بحوث قانونية

الأشخاص المسؤولون في القانون الجمركي

drogue-port-casablanca

 

إذا كان القانون الجنائي يميز في تحديد الأشخاص المسؤولين عن الجريمة بين الفاعلين والمساهمين والمشاركين، فإن القانون الجمركي أدخل مفاهيم خصوصية متعلقة بنظام الجريمة الجمركية، وهكذا فعلاوة على الفاعل الرئيسي للجنحة أو المخالفة الجمركية، وضعت مدونة الجمارك افتراضات للمسؤولية بالنسبة لكل الذين شاركوا قانونيا في إدخال البضاعة إلى الجمرك (أ) ، ووسعت  مفهوم المشاركة عما هو عليه في القانون العام (ب) ، و أقرت مبدأ تضامن الأشخاص المسؤولين بخصوص العقوبات المالية (د) ، غير أن هذه الأحكام الخاصة لم تمنع من وضع قواعد تسمح في حدود معينة ،ووفق نظام إثبات مشدد بنفي المسؤولية (ج) .

           أ-الفاعل في الجريمة الجمركية

لما كان موضوع القانون الجمركي هو وضع نظام يحدد قواعد نقل البضائع المختلفة عبرالحدود ،أي عندما تمر ماديا عبر التراب الجمركي كما هو معرف في الفصل الأول من مدونة الجمارك ، فإنه من الطبيعي أن يكون المعني الأول بالمتابعة الجمركية هو الشخص الذي يقوم ماديا بتنظيم هذا النقل باستيراد وتصدير البضاعة ، وعدم إخضاعها للالتزام الجمركي بالتصريح. والنظام الجمركي في المغرب في الوقت الراهن نظام  تصريحي(Régime déclaratif) من حيث المبدأ يوجب على الجميع التصريح لمصالح الجمارك بالبضائع المستوردة أو المقدمة للتصدير) 1( . وخلافا لهذا النظام المرتكز على نظرية ليبرالية في التجارة الخارجية، فإن  السلطة العامة في نظام الترخيص(Régime de lautorisation)    تفرض رقابة أكثر حدة على انتقال البضائع باحتفاظها بسلطة الترخيص بحركة البضائع عبر حدودها(2) ، وهذا ما يقرره الفصل 23 من مدونة الجمارك بتنصيصه على مفهوم البضائع المحظورة، وهي التي يكون استيرادها أو تصديرها ممنوعا كليا أو خاضعا لقيود أو ضوابط الجودة أو التكييف أو لإجراءات خاصة   .

والقانون الجمركي لا يميز من حيث المسؤولية بين عدم إجراء التصريح كلية أو تقديم تصريح غير صحيح أو غير مطابق للبضائع المقدمة ( الفصل 281-8 والفصل 285-1 من مدونة الجمارك) .

ويرتكز تطبيق النظام الجمركي على طبيعة البضاعة المحددة بالصنف والمنشأ والقيمة وباقي العناصر الكمية المبينة في الفصل 14 من مدونة الجمارك(3) والتي على أساسها تحتسب التعرفة الجمركية وينشأ الدين الجمركي (La dette douanière ) بمرور البضاعة عبر الجمرك . وهكذا فإن الالتزام بتقديم تصريح مطابق عن البضاعة، هو الالتزام الأساسي الذي يؤدي عدم احترامه الى إثارة مجموع المنازعات الجمركية(4) ، ويسمح للنيابة العامة وللإدارة- مع مراعاة القيود المقررة في الفصل 249 من مدونة الجمارك- بتحريك المتابعة ضد الفاعلين أمام المحاكم الزجرية (الفصل 214 من المدونة) . وللإشارة فإن زجر الجريمة الجمركية يرتبط في هذه الحالة بطبيعة البضاعة، فإذا كانت محظورة ، فإن الفعل يكون جنحة جمركية معاقبة بالحبس والغرامات (الفصل 281-  8 من مدونة الجمارك)، وفي الحالة المعاكسة يكون مخالفة جمركية معاقبة بالغرامات فقط (الفصل  285 – 2  من مدونة الجمارك) .

نخلص مما سبق الى أن الشخص المسؤول جنائيا عن عدم التصريح أو تقديم تصريح غير صحيح أو غير مطابق للبضاعة صنفا ومنشأ وقيمة- أي الفاعل في الجريمة الجمركية- هو الذي قام ماديا بإجراء التصريح أو كان عليه القيام به باعتباره المتحمل ماديا لنقل البضاعة (5). لكن إضافة إلى هذه النتيجة الطبيعية من زاوية الالتزام بالتصريح، فإن ارتباط القانون الجمركي بالواقع الاقتصادي الناتج عن معطيات التجارة الدولية التي تفرض تدخل متعاملين كثر ، جعلته لا يعتبر مسؤولا جنائيا الشخص الملزم بالتصريح بالبضاعة فقط ، بل جميع المستفيدين من انعدام أو عدم صحة التصريح المقدم بالجمرك، لهذا تميز القانون الجمركي المتكيف مع واقع المعاملات التجارية الدولية بوضع افتراضات للمسؤولية (présomptions de responsabilité) أسهمت في توسيع دائرة المسؤولية الجنائية عن الجريمة الجمركية .

 

 افتراضات المسؤولية ׃

ينص الفصل 222 من مدونة الجمارك على أن المسؤولين جنائيا هم:

– موقعو التصريحات فيما يخص الإغفالات والبيانات غير الصحيحة والجنح والمخالفات الجمركية الأخرى الملاحظة في تصريحاتهم .

– المؤتمنون عن عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات الجمركية المنجزة بتعليمات منهم.(

– المتعهدون في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الموقعة من طرفهم .

وينص الفصل 223 من ذات المدونة على أن المسؤولية الجنائية مفترضة في حق ׃

– الأشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع المرتكب الغش بشأنها وناقلوها.

– ربابنة البواخر والسفن والمراكب وقواد الطائرات فيما يخص الإغفالات والمعلومات غير الصحيحة الملاحظة في بياناتهم وبصفة عامة فيما يخص الجنح أو المخالفات الجمركية المرتكبة على ظهر بواخرهم وسفنهم ومراكبهم وطائراتهم .

وخلافا لما قد توحي به صياغة الفصلين المذكورين من أن افتراض المسؤولية مقرر فقط بالنسبة للأشخاص المحددين في الفصل 223، فإن الفصل 222 بدوره يضع افتراضا للمسؤولية في حق موقعي التصريحات والمؤتمنين بدليل أن الفقرة الأخيرة من هذا الفصل نصت على عدم تطبيق عقوبة الحبس على هاتين الفئتين من الأشخاص في حالة عدم ارتكابهم خطأ شخصيا متعمدا، مما يعني أن مسؤوليتهم الجنائية ثابتة من حيث المبدأ ولو بدون خطأ، مع اختلاف في الجزاءات المطبقة عليهم .

وبالاضافة الى افتراض المسؤولية المقرر في حق الأشخاص المذكورين أعلاه، فإن الفصل 287 من مدونة الجمارك تفترض قيام المسؤولية في حالة عدم التمكن من تقديم البضائع الموضوعة تحت نظام القبول المؤقت لتحسين الصنع الفعال أو القبول المؤقت أو المستودع الصناعي الحر أو التحويل تحت مراقبة الجمرك من طرف المستفيد من هذه الأنظمة، وكذلك في حالة إزالة أو إتلاف الأختام أو الطوابع أو الدمغات الموضوعة على البضائع المستفيدة من نظام العبور .

ويتبين من نظر حالات افتراض المسؤولية المقررة في الفصول 222 و223 و287 من مدونة الجمارك أن القانون الجمركي افترض هذه المسؤولية في حق الأشخاص الذين لهم مصلحة ما في تحقق العملية الاقتصادية المرتبطة بالتجارة الدولية ، واعتبر عدم تقديم البضائع وإزالة الأختام قرينة على سوء استعمال الأنظمة الاقتصادية الخاصة بالجمارك . وهذا المنحى التشريعي في افتراض المسؤولية ،يثير التساؤل من زاوية  مدى تعارضه مع مبدأ افتراض براءة المتهم المكرس تشريعيا )المادة 1 من ق.م.ج) والمحمي بمقتضى القانون الدولي لحقوق الانسان (المادة 11 من الإعلان العالمي والمادة 14 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ) ، والذي يوجب أن يقع عبء الإثبات على الادعاء . وهكذا قررت المحكمة الدستورية العليا في مصر وهي تنظر في دستورية المادة 121 من قانون الجمارك المصري فيما تضمنته فقرتها الثانية من افتراض العلم بالتهريب أن «النص المطعون فيه افترض العلم بأحد عناصر القصد الجنائي بقرينة تحكمية ونقل عبء نفيه الى المتهم … وإن عمله يعد انتحالا لاختصاص كفله الدستور للسلطة القضائية ، ومناقضا كذلك لافتراض براءة المتهم من التهمة الموجهة اليه في كل وقائعها وعناصرها ومخالفا بالتالي لنص المادة 67 » (من الدستور المقررة لمبدإ افتراض براءة المتهم حتى تثبت إدانته ) (6)، لذلك فإن النص الحالي للمادة 121 يقضي بأنه :« يعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة .. ». بالمقابل رأت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أن الافتراضات القانونية لا تنتهك بالضرورة مبدأ افتراض البراءة ،ولكنها اشترطت أن يضع لها القانون تعريفا دقيقا ،وأن تقيد بحدود معقولة، ويجب أن تحفظ للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه أي يجب أن يكون بوسع المتهم أن يفندها ويدحضها  (7)، وقضت بتاريخ 25/9/1992 في قضية فام هوانغ ضد فرنسا أن قانون الجمارك الفرنسي الذي وضع افتراضات قابلة للدحض لم ينتهك مبدأ افتراض البراءة (8)  .

في المحصلة نحن أمام تأويلين ممكنين لمبدأ افتراض البراءة ،أحدهما صارم وشكلاني  يوجب أن يتحقق القضاة وحدهم من أن الشخص المتابع بالجريمة كان على علم بالطابع الجرمي والخاطئ لفعله، والآخر متكيف مع طبيعة بعض التشريعات الخاصة المطبقة على فئة متميزة من الأشخاص في المجال الاقتصادي، والتي وإن أقامت قرينة المسؤولية في حقهم، فإنها لم تعتبرها فرينة قاطعة بل سمحت بنفيها .

وإن تعدد حالات الافتراض القانوني للمسؤولية في القانون الجمركي ، اقتضى تباين أحكام المسؤولية في كل حالة من حيث نطاقها ووسائل دفعها ، لذلك سنتناول بالتتابع مسؤولية الحائز(1)  وموقع التصريح(2) والمؤتمن(3)  والمتعهد (4) والناقل وربان السفينة وقائد الطائرة (5).

 

(1) – مسؤولية الحائز

إن الشخص الموجود في حورته البضاعة، والذي افترض الفصل 223 من مدونة الجمارك مسؤوليته، لا يقصد به الحائز في مفهوم القانون المدني أو الفصل 2 من ظهير 21/5/1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ، ذلك أن قصد التملك يكون في هذين القانونين ركنا أساسيا لكي تنتج الحيازة آثارها القانونية (9) ، في حين أن قرينة المسؤولية المقررة في الفصل 223 من مدونة الجمارك تثبت من مجرد الوضع المادي المتمثل في مسك البضاعة المرتكب الغش بشأنها، وتقع هذه المسؤولية على كافة الحائزين كيفما كانت ظروف وشروط الحيازة أو المسك بدقيق العبــــارة  (La détention )، فليس من الضروري أن يكون الحائز هو المالك.

وهكذا نقض المجلس الأعلى (10) القرار الذي قضى ببراءة الظنين« استنادا إلى إنكار هذا الأخير علمه بكون أرقام التسجيل التي تحملها السيارة لا تنطبق عليها،ولا يعلم أن مصدرها أجنبي ،وإلى كون الأبحاث جارية لإلقاء القبض على الفاعل الحقيقي الذي اهتدت الشرطة إلى معرفته» لخرقه مقتضيات الفصل 181 من مدونة الجمارك« مادام أن السيارة ضبطت بحوزة المطلوب في النقض يستعملها دون توفره على أية وثيقة تتعلق بها». 

ولا يشمل مفهوم الحائز للبضاعة الشخص الذي يقوم فقط بالمسك المادي للبضاعة فقط ، وإنما أيضا الأشخاص الذين يقومون بتصدير أو استيراد البضاعة ، ويتعين عليهم بهذه الصفة إجراء التصريح المفصل ، لذلك فإن مرسلي البضاعة أو المرسلة إليهم يعتبرون حائزين لها(11) .

وليس لمدة الحيازة تأثير على المسؤولية الجنائية للحائز التي تقوم بمجرد اكتشاف بضائع في وضعية غير قانونية سواء في حوزته أو في الأماكن التي يعتبر مسؤولا عنها ، لافرق بين المساكن والمحلات المعدة للاستعمال المهني (12) .

هذا، وكان تحديد طبيعة البضاعة التي تقوم على أساسها المسؤولية الجنائية للحائز محل خلاف في العمل القضائي، وبالضبط في قضايا المخدرات (13) ، إلى أن أصدر المجلس الأعلى بمجموع غرفه قراره المؤرخ في 2/1/2002  (6) والذي أكد فيه² أن جميع البضائع المستوردة أو المصدرة يجب أن يصرح بها عند عبور الحدود دون استثناء وتقييد لمفهوم البضائع فتشمل المستعملة لغرض مشروع أو لغرض غير مشروع ويدخل ضمنها المخدرات سواء استعملت لغرض طبي أو صيدلي أو لغرض غير مشروع². والحقيقة أن أهمية هذا القرار محدودة بعد تعديل مدونة الجمارك بمقتضى القانون رقم 02/99 )الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 5/6/2000( والذي أضاف جنحا جمركية خاصة بالمخدرات )الفصلين 279 مكرر و 279 مكرر مرتين من مدونة الجمارك( ، لكنه حسم الجدل في إطار أحكام المدونة قبل التعديل مقررا استنادا للفصول 1 و 65 و 219، أن عدم مشروعية الاتجار في البضاعة لا يمنع تحقق الجنحة الجمركية ، وبالتالي فإن هذا الاجتهاد ما زال صالحا في ظل الأحكام الجديدة بالنسبة للبضائع غير المشروعة باستثناء المخدرات .

ويوجب الفصل 181 من مدونة الجمارك على الأشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع الخاضعة للرسوم والمكوس عند الاستيراد أن يدلوا بمجرد ما يطلب منهم ذلك أعوان الإدارة )أو ضباط الشرطة القضائية أو الأعوان محررو المحاضر الآخرون وفقا للتعديل الذي جرى على الفصل 181 بمقتضى قانون المالية رقم 36/05 للسنة المالية 2006( بإيصالات تثبت أن هذه البضائع قد أدخلت بصفة قانونية إلى التراب الخاضع أو بفاتورات شراء أو بأوراق صنع أو بجميع الإثباتات الأخرى للأصل الصادرة عن الأشخاص أو شركات مستقرة داخل التراب الخاضع بصفة قانونية . وعندما يصرح حائزو البضائع أنهم يتوفرون في مكان آخر على الإثباتات المطلوب الإدلاء بها يمكن لأعوان الإدارة مرافقتهم لتمكينهم من تقديم الإثباتات المذكورة أو يمنحوا لهم إمكانية العمل على تقديم هذه الإثباتات داخل أجل 48 ساعة .

يضع هذا الفصل مبدأ وجوب التبرير الفوري لحيازة البضاعة داخل التراب الخاضع ، وإلا أمكن لإدارة الجمارك وللنيابة العامة متابعة الشخص الحائز للبضاعة بجنحة التهريب )الفصل 281-1 والفصل 282-3( أو الحيازة غير المبررة للمخدرات والمواد المخدرة )الفصل 279 مكرر مرتين – 2( ، ولقد خفف التعديل الذي حدث على الفصل 181 بمقتضى القانون رقم 02/99 من صرامة المبدأ المذكورة مراعاة لحسن النية في المعاملات ، وأخذا بعين الاعتبار أن حائز البضاعة قد يتوفر فعلا على الوثائق الإثباتية المبررة للحيازة، ولكن لا يحملها وقت الطلب ، لذلك سمحت الفقرة 2 من الفصل 181 عند تصريح حائز البضاعة بتوفره على الوثائق المثبتة للحيازة إما بمرافقته من طرف أعوان الإدارة لمكان وجود تلكم الوثائق  أو بمنحه أجل  ثمانية وأربعين ساعة لتقديمها .

والواقع أن النص القديم قبل التعديل لم يكن يتيح لحائز البضاعة نفي قرينة المسؤولية عنه ، ولو كان يتوفر فعلا على الوثائق المبررة للحيازة . لكن لدرئ كل تحايل أو غش باستغلال المهلة الزمنية الممنوحة للحائز لصنع وثائق غير صحيحة خول الفصل المعدل لأعوان الإدارة إمكانية المرافقة الشخصية للحائز لتقديم الوثائق التي صرح بوجودها في مكان آخر . ونظرا للصعوبات المحتملة التي يمكن أن تطرحها إمكانية الانتقال إلى عين المكان، أتاحت المقتضيات الجديدة لأعوان الإدارة إمكانية أخرى بتكليف حائز البضاعة بتقديم الوثائق الإثباتية المطلوبة داخل أجل 48 ساعة ، وهو أجل كاف ومعقول في عرف المعاملات التجارية خلافا لما يراه البعض (1) ، لأن المفروض هنا أن الوثائق المبررة للحيازة موجودة فعلا قبل طلبها ، لكن الحائز يحتفظ بها في مكان آخر ، ويجب عليه الانتقال لإحضارها والاستدلال بها .

 

وأثير التساؤل عما إذا كان يجوز لحائز البضاعة الاستدلال بالوثائق الاثباتية المبررة للحيازة أمام المحكمة أي بعد إثارة المتابعة في حقه ؟

أجابت بعض أحكام محاكم الموضوع عن هذا السؤال بالإيجاب  على أساس أن مبدأ التبرير الفوري المقرر في الفصل 181 من مدونة الجمارك يقتصر على حالتي الاستيراد ونقل البضائع على الطرق ولا يشمل حالة السلع المخزونة بالمتاجر ، وأن الفقرة الأخيرة من هذا الفصل منحت الحائز مدة خمس سنوات للإدلاء بمستنداته التي ينوي استعمالها للتعبير عن الحيازة الشرعية . وهكذا ردت محكمة الاستئناف بالجديدة (2) دفع إدارة الجمارك بأن الظنين لم يدل بالفواتير وقت عملية التفتيش والتحري استنادا إلى مقتضيات الفصل 181 من مدونة الجمارك بأن «هذه المقتضيات لم ترد على سبيل الحزم بضرورة الاحتجاج بالمستندات فور المطالبة بها عند التفتيش ، وإنما جاءت هذه المقتضيات على عمومها بل إن الفقرة الأخيرة من الفصل المشار إليه منحت المعني بالأمرمدة خمس سنوات يمكنه خلالها الإدلاء بمستنداته التي ينوي إستعمالها للتعبير عن الحيازة الشرعية» . وذهبت المحكمة الابتدائية بعين الشق الدار البيضاء (3) إلى أن ׃«عبارة     الاستيراد أو الأشخاص الذين ينقلون هذه البضاعة الواردة في الفصل 181 من المدونة تجعل مسألة الفورية المرادفة لكلمة بمجرد تقتصر على حالتين خاصتين هما عند الاستيراد أي عند إدخال البضاعة بحدود البلاد أو عند نقلها على الطرقات ، ولا يمكن أن تعم فتشمل السلع المخزونة بالمتاجر ولمدة تناهز خمس سنوات لأن مقتضيات الفصل المعتمد عليه لاتصرح بذلك ولأن الفورية بالنسبة لهذه الحالة الأخيرة لا يمكن أن يحقق واقعيا ».

والحقيقة أن ما ذهب إليه هذا الإتجاه القضائي تأويل غير صحيح للفصل 181 من مدونة الجمارك ، وليس في مقتضياته ما يسند هذا التأويل ، ذلك أن الفصل المذكور يوجب على حائز البضاعة تبرير أصلها أينما وجدت فوق التراب الخاضع بدليل أن هذا الفصل موضوع في الباب المسمى² قواعد تطبق بمجموع التراب الخاضع ²، ولا نرى سببا منطقيا لمطالبة الحائز بمستند الحيازة عند نقل البضاعة وإعفائه منه عند تخزينه لها بأحد المستودعات أو المخازن ، وإن عبارة ²عند الاستيراد ²تعود على الخضوع للرسوم والمكوس وليس على فعل الحيازة ، والفقرة الأخيرة من الفصل 181 حددت الأجل الذي يمكن خلاله لأعوان الإدارة مطالبة الأشخاص الذين كانت في حوزتهم البضاعة ثم انتقلت منهم الحيازة إلى الغير، مطالبتهم بمستندات الأصل وهو خمس سنوات يبتدئ إما من الوقت الذي لم تبق فيه البضاعة بين أيديهم وإما من تاريخ تسليم إثبات الأصل ، وليس قطعا أجلا لتقديم الحائز لوثائق تبرير الحيازة .

وخلافا للأحكام المستدل بها ، قرر المجلس الأعلى عن حق أن وثائق تبرير الحيازة المدلى بها أمام المحكمة لا يعتد بها ، وهكذا نص في القرار المؤرخ في 28/10/1999 على ما يلي ׃ (1) «وحيث يتجلى من تنصيصات القرار المطعون فيه أنه قضى بما ذكر أعلاه وعلل ذلك بأن… الفواتير التي أتي على ذكرها بالقرار تنطبق على البضائع المحجوزة … وحيازة المطلوب في النقض للبضائع المحجوزة مبررة الأصل بسند صحيح … بدون أن يبرز أن المطلوب في النقض أدلى بالسندات المبررة للأصل لأعوان الإدارة بمجرد ما طلبوا منه ذلك والحال أنه صرح أمام المحكمة بأنه لم يسلم الفواتير أثناء التفتيش والحجز ، الأمر الذي يعتبر معه القرار المذكور قد خرق مقتضيات الفصل 181 ». كما اعتبر المجلس الأعلى(2) أن إدانة المحكمة للظنين من أجل حيازة البضاعة التي لم يستطع عند إجراء الخبرة تقديم فواتير ومستندات تبرر حيازتها القانونية، مع العلم أنه لم يكن يتوفر على أي مستند أو فاتورة أثناء عملية الحجز لتبرير حيازته للبضاعة المرتكب الغش بشأنها، يشكل خرقا للفصل 181 من مدونة الجمارك .

رغم وضوح الحل السابق الذي يشكل تطبيقا سليما لأحكام الفصل 181 من مدونة الجمارك ، لابد في نظرنا من استثناء حالة القوة القاهرة رغم عدم التنصيص عليها ، فإذا كانت القوة القاهرة تمحو قرينة المسؤولية في حق الحائز استنادا للفصل 224 من المدونة ، فهي من باب أولى مبرر مقبول لعدم التمكن من تقديم وثائق تبرير الحيازة داخل أجل 48 ساعة .

وهل يجب أن يثبت الأصل الأجنبي للبضاعة لقيام الجنحة الجمركية في حق الحائز ؟

ذهبت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في أحد قراراتها (1) إلى أنه يجب على حائز البضاعة أو ماسكها تبرير هذه الحيازة بصفة قانونية ، وأن المشرع في مدونة الجمارك لم يعتد بكون البضاعة منتجة محليا أو لا ، وأن إدارة الجمارك في حل من إثبات استيراد البضاعة ، وألغت حكم محكمة الدرجة الأولى الذي أسسته على أنه لم يثبت لديها أن البضاعة ذات أصل أجنبي .

وما ذهب إليه هذا القرار هو التفسير الصحيح للفصل 181 من مدونة الجمارك ، ذلك أن هذا الفصل لم يلزم الحائز بإثبات أن البضاعة قد أدخلت إلى التراب الخاضع بصفة قانونية فقط ، وإنما بالإدلاء بجميع إثباتات الأصل الصادرة عن أشخاص أو شركات مستقرة داخل التراب الخاضع بصفة قانونية ، وهذه الحالة تسري بصفة خاصة على البضائع المنتجة فوق التراب الخاضع .

وإثبات الحيازة وفقا للفصل 181 من مدونة الجمارك يمكن أن يتم بالإيصالات أو فاتورات الشراء أو بأوراق الصنع وبجميع الإثباتات الأخرى ، المهم أن تكون بمفهوم المخالفة للفصل 282-3 غير مزورة وصحيحة وتامة ومطابقة للبضاعة . وهذه مسألة واقع يختص قضاة الموضوع بتقديرها ، (2) ويمكنها إجراء خبرة لإثبات تطابق المستندات المدل بها على سبيل الإثبات مع البضائع المحجوزة (3) .

 

2- مسؤولية موقع التصريح ׃

بنص الفصل 222 من مدونة الجمارك على أن موقعي التصريحات مسؤولون جنائيا عن الإغفالات والبيانات غير الصحيحة والجنح والمخالفات الجمركية الأخرى الملاحظة في تصريحاتهم . والتصريح في المادة الجمركية تعبير عن إرادة المصرح في تعيين نظام جمركي محدد للبضاعة ، وكرس الفصل 78 من مدونة الجمارك خاصية عدم قابلية التصريح للتغيير بتنصيصه على أنه ׃« لا يمكن تغيير التصريحات بعد تسجيلها،وتثبت صحة أو عدم صحة المعلومات المضمنة في التصريحات بناء على ما تم التصريح به» ، غير أنه يجوز تعديل التصريح قبل تسليم رفع اليد عن البضائع شرط ألا تكون الإدارة لاحظت عدم صحة العناصر الواردة في التصريح أو أخبرت المصرح بنيتها في القيام بفحص البضائع. والأشخاص المأذون لهم بإجراء التصريح بالبضائع محددون في الفصل 67 من مدونة الجمارك (1). ويقضي الفصل 74 من ذات المدونة على وجوب توقيع التصريح ، وشكلية التوقيع شرط مفترض لقيام المسؤولية الجنائية وفقا للفصل 222 وتجدر الإشارة إلى أن إيداع التصريح يمكن أن يتم بطريقة الكترونية أو معلوماتية ، وفي هذه الحالة يعوض التوقيع برمز للتعريف بالمصرح ، ويكون التصريح المرسل والمسجل في النظام المعلوماتي لإدارة الجمارك ملزم للمصرح إلزاما تاما )الفصل 203 مكرر من مدونة الجمارك ، والمادة 2 من قراري وزير المالية المؤرخين في 26/12/1991 في شأن إيداع التصاريح المفصلة والموجزة بطرق معلوماتية (.

وتقوم مسؤولية المصرح ولو لم يحقق أي ربح أو يلحق الخزينة العامة ضرر (2) ، كما أن التقيد بتعليمات الموكل أو تقديم تصريح غير صحيح اعتمادا على وثائق يعتقد موقع التصريح صحتها )كالفواتير الخاطئة… ( لا ينفيان عنه المسؤولية . وتتأسس مسؤولية المعشر في هذه الحالة على أن المطلوب منه ليس فقط نقل التصريح الشفوي لموكله ، بل إجراء تصريح صحيح بعد العلم بمحله والقيام بالتحقيق الضروري .

ونصت الفقرة الأخيرة من الفصل 222 من مدونة الجمارك على عدم تطبيق عقوبة الحبس على موقعي التصريحات في حالة عدم ثبوت ارتكابهم خطأ شخصيا ومتعمدا، وهذا الاستثناء الذي لم يكن يتضمنه النص الأصلي للفصل 222 ، فيه حماية لحريات الأشخاص وتخفيف لقسوة افتراض المسؤولية من حيث الجزاءات المطبقة. وبالنسبة للمعشرين اشترطت نفس الفقرة لعدم تطبيق العقوبة الحبسية أن يتبين أنهم اقتصروا على نقل المعلومات التي حصلوا عليها من طرف موكليهم، وبأن ليس لهم أي سبب معقول من شأنه التشكك في صدق وصحة هذه المعلومات . وإذا كان الشرط الأول يوجب على المعشر إثبات المعلومات السابقة التي حصل عليها من الموكل بجميع الوسائل ، فإن الشرط الثاني ليس له في نظرنا معنى معياري محدد ، ويتنافى مع ما يقتضيه مبدأ الشرعية في المادة الجنائية من صياغة دقيقة وواضحة للنصوص الزجرية .

 

3- مسؤولية المؤتمن ׃

ينص الفصل 222/ ب من مدونة الجمارك على أن المؤتمنين مسؤولون جنائيا عن عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات الجمركية المنجزة بتعليمات منهم . والمؤتمن هو الشخص الذي يكلف أحد مستخدميه بإجراء عمليات جمركية لحسابه ، حيث يكون مسؤولا عن الجنح والمخالفات التي يرتكبها المستخدم . ونذكر هنا بأن الفصل 67 من المدونة يعطي لمالك البضائع إمكانية أن يخول بتوكيل منه جميع السلطات إلى الوكيل العامل في خدمته دون سواه للتصريح نيابة عنه .

ونرى أن هذه الحالة تشكل مثالا بينا للمسؤولية الجنائية عن فعل الغير رغم انتقاد البعض لهذا التعبير (1) ، إذ أن قيام مسؤولية  المؤتمن غير مرتبط بثبوت خطأ في حقه . وإذا كان عدم ارتكابه لخطإ شخصي متعمد لا يسمح بتطبيق عقوبة الحبس عليه ، فهو لا يمنع من الحكم عليه بالغرامات والمصادرات . وبطبيعة الحال فإن إلقاء المسؤولية على المؤتمن لا يمنع من متابعة المستخدم .

 

4 – مسؤولية المتعهد ׃

ينص الفصل 222 / ت من مدونة الجمارك بأن المتعهدين مسؤولون جنائيا في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الموقعــــة مـــن طرفهــم . والمتعهـــد             (le soumissionnaire)في ميدان الأنظمة الاقتصادية الخاصة بالجمرك يلتزم بالامتثال لأحكام القوانين والأنظمة والمقررات الخاصة بالنظام الجمركي الموقف الذي تم على أساسه التصريح بالبضائع ، ويستفيد بالمقابل من وقف الرسوم والمكوس ووقف تطبيق الحظر والقيود الكمية المفروضة عند الاستيراد أو التصدير . ويضمن التزام المتعهد في² سند الاعفاء مقابل كفالة² الذي يعتبر بمثابة عقد رسمي صحيح يعتمد على بنوده حتى يطعن في صحتها )الفصل 116-2 من مدونة الجمارك (.

ويرجع في تحديد التزامات المتعهد التي تترتب مسؤوليته الجنائية عن عدم تنفيذها إلى النظام القانوني لكل نوع من الأنظمة الاقتصادية المحدد بمقتضى مدونة الجمارك ومرسوم 9 أكتوبر 1977 الصادر بتطبيقها وقرارات وزير المالية(2). وسنتناول لاحقا عند دراسة أحكام التضامن حدود مسؤولية الكفيل ) ( la caution عند عدم تنفيذ المتعهد لالتزاماته .

 

5- مسؤولية الناقل وربان السفينة وقائد الطائرة ׃

وضع الفصل 223 من مدونة الجمارك قرينة المسؤولية على ناقل البضاعة المرتكب الغش بشأنها لا فرق بين الناقلين العموميين أو الخصوصيين، وتقوم هذه المسؤولية بمجرد ضبط البضاعة على ظهر وسيلة النقل، من غير أن يكون من اللازم إثبات المساهمة الشخصية للناقل في الغش، وترتكز المسؤولية هنا على أساس التزام مفترض يقع على الناقل وهو مراقبة البضائع التي يتولى شحنها وتسليمها، لذلك فإنه يتحمل المسؤولية إذا برهن على أنه أدى بصفة قانونية واجباته المهنية بإثبات أن البضائع المرتكب الغش بشأنها قد أخفاها الغير في أماكن لا تجري عليها عادة مراقبته أو أنها أرسلت بحكم إرسالية يظهر أنها مشروعة وقانونية مع تمكينه الإدارة في هذه الحالة من متابعة مرتكب الغش بالكشف عن هوية المرسل أو المرسلة إليه البضائع .

وتطبيقا لهذه القواعد نستطيع القول إن مسؤولية الناقل لا تقوم إذا ضبطت البضاعة موضوع الغش على جسم المسافر أو في أمتعة موضوعة تحت حراستة ) كحقيبة اليد … ( ، وكذلك إذا اعترف المسافر بحيازة البضاعة، فهنا لا مجال لمتابعة الناقل مادام تبين الشخص المرتكب للغش .

وافترض الفصل 223 من المدونة كذلك، المسؤولية في ربان السفينة وقائد الطائرة فيما يخص الإغفالات والمعلومات غير الصحيحة الملاحظة في بياناتهم (les manifestes) ، وبصفة عامة فيما يخص الجنح أو المخالفات الجمركية المرتكبة على ظهر السفينة أو الطائرة، لكن المسؤولية لاتقوم إذا أثبت الربان أو القائد أنهما قاما بجميع واجباتهما في الحراسة، أو إذا اكتشف مرتكب الغش أو ثبت أن أعطابا هامة استلزمت تغيير الطريق بشرط تسجيل هذه الحوادث بيوميات الباخرة أو الطائرة قبل معاينة أعوان الإدارة، كما أن ربان السفينة لا يتحمل المسؤولية إذا تبين أنه نقل بأمانة جميع البيانات المصرح بها من طرف الشاحن، وبأن ليس له أي سبب معقول للتشكك في صدق وصحة المعلومات الواردة في سند الشحن في الميناء الذي تم به شحن البضائع .

ب – المشاركة في الجريمة الجمركية ومفهوم المصلحة في الغش ׃

تقليديا يرتكز العقاب على المشاركة في الجريمة على فكرة استعارة التجريم، فالصفة الإجرامية للأعمال التي يأتيها المشارك تنتقل إليها عبر إجرام الفاعل الأصلي (1) ، لذلك كان الركن المعنوي شرطا ضروريا لقيام الاشتراك المعاقب عليه قانونا أي العلم بالفعل الأصلي وإرادة إحداثه . والملاحظ أن القانون الجمركي الذي وضع افتراضات للمسؤولية الجنائية في حق الفاعلين الأصليين للجريمة الجمركية مقصيا الركن المعنوي من عناصر تكوينها، عاد في مادة المشاركة ليتبنى القواعد العامة . وهكذا أحال الفصل 221 من مدونة الجمارك صراحة على القانون الجنائي في تحديد حالات قيام المشاركة وفي العقاب عنها، وبالتالي فالمشاركة لا تفترض في القانون الجمركي.

لكن القانون الجمركي لم يكتف بتبني نظام المشاركة المقرر في القانون الجنائي، وإنما أضاف صورا أخرى تتحقق بها المشاركة مع اشتراطه أن تكون الأفعال التي أتى على ذكرها تمت عن علم، وهذه الأفعال هي ׃

– التحريض المباشر على ارتكاب الغش أو تسهيل ارتكابه بأية وسيلة من الوسائل .

– شراء أو حيازة بضائع ارتكب الغش بشأنها .

– ستر تصرفات مرتكبي الغش أو محاولة جعلهم في مأمن من العقاب .

وإذا كان فعل التحريض على ارتكاب الغش وتسهيله مذكور في الفصل 129 من القانون الجنائي، ولم يكن من اللازم إعادة التنصيص عليه مادام أن الفصل 221 من مدونة الجمارك أحال على الأحكام العامة، فإن باقي الحالات تمثل تميزا واضحا عن هذه الأحكام . وهكذا فالثابت فقها وقضاء أن فعل الاشتراك يجب أن يكون سابق عن الجريمة أو معاصرا لها (1) ، لكن في القانون الجمركي تتحقق المشاركة بارتكاب أحد الأفعال اللاحقة للجريمة الجمركية المحددة في الفصل 221 من مدونة الجمارك.

ويثير فعل حيازة بضائع أرتكب الغش بشأنها مشكلة خاصة، ذلك أن الفصل 221 يشترط صراحة لقيام المشاركة في هذه الحالة عنصر العلم، في حين أن الفصل 223 من مدونة الجمارك يفترض المسؤولية الجنائية للحائز أي لا يتعين على النيابة العامة أو إدارة الجمارك إثبات سوء نيته (2) . ويبدو أن الحيازة المعاقبة هنا تقتصر على الحالة التي يكون فيها واضع اليد على البضاعة هو غير مرتكب الغش، ويجب بالتالي أن يثبت انتقال الحيازة لكي يتابع الحائز كمشارك، ويستند هذا الرأي إلى أن قصد المشرع هنا قياسا على حالة شراء البضائع المرتكب الغش بشأنها هو تجريم الأفعال اللاحقة لفعل الغش الأصلي،واعتبارها مشاركة في الجريمة الجمركية بالمفهوم الاقتصادي بالاشتراك في ترويج البضائع المتحصلة من الغش وتشجيع أفعال التهريب بصفة غير مباشرة .

