في الواجهةمقالات قانونية

المسؤولية الجنائية للموثق على ضوء القانون الجنائي المغربي والقانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق رقم 32.09 – عدنان السباعي

 

المسؤولية الجنائية للموثق على ضوء القانون الجنائي المغربي والقانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق رقم 32.09

عدنان السباعي

باحث في الميدان الجنائي / خريج ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية بطنجة

 

مقدمــــــــــــة:

تعتبر مهنة التوثيق من بين المرافق المهمة المساعدة بشكل أساسي على تنظيم المعاملات المدنية والتجارية، كما أنها من بين المؤسسات المساهمة في الحفاظ على استقرار هذه المعاملات لما لها من دور في ضمان الثقة بين مختلف المتعاقدين.

وبالنظر للحركية والتطور التي يعرفها المغرب في كل الميادين، فإن مهنة التوثيق لا تشذ عن هذه القاعدة، فقد أظهرت التجربة العلمية أهمية هذا المرفق كمساهم في التنمية في جميع المجالات، وايضا كمنظم للعلاقات بين أفراد المجتمع، والتجربة ذاتها أظهرت دوره كمهنة مساعدة للدولة، تستطيع بواسطتها تحصيل مختلف الحقوق الجبائية المترتبة لفائدتها.

ويبقى توثيق المعاملات من طرف الموثق من أبرز الوسائل المهمة في الحفاظ على المعاملات نظرا للطابع الذي يميز هذه المهنة من خلال المكانة التي تعطى للعقود المحررة من طرف ممارسيها، والتي تكتسي الطابع الرسمي استنادا للفصل 418 من ظهير الالتزامات والعقود المغربي.

إن توثيق التصرفات يحظى بالمكانة السامية وهذا ما يجعل القانون الذي ينظم مهنة التوثيق  يحظى بالأولوية ضمن سائر القوانين الأخرى، وكذا إحاطة الممارسين لمهنة التوثيق بجملة من البنود القانونية باعتبارهم مهنيين يمارسون مهنة تتميز بعدة صعوبات من خلال تبنيهم الحيطة والحذر من التصرفات التي يشرفون على توثيقها و التمعن في كيفية تحريرها وكذا التريث من حيث توثيقها ومعرفة أصحابها، ذلك فإن التقصير أو الرعونة من حيث عدم إعطائها الوقت اللازم قد يؤدي إلى ضياع حقوق الأفراد، وبالتالي إثارة مسؤولية هؤلاء المحررين لهذه التصرفات.

وتتمثل المسؤولية المترتبة عن الإخلال بواجبات المهنة إما مسؤولية مدنية والتي قد تكون مسؤولية تقصيرية أو عقدية من خلال الاخلال بالعقد الذي يجمع بين المتعاقد والموثق للعقد والذي يكون موضعه هو توثيق التصرفات، كما قد تترتب مسؤولية تأديبية للموثق من خلال العقوبات التأديبية التي توقع على الموثق من الهيئة المشرفة على تنظيم مهنة التوثيق والمتمثلة في المغرب في الهيئة الوطنية للموثقين بالمغرب.

غير أنه في بعض الأحيان قد يتجاوز الأمر في المسؤوليات السابقة ليصل إلى ارتكاب أفعال لها طابع جنائي من خلال القيام بأفعال قد تحرك العدالة الجنائية والتي قد تؤدي بالزج بالموثق وراء القضبان.

و ما يهمنا في هذا الصدد، هو المسؤولية الجنائية المتعلقة بالموثق والتي تتحقق عندما يقترف هذا الأخير جريمة من الجرائم المنصوص عليها وعلى عقوبتها في القانون الجنائي المغربي  أو القانون المنظم للمهنة، والتي تخلف ضررا يمس بالأطراف  والمجتمع بأكمله.

وفي إطار الحديث عن المسؤولية الجنائية في مجال التوثيق المغربي وبالرجوع إلى ظهير 4 ماي 1925 فانه لم ينص على أي عقوبات جنائية، بل كان كل ما نص عليه هو عقوبات تأديبية أو مدنية انفرد بها الفصل 29 منه، ثم جاءت الفصول الموالية لتأسيس طرق تطبيقها، وهكذا كانت الأفعال التي تهم الجانب الجنائي موكولة إلى قواعد القانون الجنائي، وما يحدده لها -الأفعال- من عقوبات كالتزوير والنصب وخيانة الأمانة…، ولازالت هذه الإحالة في القانون رقم 32.09 المتعلق بمهنة التوثيق، إلا أنه قد تم التنصيص صراحة على عقوبات بعض الأفعال غير المنصوص عليها في القانون الجنائي مثل  سمسرة الزبناء والإشهار … و ذلك في القسم الخامس المعنون بالمقتضيات الزجرية، وهذا ما يبرز وعي المشرع المغربي بخطورة هذه الأفعال لم لها من تأثير على الثقة وعلى حصانة المهنة.

ومن خلال ما سبق فإنني أتساءل حول مدى توفق المشرع المغربي في تحقيق الأمن التعاقدي والتوثيقي من خلال المسؤولية الجنائية للموثق؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحــث الأول: أســاس المســؤوليــة الجنــائيــة للمــوثــق

ان المسؤولية الجنائية هي الالتزام بتحمل النتائج القانونية المترتبة عن ارتكاب فعل يجرمه القانون الجنائي ويعاقب عليه.[1]

ومن أجل مساءلة الموثق جنائيا يجب أن يكون قد ارتكب فعلا أو امتناعا مخالفا للقانون ويستوجب المساءلة، ويتمثل هذا الفعل أو الامتناع المجرم في خطأ سواء أكان مقصودا أو غير مقصود ،وسواء أكان مخالفا لقانون التوثيق أو غيره من القوانين الزجرية، ويلزم أن تتحقق أركان الجريمة وشروطها مما قد يحقق ضررا.

ويستوي أن يصيب هذا الضرر شخصا طبيعيا أو معنويا، وإذا كانت المسؤولية الجنائية عامة، ومسؤولية الموثق خاصة تقوم على هذه الأسس الثلاث، فيجب أن تتوفر شروط معينة تجعل الموثق أهلا للمساءلة، وتتمثل في أن يكون مميزا قادرا على الفعل أو الامتناع الجرمي الذي سيقترفه من جهة، وأن يتوفر على حرية اختيار كاملة عند تنفيذ الفعل، إلا أنه قد يطال عارض أهليته أو عيب إرادته تؤدي الى انتقاص أو انتفاء مسؤوليته.

و على هذا الأساس  سأحاول تناول هذا المبحث من خلال الحديث عن أركان المسؤولية الجنائية للموثق (المطلب الأول)، في حين سأتطرق للحديث عن شروط المسؤولية الجنائية للموثق وموانعها (المطلب الثاني).

 

 

 

المطلــب الأول: أركــان المســؤوليــة الجنــائيــة للمــوثــق

إن تحديد أساس المسؤولية الجنائية لا محيد عنه خصوصا إذا كان مصب الحديث يعود الى شخص مهني كالموثق، ولهذا فأهم ما يميز قيام المسؤولية الجنائية عموما توافر أركانها من ركن قانوني ومادي ومعنوي، والذي تبنته المدرسة التقليدية الجديدة[2] باعتباره شرطا ضروريا لقيام المسؤولية، وهو نفس الشيء الذي سار عليه المشرع المغربي في القانون الجنائي.

 

الفقــرة الأولــى: الركــن القــانونــي

يقصد بالركن القانوني أو الركن الشرعي كما يصطلح عليه مؤداه؛ أن أي تصرف صادر عن الفرد لا يكتسب صفة الجريمة إلا إذا اخضع لنص يجرمه ويعاقب عليه[3]، وهو بذلك الركن الذي يضفي الصفة الإجرامية أو الصفة غير المشروعة على سلوك أو نشاط الموثق سواء كان إيجابيا أو سلبيا.

إضافة إلى انتفاء سبب من أسباب التبرير والإباحة[4]، لأن انتفاء أسباب التبرير أو الإباحة شرط لابد منه لكي يظل سلوك الموثق المحظور محتفظا بالصفة الإجرامية أو غير المشروعة التي أضفاها عليه نص التجريم[5].

ويجد الركن القانوني للمسؤولية الجنائية للموثق أساسه في مجموعة من الفصول من القانون الجنائي، وبالتالي يخضع للعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، كما أن هذا الركن له موقعه في ظل القانون 09-32 وذلك في القسم الخامس الذي يتضمن مقتضيات زجرية لردع كل موثق سولت له نفسه الخروج عن مقتضيات المهنة.

ومن أجل اعتبار فعل الموثق فعلا معاقبا عليه من وجهة نظر القانون الجنائي يجب أن يكون منصوصا عليه في القانون مسبقا، أي يجب أن يكون هناك نص تشريعي أو قانوني سابق يجرم هذا الفعل ويحظره تحت طائلة توقيع العقاب[6]، ويعد هذان الأمران من أهم الضمانات للأمن والحرية الفردية، فالشرعية بنص القانون تشكل صمام الأمان ضد تعسف السلطة وتحكمها، حيث إن مبدأ شرعية الجريمة يوجب على الدولة أو السلطة الالتزام بأمرين هما:

                       Ü            أنه لا يجوز متابعة أي موثق على فعل غير منصوص عليه في القانون، وذلك طبقا لمبدأ “لا جريمة ولا عقوبة الا بنص”[7].

                       Ü            هو الذي يتضمن منح الصلاحية للسلطة التشريعية لتجريم الأفعال وتحديد العقوبات المناسبة لها بدقة.

ولما كان مبدأ التحديد القانوني لفعل أو سلوك الموثق المجرم من الالتزامات التي يتعين على المشرع معرفتها بدقة، فإنه يتعين على النيابة العامة والقضاء أن يتحققا ويتثبتا من وجود الركن الشرعي للجريمة التوثيقية، أي أن فعل الموثق مجرم قانونا، وأن تحدد النص القانوني الواجب التطبيق قبل تقديم الدعوى العمومية إلى المحكمة المختصة.

وقد عمل المشرع المغربي على تعميم نصوص القانون الجنائي على كل من الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الذين يساهمون بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق المصلحة العامة بما فيها تحقيق الأمن التعاقدي والتوثيقي بشكل يضمن حقوق الناس ويحفظها وهو الدور المنوط بالموثق.

 

 

 

الفقــرة الثــانيــة: الــركــن المــادي

ان الركن المادي هو ذلك النشاط أو السلوك الإيجابي أو السلبي الذي تبرز به الجريمة إلى العالم الخارجي، فتكون بذلك اعتداء على الحقوق أو المصالح أو القيم التي يحرص الشارع على صيانتها[8]، ونجد على أن لهذا الركن ثلاثة عناصر وهي: السلوك الاجرامي، النتيجة الإجرامية ثم العلاقة السببية.

1.    السلوك الاجرامي:

ان السلوك الإجرامي يتخذ صورتين وهما الفعل والامتناع، ويتجسد السلوك الإجرامي في القيام بفعل (سلوك إيجابي)، إذ له كيان مادي ملموس أو محسوس يتمثل فيما يصدر عن الموثق من حركات لأعضاء جسمه ابتغاء منه لتحقيق آثار مادية معينة كاستعمال يده في أخذ مال الغير في جريمة السرقة[9]، أو الامتناع عن القيام بفعل(سلوك سلبي) يجرمه القانون، أي الامتناع عن القيام بحركة عضوية أو عضلية يوجب القانون القيام بها في وقت أو ظرف معين، وكان الموثق الممتنع قادر على القيام بالنشاط المطلوب منه.

2.    النتيجة الإجرامية:

تكمن النتيجة الاجرامية في النتيجة التي يحتم القانون تحققها لكي يكتمل الركن المادي للجريمة.

وتعتبر النتيجة الاجرامية ذلك الأثر الخارجي المترتب على السلوك، والذي يتمثل في اعتداء الموثق على حق أو مصلحة يحميها القانون، كخروج المال من حيازة صاحبه دون علمه أو رضاه في جريمة السرقة ودخوله في حيازة الغير بما يعنيه هذا الأثر الطبيعي من عدوان على حق الملكية الفردية.

لكن إذا كانت النتيجة الاجرامية ضرورية ومطلوبة في اطار الجرائم المادية فهي غير لازمة بالنسبة للجرائم الشكلية التي يكتمل ركنها المادي بمجرد القيام بالعمل المجرم إيجابيا كان أم سلبيا، وهو الطابع الذي تتميز به مجموعة من الجرائم المرتكبة من طرف الموثق، كالتزوير…[10]. 

 

 

 

3.    العلاقة السببية:

لابد لاكتمال البناء القانوني للجريمة أن يكون الفعل المرتكب من قبل الموثق، أي أن يكون هو سبب حدوث النتيجة سواء أكان فعلا إيجابيا أم امتناعا، و هو ما اتفق الفقه على تسميته بعلاقة أو رابطة سببية بين السلوك المجرم والنتيجة الضارة، ويجب أن تكون هذه النتيجة ناشئة عن ذلك الفعل ويرتبطان ارتباط السبب بالمسبب، و في حالة انقطاع علاقة السببية يسأل الفاعل حينها عن الشروع في الجرائم المقصودة ولا يسأل عن شيء في الجرائم غير المقصودة.

وتجدر الإشارة الى أن البحث عن العلاقة السببية لا يثير أية صعوبة إذا كان سلوك الموثق هو العامل الوحيد الذي أدى إلى النتيجة المعاقب عليها، فيكفي هنا لقيام السببية إسناد الفعل المجرم للموثق، وكما هو الحال بالنسبة للنتيجة الإجرامية، فإن العلاقة السببية هي الأخرى مطلوب تحققها بخصوص الجرائم المادية فقط، أما بالنسبة للجرائم الشكلية فلا يراعى بشأن ذلك، باعتبارها تتم بمجرد حدوث النشاط المجرم[11]. 

 

الفقــرة الثــالثــة: الركــن المــعنــوي

يتمثل الركن المعنوي في القصد الجنائي الذي يعتبر عنصرا جوهريا في تشكيل الجريمة إلى جانب الركن القانوني والركن المادي، وهو يمثل الأصول النفسية لماديات الجريمة ولذلك فلا يكتمل الوجود القانوني للجريمة إلا باقتران ركنها المادي بركن معنوي[12]، قوامه الإرادة التي تتجه نحو الفعل الاجرامي، وهذه الإرادة تتخذ عادة إحدى الصورتين إما القصد الجنائي وإما الخطأ غير العمدي، فإن كنا بصدد خطأ عمدي يفترض توفر العلم والإرادة وانصرافها الى كافة عناصر الجريمة، وإن كنا بصدد خطأ غير عمدي فإنه يتعين توافر العلم والإرادة ولكن مع اختلاف نطاق اتجاهها[13].

ويتجسد هذا الركن في اتجاه إرادة الموثق الى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها بقصد تحقيق النتيجة الاجرامية، ويجب أن يكون الموثق عالما علما يقينا لا يقترن بأي جهالة بأن فعله سيؤدي إلى حدوث عمل إجرامي يعاقب عليه القانون، ويشترط أيضا ليكتمل الركن المعنوي أن يتمتع الموثق بإرادة حرة توجهه إلى ارتكاب الفعل المجرم أو تصده عن القيام بما أوجبه عليه القانون.

وعموما فتحقق الركن القانوني للجريمة الذي يتجلى في التنصيص على الفعل المجرم في القانون والركن المادي الذي يتمثل في السلوك الإيجابي أو السلبي ثم الركن المعنوي المتجسد في القصد الجنائي أو الخطأ، يؤدي الى حدوث ضرر للمتعاقد مما يستوجب مساءلة الموثق مساءلة جنائية من شأنها تحقيق السلم الاجتماعي عموما والأمن التعاقدي والتوثيقي خصوصا.

 

المطلــب الثــاني: شــروط قيــام المســؤوليــة الجنــائيــة للمــوثــق وموانــعه

ان المسؤولية الجنائية قد تكتمل جميع عناصرها، الا انه بالرغم من ذلك فانه لا تتم مؤاخذة الشخص على فعل أو امتناع، ويعزى ذلك إلى انعدام شرط من شروطها، حيث يجب أن تتوافر في الشخص الأهلية القانونية وحرية الاختيار، وهما شرطان مفترضان في الموثق تبعا لصفته المهنية (الفقرة الأولى).

وإذا ارتكب شخص طبيعي خطأ جنائيا، عمديا كان أو غير عمدي، وأسند له هذا الخطأ فإنه يتحمل مبدئيا المسؤولية الجنائية المترتبة عنه وبالتالي يمكن إدانته والحكم عليه قضائيا بالعقوبة المقررة للفعل قانونا، الا أنه قد لا يؤاخذ مرتكبها جنائيا ويكون ذلك في حالة ما إذا ارتكب الفعل في ظل سبب من أسباب الإباحة أو توافر مانع من موانع المسؤولية الجنائية (الفقرة الثانية).

 

الفقــرة الأولــى: شــروط قيــام المســؤوليــة الجنــائيــة للمــوثــق

لا يكفي لمساءلة الفرد عامة والموثق خاصة ارتكابه لفعل مجرم والتسبب في الضرر، بل يلزم أن تتوافر شروط معينة في شخص الجاني لكي يصبح أهلا للمساءلة، فقد يرتكب الموثق فعلا جرميا يتمثل في تزوير ورقة رسمية ويخلف ضررا لصاحبها، وتتحقق أركان المسؤولية الجنائية، إلا أن القضاء يحكم بعدم مساءلته ولا معاقبته نظرا لارتكابه للفعل المادي للجريمة نتيجة إكراه أثر على اختياره مما يعدم مسؤوليته، وهذه الشروط تتمثل في الأهلية القانونية والتي من المفترض أن يتوافر عليها كل موثق وذلك حسب الشروط المنصوص عليها قانونا[14] إلى جانب الإدراك و التمييز (أولا) وحرية الاختيار (ثانيا).

أولا: الإدراك والتمييز

ترتبط المسؤولية الجنائية عامة من حيث أساسها بالإدراك والتمييز، ذلك أن الجريمة ينظر إليها نظرة فردية باعتبارها ناتجة عن إرادة الجاني وحده، و الإدراك والتمييز هما من عناصر الأهلية القانونية[15].

وهذه الأخيرة تفرض توافر وضع عقلي سليم لدى الفاعل يجعله يعي ما يفعله ويدرك نتائج فعله وما سيترتب عنه من عقاب، ويلزم التمييز بين هذا النوع من الأهلية لدى الموثق، وبين أهليته المهنية المتمثلة في الموانع القانونية التي إذا ما توافر أحدها جعلته غير أهل لتحرير الاتفاقات[16].

والإدراك هو الملكة العقلية التي تؤهل الإنسان وتجعله يعلم الأشياء وطبيعتها ويتوقع الآثار التي من الممكن إحداثها.

وقد تطرق المشرع المغربي لهذا الشرط من خلال الفصل 132 من القانون الجنائي، حيث جاء فيه: “كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها….”.

هذا ويستلزم توافر الموثق على القدرة والتمييز وقد جاء المشرع في الفقرة الخامسة من المادة 3 من القانون 32.09 باشتراط أن يكون متمتعا بالقدرة اللازمة لممارسة المهنة مثبتة بشهادة طبية صادرة من مصالح الصحة التابعة للقطاع العام.

ثانيا: الإرادة وحرية الاختيار

تقتضي ممارسة الموثق لمهنة التوثيق العصري، التمتع بصفات معينة والمتمثلة في؛ الاستقامة والنزاهة، والشرف والأخلاق الحميدة، والعمل على حفظ كيان المهنة، وأن يتحمل تبعة كل خطأ قد يرتكبه، ذلك أن الموثق ملزم بتحقيق النتيجة عند قيامه بالاختصاصات الموكلة له قانونا، و هذا ما أقره المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار له بتاريخ 20-07-2005 عدد 2144 “إن الباعث على الإشهاد بواسطة الموثق هو ضمان تحقيق نتيجة من المعاملة المشهود بها”، لذلك ولكي يسأل عن أخطائه يشترط أن يتمتع بنوع من الإرادة وحرية الاختيار، إذ تعتبر الإرادة عنصر من عناصر الأهلية في المسؤولية الجنائية، يقصد بها القدرة النفسية التي يستطيع الشخص من خلالها أن يتحكم في نشاطه العضوي والذهني.

فالموثق لكي يسأل جنائيا يشترط أن يتوجه بإرادته هذه إلى ارتكاب الفعل المجرم حيث تكون له الحرية الكاملة بين أن يرتكبه أو أن يمتنع عنه، ومثال ذلك قيام هذا الأخيرة مباشرة أو بواسطة الغير بأي عمل يدخل في نطاق سمسرة الزبناء أو جلبهم.

 

الفقــرة الثــانيــة: مــوانــع قيــام المســؤوليــة الجنــائيــة للمــوثــق

تخضع المسؤولية الجنائية للموثق للقواعد العامة، وعليه تخضع لنفس الموانع التي تنتفي معها هذه المسؤولية بالنسبة لكافة المخاطبين بالقاعدة القانونية.

ويترتب على موانع المسؤولية الجنائية للموثق آثار مهمة أهمها؛ أنه يتم إسقاط المسؤولية الجنائية عنه، إذ يعتبر غير مسؤولا جنائيا عن فعله ولا يعاقب عليه، لأن إرادته تكون منتفية وغير معتبرة قانونا، وتتمثل هذه الموانع في صغر السن والجنون والإكراه.

أولا: مانع الجنون

لم يعرف المشرع المغربي الجنون، ولكن اعتبره مانعا من موانع المسؤولية الجنائية ويمكن القول بأن مصطلح الجنون أو الخلل العقلي  يستوعب كل الحالات التي من شأنها تعطيل الملكات الذهنية عن العمل بصورة طبيعية، بحيث تؤدي إلى نقصان الإدراك أو انعدامه.

وقد ذهب المشرع المغربي في الفصل 134 من القانون الجنائي إلى أنه: “لا يكون مسؤولا، ويجب الحكم بإعفائه من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه في حالة يستحيل عليه معها الإدراك أو الإرادة نتيجة لخلل في قواه العقلية…”.

غير أن فقدان العقل يجب أن يكون خارجا عن إرادة الفاعل، ففي حالة ارتكاب الموثق لجريمة معينة وهو في حالة سكر إرادي،  فذلك لا يؤثر على مسؤوليته أبدا بحيث تكون مسؤوليته كاملة.

 

 

 

 

ثانيا: مانع الإكراه

قد يرتكب الموثق فعلا جرميا معاقبا عليه قانونا رغما عن إرادته أي أنه يكون مكرها على ذلك، حيث يضطر ماديا إلى ارتكاب الجريمة. أو يكون في حالة استحال عليه معها – استحالة مادية – اجتنابها، وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته، وهو ما يسمى بالإكراه المادي.

غير أن هناك إكراها آخر معنوي يتمثل في الضغط على الإرادة بتهديد الموثق بخطر لا سبيل إلى دفعه بوسيلة أخرى فيقدم على تزوير أو اختلاس أموال زبونه رغبة في دفع هذا الضغط والتهديد فتكون بذلك إرادته غير حرة ومشوبة بعيب.

كما أنه بالرجوع الى مقتضيات القانون الجنائي نجد أن المشرع نص على حالة انتفاء المسؤولية الجنائية في الحالة التي يكون فيها الفعل قد أوجبه القانون أو أمرت به السلطة الشرعية[17].

وإذا كان الخلل العقلي يمكن إثباته بشكل يسير بواسطة الخبرة الطبية فإن الإكراه أمر صعب الإثبات وإن كان من حق الموثق إثباته بكافة وسائل الإثبات القانوني التي من شأنها الكشف عن كون الفعل المرتكب تحت تأثير ضغوط خارجية لم يستطع مقاومتها.

وعليه فإن المسؤولية الجنائية للموثق تجد أساسها في الترسانة التشريعية الجنائية  من خلال النصوص العامة والخاصة، من عقوبات وظروف تشديد وتخفيف، وكذا أركان قيام هذه المسؤولية وشروطها وذلك تطبيقا لمبدأ شرعية الجرائم، وكل هذا بهدف تحقيقا السلم الاجتماعي وضمان الحق العام، والحفاظ على الأمن التعاقدي بصفة عامة وتحصين مهنة التوثيق بصفة خاصة.

 

 

 

المــبحــث الثــانــي: نــطــاق تــطبيــق المســؤوليــة الجنــائيــة للمـوثــق

إن المهام المنوطة بالموثق هي تحرير العقود بالشكل الذي حدده المشرع المغربي  وفق مجموعة من الضوابط القانونية، هذا بالإضافة إلى تقديم بعض النصائح للمتعاقدين عند الاقتضاء  مع الحفاظ على السرية التي تكون بين المتعاقدين من خلال منع الغير  من الاطلاع على  ما اتفق عليه المتعاقدين.

وفي حالة الخروج عن الحدود التي رسمها المشرع التي تضع الموثق تحت طائلة المسؤولية، خاصة إذا كانت الأفعال التي قام بها لها طابع جنائي فان هذا يجعل الآلة الجنائية تتحرك من أجل الحيلولة دون استفحال هذه الأفعال حتى لا يتم المساس بالنظام العام، مما يؤدي إلى الاضطراب الاجتماعي  كما حدده المشرع المغربي  في الفصل الأول من القانون الجنائي بأنه: “يحدد التشريع الجنائي أفعال الانسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي، ويجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية”.

و على هذا الأساس  سأحاول تناول هذا المبحث من خلال الحديث عن صفة الموثق ونطاق تطبيق المسؤولية الجنائية في القانون الجنائي (المطلب الأول)، في حين سأخصص (المطلب الثاني) للحديث عن نطاق تطبيق المسؤولية الجنائية للموثق على ضوء قانون رقم  32.09

 

المطلــب الأول: صفــة المــوثــق ونــطــاق تطــبيــق المســؤوليــة الجنــائيــة فــي القــانــون الجنــائــي

ان القانون الجنائي يتضمن مجموعة من القواعد التي تحدد الأفعال التي يجرمها المشرع والعقوبات المقررة لمرتكبيها.

وقد جاء المشرع المغربي بعدة نصوص عقابية تتعلق بأفعال الموثق غير المشروعة التي يقوم بها أثناء تأدية وظيفته، ومن الممكن أن تكسبه آنذاك صفة الموظف العمومي، وهو ما سنتناول الحديث عنه من خلال (الفقرة الأولى) على أن نتولى الحديث عن الجرائم وعقوبتها في إطار القانون الجنائي وذلك في (الفقرة الثانية).

 

الفقــرة الأولــى: صفــة المــوثــق أمــام القــانــون الجنــائــي 

تعتبر مهنة التوثيق مهنة حرة ومستقلة، تمارس وفق مجموعة من الشروط وحسب الاختصاصات المقررة في القانون المنظم لها، وذلك حسب المادة الأولى من القانون 32.09، بعد أن كانت تصنف ضمن الوظائف العمومية في ضل ظهير 4 ماي1925 ، حيث ينص الفصل الأول منه على ما يلي:” ينشأ موظفون عموميون فرنسيون بدائرة المحكمة الاستئنافية بالرباط يطلق عليهم لقب الموثقين، يتلقوا فيها جميع الرسوم المدرج أصحابها في الطبقات والأحوال المبينة والمقررة في الفصول 3-4-5 من هذا الظهير الشريف إذا وجب على هؤلاء الآخرين إذ أرادوا إعطاء هذه الرسوم المذكورة المخصصة برسوم وعقود الولادة واثبات تاريخها وتسليم نسخ منها تنفيذية كانت أو مجردة…”. وبذلك فقد أسقط المشرع المغربي في القانون المنظم لمهنة التوثيق صفة الموظف العمومي بمفهوم القانون الإداري.

ومفهوم الموظف العمومي[18] في إطار الظهير المتعلق بالوظيفة العمومية مفهوم دقيق والذي يتنافى ولا يتناسب كليا مع مهنة التوثيق.

على خلاف هذا، فمفهوم الموظف العمومي السائد في القانون الجنائي أخذ به الفصل 224  من مجموعة القانون الجنائي حيث أنه: ” يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام.

وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة، ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها”.

والملاحظ من هذا التعريف أنه لم يعترف صراحة بالتعريف السائد في القانون الإداري المغربي للموظف العمومي، إذ أن هذا الأخير يضيق من مدلول الموظف العمومي، وبهذا فمدلول الفصل 224 من القانون الجنائي أوسع، بحيث يمكن من خلاله القول بأن كل موظف عام بالمفهوم الإداري يعد كذلك في المفهوم الجنائي لكن العكس غير صحيح دوما، وهذا الأسلوب المتبنى في إعطاء مفهوم مغاير للموظف العمومي في القانون جنائي يجد أساسه في استقلاليته من غيره من فروع القوانين الأخرى.[19]

 ومن خلال هذا التعريف الجد موسع ،يتضح بأن صفة موظف عمومي يمكن أن ننعت بها كل من يمارس عملا تابعا في المؤسسات الخاصة أو التي من الممكن تكييف نشاطها بأنه نشاط ذو نفع عام، على الرغم من خضوعها سواء من حيث النشاط الذي تقوم به أو من حيث علاقتها بمستخدميها لأحكام القانون الخاص لا القانون العام، بالإضافة إلى عامة الموظفين والمستخدمين في مختلف أجهزة الدولة وفي المؤسسات العمومية وفي الشركات التي تقدم رأسمالها أو جزء منه للدولة، وفي هذا المنحى سبق لمحكمة الاستئناف بالرباط  بواسطة قرارها عدد 05 الصادر بتاريخ 12 شتنبر 2012 أن قضت بما يلي:

استنباط الصفة العمومية للموظف وفق القانون الجنائي يرجع فيها إلى الجهة المشغلة المتضررة من الجريمة، إما بحسب النشاط الذي تقدمه للمرتفقين، أو بحسب القانون المنظم لها، أو بحسب مساهمة الدولة في رأسمالها، أو خضوعها لرقابة الدولة بواسطة أجهزتها الرقابية أو إذا رخصت لها الدولة للقيام بتنفيذ أعمال ذات مصلحة عامة”.[20]

وفي نفس الاتجاه، سبق أن سار المجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا- فيما يتعلق بأخذه بالمفهوم الجنائي الموسع للموظف العمومي، و يتضح ذلك من خلال عدة قرارات صادرة عنه، نذكر منها على سبيل المثال فقط: 

* القرار عدد 5734 مؤرخ في 23 يوليوز 1992 الصادر في الملف الجنحي عدد 14168/90 ، الذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي: 

” البنك الشعبي يعتبر مؤسسة عمومية تقوم بخدمات ذات نفع عام حسب الفصل الثالث من المرسوم الملكي المؤرخ في 21 أبريل 1967 وبالتالي فالمستخدمون به يعتبرون موظفين عموميين بمفهوم الفصل 224 من القانون الجنائي”.[21]

 

ويمكن الاستعانة بعدة عناصر للقول بأن مصلحة معينة ذات منفعة عامة من عدمها، ومن أهم هذه العناصر نذكر:

1)   طبيعة الخدمات التي تؤديها المصلحة: نستشف ذلك من خلال الحكم أعلاه في اعتبار البنك الشعبي مؤسسة عمومية تقوم بخدمات ذات نفع عام.

2)   خضوع المصلحة للقانون العام: فهذا العنصر نستشف منه أنه كلما خضعت المصلحة إلى القانون العام عدت ذات نفع عام، أما اذا خضعت للقانون الخاص عدت غير ذات نفع عام واستبعد بالتالي تطبيق الفصل 224 من القانون الجنائي.

3)   التكليف بالخدمة من طرف السلطة العامة:  تكليف مصلحة معينة أو مؤسسة بمقتضى قرار وزاري أو مرسوم.

وما يجب التأكيد عليه هو أن الموثق وإن كان يمارس عملا حرا في إطار مهنة حرة مما ينفي عنه صفة الموظف العمومي بالمفهوم الاداري، فإن ذلك لا يمكن أن ينفي عنه صفة الضابط العمومي، الذي يمكن تعريفه بأنه كل مهني يعمل وفقا لقرار من سلطات الدولة ويتمتع بمجموعة من الامتيازات للقيام بذلك العمل الذي يندرج ضمن نطاق المرفق العام[22]، فهناك إذن مجموعة من الاعتبارات التي لا تنفي عنه صفة الضابط العمومي و هي كالتالي:

v   الموثق يحصل على اعتماده وختمه بعد موافقة وزارة العدل.[23]

v   الموثق يتم تعيينه بقرار من رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل بعد ابداء اللجنة المكلفة بالتعيينات رأيها بالموضوع.[24]

v   الموثق ملزم بأداء اليمين قبل الشروع في عمله.[25]

v   الموثق ملزم بالمحافظة على السر المهني. [26]

فالقاضي الجنائي وهو يبحث عن مفهوم الموظف العمومي، عليه أن يرجع إلى مقتضيات الفصل 224 من القانون الجنائي وليس إلى نصوص القانون الإداري، وإلا عرض حكمه للنقض.

خلاصة القول أن القانون رقم 32.09 الذي أسقط بشكل صريح صفة الموظف العمومي من التعريف الذي أعطاه للموثق، قد أكد على صفة هذا الأخير أمام القانون الجنائي وذلك من خلال المادة 92 التي تنص على أن : ” الموثق يتمتع أثناء مزاولة مهامه أو بسبب قيامه بها بالحماية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين [27]263  و267[28] من القانون الجنائي.

 

 

 

 

 

 

 

الفقــرة الثــانيــة: نطــاق التجــريــم فــي القــانــون الجنــائــي

تتضمن مجموعة القانون الجنائي مجموعة من القواعد التي تحدد الأفعال و التي يجرمها المشرع و العقوبات المقررة لكل من يرتكبها سواء كان شخصا عاديا أو موظفا أو ضابطا عموميا.

و تجدر الإشارة الى أن المشرع نص على عدة نصوص عقابية تتعلق بأفعال الموثق غير المشروعة التي يقوم بها أثناء تأدية مهنته أو بمناسبتها، و تبعا لذلك سنتطرق لهذه الأفعال:

أولا: جريمة التزوير 

يعرف القانون الجنائي المغربي التزوير بأنه كل تغيير للحقيقة[29] يرتكب بسوء نية ويسبب ضررا للغير ويكون بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون الجنائي.

و من خلال الفصول 352 و353 من القانون الجنائي كما عدل و تمم بالقانون 18.33، فان  هذه الجريمة تتكون من ثلاثة أركان:

الركن الخاص وهو صفة الفاعل[30]، والركن المادي المتمثل في تغيير الحقيقة في ورقة بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون، و يجب أن يتم هذا التزوير في الأوراق الرسمية، ثم الركن المعنوي وهو القصد الجنائي الذي نص عليه صراحة الفصل 351 من القانون المغربي عندما اعتبر التزوير بمثابة تغيير الحقيقة بسوء نية.

وقد جاء في أحد قرارات محكمة النقض: ” …وحيث يتضح مما تقدم أن ما تضمنته الوثيقة المطعون فيها من اتفاقات تضر بمصالح المشتكي وإبرام هذه الاتفاقات أمام الموثقة وتوقيعها من طرف الأطراف الأخرى في مجلس واحد وتاريخ واحد كان مخالفا للحقيقة وسكوت المتهمة عن كيفية أخذ التوقيع المنسوب للمشتكي هو دليل كاف على سوء نيتها كما أن الخبرة الخطية التي أمرت المحكمة بإجرائها على التوقيعات الأربعة المذيل بها العقد موضوع الطعن بالزور…… وأن الأفعال المرتكبة من طرفها تشكل تزويرا ماديا باصطناع التوقيع المنسوب للمشتكي بصفته متنازلا وتزويرا معنويا بالتنصيص على وقائع وبيانات مخالفة[31].

ويعد الهدف من تجريم التزوير الذي يرتكبه الموثق ليس فقط الحيلولة دون تغيير الحقيقة كفكرة مجردة، وانما بهدف تحقيق الأمن القانوني للأطراف عن طريق حماية أدلة الإثبات المتمثلة في العقود  ومختلف المحررات التي ينجزها الموثقون.

ثانيا: جريمة خيانة الأمانة

يعتبر الحفاظ على الأمانة واجبا دينيا وأخلاقيا قبل أن يكون التزاما قانونيا، ولقد بين الله سبحانه وتعالى حجم الأمانة من خلال قوله في محكم كتابه الكريم: >> إنا عرضنا الأمانة على  السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.<< [32]

أما القوانين الوضعية فاعتبرت خيانة الأمانة جريمة يجب العقاب عليها، وفي نفس الاتجاه قام المشرع المغربي بالتطرق لجريمة خيانة الأمانة في الفصل 547 من القانون الجنائي[33]، كما تناول في الفصلين [34]549 و[35]550 من القانون الجنائي تشديد العقاب على فئات معينة في حالة اقترافها لهذه الجريمة، الا أنه لم ينص صراحة على فئة الموثقين في الفصل 549، ولكن يمكن أن يستشف بشكل ضمني في إطار الفصل 550 من القانون الجنائي على تشديد عقوبة جريمة خيانة الأمانة بالنسبة للموثقين، على اعتبار أنهم يدخلون ضمن زمرة من يحصلون على مبالغ أو قيم على سبيل الوديعة.

فالموثق ملزم بالحفاظ على جميع المستندات والأموال والوصولات والأوراق التي تسلم له تحت طائلة مسائلته جنائيا[36]، فالنقود التي يتلقاها الموثق مثلا في إطار إبرام التصرفات العقارية يقوم باختلاسها ويصبح مخالفا للإجراءات التي وضعها في صندوق الإيداع والتدبير، والتي لا تشكل فقط خطأ مهنيا، بل جريمة خيانة الأمانة تجب مؤاخذة الموثق من أجلها و هو ما ذهب إليه المجلس الأعلى –محكمة النقض حاليا- في إحدى قراراته[37].  

ثالثا: جريمة النصب 

من سمات هذه الجريمة أنها من الجرائم المالية ويتمثل ركنها المادي في استعمال وسائل احتيالية بغية تمويه إرادة المتعاقد ودفعه إلى التعاقد.[38]

 فقد يعمد الموثق مثلا إلى استعمال وسائل احتيالية بغية الإضرار بالغير من الكذب وعدم الإفصاح عن الحقيقة للمتعاقد بشكل يؤدي به إلى التعاقد وإلحاق الضرر بالجانب المالي، من خلال وقائع غير صحيحة يعطيها إياه الموثق على اعتبار الثقة التي يجب أن يتحلى بها نظرا لحجم المعاملات المالية التي يقوم بتحرير عقود لها.

ومعاقبة الموثق على فعله الجرمي هذا كما نص على مقتضياته الفصل [39]540 من القانون الجنائي من شأنه أن يردع ويشكل ضمانا للمتعاقدين ويحقق أمنا توثيقيا.

رابعا : جريمة الاختلاس والغدر 

إن هذه الجريمة –جريمة الاختلاس- تنطوي على عبث الموظف ومن في حكمه وإخلاله بالثقة والاعتداء على واجبات وظيفته، فالهدف من وضع الفصل 243 من القانون الجنائي يتمثل في حماية الثقة في الدولة ومرافقها، و التي تهتز حينما يستغل بعض العاملين باسمها سلطاتهم لإلزام الأفراد بما لا يلزمهم به القانون.[40]

وينص الفصل 241 على أنه: “يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها.

فإذا كانت الأشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن مائة ألف درهم، فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وبغرامة من ألفين إلى خمسين ألف درهم.”

 كما أنه من بين أهم الجرائم المرتكبة من طرف الموثقين و التي تأخذ النسبة الكبرى مقارنة مع الجرائم الأخرى هي جريمة الغدر، وهو ما يشهده الواقع العملي في فئة الموثقين.

و نص المشرع المغربي على هذه الجريمة في الفصل 243 على أنه “: يعد مرتكبا للغدر، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق، سواء للإدارة العامة أو الأفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة.

تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم.”

وبالنظر إلى أن من مهام الموثق هو القيام بتحصيل الرسوم المستحقة لفائدة الدولة، فإن هذه الجريمة تعتبر محققة عندما يقوم الموثق بالمطالبة برسوم غير تلك التي يفرضها القانون أو بأتعاب تفوق ما قررها القانون.

 

المطلب الثاني: نطاق تطبيق المسؤولية الجنائية للموثق على ضــوء قــانــون رقــم 32.09

بالإضافة إلى الجرائم التي ينظمها القانون الجنائي والتي يتابع من خلالها الموثق بشأنها عند اقترافه إحداها، فان المشرع المغربي أضاف بعض الأفعال الجنائية والتي بمقتضاها يسأل الموثق جنائيا كجريمة افشاء السر المهني وسمسرة الزبناء (الفقرة الأولى) وكذا جريمة الاشهار وتسليم وثائق بعد صدور عقوبة العزل او الإيقاف (الفقرة الثانية)، وهذا ما أدى بالمشرع المغربي الى التصدي لمثل هذه الجرائم التي تقع على عاتق الموثق وذلك بوضع ترسانة قانونية تستجيب لكل ما استحدث من أفعال من شأنها أن تخلق اضطرابا اجتماعيا على مستوى التعاملات التي يقوم بها الموثق وكذا الحيلولة دون الإخلال التي يتعين الامتثال لها والتي تعتبر من ركائز ممارسة مهنة التوثيق.[41]

 

الفقــرة الأولــى: جريمــة افشــاء الســر المــهنــي وســمســرة الزبنـــاء

أولا: جريمة افشاء السر المهني

تعتبر أسرار الفرد جزءا لا يتجزأ من هذه الحياة، فهو سيد أسراره، إن شاء باح بها لمن يريد، وإذا كان السر المهني من الأمور الخطيرة التي يتعين على الشخص الذي يتولى إحدى المهام سواء في الوظائف أو في بعض الأمور المشابهة بها الحفاظ عليها نظرا لارتباطها الوثيق باستمرار العمل المنوط بالشخص وبالتبعية استمرار المرفق العموم والذي يضمن اسمرار الدولة ككل[42].

وباعتبار الموثق يتلقى أسرار المتعاقدين فإفشائها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، وقد أشار المشرع إلى هذه الجريمة في المادة 24  من القانون 32.09[43]، حيث لم ينص على عقوبتها وترك الأمر للقانون الجنائي من خلال الفصل 446.[44]

غير أن هذا الالتزام بعدم إفشاء السر المهني لا يجب أخذه على إطلاقه ذلك أن القانون سواء في الفصل 24 من القانون 32.09 أو الفصل 446 من القانون الجنائي أعطى الملتزم بكتمان السر المهني إمكانية افشائه في الحالات التي يقررها القانون، وتبعا لذلك فالموثق لا يجوز له أن يستعمل السر المهني كذريعة ليتستر بها عن الجرائم المرتكبة ضد الدولة أو الأفراد، كأن يتذرع به مثلا لإخفاء حقائق تخص خزينة الدولة.[45]

 

 

 

 

 

كما أن من بين الاستثناءات الواردة على الإلزام بكتمان السر المهني، تلك التي يسمح فيها القانون للسلطة القضائية وبعض موظفي الدولة بالاطلاع على محتويات مكتب التوثيق.  وبهذا الخصوص يعطي المشرع الحق للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أن يقوم بمراقبة مكتب التوثيق بدون إشعار مسبق، كما يمنحه القانون الحق في الاستعانة بممثلي الوزارة المكلفة بالمالية من أجل التفتيش و الاطلاع على أصول العقود و السجلات و السندات و القيم و المبالغ المالية و الحسابات البنكية ووثائق المحاسبة و كذا كافة الوثائق التي يمكن ان تفييدهم في مهمتهم.[46]

وحسنا فعل المشرع حينما نص ص راحة في كلا القانونين على تجريم إفشاء السر المهني وذلك حفاظا لأسرار الناس مما يشكل تحقيقا للأمن التعاقدي و إقرارا للضمانات التوثيقية.

ثانيا: جريمة سمسرة الزبناء

نص القانون المنظم لمهنة التوثيق في القسم الخامس المتعلق بالمقتضيات الزجرية على ان الموثق يمنع من القيام بعمليات السمسرة لجلب الزبناء سواء بنفسه أو بواسطة الغير، وهو تصرف لا يليق بهذه الجهة ويؤثر على حرية الأفراد في اختيار من يشهد على إبرام عقد لمعاملاتهم، فضلا على أنه يؤثر على العلاقات بين الموثقين، وقد تم إدراج هذه الجريمة ضمن الجنح المعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات وغرامة من 20.000 إلى 40.000 الف درهم، دون الإخلال بالمقتضيات المتعلقة بالعقوبات التأديبية التي يتعرض لها كل موثق مرتكب لهذه الجريمة.[47]

إلا أن ما يلاحظ بخصوص العقوبة المقررة لهذه الجريمة نجدها من جهة تتساوى مع تلك الواردة في الفصل 100 من القانون المنظم لمهنة المحاماة[48]، ومن جهة تانية نجدها أكثر من تلك المطبقة على نفس الجريمة في حالة ارتكابها من قبل ترجمان محلف لدى المحاكم.

 

الفقــرة الثــانيــة: جريمــة الاشهــار وتسليــم وثــائــق بعــد صــدور عــقوبــة العــزل او الإيــقاف

أولا: جريمة الاشهار

لقد ارتأى المشرع المغربي على غرار ما فعل في قوانين أخرى منظمة لمهن قضائية التنصيص على تجريم الإشهار وخصه بالذكر في إطار المادة 91  من القانون 32.09.[49]

و قد جاء التنصيص على هذه الجريمة استجابة لتلافي بعض الأفعال المخلة بالممارسة الشريفة للمهنة تاركا أبواب المنافسة مفتوحة بين الممتهنين لمهنة التوثيق بغية تطوير أدوات عملهم على اعتبار أن السمعة كافية لوحدها في التعريف بالموثق ويتمثل هذا من خلال الخدمات التي يمثلها.

وإذا كان الأصل هو منع الموثق من القيام بالإشهار المهني فإن له الحق في أن يتوفر على موقع إلكتروني يشير فيه باقتضاب إلى نبذة عن حياته ومساره الدراسي واهتماماته و أبحاثه القانونية شريطة الحصول على إذن مسبق من رئيس المجلس الجهوي للموثقين بمضمون ذلك.

ثانيا: تسليم وثائق بعد صدور عقوبة العزل او الإيقاف

إن الموثق ملزم بتسليم كل أصول العقود والسجلات والوثائق المحفوظة لديه والقيم المودعة لديه إلى الموثق الذي يخلفه، كل ذلك داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغه بقرار العزل أو الإيقاف، وعدم القيام بهذا الالتزام يؤدي إلى المساءلة الجنائية.[50]

فهذه الجريمة تعتبر مرتكبة بمجرد فعل حصول الامتناع عن تسليم الوثائق المشار إليها، شريطة أن يكون ذلك عن بينة واختيار، بمعنى أن الموثق مدرك لحقيقة عمله من الناحية الواقعية والعملية.

إن هذه الجريمة لا تستلزم إذن سوى القصد الجنائي العام أما القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية الاضرار فهو غير ضروري.[51]

و تنص الفقرة الثانية من المادة 87 من القانون المنظم لمهنة التوثيق على أنه “… يعاقب الموثق الذي امتنع عن تسليم الوثائق طبقا لمقتضيات الفقرة السابقة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة من 20.000  إلى 40.000  درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط …”.

وفي حالة متابعته جنائيا يتم إيقافه عن العمل إلى حين صدور حكم ببراءته أو إدانته[52]، الشيء الذي من شأنه تحقيق مصالح المتعاقدين وبعث جو من الثقة والطمأنينة في مهنة التوثيق وحصانتها، مما يحقق نوعا من الأمن التعاقدي والتوثيقي.

 

 

 

 

 

خـــــــــاتمـــــــة:

وفي الختام يمكننا القول بأن المشرع المغربي وضع مجموعة من الجرائم ونص على عقوبتها والتي يمكن لها أن تحافظ على كيان الوثيقة الرسمية وضمان مصداقيتها، كما تضمنت السياسة الجنائية المتبعة في مجال التعاملات المالية حماية مزدوجة، إذ نجد من جهة حماية الوسط الذي يشتغل فيه الموثق وكذا حماية الأطراف المتعاقدة من جهة، لما لهذه الحماية من أبعاد والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى تكريس مبدأ الأمن القانوني والتعاقدي باعتباره من الأساسيات والأهداف التي تتوخاه تشريعات الدول من القوانين التي سنتها.

كما أن صدور قانون ينظم مهنة التوثيق يعتبر أمرا محمودا في حد ذاته، خصوصا بعد أن أسقط صفة الموظف العمومي على الموثق، الذي أصبح يمارس عمله منذ صدور هذا القانون في إطار مهنة حرة واضحة الاختصاصات.

وبالرغم من أن هذا القانون فيه من المقتضيات ما لا ينزع صفة الموظف العمومي –كما أشرنا سلفا – أمام القانون الجنائي، إلا أن المشرع المغربي مطالب بالتدخل في إطار القانون الجنائي وذلك لإضافة صفة الموثق في بعض الفصول التي تخص بعض الجرائم التي لم تذكر فيها صفته، وذلك كله لرفع أي لبس قد يقع أثناء تكييف الجرائم التي ترتكب من قبل الموثقين.

كما أن القضاء ساهم بدوره في تطبيق السياسة الجنائية من خلال مساءلة كل الأشخاص المرتكبين لأفعال جرمية ومعاقبتهم على ذلك بما فيهم الموثقين بغية تحصين المهنة، وهذا مرده جملة من الاجتهادات القضائية تحقيقا للأمن القانوني والقضائي، وبذلك يكون المجتمع في مأمن في التعاملات التي تنشأ بين أفراده.



[1] نور الدين العمراني، شرح القانون الجنائي (القسم العام)، طبعة الثانية، مطبعة سجلماسة، مكناس، 2011، ص 173

[2]  فكرتها نفس الفكرة القديمة  إلى حد ما ولكن ترى أنها لا يمكن أن تكون المسؤولية متوفرة لدى الجانحين والأطفال، وفي بعض الظروف غير المعتادة التي يفقد فيها الفرد القدرة على الاختيار القويم.

[3]  نور الدين العمراني، مرجع سابق، ص 62

[4] ينص الفصل 124 من القانون الجنائي المغربي على انه: “لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال التالية:

1إذا كان الفصل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية.

2إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة، أو كان في حالة استحال عليه معها، استحالة مادية اجتنابها، وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته.

3 – إذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة الدفاع الشرعي عن الفاعل نفسه أو غيره، أو ماله أو مال غيره، بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء”.

[5]  أحمد مجعودة، أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن، الجزء الأول، بدون طبعة، دار هومة، الجزائر، 2004، ص 453

[6]  سلامة مأمون محمد، شرح قانون العقوبات القسم العام، مطبعة جامعة القاهرة طبعة 1991، ص 175

[7] هذا المبدأ يشكل في الوقت المعاصر القاعدة الأساسية في النظام القانوني لكل مجتمع، ليبقى الاستثناء من الأصل هو التجريم على مجموعة من الأفعال التي من شأنها المساس بمصالح الأشخاص أو الأموال والممتلكات أو المنظومة الاجتماعية ككل.

[8]  عبد اللطيف كرازي، الوجيز في القانون العام المغربي، الطبعة الأولى، مطبعة الورود، أكادير، 2014، ص 69

[9]  محمد كمال مشيشي، الالتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة في حالة الإخلال بها، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2011-2012، ص 128

[10]  يمكن القول أن النتيجة الاجرامية لا تجسد عنصرا مكونا للركن المادي الا بالنسبة للجرائم المادية.

[11]  احمد الخمليشي، شرح القانون الجنائي -القسم العام-، الطبعة الثانية، مطبعة دار نشر المعرفة، الرباط، 1989، ص 9

[12]  نور الدين العمراني، مرجع سابق، ص 107

[13]  عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي -القسم العام-، طبعة الثانية، مطبعة دار السلام ،2009، ص 38

[14]  حدد المشرع المغربي شروط ولوج مهنة التوثيق والأهلية الواجب توافرها لدى الموثق في المادة 3 من القانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، ومسألة الأهلية تبعا للسن مستبعدة بالنسبة للموثق، ذلك أن القوانين المنظمة لمهنة التوثيق تشترط سن الثالثة والعشرين لولوج هذه المهنة، حيث أن الأهلية المهنية التي يشترطها المشرع تنطوي ضمنيا على الأهلية القانونية المتطلبة في أي شخص آخر ليكون مسؤولا جنائيا بل إن شروطها أكثر تشديدا من هذه الأخيرة.

[15]  عاطف أيت تكنوين، المسؤولية الجنائية للموثق، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2011 – 2012، ص 18.

[16]  محمد الربيعي، المعاملات العقارية، بين ظاهرة انتشار المحررات العرفية و ضمانات المحررات الرسمية، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة فيا القانون الخاص كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء سنة 1999-2000 ص: 50.

[17] البند الأول من الفصل 124 من القانون الجنائي: ” إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة, أو كان في حالة استحال عليه معها, استحالة مادية اجتنابها, و ذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته.”

[18]– جاء في الفصل الثاني من هذا القانون ما يلي : ” يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”. ونلاحظ أن هذا الفصل يخص فقط الموظفين المرتبين بأسلاك الإدارة التابعة للدولة، لهذا جاء المرسوم 27 شتنبر 1977 المتعلق بالنظام الأساسي لموظفي الجماعات ليؤكد على نفس التعريف بالنسبة لهؤلاء الموظفين الجماعيين إذ ينص في فصله الأول على ما يلي : ” يخول صفة موظف في الجماعة كل شخص يعين في منصب دائم ويرسم بإحدى درجات تسلسل أسلاك الجماعات”

[19] عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي ،القسم الخاص، طبعة 8 مطبعة النجاح الدار البيضاء  2016 ، ص:122.

[20]  قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط، غرفة الجنايات الابتدائية، بتاريخ 12 شتنبر 2012 في الملف عدد 04/2624/2012، منشور بمجلة “قضاء محكمة الاستئناف بالرباط” 2013 مطبعة الأمنية الرباط، ص من 352 إلى 364.

[21]  الحسن هوداية، قرارات محكمة النقض في جرائم وأخطاء الموظفين، الطبعة الأولى 2012 دار القلم، الرباط، ص101

[22]  محمد الاعرج، القانون الاداري المغربي، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 47 ، 2011 طبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة ص 323.

[23]  تنص المادة 14 من قانون 32.09 على انه ” يضع الموثق بمجرد أدائه اليمين توقيعه الكامل بكتابة الضبط لدى محكمة الاستئناف المعين بدائرة نفوذها.

يكون لكل موثق خاتم يحمل اسمه وصفته وفق نموذج موحد يقترحه المجلس الوطني للموثقين ويعمل به بعد موافقة وزير العدل.”

[24]  تنص المادة 11 من قانون 32.09 على انه ” تتكون اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين ونقلهم وإعفائهم وإعادة تعيينهم والبت في المتابعات التأديبية للموثقين والمتمرنين من:

 وزير العدل بصفته رئيسا أو من يمثله؛

 الوزير المكلف بقطاع المالية أو من يمثله؛

 الأمين العام للحكومة أو من يمثله؛

 رئيس أول لمحكمة استئناف أو نائبه؛

 وكيل عام للملك لدى محكمة استئناف أو نائبه؛

 قاض بالإدارة المركزية لوزارة العدل من الدرجة الأولى على الأقل بصفته مقررا؛

يعين كل من الرئيس الأول والوكيل العام للملك ونائبيهما والقاضي بالإدارة المركزية من طرف وزير العدل .

 رئيس المجلس الوطني للموثقين أو من ينوب عنه.

 رئيسي مجلسين جهويين ينتدبان من طرف رئيس المجلس الوطني. كما تحدد طريقة عمل اللجنة بنص تنظيمي .

[25]  تنص المادة 13 من قانون رقم 32.09 على انه ” يؤدي الموثق بعد تعيينه وقبل الشروع في مهامه اليمين التالية:

أقسم بالله العظيم أن أؤدي بأمانة وإخلاص المهام المنوطة بي، وأن أحافظ على السر المهني، وأحترم كل الواجبات التي تتطلبها المهنة

يؤدي الموثق اليمين أمام محكمة الاستئناف المعين بدائرتها في جلسة خاصة يرأسها الرئيس الأول بحضور الوكيل العام للملك وكذا رئيس المجلس الجهوي للموثقين الذي يتولى تقديم المترشح.

تحيل كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف فورا نسخة من محضر أداء اليمين يشهد رئيس كتابة الضبط بمطابقتها للأصل إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد مقر مكتبه بدائرة نفوذها.

[26]  تنص المادة 24 من قانون رقم 32.09 على انه ” يلزم الموثق بالمحافظة على السر المهني، ما عدا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ويقع نفس الإلزام على المتمرنين لديه وأجرائه.”

[27] ينص الفصل 263 من القانون الجنائي على انه: “يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم.          

وإذا وقعت الإهانة على واحد أو أكثر من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في محكمة، أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنة إلى سنتين.   

وفي جميع الأحوال، يجوز لمحكمة القضاء، علاوة على ذلك، أن تأمر بنشر حكمها وإعلانه، بالطريقة التي تحددها، على نفقة المحكوم عليه، بشرط ألا تتجاوز هذه النفقات الحد الأقصى للغرامة المقررة في الفقرة الأولى.

[28] ينص الفصل 267 من القانون الجنائي على انه: “ يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها.”

[29]  نور الدين العمراني، المسؤولية الجنائية للموثق و العدل عن تزوير المحررات، مقال منشور بمجلة الأملاك، العدد الأول سنة 2006، ص179.

[30]  يجب أن يكون الفاعل موظفا عموميا أو قاضيا أو موثقا أو من العدول وذلك أثناء قيامه بوظيفته، والملاحظ أن المشرع المغربي ذكر الموثق بصورة صريحة بخصوص هذه الجريمة.

[31]  قرار جنحي صادر عن محكمة النقض في الملف المدني عدد 20163-2006 في القرار عدد 12/1131 الصادر بتاريخ 28/10/2009

[32]  سورة الأحزاب، الآية 72

[33] ينص الفصل 547 من القانون الجنائي على انه  “من اختلس أو بدد بسوء نية، اضرارا بالمالك أو واضع اليد أو الحائز، أمتعة أو نقودا أو بضائع أو سندات أو وصولات أو أوراقا من أي نوع تتضمن أو تنشئ التزاما أو ابراء كانت سلمت إليه على أن يردها، أو سلمت إليه لاستعمالها أو استخدامها لغرض معين، يعد خائنا للأمانة ويعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألفي درهم.

وإذا كان الضرر الناتج عن الجريمة قليل القيمة، كانت عقوبة الحبس من شهر إلى سنتين والغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما مع عدم الإخلال بتطبيق الظروف المشددة المقررة في الفصلين 549 و550.”

[34]  ينص الفصل  549 من القانون الجنائي على انه :” ترفع عقوبة خيانة الأمانة إلى الحبس من سنة إلى خمس سنوات والغرامة من مائتين إلى خمسة آلاف درهم، في الحالات الآتية: 

إذا ارتكبها عدل أو حارس قضائي أو قيم أو مشرف قضائي وذلك أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها.

إذا ارتكبها الناظر أو الحارس أو المستخدم في وقف إضرارا بهذا الأخير.

– إذا ارتكبها أجير أو موكل إضرارا بمستخدمه أو موكله.”

[35] ينص الفصل 550 من القانون الجنائي على أنه :” إذا ارتكب خيانة الأمانة أحد الأشخاص الذين يحصلون من الجمهور على مبالغ أو قيم على سبيل الوديعة أو الوكالة أو الرهن، سواء بصفتهم الشخصية أو بصفتهم مديرين أو مسيرين أو عملاء لشركات أو مؤسسات تجارية أو صناعية، فإن عقوبة الحبس المقررة في الفصل 547 ترفع إلى الضعف، كما يرفع الحد الأقصى للغرامة إلى مائة ألف درهم.”

[36] تنص المادة 50 من قانون 32.09 على انه ” يجب على الموثق أن يحفظ تحت مسؤوليته أصول العقود والوثائق الملحقة بها، وصور الوثائق التي تثبت هوية الأطراف.”

[37] قرار عدد 513/3 الصادر عن الغرفة الجنائية والغرفة التجارية بمحكمة النقض بتاريخ 4/5/2011 ، ملف جنحي عدد 21-/6/3/2009، منشور بمجلة القبس المغربية، العدد الخامس، يوليوز 2013 ص406.

[38] عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص 328

[39]  ينص الفصل 540 من القانون الجنائي على انه: ” يعد مرتكبا لجريمة النصب ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درهم من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة، أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ويدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح غير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر.

 وترفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحد الأقصى للغرامة إلى مائة ألف درهم إذا كان مرتكب الجريمة أحد الأشخاص الذين استعانوا بالجمهور في إصدار أسهم، أو سندات، أو أدونات، أو حصص، أو أي أوراق مالية أخري متعلقة بشركة أو بمؤسسه تجارية أو صناعية “.

[40]  محمد الأمين، المسؤولية الجنائية للموثق، مقال منشور بمجلة القبس المغربية ، العدد 5 يوليوز 2013، ص38.

[41] عبد الرزاق بوطاهر، مظاهر الأمن التعاقدي- المسؤولية الجنائية للموثق نموذجا- مجلة العلوم الجنائية  العدد الرابع 2017 مكتبة الرشاد سطات.

[42]  محمد الربيعي، -حماية السر المهني في مجال التوثيق-، مجلة الشعاع، عدد 33، 2018، ص 91

[43]  تنص المادة 24 من قانون 32.09 على انه: ” يلزم الموثق بالمحافظة على السر المهني، ما عدا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ويقع نفس الإلزام على المتمرنين لديه وأجرائه.”

[44]  ينص الفصل 446 من القانون الجنائي على انه: ” كل شخص كيفما كانت رتبته يعهد إليه في حدود معينة بماشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر او بدون اجر، وساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام، وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة، ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها”.

[45]  محمد الأمين، مرجع سابق، ص 42

[46]  تنص المادة 69 من قانون 32.09 على انه: ” يمكن للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أن يقوم بمراقبة أي مكتب للتوثيق بكيفية مفاجئة، وله أن يختار من يساعده في ذلك.للوكيل العام للملك وممثلي الوزارة المكلفة بالمالية حق البحث والتفتيش والاطلاع الواسع على أصول العقود والسجلات والسندات والقيم والمبالغ النقدية والحسابات البنكية والبريدية ووثائق المحاسبة وكافة الوثائق التي يكون تقديمها مفيدا لمهمتهم.  يلزم الموثق بالرد على الأسئلة الموجهة له، والاستجابة لما يقتضيه التفتيش.”

[47]  تنص المادة 90 من قانون 32.09 على انه: ” يمنع على الموثق القيام مباشرة أو بواسطة الغير بأي عمل يدخل في نطاق سمسرة الزبناء أو جلبهم.

يعاقب على مخالفة مقتضيات الفقرة السابقة بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات وبالغرامة من 20.000 ‏ إلى 40.000‏ درهم مع مراعاة العقوبات التأديبية التي قد تطبق على الموثق سواء كان فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا.

[48] تنص المادة 100 من القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08 على انه: ” يعاقب كل شخص قام بسمسرة الزبناء أو جلبهم، بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات، وبغرامة من عشرين ألفا إلى أربعين ألف درهم.

يعاقب المحامي الذي ثبت عليه القيام بنفس الفعل، بصفته فاعلا أصليا أو مشاركا، بالعقوبة نفسها ما لم تكن الأفعال معاقبا عليها بعقوبة أشد.

[49]  تنص المادة 91 من قانون 32.09 على انه: ” يمنع على الموثق القيام بعمليات الإشهار شخصيا أو بواسطة الغير، غير أنه يحق للموثق أن يتوفر على موقع في وسائل الاتصال الإلكترونية يشير فيه باقتضاب إلى نبذة عن حياته ومساره الدراسي والمهني، وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه، شريطة الحصول على إذن مسبق من رئيس المجلس الجهوي للموثقين بمضمون ذلك،

لا يجوز للموثق أن يضمن في اللوحة البيانية الموضوعة خارج البناية التي بها مكتبه أو بداخلها سوى اسمه الكامل وصفته كموثق وكذا لقب دكتور في الحقوق عند الاقتضاء ويحدد شكل اللوحة بقرار لوزير العدل.

يعاقب على مخالفة الأحكام المتعلقة باللوحة بغرامة من 1.200 ‏ إلى 5.000 درهم ،و يعاقب على مخالفة الأحكام المتعلقة بإحداث الموقع الإلكتروني بغرامة من 2.000 ‏  إلى 0.000‏1 درهم.

[50]  تنص الفقرة الأولى من المادة 87 من قانون 32.09 على انه: ” يجب على الموثق الذي صدرت في حقه عقوبة العزل أو الإيقاف، أن يسلم للموثق المعين في محله داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغه بالمقرر، أصول العقود و سجلات المحاسبة وكافة المحفوظات وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 23‏ من هذا القانون…..”

[51]  محمد الأمين، مرجع سابق، ص 48

[52]  تنص المادة 78 من قانون 32.09 على انه: ” يمكن للوكيل العام للملك كلما فتحت متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية ضد موثق إما لأسباب مهنية أو عند اعتقاله بسبب يمس الشرف، أن يوقفه مؤقتا عن عمله بإذن من وزير العدل.

يمكن وفق نفس الكيفية الأمر بالإيقاف المؤقت ولو قبل إجراء المتابعات الجنائية أو التأديبية إذا تبين من أي مراقبة أو تفتيش وجود خطورة على أصول العقود والمحفوظات والأموال والسندات والقيم المؤتمن عليها.

‏يقوم الوكيل العام للملك بتبليغ الأمر بالإيقاف المؤقت إلى المعني بالأمر وإلى المجلس الجهوي للموثقين ويسهر على تنفيذه، ويمكن للموثق الموقف الطعن في هذا الإجراء أمام اللجنة المشار إليها في المادة 11.

يشعر الوكيل العام للملك بالإيقاف المؤقت كلا من رئيس اللجنة المشار إليها في المادة 11 ‏أعلاه والوزير المكلف بالمالية والمحافظ العام على الملكية العقارية ورئيس المجلس الوطني للموثقين.

‏يتعين على اللجنة المشار إليها في المادة 11 ‏ البت في أقرب أجل ممكن قصد تسوية وضعية الموثق الموقف،

‏تطبق على الإيقاف المؤقت نفس المقتضيات المتعلقة بعقوبتي العزل والإيقاف فيما يخص التخلي عن ممارسة أي عمل من أعمال المهنة طيلة مدة الإيقاف وتسليم أصول العقود والوثائق والسجلات إلى الموثق المعين في محل الموثق الموقف.

‏لا يجوز للموثق الموقف مؤقتا المشاركة بأي صفة في نشاط المجلس الوطني أو المجلس الجهوي للموثقين.

إذا لم يصدر قرار في المتابعة التأديبية عند انتهاء مدة ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ الإيقاف يستأنف الموثق مهامه تلقائيا و بقوة القانون بعد إدلائه بشهادة من رئيس اللجنة المشار إليها في المادة 11 ‏ ، تفيد ذلك.

في حالة متابعة الموثق الموقف مؤقتا عن عمله من أجل جنحة تمس شرف المهنة فإنه يستأنف مهامه تلقائيا و بقوة القانون بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ إيقافه وإدلائه بشهادة من رئيس كتابة الضبط تفيد ذلك، ما لم تقض المحكمة ببراءته قبل ذلك، فيستأنف عمله فورا، أو بإدانته فيستمر إيقافه إلى أن يبت في متابعته التأديبية.

وفي حالة متابعته جنائيا فإن إيقافه عن العمل يستمر إلى حين صدور أمر نهائي بعدم المتابعة، أو حكم ببراءته في الموضوع وفي كلتا الحالتين لا تتعدى مدة الإيقاف سنة، و في حالة صدور قرار نهائي بإدانته، بعد استئناف عمله يمكن للوكيل العام للملك أن يوقفه مؤقتا عن عمله من جديد، و يستمر إيقافه إلى أن تبت اللجنة في متابعته التأديبية.

 يتعين على الوكيل العام للملك، عند صدور حكم بالإدانة في الموضوع، إحالة المتابعة التأديبية على اللجنة داخل أجل ثلاثة أشهر.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى