سلسلة الابحاث الجامعية و الأكاديميةفي الواجهة
نظام التصدي في قانون المسطرة المدنية المغربي – سلسلة الابحاث الجامعية و الاكاديمية الاصدار رقم 40
admin11 فبراير, 2022
3٬435
نظام التصدي في قانون المسطرة المدنية المغربي
*-* من انجاز الباحث : مصطفى المنصور *-*
نبذة عن الموضوع :
كانت محاكم ثاني درجة ومحكمة النقض ملزمة في حالة إلغائها للحكم الابتدائي البات في شكل الدعوى -محاكم ثاني درجة – أو نقضها للقرار الاستئنافي – محكمة النقض – بإرجاع الملف إلى المحكمة المصدرة له لتبت فيه من جديد في ضوء ما جاء في قرار الإحالة، غير أن هذه الأخيرة غالباً ما كانت لا تتقيد بما جاء في قرار الإحالة هذا، وخاصة إذا كان غير مبرر، فتبت في الملف بمثل ما قضت به في حكمها أو قرارها الملغى أو المنقوض، مما كان يعرض مقررها القضائي للطعن من جديد.
وفي ظل غياب أي سلطة لحسم النزاع كانت محاكم الطعن في هذه الحالة ملزمة مرة أخرى عند إلغاء أو نقضها للحكم أو القرار بإحالة الملف إلى المحكمة المصدرة له مشكلة تشكيلا جديداً أو إلى محكمة أخرى من نفس درجتها، وهو ما كان يؤدي إلى طول الإجراءات وإثقال كاهل المتقاضين بنفقات التقاضي، ونتيجة لذلك لجأت التشريعات إلى تبني نظام التصدي والذي يتيح لمحكمة الطعن إمكانية حسم النزاع بالتصدي للقضية إذا ما توفرت شروط ذلك، دون إرجاع الملف.
ولقد كان معمولاً بنظام التصدي من قبل مجمع أساقفة لا تران في إطار القانون الكنسي منذ سنة 1213، ومنه انتقل إلى القوانين، وكان هذا النظام يسمى بالتصدي المتعلق بالقانون تمييزاً له عن التصدي المتعلق بالعفو المترتب عن الرسائل المسماة رسائل “كوميتيموس” والذي كان – التصدي المتعلق بالعفو – يخول لأصحاب النفود وحدهم إمكانية إبعاد خصومهم عن محكمتهم العادية إلى محكمة أخرى أعلى منها في القيمة والدرجة.
أما التصدي المتعلق بالقانون فقد كان مقرراً لجميع الأطراف وليس لأصحاب النفود فقط، وذلك بهدف وضع حدٍ للنزاع والمسطرة التي ستظل جارية إن لم يتم اللجوء إلى التصدي، لأن من شأن إلغاء الحكم المطعون فيه مع إحالته على المحكمة المصدرة له، ثم يتم الطعن فيه بعد ذلك أن يؤدي إلى إطالة أمد النزاع الذي لن يحول دون استمراره سوى اللجوء إلى نظام التصدي عن طريق تخويل محكمة الطعن صلاحية البت في موضوع النزاع قصد وضع حدٍ له .
وعلى هذا الأساس فإن القانون الكنسي لسنة 1213 يعتبر أول قانون سن نظام التصدي، قبل أن يتبناه المشرع الفرنسي بمقتضى الفصل 473 من ق.م.م.ف.ق، ومنه انتقل إلى باقي التشريعات، غير أن هذه الأخيرة قد اختلفت في هذا النقل أو التبني، مما أثر على مواقف الفقه بشأن تحديد مدلوله وحصر نطاقه
للاطلاع و التحميل