ولما كان المشاركة في الجريمة في القواعد العامة تضيق عن مراعاة خصوصية المادة الجمركية، وتعقد المعاملات التجارية الدولية. فإن القانون الجمركــــــي أدخل مفهوما جديدا هو المصلحة في الغش        «l’intéressement à la fraude» ، وهكذا قرر الفصل 221 من مدونة الجمارك على أنه تطبق على الأشخاص الدائنين أو المعنويين الذين لهم مصلحة في الغش العقوبات والتدابير الاحتياطية المطبقة على الفاعلين الرئيسيين للجريمة الجمركية، وأضاف بأنه يعتبر شخصا ذا مصلحة في الغش ׃

– الذين قاموا عن علم بتحويل عملية الغش .

– ومالكو البضائع المرتكب الغش بشأنها .

ويثير هذا النص منذ البداية مشكلة ما إذا كانت حالتا المصلحة في الغش المذكورتين في الفصل 221 محددتين على وجه الحصر . رغم اضطراب صياغة الفصل بحيث قررت الفقرة الثانية مبدأ عقاب الأشخاص الذين لهم مصلحة في الغش، ثم ذكرت الفقرة الرابعة حالتين لها مما قد يدل على أنه تحديد غير حصري، فإننا ننحاز إلى الرأي المخالف تمسكا بمبدإ الشرعية الذي لا ينبغي أن يترك معه لسلطان القاضي تحديد الأفعال المجرمة . نقول هذا الرأي رغم أن القانون الجمركي قليل الاعتبار للمبادئ العامة، ورغم أن المادة 399 من مدونة الجمارك الفرنسية – التي تكون المصدر المادي للفصل 221 – أخذت اتجاها مخالفا بتعريفها للأشخاص ذوي المصلحة في الغش بأنهم الذين اشتركوا بأية كيفية كانت في جنحة التهريب أو الاستيراد أو التصدير بدون تصريح، وذكرها لحالات المصلحة في الغش التي ختمتها بعبارة ²وبصفة عامة كل من له مصلحة مباشرة في الغش²، مما يدل على أن الحالات المذكورة واردة على سبيل المثال.

وإذا كان الفصل 221 من مدونة الجمارك اشترط العلم لتجريم فعل تمويل عملية الغش، فإن وضع مالكي البضائع المرتكب الغش بشأنها يبدوا مختلفا، إذا لم ينص على العلم لقيام مسؤوليتهم . ويمكن تفسير ذلك بأن مالك البضاعة يقدم دون شك وسائل لارتكاب الجريمة الجمركية، وهو المستفيد الرئيسي منها . لذلك خرج القانون الجمركي عن حكم القواعد العامة التي لا تجيز تقرير مسؤولية مالك البضاعة لمجرد أنه مالك، وراعي الوضعيات الواقعية في المبادلات التجارية الدولية، لكن افتراض المسؤولية لا يمنع من نفيها ولو بشروط مشددة .

ج- نفي المسؤولية

إذا كان القانون الجمركي وضع نظاما مشددا للمسؤولية الجنائية، بافتراض مسؤولية الأشخاص المحددين في الفصلين 222 و 223 من مدونة الجمارك، واعتباره مالك البضائع المرتكب الغش بشأنها ذا مصلحة في الغش تطبق عليه العقوبات المقررة في المادة الجمركية، فإنه إلى جانب ذلك قرر المسؤولية المدنية للأشخاص المبينين في الفصل 85 من ق.ل.ع. ولمالكي البضائع ووسائل النقل عن فعل مستخدميهم(1) وألزمهم الفصل 229 من مدونة الجمارك بتحمل الرسوم والمكوس والمصادرات والغرامات والمصاريف .

ولقد خفف المشرع من قسوة نظام المسؤولية في المادة الجمركية بتقريره عدم تطبيق العقوبة الحبسية في حالة عدم ثبوت خطأ متعمد في حق الشخص المتابع )الفصلين 222 و 226 من مدونة الجمارك(، وتمكينه للمعشر والناقل وربان السفينة وقائد الطائرة من نفي مسؤوليتهم وفق الشروط المحددة في الفصلين 222 و 223 من مدونة الجمارك والتي سبق دراستها . لكن أهم سببين لنفي المسؤولية الجنائية والمدنية في المادة الجمركية هما القوة القاهرة )1 (والمسؤولية الشخصية للمستخدم )2( .

1 – القوة القاهرة

يتجلى من الفصول 222 و 223 و224 و 226 من مدونة الجمارك أن المسؤولية الجنائية للفاعل في المادة الجمركية متدرجة، فإذا أثبت حالة القوة القاهرة، انتفت مسؤوليته، وإذا ثبت ارتكابه خطأ متعمدا، كانت العقوبة الحبسية من ضمن العقوبات المطبقة عليه، وإذا لم يثبت الفاعل حالة القوة القاهرة، وفي الوقت عينه لم يثبت ارتكابه خطأ متعمدا، لا تنتفي مسؤوليته الجنائية، لكن في هذه الحالة لا يجوز الحكم عليه سوى بالغرامات والمصادرات . هذه المسؤولية المتدرجة والتي يمكن أن نضيف إليها حالة رابعة هي وجود عناصر تثبت حسن نية مرتكب الجريمة الجمركية، والتي يمكن للمحكمة عندها تمتيعه بظروف التخفيف )الفصل 257 مكرر من مدونة الجمارك (، تثير مشكلة عدم الانسجام مع القانون العام . وهكذا في قضايا المخدرات، عند متابعة الفاعل بجنحة حيازة المخدرات طبقا للفصل 2 من ظهير 21/5/1974 وبجنحة الحيازة غير المبررة للمخدرات طبقا للفصل 279 مكرر مرتين من مدونة الجمارك، فإن المحكمة عند البت في جنحة الحق العام، إما أن يثبت لديها القصد الجنائي أو لا يثبت، وتبعا لذلك تدين الشخص المتابع أو تبرئه، في حين أن عدم ثبوت القصد الجنائي لا يمنع من إدانته من أجل الجنحة الجمركية، ولو أنه يمتنع على المحكمة الحكم عليه بعقوبة حبسية في هذه الحالة . وإذا كانت بعض أحكام محاكم الموضوع تصرح بعدم الاختصاص للبت في طلبات إدارة الجمارك تطبيقا للمادة 389 من ق.م.ج، عند الحكم بالبراءة من جنحة الحق العام فإن مركز إدارة الجمارك في نظرنا يختلف عن مركز المطالب بالحق المدني (1) ، وبراءة الشخص المتابع من جنحة حيازة المخدرات لا يوجب حتما براءته من الجنحة الجمركية ما لم تثبت المحكمة قيام حالة القوة القاهرة، ويتعين عليها إبراز عناصر هذه الحالة في حكمها وإلا كان معيب التعليل .

وعلى سبيل المقارنة، فمشكلة عدم الانسجام غير مطروحة في مدونة الجمارك الفرنسية، والتي لم تعتبر الجنحة الجمركية المتعلقة بالمخدرات قائمة، إلا عند خرق التشريع العام المتعلق بها )المادة 415( .

وقبل الحديث عن مفهوم القوة القاهرة التي تنفي المسؤولية الجنائية في المادة الجمركية )الفصل 224 من المدونة (، نشير إلى أن المشرع اشترط إثباتها بكيفية دقيقة، وهذا توجيه للقاضي من أجل التشدد في الإثبات . ولا شك أن تحديد القوة القاهرة يقودنا إلى الفصل 269 من ق.ل.ع الذي يعتبر القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان توقعه ودفعه، وأن لا يكون السبب المكون لها ناتجا عن خطأ سابق (1) . وهكذا يتعين على الشخص المتابع من أجل جريمة جمركية لنفي قرنية المسؤولية إثبات أمر غير متوقع وغير ممكن الدفع، غير ناتج عن خطئه بمعنى أن يكون الأمر خارجيا، وهولا يتحقق بمجرد حسن النية، فهو لئن كان يحيز منح الشخص المتابع ظروف التخفيف طبقا للفصل 257 مكرر من مدونة الجمارك، فهو لا ينفي المسؤولية . وبالتالي فثبوت عدم العلم وانعدام القصد الجرمي لا يكفيان لدحض قرينة المسؤولية الجنائية، وبذلك يكون القانون الجمركي قد أخذ منحى جد متشدد يجعل قرينة المسؤولية شبه مطلقة .

وتطبيقا لهذه المبادئ أكد المجلس الأعلى في قرار مؤرخ في 13/4/2005 (2) أنه لا يمكن دحض المسؤولية الجنائية المفترضة في حق الأشخاص الموجودة في حوزتهم البضائع المرتكب الغش بشأنها، إلا بالإثبات الدقيق لحالة قوة قاهرة عملا بمقتضيات الفصل 224 من مدونة الجمارك، وأن اعتماد محكمة الاستئناف على مجرد إنكار المطلوب للمنسوب إليه للحكم ببراءته يجعل قرارها مشربا بسوء التعليل .

وجاء في حكم للمحكمة الابتدائية بالناظور (3) مؤرخ في 5/1/2006 ما يلي׃

« حيث إنه بمقتضى الفصلين 223 و 224 من مدونة الجمارك، فإنه يفترض في الشخص الموجودة في حوزته البضاعة المرتكب الغش بشأنها أنه مسؤول جنائيا ولا يدحض هذه القرينة القانونية إلا الإثبات الدقيق لحالة قوة قاهرة ؛

 

وحيث إن حالة القوة القاهرة تتحقق إذا كان الحائز يحرز البضاعة بمقتضى سند يعتقد بكيفية مشروعة أنه مطابق، وقام بما يفرضه عليه القانون من التزامات؛

وحيث إن البين من وقائع القضية أن الظنين اشترى السيارة المحجوزة، وأخضعها للفحص التقني بتاريخ 22/12/2005 وحصل على الشهادة المتطلبة قانونا، ثم سجل عقد البيع وحصل على الورقة الرمادية في اسمه بتاريخ 26/12/2006 ؛

وحيث إن الظنين ينكر في جميع المراحل علمه بإتلاف الإطار الحديدي للسيارة، لذلك فإن ما عاينه أعوان الجمارك من تغيير هذا الرقم يشكل بالنسبة له حالة قوة قاهرة غير متوقعة، لذا وجب الحكم ببراءته من الجنحة الجمركية المنسوبة إليه .. ».

وبعد الطعن في هذا الحكم ألغته محكمة الاستئناف بالناظور بمقتضى قرارها المؤرخ في 16/11/2006 (1) مؤسسة قرارها على ׃ «أن الظنين يفترض فيه حسب مقتضيات الفصل 223 من مدونة الجمارك على أنه مسؤول جنائيا عن حيازة للسيارة المزورة والمرتكب الغش بشأنها، وأن ادعاء المحكمة الابتدائية بأن اكتشاف التزوير في السيارة يشكل قوة قاهرة بالنسبة للظنين هو ادعاء غير سليم باعتبار أن الملف لا يتوفر على أية قوة قاهرة لإبعاد المسؤولية الجنائية عن المتهم بشأن حيازته للسيارة المزورة … ».

وبصرف النظر عن اختلاف الحكم الابتدائي وقرار محكمة الاستئناف في تحديد عناصر القوة القاهرة التي تنفي المسؤولية الجنائية، نسجل أن حكم محكمة الدرجة الأولى حاول تقريب مفهوم القوة القاهرة من مفهوم حسن النية، وشرط عدم التوقع في المفهوم الأول من شرط عدم العلم في المفهوم الثاني، دون اشتراط أن تكون القوة القاهرة حادثا خارجيا، وربما أمكن تفسير هذا التوجه بالرغبة في التخفيف من قسوة النص الذي يبدو غير ملائم للواقع ولقواعد العدالة . والرجوع إلى أحكام القواعد العامة المبنية على قوة في المنطق تجعل من الصعب إزاحتها . وبالفعل، إذا ثبت عدم علم حائز البضاعة بالطابع الجرمي لسلوكه، وانعدام قصد مخالفة التشريع الجمركي لديه ، والتزم بما يفرضه عليه القانون، فما هو الأساس المنطقي لتقرير مسؤوليته الجنائية في هذه الحالة ؟

يبدو أن خصوصية القانون الجمركي لا تعطينا جواب مقنعا، إذ مع ثبوت انعدام العلم والإرادة لدى الشخص المتابع وثبوت عدم خرقه التزاما قانونيا سابقا، يكون أساس العقاب منعدما، وتقرير المسؤولية غير معقول . ونذكر هنا بما قررته المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان – في قرارها المذكور سابقا – من أن شرط عدم انتهاك الافتراضات القانونية للمسؤولية لقرنية البراءة هو تقييدها بحدود معقولة، والسماح للشخص المتابع بنفيها. لذلك نرى من الملائم تعديل نص الفصل 224 من مدونة الجمارك بتقرير إمكانية نفي المسؤولية في جرائم حيازة ونقل البضائع المرتكب الغش بشأنها إذا ثبت حسن نية الشخص المتابع . ويستند هذا الاقتراح على أن القوة القاهرة بمفهوم الحادث الخارجي غير المتوقع وغير الممكن دفعه لا تجد سوى تطبيقات محدودة في الواقع، لهذا فإن المحاكم كثيرا ما تنفي المسؤولية عن حائز البضاعة رغم عدم تحقق حالة القوة القاهرة بدقة، وهكذا قضي ببراءة حائز بضائع في مستودع لم يدل بمستندات حيازتها بعد أن تبين أنه مجرد حارس، وأن مالك البضائع حضر لإدارة الجمارك بمجرد علمه بواقعة تفتيش مستودعه، وقدم الوثائق المبررة للحيازة (1) ، كما قضي ببراءة ميكانيكي حائز لسيارة خارج محل عمله، بعد أن ثبت أن سبب عدم إدلائه بوثائقها راجع إلى أنها كانت عند مكتري السيارة الذي احتفظ بها (2) .

وإذا كان المجلس الأعلى أضاف في أحد قراراته (3) حالتي حسن النية والجهل بالغش لأسباب نفي المسؤولية المفترضة، فيبدو أن ذلك لا يعكس توجها ثابتا له، خاصة أن الحالتين المضافتين وردتا في تعليل محكمة الاستئناف الذي اعتبر المجلس أنه لم يخرق أي مقتضى قانوني . وفي ظل الوضعية المالية للنصوص، يبدو أن القوة القاهرة وحدها هي التي تنفي قرينة المسؤولية بدليل صيغة النفي والاستثناء المعتمدة في الفصل 224 من مدونة الجمارك، وأثر ثبوت حسن النية  يقتصر على تخفيض العقوبات المحكوم بها طبقا للفصل 257 مكرر من نفس المدونة لا نفي المسؤولية بالمرة .

وكيفما كان الحال، فإن الحالات الواقعية التي عرضناها تفرض- في انتظار تعديل النص- تفسير القوة القاهرة تفسيرا ضيقا بالاقتصار على شرط وحيد هو أن يكون السبب المثار خارجا عن إرادة الشخص المتابع، وهذا التفسير يتسع ليشمل حالات السرقة وحوادث المرور والحجز والضياع …إلخ .

ونشير أخيرا إلى أن تحقق القوة القاهرة لئن كان ينفي المسؤولية الجنائية، فهو لا يلغي حق الإدارة في استيفاء الرسوم الجمركية (1)

2- المسؤولية الشخصية للمستخدم

إن أحكام مسؤولية المشغل ومالك وسيلة النقل عن فعل مستخدمه وحدود شموله بالمصادرات وتحمله للعقوبات المالية يضبطها الفصلان 212 و 229 من مدونة الجمارك . والملاحظ أن صياغة الفصلين قبل تعديلهما بالقانون رقم 02/99 كانت تؤدي إلى نوع من الاضطراب في استخلاص النتائج القانونية، فقد كان الفصل 212 يقضي بمصادرة وسيلة النقل ولو كانت ملكا لشخص أجنبي عن الغش إذا ارتكب هذا الغش من طرف الشخص المكلف بسياقتها. بالمقابل كان الفصل 229 يقرر المسؤولية المدنية للمشغل عن فعل مستخدمه ، ويحيل في الوقت عينه على الفصل 85 من ق.ل.ع ، ومن الطبيعي أن تقيد المسؤولية في هذه الحالة بالحدود التي يقررها القانون المدني والذي يجعل المشغل غيــــر مسؤول عنــد تجـــاوز التابع لوظائفــه abus ou dépassement de fonctions ) (، لذلك قرر المجلس الأعلى في أحد قراراته (2) أنه إذا كان الفصل 229 من مدونة الجمارك يعتبر المشغل وكذا مالك الناقلة مسؤولا مدنيا عن فعل مستخدميه فيما يخص الرسوم والمكوس والمصادرات والغرامات والمصاريف، فإن ذلك مشروط بارتكاب المستخدم للمخالفة الجمركية في نظام المهام والأعمال التي كلفه بها . وفي ذات القرار أكد المجلس الأعلى وجوب مصادرة وسيلة النقل إعمالا للفصل 212 من مدونة الجمارك مادام مرتكب الغش مكلفا بسياقتها بصرف النظر عن حسن نية المشغل.

 

ويبدو من دراسة القواعد التي كانت مقررة بنصوص مدونة الجمارك ومن التطبيق القضائي لها أن أحكام مسؤولية المشغل عن فعل مستخدمه كانت تفتقد الانسجام الضروري، فرغم الإقرار بعدم مسؤولية المشغل جنائيا ومدنيا كان يطبق عليه بتدبير المصادرة .

ورب قائل إن تقييد مسؤولية المشغل بارتكاب المستخدم للمخالفة الجمركية في نطاق المهام والأعمال المكلفة بها، إنما يمكن استخلاصه من إحالة الفقرة أ من الفصل 229 من مدونة الجمارك على الفصل 85 من ق.ل.ع، في حين أن الفقرة ب المتعلقة بمسؤولية مالك وسيلة النقل عن فعل مستخدمه لم تكن تقيدها بأي حد، مما يعني أن استخدام وسيلة النقل في المخالفة الجمركية كان يخضع لأحكام موحدة في الفصلين 212 و 229 معا . نقول رغم ما قد يكون في هذا التأويل من وجاهة، فإن ذلك لا يمنع من ملاحظة عدم انسجام النصوص، وبالتالي عدم انسجام الحلول المطبقة، فما هو مبرر إفراد وسيلة النقل بأحكام خاصة ولماذا تطبق المصادرة على المشغل رغم الحكم بانعدام مسؤوليته الجنائية والمدنية ؟

يبدو أن هذه الاعتبارات هي التي دفعت إلى تعديل الفصلين 212 و 229 من مدونة الجمارك وإضافة الفصل 229 مكرر، وهكذا قرر الفصل 212 المعدل عدم تطبيق جزاء المصادرة – في حالة ارتكاب الجريمة من طرف الشخص المكلف بسياقة وسيلة النقل – إذا أثبت مالك الناقلة أن الشخص المتابع تصرف بدون إذن منه خارج إطار الوظائف الموكولة إليه. كما قرر الفصل 229 أن المسؤولية المدنية لمالك وسيلة النقل لا تكون قائمة إذا أثبتت المسؤولية الشخصية للمستخدم المكلف بالسياقة . ويحسب لهذه التعديلات توحيدها لأحكام مسؤولية المشغل في مدونة الجمارك، واعتمادها للقواعد العامة المقررة في قانون المسؤولية المدنية .

لكن تطبيق هذه الأحكام يثير واحدة من المشاكل المعقدة في قانون المسؤولية، وهي متى تقوم مسؤولية المشغل ومتى تقوم المسؤولية الشخصية للمستخدم؟

من المعلوم أن هذه المسألة كانت محل اختلافات فقهية ومراجعات قضائية مستمرة (1) ،ويتنازع الحلول المقررة في هذا المجال معياران اثنان ׃ معيار موضوعي يركز على ارتكاب الفعل المسبب للضرر في ساعات وأماكن العمل المحددة من طرف المشغل، بالوسائل المسلمة من طرفه (2) ، ومعيار ذاتي يبحث في وجود إرادة لدى التابع في العمل لحساب ومصلحة المشغل (3) ، وانتهت محكمة النقض الفرنسية في قرارين مؤرخين في 17 يونيو 1983 و 19 مايو 1988 صادرين عن غرفها مجتمعة إلى تقرير أن المشغل يعفى من المسؤولية إذا تصرف التابع خارج الوظائف التي شغل فيها دون إذن، ولغايات أجنبية عن مهامه (4). ويبدو أن هذه العناصر الثلاثة ׃ التجاوز الموضوعي للوظائف وانعدام الإذن والغاية الأجنبية عن المهام هي التي اعتمدتها – بصفة عامة – مدونة الجمارك في الفصل 212 ،وحصرتها في عنصرين اثنين ׃انعدام إذن المشغل والتصرف خارج إطار الوظائف الموكولة للمستخدم . ونقول إن هذين العنصرين هما الواجب اعتمادهما لتحديد قيام المسؤولية الشخصية للمستخدم وفقا للفصل 229 من مدونة الجمارك من عدمها .

وإذا كان عبء إثبات عنصري نفي المسؤولية يقع على المشغل،فالملاحظ أن عنصر انعدام الإذن هو واقعة سلبية تستعصي على الإثبات، وربما لهذا السبب لم يكن الفصل 229 من مدونة الجمارك صريحا في وضع عبء الإثبات على عاتق المشغل خلافا للفصل 212 منها . ومن الناحية العملية ،فإن القاضي يستخلص من تصريحات الأطراف و من واقع القضية ما يؤكد وجود هذا الإذن الصريح أو الضمني أو ينفيه، وبالتالي فهو مسألة واقع يستقل بتقديره .

وبخصوص عنصر التصرف خارج الوظيفة، فهو كذلك يرجع لتقدير محكمة الموضوع، ويلاحظ في الممارسة المهنية أن كثيرا من المشغلين يبرمون اتفاقات مع مستخدمهم المكلفين بالسياقة تحدد مهامهم ومسؤوليتهم . وبصدد القيمة القانونية لهذه الاتفاقات ورد في قرار للمجلس الأعلى مايلي(1) ׃

² وحيث يتجلى من القرار المطعون فيه أنه قضى بإرجاع الشاحنة التي ضبطت في ارتكاب التهريب إلى مالكها بعلة أن المتهم اعترف خلال مرحلة الاستئناف بأنه وقع على التزام يحمله كافة المسؤولية عما يقع له من حوادث ومخالفات قانونية، وأن الفقرة الأخيرة من الفصل 229 من مدونة الجمارك تستثني مسؤولية مالك وسيلة النقل عن فعل مستخدمه في حالة وحيدة، وهي إذا أثبت مالك الناقلة المسؤولية الشخصية للمستخدم المكلف بالسياقة ،وهو الأمر الثابت في النازلة بمقتضى الالتزام المصادق على توقيعه من قبل المتهم دون أن تبرز المحكمة المصدرة للقرار المذكور أن مالك الناقلة قد أثبت بأن المكلف بالسياقة الذي قام بارتكاب المخالفة الجمركية بدون إذن منه قد تصرف خارج إطار الوظائف الموكولة إليه علما بأن الالتزام الموقع من طرف المتهم لا يمكن اعتباره حجة ضد طرف ثالث مما يكون معه القرار المطعون فيه قد بني على غير أساس قانوني سليم …² .

ويبدو أن ماذهب إليه هذا القرار لا يعكس موقفا ثابتا للمجلس الأعلى، مادام لم تصدر – على حد علمنا – قرارات تتبنى التوجه ذاته . ونرى أن هذا القرار الذي ارتكز على مبدأ نسبية آثار الالتزامات بني على تحليل مدني صرف غير ملائم في نظرنا لطبيعة المنازعة المثارة . صحيح أن القانون هو الذي يحدد حالات المسؤولية، لكن لاينبغي استبعاد الاتفاقات المبرمة بين مالك وسيلة النقل ومستخدمه أو بين المالك ومكتري الناقلة دون مبرر مقبول، ذلك أن المالك وهو يستدل بها، إنما يريد في الواقع أن يثبت الوظائف التي كلف بها المستخدم، والتي يكون الخروج عنها خطأ شخصيا لهذا الأخير لايسأل عنه المالك . ويبدو أن توجه القرار المستشهد به مخالف لروح الفصل 229 مكرر من مدونة الجمارك والذي سمح للمالك حسن النية باسترجاع وسيلة النقل إذا كان أبرم وفقا للقوانين والأنظمة المعمول بها، وحسب أعراف المهنة . عقدا للنقل مع مرتكب المخالفة الجمركية . ولا نرى مبررا للتميز بين عقد النقل وغيره من عقود الكراء أو الائتمان الايجاري أو الشغل .

وبطبيعة الحال، فإن الاتفاقات المبرمة بين المشغل، فقد تستعمل بقصد التحايل ليس غير، لذلك يرجع لمحكمة الموضوع تقدير قيمتها في الإثبات وهي تفصل في تجاوز المستخدم لوظائفه، ويمكن للنيابة العامة أو إدارة الجمارك إثبات عكسها بجميع الوسائل، وخاصة بإثبات علم مالك وسيلة النقل بالغش واستفادته منه .

ثانيا ׃ حجية محضر الجمارك في المعاينات المادية الفنية .

حددت مدونة الجمارك حجية المحاضرة المحررة لإثبات الجنح أو المخالفات الجمركية في الفصل 242 منها مقررة أن المحاضر المحررة من طرف عونين للإدارة أو أكثر يعتمد عليها في الإثباتات المادية المظمنة فيها إلى أن يطعن في حصتها، ويعتمد عليها في صحة وصدق الإقرارات والتصريحات المتلقات إلى أن يثبت مايخالفها . أما المحاضر المحررة من طرف عون واحد للإدارة فيعتمد عليها إلى أن يثبت مايخالفها، وكذا الشأن بالنسبة للمحاضر المحررة من طرف الأعوان محرري المحاضر التابعين لإدارات أخرى ما لم تكن هناك نصوص خاصة .

وإذا كان الفصل 242 قرر حجية مطلقة لمحاضر الجمارك – المحررة من طرف عونين للإدارة أو أكثر – في إثبات المعاينات المادية المحمية من كل منازعة أو طعن باستثناء الطعن بالتزوير وفق المسطرة المحددة في الفصل 244 فإن المشكلة التي أثيرت في تطبيق هذا الفصل هو تحديد مفهوم الإثباتات المادية المشمولة بهذه الحجية .

وإذا كان قيل في تعريف الإثباتات المادية بأنها "ماشاهده أو عاينه أعوان الجمارك كوقائع المخالفة وآثارها وكيفية ظبطها ووصف ظروف ومكان ارتكان الجنحة ونوع البضاعة وظروف إلقاء القبض إلى غير ذلك من الوقائع المادية" )1(، لذلك فإن الصعوبة تبقى قائمة دائما عند التطبيق . وحاول الإجتهاد القضائي وضع حدود للتميز بين الإثباتات المادية وغيرها، وهكذا قرر المجلس الأعلى )2( أن كمية البضاعة المثبتة في المحضر تعد من الإثباتات المادية التي لايمكن دحضها عن طريق الاستنتاج أو الخبرة . وقرر بالمقابل )3( أن ثبوت كون المتهمين كانا مجرد أجيرين لا يدخل ضمن الإثباتات المادية للمخالفة الجمركية المضمنة في تلك المحاضر، وإنما هي علاقة تبعية مستقلة يخضع إثباتها لحرية اقتناع محكمة الموضوع ويدخل في إطار سلطتها التقديرية . وذهبت محكمة الاستئناف بالناظور)4(إلى أن محضر الحجز المحرر من طرف أعوان الجمارك إذا كان يعتمد عليه في الإثبات من حيث حجز البضاعة ونوعها وكميتها ووزنها وغيرها من الوقائع المادية . ولايمكن الطعن فيه إلا بالزور، فإنه لايؤخذ به للقول بأن البضاعة مهربة باعتبار أن مايثبت بأن البضاعة مهربة هو انعدام السند القانوني لها وليس محضر الحجز .

وإذا كانت هذه الاجتهادات القضائية وضعت تحديدا لما يمكن اعتباره معاينة مادية، فقد ثار خلاف حول ما إذا كانت الحجية المقررة في الفصل 242 تشمل المعاينات ذات الطبيعة الفنية، وسنعرض موقف القضاء بخصوص هذه النقطة ) أ ( قبل أن ندلي برأينا في الموضوع ) ب ( .

أ – موقف القضاء .

إن الوقائع التي عرضت على القضاء تتعلق بما تتضمنه محاضر الحجز المحررة من طرف أعوان إدارة الجمارك من إثبات وقوع تغيير في أرقام الإطارات الحديدية)  (châssis للسيارات، وعلى أساس ذلك تتمسك الإدارة بأن الوثائق المدلى بها لتبرير الحيازة غير مطابقة، بالمقابل غالبا مايتمسك الأشخاص المتابعون بأن الأرقام المثبتة على الإطارات الحديدية صحيحة وأصلية، ويلتمسون الأمر بإجراء خبرة للتحقيق في هذه المسألة، على أساس أنها مسألة فنية صرفا، وبالتالي كان على القضاء الجواب عما إذا كانت الحجية المقررة للإثباتات المادية بمقتضى الفصل 242 من مدونة الجمارك تشمل الأمور الفنية أم لا .

على مستوى محاكم الموضوع، نسجل إختلافا بين محاكم تعتبر مسألة تغييرأرقام إطارات السيارات مسألة فنية، يمكن إثباتها أو نفيها بواسطة الخبرة، ولا تخضع بالتالي لما يورده أعوان إدارة الجمارك في محاضرهم للحجية المقررة في الفصل 242 من مدونة الجمارك . بالمقابل تعتبر محاكم أخرى أن ما تثبته المحاضر الجمركية من تزوير لرقم الهيكل لايمكن دحضه سوى بسلوك دعوى الزور، ولا يجوز الاعتماد على الخبرة الفنيه )1 (.

وانتقل الخلاف حول هذه النقطة إلى المجلس الأعلى الذي صدرت عنه قرارات متباينة في الموضوع . وهكذا أورد المجلس في جوابه على وسيلة النقض المتخذة من أن حجية محاضر أعوان الجمارك لاتسري على المسائل الفنية والتقنية التي تبقى من اختصاص الخبراء، أنه »طالما أن المحضر المحرر في شأن المخالفة الجمركية المنسوبة للطاعن قد تم إنجازه من طرف خمسة أعوان للجمرك، فإن الإثباتات المادية المضمنة بذلك المحضر تكتسي حجية مطلقة لايمكن دحضها إلا بالطعن بالزور وفق الكيفية والشروط المنصوص عليها في الفصل 242 من مدونة الجمارك، وتستوي في ذلك الإثباتات المادية الفنية وغيرها من الإثباتات ما دام أن الفصل 242 من نفس المدونة الذي قرر المشرع بمقتضاه تلك الحجية قد أتى مطلقا غير مقيد بضرورة أن تكون تلك الإثباتات غير فنية  أو تقنية« )2(. وسارت قرارات أخرى صادرة عن المجلس الأعلى في الاتجاه ذاته (3) .

.وعلى العكس من هذا،صدرت عن المجلس الأعلى قرارات سارت في اتجاه مخالف . وهكذا أورد المجلس جوابا على وسيلة النقض المتخذة من أن محضر الجمارك منجز من طرف ثلاثة أعوان ولا يسوغ للمحكمة معارضته بوسيلة أخرى كالخبرة استنادا للفصل 242 من مدونة الجمارك مايلي ׃ »ما دام أن الأمر يتعلق بمسألة فنية، فقد لجأت المحكمة إلى انتداب خبير للحسم في قضية التووير خلص في نهاية تقريره إلى أن السيارة موضوع القضية لن يطلها أي توزير . وأن أرقام هيكلها واضحة وصحيحة، ولم يطرأ عليها أي تغيير … وبذلك   قد استبعدت اعتراف الظنين أمام أعوان إدارة الجمارك لمخالفته للواقع،ولا جناح عليها في ذلك ما دام أن المادة 242 المستدل بها على النقض تنص على عدم الأخذ بمحضر أعوان الجمارك إذا ثبت ما يخالفه، وقد ثبت ذلك من خلال الخبرة الفنية التي لم يطعن فيها ممثل إدارة الجمارك .. «)1(

 

وجاء في قرار آخر׃ » لئن كان المحضر المتعلق بالقضية محررا من طرف ستة أعوان، فإن المسألة تقنية، ولا يمكن أن يثبت أو ينفي وقوع التزوير إلا ذوو الإختصاص في هذا الميدان .. « )2(

ب – محاولة تقييم ׃

إذا كان حسم الخلاف حول حدود حجية المحاضر المحررة لإثبات المعاينات المادية ذات الطبيعة الفنية، يقتضي إجتماع المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع غرفه 3)3(، فإننا نرى أن الاستيناد إلى صياغة الفصل 242 من مدونة الجمارك لا يعطي حلا سليما للمشكلة المثارة، فللقول بأن النص ورد مطلقا غير مقيد في تحديد الإثباتات المادية، لا يقتضي لزوما أن المشرع قصد إدخال المسائل التقنية ضمن الإثباتات المادية ذات الحجية المطلقة .

والواقع، أن الفصل 242 من مدونة الجمارك لما منع إثبات مايخالف المعاينات المادية بوسيلة غير الطعن بالتزوير، وخصص بالذكر شهادة الشهود كوسيلة لإثبات التزوير في الفصل 244، يكون قد اعتبر أن هذه المعاينات المثبتة من طرف عونين أو أكثر لايمكن أن تكون غير صحيحة إلا في حالة واحدة وهي وجود نية إجرامية لدى محرري المحضر في تغيير الحقيقة، ونقل ما يخالفها عن علم وإرادة . وبذلك فإن توسيع نطاق حجية المحاضر لتشمل الأمور الفنية هو في الحقيقة، تشديد لمسؤولية أعوان الجمارك بحيث يفترض فيهم معرفة معينة قد لا تكون موجودة عندهم؛ في حين أن قصد المشرع كان منصبا على الوقائع المادية التي تثير حواس أقل الأعوان حنكة وتبصرا ) 1(.

وفي خصوص الوقائع التي عرضت على القضاء والمتعلقة بتغيير أرقام هياكل السيارات، يلاحظ أنه لاخلاف بين جميع القرارات التي استشهدنا بها في أن هذه مسألة فنية صرف، وإذا كان الأمر كذلك فالفنيون وحدهم من يستطيع عند المنازعة الحسم فيها، وليس أعوان الجمارك الذين قد يعتمدون مؤشرات قابلة للخطأ في إثبات التزوير . وبالفعل فقد ثبت في عدة حالات عدم صحة الخلاصات التي إنتهى إليها أعوان الجمارك، بواسطة خبرات أمرت بها المحاكم، ولا نستطيع القول في جميع هذه الحالات إنه كان لدى محرري المحضر قصد جنائي بالتزوير . وفضلا عما ذكر، فإن أعوان إدارة الجمارك لايعاينون في هذه الحالة التزوير أو التغيير الذي يكون تم في الماضي، بل يستنتجون من وضع معين وقوع تزوير في رقم هيكل السيارة، وهذه مسألة تقديرية قد يختلف فيها أعوام الجمارك فيما بينهم، فبالأحرى أن تكون لها حجية مطلقة هذا، ولقد قررت مدونة الجمارك في الفصول 140 و163 و 192 اللجوء إلى الخبرة المراقبة وتحديد تركيب المنتجات، كما نصت المادة الأولى من قرار وزير المالية المؤرخ في 20 مارس 2002 )2( على أن كل نزاع يتعلق بنوع البضائع والمنتجات وتركيبها وجميع العناصر الأخرى المميزة لها، يمكن أن تحيله الإدارة قصد التحليل إلى كل مختبر ترى الإدارة فائدة في استشارته . وهذه النصوص تدل بوضوح على أن القانون افتراض في أعوان إدارة الجمارك عدم العلم بالأمور الفنية والتقنية، وإذا حق للإدارة اللجوء إلى الخبرة، فلماذا يمتنع على القضاء الاستعانة بها وعلى الأشخاص المتابعين المطالبة بها

والخلاصة أن الإثباتات المادية التي قصد الفصل 242 من مدونة الجمارك إعطاءها حجية مطلقة، هي المعاينات المنصبة على وقائع مادية مباشرة لا يتصور أن يختلف حولها أعوان الإدارة الأقل حنكة لا الإستنتاجات التقنية الخارجة عن معرفة أعوان إدارة الجمارك .

 

 

د- أحكام التضامن في القانون الجمركي

ينص الفصل 231 من مدونة الجمارك على أن جميع الأشخاص المحكوم عليهم من أجل ارتكابهم نفس الغش أو من أجل جنح آو مخالفات جمركية مرتبطة ، يلتزمون على وجه التضامن بالمصادرات آو المبالغ التي تقوم مقامها وكذا الغرامات و المصاريف، والحقيقة إن ـ|قرار التضامن بين الأشخاص المسؤولين في المادة الجمركية يرمي إلى ضمان استيفاء الإدارة للغرامات الجبائية المحكوم بها . والتي تكون في الواقع مرتفعة ، بحيث تعادل في الجنح الجمركية خمس مرات قيمة البضاعة ووسيلة النقل الفصلين 279 مكرر و 280 من مدونة الجمارك . وكانت هذه القيمة تحدد على أساس الحالة الجيدة للشيء في السوق قبل تعديل الفصل 219 من مدونة الجمارك للاقتصار على قيمة على حالته بتاريخ ارتكاب الغش .

وتأكيدا لقاعدة التضامن المقررة في الفصل 231 ، ينص الفصل 216 من مدونة الجمارك على أنه لا يحكم إلا بغرامة جبائية فريدة على جميع المشاركين في مخالفة جمركية . ففعل الغش الواحد لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الحكم بغرامة واحدة كيفما كان عدد المساهمين . وتظهر أهمية هذا المقتضى عند إجراء عدة متابعات ضد المساهمين أو المشاركين في جريمة جمركية واحدة، بحيث لا يمكن لإدارة الجمارك أن تحصل من نقس الغش سوى غرامة واحدة . واستثناء من هذه القاعدة يوجب الفصل 302 من مدونة الجمارك الحكم بغرامات فردية في مخالفة اعتراض المهام .

ويبدو أن إقرار الفصل 231 من مدونة الجمارك للتضامن في المصادرات بلا معنى، فالمصادرة هي نقل ملكية البضاعة أو وسيلة النقل لإدارة الجمارك، ولا يتصور أن تمس غير المالك المحكوم عليه لثبوت مسؤوليته الجنائية أو المدنية (1) ، لذلك كان من الواجب الاقتصار في تحديد نطاق التضامن على الغرامات التي تقوم مقام المصادرة الفصل 213 من مدونة الجمارك (2) و الغرامات والمصاريف . كما أن توسيع أثر التضامن ليشمل العقوبات المالية المحكوم بها من أجل جنح أو مخالفات جمركية مرتبطة، توسيع غير مبرر في نظرنا، فهو يعطي للارتباط أثرا موضوعيا يؤدي إلى تحمل العقوبات، خلافا للحكم العام الوارد في الفصل 255 من ق.م.ج والذي يقصر أثره على الاختصاص ليس غير . ونرى أن انتفاء المسؤولية عن الغش، يوجب بالضرورة عدم تحمل العقوبات المالية الناتجة عنه، لذلك ندعو إلى إلغاء هذا المقتضى المبني في الواقع على فرضية نادرة الحدوث والتطبيق .

واستثناء من المبدأ المقرر في الفصل 231 من مدونة الجمارك، فإن المحكمة إذا أخذت بظروف التخفيف بالنسبة لبعض المساهمين أو المشاركين في الجريمة الجمركية، فإنها تحكم على الأشخاص غير المستفيدين من ظروف التخفيف بالغرامات المالية التي يلزمون بها على وجه التضامن، ثم تحدد نطاق التضامن بالنسبة للأشخاص المستفيدين من ظروف التخفيف )الفصل 257 مكرر من مدونة الجمارك( .

وإلى جانب الحكم العام للتضامن المقرر في الفصل 231 من مدونة الجمارك، نص الفصل 288 منها على أن المودع وصاحب الامتياز في المستودع يتحملان على وجه التضامن أداء الغرامات والمصاريف، في حالة وجود بضائع في المستودع لا تستفيد من نظام المستودع لسبب غير سبب عدم صلاحيتها للحفظ جنحة جمركية منصوص عليها في الفصل 281-3 من مدونة الجمارك . كما يلزم الكفيل في الأنظمة الاقتصادية الخاصة بأداء الرسوم والمكوس والعقوبات المالية وغيرها من المبالغ الواجبة على المتعهدين الذين كفلوهم، في حالة عدم تنفيذ هؤلاء للالتزامات الخاصة بالجمرك )الفصل 230/1 من مدونة الجمارك(  . ويبدو أنه بتأثير من المؤسسات المالية التي رأت نفسها متضررة من تحميلها العقوبات المالية الناتجة عن عدم تنفيذ المتعهد لالتزاماته، وهي التي تقوم غالبا بدور الكفيل، أضيفت فقرة ثانية للفصل 230 من مدونة الجمارك نصت على أن الكفالات الممنوحة من طرف الأبناك أو شركات التأمين يمكن أن تشمل كلا أو جزءا من الرسوم والمكوس في حدود المبالغ المكفولة، وتبقى على عاتق الملزم الرئيسي فوائد التأخير ومجموع المبالغ المستحقة الأخرى وكذا العقوبات المالية المحتملة .

وهذا التعديل جعل الأبناك وشركات التأمين في مركز المدين الخاضع لأحكام الكفالة المقررة في ظهير الالتزامات والعقود، وهو تعديل تميزت به مدونة الجمارك المغربية عن المدونة الفرنسية المادتين 397 و 405 من مدونة الجمارك الفرنسية ، وبصرف النظر عن النقد المحتمل لأساس المسؤولية التضامنية للكفيل، يبدو هذا التعديل مخالفا للتوجه العام لأحكام المسؤولية في القانون الجمركي القائم على توسيع دائرة المسؤولين ضمانا لاستخلاص المبالغ المستحقة للخزينة العامة، ويمس بشكل واضح أحد المبادئ العامة للقانون، وهو مبدأ المساواة، فلماذا يتحمل الكفيل

أو أداء قيمة النقل لا ترجع للمحكمة ما دام المشرع جعلها موقوفة على طلب الإدارة، وما دامت هذه الأخيرة حددت مطالبها في مصادرة وسيلة النقل، فإن الحكم بغير ذلك فيه خرق لمقتضيات الفصل 213 ..

قرار عدد ׃ 144/2 مؤرخ في 28/1/2004 ملف جنحي عدد ׃ 18768/00 )غير منشور( .

العقوبات المالية إذا كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا غير الأبناك وشركات التأمين، ولا يتحملها إذا كان مؤسسة بنكية أو شركة تأمين؟

وإذا كان القانون المغربي انفرد بهذا التعديل المنتقد، فإنه كان سابقا إلى تقرير المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي مع صدور مجموعة القانون الجنائي الفصل 127 ، فإن القانون الفرنسي لم يقر بهذه المسؤولية إلا منذ سنة 1994 مع دخول القانون الجنائي الجديد حيز التنفيذ . وفي المادة الجمركية، ونظرا لغياب نص صريح، اعتمد الاجتهاد القضائي الفرنسي على أحكام التضامن لتقرير المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي (1) مستندا إلى المادة 407 من مدونة الجمارك التي تقضي بأن مالكي البضائع المرتكب الغش بشأنها، والمكلفين باستيرادها أو تصديرها، وذوي المصلحة في الغش، والمشاركون ملزمون بأداء الغرامة، والمبالغ التي تقوم مقام المصادرة و المصاريف .

 بالمقابل، نص الفصل 227 من مدونة الجمارك المغربية على أنه عندما ترتكب جنحة أو مخالفة جمركية من طرف المتصرفين أو المسيرين أو المديرين لشخص معنوي أو من طرف أحدهم العامل باسم ولحساب الشخص المعنوي يمكن بصرف النظر عن المتابعات المجرات ضدهم متابعة الشخص المعنوي  نفسه والحكم عليه بالعقوبات المالية والتدابير الاحتياطية المنصوص عليها في 3 و4 و6 من الفصل 220 .

وإذا كان المجال لا يتسع لدراسة المشكلات القانونية التي تثيرها المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنويين (1) فإنه يستفاد من الفصل 227 من مدونة الجمارك .

ثلاث قواعد أساسية في نظام المسؤولية ׃

– القاعدة الأولى ׃هي ضرورة ارتكاب الجنحة أو المخالفة الجمركية من طرف متصرفي أو مديري أو مسيري الشخص المعنوي أي من طرف الأشخاص الذين لهم سلطة تمثيل الشخص المعنوي . وقد يتعلق الأمر بشخص ذاتي واحد كما قرر الفصل 227 أو بهيئة مكونة من مجموعة من الأشخاص الذاتيين كمجلس الإدارة . وبناء على هذا فإن الأجير الذي لا يتمتع بسلطة التدبير أو التسيير لا يمكنه إثارة مسؤولية الشخص المعنوي .

–  القاعدة الثانية ׃ هي ضرورة ارتكاب الجريمة الجمركية باسم ولحساب الشخص المعنوي، وبالتالي فإن مسؤولية الشخص المعنوي لا تتقرر إذا ارتكب الفعل للمصلحة الخاصة لممثل الشخص المعنوي أو لفائدة طرف غير الشخص المعنوي . ولا يشترط تحقق ربح لفائدة الشخص المعنوي بل يكفي ارتكاب الجريمة لحسابه . وعلى سبيل المثال، فإن مخالفة اعتراض المهام الفصلين 32 و294 من مدونة الجمارك قد لا تحقق أي ربح مادي للشخص المعنوي،ومع ذلك فهو يسأل عنها إذا ارتكب من طرف ممثله لفائدته .

– القاعدة الثالثة ׃ هي أن تقرير المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي لا تمنع من متابعة الأشخاص الذاتيين المرتكبين للجنحة أو المخالفة الجمركية . وهذا تطبيق واضح لقاعدة الجمع بين المسؤوليتين .

ويبدو أن الفصل 227 اعترف للنيابة العامة ولإدارة الجمارك بسلطة تقديرية في متابعة الشخص المعنوي، لذلك عادة ما يتم الميل في الممارسة لمتابعة الأشخاص الذاتيين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(1)  ينص الفصل 65 من مدونة الجمارك على أنه يجب أن يقدم بشأن جميع البضائع المستوردة أو المقدمة للتصدير تصريح مفصل يعين لها نظاما جمركيا، وإن الإعفاء من الرسوم والمكوس عند الاستيراد أو التصدير لا يعفي من الوجوب المنصوص عليه في هذا الفصل .

للاطلاع على تطور القانون الجمركي بالمغرب يراجع ׃

– Moulay Larbi El Alaoui׃ le Droit Douanier ou Maroc- Genèse et évolution – Livres     Ibn Sina – Rabat –1996.

–     عبد العزيز لعراش ׃ النظام الجمركي ومسألة التنمية الاقتصادية بالمغرب  – أطروحة دكتوراه في القانون العام-  كلية الحقوق بالدار البيضاء- 1999 .)

(2)-  Jean-Marc Fédida׃  le contentieux douanier 1ére éd  P.U.F paris – 2001 –pp.37- 38

 

(3)  – لمزيد من التفاصيل ׃عبد الله اعرابن ׃العناصر الأساسية الواجب تضمينها في التصريح المفصل- أشغال اليوم الراسي حول موضوع التشريعات والتقنيات الجمركية- الرباط 2001- ص.25 وما بعدها .

(4) J .M. Fédida, op .cit. p .39.

(5) Ibid.

 

 

 

 

 

 

 

 

(6) – أورده محمد زلايجي ׃ جريمة التهريب الجمركي بين مشروعية أدلتها وملائمة جزاءاتها – مجلة المناظرة- العدد 4- ص. 135 .

 – منظمة العفو الدولية- دليل المحاكمات العادلة – الطبعة العربية الأولى- 2000 ص . 88 .(7 )

نفس المرجع- نفس الصفحة . (8)

 

 

(9) – عبد الرزاق السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني- المجلد التاسع – ص .803 .

    – محمد أوغريس ׃ جرائم المخدرات في التشريع المغربي- الطبعة الرابعة – دار القرويين- الدار البيضاء 2002- ص. 42 وما بعدها .

(10) –  قرار عدد ׃408/9 مؤرخ في 21/3/2001 ملف جنحي عدد ׃13682/99  )غير منشور(  .

(11) -Cass. Crim., 29 mai 1997, Bull .crim. nº: 214 p.699

– أورده ׃ عبد الله ولد، مدونة الجمارك مع اجتهاد القضاء المغربي والمقارن – الطبعة الأولى- مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء 2005- ص . 147.

(12)– عبد الرزاق بلقسح – المنازعات الجمركية الزجرية – مجلة المحاكم المغربية- العدد 87- ص. 86 .

(13) – راجع الموضوع بتفصيل عند ׃ إدريس المزدغي- بحث حول مطالب إدارة الجمارك في قضايا محاولة تصدير واستيراد المخدرات بدون تصريح والتظريات الفقهية والقضائية بشأن تلك المطالب- مجلة القضاء والقانون -العدد ׃146- ص. 180 وما بعدها .

(6) – قرار عدد 2/3 – مؤرخ في 2/1/2002- ملف عدد: 23432/99- منشور بمجلة القضاء والقانون- العدد׃145- ص.178 .

وانظر تعليق الأستاذ إدريس المزدغي عليه في العدد 146 من مجلة القضاء والقانون- ص.177 وما بعدها .

 

(1) – محمد الهيني ׃ تعديلات مدونة الجمارك في ميزان حقوق الإنسان ، مجلة القصر- العدد 2 – ص . 93 .

(2) – أوردت النص الكامل للقرار دون مراجعه ׃ ريمان عزيزة- المنازعات الجمركية – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة – كلية الحقوق بالدار البيضاء- 2000 ص . 113 وما بعدها .

(3) – النص الكامل للحكم وارد بالمرجع السابق دون مراجع- ص . 115 وما بعدها .

(1) – قرار عدد ׃ 5493/8 بتاريخ 28/10/1999 في الملف الجنحي عدد ׃ 11966/96 منشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 1999 .

(2) – قرار عدد: 905/4 مؤرخ في 26/07/2000 . أورده عبد الله ولد المرجع السابق ص.147

وأشار الأستاذ محمد الهيني في مقاله السابق ص.92  إلى قرار للمجلس الأعلى عدد: 822 بتاريخ 16/06/1981 ذهب في نفس الاتجاه .

(1)  – قرار رقم 1042 بتاريخ 12/2/2004 في الملف عدد׃02/2/04 ) غير منشور( .

(2) – ² en l’absence de dispositions prévoyant les mentions  qui doivent figurer  sur( les ) documents, il appartient aux juges du fond d’apprécier si le justificatif produit permet d’identifications de la marchandise …²

Cass.crim., 25 fév 1991. Bull . crim. nº95 p.236 .

أورده عبد الله ولد المرجع السابق ص .148 

(3)  –  قرار محكمة الاستئناف بالناظور عدد: 228 بتاريخ 15/02/2007 ملف جنحي عدد: 53/07 )غير منشور ( .

 

 

(1)- V . Moulay Larbi El Alaoui ,op . cit., p. 169 et S.

(2)  – ريمان عزيزة – المرجع السابق – ص . 24 حيث استدلت بقرار لمحكمة النقض الفرنسية مؤرخ في 3/11/1972 .

 

(1)  – محمد ملياني – القانون الجنائي العام- الطبعة الأولى– دار النشر الجسور– وجدة 2004 ص . 198 .

(2)  – يراجع ׃ عبد اللطيف ناصري ׃² إنعاش الاستثمارات الصناعية والإجراءات الجبائية والجمركية² رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة – كلية الحقوق – أكدال – الرباط 2001 ص . 191 وما بعدها .

 

 

(1) – عبد الحفيظ بلقاضي – مدخل إلى الأسس العامة للقانون الجنائي المغربي – الجزء الأول – الطبعة الأولى – دار الأمان – الرباط 2003 – ص . 221 .

 

(1)  – جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى ׃« المشاركة بالإعانة أو المؤازرة لا تكون إلا بأعمال سابقة أو معاصرة للجريمة ». قرار عدد ׃ 513 بتاريخ 7/4/1965 – قضاء المجلس الأعلى – العدد ׃ 3 ص . 86 . وفي نفس الاتجاه ׃ قرار عدد ׃ 129 بتاريخ 9/2/1981 – قضاء المجلس الأعلى –العدد ׃ 29 – ص . 19 .

 راجع ׃ عبد الحفيظ بلقاضي – المرجع السابق – ص . 233 .

(2)  –  نور الدين الشرقاوي الغزواني – الطبيعة الجنائية لمدونة الجمارك – مجلة الملف العدد ׃ 6 – ص . 175 .

 

(1)  – راجع ׃ عبد الرزاق بلقسح – المقال السابق – ص . 88 .

(1)  – ورد في قرار للمجلس الأعلى ׃« إن إدارة الجمارك ليس طرفا مدنيا عاديا حتى تطبق عليها القواعد العادية للمسطرة بل تملك دعوى مختلطة لها في نفس الوقت صبغة مدنية وصبغة جنائية من طبيعة خاصة .. » – قرار عدد ׃ 442 س. 13 مؤرخ في 19 مارس 1970 – مجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد ׃ 16 ص .54 .

راجع : – عبد المجيد زعلاني ׃ الطبيعة القانونية للجزاءات الجمركية – المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية – العدد 3 ص . 9 وما بعدها .

           – أستاذنا نورالدين لبريس)رئيس غرفة بالمجلس الأعلى( – تعليق على قرار – مجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد المزدوج 57/58 ص . 465  وما بعدها .

 

(1)  – حول مفهوم القوة القاهرة في القانون المدني راجع ׃

G. viney – P. Jourdain: traité de droit civil – les conditions de la responsabilité – L.G.D.J – paris 1998 p.230 et s.

(2)  – قرار عدد ׃427/2 بتاريخ 13/4/2005 – ملف جنحي عدد ׃ 24065/04 – قضاء المجلس الأعلى –    العدد 67 ص. 380 .

(3)  – حكم عدد׃ 46 بتاريخ 5/1/2006 – ملف جنحي عدد ׃ 02/06 )غير منشور( .

 

(1)  – قرار عدد ׃1474 بتاريخ 26/11/2006 ملف جنحي عدد ׃ 651/06 )غير منشور( .

(1)  – قرار محكمة الاستئناف بالناظور عدد :91 بتاريخ 26/01/2007 في الملف الجنحي عدد 1578/01  )غير منشور( .  

(2)  – قرار محكمة الاستئناف بالناظور عدد:02 بتاريخ 12/01/2007 في الملف الجنحي عدد 1228/06

)     غير منشور( .  

(3)  – قرار المجلس الأعلى عدد:418/2 مؤرخ في 13/09/2005 – ملف جنحي عدد: 15421/ 04 –

       قضاء المجلس الأعلى العدد:67 ص. 377 .  

(1)  – قرار المجلس الأعلى عدد:193 بتاريخ 08/02/2002 في الملف رقم 1313/05/01/98 )غبر منشور( .

(2)  – قرار عدد ׃2771/8 مؤرخ في 19/10/2000 ملف جنحي عدد׃ 20978/99 – قضاء المجلس الأعلى العدد 59-60 ص-

 

(1) – G.viney et p.Jourdain: op.cit.,p.876 et s .                      

(2) – ورد في قرار للمجلس الأعلى) عدد ׃ 552 بتاريخ 18/2/60 – مجلة القضاء والقانون العدد ׃ 29 ص.313( ما يلي:« بمقتضى الفصل 85 من ق.ل.ع فإن المكلفين غيرهم بأعمال خاصة بهم مسؤولون عما يحدثه من الأضرار مستخدموهم حين تعاطيهم في أوقاتهم العادية وبصفة منتظمة لأعمالهم المنوطة بهم، وتمتد مسؤوليتهم لما يحدثه هؤلاء المستخدمون من الأضرار لغيرهم بسبب ما يجدونه من تسهيلات في نطاق مزاولتهم لإعمالهم ».

(3) – ورد في قرار للمجلس الأعلى )عدد ׃ 9052 بتاريخ 24/10/1985 – مجلة المحاكم المغربية العدد 49 ص.51( مايلي ׃« لا يعتبر المشغل مسؤولا مدنيا عن الضرر العمدي الذي ارتكبه الأجير لكون ذلك مستقلا عن التبعية التي تربطه بمشغله وخارجا عن مهمته الخاضعة لأحكام الفصل 85 من ق.ل.ع» .

(4) – G.viney et p.Jourdain op.cit.,p. 886 et s .                     

 

(1)  – قرار عدد ׃ 1248/9 مؤرخ في 10/7/2002 –  ملف عدد ׃ 20478/01 )غير منشور(.

)1(  – عبد الرزاق بلقسح – المقال السابق – مجلة المحاكم المغربية – العدد 88 – ص.47 .

(2) – قرار عدد ׃ 531/3 – مؤرخ في 16/2/2000 – ملف جنحي عدد ׃ 16866/  99)غير منشور( .

(3) – قرار عدد ׃ 5302/4 – مؤرخ في 2/7/1997 – ملف جنحي عدد 19172/91 – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد ׃ 53/54 – ص . 540 .

(4)  – قرار عدد ׃ 228 صادر بتاريخ 15/2/2007 في الملف الجنحي ׃ 53/07 .

(1)  – هكذا ورد في قرار لمحكمة الاستئناف بالناظور ) عدد ׃ 620 بتاريخ 21/3/2005 ملف عدد ׃ 2049/04         (  » إن المحكمة الإبتدائية لما أصدت حكمها بمنطوقه المذكور أعلاه استنادا وبصفة أساسية على الخبرة دون أن تأخذ بعين الإعتبار القانوني مقتضيات الفصلين 242 من مدونة الجمارك و 292 من قانون المسطرة الجنائية . تكون قد أسست حكمها على غير سند قانوني … «

وورد في قرار آخر لنفس المحكمة)عدد ׃ 93 بتاريخ 12/1/2004 ملف عدد ׃ 2972/03 (

»إن المحكمة الابتدائية لما اعتمدت على الخبرة التي تفيد بأن أرقام هيكل السيارة أصلية للقول ببراءة الضنين وعدم الاختصاص في طلبات إدارة الجمارك، دون أن تأخذ بعين الاعتبار القانوني مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 242 من مدونة الجمارك والفصل 292 من قانون المسطرة الجنائية تكون قد عللت حكمها تعليلا غير قانوني … «

(2)  – قرار عدد ׃ 216/2 مؤرخ في 23/2/2005 ملف جنحي عدد ׃ 15351/04 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى – العدد 67 – ص. 369 .

 

(3)   – قرار عدد ׃ 236/2 مؤرخ في 11/2/2004 – ملف جنحي عدد ׃914/03 )غير منشور( .

– قرار عدد ׃ 614/2 مؤرخ في 7/4/2004 – ملف جنحي عدد ׃ 27254/03 )غير منشور( .

– قرار عدد ׃ 1496/3 مؤرخ في 28/5/2003 – ملف جنحي عدد ׃ 14892/01 )غير منشور (.

 

(1) – قرار عدد ׃833/9 – مؤرخ في 7/9/2005 – ملف جنحي عدد ׃ 25321/01 ) غير منشور( .

(2) – قرار عدد ׃ 923/4 – مؤرخ في 2/7/2003 – ملف جنحي عدد ׃ 17435/01 ) غير منشور( .

(3) – ولقد سبق للمجلس الأعلى أن اعتمد هذه المسطرة في المادة الزجرية رغم عدم وجود نص صريح ينظمها في ق.م.ج الملغى، واستند في ذلك إلى النصوص العامة الواردة في ق.م.م ، ونشير إلى أن الفصل 557 من ق.م.ج الجديد نص على وجوب عرض القضية على غرفتين مجتمعتين في حالة تحقق الشروط المذكورة في هذا الفصل .

(1) – تعليق على قرار المجلس الأعلى عدد ׃ 5302/4 المؤرخ في 2/7/1997 للدكتور ح.ش هكذا ورد في المجلة – قضاء المجلس الأعلى العدد ׃ 53/54 – ص. 545 .

(2) – المتعلق بتعيين المختبرات المكلفة بتحديد تركيب البضائع والمنتجات وجميع عناصرها المميزة الأخرى المقدمة إلى إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة .

 

(1)  – نستثني طبعا حالة مصادرة البضاعة المثبت الغش بشأنها، والتي يحكم بها ولو كانت هذه البضاعة ملكا لشخص أجنبي عن الغش، الفصل 211 من مدونة الجمارك ، لكن اعتبار الفصل 221 من مدونة الجمارك بعد تعديله لمالكي البضائع المرتكب الغش بشأنها ذوي مصلحة في الغش مسؤولين جنائيا بافتراض قانوني لا يدحض إلا بالقوة القاهرة جعل الحكم المقرر في الفصل 211 قليل الأهمية .

(2)  – ينص الفصل 213 من مدونة الجمارك على أنه ׃ إن لم يكن حجز البضائع ووسائل النقل القابلة للمصادرة أو إذا تم حجزها، فإن المحكمة تصدر بطلب من الإدارة بدلا من مصادرة الحكم بأداء مبلغ يعادل قيمة البضائع ووسائل النقل المذكورة .. وورد في قرار المجلس الأعلى تطبيقا لهذا الفصل׃ إن سلطة اختيار المصادرة

 

(1) – Cass.crim .10 mai 1990 butt . crim . n 181 p.459 .

 (2) – راجع׃ إدريس المزدغي ׃ بعض خصوصيات القانون الفرنسي تشريعا واجتهادا – مجلة القضاء والقانون – العدد ׃ 145 – ص.113 وما بعدها .

محمد ملياني ׃ أية قواعد لضمان محاكمة عادلة للشخص المعنوي – مجلة المحامي – العدد ׃ 48 – ص.195 وما بعدها .

محمد سعيد بناني ׃ قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل – علاقات الشغل الفردية – الجزء الثاني – المجلد الأول –ص.446 وما بعدها . 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى