في الواجهةمقالات قانونية

مسؤولية الناقل عن سلامة البضائع في القانون الجوي الدولي: مقاربة مع القانون القطري

مسؤولية الناقل عن سلامة البضائع في القانون الجوي الدولي: مقاربة مع القانون القطري

 

د. محمود موسى دودين، أستاذ القانون المدني المساعد، كلية القانون، جامعة قطر

 

أ. مرام شوملي، محامية، فلسطين

 

 

 

المقدمة

 

يعد النقل الجوي أحد الدعائم الأساسية التي يرتكز عليها النشاط الاقتصادي الوطني والدولي في الوقت الحالي.[1] ويساهم النقل الجوي بدور فعال في التطور الاقتصادي والاجتماعي للدول نتيجة للإنجازات التي حققها التطور التكنولوجي والصناعي للطيران، حيث أصبح الطيران أكثر وسائل النقل أماناً، ما أدى الى زيادة أهميته في مجال التجارة الدولية والأنشطة السياحية في مختلف دول العالم في شتى المجالات، إذ أن تعظيم فرص التفوق في ميدان النقل الجوي  يتيح فرصا للتقدم في ميادين المنافسة التجارية في الأسواق المختلفة.[2]

على الرغم من هذه الامتيازات التي يتمتع بها النقل الجوي، إلا أن استغلال الإنسان للمجال الجوي قد يثير المسؤولية، فالناقل الجوي أو أحد تابعيه عند تنفيذه لعقد النقل الجوي قد يخل بأحد التزاماته التي يفرضها عليه عقد النقل الجوي،[3]مما يؤدي إلى إحداث ضرر للطرف الآخر المتعاقد معه. لهذا تعد مسؤولية الناقل الجوي في عقد نقل البضائع من أبرز موضوعات القانون الجوي وحجر الزاوية فيه.[4] ونظراً لأهمية هذا الموضوع لجأ المجتمع الدولي الى تنظيم هذه المسؤولية وتحديدها على المستوى الدولي منذ بداية ظهور النقل الجوي، وذلك من خلال إبرام العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تحدد مسؤولية الناقل الجوي في مواجهة المتضررين بحدود قصوى معينة خاصةً في عقد نقل البضائع.[5]

توجهت الجهود الدولية الى إبرام بعض المعاهدات الدولية لتنظم الملاحة الجوية من خلال وضع قواعد موحدة،[6] في محاولة للقضاء على تنازع القوانين في مجال النقل الجوي، بما ييسر حركة النشاط التجاري. [7] ومن أهم هذه المعاهدات اتفاقية وارسو “لتوحيد بعض قواعد النقل الجوي” المبرمة في الثاني عشر من تشرين أول عام (1929)، والبروتوكولات والاتفاقيات المعدلة لها.[8] فقد جاءت هذه الاتفاقية بناء على دعوة من الحكومة الفرنسية عام (1925) لعقد مؤتمر دولي في باريس لبحث مسؤولية الناقل الجوي، وتمحض هذا المؤتمر عن وضع مشروع اتفاقية بذلك وتأليف لجنة دولية فنية للخبراء القانونيين الجويين لمراجعة المشروع لإضافة الأحكام الخاصة بوثائق النقل الجوي،[9] وكانت أعمال هذه اللجنة هي محور المؤتمر الثاني المنعقد في وارسو عام (1929)، والذي أسفرَ عن توقيع اتفاقية خاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي في الثاني عشر من تشرين أول في العام ذاته.[10] ومن جملة الأحكام التي عالجتها الاتفاقية نطاق تطبيقها، والتعريف ببعض مصطلحات النقل الجوي؛ ومسؤولية الناقل الجوي، والسقف الأعلى لمسؤوليته.[11]

لقد كان لوضع حد أقصى للتعويض في معاهدة وارسو عام (1929)، السبب الأساسي في تعرضها بعد ذلك لعدة انتقادات، وبالفعل فقد كان هذا الجانب من المعاهدة عرضة لعدة تعديلات حتى تساير القواعد القانونية التطور الذي يحدث في مجال النقل الجوي.[12]وتمت هذه التعديلات بمقتضى البروتوكول الموقع في لاهاي في 28 أيلول عام (1955)، والذي أصبح معمولا به في آب من عام (1963)، ثم تممت أحكامها بمقتضى الاتفاقية الموقعة في “جوادالاخارا” Guadalajara في (18) أيول عام (1961)، والتي أصبح نافذة في الأول من أيار عام (1964)، ثم تم إدخال تعديلات جوهرية عليها بمقتضى بروتوكول جواتيمالا لعام (1971)، وبروتوكولات مونتريال الأربعة لعام (1975). يلاحظ مما تقدم تشعُب الوثائق القانونية المختلفة لنظام وارسو، ومدى التنازع الذي تحدثه هذه الوثائق فيما بينها من جهة، وبين الاتفاقية الأصلية من جهة أخرى، وهو الأمر أدى إلى صعوبة تطبيق مثل هذا النظام الذي أصبح مدعاة للتناقض والغموض، لذلك كان لا بد من تحديث وتوحيد وجمع هذه الوثائق في وثيقة قانونية واحدة حتى لا تكون هذه القواعد الدولية مدعاة للانهيار عبر الزمن، وعلى ذلك كانت اتفاقية مونتريال لعام (1999) بشأن توحيد بعض قواعد النقل الجوي،[13] الواردة في الاتفاقيات السابقة، مع ادخال بعض التعديلات عليها.

لقد انضمت دولة قطر إلى اتفاقية وارسو لسنة 1929 المعدلة ببروتوكول لاهاي لسنة 1955 وإلى بروتوكولي مونتريال رقمي 2، 4 لسنة 1975 المكملين لها بموجب المرسوم الأميري رقم (32) لسنة 1987.[14] وقد استند قانون الطيران المدني القطري رقم (15) لسنة 2002[15] في ديباجته على هذه الاتفاقية والبروتوكولات التي جعلتها المادة (3) من هذا جزءا مكملا لهذا القانون فيما لم يرد بشأنه نص. بتاريخ 15/4/2004، انضمت دولة قطر لاتفاقية مونتريال لسنة 1999 وأصبحت سارية المفعول بدءا من 14/1/2005.[16] ولما قضت المادة (166) من قانون التجارة القطري رقم (27) لسنة 2006 بسمو قواعد الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها على نصوص قانون التجارة الوطني، فإن الاتفاقيات المشار إليها هذه أصبحت جزءا من القانون الوطني القطري، وفي حال اختلاف القواعد بينهما، يكون الرجحان لمصلحة هذه الاتفاقيات.

يلتزم الناقل الجوي بنقل البضاعة الى محطة الوصول دون تأخير غير مبرر، والمحافظة عليها أثناء تواجدها في حراسته، وضمان الضرر الذي يقع في حالة تحطيمها، أو ضياعها، أو تلفها، أو تأخير تفريغها وتسليمها.[17] كما يلتزم الناقل الجوي، بشحن البضاعة ورصها داخل مخازن الطائرة، لتعلق ذلك بسلامة الرحلة الجوية ككل، لما للناقل من إمكانيات فنية لهذا الغرض.[18]ويلتزم أيضاً بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه المحدد في عقد النقل، وأن يكون التسليم في ميناء الوصول ما لم ينص عقد النقل على غير ذلك.[19]

إن إخلال الناقل الجوي بهذه الالتزامات وما يتصل بها من قواعد، يرتب مسؤوليته. لهذا، جاءت هذه الدراسة لبيان الأساس القانوني لهذه المسؤولية وفقاً لاتفاقية وارسو وما جرى عليها من تعديلات، بحيث يقتصر نطاق البحث على المسؤولية عن نقل البضائع دون التطرق لأحكام التعويض الناشئ عنها، إلا بقدر ما يقتضيه نطاق الدراسة، ودون بحث مسؤولية الناقل عن نقل الركاب.

تهدف هذه الدراسة الى تحديد الإطار القانوني الناظم لمسؤولية الناقل الجوي في مادة البضائع وفقا لاتفاقية وارسو لعام (1939) وما جرى عليها من تعديلات، واتفاقية مونتريال لعام (1999)، باعتبارهما من أهم الاتفاقيات التي نظمت هذا الموضوع. ومقاربة ذلك مع قانوني الطيران المدني والتجارة القطريين. هذا إلى جانب التعرف على التطبيقات القضائية لهاتين الاتفاقيتين من قبل المحاكم الدولية والعربية. وفحص ما إذا كانت الأحكام الواردة في الاتفاقيتين الدوليتين موحدة من حيث أساس مسؤولية الناقل الجوي وحالات قيام هذه المسؤولية، ومدى انسجام التشريعات القطرية مع هذه الاتفاقيات.

لتحقيق الأهداف المرجوة من هذه الدراسة، ونظراً لكون موضوع النقل الجوي قد تم تنظيمه وتقنينه من خلال عدة اتفاقيات دولية، وبالأخص موضوع مسؤولية الناقل الجوي، ارتأينا قصر الموضوع على اتفاقية وارسو لعام (1929) وما جرى عليها من تعديلات واتفاقية مونتريال لعام (1999)، حيث سيتم بشكل خاص دراسة الأساس القانوني لمسؤولية الناقل الجوي فيما يتصل بعقد نقل البضائع، وطبيعة هذه المسؤولية وفقاً للاتفاقيتين، والتشريع القطري. وتوخيا لحسن معالجة الدراسة لموضوعها، كان من المناسب اللجوء الى إتباع المنهج الوصفي التحليلي بأسلوب مقارن، بحيث سيتم استخدام المنهج الوصفي التحليلي لعرض النصوص القانونية الناظمة لمسؤولية الناقل الجوي كما جاءت في اتفاقيتي وارسو لعام (1929) ومونتريال لعام (1999)، وتحليلها في سياق التطبيقات القضائية الدولية ذات الصلة، وذلك بأسلوب مقارن بين الاتفاقيتين المذكورتين من جهة، وفيما يتصل بعرض الأحكام القضائية بين الدول المختلفة من جهة أخرى. تم تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة فروع تتناول تباعا شروط انعقاد المسؤولية وحالاتها، وطرق دفعها وتشديدها.

 

 

الفرع الأول: شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي

المسؤولية هي جزاء الإخلال بالالتزام سواء أكان عقدياً، أو غير عقدي، ولعل أهم الالتزامات المفروضة على عاتق الناقل الجوي في عقد نقل البضائع هو التزامه بالمحافظة على البضائع والعناية بها، كما يلتزم الناقل بإيصال البضاعة في الميعاد والمكان المتفق عليه في عقد نقل البضائع. وعليه فإن الناقل الجوي يكون مسؤولاً عن الأضرار الناشئة عن هلاك البضائع، أو ضياعها، أو تعيبها من جهة، ويكون، كذلك، مسؤولاً عن التأخير في نقل البضاعة من جهة أخرى.

أولا: المسؤولية عن الضرر اللاحق بالبضائع:

تنص اتفاقية وارسو لعام (1929) المعدلة بموجب بروتوكول جواتيمالا لعام (1971) في مادتها (18/1) على أنه: “يكون الناقل الجوي مسؤولا عن الضرر الذي ينشأ في حالة هلاك أو ضياع أو تلف البضائع، إذا كانت الواقعة التي سببت الضرر قد وقعت خلال النقل الجوي”. وهو أيضا ما أكدته اتفاقية مونتريال لعام 1999 في المادة (18) منها. بموجب هذا النص، لا  يعتبر الناقل مخلاً بالتزامه، وبالتالي مساءلته، إلا عند ثبوت وقوع ضرر بالبضاعة ناجم عن واقعة أو حادثة حصلت أثناء فترة النقل الجوي.[20] وهذه مسائل واقع يخضع تقدير انعقادها لمحكمة الموضوع التي تنظر النزاع. [21] وقبل مناقشة الشروط اللازم توفرها لقيام المسؤولية، فإنه يجدر بنا القول بأن هلاك البضاعة يعني فقدان صلاحيتها للاستعمال وفقا للغرض المعدة له، كليا كان أو جزئيا، ويدخل في المفهوم أيضا التهشم والكسر والتحطم ونحوه من الأمور التي تؤدي إلى تغيير خصائص المنتج. أما في حالة التلف، فالبضاعة تصل كاملة من حيث المقدار أو الحجم، لكن تفقد قيمتها، بالنظر إلى عموم امثالها لجهة الغرض من الاستخدام، نتيجة تعيبها لأي سبب أفقدها هذه القيمة، والضياع يعني فقدان البضاعة، كليا أو جزئيا، لدى الناقل ما يمنع تسليمها لذوي الشأن.[22]

الشرط الأول: الواقعة (الحدث)

حتى تنعقد مسؤولية الناقل الجوي، يجب أن تصاب البضاعة بضرر نتيجة واقعة، ومصطلح “واقعة” الذي استخدمته المادة (18/1) من اتفاقية وارسو لعام (1929)، والخاصة بنقل البضائع، يختلف عن مصطلح حادث الذي استعملته الاتفاقية في المادة (17) منها، والخاصة بالتزام ضمان سلامة المسافرين،[23] حيث جاء بشكل ومعنى مختلف بعيداً عن الترادف، إذ عُرف الحدث بأنه واقعة، ليست بحادثة، متصلة بتشغيل الطائرة والتي تؤثر أو قد تؤثر في أمن وسلامة التشغيل، أما الحادث فقد عرف بأنه كل أمر مفاجئ، أو غير متوقع، متعلق بعملية النقل ذاتها يصيب الراكب في بدنه.[24] وترتيباً على ذلك فإن الحادثة مصطلح يستعمل للأذى الذي يحدث للأشخاص أثناء وجودهم على متن الطائرة حتى النزول، بينما الحدث أو الواقعة لا يتقيد بضرورة وقوع أذى على الأشخاص، بل هو كل ما يتعلق بتشغيل الطائرة ومتصل بأمنها التشغيلي.[25] فالواقعة من حيث المفهوم أوسع نطاقا من الحادث؛ فتشمل كل سبب يترتب عليه ضرر، سواء كان متصلا بعملية النقل الجوي أم لا، طالما كان هو السبب الأساس في إحداث الضرر.[26]

مفاد ذلك أن المشرع في اتفاقية وارسو رغب في إطلاق مسؤولية الناقل الجوي عن هلاك، أو ضياع البضاعة، وتطلب أن يكون السبب الموجب للتعويض عبارة عن حدث أو واقعة، مما يعني أي سبب أفضى إلى الإضرار بالبضاعة يعود للناقل أو تابعيه. ولا نتفق مع بعض الفقه الذي يرى بأن المقصود بالحدث هو كل أمر فجائي غير متوقع،[27] لأنه الاتفاقيات محل البحث لم تمنح أي صفة للحدث، وبقي على اطلاقه دون تخصيص، كما أن اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لسنة 1944 لم تتطلب في الواقعة سوى أن تكون ناشئة عن تشغيل الطائرة. لذا، يكون مفهوم الحدث شاملا لكل أمر فجائي أو غير فجائي، متوقع أو غير متوقع طالما حصل أثناء فترة النقل، وأصاب البضاعة حتى ولو لم يتعلق بعملية النقل ذاتها، فطالما أن البضاعة ما زالت موجودة في حراسة الناقل فيكون مسؤولاً عنها. وقد سار المشرع القطري على ذات النهج في التفريق بين الحادث والواقعة، فخص الأول بالمسافرين، والثاني بغيرهم.[28]

الشرط الثاني: فترة النقل الجوي

يتضمن النقل الجوي وفقاً للفقرة الثانية من المادة 18 من اتفاقية وارسو لعام 1929 المدة التي تكون فيها البضائع في حراسة الناقل، سواء كان ذلك في مطار، أو على متن طائرة، أو في أي مكان آخر، عند الهبوط خارج المطار (أي حالة الهبوط الاضطراري). وذلك يعني أن تلك الفترة تمتد ما بين وقت استلام الناقل للبضاعة من المرسل وحتى تسليمها إلى المرسل إليه، أو وكيلة، في مطار الوصول.[29] يلاحظ هنا أن الاتفاقية أخذت بفكرة حراسة الناقل الجوي للبضاعة وحدها دون ربطها بفكرة مخاطر الطيران. فإذا تم إنزال البضاعة من الطائرة ووضعها في مخازن تابعة للناقل أو لأشخاص آخرين، فإن ذلك لا يعد تسليما لها، ويبقى الناقل حارساً لها، وبالتالي مسؤولاً عن الأضرار التي تلحق بها.[30] وكذلك في حال قام الناقل الجوي بإعادة شحن البضاعة بوسيلة نقل أخرى دون موافقة المرسل، وأصيبت بضرر نتيجة لواقعة حدثت لوسيلة النقل هذه، فيعتبر مسؤولا استنادا للمادة (18/3) من اتفاقية مونتريال، وكأن فترة النقل الجوي لم تنقضِ بعد.[31] في المقابل، فإن أي أضرار تلحق بالمرسل قبل بدء بسط الناقل حراسته على البضاعة لا تخضع لأحكام الاتفاقيات المذكورة، وإنما للقانون الوطني واجب التطبيق، لعدم بدء الرحلة وفقا لما تم بيانه. وفي هذا المعنى قضت محكمة التمييز الأردنية بأنه: “لا تنطبق أحكام المادة 21 من اتفاقية وارسو في المواد (19 و12) من اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل الجوي على وقائع الدعوى كونها تتعلق بمسؤولية الناقل الجوي عن الأضرار التي تحصل للراكب أثناء النقل، في حين لم يتم نقل المميز وأقيل العقد قبل ذلك”.[32]

ثانياً: المسؤولية عن الضرر الناجم عن التأخير في نقل البضائع    

وفقا للمادة (19) من اتفاقية وارسو لعام(1929) واتفاقية مونتريال 1999، يسأل الناقل عن الضرر الذي ينشأ عن التأخير في نقل الأمتعة أو البضائع، ولقيام مسؤوليته هذه، لا بد من توفر ثلاثة شروط: التأخير عن الميعاد؛ حدوت التأخير في فترة زمنية معينة؛ ووقوع ضرر ناشئ عن التأخير في نقل البضائع.[33] يعني التأخير تجاوز الميعاد إذا كانت هنالك مدة محددة سلفاً لتنفيذ عملية النقل، أو تجاوز المدة التي يقررها العرف وفقا للمجرى العادي للأمور، وعليه يعتبر الناقل ملتزم بأن يقوم بتنفيذ عقد النقل الجوي للبضائع في الميعاد الذي يتم الاتفاق عليه في عقد نقل البضائع، ورغم وضوح هذا المبدأ إلا أنه آثار صعوبات ترجع إلى عاملين:[34] الأول: إن اتفاقية وارسو لم تضع معياراً يمكن على ضوئه تحديد المقصود بالتأخير الذي يؤدي إلى مساءلة الناقل الجوي، والثاني: أن مبدأ المسؤولية عن التأخير لقي معارضة شديدة من الناقلين الجويين والاتحاد الدولي لمؤمني شركات الطيران بحجة أنه يؤدي إلى عرقلة الملاحة الجوية ويعرضها للخطر، كون الملاحة مرتهنة بظروف مختلفة ليس في إمكان الناقل الجوي السيطرة عيها؛ كالظروف الخاصة بالجو والمناخ، فقد لا تسمح أحيانا بالطيران، وكالظروف الخاصة بقدرة الطائرة على حمل البضائع.  وعلى أي حال، حتى لو لم يوجد أي تحديد في موعد النقل، فلا يجب ان يستخلص من ذلك تحلل الناقل الجوي من مراعاة أي موعد وانعدام مسؤوليته عن التأخير بشكل مطلق، لتخلف النص على موعد محدد، بل يبقى الناقل الجوي مسؤولاً عن كل تأخير عن الموعد الطبيعي المعقول وفقا لظروف كل عملية نقل على حده، إذا كان التأخير يعود إلى تقصير الناقل او أحد تابعيه، فإذا حصل مجاوزة غير عادية لذلك الميعاد عدّ الناقل مخلاً بالتزامه، وانعقدت مسؤوليته عن التأخير وفقاً لأحكام المادة (19) من اتفاقية وارسو.[35]

ولا يكفي حدوث التأخير لاعتبار الناقل الجوي مسؤولاً، بل يجب أن يحصل التأخير أثناء فترة النقل الجوي، فإن حصل خارج نطاقها انعقدت مسؤولية الناقل طبقاً لقواعد الإسناد في قانون المحكمة المختصة بالفصل في النزاع.[36] ونظرا لأن المادة (19) من اتفاقية وارسو لم تحدد فترة النقل الجوي، اختلف الفقه بشأن تحديد الفترة الزمنية التي يحدث فيها التأخير للقول بمسائلة الناقل، إلا أن الاتجاه الغالب يذهب إلى القول بأن المادة (19) من الاتفاقية، والخاصة بالمسؤولية عن التأخير، قد أحالت ضمناً إلى المادتين (17،18) من الاتفاقية ذاتها، ما يعني أن الناقل يكون مسؤولا متى وقع هذا التأخير خلال الفترة التي تتواجد فيها البضاعة في حراسته، على النحو الموضح آنفا.[37]

علاوة على ضرورة توفر الشرطين السابقين للقول بانعقاد مسؤولية الناقل الجوي، ينبغي أيضاً أن ينشأ عن التأخير ضرر يلحق بالبضائع. ولما غفلت اتفاقية وارسو عن بيان المقصود بالضرر، فإنه يجب لتحديده الرجوع الى القانون الوطني واجب التطبيق، حيث تخضع هذه المسألة لتقدير محكمة الموضوع المختصة. وقد قضى بعدم  التزام الناقل الجوي بتعويض المرسل إليه عن التأخير في نقل رسالة أقمشة من ألمانيا إلى الكويت، كان المرسل اليه قد تعاقد مع تاجر على بيعها له بثمن معين، وعدل هذا الأخير عن شرائها لتأخير وصولها، لأنه ثبت أمامها أنه كان بإمكان المرسل إليه بيعها لدى وصولها بذات الثمن الذي سبق وأن اتفق على بيعها به، دون تحمله أي خسارة.[38] تجدر الإشارة إلى أن مسؤولية الناقل عن التأخير في ظل المادة (19) من اتفاقية مونتريال بقيت قائمة على أساس الخطأ المفترض الذي جاءت به المادة (19) من اتفاقية وارسو. وأيضا، لم تحدد أي من هاتين المادتين المقصور بالضرر، وبالتالي فإن تصنيف هذا الضرر إلى مادي ومعنوي، وبيان صوره، يظل خاضعا لسلطة قاضي الموضوع الذي ينظر النزاع، وفقا لما تجري به العادة أو العرف، وإن لم يتمكن من ذلك، فله الرجوع إلى قانونه الوطني لتقدير ذلك. من جهة ثانية، نرى أن الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في هذه الاتفاقيات هو مقرر فقط للضر المادي، وليس هناك ما يمنع القاضي الوطني من الرجوع إلى قانونه الخاص لدفع تعويضات تفوق هذه الحدود عن الأضرار المعنوية، إن ثبت وقوعها، وتمت المطالبة بها، وكان قانونه الوطني يعوض عن مثل هذه الأضرار، على اعتبار أن هذه مسألة تخرج عن نطاق تطبيق الاتفاقية من الناحية الموضوعية. وهو ما يمكن اعماله في النظام القانوني القطري، حيث، والحالة هذه، لا تعارض بين أحكام الاتفاقيات والتشريعات الوطنية التي تأخذ بالتعويض عن الضرر المعنوي.[39]

 

الفرع الثاني: طرق دفع مسؤولية الناقل الجوي في عقد نقل البضائع

لقد أسست اتفاقية وارسو مسؤولية الناقل الجوي في عقد نقل البضائع على أساس قرينة الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس،[40]إذ أنها مكنت الناقل من إقامة الدليل على انتفاء خطئه المفترض، وبالتالي التخلص من مسؤوليته،[41] من خلال اثبات نباهته وحرصه باتخاذ التدابير اللازمة لتتفادي وقوع الضرر، أو استحالة اتخاذها، أو أن سبب وقوع الضرر عائد للمضرور، أو تقصير الأخير في اخطار الناقل بأوجه مسؤوليته، وفقا لما سيأتي بيانه.

أولاً: اتخاذ التدابير الضرورية كافة لتلافي وقوع الضرر أو استحالة اتخاذها

عند تحقق اخلال الناقل بتنفيذ الالتزامات التي يلقيها على عاتقه عقد نقل البضائع فإنه يفترض الخطأ في جانبه، وانشغال ذمته، ولا يستطيع التحلل منها،[42] إلا إذا أثبت قيامه وتابعيه باتخاذ كل التدابير الضرورية لتلافي وقوع الضرر أو أنه كان من المستحيل عليهم اتخاذها.[43] لقد تأرجح رأي الفقه عند تفسيره لعبارة التدابير الضرورية  وفقاً لتصورين؛ أحدهما ضيق (Conception restrictive)،[44]والآخر واسع (Conception extensive).[45]وقد كانت الغلبة للجانب الذي يوسع من نطاق المفهوم، على أن يقاس سلوك وجهد الناقل باتخاذ مثل هذه التدابير بعناية الشخص العادي متوسط الحرص واليقظة، ويترك لقاضي الموضوع سلطة تقدير ذلك وفق ظروف كل نزاع على حدة؛ كنوع الطائرة، وصيانتها، والظروف الجغرافية والمناخية، وطبيعة البضاعة ونوعها، وأجهزة الحماية والإنقاذ في الطائرة ونحوها.[46]

غير أنه بالرجوع الى موقف بروتوكول مونتريال الرابع الموقع عام (1975)،[47] واتفاقية مونتريال 1999، نجد أن مسؤولية الناقل الجوي عن نقل البضائع أصبحت مسؤولية موضوعية أساسها الخطر (المخاطر)، لا الخطأ المفترض، إذ وفقا للمادة (4) منه لا يستطيع الناقل التحلل من مسؤوليته إلا إذا أقام الدليل على أن هلاك، أو تلف، أو ضياع البضاعة، يرجع إلى واحد أو أكثر من الأسباب الآتية: طبيعة البضاعة أو العيب الذاتي فيها، أو سوء تغليف البضاعة العائد إلى شخص غير الناقل، أو أحد تابعيه، أعمال الحرب، أو النزاع المسلح (القوة القاهرة)، أو عمل صادر من السلطة العامة ذو صلة بالبضاعة من حيث وصولها أو خروجها من المطار أو أثناء مرورها العابر به.[48] وقد تبنت المادتان (82) من قانون الطيران المدني القطري لسنة 2002، و (190) من قانون التجارة رقم (27) لسنة 2006 هذه الحالات صراحة. وهذا النهج يحد من أهمية الخلاف الفقهي حول ماهية وكنه التدابير الواجب اتخاذها من الناقل لدرء مسؤوليته.[49] ونرى أن المراد من عبارة استحالة اتخاذ هذه التدابير هو توفر حالة من حالات السبب الأجنبي الذي لا يد للناقل أو تابعيه فيه، يستحال معه توقعها أو درئها ببذل جهد معقول، وفقا للقواعد العامة المألوفة في التشريعات الوطنية، حيث لم تضع الاتفاقيات محل البحث معايير أو صور لهذه الاستحالة.

 

ثانياً: نشوء الضرر عن خطأ المضرور

  لمساءلة الناقل، يلزم توفر علاقة السببية بين خطئه والضرر الواقع بالمضرور، سندا للمادة (21) من اتفاقية وارسو. وتنتفي مسؤوليته إذا أثبت أن خطأ الشخص المضرور هو الذي أدى إلى وقوع الضرر كله، وتخفف مسؤوليته في حال كان خطأ المضرور عاملا مساعدا في وقوع الضرر، فعندها يكون للمحكمة تطبيقا لأحكام قانونها الخاص أن تستبعد مسؤولية الناقل في الحالة الأولى، أو تخفف منها في الحالة الثانية.[50] وقد تبنت المادة (82) من قانون الطيران المدني القطري مبدأ تخفيف التعويض في حال مساهمة المتضرر أو تابعيه أو وكلائه في وقوع الضرر.[51] والملاحظ أن اتفاقية وارسو قد أحالت في تحديد خطأ المتضرر إلى قانون القاضي، في محاولة منها، على ما يبدو، للتقريب بين مواقف الأنظمة المختلفة من نظرية الخطأ المشترك أو واجب الدائن بتخفيف الضرر، ومعايير ذلك، بهدف تعزيز فكرة توحيد القواعد القانونية قدر الإمكان، من خلال تشجيع الانضمام لمثل هذه الاتفاقات من جهة، وكون تبني قانون المكان الذي حصل فيه هذا الخطأ، يقضي على احتمالية صدور أحكام مختلفة بشأن مفهوم واحد لـ “الخطأ”، من المحكمة الوطنية ذاتها، فيما لو أثير أمامها نزاع حول مفهوم مساهمة الدائن في احداث الضرر وفقا للتشريعات المحلية تارة، ووفقا لاتفاقية وارسو تارة أخرى.

وإذا أثبت الناقل أن الضرر يعود إلى خطأ المرسل فيستطيع أن يدفع المسؤولية عن عاتقه، ويشترط في خطأ المرسل عدم التوقع، وأن يكون غير ممكن الدفع، فإذا كان خطأ المرسل غير ذلك، فإن الناقل لا يستطيع دفع المسؤولية عن نفسه لتقصيره في تلافي ما أخطأ به المرسل. فلو كانت البضاعة سيئة التعبئة والتغليف على نحو ظاهر ولم ينبه الناقل المرسل لإعادة حزم البضاعة، فإنه بقبوله البضاعة في حالتها هذه، يكون مهملا، ولا يفيده التذرع بخطأ المرسل؛ لأن الخطأ جلي وظاهر كان بإمكانه توقعه ودفعه، كما حال أي متعاقد متوسط الحيطة والحرص.[52]

ثالثا: استلام المرسل إليه البضائع وقبولها دون احتجاج

لتجنب تعدد وتعقد النزاعات التي قد تثور ضد الناقل الجوي، وحرصا منها على استقرار المعاملات وخدمات النقل الجوي، جاءت المادة (26) من اتفاقية وارسو لتضع مدد لاحتجاج المرسل إليه تجاه الناقل عن تلف الأمتعة والبضائع، او تأخير ايصالها، تبدأ من تاريخ التسلم الفعلي لها أو تاريخ الوصول المتفق عليه، بحسب الأحوال، وبخلاف ذلك، فإن مضي المدة يستدعي عدم قبول الدعوى،[53] ما لم يثبت تدليس الناقل.[54] ووضعت المادة المذكورة قرينة، لكنها قابلة لإثبات العكس، مفادها أن استلام الأمتعة والبضائع دون ممارسة هذا الاحتجاج هو تسلم البضائع في حالة جيدة ووفقاً لمستند النقل.[55] ويجب أن يثبت كل احتجاج إما في شكل تحفظ على سند النقل، أو في صورة أي محرر آخر خلال المدة المقررة.[56]

والاحتجاج المذكور، قاصر على حالة تلف البضاعة، والأمتعة، أو تأخيرها، فلا يمتد نطاقه لحالة الضياع؛ لأنه، في هذه الحالة، لا يمكن أن يكون هناك استلام للبضاعة بالمعنى المقصود من الاتفاقية لإمكان تطلب الاحتجاج. لم تعالج الاتفاقية حالة التلف أو الفقدان الجزئي للبضائع، فيما إذا كان يتطلب الأمر احتجاجا بشأنها لدى الناقل، ما رأى معه الفقه لزوم توجيه الاحتجاج إذا كان التلف أو الضياع الجزئي، مؤثراً في قيمة البضاعة، بحسب الاستعمال الذي أعدت له، فيأخذ، عندئذٍ، حكم التلف الكلي.[57] ونحن نؤيد الفقه فيما ذهب إليه، ونضيف إلى جانب معيار القيمة، معيار المنفعة، فيمكن أن يترتب على فقدان أو هلاك جزء من البضاعة تقليل مستوى أو نسبة الانتفاع بها، مع عدم تغير ثمنها جراء هذا الفقد أو الهلاك. وأيضا، يشترط لإعمال ذلك ألا يجرى العرف والعادة التجارية على التسامح بالجزء الضائع أو التالف.

وفقا لقانون التجارة القطري لسنة 2006، يسأل الناقل عن الهلاك الكلي والجزئي، والتلف، والتأخر في التسليم من وقت وضع البضاعة تحت تصرفه إلى حين التسليم في الزمان والمكان المتفق عليهما. واعتبر المشرع عدم تسليم الناقل للبضائع، أو عدم اخطار المرسل إليه لاستلامها، أو عدم العثور عليها بعد انقضاء مدة معقولة من مضي الميعاد المتفق عليه أو الذي يقضي به العرف لوصول البضاعة وتسلمها في حكم الهلاك الكلي.[58]

الفرع الثالث: الاتفاق على تعديل أحكام الضمان

 

قضت كل من المادة (23/1) من اتفاقية وارسو، والمادة (26) من اتفاقية مونتريال ببطلان شروط الإعفاء أو التخفيف من مسؤولية الناقل الجوي، مع بقاء العقد قائما وخاضعاً لأحكام الاتفاقية.[59]وقد استثنى بروتوكول لاهاي لعام (1955) من حكم هذا البطلان الشروط المتعلقة بالضياع، أو الضرر الناتج عن طبيعة البضاعة، أو من عيب ذاتي فيها.[60] والمقصود هنا الشروط المتفق عليها وقت ابرام العقد وقبل وقوع الاخلال، كما يستشف من المادة (32) من الاتفاقية ذاتها.[61] ونرى أن الاتفاقية لم تعالج حكم الاتفاق على الاعفاء أو التخفيف من المسؤولية بعد تحقق وقوع الضرر، ما يتعين معه الرجوع بشأن صحتها إلى القانون الوطني واجب التطبيق على النزاع.[62]

حظرت المشرع القطري الاعفاء من مسؤولية الناقل أو تابعيه عن الهلاك والتلف، الكلي والجزئي، لكنه أجاز الاتفاق على التخفيف من المسؤولية عنها، وأجاز أيضا الاعفاء من مسؤولية الناقل عن التأخير، في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم، شريطة أن يكون كل ذلك مكتوبا ومعلوما من قبل المرسل.[63]

في المقابل، تجيز اتفاقيتا وارسو ومونتريال التشديد الاتفاقي من مسؤولية الناقل الجوي عن سلامة البضاعة، برفع الحد الأقصى للتعويض عن طريق ما أسمته بـ إعلان المصلحة في التسليم.[64] وغالبا ما يلجأ المرسل إلى هذا الخيار عندما يكون التزامه مع المرسل إليه مستمرا إلى حين تسليم البضاعة في مطار الوصول، أو عندما تكون قيمة البضائع عالية. فقد يرى أن مصلحته التحوط لضمان الأضرار المتوقعة. وفي هذه الحالة يكون الناقل ملزماً بالتعويض في حدود المبلغ المعلن، ما لم يثبت أن هذا المبلغ يفوق المصلحة الحقيقية على التسليم، فعندها يخفض التعويض بمقدار الضرر الحاصل.[65] في هذا السياق، وضعت محكمة الاستئناف القطرية ثلاثة شروط لإعمال حق المضرور في التعويض بأكثر مما هو مقرر في الاتفاقية: “…1-أن يتم الإعلان بصفة خاصة ومقصودة بحيث لا يتطرق أي شك في أن الهدف من هذا الإعلان هو إلفات نظر الشاحن إلى ضرورة مراعاة الحيطة وتحقيق الغاية المرجوة من النقل. 2- أن يحرر هذا الإعلان إما على شكل ملحق في العقد أو بنص صريح في أحد بنوده على أن يتم ذلك في وقت التسليم أو قبل قيام الناقل بتنفيذ مهمته. 3- أن يتم الشحن لقاء مقابل رسم إضافي يتفق عليه…”.[66]

وفي السياق ذاته، قضى المجلس الأعلى في المملكة المغربية بنقض حكم محكمة الموضوع الذي اتخذت من نوعية البضاعة، وليس وزنها، أساسا لتقدير التعويض على سند من قول محكمة الموضوع بأن البضاعة (أجهزة الكترونية) تم افسادها، ولم يحدث بها نقص أو ضياع، حتى يتم اعمال مفعول الفصل (22) من اتفاقية وارسو. إلا أن المجلس الأعلى رأى في ذلك التسبيب مخالفة للفصل المذكور بدلالة الفصل (18/2) من الاتفاقية، طالما لم يتم وقت شحن البضاعة تقديم تصريح بالقيمة الحقيقية للبضاعة وفق مفهوم اعلان المصلحة في التسليم؛ إذ رأى بأن تحطيم، أو ضياع، أو تعيب الأمتعة المسجلة يبقى خاضعة لمبدأ تحديد المسؤولية.[67] وقضت أيضا محكمة النقض المصرية بأنه: “…وحينئذ يقدر التعويض على أساس القيمة التي حددها المرسل ما لم يثبت الناقل أن هذه القيمة تزيد عن القيمة الحقيقية – وإذ كانت نصوص اتفاقية فارسوفيا المشار إليها قد خلت مما يوجب حصول هذا التنبيه في شكل خاص فإنه يجوز إبداؤه بأية وسيلة بما في ذلك إثباته بوثيقة الشحن ما دام وروده بهذه الصورة ينبئ بذاته بما لا يدع مجالاً للشك أن المقصود منه هو تنبيه الناقل إلى أهمية محتويات الرسالة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتقدير التعويض على أساس القيمة الفعلية لمحتويات الرسالة استناداً إلى أن وثيقة الشحن قد تضمنت بياناً خاصاً بالأحرف الكبيرة بأن البضاعة المشحونة “منظمات ماسية” قيمتها 3940 فرنكاً سويسرياً وأن رسوم الشحن قد حددت على أساس هذه القيمة ورتب على ذلك -بما قدره من دلالة هذا البيان في الإفصاح للناقل عن أهمية محتويات الرسالة- تقدير التعويض وفقاً للقيمة المحددة به والتي لم تثبت الطاعنة تجاوزها لقيمة الرسالة الفعلية فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس”.[68]

في الواقع، أن ما هو مبين آنفا يتفق مع القواعد العامة للمسؤولية، التي تسعي لتحقيق تناسب بين التعويض والضرر، تبعا لما لحق المضرور من خسارة أو عما فاته من كسب. وبما أن مسؤولية الناقل الجوي عقدية، فلا يكون التعويض إلا عن الضرر المتوقع وقت التعاقد، ما لم يثبت غش وتدليس الناقل، فعندها يمكن للمضرور المطالبة بالضرر المباشر غير المتوقع وفقا لمبدأ التعويض الكامل. إلا أن كل من اتفاقية وارسو ومونتريال قد خرجتا على هذا الأصل، من حيث المبدأ، من خلال إقرار مبدأ المسؤولية المحدودة للناقل،[69] بوضع حد أقصى للتعويض عن الأضرار التي تلحق بالبضائع،[70] ما لم يكن هنالك اتفاق سابق على وقوع الضرر بتشديد المسؤولية، ضمن ما تم تسميته بإعلان المصلحة في التسليم، كما سبق بيانه.[71] لكن يشترط لاستفادة الناقل من قواعد تحديد المسؤولية أن يلتزم بحسن النية في تنفيذه لالتزاماته التعاقدية؛ وبخلاف ذلك، يجازى برفع الحماية عنه من خلال استبعاد الحد الأقصى للضمان. وهذا ما أكدت عليه المادة (13) من بروتوكول لاهاي المعدلة للمادة (25)[72] من اتفاقية وارسو، والمادة (22/5) من اتفاقية مونتريال.[73] وسوء النية غير مفترض، ويكون على من يدعيه اثباته، وغالبا ما يكون من خلال اثبات غش وتدليس الناقل، أو خطئه الجسيم، أو أي من تابعية طالما حصل أي من ذلك أثناء أو بسبب قيامهم بأعمالهم. وقد قام المشرع القطري بتقنين هذه الأحكام في المادتين (74، 85) من قانون الطيران المدني لسنة 2002، إذ أحال بشأن الحدود القصوى للتعويض إلى هذه الاتفاقيات الدولية، كما جعل مسؤولية الناقل غير محدودة عند ثبوت أن الضرر قد نجم عن فعل أو امتناع من قبله أو من قبل تابعيه أو وكلائه بقصد إحداث الضرر، أو كان ذلك نتيجة خطأ جسيم أو برعونة مقرونة بعلم احتمال وقوع الضرر، وأيضا في حالة استيلاء الغير بطريقة غير مشروعة على الطائرة، حيث تدخل الحالة الأخيرة ضمن أحكام المسؤولية عن الفعل الضار، التي يتم بموجبها التعويض عن الأضرار المباشرة المتوقعة وغير المتوقعة وفقا لمبدأ التعويض الكامل.

وقد تناول المشرع القطري حالة تعدد مسؤولية الناقلين، كهلاك البضائع نتيجة حادث تصادم بين طائرتين، وقرر بعدم جواز زيادة التعويض الكلي للمتضرر عن الحد الأقصى للتعويض الذي يحكم به على مسؤول واحد عادة، باستثناء حالات سوء النية والخطأ الجسيم والرعونة، والاستيلاء غير المشروع على الطائرة، كما سبق بيانه.[74]

 

الخاتمة

تناولت الدراسة الأساس القانوني لمسؤولية الناقل الدولي عن مادة البضائع، وحالات انعقاد هذه المسؤولية، وتشديدها والتخفيف منها في القانون الجوي الدولي. خلصت الدراسة إلى أن غاية إقامة توازن حقيقي بين المصالح المتعارضة لطرفي عقد النقل، قد شهدت تطورا متسارعا تبعا لتطور صناعة النقل الجوي ذاتها وأنشطة التجارة الدولية. فتحول التزام الناقل الجوي، في عقد نقل البضائع، باستثناء حال التأخير في التسليم، من بذل عناية ومسؤولية شخصية قائمة على الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، إلى التزام بتحقق نتيجة، ومسؤولية موضوعية مستندة إلى الخطر وتحمل التبعة، لا يمكن للناقل دفعا إلا بإثبات خطأ المضرور الشخصي أو أحد تابعيه، أو وجود عيب ذاتي في البضاعة، أو سبب أجنبي، وإن كان يعاب على طرق دفع المسؤولية هذه امكانية حدها من أهمية نظرية الخطر كأساس للمسؤولية. وبتبيها فكرتي الغش والخطأ الجسيم لتعطيل مفعول الحدود القصوى المقررة للتعويض، وكذلك بإجازتها الخروج عن هذه الحدود بترتيب تعاقدي خاص بين طرفي عقد النقل، تكون اتفاقيتا وارسو ومونتريال قد حافظت على توازن معقول لاقتصاديات عقد النقل الدولي، وانسجمت مع التوجه السائد في معظم القوانين الوطنية، ومنها القانون القطري.

وتبين أيضا أن اتفاقيتي وارسو ومونتريال أصبحتا جزءا من القانون الوطني القطري، لانضمام الدولة إليهما، ولتبينها بالإحالة في كل من قانوني الطيران المدني والتجارة القطريين. وفي حال وجود تعارض بين النظامين، يكون الرجحان لمصلحة هذه الاتفاقيات في التطبيق أمام القضاء القطري.

لغايات تكريس منهج توحيد قواعد النقل الجوي بين الأنظمة القانونية المختلفة، لا سيما قوعد المسؤولية، ولتجنب مشكلة تعدد تفسيرات النصوص والمفاهيم أمام محاكم البلدان المختلفة، ما قد يؤدي إلى خرق أحكام الاتفاقيات بشكل غير مباشر، فإنه يكون من المناسب تأسيس هيئة تفسير في إطار منظمة الطيران المدني الدولي، ينتخب أعضاؤها دوريا من الدول المصدقة أو المنضمة لهذه الاتفاقيات، بحيث تكون قراراتها التفسيرية جزءا مكملا لنصوص الاتفاقيات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المصادر والمراجع

 

  • اللغة العربية

أولاً: الأعمال القانونية

  • اتفاقية مونتريال لعام (1999) بشأن توحيد بعض قواعد النقل الجوي، منشورة على الموقع الإلكتروني: https://www.icao.int/publications/Documents/Forms/AllItems.aspx
  • اتفاقية وارسو “لتوحيد بعض قواعد النقل الجوي ” لعام (1929)، منشورة على الموقع الإلكتروني: https://www.icao.int/publications/Documents/Forms/AllItems.aspx
  • أعمال مؤتمرات لاهاي الأول والثاني، (1899، 1907)، المنشورة على الموقع الإلكتروني:

http://www.haguepeace.org/index.php?action=history&subAction=conf&selection=when

  • بروتوكول بتعديل الاتفاقية الخاصة بتوحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الموقعة في وارسو بتاريخ (12) أكتوبر عام (1929)، والمعدلة بالبروتوكول الصادر في لاهاي في (28) سبتمبر عام (1955). والموقع في جواتيمالا في (8) مارس (1971). http://www.mcgill.ca/files/iasl/guatemala1971.pdf
  • قانون التجارة القطري رقم (27) لسنة 2006.
  • قانون الطيران المدني القطري رقم (15) لسنة 2002.
  • القانون المدني القطري رقم (22) لسنة 2004.

 

ثانياً: المراجع العربية

  • أحمد الملحم، نظرات في بعض أحكام اتفاقية (وارسو1929)، مجلة الحقوق، مج 18، ع3، 1994.
  • أكرم ياملكي، القانون الجوي: دراسة مقارنة، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط. 1، 1997.
  • أماني موسى، تطور طرق دفع مسؤولية الناقل الجوي ما بين اتفاقية وارسو 1929 واتفاقية مونتريال 1999، مجلة العدل، وزارة العدل، السودان، عدد 42، السنة 16، 2014.
  • حسن كيرة، مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية “فارسوفية” وبروتوكول “لاهاي” المعدل لها، مجلة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، العددان الأول والثاني، 1958-1959.
  • طالب موسى، القانون الجوي الدولي، الطبعة الأولى، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005.
  • عدلي خالد، عقد النقل الجوي، الاسكندرية: منشأة المعارف، 1997.
  • علي البارودي، محمد فريد العريني، ومحمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي، بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، 2001.
  • عيسى ربضي، مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على الأشخاص وأمتعتهم، عمان: دار الثقافة، 2008.
  • فايز رضوان، القانون الجوي، مصر: جامعة المنصورة، 1982.
  • محمد الفقي، النطاق الاجرائي لمسؤولية الناقل الجوي الدولي للبضائع: دراسة في تفسير المادة 26 من اتفاقية وارسو، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، عدد 1، 2006.
  • محمد محبوبي، والطاكي روشام، الإعفاءات القانونية والاتفاقية لمسؤولية الناقل الجوي، 2006، الموقع الإلكتروني لوزارة العدل المملكة المغربية: justice.gov.ma/console/Uploads/Doc/etude022005.doc
  • محمود الكندي، النظام القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية مونتريال لعام 1999 “تحديث نظام وارسو”، كلية الحقوق، جامعة الكويت: لجنة التأليف والتعريب والنشر،2000.
  • محمود الكندي، النظام القانوني للنقل الجوي الدولي، جامعة الكويت: مجلس النشر العلمي، 2000.
  • مكاوي نعيمة، مسؤولية الناقل الجوي للبضائع، مجلة دفاتر السياسة والقانون، عدد خاص، تموز 2018.
  • وضحة المطيري، مسؤولية الناقل الجوي الدولي في عقد نقل الركاب وفقاً للقانونيين الكويتي والأردني والاتفاقيات الدولية، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2011، متوفر على https://meu.edu.jo/libraryTheses/58d77326d0762_1.pdf

 

ثالثا: الأحكام القضائية (منشورات شبكة قوانين الشرق):

  • محكمة التمييز القطرية، الطعن رقم 51 لسنة 2008 تمييز مدني، تاريخ 17/6/2008.
  • محكمة الاستئناف القطرية، الطعن رقم 89، لسنة 1982 قضائية، تاريخ 2/12/1982.
  • محكمة التمييز الكويتية، رقم الطعن (46)، تاريخ الجلسة 30/9/1991، شبكة قوانين الشرق.
  • محكمة التمييز الكويتية، الأحكام المدنية والتجارية، الطعن رقم 612 لسنة 2004 قضائية، تاريخ 10/1/2005.
  • محكمة الاستئناف العليا، الكويت، القضية رقم (238/1981) تجاري، تاريخ 7/4/1982.
  • المحكمة الكلية، الكويت، دعوى رقم (19/1992)، دائرة الاستئناف (2)، تاريخ 24/5/1992.
  • محكمة التمييز الأردنية، الأحكام المدنية، الطعن رقم 139 لسنة 2005 قضائية، تاريخ 25/5/2005.
  • محكمة التمييز الأردنية، طعن حقوق رقم (1816/2006)، تاريخ 7/3/2007.
  • محكمة النقض المصرية، رقم طعن (1050)، سنة قضائية (69)، تاريخ 7/3/2000.
  • محكمة النقض المصرية، رقم طعن (387) لسنة (49) قضائية، تاريخ 20/12/1998.
  • محكمة النقض، مصر، الطعن رقم (3032) لسنة (57) قضائية، تاريخ 9/1/1989.
  • محكمة النقض، مصر، طعن رقم 56 لسنة (40) قضائية جلسة (26) يناير سنة (1976).
  • محكمة النقض المصرية الطعن رقم (362) لسنة 33 قضائية جلسة 27/4/1967.
  • محكمة النقض المصرية، طعن مدني رقم 1537 لسنة 52 قضائية، تاريخ 30/1/1989.
  • محكمة النقض المصرية، الطعن المدني رقم 1227 لسنة 49 قضائية، تاريخ 27/2/1984.
  • محكمة النقض المصرية، الطعن المدني رقم 14589 لسنة 80 قضائية، تاريخ 27/3/2012.
  • المحكمة الاتحادية العليا، الإمارات العربية المتحدة، رقم الطعن (800)، السنة القضائية (22)، تاريخ 11/6/2003.
  • المحكمة الاتحادية العليا، الإمارات العربية، الطعن رقم 21 لسنة 12 قضائية، الأحكام المدنية والتجارية، تاريخ 25/11/1990.
  • المحكمة الاتحادية العليا، الامارات العربية المتحدة، رقم الطعن (235)، السنة القضائية (20)، تاريخ 16/5/2000.
  • محكمة التمييز، دبي، رقم الطعن (127)، تاريخ 19/11/2007.
  • محكمة التمييز، دبي، رقم الطعن (434)، تاريخ 27/3/2004.
  • المجلس الأعلى، المملكة المغربية، طعن رقم (137)، تاريخ 22/9/1999.
  • المجلس الأعلى، المملكة المغربية، الملف التجاري عدد 309/97، القرار عدد 5319، تاريخ 9/9/1998. مجلة قضاء محكمة النقض، الإصدار الرقمي 2012، عدد 71.
  • المحكمة العليا، ليبيا، رقم الطعن (104)، السنة القضائية (37)، تاريخ 8/6/1992.

 

  • مراجع باللغة الأجنبية

 

  • Anita khosla, Warsaw convention limitation on liability the need for reform after cocciav Turkish airline, Fordham international law journal, Vol.11, issue 1,1987.
  • Krishna Mohan, A comparative study of Warsaw and Montreal convention, 1984.
  • Hani dowidar, the evolution of the air carrier’s liability: from Warsaw 1929 to Montreal 1999, 2003. http://slconf.uaeu.ac.ae/papers/conf20/part%203%20E/Dr.%20Hany%20Dowidar.pdf
  • Lawrence B. Goldhirsch, The Warsaw Convention Annotated: A legal handbook, second edition, Kluwer Law International, The Hague, 2000.
  • R. Franks. Airline liability for loss, damage, or delay of passenger baggage, Fordham journal of corporate & financial law, vol. 12, 2007.
  • Riese eT J.T la cour, précis de droit aérien international et Suisse, librairie génerale de droit de jurisprudence, Paris 1951. http://www.persee.fr/web/revues/home/prescript/article/ridc_0035-3337_1951_num_3_4_8036
  • UNCTAD Secretariat, Carriage of Goods by Air: A guide to the International Legal Framework, 2006, http://unctad.org/en/Docs/sdtetlb20061_en.pdf
  • United States court of appeals, ninth circuit, 724 F. 2d 1383. Oct 14, 1984. http://law.justia.com/cases/federal/appellate-courts/F2/724/1383/265013/
  • http://unctad.org/en/Docs/sdtetlb20061_en.pdf
  • http://www.acac.org.ma/ar/Documents/Publications/MunualAirInvstigation.pdf
  • The air navigation order 1985, http://www.caa.co.uk/docs/33/CAP393.pdf

 

[1]  علي البارودي، محمد فريد العريني، ومحمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي، بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، 2001، ص 465.

[2]  محمود الكندي، النظام القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية مونتريال لعام 1999 “تحديث نظام وارسو”، كلية الحقوق، جامعة الكويت: لجنة التأليف والتعريب والنشر،2000، ص 1.

[3]  من هذه الالتزامات: التزام الناقل الجوي بنقل الركاب؛ الالتزام بنقل البضاعة وتسليمها دون تأخير. والإخلال بأحد هذه الالتزامات يرتب مسؤولية. انظر: علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، الصفحات 572-584.

[4]  وضحة المطيري، مسؤولية الناقل الجوي الدولي في عقد نقل الركاب وفقاً للقانونيين الكويتي والأردني والاتفاقيات الدولية، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2011، ص 1، متوفر على https://meu.edu.jo/libraryTheses/58d77326d0762_1.pdf

[5]  محمد محبوبي، والطاكي روشام، الإعفاءات القانونية والاتفاقية لمسؤولية الناقل الجوي، الموقع الإلكتروني لوزارة العدل المملكة المغربية:

www.justice.gov.ma/console/Uploads/Doc/etude022005.doc

[6] كانت معاهدة باريس المبرمة بتاريخ (13) أكتوبر لعام (1919) الخطوة الأولى نحو محاولة تنظيم حالة التوفيق بين حرية الدولة في استعمال فضائها الجوي، وحرية الطيران. وقد اهتمت هذه المعاهدة بمبدأ سيادة الدولة على فضائها الجوي، وعالجت جملة من الأمور التي تخص الطيران مثل جنسية الطائرة، إلا أنها لم تلق التأييد من قبل بعض الدول ذات الثقل في مجال الطيران آنذاك كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ألمانيا. أنظر:

The UNCTAD Secretariat, Carriage of Goods by Air: A guide to the International Legal Framework, 2006, http://unctad.org/en/Docs/sdtetlb20061_en.pdf

[7] محمد السيد الفقى، مرجع سابق، ص 386.

[8] للمزيد أنظر: محمد الفقي، النطاق الاجرائي لمسؤولية الناقل الجوي الدولي للبضائع: دراسة في تفسير المادة 26 من اتفاقية وارسو، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، عدد 1، 2006، ص 369-455. أيضا علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 466.

[9] أكرم ياملكي، القانون الجوي: دراسة مقارنة، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط. 1، 1997، ص 35-36.

[10] وقد دخلت هذه الاتفاقية” اتفاقية وارسو”، حيز النفاذ على المستوى الدولي في 13 شباط عام (1933)، حيث اعتبرت التشريع الرئيس في مجال النقل الجوي الدولي، والذي لا يقوى أطراف عقد النقل الجوي على مخالفته بمقتضى شروط يتفقون عليها في العقد المبرم بينهم، أنظر: علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 467.

[11] طالب موسى، القانون الجوي الدولي، الطبعة الأولى، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005، ص 19.

[12] فايز رضوان، القانون الجوي، جامعة المنصورة: مصر، 1982، ص 12.

[13] محمود الكندي، النظام القانوني للنقل الجوي الدولي، جامعة الكويت: مجلس النشر العلمي، 2000، ص (24_25).

[14]  دولة قطر، الجريدة الرسمية، عدد 11، 1987، ص 458.

[15] الجريدة الرسمية، عدد 4، 2002، 4/9/2002، ص 169-202.

[16]  للاطلاع على قائمة الاتفاقيات والمعاهدات والبروتكولات المتصلة بالنقل الجوي التي انضمت أو صادقت عليها دولة قطر وتواريخ سريانها، أنظر: منظمة الطيران المدني الدولي على الرباط التالي، https://www.icao.int/secretariat/legal/Status%20of%20individual%20States/qatar_en.pdf#search=qatar

[17]  وذلك بموجب المادتين (18، 19) من اتفاقية وارسو لعام 1929 والمادتين (17، 19) من اتفاقية مونتريال 1999. تبدأ المرحلة الأولى من التزام الناقل الجوي من تاريخ موافقته على استلام البضاعة المراد نقلها، وهنا يقع على كاهله التحقق من البضاعة وصحة بياناتها وحجمها، وفي حال تم تسليم البضاعة للناقل لحفظها في مستودعاته ريثما يتم النقل، فإنه يعتبر مسؤولا عن فقدانها وسلامتها وفقا لأحكام اتفاقية وارسو لعام (1929)، ومنذ وضع البضاعة تحت حراسة الناقل يكون مسؤولا عن شحنها على الطائرة لإتمام عملية النقل، وأي ضرر يلحق البضاعة بسبب هذه العملية يعد إخلالاً من جانبه بتنفيذ العقد. بعد ذلك تبدأ المرحلة الثانية وهي عملية النقل ذاتها، من مكان القيام إلى محطة الوصول، فيلتزم خلالها الناقل بتنفيذ العقد بحسن نية وفي المواعيد المحددة. وأخيراً تأتي المرحلة الثالثة والتي ينتهي بها التزام الناقل الجوي، وهي تسليم البضاعة للمرسل إليه، إذ يلتزم الناقل بتسليم البضاعة في محطة الوصول أو المكان المتفق عليه في العقد إلى المرسل إليه أو وكيله المعين في خطاب نقل البضاعة، وعندها يتعين على الناقل إخطار المرسل إليه بمجرد وصول البضاعة. أنظر: أبو زيد رضوان، القانون الجوي، دار الفكر العربي، القاهرة،1972، ص 287-290.

[18]  علي البارودي، محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 578.

[19]  عدلي خالد، عقد النقل الجوي، الاسكندرية: منشأة المعارف، 1997، ص 49.

 

[20] عيسى ربضي، مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على الأشخاص وأمتعتهم، عمان: دار النشر، 2008، ص 104-105. أنظر أيضا قرار محكمة التمييز الأردنية والذي جاء فيه: “يستفاد من المادة (18/أ ) من اتفاقية وارسو والمعدلة ببروتوكول لاهاي لسنة (1955) ان الناقل يكون مسؤولاً عن الضرر الذي ينشأ في حالة دمار أو ضياع أو تلف أمتعة مسجلة إذا كانت الواقعة التي سببت الضرر قد حدثت خلال النقل الجوي . كما نصت المادة (18/4) على ما يلي:

(النقل الجوي بالمعنى المقصود في الفقرات السابقة من هذه المادة يتضمن المدة التي تكون خلالها الأمتعة أو البضائع في حراسة الناقل سواء أكان ذلك في المطار أو على متن الطائرة…). وحيث توصلت محكمة الموضوع أنّ الشركة المميزة كناقل (لشحنة تحاميل الريفانين) قامت بتخزين البضاعة في مستودعاتها في مطار هواري بومدين بتاريخ وصول الشحنة في 18/6/2001 وفي ظرف درجة حرارة 40 درجة مئوية مما أدى إلى تلف الشحنة وخلافاً لما ورد بوثيقة الشحن لوجوب حفظ البضاعة في مكان مبرد وتوصلت إلى أنّ تلف الشحنة كان أثناء حراسة الناقل وفقاً لنص المادة 18 من اتفاقية وارسو فيكون قرارها واقعاً في محله ولا تثريب على محكمة الموضوع خطأها في ذكر المادة القانونية”. قرار محكمة التمييز الأردنية بصفتها الحقوقية رقم 1816/2006، تاريخ 7/3/2007، منشورات شبكة قوانين الشرق.

[21] راجع: الكويت، محكمة التمييز، الطعن رقم (46)، تاريخ الجلسة 30/9/1991، وفقا لهذه المحكمة، فإن استخلاص خطأ الناقل الجوي الموجب للمسؤولية يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، حيث تستقل في تقديره، ولا معقب عليها في ذلك، ما دام إن الاستخلاص سائغاً. منشورات شبكة قوانين الشرق http://www.eastlaws.com/ .

[22]  أماني موسى، تطور طرق دفع مسؤولية الناقل الجوي ما بين اتفاقية وارسو 1929 واتفاقية مونتريال 1999، مجلة العدل، وزارة العدل، السودان، عدد 42، السنة 16، 2014، ص 127-128. في هذا الصدد، وقد قضت محكمة النقض المصرية بثبوت مسؤولية الناقل الجوي عن عدم وصول البضاعة محل النزاع، بناء على ما ورد في تقرير الخبرة، ووفقا لسلطة محكمة الموضوع التقديرية في استخلاص عدم تقديم الناقل ما يدل على قيامه بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه، وخلو أوراق الدعوى من بينات تصلح لتمسك الناقل بما يرفع مسئوليته. جمهورية مصر العربية، محكمة النقض، طعن مدني رقم 1050 لسنة 69 قضائية، تاريخ 7/3/2000، منشورات شبكة قوانين الشرق.

[23] أحمد الملحم، نظرات في بعض أحكام اتفاقية (وارسو1929)، مجلة الحقوق، مج 18، ع3، 1994، ص 623.

[24]  وهذا التعريف بموجب اتفاقية شيكاغو، ملحق رقم 13، والمعنون بالتحقيق في حوادث الطائرات، المنشور على الرابط التالي:

http://www.acac.org.ma/ar/Documents/Publications/MunualAirInvstigation.pdf.

وقد أوردت لائحة التحقيق في حوادث الطيران المدني الإنجليزي لسنة (1983( تعريفاً للحادث بأنه يشمل الحدث والحادث الذي يبلغ عنه، ثم عرف الحدث بأنه يشمل الواقعة الفجائية، أو غير المتوقعة، المتصلة بالمادة (75) من قانون الطيران الانجليزي لسنة (1982)، أي التي تسبب تهديداً لسلامة الطائرة أو لأي من المسافرين. وقد تضمنت اللائحة في المادة (85) حكماً آمراً يستوجب التبليغ عن بعض الوقائع “Reportable occurrence ” التي يبلغ عنها وهي تعني أي حدث متعلق بالطائرة أو شاغلها أو أي شخص آخر.

راجع:

The air navigation order 1985, http://www.caa.co.uk/docs/33/CAP393.pdf.

[25]  وعليه، فيعتبر حادثاً تنشغل بموجبه ذمة الناقل بالمسؤولية ذبول الزهور المنقولة بسبب انبعاث روائح كريهة من بضائع أخرى موجودة إلى جانبها، أو تلف الأقمشة بسبب انسكاب زيوت أو سوائل حمضية عليها، أو فقدان بضاعة بسبب سرقتها من مخازن الناقل بالمطار (أي داخل مطار القيام أو الوصول)، أنظر ملحق رقم 13 لاتفاقية شيكاغو والمعنون بالتحقيق في حوادث الطيران.  وفي دعوى (Saks. V. Air France)، عولت المحكمة على تعريف اتفاقية شيكاغو للحادثة بأنها واقعة متصلة بتشغيل الطائرة. وعلى هذا لا يشترط أن تكون الحادثة فجائية أو غير متوقعة. وأياً كان الأمر، فإن المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية قد نقضت حكم لمحكمة الاستئناف واستلزمت لقيام مسؤولية الناقل الجوي وفقاً للمادة (17) من اتفاقية وارسو لعام (1929) وقوع أذى بدني له بسبب حادثة، بينما يتعين لقيام مسؤولية الناقل الجوي وفقاً للمادة (18) أن يقع هلاك كلي أو جزئي للبضائع بسبب حدث، بما حاصله ربط الحدث بالبضائع والحادثة بالأذى على الأشخاص. راجع:

United States court of appeals, ninth circuit, 724 F. 2d 1383. Oct 14, 1984: “the majority properly begins with the language of article 17 of the Convention: “The carrier shall be liable for … bodily injury suffered by a passenger, if the accident which caused the damage so sustained took place on board the aircraft….” Unfortunately, the majority finds no other language in the Convention to assist in defining “accident.” Thus, the majority overlooks article 18, which does help define “accident”: “The carrier shall be liable for damage … to any checked baggage or any goods, if the occurrence which caused the damage took place during the transportation by air.” The Convention’s United States text thus contemplates carrier liability for accidents injuring people and for occurrences damaging goods. Available at http://law.justia.com/cases/federal/appellate-courts/F2/724/1383/265013/.

[26]  مكاوي نعيمة، مسؤولية الناقل الجوي للبضائع، مجلة دفاتر السياسة والقانون، عدد خاص، تموز 2018، ص 431.

[27]  أحمد الملحم، مرجع سابق، ص 624. أماني موسى، مرجع سابق، ص 124.

[28]  عرّفت المادة الأولى من قانون الطيران المدني القطري حادث الطائرة بأنه: “كل حادث مرتبط بتشغيل الطائرة يقع في الفترة ما بين الوقت الذي يصعد فيه أي شخص إلى الطائرة بقصد الطيران حتى الوقت الذي يتم فيه مغادرة جميع الأشخاص للطائرة، ويحدث خلالها: أ‌) وفاة أي شخص أو إصابته بإصابات بالغة نتيجة لوجوده على متن الطائرة أو احتكاكه بها مباشرة أو بأي شىء مثبت فيها. ب‌) إصابة الطائرة بعطب جسيم. ج) فقد الطائرة أو استحالة الوصول إليها. ويستثنى من ذلك الإصابات الناجمة عن أسباب طبيعية، أو الإصابات التي يلحقها الشخص بنفسه أو التي يتسبب فيها أشخاص آخرون، أو التي تصيب الأشخاص المتسللين الذين يختبئون خارج المناطق المهيئة للركاب والطاقم. كما عرفت واقعة طائرة بأنها: “كل حادث لا ينطبق عليه تعريف حادث طائرة ويرتبط بتشغيل الطائرة ويؤثر على سلامة التشغيل”.

[29]  محكمة النقض المصرية، طعن مدني رقم (1050)، سنة قضائية (69)، تاريخ الجلسة 7/3/2000، منشورات شبكة قوانين الشرق على الرابط التالي،http://www.eastlaws.com/  . وقد حددت المادة الأولى من قانون الطيران المدني القطري لسنة 2002 فترة الطيران بالوقت الكلي الواقع بين اللحظة التي تبدأ فيها الطائرة حركتها بفعل قوتها الذاتية بغرض الطيران حتى لحظة توقفها عن الحركة بعد إتمام هبوطها. ونرى أن هذا التعريف غير كافٍ حيث كان يلزم مد الفترة إلى حين خروج المسافرين من المقصورة أو إيصال الأمتعة والبضائع إلى الوجهة المخصصة للاستلام. وعلى الرغم من ذلك، فإنه وفقا لقواعد حراسة الأشياء، يبقى الناقل مسؤولا عن سلامة البضائع إلى حين رفع حراسته عنها بتسليمها لأصحاب العلاقة. فالقواعد العامة في القانون المدني كفيلة بمعالجة القصور الوارد في هذا التعريف. ويبدو أن المشرع القطري استقى هذا التعريف من اتفاقية روما لسنة 1952 المتعلقة بالأضرار الواقعة للغير على سطح الأرض من قبل الطائرات، حيث أن هذا المفهوم ملائم لحكم الأضرار التي عالجتها هذه الاتفاقية، لكن لا يتماشى مع ما نحن بصدده.

 [30] تجدر الإشارة إلى أنه وفقا للمادة )18/3) من اتفاقية وارسو لعام 1929، والمادة (18/4) من اتفاقية مونتريال إذا حدث نقل بري أو بحري أو نهري عند تنفيذ عقد النقل الجوي بقصد الشحن، أو التسليم أو الانتقال من طائرة إلى أخرى، فإنه يفترض في الضرر الواقع، إلى أن يثبت العكس، أنه قد نجم عن واقعة حدثت خلال النقل الجوي. إلا أنه يمكن للناقل الاشتراط في العقد بتحديد مسؤوليته في هكذا حالة، أو الاعفاء منها وفقا للقانون الوطني واجب التطبيق، للتخفيف من مسؤوليته والنزول عن الحد المقرر في اتفاقية وارسو. أنظر: طالب موسى، مرجع سابق، ص149. وأيضاً: حكم محكمة التمييز، دبي، الطعن رقم (434)، تاريخ الجلسة 27/3/2004. منشور شبكة قوانين الشرقhttp://www.eastlaws.com/  .

وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بأن: “…النقل الجوي…يتضمن المدة التي تكون فيها الأمتعة أو البضائع في حراسة الناقل، سواء كان ذلك في مطار أو على متن طائرة أو في أي مكان آخر عند الهبوط خارج المطار… مسؤولية الناقل الجوي مسؤولية من نوع خاص لها أحكامها المتميزة تقررت للتوفيق بين مصالح متعارضة مع مصالح شركات الطيران ومصالح الشاحنين، مسئولية عمادها التزام الناقل بكفالة سلامة الشيء المنقول والمحافظة عليه أثناء فترة النقل الجوي حتى يتم تسليمها إلى المرسل إليه أو نائبه القانوني، وباعتبار أنها تظل في حراسته بالمعنى القانوني في حكم المادة 18 سالفة البيان أي تحت سيطرته الفعلية وقدرته على التصرف فيها أو في شأنها طوال فترة هذا النقل التي تشمل فترة وجود بضاعة داخل المخازن الجمركية حتى لو توقف عن ممارسة سيطرته المادية عليها أو لم يمارسها هو بشخصه طالما بقيت له السيطرة القانونية ومن ثم فإن مسؤوليته عنها لا تنتهي بتسليمها إلى السلطات الجمركية وإيداعها مخازنها أيا كان مديرها أو المشرف عليها إذ لا تعتبر مصلحة الجمارك نائبة عن المرسل إليه في استلام البضاعة وإنما تتسلمها بناء على الحق المخول لها بالقانون ابتغاء تحقيق مصلحة خاصة بها هي استيفاء الرسوم المستحقة عليها ولذلك لا ينقضي عقد النقل الجوي بهذا التسليم ولا تبرأ به ذمة الناقل قبل المرسل إليه الذي لا يستطيع استلام البضاعة إلا بأمر وإذن الناقل الجوي صاحب السيطرة القانونية عليها…”. جمهورية مصر العربية، محكمة النقض، طعن مدني رقم 1537 لسنة 52 قضائية، تاريخ 30/1/1989، منشورات شبكة قوانين الشرق. وهذا أيضا ما قضت به المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات العربية “… تحديد فترة النقل لا تنتهي إلا بتسليم البضاعة في مطار الوصول إلى المرسل إليه أو إلى الشاحن في مطار القيام في حالة رد البضاعة إليه، وتدخل فترة تواجد البضاعة داخل المنطقة الجمركية ضمن فترة النقل، ويسأل الناقل عن الأضرار التي تلحق بها أثناء تواجدها في هذه المنطقة، لأن الالتزام بالمحافظة عليها وضمانها يظل قائما لا ينتهي إلا بالتسليم كما يندمج النقل التابع في النقل الجوي ويكون جزءا منه ويعتبر أن التسليم إلى المرسل إليه المعين في خطاب النقل قد تم متى مكنه الناقل من الاستلام بجعله في وضع يتمكن معه من ممارسة الحراسة المادية على البضاعة…”. الطعن رقم 21 لسنة 12 قضائية، الأحكام المدنية والتجارية، تاريخ 25/11/1990، منشورات شبكة قوانين الشرق.

[31] أنظر أماني موسى، مرجع سابق، ص 133.

[32]  الأحكام المدنية، الطعن رقم 139 لسنة 2005 قضائية، تاريخ 25/5/2005، منشورات شبكة قوانين الشرق.

 [33] وفي حالة حدوث ضرر ناجم عن التأخير في نقل البضائع، فالأصل أن الناقل الجوي لا يكون مسؤولا عن هذا الضرر إلا إذا أثبت أنه أو وكلائه قد اتخذوا جميع التدابير اللازمة لتفادي الضرر أو أنه كان من المستحيل بالنسبة لهم اتخاذ مثل هذه التدابير. أنظر:

M.R.Franks. Airline liability for loss, damage , or delay of passenger baggage, Fordham journal of corporate & financial law, vol. 12, 2007, p. 742.

[34] راجع: وضحة فلاح المطيري، مرجع سابق، ص 62.

[35] حسن كيرة، مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية “فارسوفية” وبروتوكول “لاهاي” المعدل لها، مجلة كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، العددان الأول والثاني، 1958-1959، ص 26.

[36]  أنظر: عيسى ربضي، مرجع سابق، ص 113.

[37] وضحة فلاح المطيري، مسؤولية الناقل الجوي الدولي في عقد نقل الركاب وفقاً للقانونيين الكويتي والأردني والاتفاقيات الدولية، مرجع سابق، ص 64-65.

[38]  محكمة الاستئناف العليا، دائرة التمييز، الكويت، القضية رقم 238/1981 تجاري جلسة 7/4/1982. منشورات شبكة قوانين الشرق

http://www.eastlaws.com/.

[39]  أجازت المادة (264) من القانون المدني القطري رقم (22) لسنة 2004 التعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية العقدية بشكل صريح، وأحالت بشأن آلية التعويض عنه إلى أحكام المادتين (202، 203) من القانون ذاته الباحثتين في التعويض عن الضرر المعنوي في نطاق المسؤولية عن الفعل الضار. تجدر الإشارة أن المادة (2) من قانون رقم (27) لسنة 2006 بإصدار قانون التجارة القطري اعتبرت القانون المدني مصدرا للقانون، يتم الرجوع إليه حال شغور النص أو عدم وجود عرف تجاري.

[40] تنص المادة (20) من اتفاقية وارسو لعام 1929 على أنه: “لا يعد الناقل مسؤولاً، إذا أثبت أنه وتابعوه، اتخذوا كل التدابير الضرورية لتوقي الضرر أو كان يستحيل عليهم اتخاذها”.

[41] للمزيد أنظر عيسى ربضي، مرجع سابق، ص 139.

[42] علي البارودي، محمد فريد العريني، ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 620.

[43]  المادة (20/1) من اتفاقية وارسو لعام 1929 والمعدلة بموجب بروتوكول لاهاي لعام 1955.

[44] فالنظرية الضيقة تتطلب الدليل السلبي على انتفائه، والذي يتمثل في ضرورة قيام الناقل بإثبات السبب الذي أدى الى وقوع الحادث المتولد عنه الضرر، وبإقامة الدليل على أن هذا السبب لا يرجع الى خطئه. وبعبارة أخرى ينبغي وفقا لهذه النظرية، حتى يتسنى للناقل التحلل من المسؤولية، أن يجتمع شرطان: الأول، إثبات سبب الحادث الذي نشأ عنه الضرر، والثاني، إثبات أن هذا السبب بالذات لا يرجع إلى خطئه الشخصي أو خطأ أي من تابعيه. وهنا نستدل أن هذه النظرية تؤدي، وبصفة تلقائية، الى تحمل الناقل المسؤولية في كافة الحالات التي يظل فيها السبب الذي أدى إلى وقوع الحادث مجهولاً، ويكون الخطأ المفترض بموجبه واقعاً إذا لم ينجح الناقل، أو تابعوه، في إثبات أنهم اتخذوا كافة التدابير الضرورية ذات العلاقة المباشرة بالحادث المسبب للضرر. فالناقل عليه اثبات أن سلوكه كان، عند وقوع الضرر، هو نفس السلوك المطلوب منه، ومن أي شخص عادي لو وُجد في نفس الظروف. أنظر علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 624، وأماني موسى، مرجع سابق، ص 136-137.

[45] تتطلب النظرية الموسعة الدليل الإيجابي على انتفاء الخطأ، فعلى الناقل الجوي أن يقيم الدليل على أنه هو، وتابعيه، قد بذلوا الهمة الكافية والعناية المعقولة في تنفيذ الالتزام، ويكون الخطأ المفترض واقعاً إذا لم ينجح في إثبات قيامه بتنفيذ عقد النقل بكل عناية مطلوبة من الناقل الجيد، وفقا لمعيار الشخص العادي. أنظر طالب موسى، مرجع سابق، ص 142-143.

[46]  أماني موسى، مرجع سابق، ص 138-139. في هذا السياق، قضت محكمة التمييز الكويتية بأنه: “…من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن استخلاص التدابير اللازمة والمعقولة لتفادي الضرر أو عدم اتخاذها من الأمور الواقعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع، إلا أن شرط ذلك يكون استخلاصها سائغا وله أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها…”. الأحكام المدنية والتجارية، الطعن رقم 612 لسنة 2004 قضائية، تاريخ 10/1/2005، منشورات شبكة قوانين الشرق.

[47] البروتوكول الرابع الموقع في مدينة مونتريال في (25) أيلول عام 1975. راجع أيضا: محمود الكندي، مرجع سابق، ص 329.

[48] نلاحظ أن نص المادة (18) من اتفاقية مونتريال لعام 1999 فد جاء مماثلا لنص المادة (4) من بروتوكول مونتريال لعام 1975، باستثناء أن الاتفاقية قد استخدمت، بالنسبة للدفع الأول، عبارة وجود خلل كامن في البضاعة أو بسبب نوعيتها، بينما استخدم البروتوكول لفظاً آخر يؤكد نفس المعنى وهو “العيب الذاتي للبضاعة أو طبيعتها”. وعليه، فإن مسؤولية الناقل عن الأضرار التي تلحق بالبضاعة لم يعد خطأ مفترضا، وإنما مسؤولية قائمة على أساس فكرة المخاطر، فهي مسؤولية موضوعية قوامها الضرر أو الخطر وتحمل التبعة. راجع: محمود الكندي، مرجع سابق، ص 142. أنظر أيضا اتفاقية مونتريال لعام 1999 بشأن توحيد بعض قواعد النقل الجوي،http://www.assa-int.org/_Uploads/dbsAttachedFiles/MontrealConvention1999.pdf .

وهكذا ستفقد المادة (20) من اتفاقية وارسو الأصلية أهميتها، وسينحصر مجالها فقط في المسؤولية عن التأخير في نقل الركاب والبضائع والأمتعة، إذا ما قدر لكل من بروتوكول جواتيمالا لعام (1971)، وبروتوكول مونتريال الرابع لعام (1975)، الدخول الى حيز النفاذ. راجع: علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص627.

[49] في هذا السياق قضت محكمة التمييز الأردنية بأنه: “يكون الناقل مسؤولا عن هلاك الاشياء وعن أي عيب فيها او نقصانها فيما خلا الاحوال الناشئة عن القوة القاهرة أو عن عيب قديم في المنقول أو عن خطأ المرسل ،وعلى الناقل اقامة البينة على هذه الاحوال المبرئة من التبعية عملا بالمادة 72 من قانون التجارة رقم 12 لسنة 1966، وبناء على ذلك فاذا لم يثبت الناقل أن نقصان البضاعة كان ناتجا عن قوة قاهرة او عن خطأ للمرسل كما انه لم يثبت اي حالة من الحالات المبرئة من المسؤولية بموجب اتفاقية وارسو التي تسري على النقل الجوي عملا بالمادة 2/79 من قانون التجارة فان الحكم المميز القاضي بإلزامه بثمن الطرود الناقصة المتمثل بالمبلغ المحكوم به يكون متفقا واحكام القانون”. محكمة التمييز، الأحكام المدنية، الطعن رقم 890 لسنة 1988 قضائية، منشورات شبكة قوانين الشرق.

[50] وهذا حكم عام يشمل حالات المسؤولية في نقل المسافرين والبضائع أو الأمتعة المسجلة، والمسؤولية عن التأخير.

[51]  وقد طبقت محكمة التمييز القطرية نظرية الخطأ المشترك في نزاع حول عقد نقل بحري بين الناقل والشاحن، واتخذته المحكمة أساساً لتقدير التعويض. أنظر الطعن رقم 51 لسنة 2008 تمييز مدني، تاريخ 17/6/2008. منشورات البوابة القانونية القطرية (الميزان) http://www.almeezan.qa/Default.aspx?language=ar#.

[52]  حكمت محكمة النقض المصرية بعدم مسؤولية الناقل الجوي لثبوت وصول الطرد، موضوع النزاع، إلى جهة الوصول سليماً، وأن عدم استلامه يرجع الى خطأ المرسل إليه الذي تقاعس عن الاستلام. طعن رقم (387) لسنة (49) قضائية تاريخ الجلسة 20/12/198، منشورات شبكة قوانين الشرق http://www.eastlaws.com/.

[53]  كانت المادة (26) من اتفاقية وارسو تقضي بأنه في حالة التلف، يجب على المرسل إليه أن يوجه الاحتجاج فوراً بمجرد اكتشافه (أي في حال كان ظاهرا وجليا)، وعلى الأكثر خلال مهلة ثلاثة أيام بالنسبة للأمتعة، وسبعة أيام بالنسبة للبضائع، تحسب من تاريخ استلامها. أما في حالة التأخير فيتعين توجيه الاحتجاج في مهلة أقصاها أربعة عشر يوماً تحسب من اليوم الذي تكون فيه الأمتعة، أو البضائع، قد وضعت تحت تصرفه. إلا أن هذه المدد عدلت بموجب بروتوكول لاهاي لعام 1955 بموجب المادة (15/2)، فجعلها سبعة أيام في حال الأمتعة، وأربعة عشر يوما بالنسبة للبضائع، محسوبة من تاريخ الاستلام الحقيقي، وواحد وعشرين يوما في حالة التأخير من تاريخ وضعها تحت تصرفه. تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز تقصير هذه المواعيد، لأن ذلك من قبيل الشروط المعفية من المسؤولية الباطلة وفقا لنص المادة (23) من اتفاقية وارسو لعام. على ان بطلان هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان العقد الذي يبقى خاضعاً لأحكام الاتفاقية. إلا أنه يجوز الاتفاق على إطالة هذه المواعيد شريطة أن تبقى ضمن مبدأ المعقولية، ويراعى في ذلك طبيعة البضاعة ومدة صلاحيتها لتأدية وظيفتها.

[54] أنظر المادة (4) من بروتوكول جواتيمالا لعام 1971 التي تقضي بجواز ارسال الاحتجاج الى الناقل الفعلي، وأن له ذات الآثار التي ينتجها في مواجهة الناقل المتعاقد.  أنظر أيضا: بروتوكول بتعديل معاهدة توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الموقعة في وارسو لعام 1929 والمعدلة بمقتضى بروتوكول لاهاي لعام 1955، الموقع عليه في جواتيمالا في الثامن من آذار سنة 1971، متوفر على الرابط التالي:

http://www.jus.uio.no/lm/air.carriage.warsaw.convention.guatemala.city.protocol.1971/doc.html

[55] رفضت محكمة كويتية في الدعوى رقم 19/1992، المحكمة الكلية، دائرة الاستئناف (2)، بتاريخ 24/5/1992، بحث مسؤولية الناقل لعدم توجيه احتجاج خلال المواعيد المحددة في المادة 26 من اتفاقية وارسو لعام (1929) فور اكتشاف التلف، حيث تبين بعد تسلم المرسل البضاعة، وهي عبارة عن سجاد عجمي تلف منها اثنتا عشرة سجادة بسبب تسرب المياه إليها إثناء الرحلة وقبل التسليم، منشورات شبكة قوانين الشرق http://www.eastlaws.com/.

[56] أنظر حكم محكمة النقض المصرية، الطعن رقم (3032) لسنة (57) قضائية، تاريخ الجلسة 9/1/1989 التي تشير فيه إلى أن: “…من شروط دعوى المسؤولية قبل الناقل الجوي تعويض التلف في الأمتعة والبضائع توجيه المرسل إليه إلى الناقل الاحتجاج النصوص عليه بالمادة (26) من اتفاقية وارسو لعام (1929) في المواعيد المقررة). منشورات شبكة قوانين الشرقhttp://www.eastlaws.com/.

[57] علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 667. عيسى ربضي، مرجع سابق، ص 235.

[58] المادة (182) من قانون التجارة رقم (27) لسنة 2006.

[59] إذا كان المبدأ في الاتفاقية هو بطلان شروط الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها، فلا يقتصر هذا البطلان على الشروط التي تهدف إلى ذلك بطريق مباشر، بل يمتد أيضا ليلحق كل شرط يهدف بطريق غير مباشر إلى مثل هذا الإعفاء أو التخفيف، وهو بالانتقاص مما تقرر للمضرور من حقوق في سبيل تعويض ما يلحق من ضرر وعلى هذا النحو يجب أن تعتبر باطلة شروط تقصير مواعيد الاحتجاج أو مدة سقوط أو تقادم الدعوى وشروط نقل عبء الإثبات بوضعه على عاتق المرسل بدلا من الناقل إذ يحمل ذلك معنى التحايل على ما تقرره الاتفاقية من بطلان شروط الإعفاء من المسؤولية نظرا لتعذر قيام المرسل بمثل هذا الإثبات. راجع: محمد محبوبي؛ الطاكي روشام، الإعفاءات القانونية والاتفاقية لمسؤولية الناقل الجوي، ص 20، متوفر على الرابط www.justice.gov.ma/console/Uploads/Doc/etude022005.doc

[60]  راجع: مادة (12/2) من بروتوكول لاهاي لعام (1955) المعدلة للمادة (23) من اتفاقية وارسو لعام (1929) والتي تنص على: “لا تنطبق الفقرة الاولى من هذه المادة، على البنود المتعلقة بالضياع او بالضرر الناشئ من طبيعة البضائع المنقولة، أو من عيب ذاتي فيها”. تماثلها المادة (17/2) من اتفاقية مونتريال 1999. فالمبدأ العام الذي أتت به اتفاقية وارسو، هو بطلان كل الشروط التي تعفي الناقل الجوي من المسؤولية أو تخفف منها، دون النظر إلى ماهية محل عقد النقل سواء أكان أشخاصاً أم بضائع أم أمتعة، لكن أتى بروتوكول لاهاي لعام (1955) باستثناء على هذا المبدأ، حيث أجاز الاتفاق على إعفاء الناقل الجوي من المسؤولية أو تخفيفها في نقل البضائع، بحيث أجاز للناقل الجوي أن يضع شرطاً في خطاب النقل الجوي يعفيه من المسؤولية عن الاضرار الناشئة عن طبيعة البضائع المنقولة أوعن عيب ذاتي فيها.

[61] تنص المادة (32) من اتفاقية وارسو لعام 1929 على أنه: “تكون باطلة جميع شروط عقد النقل وجميع الاتفاقات الخاصة السابقة على وقوع الضرر إذا خالف الأطراف المتعاقدون بمقتضاها قواعد هذه الاتفاقية، إما بتعيين القانون الواجب التطبيق أم بتعديل قواعد الاختصاص”.

[62]  راجع: عيسى ربضي، مرجع سابق، ص 172.

[63]  المادتان (191، 192) من قانون التجارة رقم (27) لسنة 2006.

[64] المادة (22/2) من اتفاقية وارسو، والمادة (25) من اتفاقية مونتريال. لا يعد هذا الاعلان، من قبيل الاتفاق بين أطراف عقد النقل على وضع حد أقصى للتعويض أعلى من ذلك الذي قررته الاتفاقية. ولا يعد كذلك من قبيل تحديد قيمة البضاعة، وإنما هو عبارة عن تصرف يقدر بمقتضاه المرسل مقدماً مقدار الضرر الذي قد يصيبه نتيجة خطأ الناقل في تنفيذ عقد النقل، فيحتاط لذلك. وهذا الاعلان لا ينتج أثرا إلا إذا تم عند قيام المرسل بتسليم البضاعة، فإذا تم بعد ذلك، فيشترط لكي ينتج آثاره القبول من جانب الناقل الجوي، وعليه فإن الناقل يستطيع رفض الالتزام بدفع المبلغ الزائد إذا أعلن بعد تسليمه الأمتعة أو البضاعة. وأيضا يجب أن يتم هذا الاعلان مقابل دفع رسم إضافي فوق أجرة النقل إلى الناقل، كلما اقتضى الأمر ذلك.

[65] ومنى استوفى الاعلان هذه الشروط أنتج أثره الذي يتمثل في حلول القيمة المعلنة فيه محل الحد الاقصى للتعويض المنصوص عليه في الاتفاقية، ولكن ينبغي ملاحظة أن هذه القيمة المعلنة لا تعد من قبيل التقدير الجزافي الذي يستحق بصفة تلقائية دونما نظر الى قدر الضرر الواقع، وإنما هي بمثابة حد أقصى للتعويض لا تستحق بأكملها إلا إذا كانت قيمة الضرر مساوية لها، أما إذا كانت أقل منها فلا يلتزم الناقل إلا بدفع القيمة الاقل. ويقع على عاتق هذا الأخير عبء إثبات نقصان قيمة الضرر عن القيمة المعلنة. أنظر: علي البارودي؛ محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 650. أيضا تنص المادة (25) من اتفاقية مونتريال لعام (1999)، على: “يجوز للناقل أن يشترط خضوع عقد النقل لحدود مسؤولية أعلى من الحدود المنصوص عليها في هذه الاتفاقية أو أنه لا يخضع لأي حدود مسؤولية”.

وعليه، فالناقل الجوي هو الطرف القوي في العلاقة العقدية، فلهذا يجوز له أن يتنازل عن الحماية المقررة له، وذلك بوضع حدود أعلى للمسؤولية أو حتى تكون هذه المسؤولية بلا حدود، إلا أن المرسل لا يستطيع أن يتنازل عن حدود المسؤولية المقررة له في الاتفاقية، لأنه الطرف الضعيف في العلاقة العقدية مع الناقل الجوي. راجع: محمد الكندري، مرجع سابق، ص 174-176.

[66] محكمة الاستئناف القطرية، الطعن رقم 89، لسنة 1982 قضائية، تاريخ 2/12/1982.

[67] المجلس الأعلى، الملف التجاري عدد 309/97، القرار عدد 5319، تاريخ 9/9/1998. مجلة قضاء محكمة النقض، الإصدار الرقمي 2012، عدد 71، ص 345-348.

[68]  الطعن المدني رقم 1227 لسنة 49 قضائية، تاريخ 27/2/1984. في نفس المعنى حكم المحكمة ذاتها في الطعن المدني رقم 14589 لسنة 80 قضائية، تاريخ 27/3/2012، منشورات شبكة قوانين الشرق. أنظر أيضا في المعنى ذاته المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية، الأحكام المدنية والتجارية، الطعن رقم 35 لسنة 20 قضائية، تاريخ 16/5/2000، منشورات شبكة قوانين الشرق.

[69]  فالناقل لا يلتزم بدفع تعويض أكثر عما هو منصوص عليه مهما يكن مقدار الضرر، ومن المبررات التي سيقت لتحديد التعويض تعزيز نشاط النقل الجوي واستمراره، لتجنب افلاس شركات النقل، لاستحالة قيامها مقدماً بحساب المخاطر التي قد تتعرض لها الرحل، ولعدم معرفتها مقدما بقيمة البضائع أو المبالغ التي ستدفعها. وبهذا التحديد، يستطيع ترتيب حسابته الاقتصادية وابرام عقود التأمين من المسؤولية بشكل أيسر. كما أن للتحديد المسبق للتعويض عن الأضرار مميزات لكلا طرفي العقد في عقد نقل البضائع، فالناقل الجوي يقدر سلفاً الحد الأقصى للتعويض الذي يلتزم بدفعه للمرسل نتيجة الأضرار التي لحقت ببضاعته. فما عليه سوى أن يضرب وزن البضاعة بالحد القانوني للتعويض، أما المرسل فإنه من خلال التحديد المسبق للتعويض عن الأضرار التي تلحق بالبضاعة يقدر مدى التعويض الذي سيحصل عليه من الناقل الجوي.

أنظر:

Riese eT J.T la cour, précis de droit aérien international et Suisse, librairie génerale de droit de jurisprudence, Paris 1951 P. 275.

http://www.persee.fr/web/revues/home/prescript/article/ridc_0035-3337_1951_num_3_4_8036

B.Krishna Mohan, A comparative study of Warsaw and Montreal convention, 1984, P.597.

انظر أيضاً: عدلي خالد، مرجع سابق، ص 89.  وحكم محكمة الإمارات العربية المتحدة، المحكمة الاتحادية العليا، رقم الطعن (235)، السنة القضائية (20)، تاريخ الجلسة 16/5/2000.

[70]  الحد الأقصى للتعويض، بموجب المادة (22/3) من اتفاقية مونتريال عام (1999) المعدلة للمادة (22/2) من اتفاقية وارسو هو (17) وحدة حقوق سحب خاصة عن كل كلغم من وزن البضائع، أي تقريباً (25) دولار أمريكي. (وحدة حقوق السحب الخاصة تساوي (1,45) دولار أمريكي). أنظر صندوق النقد الدولي،

النقر للوصول إلى pr10434a.pdf

أنظر أيضاً: حكم محكمة النقض، إمارة أبو ظبي، طعن رقم (835)، تاريخ الجلسة 19/1/2011، http://www.eastlaws.com/

See also: Anita khosla, Fordham international law journal, Warsaw convention limitation on liability the need for reform after cocciav Turkish airline, Vol.11, issue 1, 1987, P.135.

[71]  أنظر تطبيقا لذلك: المحكمة الاتحادية العليا، الإمارات العربية المتحدة، الطعن رقم (800)، السنة القضائية (22)، تاريخ الجلسة 11/6/2003. محكمة التمييز، دبي، رقم الطعن (127)، تاريخ الجلسة 19/11/2007. المحكمة العليا، ليبيا، رقم الطعن (104)، السنة القضائية (37)، تاريخ الجلسة 8/6/1992. منشورات شبكة قوانين الشرقhttp://www.eastlaws.com /. إلا أن اتفاقات تشديد المسؤولية هذه، إن سرت في حق الناقل الذى أبرم عقد النقل، لا يكون لها أثر تجاه الناقل الفعلي، إن وجد، الذي يقوم بتنفيذ العقد، إلا إذا قبلها صراحة أو ضمنا.

[72]  كانت هذه المادة تنص على: “1. ليس للناقل الجوي أن يتمسك بأحكام هذه الاتفاقية التي تعفيه من المسؤولية أو تحد منها إذا كان الضرر قد تولد من غشه أو خطأ يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع. 2. وكذلك يحرم الناقل الجوي من هذا الحق، إذا أحدث الضرر في نفس الظروف أحد تابعيه في أثناء تأديته لأعمال وظيفته”. وقضت محكمة النقض المصرية بأن الخطأ المعادل للغش بموجب هذه المادة في النظام القانوني المصري هو الخطأ الجسيم. طعن مدني رقم 366 لسنة 33 قضائية، تاريخ 27/4/1967. منشورات شبكة قوانين الشرق.

لقد أثار تحديد المقصود بعبارة “غشه أو خطأ يراه قانون المحكمة” صعوبات من الناحية العملية، واختلاف الفقه والقضاء المقارن بشأن تفسيرها. فذهب فريق إلى القول بأن هذه العبارة تتضمن قاعدة إسناد الى القانون الداخلي، ما يترك للقاضي الحرية المطلقة في استلهام الحلول التي أوردها قانونه الوطني فيما يتعلق بمفهوم الخطأ المعادل للغش. بينما ذهب آخرون إلى القول بأن هذه العبارة تتضمن قاعدة موضوعية مؤداها أن مسؤولية الناقل الجوي تكون مطلقة في حالة الغش وفقا للمفهوم الذي تتبناه القوانين الداخلية للغش أو في حالة الخطأ الذي يقترب من فكرة الغش في القوانين التي تجهل هذا المصطلح، وبموجب ذلك يُحرم الناقل من التمسك بأحكام الاتفاقية التي تعفيه من المسؤولية أو تحد منها.

وبالفعل تأثر القضاء الفرنسي، وكذلك قضاء الدول التي تأثرت بالنظام القانوني الفرنسي بالمدارس الفقهية هذه، حيث قضت أحكامه بأن الخطأ المعادل للغش هو الخطأ الجسيم من حيث أثره في حجب المسؤولية عن الناقل الجوي.  أما قضاء الدول التي تجهل فكرة الغش، كالدول الأنجلو-سكسونية، فقد اعتنق المذهب الثاني، فقررت المحاكم الإنجليزية بأن الخطأ الذي يشدد من مسؤولية الناقل الجوي ويلزمه بتعويض كل الأضرار التي أصابت الشاحنين هو الخطأ الإرادي ” Willful misconduct “؛ وهو كل فعل، أو امتناع إرادي، يعلم مرتكبه أن من شأنه أن يؤدي إلى الإخلال بواجب ملقى على عاتقه، أو إلى احتمال إحداث ضرر للغير، أو أن يجهل مرتكبه عن عدم اكتراث ورعونة، أو لا يعنيه أن يعلم ما إذا كان من شأن هذا الفعل أو الامتناع أن يؤدي إلى ذلك. لذلك، وتجنبا لاختلاف قضاء المحاكم حول العالم، وسعيا منها لتعزيز فكرة توحيد القواعد الموضوعية لمسؤولية الناقل الجوي، جاءت المادة (13) من بروتوكول لاهاي لعام 1955 لتضع تعريفاً للخطأ الذي يؤدي الى عدم استفادة الناقل من نظام المسؤولية المحدودة، ينسجم مع مفهوم الغش الشائع في القوانين التي تنتمي إلى العائلة الرومانية واللاتينية، ومع مفهوم الخطأ الإرادي المألوف في النظام الانجلو-سكسوني. أنظر: عيسى ربضي، مرجع سابق، ص 211، علي البارودي، محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي، مرجع سابق، ص 646، عدلي خالد، مرجع سابق، ص 103، طالب حسن موسى، القانون الجوي، مرجع سابق، ص 176.

Lawrence B. Goldhirsch, The Warsaw Convention Annotated: A legal handbook, second edition, Kluwer Law International, the Hague, 2000, P. 151.

وكانت محكمة النقض المصرية قد قضت بأن الخطأ المعادل للغش المنصوص عليه في المادة (25) من اتفاقية وارسو هو ذاته الخطأ الجسيم المنصوص عليه في المادة (217) من القانون المدني المصري. طعن رقم 56 لسنة 40 قضائية جلسة 26 يناير سنة 1976، والطعن رقم 362 لسنة 33 قضائية جلسة 27/4/1967، شبكة قوانين الشرقhttp://www.eastlaws.com/

[73] جاء نص المادة (13) من بروتوكول لاهاي كما يلي: “لا تسري الحدود المنصوص عليها في المادة (22) متى قام الدليل على أن الضرر قد نشأ من فعل أو امتناع من جانب الناقل أو تابعيه وذلك إما بقصد إحداث ضرر و إما برعونة مقرونة بإدراك أم ضرر قد يترتب على ذلك، فإذا وقع الفعل أو الامتناع من جانب التابعين فيجب أيضاً إقامة الدليل على أنهم كانوا عندئذ في أثناء تأدية وظائفهم”.  وهو ما ينسجم مع المادة (9) من بروتوكول مونتريال الرابع لعام (1975).

[74] المادة (86) من قانون الطيران المدني رقم (15) لسنة 2002.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى