ميزانية المنظومة الصحية على ضوء قانون المالية رقم 76-21 – د. عصام أزمي
|
*
ميزانية المنظومة الصحية على ضوء قانون المالية رقم 76-21
د. عصام أزمي باحث في القانون العام
يتطلب تحقيق التغطية الصحية الشاملة إعادة تقييم المنظومة الصحية، بحيث يتم التركيز على التمويل وعلى طريقة تدبير موارد النظام، والكيفية التي يتم بها تقديم الخدمات الصحية، مما يستلزم من الحكومة صياغة أهداف واضحة، وتحديد الأولويات مع الأخذ بالاعتبار محدودية الموارد. وتُوصي منظمة الصحة العالمية الدول الأعضاء بتخصيص %10 من الناتج الداخلي الخام، كحدٍ أدنى لميزانية المنظومة الصحية، ويرتبط الانفاق الإجمالي للصحة بالناتج القومي للفرد والدولة، ويستحوذ موضوع تمويل المنظومة الصحية على الاهتمام الكبير لمعظم الحكومات نظراً للارتفاع المستمر والمتزايد في التكلفة، وتحاول معظم الدول إيجاد صيغ جديدة ومستحدثة للتمويل، لأن الدول النامية تعاني من كساد اقتصادي ونقص في الموارد، ما حدا بمعظم هذه الدول إلى تخفيض نسبة الإنفاق العام المخصص للمنظومة الصحية، لأنها عجزت عن تلبية الخدمات الصحية الأساسية المواطنين .
يهدف البرنامج الحكومي بالمغرب للفترة 2021-2026 إلى تنزيل القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، مما يتطلب تعزيز ميزانية المنظومة الصحية، وخصصت الحكومة 17,3 مليار درهم و5500 منصب مالي لقطاع الصحة في قانون المالية لسنة 2022، إضافةً إلى 4,2 مليار درهم من أجل تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الفئات الهشة والفقيرة التي تستفيد حالياً من نظام المساعدة الطبية، مقارنة بقانون المالية لسنة 2021 المعدل بموجب القانون رقم 20-35، والذي خصص 22,2 مليار درهم و5500 منصب مالي لقطاع الصحة من أجل مواجهة تداعيات وباء فيروس كورونا.
بلــغ حجــم النفقــات الاجماليــة للصحــة بالمغرب برســم ســنة 2018 مــا قــدره 60,9 مليــار درهــم مقابــل 52 مليــار درهــم ســنة 2013، أي بزيــادة إجماليــة قدرهــا %17,1. حيــث مثلــت هــذه النفقــات حوالــي %5,5 مــن الناتــج الداخلــي الخــام ســنة 2018 مقابــل %5,8 ســنة 2013، أمــا متوســط الانفــاق الصحــي للفــرد، فقــد بلــغ مــا قــدره 1730 درهــم، أي مــا يُعــادل 184 دولاراً أمريكيــاً، وهــو مــا يمثــل تطــوراً إيجابيــاً بنحــو %9,6 ومؤشــراً إيجابيــاً اتجــاه تحســن تمويــل المنظومــة الصحيــة.
تتكون الموارد المالية للقطاع الصحي بالمغرب من الأداء المباشر للأُسر %45,6، التغطية الصحية الأساسية %29,3، والمداخيل الضريبية الوطنية والمحلية %24 والتعاون الدولي %0,2. تبلغ موارد الإدارة العامة لوزارة الصحة 2,02 مليون درهم، وموارد المرافق المُسيرة بطريقة مستقلة التابعة لوزارة الصحة 9,41 مليار درهم، إضافةً إلى الميزانيات الخصوصية مثل: صندوق دعم الحماية الاجتماعية التماسك الاجتماعي 10 مليار درهم وصندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 3,35 مليار والحساب الخاص للصيدلية المركزية 1,3 مليار درهم. وقدرت نفقات التسيير 11,36 مليار درهم للموظفين والأعوان و5,27 مليار درهم للمُعِدات و6,9 مليار درهم نفقات الاستثمار.
يُشكل تمويل المنظومة الصحية بالمغرب عائقاً أساسياً للولوج إلى الخدمات الصحية، لأنه يعتمد بالدرجة الأولى على الأداء المباشر للأُسر والتي تتحمل نسبة مباشرة تصل إلى %45,6 من النفقات الصحية، وتبلغ هذه النسبة %36,4 بتونس، و%6,4 فرنسا و%11,5 الولايات المتحدة الأمريكية. وتصبح الكلفة الاجتماعية أكبر إذا أضفنا إليها تكاليف النقل والايواء. ولا ينبغي أن تُشكل العوامل الاقتصادية ذريعة لتدني مستوى الخدمات الصحية، حيث يمكن تعزيز وتطوير خدمات الرعاية الصحية الأولية المنخفضة التكاليف، وترشيد الخدمات الاستشفىائية التي تستحوذ على الجزء الأكبر من نفقات القطاع الصحي، وتحتاج المنظومة الصحية إلى شراكة مع القطاعات الحكومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص من أجل تحسين الموارد المالية.
المراجع:
- ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية، عدد 5964 مكرر، بتاريخ 30 يوليوز
- ظهير شريف رقم 1.11.83 صادر في 29 من رجب 1432 (2 يوليوز 2011)، بتنفيذ القانون الإطار رقم
34-09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، الجريدة الرسمية، عدد 5962، بتاريخ 21 يوليوز 2011.
- ظهير شريف رقم 1.21.115 صادر في 5 جمادى الأولى 1443 (10 دجنبر 2021)، بتنفيذ قانون المالية رقم 21-76 للسنة المالية 2022، الجريدة الرسمية، عدد 7049 مكرر، بتاريخ 20 دجنبر 2021.
- ظهير شريف رقم 1.20.90، صادر في 1 جمادى الأولى 1442 (16 دجنبر 2020)، بتنفيذ قانون المالية رقم 65-20 للسنة المالية 2021، الجريدة الرسمية، عدد 6944 مكرر، بتاريخ 18 دجنبر 2020.
- رئاسة الحكومة، البرنامج الحكومي 2021-2026، المغرب، 2021.
- Ministère de la santé (2018). Comptes nationaux de la santé. Maroc.