم الملاحة الجوية على أن القانون التجاري حيث نص على ما يلي"…. قواعد ظهير 9 رضمان  1331، 12 غشت 1913 المكون للقانون التجاري المتعلقة بالنقل البري و المائي قابلية تطبيق على النقل الجوي".

وقد نظم القانون التجاري المحال عليه، عقد النقل في القسم السابع منه تحت عنوان" في عقد النقل والمكاري" وذلك في الفصول 64 إلى 107 وبعد تعديل القانون التجاري الصادر في 1913 بمقتضى مدونة التجارة في غشت 1996 فقد أصبح عقد النقل منظما في الكتاب الرابع  القسم السادس تحت عنوان عقد النقل، وذلك في الفصول من 443إلى 486 من مدونة التجارة.

ويراعي أن هذه الفصول المحال في القانون الجوي لا تطبق على عقد النقل الجوي إذا لم توجد نصوص جوية خاصة وهو ما أخذه الفصل 140 من مرسوم الملاحة الجوية[27].

2-              قانون الالتزامات والعقود:

يخضع أيضا النقل الجوي لقانون الالتزامات والعقود، وهو ما يستفاد من الفصل 443 من مدونة التجارة الذي جاء فيه "يخضع عقد النقل للقواعد العامة بعقد إجارة الصنعة وللمقتضيات…"[28].

وهكذا نجد أن الفصل 140 من المرسوم الملاحة الجوية يحيلنا على مدونة التجارة ويحيلنا هذا الفصل الأخير على القواعد العامة أي قانون الالتزامات والعقود متبنية في ذلك مبدأ القاعدة التي تقضي بتقديم الخاص على العام.

ومن ثم يتعين على القاضي عندما يعرض عليه نزاع متعلق بنقل جوي أن يطبق عليه مرسوم الملاحة الجوية فإذا لم تسعفه نصوص المرسوم فعليه اللجوء إلى نصوص مدونة التجارة بعقد النقل.

فإذا لم يجد فيها نصوصا تطبق على النزاع، فإنه يلجأ إلى قواعد قانون الالتزامات والعقود بشرط ألا تتعارض مع أحكام القانون التجاري أو أحكام القانون الجوي  .

وخلاصة القول فإن النقل الجوي بالمغرب يخضع للأحكام مرسوم الملاحة الجوية³ والقوانين الأخرى التي عرضنا سابقا لها إذ تعلق الأمر بنقل داخلي[29]أما إذا كان النقل دوليا فإنه يخضع للاتفاقيات الدولية.

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني

أثار عقد النقل الجوي للركاب

 

يرتب عقد النقل الجوي التزامات تقع على عاتق طرفية فإن كان التزاما لأحدهما فهو حق للطرف الأخر وفي حالة إخلال بها يترتب مسؤولية على عاتق الناقل.

وفي حالة إخلال الراكب بالتزاماته فإن الناقل يعفى من المسؤولية وهذا ما سوف نعالجه ضمن مبحثين

المبحث الأول: التزامات أطراف عقد النقل الجوي للركاب

المبحث الثاني: مسؤولية الناقل الجوي وحالات الإعفاء منها

المبحث الأول

التزامات أطراف عقد النقل الجوي للركاب

من المعلوم أن عقد النقل الجوي للركاب يعتبر من العقود الملزمة للجانبين[30]، ويرتب التزامات على عاتق الناقل وهذا ما سوف نعالجه ضمن (المطلب الأول)، كما يرتب التزامات على عاتق الراكب وهذا ما سوف نتناوله ضمن (المطلب الثاني)

 

 

المطلب الأول: التزامات الناقل الجوي

متى انعقد عقد النقل الجوي صحيحاً، فيرتب التزامات على عاتق الناقل الجوي نقل الراكب وأمتعته (فقرة أولى) و المحافظة على سلامة الراكب (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى: نقل الراكب وأمتعته

هناك مجموعة من الالتزامات يتحمل بها الناقل الجوي في موجهة الراكب تنشأ عن عقد النقل، أو تعتبر من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة[31]، ويمكن إيجاز هذه الالتزامات في ما يلي:

أولا: ان يلتزم الناقل بمجرد إبرام عقد النقل بتزويد المسافر بتذكرة سفر مشتملة على البيانات الإلزامية المتطلبة قانونا ويتعين عليه أن يحررها بخط واضح[32].

و قد نصت الفقرة الاولى من المادة الثالثة من اتفاقية وارسو ما يلي:" في حالة نقل الركاب، يتعين على الناقل تسليم تذكرة السفر…… " لكن ما يعاب عليها أنها لم تحدد ما اذا كان من الازم تسليمها للمسافر شخصيا، و قد ذهب القضاء الامريكي في احدى قراراته الصادرة في 14 ابربل 1949 بمحكمة الباني الى جواز تسليمها الى ما ينوب عنه أو أحد تابعيه أو الجهة التي تولت تنظيم الرحلة الجوية أو حجزت تذاكر الطيران.[33]

أما اتفاقية مونتريال 1999، جاءت في عصر أصبح الاعتماد فيه كبير على وسائل التقنية الحديثة من الاتصالات والأنظمة والبرامج الالكترونية في التعامل مع المستفيدين في سوق النقل والشحن الجوي ، فعززت الاتفاقية هذه الجهود  الرامية إلى التقليل من الاعتماد على المستند الورقي ضمن مستندات النقل الجوي من تذاكر سفر ، ومستندات الشحن . فقد أجازت الاتفاقية  للناقل استخدام أية وسيلة أخرى بديله تتضمن نقطتي المغادرة والوصول وبيان نقاط التوقف وذلك عن المستندات التقليدية المطلوبة لإتمام نقل الراكب أو عملية الشحن . كما أن الاتفاقية لم تحرم الناقل الجوي من الاستفادة من الحماية القانونية بتحديد مسؤوليته عند  عدم التزام الناقل بإدراج كامل البيانات المطلوبة في مستند النقل الجوي الورقي أو حتى عدم تسيلم الراكب تذكرة السفر. لذا فقد شجعت الاتفاقية  إحلال  التذاكر الالكترونية (e-ticketing)  بديلا عن التذكرة الورقية . وأصبحت مسالة إخطار الراكب عن تطبيق أحكام الاتفاقية ونظام المسؤولية أمر متروك للناقل إن شاء عمله وان شاء تركه.

هذا وقد قامت الخطوط الملكية المغربية بتشكيل لجنة من عدد من الإدارات المختصة بهدف تنفيذ متطلبات اتفاقية مونتريال وقرارات منظمة اياتا  المتعلقة بمستندات النقل والشحن الجوي، وبعد جهود كثيفة  تمكنت الخطوط الماكية المغربية  بنجاح من تطبيق نظام التذاكر الالكترونية بما تتضمنه من ايجابيات كثيرة قضت على سلبيات التذاكر الورقية من تكلفة طباعتها و نقلها وتخزينها وتعرضها للتزوير. [34]

وفي هذا الإطار، جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء[35] أن الناقل يلتزم بتزويد المسافر بالتذكرة مشتملة على جميع البيانات المتطلبة قانونا "حيث تقدم السيد (خ.أ) بمقال مؤدى عنه بواسطة محاميه، حيث أنه تسلم تذكرة من أجل الذهاب والاياب من الدار البيضاء إلى طهران، ولما حضر إلى المطار أبلغه المكلف بالشباك بعد مراجعة الحاسوب أن لا مقعد له بالرحلة 550 لأن مقعده كان في اليوم 04-01-2008 المسجل على الحاسوب،أما التاريخ المسجل على تذكرة السفر هو 05.01.2008. فاتفق مع الناقل على رحلة الغد، لكن في الغد الغيت الرحلة لقوة قاهرة فطالب بتعويض مالي، وقد عوضته المحكمة عن الضرر الذي ألحقه.

أما بخصوص وقت تسليم التذكرة لم تنص نفس المادة من اتفاقية وارسو صراحة عليها، وقد جرت العادة ان تسلم قبل موعد الرحلة بوقت كاف لكونها تخوله الاطلاع على طبيعة المسؤولية[36] .

ثانيا: يلتزم الناقل بنقل المسافر من مكان القيام إلى مكان الوصول على متن الطائرة صالحة للملاحة الجوية[37]، فان تقاعس وامتنع عن تنفيذ هذا الالتزام كأن منع المسافر من السفر، إما بإلغاء المقعد المحجوز له على مثن الطائرة و إما بإلغاء الرحلة، فتظل المسؤولية قائمة على عاتقه.

كما يلتزم الناقل بنقل أمتعة الراكب مع تزويده باستمارة نقل الأمتعة وقد ميزت اتفاقية وارسو بين نوعين من الأمتعة.

أولا: الأمتعة الشخصية غير مسجلة وهي تلك الأشياء الصغيرة أو الشخصية التي تبقى في حراسة المسافر وحوزته أثناء السفر بعد أن يقبلها الناقل كالحقيبة اليدوية الصغيرة وما شابه ذلك.

ثانيا: الأشياء التي يسلمها الراكب إلى الشركة مقابل تذكرة أو بطاقة أمتعته و هي مسجلة[38].

و نظرا لحالة الارهاب التي اصبح يعرفها النقل الجوي اتخدت الدول عدة اجراءات و من بينها.

1- تفريغ السوائل في اكياس بلاستيكية شفافة و الا سوف يتم رميها حتى و لو كانت بالغة الاهمية، باستثناء الادوية الضرورية بعض التاكد منها عن طريق الوصفة الطبية.

2- تحديد حجم الحقائب اليدوية و الشخصية.

3- تشديد التفتيش الأمني لكل راكب وكل شخص في المطار.

الفقرة الثانية: المحافظة على سلامة الراكب

يقع على عاتق الناقل كذلك التزام بضمان سلامة الراكب أثناء فترة النقل الجوي ونقله إلى المكان الذي يقصده دون تأخير، كما يسهر على راحته ورعايته طوال الرحلة الجوية فلو كانت الرحلة تستغرق وقتا طويلا، أو تعطلت الطائرة لسبب أو لآخر أثناء الرحلة فيتعين عليه أن يوفر له الغداء وكذلك المأوى وإذا ألزم الأمر، ريثما أن يتمكن من استئناف الرحلة أومن نقله على طائرة أخرى.

غير أنه ينبغي ملاحظة أن هذا الالتزام عرف جدلا فقهيا، بين المدرستين اللاتينية والأنكلوسكسونية، فالمدرسة اللاتينية اعتبره التزاما عقديا بنتيجة وفي مقدمتها فرنسا، أما المدرسة الأنكلوسكسونية، وخاصة و. م .أ[39]اعتبرت التزام الناقل بسلامة الراكب مجرد التزام عام بوسيلة. وبالتالي لا يعتبر مسؤولا إلا استنادا إلى فكرة الخطأ التقصيري، وللتوفيق بين هذين الاتجاهين المتعارضين جاءت اتفاقية وارسوا وألزمت الناقل بسلامة الراكب التزاما بوسيلة، لكنها نقلت عبء الإثبات من عاتق الراكب إلى عاتق الناقل[40]، ولم يغير بروتوكول لاهي المعدل لها شيئا من هذا المبدأ[41].

المطلب الثاني: التزامات الراكب

في مقابل الالتزامات التي يتحملها الناقل توجد التزامات على الراكب يتعين عليه الوفاء بها، وتنحصر هذه الالتزامات في التزام بدفع الأجرة (الفقرة الأولى) والتزام بإتباع تعليمات الناقل (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التزام بدفع الأجرة

يلتزم الراكب بدفع الأجرة النقل، وهذا هو الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتقه ولم تزود اتفاقية وارسو الناقل حول الدعوى التي يجب أن ترفع من قبل الراكب في حالة عدم قيام هذا الأخير بدفع أجرة النقل، ومن تم يرجع في تنظيم هذا الأمر إلى القانون الوطني الواجب التطبيق وإذا أخطأ الناقل وزود الراكب بتذكرة سفر بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية، فيمتنع عليه مطالبة هذا الأخير بما تبقى من فرق القيمة إلا إذا قام الدليل على سوء نية الراكب بإثبات أنه كان عالما بما وقع من خطأ في حساب قيمة التذكرة، وحسب الفقرة الأولى من المادة الثانية لاتفاقية إياتا[42] نصت على عدم إمكان إصدار تذكرة سفر إلا إذا تم دفع قيمتها كاملة كما حددتها الشروط العامة لهذه الاتفاقية ويحق للناقل الجوي رفض نقل أي راكب لا يكون حائز لتذكرة سفر قانونية[43].

الفقرة الثانية: إتباع تعليمات الناقل

يضع الناقل عادة تعليمات محددة تأمينا لسلامة عملية النقل تراعي بها مصلحتة ومصلحة الراكب عموماً، لذا يلتزم الناقل بإحاطة الراكب علما بتعليمات النقل ومن بينها:

أولا: الحضور في الوقت والمكان المحدديين للمغادرة  المحددان في تذكرة النقل فحصوله على تذكرة السفر لا تخوله الحق بإلزام شركة الطيران بنقله، بل جرى العرف على حضوره قبل الوقت المحدد"ساعة بالنسبة للنقل الداخلي و ساعتين للنقل الخارجي من أجل الحجز و التفتيش الجمركي  مثلا" فإن خالف الراكب هذه التعليمات كان للناقل الجوي أن يرحل دون انتظاره, ولا مسؤولية عليه في هذه الحالة حتى ولو أدى الرحيل إلى الإضرار بالراكب, ذلك أن المصلحة الجماعية في بدء الرحلة الجوية في موعدها  أولى بالرعاية من مصلحة راكب واحد مهمل[44].

كما عليه إطفاء جهاز النقال الجوي  ما عدا أجهزة المحفزة للقلب والسمع، و عدم  التدخين و السكر و الشغب، هذا الاخير اصبح ظاهرة خطيرة اطلق عليها اسم "الركاب الشاغبين" حيث أصبحت تعرض حياة الركاب للخطر فأكثر من 5 الاف واقعة شغب هددت السلامة الجوية، مما دفعت الدول للبحث عن وضع جديد يحد من خطورته، وعدم إدعاء وجود قنبلة داخل الطائرة.

ثانيا: كما يلتزم الراكب بحراسة أمتعته التي يحتفظ بها معه أثناء النقل ومنها الحيوانات المصاحبة له المرخص بالاحتفاظ بها معه، وليس المواد والحيوانات المسجلة والمسلمة إلى الناقل الجوي التي تخضع لأحكام الخاصة بنقل الشيء وهذا ما نصت عليه المادة 189 من اتفاقية وارسوا[45].

المبحث الثاني

مسؤولية الناقل الجوي وحالات الإعفاء عنها

يقع على عاتق الناقل مجموعة من الالتزامات وفي حالة الإخلال بها فإنه يعرض للمسؤولية (مطلب أول) أو يعفى منها (مطلب ثاني).

المطلب الأول: مسؤ ولية الناقل الجوي للركاب

سنعالج في هذا المطلب أساس مسؤولية الناقل الجوي  (فقرة أولى) شروط تطبيق مسؤولية الناقل الجوي و حالاتها (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى : أساس مسؤولية الناقل الجوي

عقد نقل الأشخاص ، شأنه في ذلك شأن عقد نقل الأشياء يرتب على عاتق الناقل التزاماً بتحقيق نتيجة معينة ، وهي ضمان سلامة وصول الراكب وأمتعته المسجلة الى المكان المتفق عليه وفي الميعاد المحدد ، فاذا تخلَفت هذه النتيجة قامت مسؤولية الناقل عن تعويض الراكب عن الأضرار البدنية والمادية والأدبية التي تلحق به أو أو بأمتعته.

فالمسؤولية هي جزاء الاخلال بالالتزام سواء أكان عقدياً أو غير عقدي، ولعَل أهم ما تجدر الاشارة اليه في دراسة مسؤولية الناقل الجوي اساس هذه المسؤولية. و هذا ما سوف نتطرق اليه :

1-  أساس هذه المسؤولية حسب اتفاقية وارسو سنة 1929

تحتل مسؤولية الناقل الصدارة بين موضوعات النقل البحري ، نظرا لما لها أهمية بالغة في العمل ولما تثيره من منازعات عديدة أمام القضاء. فالمسؤولية هي جزاء الإخلال بالإلتزام، عقديا  كان أم غير عقدي ولا تختلف أركان مسؤولية الناقل الجوي عن أركان المسؤولية المدنية بوجه عام، اذ يجب أن يكون الناقل قد ارتكب خطأ سبب ضررا.

 و بإعتبار أن النقل الجوي يتسم بالطابع الدولي، فلقد ظهرت الحاجة إلى ضرورة وجود قانون ينظم هذه المسائل كلما عبرت الطائرة حدود دولة إلى دولة أخرى على نحو يؤدي إلى عدم إستقرار المراكز القانونية، ولقد تحقق ذلك بمقضى إتفاقية وارسو الموقعة في 12 أكتوبر 1929 والتي أصبحت واجبة النفاد في 13 فيفريي 1933
وقد قضت هذه الإتفاقية على الإختلاف والتباين بين الأنظمة القانونية الحاكمة لمسؤولية الناقل الجوي،  فوضعت لهذه المسؤولية نظاما موحدا تهذف من ورائه إلى إقامة التوازن بين المصالح المتعارضة للناقلين الجويين من ناحية، ولمستعملي الطائرة من ناحية أخرى [46]
ويتركز هذا النظام على أربع مبادئ:
  – 1   
تقوم مسؤولية الناقل الجوي على أساس الخطأ المفترض، بمعنى أن المسافر أو الشاحن لايلتزم بإقامة الدليل على وجود خطأ، من أي نوع كان، من جانب الناقل ولقد روعى في هذه القاعدة مصلحة الركاب والشاحني.
 – 2   ومن أجل تخفيف قسوة قرينة الخطأ المفترض، لم تجعل الإتفاقية هذه القرينة قاطعة، بل أجازت للناقل تفويضها بإثبات أنه هو وتابعيه قد إتخدو كل الإحتياطات الضرورية لتجنب وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم إتخادها أو أن المضرور قد تسبب أو ساهم بخطئه في أحداث الضرر (مادة 20 و21 (.
ولا شك هذا المبدأ مقرر لمصلحة الناقلين.
 – 3   
مراعات لمصلحة الناقلين،حيث  خففت هذه الإتفاقية من حدة قرينة الخطأ عن طريق تحديدها للتعويض التي يلتزم به الناقل في مواجهة كل راكب.
 – 4  
وحتى لايتمكن الناقل من التهرب من المسؤولية عن طريق الإعفاء منها أو تحديدها بمبلغ تافه، أبطلت الإتفاقية بطلانا مطلقا الشروط التي تهدف إلى إعفاء الناقل من المسؤولية وتلك الذي ترمي إلى وضع حد للتعويض أقل من الحد الذي قررته ( المادة 23. (
ولا يستفيد من هذا النظام إلا الناقل حسن النية، أما إذا ثبت سوء النية إمتنع عليه الإستفادة من الحد الأقصى للتعويض الذي وضعته الإتفاقية، وإمتنع عليه كذلك التمسك بالإعفاء بالمسؤولية عن طريق إقامة الدليل على أنه هو وتابعيه قد أتخدوا كل الإحتياطات الضرورية لتجنب وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم إتخادها.
وتعتبر الإتفاقية الناقل سيئ النية في حالتين :
أولا: إذا ثبت أن الضرر كان راجعا إلى غشه أو إلى خطأ من جانبه يعد وفقا لقانون المحكمة المختصة بنظر النزاع مساويا للغش(المادة. (25
ثانيا : إذا تخلفت وثائق السفر أو إذا لم تشمل في حالة وجودها، البيانات الإلزامية التي حددتها الإتفاقية (المواد 3،4،9(. [47]
 – 2 مسؤولية الناقل الجوي وفقا لإحكام بروتوكول لاهاي الصادر سنة 1955 المعدل للإتفاقية:
إعتبرت المحاكم نظام المسؤولية التي وضعته إتفاقية وارسو بمثابة ضمان لمصالح الناقلين الجويين ولم تخف دهشتها إزاء بقائهه وحمايته لمصالحم، وتحديده لمسؤوليتهم بمبلغ يقل عن ذلك الذي يحصل عليه ضحايا وسائل النقل الجوي، في وقت لم يعد فيه النقل الجوي حكرا للطبقة متميزة، بعد أن تناقصت الأخطار الجوية وأمكنة حصرها في أضيق نطاق بحيث أصبحت الطائرة أكثر أمنا من الوسائل النقل الأخرى وأشد منافسا لها، وبعد أن تأكدت السلامة الجوية كمبدأ يسود الطيران التجاري.
لذا اصبحت هذه المحاكم تبحث عن وسيلة تحمي بها ضحايا حوادث الطيران وتشدد عن طريقتها مسؤولية الناقل الجوي، فوجدت ضالتها في النصوص التي تضفي على الناقل سوء النية، وحاولت التوسع في تفسيرها على النحو الذي يحقق الهذف الذي تتوخاه، فجاءت هذه التفسيرات متعارضة أحيانا، بل وحملت في ثنياها، أحيان أخرى على حد تعبير الأستاد مانكيفتس ، بدور تعديل قضائي لأحكام الإتفاقية .
ويطفي للتدليل على ذلك تصفح المجالات القانونية المتخصصة في النقل الجوي المعرفة عدد الأحكام التي أصدرتها هذه المحاكم بالتطبيق لنصوص المواد (3،4،9،25) من هذه الإتفاقية.
ولقد تعرض موقف هذه المحاكم إلى النقد إذ من شأنه أن يؤدي إلى تداعي القواعد الدولية الموحدة التي وضعتها الإتفاقية، وإلى إعتبارها مجرد كتابة على الورق على نحو تصبح معه على حد تعبير الأستاد جتريدج  Gutteridge  بمثابتة قوقعة جوفاد مجردة من كل فائدة.
لذا دعت الحاجة إلى ضرورة تعديل الإتفاقية تعديلا يزيد من الحماية المقررة للمسافرين والشاحنين ويقضي على الأسباب التي تؤدي إلى إختلاف المحاكم في تفسير النصوص الموحدة التي وضعتها.
ولقد تم هذا التعديل بمقتضى البروتوكول الموقع في لاهاي في 28 سبتمبر1955 والتي أصبح واحب النفاد في أول أوت 1963. غير أن هذا التعديل لم يكن في حقيقة الأمر إلا إنتصارا للناقلين الجويين على حساب مصلحة الركاب والشاحنين فلم يعد هذا البروتوكول من أساس المسؤولية ، حيث ظلت هذه الأخيرة قائمة على أساس الخطأ المفترض. وأجاز أيضا للناقل الجوي أن يذرج في عقد النقل شرطا يعفيه من المسؤولية عن الأضرار الناشئة عن العيب الذاتي في البضاعة. كما وضع ذلك تعريفا مضيقا للخطأ المساوي للغش. وخفف أخيرا من الجزاءات الموقعة على الناقل الجوي سيئ النية فقصرها على حرمانه من التمسك بالحد الأقصى للتعويض الذي حددته الإتفاقية ولكنه أباح له الحق في اللإعفاء من المسؤولية عن طريق إثبات إتخاد كل الإجراءات الضرورية مثلا في وقوع الضرر. ولم يقدم هذا البروتوكول أي ميزة للمسافرين أو الشاحنين سوى رفع الحد الأقصى للتعويض، الذي يلتزم به الناقل في مواجهة كل راكب. [48]
3- مسؤولية الناقل الجوي وفقا لإتفاق مونريال الموقع في 04 ماي 1966 :
غير أن أحكام ذلك البروتوكول لم تقوى على كبح المحاكم المتعطشة إلى حماية ضحايا حوادث الطيران والمسهجنة للحد الأقصى الجديد للتعويض، واذ يتنافى مع آدمية الإنسان، فتمسكت بموقفها وفسرت قواعد البروتوكول المذكور، لاسيما تلك الخاصة بتعريف الخطأ المساوى للغش، على ضوء الغاية التي تسعى إلى تحقيقها، حتى يعد تعديلها بمقتضى البروتوكول المشار إليه، مهددة بالتقلص والإنكماش .
ولم يقتصر هذا التهديد على المحاكم ، بل لوحت به الولايات المتحدة الأمريكية صراحة والتي علقت التصديق على البروتوكول لاهاي على ضرورة صدور تشريع يلزم شركات الطيران على تأمين الراكب قدره خمسون ألف دولار أمريكي، ولما لم يصدر مثل هذا التشريع أفصحت عن رغبتها في الإنسحاب من إتفاقية وارسو في مذكرة أرسلتها إلى حكومة الجمهورية البولندية بتاريخ 15 نوفمبر 1965

وذلك بحجة عدم كفاية الحد الأقصى للتعويض في حالة وفاة الراكب أو إصابته بأدى جسماني ورغبة في تجنب العواقب الوخيمة التي قد تترتب على إنسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من إتفاقية وارسو، سارع الإتحاد الدولي للنقل الجوي بإرتفاع عدد كبير من شركات الطيران التابعة للعديد من الدول بضرورة توقيع إتفاق مع هيئة الطيران المدني الأمريكية يحقق ما تهدف إليه الولايات المتحدة الأمريكية  من حماية لسلامة المسافرين وتعويضهم تعويضا عادلا، ولقد تم توقيع هذا الإتفاق فعلا في الرابع من مايو 1966.
ويعتبر هذا الإتفاق رغم صدوره عن أشخاص لايصدق عليهم وصف الدولة، بمثابة تعديل هام للإتفاقية في مجال االمسؤولية عن نقل الركاب، فقد نصت على مسؤولية الناقل الجوي مسؤولية موضوعية، بمعنى أن الناقل يسأل بصفة مطلقة عن تعويض الأضرار التي تصيب الركاب، ولا يستطيع التهرب من المسؤولية إلا إذا أقام الدليل على رجوع الضرر إلى خطأ المضرور، كما وضع هذا الإتفاق حدا أقصى للتعويض الذي يلتزم به الناقل في مواجهة كل راكب يقدر بمبلغ 75 ألف دولار، ويخفض هذا المبلغ إلى 58 ألف دولار أمريكي إذا كانت مصروفات التقاضي والأتعاب قد دفعت في الدولة التي رفعت فيها الدعوى.
فالمقصود من هذا الإتفاق، في نهاية المطاف، هو حماية رعايا الولايات المتحدة الأمريكية فقد أشترط لتطبيقه أن يكون النقل دوليا بالمعنى الذي حددته المادة الأولى من إتفاقية وارسو، وأن تكون أحد نقاط القيام أو الوصول أو الرسو الجوي واقعه على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، وأن يكون الناقل الجوي طرفا في هذا الإتفاق[49] .
4-   
 مسؤولية الناقل الجوي طبقا لأحكام بروتوكول جواتيمالا الموقع في08 مارس 1971:
ونظرا لما يؤدي إليه إتفاق مونريال من خلال مبدأ مساواة الأفراد أمام المرافق العامة، ولما ينطوي عليه من مساس بسيادة الدول الجوية الدولية بضرورة عقد مؤتمر دولي يهذف إلى تدليل العقوبات التي نجمت عن التعارض بين أحكام هذا الإتفاق وقواعد إتفاقية وارسو، ولقد تم إنعقاد هذا المؤتمر في مدينة جواتيمالا، وصدرت عنه وثيقة دولية تعرف بإسم "البروتوكولال المعدل لإتفاقية وارسو الموقع بمدينة جواتيمالا في 08 مارس 1971 ".
ويعد هذا البروتوكول بمثابة تعديل جدري لأحكام المسؤولية المنصوص عليها في الإتفاقية والبروتوكول لاهاي المعدل لها.
فمن حيث أساس المسؤولية، فرق البروتوكول بين الحالات التالية:
 -1  
في حالة وفاة الراكب أو إصابته بجرح أو أي أذى بدني، وكذلك في حالة الأضرار التي تصيب أمتعته، يكون الناقل مسؤولا عن تعويض هذه الأضرار مسؤولية موضوعية حتى ولو لم يقع أي خطأ من جانبه، ولايستطيع أن يتحلل من هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أن المضرور قد تسبب أو ساهم بخطئه في إحداث الضرر .
 -2   
تقع  مسؤولية الناقل في حالة الأضرار الناشئة عن التأخير في نقل الركاب والأمتعة، اللهم إذا أقام الدليل على أنه هو وتابعيه قد إتخدوا كل الإجراءات الضرورية لتلافي الضرر أو كان من المستحيل عليهم إتخادها.
– 3   
يسأل الناقل الجوي عن الأضرار الناشئة عن هلاك البضاعة وضياعها وتلفها وتأخيرها، اللهم إلا أثبت أنه هو وتابعيه قد أتخدوا كل  الإحتياطات الضرورية لتفادي الضرر أو كان من المستحيل عليهم إتخدها .
وبعبارة أخرى أصبحت مسؤولية الناقل الجوي بالنسبة للحوادث التي تؤدي إلى وفاة الراكب أو إصابته بأدى بدني، وكذلك مسؤوليته عن الأضرار الناشئة عن هلاك أو تلف أو فقد الأمتعة المسجلة وغيرها من الأشياء التي يحملها المسافر معه، مسؤولية مادية قائمة على الخطر لا الخطأ، بينما ظلت مسؤوليته في الحالات الأخرى قائمة على أساس الخطأ المفترض.
ومن حيث الحد الأقصى للتعويض الذي يلتزم به الناقل، فرق البروتوكول بين الحالات التالية:
1- فيما يتعلق بالحوادث التي تصيب الركاب، يلتزم الناقل في مواجهت كل راكب بدفع مبلغ 1.500.000 فرنك.
 – 2   
فيما يتعلق بضرر التأخير في مجال نقل الركاب، يلتزم الناقل بدفع مبلغ لايتجاوز 62500 فرنك لكل راكب. 
 – 3    وفيما يتعلق بنقل الأمتعة، حدد البروتوكول مسؤولية الناقل الجوي عن الهلاك والتلف والضياع والتأخير بمبلغ 15 ألف فرنك.
 – 4   
بالنسبة لنقل البضاعة تحددت المسؤولية بمبلغ 250 فرنك عن كل كيلوغام فضلا عن ذلك، فقد أستحدث البروتوكول حكما جديدا مفاده الترخيص لكل دولة بأن تضع نظاما خصا لتعويض الإضافي يطبق في إقليمها . [50] .

و لم ينص البروتوكول على حرمان الناقل من التمسك بالحد الأقصى للتعويض إلا بالنسبة لنقل البضائع.
 -5    مسؤولية الناقل الجوي طبقا لأحكام البروتوكول مونريال الرابع الموقع عام 1975
وإذا كانت التعديلات المتعاقبة لإتفاقية وارسو قد إنتهت إلى تقرير مبدأ المسؤولية الموضوعية في مجال نقل الركاب، فإن هذا المبدأ قد تقرر أيضا بالنسبة لنقل البضائع وذلك بمقتضى البروتوكول مونريال الرابع الموقع في 25 سبتمبر 1975 فلقد نص هذا البروتوكول في مادته الرابعة على مسؤولية الناقل عن الأضرار التي تصيب البضاعة نتيجة هلاكها أو ضياعها أو تلفها طالما أن الواقعة المسببة للضرر قد حدثت أثناء فترة النقل الجوي، ولايستطيع الناقل التحلل من هذه المسؤولية إلا إذا قام الدليل على أن الضرر يرجع إلى احد الأسباب التي عددها البروتوكول المذكور على سبيل الحصر.
وهي طبيعة البضاعة أو عيبها الذاتي، سوء تغليف البضاعة الراجع إلى شخص أخر غير الناقل أعمال الحرب أو النزاع المسلح، أي عامل صادر عن السلطة العامة ذو صلة بالبضاعة من حيث دخولها أو خروجها من المطار أو أثناء قترة عبورها به.
و هكذا أصبحت مسؤولية الناقل الجوي، بمقتضى إتفاقية وارسو بعد التعديلات العديدة التي أصابتها، مسؤولية موضوعية قائمة على أساس الخطر، وتقلصت المسؤولية القائمةعلى أساس الخطأ المفترض ولم يعدلها أي كيان إلا في حالت واحدة وهي المسؤولية عن التأخير في نقل الركاب والأمتعة والبضائع.

6 مسؤولية الناقل الجوي طبقا لاتفاقية مونتريال لعام 1999

 وضعت هذه الاتفاقية  على عاتق الناقل الجوي التزاماً بضمان سلامة الركاب وفقاً للمادة (17/1)، فاذا أخل بهذا الالتزام وترتب على هذا الاخلال ضرر للمسافر، انعقدت مسؤوليته ولزمه التعويض، وهذه المسؤولية كأصل عام مسؤولية موضوعية لا يجوز للناقل أن ينفيها أو أن يِحد منها.

ففي المادة 17 الفقرة الأولى منها نصت "يكون الناقل مسؤولا عن الأضرار التي لحقت في حالة الوفاة أو الإصابة الجسدية للركاب بشرط أن تكون الحادثة التي سببت الوفاة أو الضرر وقع على متن الطائرة أو أثناء أي من العمليات صعود الركاب أونزولهم".

وقد يفهم من ظاهر نص المادة 17 أن التزام الناقل بسلامة الراكب يبدأ منذ اللَحظة التي يصعد فيها الراكب الى الطائرة وينتهي بنزوله من الطائرة على أرض المطار الا أن القضَاء في معظم الدول لا يرى الاكتفاء بتقرير مسؤولية الناقل عن سلامة الراكب اثناء الصعود الى الطائرة ، بل يسأل الناقل عن سلامة الراكب من اللحظة التي يقود فيها تابعوا الناقل الراكب من محطة مطار القيام الى الطائرة، حتى وصول الطائرة الى مطار الوصول وخروج الراكب بقيادة تابعي الناقل من هذا المطار، وعلى ذلك فانه يدخل في نطاق التزام الناقل، بسلامة الراكب داخل ساحة المطار بقيادة تابعي الناقل وارشادهم لإتصال ذلك بعمليتي الصعود والنزول من الطائرة.

ومع ذلك فلا يعتبر الناقل مسؤولاً اذا كانت الوفاة أو الأذى البدني قد نتجا عن حالة الراكب الصحية فقط.

كما تختلف مسؤولية الناقل عن الأضرار التي تلحق الأمتعة ، بحسب ما اذا كانت هذه الأخيرة من طائفة الأمتعة المسجلة من عدمه:

1-         فاذا كانت الأمتعة مسجلة ، وأصابها الهلاك أو الضَياع أو التلف، تكون مسؤولية الناقل عنها مسؤولية موضوعية.

2-       أما اذا كانت الأمتعة غير مسجلة، أو كانت من الأشياء الشخصية التي يحتفظ الراكب بحراستها أثناء الرحلة الجوية، تكون مسؤولية الناقل عما يصيبها من أضرار مسؤولية شخصية تقوم على الخطأ واجب الإثبات ، بمعنى أن الناقل لا يكون مسؤولاً عن الأضرار التي تلحقها الا اذا أقام الراكب الدليل على خطأ الناقل أو أحد تابعيه. [51]

3-        أما بالنسبة للتعويض: فهو يحدد على مستووين :

المستوى الأول : ويبلغ 100.000 وحدة سحب خاصة “130.000 دولار أمريكي تقريبا ” ويتحقق بمجرد وقوع الضرر بوفاة الراكب أو إصابته بدنيا أثناء وجوده على متن الطائرة أو أثناء عمليات صعود أو نزول الراكب بغض النظر عن خطأ الناقل ويعد هذا تحول من المسؤولية العقدية القائمة على افتراض الخطأ مع إمكانية دفعة إلى المسؤولية الموضوعية أو المادية القائمة على فكرة الخطر وتحمل   التبعة .

المستوى الثاني : إذا تجاوز مبلغ الضرر 100.000 وحدة سحب خاصة فللناقل أن يدفع مسؤوليته إذا استطاع أن يثبت أن  الضرر لم يكن بسبب إهمال أو خطأ الناقل أو من تابعيه أو وكلائه أو أن الضرر كان لسبب راجع إلى الراكب وحده.

– مدى الزامية الناقل بدفع مبالغ معجلة لمساعدة عائلة الراكب في حلة حوادث الطيران  

نظرا لأن التعويض قد يأخذ وقت حتى يتم دفعه لمستحقيه من عائلة الراكب المصاب أو المتوفى ، ونظرا لما يمثله فقدان الراكب من أهمية لعائلته من الناحية النفسية والاقتصادية فقد ألزمت اتفاقية مونتريال الناقل الجوي بدفع مبالغ عاجلة وبدون أي تأخير الى المستحقين من عائلة الراكب بعد وقوع الحادث مباشرة.

ومما ينبغي الإشارة إليه أن هذا المبلغ لا يمثل إقرار من الناقل بمسؤوليته عن الحادث وما تسبب به من اضرر بل هو من باب المساعدة العاجلة للراكب. أما في حالة ثبوت مسؤولية الناقل عن الحادث فيخصم المبلغ من قيمة التسوية الختامية.

أيضا مما ينبغي الإشارة إليه أن الناقل يكون ملزم بهذا الأمر عندما يكون قانون البلد الذي وقع فيه الحادث يلزم الناقل بذلك أما في حالة خلو القانون المحلي من الإشارة لذلك فان الناقل يكون غير ملزم بهذا الأمر

الفقرة الثانية : شروط مسؤولية الناقل الجوي تجاه الراكب وحالاتها

 أولا : شروط مسؤولية الناقل الجوي تجاه الراكب

تنص المادة السابعة عشرة من اتفاقية وارسو على مايلي:

يكون الناقل الجوي مسؤولا عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو في حالة جرح أو أي أذى بدني أخر يلحق الراكب اذا كان الحادث الذي تولد عنه الضرر قد وقع على متن الطائرة أو اثناء أي عملية الصعود أو النزول.

و بقراءة متأنية لهذه لمادة يتبن تحديدها لشروط الضرورية التي تنعقد بمقتضاها مسؤولية الناقل الجوي وهي:

1- وقوع الحادث

لم تضع اتفاقية وارسو تعريفا للحدث, فاختلفت الاراء الفقهية :

 فحسب البعض معناه" كل واقعة فجائية ناجمة عن عملية النقل و مرتبطة من حيث أصلها باستغلال الطائرة".
وفي اتجاه اخر عرف الحادث هو" كل طارئ فجائي لعامل خارجي يؤثر على سلامة المسافر ويكون مرتبطاً بعملية نقل" .
اما عند بعض الفقهاء الاخرين فقصره على " الحالة التي تعطب فيها الطائرة و يصاب الركاب او الطاقم او الغير".[52]

ولا يكفي أن يتعرض المسافر لحادث أثناء عملية النقل بل يتعين أن ينجم هذا الحادث عن سبب يتعلق باستغلال الطائرة في عملية النقل ذاتها، كانفجار الطائرة أو اصطدامها بطائرة أخرى أو ارتطامها بالأرض.
يشترط أن يقع الحادث على متن الطائرة أو خلال عملية الصعود إلى الطائرة أو النزول منها ويكون المسافر على متن الطائرة منذ اللحظة التي يدلف فيها إلى داخلها ويستقر في مقعده حتى اللحظة التي يخرج من بابها ويضع قدميه على السلم الذي يهبط عليه للوصول إلى ارض المطار.
بالنسبة لعملية الصعود والنزول من الطائرة لقد سكتت الاتفاقية عن تحديد معنى أو مدلول هذه العبارات .
لذلك ساد الاعتقاد في الفقه والقضاء على أنه يتوجب لتحديد المجال الزمني والمكاني لانشغال مسؤولية الناقل الجوي عن سلامة المسافرين اعتمد معارين :
1-
مخاطر الطيران
2- الرقابة أوالرعاية التي يتولها الناقل الجوي أو تابعوه على المسافرين من جهة ثانية.
ويجب أن يتلازم هذا المعيارين ويمتزجا معاً حتى يتحدد على وجه دقيق المدى الزماني والمكاني لانعقاد مسؤولية الناقل الجوي وعليه لا تقوم مسؤولية الناقل بتوافر أي هذين المعارين دون الأخر وبالتالي نستطيع القول بأن مسؤولية الناقل الجوي قائمة الا اذا وجد المسافر في المكان والزمان الذي تبدأ فيها مخاطر الطيران ويكون المسافر فيها تحت رقابة وإشراف الناقل الجوي،أي الوقت الذي يترك فيه المسافر الأماكن المعدة للجمهور المودعين ودخوله ساحة المطار تحت رعاية الناقل أو تابعيه إلى حيث تقف الطائرة سواء كان توجه الركاب إلى الطائرة سيرا على الأقدام أو بالسيارات. كما تضل هذه المسؤولية منعقدة أثناء عملية نزول المسافر من الطائرة وتوجه إلى مبنى المطار سيرعلى الأقدام أو بواسطة

السيارات وحتى تسلمهم لحقائبهم وخرجوهم إلى الاماكن التي يتواجد بها الجمهور.[53].

2         – أن تقع الحادثة خلال فترة زمنية معينة

حسب المادة السابعة عشر من اتفاقية مونتيرال التي تنص على أن "الناقل يكون مسؤولا في حالة وفاة الراكب أو تعرضه للاصابة الجسدية، اذا كانت الحادثة التي سببت الوفاة أو الاصابة قد وقعت فقط على متن الطائرة أثناء أي عملية من عمليات صعود الركاب أو نزولهم".

وقد أتارت عبارة على متن الطائرة جدلا خاصة عندما تتعرض الطائرة للقرنصة الجوية

حيث صار النقل الجوي في اواخر الستينات عرضة لمحاولات اختطاف الطائرات والاعتداءات التي تقع على الركاب داخل المطارت مما دعى الكثير من الدول العمل على تأمين الملاحة الجوية الدولية فأبرمت اتفاقية لاهاي سنة 1970لخاصة بقمع الاستيلاء   غير مشروع على الطائرات ثم اتفاقية مونريال سنة1971 و الخاصة بقمع  الافعال غير المشروعة الموجهة ضد أمن الطيران المدني، و قد ظلت مسؤولية الناقل الجوي عن الافعال التي تلحق الركاب من جراء أعمال القرصنة خاضعة لذات المبادئ و النصوص الواردة باتفاقية وارسو سنة1929 و تعديلاتها السارية.

3         – أن يصاب الراكب بالضرر

تتحدث المادة السابعة عشر من اتفاقية وارسو عن الوفاة أو الجرح أو أي أذى بدني آخر وعلى ذلك يجب أن يكون الضرر الذي يلحق بالمسافر يوجب مسؤولية الناقل الجوي ضرراً بدنيا على أنه يمكن التوسع في تفسير مفهوم الضرر البدني بحيث يشمل بالإضافة إلى الوفاة أو الجرح أو الإصابات الجسدية الاضطرابات النفسية والعقلية وحالات الذعر الشديد التي قد تصيب المسافر.
ولقد استقر الرأي على تحديد مفهوم الضرر على ضوء أحكام التشريعات الوطنية بحيث لا يكون التعويض في حالات المسؤولية التعاقدية إلا عن الأضرار المتوقعة فقط ما لم يكن الضرر ناجما عن غش الناقل الجوي أو خطئه الجسيم إذ في مثل هذه الحالات يكون التعويض عن كافة الأضرار سواء كانت متوقعة أو غير متوقعة وسواء كانت أضرار مادية أو أدبية.

لقد أجمعت اتفاقية وارسو لعام 1929 بين المسؤولية المتعلقة بنقل البضائع وتلك المتعلقة بنقل الأمتعة في أحكام واحدة وتنص الفقرة الأولى من المادة 18 منها على انه يسأل الناقل عن الضرر الذي يقع في حالة هلاك أو ضياع أو تلف الأمتعة المسجلة أو البضائع إذا وقعت الحادثة التي تولد عنها الضرر خلال النقل الجوي أما بخصوص النطاق الزمني للنفل.

حرصت اتفاقية وارسو على تحديد النطاق الزمني للنقل الجوي للبضائع والأمتعة بنصها في الفقرة الثانية من المادة 18 على أن النقل الجوي يشمل المدة التي تكون فيها الأمتعة أو البضائع في حراسة الناقل ، سواء كان ذلك في مطار القيام أو على متن الطائرة أو في أي مكان آخر عند الهبوط خارج المطارالنقل التي يكون فيها الناقل الجوي مسؤولا عن البضائع أو الأمتعة بانتهاء حراسته لها بتسليمها إلى المرسل إليه أو بوضعها تحت تصرفه وإن كانت البضاعة أو الأمتعة لا تزال في داخل مبنى مطار الوصول وعلى ذلك فمجرد تفريغ البضاعة من الطائرة لا ينهي مسؤولية الناقل الجوي ، كذلك إذا كانت البضاعة موجودة في المنطقة الجمركية تحت حراسة تابعي الناقل الجوي وبالنسبة للأمتعة تنتهي حراسة الناقل الجوي لها إذا ما التقطها المسافر في مطار الوصول ، ولا تؤثر معاونة أحد تابعي الناقل الجوي للمسافر في حمل الأمتعة إلى خارج مبنى المطار على انتهاء حراسة الناقل لها [54].

أما بالنسبة للازمات النفسية و العصبية التي تصيب الراكب  جراء القرصنة الجوية تثير التساؤل حول مدى مسؤولية الناقل الجوي عن الضرر الذي يلحق الراكب من جاء اختطاف الطائرة، فيطالب الناقل الجوي بالتعويض   استنادا الى المادة 18 من اتفاقية وارسو و التي جرى نصها على أن يسأل الناقل عن الضرر الذي يلحقه جراء ذالك.

فهناك تفسيرين :

التفسير الموسع: يرى مساءلة الناقل الجوي عن الالام النفسية و الاضطرابات العصبية التي يتعرض لها الراكب و لو لم تقترن او تترتب على إيداءات جسمانية، و هذا التفسير لعبارة الاذى البدني الوارد بنص المادة 18 من الاتفاقية و هذا يتماشى مع ما تراه بعض الاحكام الامريكية و ما كشف عنه التقدم العلمي من وجود وثيق بين جسد الانسان و الجهاز العصبي و النفسي له و مدى تأثر كل منهما بالاخر.

التفسير الضيق :و أصحاب هذا التفسير يرون رفض المسؤولية عن الاضرار النفسية على أساس ان النص الفرنسي للاتفاقية يتكلم عن الخروج او أي أذى بدني اخر و لفظ بدني الواردة بالنص تنصرف الى الاذى الجسماني وحده، و عليه فان هذه الاحكام تلزم الناقل بالتعويض عن الالام و الاضطرابات متى اقترنت باذى بدني جسماني فقط. [55]

الفقرة الثانية : حالات مسؤولية الناقل الجوي تجاه الراكب

1- مسؤولية الناقل عن التأخير

يعد عامل "كسب الوقت" واحد من العناصر التي لا يستقيم الناقل الجوي بدونها لأن مستعملي الطائرات يفضلون مزية السرعة التي تنفرد بها الطائرات دون غيرها من وسائل النقل الأخرى، لذا كان طبيعيا أن تقع على عاتق الناقل الجوي، التزام باحترام مواعيد القانون ويتعين مساءلته إذا ما أخل بتنفيذ هذا الالتزام على نحو يؤدي إلى إلحاق الضرر بالراكب[56].

ولذلك أكدت اتفاقية وارسو لعام 1929 مسؤولية النقل الجوي في حالة التأخير في تنفيذ عقد النقل الجوي وذلك بنصها في المادة التاسعة عشر منها على أنه يسأل الناقل عن الضرر الذي ينشأ عن التأخير في نقل المسافرين أو الأمتعة أو البضائع بطريق الجو، فأول ما يلاحظ على هذا الحكم أنه جاء عاما يشمل نقل الركاب ونقل البضائع على حد سواء ويلاحظ عليه ثانيا أنه لا يرتب مسؤولية الناقل الجوي عن مجرد التأخير في تنفيذ عقد النقل الجوي وإنما عن الضرر الذي قد ينجم عن هذا التأخير ومعنى ذلك أنه لا يمكن القول أن التأخير في ذاته يمثل إضراراً بالمسافر أو الشاحن وإنما قد يمثل مصدراً لهذا الضرر فلو أن المرسل إليه استطاع بيع البضاعة بالرغم من تأخر وصولها بالسعر ذاته الذي كان يستطيع بيعها به إذا ما وصلت البضاعة في الميعاد لا يكون التأخير قد أصابه بضرر ما فلا مجال لإثارة مسؤولية الناقل الجوي أما إذا أدى التأخير إلى تفويت فرصة فنان في تقديم عمل فني بسبب تأخره عن موعد رفع الستار كان الضرر متحققا من جراء التأخير وصار الناقل الجوي مسؤولا عن ذلك الضررمثل حرمان المسافر من الاشتراك في افتتاح مؤتمر علمي أو التأخير في وصول مريض لإجراء عملية جراحية عاجلة مما أدى إلى وفاته أو تفاقم حالته المرضية أو التفويت على المسافر الاشتراك في مسابقة رصدت لها جائزة مالية كبيرة.
ويذهب الفقه الغالب إلى أن المادة التاسعة عشر من اتفاقية وارسو أحالت بصورة ضمنية إلى المادتين السابعة عشر والثامنة عشر فيما يتعلق بتحديد نطاق النقل الجوي الزمني وبالتالي يكون الناقل الجوي مسؤولا في حالة حدوث التأخير خلال الفترة التي يكون فيها الناقل مسؤولا عن سلامة المسافرين أو ملتزما بالحفاظ على البضاعة والأمتعة المسجلة .

وهذا ما سارت عليه محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في أحد قراراتها[57] "حيث تقدم السيد ( أ.و) بمقال مؤذى عنه بواسطة دفاعه حيث أنه تعاقد مع شركة الخطوط الملكية المغربية لنقله إلى فرنسا من أجل اجتياز امتحان بجامعة مونبولي ففوجأ بتأخر الطائرة مما ألحق به أضرار وخسائر مادية وخاصة أنه كانت له مواعيد مع مرضاه في العيادة, فراسل الشركة فكان جوابها بمثابة اعتذار لا أقل ولا أكثر، علما أن الشركة مسؤولية عن الضرر الحاصل عملا بالمادة 479 من مدونة التجارة[58] فطالب باسترجاع ما دفعه خلال فترة التأخير في مبلغ 50.000 درهم.

ولهذه الأسباب أيدت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء وتبقى الشركة مسؤولية عن الأضرار اللاحقة بالمسافرين الناتجة عن التأخير في السفر.

و قد اثير إشكال في حالة عدم تنفيذ الناقل التزاماته بسبب كثرة الحجوزات الزائدة، فهو في هذه الحالة لا يعتبر تأخيرا بمفهوم المادة 19 من اتفاقية فارسوفيا لكنه يعتبر إخلال بالتزام تعاقدي ويبقى من حق المتضرر اللجوء إلى القواعد العامة للمسؤولية للمطالبة بالتعويض، فمتى كان القانون المغربي واجب التطبيق فإننا نطبق أحكام الواردة في مدونة التجارة المغربية[59].

ولتفادي الإشكالات التي يثيرها الحجز الزائد،[60] تبنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي جملة من التدابير لفائدة الركاب[61].

2-  مسؤولية الناقل الجوي في حالة إلغاء الرحلة

كما هو معلوم بأن التزام الناقل هو إيصال الراكب إلى وجهته سليما معافا فإذا قام بذلك على الوجه المطلب فلا اشكال, أما إذا قام الناقل بإلغاء الرحلة دون سبب ففي هذه الحالة يضل مسؤولا عن فعله[62].

وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في أحد قراراتها[63] "حيث تقدم السيد ( ع. ر) بمقال مؤدى عنه بواسطة دفاعه ضد شركة الخطوط الملكية المغربية، حيث يعرض فيه أنه سبق أن قام برحلة على متن الخطوط الملكية المغربية في اتجاه أوروبا وعند رجوعه من مدينة طورينو في اتجاه الدار البيضاء ألغيت الرحلة.

مع أنه كان ملتزما بمجموعة من الجلسات لدى مختلف المحاكم بالدار البيضاء، فتسبب له في خسائر فادحة وأضرار مادية ومعنوية بسب إلغاء، فالتمس من المحكمة أداء تعويضه له بقدر20.000 درهم بناء على مقتضيات المادة 20 من اتفاقيات وارسو[64].

 لهذه الأسباب حكمت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بقبول طلب المدعي والحكم على المدعى عليها بأدائها للمدعي تعويض قدر في 10.000 درهم، مع تحميلها الصائر ورفض بقي الطلبات.

وفي نفس السياق صدر قرار عن نفس المحكمة[65]، حيث تقدم السيد (ع. ص) بمقال مؤدى عنه بواسطة دفاعه ضد شركة الخطوط الملكية المغربية للنقل الجوي حيث يعرض فيه أن الرحلة المبرمجة بتاريخ 21-12-2007 قد ألغيت مما نتج عنه تأخير في عودته مع مجموعة من الحجاج حيث ظل معهم بدون عناية،  مما تسبب له في أضرار مادية ومعنوية جسيمة فالتمس من المحكمة الحكم بالتعويض له…".            

المطلب الثاني: حالات الإعفاء مسؤولية الناقل الجوي

سوف نتطرق في هذا المطلب الإعفاءات القانونية (فقرة أولى) الإعفاءات الاتفاقية (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى: الإعفاءات القانونية

تقوم المسؤولية الناقل بمجرد عدم قيامه بتوصيل الراكب أو تسليمه تذكرة النقل أو تسليم بضاعة سليمة في الميعاد المحدد[66]، وحسب اتفاقية فارسوفيا في حالة إخلال بالتزامات السابقة الذكر يلتزم الناقل بالتعويض، وتختلف وسائل دفع مسؤولية الناقل الجوي باختلاف الأساس الذي بنيت عليه هذه المسؤولية.

فما هي الأسباب التي يلتجأ إليها الناقل الجوي لكي يستطيع التحلل من مسؤوليته؟

أولا: إعفاء الناقل من المسؤولية بإثبات السبب الأجنبي

السبب الأجنبي هو فعل أو حادث معين لا ينسب إلى المدعي عليه ويكون قد جعل منع وقوع الفعل الضار أمرا مستحيلا   ولهذا قد يكون مرد الأضرار الحاصلة للركاب أو البضائع إلى أسباب أجنبية وخارجة عن نطاق نشاط الناقل الجوي مما أدى باتفاقية فارسوفيا والقانون المغربي إلى إجازة هدم قرينة الخطأ المفترض من قبل الناقل كلما نسب إليه الخطأ.
وهذه الأسباب الأجنبية التي تؤدي إلى إعفاء الناقل الجوي من المسؤولية هي القوة القاهرة والحادث الفجائي أو خطأ المضرور أو فعل الغير[67] .

1-            القوة القاهرة والحادث الفجائي :
تمثل القوة القاهرة والحادث الفجائي وسيلة قانونية هامة تسمح للمدين في التزام عقدي أصبح مستحيل التنفيذ طبقا لها، بالتحلل من هذا الالتزام ، إضافة إلى أنها وسيلة قانونية تسمح له بالتخلص من مسؤوليته المدنية عموما[68]  ولقد نظمت اتفاقية فارسوفيا وسائل دفع الناقل الجوي لمسؤوليته عن الأضرار التي تصيب المسافرين في الفقرة الأولى من المادة 20 حيث قررت أن : "1ـ لا يكون الناقل مسؤولا إذا أثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي الضرر أو كان من المستحيل عليه اتخاذها "، فإذا نظرنا إلى الفقرة الأخيرة من هذه المادة لوجدنا أنها تنص على إعفاء الناقل من المسؤولية إذا كان من المستحيل عليه هو أو على تابعيه اتخاذ التدابير اللازمة لتفادي الضرر وهذا في حقيقة الأمر هو مما ينطبق على القوة القاهرة والحادث المفاجئ وتكون الاتفاقية قد اعتبرتها سببا لدفع المسؤولية وإن لم ترد بنص صريح ومن تم يتوجب الرجوع فيها إلى القواعد العامة في القوانين الوطنية، والمشرع المغربي في الفصل 193 من مرسوم الملاحة الجوية نص على نفس الحكم المدني الذي جاء في المادة 20 من اتفاقية فارسوفيا[69].
ولهذا تعتبر القوة القاهرة والحادث الفجائي مسوغا قانونيا يؤدي إلى انهيار القوة الملزمة للعقد متى توافرت شروطها.
أ – مفهوم القوة القاهرة والحادث الفجائي في التشريع المغربي: لقد نظم المشرع المغربي القوة القاهرة والحادث الفجائي في الفرع الثاني من القسم الرابع من قانون الالتزامات والعقود الذي خصص لآثار الالتزامات بوجه عام ما يتصل منها بتلك التي تجد مصدرها في العقد مباشرة أو تلك التي تجد مصدرها في غيره من مصادر الالتزام الأخرى كالمسؤولية التقصيرية أو الإثراء بلا سبب على سبيل المثال. ولهذا نرى أن المشرع المغربي قد عرفها في الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود وتحت عنوان القوة القاهرة والحادث الفجائي بأنها " كل أمر لا يستطيع الانسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية الفيضانات والجفاف والعواصف والحرائق والجراد وغارات العدو، وفعل السلطة ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيل".
ومن الملاحظ أن التعريف الذي جاء به المشرع المغربي في الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود لا يختلف كثيرا عن تعريف الفقيه الرماني ألبيان Ulpun والذي عرف القوة القاهرة بأنها " كلما لم يكن في وسع الآدمي أن يتوقعه وإذا أمكن توقعه فإنه لا يمكن مقاومته"[70]  
ب – شروط القوة القاهرة والحادث الفجائي : إن اتفاقية فارسوفيا المعدلة في لاهاي والقوانين التي أخذت عنها كالقانون المغربي لم تتعرض مباشرة لفكرة القوة القاهرة لأنها اكتفت لدفع المسؤولية بإثبات انتفاء خطأ الناقل إلا أن ذلك يستخلص من الفقرة الأولى للمادة 20 من الاتفاقية والفصل 193 من المرسوم المغربي الذي ينص على: " ….. أو أنه كان من المستحيل عليهم اتخاذها ذلك أن استحالة اتخاذ التدابير الضرورية من جانب الناقل الجوي وتابعيه لا تتحقق إلا في مواجهة الحادث غير الممكن توقعه ولا دفعه ويكون ناتجا عن حادث قادم من خارج دائرة نشاط الناقل " إذن فمن خلال هذا النص القانوني نستخلص مجموعة من الشروط المكونة للقوة القاهرة والحادث الفجائي وهي كالتالي:
 -1 يجب أن يكون الحادث خارجي عن مقاولة النقل
  -2 يجب أن يكون غير قابل للدفع
  -3 يجب أن يكون غير متوقع
أولا ـ يجب أن يكون الحادث خارجي عن مقاولة النقل: يقصد به أن يكون الحادث قادما من خارج دائرة نشاط الناقل خارج دائرة مشروعه، وقد احتدم الجدل حول هذا العنصر، حيث يرى البعض أنه لا يمكن اعتبارها قوة قاهرة في النقل الجوي على أساس أن النقل الجوي مرتبط بالمحيط الذي نشأ فيه وبالتالي فهناك ارتباط بين الحوادث الجوية وعوامل الطبيعة، ورغم وجاهة هذا الرأي لا يمكن تحميل الناقل مسؤولية بسبب أجنبي خارج عن إرادته. فمخاطر الطيران الناتجة عن العوامل الطبيعية تعتبر خارجة عن مجال نشاط الناقل وما ينطبق على النقل البحري والنقل البري ينطبق على النقل عبر الجو، فأصحاب هذا الرأي لم يفكروا في إنكارهم صفة الخارجية على عوامل الطبيعة في طرق النقل الأخرى كالنقل البحري، حيث تعتبر العاصفة القوية المفاجئة قوة قاهرة.
تانيا ـ يجب أن يكون غير قابل للدفع: تفيد هذه الفكرة معنيين الأول يتمثل في عدم قدرة الشخص على منع نشوء الواقعة المكونة للقوة القاهرة، والثاني يتمثل في عدم تمكنه من التصدي للآثار المترتبة عنها[71] وليس من قبيل القوة القاهرة والحادث الفجائي ما يمكن دفعه ولا يعتبر فيه تنفيذ النقل مستحيلا، بل يجب أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا استحالة مطلقة.
يجب أن يتم تقدير هذا الشرط على ضوء التقدم الذي شهده اليوم وقوع الحادث في مجال الطيران، ففي البداية كان من الصعب مطالبة عوامل الطبيعة وكوارثها، أما الآن فقد وصل هذا المجال إلى مستوى عال من التقدم التكنولوجي وزودت الطائرة الحديثة الصنع بمعدات متطورة لقياس الضغط الجوي وأجهزة الرادارات التي تفيد في الحصول على معلومات بخصوص المتغيرات الجوية وبالتالي أصبح بالإمكان تفادي خطر مفاجئ أثناء التحليق في الوقت المناسب، إلا أن إثبات ذلك في بعض الأحيان يكون عسيرا خاصة عند تهشم الطائرة نهائيا أو فقدانها في أعالي البحار.


ثالثا ـ يجب أن يكون غير متوقع:

يجب أن لا يكون في الإمكان توقع الحادث أي أن الحادث الطارئ بطبيعته غير ممكن توقعه عقلا وما لا يمكن في حدود المألوف توقعه . [72]
وعدم إمكان التوقع يجب أن يكون المعيار فيه موضوعيا حسبما تمليه ظروف الحال فيقاس عدم التوقع بالناقل المعتاد مع مراعاة الظروف العامة والخارجية لكل حالة على حدة دون الاعتداد بشخص الناقل أو ظروفه الداخلية الخاصة به وعدم توقع الحادث الجوي هو ما لا يستطيع الناقل العادي توقعه.
ويجب أن يكون عدم التوقع هذا مطلقا لا نسبيا لذلك فتقصير الناقل فيما يجب توقعه لا يعفيه من المسؤولية.

وفي نفس الاتجاه تقدم ورثة المتوفى (س.ع) بمقال افتتاحي  لدى محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، يلتمسون فيه بالحكم على شركة الخطوط الملكية المغربية بأدائها لهم مبلغ 00،700.725  درهم، كتعويض لهم عن وفاة مورثهم على متن الطائرة القادمة من لندن في اتجاه طنجة و ذالك  لغياب المسعف مما يترتب عن ذالك مسؤولية الناقل الجوي حسب المادة 17 من اتفاقية وارسو و الفصل 189 من مرسوم 10 يوليوز 1962  فتم رفض الطلب مع تحمل المدعين الصائر، استنادا أن الهالك وافته المنية اثر سبب اجنبي لا يد للناقل فيه،  يتجلى في أنه كان مصابا بمرض مزمن حسب شهادة الوفاة،، و أن كل من اتفاقية وارسو المؤرخة في 1929/10/12 حول النقل الدولي تم تعديلها و تتميمها باتفاقية مونريال المؤرخة في 1999/5/28 حول توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي، و كذا المرسوم المنظم للملاحة الجوية المغربية ان كانا يقيما مسؤولية الناقل الجوي على اساس الجطأ المفترض اذ وحده اثبات الناقل و تابعيه اتخاذ كافة التدابير الضرورية لمنع الضرر وكذا خطأ المضرور من ينفي عنه المسؤولية[73].
ج – صور القوة القاهرة والحادث الفجائي: سنحاول استعراض أهم صور القوة القاهرة وهي : مخاطر الجو والإضراب ورمي البضاعة.
1 – مخاطر الجو: باعتبار أن مجال هذا النوع من النقل هو الجو، لذا فإن هذه المخاطر الجوية تعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث أضرار بمستعملي وسيلة النقل هذه، في غياب النصوص التشريعية حاول الفقه إعطاء مفهوم لهذه المخاطر الجوية وتبيان الحالات التي من شأنها أن تشكل قوة قاهرة.
وهكذا يقول ربير Repert يجب أن يتاح للناقل الجوي إثبات أن الحادثة كانت نتيجة قوة قاهرة بما تضمنته هذه العبارة من مخاطر التي تحدث أثناء الرحلة والتي لا تعزى إلى الربان ولا إلى عيب في الطائرة.
وقد أحسن الفقيه شوفو Chauveau توضيح مفهوم خطر الجو حيث قال " مخاطر الجو تشمل بطبيعة الحال كل الحوادث الفجائية التي يمكن أن تحدث أثناء الطيران الجوي وبالخصوص تلك التي مصدرها الحوادث الطبيعية" ،[74] ولا تكفي أن تشكل هذه المخاطر الجوية صعوبة أمام الناقل أثناء تنفيذ التزاماته التعاقدية بل يجب أن تكون مستحيلة التوقع ومستحيلة الدفع، هذا وأن مفهوم هذه الاستحالة يتغير مع تطور تكنولوجيا الطيران[75] بمعنى أوضح أن كثيرا من المخاطر الجوية التي كانت تشكل قوة قاهرة أصبحت أمورا عادية ومألوفة وبالتالي لا مجال للناقل الجوي من التمسك بها لدفع مسؤوليته.
 – 2 الإضراب : إن الناقل يسعى دائما للبحث عن الأسباب التي يقول له دفع مسؤوليته ومن بينها الإضراب الذي قد يحول دون تنفيذ التزامه بنقل المسافرين والبضائع إلا أنه يجب مراعاة شروط معينة حتى يكون ذلك الإضراب فعلا قوة قاهرة وهي على الشكل التالي:
أ ـ أن يكون الإضراب عاما.
ب ـ أن يكون الإضراب مفاجئا وغير متوقع.
ج ـ ألا يكون الإضراب نتيجة خطأ الناقل.
3ـ رمي البضاعة: لم تشر إليها اتفاقية فارسوفيا والمرسوم المغربي واكتفى المشرع المغربي في الفصل 235 من مرسوم الملاحة الجوية بتحريم عملية الإلقاء التلقائي وغير الضروري للأشياء والمواد الخطرة. والواقع أن عملية الإلقاء مستحدثة من القانون البحري الذي يسمح لربان السفينة إذا ما وجد نفسه في حالة الضرورة القصوى أي كان لابد من إلقاء البضاعة لإنقاذ السفينة من الغرق ويشترط لإعفاء الناقل من المسؤولية عن رمي البضاعة:
 – 1 أن يكون رمي البضاعة ضروري لإنقاذ الطائرة.
 – 2 ألا تكون ضرورة رمي البضاعة قد تسبب فيها الناقل بخطئه أو خطأ تابعيه.
 – 3 أن يتقيد في حالة ضرورة الإلقاء، برمي البضاعة ذات القيمة الزهيدة.

2-               خطأ المضرور:
قد ينجم الضرر عن خطأ المضرور نفسه، كأن يتعجل الهبوط قبل وقوف الطائرة نهائيا. فيسقط ويتعرض للضرر ، أو يقترب من إحدى مراوح الطائرة فيصاب بأذى أو يغادر مقعده أثناء عمليات الإقلاع والهبوط رغم تحديرات الناقل بالتزام الأماكن، فيصاب بضرر، وقد نصت اتفاقية فارسوفيا في مادتها 21 على خطأ المضرور حيث تقول " إذا أثبت الناقل أن خطأ الشخص المصاب هو الذي تسبب في الضرر أو ساعد على وقوعه فللمحكمة بالتطبيق لأحكام قانونها الخاص، أن تستبعد مسؤولية الناقل أو تخفف منها".
ونلاحظ أن المادة تضمنت قاعدة إسناد تحيل بمقتضاها الاتفاقية على قانون المحكمة المعروض عليها النزاع ذلك لعدم تمكن المؤتمرين في التوفيق بين مختلف الحلول التي تقررها التشريعات الوطنية بشأن خطأ المضرور.
وقد أضيف هذا العنصر في مؤتمر فارسوفيا باقتراح من المندوب البريطاني وإعفاء الناقل في المسؤولية يكون بقدر خطأ المضرور إحداث الضرر على أن التحديد يكون من اختصاص قانون المحكمة المطروح عليها النزاع لتقدير أثر خطأ المضرور في المسؤولية.
وفي التشريع المغربي تطبق أحكام الفصل 193 من مرسوم الملاحة المغربية الصادر بتاريخ 10 يوليوز 1962 والذي نص على أنه " يمكن استبعاد مسؤولية الناقل الجوي أو تخفيفها إذا أثبت أن الضرر يرجع إلى خطأ المضرور أو أنه ساهم في إحداثه".
من خلال هذا النص نستشف أن المشرع المغربي ، يشترط للحكم بانقضاء مسؤولية الناقل الجوي، أن يكون الضرر بأجمعه راجعا إلى خطأ المضرور وحده، أما إذا كان راجعا إلى المساهمة بين خطأ المضرور والناقل فإنه يجب توزيع المسؤولية بينهما بقدر المساهمة في الضرر [76]

وهكذا إذا كانت المادة 21 من اتفاقية فارسوفيا قد أحالت على القانون الوطني الواجب التطبيق فإنه في ظل التشريع المغربي نراه يعترف بخطأ المضرور كسبب لإعفاء الناقل من المسؤولية وتمشيا مع تحقيق مصالح جميع أطراف عقد النقل الجوي فقد يختلف الحكم حسب مساهمة كل منهما في إحداث الضرر على النحو التالي:
(1) إذا استطاع الناقل الجوي أن يثبت أن الضرر يعود إلى خطأ المضرور وحده وإن لم يرتكب أي خطأ ولم يكن بإمكانه أن يتوقع حدوث الضرر أو أن يدفعه [77] أي أنه اتخذ وتابعيه كل التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر.
(2) أما إذا كان خطأ المضرور لم يكن هو السبب الوحيد للضرر ولكنه ساهم إلى جانب خطأ الناقل دون أن يستغرق أحدهما الآخر، فإن قواعد العدالة تأبى أن تلقي المسؤولية بكاملها على عاتق الناقل وهذا ما نهجه المشرع المغربي في الفصل 193 من مرسوم الملاحة الجوية بأن أعطى للقاضي تقدير الموقف والحكم إما بتعويض كامل أو إنقاص التعويض بقدر مساهمة كل منهما في إحداث الضرر.
أما إذا رجعنا إلى القانون الأمريكي على وجه الخصوص فإن الناقل الجوي يعفى تماما من أية مسؤولية متى كان هناك الخطأ للمضرور ولو وجد بجانب خطأ الناقل لأنها لا تعرف نظام التخفيف أوتجزئة المسؤولية، فإما أن تكون مسؤولية كاملة أو لا مسؤولية، وذلك إعمالا لقاعدة الإهمال المشترك والتي تفيد أنه بإمكان الناقل أن يثبت أن المضرور كان يمكنه تفادي الضرر لو تصرف على نحو معقول.

3 –  فعل الغير.
قد يحصل أن الراكب أوالبضاعة يصاب بضرر من طرف شخص أجنبي من الناقل لا تربطه به أية علاقة تعاقدية أو تبعية أو إشراف لتنفيذ عملية النقل الجوي، مثلا كالموظفون الإداريون وسلطات المطار والجمارك والأمن. أما مرسوم الملاحة الجوية المغربي في الفصل 193 لم يتعرض للغير وإنما حدى حدو اتفاقية فارسوفيا في النص على اتخاذ التدابير الضرورية أو كان يستحيل عليه وتابعيه اتخاذ تلك التدابير. [78]
وعليه يشترط في الغير ألا يكون من الأشخاص الذين يسأل عنهم الناقل أي من يستخدمهم في تنفيذ التزامه بحيث يجب أن يكون الغير أجنبيا تماما عن الناقل، ولا يرتبط بأية رابطة عقدية مع الناقل يكون فيها نائبا عنه أو مستخدما لديه .
وهكذا حتى يستطيع الناقل الجوي أن يتحلل من مسؤوليته عن الضرر الحاصل من الغير، أن يثبت أن هذا الخطأ غير متوقع وليس في إمكانه دفعه وأنه هو السبب الوحيد للضرر الذي وقع.

تانيا: إعفاء الناقل الجوي من المسؤولية بإثبات عدم الخطأ.
إذا كان الناقل الجوي يستطيع أن يتحلل من مسؤوليته عن طريق إثبات السبب الأجنبي المتمثل في القوة القاهرة والحادث الفجائي وفعل الغير وخطأ المضرور، فإن هناك حالة لا يستطيع فيها الناقل أن يثبت أنه لم يرتكب أي خطأ هو وتابعيه وأن الضرر يعود إلى أسباب أخرى، إذن فالسؤال المطروح ما هي هذه الأسباب التي يركن إليها الناقل ليستطيع التحلل من مسؤوليته؟

1 – اتخاذ التدابير الضرورية:
لم تحدد اتفاقية فارسوفيا ولا المرسوم المغربي المقصود بالتدابير الضرورية وبالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للفقرة الأولى من المادة 20 لا نجد توضيحا لمصطلح التدابير الضرورية سوى ما ذكره المندوب البريطاني بأنها التدابير المعقولة التي طالب إدراجها في مشروع الاتفاقية في مؤتمر باريس 1925 مما أدى بالفقه والقضاء التصدي لذلك.
أولا الفقه: لقد تضاربت الآراء حول تحديد مفهوم التدابير الضرورية، فانصراف العبارة إلى المعنى الحرفي يؤدي لا محالة إلى ضرورة إثبات الناقل للسبب الأجنبي في أغلب الحالات هذا ما يخالف ما قصد إليه واضعوا الاتفاقية، لأن الإثبات المطلوب من الناقل ليس إثباتا سلبيا أي إثبات عدم ارتكابه خطأ بل هو إثبات إيجابي أي إثباب أنه اتخذ تدابير معينة لتفادي وقوع الضرر . [79]
وعلى ذلك قد أثارت عبارة التدابير الضرورية اختلاف في معناها يمكن حصرها في اتجاهين اثنين:
الاتجاه الأول: يذهب إلى تفسير العبارة بما يتفق ومضمون الالتزام الذي تفرضه الاتفاقية على عاتق الناقل وهو بذل عناية لا تحقيق غاية مع الأخذ في الاعتبار المجال الذي يستغل فيه المدعى عليه، وهو واقع الملاحة الجوية ومخاطرها، ولذلك فالتدابير الضرورية هي تلك التي تفرضها العناية العادية للنقل، من قبل ناقل جوي عادي ويؤخذ في تحديد العناية بمعيار موضوعي هو الناقل الجوي العادي إذا مر في نفس الظروف التي يوجد فيها الناقل المسؤول، وآخذا من هذا الرأي على الناقل الجوي إذا أراد التحلل من المسؤولية أن يقيم الدليل على انتفاء خطئه أي أنه وتابعيه قد بذلوا العناية العادية في تنفيذ عقد النقل ، أي بذلوا العناية المطلوبة، أي اتخاذ التدابير المعقولة. إلا أنه في حالة ما إذا كان سبب الحادث مجهولا وهذا حال أغلب الحوادث الجوية فالناقل لا يتحمل تبعة هذا الحادث ويتحرر من المسؤولية ما دام قد أثبت أنه قد بدل العناية المطلوبة من مثله من الناقلين الجويين منذ بدء الرحلة وحتى الحادث [80].
الاتجاه الثاني : يذهب أنصاره إلى أن التطور الذي لحق صناعة الطيران وعرفه ميدان النقل الجوي والأرصاد الجوية ، يدعو إلى فهم عبارة التدابير الضرورية في ضوء سبب الحادث الذي أدى إلى الضرر وبطلب من الناقل أن يثبت أمرين، لكي ينتج الدفع أثره في انتقاء مسؤوليته وهما:
(1) إقامة الدليل على أن سبب الحادث هو سبب أجنبي لا يد فيه.
(2) إقامة الدليل على أن السبب لا يرجع إلى خطئه أو خطأ تابعيه، بإثبات أنهم قد اتخذوا كل التدابير المعقولة لتفادي الضرر.
فإذا ما أثبت الناقل هذين الأمرين، استطاع أن يتحلل من المسؤولية أما دون ذلك فمسؤوليته تبقى قائمة.
أما إذا ظل سبب الحادث مجهولا، فالناقل يتحمل تبعية السبب المجهول، وتبقى قرينة الخطأ المقررة في المادة 17 من اتفاقية فارسوفيا سارية ضده.
فاتجاهان لا يختلفان عن بعضهما في تحديد التدابير الضرورية إلا في حالة بقاء سبب الحادث مجهولا . [81]

ثانيا القضاء : لقد أدى هذا الخلاف الفقهي حول تفسير نص الفقرة الأولى من المادة العشرين  إلى اختلاف في الاجتهاد القضائي في العديد من الدول.
فالقضاء الأمريكي أخذ في البداية بالتفسير الضيق للنص إذ استلزم من الناقل اتخاذ التدابير الضرورية الممكنة، أو أن يكون قد بذل أقصى ما في استطاعته من التدابير الضرورية، لذلك لا يعفى الناقل من المسؤولية إذا كان هناك إجراء أو تدبير كان يمكن أن يمنع وقوع الضرر ولم يتم باتخاذه، إلا أن القضاء الأمريكي بدأ يتحول موقعه المتشدد هذا ضد الناقل حيث قرر ت محكمة جنوب نيويورك في أحد أحكامها أن عبارة التدابير الضرورية ينبغي صرفها إلىمعنى التدابير المعقولة، بحيث لا يتطلب من الناقل الجوي أقصى درجات الحرص بل فقد درجة الحرص المناسبة تبعا لظروف كل حالة على حدة.
أما القضاء الفرنسي فلم يتخذ موقفا موحدا من تفسير عبارة التدابير الضرورية مما أدى إلى تضارب في الأحكام، فبعضها أخذ بمعيار الناقل الحريص حيث طلبت المحكمة من الناقل إثبات بذل العناية المعقولة التي يقوم بها ناقل حريص في تسيير شؤون مؤسسته وقد سارت بعض المحاكم في هذا الاتجاه نفسه إلا أن هناك محاكم أخرى لم تقبل بهذا التفسير فاستلزمت من الناقل وتابعيه اتخاذ كافة التدابير الضرورية لمنع وقوع الضرر قبل وقوع الحادث، كما أن هناك أحكام أخرى أخذت بالتفسير الضيق للنص حيث طلبت أن يثبت الناقل أن الضرر الناجم عن سبب خارجي وأنه وتابعوه لم يتسببوا في حدوث الضرر.
ويمكننا استخلاص اتجاه القضاء المغربي رغم ندرة الأحكام الخاصة بمسؤولية الناقل الجوي من خلال حكم المحكمة الابتدائية بالرباط في قضية الحاج عمر بن سعيد والذي توفي إثر سقوطه من سلم الطائرة حيث جاء في حيثيات الحكم " وحيث أن الناقل قد ارتكب خطأ يكاد أن يكون منعدما وحيث كان على المستخدمين التابعين للطائرة أن يرافقوا المسافرين ويمكنوهم من إرشاداتهم اللازمة… وحيث كان من الممكن تفادي وقوع الحادثة لو أن الناقل اتخذ جميع الاحتياطات الضرورية لسلامة المسافرين مما يجعل مسؤولية الحادثة تقع بكاملها على عاتقه".
على الرغم من أن المحكمة في هذه القضية قد استبعدت تطبيق أحكام اتفاقية فارسوفيا لم تستند في حكمها إلى الفصل 193 من مرسوم الملاحة الجوية بل اعتمدت في حكمها على العلاقة التعاقدية التي تثبتها بطاقة ركوب المسافر وعليه فإن ما ذهبت إليه المحكمة يتماشى مع روح نص المادة 20/1 ونص الفصل 113 من المرسوم الذي يتطلب من الناقل اتخاذ التدابير المعقولة لتفادي وقوع الحادث وتقدير ذلك يرجع إلى قاضي الموضوع في المحكمة المعروض عليها النزاع. [82]
2 –  العيب الذاتي و الخفي في الطائرة:
رغم الاحتياطات التي يتخذها الناقل الجوي وتابعوه، فإنه يحدث أن تسقط الطائرة وتتحطم لعيب ذاتي فيها لا يعلمه الناقل ولم يكن بإمكانه أن يعلمه إلا بالصيانة الدورية لطائرته إذن فالسؤال المطروح هو هل يبقى الناقل مسؤولا رغم أن الضرر كان بسبب عيب داتي وخفي في الطائرة أن يتحلل من مسؤوليته استنادا إلى هذا السبب؟
كان مشروع اتفاقية فارسوفيا يحمل نصا يحدد فيه مسؤولية الناقل الجوي عن العيب الذاتي في الطائرة "… مالم يكن الضرر راجعا إلى عيب ذاتي في الطائرة" لكن مندوب فرنسا، رفض هذا النص بعلة أن ذلك يفتح الباب أمام الدعاوى الكيدية التي تضر بمصالح الناقل وأيده المندوب الإنجليزي، فألغى النص رغم اعتراض المندوب السويسري، الذي كان يقف إلى جانب الشخص المنقول خاصة وأن الناقل دعوى الرجوع إلى الصانع.
وهكذا أصبح العيب الخفي في الطائرة يخضع لأحكام المادة 20 من الاتفاقية ويعفى الناقل من المسؤولية إذا أثبت، أنه وتابعيه قد اتخذوا كل الاحتياطات الضرورية لتلافي الضرر ، أو كان يستحيل عليه اتخاذها وهو في هذه الحالة أخذ تطبيقات القوة القاهرة، ويجب عليه أن يتوافر فيه عنصرا عدم إمكان التوقع بأن كان العيب خفيا لا يمكن كشفه ببذل العناية العادية والفحص الفني الذي يقوم به المختصون، وعدم إمكان التلافي بأنه لم يكن في مقدور الناقل وتابعيه تفادي وقوع الضرر فور ظهور العيب.
وذهب الدكتور تروت الأسيوطي في رسالته مسؤولية الناقل الجوي إلى أن الاتفاقية أعفت الناقل من تابعة العيب الخفي في الطائرة لأنه يستطيع أن يقدم شهادة صلاحية للطائرة، وأنها كانت موضع فحص دقيق منتظم وأنه ليس بالإمكان الكشف عن هذا العيب ويستطيع إن لم يكن بإمكانه منح حدوث الضرر ولكن هذا الرأي، محل نظر لأن الاتفاقية بعد حذف المادة المتعلقة بالعيب الخفي لم تميز بين الناقل والمسافر بل جعلت الفرص متكافئة بينهما لأن الناقل عند حصول الحادث الجوي لسبب عيب خفي في الطائرة يظل مسؤولا ما لم يثبت أن العيب كان حقيقيا ويستحيل عليه توقعه، وكذلك استحالة دفعه ويظل مسؤولا كذلك إذا ظل الحادث مجهولا.

الفقرة التانية : الإعفاء الاتفاقي لمسؤولية الناقل الجوي:


   لقد منح التشريع الدولي والوطني للناقل الجوي عدة وسائل قانونية يدفع بها مسؤوليته عن الأضرار التي تلحق بالراكب. إلا أن الناقل لا يكتفي بهذه الوسائل رغم كثرتها مما نراه قد يسلك طريقا آخرا من أجل إدراج شروط أو اتفاقات تهدر مسؤوليته المفترضة وتخول لها التنصل من المسؤولية الملقاة على عاتقه.
إذن هل تعتبر هذه الاتفاقات صحيحة أم باطلة؟ وهذا ما سنحاول الإجابة عنه  

أولا : المقصود باتفاقيات المسؤولية.
ثانيا: نطاق اتفاقات الإعفاء من المسؤولية.
ثالثا: نطاق بطلان اتفاقات الإعفاء من المسؤولية.
              أولا : المقصود باتفاقات المسؤولية :
اتفاقات المسؤولية هي اتفاقات يقصد بها تنظيم آثار المسؤولية على غير الوجه الذي نظمت عليه في القانون، ويقصد تعديل أحكام المسؤولية الناشئة عن الإخلال بالعقد أو المتولدة عن إتيان فعل غير مشروع، إما أن يرفع المسؤولية عن المدين فيمتنع أن تترتب آثارها في ذمته رغم توافر جميع عناصرها بحيث لا يلتزم هذا الأخير بدفع تعويض إلى الدائن، وإما بتخفيف المسؤولية مع بقائها على عاتق المدين، فيتضاءل أثرها تجاهه، وبحيث لا يلتزم بالتالي إلا بدفع تعويض جزئي إما بإنقاص المدة التي يجوز خلالها للدائن رفع دعواه تجاه المدين.
واتفاقات المسؤولية تتميز عن اتفاقات تحديد مضمون العقد بحذف التزام ناشئ عنه أو بتخفيفه. فموضوع اتفاقات المسؤولية ليس إعفاء المدين من التزام أو تخفيف عنه، بل يظل المدين مثقلا بالالتزام ويجب عليه الوفاء به كل ما هنالك أن المدين إذا لم ينفذ التزامه لا يكون مسؤولا تجاه الدائن عن الإخلال بالالتزام وبالتالي لا يلتزم بدفع تعويض عن الضرر الذي يلحق الدائن من جراء عدم التنفيذ إما في اتفاقات التحديد مضمون العقد بحذف التزام منه أو بتخفيفه، فإن المدين لا يكون ملتزما على الإطلاق بالالتزام المحذوف أو فيما جاوز الالتزام المخفف ومن تم لا تنعقد مسؤوليته أصلا أو تقوم مخففة ابتداء. [83]

    ثانيا : بطلان اتفاقيات الإعفاء من المسؤولية.
لقد كان النقل الجوي في السابق في مرحلة التطور والنمو مما جعل بعض التشريعات إجازة شرطا خطيرا يمس مصلحة الركاب وهو الاتفاق على إعفاء الناقل الجوي من مسؤوليته وذلك من أجل مساندة الناقلين الجويين.
ومن بين التشريعات نذكر على سبيل المثال لا الحصر قانون الملاحة الجوية الفرنسي الصادر بتاريخ 31 ماي 1924 حيث أباح شروط الإعفاء من المسؤولية من مخاطر الجو والخطأ في قيادة الطائرة وقيد نفاذ هذه الشروط بتوافر أمور معينة نصت عليها المادة 42 وهي:
(1) أن تكون الطائرة صالحة للملاحة الجوية وقت إقلاع الطائرة.
(2) أن يتوافر أعضاء الطاقم على الشهادات والتراخيص الإدارية اللازمة.
كما تبنى المشرع المغربي هذا الشرط بمقتضى ظهير فاتح أكتوبر 1928 بحيث نصت المادة 28 من هذا الظهير على ما يلي: " يمكن للناقل بشرط صحيح أن يتحلل من المسؤولية الملقاة على عاتقه نتيجة مخاطر الجو والأخطاء المرتكبة من طرف كل شخص يعمل على متن أو في قيادة الطائرة سواء تعلق الأمر بأشخاص أو ببضائع".
ولقد تعرضت هذه التشريعات لانتقاضات مما جعلها تعدل عنها ومن بينها المشرع المغربي الذي نص في الفصل 195 من مرسوم الملاحة الجوية الصادر في 1962 على بطلان كل شرط يهدف إلى إعفاء الناقل الجوي من المسؤولية أو التخفيف منها[84]، كما سلكت اتفاقية فارسوفيا نفس المسلك الأخير بحيث قررت بطلان كل الاتفاقيات على إعفاء الناقل الجوي من المسؤولية وذلك حماية للركاب والشاحنين وحرصا على الحفاظ على التوازن الذي أقامته بين مصلحة مستعملي الطائرة ومصلحة الناقل الجوي ولذلك نصت في مادتها 22 على أن " كل شرط يهدف إلى إعفاء الناقل من مسؤوليته أو إلى تقرير حد أدنى من الحد المعين في هذه الاتفاقية يكون باطلا وكأن لم يكن على أن بطلان هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان العقد الذي يظل خاضعا لأحكام هذه الاتفاقية".
وقد استثنى بروتوكول لاهاي من حكم هذا البطلان الشروط المتعلقة بالضياع أو الضرر الناتج من طبيعة البضاعة أو من عيب ذاتي فيها
        ثالثا : نطاق بطلان اتفاقات الإعفاء من المسؤولية.
إذا كان المبدأ في الاتفاقية والمرسوم المغربي هو بطلان شروط الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها، فلا يقتصر هذا البطلان على الشروط التي تهدف إلى ذلك بطريق مباشر، بل يمتد أيضا ليلحق كل شرط يهدف بطريق غير مباشر إلى مثل هذا الإعفاء أو التخفيف، وهو بالانتقاص مما تقرر للمضرور من حقوق في سبيل تعويض ما يلحق من ضرر وعلى هذا النحو يجب أن تعتبر باطلة شروط تقصير مواعيد الاحتجاج أو مدة سقوط أو تقادم الدعوى وشروط نقل عبء الإثبات بوضعه على عاتق الراكب أو المرسل بدلا من الناقل إذ يحمل ذلك معنى التحايل على ما تقرره الاتفاقية والمرسوم من بطلان شروط الإعفاء من المسؤولية نظرا لتعذر قيام الراكب أو المرسل بمثل هذا الإثبات.
ولكن يخرج عن نطاق البطلان المقرر في الاتفاقية الشروط الاتفاقية التي تهدف إلى تشديد مسؤولية الناقل الجوي عن طريق وضع حدود التعويض أعلى من الحدود الواردة في المادة 22 وذلك لأن مثل هذه الشروط لا تتناقض مع المبادئ الواردة في نص المادة 23 ولكن تقدير صحة هذه الشروط يترك للقانون الوطني الواجب التطبيق.
كما نضيف أن الإعفاء من المسؤولية أو النزول بحدها من الحد الأقصى المحدد في المادة 22 فهي بدورها تخرج عن نطاق البطلان، لأن هذا الأخير المنصوص عليه في الاتفاقية لا يشمل إلا الاتفاقات السابقة على وقوع الضرر. ويستفاد ذلك من نص المادة 32 من الاتفاقية التي تقضي بأن" تكون باطلة جميع شروط عقد النقل وجميع الاتفاقات الخاصة السابقة على وقوع الضرر إذا خالف الأطراف المتعاقدون بمقتضاها قواعد هذه الاتفاقية، إما بتعيين القانون الواجب التطبيق أم بتعديل قواعد الاختصاص"
غير أن هذه الاتفاقيات المعقودة بعد وقوع الضرر تخضع من حيث تقديرها إلى حكم القانون الوطني الواجب التطبيق[85]

 

 

 

 

 

 

خاتمة

 

لقد ساير المشرع المغربي تطورات الدولية في ميدان النقل الجوي من الناحية الإدارية والتقنية ونظرا لموقعه الجغرافي باعتباره بوابة إفريقيا تجاه أوروبا ومجاله الجوي كان محل أنضار الدول والعربية و الغربية وخاصة الأوروبية مما دفع هذه الدول إلى إبرام اتفاقية ثنائية ومعاهدات دولية منظمة لنقل الجوي سواء الداخلي أو الخارجي، لكن ما يؤاخذه عليه أنه لم يأتي بقانون جوي منظم جامع لأحكام قانون الالتزامات و العقود و مدونة التجارة، وأحكام القانون الملاحة الجوية, وخاصة أنه لم يأتي بإعطاء مجموع من التعريفات المتعلقة بالميدان الجوي، وإنما أحالها على اتفاقية ومعاهدات دولية ولهذا الغرض يرجى أن يتدارك المشرع المغربي هذه الثغرة القانونية مما لها من أثار إيجابية تساهم في التقدم الاقتصادي والسياحي للبلاد.

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

·                      المراجع العامة:

* عبد الفضيل محمد أحمد، القانون البحري والجوي، مكتبة الجديدة المنصورة.سنة.1981

* سليمان مرقص، الوافي في شرح القانون المدني جزء 2 القاهرة.سنة. 1988

*–  عبد الرزاق احمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجزء الاول القاهرة  1964

·                      المراجع الخاصة:

* ابادير رفعت القانون الخاص الجوي المغربي بدون دار النشر و لا طبعة سنة 1978

* احمد محمود الكندري، النظام القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية مونتريال1999، مطبعة جامعة الكويت، سنة 2000

  * أكرم ملكين، القانون الجوي، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع. الإسكندرية.سنة

1997

طالب حسن موسى، القانون الجوي الدولي، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع الطبعة الأولى سنة 1998

* عدلي أمير خالد، عقد النقل الجوي والمستحدث عن أحكام النقض وأراء الفقه.دار المطبوعات الجامعية.اسكندرية.الطبعة الأولى.سنة.1998.

*عمر سمير الشرقاوي، محاضرات في القانون الجوي، القاهرة، الطبعة الأولى، سنة 1999

*سعيد بنحماني مسؤولية الناقل الجوي مقارنة في ضوء اتفاقية فارسوفيا المعدلة و القانونين المغربي و العراقي  .

* محمد فريد العريني، القانون الجوي النقل الجوي، النقل الجوي الداخلي والدولي، الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت، الطبعة الأولى،سنة 1998 .

 * محمد حمزة عبد الرحمان التزامات التاقل الجوي بسلامة المسافرين رسالة لنيل دبلوم تادراسات العليا 1993

*محيي الدين إسماعيل علم الدين، القانون الجوي، بدون دار النشر.سنة.1998  .

* مختار بكور مسؤولية الناقل الجوي في القانون المغربي اطروحة لنيل دكتوراه الدولة 1989

*ناجي عبد المؤمن، الوجيز في قانون الطيران المدنين، بدون دار النشر، الطبعة الأولى. 1999.

المراجع الفرنسية :

 F. Raoult,les Clouses de non responsabilité dans le transport ariezn

( thése1934)p19.                                                                                         

الأطروحات والرسائل:

*الحافظي نجاة، المسؤولية المشددة للناقل الجوي في اتفاقية وارسو و الاتفاقيات الدولية المعدلة لها، اطروحة لنيل دكتوراه، في الحقوق قانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق,كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية ، لسنة 2003-2004

*اليوموري فريدة، عالقة السببية بين الخطأ و الضرر في مجال المسؤولية التقصيريةدراسة مقارنة، اطروحة في قانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق,كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 1999-2000

*عائشة فضيل: مسؤولية الناقل بين التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1997/1998 .

 

 

المقالات:

* عائشة فضيل, المسؤولية عن التأخير في النقل الجوي, مطبعة النجاح الجديدة.الدار البيضاء,مجلة المناهج القانونية, عدد مزدوج11-12 سنة 2008

 

·                      المواقع الإلكترونية :

* www.djelfa.info

* www.mojtamai.com/…k2/…/1393               

*www.lawjo.net

*mylawyer1.com/new/?p

 


 

 –[1]ظهير شريف رقم 537.66 الصادر بتاريخ 23 ذي القعدة 1389 (31 يناير 1970) يتمم بموجبه المرسوم رقم 2.61.161 الصادر في 7 صفر 1382 (10 يوليوز 1962 ) بتنظيم الملاحة الجوية المدنية  وإحداث لجنة للسلامة الجوية، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 2989 بتاريخ 11/02/1970 الصفحة  422.

1-  ظهير شريف رقم 1.96.83الصادر في15 ربيع الأول ربيع الأول 1917 (فاتح أغسطس 1996) بتنفيذ القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 4418، تاريخ 3 أكتوبر 1996 ص2187.

 

 

[3] –  ناجي عبد المؤمن: الوجيز في قانون الطيران المدنين بدون دار الطبعة الأولى 1999 ص202.

[4] –  عدلي أمير خالد: عقد النقل الجوي والمستحدث عن أحكام النقض وأراء الفقه  دار المطبوعات الجامعية.إسكندرية .الطبعة الأولى.ص.15.

[5] –  محمد فريد العريني: القانون الجوي النقل الجوي  الدار الجامعية، بدون طبعة ص44-45.

[6] –  تذكرة السفر هي تلك الوثيقة الدالة على عقد نقل الاشخاص جوا و طبقا لشروط "اياتا" يجب أن تكون اسمية غير خاضعة للتحويل الا بموافقة الناقل.

[7] –  ناجي عبد المؤمن: م س، ص206.

[8]–  عدلي أمير خالد،المرجع السابق ص 17.

[9]–  رفعت ابادير القانون الخاص الجوي المغربي بدون دار النشر و لا طبعة سنة 1978 ص163.                                                                                                 

[10]– ناجي عبد المؤمن: م س، ص18 .                                                                                                

.

[11]–  www.lawjo.net

[12]– رفعت ابادير المرجع السابق ص166و16

 

 

[13] www.mojtamai.com/…k2/…/1393

[14] –  عدلي أمير خالد: م س، ص33.

[15] –  محيي الدين إسماعيل علم الدين: م س، ص8.

[16] – أستاذتنا عائشة فضيل: مسؤولية الناقل بين التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني عين الشق,كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 1997/1998 ص6.

[17] –  محمد فريد العريني: القانون الجوي, النقل الجوي الداخلي و الدولي، دار الجامعية للطباعة والنشر بيروت,الطبعة الأولى,سنة,1998. ص57.

[18] – أستاذتنا عائشة فضيل: م س، ص11.

[19] – محمد فريد العريني: م س، ص59.

[20] –  WWW.DJELFA.INFO

[21] –   COURS D4APPEL DE VERSAILLES ? 14 DEC. 1995 RFDA. 1996 P.119 VOUR AUSSI NOTE 5SANS AUTEUR° P.121.

هذا الحكم أوردته  الدكتورة عائشة فضيل في رسالتها، م س، ص13.

[22] –  محيي الدين إسماعيل علم الدين: م س، ص8.

[23] –  عائشة فضيل: م س، ص14-15.

[24] –  عائشة فضيل: م س، ص16.

[25] –  محمد فريد العريني: م س، ص53.

[26] –  عائشة فضيل: م س، ص18.

[27] –  عائشة فضيل: م س، ص19.

[28] –  المادة 443 من م ت بالجريدة الرسمية 1996 عدد 4418 بتاريخ 19 جمادى الأول 1417 (3 أكتوبر1996( ص 2187.

[29] –  يقصد بالملاحة الجوية الداخلية عملية النقل الجوي الداخلي والتي تتم داخل الحدود الإقليمية للدولة,مثلا دالك النقل الذي يتم عبر الجو بين مدينتي الدار البيضاء و أكادير. 

[30] –  طالب حسن موسى: القانون الجوي الدولي، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع, الطبعة الأولى, سنة 1998 ص128.

[31] –  لم يتضمن الطيران المغربي أية قواعد خاصة بالتزامات التي يتحملها  كل من الناقل والشاحن,

[32] – محمد فريدالعريني: م س، ص166.

[33] -الحافظي نجاة، المسؤولية المشددة للناقل الجوي في اتفاقية وارسو و الاتفاقيات الدولية المعدلة لها، اطروحة لنيل دكتوراه، في الحقوق قانون الخاص ، جامعة الحسن الثاني عين الشق,كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 2003-2004 ص 34.

[34]– mylawyer1.com/new/?p

[35] – محمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، قرار رقم 4604 الصادر في تاريخ2011/11/03، ملف تجاري,عدد 3604,غير منشور.

[36] -فاروق احمد زاهر، تحديد مسؤولية الناقل الجوي الدولي و دراسة في اتفاقية فارسوفيا و البروتوكولات المعدلة لها، دار النهضة العربية، 1985 ص443.

[37] –  عدلي أمير خالد، م س، ص 56-57.

[38] –  طالب حسن موسى، م س، ص134.

[39] – نقصد بهذا الاختصار:الولايات المتحدة الأمريكية.

[40] –  محمود سمير الشرقاوي، محاضرات في القانون الجوي، القاهرة, بدون طبعة, ص87-88.

[41] –  أكرم ملكين، القانون الجوي، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع,الطبعة الأولى,سنة 1997، ص121.

[42] –  إياتا: هو مصطلح لاختصار اسم الاتحاد الدولي للنقل الجوي.INTERNATIONAL AIR TRANSPORT ASSOCIATION

[43] –  فريد العريني: م س، ص168.

[44] –  طالب حسن موسى، م س، ص132.

[45] –  أكرم ملكين، م س، ص117.

[46] –  رفعت أبادير، م س، ص188و189.

[47]www.mojtamai.com/…/k2…/1393.

[48]عدلي أمير خالد،م س، ص64

[49][49]www.mojtamai.com/…/k2…/1393.

 

[50]محيي الدين اسماعيل علو الدين ، م س، ص106.

 

[51] www.lawjo.net

 

[52] –  فاروق احمد زاهر، مرجع سابق، ص320.

[53] –  حافظي نجاة،مرجع سابق،ص115.

[54] –  اليوموري فريدة، العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر في مجال المسؤولية التقصيرية دراسة مقارنة، اطروحة في قانون الخاص جامعة الحسن الثاني عين الشق,كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 1999-2000، ص4.

[55] –  ناجي عبد المومن، مرجع سابق، ص82.

[56] –  عدلي أمير خالد، م س، ص57.

[57] –  محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، قرار عدد 2123 الصادر بتاريخ 2006/04/18 ملف تجاري رقم 3092 غير منشور.

[58] –  تنص المادة 479 من مدونة التجارة في فقرتها الأولى على مايلي"إذا تأخر السفر فللمسافر الحق في التعويض عن الضرر".

[59] –  المواد من 477 إلى 481 مدونة التجارة المغربية.

[60] –  عائشة فضيل,المسؤولية عن التأخير في النقل الجوي, مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء, مجلة المناهج القانونية, ,عدد مزدوج11-12 سنة، 2008.ص77 .

[61] –  من هذه التدابير: قبل منع شركات الطيران الركاب من السفر بسبب حجوزات زائدة فإنها تعمل على التفاوض مع الركاب الذين يقبلون تأخير رحلتهم مقابل مصاريف الأكل والإقامة وغيرها.

– تعويض جزئي للركاب يؤدي نقداً أو بأي يكون بوسيلة أخرى.

– 250 أورو لرحلات 1500 كيلومتر على الأقل,

-400 أورو للرحلات بين 1500 و3500 كلم ولكل الرحلات داخل الاتحاد التي تفوق 1500كلم.

-600 أورو للرحلات التي تفوق 3500 كلم.

[62] –  نقصد هنا إلغاء النقل للرحلة الجوية.

[63] -محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، قرار عدد 1650 الصادر في تاريخ2011/03/03 ملف تجاري عدد 3269 غير منشور.

[64] –  تنص المادة 20 من اتفاقية وارسو الصادرة 1924 والتي دخلت حيز التنفيذ 1993 على ما يلي "الناقل يعفي من المسؤولية في حالة استحالة تفادي وقوع الضرر".

[65] –  قرار رقم 5446، صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، بتاريخ 2009/04/30  الملف التجاري رقم 3145 غير منشور.

[66] –  عبد الفضيل محمد أحمد، القانون البحري والجوي، مكتبة الجديدة المنصورة سنة  1981 ص490.

[67] –  سلمان مرقس الوافي في شرح القانون المدني الجزء الثاني القاهرة 1988 ص477.

[68] –  محمد كشبور نظام التعاقد و نظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة الطبعة الاولى 1993 ص21

[69] –  محمد حمزة عبد الرحمان التزامات التاقل الجوي بسلامة المسافرين رسالة لنيل دبلوم تادراسات العليا 1993ص249.

[70] –  –  محمد كشبور  م س ص25/27

 

[71] –  –  محمد كشبور م س ص33

[72] –  عبد الرزاق احمد السنهوري الىسيط في شرح القانون المدني الجزء الاول القاهرة  1964 ص997

[73] -محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، قرار عدد 299 الصادر في تاريخ2008/03/04 ملف تجاري عدد 2007/5/174 غير منشور.

[74] –  مختار بكور مسؤولية الناقل الجوي في القانون المغربي اطروحة لنيل دكتوراه الدولة 1989ص103

 

[75] –  F. Raoult,les Clouses de non responsabilité dans le transport ariezn( thése1934)p19.                                                                                          

 

[76] –  –  محمد حمزة عبد الرحمان م س  ص264

[77] –  –  مختار بكور م س ص147.

 

[78] –  –  محمد حمزة عبد الرحمان م س  ص258.

 

[79] –    سعيد بنحماني مسؤولية الناقل الجوي مقارنة في ضوء اتفاقية فارسوفيا المعدلة و القانونين المغربي و العراقي   ص65-66

 

[80] –  –  محمد حمزة عبد الرحمان م س  ص268-269.

 

[81] –  –  محمد حمزة عبد الرحمان م س  ص270

 

[82] –  –  سعيد بنحماني م س  صمن 67 الى 70

 

[83] –  –  عبد الفضيل محمد احمد  القانون البحري و الجوي مكتبة الجلاء الجديدة المنصورة 1989   ص502-503

 

[84] –  ذ عائشة فضيل م س  ص118-119.

 

[85] –  –  محمدفريد العريني  م س  ص156.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى