المملكة المغربية
وزارة العدل و الحريات
|
مشروع قانون رقم ….. يتعلق بتنظيم ممارسة الطب الشرعي
مذكرة تقديم
يعتبر الطب الشرعي أحد الطرق العلمية التي تساعد على كشف عوالم الجريمة والتعرف على الحقائق وجمع الأدلة والقرائن والكشف عن مرتكبي الجرائم وتقديمهم للمحاكمة، لذلك يبقى دوره هاما في تحقيق العدالة الجنائية من خلال المساعدة على الإدارة الفعلية والفعالة لسير القضايا الزجرية، وهو ما يؤكد الأهمية القصوى التي يمكن أن يؤديها الطب الشرعي داخل نظام العدالة الجنائية. وإذا كانت مجموعة من الدول قد استطاعت أن ترسي منذ مدة، قواعد علمية وعملية للطب الشرعي ليكون في خدمة نظام العدالة ككل، فإن بلادنا مع الأسف ما تزال بعيدة عن ذلك. لذلك كان هذا الموضوع من بين المحاور التي حظيت باهتمام خاص خلال ندوات الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل و العميق لمنظومة العدالة، حيث كانت الندوة الجهوية التي انعقدت بمدينة فاس يومي 9 و 10 نوفمبر 2012 حول موضوع" تحديث السياسة الجنائية و تطوير العدالة الجنائية و تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة" مناسبة تم خلالها مناقشة واقع وآفاق ممارسة الطب الشرعي ببلادنا من طرف مختصين، أطباء و قانونيين و حقوقيين و هيئات مهنية.
إن الوضعية الحالية لمنظومة الطب الشرعي ببلادنا لم ترقى بعد إلى المستوى الذي يؤهلها للعب الدور الكبير المنتظر منها لترسيخ أسس العدالة الجنائية، لذلك تبقى آفاقه مرتبطة بآمال الاهتمام بهذا القطاع من خلال وضع إطار تشريعي وتنظيمي يحكمه ويجعل منه ركيزة من ركائز الإصلاح الشامل والعميق للعدالة، ولهذه الغاية أعدت وزارة العدل و الحريات في إطار المخطط التشريعي للحكومة، مشروع قانون ينظم ممارسة الطب الشرعي روعي في فلسفته استحضار:
– التوصيات والمقترحات التي تمخضت عن الندوة الجهوية الخامسة بمدينة فاس حول موضوع "تحديث السياسة الجنائية و تطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة"؛
– المواثيق الدولية ذات الصلة بالموضوع، في مقدمتها، دليل الأمم المتحدة للتقصي و التوثيق الفعالين في الجرائم المتعلقة بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة؛
– التشريعات و التجارب المقارنة.
ولقد سعى مشروع هذا القانون إلى وضع إطار قانوني متكامل لممارسة الطب الشرعي باعتباره أحد المهن المساعدة للقضاء، من خلال تحديده للجهات الطبية المخول لها ممارسة هذه المهام عن طريق تحديد المقصود بالطبيب الشرعي وتحديد اختصاصاته و حقوقه وواجباته. كما حدد أيضا كيفيات انتداب الطبيب الشرعي و الجهات المخول لها انتدابه، بالإضافة إلى تنظيم العلاقة بين هذه الأطراف و تحديد معايير إنجاز تقارير التشريح الطبي وفقا لما هو متعارف عليه دوليا كما خول مشروع هذا القانون للأطباء المتخصصين في الطب الشرعي، استثناء، التسجيل المباشر بجداول الخبراء القضائيين بمحاكم الاستئناف بغية توفير الأطر البشرية المؤهلة و المتخصصة لتكون في خدمة العدالة.
إن وضع إطار قانوني لممارسة الطب الشرعي، لا يمكن أن ينهض وحده بهذا التخصص الطبي لكي يكون في خدمة العدالة الجنائية إذا لم يتم وضع إطار تنظيمي مصاحب له، و هو ما تم استحضاره في مشروع هذا القانون، حيث تم لهذا الغرض إحداث وحدات للطب الشرعي بالمستشفيات الجامعية و الجهوية و الإقليمية يمارس بها الأطباء مختلف مهام الطب الشرعي.
و لتأطير ممارسة هذه المهام و توحيد طرق ممارسة مهام الطب الشرعي ببلادنا و الرفع من مستوى العاملين به، نص مشروع هذا القانون على إحداث مجلس و طني للطب الشرعي يتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي، يهدف إلى تنظيم عمل الطب الشرعي ووضع المعايير العلمية و المهنية لممارسته، و تأطير الأطباء الشرعيين و إعداد تقارير سنوية عن ممارسة الطب الشرعي ورفع التوصيات الكفيلة بالرفع من مستواه إلى الجهات الحكومية المختصة .
كما حاول مشروع هذا القانون وضع مقتضيات قانونية كفيلة بإعطاء مصداقية أكبر للشواهد والخبرات الطبية التي تعرض على القضاء في إطار النزاعات التي يبت فيها، وهو ما سيساهم في تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. و لتمكين أطباء الطب الشرعي من ممارسة مهامهم بكامل التجرد والاستقلالية، جاء مشروع القانون بمقتضيات زجرية حمائية لفائدتهم.
إن مشروع هذا القانون يعتبر خطوة جد هامة في الحقل التشريعي من أجل تنظيم ممارسة الطب الشرعي ببلادنا و ذلك حتى يكون في خدمة نظام العدالة ككل.
مشروع قانون رقم …. يتعلق بتنظيم ممارسة الطب الشرعي
الباب الأول : مقتضيات عامة
الفرع الأول : الطبيب الشرعي و اختصاصاته
المادة 1:
يحدد هذا القانون مهام الطبيب الشرعي و حقوقه وواجباته و الهيئات المعنية بالطب الشرعي.
المادة 2:
يعتبر الأطباء الشرعيون من مساعدي القضاء، و يمارسون مهامهم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
المادة 3:
يقصد بالطبيب الشرعي في مفهوم هذا القانون :
-الأطباء المتخصصون في الطب الشرعي المسجلون بهذه الصفة في لائحة هيأة الأطباء؛
– الأطباء المتوفرون على تكوين معترف به في مجال الطب الشرعي ؛
يحدد بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالصحة و السلطة الحكومية المكلفة التعليم العالي ، الشروط الخاصة بالتداريب و نظام الدورات التكوينية التي تخول لمن يجتازها ممارسة المهام المرتبطة بالطب الشرعي؛
– الأشخاص المعنوية العمومية و الخصوصية الحاصلة على ترخيص من طرف المجلس الوطني للطب الشرعي لممارسة مهام الطب الشرعي.
المادة 4:
يعين الأطباء الشرعيون بقرار مشترك ما بين الوزارات المعنية بالطب الشرعي، و يمارسون مهامهم بهذه الصفة داخل المستشفيات الجامعية و الجهوية و الإقليمية و كذا داخل مراكز الطب الشرعي التابعة للجماعات الترابية.
المادة 5 :
يمارس أطباء القطاع العام و القطاع الخاص مهام الطب الشرعي بناء على ترخيص يسلم من المجلس الوطني للطب الشرعي.
المادة 6:
يختص الطبيب الشرعي بممارسة مهام الطب الشرعي، و لا سيما:
– الفحص السريري للأشخاص المصابين لتحديد وصف الإصابات وطبيعتها وأسبابها وتقييم الأضرار البدنية الناتجة عنها وتاريخ حدوثها والوسيلة المستعملة في إحداثها وتحرير شواهد بشأنها؛
– معاينة وفاة الضحايا و التيقن منها و إعطاء الإذن برفع الجثث و نقلها للأماكن المخصصة لها و استصدار شواهد بشأنها؛
– إبداء الرأي الفني في الوقائع المعروضة على القضاء، ولا سيما فيما يتعلق بفحص وتحديد الآثار الناجمة عن الجرائم؛
– تقدير السن بناء على انتداب الجهات القضائية أو الإدارية أو بناء على طلب من كل ذي مصلحة أو في الأحوال التي يتطلبها القانون؛
– فحص الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية أو المحتفظ بهم أو المودعين بمؤسسة تنفيذ العقوبة، لتحديد طبيعة الإصابات اللاحقة بهم وسببها وتاريخها.
– فحص وتشريح الجثث والأشلاء لبيان طبيعة الوفاة وسببها وتاريخها وهوية المتوفي و المساهمة في تحديد ووصف الجروح اللاحقة به ومسبباتها؛
– حضور عملية استخراج جثث الأشخاص المشتبه في وفاتهم من القبور و معاينتها؛
– الانتقال لإجراء المعاينات المفيدة للبحث؛
– تفسير طبي لنتائج الفحوص و التحاليل لمختلف العينات العضوية بما فيها المواد المنوية و الدموية و الشعر و العينات النسيجية للتثبت من طبيعتها و كذا مختلف المواد كالمخدرات و الإفرازات الجسمية و مخلفات إطلاق النار ، و التي تم إنجازها من طرف مختبرات معتمدة و منتدبة لهذا الغرض.
المادة 7:
يمارس الطبيب الشرعي مهامه داخل دائرة محكمة الاستئناف التي تتواجد بها مراكز للطب الشرعي بالوحدات الاستشفائية أو التابعة للجماعات الترابية.
يمكن للسلطات القضائية المختصة انتداب أطباء شرعيين من خارج الدائرة القضائية كلما اقتضت ذلك مصلحة العدالة، أو إذا لم يتوفر أطباء شرعيون بدوائرهم القضائية.
الفرع الثاني: حقوق وواجبات الطبيب الشرعي
المادة 8:
تحدد التعويضات المستحقة لفائدة الأطباء الشرعيين و الأطباء و الأشخاص المعنويين اللذين يمارسون مهام الطب الشرعي بمقتضى نص تنظيمي.
المادة 9:
يتمتع الطبيب الشرعي في إبداء آرائه الفنية بشأن القضايا التي تعرض عليه بالاستقلالية.
لا تحول استقلالية الطبيب الشرعي دون مراقبة وتأطير مهامه من طرف المجلس الوطني للطب الشرعي وكذا من طرف الجهة القضائية التي انتدبته لتوضيح النتائج والخلاصات التي توصل إليها.
المادة 10:
يلتزم الطبيب الشرعي في إعطاء رأيه الفني بالحياد والتجرد والنزاهة والشرف وما تقتضيه أخلاقيات المهنة وما يمليه الضمير المهني لإبراز الحقيقة والمساهمة في تحقيق العدالة.
المادة 11 :
يمكن للطبيب الشرعي الاستعانة بذوي الاختصاص في الأمور التقنية والفنية التي تعرض عليه مع الإشارة إلى ذلك في تقريره.
المادة 12:
يؤدي الأطباء المؤهلون لمزاولة مهام الطب الشرعي وفقا لمقتضيات المادة 3 المذكورة أعلاه، اليمين القانونية أمام محكمة الاستئناف التي يمارسون مهامهم بدائرة نفوذها قبل الشروع في مزاولتها.
يؤدي اليمين القانونية عن الشخص المعنوي علاوة على ممثله القانوني، الأطباء الشرعيون العاملون لديه.
المادة 13 :
يلتزم الطبيب الشرعي بالحفاظ على السر المهني في القضايا التي تحال إليه من طرف السلطات القضائية المختصة.
و يمنع عليه بهذه الصفة، أن يبلغ أي معلومات مستخرجة من الملفات أو ينشر أي مستندات أو وثائق أو مراسلات لها علاقة ببحث أو تحقيق ما يزال جاريا.
لا يسري المنع المقرر في هذه المادة على المعلومات و الوثائق و التقارير التي يقدمها الطبيب الشرعي للسلطات القضائية.
المادة 14 :
لا يمكن انتداب الطبيب الشرعي للقيام بعملية فحص أو تشريح جثة شخص كان يتولى علاجه أو أجرى له عملية جراحية.
يمنع على الطبيب الشرعي مباشرة المهمة المسندة إليه، إذا كانت لديه مصلحة شخصية أو مهنية تتنافى مع إنجازها.
المادة 15:
يمسك بالوحدات الطبية داخل المستشفيات و بالمختبرات التي تمارس مهام الطب الشرعي ، و كذا مراكز الطب الشرعي التابعة للجماعات الترابية سجل خاص بالمهام المسندة إلي الطبيب الشرعي في إطار الأبحاث و الخبرات القضائية تضمن فيه كافة البيانات المرتبطة بالمهمة التي عهد إليهم بها.
المادة 16:
يحدد شكل و مضمون السجل المشار إليه في المادة السابقة بقرار مشترك للسلطات الحكومية المعنية بالطب الشرعي.
يخضع هذا السجل لمراقبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التي يقع بدائرة نفوذها وحدة الطب الشرعي أو المختبر الذي يمارس مهام الطب الشرعي.
يخضع هذا السجل كذلك لمراقبة المعهد الوطني للطب الشرعي .
الفرع الثالث : الأطباء الشرعيون الخبراء
المادة17:
يقيد الطبيب الشرعي بصفته خبيرا قضائيا في إحدى جداول محاكم الاستئناف و في الجدول الوطني بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل بناء على اقتراح من المجلس الوطني للطب الشرعي ، وذلك وفقا للكيفيات المحددة في الظهير الشريف رقم 1.01.126 بشأن بتنفيذ القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين.
المادة 18:
استثناء من مقتضيات القانون المشار إليه في المادة المذكورة أعلاه ، يمكن تقييد الأطباء المتخصصين في الطب الشرعي المسجلين في لائحة هيأة الأطباء، في جدول الخبراء بمحاكم الاستئناف بغض النظر عن شرط المدة.
الباب الثاني : انتداب الطبيب الشرعي
الفرع الأول : كيفية انتداب الطبيب الشرعي
المادة 19:
يتم انتداب الطبيب الشرعي للقيام بمهام الطب الشرعي من طرف الوكيل العام للملك أوكيل الملك أو قاضي التحقيق أو المحكمة كل في حدود اختصاصاته المحددة بمقتضى القانون.
المادة 20:
يمكن للسلطات القضائية المختصة أن تسند مهمة إجراء التحاليل و الأبحاث المرتبطة بالطب الشرعي إلى المختبرات المعتمدة.
المادة 21:
يمكن لكل ذي مصلحة ، اللجوء مباشرة إلى الطبيب الشرعي، من أجل إجراء فحص سريري للحصول على شهادة لتحديد نسبة الضرر البدني أو لتحديد السن.
المادة22:
يؤهل الأطباء الشرعيون وحدهم لتسليم الشواهد الطبية المستدل بها أمام القضاء لتقدير نسبة العجز المترتب عن الجرائم أو المسؤولية.
المادة 23 :
يمكن للسلطات القضائية المذكورة في المادة 19 أعلاه، تعيين أكثر من طبيب شرعي إذا كانت طبيعة المهمة تستوجب ذلك.
المادة 24:
يمكن للسلطات القضائية انتداب طبيب شرعي من أجل الانتقال إلى مكان الجريمة و القيام بالمعاينات الضرورية على أجسام الضحايا و الجثث .
يمكن لضابط الشرطة القضائية انتداب طبيب شرعي من أجل الانتقال إلى مكان الجريمة في حالة التلبس ، أو إذا كانت حالة الاستعجال تقتضي ذلك على أن يقوم بإشعار النيابة العامة فورا.
المادة 25:
يتعين على الطبيب الشرعي الاستجابة لأوامر الانتداب الموجهة له من طرف السلطات القضائية .
إذا تعذر على الطبيب الشرعي إنجاز المهمة المسندة إليه ، أشعر بها فورا الجهة التي انتدبته، ولا يعفى من أداء مهمته إلا بعد موافقتها.
المادة 26:
يقوم الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف برفع تقارير سنوية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض حول السير العام لمهام الطب الشرعي داخل نفوذ دوائرهم القضائية.
الفرع الثاني: التشريح الطبي
المادة 27:
يمكن للوكيل العام للملك أو وكيل الملك أو قاضي التحقيق أو المحكمة – كل فيما يخصه- في حالة الوفاة التي تكون أسبابها مجهولة أو مشكوك فيها، ، انتداب طبيب شرعي لإجراء تشريح أو أخذ العينات الضرورية و توجيهها للمصالح المؤهلة لتحليلها كلما اقتضت ذلك، حاجيات البحث أو التحقيق أو المحاكمة .
المادة 28:
لا يلجأ إلى التشريح الطبي إلا إذا كانت أسباب الوفاة مشكوكا فيها ، أو إذا تعذر تحديدها بواسطة الفحص الطبي.
لا يلجأ إلى التشريح الطبي إذا ثبت ظهور حالة مرضية وبائية.
المادة 29:
تستوجب الوفيات المشار إليها في هذه المادة التشريح الطبي:
– الوفاة الناتجة عن الاعتداء الجسدي أو الجنسي؛
– الوفاة الناتجة عن التسمم؛
– الوفاة التي تقع في أماكن الاعتقال أو بمؤسسات تنفيذ العقوبة.
المادة 30 :
يشعر أقارب الهالك من طرف الشرطة القضائية أو النيابة العامة أو قاضي التحقيق بعملية التشريح المأمور بها والعينات التي تم أخذها لحاجيات البحث أو التحقيق.
كما يمكن تسليمهم نسخة من تقرير التشريح من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق، ما لم يكن لذلك تأثير على حسن سير البحث أو التحقيق.
المادة 31:
يقوم الطبيب الشرعي الذي أنجز التشريح الطبي بتتبع إجراءات التحليل على العينات والأشلاء التي تم أخذها لحاجيات البحث أو التحقيق، ويضع في تقريره النهائي توضيحا لمختلف الإجراءات المتخذة ونتيجتها.
يمكن للطبيب الشرعي إذا كانت عملية التشريح تقتضي إجراء تحاليل أو فحوصات من طرف جهة أخرى ، أن يطلب مباشرة من طرف هذه الأخيرة إجراءها على أن يقوم بإشعار الجهة التي انتدبته بذلك و يضمن نتائج تلك العمليات في تقريره.
المادة 32:
يتعين على السلطة القضائية التي انتدبت الطبيب الشرعي أن تأذن بدفن الجثة أو الأشلاء في أقرب وقت ودون تأخير بعد إجراء التحليل أو التشريح، ما لم تقتض حاجيات البحث أو إظهار الحقيقة تأخير الدفن.
يتولى الطبيب الشرعي الذي يباشر التشريح أو أخذ العينات،أو إدارة المستشفى أو مستودع الأموات، تسليم الجثة إلى ذويها في أحسن الظروف وذلك بعد موافقة السلطة القضائية التي أمرت بالتشريح.
يحق لذوي الهالك وأقربائه معاينة جثة الهالك بعد إنجاز التشريح ، ما لم تقتض متطلبات حفظ الصحة العامة خلاف ذلك.
المادة 33:
استثناء من أحكام الظهير الشريف رقم 986.68 المتعلق بنظام دفن الجثث و إخراجها من القبور و نقلها ،فإن الجثث التي تكون محل بحث قضائي يؤمر باستخراجها من طرف الوكيل العام للملك أو وكيل الملك أو قاضي التحقيق كل فيما يخصه.
الفرع الثالث: تقرير الطب الشرعي
المادة 34:
يرفع الطبيب الشرعي فور إنجاز عملية التشريح و قبل دفن الجثة ، تقريرا بذلك إلى الجهة التي انتدبته، ما لم يتعذر ذلك لأسباب موضوعية أو تقنية ، حيث يتم تقديم تقرير أولي يشهد فيه الطبيب بإجراء التشريح و ملاحظاته الأولية على أن يقوم برفع التقرير النهائي في أقرب وقت.
المادة 35:
ينجز الطبيب الشرعي تقريرا يضمن فيه العمليات التي قام بها وخلاصة النتائج التي توصل إليها داخل الآجال المحددة له من طرف السلطات القضائية التي انتدبته.
يوقع الطبيب الشرعي تقريره و يحيله في ثلاث نسخ إلى السلطات القضائية التي انتدبته، ويحتفظ بنسخة بالمصلحة التي يعمل بها.
إذا أنجزت المهمة المسندة للطبيب الشرعي من طرف أكثر من طبيب، تعين توقيع التقرير من طرف جميع أعضاء الهيئة الطبية التي أنجزت المهمة.
المادة 36:
يتعين على الطبيب الشرعي أن يضمن في تقريره:
– الجهة التي قامت بانتدابه؛
– ساعة ويوم إجراء العمليات المرتبطة بالمهمة التي كلف بها ؛
– تحديد هوية و أوصاف المتوفى أو الشخص الذي خضع للفحص، او الجهة التي أوكل إليها تحديد الهوية في حالة عدم توفرها ؛
– المعاينات ووصف الحالة ؛
– الإجراءات والتحاليل والخبرات التي قام بها على العينات التي تم رفعها على الأجسام و نتائجها ؛
– وصف المواد و الأدوات المستعملة في الجريمة؛
– الأسباب المحتملة للوفاة؛
– الخلاصات و النتائج المتوصل إليها؛
– يمكن إرفاق التقرير بلوحة للصور على دعامة ورقية أو رقمية.
المادة37 :
يقوم الطبيب الشرعي في حالة تعذر معرفة هوية الشخص بأخذ البصمات و العينات و الصور و كل ما من شأنه أن يعرف بهويته، كما يمكنه الاستعانة بالسلطات العمومية المختصة لتحديد هوية المعني بالأمر.
المادة 38:
يراعي الطبيب الشرعي – قدر الإمكان- في إنجاز مهمته، بشأن التقارير المتعلقة بالجرائم المرتبطة بالتعذيب، أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، المعايير المنصوص عليها في برتوكول إسطنبول المقدم لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في 9 غشت 1999 و المعتبر بمثابة دليل الأمم المتحدة للتقصي و التوثيق الفعالين في هذه الجرائم .
المادة 39:
يقتصر الطبيب الشرعي في تقريره على الأمور الفنية التي تدخل في نطاق اختصاصاته و لا تمتد إلى مناقشة الأمور القانونية ، كما لا يحق له أن يوجه الاتهام إلى شخص بعينه.
المادة 40:
يخضع تقرير الطبيب الشرعي للسرية ، ولا يمكن الإطلاع عليه إلا من طرف السلطة القضائية أو من طرف رئيس المصلحة التي يعمل بها الطبيب الشرعي، مع مراعاة حقوق الضحية وأفراد عائلة المتوفي في الاطلاع على نتيجة التقرير عبر الجهة التي أمرت بانتداب الطبيب الشرعي وفقا لما هو مشار إليه في المادة 19 من هذا القانون.
المادة 41 :
يمكن للسلطات القضائية المختصة الاستماع إلى توضيحات الطبيب الشرعي بشأن المهام التي أنجزها و تفسير مضمون التقرير المحرر من طرفه.
المادة 42 :
يمكن للوكيل العام للملك أو وكيل الملك أو قاضي التحقيق أو المحكمة – كل فيما يخصه- أو لمن له المصلحة ، أن يعترض على النتائج التي خلص إليها تقرير الطبيب الشرعي.
يمكن للسلطة القضائية التي انتدبت الطبيب الشرعي أن تأمر بما تراه مناسبا لاستجلاء الحقيقة، من طرف الطبيب الشرعي الذي أنجز المهمة، أو تنتدب طبيبا آخرا أو أكثر لمباشرة المهمة المطلوبة، أو تعرض الأمر على المجلس الوطني للطب الشرعي.
تطبق على طلبات إجراء الخبرة المضادة ، القواعد العامة المنصوص عليها في القانون.
الباب الثالث : أجهزة الطب الشرعي
الفرع الأول : المجلس الوطني للطب الشرعي
المادة 43 :
يحدث مجلس وطني للطب الشرعي، يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.
المادة 44:
يهدف المجلس الوطني للطب الشرعي إلى تنظيم عمل الطب الشرعي ، و رفع مستوى و كفاءة العاملين به و تطوير مهامهم لمساعدة العدالة.
يحدد تأليف واختصاصات المجلس الوطني للطب الشرعي بمقتضى نص تنظيمي.
المادة 45:
يعهد إلى المجلس الوطني للطب الشرعي القيام بما يلي:
– المساهمة في تطوير مهنة الطب الشرعي؛
– وضع المعايير العلمية والمهنية لممارسة مهنة الطب الشرعي؛
– منح الترخيص لممارسة الطب الشرعي بالنسبة لأطباء مراكز حفظ الصحة وأطباء القطاع الخاص والمختبرات و الأشخاص المعنوية التي تمارس مهام الطب الشرعي؛
– تأطير الأطباء الشرعيين الممارسين ووضع برامج لمراقبة و تقييم جودة عملهم و الجوانب الفنية المتعلقة بإنجاز الخبرات؛
– توحيد المناهج والمعايير المستعملة في ممارسة الطب الشرعي ؛
– تقديم آراء استشارية للقطاعات الحكومية في مجال الممارسة المرتبطة بالطب الشرعي و مساعدتها على تحديد سياسة وطنية في هذا المجال؛
– إنجاز الخبرات القضائية التي تتم إحالتها من طرف السلطات القضائية بالنسبة للقضايا التي تكتسي نوعا من التعقيد أو الخصوصية؛
– إعداد البحوث والدراسات المرتبطة بالطب الشرعي و تقديم مقترحات تشريعية و تنظيمية في المجال.
المادة 46:
يقوم المجلس الوطني للطب الشرعي سنويا بإعداد تقرير عن واقع ممارسة الطب الشرعي والتوصيات الكفيلة بالرفع من مستواه.
يرفع هذا التقرير لكل من:
– السلطة الحكومية المكلفة بالعدل؛
– السلطة الحكومية المكلفة بالصحة؛
– السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي؛
– الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لدى يها؛
– السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية؛
– إدارة الدفاع الوطني.
المادة 47:
تقوم الجهات المشار إليها في المادة المذكورة أعلاه- كل فيما يخصه – بالعمل على تفعيل التوصيات التي يصدرها المجلس الوطني للطب الشرعي.
المادة 48:
يمكن إحداث مجالس جهوية للطب الشرعي يحدد تأليفها واختصاصاتها بمقتضى نص تنظيمي.
الفرع الثاني: وحدات الطب الشرعي
المادة 49:
تحدث بالمستشفيات الجامعية والجهوية و الإقليمية ، وحدات للطب الشرعي تقوم بالمهام المسندة للطبيب الشرعي بمقتضى هذا القانون.
المادة 50:
تحدث بنية إدارية خاصة بالطب الشرعي لدى السلطة الحكومية المكلفة بالصحة، يعهد إليها بالمساهمة في تطوير والرفع من جودة ممارسة الطب الشرعي و تمكين وحدات الطب الشرعي المحدثة على صعيد المستشفيات من التجهيزات و آليات العمل الضرورية ، و ذلك بتنسيق مع المجلس الوطني للطب الشرعي.
الباب الرابع : مقتضيات تأديبية و زجرية
الفرع الأول : مقتضيات تأديبية
المادة 51:
يتعرض الطبيب المنتدب للقيام بمهام الطب الشرعي الذي يرتكب خطأ مهنيا، للمتابعات والعقوبات التأديبية من طرف الهيئات التأديبية لمهنهم، و ذلك بعد استشارة المجلس الوطني للطب الشرعي.
المادة 52 :
بصرف النظر عن المتابعات الزجرية ، يشكل كل إخلال غير مبرر من طرف الطبيب الشرعي لتنفيذ الانتدابات القضائية الموجهة إليه، أو تأخير غير مبرر في إنجازها خطأ مهنيا يمكن أن تنشأ عنه مسؤوليته التأديبية .
الفرع الثاني : مقتضيات زجرية
المادة 53:
يتعرض كل شخص ينتحل صفة طبيب شرعي أو يزاول مهامه المحددة في هذا القانون دون أن يكون مخول له ذلك، للعقوبات المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي.
المادة 54:
يعاقب كل شخص عرقل أو حاول عرقلة العمل المسند إلى الطبيب الشرعي في إطار البحث أو التحقيق أوخبرة قضائية بالحبس من سنة إلى سنتين وغرامة من 1200 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.
المادة 55:
يتعرض للعقوبات المقررة في مجموعة القانون الجنائي ، كل شخص أهان بالأقوال أو الأفعال أو هدد طبيبا شرعيا أثناء ممارسته لمهنته أو بسببها ، و ذلك ما لم يكن فعله يشكل جريمة أشد.
المادة 56:
يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي ، كل طبيب شرعي منتدب لإنجاز خبرة بمقتضى مقرر قضائي قدم رأيا أو ضمن تقريره معطيات يعلم أنها مخالفة للحقيقة أو أخفاها عمدا.
مقتضيات ختامية و انتقالية
المادة 57 :
لا يعتد لتحديد نسبة العجز المترتب عن الجرائم أمام القضاء ، إلا بالشواهد الطبية المنجزة من طرف أطباء وحدات الطب الشرعي.
لا يعتد بالخبرة التي تأمر بها المحكمة في حالة المنازعة في مسألة تتعلق بالطب الشرعي إلا من طرف طبيب شرعي.
تحتفظ الشواهد الطبية المدلى بها أمام القضاء قبل دخول هذا القانون حيز التطبيق بقيمتها القانونية.
المادة 58:
يستمر الأطباء العاملون بالمستشفيات وأطباء مصالح حفظ الصحة في ممارسة مهامهم فيما يتعلق بتشريح الجثث إلى حين إنشاء وحدات للطب الشرعي.
المادة 59:
يستمر باقي الأطباء في تسليم الشواهد الطبية في المناطق التي لا يتوفر بها أطباء شرعيون إلى غاية إحداث وحدات الطب الشرعي.
المادة 60:
يدخل هذا القانون حيز النفاذ مباشرة بعد دخول نصوصه التطبيقية حيز التنفيذ.